الملخص التنفيذي:
في إطار استعداد الحكومة، لإرسال مشروع ربط الموازنة العامة وخطة التنمية للدولة للعام المالي الجديد 2022/2023 إلى مجلس النواب، قبل حلول 31 مارس 2022، وذلك وفق الموعد المحدد دستوريًا .. تتبادر تساؤلات بشأن مدى تأثير التطورات العالمية على مستهدفات الموازنة، التي لم تعد مجرد بيان مالي يتضمن النفقات والإيرادات العامة، إنما هي خريطة تحمل البرامج والخطط التي تنوي الدولة تنفيذها كجزءٍ من السياسة العليا لها في ظل الظروف العالمية المضطربة الناجمة عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التى تأتي بالتزامن مع عدم التعافي بعد من التداعيات السلبية لجائحة كورونا.
وبناءً عليه؛ يقدم المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” قراءة استشرافية لملامح الموازنة العامة للدولة في العام المالي القادم 2022/2023، في ضوء التحديات المحلية والدولية، إذ تتمثل المخاطر الدولية فى تطورات واقع الاقتصاد العالمي وزيادة المخاطر المحتملة، وتتمثل التحديات المحلية فى معضلة المالية العامة ما بين الوفاء بالمتطلبات الاجتماعية والتصحيح الهيكلى، الأمر الذي يتطلب مزيد من الجهود نحو صياغة إطار شامل للسياسات الاقتصادية في ضوء النظام العالمي الجديد.
لذا يوصي التقرير بتعزيز اللامركزية في الإنفاق والموازنة؛ بحيث تعمل مؤسسات الجهاز الإداري للدولة بخَلْق موارد مالية خاصة للإنفاق بخلاف مخصصات الموازنة العامة عبر تشكيل صناديق خاصة تقوم بالاستثمار تُدر عائدًا مجزيًا للجهة المعنية، بما يحد من مخصصات بند شراء السلع والخدمات التي مثَّلت 6% من المصروفات العامة، وكذلك منح العديد من الحوافز التي تحفز وتشجع من عمليات وصفقات الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، بما يصب في صالح خفض مخصصات الاستثمارات في الموازنة، والتي شكَّلت 21% من مخصصات الإنفاق العام في العام المالي الحالي.
فضلاً عن تحديد نهج أسقف الإنفاق العام بما يدعم كفاءة تخصيص الموارد المالية للدولة ويسهم فى تغطية الاستخدامات العامة ومن ثم الحفاظ على الفوائض الأولية بالموازنة العامة للدولة وهو ما له انعكاس جيد على نمو الدين العام.
أولًا: واقع الاقتصاد العالمي والمخاطر المحتملة الخارجية:
يعاني الاقتصاد العالمي من أزمة متعددة الأسباب والأطراف، بداية من جائحة كورونا وارتفاع التضخم العالمي والاضطراب في إمداد سلاسل التوريد والزيادة في تكلفة الشحن وزيادة الأسعار، بالإضافة إلى الحرب الروسية الأوكرانية، بما جعل الاقتصاد العالمي أسيرًا لمخاطر عدة تلقي بتأثيرها على الاقتصاد المصري ومستهدفات الموازنة العامة للدولة، نذكر منها:
توقع تراجع معدل النمو الاقتصادي العالمي:
رغم خفض صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر في يناير 2022 تقديره لمعدل نمو الاقتصاد العالمي في عام 2022، عند 4.4%؛ أي بتراجع 0.5% عن تقديره السابق قبل أشهر عند 4.9%، من المتوقع ألا يكون ذلك الخفض الأخير؛ حيث تشير التوقعات إلى تراجع النمو بمعدل 1%؛ نظرًا لتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، وتدهور مؤشرات البورصات العالمية وسط موجات بيع كبيرة وارتفاعات تكاليف الإنتاج نتيجة الارتفاعات القياسية في أسعار النفط العالمي والعديد من المواد الخام، وهو ما يعني تراجع سرعة العودة إلى وتيرة النشاط الاقتصادي الطبيعي ما قبل كوفيد_19. فوفقًا للتقييمات الأولية، سيتكبد الاقتصاد العالمي خسائر تُقدَّر بنحو تريليون دولار، في شكل انكماش الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحوالي 1% بنهاية عام 2022، مع زيادة التضخم العالمي بنحو 3 نقاط مئوية خلال هذا العام.
حركة التجارة الدولية:
معاناة الاقتصاد العالمي من اختناق سلاسل الإمداد والتوريد، على خلفية ارتفاع أسعار السلع المتداولة، بجانب ارتفاع تكلفة وقود سفن الشحن البحري الذي يمثل 90% من طرق نقل التجارة الدولية، وتضاعف أسعار نوالين الشحن وتكاليف تأجير السفن، هذا إلى جانب صعوبة تسوية المعاملات التجارية مع روسيا التي تتصدر كبرى مصدري النفط والغاز والحبوب حول العالم، يُؤثر على حصيلة الإيرادات العامة من كل من قناة السويس والضرائب الجمركية والضرائب على الواردات؛ حيث يقدر الأثر المالي لكل انخفاض (ارتفاع) بمقدار 1% في النمو السنوي لحركة التجارة العالمية على إجمالي ما يؤول للخزانة من إيرادات قناة السويس بنحو 2%.
أسعار الفائدة العالمية وتكلفة الدين:
توجهات البنوك المركزية العالمية لرفع أسعار الفائدة؛ لمواجهة معدلات التضخم التي أصابت دول العالم، والتي كانت أكثرها تأثيرًا رفع البنك الفيدرالي الأمريكي، سعر الفائدة الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية، وذلك للمرة الأولي منذ عام 2018. وتوقع المركزي الأمريكي، أن تكون الفائدة في نطاق من 1.75% و2% بحلول نهاية عام 2022، مقابل صفر% منذ بداية أزمة كوفيد_19؛ حيث اعتبر صانعو السياسة النقدية بالبنك المركزي الأمريكي أنهم سيدرسون تسريع وتيرة زيادات أسعار الفائدة هذا العام إذا لم يبدأ التضخم المرتفع بالانحسار، ومن المعلوم أن لهذا الأمر تداعيات سلبية على الاستثمارات الحافظة في أدوات الدين المصرية؛ حيث تجذب العوائد المرتفعة رأس المال الاستثماري من المستثمرين في الخارج الباحثين عن عوائد أعلى على السندات ومنتجات أسعار الفائدة، مقابل بيع المستثمرين استثماراتهم المقومة بعملاتهم المحلية مقابل استثمارات مقومة بالدولار الأمريكي، والنتيجة هي سعر صرف أقوى لصالح الدولار الأمريكي، وبالتالي ارتفاع تكلفة الدين الخارجي المصري؛ نتيجة ارتفاع قيمة الدولار وتراجع الطلب على أدوات الدين المقومة بالعملة المحلية.
الأسعار العالمية للنفط:
باعتبار أن روسيا من أكبر البلدان المُنتِجة للسلع الأولية، فقد أدت الاختناقات في سلاسل الإمداد إلى ارتفاع الأسعار العالمية بصورة حادة، ولاسيما أسعار النفط والغاز الطبيعي .. فإنه وفقًا للافتراضات الاقتصادية لوزارة المالية، فإن أي تغير بنحو 1 دولار للبرميل عن السعر المقدر في الموازنة سيؤوي على العجز الكلي المُستهدف، وفي ظل ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمي لقرابة 130 دولار للبرميل في الأسبوع الثاني من مارس 2022، فإن ذلك يعني مزيدًا في العجز الكلي بالموازنة؛ حيث تعتمد مصر على تلبية حصة كبيرة من احتياجاتها من النفط عبر الاستيراد.
أسعار الحبوب في السوق العالمية:
في ظل اعتبار مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، فإن أسعار القمح في السوق العالمية أمر مهم في تقديرات الموازنة العامة، ونجد أنه منذ بداية الأزمة الأوكرانية، شهدت أسعار القمح ارتفاعًا حادًا بنسبة بلغت 40% لتصل إلى 396 دولار للطن، وهو أعلى مستوى لها منذ 14 عامًا، فيما ارتفعت أسعار الذرة بنسبة 21%؛ نتيجة لتعطل حركة الصادرات الزراعية في دول الصراع. ومن المتوقع حدوث زيادات إضافية في تكلفة الغذاء على المستوى العالمي، خاصة مع ارتفاع أسعار الأسمدة مع زيادة أسعار الغاز الطبيعي، واحتمالية تعطل إمدادات الأسمدة من روسيا..الأمر الذى يعني ارتفاعًا في مُخصَّصات الدعم السلعي فى الموازنة الجديدة نتيجة ارتفاع مُخصَّصات دعم الخبز.
ثانيًا: إشكاليات الاقتصاد المحلي على الموازنة العامة للدولة:
هناك عدد من المؤشرات التي تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مستهدفات الموازنة العامة للدولة، ويمثل أي تغيير بها تغييرًا في مستهدفاتها، وهي:
1) سعر الصرف:
أي تحرُّك في سعر الصرف (صعودًا أو هبوطًا) عند وقت تنفيذ الموازنة عن السعر السائد وقت إعداد الموازنة سيؤثر على عدة بنود بالموازنة، فمثالًا تحرك سعر الصرف بمقدار 50 قرشًا، سيؤثر سلبًا (إيجابًا) على الفائض الأولي المستهدف بقيمة 2 مليار جنيه؛ أي بنحو 0.04% من الناتج المحلي.
واتصالًا مع ذلك، فقد خفَّض البنك المركزي المصري سعر صرف الجنيه مقابل الدولار بمعدل 16%، ليصل إلى 18.27 جنيهًا، مقابل بيع دولار واحدة، و18.17 جنيهًا مقابل شراء دولار واحد، بداية من 21 مارس 2022، فيما كانت الأسعار مستقرة عند 15.75 جنيهًا للدولار للبيع، و15.66 جنيهًا للدولار للشراء.
2) أسعار الفائدة المحلية:
في ظل موجة التضخم المستورد والتوجهات العالمية نحو سياسات نقدية انكماشية؛ لسحب السيولة بالأسواق والحد من التضخم، لجأ البنك المركزي لرفع سعر الفائدة بنحو 100 نقطة في اجتماع استثنائي عُقِدَ في 21 مارس 2022، بعد سنوات من التثبيت، وهو ما يؤثر على فوائد الديون بالموازنة العامة؛ حيث إن الزيادة (الانخفاض) في أسعار الفائدة المحلية بنحو 100 نقطة (1%)، مقارنة بما هو مستهدف بمشروع الموازنة، سيكون نتيجة ذلك زيادة (انخفاض) فاتورة خدمة دين أجهزة الموازنة العامة بنحو 10 – 12 مليار جنيه سنويًا.
3) التضخم:
في ظل معاناة مصر من أزمة تضخم مستورد؛ حيث قدر معدل التضخم في فبراير 2022 بنحو 10%، وهو ما تجاوز المعدل المستهدف المقدر بـ 7% (±2) حتى الربع الرابع من العام 2022، وهو ما أثر على مستوى رفاهية الأفراد، والتكلفة الإنتاجية للمُصنِّعين، لذا سعت إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية بقيمة ١٣٠ مليار جنيه؛ للتعامل مع تداعيات التحديات الاقتصادية العالمية، وتخفيف آثارها على المواطنين، وقد تنوَّعت بين تبكير زيادات المرتبات والمعاشات، بل ورفع نسبتها من 10% إلى 13%، مع زيادة المستهدفين من برامج تكافل وكرامة، بجانب قرار سابق برفع سعر توريد القمح المحلي للمزارعين؛ لتأمين المخزون الاستراتيجي الكافي؛ حيث ارتفع سعر طن القمح في مصر بنحو ألف جنيه للطن، ليتراوح ما بين 6 آلاف إلى 6500 جنيه؛ لذا قررت الحكومة رفع إجمالي أسعار التوريد، شاملة الحافز الاستثنائي قيمة 65 جنيه. وهو ما يضغط على مخصصات الإنفاق العام، في مقابل رفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة ٢٥% من ٢٤ إلى ٣٠ ألف جنيه، بما يمثل مبالغ مستقطعة من الإيرادات العامة للدولة التي تعتمد على الإيرادت الضريبية بنسبة تتخطى الـ 80%. وكذلك تثبيت سعر الدولار الجمركي عن 16 جنيهًا للدولار؛ بهدف خفض تكلفة الاستيراد على المُنتِجين المحليين.
ثالثًا: المستهدفات العامة للموازنة للعام الحالي والقادم .. وإمكانات التحقيق:
في ظل تطوير أساليب إعداد تنفيذ الموازنة العامة للدولة عبر تطبيق موازنة البرامج والأداء لمراقبة فاعلية الأداء؛ بهدف تعظيم العائد على المصروفات، وتحقيق أكبر استغلال ممكن لموارد الدولة، بما يحقق أكبر نفع للمجتمع، كشفت وزارة المالية في وقت سابق من العام 2022 عن المؤشرات الأولية لمشروع موازنة العام المالي الجديد 2022/2023، والتي تستهدف إرساء دعائم الانضباط المالي، واستدامة مؤشرات الاقتصاد الكلى .. على النحو الآتي:
الوصول بمعدلات النمو إلى 5.7% من الناتج المحلى الإجمالي، يرتفع تدريجيًا إلى ٦% في عام ٢٠٢٤/٢٠٢٥، وتحقيق فائض أولي ٢% على المستوى المتوسط 1.5% خلال العام.
خفض العجز الكلي إلى 6.1% في العام المالي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، يتراجع إلى 5.1% في عام ٢٠٢٤/٢٠٢٥.
خفض معدل الدين للناتج المحلي إلى أقل من ٩٠% في العام المالي ٢٠٢٢/٢٠٢٣، وإلى 82.5% بحلول يونيو ٢٠٢٥.
تقليل نسبة خدمة الدين لإجمالي مصروفات الموازنة إلى أقل من ٣٠%، مقارنة بمستهدف 31.5% خلال العام المالي ٢٠٢١/ ٢٠٢٢.
إطالة عمر الدين ليقترب من ٥ سنوات على المدى المتوسط بدلًا من 3.4 سنة حاليًا، من خلال التوسع في إصدار السندات الحكومية المتنوعة متوسطة وطويلة الأجل، واستهداف أدوات جديدة، مثل: الصكوك، وسندات التنمية المستدامة، والسندات الخضراء، بما يُسهم في توسيع قاعدة المستثمرين، وجذب سيولة إضافية لسوق الأوراق المالية الحكومية، على نحوٍ يُساعد في خفض تكلفة الدين.
إنفاقًا بشكل أكبر على تحسين حياة المواطنين، وتيسير سُبل العيش الكريم؛ بحيث تكون الأولوية في «الجمهورية الجديدة» للبرامج الفعَّالة في الصحة والتعليم، باعتبارهما الركيزة الأساسية لبناء الإنسان المصري، وتعزيز دعائم الاستثمار في رأس المال البشري؛ حيث تضمنت خطة الاستثمارات الحكومية خلال العام المالي 22/2023، تنفيذ العديد من المشروعات التنموية والخدمية في مختلف القطاعات، ومنها ما يتعلق بقطاعات الصحة، والتربية والتعليم، والإسكان، والنقل، والزراعة، والاتصالات، والشباب والرياضة .. وغيرها من القطاعات الحيوية، هذا إلى جانب المخصصات التي سيتم توجيهها خلال هذا العام لاستكمال تنفيذ مشروعات المبادرة الرئاسية «حياة كريمة».
فيما كانت مستهدفات موازنة العام المالي 21/22 توقعت حدوث تحسن مؤشرات المالية مدفوعة بتزايد النمو السنوي للإيرادات، والبالغ 22.2% عن معدل نمو المصروفات، والبالغ 13.8%، وهو ما ساهم في تضييق الفجوة بينهما؛ حيث تستهدف وزارة المالية تحقيق نسبة معدل دين أجهزة الموازنة العامة بنحو 89.5% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيو 2022، وهو ما يتطلب تحقيق فائض أولي قدره 1.5% من الناتج، وبافتراض نمو اقتصادي قدره 5.4%، وهو ما سيسمح بخفض العجز الكلي للموازنة إلى 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي بدلًا من 7.7% متوقع عام 20/21، وعجز كلي بلغ 12.5% في العام 15/16.
ولكن في ظل التحديات العالمية ومردودها على الاقتصاد المحلي في صورة ارتفاعات سعرية للغذاء والطاقة، وكذلك أسعار الفائدة .. يؤثر ذلك فى اتساع عجز الميزان التجاري، وارتفاع في عجز الموازنة، ورفع تكاليف الاقتراض من الأسواق العالمية، مما يضع ضغوطًا على مصر في تأمين تمويلات من الأسواق الدولية، وارتفاعات جديدة فى التضخم، وبالتالي صعوبة في تحقيق المستهدفات السابقة للموازنة.
ولم يتوقف الأمر على موازنة العام المالي القادم، فهناك صعوبة في تحقيق مستهدفات العام المالي الحالي برغم مجيء مؤشرات الأداء المالي في النصف الأول من العام المالي الجاري مطمئنة؛ حيث سجل متوسط معدل النمو 9% في أعلى معدل منذ أكثر من 20 عامًا، وتراجع البطالة إلى 7.4% في الربع الثاني نتيجة للتوسع في المشروعات التنموية، وذلك يرجع إلى نظام برنامج الإصلاح الاقتصادي، وخفض عجز الموازنة 50% خلال الـ 5 سنوات الماضية مستهدفًا الوصول بعجز الموازنة إلى 6.7% أو أقل في نهاية العام المالي يونيو 2022 مقابل 7.4% العام الماضي.
لكن في ظل الأزمة العالمية التي بدأت بوادرها منذ النصف الثاني من العام المالي الحالي، يصعب الحفاظ وتحقيق تلك المستهدفات؛ حيث يظل عجز الموازنة أزمة يصعب حلها في الأجل القريب والمتوسط في ظل تواصل الأزمات ؛ حيث سبق ورفعت الحكومة المصرية توقعاتها لعجز الموازنة في السنة المالية الحالية 2021/2022 إلى 6.9%، من توقعاتٍ سابقة عند 6.7%. وبلغ عجز الموازنة في 2020/2021 نسبة 7.4%. ومن المتوقع أن ترتفع توقعات العجز في ظل استمرار أزمة سلاسل التوريد. وذلك يتطلب العمل على:
1) الإيرادات العامة .. حتمية رفع نسبة الإيرادات غير الضريبية:
قُدِّرَت الإيرادات العامة بمشروع موازنة 21/22 بنحو 1365 مليار جنيه، بزيادة تقدر 76.4 مليار جنيه عن العام 20/21، بزيادة قدرها 5.9%، وتمثل الضرائب ما نسبته 72% من إجمالي الإيرادات العامة، تليها الإيرادات الأخرى بنسبة 27.9% من الإيرادات؛ أما المنح فنسبتها 0.1% من الإجمالي.
وفي ظل ارتباط الإيرادات الضريبية بالنشاط الاقتصادية، لا بد من استهداف تنويع مصادر الإيرادات غير الضريبية، عبر تعظيم العائد على أصول الدولة من أرباح شركات القطاع العام وفوائض الهيئات الاقتصادية؛ مع تفعيل توصية لجنة الخطة والموازنة أثناء مناقشة البيان الختامي 2019/2020، بأن تقوم وزارتا المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بدراسة أوضاع الهيئات العامة الاقتصادية الخاسرة، كل هيئة على حدة، وتحديد المشكلات وأسباب الخسائر ووضع الحلول المناسبة لها.
2) المصروفات العامة .. تعزيز اللامركزية وشراكة القطاع الخاص:
هناك زيادة في المصروفات العامة عن العام 20/21 بقيمة 124.5 مليون جنيه؛ حيث بلغت 1837 مليار جنيه، ومن المتوقع تخطيها حاجز التريليونين جنيه، مدفوعةً بالزيادات المرتبطة بحتميات الأجور والمعاشات والعلاوات ومخصصات الحماية الاجتماعية، وكذلك الزيادة في مدفوعات الفوائد مع رفع الفائدة.
وفي ظل ارتفاعات أسعار السلع، والطاقة عالميًا التي ستمتد تأثيراتها للمستهدفات الموضوعة بالموازنة، يوصي بالتوسع السلعي في عقود التحوط التي تحمي مصر من تذبذبات الأسعار بالسوق العالمية.
3) الأصول المالية .. سرعة معالجة خسائر شركات القطاع العام:
هناك عجز في الأصول المالية؛ حيث قدرت حيازتها بنحو 30.292 مليون جنيه، وتتضمن مساهمات الخزانة العامة في بعض الهيئات الاقتصادية التي تعاني خللًا في هياكلها التمويلية، وهي صاحبة الحصة الكبرى، وكذلك مساهمات الخزانة في إصلاح المراكز التمويلية لبعض الشركات، فضلًا عن قروض ممنوحة لبعض الجهات، ويتم توزيعها على النحو التالي:
مقابل متحصلات من مبيعات الأصول المالية تُقدَّر بنحو 27.4 مليار جنيه، ومن هذه المتحصلات أقساط مُحصَّلة من شركات قطاع الأعمال العام بنحو 7.8 مليارات جنيه وأقساط مُحصَّلة من الهيئات الاقتصادية بنحو 2 مليار جنيه، وأقساط مُحصَّلة من أجهزة الموازنة العامة للدولة (القروض المُعاد إقراضها) بنحو 5.7 مليارات جنيه، والأقساط المُحصَّلة من الجهات الأخرى بمبلغ 2.3 مليار جنيه.
وهو ما يتطلب تسريع تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، بما يحقق إنعاشًا لسوق المال بضخ شركات جديدة، وكذلك رفع عبء تلك الشركات عن الخزانة العامة للدولة.
محصلة القول:
لا شك في أن القرارات الأخيرة، والتي اتخذتها الحكومة المصرية، تكشف عن وجود خطة لإدارة الأزمة وتجاوزها بأقل التكاليف عن السحب من مخصصات الاحتياطي العام للموازنة، بما يطمئن على الالتزام باستعادة المسار النزولي للدين العام، عبر خفض نسبة العجز الكلي للناتج، وتحقيق فوائض مالية أولية، وكذلك إطالة آجال أدوات الدين؛ بحيث يتم الالتزام بألا تقل نسبة صافي الإصدارات ذات استحقاقات طويلة الأجل عن 70% من إجمالي الإصدارات خلال العام، بجانب العمل على جَعْل الدين بالعملة المحلية مؤهلًا للتسوية، من خلال منصة يوركلير.