العنف والجرائم الاسرية وتاثيرها على وحدة المجتمع واستقراره
ضجت وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعى خلال الاونة الاخيرة باخبار ووقائع واحداث وحوادث قتل وعنف مؤسفة وقعت داخل البيت الواحد وبين افراد الاسرة الواحدة كان طرفها احيانا كثيرة الزوج او الزوجة او الاب او الابن او الاخ او الاخت فهاهى زوجة تطعن زوجها الذى لطالما تغزل فى حبها لا لشىء الا لمجرد تشاجر عادى وخلافات فى وجهات النظر اما بشان مصروفات البيت او غيره ليتحول الامر الى جناية يقتل فيها الزوج وتذهب فيها الزوجة الى السجن بينما يدفع الصغار ثمن تهور الابوين ليعشوا بدون عائل يتامى تلاحقهم تلك الجريمة النكراء التى قوضت بنيان الاسرة وجعلته يتهاوى وتتهاوى معه قيم ومعقتقدات وموروثات المجتمع ليحل محلها ثقافة العنف والاجرام ثم الانهيار والتفسخ فى العلاقات الاسرية والاجتماعية بين افراد المجتمع الواحد وفى تقريرنا هذا نحاول التعرف على الاسباب والدوافع التى ادت الى انتشار ظاهرة العنف الاسرى بشكل غير مسبوق داخل الاسرة الواحدة وكيف تطور هذا العنف من عنف لفظى الى تعدى واشتباكات ثم الى حالات قتل وانتقام متبادل وتاثير تلك الظاهرة على تماسك المجتمع واستقراره وتطوره .
ما المقصود بالعنف الأسري؟
يعرّف “العُنْف” لغة على أنه الشدة والقسوة، ويعرّف “العنف الأسري” (يسمى أيضا “العنف المنزلي”) اصطلاحًا بأنه الإساءة المتعمدة بين أشخاص تربطهم علاقات ضمن حدود العائلة الواحدة أو يؤدون وظيفة الأسرة، كعنف الزوج ضد زوجته، وعنف الزوجة ضد زوجها، وعنف أحد الوالدين أو كليهما تجاه الأولاد، أو عنف الأولاد تجاه والديهم، أو العنف بين الأشقاء، أو عنف الحموات وعادة ما يكون المُعنِّف هو الطرف الأقوى الذي يمارس العنف ضد المُعنَّف الذي يمثل الطرف الأضعف، وقد تبين من جميع الدراسات التي أُجريت أن الزوجة هي الضحية الأولى للعنف الأسري، ويأتي بعدها في الترتيب الأبناء والبنات والمسنون، وتبين أنه بنسبة 99% تقريبًا يكون مصدر العنف الأسري رجلًا، كما ذكرت دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للمرأة على مستوى العالم، أن التقديرات تشير إلى أن 35% من النساء في جميع أنحاء العالم قد تعرضن لأحد أشكال العنف الأسري في مرحلة ما من حياتهن.
ويمكن للعنف الأسري أن يكون عنفًا جسديًا أو نفسيًا أو جنسيًا أو اقتصاديًا، وتختلف طبيعة هذا العنف، فيمكن أن يكون عنفًا لفظيًا كالإساءة بالكلام أو التهديد بالعنف، أو الإهمال، أو سلب الحقوق من أصحابها، أو الحرمان الاقتصادي، أو أن يصل إلى العنف الجسدي مثل الضرب والاغتصاب وجرائم الشرف.
ويعتبر العنف الأسري من أكثر الجرائم التي لا يتم التبليغ عنها من قبل النساء أو الرجال، على مستوى العالم، لاعتقاد كثير من الناس أن العنف الأسري مقبول به ومبرر، ويندرج تحت مفهوم “المشاكل الأسرية”.
ما دوافع العنف الأسري؟
*الدوافع الاجتماعية: تتمثل في العادات والتقاليد التي يرثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وتكون أحيانًا مرتكزة على الفهم الخاطئ للدين، والتي تركز على قيادة الرجل لأسرته بالعنف والقوة، ومن هذه المعتقدات أن للرجل الحق في السيطرة على شريكة حياته، وأنه من الواجب إعطاء رب الأسرة قدرًا عاليًا من الهيبة، والاعتقاد بأن مقدار رجولته يتمثل في مقدار قدرته على السيطرة على عائلته وإرهابها، بينما تقل هذه الدوافع كلما زادت نسبة الثقافة والوعي في المجتمع، إلا أن بعض الأفراد لا يؤمنون بهذه التقاليد، لكن الضغط الاجتماعي من حولهم يدفعهم إلى تعنيف عائلاتهم.
*الدوافع الاقتصادية: تدفع ظروف المعيشة الصعبة والضغط النفسي الناتج عن فقدان الوظيفة، أو تراكم الديون، أو اللجوء للرهن، إلى ممارسة الفرد العنف تجاه أفراد أسرته، وذلك نتيجة مشاعر الإحباط والخيبة والتوتر بسبب حالة الفقر التي يعيشها.
*الدوافع الذاتية والنفسية: تعرّف الدوافع الذاتية بأنها الدوافع التي تنبع من داخل الإنسان وتدفعه نحو ممارسة العنف، نتيجة سوء التربية والنشأة في بيئة عنيفة في تعاملها، ويُمكن تلخيص هذه الدوافع في صعوبة التحكّم بالغضب، وتدنّي احترام الذات، والشعور بالنقص، واضطرابات الشخصية، وتعاطي الكحول والمخدرات.
*اضطراب العلاقة بين الزوجين نتيجة عدم الانسجام بينهما في مختلف جوانب الحياة التربوية والتعليمية والاجتماعية والفكرية والبيئية، ما يؤدي إلى غياب ثقافة الحوار والتشاور داخل الأسرة، مع ضعف الوازع الديني والأخلاقي
الجائحة وتنامي العنف الأسري
يحدثنا الخبراء عن أسباب تنامي العنف الأسري بشكل ملحوظ مع جائحة كورونا وظروف الحظر الوبائي، فيقولوا “إن الأزمات المجتمعية زادت في ظل الوباء، ويعود ذلك إلى أسباب عصبية ونفسية، الأولى ترجع إلى أن أهم مناطق الدماغ التي تسهم في الحفاظ على صحتنا هي الساعة البيولوجية، التي تحافظ على أجسادنا وتصرفاتنا بصورة متناسقة، وإذا اضطربت فستختل الصحة البدنية والنفسية على حد سواء، بما في ذلك الاكتئاب والسمنة والسكري والسرطان، وهو ما حدث بعدما صعّب الحجر الصحي على الإنسان فهم ماذا عليه فعله ليعيد الإيقاع المنتظم إلى الحياة.
وفي غياب الروتين في العمل والخروج والتواصل الاجتماعي، تبدأ أعراض نفسية وجسمانية بالظهور، مثل اضطراب النوم وفقدان الشهية أو الشره للأكل أو تقلبات المزاج”. أما السبب النفسي، فيرجعه يونس إلى أن الوحدة والعزل الإجباريين اللذان فرضتهما ظروف الجائحة يجعلان الفرد يعيد حساباته، فيضطر إلى التفكير والقيام بما لا يمكنه السيطرة عليه من أفكار سوداوية ومشاعر سلبية غير تلقائية، فلا مراء أن هذه الدوامات النفسية تدفعه إلى القلق والوساوس والاكتئاب.
العنف الاسرى وتاثيرة على وحدة المجتمع
يؤكد المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية على ان الاسرة هى وحدة المجتمع ونواته الاساسية وان اى هزات تتعرض لها الاسرة ستنعكس بما لا يدع مجالا للاشك على تماسك المجتمع واستقراره وان انتشار ظاهرة العنف الممزوج بالجرائم الاسرية هو ناقوس خطر يدق في راس المجتمع ويهدد بنيانه ومكوناته الاساسيه وان مؤسسات المجتمع سواء الدينية والمتمثلة فى الازهر و الكنيسه يجب ان تستدعى بشكل عاجل للقيام بدورها فى التوعية بمخاطر تلك السلوكيات داخل مكونات المجتمع من افراد واسر وان المؤسسات التعليمية والتثقيفية ووسائل الاعلام مدعوة هى الاخرى للقيام بدورها فى تبصير المجتمع بتداعيات هذه السلوكيات الضارة بالمجتمع وان منظمات المجتمع المدنى العاملة على الارض والمنتشره فى القرى والنجوع عليها ايضا دورا اساسيا وهاما فى حماية المجتمع من تلك الافعال والظواهر العنيفة التى تنعكس اثارها على الافراد والاسر وان الجميع يجب ان يقوم بدوره المنوط به والمحدد له فى نبذ تلك الظواهر الواردة الينا من مجتمعات اخرى بفعل انتشار وسائل الاتصال الحديثه وفى مقدمتها تطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعى بما يعج به من مضامين شاذه وغريبة عن هوية المجتمع وثقافته وعاداته وتقاليده الراسخة منذ الاف السنين.