منذ أن قرر أبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا غزو اقليم التيجراى بالقوات المسلحة الفيدرالية فى 4 نوفمبر من عام 2020 وبدات معه رحلة الاستنزاف والانكسار تتمدد فى جنبات حكم الرجل بل وبدات مؤشرات التفكك تدب فى أوصال الدولة الاثيوبية وباتت لعنة اقليم التيجراى تضرب الفيدرالية الاثيوبية وحكومة أبى أحمد التى لم تتورع فى ارتكاب أبشع أنواع الجرائم ضد الانسانية فى الاقليم الذى يضم أكثر من 6 ملايين نسمة من قومية التيجراى التى تتخذ من شمال البلاد موقعا لها وتمثل ما يزيد عن 6.1% من حجم سكان إثيوبيا البالغ عددهم 110 مليون نسمة هذا الاقليم الذى يتمتع بوزن ثقافى واقتصادى وسياسى كبير ضمن الاقاليم العشرة التى تتالف منها الفيدرالية الاثيوبية وجد نفسه بين ليلة وضحاها مستباحا من قبل الجيش الاثيوبى بل وأستدعى أبى أحمد أشد أعداء الاقليم وهم قوات الجيش الاريترى الذى يضمر العداء التقليدى بسبب دور اقليم التيجراى فى الحرب التى دارت بين إثيوبيا وإريتريا وانتهت بانفصال إريتريا واعلانها دولة مستقلة بعد أن كانت اقليما ضمن أقاليم إثيوبيا الفيدرالية عام 1998 فقد وجد الاقليم نفسة بين سندان القوات المسلحة الفيدرالية ومطرقة الجيش الاريترى الذى وجد الفرصة سانحة للانتقام من الاقليم وتصفية حسابته القديمة من قادة الاقليم العسكريين والتنكيل بالمدنيين عبر عمليات القتل وحرق المزارع وهدم المنازل واغتصاب النساء والاطفال دون أدنى رادع او وازع
فى تقريرنا التحليلى هذا نحاول القاء الضوء على اقليم التيجراى وتاريخه ودوره الاقتصادى والسياسى والعسكرى فى إثيوبيا وأسباب اندلاع المواجهات والصراع بين الاقليم وحكومة أبى أحمد ومستقبل هذا الصراع على وحدة وبقاء الدولة الاثيوبية وتماسكها فى ظل اتساع دائرة المواجهات وخروجها من حدود الاقليم الى أقاليم اخرى مجاورة .
من هم التيجراى
فـ”تيجراي” هي إحدى المناطق الإدارية العشر التي تتألف منها إثيوبيا المقسمة وفق نظام “فيدرالية إثنية”.
ومعظم سكانها من أقلية التيجراي التي تضم حوالي ستة ملايين نسمة، ما يساوي أقل من 6% من مجموع الإثيوبيين البالغ عددهم 110 ملايين نسمة.
كما يتميز الإقليم بتضاريس وعرة من الجبال العالية والسهول الخفيضة، ويقع عند أقصى شمال إثيوبيا، على مسافة أكثر من 600 كلم من العاصمة الفيدرالية أديس أبابا.
وتحدّه من الشمال إريتريا، الشقيق العدو الذي يضم بين سكانه أيضا إثنية التيغراي التي تتكلم التيغرانية على غرار سكان الإقليم.
وتقع عاصمته ميكيلي في شرق الإقليم وكانت تعد قبل اندلاع النزاع حوالى نصف مليون نسمة، أي أقل من 10% من مجموع سكان الإقليم.
يضم مدينة أكسوم المصنفة على قائمة اليونسكو
هذا ولعب إقليم تيجراي دورا محوريا في تاريخ إثيوبيا، ولا سيما على الصعيد الديني، وهو اليوم بفعل تراثه إحدى الوجهات السياحية الكبرى في البلاد.
ويضم الإقليم مدينة أكسوم المصنفة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والتي كانت مركزا للحضارة الإثيوبية القديمة. وكانت المدينة مقر مملكة أكسوم بين القرن الأول والقرن التاسع. وبفضل الجهود التبشيرية للكنيسة القبطية، أصبحت المسيحية في القرن الرابع الديانة الرسمية لمملكة أكسوم.
تيغراي منطقة زراعية تنتج مزروعات مهمة مثل السمسم المعد للتصدير، كما تضم صناعات تنتج على المستوى الوطني.
وتبرز المنطقة في قطاع البناء الذي يشهد نموا كبيرا في إثيوبيا، فتضم اثنتين من كبرى المجموعات العاملة على الصعيد الوطني، وهما “سور كونستروكسيون” و”ميسيبو سيمينت”، الشركة الأولى للإسمنت.
ومن الشركات الكبرى في الإقليم أيضا “ألميدا تكستيل”، أحد أكبر مصانع النسيج في البلاد، و”إيزانا ماينينغ” من كبار منتجي الذهب، و”ميسفين إنداستريال أنجنيرينغ” التي كانت تصنع قبل سنوات سيارات بيجو في إثيوبيا. وهذه الشركات الخمس في تيغراي من ضمن مجموعة تضم 38 شركة جمدت حساباتها المصرفية منذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، إذ يتهمها المدعي العام الإثيوبي بالارتباط بجبهة تحرير شعب تيغراي الذي يدير المنطقة.
دور اقليم التيجراى وسلطتة ونفوذه السياسيى والعسكرى فى إثيوبيا
هيمن إقليم تيجراي عبر جبهة تحرير شعب تيجراي على الهيئات السياسية والأمنية في إثيوبيا بين 1991، حين أسقطت ديكتاتورية الحكومة العسكرية المؤقتة لإثيوبيا الاشتراكية، وحتى وصول رئيس الوزراء أبي أحمد إلى السلطة عام 2018.
واعتبارا من تلك السنة، تم إبعاد قادة الجبهة تدريجيا من مناصب المسؤولية في أديس أبابا، فانتقلوا إلى المعارضة، ما حد من نفوذها السياسي، فانكفأت إلى تيجراي حيث أعادت ترميم شرعية شعبية متحدية أديس أبابا.
وتستند الجبهة في منطقتها إلى حوالي 200 ألف عنصر من القوات شبه العسكرية والمسلحين، بحسب مجموعة الأزمات الدولية التي تستند إلى مصادر في تيجراي.
ويمنح الدستور الإثيوبي المناطق مسؤولية تنظيم أمنها، لكن ويليام ديفيدسون من مجموعة الأزمات الدولية أشار إلى أن ذلك اتخذ منحى “استثنائيا” في السنوات الأخيرة في تيغراي.
من جانبه، أشار الباحث رولان مارشال إلى أن الجبهة لا تزال نافذة داخل الجهاز الأمني والعسكري الفيدرالي حيث لا تزال تحظى بحلفاء من التيغراي ومن مجموعات قومية أخرى.
اسباب اندلاع الصراع المسلح بين جبهة التيجراى وحكومة أبى أحمد
فى الرابع من نوفمبر تشرين الثانى قرر رئيس الوزراء الاثيوبى أبى أحمد والحائز على جائزة نوبل للسلام قرر التدخل العسكرى بقوات الجيش الإثيوبى الفيدراليه فى اقليم التيجراى مع اعلانه فرض حالة الطوارى فى الاقليم وقطع كافة الاتصالات وفرض حصار شبه كامل عليه وذلك بسبب زعمة مهاجمة قوات الجبهة الشعبية لتحرير التيجراى معسكرات للقوات الفيدرالية الاثيوبية وقتل واسر عدد من جنود الجيش والاستيلاء على عتادهم العسكرى بينما يقول قادة الاقليم بان الهجوم كان ضربة وقائية للقوات الفيددرالية المتمركزة على تخوم الاقليم وبعد أسابيع من الهجوم اعلن رئيس وزراء إثيوبيا نجاح العملية العسكرية فى التيجراى بالسيطرة على عاصمة الاقليم وانسحاب قوات الجبهة الشعبية لتحرير التيجراى الى تخوم الجبال المجاورة لتبدا بعد ذلك حرب عصابات ضد القوات الحكومية كبدتها خسائر فادحة واجبرت تلك القوات على اعلان وقف اطلاق النار فى الاقليم من جانب واحد لكن قوات التيجراى استمرت فى العملياتها العسكرية وفرت القوات الحكومية وانسحبت من الاقليم لكنها خلفت ورائها جرائم ضد الانسانية بحق المدنيين فى الاقليم .
يأتي هذا التطور غداة إعلان الأمم المتحدة عن حدوث أكثر من 516 حالة اغتصاب سجلتها خمس عيادات طبية في منطقة تيجراي، مشددة أن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك بكثير. وقالت وفاء سعيد، نائبة منسق مساعدات الأمم المتحدة في إثيوبيا، في إفادة للدول الأعضاء في المنظمة الدولية في نيويورك: “قالت نساء إنهن تعرضن للاغتصاب من عناصر مسلحة، كما روين قصصا عن اغتصاب جماعي واغتصاب أمام العائلات وإجبار رجال على اغتصاب نساء من عائلاتهم تحت التهديد بالعنف”. وأضافت المسؤولة الأممية أنه “بالنظر لحقيقة أن معظم المرافق الصحية لا تعمل إضافة إلى الوصمة المرتبطة بالاغتصاب، فمن المتوقع أن تكون الأعداد الفعلية أعلى من ذلك بكثير”.
من جهته، ردّ سفير أثيوبيا بالأمم المتحدة تاي أتسكي سيلاسي لرويترز إن حكومة بلاده تأخذ مزاعم العنف الجنسي “بجدية بالغة” وإنها نشرت مهمة لتقصي الحقائق. وأضاف “إثيوبيا لا تنتهج مطلقا سياسة التسامح إزاء الجرائم الجنسية وأي شخص تثبت مسؤوليته عن هذه الأعمال الحقيرة سيحاسب إلى أقصى حدٍّ يسمح به القانون”.
وحول الوضع الإنساني للنازحين تقول وفاء سعيد: “معظم النازحين فرّوا بلا أي شيء سوى الملابس التي يرتدونها. بشكل عام هم في حالة صدمة ويروون قصصا عن الرحلة الصعبة التي قطعوها بحثا عن الأمان. بعضهم تحدث عن المشي لأسبوعين وبعضهم الآخر لمسافة 500 كيلو متر”.
وأبلغ عشرات الشهود في تيجراي وكالة رويترز بأن الجنود الإريتريين الذين استعان بهم ابى احمد فى حربه على الاقليم كانوا يقتلون المدنيين بانتظام وارتكبوا عمليات اغتصاب جماعي وعذبوا النساء ونهبوا البيوت والمحاصيل. ولم ترد إريتريا على استفسارات تتعلق بتقارير الفظائع. وعبّرت الأمم المتحدة عن “قلق بالغ” بخصوص الفظائع بينما وصف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأعمال التي نُفذت بأنها تطهير عرقي. ورفضت إثيوبيا ادعاء بلينكن.
الأمم المتحدة تحذر من أن مئات الآلاف من الأشخاص يعانون من المجاعة في إقليم تيجراي.
حذر مسؤول رفيع المستوى في الأمم المتحدة من أن أكثر من 400 ألف شخص “دخلوا في مجاعة” في إقليم تيجراي في شمال إثيوبيا الذي يشهد حربا منذ ثمانية أشهر.
وعرف النزاع في تيجراي منعطفا رئيسيا مع إعلان القوات المنبثقة عن “جبهة تحرير شعب تيجراي” استعادة السيطرة على ميكيلي عاصمة الإقليم. وقالت منظمات غير حكومية وبرنامج الأغذية العالمي إن القوات الإثيوبية دمرت خلال الأسبوع الحالي جسرين حيويين لنقل المساعدات إلى تيغراي.
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالوكالة راميش رجاسينغام الثالث من يوليو/ تموز 2021) خلال أول اجتماع عام لمجلس الأمن الدولي حول تيغراي منذ بدء النزاع في تشرين الثاني/نوفمبر إن الوضع “تدهور بشكل كبير”.
وأضاف “نقدر أن أكثر من 400 ألف شخص دخلوا في مجاعة وأن 1.8 مليون آخرين باتوا على عتبة المجاعة. البعض يقول إن الأعداد أكبر من ذلك. ويعاني 33 ألف طفل من سوء التغذية الحاد”. وشدد على أن “حياة عدد كبير من الأشخاص (في تيجراي) رهن بقدرتنا على إيصال المواد الغذائية وأدوية إليهم. يجب أن نصل إليهم الآن وليس الأسبوع المقبل. الآن”.
ورفضت إثيوبيا اتهامها بأنها تخطط لمنع دخول المساعدات إلى تيغراي بعدما سيطر المتمردون عليه. وقال نائب رئيس الوزراء ديميكي ميكونين لدبلوماسيين اجتمع بهم في فندق بالعاصمة أديس أبابا الجمعة إن “التلميح إلى أننا نخطط لخنق شعب تيغراي من خلال منع وصول المساعدات الإنسانية واستخدام الجوع كسلاح في الحرب هو أمر خارج حدود المقبول”.
هل تسقط إثيوبيا فى اتون حرب أهلية واسعة النطاق تقضى على وحدتها
قوات التيجراى الحقت هزائم نكراء بالجيس الاثيوبى فى الاقليم طوابير اذلال الجنود كانت منتشرة فى شوارع العاصمة ميكيلى فى موقف مذهل استعرضت فيها قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى اكثر من 7 الاف اسير من جنود الجيش الفيدرالى الاثيوبى لتعلن للعالم انها صاحبة اليد الطولى فى تلك الحرب وان ابى احمد اذا كان هو من بدا الحرب بشكل علنى لكنة لن يستطيع انهائها رغم اعلانه وقف اطلاق النار من جانب واحد لتؤكد الجبهة الشعبية لتحرير التيجراى ان هدفها هو الزحف الى العاصمة اديس أبابا لاسقاط حكومة ابى احمد وهو ما بدا فعليا على ارض الواقع الذى شهد تطورات دراماتيكية
حيث دعت الحكومة الفيدرالية فى إثيوبيا جميع الأقاليم للمساعدة في مواجهة دفع قوات التيجراي التي تقاتلها. حيث تمت دعوة المدنين من الأورومو وألامهرة والعفر في الأيام الأخيرة للدفاع عن إثيوبيا بالسلاح التي يملكونها. وتثير هذه التعبئة حسب العرق مخاوف من حدوث تحول أكثر عنفًا في الحرب ، ووفقًا للمراقبين ، تكشف أيضًا أن القوات الفيدرالية لم تعد قادرة على القتال بمفردها.
الجيش الإثيوبي الآن ” خارج الخدمة “. على الأقل هذا هو رأي مات برايدن ، مدير Sahan Research والمحقق السابق للأمم المتحدة ، الذي يضيف أن الوضع الحالي للحكومة الفيدرالية ” يائسة إلى حد ما “.
بالنسبة له ، استغل متمردى التيجراى كلا من القيادة الضعيفة للقوات الفيدرالية “التي تم تطهيرها من ضباطها التيغراين قبل بدء الحرب ” ، ولكن أيضًا من المعدات التي سقطت في يديها أثناء هجومها على مقلي.
الشيء نفسه ينطبق على ويليام دافيسون ، من مجموعة الأزمات الدولية. بالنسبة له ، فإن التعبئة العامة للأورومو والأمهار والعفار تفسر من خلال ” الضرورة العسكرية ” و ” الضرورة الملحة للوحدة ” لإثيوبيا في مواجهة خسائرها.
ويخلص إلى أن ” الميزة الأخيرة التي يمكن أن تحققها أديس أبابا هي عدد الجنود الذين يحتمل تجنيدهم ” ، ” لكن الخوف من أن هذا لن يؤدي إلا إلى المزيد من الوفيات وزيادة الاستقطاب العرقي ” .
كما يلخص عسكريا ، هدف الحكومة الآن هو حماية الطريق الاستراتيجي بين جيبوتي وأديس أبابا ، كما يقول المحللان. وبحسب مات برايدن ، فإن الاستيلاء عليها من قبل التيغراي ” سيغير كل شيء “.وهو ما تناثرت انباء متضاربة حول سيطرة بعض المليشيات المسلحة فى اقليم عفار على طريق السكه الحديد الواصل بين جيبوتى واديس ابابا
لكن بالنسبة إلى وليام دافيسون ، من الصعب أن نرى كيف يمكن أن يحول رجال الميليشيات ” الأقل تدريبًا والأقل تسليحًا ” الموقف لصالح أبي أحمد ، بعد أن قاومت القوات التيغراية الجهود المشتركة لإثيوبيا وإريتريا.
وبذلك تبقى كل السيناريوهات مفتوحة على مصرعيها لمستقبل غير مبشر للدولة الاثيوبية التى ابتليت بحماقة قادتها وتحولهم من قادة سلام حازوا جائزة نوبل للسلام الى امراء حرب متورطين فى جرائم ضد الانسانية فى إثيوبيا .
اهم المراجع
https://www.alarabiya.net/arab-and-world
– https://www.farajat.net/ar/?p=45062
– https://p.dw.com/p/3wI08