أوراق بحثيةدراسات اقتصاديةدراسات التنميةرئيسيعاجل

العاصمة الإدارية.. الأهمية الاقتصادية والعوائد المُتوقعة

 الملخص التنفيذي

فى ظل معاناة الكثير من مدن ومحافظات مصر من التركز أو التكدس السكاني حيث يقطن نحو 97% من السكان على مساحة لا تتجاوز 7%، وما ترتب على ذلك من تأثير سلبي على البنية التحتية والمرافق والخدمات الموجودة بها، تبنت الدولة المصرية رؤية جديدة تستهدف إعادة هندسة المظهر الجيو-اقتصادي لمصر، وإيجاد مناطق تميز فى الصحراء المصرية من شأنها خلخلة الكتلة العمرانية القائمة، وجذب الكثافة السكانية من الوادى الضيق إلى مدن جديدة تتوافر بها عوامل جذب أساسية، وتحقق رفاهية سكانها وتفي بمتطلبات معيشتهم وتضمن لهم نوعية حياة مميزة، فضلا عن تحقيق معاير الاستدامة، وتأمين فرص اقتصادية متعددة.

ومن ثم جاءت فكرة إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة لتوسيع دائرة التنمية والعمران، ذلك المشروع الذي يعالج المشاكل الأزلية للعاصمة القديمة التي يتمثل معظمها في سوء التخطيط، وضعف البنية التحتية، وعدم جاهزيتها لتحقيق رؤية مصر 2030 التي تهدف إلى تحويل مصر إلى دولة ذات اقتصاد رقمي قائم على المعرفة، اقتصاد يتوسع في الثورة الصناعية الرابعة وقادر على تقديم خدمات مميزة للمواطنين والمستثمرين.

استُلهمت فكرة إنشاء عاصمة إدارية جديدة من التجارب العالمية الناجحة في إعادة تأسيس عواصمها، فهناك دولا كثيرة أقدمت على خطوة إنشاء عواصم بديلة، لأسباب تتنوع ما بين السياسية والاقتصادية والديمغرافية، فعلى مدار الخمسين عامًا الماضية فقط أقدمت 13 دولة على مثل تلك الخُطوة مثل البرازيل وكازاخستان وماليزيا، وقد أثبتت تلك السياسة نجاحها في إعادة رسم البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للدول، وتحويلها إلى مدن جديدة يمكنها أن تقود العالم.

وفى هذا الإطار، تُسلط هذه الورقة الضوء على الأهمية الاقتصادية للعاصمة الإدارية والعوائد المتوقعة من إنشائها وذلك من خلال المحاور التالية:

أولا: نبذة عن العاصمة الادارية

ثانيا: الأهمية الاقتصادية للعاصمة الإدارية والعوائد المترتبة عليها

ثالثا: أهم الانتقادات المُوجهة للعاصمة الإدارية والرد عليها

وتتمثل أهم نتائج الورقة فيما يلي:-

  • نجح مشروع العاصمة الإدارية في إيجاد قيمة اقتصادية للأرض المقام عليها ورفع قيمتها، وأضاف قيمة اقتصادية للدولة المصرية بنحو تريليوني جنيه.
  • تم اختيار العاصمة الإدارية لتكون العاصمة العربية الرقمية لعام 2021 من مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات؛ لبنيتها التحتية الرقمية والتكنولوجية فائقة التقدم.
  • العاصمة الإدارية هي المدينة التي من المخطط أن تستوعب 6.5 ملايين مواطن سينعمون بالسكن في مدينة صُممت وفقًا لمدرسة التخطيط العمراني لما بعد الحداثة.
  • تعد العاصمة الإدارية الجديدة من أكبر وأهم المشروعات القومية التي لها مزايا مباشرة وغير مباشرة للاقتصاد المصري من خلال توفير العديد من فرص العمل كما يحقق رواجًا في السوق العقاري وشركات الإنشاءات.
  • يساهم القطاع العقاري بحوالي 15.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف عدد 3.4 ملايين عامل (13% من اجمالي المشتغلين في مصر)، ويتمتع القطاع بروابط أمامية وخلفية مع أكثر من 100 صناعة أخرى.
  • يحقق المشروع عوائد كبيرة، نتيجة حصيلة البيع التي تحصل الدولة منه على 20 %، إضافة إلى الأقساط التي تحصل عليها الدولة من مشروعات حق الانتفاع المؤقتة مثل محطات البنزين المتنقلة.
  • استطاعت شركة العاصمة الإدارية أن تحقق سيولة تزيد على 40 مليار جنيه، إلى جانب أكثر من 40 مليار جنيه أخرى مستحقات لدى الغير. فإن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يتم تمويله من خلال بيع أراضٍ صحراوية ظلت لقرون دون قيمة أو استغلال.

أولا: نبذة عن العاصمة الإدارية

تبلغ مساحة المشروع عند اكتماله نحو 700 كيلومتر مربع أي 170 ألف فدان، على أن يتم التنفيذ على 3 مراحل. تبلغ مساحة المرحلة الأولى من المشروع نحو 168 كيلومتراً مربعاً (40 ألف فدان) أي نصف مساحة القاهرة تقريباً، التي تبلغ نحو 90 ألف فدان.

وتم تصميمها لتكون مركز القوة الاقتصادية القومية، والمقر الرئيسي للوزارات وشركات القطاع العام والخاص، في وسط مجموعة من الأحياء العمرانية، وتم العمل على البنية الأساسية لتكون مدينة مستدامة، وذكية تعمل بأحدث التقنيات.

تقع العاصمة في شرق القاهرة، كما أنها محاطة بأهم الطرق الرئيسية وأبرزها: طريق القاهرة/ السويس، طريق القاهرة/ العين السخنة، الطريق الدائري الأوسطي، والطريق الدائري الإقليمي، وتلك الطرق جعلت من مكان العاصمة الإدارية الجديدة قريب من أهم الأماكن الإستراتيجية في مصر. وتنقسم إلى 3 أحياء وهم: الحي السكني، الحي الحكومي، وحي الأعمال.

تُعد العاصمة الإدارية أول مدينة ذكية تكنولوجية يتم تأسيسها ضمن رؤية مصر 2030 تعتمد على وسائل وسبل الاستدامة وتقدم الخدمات بشكل إلكتروني باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية، وتحتوى على أحدث الأنظمة العمرانية فى العالم. وتسعى الحكومة إلى تشجيع السكن بالعاصمة الجديدة، من خلال تيسير طرق تمويل الوحدات السكنية، ووجود بنية تحتية قوية وشبكات مواصلات تربطها بالمواقع المختلفة بالبلاد، كذلك فإن قضية توزيع التركز السكاني ترتبط أكثر بعملية التنمية الاقتصادية لمختلف المحافظات المصرية؛ ما يجعلها محافظات جاذبة لا طاردة، وهو ما يتطلب إعادة النظر مرةً أخرى في طريقة توزيع الموارد والاستثمارات والخدمات.

وتقوم الحكومة بنقل الأجهزة الإدارية إلى مواقع جديدة بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث يتطلب الأمر جهدًا أوسع في تغيير البنية التشريعية لنظام الخدمة المدنية بجانب تغيير الثقافة التنظيمية، ومزيدًا من رفع كفاءة مهارات الموظفين. وحتى لا يتكرر تركز الخدمات الإدارية للدولة في العاصمة الجديدة؛ فمن الأولى الأخذ باللامركزية المالية والإدارية بمصر.

ثانيا: الأهمية الاقتصادية للعاصمة الإدارية والعوائد المترتبة عليها

لا تقتصر أهمية إنشاء عاصمة إدارية جديدة على كونها مقرا بديلا للمصالح الحكومية ومركزا ثقافيا وحضاريا، بل تتعاظم هذه الأهمية فى ظل المستهدف من كونها مدينة اقتصادية جديدة لمصر. وهنا يتبادر إلى أذهان الكثيرين تساؤل مفاده: “كيف تُسهم العاصمة الإدارية في حياة المواطنين بشكل مباشر وغير مباشر وما هو دورها  في دعم رؤية مصر 2030″؟..وبإمكاننا الإجابة عليه من خلال النقاط التالية:

1- تعزيز النمو الاقتصادى المصري

تُعد العاصمة الإدارية خطوة على الطريق الصحيح لبناء دولة حديثة والانتقال إليها إداريًا أو سكنيًا؛ الأمر الذي سيكون له آثار عدة منها إنشاء حيز عمراني جديد ونقل كثافة سكانية إلى نطاق أوسع، إضافة إلى العوائد الاقتصادية المرتقبة خاصة أن هناك شركات كبرى وجامعات ومعاهد خاصة وأن مشروعاتها الخدمية واستثماراتها بلغت 800 مليار جنيه ووفرت آلاف من فرص العمل وساهمت في تحريك النمو الاقتصادي، وتعد أحد آليات التنمية المستدامة لمصر 2030.

إن توسعة شبكة الطرق وإقامة مناطق صناعية وخدمات معاونة يحقق رواجًا استثماريًا ويساعد على التوسع العمراني مما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري ككل. كما أن مشروع العاصمة الإدارية نجح في إيجاد قيمة اقتصادية للأرض المقام عليها ورفع قيمتها، وأضاف قيمة اقتصادية للدولة المصرية بنحو تريليوني جنيه. كما ساهم فى إحياء المدن المجاورة منها والقريبة، مثل الشروق وهليوبوليس الجديدة والعاشر من رمضان.

2- إقرار منظومة تشريعية جديدة

شهدت مصر إقرار منظومة إصلاح تشريعية جديدة تتعلق بملف الاقتصاد المصري، فهى من ضمن الإنجازات بجانب مشروعات البنية التحية الضخمة والعاصمة الإدارية و14 مدينة جديدة من الجيل الرابع، وسن قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية وما اشتمل عليه القانون من حوافز استثمارية للشركات الأجنبية والمستثمرين، إضافة إلى التيسيرات فى تأسيس الشركات.

وتُمهد هذه الخطوات الطريق لبناء دولة قوية، كما أن انتقال الخدمات إلى العاصمة الإدارية مع الميكنة سيؤدي إلى جذب المستثمرين والتسهيل في تأسيس الشركات والمشروعات. كما تم إقرار قانون للتراخيص الصناعية ولائحته التنفيذية وكذلك إلغاء حدود السحب والإيداع للعملات الأجنبية للسلع غير الأساسية وهو الأهم في القطاع المصرفي، كل هذا يتواكب مع خطة الدولة للتحول إلى واحدة من أكبر اقتصاديات الشرق الأوسط وذلك لتحقيق رؤية مصر 2030. 

3- زيادة مشروعات البنية التحتية

بلغت قيمة ما تم إنفاقه على مشروعات البنية التحتية فى العاصمة الإدارية الجديدة حوالي 80 مليار جنيه على الأقل حتى الآن، وذلك نظرا لأن المشروعات المتعلقة بالبنية التحتية والأساسية تعتبر الوسائل الأهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، والتي توفر مزيد من فرص العمل. وهنا يأتي تأثير هذه المشروعات على المواطن بصورة غير مباشرة وعوائدها الأكبر ستكون خلال السنوات المقبلة.

تم اختيار العاصمة الإدارية لتكون العاصمة العربية الرقمية لعام 2021 من مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات؛ لبنيتها التحتية الرقمية والتكنولوجية فائقة التقدم، ولاحتضانها جهود تحقيق التحول الرقمي وتنمية المهارات والقدرات الرقمية في الدولة، وكذا استضافتها لجامعة مصر المعلوماتية والتي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة.

4- تطوير الخدمات وتقليل الفساد

تعد العاصمة الجديدة من العواصم الذكية التي تم تدشينها على أسس ونمط محدد بحيث تكون عاصمة تكنولوجية لمصر من الدرجة الأولى، وأن العمل بها سيكون بالتكنولوجيا الحديثة فقط بين الهيئات الحكومية والمواطنين لينتهي عصر الورق المعتاد في المصالح الحكومية وهو الأمر الذي يدعو لتدريب الموظفين على التطور التكنولوجي والعمل بدون أوراق.

إن التحول الرقمي سيكون له الدور في تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين وتقليل الفساد بالشكل الذي يُسهم في النهوض بالعمل الحكومي ويحقق قدرًا أكبر من الشفافية والحوكمة الذي يكون مردوده في نهاية الأمر في تحسين الخدمات المقدمة للمواطن.

5- زيادة استثمارات القطاع الخاص

تستحوذ استثمارات القطاع الخاص على تمويل العاصمة الإدارية حيث بلغ حجم استثمارات القطاع الخاص في العاصمة 300 مليار جنيه. ووفقا لما أعلنه مجلس الوزراء يتم تمويل كل مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة بشكل مستقل تمامًا عن الإقراض من البنوك، وذلك من خلال الاعتماد على إيرادات شركة العاصمة الإدارية من حصيلة بيع الأراضي للمطورين العقاريين، إلى جانب الاستثمارات في المشروع.

وقد حققت الشركات العاملة فى القطاع الخاص فى مجال التشييد والبناء وشركات الرخام والجرانيت ومواد البناء عامة استفادة كبيرة من خلال توريد احتياجات إنشاء العاصمة، الأمر الذى ساهم فى إحداث حراك كبير في الاقتصاد المصرى.

وتجدر الإشارة همنا إلى أن معدلات الإنجاز في الحي الحكومي وحي المال والأعمال بالعاصمة تجاوزت 98% ، وكذلك منطقة الأعمال المركزية، والتي تضم 20 برجًا منها البرج الأيقوني، حيث تم تنفيذ الأعمال بها بنسبة 60%، إضافةً إلى الانتهاء بنسبة 100% من تنفيذ المدينة الرياضية، فضلا عن استمرار أعمال التنفيذ في مدينة الفنون والثقافة، والأوبرا الجديدة ومدينة المعرفة، ومركز مصر الثقافي الإسلامي، ومستشفى العاصمة الإدارية الجديدة، إضافةً إلى الحدائق المركزية، والمدينة الأولمبية، وكذلك الخدمات التعليمية ومدارس وجامعات العاصمة الإدارية.

6- جذب الاستثمار الأجنبي المباشر

يُسهم إنشاء العاصمة الجديدة بالصحراء ونقل البنية الإدارية إليها  في إقامة العديد من المشروعات الخدمية والتنموية وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي والمحلي مما يدفع عجلة النمو الاقتصادي ويسمح بإقامة مشروعات للسلع الرأسمالية والإنتاجية، وزيادة الاستثمار في المجالات الرائدة خاصة السياحية والصناعية والزراعية وكذلك تصنيع الآلات اللازمة لتصنيع المنتجات محليًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق فائض للاستيراد وجلب العملة الصعبة. مما يؤدي أيضًا إلي توفير فائض في الميزان التجاري وميزان المدفوعات وزيادة الإيرادات.

7- توفير فرص العمل

توفر المشروعات المقامة فى العاصمة الإدارية الجديدة العديد من فرص العمل والتى من المتوقع أن تُسهم في توفير 1.5 مليون فرصة عمل جديدة، الأمر الذى من شأنه أن يسهم فى تحسين مستوى معيشة المواطنين.

8- توفر معايير الاستدامة

فهى المدينة التي من المخطط أن تستوعب 6.5 ملايين مواطن سينعمون بالسكن في مدينة صُممت وفقًا لمدرسة التخطيط العمراني لما بعد الحداثة. إن كل معايير الاستدامة التي عرفتها اللجنة العالمية للبيئة والتنمية تم تطبيقها داخل العاصمة الإدارية الجديدة ، إذ إنها تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون المَساس بحق الأجيال القادمة، وتعزز حقوق المساءلة والإنصاف من خلال توفيرها السكن والخدمات بنفس معايير الجودة، وهي تضمن للمُشاة حقهم من خلال توفير شبكة طرق للمُشاة تربط أنحاء المدينة، ومدينه مُتصلة من خلال شبكة واسعة من الاتصالات والنقل، هذا فضلًا عن كونها مدينة ذكية تقدم الخدمات لجميع قاطنيها بالاعتماد على شبكة المعلومات وتجمع بيانات من خلال أجهزة الاستشعار عن بعد لتضمن تقديم تجربة عيش مميزة لقاطنيها.

9- تعزيز صناعات الطاقة الجديدة والخضراء

أولت الدولة اهتماما كبيرا بزيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة والخضراء فى مشروع العاصمة الإدارية، حيث  إنه من المخطط له أن يتم تغطية نحو 50٪ من أسطح المنازل بالعاصمة الإدارية بالطاقة الشمسية، وتركيب 52 محطة بالحي الحكومي، وذلك ضمن خطة لتعميم الطاقة الشمسية في العاصمة الإدارية بحلول عام 2035. وقد أعلنت  شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية عن فتح باب الاستثمار في شراء الطاقة المنتجة من خلايا الطاقة الشمسية فوق أسطح المباني بالأحياء السكنية بالعاصمة الإدارية الجديدة.

10- رواج القطاع العقارى

يُسهم قطاع العقارات بشكل كبير في النمو الاقتصادى حيث إنه من القطاعات الأسرع في إيجاد فرص العمل كونها توفر مساحات تجارية للشركات والمكاتب، ومن ثم تعزز تأسيس شركات جديدة تساهم في دفع النمو الاقتصادي.

أمر آخر يعزز من مكانة القطاع العقاري هو حجم مساهمته الكبيرة في الاقتصاد، إذ يسهم بحوالي 15.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف عدد 3.4 ملايين عامل (13% من إجمالي المشتغلين في مصر). ويتمتع القطاع بروابط أمامية وخلفية مع أكثر من 100 صناعة أخرى.

ونظرا لأن مصر دولة ذات نمو سكاني مرتفع وتركيبة ديموجرافية يُمثل فيها الشباب معظم سكانها وبمعدل نمو سكاني يقترب من 2%، ، فإن القوة الشرائية في السوق العقارية المصرية كبيرة وتحتاج لمزيد من المشروعات حيث تحتاج ما يقرب من مليون زيجة سنويًا لحوالي مليون وحدة سكنية، ويعتبر حجم العرض بالقطاع أقل من حجم الطلب، وهو ما يعني أن القطاع في حالة عجز دائم تقريبًا.

هذا ولم يقتصر ارتفاع أسعار العقارات فقط على تلك الموجودة فى العاصمة الإدارية، بل ارتفعت أيضا بنسبة كبيرة قد تصل إلى 20% في المناطق والمدن القريبة من العاصمة الإدارية خاصة مدن شرق القاهرة.

11- تخفيف الضغط على القاهرة

جاءت فكرة إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة لتخفيف الضغط على العاصمة القديمة القاهرة الكبرى التي تعد أكثر عواصم العالم ازدحامًا حيث يعيش فيها أكثر من 10 مليون نسمة، ويقصدها يوميًا ملايين آخرين والتي من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها في غضون العقدين القادمين.

 لذلك وضعت الدولة خطة لنقل الوزارات والمصالح الحكومية وتم تنفيذ مرحلتها الأولى بالفعل بهدف اختصار الوقت والجهد والطاقة اللازمة لقضاء المصالح والخدمات مما يخفف الكثير من العناء عن المواطن المصري وينعكس إيجابيًا على الفرد والمجتمع ويقلل الحوادث التي تنجم عن التكدس بالقاهرة. ويؤدي ذلك بدوره إلى التسهيل على المواطن ومن ثم زيادة إنتاجيته وبالتالي زيادة الناتج المحلي الإجمالي ومعدل النمو الاقتصادي.

12- توفير بيئة عمل صحية

إن تخفيف التكدس عن القاهرة من خلال انتقال الكثير من سكانها للعاصمة الجديدة سيساهم في توفير بيئة صحية وتخفيف حدة انتشار الأمراض والأوبئة، وذلك من خلال تحقيق التباعد الاجتماعي مما سيخفف استهلاك الأدوية ويغني عن استيراد كميات كبيرة منها ويخفف الضغط أيضًا على المستشفيات ويقلل من الميزانية المُخصصة للإنفاق على أوجه الرعاية الصحية.

يُعتبر توفير بيئة عمل صحية من أهم العناصر اللازمة لنجاح الأفراد وزيادة قدرتهم على تحمل المسئوليات وتحسين كفاءتهم فى العمل وزيادة الإنتاجية.

ثالثا: أهم الانتقادات المُوجهة للعاصمة الإدارية والرد عليها

ما زال مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يثير موجات متتالية من الجدل والانتقادات في مصر، وتزايدت مؤخراً مع احتدام الأزمة الاقتصادية جراء الحرب الروسية – الأوكرانية وقبلها تداعيات جائحة «كوفيد – 19»، وذلك بدعوى ترشيد أولويات الإنفاق الحكومي، بينما أوضحت الحكومة عدة مرات أن المشروع لا يتم تمويله من موازنة الدولة وأكدت أن شركة العاصمة الإدارية الجديدة هي التي أقامت المدينة من خلال مواردها الذاتية حيث يتم التمويل من خلال الاستثمارات مع الشركات وطرح الأراضي وعبر إيجاد قيمة اقتصادية للأرض المقام عليها المشروع، وتحويلها إلى مصدر للتمويل، حيث يحقق المشروع عوائد كبيرة نتيجة حصيلة البيع التي تحصل الدولة منه على 20 %، إضافة إلى الأقساط التي تحصل عليها الدولة من مشروعات حق الانتفاع المؤقتة مثل محطات البنزين المتنقلة.

واستطاعت شركة العاصمة الإدارية، (وهي الشركة المسئولة عن تنفيذ وإدارة المشروع)، أن تحقق سيولة تزيد على 40 مليار جنيه، إلى جانب أكثر من 40 مليار جنيه أخرى مستحقات لدى الغير. ومن ثم فإن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يتم تمويله من خلال بيع أراضٍ صحراوية ظلت لقرون دون قيمة أو استغلال.

ويُقدر إجمالي الاستثمارات في المرحلة الأولى لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة بنحو 700 إلى 800 مليار جنيه، لم تكلف الدولة منها شيئا، وفقاً للتصريحات الرسمية لشركة العاصمة الإدارية. ويعد مشروع العاصمة واحداً من المشروعات التي كانت القاهرة في حاجة ماسة إليها، منذ عصر الرئيس الأسبق أنور السادات، الذي خطط لإنشاء عاصمة إدارية تستوعب الزيادة السكانية في مدينة تحمل اسمه على الطريق الصحراوي، لكن المشروع لم يكتب له النجاح، وتكرر الأمر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي وضع مخططاً لنقل مربع الوزارات الحكومية من وسط البلد، لكن لم يتم تنفيذه. إن التخطيط لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وجميع المدن الجديدة يفتح آفاقاً جديدة للتوسعة العمرانية الأفقية، ويمهد الطريق نحو فكرة الخروج من الوادي، فضلاً عن كونه مسعى لاستدامة النمو العمراني الذي يتناسب مع النمو السكاني والاقتصادي.

مما سبق يتضح أن العناصر المحورية‎ ‎فى نجاح العاصمة الجديدة تتمثل فيما يلى : الاختيار الأمثل للموقع والتخطيط الجيد، والتوزيع القائم على دراسات علمية لمواقع المؤسسات الإدارية والاقتصادية والتجارية والترفيهية، وتطبيق مبدأ مركزية التخطيط ولا مركزية الإدارة والتنفيذ، هذا إلى جانب وضع جميع الضوابط القانونية للتحكم في العمران بما يضمن عدم حياد مخطط العاصمة الجديدة عن المسار المحدد له، والعمل على توفير فرص العمل ورفع مستوى الدخول والأجور لمعرفة مدى تأثيرها على جذب السكان إليها، ومدى توافر الخدمات وتلبية احتياجات السكان منها.

وختاما، يُعد حجم الإنجاز بمشروع العاصمة الإدارية غير مسبوق والإشادات تتوالى بأكبر مدينة ذكية على مستوى الشرق الأوسط..ويظل المشروع يحمل أمنيات وتطلعات كثيرة ولكن نجاحه يظل مرهونا بالإرادة والإمكانيات وبمدى الاستفادة من التجارب السابقة فى مواجهة التحديات والترويج لعناصر الجذب الواعدة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى