تقاريرتقدير موقفرئيسيعاجل

إثيوبيا بين غلق السفارات وطرد موظفي الأمم المتحدة

تواصل حكومة رئيس الوزراء الإثيوبى أبي أحمد نهجها التصادمي مع محيطها الإقليمي والدولي

كتب: محمد رزق 

تواصل حكومة رئيس الوزراء الإثيوبى أبي أحمد نهجها التصادمي مع محيطها الإقليمي؛ بل والدولي؛ فبينما تواصل انتهاكات حقوق الإنسان في إقليم التيغراي تجاه المدنيين هناك للعام الثاني على التوالي -عبر الحملة العسكرية التي تشنها على الإقليم، وعبر سياسة الحصار والتجويع- أعلنت الخارجية الإثيوبية -في نبأ صادم للمجتمع الدولي- عزمها طرد سبعة من موظفي الأمم المتحدة الذين يعملون ضمن البعثات الأممية الإغاثية هناك؛ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ولأسباب -قالت إثيوبيا إنها اقتصادية ومالية- أعلنت السفارة الإثيوبية بالقاهرة تعليق عملها؛ بداية من شهر أكتوبر 2021؛ لمدة تتراوح ما بين 3 إلى 6 أشهر.

 هذا الإعلان من قبل الدولة الإثيوبية؛ سبقه عدة إعلانات مشابهة؛ تتعلق بتقليص عمل البعثات الدبلوماسية الإثيوبية في العالم لنفس السبب؛ وهو ترشيد النفقات؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها البلاد؛ بسبب الصراعات العرقية والحروب الداخلية؛ خاصة في إقليم التيجراي؛ الذي يشهد أعمالاً عسكرية ونزاعات مسلحة مستمرة منذ ما يقرب من عام؛ خلفت وراءها عشرات الآلاف من القتلى، ومئات الآلاف من اللاجئين والمشردين .

لكن ومع هذه السياسية التي بدأت إثيوبيا فى تطبيقها تجاه مقراتها الدبلوماسية فى عواصم العالم يبرز قرارها تجاه بعثتها وسفارتها فى القاهرة وهى الدولة الاكبر والاهم فى القارة الإفريقية والمنطقة العربية فيبدو ان القرار الإثيوبي وإن كان ظاهره الأوضاع المالية والاقتصادية لكن فى باطنه اشياء اخرى تعكس حجم الهوة والتباعد وعدم التوافق بين أديس أبابا والقاهرة بسبب أزمة سد النهضة التي وصلت الى طريق مسدود بسبب التعنت الإثيوبي ورفضها التوقيع على اتفاق قانوني ملزم لإدارة وتشغيل السد.

سفارات قررت إثيوبيا إغلاقها

وقد كشفت مصادر في الخارجية الإثيوبية عن إغلاق وتقليص 31 سفارة وقنصلية من إجمالي 60 سفارة في مختلف أنحاء العالم؛ بسبب خطة التقشف التي بدأتها أديس أبابا منذ فترة.

ومن أبرز السفارات التي سيتم إغلاقها تلك الموجودة في كل من الجزائر، والمغرب، وساحل العاج، والكويت، وأندونيسيا، وأستراليا، وكوبا، والبرازيل، وكندا، وزيمبابوي، وسلطنة عمان، كما سيتم إغلاق قنصليات في لوس أنجلوس، ومينيسوتا، وفرانكفورت، وإسطنبول، ودبلين، ومومباي، وووهان.

لم تكن سفارة أديس أبابا في القاهرة من بين السفارات التي تقرر إغلاقها وفقًا لبيان الخارجية الإثيوبية الصادر أوائل شهر سبتمبر الماضى  إلا أن السفير الإثيوبي في مصر كشف نية بلاده إغلاق سفارتها في القاهرة؛ لأسباب مالية واقتصادية، ولخفض تكاليف إدارة السفارة؛ موضحًا أن مدة الغلق سوف تتراوح ما بين 3 إلى 6 أشهر.

ورغم تصاعد الخلافات حول سد النهضة بين مصر وبين إثيوبيا -خصوصًا بعد إصرار أديس أبابا على الملء الثاني دون التوصل إلى اتفاق ملزم- فإن السفير الإثيوبي أكد أن غلق السفارة في القاهرة لا يتعلق بأزمة سد النهضة، مضيفًا أن مفوض السفارة سيتولى إدارتها ورعاية المصالح الإثيوبية في القاهرة خلال فترة التعليق.

تأثير إغلاق السفارة الإثيوبية فى القاهرة على العلاقات بين البلدين

ومع ذلك فإن مراقبين سياسيين عزوا إغلاق أديس أبابا سفارتها في القاهرة إلى الخلافات السياسية حول سد النهضة؛ خصوصًا بعد البيان الأخير لمجلس الأمن الدولي؛ الذي أعاد الأزمة إلى الملعب الإفريقي؛ حاثًّا مصر وإثيوبيا والسودان على معاودة التفاوض، ورحبت به القاهرة على استحياء، فيما رفضه الجانب الاثيوبى.

إن تعليق أديس أبابا لعمل سفارتها في القاهرة ربما يحمل في طياته رسائل مبطنة للقاهرة؛ مفادها الاستغناء والتباعد، وإدارة الظهر؛ وهي نظرة قاصرة لصانع القرار في أديس أبابا؛ تعكس عدم القدرة على التقدير السليم للمواقف السياسية، وعدم فهم أبعادها ودلالاتها على مجمل العلاقات بين البلدين؛ اللتين ترتبطان برباط أزلي، وشريان حياة يجري فيهما منذ فجر التاريخ؛ وهو نهر النيل؛ فإذا كانت إثيوبيا قررت إغلاق سفاراتها في عدد من دول العالم ترشيدًا للإنفاق بسبب الأوضاع الاقتصادية؛ فإن الحكمة والتروي يقتضيان من صانع القرار الإثيوبي أن تكون السفارة الإثيوبية في القاهرة هي آخر السفارات التي يمكن أن يطالها مثل هذا القرار .

إثيوبيا تطرد سبعة موظفين أمميين كبار بدعوى تدخلهم في شئون البلاد

واستكمالا تصرفاتها وسلوكياتها الرعناء أعلنت إثيوبيا عزمها طرد سبعة من موظفي الأمم المتحدة؛ من كبار المسئولين الإنسانيين هناك، وأعلنتهم “كشخصيات غير مرغوب فيها”، وطالبتهم بمغادرة أراضيها في غضون 72 ساعة، وقالت الخارجية الإثيوبية عبر “تويتر”؛ إن طرد الموظفين رفيعي المستوى في المنظمة الأممية؛ يأتي بدعوى “تدخلهم في شئون البلاد الداخلية.

 وقد أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش عن صدمته من القرار الإثيوبي؛ مؤكدًا أن الأمم المتحدة في إثيوبيا؛ “تقدم المساعدات المنقذة للحياة -بما في ذلك الغذاء والدواء والمياه، وإمدادات الصرف الصحي- للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها”.

وختامًا فإن إثيوبيا بقراراتها هذه -سواء تلك التي تتعلق بالأمم المتحدة وبموظفيها العاملين في مجالات الإغاثة بإثيوبيا، أو قراراتها بغلق سفاراتها خاصة في مصر- تضع نفسها في عزلة شبه دولية، وتغلق أبوابًا مهمة للتواصل والحوار مع محيطيها الإقليمي والعالمي. 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى