تقاريردراسات التنميةرئيسيصحة

الأمم المتحده تعلن أرقاما مفزعة عن عدد الفقراء بسبب كورونا

من لم يمت بكورونا سيموت من الجوع والفقر ربما تكون تلك الجملة صادمة لكنها معبرة عن واقع زمن كورونا الذي أصاب العالم بالاغلاق والركود والانكماش والشلل بعد أن تفشت الجائحة وغزت كوكب الارض ولم يعد احد بمنأي عنها رغم كل جهود محاصرتها والتصدي لها ..لكن كان اثرها الاقتصادي والاجتماعي هو الاكثر استمرارية وديمومة في ظل حالة الاغلاق والتباعد التي فرضتها جائحة كورونا علي انماط وسلوكيات الحكومات والموسسات والمجتمعات في مختلف دول العالم فخريطة الفقر باتت تتسع لتغطي مناطق شاسعه من سكان الكرة الارضيه خاصة في الدول النامية والتي كانت تعاني من ازمات اقتصاديه طاحنة فجاء وباء كورونا ليفاقم من حجم الماساه ويضاعف من ارقام الفقر والفقراء الجدد  حول العالم.

فقد كشفت دراسة للأمم المتحدة نشرت  (الثالث من ديسمبر/ كانون الأول 2020) عن أن أكثر من مليار شخص ربما يعيشون في فقر مدقع بحلول عام 2030 بسبب الآثار طويلة المدى لجائحة فيروس كورونا

وذكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه يمكن الوصول إلى هذا الرقم إذا استمرت الأزمة الاقتصادية، مما يدفع 207 ملايين شخص إضافي إلى دائرة الفقر.

فقد أدت جائحة كورونا المستجد إلى خسائر مدمرة في الوظائف والدخل في جميع أنحاء العالم، مما أثر على مئات الملايين وهددهم بالجوع وفقدان المدخرات والوظائف، كما أثرت أيضًا على صحة الأطفال الجسدية والنفسية بشكل حاد… لكن، وكالعادة، يدفع الفقراء الثمن الأكبر.

في الأشهُر الأولى من الوباء، كان الانكماش الاقتصادي في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل بالتأكيد أسوأ من أي أزمة اقتصادية عالمية أخرى نعرفها، سواء كانت الأزمة المالية الآسيوية في أواخر التسعينيات، أو الركود الاقتصادي في مطلع الألفية الحالية، أو أزمة إيبولا الأحدث، فبسبب كورونا المستجد كانت التكاليف الاقتصادية باهظةً للغاية.

كورونا وهشاشة النظام الغذائي العالمي

كشفت الجائحة النقاب عن هشاشة النظام الغذائي العالمي. فقد أدى إغلاق الحدود والقيود التجارية وتدابير العزل إلى منع المزارعين من الوصول إلى الأسواق لبيع منتوجاتهم، مما عطل سلسلة الإمداد الغذائي المحلية والدولية وتسبب في الحد من الوصول إلى نظم غذائية صحية وآمنة ومتنوعة.

كما أدت جائحة كورونا إلى تعريض سبل كسب العيش للخطر، “فعندما يفقد المعيل وظيفته أو يمرض أو يموت، يتعرض الأمن الغذائي والتغذية لملايين النساء والرجال للتهديد”، بحسب ما ورد في بيان المنظمات الدولية العاملة في مجال الحد من الفقر قبل أيام.

وبسبب تفشي الفيروس تواجه ملايين الشركات تهديداً وجودياً. ووفقاً للمنظمات الدولية، فإن نحو نصف القوى العاملة العالمية والبالغ عددهم 3.3 مليار شخص يتعرضون لخطر فقدان سبل كسب العيش، وتحديداً عمال الاقتصاد “غير النظامي” لأن غالبيتهم تفتقر إلى الحماية الاجتماعية والحصول على رعاية صحية. “وبالنسبة لمعظم العاملين بالمياومة، فإن عدم وجود دخل يعني عدم وجود طعام”.

ويتوقع بحسب تقارير البنك الدولي، أن ترتفع معدلات الفقر لأول مرة منذ عام 1998 مع انزلاق الاقتصاد العالمي إلى حالة ركود، وسيشهد العالم انخفاضاً حاداً في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي.

كورونا والفقر المدقع

من ناحية اخري كشف تقرير جديد صادر عن الأمم المتحدة أن فيروس كورونا قد يدفع ما يصل إلى 32 مليون شخص في الدول الأقل نموا في العالم إلى فقر مدقع

ذكر التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “UNCTAD”، أن انخفاض مستويات الدخل وانتشار البطالة والعجز المالي المتزايد الناجم عن الوباء يمكن أن يدفع ما يصل إلى 32 مليون شخص إلى الفقر المدقع، وذلك في 47 دولة تم تصنيفها على أنها من البلدان الأقل نموا.

ولفت إلى أن الجهود المبذولة لإعادة بناء اقتصادات الدول الأكثر فقرا في مرحلة ما بعد الجائحة ستتأثر بشكل كبير ما لم تتحسن قدراتها الإنتاجية.

وقال الأمين العام لـ”UNCTAD” موكيسا كيتوي: “لقد ذكرنا الوباء بالحاجة الملحة لتطوير القدرات الإنتاجية في أقل البلدان نموا لتمكينها من تحقيق التحول الهيكلي وتقليل التعرض للصدمات الخارجية وبناء القدرة على الصمود”.

وأوضح أن “تنمية القدرات الإنتاجية في معظم البلدان الأقل نموا كانت بطيئة للغاية بالنسبة لها للتغلب على التحديات والصدمات الإنمائية الرئيسية مثل كوفيد-19”.

البنك الدولي …٢٠٢١ سيزيد عدد الفقراء الي ١٥٣ مليون شخص

اما البنك الدولى فقد نشر  مؤخرا  التقديرات المحدَّثة لتأثير جائحة كورونا على الفقر في العالم، وقال البنك إنه للمرة الأولى منذ 20 عاماً، من المرجح أن يزداد معدل الفقر زيادة كبيرة

وانه في عام 2021، من المتوقع أن يرتفع عدد الفقراء بسبب هذه الجائحة إلى ما بين 143 و163 مليون شخص أي 153 متوسط.

ورغم ان تقديرات 2021 لا تزال أولية، فإنها توضح أن هذه الأزمة لن تكون قصيرة الأجل بالنسبة لملايين الناس في جميع أنحاء العالم. واختتم البنك تقريره بالقول: يحدونا الأمل في أن يكون العام القادم أي 2022 أفضل بكثير مما نتوقعه في بداية هذا العام.

برامج الشمول الاقتصادي: هل تكون نقطة انطلاق للخروج من الفقر المدقع

في الوقت الذي يواجه فيه العالم هذه الجائحة، يشير التقرير الجديد عن حالة الشمول الاقتصادي إلى مسارات لخروج أفقر الفئات وأكثرها حرماناً من دائرة الفقر

للمرة الأولى منذ عقدين من الزمن، يزداد الفقر المدقع في جميع أنحاء العالم، حيث تهدد جائحة فيروس كورونا بتقويض سنوات من التقدم الذي تحقق بشق الأنفس.  ويقدر البنك الدولي أن التداعيات الاقتصادية الناجمة عن هذه الجائحة قد تضيف 153 مليون شخص إلى الفقراء فقرا مدقعا بحلول عام 2021. وقد لحقت أضرار شديدة بالنساء والأطفال والنازحين وذوي الإعاقة.

وفي حين تسعى الحكومات وشركاء التنمية على وجه السرعة إلى عكس مسار هذا الاتجاه ومساعدة الفقراء فقرا شديدا، تظهر أدلة متنامية على أن التدخلات المنسقة للشمول الاقتصادي يمكن أن توفر مسارا مهما للخروج من دائرة الفقر المدقع.

وتعد تدابير الحماية الاجتماعية، بما في ذلك التحويلات النقدية، ركائز أساسية لبرامج مكافحة الفقر.  لكن في حين أن لديها القدرة على تعزيز الأصول والقدرة على الصمود لأشد الناس فقرا، فإنها غير كافية لمعالجة القيود المتعددة المحتملة التي تحول دون خروج أشد الفئات فقرا وأكثرها ضعفا من دائرة الفقر والاستمرار خارجها. وقد تشمل القيود الأخرى نقص التعليم أو التدريب، أو عدم كفاية فرص العمل، أو عدم وجود أصول، أو عدم القدرة على الوصول إلى الأسواق والتمويل.

 

و تأتي مبادرة البنك الدولي للشمول الاقتصادي Economic Inclusion والذي يمثل أحد أهم البرامج الحديثة والناشئة التي تبنتها بعض الدول لمجابهة الفقر والتخفيف من آثاره، والتي تتمثل في حزمة من الإجراءات والتدخلات التي تدعم الافراد والاسر لتحسين فرص معيشتهم وزيادة دخولهم للإفلات من الفقر

وفي هذا الإطار، صدر التقرير الأول لحالة الشمول الاقتصادي في عام 2021 وقد جاء بعنوان تقرير عن حالة الشمول الاقتصادي 2021: إمكانية التوسع The State of Economic Inclusion Report 2021: The Potential To Scale والصادر عن مجموعة البنك الدولي.

ويعد التقرير ثمرة تعاون فريد من نوعه في إطار الشراكة من أجل الشمول الاقتصادي PARTNERSHIP FOR ECONOMIC INCLUSION” ” وهي منصة مخصصة لتقديم المساندة لاعتماد وتكييف برامج الشمول الاقتصادي الوطنية التي تعمل مع مجموعة متنوعة من الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات الوطنية والمنظمات الثنائية والدولية والمنظمات غير الحكومية ومراكز البحث ومؤسسات القطاع الخاص.

وقد جاء هذا التقرير في خضم ارتفاع مستويات الفقر المُدقع وتفاقم أوضاع الفقراء حول العالم بسبب تداعيات تفشي جائحة كورونا وما افرزته من انعكاسات سلبية على مجمل أوضاع الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أيضاً أن تصل نسبة الفقراء في العالم والذين يعيشون في بلدان هشة ومتأثرة بالصراعات الى 50% بحلول عام 2030.

وقد حدد التقرير 219 برنامجاً نشطاً وقائماً للشمول الاقتصادي في 75 دولة تشمل 92 مليون شخص، وتغطي البرامج التي تقودها الحكومة 90% من المستفيدين ونصف المشروعات التي غطتها الدراسة، وتُشير البيانات الواردة في هذا التقرير الى وجود 3 نقاط تقوم الحكومات من خلالها بالبناء على برامج مكافحة الفقر الحالية لتكييف جهود الشمول الاقتصادي وهي:

  • شبكات الأمان الاجتماعي
  • سبل العيش والوظائف
  • الشمول المالي

يتكون التقرير من جزأين، يتناول الجزء الأول اطاراً عاماً حول الشمول الاقتصادي         A: Moving to Scale: Concepts, Practice, and Evidence ويُركز على ثلاث محاور مهمة وهي، الشمول الاقتصادي والتعافي من جائحة كورونا، وتعزيز تمكين المرأة من خلال الشمول الاقتصادي، وربط الشمول بالأسواق لصالح الفقراء، ويختتم هذا الجزء بتقييم لتكاليف برامج الشمول.

في حين جاء الجزء الثاني بعنوان حالة دراسية “Case Study” ليسلط الضوء على دراسات حالة (أربع حالات وتجارب) في منطقة الساحل وبنغلادش وبيرو وولاية بيهار الهندية.

تتمثل الأولى ببرنامج الحماية الاجتماعية التكيفية في منطقة الساحل “Productive Inclusion Measures and Adaptive Social Protection in the Sahel” (بوركينا فاسو وموريتانيا والنيجر والسنغال) وبمساندة البنك الدولي، اذ يتلقى نحو 50 ألف أسرة مجموعة متكاملة من الخدمات والمنتجات والبرامج من أجل المساعدة للإفلات من براثن الفقر المدقع.

في حين يتمثل البرنامج الثاني “The State of Bihar’s Approach to Economic Inclusion: JEEViKA and the SJY Program” الذي تنفذهُ جمعية النهوض بسبل العيش بولاية بيهار الهندية لدعم سبل العيش، ويهدف البرنامج الى الوصول الى 100 ألف أسرة قابعة في براثن فقر مدقع.

أما البرنامج الثالث فقامت به اللجنة البنجلادشية للنهوض بالريف(BRAC’s) “Adapting Graduation Program to the Changing Poverty Context in Bangladesh” ويشمل البرنامج نحو 2 مليون أسرة و100 ألف أمرأه مُعيلة كل عام.

في حين كانت الحالة الدراسية الرابعة في بيرو برنامج (هاكو ديناي ) “Haku Winay: An Economic Inclusion Program in Peru” الذي تنفذهُ وزارة التنمية والشمول الاجتماعي من خلال شمول الأسر الريفية الفقيرة والمُهمشة والأكثر حرماناً.

وتجدر الاشارة الى إن البنك الدولي يمول في الوقت الحاضر 157 برنامجاً من هذا النوع في جميع أنحاء العالم، في قطاعات تشمل الحماية الاجتماعية، وخلق فرص العمل، والزراعة، والبيئة، والتمويل، والابتكار، والتنمية الاجتماعية، والتعليم، ومستمرة في العمل من اجل اتباع نهج متعدد الأبعاد للحد من الفقر والتخفيف من أثر حالة الطوارئ العالمية، وخلق رأس مال بشري له أهميته وسيكون مطلوباً لدعم الانتعاش الاقتصادي.

أشار التقرير الى إنه وعلى الرغم من وجود بعض الثغرات إلا إن هذه التقديرات تمثل خط أساس مهم لتتبع تطور البرامج في السنوات القادمة، وإن هذه البرامج بحاجة الى مزيد من التحسينات والتطور لاستهداف أشد الفئات فقراً.

إجمالاً، أسفرت عمليات التقييم التي أجرتها الوكالات والمؤسسات الدولية عن نتائج إيجابية ومُشجعة مما يساعد على تطبيق هذه البرامج والاستفادة منها في مناطق أخرى، وتُمثل التجارب الناجحة لبعض الدول بارقة أمل جديدة من أجل التخلص من براثن الفقر المُدقع وتحسين حياة وسبل معيشة الملايين من الافراد حول العالم، وستكون الاستفادة من هذه التجارب العالمية امراً حاسماً لتعزيز القدرات وبناءها لمستقبل أفضل للفقراء والمهمشين، والتصدي لمسألة الفجوات في راس المال البشري لا سيما في الدول النامية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى