أوراق بحثيةدراسات اقتصاديةدراسات التنميةرئيسيعاجل

تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميا ومحليا

الملخص التنفيذي:

تسبب فيروس كورونا فى دخول العالم فى أزمة لم يسبق لها مثيل من قبل في العقود الأخيرة من حيث آثارها الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث تجاوزت آثارها حجم الآثار التي وثقها المختصون الاقتصاديون تحديدًا في الأزمات العالمية الأخيرة، التي تتضمن الأزمة المالية الآسيوية عام 1997، والركود الكبير عام 2008، وتفشي فيروس إيبولا في عام 2014.

ويمكن تتبع هذه الآثار الخطيرة من خلال رصد أوضاع الفقر فى العالم، فعلى إثر الجائحة ازداد معدل الفقر المدقع عالميا إلى ما يقدر بنحو 9.3% فى عام 2020 ، وذلك بعدما كان 8.4% فى عام 2019، كما أنه من المتوقع أن يعيش ما بين 667 و685 مليون شخص عام 2022 في فقر مدقع، وهو ما يعنى أن الأعداد التى أشارت إليها التنبؤات قبل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، تزداد ما بين 70.5 و 88.8 مليون شخص أكثر مما كان متوقعًا قبل الجائحة، وهو ما يعنى أن عام 2022 قد يكون أسوأ عام فى جهود الحد من الفقر فى العقدين الماضيين (بعد عام 2020)، وذلك الأمر من شأنه أن يُقوض المكاسب التي تحققت في2021 للحد من الفقر، مما يُنذر بعدم القدرة على تحقيق هدف التنمية المستدامة الأول بالقضاء على الفقر المدقع وتخفيض نسبة الأشخاص الذين يعانون الفقر.

وفي ضوء ما سبق، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دارية” ورقة بحثية ترصد وتُقيم آثار جائحة كورونا على أوضاع الفقر فى العالم، فضلا عن آثارها على الأسر المصرية ومعدل الفقر على الصعيد المحلي، وذلك من خلال المحاور التالية:

أولا: مفهوم الفقر وطرق قياسه.   

ثانيًا: تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميًا.

  1. معدلات الفقر في العالم قبل وبعد الجائحة.
  2. أسباب ارتفاع معدلات الفقر نتيجة الجائحة.

ثالثا: الجهود الدولية لتخفيف أزمة كورونا على الفقراء.

رابعا: تأثير الجائحة على معدلات الفقر في مصر.

  1. معدلات الفقر في مصر.
  2. تأثير كورونا على معدلات الفقر في مصر.

خامسا: جهود الدولة المصرية لحماية الفقراء أثناء الجائحة.

تأتي أبرز النتائج التي توصلت إليها الورقة كالتالي:

ارتفع معدل الفقر المدقع عالميا إلى ما يقدر بنحو 9.3% فى عام 2020، وذلك بعدما كان 8.4% فى عام 2019.

  • تسببت جائحة كورونا فى سقوط أكثر من 70 مليون شخص آخرين فى براثن الفقر المدقع فى عام 2020، مقارنة بعام 2019.
  • ارتفع الإجمالي العالمي من الأشخاص الذين يعيشون فى فقر عام 2020 إلى ما يزيد على 700 مليون شخص.
  • انخفض الفقر عام 2021، ولكن وتيرة التعافي من الفقر لم تكن قوية بما يكفي لعكس مسار الزيادة في عام 2020، ولا يزال 42.2 مليون شخص آخرين فقراء في عام 2021 مقارنة بعام 2019.
  • من المتوقع إضافة ما بين 70.5 و 88.8 مليون شخص لأعداد الذين يعانون من الفقر المدقع فى عام 2022.
  • يبلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون فى فقر متعدد الأبعاد نحو 1.2 مليار شخص، 92% منهم يعيشون في الدول النامية.
  • شهد عام 2020 خسارة ما يقدر بنحو 8.8% من إجمالي ساعات العمل في العالم، بما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل.
  • من المتوقع حدوث عجز عالمي في ساعات العمل بما يعادل 52 مليون وظيفة بدوام كامل.
  • وصل عدد العاطلين عن العمل إلى 207 مليون شخص مقابل 186 مليونا في 2019، ومن المتوقع أن تظل الأعداد فى ازدياد عام 2023 .
  • تراجعت نسبة المشاركة في القوى العاملة حول العالم في 2020 بواقع 2.2%.
  • تراجع مستوى الدخل في العالم عام 2020 بحوالي 3.7 تريليون دولار، وهو ما يمثل حوالي 4.4% من إجمالي الناتج العالمي.
  • من المتوقع أن يصل عدد الشباب العاطلين عن العمل فى العالم إلى 73 مليون فى 2022.
  • من المتوقع ارتفاع معدلات التضخم العالمية من 4.5% إلى 8.8% في 2022.
  • تراجعت معدلات الفقر في مصر إلى 29.7% خلال العام المالي 2019-2020، مقارنة بـ32.5% عام 2017-2018، بنسبة انخفاض قدرها 2.8%.
  • ارتفع معدل البطالة في الربع الثاني عام 2020 ووصل إلى 9.6% مقارنة بنسبة 7.5% في الربع الثاني من عام 2019، واستقر عند مستوى 7.2%، 7.4% خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2022 على التوالى.
  • انخفض معدل التضخم السنوي عام 2020 إلى 5.1% مقارنة بـ8.5% عام 2019، إلا أن المعدل عاد للارتفاع عام 2021 ليصبح 5.9% وواصل الارتفاع في عام 2022 ليسجل في أكتوبر 16.2%.
  • ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 3.83 ألف دولار في العام المالي 2021، وهي زيادة بنسبة 6.8%، حيث كان 3.58 ألف دولار عام 2020.

أولا: مفهوم الفقر وطرق قياسه  

يُعرف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الفقر بأنه المجاعة،  والافتقار إلى اللباس والغطاء الضروريين، وإلى الخدمات الصحية الأساسية، والتعليم الأساسي، والمسكن المناسب، والمياه الصالحة للشرب، والعمل المناسب. ووضعت هذه الوكالات المالية الدولية معايير أساسية لقياس الفقر، وكان أهم تلك المعايير هو مستوى الدخل أو مستوى الاستهلاك، ولقد وُضع معيار لذلك سمي خط الفقر، وخط الفقر هو مستوى الدخل اللازم لإشباع الحاجات الأساسية للإنسان.

يستخدم البنك الدولي معدلات تعادل القوة الشرائية – وهي أسعار الصرف التي تعكس فروق الأسعار النسبية بين البلدان – لاستنباط خط الفقر الدولي وتقدير معدل الفقر في العالم، ويتحدد خط الفقر الدولي على أساس خط الفقر الوطني النمطي في أفقر بلدان العالم، وتستخدم معدلات تعادل القوة الشرائية في تحويل خطوط الفقر الوطنية وكذلك قيمة دخل الأسر واستهلاكهًا – وهما أساس قياس الفقر في العالم – إلى عملة موحدة فيما بين البلدان وهي الدولار.

وقام البنك الدولي بتعديل خط الفقر الدولي أكثر من مرة ليتماشى مع تطور الفروق فى مستويات الأسعار عبر دول العالم، وأصبح فى 2022 خط الفقر العالمي الجديد مُحدد بمبلغ 2.15 دولار للفرد في اليوم باستخدام أسعار 2017. وهذا يعني أن أي شخص يعيش على أقل من 2.15 دولار في اليوم يُعد شخصاً في حالة فقر مدقع.

كما تم تعديل الخط الخاص بالشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل من 3.20 دولارات للفرد يوميًا إلى 3.65 دولارات، وأيضًا تم تعديل الخط الخاص بالشريحة العليا في البلدان متوسطة الدخل من 5.50 دولار يوميًا للفرد إلى 6.85 دولارات، ويمكن توضيح أن تأثير كورونا لم يقتصر على خط الفقر 2.15 دولار فقط وإنما كان هناك تأثير عند الخطوط الأخرى، ولكن سيتم التركيز على خط الفقر المدقع 2.15 دولار.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يُمكن قياس الفقر بطرق مختلفة من قبل الحكومات والمنظمات الدولية وصانعي السياسات باعتبار الفقر ظاهرة متعددة الأبعاد، وتشمل عوامل اجتماعية وطبيعية واقتصادية . وعليه توجد طريقتين لقياسه: الأولى تتمثل فى  القياس المطلق للفقر absolute poverty measure والذى يعتمد على تحديد حد أدنى يحتاج إليه الفرد للوفاء باحتياجاته الأساسية ومن يقل دخله عن هذا الحد يعد فقيرا، علما بأنه يتم احتساب الحد الأدنى وفقا لأسعار السلع والخدمات الأساسية التى تلزم الفرد بصورة شهرية. وهذه الطريقة تستند إليها المنظمات الدولية من خلال تحديد حد أدنى يومى بالدولار الأمريكى لدخل الفرد كما ذكرنا سابقا، وتتبعه مصر أيضا.

والطريقة الثانية تتمثل فى القياس النسبى للفقر relative poverty measure الذى يعتمد على السياق الاجتماعي وأنماط الاستهلاك السائدة فى المجتمع، ومن ثم يتم قياس الفقر عن طريق تحديد نسبة مئوية من متوسط دخول الفرد بالدولة ومن يقل دخله الشهرى عن هذه النسبة يعتبر فقيرا.

وتوجد مؤشرات متعددة يتم قياس الفقر من خلالها، وأحدثها مؤشر الأمم المتحدة العالمي للفقر متعدد الأبعاد Multidimensional; Poverty Index “MPI” الذى يأخذ فى الحسبان التعليم والصحة والخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، ومن ثم يرصد وضع الفقر بشكل كامل ولا يقتصر على قياس حجم الدخل فقط، كما هو مُوضح بالشكل رقم (1):

شكل رقم (1) يوضح أبعاد مؤشر الأمم المتحدة العالمي للفقر متعدد الأبعاد

ثانيا: تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميا

  1. معدلات الفقر في العالم قبل وبعد الجائحة:

أصدر البنك الدولي تقريرا بعنوان “الفقر والرخاء المشترك لعام 2022” يرصد فيه أوضاع الفقر فى العالم فى أعقاب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية. وتشير التقديرات الواردة فى التقرير إلى أن الجائحة دفعت نحو 70 مليون شخص للسقوط في براثن الفقر المدقع في عام 2020، وهي أكبر زيادة في عام واحد منذ أن بدأ رصد أوضاع الفقر في العالم في 1990.

الشكل (2) التبؤات الآنية للفقر المدقع على الصعيد العالمي وفقًا لخط الفقر الدولي الجديد (2.15 دولار):

يتضح من الشكل (2) أن معدلات الفقر كانت آخذه في الانخفاض حتى عام 2019 وكانت التوقعات لعام 2020 قبل الجائحة باستمرار الانخفاض من 648.1 مليون عام 2019 إلى 628 مليون عام 2020 ولكن أصبحت بعد الجائحة 718.8 مليون أي أن هناك 70 مليون شخص آخر عاشوا في فقر مدقع في عام 2020 مقارنة بعام 2019- بزيادة قدرها 12٪ حيث أشارت التقديرات إلى انخفاض دخول أفقر 40% من سكان العالم بنسبة 4% فى 2020.

وأفاد التقرير أنه لولا الجائحة، كان من المتوقع خروج ما يقرب من 20 مليون شخص من براثن الفقر المدقع في عام 2020. ولهذا كان الأثر الصافي للجائحة هو أن 90 مليون شخص آخر عاشوا في فقر مدقع في عام 2020.

ويعكس شكل رقم (2) انخفاض معدل الفقر عام 2021، مما أتاح تحقيق بعض التعافي، لكن وتيرة الحد من الفقر لم تكن قوية بما يكفي لعكس مسار الزيادة في عام 2020؛ ولا يزال 42.2 مليون شخص آخرين فقراء في عام 2021 مقارنة بعام 2019.

وبالإضافة إلى استمرار تبعات الجائحة، هناك حدثان عالميان لا يزالان يتطوران ويحتمل أن تكون لهما آثار سلبية على أوضاع الفقر، وهما الضغوط التضخمية الواسعة النطاق والحرب الدائرة في أوكرانيا فضلًا عن آثار التغيرات المناخية. ولهذا عرض تقرير البنك الدولي توقعات تتعلق بزيادة معدلات الفقر فى عام 2022، حيث أفاد أنه من المتوقع أن يعيش 667 مليون شخص في فقر مدقع، ويزيد هذا العدد بما يعادل 70.5 مليونًا عما كان متوقعا لعام 2022 قبل الجائحة، ولكن بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد يصل إلى 685 مليون شخص يعيشون في فقر، وهذا ما يعادل 88.8 مليون فقير أكثر مما كان متوقع قبل الجائحة، وهو تقريبًا نفس العدد الذي أضيف عام 2020، مما يعني أنه من المتوقع أن يؤدي تباطؤ النمو وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى القضاء على أي مكاسب تحققت في2021.

هذا وقد كشف مؤشر الفقر متعدد الأبعاد 2022 الصادر عن  برنامج الأمم المتحدة الإنمائي  بالتعاون مع مبادرة “أكسفورد للفقر والتنمية البشرية” في جامعة أكسفورد”MPI” ، عن أن نحو 1.2 مليار شخص في 111 دولة حول العالم يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، أي في فقر لا يتوقف عند حدود تدني مستوى الدخل أو المعيشة فقط. يعيش 92 % من هؤلاء في الدول النامية ، وقرابة نصفهم أو نحو 593 مليون شخص أطفال دون سن الـ 18 سنة.

  1. أسباب ارتفاع معدلات الفقر نتيجة الجائحة:

بعد الإطلاع على وضع الفقر قبل وبعد الجائحة، يمكن توضيح كيف أثرت كورونا في معدلات الفقر من خلال معرفة وضع سوق العمل بعد كورونا، فذلك يؤثر على الدخل وبالتبعية يؤثر على الإنفاق على السلع مما يدفع مزيدا من الأشخاص إلى الفقر المدقع فضلًا عن التأثير على الفقر بصفة عامة نظرا للتأثير على قدرة الأفراد على توفير الاحتياجات الأساسية بشكل عام، كما يمكن التطرق إلى وضع الصحة والتعليم فهما ذات أهمية بالنظر إلى الفقر على أنه ظاهرة متعددة الأبعاد. ويتضح ذلك من خلال الآتي:  

أ. فقد الوظائف وتراجع مستويات الدخل: أثرت كورونا على مستوى المعيشة بشكل مباشر حيث فقد العديد من العاملين وظائفهم بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول، وما ترتب عليها من توقف العديد من المنشآت عن العمل بشكل كامل، كما أن هناك منشآت قللت عدد العاملين، وبالتالي يمكن تتبع التغيرات التي حدثت في سوق العمل والدخل كما يلي:  

التأثير على سوق العمل: أكدت منظمة العمل الدولية في تقريرها السابع المخصص لآثار الوباء على عالم الأعمال، أن عام 2020 شهد خسارة ما يقدر بنحو 8.8% من ساعات العمل في العالم (مقارنة مع الفصل الرابع عام )2019، وبما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل، وهذا يعادل تقريباً أربعة أضعاف الخسارة المسجلة في الأزمة المالية العالمية لعام 2009.

وسبب هذه الخسائر هو إما تخفيض ساعات عمل الذين مازالوا يعملون أو الارتفاع “غير المسبوق” في عدد الذين فقدوا وظائفهم، ويصل إلى 114 مليون شخص، وذلك بحسب تقرير منظمة العمل الدولية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن نحو 5% من النساء خسروا وظائفهن فى عام 2020 مقابل 3.9 % للرجال. كما خسر 8.7 % من الشباب (15-24 سنة) وظائفهم، مقابل 3.7 % للراشدين. ووفقًا لتقرير منظمة العمل الدولية بعنوان “اتجاهات التوظيف العالمية للشباب 2022: الاستثمار في تحويل مستقبل الشباب”، فمن المتوقع أن يصل عدد الشباب العاطلين عن العمل في العالم في 2022 إلى 73 مليون، وهو تحسن طفيف عن عام 2021 حيث كان العدد 75 مليون، ولكن لا يزال أعلى بنحو ستة ملايين فوق مستوى ما قبل الجائحة لعام 2019.

وبعد أكثر من عامين على بداية الجائحة وتوزيع اللقاحات كان هناك توقعات بانتعاش سوق العمل بدرجة كبيرة ولكن منظمة العمل الدولية في تقريرها “الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: اتجاهات 2022″، خفضت توقعاتها لانتعاش سوق العمل في عام 2022، وتوقعت عجزًا في ساعات العمل عالميًا يعادل 52 مليون وظيفة بدوام كامل مقارنة بالربع الرابع من عام 2019، وكان التوقع السنوي السابق والذي أصدر في مايو 2021 قد توقع عجزًا قدره 26 مليون وظيفة بدوام كامل خلال عام، وفي حين أن التقدير الأخير يمثل تحسنًا مقارنة بالوضع في عام 2021، إلا أنه لا يزال أقل بنسبة 2% تقريبًا من عدد ساعات العمل العالمية قبل الجائحة.

ارتفاع معدلات البطالة: بعد فقدان الوظائف وزيادة أعداد العاطلين ارتفعت نسبة البطالة بعد الجائحة، ولا تزال إلى الآن أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة، حيث وصل عدد العاطلين عن العمل إلى 207 مليون شخص، مقابل 186 مليون عاطل عن العمل في 2019، ومن المتوقع أن تبقى مرتفعة حتى عام 2023 على الأقل، وبصفة عامة، تراجعت نسبة المشاركة في القوى العاملة حول العالم في 2020 بواقع 2.2% وفقًا لمنظمة العفو الدولية. 

– التأثير على الدخل: من الطبيعي أن ينعكس التقليص في ساعات العمل أو فقدان الوظائف على الدخل، كما أن توقف هجرة الأيدى العاملة تسببت في تراجع كبير في التحويلات المالية التى أدت إلى تراجع مستوى الدخل في العديد من الأسر خاصة منخفضة الدخل، التي تعتمد بشكل كبير على التحويلات المالية من الخارج. وفي أبريل 2020، قدر خبراء البنك الدولي أن المهاجرين سيرسلون 129 مليار دولار أقل إلى أوطانهم في العام الأول للجائحة، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 20%.

قدرت منظمة العمل الدولية الخسائر في الدخل على مستوى العالم في 2020 بحوالي 3.7 تريليون دولار، وهو ما يمثل حوالي 4.4% من إجمالي الناتج العالمي، حيث انخفض دخل العمل العالمي بنسبة 8.3 % (قبل إدراج تدابير الدعم).

 ب. ارتفاع الأسعار وتحديدًا السلع الغذائية: يصاحب الأزمات في الأغلب ارتفاعًا في أسعار السلع الأولية وأيضًا السلع الغذائية نتيجة إما نقص في المعروض من هذه السلع أو زيادة في الطلب بسبب رغبة الناس في تأمين احتياجاتهم الأساسية، أو كليهما. فتسبب جائحة كورونا إلى جانب تداعيات مشكلة التغير المناخي فى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد الأمور سوءا.

ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بنسبة 14% عام 2020، كما أظهر مؤشر أسعار الغذاء الذي يصدره البنك الدولي. وأوضحت الدراسات المسحية التي أجرها البنك الدولي أن نسبة كبيرة من الناس نفدت منها المواد الغذائية أو خفضت من استهلاكها.

ج. نقص السلع الغذائية: يرتبط نقص الغذاء ارتباطًا وثيقًا بالفقر، والدول الأكثر فقرًا تعاني في الغالب من نقص الأغذية، وإذا كان الفقر أحد الأسباب الرئيسية للحرمان من الحصول على الكميات الكافية والمناسبة من السلع الغذائية، فإن نقص الغذاء أيضًا قد يكون سببًا للفقر، وذلك من خلال أثره على الحالة الصحية للأفراد نتيجة نقص المناعة والإصابة بالأمراض الناتجة عن سوء التغذية وخاصة الأطفال ومن ثم يؤثر على تحصيلهم العلمي، كما أنه له تأثير على العمل والإنتاج واكتساب المهارات المطلوبة.

وأشار تقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة اليونيسف الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لعام 2021 حول الأمن الغذائي والتغذية، إلى أن أكثر من 375 مليون شخص عانوا من الجوع في تلك المنطقة خلال عام 2020، وهو ارتفاع من حوالي 321 مليونا في عام 2019 بسبب الجائحة، فضلا عن أن أكثر من مليار شخص لم يتمكنوا من الحصول على الغذاء الكافي في عام 2020 .

د- ارتفاع معدلات التضخم:  

أثرت الجائحة على الطلب الكلي وأدت إلى انخفاض معدل الإنفاق الاستهلاكي وخاصة السلع غير الضرورية، ولذلك انخفض معدل التضخم على مستوي العالم ليسجل 3% عام 2020، مقابل 3.6% عام 2019، ولكن مع التعافي وعودة الارتفاع على الطلب فضلًا عن الأزمات المتزايدة كتلك الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية واستمرار تبعات الجائحة، من المتوقع أن تشهد هذه المعدلات ارتفاعا من 4.7% في 2021 إلى 8.8% في 2022 ليتراجع لاحقًا إلى 6.5% في 2023 و4.1% في 2024، وتعتبر هذا المعدلات حتى مع الانخفاض المتوقع في 2023 و2024 مرتفعة مقارنة بعام  2019.

ه. تعطل خدمات الرعاية الصحية والتعليم:

– تعطل الرعاية الصحية:

أسفرت جائحة كورونا عن تعطيل واسع النطاق في تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتسببت فى دفع أكثر من نصف مليار شخص إلى براثن الفقر المدقع بسبب اضطرارهم إلى دفع تكاليف الخدمات الصحية من مالهم الخاص.

أظهر مسح أجرته منظمة الصحة العالمية على 155 دولة في الفترة من مايو إلى يوليو 2020، أن خدمات الوقاية من الأمراض غير السارية وعلاجها تعطلت بقدر كبير منذ أن بدأت جائحة كورونا. وتتمثل النتائج الرئيسية للمسح في أن الخدمات الصحية تعطلت تعطلًا جزئيًا أو كليًا في العديد من البلدان؛ حيث تعطلت الخدمات الخاصة بعلاج فرط ضغط الدم في أكثر من نصف البلدان (53٪) المشمولة بالمسح، والخدمات الخاصة بعلاج داء السكري ومضاعفاته في (49%) منها، وخدمات علاج السرطان في (42%) منها، والخدمات الخاصة بطوارئ أمراض القلب والأوعية في (31%) منها تعطلًا كليًا أو جزئيًا.

وتعطلت خدمات التأهيل في ثلثي البلدان تقريبًا (63٪)، على الرغم من أن التأهيل يُعد أساسيًا للتعافي الصحي بعد المرض الوخيم الناجم عن كورونا.

– تعطل التعليم:

تأثر 1.6 مليار طفل في العالم بجائحة كورونا، وذلك بسبب إغلاق المدارس لفترات طويلة وضعف نواتج التعلم، ووفقًا لتقرير نشرته 8 مؤسسات دولية: البنك الدولي واليونسكو واليونيسيف ووزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس بعنوان “حالة فقر التعلم في العالم: تحديث عام 2022”. كشف التقرير عن ارتفاع معدل فقر التعلم بمقدار الثلث في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث يعجز 70% من الأطفال في سن العاشرة عن فهم نص بسيط مكتوب، وكانت هذه النسبة 57% قبل جائحة كورونا.

وأوضح التقرير أن هذا الجيل من الطلاب أصبح معرضًا لخطر فقد 21 تريليون دولار من دخولهم المحتملة طيلة حياتهم بالقيمة الحالية، وكان هذا التهديد يقدر بـ17 تريليون في عام 2021، وهو ما يعادل انخفاضًا بنسبة 10% في دخلهم مدى الحياة عن كل سنة من سنوات الدراسة المفقودة.

كما أفاد أن إغلاق المدارس وانخفاض مستويات دخول الأسر نتيجة فقد الوظائف كان لها أكبر الأثر على فقر التعلم في مناطق عدة على مستوى العالم، خاصة فى منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، حيث تشير التنبؤات إلى أن 80% من الأطفال في  نهاية المرحلة الابتدائية يعجزون الآن عن فهم نص مكتوب بسيط، مقارنة بنحو 50% قبل تفشِّي كورونا. وجاء بعدها منطقة جنوب آسيا حيث تشير التنبؤات إلى أن 78% من الأطفال يفتقرون إلى الحد الأدنى من مهارات القراءة والكتابة مقارنة بنحو 60% قبل كورونا.

ثالثا: الجهود الدولية لتخفيف أزمة كورونا على الفقراء

في ضوء هذا التأثير كانت هناك جهود مبذولة جعلت الآثار أقل تفاقمًا، حيث تمكنت الاستجابات المالية العامة التي عبَأتها البلدان في شتى أنحاء العالم، في شكل برامج للتحويلات النقدية، وإعانات دعم للأجور، وإعانات البطالة، وتدابير أخرى، من تقليل تأثير جائحة كورونا على أوضاع الفقر فلولا هذه الاستجابات لكان الوضع أسوأ بكثير، وبلغت استجابة المالية العامة للتصدي للجائحة حتى سبتمبر 2021 أكثر من 17 تريليون دولار أو 20% من إجمالي الناتج المحلي العالمي في 2020

ومنذ بدء الجائحة حتى يونيو 2022، استثمرت مجموعة البنك الدولي أكثر من 157 مليار دولار لمكافحة الآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة، وهي أسرع وأكبر استجابة لأي أزمة في تاريخها. ويساعد هذا التمويل أكثر من 100 بلد على تدعيم التأهب لمواجهة الجائحة، وحماية الفقراء والوظائف، وإعطاء دفعة لتحقيق تعاف غير ضار بالمناخ. كما يساند البنك أكثر من 50 بلدًا من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، أكثر من نصفها في إفريقيا، بشراء لقاحات كورونا ونشرها، ويتيح موارد تمويلية لهذا العرض بقيمة 20 مليار دولار حتى نهاية عام 2022.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة، تسببت جائحة كورونا فى تقويض الجهود الرامية لمكافحة الفقر فى العالم وأحدثت انتكاسة كبيرة لم يتم التعافي منها بالكامل فى كثير من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، لاسيما بعدما شهدت أسعار الغذاء والطاقة زيادة كبيرة بعد الحرب الروسية الأوكرانية مما جعل العودة إلى تحقيق تقدم فى جهود الحد من الفقر أكثر صعوبة حيث انحرف العالم أكثر عن مساره نحو القضاء على الفقر المدقع بحلول 2030.

رابعا: تأثير الجائحة على معدلات الفقر في مصر

يحدد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نسبة الفقراء بناءً على تعريفه للفقر المادي بأنه “عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للفرد أو الأسرة، والاحتياجات الأساسية هي الطعام والمسكن والملابس وخدمات التعليم والصحة والمواصلات”. ويُعرف الفقر المدقع على أنه عدم القدرة على الإنفاق للحصول على الغذاء فقط (تكلفة البقاس على قيد الحياة).

وبحسب تقديرات جهاز التعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة خط الفقر القومي للفرد عام 2019-2020 نحو 10279 جنيهًا في السنة  أي 857 جنيهًا في الشهر، وبلغت قيمة خط الفقر المدقع للفرد 6604 جنيهًا، أي 550 جنيهًا للفرد في الشهر.   

  1. معدلات الفقر في مصر:

تتوفر آخر بيانات رسمية عن الفقر في بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء في ديسمبر 2020، ويوضح الشكل التالي معدلات الفقر في مصر:

الشكل (3) تطور نسبة (السكان تحت خط الفقر الوطني) لإجمالي الجمهورية خلال الفترة من 1999/2000 حتى 2019/2020

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء

يتضح من الرسم البياني أن معدلات الفقر تراجعت إلى 29.7% خلال العام المالي 2019-2020 مقارنة بـ 32.5% عام 2017-2018، بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، كما تراجعت معدلات الفقر المدقع إلى 4.5% عام 2019- 2020 مقارنة بـ 6.2% عام 2017 – 2018، كما يوضح الشكل رقم (3):

الشكل (4) تطور نسبة الفقراء (السكان تحت خط الفقر المدقع) خلال الفترة من 1999/2000 حتى 2019/2020:

المصدر: الجهار المركزي للتعبئة والإحصاء

وأشار جهاز الإحصاء إلى أن نسبة الفقراء تزداد مع زيادة حجم الأسرة، حيث إن نحو 80.6% من الأفراد الذين يعيشون في أسر بها 10 أفراد أو أكثر هم من الفقراء، و48.1% للأفراد الذين يقيمون في أسر بها 6-7 أفراد فقراء مقارنة بـ 7.5% بالأسر التي بها أقل من 4 أفراد.

كما أن مستوى التعليم يُعد من أكثر العوامل ارتباطًا بمخاطر الفقر، حيث تتناقص مؤشرات الفقر كلما ارتفع مستوى التعليم، فبلغ نسبة الفقراء بين الأميين نحو 35.6% مقابل 9.4% لمن حصل على شهادة جامعية في 2019- 2020، و15.2% نسبة الفقراء بين حاملي الشهادات فوق المتوسط، 17.4% نسبة من حصلوا على شهادة ثانوية، و33.1% الحاصلين على شهادة تعليم أساسي في 2019-2020.

هذا ولا توجد أى بيانات رسمية بشأن وضع الفقراء في مصر بعد جائحة كورونا حيث إن آخرها كان في ديسمبر 2020 ، ومن ثم لا تعكس هذه الأرقام وضع الفقر فى مصر فى أعقاب الجائحة،  لذلك يمكن النظر في وضع البطالة وقوة العمل وعدد المتعطلين ونسب التضخم ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الآن لمحاولة الاستدلال على وضع الفقر.

 2-تأثير كورونا على معدلات الفقر في مصر:

أوضح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن أكثر من نصف الأفراد المشتغلين بنحو 55.7% أصبحوا يعملون أيام عمل أقل أو ساعات عمل أقل من المعتاد لهم، و26.2% من الأفراد تعطلوا، و18.1% أصبحوا يعملون عملاً متقطعاً.

وأشار الجهاز في تقرير حديث، إلى أن نحو ربع الأفراد لديهم ثبات الدخل منذ ظهور الفيروس، أما أغلبية الأفراد بنحو 73.5% أفادوا بأن الدخل قد انخفض، وأقل من 1% أفادوا بارتفاع الدخل.ويمكن إيضاح تأثير كورونا على معدلات الفقر من خلال التالي:

أ. سوق العمل:

– البطالة:

ارتفع معدل البطالة في الربع الثاني عام 2020 ووصل إلى 9.6% مقارنة بنسبة 7.5% في الربع الثاني من عام 2019، ولكن بدأت المعدلات في الانخفاض بعد ذلك، فسجل معدل البطالة عام 2021 نحو 7.4%، واستقر عند مستوى 7.2%، 7.4% خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2022 على التوالى، أي أن الوضع أصبح أفضل من قبل الجائحة.

– قوة العمل:

بلغت قوة العمل في مصر عام 2019 ما يقدر بـ 28.1 مليون فرد، وعلى أثر الجائحة انخفضت قوة العمل في الربع الثاني من عام 2020 إلى 26.689 مليون فرد مقارنة بـ29.008 مليون فرد في الربع الأول من عام 2020، ثم ارتفعت لينتهي العام بقوة عمل حجمها 28.458 مليون فرد، واستمر الارتفاع لتسجل 29.358 مليون فرد عام 2021، أي بزيادة قدرها 900 ألف فرد.

وبلغت قوة العمل فى مصر خلال الربع الثالث من عام 2022 نحو 30.264 مليون فرد بزيادة بنسبة 0.9% عن الربع السابق من نفس العام.

ويتضح مما سبق أن الاضرار التي لحقت بقوة العمل تم تداركها بعد ذلك، ولكن لولا الجائحة كان من المتوقع أن يكون الوضع أفضل.  

– عدد المشتغلين:

بلغ تقدير المشتغلين 26.199 مليون مشتغل عام 2020، 22.271 مليون مشتغل ذكور و 3.928 مليون مشتغل اناث، مقابل 26.123 مليون مشتغل عام 2019، 22.1133 مليون مشتغل ذكور و3.990 مليون مشتغل اناث.

وبلغ عدد المشتغلين 27.188 مليون مشتغل عام 2021، 22.937 مليون مشتغل ذكور و4.251 مليون مشتغل إناث، وذلك بنسبة زيادة 3.7% على عام 2020.

وبلغ إجمالى المشتغلون على مستوى الجمهورية نحو 28.014 مليون مشتغل فى الربع الثالث من عام 2022 مقارنة بنحو 27.188 مليون عامل فى الربع الثانى من عام 2022.

يتتضح من الأرقام السابقة أن عدد المشتغلين لم يتأثر بشكل سلبي جراء الجائحة وإن كان تطور أعداد المشتغلين بين عامي 2019 و2020 ليس بجيد.

– عدد المتعطلين:

بلغ  عدد المتعطلين 2.259 مليون  متعطل عام 2020 (1.413 مليون متعطل ذكور و 846 ألف متعطل إناث)، مقابل 2.225 مليون متعطل عام 2019 بارتفاع  قدره 34 ألف متعطل بنسبة 1.5%، وبلغت نسبة المتعطلين الذين سبق لهم العمل 58.3% من إجمالي المتعطلين، بينما كانت 31.3% فى عام 2019.

وبلغ عدد المتعطلين 2.170 مليون متعطل عام 2021، 1.359 مليون متعطل ذكور و811 ألف متعطل إناث، وبذلك انخفض عدد المتعطلين عن عام 2020 بقدر 89 ألف متعطل أي بنسبة 3.9%، وبلغت نسبة المتعطلين الذين سبق لهم العمل 52.5٪ من إجمالي المتعطلين، بينما كانت 58.3٪ فى عام 2020.

كما  بلغ عدد العاطلين نحو 2.15 مليون في الفترة من إبريل إلى يونيو 2022، مقابل 2.14 مليون في الربع الأول من العام، مسجلًا زيادة طفيفة بلغت 0.3 % على أساس فصلي، وعلى أساس سنوي، زاد عدد العاطلين 36 ألفا عن الربع المماثل من العام السابق بنسبة زيادة 1.7%.

ويتضح مما سبق أن الوضع أصبح أفضل مما كان عليه أثناء الجائحة وأيضًا قبل الجائحة، ولكن عام 2022 سجل أرقام منخفضة عن عام 2021 وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

ب. التضخم:

على الرغم من عدم الاستقرار في الأسعار والاضطراب في سلاسل التوريد إثر الجائحة إلا أن معدل التضخم السنوي انخفض عام 2020 إلى 5.1% مقارنة بـ8.5% عام 2019، إلا أن المعدل عاد للارتفاع عام 2021 ليصبح 5.9% وواصل الارتفاع في عام 2022 ليسجل في أكتوبر 16.2%، ويرجع ذلك إلى تأثير استمرار تأثير تداعيات الجائحة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري.

الشكل (5) يوضح معدلات التضخم في آخر شهرين من عام 2021 و المعدلات من يناير حتى أكتوبر 2022:

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء

ج. نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي:

ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 3.83 ألف دولار في العام المالي 2021، وهي زيادة بنسبة 6.8% مقابل 3.58 ألف دولار عام 2020، و3.01 ألف دولار في عام 2019، كما يوضح الشكل رقم (7):

شكل (6) يوضح نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي

المصدر: البنك الدولي، صندوق النقد الدولي

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتسارع نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.9% في عام 2022، ولكنه سيتباطأ إلى 2.0% في عام 2023.

ويتضح مما سبق أن نصيب الفرد ارتفع حتى في أثناء أزمة كورونا، ولكن تزامنا مع ارتفاع معدلات التضخم، من المتوقع أن لا يؤثر بالشكل الإيجابي الكبير على معدلات الفقر.

خامسا : جهود الدولة لحماية الفقراء أثناء الجائحة

اتخذت الدولة المصرية عددا من القرارات أثناء جائحة كورونا لحماية الفقراء، وكان التحرك يخدم الفقر بأبعاده المختلفة، وذلك على النحو التالي:

  1. صرف منح للعمالة غير المنتظمة المتضررة من جائحة كورونا بقيمة 500 جنيه شهريًا للفرد.
  2. توسعت الدولة فى أعداد المستفيدين من برامج الدعم النقدي بإضافة ما يقرب من 160 ألف أسرة جديدة خلال الجائحة لبرنامج تكافل وكرامة، إضافة إلى زيادة أعداد المستفيدين من القروض الميسرة وذات الفائدة البسيطة لعمل مشروعات متناهية الصغر لتحسين مستوى معيشة الأسر.
  3. دعم القطاع الصحي وتحسين أوضاع العاملين بالقطاع والأطباء وأطقم التمريض وتجهيز مستشفيات للعزل بكل محافظة بحيث تكون مجهزة فنيًا وإداريًا، من حيث توافر الأجهزة الطبية، والتعقيم، وطاقم الأطباء، والتمريض والمستلزمات الطبية، كما تم تخصيص قسم في كل مستشفي بغرف استقبال وطوارئ للحالات القادمة للكشف أو الاشتباه فيها قبل ترحيل الإيجابي منها لمستشفي العزل الرئيسي لكل محافظة.

4- منح الموظفة الحامل أو التي ترعى طفلًا يقل عمره عن اثني عشرة سنة ميلادية أو التى ترعى أحد أبنائها من ذوى الاحتياجات الخاصة إجازة استثنائية.

5- تـقـديــــم الخـدمــــات التطعيمية ضد فيروس كورونا في مراكز التطعيم المنتشرة بالمحافظات، وقد بدأ التطعيم بالفئات الأكثر خطورة والأكثر عرضة للإصابة.

6-  تدشين حملات توعية للمواطنين للإرشاد وتوفير المعلومات اللازمة حول فيروس كورونا وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي.

ويتضح من كل ما سبق أن مصر نجحت فى مواجهة أزمة فيروس كورونا بفضل الوضع الاقتصادي الجيد الذى كانت تتمتع به والذى مكنها من السيطرة على الجائحة بشكل كبير والحد من تداعياتها خاصة على الفقراء، ولكن مازالت تبعات الأزمة مستمرة فضلًا عن الأزمة الاقتصادية وأزمة التغير المناخي.

ونستعرض فيما يلي ما حققته الدولة على صعيد أهداف التنمية المستدامة وأثره على الفقر بشكل مباشر، وذلك على النحو التالي:  

  1. الهدف الأول: القضاء على الفقر بجميع أشكاله: وجهت الدولة 750 مليار جنيه (من الموازنة العامة للدولة) خلال الفترة (18/19 – 20/21) لبرامج الحماية الإجتماعية بمعدل نمو بلغ 50% بين عامي (15/16 -20/21)، وقد نتج عن ذلك تحقيق العديد من الإنجازات منها في مجال الحماية الاجتماعية، حيث استفادت 3.8 مليون أسرة ( 14.1 مليون مواطن ) من برامج الدعم النقدي، واستفاد 1.1 مليون مواطن من أصحاب الهمم من برامج الدعم النقدي بنسبة 8% من جملة عدد المستفيدين، كما شملت المرحلة التمهيدية من مبادرة ” حياة كريمة ” توجيه حوالي 15 مليار جنيه لتطوير أكثر 375 قرية احتياجًا في مصر.
  2. الهدف الثاني: القضاء على الجوع: تم توجيه 150 مليار جنيه لدعم الخبز (في 3 سنوات) بمعدل نمو بلغ 50% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، ليبلغ عدد المستفيدين 72 مليون مواطن إلى جانب توجيه 252 مليار جنيه لدعم السلع التموينية (في 3 سنوات) بمعدل نمو بلغ 47% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، ليبلغ عدد المستفيدين 64 مليون مواطن.

وقد نتج عن جهود الدولة لتحقيق هذا الهدف تحسن العديد من المؤشرات التنموية حيث بلغت نسبة الأسر الأكثر احتياجًا المستفيدة من دعم السلع التموينية حوالي 91%، كما بلغت نسبة الأسر التي تم تغطيتها ببطاقات التموين حوالي 84%، وترتفع هذه النسبه في الريف لتصل إلى 91.1% مقابل 74.9% في الحضر.

  1. الهدف الثالث: الصحة الجيدة والرفاه: وجهت الدولة 270 مليار جنيه (من الموازنة العامة للدولة) خلال الفترة (18/19 ـ 20/21) للبرامج الصحية بمعدل نمو بلغ 70% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، منها إنشاء وتطوير 113 مستشفى، إضافة 5937 سرير بالمستشفيات الحكومية، إنشاء وتطوير 143 نقطة إسعاف. وفي مجال التأمين الصحي الشامل فقد تم تطوير ۱۷۱ مستشفى ومركز طب أسرة، تجهيز 203 منشأة طبية طبقًا لمعايير الجودة.

 وفي مجال القضاء على فيروس سي فقد تم فحص 50 مليون مواطن، إلى جانب علاج 1.2 مليون مواطن مصاب. وفي مجال صحة المرأة والأم والجنين فقد تم فحص 1.1 مليون سيدة، وفي مجال القضاء على قوائم الانتظار فقد تم الانتهاء بالكامل من علاج حالات المرحلة الأولى، وفي مجال الكشف عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي تم فحص ٢٥ مليون مواطن، وفي مجال العلاج على نفقة الدولة : استفادة 14.3 مليون مواطن، وتم الكشف على 1.8 مليون مستفيد من برنامج ” تكافل وكرامة”.

  1. الهدف الرابع: التعليم الجيد: وجهت الدولة 440 مليار جنيه (من الموازنة العامة للدولة) خلال الفترة (18/19 ـ 20/21) لبرامج التعليم بمعدل نمو بلغ 42% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، يُذكر منها توفير توفير حوالي 2 مليون جهاز لوحي ” تابلت “، مشاركة 3.9 مليون طالب في مسابقة المشروع القومي للقراءة، إنشاء وتطوير حوالي 37 ألف فصل، إنشاء وتطوير 148 معهد أزهري، إنشاء 21 مدرسة للتكنولوجيا التطبيقية، إنشاء 8 مدراس للتعليم الفني الصناعي.
  2. الهدف الخامس: المساواة بين الجنسين ويتعلق هذا الهدف بالفقر حيث دائما ما يقع على المرأة الضرر الأكبر فمحاولات التمكين تساعدها على المواجهة. ففي مجال التمكين الاقتصادي للمرأة تم توفير قروض بقيمة 2.4 مليار جنيه، واستفاد منها 360 ألف سيدة، كما بلغت نسبة استفادة المرأة من قروض جهاز تنمية المشروعات 43%، إلى جانب تدريب 2065 سيدة على مهنة الخياطة والتطريز والطباعة على الملابس، كما بلغت قيمة مبيعات معارض الأسر المنتجة 51 مليون جنيه، استفادة 148,3 ألف سيدة من برامج محو الأمية المالية والمصرفية ( الشمول المالي ).

وفي مجال التمكين الاجتماعي للمرأة، تم استخراج بطاقات رقم قومي لنحو 8 آلاف سيدة من غير القادرات، إلى جانب منح 53 ألف شهادة ” أمان ” للنساء في المناطق الأكثر احتياجًا، عقد 6279 فعالية ثقافية خاصة بالمرأة. وفي مجال تعزيز دور المرأة في نشر قيم التسامح تم تأهيل وتدريب 49 واعظة.

  1. الهدف السادس: المياه النظيفة والنظافة الصحية: بلغت الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع مياه الشرب والصرف الصحي حوالي 93 مليار جنيه خلال الفترة (18/19 ـ 20/21) بمعدل نمو بلغ 93 ٪ مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، يُذكر منها تنفيذ 121 مشروع مياه شرب بطاقة 2230 ألف م 3/ يـوم، إضافة 1540 كم لشبكات مياه الشرب، تنفيذ 140 مشروع للصرف الصحى بالمدن، إلى جانب تنفيذ 365 مشروع صرف صحي بالقرى، كما بلغت طاقة المحطات المضافة 2015 ألف م 3 / يوم.
  2. الهدف السابع: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة ويتعلق أيضًا بتحسين حياة الفقراء حيث بلغت الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع الطاقة حوالي 336 مليار جنيه خلال الفترة (18/19 ـ 20/21)، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، يُذكر منها تركيب حوالي 5.5 مليون عداد ذكي ومسبق الدفع، تلبية احتياجات السوق المحلي من المنتجات البترولية بحوالي 85.4 مليون طن، كما تم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وتم توصيل الغاز الطبيعي لنحو 3.5 مليون وحدة سكنية، و 229 منطقة جديدة و 155 مصنع و 5327 وحدة تجارية، كما بلغ حجم صادرات الغاز الطبيعي نحو 664 مليار قدم 3 بقيمة 3.2 مليار دولار، وقد نتج ذلك تقدم مصر 44 مركز في مؤشـر ” جودة التغذية الكهربائية ” من المركز 121 عام 2014 إلى المركز 77 عام 2019 .
  3. الهدف الثامن: العمل اللائق ونمو الاقتصاد: وجهت الدولة 270 مليار جنيه ( من الموازنة العامة للدولة ) خلال الفترة (18/19 ـ 20/21) للبرامج الداعمة للتنمية الاقتصادية بمعدل نمو بلغ 82% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، يذكر منها دمج 724.3 ألف شركة ومؤسسة في القطاع الرسمي، توفير 368 ألف فرصة عمـل بالداخل (من خلال نشرات التوظيف)، إلى جانب توفير 194 ألف فرصة عمل من خلال المكاتب العمالية بالخارج.
  4. الهدف العاشر: الحد من أوجه عدم المساواة ولذلك دور في حماية الفئات الأضعف الذي يقع عليها ضرر أكبر ومعرضين للوقوع في براثن الفقر بشكل كبير: تم تطوير 236 مؤسسة رعاية وتأهيل لأصحاب الهمم، إصدار 845 ألف بطاقة خدمات متكاملة لأصحاب الهمم، توفير 480 ألف طرف صناعي وجهاز تعويضي لأصحاب الهمم، تدريب 344 رائدة على الاكتشاف المبكر للإعاقة، تعيين 10782 من أصحاب الهمم، تنفيذ 48 برنامج وتنظيم 62 بطولة رياضية.

ختامًا، تُظهر الورقة أن تأثير الجائحة بعيد المدى ويطال كل مجال ممكن من مجالات التنمية، ومع تحمل الفئات الفقيرة والأشد احتياجًا لوطأة الجائحة، تواجه جهود الحد من الفقر انتكاسات كبيرة ومتواصلة، الأمر الذى ينذر بانحراف العالم عن مساره نحو تحقيق هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول 2030. وعلى الرغم من الجهود المبذولة فى مصر للحد من الفقر، إلا أن استمرار تبعات الجائحة والأزمات الأخرى يجعل الأمر ليس بالسهل للوصول للمأمول في أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالفقر.

المصادر:

  1. البنك الدولي، تقرير الفقر والرخاء المشترك 2022، https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/37739/9781464818936.pdf?sequence=65&isAllowed=y.
  2. مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مبادرة اكسفورد للفقر والتنمية البشرية، فض حزم الحرمان للتقليل من الفقر متعدد الأبعاد، https://news.un.org/ar/story/2022/10/1114077
  3. منصة البنك الدولي عن الفقر وعدم المساواة، https://pip.worldbank.org/.
  4. منظمة العمل الدولية، الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: اتجاهات 2022، https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_834495/lang–ar/index.htm.
  5. منظمة العمل الدولية، اتجاهات التوظيف العالمية للشباب 2022: الاستثمار في تحويل مستقبل، https://news.un.org/ar/story/2022/08/1108842.
  6. البنك الدولي، اليونيسيف، اليونسكو، حالة فقر التعلم في العالم: تحديث 2022، https://thedocs.worldbank.org/en/doc/e52f55322528903b27f1b7e61238e416-0200022022/original/Learning-poverty-report-2022-06-21-final-V7-0-conferenceEdition.pdf.
  7. منظمة الصحة العالمية، البنك الدولي، تتبع مسار التغطية الصحية الشاملة، التقرير العالمي للرصد لعام 2021، https://apps.who.int/iris/bitstream/handle/10665/357609/9789240045521-ara.pdf?sequence=1&isAllowed=y.
  8. تقرير الآفاق الأقتصادية العالمية في يونيو 2022، https://www.albankaldawli.org/ar/news/press-release/2022/06/07/stagflation-risk-rises-amid-sharp-slowdown-in-growth-energy-markets.
  9. آفاق الاقتصاد العالمي، صندوق النقد الدولي، مواجهة تكلفة المعيشة، https://www.imf.org/ar/Publications/WEO.
  10. صندوق النقد الدولي، مصر تتغلب على صدمة كوفيد وتواصل النمو، https://www.imf.org/ar/News/Articles/2021/07/14/na070621-egypt-overcoming-the-covid-shock-and-maintaining-growth
  11. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، معدلات البطالة، https://www.capmas.gov.eg/Pages/IndicatorsPage.aspx
  12. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، بحث القوى العاملة أغسطس 2022، https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5106&Year=23487
  13. تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميا ومحليا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى