الإصداراتالمرصدتقاريررئيسيعاجلمقالات

جريمة الاتجار بالبشر تجتاح العالم..ومصر تتخذ إجراءات جادة لمكافحتها

الاتجار بالبشر..المفهوم والأسباب والتحديات

تمهيد

عانت البشرية منذ قرون طويلة من العبودية بشكلها التقليدي حيث كان الإنسان سلعة تباع وتشترى لا يملك من أمره شيئا فكانت الحروب والغارات بين القبائل والشعوب هي المصدر الأساسي للاسترقاق ..ولا تزال البشرية تئن تحت وطأة العبودية ولكن بصورة معاصرة تُعرف بالاتجار بالبشر والتي تُعد جريمة من أبشع الجرائم انتهاكا للكرامة الإنسانية في القرن الحادي والعشرين وأحد أهم التحديات التي تواجهها دول العالم باعتبارها أكثر الجرائم المنظمة والمتعددة الجوانب انتشارا عبر الحدود.
ونظرا لتنامي خطورة هذه الجريمة وتداعياته السلبية على استقرار المجتمعات، وعلى الأمن العالمي والقومي وسط انتشار لكيانات إجرامية وعصابات دولية “مافيا” تستهدف الفئات الأكثر ضعفا وتهميشا في المجتمعات، خاصة الأطفال والنساء، أضحى من الضروري تسليط الضوء على هذه الجريمة النكراء من خلال التعريف بها، وكشف الأرقام والإحصائيات المتعلقة بانتشارها عالميا وإقليميا، وما أسفرت عنه جهود الدولة المصرية في مكافحة الاتجار بالبشر، وما إذا كانت هذه الجهود كافية أم لاتزال هناك تحديات تواجهها الدولة في التعامل مع هذا الملف الشائك، وهذا ما يرصده التقرير تباعا ويجيب عنه بالأدلة والحقائق، فضلا عن تقديمه لتوصيات عدة قد تساعد صانعي القرار في اتخاذ قرارات مناسبة لمكافحة هذه الجريمة بكافة أشكالها.
مــقـــدمـــة
لم يكن لجريمة الاتجار بالبشر أي تعريف واضح، وكانت تتداخل مع جرائم أخرى كالعبودية وتهريب البشر إلى أن جاء بروتوكول الأمم المتحدة منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص عام 2000 والذي عرف ظاهرة الاتجار بالبشر بأنه “تجنيد أو نقل أو تحويل أو استلاب الأشخاص عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو أي نوع من أنواع الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو إساءة استخدام القوة، أو استغلال موقف ضعيف، أو إعطاء أو تلقي دفعات أو فوائد للحصول على موافقة شخص يتمتع بالسيطرة على شخص آخر بهدف الاستغلال، ويشمل الاستغلال في حده الأدنى على استغلال الآخرين في الدعارة أو الأشكال الأخرى، من الاستغلال الجنسي أو العمالة أو الخدمة القسرية أو العبودية أو ممارسات مشابهة للعبودية أو العمل بالإكراه أو نقل الأعضاء” .
وعليه فإن التعريف الأممي للاتجار بالبشر يشير عادةً إلى عملية وضع أو إبقاء أفراد في أوضاع استغلالية من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية، ولذلك يتضح وجود عديد من أشكال الاتجار بالبشر بدءا من الاتجار بالبشر لأغراض العمل القسري، والأنشطة الإجرامية القسرية، ومرورا بالاتجار بالنساء للاستغلال الجنسي، والاتجار بالبشر لاستئصال الأعضاء، وصولا لتهريب المهاجرين.

أرباح خيالية وراء خداع الضحايا وتجنيدهم
تستغل الشبكات المنظمة أو الأفراد الذين يقفون وراء هذه الجريمة حاجة وفقر ومعاناة الأشخاص المستضعفين والمهمشين، مستخدمة العنف ووعود كاذبة بتوفير مأوى ومأكل وملبس وفرص عمل وتعليم لخداع ضحاياهم وتجنيدهم لتحقيق أرباح خيالية، حيث تشير أحدث الإحصائيات إلى أن نحو 24.9 مليون ضحية في جميع أنحاء العالم يواجهون أشكالًا مختلفة من الاتجار بالبشر، كالاستغلال الجنسي، والاستغلال في العمل، والإجرام القسري، وسرقة الأعضاء، كما تصل الأرباح السنوية الناتجة عن هذه الجرائم إلى ما يقدر بنحو 150 مليار دولار أمريكي.
وهكذا، أصبحت جريمة الاتجار بالبشر بكافة صورها وأبعادها من أخطر جرائم العالم المعاصر التى لا تقتصر على الدول النامية، بل تتزايد فى الدول المتقدمة، الأمر الذى يتطلب تضافرا للجهود الدولية الرامية لمكافحة الاتجار بالبشر. لذا يحتفل العالم في 30 يوليو من كل عام –وفق إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة- بـ”اليوم العالمى لمكافحة الاتجار بالبشر”، للتأكيد على أهمية استمرار جهود رفع مستوى الوعى العام بهذه الجريمة وأشكالها، والعمل على تجنب حدوثها، وضرورة توفير خدمات الرعاية والمساعدة اللازمة لحماية الفئات المستضعفة من الوقوع فريسة للعصابات الإجرامية، ودعم ورعاية ضحايا جريمة الاتجار بالبشر، ومحاكمة المجرمين وتقديمهم إلى العدالة.

“أصوات الضحايا تقود الطريق”،
وجاء موضوع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر لعام 2021 تحت عنوان “أصوات الضحايا تقود الطريق”، للتركيز على أهمية الاستماع إلى الناجين والتعلم منهم انطلاقا من أن التعلم من تجارب الضحايا وتحويل اقتراحاتهم إلى إجراءات ملموسة سيؤدي الى اتباع نهج أكثر فعالية وتركيزاً على الضحايا في مكافحة الاتجار بالبشر.
ولكن مع كافة الجهود المبذولة حول العالم للقضاء على تلك الظاهرة إلا أن هناك العديد من التحديات في معالجة تلك القضية وهو ما يسعى هذا التقرير في تسليط الضوء عليه مع استعراض الجهود المبذولة في القضاء على تلك الظاهرة .

الاتجار بالبشر إقليميًا وعالميًا..حقائق وأرقام
على المستوى العالمي، في عام 2000 صدقت الأمم المتحدة على بروتوكول بشأن الاتجار بالبشر كان هذا البروتوكول محاولة لوضع مبادئ توجيهية دولية لكيفية التعامل مع الاتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم وطالبت الدول التي صادقت على البروتوكول بإصدار قوانين تحظر الاتجار بالبشر في بلادهم ومنذ ذلك الحين أخذت جريمة الاتجار بالبشر طابعا دوليا،وتم وصفها على أنها جريمة عابرة للحدود خاصة بعد اتساع نطاق الاتجار بالبشر حيث ارتبط زيادة الجريمة بعولمة الاقتصاد والاتصالات وتحرير الأسواق وتزايد أنشطة الشركات عابرة القارات.
ووفقا لعديد من الدراسات والإحصائيات، فإن أنواع القائمين على الاتجار بالبشر تختلف حيث إن قرابة 65% من حالات الاتجار بالأشخاص على مستوى العالم تتم عن طريق شبكات إجرامية منظمة عبر الحدود الوطنية، ونحو 35% من حالات الاتجار بالبشر تتم عن طريق جماعات أصغر عددا وتمارس أنشطتها الإجرامية داخل الدولة.
وكشف التقرير العالمي الخاص بمكافحة الاتجار بالبشر لعام 2020 والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة(UNODC) ، عن أنه في عام 2018، بلغ عدد ضحايا الاتجار بالبشر نحو 50 ألف ضحية تم الإبلاغ عنها رسميا من قبل 148 دولة، إلا أن العدد الفعلي لضحايا الاتجار بالبشر أعلى بكثير نظرا للطبيعة الخفية لهذه الجريمة.
ويُظهر التقرير العالمي أن 50% من الضحايا المكتشفة في عام 2018 تعرضوا للاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي، و38% تم استغلالهم في العمل الجبري، بينما تعرض نحو 6% لنشاط إجرامي قسري، 1.5% لنشاط التسول، 1% للزواج القسري، وسجل أغراض أخرى مثل إزالة الأعضاء وبيع الأطفال وغيرها من الأغراض نسبة 1% .

وأوضح التقرير أن ما يقارب من ثلثي إجمالي الضحايا هم من النساء والفتيات، وأغلبهم يتم الاتجار بهم بهدف الاستغلال الجنسي، وتشكل النساء 46٪ والفتيات 19٪ من جميع ضحايا الاتجار بالبشر، بينما يشكل الضحايا الذكور نحو 20% من الأشخاص، ويتم استغلالهم في العمل القسري.
كما كشف التقرير عن أن أعداد الأطفال من ضحايا الاتجار بالبشر تضاعفت ثلاث أضعاف خلال الـ15 عاما الماضية ، حيث بلغ ثلث إجمالي الضحايا من الأطفال (34%) معظمهم إناث.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن زيادة عدد الأطفال المتاجر بهم على مستوى العالم يعكس واقع أزمة كبيرة حيث إن الاتجار بالأطفال يتزايد حال تزايد المعاناة الإنسانية وتردي الأوضاع الاقتصادية للمجتمعات والأسر فلا تجد الأسر وسيلة للعيش سوى الاتجار بأطفالهم.
وكشف التقرير عن أن أكثر من نصف ضحايا جرائم الاتجار بالبشر عالميًّا 51% يتم استهدافهم بسبب الحاجة الاقتصادية، ونحو 10% بسبب وضع المهاجرين، و9% بسبب حرمان الأطفال من الرعاية الأبوية، و3% بسبب الإعاقة الجسدية.

الأمريكتان..الأعلى في الاتجار بالبشر بغرض الاستغلال الجنسي
وبحسب التقرير، شكل الاستغلال الجنسي لدى الأمريكتين أعلى معدلات نسب الاتجار بالبشر بغرض الاستغلال الجنسي، تليها أوروبا وآسيا حيث تُظهر البيانات أن أمريكا الشمالية وأوروبا وبعض البلدان في شرق آسيا تعد وجهات لضحايا الاتجار من مجموعة واسعة من الأصول.

ويشير تقرير لمنظمة العمل الدولية إلى أن الأرباح المتحققة من وراء استغلال النساء والأطفال جنسياً في العالم بلغت 28 مليار دولار، فيما بلغت الأرباح المتحققة من إكراه الأفراد على أعمال قسرية إلى 32 مليار دولار، وبلغت نسبة النساء والأطفال منها نحو 98٪.
على المستوى الإقليمي، أوضح تقرير الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والاتجار بالبشر أن ظاهرة الاتجار بالبشر في المنطقة العربية ازدادت رقعتها بسبب تدهور الحالة السياسية والأمنية التي تمر بها بعض البلدان العربية، وأشار إلى أن هناك 86% من الذين يتعرضون لجريمة الإتجار بالبشر من البالغين وأن أكثر من 50% ممن يتعرضون للاتجار بالبشر في المنطقة العربية، يستخدمون في مجال العمل القسري،وهناك 36% آخرين يتم استخدامهم في مجال الاستغلال الجنسي.
كما أفاد التقرير أن الأوضاع السياسية والاجتماعية المتمثلة في النزاعات المسلحة وعدم الاستقرار وتدهور مستوى المعيشة دفعت الأفراد إلى البحث عن مكان أفضل للحياة، أو مصدر أفضل للرزق وتحت هذا الدافع استغلت عصابات الاتجار بالبشر تلك الفرص لاستعراض مزايا الهجرة غير الشرعية أو العمل القسري
ومع تزايد الاضطرابات السياسية والنزاعات المسلحة التي تؤدى إلى نزوح الأفراد عن أقاليمهم أو دولهم، مثلما حدث في سوريا واليمن والعراق، تتزايد أعداد ضحايا الاتجار بالبشر ممن ليس لديهم مأوى أو يمتلكون قوت يومهم.
جائحة كورونا تُفاقم من أعداد ضحايا الاتجار بالبشر
مع انتشار جائحة كورونا وزيادة الإصابات والوفيات حول العالم، عاني الآلاف من فقد العمل وسبل العيش الكريم، وفي ظل توجيه الدول لمواردها تجاه مواجهة الوباء بدلا من التركيز على جهود مناهضة الاتجار بالبشر، أضحت البيئة مثالية لانتشار جريمة الاتجار بالبشر على نطاق واسع حيث انخفضت تدابير الحماية وتوفير الخدمات للضحايا وهو الأمر الذي استغلته الجماعات والعصابات حيث أدت الأزمات الاقتصادية والظروف الاجتماعية الناتجة عن الوباء إلى تفاقم المخاطر التي يتعرض لها الأفراد المهمشون خاصة النساء والأطفال، كما واجه الناجون من الاتجار خطرًا متزايدًا من احتمال تعرضهم للإيذاء مرة أخرى بسبب الصعوبات المالية والاجتماعية خلال الأزمة.
وأوضح مسح أجراه مكتب الأمن والتعاون في أوروبا التابع لمنظمة الأمن والتعاون للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في عام 2021 أن ما يقرب من 70 % من الناجين من الاتجار بالبشر داخل 35 دولة وضعهم المالي قد تأثر بشدة بفيروس كورونا حيث اضطر العديد من الناجين إلى إغلاق المحلات التجارية أو ترك وظائفهم بسبب الإغلاق وتعرض بعضهم لضغوط من قبل التجار السابقين، بالإضافة إلى ذلك فاقم العزل المنزلي وقيود السفر إلى زيادة معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي بجانب تعاطي المخدرات إلى تعريض شريحة كبيرة للإستغلال من قبل تجار البشر، وتعرض عدد كبير من العمال للاستغلال الجنسي أو العمل القسري مقابل المال

الجهود المصرية في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر
أولت مصر اهتماما كبيرا بقضية الاتجار بالبشر بعد أن تنوعت جرائم الاتجار وشملت الهجرة غير الشرعية والعبودية ، وكانت من أوائل الدول التى نبهت لأهمية مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، باعتبارها جريمة تتنافى مع القيم الإنسانية وتتعارض مع حقوق الإنسان والحق في الحياة والكرامة والمساواة، وتشكل تهديدا على الأمن والاستقرار الدولي والوطني في ظل اتساع نطاق الجريمة بشكل ملحوظ خلال الحقبة الأخيرة.
وعلى الرغم من أن مصر لا تعد دولة منشأ أو مصدر فيما يتعلق بجريمة الاتجار بالبشر، إلا أنها تعد دولة معبر قد يتم استخدامها في هذه الجريمة نظرا لموقعها الجغرافي الذى يتوسط قارات العالم، ولذلك اتخذت الدولة المصرية إجراءات فاعلة لمكافحة الاتجار بالبشر بكل صوره وأشكاله ، واتبعت نهجا وطنيا شاملا يستند إلى التعاون والتنسيق الكامل بين الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، ونرصد أهم الإجراءات المتخذة في هذا الصدد:
• بادرت مصر بالانضمام إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر، إذ صدقت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وبروتوكول باليرمو منذ عام 2004، وكذا الاتفاقية العربية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر وطنية والمتضمنة تحديدا جريمة الاتجار بالبشر كأحد صور الإجرام المنظم العابر للحدود.
• شاركت مصر في كافة الفعاليات الدولية والإقليمية المعنية ومنها منتدى فيينا الخاص بالمبادرة العالمية لمكافحة الاتجار بالبشر عام 2008.
• نص دستور عام 2014 نص على حظر كل صور القهر، والاستغلال القسري للإنسان.
• موافقة مجلس النواب في عام 2016 على قانون مكافحة الهجرة غير النظامية وتهريب المهاجرين، وفرض المشروع عقوبة السجن وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد عن 200 ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد من نفع أيهما أكبر على كل من ارتكب جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها أو توسط في ذلك، كما يعاقب بالسجن كل من هيأ أو أدار مكانًا لإيواء المهاجرين المهربين أو جمعهم أو نقلهم أو سهل أو قدم لهم أية خدمات مع ثبوت علمه بذلك.
• إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر (2016-2021) والتي تقوم على تنسيق الجهود الوطنية مع الدولة ومؤسساتها للحد من هذه الظاهرة وذلك من خلال 3 محاور:
– المحور الأول، الوقاية عن طريق رفع مستوى الوعي، والتوعية بالقانون 64 لسنة 2010 الخاص بمنع الاتجار بالبشر .
– المحور الثاني، الحماية والمعاقبة الذين يقومون بهذه التجارة.
– المحور الثالث، التعاون مع الجهات الدولية للحد من هذه الظاهرة.

• تأسيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر في يناير 2017 بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 192 لسنة 2017. وتتبع اللجنة رئيس مجلس الوزراء ومقرها وزارة الخارجية وتختص بالتنسيق على المستويين الوطني والدولي بين السياسات والخطط والبرامج الموضوعة لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتقديم أوجه الرعاية والخدمات اللازمة لضحايا جريمة الاتجار بالبشر، والمهاجرين المهربين وحماية الشهود في إطار الالتزامات الدولية الناشئة عن الاتفاقيات الدولية الثنائية أو متعددة الأطراف النافذة في مصر.
• افتتاح أول دار إيواء في مصر في نوفمبر 2020 لاستقبال ضحايا جرائم الاتجار بالبشر من النساء والأطفال.
• أطلقت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر خطة العمل الوطنية الثالثة لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية للفترة من (2023-2021) حيث تهدف خطة العمل الوطنية إلى منع ومكافحة هذه الجريمة والتعريف بها وحماية المجني عليهم، وتمكين الشباب وتوعيته بالفرص البديلة. وقد تناولت الخطة بنوداً معنية بتعزيز القدرات، خاصة في مجال التعليم الفني والمهني وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر.
• قامت وزارة العدل بتنفيذ الخطة الاستراتيجية لمكافحة الاتجار بالبشر وذلك من خلال 6 محاور وهي :
المحور الأول: إنشاء صندوق لتأهيل الضحايا نفسيًا وماديًا.
– المحور الثاني: معالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية.
– المحور الثالث: سن التشريعات والقوانين الحاكمة لهذه الجرائم والسيطرة عليها.
– المحور الرابع: تدريب العاملين فى مجال حقوق الإنسان ومكافحة الاتجار بالبشر من قضاة وموظفين على كيفية التعامل مع هذه الظاهرة.
– المحور الخامس: التنسيق مع محاكم الاستئناف لإنشاء دوائر جنائية متخصصة لنظر كافة القضايا المتعلقة بهذه الجرائم.
– المحور السادس: الاشتراك فى الفعاليات الدولية ومخاطبة المجتمع الدولى لزيادة الاهتمام بمكافحة هذه الجرائم.

• إطلاق وزارة التضامن الاجتماعي “الاستراتيجية الوطنية للرعاية البديلة للأطفال والشباب”(2021-2030)، والتي تهدف إلي توفير أفضل رعاية بديلة للأطفال والشباب، والارتقاء بجودة الحياة لهم.
• إطلاق وزارة التضامن الاجتماعي البرنامج القومي لحماية الأطفال بلا مأوى والذى يهدف إلى حماية الأطفال بلا مأوى بتقديم خدمات التأهيل والإعاشة لهم، ودمجهم في الأسر أو دور الرعاية، وتقليل نسب تسرب الأطفال للشارع، وإنشاء آلية مستدامة للرصد، فضلا عن رفع الوعي المجتمع بقضية الأطفال بلا مأوى.

• إطلاق الحملة الوطنية للتوعية بمخاطر جريمة الاتجار بالبشر تحت شعار “معًا ضد الاتجار بالبشر”؛ وذلك للتعريف بأشكال تلك الجريمة في مصر (العمل القسري، الاستغلال الجنسي، زواج الصفقة، استغلال أطفال بلا مأوى والاتجار بالأعضاء البشرية)، وحث المواطنين على الإبلاغ عنها، والتعريف بعقوباتها.
• التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية عن طريق المبادرات المختلفة مثل “مراكب النجاة” التي أطلقتها وزارة الهجرة.

• تخصيص المجلس القومي لحقوق الإنسان خطًّا ساخنًا لاستقبال شكاوى وبلاغات جريمة الاتجار بالبشر.
• تخصيص المجلس القومي للطفولة والأمومة خط نجدة الطفل للإبلاغ عن أي انتهاكات، إلى جانب الخط الساخن في مكتب شكاوى المرأة في المجلس القومي للمرأة.
• تنفيذ مشروعات التنمية التى تستهدف خفض مستويات الفقر وتوفير فرص العمل داخل المحافظات التى تشهد معدلات متسارعة فى الهجرة غير النظامية.
وتجدر بنا الإشارة هنا إلى أن التقرير السنوي الذى تصدره الولايات المتحدة الأمريكية حول حالة “الاتجار بالبشر” عالمياً، يضع الدول في ثلاث مستويات وفق معايير معينة وتتمثل المستويات في الأتي:
• المستوى الأول، استيفاء الدول للحد الأدنى من المعايير للقضاء على الاتجار بالبشر.
• المستوى الثاني، مستوى الدول التي لا تستوفي الحد الأدنى من المعايير للقضاء على الاتجار بالبشر بشكل كامل، لكنها تبذل جهداً للقيام بذلك.
• المستوى الثالث، دول لا تستوفي الحد الأدنى من المعايير للقضاء على الاتجار بالبشر بشكل كامل، ولا تبذل أي جهد للقيام بذلك.
وأوضح تقرير الولايات المتحدة الأمريكية الصادر عام ٢٠١٩، أن مصر تقع في المستوى الثاني بسبب الجهود التي تبذلها على مجموعة من الأصعدة والمتمثلة في الآتي حسبما ورد في التقرير :
• حددت الحكومة المزيد من الضحايا من خلال الخط الوطني الساخن لمكافحة الاتجار بالبشر.
• قامت الحكومة بتحديث وتنفيذ وتحديد جهات اتصال لتحسين تطبيق الآلية الوطنية لإحالة الضحايا، ووقعت على بروتوكول مشترك بين الوكالات لإنشاء مأوى لضحايا الاتجار.
• استمرت الحكومة في مقاضاة وإدانة المتاجرين المزعومين.
• واصلت لجنة التنسيق الوطنية لمنع ومكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع الاتجار بالبشر تنسيق الجهود المشتركة بين الوزارات لمكافحة الاتجار.
• برهنت الحكومة عن بذل جهود متباينة في مجال الملاحقة القضائية. يُجرّم قانون مكافحة الإتجار بالبشر لعام 2010 الاتجار بالجنس والاتجار بالعمالة وينص على عقوبات بالسجن من ثلاث سنوات إلى 15 سنة بالإضافة إلى فرض غرامات. كانت هذه العقوبات صارمة بما فيه الكفاية، وفيما يتعلق بالاتجار بالجنس، تُعتبر متناسبة مع العقوبات المنصوص عليها للجرائم الخطيرة الأخرى، كالاغتصاب.
• في عام 2018، قدمت لجنة التنسيق لمنع ومكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع الاتجار عدداً من الدورات التدريبية لمئات من ضباط الشرطة والقضاة ووكلاء النيابة العامة والأخصائيين الاجتماعيين وممثلي المجتمع المدني.
• ضمنت وزارة الداخلية المواد التعليمية لمكافحة الاتجار بالبشر كجزء من التدريبات والمناهج السنوية لضباط الشرطة الجدد.
• شملت وزارتا الخارجية والدفاع وحدات تعليمية خاصة بمكافحة الاتجار في التدريبات الأساسية للمسؤولين.
• استمرت وزارة التضامن الاجتماعي في تشغيل 17 وحدة متنقلة وفرت خدمات قانونية وطبية ونفسية واجتماعية لأطفال الشوارع، وهم فئة معرضة بشدة للاتجار، حيث ساعدت الوحدات نحو 14,671 طفلاً في عام 2018.
• قامت السفارة المصرية في بيروت بمساعدة عدد من المواطنين المصريين ممن تم استقدامهم بطريقة احتيالية وحصلوا على وعود زائفة بالتوظيف من قبل وكالة توظيف في لبنان ثم تركتهم عرضة للاتجار، حيث ساعدت السفارة بعضهم في العثور على وظائف أو ساعدت في تقنين وضعهم في لبنان.
• تعاونت لجنة التنسيق الوطنية لمنع ومكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع الاتجار بالبشر مع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي لزيادة التعاون في قضايا الاتجار بالبشر أثناء وبعد رئاسة مصر للاتحاد.
• وضعت لجنة التنسيق الوطنية لمنع ومكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع الاتجار بالبشر خريطة حددت بموجبها المحافظات والمناطق في مصر حيث كان الاتجار أكثر شيوعًا استنادًا إلى بيانات الادعاء والشكاوى التي أبلغ عنها الخط الساخن لمكافحة الاتجار. واستخدمت اللجنة هذه الخريطة بهدف إطلاق حملات التدريب والتوعية.
• قامت الحكومة بأنشطة توعية متعددة . . على سبيل المثال، قامت لجنة التنسيق الوطنية لمنع ومكافحة الهجرة غير الشرعية ومنع الاتجار بالبشر بتوزيع كتيبات إعلامية حول مكافحة الاتجار بالبشر على العمال المهاجرين وجميع السفارات والدبلوماسيين المصريين في الخارج.
• أطلقت لجنة التنسيق والمجلس القومي للمرأة حملة إعلامية حول معاملة عاملات المنازل والفئات السكانية المعرضة للاتجار. كما قامت لجنة التنسيق – بالشراكة مع المنظمات الدولية والجهات المانحة – بحملة توعية حول مخاطر الهجرة غير الشرعية.
• قدمت الحكومة دورات تدريبية إلزامية على مكافحة الإتجار للمواطنين المصريين العاملين في الخارج ضمن بعثات حفظ السلام.
• قامت الحكومة في عام 2018 بإبرام عقد عمل في ظل عدم وجود إجراءات حماية يكفلها قانون العمل لعاملات المنازل، وقد وفر العقد بعض الحماية لعاملات لمنازل المصريات.

عقبات في طريق القضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر
على الرغم من الجهود التي بذلتها الحكومة المصرية نحو الحد من ظاهرة الاتجار بالبشر إلا أنه مازالت معدلات الظاهرة مرتفعة حيث تقف مجموعة من العقبات في طريق القضاء عليها والتي تتمثل في:
• الافتقار إلى خدمات الحماية المناسبة بالعدد الكافي والمتمثلة في ” ملاجيء لضحايا جميع أشكال الاتجار” على سبيل المثال وليس الحصر.
• افتقار منظمات المجتمع المدني العاملة في ملف الاتجار بالبشر لتوحيد الجهود وللتمويل والدعم من أجل تقديم الرعاية الأساسية للضحايا.
• ضعف البيانات والمعلومات المتعلقة بالمجرمين أو الحالات التي يتم إكتشافها، ولم تقم وزارة العدل بمشاركة معلومات مفصلة عن الأحكام .
• نقص الموارد المالية أمام التوسع في تنفيذ برامج مكافحة الاتجار بالبشر.
وفي ضوء ذلك نسعى من خلال ذلك التقرير إلى تسليط الضوء على عدد من التوصيات التي تسعى إلى مكافحة جريمة الاتجار بالبشر والمتمثلة في:
• توفير خدمات الحماية لجميع ضحايا الاتجار بالبشر وزيادة عدد أماكن الإيواء وتوافر الخدمات المختلفة والمناسبة داخل تلك المراكز بجانب تطوير المراكز القائمة بالفعل.
• عدم معاملة ضحايا الاتجار بالبشر كمجرمين على أفعال غير مشروعة ” الهجرة غير المشروعة” أجبرتهم الظروف عليها بل العمل على إعادة تأهيليهم وإدماجهم في المجتمع مرة أخرى وتوفير الظروف المناسبة لهم.
• تفعيل القوانين المتعلقة بالإتجار بالبشر والعمل على تغليظ العقوبات.
• زيادة التدريبات الموجهة إلى العاملين في قطاعات الشرطة والقضاء حول التعامل مع ضحايا الإتجار بالبشر أثناء التحقيقات.
• زيادة الميزانيات المخصصة لقطاع الإعلام لزيادة الحملات الإعلامية على نطاق واسع سواء كانت عبر وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو عبر منصات التواصل الإجتماعي.
• تفعيل الشراكة بين المجلس القومي لحقوق الإنسان والمجالس المتخصصة كالمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للأمومة والطفولة في تنسيق وتوحيد الجهود نحو الحد من ظاهرة الإتجار بالبشر بجانب تفعيل بنود الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان باعتبار الإتجار بالبشر هو انتهاك صريح لحقوق الإنسان.
• التنسيق بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني في حملات التوعية لمناهضة تلك الظاهرة.
• مشاركة بعض مؤسسات المجتمع المدني المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر في اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
• إعداد قاعدة بيانات تتضمن التشريعات الدولية ذات الصلة بجريمة الاتجار بالبشر والدراسات المتعلقة بها.
• اتخاذ مزيد من التدابير الأمنية لإحكام السيطرة على منافذ الدولة مثل استخدام بصمة العين وبصمة اليد.
• إصدار تقرير سنوي عن مكافحة الاتجار بالبشر، وتوافر قاعدة معلوماتية للجنة الوطنية عن أعداد القضايا التي حكم فيها وفقا لقانون الاتجار بالبشر، وأعداد المضبوطين والأحكام الصادر فيها.
• تفعيل صندوق مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر وفقا للمادة 27 من القانون 64 لسنة 2010.
• إصدار نص قانون بإنشاء محاكم ونيابات متخصصة في جرائم الاتجار بالبشر.
• مراجعة وتحديث القوانين لخدمة مصالح الضحايا وتقديم الدعم اللازم لهم.
• تعديل قانون العمل ليشمل توفير الحماية لعاملات المنازل المصريات والأجنبيات.
• مواجهة الفقر والبطالة والأمية ومنع التسرب من التعليم، باعتبارهم عوامل فعالة في انتشار ظاهرة جرائم الاتجار بالبشر وذلك عن طريق إدماج الحملات المعنية بالقضاء على ظاهرة الاتجار بالبشر داخل قرى حياة كريمة لتوعية الفئات المختلفة داخل هذه القرى بتلك الظاهرة وأشكالها المختلفة وعواقبها.
• تعزيز ريادة الأعمال الخاصة بالشباب لدعم مشاريعهم المختلفة كحل بديل عن البحث عن فرص داخل دول أخرى بطرق غير شرعية.
• تدشين مرصد خاص بالمجتمع المدني كدور رقابي لرصد الجهود الحكومية في تطبيق الإستراتيجية المعنية بالإتجار بالبشر بجانب رصد الجهود المختلفة للوقوف على أوجه القصور.
• إعداد أعمال درامية/مسرحية/ كارتونية تعالج قضية الاتجار بالبشر.
• استخدام وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر،..) لرفع الوعي والتواصل مع الضحايا وإبراز قصص نجاحهم في العبور من الأزمة.
• ضرورة زيادة عدد البحوث الميدانية في قضايا الاتجار بالبشر المختلفة لتوفير معلومات عن الأبعاد المختلفة لهذه الظاهرة حيث يتم الاستفادة من نتائج تلك الدراسات في تحديد البرامج والسياسات والتشريعات والقوانين التي يمكن تطبيقها للحد من هذه الظاهرة ومعالجتها بصورة جذرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى