تقاريردراسات اقتصاديةرئيسيعاجل

الشراكة المصرية الصينية فى ضوء واقع ومستقبل العلاقات “العربية الصينية”

ترجع العلاقات الصينية العربية إلى أكثر من ألفى عام بين كلا الجانبين، وساهم طرق الحرير فى زيادة الاتصال والربط بينهما بريًا وبحريًا، وكان هناك دائمًا حالة من الحفاظ على استدامة التبادلات والتعاون والانفتاح والمنفعة المشتركة، حيث ترى الدول العربية الصين نموذجا اقتصاديا مستقرا بشكل كبير لاسيما بعد الأزمة المالية العالمية مقارنة بالنموذج الأمريكي والأوروبي.

وفي المقابل ترى الصين أن هناك العديد من الدول العربية التي تستطيع اتباع مسارها اقتصاديًا وذلك من خلال مزيد من عمليات الإصلاح وإزالة الحواجز التجارية، وتعزيز طرق جديدة لتطوير الإنتاج والصناعة حتى تستطيع التحرك واللحاق بالمسار الاقتصادي الصيني.

وتجدر الإشارة إلى وجود علاقات دبلوماسية واقتصادية قوية ربطت بين الصين والدول العربية، وكانت مصر من أوائل الدول التى اعترفت  بالصين وجمهوريتها عام 1956، ثم تلاها في تكوين العلاقات الصينية بعد ذلك كافة الدول العربية بحلول عام 1990، وأسهمت الصين منذ ذلك الحين في تحسين البنية التحتية للدول العربية من طرق وخطوط سكك حديد وإقامة منشآت متنوعة.

وبحلول عام 2004 تطورت العلاقات بين الجانبين العربي والصيني في ظل توقيع وثيقة المنتدى العربي الصيني، والاتفاقية الإطارية للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني ما بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي تحديدًا والتي مهدت بعد ذلك لإقامة منطقة التجارة الحرة بين كلا الجانبين.

وفى ضوء الأهمية النسبية للعلاقات العربية الصينية والصينية المصرية التى تطورت تطورا مطردا خلال العقود القليلة الماضية، يأتى هذا التقرير ليُسلط الضوء على واقع العلاقات الاقتصادية البينية وبيان دوافع زيادة التواجد الصينى بالمنطقة فى ضوء حالة الاستقطاب الحاد الذى يشهدها العالم فى التوقيت الاستثنائي الراهن، وذلك من خلال المحاور التالية:

أولًا: ملامح العلاقات الصينية العربية

ثانياً: العلاقات الاقتصادية العربية الصينية مع تسليط الضوء على مصر

  • العلاقات الاقتصادية الصينية العربية
  • العلاقات الاقتصادية الصينية المصرية

ثالثاً: حجم الاستثمارات الصينية في الدول العربية ومصر

 أولًا: ملامح العلاقات الصينية العربية

جاء التطور المتسارع فى العلاقة البينية بعد توقيع وثيقة لإقامة تعاون استراتيجي شامل بين كلا الجانبين قائم على التنمية المشتركة عام 2010، تأسيسا على ما تم عام 2005 من توقيع عدد كبير من الدول العربية عدد من الاتفاقيات الثقافية والتربوية مع الصين، وساعدت هذه الاتفاقيات على خلق ووجود ثقة متبادلة سهلت انضمام مزيد من الدول العربية وتأييدها لعدد كبير من المبادرات الصينية سواء على الصعيد الإقليمي والدولي مثل مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية والأمن العالمية، ومبادرة الوساطة العالمية، ومؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا ومنظمة شنغهاي للتعاون (SCO).

وأصبح لبكين مصالح اقتصادية واستراتيجية كبيرة في الوطن العربي، ومؤخرا شهدت العلاقات الصينية العربية تطورا كبيرا على مستويات عدة حيث تم توقيع عدد من المذكرات لتعزيز الأمن والاستثمارات في المنطقة. كما تعتبر الدول العربية تعتبر داعما أساسيا وكبيرا لمبادرة الحزام والطريق الصينية التي شهدت انضمام 20 دولة عربية ، وتستمر الصين فى جذب الدول للمبادرة لما سيعود عليها وعلى دول طريق الحرير من نفع كبير. وتحرص الصين على التعاون مع الدول العربية وفقًا لمبدأ المنفعة المتبادلة والسعي لتحقيق مكسب متبادل ومشترك.

تركزت أوجه التعاون المستهدف من قبل الصين في الدول العربية في مجالات الطاقة بشكل رئيسي والبنية التحتية والاستثمار والتجارة والطاقة النووية والجديدة. وساهمت سياسة الصين الحيادية وأجندتها الخالية من التدخل السياسي في الشئون الداخلية للدول ومناهضة التدخل الأجنبي، في التوسع الداعم لعمليات التنمية الداخلية للعديد من البلاد العربية، وفى تحقيق الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط فى ظل مساعيها لحل المشكلات القائمة واقتراحها العديد من المبادرات.

وفيما يتعلق بالعلاقات الصينية المصرية، فمصر تُعد أول دولة عربية تُقيم علاقات دبلوماسية مع الصين منذ عام 1956 أي منذ أكثر من 65 عام، ومنذ ذلك الحين، كان هناك حالة من التعاون المتبادل بين الطرفين وتقديم الدعم، حيث دعمت مصر الصين في الأمم المتحدة وفى عدد كبير من مبادئها الجوهرية ومبادراتها، في المقابل ساندت الصين مصر في كافة التحديات والعراقيل التي تواجهها بداية من قرار تأميم قناة السويس ودخول العدوان الثلاثي إلى التأييد في دفاعها ضد الإرهاب والتصدي للتدخل الأجنبي في شئونها الداخلية، وتتفق كلا الدولتين في تبنى وجهة الدعم لقضايا الدول العربية التي تمر بالأزمات والصراعات مثل فلسطين وسوريا وليبيا، ووجود مظلة من التعاون الدولي والاستفادة من العولمة.

وتُعد فترة التسعينيات من أكثر الفترات التي شهدت تطورا مهما على صعيد العلاقات بين الطرفين على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية والاستراتيجية. وفى عام 1999 ، تم توقيع اتفاق تعاون استراتيجي بين البلدين، وتزايدت حركة السياحة والتنقل والزيارات، وتلاها توقيع مزيد من الاتفاقيات الهامة التى عززت من الدور الاقتصادى للصين فى المنطقة العربية والقارة الإفريقية ككل.

ثانياً: العلاقات الاقتصادية العربية الصينية مع تسليط الضوء على مصر

1-العلاقات الاقتصادية الصينية العربية:

تعتبر الصين الدول العربية بمثابة سوق كبير وهام لترويج منتجاتها، وتحقيق أرباح كبيرة تحديدًا في عقود الإنشاء والبناء التى تنفذها الشركات الصينية. وتتوسع في وجودها في الدول العربية في قطاعات هامة مثل البنية التحتية والتكنولوجيا والاتصالات والصناعة والنقل والطاقة، فضلا عن محاولاتها لإبرام شراكات في مجالات جديدة مثل التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي وتبادل العملات المشفرة، ودائمًا ما تسعى لاتخاذ أنماط جديدة تساعد على تيسير عمليات التمويل وتعزيز التجارة البينية بين الطرفين، ومن أهم مؤسسات التنمية بين الجانبين التي تم تأسيسها هو مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية عام 2020.

يتركز استهداف الصين للدول العربية على قطاعات هامة يأتي فى مقدمتها قطاع الطاقة، حيث تمد الدول العربية الصين بما يقرب من 50% من احتياجاتها من النفط، حيث تعتبر الصين من أكبر الدول المستوردة للنفط عالميًا، فقد ارتفع استهلاك الصين من النفط من 2.9 مليون برميل يوميًا عام 1993 إلى 14 مليون برميل يوميًا عام 2020، وذلك وفقًا لإدارة الجمارك الصينية، وكذلك قفزت وارداتها من النفط من الدول العربية ما يعادل تقريبا سبعة أضعاف من نحو 0.8 مليون برميل فى اليوم عام 2003 إلى 5.1 مليون برميل عام 2020.

يوضح جدول (1) أكبر المناطق التي تستورد الصين منها النفط وفقًا لبيانات إدارة الجمارك الصينية لعام 2020

المصدر: بيانات إدارة الجمارك الصينية عن واردات الصين من النفط

وتجدر الإشارة هنا إلى تزايد طلب الصين على النفط من الدول العربية حيث تعتمد عليه بشكل أساسي فى إنتاجها المحلي، وذلك في ظل تراجع الطلب الأجنبي ولاسيما الأمريكي حيث انخفض اعتماد الولايات المتحدة على النفط من منطقة الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، الأمر الذى ساهم فى توطيد العلاقات بين الجانبين العربي والصيني بشكل أكبر.

بلغت واردات الصين من النفط من الدول العربية نحو 264 مليون طن عام 2021، وفقًا لبيانات إدارة الجمارك الصينية. ومن أكبر الدول العربية المصدرة للنفط للصين دولة السعودية والعراق وعمان والإمارات والكويت. وتُعد السعودية أكبر مصدر لواردات الصين من النفط، فقد جاءت مساهمة السعودية بمفردها في النفط المصدر للصين من العالم 17.4% عام 2021.

ويشهد التبادل التجاري بين الصين والدول العربية زيادة مُطردة في أغلب السنوات منذ عام 1954، حيث يوضح الشكل (1) حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية لسنوات مختارة منذ 1954 وحتى 2021، حيث زاد من 12.2 مليون دولار عام 1954 ليصل إلى 330 مليار دولار عام 2021، بزيادة قدرها 37% عن عام 2020.

الشكل (1): حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية (2021-1954) بالمليار دولار

وبحسب بيانات مركز التجارة العالمي، جاء أكبر الشركاء التجاريين العرب لدولة الصين عن عام 2020 كالتالي: السعودية حيث بلغ حجم التبادل التجارى بين الدولتين نحو 67.1 مليار دولار، يليها الإمارات بحجم تبادل تجارى بلغ 49.2 مليار دولار، ثم العراق بحجم تبادل تجارى بلغ 30.2 مليار دولار، وعمان بحجم تبادل تجارى بلغ 18.6 مليار دولار، وختامًا مصر بحجم تبادل تجارى بلغ 14.5 مليار دولار.

وشهدت فترة كوفيد 19 محاولات متعددة لأجل تعزيز الدعم والتعاون الصيني العربي في مجال الصحة، حيث قدمت العديد من الدول العربية ولاسيما دول التعاون الخليجي ومصر دعما قويا للصين خلال تلك الفترة من توفير لبس واقي وكمامات، وفى المقابل قدمت الصين الدعم بتقديم اللقاحات للدول العربية حيث قامت بالتصدير والتبرع بأكثر من 72 مليون جرعة من اللقاحات إلى 17 دولة عربية وجامعة الدول العربية، وذلك حتى أغسطس 2021، ويستمر إصرار كلا الجانبين على تعزيز التعاون في العمل والإنتاج وإعادة البناء الاقتصادي والسيطرة على الآثار السلبية للوباء على كلا الجانبين، كذلك التعاون في مجال الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية.

وجاءت القمة العربية الصينية التى أقيمت مؤخرًا فى العاصمة السعودية الرياض لتؤكد على وجود مرحلة جديدة من التطور في العلاقات والشراكات الاستراتيجية بين كلا الجانبين، وتلعب السعودية ومصر دورا كبيرا فى هذا الصدد وفقًا لرؤيتهما للتنمية 2030.

وتكمن الأسباب والدوافع الأساسية للعلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والصين كالتالي:

  • تُتيح الدول العربية للصين سوقا كبيرا لتسويق منتجاتها، وتُعد مصدرا هاما لاستيراد النفط والذي تعتمد عليه الصين بشكل كبير كونها من أكبر مستوردي النفط فى العالم.
  • تُعد الصين أكبر دولة من حيث عدد السكان، وأكبر اقتصاد فى العالم من حيث القوة الشرائية، وثاني أكبر اقتصاد فى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث القيمة السوقية، ومن المتوقع أن تصبح أكبر اقتصاد فى العالم بحلول 2030 .
  • تمثل الدول العربية بالنسبة للصين مكانا هاما للتجارة والاستثمارات والإنشاءات، ووجهة لتطوير العمل في مجالات الطاقة والبنية التحتية.
  • ترى الصين الدول العربية أساسا نحو استمرار وتعزيز مبادرة الحزام والطريق التي ستعود بالنفع عليها وعلى دول الحرير حيث انضمت إلى المبادرة نحو 20 دولة عربية.
  • في المقابل ترى الدول العربية الصين من أهم وأكبر المستوردين للنفط عالميًا حيث تستورد أكثر من 50% من النفط من الدول العربية.
  • تُعتبر الصين شريكا في برنامج التنويع الاقتصادي الذي تحاول الدول العربية تبنيها بهدف تقليل الاعتماد على تصدير الطاقة والموارد الأولية والتحول لمركز اقتصادي مهم بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.
  • كلا الجانبين بينهما حجم كبير من التبادل التجاري والاستثمارات والإنشاءات في كافة المجالات.

ب- العلاقات الاقتصادية الصينية المصرية:

تتمتع مصر والصين بعلاقات اقتصادية هامة ترجع لأكثر من 6 عقود وذلك منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين عام 1956، حيث تعد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين محركا للتعاون المشترك.  وشهدت تلك السنوات توقيع عدد من الاتفاقيات لتطوير الاتفاق التجاري والاقتصادي بينهما، حيث تم إنشاء مكتب تجارى في كل دولة عام 1955 لتعزيز التبادل التجاري بينهما، وتم توقيع اتفاقية بين الصين ومصر عام 1964 للتعاون الاقتصادي والتقني ووجود بروتوكول تجارى محدد.

ونتيجة لذلك زاد التوافد التجاري بين الصين ومصر وحرصت الدولتان على توقيع الاتفاقيات لتبادل الخبرات في المجالات الطبية والزراعية والمعدات والصناعات التقليدية، وفى عام 1997 تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات لإقامة استثمارات في قناة السويس، والدفع بالتعاون الفنى والتجارى والتعاون في مجالات الكهرباء والطاقة وتطوير مجالات التنمية للأسرة والريف.

وشهد حجم التبادل التجارى بين الدولتين ارتفاعا ملموسا على مدار السنوات خاصة الأخيرة، وهذا ما يوضحه الشكل (2) حيث ارتفع حجم التبادل التجاري من 11 مليون دولار عام 1953 ليصل إلى 20 مليار دولار عام 2021، وذلك بزيادة قدرها 37.35% عن عام 2020، لتصبح الصين ولأكثر من 8 سنوات أكبر وأهم شريك تجارى لمصر.

الشكل (2): حجم التبادل التجاري بين مصر والصين (2021-1953) بالمليار دولار

وفى ضوء الأهمية البالغة للتعاون المصري الصينى فى هذه المرحلة، يمكن إرجاع دوافع وأسباب اهتمام البلدين بتعزيز التعاون ليصل إلى مستواه الاستراتيجى الحالى والمستقبلى على النحو التالى:

  • تُعد مصر سوقا كبيرا وهاما للمنتجات الصينية حيث يقطنها أكثر من 100 مليون مستهلك، وهي بوابة لترويج منتجاتها للمستهلكين بالدول الأخرى المجاورة، وهي كذلك بوابة لأكثر من مليار مستهلك من دول تحظى فيها السلع المنتجة بمصر بمعاملة مُفضلة.
  • تُمثل مصر أهمية تجارية فى سياق مبادرة الحزام والطريق والتى تعد من أهم المبادرات الصينية لتنشيط التجارة للصين ودول طريق الحرير، وذلك نظرا لأن قناة السويس تعتبر محطة رئيسية للطريق البحري للمبادرة.
  • تُمثل الصين لمصر مستثمرا كبيرا وهاما يُساعدها على لعب دور محوري وفاعل في الشرق الأوسط وإفريقيا.
  • تسعى الصين لإقامة مناطق لوجستية للاستفادة من قناة السويس وطريق الحرير الصيني لتساهم في تنشيط التجارة بين الطرفين والعالم.
  • الصين من أكثر الدول التي لديها تبادل تجارى مع الدول العربية ومصر، كذلك مصر من الدول الداعمة لمبادرة الحزام والطريق وهي من أهم المبادرات الصينية لتنشيط التجارة للصين ودول طريق الحرير.
  • تتفق كلًا من الصين ومصر في الآراء السياسية الداعمة للقضايا العربية وعدم التدخل الأجنبي، ودعم الدول العربية التي تعاني من الأزمات والصراعات، ودائمًا ما كانت الصين ومصر في حالة دعم وتعاون متبادل في ظل جائحة كورونا وغيرها من أزمات الثورات ومكافحة الإرهاب.
  • تمتُع مصر بثقل سياسي واقتصادي وقوة تأثير على الصعيد العربي والإقليمي والعالمي، واحترام كبير لدى الأوساط الرسمية والشعبية الصينية.

ثالثاً: حجم الاستثمارات الصينية في الدول العربية ومصر

1-الاستثمارات الصينية فى الدول العربية

عملت الصين على تأسيس العديد من الاستثمارات وإقامة المشروعات في الدول العربية في مجالات متنوعة، ومن بينها مشروع ميناء الوسط بالجزائر، ومشروع محطة حاويات في الإمارات في ميناء خليفة، ومشروع ميناء الصداقة في موريتانيا، ومشروع جسر محمد السادس في المغرب، ومشروع استاد لوسيل بقطر، ومشروع محطة العطارات لتوليد الكهرباء في الأردن، ومشروع محطة كهرباء متنقلة في صحار في عمان، ومشروع محطة كهرباء في السودان.

 وقدمت الصين في 2016 قروضا تُقدر بقيمة 15 مليار دولار لتحسين وتطوير التصنيع في الشرق الأوسط، وبقيمة 15 مليار دولار لتطوير الإنتاج الصناعي، بالإضافة للإنفاق على إقامة صناديق استثمارية بقيمة 20 مليار دولار مع قطر والإمارات للاستثمار فى قطاعات الطاقة وخاصة الطاقة النووية، وبقيمة 20 مليار دولار للدول العربية التي تعاني من الأزمات والصراعات مثل فلسطين وسوريا وليبيا.

كذلك أقامت الصين مشاريع متنوعة في عمان مثل المنطقة الصينية الصناعية، وفى السعودية منطقة جازان الصناعية الصينية، ووجود حديقة نموذجية للتعاون الصيني الإماراتي في الطاقة الإنتاجية، واستمرار مشروع منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر، واقتراح عدد من المشروعات عام 2020 لإتمامها بالسودان مثل المشاركة في إنشاء حدائق صناعية وتطوير للسكك الحديد وغيرها من المشروعات.

يوضح جدول (2) حجم الاستثمارات والإنشاءات الصينية في الدول العربية خلال الفترة (2005-2022)

الدولةالاستثماراتالإنشاءات
الجزائر430 مليون دولار26.54 بليون دولار
البحرين1.42 بليون دولارلا يوجد
مصر5.99 بليون دولار18.8 بليون دولار
العراق13.58 بليون دولار18.06 بليون دولار
الأردن1.96 بليون دولار4.54 بليون دولار
الكويت650 مليون دولار11.1 بليون دولار
المغرب390 مليون دولار1.91 بليون دولار
قطر100 مليون دولار7.9 بليون دولار
السعودية12.78 بليون دولار36.79 بليون دولار
السودان260 مليون دولار6.58 بليون دولار
سوريا3.76 بليون دولار300 مليون دولار
تونسلا يوجد110 مليون دولار
الإمارات7.92 بليون دولار29.09 بليون دولار
اليمن470 مليون دولار1.24 بليون دولار

المصدر: The China Global Investment tracker

وفقا للجدول السابق، فإن أكبر الدول العربية التي استثمرت بها الصين لعام خلال الفترة (2005-2022) هي العراق بحجم استثمارات بلغ 13.58 بليون دولار، يليها السعودية ب 12.78 بليون دولار، ومن ثم الإمارات ب 7.92 بليون دولار، وأكبر الدول التي تقيم بها الصين إنشاءات هي السعودية بحجم إنشاءات بلغ 36.79 بليون دولار، يليها الإمارات بـ 29.09 بليون دولار، ومن ثم الجزائر ب 26.54 بليون دولار.

2- الاستثمارات الصينية فى مصر

تزايدت الاستثمارات الصينية فى مصر بشكل كبير خلال العقدين الماضيين لتصبح سادس أكبر مستثمر فى مصر فى ظل وجود نحو 140 شركة صينية، حيث كان هناك 35 مشروعا استثماريا صينيا في عام 2005 ، وبحلول عام 2007 زاد حجم الاستثمارات ليصل إلى 400 مليون دولار، وتم حينها توقيع اتفاقية لتأسيس شركة مصرية صينية لتنمية منطقة قناة السويس الاقتصادية ومبنى للمستثمرين، وكان الهدف من ذلك جذب استثمارات تقدر ب2.5 مليار دولار.

وفى عام 2010 تم وضع عدد من المحاور للتعاون المشترك بين البلدين في التصنيع في مجالات المواسير والحفارات، والتعاون في قطاع البترول والغاز الطبيعي والتكنولوجيا وتدريب العمالة، وتم عمل مذكرة لإنشاء أكبر مصفاة للتكرير في مصر بطاقة تصل إلى 15 مليون طن سنويًا، كذلك إنشاء وحدات تحويلية حديثة ومتطورة تنتج منتجات عالية الجودة بتكلفة بلغت 2 مليار دولار.

بحلول عام 2014 انضم 12 مستثمرا صينيا يمثلون كبرى الشركات متعددة الجنسيات للاستثمار في مصر باعتبارها أهم وأكبر أسواق ترويج المنتجات، وفى عام 2019 تم استقبال وفد صيني بحري لبحث إقامة محطة تداول حاويات بميناء أبوقير بالإسكندرية. وقام التحالف المصرى الصيني سامكريت-CCECC‏-CRCC بتنفيذ مشروع القطار السريع “السخنة-العلمين”، بتكلفة بلغت 9 مليار دولار، وكذلك تم الاتفاق على التصنيع المشترك للعربات في بورسعيد من خلال إنشاء مصنع لتصنيع العربات في مصر.

ومن أهم المشروعات المشتركة أيضا البرج الأيقوني في العاصمة الإدارية، ومشروع سكك حديد العاشر من رمضان، ومشروع أبراج مدينة العلمين الجديدة، ومركز تجميع واختيار الأقمار الصناعية المصرية، ومشروع تنفيذ القمر الصناعي سات 2. وفي عام 2021، تم توقيع مذكرات تعاون في مجال التحول الأخضر والزراعة الذكية، والتحول من النفط إلى الغاز، وتنظيم توفير المياه بالري الذكي. كما قامت شركة هواوى الصينية بتركيب مرافق اتصالات ذات جودة عالية للسكان في الصحراء وتقديم خدمات حفر الآبار العميقة في العديد من المحافظات، وتساهم في التدريب والتأهيل للكوادر البشرية.

جدول (3) يوضح حجم الاستثمارات والإنشاءات الصينية في مصر وفقًا للقطاعات خلال الفترة (2022-2005)

القطاعالاستثماراتالإنشاءات
الطاقة3.45 بليون دولار5.58 بليون دولار
اللوجستيات150 مليون دولار500 مليون دولار
الزراعةلا يوجد400 مليون دولار
الكيماوياتلا يوجد1.69 بليون دولار
التعدين940 مليون دولارلا يوجد
العقارات510 مليون دولار7.18 بليون دولار
النقللا يوجد2.51 بليون دولار

المصدر: The China Global Investment tracker

          ويتضح من الجدول السابق أن القطاعات التي تركزت بها الاستثمارات الصينية بمصر خلال الفترة (2005-2022) هي قطاعات الطاقة يليها التعدين ومن ثم العقارات، والقطاعات التي تركزت بها الإنشاءات هي قطاعات العقارات يليها الطاقة والنقل.

هذا وقد تم تدشين مؤسسة “رجال الأعمال المصريين الصينيين” بهدف الدفع بمزيد من الاسثمارات الصينية فى السوق المصرية وتعميق علاقات الشراكة، وضمان تواصل مستمر وبناء بين الطرفين وإزالة أية  معوقات قد تُواجه جهود تعظيم الاستثمارات.

حاصل القول:

يمر العالم بحالة عدم استقرار شديدة الاستقطاب بين القوى الدولية، وفى ضوء حالة عدم اليقين والضبابية الحالية على مستوى السياسة الخارجية للدول الكبري، تكتسب العلاقات الصينية العربية زخماً غير مسبوق بشكل عام، والعلاقات المصرية الصينية بشكل خاص.

وتستهدف الصين من التوسع الدولى عربيا وإفريقا الوصول للأسواق عن قرب إلى جانب استخدام ما لدى هذه الدول من ثروات ومعادن ومصادر طاقة تعد هى الأقل سعرا على الإطلاق بما يعزز من الدور الاقتصادى للصين عالمياً، وهو ما دفع بمزيد من وجود العلاقات العربية مع الصين فى إطار رسمي مؤسسى عكس ما كان قائما وهو ما يمكن إرجاعه لتراجع الدور الأمريكى فى المنطقة منذ سنوات.

وفى ظل تزايد حجم الاستثمارات الصينية عالميًا ولاسيما في دول الشرق الأوسط وإفريقيا، والتعامل بالدولار الأمريكي كعملة أساسية تكتسب قوة كبيرة أمام العملات الأخري كلما زاد الطلب عليها، حاولت الصين مؤخرا طرح فكرة التعامل بالعملة الصينية اليوان الصيني في تعاملاتها مع الدول، ويتوقف هذا على قبول الدول الأخرى ومدى قوة اليوان الصيني والطلب عليه عالميًا لاسيما في ظل استمرار اتجاه الصين نحو الصعود لقمم اقتصاديات العالم القوية.

وهنا نشير إلى حقيقة وجود اضطرابات مؤقتة فى الأنظمة الاقتصادية وكذا السياسية المتقاربة من القطب الشرقى بقيادة الصين نتيجة ارتباط النظم الحالية الاقتصادية والسياسية بالمنطقة العربية بالنظام الاقتصادى العالمى الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وفى ظل تزايد حدة الأزمة الاقتصادية العالمية، تتجه الدول العربية نحو تعزيز علاقاتها مع الصين، والدفع بمزيد من تعميق الاعتمادية على الجانب الصينى فى دعم الأسواق المالية بها.

المصادر

  • طريق الحرير الجديد: كيف يتحول العالم العربي الصاعد بعيدًا عن الغرب ويعيد اكتشاف الصين، كتاب، بن سيمفيندروفر.
  • مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القمة العربية الصينية نحو بناء مجتمع عربي صيني ذي مصير مشترك، مقال، جعفر كرار أحمد.
  • العلاقات العربية الصينية: الحاضر وآفاق المستقبل، مجلة الشئون العربية الأوراسية، مقال، ناصر التميمي.
  • منصة اقرأ، العلاقات المصرية الصينية إلى أين؟، مقال، تمارا برو.
  • مركز التجارة العالمى، Trade Map
  • The China Global investment Tracker.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى