أوراق بحثيةالإصداراتتقاريررئيسيعاجلغير مصنف

فى يومه العالمي..حقائق وأرقام هامة عن مرض التوحد

مصابو التوحد يمتلكون قدرات خاصة والدولة تسعى لتمكينهم

فى الثانى من إبريل من كل عام تحتفل دول العالم باليوم العالمي للتوعية بمرض التوحد، وهو اليوم الذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى ديسمبر  2007 بهدف تشجيع الدول الأعضاء على اتخاذ المزيد من الإجراءات التى تسهم فى رفع الوعى حول الأشخاص الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد ، ودعم البحث لإيجاد طرق جديدة لتحسين العافية والاندماج.

يأتى احتفال هذا العام الذى يحمل شعار “التعليم الجيد الشامل للجميع”  فى إطار تعزيز جمعية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الأشخاص ذوى الإعاقة – بما فيهم مرضى التوحد – والتأكيد على مدى أهمية تعزيز التعليم الجيد والشامل للأشخاص في طيف التوحد حتى يتمكنوا من تحقيق إمكاناتهم وتحقيق النجاح المستدام في سوق العمل، والمساهمة فى خطط تنمية مجتمعاتهم على قدم المساواة مع نظرائهم من الأشخاص الأسوياء.

ومع تنامي معدل الإصابات باضطرابات طيف التوحد على المستوى المحلي والدولي، وحقيقة أنه لا يزال العديد من الأشخاص المصابين به يعيشون في عزلة يعانون فيها من التمييز ومن الانفصال عن مجتمعاتهم،  تأتى أهمية هذا التقرير الذى يرصد حقائق هامة عن مرض التوحد، ويسلط الضوء على أسبابه وأعراضه، وما إذا كان مصابي التوحد يتمتعون بقدرات خاصة ونقاط قوة تميزهم عن غيرهم، ومدى انتشاره عالميا وعربيا ومحليا، فضلا عن جهود الجمهورية الجديدة لدعم مصابيه ودمجهم فى خطط التنمية.

ما هو مرض التوحد؟

عرفت منظمة الصحة العالمية مرض التوحد على أنه “مجموعة من الاضطرابات المعقدة لنمو الدماغ، وتتسم هذه الاضطرابات بمواجهة الفرد لصعوبات في التفاعل مع المجتمع والتواصل معه”.

كما تشير منظمة الصحة العالمية إلى تباين قدرات واحتياجات الأشخاص المصابين بالتوحد ويمكن أن تتطور مع مرور الوقت، فقد يتمكن بعض المصابين بالتوحد من التمتع بحياة مستقلة، ولكن البعض الآخر يعانون من إعاقات وخيمة وبحاجة للرعاية والدعم مدي الحياة، وغالبًا ما يؤثر التوحد على التعليم وفرص العمل.

ويشير تعريف جمعية الأطباء النفسيين الأمريكية إلى أن ” التوحد ” اضطراب تطورى متعدد الجوانب يتضمن ثلاثة خصائص أساسية هى قصور فى التواصل الاجتماعى، قصور فى الاتصال واللغة، والسلوكيات النمطية المتكررة على أن تظهر هذه الخصائص قبل بلوغ الطفل عامه الثالث.

وعادة ما يصاب الشخص بأعراض التوحد فى مرحلة الطفولة المبكرة وتستمر هذه الإصابة طوال الحياة وتوثر فى سلوك الشخص وتفاعله مع الآخرين وفى كيفية تواصله وتعليمه ومشاركته فى المجتمع.

وتكمن صعوبة اكتشاف مرض التوحد فى مراحله الأولى بسبب عدم وجود أى أعراض بيولوجية يمكن استخدامها فى التشخيص، وإنما يعتمد اكتشاف الإصابة على الخصائص السلوكية فى المقام الأول.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن كلمة التوحد فى الأساس كلمة إغريقية تنقسم إلى نصفين، الأول هو  (Autism ) أى النفس أو الذات ، والنصف الثانى هو Aut   ويعنى الإنغلاق ، وبالتالى Ism  تعنى الإنغلاق على الذات (autism ) .

أسباب الإصابة بمرض التوحد

تشير أغلب الأبحاث النفسية والسلوكية إلى أنه لا يوجد سبب معين للإصابة بالتوحد لدى الأطفال، لكن هناك ملاحظات عامة يشترك فيها مصابى التوحد فى كل  دول العالم، ومنها أن أغلب المصابين من الذكور بنسب تتعدى الإناث من 3 إلى 4 مرات ، كما أن أغلب المصابين من عائلات مستواها الاقتصادى والاجتماعى مرتفع ومن دول كبرى ومتقدمة، وهو ما دفع العلماء إلى إجراء مزيد من الدراسات حول هذه الإعاقة خلصت فى أغلبها إلى أن التوحد يمكن أن يكون له العديد من الأسباب يمكن إجمالها فيما يلى :

1- أسباب نفسية: أشارت آخر الأبحاث الأمريكية إلى أن الإصابة بالتوحد يعود إلى عدم تطور ونضج ” الأنا ” خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وقد يرجع ذلك إلى المناخ النفسي القاسي الذى قد يتعرض له الطفل فى مراحل نشأته الأولى أو بسبب شخصية الأبوين غير السوية نفسيا.

2- أسباب اجتماعية: أوضحت أيضا بعض الدراسات أن أحد أسباب الإصابة بالتوحد هو إحساس الطفل بالرفض من والديه أو الحرمان العاطفى والعزلة الاجتماعية والإهمال ، فقد أشارت هذه الدراسات إلى أن الأطفال الذين يعانون من التوحد عادة ما يكونوا أبناء لأباء من مستوى تعليمى مرتفع وهؤلاء الأشخاص يهتمون بشكل كبير بأعمالهم على حساب التزاماتهم الأسرية، كما تتسم علاقاتهم بأبنائهم بالشدة والصرامة .

3- أسباب فسيولوجية: أرجع بعض العلماء الإصابة بالتوحد إلى وجود خلل فى الكروموزومات الموروثة من الأم خاصة ” الكروموزوم إكس” ، وهو ما يفسر إصابة أغلب الأطفال من الذكور ، بالإضافة إلى تناول الأم لبعض الأدوية خلال فترة الحمل خاصة أدوية الصرع، أو تعرض الجنين لبعض الفيروسات أثناء فترة الحمل أو إصابته ببعض الأمراض الجينية.

كذلك بعض الأطفال الذين يعانون حالات طبية معينة لديهم مخاطر أعلى للإصابة باضطراب طيف التوحد منها الإصابة بمتلازمة الصبغي الهش، وهو اضطراب موروث يُسبب مشاكل فكرية، والتصلب الحدبي وهو حالة تنمو فيها أورام حميدة الدماغ، ومتلازمة ” ريت ” وهي حالة وراثية تصيب الفتيات بشكل حصرى وتٌسبب تباطؤ في نمو الرأس والإعاقة الذهنية واستخدام اليدين دون هدف.

4- التاريخ العائلى : ذكرت الدراسات النفسية أن العائلة التي لديها طفلاً واحدًا يعاني اضطراب طيف التوحد يكون أكثر عرضة لولادة طفلٍ آخر مصاب بهذه الإعاقة .

وبشكل عام يمكن القول إن عدد الأطفال الذين يعانون اضطراب فى طيف التوحد فى زيادة مستمرة، وليس من الواضح ما إذا كان هذا بسبب الرصد والإبلاغ بشكل أكبر أو بسبب الزيادة الحقيقة لعدد الحالات أو كليهما معًا.

أعراض الإصابة بطيف التوحد

عادة ما يكون لكل طفل يعاني من اضطراب طيف التوحد نمطًا مميزا من السلوك، ويتراوح مستوى الخطورة ما بين  الأداء المنخفض إلى المرتفع ، وبينما يعاني بعض الأطفال المصابين بالتوحد من صعوبة في التعلم، وبعضهم لديه علامات أقل من الذكاء المعتاد ، يتراوح معدل ذكاء الأطفال الآخرون الذين يعانون هذا الاضطراب من طبيعي إلى مرتفع فهم يتعلمون بسرعة، إلا أن لديهم مشكلة في التواصل وتطبيق ما تم دراسته واستيعابه في الحياة اليومية والتكيف مع المواقف الاجتماعية، ويمكن إجمال أعراض الإصابة بالتوحد إلى قسمين:

1التواصل والتفاعل الاجتماعي

قد يعاني الشخص المصاب باضطراب طيف التوحد من مشاكل في التفاعل الاجتماعي ومهارات التواصل، بما في ذلك أي من العلامات التالية:

  • عدم استجابة الطفل عند مناداته باسمه.
  • يرفض العناق والإمساك به، ويبدو أنه يفضل اللعب بمفرده؛ أي ينسحب إلى عالمه الخاص.
  • عدم الكلام أو التأخر في الكلام، أو قد يفقد الطفل قدرته السابقة على التلفظ بالكلمات والجمل.
  • التكلم بنبرة أو إيقاع غير طبيعي؛ وقد يستخدم صوتًا رتيبًا أو يتكلم مثل الإنسان الآلي.
  • يكرر الكلمات أو العبارات الحرفية، ولكن لا يفهم كيفية استخدامها.
  • لا يعبر عن عواطفه أو مشاعره، وكأنه غير مدرك لمشاعر الآخرين.
  • لا يشير إلى الأشياء أو يجلبها لمشاركة اهتماماته كعادة الأطفال الأسوياء.
  • يتفاعل اجتماعيًا على نحو غير ملائم بأن يكون متبلدًا أو عدائيًا أو مخرّبًا.
  • لديه صعوبة في التعرف على الإشارات غير اللفظية، مثل تفسير تعبيرات الوجه الأخرى للأشخاص أو وضع الجسم أو لهجة الصوت.

2- أنماط السلوك

قد يعاني طفل أو شخص بالغ مصاب باضطراب طيف التوحد من مشاكل في الأنماط السلوكية المحدودة والمتكررة ، بما في ذلك أي من العلامات التالية:

  • يقوم الطفل بحركات متكررة، مثل التأرجح أو الدوران أو رفرفة اليدين.
  • قد يقوم بأنشطة من الممكن أن تسبب له الأذى.
  • يضع إجراءات أو طقوسًا معينة، وينزعج عندما يطرأ عليها أدنى تغيير.
  • يعاني من مشكلات في التناسق أو لديه أنماط حركية غريبة، مثل حركات غير متزنة أو السير على أصابع القدمين، ولديه لغة جسد غريبة أو متصلبة أو مبالغ فيها.
  • قد ينبهر من تفاصيل شيء ما، ولكن لا يدرك الصورة المجملة لهذا الشيء أو وظيفته.
  • قد يكون حساسًا بشكل غير عادي تجاه الضوء والصوت واللمس، وعلى الرغم من ذلك لا يبالي للألم أو الحرارة.
  • لا تشغله ألعاب التقليد أو اللعب التخيلي.
  • قد ينبهر بجسم أو نشاط ما بحماسة أو تركيز غير طبيعيين.
  • قد تكون لديه تفضيلات معينة من الأطعمة، مثل تناول القليل من الأطعمة فحسب أو رفض تناول الأطعمة ذات ملمس معين.

والحقيقة فإن نتيجة لهذه السلوكيات، قد يعاني مريض التوحد من العديد من المشكلات الاجتماعية والتواصل والسلوك خاصة إذا كان الطفل ملتحقا بإحدى المدارس التى قد يعانى فيها من التنمر والعزل الاجتماعى وعدم القدرة على التعامل باستقلالية، فضلا عن مشاكلات كبيرة فى التحصيل الدراسى والتفاعل مع أقرانه.

هل هناك علاج لمرض التوحد؟

أثبتت الأبحاث العلمية أنه لا يوجد علاج لاضطرابات طيف التوحد، إلا أن التدخلات النفسية والاجتماعية مثل معالجة السلوكيات يمكن أن تحد من مصاعب التواصل والسلوك الاجتماعي، وتؤثر تأثيرًا إيجابيًّا في الحالة الصحية والنفسية للمصابين .

كما أكدت أن احتياجات المصابين تتسم بالتعقيد وتستلزم مجموعة من الخدمات المتكاملة تشمل تعزيز الصحة والرعاية وخدمات إعادة التأهيل والتعاون مع قطاعات أخرى مثل قطاعات التعليم والعمل والرعاية الاجتماعية. ويمكن للوالدان أن يكون لهما دورًا أساسيًّا في توفير الدعم اللازم لطفلهما المصاب بالتوحد، وبمقدورهما أن يساعدا في ضمان إتاحة الخدمات الصحية والتعليمية للطفل، وأن يقدما بيئات رعاية وتحفيز لدى نموه ، كما يمكنهما المساهمة فى تزويد طفلهما بالعلاج النفسى والسلوكى.

هل يتمتع مصابي التوحد بقدرات خاصة؟

على الرغم من معاناة مصابي التوحد من صعوبات التواصل الاجتماعى واضطرابات فى الأنماط السلوكية، إلا أن الدراسات العلمية أثبتت أن لدى البعض منهم عدد من نقاط القوة والقدرات الخاصة، فقد يتمتع بعض المصابون بنسب ذكاء فوق المتوسط، وقد يكون لدى البعض الآخر قدرة كبيرة على تعلم الأشياء بالتفصيل وتذكر المعلومات لفترة طويلة، وقد يكون لديهم  قوى سمعية وبصرية خاصة، بالإضافة إلى قدرات خاصة فى التعامل مع الأرقام والرياضيات أو العلوم أو الموسيقى والفن .

ويشدد الباحثون على أن التعامل مع اضطراب التوحد هو محور أساسي لاكتشاف نقاط القوة في الطفل بدلاً من اعتباره اضطراباً يثير المخاوف، وقد أشارت معظم الدراسات بأن أطفال التوحد تتراوح مستوياتهم العقلية والمعرفية ما بين 50% ممن يعانون من اضطراب التوحد مصحوباً بإعاقة عقلية متوسطة، ويتراوح حاصل ذكائهم من 50 – 69 درجة، ويظهرون ذكاءً متوسطاً في مهاراتهم الحياتية والمعرفية، ولكن يتمتعون بقدرات فائقة وخاصة يمكن ملاحظتها وتطويرها واستثمارها.

التوحد وحقوق الإنسان

لطالما عانى الأشخاص المصابون باضطرابات طيف التوحد من الوصم والتمييز وعدم التمتع بكامل الخدمات الصحية والنفسية والتعليمية فى مجتمعاتهم، على الرغم من تأكيد كافة مواثيق حقوق الإنسان على أنه ” لجميع الأشخاص بما فيهم مصابوا التوحد الحق فى التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة النفسية والجسدية”.

ومن هذا المنطلق اعتمدت جمعية الصحة العالمية السابعة والستون في مايو 2014 قرارًا حمل عنوان “الجهود الشاملة والمنسقة المبذولة من أجل التدبير العلاجي لاضطرابات طيف التوحد” حظي بتأييد 60 بلدًا ، ويحث القرار المنظمة على التعاون مع الدول الأعضاء والوكالات الشريكة من أجل تعزيز القدرة الوطنية على التصدي لاضطرابات طيف التوحد وغيرها من اضطرابات النمو ، فيما تركز الجهود المبذولة على ما يلي ::

1- زيادة التزام الحكومات بأخذ خطوات لتحسين جودة حياة المصابين بالتوحد.

2- تقديم الإرشاد بشأن وضع سياسات وخطط عمل تتناول التوحد في الإطار الأوسع نطاقًا للصحة النفسية والعجز النفسي.

3- المساهمة في تعزيز قدرات مقدمي الرعاية والقوى العاملة الصحية لتقديم الرعاية اللائقة والفعالة للمصابين بالتوحد.

4- تعزيز البيئات الشاملة للجميع والملائمة للأشخاص المصابين بالتوحد واضطرابات النمو الأخرى.

 اضطرابات طيف التوحد عالميا وعربيا

يُصيب مرض اضطرابات طيف التوحد الملايين حول العالم، وبحسب أرقام الأمم المتحدة، فإن حوالي 1 % من سكان العالم مصابون بمرض التوحد، أي حوالي 70 مليون شخص. وتكشف الأرقام أن الذكور معرضون للإصابة بالتوحد أكثر من الإناث بمعدل 4 أضعاف ، إذ يصيب التوحد 1 من كل 37 طفلا ذكرا، و1 من بين كل 151 طفلة حول العالم.

كما تشير تقارير معهد أبحاث التوحد، إلى أن المرض بدأ ينتشر بصورة كبيرة مؤخرا؛ حيث أصبح يصيب (60) من كل 10 آلاف طفل في المرحلة العمرية (5- 11سنة)، وتعتبر هذه نسبة عالية عما كان معروفا سابقا، وهو 5 من كل 10 آلاف طفلا.

ووفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية، فإن معدل المصابين بالتوحد حول العالم أخذ في الازدياد، إذ تشير التقديرات الحديثة إلى أن متوسط معدل الانتشار العالمي يبلغ (62) لكل 10 آلاف، ويعني ذلك أن طفلا واحدا من كل 160 طفلا مصاب باضطرابات طيف التوحد. وأن أغلب نسب انتشار اضطراب طيف التوحد تُوجد في البلدان المتطورة، التي لديها قواعد بيانات واسعة وهي بلدان مرتفعة الدخل، حيث تصدر الإحصائيات عن هيئات ومجالس ومراكز بحوث علمية، ذات صلة وثيقة باضطراب التوحد.

وتشير إحصاءات المنظمة إلى أنه يوجد في الولايات المتحدة أكثر من 3 ملايين ونصف المليون شخص مصابون بالتوحد، فيما تقدر السلطات الأميركية أن 1 من كل 68 مولودا جديدا في البلاد يولدون ولديهم هذا المرض. وفي أستراليا، يقدر عدد المصابين بمرض التوحد بنحو 164 ألف شخص (1 من كل 150 شخصا)، بحسب أرقام دائرة الصحة ، غالبية هؤلاء من عمر 25 عاماً وما دون.

وعلى الرغم من اختلاف نسب انتشار المرض بين دولة وأخرى، إلا أنها تعكس مدى تقدم تلك الدول بمجال التشخيص والكشف عن اضطراب طيف التوحد، بالإضافة إلى تقديم بعض الدول مساعدات مالية لأسر الأطفال التوحديين مما ساهم فى زيادة القدرة على تشخيص هذا الاضطراب، وبالتالي توثيق الحالات بدقة.

وتشير أحدث التقارير إلى أن معدلات انتشار مرض التوحد في العالم العربي تتراوح ما بين 1.4 حالة بين كل 10 آلاف طفل في عمان، و29 حالة بين كل 10 آلاف طفل في الإمارات العربية المتحدة، وانخفضت معدلات الوفيات بين الأطفال بمنطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على مدار العقود الأخيرة بخمسة أضعاف ما كانت عليه من قبل.

وعلى الرغم من أن هذه المعدلات تعتبر أقل من مثيلاتها في البلدان المتقدمة، حيث تصل النسبة فيها إلى 39 حالة من المصابين بمرض التوحد بين كل 10 آلاف طفل، وإلى 77 حالة من المصابين باضطرابات طيف التوحد بين كل 10 آلاف طفل، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تراجع معدلات انتشار هذه الحالة في العالم العربي.

أبرز الأرقام حول مرض التوحد

  • 50 % من مصابي التوحد يعانون إعاقات ذهنية.
  • معدل الذكاء لدى 44 % من المصابين بالتوحد أعلى من المتوسط .
  • 35% منهم يتواصلون بشكل غير لفظي.
  • 18 % من الآباء والأمهات الذين لديهم طفل مصاب بالتوحد، ترتفع نسبة إنجابهم لطفل ثان مصاب.
  • 40% من الأطفال المصابين بالتوحد الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 15 سنة يتعرضون إلى التمييز والتنمر .
  • 35% من المصابين بالتوحد بين سن الثانية إلى الخامسة يعانون من زيادة الوزن
  • 16 % يعانون من السمنة المفرطة.
  • 80% من مرضى التوحد عاطلين عن العمل.

  اضطرابات طيف التوحد في مصر

نظرا لعدم وجود إحصائيات صادرة عن مؤسسات رسمية حكومية في مصر، فإنه من الصعب تحديد نسبة انتشار اضطراب طيف التوحد، وذلك لاختلاف الدراسات، واختلاف معايير التشخيص وتعدد الأخصائيين الذين درسوا هذا الاضطراب، وفقا لخلفياتهم الطبية والتربوية والنفسية والاجتماعية.

واستندت أغلب الدراسات المعنية برصد معدلات الانتشار وتطورها، إلى تقديرات نظرية تعتمد على النسب العالمية، بحيث يتم إسقاط تلك النسب على البلدان النامية، وهذا الأمر ينطبق على مصر، حيث لم تجر أي إحصائية علمية موثقة حول نسب انتشار اضطراب طيف التوحد، حيت تمثل الأعداد المعلنة فقط أعداد الأطفال المسجلين بالمراكز والجمعيات الأهلية، وهذا الرقم لا يعكس واقع انتشار اضطراب التوحد في المجتمع المصري.

ففي بيان لمنظمة الصحة العالمية عام 2014، أكدت أن  عدد المصابين بالتوحد فى مصر يُقدر بنحو 800 ألف مصابًا، وفي الوقت ذاته أعلنت إدارة الأطفال بالأمانة العامة للصحة النفسية، أن نسبة انتشار مرض التوحد في مصر تصل لـ 1% ، وفي عام 2017، أكدت وزيرة التضامن الاجتماعي هذا العدد بالإشارة إلى وجود طفل مصاب من بين كل 160 طفلًا بدرجات مختلفة من الأعراض .

ومن جانب آخر، أكدت مستشار وزير التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة أن عدد المصابين بمرض التوحد في مصر يتراوح ما بين المليون والمليون ونصف وفقاً للإحصائيات الأخيرة.

الجمهورية الجديدة وجهود دعم مصابي التوحد

لم تدخر الدولة المصرية جهدا فى سبيل دعم وحماية الأشخاص من ذوى الهمم ، فقد وضعت إطارا قانونيا وتشريعيا يضمن لهم حقوقهم وكرامتهم ، كما حرصت من خلال الأجهزة الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع على المدنى على ضمان تنفيذ هذه النصوص التشريعية بشكل يليق بالجمهورية الجديدة التى تضع جميع المواطنين على قدم المساواة فى الحقوق والواجبات ، وخاصة الفئات الضعيفة والأكثر احتياجا وفى مقدمتهم مصابي اضطرابات طيف التوحد ، وكان من أبرز جهود الدولة المصرية على سبيل المثل وليس الحصر ما يلى:

  • إصدار القانون رقم 10 لسنة 2018 والخاص بحماية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة ، والذى بمقتضاه يتم دمج الأطفال المصابين بالتوحد في نظام التعليم الرسمي بشكل ملزم لكل المدارس ، عبر معايير خاصة، حيث تنص المادة الأولى من القرار رقم 42 على أن كل أنواع التعليم متاحة للأطفال ذوى الإعاقة، كما أن الأطفال مرضى التوحد والشلل الدماغى لهم امتيازات الإعفاء من دراسة اللغة الثانية.

وبلغ عدد طلاب التوحد ١٢٠٠ طالب بالمدارس الحكومية والخاصة، وبلغ عدد الطلاب المدمجين ٣٧ ألف طالب في التعليم العام والفني.

  • إنشاء 10 وحدات للطب النفسى تقدم خدمات لأطفال التوحد، وتقوم هذه المراكزبتقديم برامج تأهيل وخدمات صحية وتعليمية واجتماعية لهؤلاء الأطفال وأسرهم بهدف دمجهم فى المجتمع.
  • تقديم الدعم النفسى والاجتماعى لأسر الأطفال المصابين بالتوحد عبر الخط الساخن “08008880700” التابع للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان.
  • منح ذوى الهمم ومن بينهم مصابي التوحد – بطاقات الخدمات المتكاملة إلكترونيا وذلك لكل أنواع الإعاقات على أن تقدم لهم الكثير من المزايا والتسهيلات.

التوصـيــات :

شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة فى أعداد المصابين باضطراب طيف التوحد فى مصر والعالم ، وقد تطلبت هذه الزيادة فى الأعداد مزيدا من الجهود التى يُمكن أن تُبذل لتذليل التحديات التى تواجه مصابى التوحد وذويهم وتمكينهم بشكل فاعل فى المجتمع ، ومن أبرز التوصيات التى يمكن تنفيذها فى هذا الصدد ما يلى :

  • وضع سياسات وخطط عمل تتناول التوحد في الإطار الأوسع نطاقًا للصحة النفسية والعجز النفسي.
  • زيادة عدد المراكز الطبية الحكومية المتخصصة فى علاج مرضى التوحد حيث تعاني أسر هؤلاء المرضى من ارتفاع تكلفة العلاج في مراكز القطاع الخاص.
  • رفع الدعم الحكومي المخصص لتقديم كافة الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية المقدمة للأطفال وأسرهم من المصابين بأمراض التوحد.
  • تأهيل المتخصصين فى علاج مرض التوحد وزيادة عددهم، لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المرضى من الأطفال، وعلاج أزمة سفر الأطباء المؤهلين والخبراء إلى الخارج.
  • إلزام المدارس المتخصصة بقبول مرضى التوحد من الأسر الأكثر احتياجا بالمجان.
  • نشر التوعية حول مرض التوحد فى وسائل الإعلام كافة ووسائل التواصل الاجتماعي بهدف تقبل واستيعاب مصابي ها المرض فى المجتمع.
  • إنشاء أقسام متخصصة فى كليات التربية والطب للتعامل وتأهيل الأشخاص المصابين بطيف التوحد، والتأكيد على تكليفهم بعد تخرجهم فى المراكز والمستشفيات الحكومية المصرية لمدة لا تقل عن خمس سنوات.
  • يمكن للدراما أن تسهم بشكل فاعل فى نشر النماذج الناجحة فى العمل والحياة من المصابين بالتوحد وبالتالي يمكن خلق مساحة من التسامح والاستيعاب من قبل أفراد المجتمع لهؤلاء الأشخاص.
  •    إشراك مؤسسات المجتمع المدنى فى دعم ومساندة مصابى التوحد بالتعاون مع أجهزة الدولة المعنية من أجل إتاحة المزيد من مراكز العلاج وتحقيق المشاركة المجتمعية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى