أوراق بحثيةدراسات التنميةدراسات حقوقيةعاجل

دراسة مقارنة لسياسات الإسكان قبل وبعد 2014..ما لها وما عليها

سياسات الإسكان المتعاقبة ومدى انحيازها لفئات الدخل المحدود

على مدار عقود طويلة شكلت قضايا الإسكان تحديا حقيقيا للحكومات المتعاقبة فى مصر ..وقد أسفرت جميع السياسات والإجراءات التنفيذية عن قصور كبير فى معالجة هذا الملف الذى يمس حياة كل المصريين ، والذى كان من أبرز تداعياته ارتفاع عدد الوحدات السكنية المغلقة وتفضيل التمليك وإهمال الثروة العقارية وعدم التناسب بين العرض والطلب من الوحدات السكنية، وظهور المناطق العشوائية التى شكلت خطورة على سلامة قاطنيها بل والمجتمع المصرى بشكل عام فى ظل غياب التخطيط وشيوع الفقر والجهل والبطالة والأفكار المتطرفة والجرائم المختلفة.

وعلى الرغم من إنفاق الحكومات المتعاقبة للمليارات على دعم مشروعات الإسكان لفئة “محدودي الدخل” و”الأكثر فقرا” أو “الأولى بالرعاية”، والتى حملت أسماء متعددة على مدار سنوات طويلة ما بين إسكان شعبي، وإسكان شباب، وإسكان اقتصادي، وأخيرا إسكان اجتماعي..يظل التساؤل الأبرز: كيف ساهمت سياسات الإسكان الحالية فى حل أزمة السكن خاصة لفئات محدودي الدخل؟

ولهذا تقوم هذه الدراسة بتسليط الضوء على أهم ملامح سياسة الإسكان فى مصر على مدى العقود الماضية، وتحليل السياسة المُتبعة قبل 2014 وبعدها لتحديد موقع سياسات الإسكان على قائمة أولويات الحكومات المتعاقبة، ومدى مراعاة السياسة الحالية لسلبيات السياسة السابقة، وذلك للوقوف على مدى نجاحها فى تلبية احتياجات محدودي الدخل والأكثر فقرا من الوحدات السكنية، وعدالة التوزيع مع توافر البنية الأساسية والمرافق والتوصل إلى إيجابياتها وسلبياتها، ومن ثم الإجابة عن تلك  التساؤل، على أن تنتهى الدراسة ببعض التوصيات لوضع سياسة أكثر شمولية فى توفير المسكن الملائم ولتفعيل برامج ومشروعات إسكان فئات الدخل المحدود ، وذلك بناء على ما تم رصده من سلبيات فى سياسة الإسكان الراهنة، وانطلاقا من اهتمام الدولة بحل مشكلة الإسكان وإعادة رسم الخريطة السكانية وزيادة مساحة المعمور.

أولا: المقصود بالسياسة الإسكانية

تُعتبر سياسة الإسكان جزءا من السياسة العامة للدولة ويُقصد بها كل الخطط والبرامج والقوانين واللوائح التى يتم إقرارها من قبل الحكومة داخل الدولة، بغرض إنشاء مشاريع أو وحدات سكنية، أو إعادة تقنين أوضاع سكنية موجودة، مما ينعكس بالإيجاب أو السلب على المجتمع وبالطبع على عملية التنمية.

وسياسات الإسكان تتضمن مجموعة كبيرة من البرامج قد تتعارض أو تتكامل مع بعضها البعض، حيث لا توجد صيغة موحدة تحكم سياسات الإسكان وتطبق فى أى زمان أو مكان..وإنما هناك أطر عريضة يمكن التحرك بداخلها، ويمكن الاستفادة من التجارب الواقعية السابقة والدراسات التى تبرز مزايا وعيوب البرامج المتضمنة فى تلك السياسات ومحاولة تطويع تلك التجارب لظروف كل مجتمع على حده وفقا للاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة فيه.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن نجاح سياسات الإسكان لا يعتمد على عدد الوحدات السكنية المُنفذة فقط، ولكن يعتمد على عدد من المعايير الكمية والكيفة والاقتصادية الأخرى كما ستوضح الدراسة لاحقا. 

ثانيا: أسباب مشكلة الإسكان ..أبرزها تناقص نصيب الفرد من المعمور

تتسم مشكلة الإسكان فى مصر بالتعقيد وتشعب الأسباب، ويُمكن إجمال هذه الأسباب كما يلي:

1- الزيادة السكانية: تُعيق الزيادة السكانية الكبيرة كافة خطط التنمية فى مصر، فالزيادة المضطردة فى السكان لا يقابلها – مهما بلغت جهود الدولة – إنشاء عدد ملائم من وحدات المسكن المناسب ، وهو ما تسبب فى لجوء الكثيرين للاعتماد على جهودهم الذاتية فى إيجاد المساكن الخاصة بهم وانتشار نمط البناء غير الرسمى والمعروف بالعشوائيات.

وطبقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تجاوز عدد السكان حاليا حاجز 103 مليون نسمة، بواقع يتجاوز 2.5 مليون نسمة سنويا، وفى حال استمرار معدلات الزيادة السكانية على نفس الوتيرة فمن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى قرابة 120 مليون نسمة في عام 2030، وإلى 190 مليون نسمة في عام 2052.

2- الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن: حيث شكلت ضغطا هائلا على هذه المدن، فلم يكن حجم وأعداد المنازل فى هذه المدن مؤهلا لاستيعاب هذا العدد الهائل من السكان وبالتالى تفاقمت أزمة إيجاد السكان الملائم فى المدن الكبرى .

3- التناقص المستمر فى مساحات الأراضي الصالحة للبناء نتيجة لتوطين السكان على مساحة لا تتجاوز 7% من المساحة الكلية للدولة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضى والوحدات تباعا والزحف على الأراضي الزراعية بمعدل 65 ألف فدان سنويا، وتناقص نصيب الفرد من الأرض الزراعية حيث أصبح نصيبه أقل من 2 قيراط بعدما كان أكثر من فدان سابقا أى بمعدل يتجاوز الـ90%، فضلا عن انخفاض نصيب الفرد من المعمور حيث بلغ 75 م2 فى حين كان فى السابق 2000 م2 .

4- انخفاض الدخل: حيث أدى إلى عدم قدرة الأفراد على شراء وتملك الوحدات السكنية وتفضيلهم نظام الإيجار الذى أصبح مع مرور الوقت محدودا – خاصة نظام الإيجار القديم – وفى أحيان أخرى نتيجة صدور قوانين الإيجار الجديدة بما يفوق قدرتهم المادية ومحدودية دخولهم.

5إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار في الإسكان الاقتصادي نظرا لانخفاض العائد الاستثماري في مجال الإسكان بصفة عامة والإسكان الاقتصادي والمتوسط منه بصفة خاصة، مقارنة بعائد الاستثمار بالأنشطة الاقتصادية الأخرى.

6عدم وجود سياسة واضحة للتخطيط العمرانى وإدارة الأراضي فى ظل تعدد ولايات إدارة الأراضي وعدم التنسيق بينها مما أدى إلى سوء تنمية الأراضي وظهور عشوائيات التعامل معها وحدوث تشوه كبير فى توزيع السكان داخل محافظات ومدن الجمهورية المختلفة.

7- عدم الرضا عن المسكن، فأزمة الإسكان لا تقتصر على العجز الكمي فى عدد الوحدات السكنية، بل تمتد الأزمة كيفيا إلى عدم ملائمة المسكن من حيث المساحة ومواصفات البناء والموقع واكتمال المرافق.

 ثالثا: تطور سياسات الإسكان فى مصر

وضعت حكومات مصر المتعاقبة سياسات لمواجهة تزايد الطلب على الإسكان والتى تنطوى على التخطيط والتوجيه والتشريع والتمويل والتنفيذ وتتناولها الدراسة الحالية من خلال محورين تاريخين وهما سياسات الإسكان  قبل عام 2014 ، وسياسات الإسكان بعد 2014.

الجزء الأول من الدراسة

أولا : سياسات الإسكان قبل عام 2014

  • سياسات الإسكان فى مرحلة الخمسينيات والستينيات:

شهدت هذه الفترة استقرارا فى الإسكان إلى حد كبير حيث قامت الدولة بإصدار العديد من القوانين المعنية بتنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين وأبرزها القانون الذى يمنع المالك من طرد المستأجر بنهاية عقد الإيجار، وكذا تخفيض الإيجارات بنسبة 15% على العقارات المنشأة عام 1952، بينما تم تخفيض 20 ٪على العقارات المنشأة من عام 1952 إلى 1958 ، كذلك حرصت الدولة على بناء المساكن ذات التكلفة المنخفضة والتوسع فى الإسكان الحكومى المتوسط وإنشاء الأحياء السكنية للعمال والموظفين بجوار المراكز الصناعية الجديدة .

  • سياسات الإسكان فى مرحلة السبعينيات والثمانينيات :

فى ظل انتهاج الدولة المصرية فى هذه المرحلة لسياسات الانفتاح الاقتصادى، اتجهت إلى بناء المجتمعات العمرانية وحرصت الدولة على إشراك القطاع الخاص فى الاستثمار بقطاع الإسكان، ﻭﺗم بناء  ﺃﻧﻣﺎﻁ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠﺗﺟﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ آنذاك (ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ- ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﺗﺎﺑﻌﺔ- ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﺗﻭأﻡ- ﺍﻟﺗﺟﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ ﺍﻟﻌﺷﺭ ﺣﻭﻝ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻛﺑﺭﻯ).

ترتب على تلك السياسات تراجع الإسكان الشعبى وتوقف بناء المساكن منخفضة التكاليف واختفاء نظام الإيجار وظهور وحدات التمليك بشكل كبير، كما شهدت هذه الفترة بداية ظهور الإسكان العشوائى غير الرسمى ليكون بديلا عن الإسكان الشعبى الذى كانت تتولى مسئوليته الدولة، مما عكس عدم قدرة الدولة على توفير مسكن لكل فئات المجتمع، حيث لم يحقق ﻗﻁﺎﻉ ﺍﻹﺳﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻫﻭ ﻣﺧﻁﻁ ﻟﻪ من حيث تلبية احتياجات الملايين من المواطنين من  فئة محدودي الدخل.

  • سياسات الإسكان فى مرحلة التسعينيات وحتى 25 يناير 2011:

حاولت الدولة المصرية فى هذه الفترة أن تُظهر اهتماما كبيرا بفئة محدودى الدخل – وأعلنت الحكومة عن إنشاء الإسكان الاقتصادي ومنخفض الدخل، بينما الإسكان المتوسط والممتاز سيكون مسئولية القطاع الخاص.

وقامت الحكومة بإنشاء عدد من مشاريع الإسكان الخاصة بمحدودى الدخل والشباب، منها مشروع مبارك لإسكان الشباب عام ١٩٩٦، ومشروع إسكان المستقبل ١٩٩٨ ،والمشروع القومى للإسكان (٢٠٠٥-٢٠١١( الذى أُعلن بمقتضاه بناء 500 ألف وحدة سكنية بدعم يصل 7.5 مليار جنيه، وتم التخطيط للمشروع على أن تتولى الهيئات الحكومية قرابة ثلثي الوحدات في البرنامج بينما يتولى القطاع الخاص من الأفراد والشركات بناء الثلث الآخر.

أنماط المشروع القومي للإسكان:  

1- بيت العائلة: يشمل نحو 0.6% من إجمالي وحدات المشروع حيث تضمن طرح وحدات بمساحة 63 مترا و70 مترا، واتسم المشروع بالتمييز الشديد حيث طرحت وحداته على الذكور العاملين فى الهيئات والنقابات والجهات الحكومية دون الجمهور العادي واشترطت حصول الزوجة على مؤهل عال والتحاقها بعمل، وألا يزيد عدد الأطفال عن اثنين.

2ابنى بيتك: يستحوذ على 17.8% من إجمالي وحدات الإسكان القومي وتم إسناده للقطاع  الخاص، وهو يتيح لمحدودى الدخل قطعة أرض يتم بناؤها خلال مدة زمنية محددة مع دعم نقدي بلغ 15 ألف جنيه، غير أن تكلفة إنشاء وحدة قابلة للسكن فى تلك الفترة كانت تصل لـ 71 ألف جنيه في المتوسط، وهو ما أدى الى استدانة ملاك الوحدات وتعثر البعض الآخر، فضلا عن وجود مشكلات فى دخول المرافق.

3- المستثمرون: تمثل 20% من إجمالي وحدات المشروع ويقوم ببنائه القطاع الخاص، وتعد هذه الوحدات هى الأكثر تميزا، وتصل فيها أسعار الوحدات التى تسدد كامل قيمتها نقدا 95 ألف جنيه وهو ما يعادل ضعف ثمن وحدات التمليك التابع للقطاع العام، مما يصعب معه تملكها من قبل محدودي الدخل.

4- قرى الظهير الصحراوي: تشمل 1.6% من إجمالي وحدات المشروع ويتم تخصيصها بالتمليك.

5- محاور التخصيص بالإيجار (الإيجار والأولى بالرعاية) والتى تمثل 20% من إجمالي الوحدات. 

 يُمكن القول إن سياسات الإسكان فى تلك الفترة تتسم بالتالي:

  • خدمة أغراض سياسية تتعلق بالدعاية الإنتخابية فى المقام الأول.
  • التغاضى عن احتكار بعض السلع الأساسية المستخدمة فى عمليات البناء مثل حديد التسليح (حديد عز).
  • اتباع أسلوب المزادات فى عملية بيع الأراضى التى يتم تخصيصها من قبل الدولة (ممثلة فى وزارة الإسكان) الأمر الذى ترتب عليه ارتفاع شديد فى أسعارها، ومن ثم ارتفاع كل أسعار العقارات بالتبعية.
  • اتسمت عمليات تخصيص الوحدات بغياب الشفافية وخضوعها للمحسوبية وغياب الرقابة القانونية.
  • جاءت أنماط الحيازة بنسبة 90% للتمليك و10% للإيجار، ومن ثم لم تحقق تطلعات الفئات المستهدفة من محدودى الدخل والفقراء والأكثر فقرا والتى لا تستطيع دفع مقدم لتملك الوحدة وتعجز أيضا عن دفع الأقساط الشهرية المرتفعة.
  • معدلات الأقساط أو الإيجار لبرنامج الإسكان القومي كانت تتجاوز 30% من دخل الأسر الفقيرة والأكثر فقرا، فى حين أن الدراسات المختلفة أوضحت أن أكبر قدر يُمكن للأسرة أن تنفقه من دخلها على جميع النفقات ذات الصلة بالسكن (مثل الإيجار أو الأقساط أو فواتير المرافق أو رسوم الصيانة والضرائب) يتراوح بين 20 إلى 30% فقط، وعليه فإن الفئات المستهدفة لم تستطع الوفاء بالشروط المالية المحددة للتأهل للحصول على وحدات سكنية.
  • عجز محدودى الدخل أيضا عن الوفاء بالشروط والالتزامات المادية اللازمة لتملك وحدات الإسكان القومى حيث إنه يُشترط للحصول على قرض من أجل تملك وحدة سكنية العمل فى وظيفة رسمية، الأمر الذى جعل إمكانية تملك الوحدات مستحيلا لقرابة 64 % من القوى العاملة والذين يعملون في وظائف بلا عقود رسمية.
  • التشوه الجغرافي في تخصيص الوحدات بما لا يتلائم مع واقع أعداد السكان فى محافظات مصر المختلفة ، ففى حين حظيت القاهرة الـكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) بنصيب كبير من وحدات الإسكان الشعبي قد يتجاوز 40% على الرغم من أن عدد سكانها يتجاوز 20% فقط من إجمالي عدد سكان مصر آنذلك، بينما حظيت محافظات الصعيد على نصيب متدني من الوحدات على الرغم من توافر أرض بها مخصصة لهيئة المجتمعات العمرانية وتصلح لبناء مدن جديدة ولها ظهير صحراوى.
  • عدم ملائمة الوحدات للسكن: قدم برنامج الإسكان القومى نموذجين من الوحدات ، الأول بإجمالى مساحة 42 مترا (صافى مساحة 37 مترا) ، والثانى بمساحة 63 مترا (صافى مساحة 54 مترا) وجميعها مساحات متدنية للغاية لا تلبي احتياجات المواطنين، لاسيما وأن الفئة المستهدفة من محدودي الدخل تتسم أسرها بزيادة عدد أفرادها.
  •  عدم رضا الأفراد عن المسكن ومواصفاته الهندسية والإنشائية ، فتشير البيانات إلى تعرض وحدات كثيرة للهبوط والميل والتصدعات مثلما حدث فى مشروع “هرم سيتي” أحد مشاريع محور ”المستثمرين“ الذي نفذه القطاع الخاص.
  •  عدم توافر الخدمات والمرافق فظلت عشرات الآلاف من الوحدات السكنية بدون مرافق وخدمات توفر احتياجات قاطنيها، ولعل مشروع ” ابنى بيتك ” خير دليل على ذلك.
  •  بناء أكثر من 50% من وحدات المشروع القومى للإسكان فى مناطق صحراوية وفى المدن الجديدة البعيدة عن العمران دون توفير الخدمات الضرورية من وسائل مواصلات ومدارس ومستشفيات وأسواق ونقاط شرطة وغيرها.
  • سياسات الإسكان منذ أحداث 2011 وحتى ثورة 30 يونيو 2013

اتسمت هذه الفترة الزمنية بحالة من الانفلات الأمن والفوضى والاضطراب التى أثرت على كل مناحى الحياة فى المجتمع المصري، ومن بينها المجال العمراني حيث انتشرت عمليات البناء العشوائي وشكلت خطرا داهما على المجتمع بأسره وعائقا حقيقيا أمام خطط تحقيق التنمية.

وعلى الرغم من ظهور الحق فى السكن لأول مرة فى دستور 2012 فى المادة 68 التى نصت على ” حق المواطنين فى المسكن الملائم والماء النظيف والغذاء الصحى باعتبارها حقوقا مكفولة، وأن تتبنى الدولة خطة وطنية للإسكان تقوم على العدالة الاجتماعية وتشجيع المبادرات الذاتية والتعاونيات الإسكانية وتنظيم استخدام أراضى الدولة لأغراض العمران بما يحقق الصالح العام ويحافظ على حقوق الأجيال القادمة” ..إلا أن المادة لم تُوضح من المسئول عن تنفيذ تلك الخطة، ومن ثم تلبية الحق فى المسكن، هل هى الدولة أم أطراف أخرى؟ كما لا تُلزم هذه المادة الدولة بتوفير السكن للمواطنين الذين لا يستطيعون تحمله تكلفته المالية، ولا تحدد آليات أكثر وضوحاً لتنفيذ ما يسمى بـ”خطة وطنية للإسكان”.

كما أن المادة 68 لم تُقدم تعريفاً محدداً وواضحاً لمفهوم المسكن الملائم، ولا تربط تعريف المسكن الملائم في الدستور المصري بالمواثيق والمعاهدات الدولية المنظمة لهذا المجال كمرجعية لتعريف معايير الحق في المسكن الملائم.

كانت السياسات المتبعة لحل أزمة الإسكان فى هذه الفترة يشوبها أوجه قصور كثيرة حالت دون وضع حلول جذرية لمشكلة الإسكان ولم تضمن حصول فئات الدخل المحدود على وحدات سكنية، الأمر الذى أدى إلى تنامي أعداد المناطق العشوائية فى جميع أنحاء الجمهورية..ولعل أبرز سلبيات سياسة الإسكان آنذاك ما يلي:

  • غياب البعد الاجتماعي عن المشروعات والاهتمام بالجانب العمراني فقط على حساب باقى الجوانب التنموية.
  • ضعف مشاركة الأهالي والمؤسسات الأهلية فى التخطيط والتنفيذ للمشروعات.
  • قصور فى التنسيق بين مهام الجهات المشاركة من حيث ضعف الاتصال وتداخل المسئوليات.
  • عدم تحقيق المشروعات للاحتياجات الفعلية والأولويات وذلك بسبب عدم وجود رؤية تنمية شاملة لكافة أبعاد المشكلة.
  • عدم استناد السياسات العامة لمشروعات الإسكان للدراسات العلمية، واتسامها بالمركزية.
  • اقتصار تمويل إسكان محدودي الدخل على الحكومة في ظل ضعف إمكانياتها ومواردها، ومحدودية مساهمة القطاع الخاص.
  • لم تحقق السياسة الإسكانية خلخلة فى توزيع السكان حيث أخفقت فى توطين السكان على مساحة تتجاوز الـ7% من المساحة الكلية للدولة.

المراجع

-نجلاء المصيلحى (2017)، الأبعاد الاجتماعية لسياسات الإسكان فى مصر، المجلة الاجتماعية القومية، المجلد الرابع والخمسون، العدد الثالث، ص51

-مروة سيبوية حامد (2018)، رؤية نحو سياسة فعالة لإسكان محدودي الدخل فى مصر: تقييم برنامج الإسكان الاجتماعي بالمدن الجديدة، كلية التخطيط الإقليمي والعمراني، جامعة القاهرة.

-شيماء الشرقاوي (2014)، تقييم سياسات الإسكان فى مصر، منتدى البدائل العربي للدراسات.

– وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، إنجازات الإسكان القومي 2009.

-وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، المشروع القومي للإسكان 2012.

– تصريحات صحفية للمدير التنفيذي لصندوق تحيا مصر تامر عبد الفتاح.

-تصريحات لوزير الإسكان د. عصام الجزار فى ديسمبر 2021.

-الموقع الرسمي لصندوق التنمية الحضرية http://www.isdf.gov.eg

–  نشرة الإسكان فى مصر 2020/2021 الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى يونيو 2022.

– الموقع الرسمي لمركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء https://www.idsc.gov.eg/

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى