أوراق بحثيةالسياسات العامةالمراة الاسرةدراسات التنميةرئيسي

التمكين السياسي للمرأة المصرية ..قراءة فى المؤشرات والتحديات

10 توصيات لتعزيز مشاركة المرأة فى الحياة السياسية

 الملخص التنفيذي:

نالت قضية تمكين المرأة سياسيا اهتماما كبيرا على الصعيدين المحلي والدولي خاصة فى العقد الأخير، وتعالت الأصوات المنادية بضرورة تقليص الفجوة النوعية بين الجنسين والقضاء على التمييز بجميع أشكاله، والدفع بالنساء نحو مراكز صنع واتخاذ القرار، وذلك انطلاقا من العلاقة الوثيقة التى ثبتت بالدليل القاطع بين نجاح برامج التنمية لأى دولة وبين تمكين المرأة والرفع من قدراتها لا سيما وأنها تمثل قرابة نصف المجتمع وتأثيرها كبير على باقى المجتمع.

وبعد أن كانت المرأة تُحرم من ممارسة حقوقها السياسية فى العقود القديمة وكان يتم إقصائها من المشاركة فى كل المجالات، أصبح العالم حاليا يعتمد فى قياس مستوى تقدم أى مجتمع واهتمامه بالتنمية البشرية من خلال معيارين أساسين، هما مشاركة المرأة سياسيا، وتمكينها فى كل المجالات.

وفى هذا الإطار، تؤمن القيادة السياسية الحالية لمصر بضرورة دمج المرأة سياسيا ودفعها نحو الترقي للمناصب الحكومية العليا وذلك تماشيا مع التحول الديمقراطي الذى تشهده الدولة، وحرصا على تحقيق التنمية الشاملة، وردا للجميل لما قدمته من تضحيات على مدار تاريخها الوطنى، ولما أظهرته من مواقف بطولية كانت سببا فى دعم استقرار الدولة المصرية.  

ونظرًا للعوائق التي واجهت مشاركة المرأة سياسيًا على مدار التاريخ، سيتم التركيز على محور التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة 2030، وذلك من خلال 6 محاور كما يلي:

المحور الأول: مفهوم التمكين السياسي للمرأة.

المحور الثاني: أبعاد ومقومات التمكين السياسي للمرأة.

المحور الثالث: مؤشرات التمكين السياسي للمرأة فى مصر.

 المحور الرابع : جهود الدولة لتمكين المرأة المصرية سياسيًا.

المحور الخامس: التحديات التى تواجه تمكين المرأة سياسيا.

المحور السادس: توصيات لتفعيل مشاركة المرأة فى العمل السياسي.

وتأتي أبرز النتائج التي توصلت إليها الورقة كالأتي:

  1. تبلغ نسبة تمثيل المرأة في الحكومة الحالية 18%، مقابل 6% عام 2015، و2.8% عام 2013.
  2. زادت نسبة النساء كنواب وزراء من 17% عام 2017 إلى إلى 22.2% عام 2022 بواقع سيدتين من أصل 9 نواب.

 3- بلغ عدد معاونات الوزراء 41.4% في عام 2019، بينما وصلت نسبة النساء فى منصب نائب محافظ إلى 30.4% فى عام 2019 .

4- بلغت نسبة تولي المرأة في المناصب القيادية فى وزارة التنمية المحلية نحو 34.4%، و33% في هيئة البترول والشركات القابضة، وفي وزارة الكهرباء بلغت حوالي 43%، ونحو 40%” في وزارة الصحة و43% في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

5- بلغت نسبة تمثيل المرأة في الكادر الدبلوماسي المصري عام 2021 نحو 30% من إجمالي عدد الدبلوماسيين.

6- تبلغ نسبة تمثيل المرأة في مجلس النواب 2020 نحو 27%، وهى النسبة الأعلى للمرأة في تاريخ البرلمان المصري مما جعل مصر تحتل المركز الـ16 عالميًا، والأول عربيًا فى تمثيل المرأة فى مجلس النواب.

7- بلغت نسبة النساء في مجلس الشيوخ 14% بواقع 41 مقعدا من إجمالى 300 مقعد، وعُينت إمرأة لأول مرة في منصب وكيل مجلس الشيوخ.

8- تم تعيين 11 قاضية بالنيابة العامة للمرة الأولى، وبلغ عدد القاضيات نحو 66 قاضية فى القضاء العالي، فى حين بلغت نسبة القاضيات بهيئة قضايا الدولة نحو 20% خلال عام 2021، و43% فى النيابة الإدارية بواقع 1988 قاضية من إجمالي 4635 عضو.

9- تقدمت مصر 48 مركزًا بمؤشر التمكين السياسي للمرأة في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين.

10-  لاتزال مشاركة المرأة فى الأحزاب السياسية ضعيفة جدا لا تتخطى 5%، ولم تتول المرأة منصب رئيس حزب سياسي أو متحدث رسمي له حتى الآن.

11- العادات والتقاليد، والثقافة الذكورية، والدور النمطي للمرأة، والخطاب الديني من أبرز التحديات أمام تمكين المرأة على المستوى السياسي.

وقدمت الورقة عددا من التوصيات جاء أبرزها كالتالي:

1- مراجعة وتعديل القوانين المتعلقة بحقوق المرأة خاصة قوانين الأحوال الشخصية، وتلك المتعلقة بزيادة تمثيلها فى المؤسسات المختلفة وتمكينها من تولي المناصب القيادية.

2- ضرورة التنسيق بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام لتبنى حملة موسعة للتوعية بنجاحات المرأة فى العديد من المجالات، وتعزيز ثقة المجتمع في إمكانيات وكفاءة المرأة المصرية وقدرتها على تولي المناصب القيادية.

3- زيادة الدعم المالي المخصص لعملية تأهيل وبناء قدرات الكوادر النسائية فى جميع المجالات وتدريبهن على مهارات القيادة والإدارة وصنع القرار والتخطيط والاتصال والقدرة على التأثير.

4- تربية النشء منذ الصغر على المشاركة الإيجابية ونبذ المفاهيم الذكورية المعادية لمشاركة المرأة فى العمل العام.

5- العمل على التهيئة الدينية المعتدلة، والتأكيد على أن الدين فى جوهره لا يمكن أن يكون ضد المساواة بين الرجل والمرأة، ولا يمكن أن يُشكل عقبة أمام تمكين المرأة.

6- ضرورة قيام الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الأهلية بوضع سياسات وآليات تضمن التمثيل العادل للمرأة والدفع بها فى اتجاه تولى المناصب القيادية بداخلها، وإعدادها وتأهيلها لخوض الانتخابات التشريعية.

أولًا: مفهوم التمكين السياسي للمرأة

يُعد التمكين في معناه هو إزالة كافة العمليات والاتجاهات والسلوكيات النمطية في المجتمع والمؤسسات التي تنمط النساء والفئات المهمشة وتضعهن في مراتب أدنى.

أما التمكين السياسي للمرأة يمكن تعريفه على أنه وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار والمراكز القيادية التى تؤثر فى صنع القرار أو وضع السياسات، أو هو جعل المرأة ممتلكة للقوة والإمكانيات والقدرة لتكون عنصرا فاعلا فى التغيير خاصة التنمية السياسية.  

ويرتبط مفهوم تمكين المرأة سياسيًا بتحقيق ذات المرأة وتعزيز قدراتها في المشاركة بالحياة السياسية، كالتمثيل البرلماني، الوصول إلى مواقع صنع القرار، ورسم السياسات العامة، وذلك من خلال الاعتماد على سياسات وإجراءات وتبني تشريعات دستورية وقانونية تضمن القضاء على كل ممارسات التمييز والإقصاء التي تتعرض لها المرأة.

ثانيا: أبعاد ومقومات التمكين السياسي للمرأة

ينطوى التمكين السياسي للمرأة على بُعدين هما، البعد الذاتي: الذي يظهر من خلال الوعي الفردي للمرأة من حيث شعورها بالظروف المحيطة بها، وقدرتها على الحصول على معارف جديدة فى جميع مجالات الحياة، والبعد الاجتماعي: ويظهر من خلال إيجاد بيئة مواتية لدمج المرأة سياسيًا بالشكل الذي يمنحها القدرة الكاملة على إحداث التغيير داخل المجتمع باعتبارها أحد محركات التنمية بالمجتمع.

هناك مجموعة من المقومات التى من الضرورى توافرها حتى يتحقق التمكين السياسي للمرأة، وأهمها ما يلي:

  • بيئة دستورية وتشريعية تدعم توجه المرأة نحو المشاركة السياسية وتقلدها للمناصب القيادية والسياسية العليا.
  • بيئة مجتمعية تؤمن بدور المرأة كشريك أساسي وفاعل فى مختلف قضايا المجتمع وكرائدات أساسيات للتغيير وتحقيق التنمية.
  • بيئة ثقافية داعمة للمشاركة السياسية للمرأة عبر زيادة الوعي المجتمعي وتغيير الصور النمطية بشأن دور المرأة.
  • التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة باعتبار أن أحد أهم المتغيرات الحاكمة للمشاركة السياسية للمرأة هو وضعها الاقتصادي والاجتماعي فالحقوق متداخلة ومترابطة ولا تتجزأ.
  • تضافر جهود الشركاء المعنيين بتمكين المرأة على المستوى السياسي، من أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والقطاع الخاص.
  • وسائل إعلام تدعم مشاركة المرأة فى الحياة السياسية وتسهم فى تغيير الصورة النمطية السائدة للمرأة خاصة فى ظل وجود أنماط من الخطاب المعادي لفكرة مشاركة المرأة.

مؤشرات الأمم المتحدة لقياس مفهوم التمكين للمرأة:-

 مشاركة النساء في المواقع القيادية، في اللجان والمواقع العامة.

 إتاحة فرص التعليم والتدريب غير التقليدية للمرأة.

 مشاركة النساء في عملية صنع واتخاذ القرار.

 اكتساب النساء مهارات وقدرات تنظيمية لإنشاء مجموعات للمطالبة بالحقوق.

ثالثا: مؤشرات التمكين السياسي للمرأة فى مصر

يمكن أن نستعرض أهم مؤشرات تمكين المرأة المصرية سياسيا على النحو التالي:

  1. المرأة في السلطة التنفيذية:

أ. الوزراء:

حصلت المرأة على 6 حقائب وزارية داخل مجلس الوزراء بنسبة 18% من إجمالي عدد الوزراء بالحكومة الحالية وذلك مقابل 6% عام  2015، و2.8% عام 2013. والوزيرات هم: وزيرة البيئة “ياسمين فؤاد”، وزيرة التعاون الدولي “رانيا المشاط”، وزيرة الثقافة “نيفين الكيلاني”، وزيرة التضامن الاجتماعي “نيفين القباج”، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج “سها جندي”، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية “هالة السعيد”.

ومن الملاحظ هنا أن النساء تقلدن وزارات أقرب إلى الأدوار التقليدية للنساء التى يفرضها المجتمع، عدا استثناءات محدودة تنحصر فى وزارات الاستثمار والتعاون الدولي والتخطيط، بينما كانت ولا تزال المناصب الوزارية السيادية حكرا على الرجال.

ب. الوظائف الإدارية العليا:

تطور وجود المرأة في وظائف الإدارة العليا، حيث زادت نسبة النساء كنواب للوزراء من 17% عام 2017 إلى نحو 22.2% عام 2022 بواقع سيدتين من أصل 9 نواب وهما: نائبة وزير الاتصالات لشئون التطوير المؤسسي “غادة لبيب”، ونائبة وزير السياحة والآثار لشئون السياحة “غادة شلبي”.. وبلغ عدد معاونات الوزراء 41.4% في عام 2019، بينما وصلت نسبة النساء فى منصب نائب محافظ إلى 30.4% فى عام 2019 .

بلغت نسبة تولي المرأة في المناصب القيادية داخل الوزارات وفقًا لتقرير متابعة أنشطة الوزارات 2019-2020 الصادر عن المجلس القومي للمرأة حوالي 34.4% في وزارة التنمية المحلية، و33% في هيئة البترول والشركات القابضة، وفي وزارة الكهرباء بلغت حوالي 43%، ونحو 40% في وزارة الصحة و43% في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

ويُذكر أنه في عام 2020، ارتفعت نسبة النساء بمجالس الإدارة بالبورصة إلى  10.1%، وبالقطاع المصرفي 14.8٪، وبقطاع الأعمال العام 6.1%، وبهيئة التنظيم المالي 11٪، وبلغت نسبة القيادات النسائية في المناصب التنفيذية 7.1 ٪ وهي أعلى من المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذى يقدر بـ 5.4٪، وبلغت نسبة النساء رئيسات تحرير المجلات 18%، ورئيسات تحرير الصحف القومية  18%، وأصبح نصيب المرأة من تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان فى عام 2021 نحو 44%.

ووصلت المرأة إلى مناصب لم تصل إليها من قبل حيث ولأول مرة تم تعيين مستشارة الأمن القومي لرئيس الجمهورية، وتم تعيين أول نائبة لرئيس البنك المركزي المصري، وتم تعيين المرأة ذات الإعاقة والمرأة الريفية في عضوية المجلس القومي للمرأة، وتم تعيين 17 سيدة بمناصب قيادية عليا بوزارة الأوقاف، وأول رئيسة للإدارة المركزية للشئون الفنية بوزارة الأوقاف.

وكانت وزيرة التخطيط “هالة السعيد” أكدت في 2019 أن نسبة النساء في المناصب القيادية في الجهاز الإداري تتراوح بين 27 و28%.

ج. الإدارة المحلية:

– وحدات الإدارة المحلية:

تعتبر نسبة تمثيل المرأة في وحدات الإدارة المحلية المختلفة ضعيفة جدا، فلا يوجد سوى عدد محدود يشغلن منصب نائبات محافظ ورؤساء الأحياء والعمد، وللمرة الأولى فى فبراير 2017  تم تعيين المهندسة “نادية عبده” فى منصب محافظ البحيرة، وذلك لاختبار التجربة وتعميمها، إلا أن حركة المحافظين التالية خلال عام 2018 شملت سيدة واحدة فقط، حيث تم تعيين الدكتورة “منال عوض” محافظًا لدمياط، وتم تعيين 5 سيدات في منصب نواب المحافظين، وفي آخر حركة للمحافظين عام 2019 تم تعيين 7 سيدات بمنصب نواب المحافظين من أصل 23 نائبًا وذلك بنسبة 30.4%

– المجالس المحلية:

لأول مرة في الدساتير المصرية نص دستور 2014 على تخصيص ربع المقاعد للنساء في المجالس المحلية، ولكن لم يتم إجراء أي انتخابات حتى الآن، وكانت آخرها فى عام 2008، حيث كانت نسبة تمثيل المرأة 7.4%، وفيما يلي جدول يوضح نسب تمثيل المرأة منذ 1983 وحتى 2008:

جدول رقم (1): نسبة تمثيل المرأة في المجالس المحلية:

المصدر: كتاب المشاركة السياسية للمرأة، مؤسسة فريدريش

د. السلك الدبلوماسي والقنصلي:

بلغت نسبة تمثيل المرأة في الكادر الدبلوماسي المصري عام 2021 نحو 30% من إجمالي عدد الدبلوماسيين، وهو ما يعكس حرص وزارة الخارجية واهتمامها بانضمام المرأة إلى العمل الدبلوماسي، كما تتقلد السيدات مناصب قيادية رفيعة بوزارة الخارجية، حيث تشغل سفيرتان منصب مساعد وزير الخارجية، كما تشغل العديد من الدبلوماسيات مناصب قيادية أخرى، من بينها على سبيل المثال شغل 18 منهن منصب نائب مساعد وزير الخارجية، كما تتولى ما يزيد على عشر سفيرات منصب رئيس بعثة دبلوماسية وقنصل عام بالخارج، وبذلك ترتفع النسبة بـ7.5% عن عام 2012 حيث كان تمثيل النساء في السلك الدبلوماسي والقنصلي يبلغ 22.5%. وعلى الرغم من ذلك لا تزال نسبة النساء ضعيفة مقارنة بالرجال فى شغل هذه الوظائف.

  1. المرأة في السلطة التشريعية:

أ. مجلس النواب:

حصدت المرأة فى انتخابات مجلس النواب عام 2020 نحو 162 مقعدا فى البرلمان (نظام التعيين 14 سيدة، 148 سيدة بنظام الانتخاب) من إجمالي 564 مقعد، بما يمثل قرابة 27% فى مجلس النواب وهى النسبة الأعلى للمرأة في تاريخ البرلمان المصري مما جعل مصر تحتل المركز الـ16 عالميًا، والأول عربيًا فى تمثيل المرأة فى مجلس النواب عام 2020.

شكل رقم (1) يوضح نسب تمثيل المرأة فى مجلس النواب وفق نظام الكوتا

المصدر: مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء

ب. مجلس الشيوخ:

بلغت نسبة النساء في مجلس الشيوخ 14% بواقع 41 مقعدا من إجمالى 300 مقعد، وعُينت إمرأة لأول مرة في منصب وكيل مجلس الشيوخ. ويمكن توضيح أن نسبة تمثيل المرأة في آخر انتخابات لمجلس الشورى “مجلس الشيوخ حاليا” عام 2012، بلغت “2.7%”.   

وتجدر الإشارة هنا إلى أن آلية تخصيص المقاعد “الكوتا” أسهمت فى زيادة أعداد النساء فى البرلمان، إلا أن هذا الإجراء يظل منقوصا طالما لم يسهم فى دمج النساء فى العملية الانتخابية وتعزيز قدراتهن فى كسب ثقة جمهور الناخبين.

3- المرأة في السلطة القضائية:

أ- المحكمة الدستورية: تم تعيين قاضية – الدكتورة “فاطمة محمد أحمد الرزاز” عميدة حقوق حلوان – نائبة للمحكمة الدستورية العليا في عام 2020 وهي ثاني سيدة تُعين بالمحكمة منذ إنشائها في عام 1969 بعد المستشارة الراحلة تهانى الجبالي التى عُينت فى 2003 .

 ب- القضاء العالى: بلغ عدد القاضيات نحو 66 قاضية مقسمين إلى 6 بدرجة رئيس استئناف، و16 نائب رئيس استئناف، و32 رئيس محكمة ، و13 بدرجة قاضى، وذلك بعدما تم تعيين 31 قاضية فى عام 2007، ثم تعيين مجموعة أخرى فى عام 2008، ثم مجموعة ثالثة فى عام 2015 تضم 26 إمرأة عينت كقاضيات محاكم الدرجة الأولى. وحتى الآن يعتبر هذا عدد قليل حيث يوجد ما يزيد عن 16 ألف قاضي.

ج- هيئة قضايا الدولة: بلغت نسبة القاضيات بهيئة قضايا الدولة نحو 20% خلال عام 2021. وتم تعيين 6 سيدات من المستشارات نائبات لرئيس هيئة قضايا الدولة فى 2017، وتعيين امرأتين في المناصب القيادية الأولي الأمين العام مساعد لشئون المرأة والعلاقات الإنسانية كأول مستشارة تتولى هذا المنصب في تاريخ قضايا الدولة والأمين العام مساعد لشئون الموظفين .

د- النيابة الإدارية: تصل نسبة أعضائها من النساء 43%، بواقع 1988 قاضية من إجمالي 4635 عضو، ويوجد 30 مديرات نيابه في سابقة هي الأولي من نوعها حتى أغسطس 2021.، فضلا عن شغل خمس سيدات منصب رئيسة هيئة النيابة الإدارية.  كما باشرت 23 عضوة من عضوات النيابة سلطة الإدعاء أمام المحاكم التأديبية المختلفة حتى مارس 2021، وذلك فى سابقة هي الأولى من نوعها لتقلد المرأة هذا المنصب فى تاريخ عمل النيابة.  

هـ. مجلس الدولة: تم تعيين 98 قاضية بمجلس الدولة فى أكتوبر 2021، وذلك بالنقل من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة. كما أصدر الرئيس “السيسي” في يونيو 2022، قرار رقم 247 لسنة 2022 بتعيين 39 من عضوات هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية بوظيفة مستشار مساعد من الفئة “ب” بمجلس الدولة، ليصبح عدد المعينات بمجلس الدولة 137 قاضية بمجلس الدولة.

وجلست القاضية “رضوى حلمي أحمد علي”، على منصة مجلس الدولة للمرة الأولى للسيدات في مارس 2022، ولأول مرة فى تاريخ مصر يتم فتح الباب للإناث للتقدم لوظيفة مندوب مساعد فى مجلس الدولة عام 2022.

وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الدولة لم يشهد منذ إنشائه عام 1946 إعتلاء قاضيات على منصات محاكمه، إذ ارتبط ذلك باتجاه المجلس لرفض تعيين الإناث كقاضيات.

و – النيابة العامة: تم تعيين 11 قاضية بالنيابة العامة وذلك للمرة الأولى بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء بناء على طلب قدمه النائب العام المستشار حمادة الصاوي، لنقل 11 قاضية للعمل بالنيابة العامة بدرجاتهن المقابلة بالقضاء للعمل بالنيابة العامة للعام القضائي 2021/ 2022، ولأول مرة أيضا يتم فتح الباب للإناث للتقدم  لوظيفة معاون نيابة عامة وذلك فى عام 2022.

وعلى الرغم من التقدم الملموس على صعيد تمكين المرأة فى السلك القضائي، إلا أنه من المُلاحظ مما سبق اتساع الفجوة النوعية داخل الهيئات القضائية لصالح الرجال، واختلاف نسبة تمثيل النساء داخل كل هيئة عن الأخرى.

4- المرأة فى الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني

لاتزال مشاركة المرأة فى الأحزاب السياسية ضعيفة جدا لا تتخطى 5%، لاسيما وأن معظم الأحزاب لا تنص لوائحها على تخصيص نسبة معينة للنساء. كما أن المرأة لم تتول منصب رئيس حزب سياسي أو متحدث رسمي له أو أمين عام، فيحتل الرجال مثل هذه المناصب وينحصر دور المرأة فى لجان المرأة والأعمال الاجتماعية والخدمية وتنظيم الفعاليات والندوات. 

وعلى مستوى النقابات المهنية البالغ عددها نحو 25 نقابة، نجد أن لوائحها لا تراعى البعد النوعي ولا يتم تمثيل المرأة بها بشكل عادل، فنجد على سبيل المثال إمرأة واحدة عضوة فى مجلس نقابة المحاميين من إجمالى 18 عضوا، فضلا عن أن أغلب النقابات لا توجد بها لجان للمرأة. كما لا تشغل المرأة منصب نقيب عدا نقابة التمريض ونقابة الفنانيين التشكيليين.

وفيما يتعلق بالمنظمات الأهلية، تتضح الفجوة بين تمثيل الرجال والنساء فى مواقع صنع القرار بها لصالح الرجال وذلك على الرغم من مشاركة النساء فى العمل الميداني والإداري إلا أنه يتم استبعادهم من المناصب القيادية، خاصة فى المجتمعات الريفية التى لا تزال تسيطر عليها الثقافة الذكورية.

وبشكل عام، ونتيجة الخطوات الجادة التى اتخذتها الدولة المصرية فى مسار تمكين المرأة على الصعيد السياسي، أحرزت مصر تقدما بنحو 48 مركزًا بمؤشر التمكين السياسي للمرأة في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لتصل لأفضل مستوى له منذ 10 سنوات، إذ شغلت المركز 78 عام 2021 مقارنة بالمركز 126 عام 2011، كما تقدمت 70 مركزًا بمؤشر تمثيل المرأة في البرلمان، إذ شغلت المركز 66 عام 2021 مقارنة بالمركز 136 عام 2020.    

رابعا :جهود الدولة المصرية لدعم التمكين السياسي للمرأة

1- الآليات الدستورية والتشريعية:

أ- المرأة فى النصوص الدستورية:

قدم دستور 2014 فرصا حقيقية للقضاء على التمييز ضد النساء وتحفيز مشاركتهن سياسيا، وذلك بشكل لم تشهده الدساتير المصرية السابقة، وذلك على النحو التالي:

  • نصت المادة 11 على أن “تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لاحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الادارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها، وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، كما تكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل ، وتلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا.”
  • نصت المادة 53 على أن “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي”.
  • أقرت المادة 93 من الدستور على أن “تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة”. وهو ما يعنى التأكيد على مكافحة أشكال التمييز ضد النساء.
  • ثم جاءت المادة 180 لتكون المكسب الأعظم للمرأة فى دستور 2014 حيث نصت بشكل واضح على نسبة محددة لها وهى ربع المقاعد فى تشكيل المجالس الشعبية المحلية.
  • وبعد إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة في إبريل 2019 تم تخصيص ربع مقاعد مجلس النواب للمرأة مثلما ورد بالمادة 102 المعدلة.

خلاصة القول، تتوافر فى مصر بنية دستورية بها العديد من النصوص التى تقر بحقوق ومكتسبات للمرأة، والتى تفضى جميعها إلى ضرورة تفعيل مشاركة المرأة السياسية فى البرلمان والسلطة التنفيذية. 

ب- القوانين الداعمة لتمكين المرأة سياسيا:

منـذ عام 2014 ،شهدت الدولة زخمًا قانونيا فيما يتعلق بالقوانين والقرارات المتعلقة بالمرأة، وجاء أبرزها ما يلي:

  • قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 والذي اشترط عدداً من المقاعد للسيدات في نظام القوائم (لا يقل عن 25% من إجمالى عدد المقاعد).
  • قانون رقم 45 لسنة 2014 بإصدار قانون تنظيم المشاركة السياسية.
  • قانون رقم 141 لسنة 2020 من قانون مجلس الشيوخ ينص على تخصيص ليس اقل من 10 %من المقاعد للمرأة، من إجمالي عدد المقاعد.

2- القرارات الداعمة لتمكين المرأة سياسيا:

صدرت قوانين خاصة بتمكين المرآة في وظائف الإدارة العليا، وهي كالتالي:

 عدل البنك المركزي قواعد الحوكمة لتشكيل مجالس إدارة البنوك والنص على وجود سيدتين على الأقل في مجالس إدارة البنوك عام 2021.

– كما صدر  قرار الهيئة العامة للرقابة المالية رقم (48/2022) القاضي بضرورة تمثيل ما لا يقل عن 25٪ أو امرأتين في مجالس إدارات الشركات والكيانات المالية غير المصرفية.

3- الاستراتيجيات والبرامج الداعمة:

أ- الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030:

تأتي الاستراتيجية لتترجم على أرض الواقع دستور 2014، وتتسق مع رؤية مصر 2030 واستراتيجيتها للتنمية المستدامة، وتتكامل مع محاور عملها التي تسعى إلى بناء مجتمع عادل يتميز بالمساواة في الحقوق والفرص، ويحقق أعلى درجات التماسك والتكاتف والإندماج.  

وترتكز رؤية استراتيجية تمكين المرأة 2030 على أنه بحلول عام 2030 تصبح المرأة المصرية فاعلة رئيسية في تحقيق التنمية المستدامة، ويتطلب تحقيق هذه الرؤية العمل من خلال أربعة محاور وهى “التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة، التمكين الاقتصادي، التمكين الاجتماعي، والحماية“.  

وفيما يتعلق بمحور التمكين السياسي، يتمثل الهدف العام فى تحفيز المشاركة السياسية للمرأة بكافة أشكالها، بما في ذلك التمثيل النيابي على المستويين الوطني والمحلي، ومنع التمييز ضد المرأة في تقلد المناصب القيادية في المؤسسات التنفيذية والقضائية، وتهيئة النساء للنجاح في المناصب.

وحددت الاستراتيجية عددا من المؤشرات لقياس الأثر لمحور التمكين السياسى، من بينها نسبة الإناث من إجمالى المشاركين فى الانتخابات وكان 44% في 2014 وتستهدف الاستراتيجية الوصول لـ50% فى 2030، وكانت نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان عام 2016، 15% والمستهدف فى 2030 الوصول لـ35%، ونسبة تمثيل الإناث فى المجالس المحلية عام 2014 كانت 25% وتستهدف الاستراتيجية فى 2030 الوصول لـ35%، وكانت نسبة الإناث فى الهيئات القضائية  0.5% عام 2015 والمستهدف فى 2030 الوصول لـ25%، وكانت نسبة الإناث فى المناصب العامة 5% عام 2015 والمستهدف 17% فى 2030، وكانت نسبة الإناث فى وظائف الإدارة العليا 19% عام 2015 والمستهدف فى 2030 الوصول لـ27%.

وحددت الاستراتيجية عددا من التدخلات للوصول لهذه النسب، وذلك كالتالي:

  • تعزيز دور المرأة كناخبة: وذلك من خلال استكمال إصدار بطاقات الرقم القومي لكافة النساء في كل المحافظات.
  • زيادة تمثيل المرأة في المجالس النيابية المنتخبة وتعزيز أدائها: وذلك بتحديد القيادات من النساء لتدريبهن على الاضطلاع بمهام التمثيل البرلماني، ووضع برامج لمساندة المرشحات لمجلس النواب بصورة تساعدهن على كسب ثقة الناخبين، ومساندة النائبات في ممارسة عملهن البرلماني من خلال تزويدهن بالمعارف والمعلومات والخبرات التي تجعل مشاركتهن في التشريع والمراقبة أكثر فاعلية، وذلك لكسب ثقة الناخبين في النائبات وفتح مجال أكبر لتمثيل المرأة في الدورات القادمة لمجلس النواب.
  • زيادة فرص تولي المرأة لمناصب قيادية في الهيئات القضائية: وذلك عن طريق تشجيع وتعزيز فرص المرأة في تولي المناصب القيادية في كافة الهيئات القضائية؛ ووضع معايير لاختيار المرشحين لتولي المناصب القضائية تتجنب التمييز ضد المرأة وتضع الأولوية للكفاءة، وتدريب القاضيات بصورة مكثفة لمساندتهن في تولي المناصب القضائية العليا.
  • زيادة تقلد المرأة للمناصب القيادية في الأجهزة التنفيذية للدولة: وذلك من خلال وضع برامج متكاملة للقيادات النسائية الشابة لإعدادها لتولي المناصب وتدريبها على القيام بمهامها، وتطوير نظم العمل لضمان تمثيل ومشاركة النساء بشكلٍ عام، والعاملات في الأجهزة التنفيذية للدولة على وجه الخصوص، في عمليات التخطيط ووضع السياسات والموازنات على المستويات الوطنية والمحلية والقطاعية؛ واستكمال وحدات تكافؤ الفرص في الوزارات والهيئات العامة وقطاع الأعمال والمحليات، ودعوة الهيئات القضائية والقطاع الخاص لإنشاء مثل هذه الوحدات.
  •  مواجهة الثقافة المجتمعية الحاكمة والأفكار المناهضة لتولي المرأة المناصب القيادية: وذلك عن طريق وضع مناهج تعليمية تكرس مفهوم المواطنة وعدم التمييز وتشجع على المشاركة السياسية للمرأة، وإنتاج برامج تليفزيونية وأغاني وكتب أطفال ومسرحيات وتوظيف أدوات التواصل الاجتماعي لتدعيم مفاهيم المساواة بين الجنسين وغرس ثقافة عدم التمييز ضد المرأة.

ب- الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (2021-2026): تم إطلاقها عام 2021 وتحتوى على أربعة محاور وبها قسم خاص بـ”حقوق المرأة”.

ج– برنامج “القيادة النسائية التنفيذية” لبناء قدرات موظفات الحكومة.

د- برنامج “سيدات يقدن المستقبل” وهو برنامج توجيهي للشابات لتنمية مهاراتهن القيادية والإدارية وبناء قدراتهن.

4- الإجراءات الداعمة لتمكين المرأة سياسيا

أ-التوسع فى أعداد مدارس التعليم المجتمعي على مستوى الجمهورية، والتى شكلت الفتيات النسبة الأكبر فى الالتحاق بها بواقع 67.31%.

ب- إنشاء وحدات تكافؤ الفرص على مستوى المؤسسات الحكومية وبعض مؤسسات القطاع الخاص والتي تهدف إلى ضمان بيئة عمل آمنة تمنع التمييز، النهوض بأوضاع المرأة المصرية في كافة المجالات.

ج- إنشاء وحدات لمناهضة العنف ضد المرأة في العديد من الجامعات المصرية لتقوم بتوفير بيئة دراسية وبيئة عمل خالية من كافة صور العنف والتحرش والتمييز ضد المرأة.

د-  تطور أرصدة التمويل متناهى الصغر الموجهة للمرأة، وقد أسهم قطاع التمويل متناهي الصغر في دعم المرأة بشكلٍ ملحوظ، حيث استحوذت الإناث على نسبة 62% من عدد المستفيدين.

خامسا: التحديات التى تواجه تمكين المرأة سياسيا

هناك مجموعة من الأسباب التى تقف وراء انخفاض مستوى المشاركة السياسية للمرأة وأبرزها ما يلي:

  • العادات والتقاليد: حيث يغلب على المجتمع النظام الأبوي الذى يقوم على سيطرة الرجال ودورهم الرئيسي وعلى احتكارهم لعملية صنع القرار، مما يُكرس لعلاقات هرمية تُبنى على أساس الجنس.
  • الثقافة الذكورية: حيث لا تزال المرأة المصرية أسيرة ثقافة جامدة تحدد أدوارا للرجل والمرأة وتعمق صور التمييز بينهما، فالمرأة يقتصر عملها على إدارة شئون المنزل وتربية الأولاد، بينما إدارة الشئون العامة حق أصيل للرجل لا يجب المساس به، وأى خروج عن هذه الثقافة يعد ضربا من ضروب الانحراف، فلا يزال المجتمع المصري يفرز أنماطا من الخطاب المعادي لفكرة مشاركة المرأة، وهذا الخطاب له أنصارا فى كل مكان.
  • الدور النمطي للمرأة: حيث يقتصر دورها على الأعمال المنزلية والوظائف التقليدية النسائية بينما يتولى الرجال القيام بكل الوظائف الاجتماعية والسياسية دون استثناء. فعلى سبيل المثال لا حصر نجد دور المرأة فى المناهج الدراسية ينحصر فى الزوجة المطيعة والأم المضحية، ونجد وسائل الإعلام تعكس هذه الصورة النمطية للتأثير على الرأى العام وتوجيهه.
  • الخطاب الديني: يتأثر الوعي الجمعي للمصريين فيما يتعلق بقضايا المرأة والمشاركة السياسية لها، ببعض التفسيرات والآراء الفقهية التى تناهض عمل المرأة وتختلف ما بين رفض مطلق ورفض جزئي، مما يسهم فى الانتقاص من دورها فى الحياة العامة والحياة السياسية بشكل خاص.
  • ارتفاع نسبة الأمية بين النساء: إن عدم امتلاك المرأة لناصية التعليم يجعل فرصتها للمشاركة فى الحياة السياسية أمر بالغ الصعوبة، بل ومستحيل، حيث إن التعليم يعد أحد أهم المرتكزات الأساسية فى تمكين المرأة وامتلاكها القوة والقابلية للتأثير. على سبيل المثال تزيد نسبة الفتيات المتسربات من التعليم بسبب التمييز ضد البنات خاصة فى الصعيد، حيث تفضل الأسر تعليم الأولاد ولا تهتم بتعليم البنات وتقوم بتزويجهن مبكرا. فتعليم المرأة يؤثر في زيادة مشاركتها السياسية حيث إنه كلما زاد تعليم المرأة زادت فرصتها في المشاركة السياسية، وتقلد مناصب سياسية عليا.
  • ضعف دور منظمات المجتمع المدني فى تمكين المرأة سياسيا: مازال المجتمع المدني بعيدا كما وكيفا عن القيام بدعم الدور السياسي للمرأة، والتوعية المجتمعية بفاعلية دورها فى تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع.

 سادسا: توصيات لتفعيل مشاركة المرأة فى العمل السياسي

تبذل الدولة جهودًا حثيثة لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة سياسيًا، ولكن لاتزال عملية التمكين السياسي للمرأة تحتاج لاتخاذ مزيد من الإجراءات والقرارات للتغلب على أى معوقات فى هذا الشأن وإحداث تغيير حقيقي فى السياقات المجتمعية المختلفة التى تغذى التمييز على أساس النوع، وذلك على النحو التالي:

1- العمل على مراجعة وتعديل القوانين التى تتعلق بحقوق المرأة خاصة قوانين الأحوال الشخصية، والقوانين المتعلقة بزيادة نسبة تمثيلها فى مؤسسات الدولة وتعزيز مساهمتها فى تقلد المناصب القيادية فى مجتمعاتها، لاسيما وأن التشريع السليم هو أداة مهمة من أدوات إحداث التغيير فى وضع المرأة وتحقيق التطوير المستهدف.

2- ضرورة التنسيق بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام لتبنى حملة موسعة للتوعية بنجاحات المرأة فى العديد من المجالات، وتعزيز ثقة المجتمع في إمكانيات وكفاءة المرأة المصرية وقدرتها على تولي المناصب المختلفة والمشاركة الفاعلة فى الشأن العام.

3- وضع خطة واضحة من قبل وسائل الإعلام كافة سواء المقروءة أو المكتوبة أو المسموعة للعمل على تعديل الصورة النمطية للمرأة، وإظهار حقيقة قدراتها التى تؤهلها للمشاركة فى الحياة العامة والسياسية على وجه الخصوص.

4- زيادة الدعم المالي المخصص لعملية تأهيل وبناء قدرات الكوادر النسائية فى جميع المجالات وتدريبهن على مهارات القيادة والإدارة وصنع القرار والتخطيط والاتصال والقدرة على التأثير، ورفع كفاءتهن من خلال التعليم وبرامج محو الأمية ولاسيما فى المناطق الريفية.

5-  تمكين المرأة فى المجال الاقتصادي وزيادة مساهمتها فى عملية الإنتاج ضرورة لتمكينها للمشاركة السياسية واحتلالها مكانة بارزة فى صنع القرار السياسي، لاسيما وأن الفقر وعدم الأمان الاقتصادي من أهم العوائق أمام المشاركة السياسية للمرأة، فالمرأة المنخرطة فى النشاط الاقتصادي أكثر قدرة على المشاركة فى اتخاذ القرار.

6- تربية النشء منذ الصغر على المشاركة الإيجابية ونبذ المفاهيم الذكورية المعادية لمشاركة المرأة فى العمل العام، وذلك من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية بدءا من الأسرة والمدارس والجامعات ودور العبادة وحتى وسائل الإعلام.

7- المزيد من العمل فيما يخص الخطاب الديني حيث يأخذ العديد من الناس بالآراء النابعة من القراءة الخاطئة للنصوص الدينية، والتي تمنع وجود المرأة في مواضع أخذ القرار ، لذلك يجب العمل على التهيئة الدينية المعتدلة، وتوضيح الحقائق بالأدلة والبراهين، والتأكيد على أن الدين فى جوهره لا يمكن أن يكون ضد المساواة بين الرجل والمرأة، ولا يمكن أن يُشكل عقبة أمام تمكين المرأة.

8- ضرورة قيام الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الأهلية  بوضع سياسات وآليات تضمن التمثيل العادل للمرأة والدفع بها فى اتجاه تولى المناصب القيادية بداخلها، وإعدادها وتأهيلها لخوض الانتخابات التشريعية.

9-ضرورة توافر الإحصاءات الدقيقة والمعلومات اللازمة عن حجم المشاركة السياسية للمرأة والعمل على تطوير مؤشرات تقيس مدى التقدم فى تمكين المرأة على المستوى الشخصي والمجتمعي والمؤسسي.

10-إجراء مزيد من الدراسات وأوراق السياسات من قبل مراكز البحوث لتقديمها لصانعي القرار على أن يتم فيها الإشارة إلى أهم تجارب الدول  الرائدة على مستوى التمكين السياسي للمرأة، إلى جانب إجراء مزيد من الحوارات مع بيوت الخبرة فى هذا الشأن.

المصادر:

1-هويدا عدلي وآخرون، المشاركة السياسية للمرأة، مؤسسة فريدريش إيبرت، 2017.

2- صابر بلول، التمكين السياسي للمرأة العربية بين القرارات والتوجهات الدولية والواقع، كلية العلوم السياسية، جامعة دمشق، 2009.

3- نيبال عز الدين وآخرون، التمكين السياسي للمرأة المصرية فى ضوء تقلدها للمناصب الحكومية العليا من 2005 حتى 2020، مجلة السياسة والاقتصاد، كلية السياسة والاقتصاد، جامعة السويس، يناير 2020.

4- 7 سنوات من الإنجازات، التنمية البشرية، قطاع تمكين المرأة، مركز دعم واتخاذ القرار، مجلس الوزراء، يناير 2022

5- سمير سعيفان، التمكين الاقتصادي أساس تمكين المرأة، جيرون، نوفمبر 2016، متاح من خلال الرابط https://www.geiroon.net/2016/11/30/التمكين-الاقتصادي-أساس-تمكين-المرأة/

6- الهيئة العامة للاستعلامات، التشريعات والقوانين الداعمة لدور المرأة في المجتمع.

7- الهيئة العامة للاستعلامات، استراتيجية تمكين المرأة 2030.

8- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، كتاب وضع المرأة والرجل في مصر 2015.

9- المجلس القومي لحقوق المرأة، الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى