تقاريردراسات حقوقيةرئيسيعاجل

الأقليات الأوروبية خارج الإطار الديموقراطي

لا تخلو أي دولة في القارة الأوروبية العجوز من أقلية دينية أو عرقية أو لغوية والذين يًقدر تعدادهم بأكثر من 50 مليون شخص (أكثر من 10 % من السكان)، ويرجع وجودهم إلى حركة الهجرة المستمرة إلى أوروبا والتغيير في حدود الدول على مدار التاريخ نتيجة الحروب والصراعات والظروف الاقتصادية، وبقاء الجماعات في نفس مناطقهم رغم تغير القوى المهيمنة تاريخياً عليها.

وعلى الرغم من تسجيل التاريخ لإسهامات الأقليات في تنمية أوطانهم وإثراء القيم والثقافة فى كل دول العالم بلا استثناء، وتبني الاتحاد الأوروبي قوانين مكافحة التمييز وإقرار الدساتير الأوروبية بالمساواة في المواطنة، إلا أن هناك على أرض الواقع ثمة خروقات حقوقية في حق بعض الأقليات الأوروبية وكأنهم يعيشون خارج القارة التى ولدت بها الديمواقراطية ويبدو أنها تحتضر وسط تصاعد أفكار عنصرية متشددة بل ومتطرفة يخفت معها بريق الديمقراطية المزعوم، وتبزع نزعات الثأر والفصل العنصري والاستياء القومي.

وانطلاقا من استمرار معاناة بعض الأقليات الأوروبية من الاضطهاد والتهميش والتمييز العنصري، تأتي أهمية هذا التقرير الذى يستعرض  واقع الأقليات فى القارة العجوز، وتأتي محاوره كالتالي: 

أولا: حقوق الأقليات

يُشير إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات والصادر عام 1993 ، إلى أربع فئات من الأقليات هي: الأقليات القومية والإثنية والدينية واللغوية. وفى ظل عدم وجود تعريف مُتفق عليه دوليا حول الأقليات، تتعدد وتختلف تعريفات الأقليات، ومنها تعريف مشروع بروتوكول الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1993 الذى نص فى مادته الأولى أن عبارة “أقلية” تعنى مجموعة أشخاص فى دولة يكون عددهم أصغر من باقي سكان هذه الدولة، ويقيمون فيها وهم من مواطنيها ولديهم روابط قديمة ومتينة ومستمرة مع هذه الدولة ويظهرون خصوصيات عرقية أو ثقافية أو دينية أو لغوية مميزة.

وينص إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات على المعايير الأساسية و المبادىء التوجيهية التى على الدول اعتمادها بالتشريعات المناسبة وغيرها من التدابير الرامية إلى ضمان حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات والعمل على ضمان المشاركة والإدماج بشكل فعال، ومن تلك التدابير:

-الحث على المعرفة العامة بتاريخ الأقليات الموجودة داخل أراضي تلك الدول والتعرف بتقاليدها ولغاتها وثقافاتها.

-تمكين الأشخاص المنتمين إلى أقليات من المشاركة الكاملة في التقدم الاقتصادي والتنموي لبلدانهم.

كما تُقر جميع المعاهدات التسع الأساسية لحقوق الإنسان بوضع الأقليات على قدم المساواة بكافة حقوق الإنسان الراسخة، حيث تم  ذكر حماية حقوق الأقليات في المادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 30 من اتفاقية حقوق الطفل، فضلا عن أن العناصر الأساسية لأطر الأمم المتحدة تضم حقوق الأقليات فيما يخص حماية وجودهم كأقليات، وعدم التمييز، وتمتعها بثقافتها ودينها ولغتها الخاصة؛ والمشاركة الفعالة في الحياة الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والعامة، والمشاركة الفعالة في صنع القرار، والحفاظ على تجمعاتها الخاصة، والحفاظ على اتصالاتها وعلاقاتها عبر الحدود .

وعلى الرغم من إقرار المجتمع الدولي بتلك الحقوق، إلا أن واقع الدول يُشير إلى استمرار تعرض الأقليات للعديد من أشكال التمييز، والتي تولد الشعور بالتهميش أو الاضطهاد وقد تدفع تلك المجتمعات إلى العنف.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن حماية الحقوق اللغوية للأقليات ظهرت على جدول الأعمال السياسي الأوروبي عندما ظهرت دول جديدة (مثل تشيكوسلوفاكيا أو يوغوسلافيا أو رومانيا الكبرى) على أساس مبدأ تقرير المصير، ولتعويض هذه الأقليات ، تم النص على حماية حقوق الأقليات المختلفة في معاهدات الأقليات المختلفة بين الدول الأوروبية، بما في ذلك مبدأ عدم التمييز، والحق في التعليم بلغات الأقليات، وما إلى ذلك.

وتكمن المشكلة الرئيسية في نظام معاهدات الأقليات فى أن التزامات الدول تختلف اختلافًا كبيرًا وأن عددًا قليلاً فقط من الدول الأوروبية امتثلت لالتزاماتها بموجب هذه المعاهدات.

وفي عام 2019 اعتمد البرلمان الأوروبي بشأن الحقوق الأساسية للسكان المنحدرين من أصل إفريقي والذي تضمن الاعتراف بحقهم في العمل والسكن ، فى حين أنه لم يُصدر قرارًا مماثلاً بشأن الأقليات القومية.

ثانيا: واقع الأقليات الأوروبية

سجل الواقع الأوروبي تفاوتا كبيرا فى التعامل مع مختلف الأقليات، فلم تحصل الأقليات القومية في فرنسا أو اليونان على مجرد حق الاعتراف وبالتالي المشاركة في الحياة العامة، في حين دول مثل سويسرا وفنلندا وبلجيكا وإيطاليا وأسبانيا تتمتع داخلها بعض الأقليات بدرجة عالية من الاستقلالية والحكم الذاتي.

وبشكل عام فمنظور الأقلية (العرقية – اللغوية – الدينية) لا يزال غير مرئي تقريبًا في سياسات الاتحاد الأوروبي ، حيث نادرًا ما يتم إشراكهم في الحوارات والمؤتمرات الأوروبية، بينما المنظور الأوروبي للتنوع يقتصر على العمر والنوع، وغالبًا ما تطالب الدول المواطنين بالتوافق مع هوية مجتمع الأغلبية، حتى لو كان ينتمي إلى أقلية قومية، أو تميل الحكومات للحفاظ على المسافة الاجتماعية من أولئك الذين تم تصنيفهم بشكل مختلف وفي وضع عدم الاعتراف بحقوقهم المشروعة كأقليات.

وقد يُشعل ذلك الأمر توترات خطيرة في المجتمعات الأوروبية مما يهدد السلام والاستقرار بها، وبتفنيد أسباب معظم النزاعات العنيفة نجدها مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان للأقليات والضعف المتصور لوضعهم ومكانتهم ، وعادة تختلف العلاقة بين التحيز والعداء ضد الأقليات الأوروبية في شدتها وفقًا للطوارئ الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بدءًا من مرحلة الارتباط المنخفض إلى مرحلة التحيز  وفي بعض الحالات تصل إلى العداء الصريح ، في تدرج من العنف الرمزي إلى العنف الجسدي ، ومن الصراع الجزئي الرمزي إلى التعبئة السياسية المنظمة.

ثالثا: مشكلات الأقليات الأوروبية

1- عدم الاعتراف بوجودهم: تعاني بعض الأقليات من عدم اعتراف الحكومات بوجودهم والذي يتنافي مع المواثيق الدولية والمعاهدات الحقوقية كأقلية “الروما” (الغجر) وهي أكبر مجموعة سكانية مهمشة يتراوح بين 10 و12 مليون نسمة يعيش نحو 6 ملايين منهم في دول الاتحاد الأوروبي مما يجعلهم أكبر أقلية عرقية في أوروبا.

تتفشى الممارسات التمييزية ضد “الروما” في شتى مجالات الحياة  في دول الاتحاد الأوروبي حيث يُستبعد غجر الروما من مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، بما في ذلك التوظيف والإسكان والتعليم . وتشير بعض التقديرات إلى أن نسبة بطالة عجر الروما تبلغ 80 % (رأي اللجنة الاستشارية المعنية بالاتفاقية الإطارية بشأن سلوفينيا) كما يواجهون مشكلة في الحصول على سكن مناسب فغالبًا مايسكنون في مستوطنات غير الرسمية وكذلك الحصول على التعليم.

وفقا لآخر تقرير نشرته المفوضية الأوروبية عن وضع غجر أوروبا فإن نحو 78 ٪ يعيشون في منازل مزدحمة، و50 ٪ لا يوجد لديهم مراحيض أو مغاسل، و68 ٪ من الأطفال يتركون التعليم في وقت مبكر، و57 ٪ لا يعملون بأجر.

وفي عام 2020، انتقد مقرر الأمم المتحدة المعني بقضايا الأقليات “فيرناند دي فارينيس ” استمرار كراهية الروما واستبعادهم وتشويه سمعتهم في بقاع عدة من العالم، وطالب الأمم المتحدة  بالعمل مع المجتمع المدني للروما وغيره للتحدث علنا ضد معاداة الغجر والدفاع عن إدماج الروما وحقوق الإنسان. وفي أغسطس 2020 دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الدول الأعضاء إلى التزام إنهاء التمييز ضد غجر الروما.

وقد تحسن وضع عجر الروما قليلا في الآونة الأخيرة حيث حدد 2 أغسطس “اليوم الأوروبي لإحياء ذكرى محرقة غجر الروما ، بينما حدد يوم 8 من أبريل يوم دولي للروما، والذي يعتبر اعترافًا دوليًا بهم. وأثناء الحرب الروسية الأوكرانية طالب الأمين العام للأمم المتحدة الدول المستضيفة للاجئين الأوكرانين والتى من ضمنهم  جماعة الروما – الكثير منهم غير موّثقين- بتقديم نفس التضامن الذي يتمتع به اللاجئون الآخرون، وتوفير الحماية والأمان ووصول جهود الإغاثة بشكل متساوٍ بصرف النظر عن وضعهم القانوني.

وكذلك الوضع بأقلية الصرب في سلوفانيا، فلا يزالون بدون أوراق إقامة، وبالتالي لا يمكنهم الوصول إلى الخدمات الأساسية والمشاركة في الشؤون العامة واستخدام اللغة وتعليم اللغة والثقافة الأم. كما أن هناك بعض الدول التى لاتعترف بالأساس بوجود أقليات دينية، كدولة سلوفينيا التى لا تعترف بالبوشناق والمسلمين والكروات كأقلية فبعضهم لا يزالون بدون أوراق إقامة ، وبالتالي لا يمكنهم الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية، وكذلك حقهم في تعلم واستخدام لغتهم الأم ، وحرمانهم من المشاركة في الشئون العامة. كما أنهم يواجهون الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي ، كما أن مرافق ممارسة شعائر الإسلام غير كافية .

2- خطاب الكراهية : تعرضت بعض الأقليات في أوروبا لخطاب الإقصاء والكراهية والسخرية من المعتقدات ، رغم مناداة القوانين الأوروبية بحرية التعبير واحترام المعتقدات، فخلال الآونة الأخير شهدت العديد من الدول الأوروبية مظاهر الرهاب الأوروبي تجاه المسلمين أو مايسمى “بالإسلاموفوبيا” والذي تشكل بفعل مزيج من ثلاثة تحيزات قوية ، الأول: تجاه الأجنبي (المهاجر)، الثاني: العنف من قبل بعض من المنتميين للدين الإسلامي خاصة بعد تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية في أوروبا، الثالث: الإحساس الأوروبي بالتفوق الفكري والعلمي واعتبار باقي العالم في منزلة أدنى ثقافيًا ومن بينهم المسلمين.

فالرأي العام الأوروبي ينظر إلى المهاجرين على أنهم غزاة يريدون أسلمة أوروبا التقدمية والهيمنة عليها، مما شكل مخاوف أمنية خاصة مع تزايد عدد المسلمين الأوروبيين ، والذي بدوره دعم ظهور أحزاب سياسية جديدة في أوروبا أدرجت صراحة في برامجها النضال ضد ما يسميه أسلمة أوروبا وتطور معه الخطاب المعادي للإسلام باستخدام الآلة الإعلامية الكبيرة التابعة لليمين المتطرف التى تدعو السياسيين لاتخاذ مواقف يمينية شعبوية لكسب أصوات الناخبين.

وتُعد الساحة الفرنسية أكثر الساحات الأوروبية التى سقطت بها أقنعة التسامح والتعددية الدينية والثقافية، حيث شهدت تراجعا كبيرا في احترام العقائد وحرية التدين، وهو ما شاهدناه خلال الممارسات العنصرية من مجلة “شارلي إبدو” التى نشرت رسومات كاريكاتورية مسيئة للمسلمين تحت مرأى ومسمع السلطات الرسمية دون إبداء أي اعتراض، الأمر الذي يمكن تفسيره على محمل تورط الساسة في تغذية خطاب الكراهية ضد المسلمين ،كما أن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بتاريخ 11 يوليو 2017 بحظر النقاب في بلجيكا وفرنسا والنمسا وهولندا والغريب، يتناقض مع العقيدة الأساسية بحماية الحريات الفردية المطبقة لعقود في أوروبا ، تبدو فيها المحكمة أنها تخضع للرأي العام والأغلبية بدلاً من الحفاظ على حقوق الحرية الدينية وحرية الاختيار.

3- تفضيل الحكم الذاتي : قد تفضل بعض الأقليات الاستقلال التام أو الحصول على الحكم الذاتي وعدم الاستمرار تحت حكم الدول مما يشكل وقود للتوترات الداخلية، فعلى سبيل المثال ، الحالة الكاتالونية، على الرغم من مساحة الاستقالية التى يتمتع بها الإقليم وإقرار الدستور أن لسكان إقليم كاتالونيا جنسيتهم الكاتالونية وليست الإسبانية، ومنح الإقليم الحكم الذاتي عام 1932، إلا أن الاستفتاء الذي جرى عام 2017 كان لغرض الانفصال التام عن أسبانيا وقد حصل مؤيدو الانفصال على نسبة 92% من الأصوات. وبالفعل قام البرلمان الكاتالوني بإعلان استقلال كاتالونيا وانفصالها عن إسبانيا يوم 27 أكتوبر 2017 ، وكذلك الحال بالنسبة كورسيكا، أعلن وزير الداخلية الفرنسي مؤخرًا أن الحكومة ستبدأ محادثات مع ممثلي كورسيكا بهدف الاتفاق على الحكم الذاتي لكورسيكا.

4- اختلاط الولاءات: قد تُوضع بعض الأقليات في موضع اختيار صعب بين الولاء العرقي والولاء للدولة التى يحمل جنسيتها، الحالة الأوكرانية، نجد الأقلية الروسية في هذا الاختبار، فمنذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام2014، وبدأ التضييق على الأوكرانيين من متحدثي اللغة الروسية التى أصبحت محل للنزاعات السياسية ونموذج لكفاح أوكرانيا ضد الهيمنة الروسية ، واتخذت كييف قرارات ضد اللغة الروسية بإقرار اللغة الأوكرانية وهي لغة الدولة الوحيدة فيها.

ووجهت موسكو انتقادات حادة عقب تلك القرارات والقوانين التمييزية التى استثنت استخدام لغات بعض الأقليات (لغة التتار وهي إحدى اللغات التركية)، والإنجليزية، ولغات الاتحاد الأوروبي الرسمية، ومنعت اللغة الروسية، وهو ما كان محل انتقاد كثير من منظمات حقوق الإنسان لتأثيره على الأقلية الناطقة باللغة الروسية (40% متحدثين بالروسية) معتبرة هذه القرارات والقوانين مسيسة.

وخلال الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة رحاها حاليا، من المتوقع أن تزداد معاناة الأقلية الروسية بأوكرانيا بسبب الولاءات المتضاربة، حيث إنهم فى حال عدم تعاونهم مع  موسكو سيتم اعتبارهم كخونة للأمة الروسية ، وفى حال تعاونهم سينظر لهم الأوكرانيون لا سيما القوميون على أنهم خونة للدولة الأوكرانية.

5- تأجيج النزاعات والصراعات الدولية: ثمة أقليات خاصة دينية أو عرقية تحظى بدعم دول كبرى كانت تنتمي إليها تاريخيًا، وتحمل تلك الدول مسئولية حماية حقوقهم، وقد يكون ذلك سببًا في اندلاع حرب دولية، وينطبق هذا الوضع على الأقلية الروسية في أوكرانيا ، حيث مثلت حماية ذوي الأصول الروسية والأوكرانيون الناطقون بالروسية من التمييز من قبل القوميين الأوكرانيين أحد دوافع الدولة الروسية فى شنها للحرب على أوكرانيا، معلنة نصرتها للأقلية الروسية في أوكرانيا التى ترى أنها تتعرض للإبادة جماعية. 

رابعا: حقوق الأقليات.. آليات منع النزاعات

يؤكد المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ضرورة دمج قضايا الأقليات في جهود منع نشوب النزاعات في الأمم المتحدة، انطلاقا من حقيقة أن الأقليات لها دور مهم في اندلاع الصراعات والحروب كجماعات متضررة ترغب فى الانفصال وهو الأمر الذى من شأنه تهديد أمن وسلامة الدول، ويتطلب الاهتمام بقضايا حقوق الأقليات منعا لاستغلال مظالم الأقليات من قبل أطراف الخارجية تسعى للتدخل فى شئون الدول الداخلية وزعزعة الاستقرار بها.

لذا يُطالب منتدى “دراية” بضرورة العمل على إدماج الأقليات وتمكينهم من المشاركة الكاملة فى مسيرة التنمية، وضمان المساواة فى الوصول إلى الفرص الاقتصادية والاجتماعية وإقرار حقوقهم فى ممارسة لغتهم وطقوسهم الدينية والثقافية، وأن تحتل قضاياهم مكانة بارزة في المبادرات الدولية والإقليمية والوطنية، مع تعزيز الاحترام للأقليات بين عامة الشعوب، والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للإقصاء والظلم، مع ضرورة تبني الدول لسياسات تستهدف استيعاب التنوع داخل المجتمعات، وتضمن مشاركتهم فى الحياة السياسية.

 خامسا: التوصيات

تُعد حقوق الأقليات في صميم حقوق الإنسان القائم على المساواة وعدم التمييز ولا يمكن ضمانها ومنحها إلا في ظل نظام يقوم على حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، لذا يجب أن يعكس كل إجراء من إجراءات الاتحاد الأوروبي الهوية والقيم التى قام عليها كاتحاد للقيم الديمقراطية الليبرالية خاصة وأن التعددية أصبحت الحالة المهيمنة في أوروبا ، ومن ثم يلزم على الاتحاد الأوروبي اتخاذ الإجراءات التالية:

  • البدء باستخدام كل ما لدى الاتحاد من أدوات للتصدي للأوجه المتعددة للتمييز والعنصرية، وغيرهما من انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك المحاسبة الصارمة للدول الأعضاء في الاتحاد على ما ترتكبه من خروقات لقانون مكافحة التمييز الأوروبي ، والقيام بحماية الأقليات القومية على أساس الحق في الهوية – المعترف به في المعاهدات الدولية- بالتعاون مع ممثلي الأقليات القومية ونخب الأقليات والمدافعين عن حقوق الأقليات.
  • الحاجة إلى رفع مستوى الوعي وزيادة الحساسية للأقليات القومية ومن ثم العمل على صياغة رؤية أفضل للأقليات القومية في سياسات الاتحاد الأوروبي، لاسيما وأن سياسة “دمج الأقليات” غير موجود في سياسات الاتحاد الأوروبي وهو ما أظهرته مبادرة حماية حقوق الأقليات الأوروبية ” Minority Safe Pack” والتى أشارت إلى عدم استعداد الاتحاد الأوروبي لمعالجة قضايا الأقليات بطريقة شاملة حيث تظل حماية الأقليات القومية هو الاختصاص السيادي للدول الأعضاء.
  • يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقدم مزيدًا من الدعم لتعدد اللغات وجعل اللغات الأوروبية الصغيرة أكثر وضوحًا للشعوب الأوروبية من خلال البرامج الثقافية مما يحافظ على التنوع الثقافي والبعد عن سياسة الفصل الثقافي واعتبار الأقليات بمثابة جسور ثقافية وعامل مهم في السياسة الإقليمية.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى