تقاريردراسات اقتصاديةدراسات حقوقيةرئيسيعاجلمقالات

كيف يمكن أن تنتهي الحرب الروسية الأوكرانية؟

سيناريوهان محتملان لمسار الحرب الروسية الأوكرانية..وتداعيات خطيرة

فى ظل الخطوات المتسارعة لمجريات أحداث الحرب الروسية الأوكرانية التى يشتد رحاها يوما بعد يوم وتُعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة، يصعُب التنبؤ بمساراتها وتداعياتها المحتملة التى قد يشوبها بعض الغموض والتعقيد، وهنا يُمكن وضع سيناريوهان يستشرفان الحرب الروسية الأوكرانية ويعتمدان على المديين الزمني والمكاني، وهو سيناريو الحرب الطويلة والممتدة والحرب القصيرة التى تنتهي بالمفاوضات. ولكن وفقًا لحسابات القوة الروسية والأوكرانية والموقف الغربي من الأزمة، نجد أن روسيا في طريقها لحسم مواجهتها لأوكرانيا، حيث بات العمل على استشراف الأوضاع الدولية مابعد الحرب والتى تُشير إلى تغير في ملامح النظام الدولي مابعد الحرب الباردة وكذلك النظام الإقليمي الأوروبي .

السيناريوهان المحتملان لمسار الحرب

أولا: سيناريو حرب طويلة وممتدة
من المتوقع أن تسعى أطراف الصراع إلى مد أمد الحرب، ولكل منهم غاياته من ذلك، فمن ناحية روسيا، تسعى إلى استمرار العمليات العسكرية والسيبرانية إلى حين تحقيق أهدافها وإعادة معادلة تعددية القطبية في رسم السياسات العالمية، وما يترتب عليه من ترتيبات أمنية كبرى تشمل كل الأطراف.

أما من ناحية القوى الغربية، فتسعى إلى إطالة أمد الحرب لاستنزاف قوة روسيا لاسيما وأن القوى الغربية لا تقدر على مواجهة روسيا بشكل مباشر، وإنما تسعى لاستدراجها لمعركة طويلة الأمد تستهدف إضعاف قدراتها العسكرية. ذلك فضلا عن استنزاف روسيا اقتصاديا مع التوسع فى عقوبات من شأنها فرض عزلة على موسكو واستنزاف الموارد التي تستخدمها لتمويل هذه الحرب، الأمر الذى قد يُضعف موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويهدد نظامه مع مرور الوقت، وهو السيناريو المُفضل الذى يسعى القادة الغربيون له.

فها هو الرئيس الأميركي جو بايدن يتعهد بأن يدفع الرئيس الروسي ثمن الحرب في أوكرانيا على المدى الطويل حتى لو حقق مكاسب في ساحة المعركة، مهددا بإضعاف روسيا وتضييق سبل الوصول إلى التكنولوجيا الغربية، وهو ما سيضعف قوتها الاقتصادية وجيشها لسنوات مقبلة. كما صرح نائب رئيس الوزراء البريطاني دومينيك راب بأن مهمة الحلفاء الدوليين هو إفشال بوتين في أوكرانيا والذي يستغرق شهورا، إن لم يكن سنوات ، لذلك فيجب على الحلفاء “إظهار القدرة الاستراتيجية على التحمل”.

وفيما يخص مساحة ميدان المعركة ، فمن المتوقع أن يمتد إلى ميادين أخرى، وفقا لإشارة جو بايدن في الثاني من مارس 2022 أمام الكونجرس الأمريكي بأن “العالم يشهد معركة بين الأنظمة الديمقراطية وتلك الاستبدادية”، والتى يمكن اعتبارها إذعانًا ببداية حرب باردة جديدة تأخذ بُعدا دوليا مع ظهور ملامح استقطاب دولي جديد، ولعل من غير المفاجئ إعلان “الشراكة بلا حدود” بين الصين وروسيا، أثناء زيارة بوتين للعاصمة الصينية بكين مطلع شهر فبراير، أي ثلاثة أسابيع قبل بدء الغزو الروسي والتى شهدت تأييدا صينيا لمطالب روسيا بعدم ضم أوكرانيا لحلف “الناتو” وفي المقابل أعلن الرئيس بوتين اعترافه بسيادة الصين على دولة تايوان، وهو ما قد يمهد الطريق أمام الصين للقيام بخطوة مماثلة تجاه تايوان، وفي تلك الحالة يتسع نطاق الحرب وتدخل القارة الآسيوية ميدان المعركة وحينها قد تنجر الهند وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وأستراليا وباكستان.

كما أنه من المتوقع أن يطال الصراع منطقة الشرق الأوسط أيضًا بعد اصطفاف كل من إيران وسوريا خلف روسيا، فقد لا يكون من باب المصادفة أن تعلن روسيا في منتصف شهر فبراير الماضي اعتزامها إجراء تدريبات بحرية في البحر المتوسط ونقلها قاذفات وطائرات مجهزة بصواريخ أسرع من الصوت إلى قاعدتها الجوية في سوريا.

ذلك فضلا عن توقعات بسعي موسكو إلى تقليص أضرار العزلة الدولية المفروضة عليها من خلال تواجدها في إفريقيا مع إبقاء مجموعة “فاجنر” الروسية التى تحظى بتأييد رسمي وشعبي مما يزيد من احتمالات تحويل إفريقيا إلى ميدان للحرب الباردة الجديدة بين روسيا والغرب.

يستند هذا السيناريو إلى عدد من الاحتمالات منها:
• قد لا تستطيع روسيا توفير العدد الكافي من القوات لفرض وجودها وإحكام السيطرة على بلاد بهذه المساحة الشاسعة، وتتحول أوكرانيا في هذا السيناريو إلى مستنقع للقوات الروسية، وتتحول الحرب إلى حرب شوارع تُشارك فيها القوات الأوكرانية والمدنيين والمتطوعين للقتال، مما يتسبب في خسائر بشرية ومالية كبيرة مستمرة لروسيا من شأنها أن تُفاقم أزمتها وقد تضطر القوات الروسية فى نهاية المطاف إلى الانسحاب مثلما حدث لها في أفغانستان عام 1989.

• هذا إلى جانب احتمالات اتساع دائرة المعارك إلى أبعد من الحدود الأوكرانية عقب إمداد الغرب أوكرانيا بالأسلحة وهو ما اعتبره بوتين عدوانا يتطلب الرد، وقد يُنذر بحرب مع حلف الناتو حال دخول قوات روسية دول أعضاء فى حلف الناتو مثل دول البلطيق.

ثانيا: سيناريو حرب قصيرة تنتهي بالمفاوضات
في هذا السيناريو تُكثف روسيا عملياتها العسكرية، ويصل طرف الصراع المباشر المتمثل فى أوكرانيا إلى مرحلة لا يستطيع بعدها المقاومة، مما يضطره إلى الدخول في مفاوضات مباشرة مع روسيا. فمع تردي الأوضاع يمكن أن تصل كييف وموسكو إلى اتفاق تهدئة، ولكن ثمة صعوبة للوصول إلى اتفاق مع موسكو بسبب الشروط التى تُصر عليها والمتمثلة في نزع السلاح والحياد الدستوري لأوكرانيا ، فضلاً عن قبول ضم روسيا لشبه جزيرة القرم والاعتراف بمناطق دونباس التي تحتلها روسيا كدول مستقلة. هذا من شأنه أن يعادل الاستسلام غير المشروط وهو يعني أن كييف تلقت هزيمة مباشرة.
وبحسب هذا السيناريو، قد يتم استبدال الحكومة فى أوكرانيا بنظام موال لموسكو، وتعلن روسيا انتصارها في الحرب وتسحب بعض القوات وتترك ما يكفي منها للحفاظ على بعض السيطرة، وهنا يفرض بوتين إملاءاته ومطالبه على أى مائدة للحوار.

وتجدر الإشارة إلى أنه منذ بداية العملية العسكرية الروسية، أُجريت ثلاث جولات من المفاوضات، في 28 فبراير و3 و7 مارس على أراضي بيلاروسيا، بهدف وضع حد للحرب وإقامة ممرات إنسانية للسماح بالمرور الآمن للمدنيين ولتقديم مساعدات إنسانية، وفي تصريح للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 8 من مارس يظهر خيبة الأمل الأوكرانية من دور الغرب تجاها بلاده أثناء الحرب، أعلن أن أوكرانيا لم تعد مهتمة بالانضمام للناتو الذي يخشي المواجهة مع روسيا مع تحميل الغرب مسئولية وفاة الأشخاص في أوكرانيا لرفضه توفر المقاتلات أو منظومات الدفاع الجوي.

وقد يأتي هذا السيناريو في ظل إدراك أطراف الصراع أن ثمن الحرب الشاملة باهظًا وأن قوة التحمل الاستراتيجية قد لا تكون لدى بعض الدول الأوروبية خاصة وأن اقتصادياتهم لم تتعافي بعد من آثار جائحة كورونا، في حين أن الاقتصاد الروسي أكثر مرونة وأقل اعتمادًا على الغرب مقارنة بعام 2014 منذ أن فرضت عليها عقوبات في أعقاب ضم شبه جزيرة القرم علاوة على مطالب الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي للأعضاء.

يستند هذا السيناريو إلى عدد من الاحتمالات منها:
• قد تتصاعد حدة الحرب الروسية الأوكرانية ويزداد القصف المدفعي والصاروخي وتشن القوات الجوية الروسية غارات مدمرة، ويفرض الجانب الروسي سيطرة كاملة على عدة بلدات، ويعلن سقوط العاصمة كييف، وسط تدمير كبير للبنى التحتية العسكرية الأوكرانية.
• لا تعتمد روسيا في أوكرانيا على اتباع استراتيجية الحرب التقليدية فحسب، بل تشن هجمات سيبرانية وإلكترونية واسعة النطاق لإلحاق أكبر ضرر بشبكة الاتصالات ومؤسسات الدولة العسكرية والمدنية بأوكرانيا.
• استجابات محدودة للغاية من قبل الغرب للنداءات الأوكرانية بمدها بالأسلحة والمعدات والذخيرة لصد تقدم القوات الروسية، والتى جاءت فى الحدود التى توقعتها موسكو.
• استسلام عدد كبير من الجنود الأوكرانيين، لاسيما وأن أعدادهم آخذة في الازدياد.

ويمكن ترجيح سيناريو الحرب الطويلة والشاملة ولكن ليس مع أوكرانيا بل مع حلف الناتو والاتحاد الأوروبي ، فمع زيادة الضغط العسكري الروسي قد يجبر النظام الأوكراني على الاستسلام ، ولكن الوجود الروسي الدائم أو الاحتلال الجزئي في أوكرانيا سيشكل أيضًا “خطرًا أمنيًا هائلاً” على الناتو مما يشير إلى استمرار التصعيد بين موسكو والناتو.

تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية:
1- النظام العالمي :
كشفت الحرب الروسية الأوكرانية عن تحولات هيكلية في النظام العالمي مابعد الحرب الباردة، إذ لم يعد للولايات المتحدة الأمريكية الهيمنة المتفردة على النظام بل باتت هناك قوى دولية أخرى قادرة على الدفاع عن مجالها الحيوي وفرض إرادتها. وبالنظر إلى وجود تفهم صيني كامل للموقف الروسي والاعتراف المتبادل بمجالهما الحيوي، قد يترتب عليه تغييرات في توازنات القوى العالمية والإقليمية ومايتبعه من مراجعة لترتيبات الأنظمة الأمنية. وباستراتيجية مماثلة في التعامل مع الصين، يسعى الغرب إلى استنزاف طاقات روسيا في أوكرانيا اقتصادياً وعسكرياً وفرض عقوبات دولية عليها، لتعطيل الصعود الروسي، خاصة وأن تشكيل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب سيحرم الولايات المتحدة من الانفراد برسم السياسة العالمية، فتعدد الأقطاب يجر العالم إلى استقطابات وتسويقات سياسية واقتصادية وثقافية والتى من شأنها تشكيل تحالفات وتحالفات مضادة، والتى قد تستفيد منها بعض الدول نتيجة تفهم أحد القوى الدولية لحاجات وتطلعات الشعوب أو تضعها رهن المقايضات الإقليمية والدولية، لذا يميل الكثير من الدول إلى إقامة علاقات متوازنة مع القوى الدولية مما يتيح التواصل مع كافة القوى الدولية .

2- النظام الأوروبي الإقليمي :
قد تخرج روسيا من هذه الأزمة أكثر جرأة وإن كانت أقل قوة بعدما استطاعت تحقيق أهدافها، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد تأخذ زمام المبادرة في تعزيز أمن أوروبا على المدى القصير، إلا أن الدول الأوروبية ستضطر في النهاية إلى تحمل وطأة هذا الجهد وقد تُعيد طرح إنشاء جيش أوروبي وبذلك يستطيع الاتحاد الأوروبي القضاء على جذور فشله بعقد اتفاقية أمنية تغطي نصف الكرة الشمالي بأكمله، وهو ما يعتقده مدير المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية مارك ليونارد حيث قال إن هجوم موسكو سيوحد دول الاتحاد الأوروبي المنقسمة في تصميم مشترك للدفاع عن أمنها.

3- خلق موجة لاجئين جديدة:
بفرار أكثر من 2.2 مليون شخص من أوكرانيا وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين وجد معظمهم مأوى في بولندا والمجر وسلوفاكيا، تُشير أحدث التقديرات الصادرة عن وكالات المعونة التابعة للأمم المتحدة إلى أن عدد اللاجئين قد يصل على الأرجح إلى أربعة ملايين بحلول نهاية الحرب، وهو ما يمثل حوالي 10 % من سكان أوكرانيا. كما نزح مئات الآلاف من الأوكرانيين إلى مدينة لفيف غربي أوكرانيا منذ بدء الغزو، مما شكل ضغطًا كبيرًا على موارد المدينة، حيث توالت النداءات باتخاذ إجراءات فعالة لتمكين جميع المدنيين من مغادرة المناطق المتضررة من النزاع بأمان ومحاولة تقديم الدعم سواء للنازحين داخليًا أو مساعدات للدول المستقبلة في جميع أنحاء أوروبا، مما يُشكل ضغوطا اجتماعية واقتصادية، على بعض الدول الأوروبية المجاورة، مثل مولدوفا، إحدى أفقر الدول الأوروبية.

4- الأوضاع الاقتصادية لأطراف الصراع:
تعاني أوكرانيا من أضرار اقتصادية كبيرة جراء الحرب الروسية، حيث كشفت وزارة الاقتصاد الأوكرانية عن حجم الخسائر، وقالت إنها تجاوزت 119 مليار دولار حتى العاشر من مارس، كما أن عجلة الإنتاج شبه متوقفة حيث إن نحو 75% من الشركات في مناطق القتال توقفت عن العمل علاوة على إغلاق الموانئ البحرية والمطارات وتدميرها، وتدمير العديد من الطرق والجسور.

أما فيما يخص الاقتصاد الروسي، أظهر تحليل أجراه معهد التمويل الدولي أن الاقتصاد الروسي سينكمش في العام 2022 بنحو 15% بسبب شدة العقوبات المفروضة بعد العملية العسكرية في أوكرانيا وزيادة الأسعار وهروب الشركات الأجنبية ، كما خفضت توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لروسيا للعام 2022 بمقدار 18 نقطة مئوية، بعد أن كان يتوقع في السابق نموا نسبته 3% . وبشكل عام تتباين تقديرات التأثير قصير المدى على النمو الاقتصادي لروسيا بشكل كبير لأن من المتوقع فرض المزيد من العقوبات عليها .

والجدير ذكره هنا أنه طبقا لمؤشرات المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة المتحدة، فإنه وبشكل عام من المتوقع تراجع الناتج المحلى الإجمالي للعالم بنسبة 1% بحلول العام 2023 بما قيمته 1 تريليون دولار، وارتفعت معدلات التضخم عالميا بنحو 3 نقاط مئوية فى العام 2022 ونقطتين مئويتين فى العام 2023. كما تأثرت سلاسل الإمداد من بعض المعادن مثل الحديد والتيتانيوم والبلاديوم، مما قد يُحدث آثارا سلبية من المتوقع أن تمتد إلى الصناعات المرتبطة بتلك المعادن مثل صناعة السيارات والهواتف الذكية والطائرات.

5- انتشار التسليح في أوكرانيا:
أكدت عديد من التقارير أن السلاح أصبح متوفرا للمدنيين، الأمر الذي يُفاقم من مخاطر اتساع دائرة العنف فى المدن الأوكرانية. وفى خطوة مثيرة للجدل، دعا الرئيس الأوكراني إلى تسليح المدنيين الأوكرانيين، حيث غرد عبر تويتير قائلا: ” سنقدم أسلحة للجميع الذين يريدون الدفاع عن الوطن. استعدوا لدعم أوكرانيا فى ميادين المدن،” كما سن البرلمان الأوكراني قانون من شأنه أن يسمح للجيش بتسليح المليشيات المحلية. ومن جانبه، قال وزير الداخلية الأوكرانية فى رسالة بالفيديو إن المتطوعين فى كييف وحدها قد حصلوا على أكثر من 25 ألف بندقية آلية، وحوالة 10 مليون رصاصة وقاذفات صواريخ وقذائف.

وهنا نشير إلى أنه وفقًا للقانون الدولي الإنساني يتمتع المدنيون بما يعرف بالحصانة المدنية -لا يجوز استهدافهم من قبل أطراف النزاع، طالما أنهم يمتنعون عن المشاركة بشكل مباشر في الأعمال العدائية، مما يعني أنه إذا شارك المدنيون بشكل مباشر في الأعمال العدائية، فهم عرضة للاستهداف طالما أنهم يشاركون بشكل مباشر علاوة على عدم منحهم حماية المقاتلين وأسرى الحرب .

وقد يُطيل إغراق أوكرانيا بالأسلحة أمد حرب كان من الممكن أن تنتهي بسرعة أكبر في ظل تسوية تفاوضية علاوة على ذلك تحولها إلى أكبر أسواق تهريب الأسلحة في أوروبا وفق مؤشر الجريمة المنظمة العالمي، الأمر الذي أدى إلى انتشار الآلاف من القنابل اليدوية والصواريخ والألغام الأرضية في جميع أنحاء البلاد.

هذا وقد وجد مؤشر الجريمة المنظمة العالمي أن دور أوكرانيا كحلقة وصل رئيسية في تجارة الأسلحة العالمية قد نما فقط منذ احتدام الصراعات في شرق أوكرانيا في السنوات الأخيرة، ففي 28 فبراير وحده ، على سبيل المثال، تعهدت فنلندا بتسليم 2500 بندقية هجومية، و150.000 خرطوشة لتلك البنادق ، و 1500 قطعة سلاح مضادة للدبابات أحادية الطلقة ؛ تبرعت النرويج بما يصل إلى 2000 قطعة سلاح مضادة للدبابات من طراز M72 ؛ أعلنت كرواتيا أنها سترسل ما قيمته 18 مليون دولار من البنادق والمدافع الرشاشة.

الأمر الذي يحتم على وكالة التعاون الأمني الدفاعي (DSCA) تنفيذ اتفاقية مراقبة الاستخدام النهائي للمواد الدفاعية وخدمات الدفاع” التي تلبي المعايير المتفق عليها للمبيعات العسكرية الأجنبية وتساعد في تحديد الجريمة المنظمة وشبكات التحويل وسيساعد السلطات الأوكرانية في جهود الإنفاذ والتحقيقات المستمرة.

6- استقبال المرتزقة:
تعد المرتزقة أحد أعمدة الصراعات والحروب بالوكالة.. فلم يقتصر الأمر على تسليح وتجنيد المدنيين، بل تجاوزت الدعوات إلى استقطاب واستدعاء مقاتلين أجانب حيث أشار وزير الخارجية الأوكراني إلى” وجود قرابة 20 ألف مقاتل أجنبي ينحدرون بشكل أساسي من دول أوروبية، ” وهي خطوة تستهدف جر الجيش الروسي إلى حرب مدن وشوارع لتحييد القدرة الجوية والصاروخية، والدخول في حرب طويلة تستنزف روسيا وتغرقها في مستنقع جديد، وقد يكون هذا السيناريو هو ذاته الذي تريده الولايات المتحدة؛ كونها أكثر الراغبين فى إضعاف موسكو، وفي المقابل توالت الاتهامات الأمريكية بتجنييد روسيا لبعض السوريين من ذوي الخبرة في حرب العصابات والشوارع.

ختامًا:
تُعد الحرب الروسية الأوكرانية ماهي إلا أحد إرهاصات النظام العالمي الجديد التى بدأت بالظهور منذ سنوات مضت فقد نشهد مقاومة غربية لمنع هذا التحول، وقد يتأخر بعض الشيء ولكن تغيير النظام العالمي سيحدث لامحالة ويُنذر بحقبة من “عدم الاستقرار العالمي على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والتى ستفرض صعوبات وتحديات اقتصادية غير مسبوقة لها تداعياتها على حياة الشعوب، الأمر الذي يُحتم على الحكومات اتخاذ التدابير والسياسات المتوازنة التى تحقق مصالح شعوبها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى