تقاريرتكنولوجيادراسات اقتصاديةرئيسيعاجل

التعليم التكنولوجي والصناعة..مقاربة جديدة لتعزيز قدرات الاقتصاد المصري

هل يُسهم التعليم التكنولوجي فى النهوض بالصناعة الوطنية وتلبية احتياجات السوق؟

يُعد التعليم هو المتغير الوسيط فى إنجاح الاستراتيجيات الوطنية للصناعة، فإذا كان لدى قادة دول عظام الرؤى الهادفة إلى النهوض بأوطانهم، فإن نجاحهم فى تحويل هذه الرؤى وتلك المقترحات يظل رهنا بما تحقق فى مجال التعليم، إذ يُعد هو المجال الوحيد الذى يُفرز كفاءات بشرية مُؤهلة وقادرة على نقل الطموحات والتطلعات والرؤى إلى أرض الواقع.

وانطلاقا من أن قطاع الصناعة يأتي في مقدمة القطاعات الاقتصادية حيث يُسهم بنسبة 11.7% من الناتج المحلي الإجمالي ويستحوذ على 28.2% من إجمالي العمالة، تبرز أهمية مواكبة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل فى القطاع الصناعى الذى أصبح فى تغير مستمر خاصة مع جائحة كورونا والتى أفرزت نماذج اقتصادية تعتمد بشكل كبير على الاقتصاد التشاركى الذي تطلب أنماطا جديدة من الوظائف والمهن وترك أنماط تقليدية، الأمر الذى جعل من التعليم مرتكزًا للنمو وأساسًا للتنمية.

وعليه، يُمثل التعليم قلب العملية التنموية التى تتوقف بدورها على مدى اهتمام الدولة بالصناعة الوطنية وتعزيزها وتوسيع مساحتها وتنوع مجالاتها، لنخلص إلى القول بأن العلاقة بين التعليم بأنواعه المختلفة والصناعة الوطنية بمجالاتها المتعددة تمثل علاقة ذات تأثير متبادل فى اتجاهين، حيث إن التعليم يمثل مدخلا مهما من مداخل النهضة الصناعية بما يرفده من كوادر بشرية وأفكار متطورة، فى حين تمثل الصناعة ساحة الاختبارات لوضع الأفكار البحثية والمبتكرات العلمية موضع التطبيق والتحقق.

فى ضوء ما سبق، يُمكن القول إن التجربة المصرية على مدى السنوات القليلة الماضية ما بعد ثورة 30 يونيو 2013، كشفت عن محاولات جادة من جانب الحكومة المصرية منذ ذلك الحين، بالتأكيد على العلاقة الارتباطية بين التعليم التكنولوجى والصناعة الوطنية، وهو ما يمكن رصده من خلال ثلاثة محاور على النحو الآتي:

 أولاً: التعليم الأساسى الفني ودوره فى التنمية الصناعية

مع سرعة انتشار التكنولوجيا والابتكارات والتطورات المتلاحقة في المجال الصناعى، حيث ظهرت مهن جديدة واختفت أخرى، أصبح هناك احتياج إلى مهارات جديدة تناسب تطورات سوق العمل واحتياجاته. ومن ثم يأتي التعليم الفني والمهنى لإعداد العمالة الماهرة والمتميزة التي يحتاجها هذا السوق، وهو ما سعت إليه الدولة المصرية عبر إطلاق تجربتين للتعليم التكنولوجى، وذلك على النحو الآتى:

  • تجربة مراكز التدريب المهنى المتخصصة وهى تابعة لوزارة التجارة والصناعة من خلال مصلحة الكفاية الإنتاجية والتدريب المهنى، والتى تختص الأخيرة بوضع المناهج العلمية والدراسية وتوفير المعلمين والمدربين وكل ما يخص العملية التعليمية وتؤهل الطلبة للالتحاق بعدد من المصانع وفقا لمتطلبات كل مصنع. ويأتي ذلك اتساقا مع استراتيجية الوزارة التي تنطلق من بعدين: التطوير والتوطين. وإن تحقق هذين البعدين يتطلب أن يكون العنصر البشرى فاعلا في هذا الشأن.
  • تجربة وزارة التربية والتعليم فيما يعرف بالمدارس الفنية التكنولوجية، تلك المدارس التي تلعب دورا مهما في توطين الصناعات الكبرى، من خلال مساهمتها في الارتقاء والنهوض بمنظومة التعليم الفني بمصر وإعداد خريجين مؤهلين لسوق العمل سواء كان محليا أو دوليا مع خلق فرص عمل لائقة ومستدامة ومتاحة للجميع، وهو ما يسهم بدوره في توسيع سوق العمل أمام الشباب المصري.

وفى إطار اهتمام الدولة بإنشاء المزيد من مدارس التكنولوجيا التطبيقية في التخصصات الصناعية والاستثمارية، تم خلال عام 2021 افتتاح 12 مدرسة تكنولوجية تطبيقية بالشراكة مع كبرى الشركات والوزارات مثل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ووزارة البترول، والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، لتصبح حصيلة مدارس التكنولوجيا التطبيقية 28 مدرسة فى 10 محافظات مختلفة من محافظات الجمهورية، هي القاهرة والجيزة والإسكندرية والقليوبية والمنوفية والشرقية والسويس والمنيا والدقهلية وبورسعيد، والمستهدف الوصول بها إلى نحو 100 مدرسة بحلول 2030.

وتجدر الإشارة إلى أن التعليم في هذه النوعية من المدارس يعتمد على نظام الجدارات، والذى يتكون من شقين متساويين بواقع 50% لصالح المناهج التقنية، وتضم المعارف والمهارات والاتجاهات اللازمة لتعلم حرفة أو مهنة محددة؛ و50% للشق الثانى ويضم المناهج العلمية العامة مثل الكيمياء والفيزياء واللغات والرياضيات، بالإضافة إلى المهارات الحياتية كالتواصل والعرض والقيادة وحل المشكلات وإدارة الأزمات وغيرها.

ومن بين التخصصات بالمدارس التكنولوجية التطبيقية: نظم تكنولوجيا المعلومات والشبكات، والصيانة الكهربائية، وبرمجة وتصميم المواقع الإلكترونية، وتحليل البيانات، وتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، والمراقبة والإنذار، وتكنولوجيا صناعة الحلي والمجوهرات.

وفى سياق متصل، لا يمكن أن نغفل تجربة رائدة كذلك في هذا الخصوص تتمثل في المدارس الفنية التابعة لبعض المصانع الكبرى وهى مدارس بمصروفات تقع تحت مسمى مدارس خاصة، شأنها شأن المدارس الثانوية العامة الخاصة التى تخضع لإشراف الوزارة لكنها بمصروفات، بل إن بعض هذه المدارس التكنولوجية تمنح طلابها مصروفا شهريا، وبعضها يتضمن الإقامة الداخلية بالمجان أيضاً.

وعلى الرغم من أن الفترات السابقة لم تشهد اهتماما بالتعليم الفني لعدة أسباب بعضها يرتبط بالقدرات الذاتية للطلاب الملتحقين بمدارس التعليم الفني من ناحية، وبعضها الآخر يرتبط بالنظرة السلبية للمجتمع لهذا النوع من التعليم على أساس أن من يلتحق به يحرم من الالتحاق بالجامعات، إلا أن توجه الدولة في المرحلة الراهنة نحو الاهتمام بهذا النوع من التعليم أعطى زخما كبيرا لخريجى هذه المدارس الفنية سواء على مستوى تنمية مهاراتهم العملية والمهنية أو على مستوى إفساح المجال أمامهم للالتحاق بالمعاهد والجامعات الأكاديمية لاستكمال دراستهم، وذلك إدراكا من الدولة لطبيعة العلاقة الموجبة بين التعليم الفني والقيمة المضافة للصناعة باعتبارها مؤشرا للتنمية الصناعية الشاملة والمستدامة.

ثانيا: الجامعات التكنولوجية ودورها فى تعزيز المنظومة الصناعية

في خضم السعي نحو تحقيق الربط بين المجال الصناعي والأكاديمي، خاصة فى ظل التغيرات السريعة فى مجال التكنولوجيا وتطبيقاتها، وملاحقة الثورات التكنولوجية، يبرز دور الجامعات التكنولوجية التي بدأت تشهدها ساحة التعليم العالى المصرى خلال الآونة الأخيرة، وذلك بهدف إعداد المورد البشرى القادر على إنجاح المنظومة الصناعية التي تعتمد بشكل رئيسى على هذا المورد كعنصر أساسي في تحقيقها، حيث تلعب هذه النوعية من الجامعات دورا مهما في العمل على تحسين جودة المنتجات الصناعية عبر تدريسها لتخصصات صناعية جديدة قائمة على الإبداع والتكنولوجيا، تستهدف مواكبة متطلبات السوق المصري والعالمي، مع دورها في البحث عن وسائل لتحفيز القطاعات الصناعية، هذا إلى جانب مساهمتها  في تدريب الطلاب وتأهيل الخريجين، ليعود بالنفع على القطاع الصناعي والمجتمع معا.

وفى هذا السياق، تجدر الإشارة إلى مخرجات المؤتمر الدولي الأول للتعليم الجامعي التكنولوجي ودوره في مجال الصناعة والطاقة، والمحافظة على البيئة، والذى عقد في منتصف مايو الماضى (2022)، والذى هدف إلى التأكيد على دور الجامعات التكنولوجية في الربط بين الدراسات الأكاديمية والقطاعات الصناعية والإنتاجية، بما يضمن تطوير تكنولوجيا الصناعة، وتوطين الصناعة المحلية، عبر إعداد خريج قادر على استيعاب التكنولوجيا الحديثة في مجال التصنيع، فضلاً عن دمجه بالصناعة.

وقد خلص المؤتمر إلى ضرورة تحقيق الثقة بين الصناعة والخريجين، وما يتطلبه ذلك من العمل على تطوير البرامج الدراسية، ودعم الشراكة مع المجتمع الصناعي.

ومن هذا المنطلق، تأتى أهمية مراعاة تأسيس هذه النوعية من الجامعات في ضوء الخطة الاستثمارية للدولة، بما يسهم في تحديد التخصصات العلمية لتلك الجامعات اتساقًا مع متطلبات العملية الصناعية، فضلًا عن أهمية مراعاة كذلك ضرورة تعميق الشراكة بين هذه الجامعات والهيئات والمؤسسات الصناعية، ورجال الصناعة، بحيث تعتمد الدراسة على التدريب العملي بنسبة تصل 60%.

وفى ضوء ذلك، يصبح من الضرورة أن تكون لدى الدولة خريطة واضحة للجامعات التكنولوجية بتخصصاتها العلمية التي يطلبها سوق العمل من ناحية، وبشكل لا ينجم عنه مشكلات في مستوى الخريجين وعددهم من جانب آخر، إذ يجب أن يكون الخريج قادرا على المنافسة في سوق العمل.

الأمر الذى دعى الحكومة بتحرك سريع خلال الفترة الماضية بتدشين المرحلة الثانية من الجامعات التكنولوجية والتى تضم ستة جامعات (جامعة الغربية التكنولوجية،  جامعة السادس من أكتوبر التكنولوجية، جامعة برج العرب التكنولوجية، جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية، جامعة أسيوط الجديدة التكنولوجية،  جامعة طيبة الجديدة التكنولوجية)، تضاف هذه الجامعات الستة إلى الجامعات الثلاث التى تم انشاؤها بالفعل وهى ( جامعة القاهرة الجديدة التكنولوجية، جامعة الدلتا التكنولوجية، وجامعة بني سويف التكنولوجية) وتضم الجامعات الثالثة (8) كليات تكنولوجية و 45 معهدًا فنيًا فوق متوسط، ليصبح العدد تسع جامعات تضم نحو خمس برامج فى المتوسط لكل جامعة وتتعلق جميعها بالطاقة المتجددة والتكنولوجيا بمختلف تخصصاتها ضمن خطة الدولة للنهوض بالتعليم الفنى والتكنولوجى كمدخل رئيس لتعزيز الصناعة الوطنية.

 ثالثا: مؤشرات التعليم الفني والتعليم العالي

كشف تقرير صادر عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تحت عنوان “استراتيجية الدولة لإصلاح وتطوير التعليم الفني لفتح آفاق جديدة في سوق العمل ومواكبة نظم التعليم العالمية” عن مؤشرات التعليم الفني، حيث زادت مخصصاته بنسبة 233,3% لتصل لـ 50 مليار جنيه عام 2021/2022 مقارنة بـ 15 مليار جنيه عام 2014/2015، كما زادت فصول مدارس التعليم الفني بنسبة 8,7%، حيث وصلت 50,1 ألف فصل عام 2020/2021 مقارنة بـ 46,1 ألف فصل عام 2014/ 2015.

كما أوضح التقرير أن نسب التسرب من مدارس التعليم الفني انخفضت بمقدار 4,9 نقطة مئوية، حيث سجل 0,1% عام 2020/2021 مقارنة بـ 5% عام 2014/2015، وزادت عدد مدارس التعليم الفني بنسبة 32.9% عام 2020/ 2021، لتسجل 2652 مدرسة بواقع 1373 مدرسة صناعية و881 مدرسة تجارية و269 مدرسة زراعية و129 مدرسة فندقية، ولأول مرة تم إنشاء 28 مدرسة تكنولوجية.

وفى السياق ذاته، ارتفعت موازنة التعليم العالى إلى 65 مليار جنيه عام 2020/2021 بواقع 40 مليار جنيه زيادة مقارنة بعام 2014/2015 وبنسبة زيادة 160%، وعكفت التعليم العالى على ربط المؤسسات الأكاديمية بقطاع الصناعة والخدمات بما يعمل على تعميق التنمية التكنولوجية، حيث تمت إجراءات يمكن تناولها على النحو التالى:

  • التعاقد لإنشاء حاضنة في مجال الذكاء الاصطناعي مع رواد 2030 وكلية الهندسة جامعة الإسكندرية.
  • تخريج عدد 68 شركة من خلال الحاضنات التكنولوجية لتعمل في السوق ويتم الاحتضان في الوقت الحالي لـعدد 25 شركة ناشئة.
  • بلغ إجمالي التحالفات 17 تحالف بمشاركة أكثر من 120 مؤسسة ما بين جامعات ومعاهد ومراكز بحثية ومؤسسات صناعية ومؤسسات مجتمع مدنيبقيمة 240 مليون جنيه
  • إطلاق اثنين من ثلاثة أقمار صغيرة من نوعية كيوب، والقمر الثالث من المشروع تم إطلاقه في يونيو 2020.
  • تم تمويل 2 تحالف صيدلانيAPIsبتمويل 30 مليون جنيه لتصنيع الأجهزة المعملية والطبية محليا مع مركز التميز العلمي.
  • تم إنشاء نحو 18 حاضنة بإجمالي تمويل 50 مليون جنيه ، وهي تتنوع ما بين حاضنات عامة وحاضنات متخصصة في مجال النسيج والذكاء الصناعي وانترنت الأشياء والتعليم والإلكترونيات والواقع الافتراضي والواقع المعزز ،والتي دعمت 90 شركة تكنولوجية.
  • تخريج عدد 82 شركة عاملة في الأسواق المحلية او العالمية على حد سواء.
  • إنشاء حاضنة للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع عين شمس وإسكندرية ووزارة التخطيط.
  • الإعلان عن برنامج الحاضنات لتمويل 10 حاضنات جديدة لدعم 50 شركة تكنولوجية بقيمة 15 مليون جنيه.
  • بلغت التكلفة الكلية لتنفيذ برنامج تعميق التنمية التكنولوجية حوالي 240 مليون جنيه.

وهنا نشير إلى أن نهوض الدولة بمستوى خريجى التعليم الفني ورفع كفاءة طلابه، وتوفير التدريب على أحدث أنواع التكنولوجيا المستخدمة، أسهم في تحسين  ترتيب مصر فى مؤشر المعرفة العالمي الخاص بالتعليم الفنى والتدريب المهنى التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى من المرتبة 113 عام 2017 لتصل مصر إلى المركز 80 فى عام 2020، كما قفزت مصر 48 مركزًا في مؤشر التعليم الفني والمهارات التقنية طبقا للمؤشر العالمي لتنافسية المواهب 2021 الصادر عن معهد “إنسياد” الفرنسي لإدارة الأعمال، لتحتل المرتبة 56 عام 2021، مقارنة بالمرتبة 104 عام 2020.

رابعا: التعليم الفني..أبرز الأرقام والإحصائيات

تفوق أعداد الطلاب الملتحقين بالتعليم الفني نظرائهم من الملتحقين بالتعليم الثانوي العام حيث تبلغ نسبتهم بالمدارس الفنية 58% من إجمالي أعداد الطلاب الحاصلين على الشهادة الإعدادية. ويتجاوز عدد الطلاب فى التعليم الفني  2 مليون طالب فى عام 2021-2022.

وتبلغ نسبة الطلاب الملتحقين بالجامعات من التعليم الفني 10% من إجمالي الأعداد المقرر قبولها بهذه الكليات من حملة الثانوية العامة، حيث يُسمح للطلاب الحاصلين على الشهادات الثانوية الفنية نظام 3 سنوات بعد الإعدادية بحد أدنى 70% للالتحاق ببعض كليات ومعاهد الجامعات الحكومية.

نسبة البطالة بين طلاب التعليم الفني أقل بكثير من خريجى الجامعات

وبحسب النشرة السنوية المجمعة لبحث القوى العاملة 2020، فإن معدل البطالة بين الحاصلين على مؤهل متوسط فني (15 -64 سنة) بلغ 7% (5.6% للذكور و 15.8% للإناث)، بينما بلغ معدل البطالة للحاصلين على مؤهل جامعي وفوق الجامعي نحو 15.7% (10.3% للذكور و27.6% للإناث)، ومن ثم فإن نسبة البطالة بين طلاب التعليم الفني أقل بكثير من خريجى الجامعات.

وعن معدلات المساهمة فى النشاط الاقتصادي طبقا للحالة التعليمية، تبلغ نحو 54% للحاصلين على مؤهل متوسط (83.6% للذكور، و16.3% للإناث)، بينما تبلغ 63.4% للحاصلين على مؤهل جامعي وفوق الجامعي (80.4% للذكور، 43.4% للإناث).

كما سجل معدل التشغيل للأفراد (15 سنة فأكثر) الحاصلين على مؤهل متوسط فني نحو 50.3% (78.9% للذكور و 13.7% للإناث)، فى حين سجل معدل التشغيل للحاصلين على مؤهل جامعي وفوق الجامعي 53.5% (72.1% للذكور و 31.4% للإناث). 

خامسا: الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالتعليم الفني

تضمنت رؤية مصر 2030 استراتيجية للارتقاء بمنظومة التعليم الفني، والتى تشمل إنشاء هيئة مستقلة لضمان جودة خريجي التعليم الفني، واعتماد مناهج دراسية قائمة على منهجية الجدارات، إلى جانب تغيير الصورة النمطية عن التعليم الفني، وتحسين مهارات المعلمين، ومشاركة أصحاب الأعمال في تطوير التعليم الفني عن طريق إبرام شراكات مع الوزارة.

ووفقا للاستراتيجية، من المستهدف زيادة نسبة الملتحقين بالتعليم الفني من المتفوقين في الإعدادية الحاصلين على مجموع أعلى من 85% إلى 20% عام 2030 مقارنة بـ 4% عام 2015 كما يوضح الشكل التالي:

المصدر: المركز الإعلامي لمجلس الوزراء

كما أنه من المستهدف زيادة نسبة خريجي التعليم الفني الذين يعملون في مجال تخصصاتهم لـ 80% عام 2030 مقارنة بـ 30% عام 2015 كما هو موضح بالشكل البياني التالي:

المصدر: المركز الإعلامي لمجلس الوزراء

 وكذلك زيادة نسبة مؤسسات التعليم الفني والمهني القائمة على الشراكة المجتمعية لـ 20% عام 2030 مقارنة بـ 3% عام 2015، كما هو موضح بالشكل البياني التالي:

المصدر: المركز الإعلامي لمجلس الوزراء

 سادسا:أبرز  التحديات التى تواجه تطوير التعليم الفني

  • قلة أعداد المدارس الفنية وارتفاع الكثافة الطلابية بالفصول.
  • تفاوت توزيع المدارس ووفقا للعوامل الجغرافية واحتياجات الصناعة حيث يختلف الطلب على العمالة بين المحافظات المختلفة.
  • ضعف القوانين المُلزمة بالحصول على رخصة مزاولة المهنة للخريجين.
  • اتساع الفجوة بين مخرجات التعليم الفنى واحتياجات سوق العمل، بسبب عدم ملائمة المناهج لاحتياجات السوق.
  • ضعف قدرات المعلمين وعدم مواكبتهم للتطورات التقنية في العلوم المختلفة إلى جانب وجود ندرة فى بعض التخصصات.
  • إهمال التدريبات العملية وضعف التواصل بين المدارس الفنية وبين المصانع.
  • ضعف مشاركة رجال الأعمال والمستثمرين فى تمويل التعليم الفنى.
  • نقص البيانات الخاصة باحتياجات سوق العمل ومن ثم عدم الربط بينها وبعض متطلبات التعليم.
  • تدني نظرة المجتمع إلى التعليم الفني بصفته يقبل الطلاب “الأقل مجموعًا” فى الشهادة الإعدادية.
  • ضعف ثقة المجتمع بمخرجات التعليم الفنى بنوعياته المختلفة.

سابعا: التعليم والصناعة الوطنية ..مقاربة جديدة

الصناعة هي عصب التنمية وبوابة الإصلاح الشامل وركيزة الازدهار الحقيقى لأى مجتمع، إذ تفتح الصناعة المجال واسعا أمام العقول الماهرة لإظهار ابداعاتها وطاقاتها، وهذا العقول لن تبدع ما لم تمنح له فرصة التعليم والتدريب الأنسب، تلك هي العلاقة التبادلية بين التعليم وتشجيع الصناعة وتطويرها، بما يستوجب أن يكون لدى الحكومات رؤية تكاملية لأبعاد المنظومة الصناعية؛ رؤية تنطلق من كيفية النظر إلى مدخلات العملية الصناعية، والتي يُعد الإنسان هو العنصر الرابع في تلك المنظومة إلى جانب الموارد والإمكانات والتكنولوجيا، وأنه من دون هذا العنصر لن تستطع أية دولة أن تُحرز خطوات في سبيل نهضتها.

وفى حين أن الدولة اتخذت العديد من الخطوات في سبيل تطوير الصناعة الوطنية وتوطين مختلف الصناعات وخاصة التكنولوجية، سواء على مستوى التشريعات أو على مستوى السياسات والاجراءات والتسهيلات المقدمة، إلا أن هناك ثمة حاجة إلى تعميق الارتباط بين العملية التعليمية بمراحلها المختلفة ومستوياتها المتعددة وبين مختلف المجالات الصناعية التي يحتاجها السوق المصرى داخليا وفى منافسته الخارجية، وأن الوصول إلى هذه العلاقة الارتباطية يحتاج إلى مقاربة جديدة تتشارك في وضعها مختلف الهيئات والجهات الحكومية وغير الرسمية، ولعل دعوة الحوار الوطنى التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى تُمثل فرصة ملائمة للوصول إلى هذه المقاربة المستهدفة، التي يجب تأخذ في اعتبارها مجموعة من العناصر، أبرزها:

  1. أهمية المراجعة الدورية لاحتياجات الصناعة من التعليم الفني والتكنولوجى، وللتوزيع النسبى لهذه الاحتياجات على قطاعات الصناعة المختلفة، وكذلك توزيعها النسبي على خريطة مصر الصناعية والتجارية بما يدعم ظهور مدن صناعية متخصصة كمدينة الأثاث بدمياط، وهو ما يعزز مسارات التقدم الصناعى بشكل أكثر وضوحا وتميزا. ويتطلب ذلك إنشاء نظام متكامل من المعلومات الخاصة باحتياجات سوق العمل وتوقع الاحتياجات التعليمية مستقبلا.
  2. أهمية توفير البرامج التدريبية الأكثر ملائمة لأنواع التكنولوجيا المستخدمة في الصناعة، مع الاهتمام بالتخصصات الفنية في مجال الصناعات كثيفة العمالة والصناعات التصديرية.
  3. تصحيح الصورة السلبية للمجتمع تجاه خريجى التعليم الفني ، وذلك عبر حزمة من الإجراءات، منها: عدم ربط الالتحاق بالتعليم الفني بالحصول على درجات أقل في المراحل التعليمية الأساسية، ورفع مستويات أجور خريجى مدارس التعليم الفني وتحسين أوضاعهم وظروف العمل بالنسبة لهم، بما يسهم فى تحسين نظرة المجتمع لطلاب المدارس الفنية على أنهم طلاب دون المستوى “الأقل مجموعًا” (عبر وسائل الإعلام والدراما وإبراز دور خريجي التعليم الفنى)
  4. الاستمرار في إفساح المجال أمام طلاب المدارس الفنية للالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا، على غرار ما يجرى حاليا من السماح لطلاب المدارس الفنية التكنولوجية الالتحاق بثلاث جامعات تكنولوجية وهى جامعة القاهرة التكنولوجية الجديدة وتضم كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة، وجامعة الدلتا التكنولوجية، وجامعة بنى سويف التكنولوجية، حيث يشكل طلابهم نحو 80 % من خريجى التعليم الفني.
  5. الاستفادة من تجارب الدول الناجحة في مجال التعليم الفني والتدريب المهنى، مع إيفاد الطلبة والمتدربين إلى هذه الدول للاستفادة من خبراتهم.
  6. توفير قواعد بيانات تفصيلية عن التعليم الفنى في مصر، على أن تشمل أكثر فئات المجتمع التى تقبل على هذا النوع من التعليم، بما ينعكس على تحسن مستوياتهم المادية والاجتماعية من جهة، وفتح المجال أمام القطاع الخاص بما يعزز من كفاءة الخريجين والوفاء بمتطلبات سوق العمل من جهة اخرى.
  7. تطوير البنية التحتية لمدارس التعليم الفني وزيادة عددها بما يسهم فى زيادة جودة وكفاءة التعليم، وإنجاح الجامعات التكنولوجية التى توفر الجوانب العملية للعملية التعليمية، وتتوافق مع المناطق الصناعية والمشروعات القومية.
  8. إطلاق مبادرات لتحفيز المدارس الفنية التابعة للمصانع، وإعطاء حوافز لرجال الأعمال وأصحاب المصانع المرتبطة بمدارس تعليمية أو إعطاء تسهيلات للمصانع المرتبطة بمدارس تعليمية.

حاصل القول:

الاهتمام بالتعليم بصفة عامة والتعليم الفني والمهنى على وجه الخصوص، إنما يهدف إلى تخريج جيل جديد من المبدعين والمفكرين على أسس فكرية وقيمية ومهنية وإنتاجية وفق معايير الجودة العالمية، والتي تتعدي حدود تلبية احتياجات الداخل المحلي إلى خارج الحدود، حتى يصبح المنتج المصرى قادرا على المنافسة إقليميا وعالميا.

وعلى الرغم من هذه المساعى الحكومية لتعزيز قدرات القطاع الصناعى، إلا أنه يظل رهين تذليل العقبات أمام المنشآت والتجمعات الصناعية الجديدة الصغيرة والمتوسطة لتكون داعمة للصناعات الكبري فى الأجل القصير لتعويض الفجوات المحلية نتيجة للاضطراب فى الأسواق العالمية.

ملحق البيانات والإحصائيات:

1- معدل البطالة (15-64 سنة) وفقا للحالة التعليمية:

2- معدلات التشغيل وفقا للحالة التعليمية:

3- الإنفاق العام على التعليم:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى