أوراق بحثيةالإصداراتدراسات حقوقيةرئيسيعاجل

“الإسلاموفوبيا” وعنصرية الغرب..قراءة فى المؤشرات والأسباب

تنامي ظاهرة "كراهية المسلمين" فى أوروبا

دائما ما ترفع الدول الغربية شعارات احترام حقوق الإنسان والحرية وتبني صورتها فى العالم على أنها دول ديمقراطية تُفسح المجال للجميع لإبداء الآراء وتحترم التعددية الفكرية والدينية، ولكن يتبين يوما بعد يوم أنها شعارات رنانة مزيفة، فاللغة تختلف حين يتعلق الأمر بالمصالح وحقوق الأقليات بتلك الدول التى تنتشر بها جرائم التمييز والعنصرية والكراهية ضد المسلمين ومقدساتهم، فبات الاعتداء على المسلمين وممتلكاتهم وحرق المصاحف وتخريب المساجد أمرا معتادا ومتواترا يتم تحت حماية الشرطة وبزعم حرية التعبير، وفى ظل تجاهل تام لمشاعر ملياري مسلم حول العالم.

فأصبح من غير المقبول استمرار التعالي الغربي الذى يتاجر بحقوق الإنسان بينما يمرر خطاب الكراهية تجاه الإسلام والمسلمين من خلال نافذة حرية التعبير، فعندما يتعلق الأمر بأمنهم يضربون بالقانون عرض الحائط، ولكن عندما يتعلق الأمر بمقدسات المسلمين فإنهم يدَّعون حماية حرية التعبير التى تُعد مقيدة وأُقر ذلك بشكل واضح في الفقرة الثانية من المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي نصت “تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف”.

إن ما حدث فى الدنمارك مؤخرا وقبلها السويد وغيرها العديد من الدول الأوروبية التى شهدت حرقا للمصحف الشريف، يعكس ليس فقط تنامي لظاهرة “الإسلاموفوبيا” بها، بل وإضفاء الشرعية عليها فى ظل سماح السلطات بمثل هذه الأعمال، وتعمد تشويه صورة المسلمين وترهيب المجتمع الغربي من وجودهم، وذلك على نحو يهدد السلام الاجتماعي وينتهك الحقوق والحريات. 

وعليه، قامت الخارجية المصرية باستدعاء القائم بأعمال سفارة السويد فى القاهرة يوم 25 يوليو الجاري، وسفيرة الدنمارك بالقاهرة، يوم 27 يوليو الجاري، لإبلاغهما بإدانة مصر الشديدة ورفضها الكامل حكومة وشعبا – للحوادث المؤسفة والمتكررة لحرق والإساءة لنسخ من المصحف الشريف بالسويد والدنمارك، والتأكيد على أن استمرار تكرار تلك الأحداث، التي لا تمت لحرية التعبير بصلة، يُمثل انتهاكا صريحا لحرية الاعتقاد والممارسات الدينية على اختلافها، ويتناقض مع المواثيق الدولية لدعمه لخطابات التطرف والكراهية وظاهرة “الاسلاموفوبيا” وازدراء الأديان.  

وانطلاقا من ضرورة التصدي لظاهرة ” الإسلاموفوبيا ” التى تُشكل خطرا داهما على التعايش العالمي، واستنادا لحقيقة أن المسلمين يمثلون قرابة 10% من إجمالي سكان أوروبا ويشكلون مصدر ثراء فكري وعلمي وحضاري لأوروبا، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” ورقة بحثية ترصد وتحلل واقع ظاهرة الإسلاموفوبيا فى الدول الأوروبية من خلال المحاور الـ7 التالية:  

أولا : مفهوم ونشأة “الإسلاموفوبيا”.  

ثانيا “الإسلاموفوبيا” مظهر من مظاهر العنصرية. 

ثالثا: مؤشرات تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

رابعا:  أسباب ارتفاع وتيرة ظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

خامسا: التحديات أمام التصدي لظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

سادسا: جهود الدولة المصرية فى مواجهة “الإسلاموفوبيا”.

سابعا: : مقترحات للقضاء على ظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

 وجاء أبرز ما توصلت إليه الورقة البحثية على النحو التالي:  

  • تُعَد ظاهرة “الإسلاموفوبيا” شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز، وتؤثر على جميع جوانب حياة المسلمين، بدءا من التعليم والعمل، وصولا إلى الحصول على الجنسية، وحقوق المواطنة والمشاركة الكاملة في المجتمع.
  • توجد فجوة كبيرة بين التقارير الرسمية وواقع انتشار ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، فنحو 12٪ فقط من المسلمين الذين يتعرضون للتمييز فى دول الاتحاد الأروربي هم من يبلغون عن حالاتهم إلى السلطات.
  • أصبحت ظاهرة “الإسلاموفوبيا” تأخذ طابعا مؤسسيا، وفرنسا والنمسا والدنمارك هى أكثر الدول التى تتفاقم بها الظاهرة فى أوروبا.
  • سيطرت السلطات الفرنسية على 1727 مؤسسة إسلامية ، وأغلقت نحو 118 وصادرت نحو 10 ملايين يورو بين يناير وأغسطس 2022.
  • سجلت جرائم الكراهية الدينية زيادة أكبر فى بريطانيا عام 2022 بنسبة 37% مقارنة بعام 2021، حيث بلغ عدد الضحايا المسلمين 3459 من أصل 8730 ما يشكل 42% من إجمالى ضحايا جرائم الكراهية.
  • تعرض نحو 42% من المساجد البالغ عددها 1800 فى بريطانيا لاعتداءات وأعمال تخريب وسطو.
  • تم تسجيل أكثر من 1000 جريمة كراهية ضد المسلمين فى النمسا عام 2022، و67% من الاعتداءات المتعلقة بالمعتقد ارتكبت ضد المسلمين فى هولندا.
  • قامت بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة فى أوروبا على التصدي لـ”الأسلمة” فى أوروبا، وسعت لتشويه الإسلام وإلصاق تهم “الإرهاب” لكل مسلم مقيم في بلدانهم.
  • ترفض الحكومات الأوروبية الاعتراف بمشكلة “الإسلاموفوبيا” ووضع تعريف محدد للمصطلح.

 كما تقترح الورقة البحثية ما يلي:

1– اعتبار السلوكيات العدائية ضد الإسلام والمسلمين جريمة يُعاقب عليها القانون الدولى.    

2- سن تشريعات وقوانين تستهدف الجماعات المتطرفة والعنصرية التي تمارس مظاهر عدائية ضد المسلمين على الأرض وافتراضيا، وتضمن معاقبتهم على الجرائم العنصرية المُرتكبة.

3- وضع تعريف محدد تتفق عليه دول العالم فيما يتعلق بمصطلح الإسلاموفوبيا حتى يسمح للمسلمين بالإبلاغ عن أى جرائم يتعرضون لها.

4- تفعيل الأدوار السياسية والاجتماعية للجاليات المسلمة باعتبارهم جزء من نسيج المجتمع وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية.

5- تعزيز الحملات الإعلامية الرامية إلى زيادة الوعى بخطر الإسلاموفبيا وتعزيز الصورة الإيجابية للإسلام، وتقديم أعمال درامية تعكس الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين.

ويتضح ذلك بمزيد من التفصيل من خلال المحاور التالية :

أولا : مفهوم ونشأة الإسلاموفوبيا

يُعد مصطلح الإسلاموفوبيا (Islamophobia) من المصطلحات حديثة التداول نسبياً، وينظر إليه على أنه مصطلح مركب يتكون من كلمتين، كلمة عربية “إسلام” وأخرى يونانية “فوبيا” التى تعنى خوف لا شعوري وغير مبرر من مواقف أو أشخاص أو نشاطات، وعليه يُعتبر المصطلح دخيلا وليس عربيا ويُترجم إلى الخوف والرهاب من كل ما هو إسلامي.

كما يمكن اعتبار الإسلاموفوبيا أبلغ تعبير عن وضعية الإسلام في الغرب، فهي كلمة دخلت قاموس السياسة الأوروبية وتحولت إلى مفردة لها معان محدودة، إذ تشير إلى ظاهرة تخوف المجتمع الغربي من الإسلام ونظرتهم إليه كدين غير قابل للتعايش مع الحضارة المادية الحديثة، ودين يبرر استخدام العنف لتحقيق أهدافه على حد اعتقادهم.

وعرفت منظمة الأمم المتحدة ” الإسلاموفوبيا ” بأنه مصطلح يعنى كراهية الإسلام والخوف من المسلمين والتحيز ضدهم والتحامل عليهم بما يؤدي إلى الاستفزاز والعداء والتعصب بالتهديد وبالمضايقة وبالإساءة وبالتحريض وبالترهيب للمسلمين ولغير المسلمين، سواء في أرض الواقع أو على الإنترنت وتستهدف تلك الكراهية —بدافع من العداء المؤسسي والأيديولوجي والسياسي والديني الذي يتجاوز تلك الأطر إلى عنصرية بنيوية وثقافية— الرموز والعلامات الدالة على أن الفرد المستهدف مسلما.

بينما عرفت منظمة التعاون الإسلامى ظاهرة ” الإسلاموفوبيا” بأنها تعنى الخوف المفرط من الإسلام والمسلمين، أو أي شيء مرتبط بدين الإسلام، مثل المساجد والمراكز الإسلامية والقرآن الكريم والحجاب، إلخ.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنه يجب التمييز في التعامل مع مفهوم “الإسلاموفوبيا” بين مرحلتين أساسيتين تقف أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 حدا فاصلا بينهما:

المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001م والتي تتميز بندرة استخدام المفهوم، وذلك على الرغم من أن ظاهرة الإسلاموفوبيا ومضامينها الفكرية هي ظاهرة قديمة قدم الإسلام تسعى لتشويه صورة الدين والمنتمين إليه.

المرحلة الثانية: بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما أعقبها من عمليات إرهابية مروعة (تفجيرات مدريد عام 2004، وتفجيرات موسكو 2010، وغيرها) يُزعم أنها تم تنفيذها باسم الإسلام، تصاعدت الشكوك تجاه المسلمين وتم الترويج للصورة الذهنية للمسلمين على أنهم يقتلون الأبرياء، وزاد استخدام المفهوم بصفة ملفتة وأصبح هذا المصطلح دارجا على لسان الكثيرين في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وانتشرت مظاهر العداء والتمييز ضد الإسلام والمسلمين.

ثانيا: “الإسلاموفوبيا” مظهر من مظاهر العنصرية

تُعَد ظاهرة الإسلاموفوبيا شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز نظرا لأنها تستهدف المسلمين بناءً على دينهم. وتتجلى العنصرية في “الإسلاموفوبيا” في الاتجاه السلبي، والخوف غير المبرر، والانتقادات الحادة، والتحيز الذي يتم توجيهه ضد المسلمين، فضلا عن تهديد أمنهم في الشوارع، ووسائل النقل، وكافة الأنشطة الحياتية، وارتكاب جرائم قتل وأعمال عنف بحقهم كالاعتداءات الجسدية، وتخريب الممتلكات، وإساءة معاملة النساء خاصة ممن يرتدين الحجاب، وحرق المساجد وتشويه رموز الإسلام المقدسة.

وبالإضافة إلى ما سبق يمكن التأكيد على أن ظاهرة “الإسلاموفوبيا” أضحت تؤثر على جميع جوانب حياة المسلمين، بدءا من التعليم والعمل، وصولا إلى الحصول على الجنسية، وحقوق المواطنة والمشاركة الكاملة في المجتمع، الأمر الذى يتنافى مع قيم العدل والمساواة وحقوق الإنسان، التى تكفلها المادة 18 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان حيث نصت على أن “لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة”.

وقد حذر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين أو المعتقد من الانتهاكات بحق المسلمين، حيث قال أمام مجلس حقوق الإنسان فى عام 2021: “لقد بلغ الشك المؤسسي في المسلمين ومن يعتقد أنهم مسلمون أبعاد وبائية..وفي مثل هذه المناخات التي يسودها الإقصاء والخوف وانعدام الثقة، يفيد المسلمون بأنهم غالبا ما يشعرون بالوصم والعار والشعور بأنهم ’مجتمعات مشبوهة‘ تُجبر على تحمل المسؤولية الجماعية عن أفعال أقلية صغيرة”.

وفى تقريره الصادر فى مارس 2021، قال مقرر الأمم المتحدة إنه غالبا ما يتعرض المسلمون للتمييز في الحصول على السلع والخدمات ، وفي العثور على عمل وفي التعليم وفي بعض الدول ، يُحرمون من الجنسية أو من وضع الهجرة القانوني بسبب تصورات معادية للأجانب بأن المسلمين يمثلون تهديدات للأمن القومي والإرهاب فيما يتم استهداف النساء المسلمات بشكل خاص في جرائم كراهية الإسلام.

وفي السياق ذاته، أشارت وكالة الحقوق الأساسية التابعة للاتحاد الأوروبي، في تقريرها الصادر أواخر عام 2021 بعنوان: «المسلمون في الاتحاد الأوروبي: تمييز وإسلاموفوبيا»، إلى أن المسلمين عرضة للتمييز، وأن هناك الكثير مما يجب القيام به حتى يستفيدوا من الحقوق نفسها، ومن المساواة في المعاملة ونوعيتها كما هو الحال مع الأوروبيين، وعددّ التقرير أشكالاً مختلفة من التمييز الذي يتعرض له المسلمون في مجالات مثل: العمل، والإقامة، والتعليم، والسكن… إلخ.

ثالثا: مؤشرات تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا”:

تُشير غالبية التقارير والدراسات إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا آخذة فى التصاعد فى المجتمعات الأوروبية، ومن أبرزها التقرير الأوروبي الأخير للإسلاموفوبيا عن عام 2022 الذى أشار إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا أصبحت تأخذ طابعا مؤسسيا، وأن فرنسا والنمسا والدنمارك هى أكثر الدول التى تتفاقم بها ظاهرة الإسلاموفوبيا فى أوروبا بشكل ملحوظ.

هذا وقد كشف تقرير صادر عن مرصد الإسلاموفوبيا التابع لمنظمة التعاون الإسلامي  أن قارة أوروبا قد استحوذت على المرتبة الأولى فى حجم انتشار ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، وتليها آسيا ثم أمريكا الشمالية، بينما أوضح المرصد أن كلا من فرنسا وبريطانيا شملتا النشاط الأبرز المتعلق بالإسلاموفوبيا.  

وتجدر الإشارة هنا إلى وجود فجوة كبيرة بين التقارير الرسمية وواقع انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا بأبعادها المختلفة، خاصة وأن الغالبية العظمى من الدول الأوروبية لا تسجل حوادث الإسلاموفوبيا كفئة منفصلة من جرائم الكراهية، مما يحد من آليات الكشف عن المدى الحقيقي لتنامي هذه الظاهرة، فضلا عن قيام نحو 12٪ فقط من المسلمين الذين يتعرضون للتمييز فى دول الاتحاد الأوروبي بإبلاغ السلطات عن حالاتهم.  

وترصد هذه الورقة التحليلية أبرز مؤشرات تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا” فى معظم الدول الأوروبية، وذلك استنادا إلى عدة مصادر وتقارير دولية أبرزها تقرير “الإسلاموفوبيا فى أوروبا 2022”، وذلك على النحو التالي: 

أ-جرائم الكراهية والاعتداء على المسلمين ومؤسساتهم الدينية:

فرنسا: سجلت تنسيقية محاربة الإسلاموفوبيا فى أوروبا CCIE فى تقريرها نحو 501 شكوى فى فرنسا خلال عام 2022، وذلك كما ورد فى تقرير الإسلاموفوبيا فى أوروبا فى العام ذاته، والذى أكد أن  سياسة “العرقلة” التى تنتهجها فرنسا أدت إلى السيطرة على 1727 مؤسسة إسلامية ، وإغلاق نحو 118 ومصادرة 10 ملايين يورو بين يناير وأغسطس 2022.

بريطانيا: سجلت جرائم الكراهية الدينية زيادة أكبر فى بريطانيا عام 2022 بنسبة 37% مقارنة بعام 2021، حيث بلغ عدد الضحايا المسلمين 3459 من أصل 8730 ما يشكل 42% من إجمالى ضحايا جرائم الكراهية.

هذا إلى جانب تعرض نحو 42% من المساجد البالغ عددها 1800 فى بريطانيا لاعتداءات، حيث شكلت أعمال التخريب  من تدمير وتشويه للممتلكات وكتابات عنصرية.. وخلافه، النصيب الأكبر من تلك الاعتداءات التى بلغت نحو 51%، تليها عمليات السطو التى بلغت نحو 34%، فضلا عن تعرض 17% من المسلمين للإيذاء الجسدي داخل المساجد.   

ألمانيا: تم تسجيل 364 جريمة ناجمة عن الإسلاموفوبيا فى جميع أنحاء ألمانيا، من بينها 26 استهدفت المساجد، علما بأن الجرائم تتجاوز هذه الأعداد، لاسيما وأن الإحصائيات الرسمية الأخيرة لم تصدر عن الهيئات السياسية فى ألمانيا بعد.

إسبانيا: زادت جرائم الكراهية فى 2021 بنحو 401 جريمة مقارنة بإجمالي عدد جرائم الكراهية عام 2020، وذلك وفقا للتقرير السنوى لعام 2021 الصادر عن وزارة الداخلية الإسبانية فى أكتوبر 2022.

النمسا: تم تسجيل أكثر من 1000 جريمة كراهية ضد المسلمين فى عام 2022 ،وذلك وفقا لتقرير “الإسلاموفوبيا فى أوروبا 2022”. بينما ذكر مركز “التوثيق والإرشاد من أجل مسلمي النمسا” فى تقريره الصادر مطلع 2022 أن النمسا شهدت 1324 هجومًا عنصريا ضد المسلمين، أغلبها كان على مواقع الإنترنت والمنصات الرقمية في هذا البلد الذي يشهد حملات تحريض وخطاب كراهية، وأن 15% من الذين تعرضوا للعنصرية والاعتداءات اللفظية والجسدية هم من الرجال، بينما أكثر من ضعف ذلك نحو 40% من الاعتداءات استهدفت النساء.

هولندا: أشار تقرير “الإسلاموفوبيا فى أوروبا عام 2022 ” إلى أن نحو67% من الاعتداءات التى ارتكبت ضد المسلمين كانت متعلقة بالمعتقد.

الدنمارك: أكد التقرير أن قرابة 49% من جرائم الكراهية التى حدثت بين عامي 2017 و2021 والبالغ عددها 792 ، ارتكبت ضد المسلمين.

وفى ظل غياب الإدانة الحكومية وعدم عقاب المتورطين فى جرائم الكرهية، تزداد حوادث العنصرية وتتفاقم المشكلة.

ب- قرارات وقوانين تمييزية ضد المسلمين:

من أبرز مؤشرات تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا” تلك القرارات التى تتخذها الحكومات والأحزاب السياسية، وما يصاحبها من تشريعات تستهدف المسلمين بشكل مباشر وتحد من ممارساتهم الدينية، ويتم معاملتهم وفقا لها بشكل مختلف عن باقى الطوائف الدينية، الأمر الذى وصل إلى إغلاق المؤسسات والمنظمات غير الحكومية الإسلامية دون أي دعوى قضائية أو دليل على تطرفها كما يزعمون.

وتُطبق الدول الغربية أنواعا مختلفة من القوانين مثل حظر الأذان والمساجد والحجاب، ففى بلجيكا على سبيل المثال، لايزال الذبح الشعائري محظورا فى بعض المناطق، وفى السويد والدنمارك تم إغلاق العديد من المدارس الإسلامية بزعم “أن الأطفال بها معرضون لخطر التطرف”.

كما أطلق وزير التعليم الفرنسي فى 2022 حملة تستهدف الطلاب والمدرسين المسلمين، ذلك بدعوى انتشار الرموز الدينية فى المدارس الفرنسية.

وفى هولندا، قرر وزير التربية والتعليم أن يضع التعليم غير الرسمي فى المساجد ومدارس نهاية الإسبوع الإسلامية قيد التفتيش والمراقبة كنوع من التضييق والحد من حرية التعليم، كما أيدت محكمة العدل الأوروبية قوانين تمنع ارتداء الحجاب للمرأة داخل المؤسسات الخاصة لمنع إبراز أي رمز إسلامي بحجة الحفاظ على حيادية تلك المؤسسات.

ج- الخطابات السياسية المعادية للإسلام والمسلمين:

تُعد الخطابات والحملات السياسية المنظمة والموجهة ضد الإسلام كدين وضد معتنقيه من أبرز أشكال ومظاهر تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، والأمثلة على ذلك كثيرة نرصد بعضها على سبيل المثال لا الحصر، كتعهد الرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون بمواصلة نشر الكاريكاتير المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، قائلا: “لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات وإن تقهقر البعض”.، زاعما أنها بمثابة “حرية تعبير”.

ووصفت مارين لوبان خلال حملتها الرئاسية فى 2022 الحجاب بـأنه  “الزي الإسلامي” وأوضحت أنها تريد حظره في جميع الأماكن العامة وتضع من يرتديه تحت طائلة الغرامة المالية، بينما صرح المرشح الفرنسي للرئاسة “إريك زمور” خلال حملته بأن: “على المسلمين أخذ مسافة من النص القرآني الذي يدفع إلى قتال اليهود والنصارى، وإلى تقييد حرية النساء، وإلى القمع الشرس للمثليين، وأن الاندماج هو الاحتمال الوحيد لقبول المسلمين على الأراضي الفرنسية”.

ومن جانبه، قال الرئيس التشيكي “ميلوش زيمان”: “نحن نحترم الدول الإسلامية، ومعتقدها، ما دام سكانها لا يأتون إلى أوروبا. لأنه بمجرد وصولهم إلى أوروبا تصطدم الحضارتان ببعضهما البعض”، داعيا مواطني بلده إلى أحذ الحيطة والحذر حيال من وصفهم بـ “الإرهابيين الإسلاميين”، فى حين اعتبر وزير الداخلية الفرنسي “جيرالد دارمانان” أن الإرهاب الإسلامي السُّنّي هو أبرز تهديد لبلاده وأوروبا.

كما اقترح حزب الحرية الهولندي (اليميني) خلال برنامجه الانتخابي تطبيق سياسة هجرة تقييدية وحظر كامل على المهاجرين من الدول الإسلامية، وقد نشر السياسي اليميني  “خيرت فيلدرز” زعيم حزب الحرية مقطع فيديو على حسابه على”تويتر”  تحت عنوان  “لا للإسلام لا لرمضان..حرية ، لا للإسلام “.

د- تزايد شعبية تيار اليمين المتطرف:

عملت الأحزاب اليمينية المتطرفة فى أوروبا على تكريس الخوف من الإسلام والمسلمين وسعت من خلال حملاتها الممنهجة إلى تشويه الإسلام وإلصاق تهم “الإرهاب” لكل مسلم مقيم في بلدانهم، مستغلة هذا الأمر لتحقيق غايات انتخابية ومكاسب سياسية تتمثل في زيادة عدد الأصوات التي تحصدها عبرصناديق الانتخاب، والوصول إلى السلطة، فظهرت شعارات منها “أسلمة أوروبا” و”التهديد الإسلامي الخفي”، وغير ذلك من الشعارات التي وفرت لليمين المتطرف ً خطابا ً مسموعا لدى قطاع كبير من المجتمعات الأوروبية. 

وبالفعل نجحت الأحزاب اليمينية المتطرفة فى الحصول على مزيد من المقاعد بعدة برلمانات على مستوى القارة العجوز، واتخذت الحكومات الأوروبية وأحزابها السياسية خطوات ضد الجاليات المسلمة بغية ضمان بقائها فى السلطة، الأمر الذى يعنى أن الجاليات المسلمة فى أوروبا أضحت في مرمى الأحزاب اليمينية المتطرفة، وتحاول إلصاق صفات العنف والتشدد على مجموعات بأكملها، لأهداف سياسية أو إيديولوجية بعينها.

كما قامت بعض الأحزاب اليمينية بإنشاء منظمات تهدف للتصدى لـ”الأسلمة” في أوروبا، ودشن أنصار اليمين المتطرف في ألمانيا عام 2014، حركة “وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب” المسماة “بيجيدا”  PEGIDA.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك عدة أحزاب بارزة لليمين المتطرف، تنتشر في دول أوروبا وتجهر بعدائها للمسلمين، ومن أبرزها حزب الحرية الهولندي، وحزب الجبهة الوطنية الفرنسية، والحزب النمساوي اليميني الشعبي، والحزب اليميني الشعبي الدنماركي، وحزب الوطنيين الدنماركيين، وحزب البديل من أجل ألمانيا الألماني.. وغيرها الكثير.

هـ – تعمد عدم استخدام مصطلح “الإسلاموفوبيا”:

ترفض الحكومات الأوروبية الاعتراف بمشكلة “الإسلاموفوبيا” وترفض استخدام المصطلح في خطاباتها، فهناك إصرار سياسي لعدم الاعتراف بوجود مشكلة عنصرية ضد المسلمين بهدف شرعنة ودعم الممارسات العنصرية بشكل واسع.

وخير دليل على ذلك هو رفض الحكومة البريطانية تبنى تعريف لمصطلح «الإسلاموفوبيا»، والذى كان قد اقترحه عدد من نواب بعض الأحزاب، وذلك بعد تحذير من خبراء ومختصين بأن هذه الخطوة قد تعرقل مكافحة الإرهاب وقد تُقوض حق أفراد شرطة المطارات والموانئ الجوية في توقيف المشتبه بهم وتفتيشهم، دون الحصول على إذن مُسبق.

د- الازدواجية فى التعامل مع اللاجئين:

مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية، تجلت الازدواجية فى التعامل مع اللاجئين من قبل الدول الأوروبية المختلفة حيث تم الترحيب باللاجئين من أوكرانيا بسبب ديانتهم، وبدعوى أنهم “أكثر تحضراً مقارنة باللاجئين السوريين”، بينما أغلقت أوروبا الحدود وأقامت الجدران لمنع اللاجئين القادمين من مناطق أخرى وعلى رأسهم المسلمين.

وقد صرح العديد من المسئوليين الأوروبيين بأن اللاجئين المسلمين يشكلون “تهديدا للطابع الديمجرافي والهوية المسيحية في أوروبا”، ويحذرون من تحول المسلمين إلى أكثرية السكان بأوروبا إذا استمر استقبال اللاجئين المسلمين، ويؤكدون على أن: “استقبال لاجئين أوروبيين يعني توفير تربة خصبة لتنفيذ هجمات إرهابية محتملة” على حد تعبيرهم.

وعلى سبيل المثال لا الحصر للمواقف التي قد تدلل على وجود ازدواجية في التعامل الأوروبي مع اللاجئين، نجد أنه بمجرد وصول اللاجئ الأوكراني إلى ألمانيا، فإن الدولة تمنحه مباشرة الحق في العمل، ولأطفاله الحق في التعليم، كما منحت الحكومة البريطانية اللاجئين الأوكران تسهيلات كبيرة، وحثت المواطنين على استقبالهم في منازلهم مقابل دعمهم بمبالغ مالية شهرية، بينما يتعرض اللاجئين المسلمين للفصل عن ذويهم والإقامة فى مخيمات والتعامل بطريقة مهينة وقد وصل الأمر إلى الاعتداءات عليهم من قبل أفراد الشرطة المنتشرين على الحدود.

و- عنصرية التوظيف:

تشهد الدول الأوروبية مظاهر تمييز عنصري واضحة ضد المسلمين في سوق العمل، حيث يتعرض العديد منهم للحرمان من مختلف فرص العمل على الرغم من توافر المؤهلات اللازمة، والخبرة الكافية، الأمر الذى يمثل انتهاكا لحقوقهم وعدم تحقيق للعدالة وضمان تكافؤ الفرص.

وقد نشر موقع تابع لجامعة أوكسفورد بحثا فى يوليو 2022 توصل إلى أن 65% من المسلمات اللاتي يرفقن صورهن بالحجاب مع السيرة الذاتية عند التقديم على وظيفة فى هولندا وإسبانيا يتم رفضهن دون الدعوة لإجراء مقابلة.

وهناك بعض التقارير التى تفيد بأن المسلم فى بعض الدول الأوروبية عند بحثه عن عن وظيفة، قد يواجه التمييز خمس مرات أكثر من غير المسلم.

رابعا: أسباب ارتفاع وتيرة ظاهرة “الإسلاموفوبيا”

هناك أسباب عديدة لارتفاع وتيرة ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، يمكن أن نستعرض أهمها على النحو التالي:

1- الجهل بالدين الإسلامي: هناك جهل واضح بحقيقة الإسلام في العالم الغربي الذي يستقي معلوماته عنه من مصادر تفتقر إلى الإحاطة الكافية بحقيقة الإسلام وجوهره السمح، وإلى الموضوعية والنزاهة، وبسب هذا الجهل، وُصم الإسلام بالإرهاب والتعصب واحتقار المرأة والافتقار إلى التسامح مع غير المسلمين ورفض الديمقراطية والسعي إلى ثقافة الانتقام.

كما أنه، وفى أعقاب الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 وغيرها من أفعال الإرهاب المروعة الأخرى التي يُزعم أنها نُفِّذت باسم الإسلام، تزايد الارتياب المؤسسي في المسلمين وفي من يُعتقد أنهم مسلمون إلى درجات وبائية فعديد من الدول —إلى جانب هيئات إقليمية ودولية— ردت على التهديدات الأمنية باعتماد تدابير تستهدف المسلمين أكثر من غيرهم وتعرف المسلمين بأنهم في الوقت نفسه أناس يشكلون خطرا كبيرا وأناس معرضون لخطر التطرف.

2- وسائل الإعلام الغربية: حيث لعب الإعلام الغربى دورا كبيرا فى انتشار تيار “الإسلاموفوبيا”، كما تمكن بتقنياته الهائلة وتأثيره الواسع من نحت صورة نمطية غاية في السلبية عن الإسلام والمسلمين، وعمل بشكل مستمر على شيطنة صورة العرب والمسلمين باعتبارهم يشكلون خطرا على القيم الحضارية الغربية وغير قادرين على الإندماج فى هذه المجتمعات ويميلون لاعتناق الأفكار الإرهابية المتطرفة.

 كما قام الإعلام الغربي بدور كبير في زيادة مساحة الفوبيا من الإسلام بتضخيم الأحداث والتركيز على الهجمات الإرهابية التى يقوم بها المتطرفون من المسلمين بشكل أكبر من تغطية الهجمات التى يقوم بها اليمين المتطرف أو أصحاب الأفكار المتشددة من الديانات والاتجاهات الأخرى .

3- أجندات اليمين المتطرف: التى دائما ما توجه سهامها للمسلمين وتحملهم مسئولية مشاكل الدول التى يقيمون بها، ومن ثم يتعاملون مع المسلمين كـ”كبش فداء” لأى إخفاقات سياسية أو اقتصادية، مما يُكرس لخطاب الكراهية ويزيد من أعمال العنصرية ضد المسلمين التى انعكست فى سلوكيات كحرق القرآن الكريم وكتابة العبارات التحريضية على الجدران والاعتداء جسديًا ولفظيًا على المهاجرين العرب أو غير العرب من المسلمين، وغيرها من السلوكيات العنصرية. 

فى الحقيقة يرى اليمين المتطرف الهجرة واللجوء تهديدا خطيرا لهوية الأوروبيين، وتهديدا لقيم أوروبا التقليدية (العلمانية والليبرالية)، ومن ثم يستند الإطار الفكري الرئيسي لهذه الأحزاب إلى العنصرية.

4- أزمة المهاجرين واللاجئين: تسببت أزمة المهاجرين واللاجئين بوصول ما يقرب من اثنين مليون لاجئ معظمهم سوريين إلى أوروبا منذ مطلع العام 2015، فى إحداث حالة من الخوف والقلق بين أوساط  الطبقة العاملة والمتوسطة في أوروبا بسبب فرص التوظيف والرعاية الصحية والاجتماعية، وكيفية استيعاب تلك الأعداد الهائلة من اللاجئين داخل دولهم، وما نجم عن هذه الأزمة من تردى الأوضاع الاقتصادية التى تفاقمت مع جائحة كورونا وبعد الحرب الروسية الأوكرانية.

خامسا: التحديات أمام التصدي لظاهرة “الإسلاموفوبيا”

فى ظل تنامي موجة العداء ضد الإسلام والمسلمين فى العالم بوجه عام وأوروبا بوجه خاص، وبروز الحاجة الملحة للتصدى للإسلاموفوبيا، تظهر العديد من التحديات التى يجب وضعها فى الاعتبار عند محاولة القضاء على هذه الظاهرة، وأبرزها يأتى على النحو:

1- تعتبر قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بمواجهة ” الإسلاموفوبيا ” غير مُلزمة للدول الأعضاء وفى مقدمته القرار الذى ينص على ” تكثيف الجهود الدولية لتقوية الحوار العالمى بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات على أساس احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات “.

2- استهداف اليمين المتطرف فى أوروبا للإسلام والمسلمين بشكل غير مسبوق والعمل بكل الطرق على تقديم المسلمين للعالم وكأنهم متطرفون ودعاة للقتل والترويع والإرهاب ولا يمكنهم التعايش مع المجتمعات الغربية.

3- اعتبار الإساءة إلى الرموز والمقدسات الدينية الاسلامية نوعا من حرية الرأى والتعبير، الأمر الذى يُمثل تهديدا لحرية الإنسان فيما يؤمن وما يعتقد وهو أيضا أمر يثير مشاعر المسلمين وغضبهم.

4-إفلات مرتكبي جرائم الكراهية ضد المسلمين من العقاب.

5-يعد تنامى ظاهرة ” الاسلاموفوبيا ” مؤشرا لتصاعد هجمات إرهابية جديدة قد تهدد تماسك الدول والمجتمعات خاصة الأوروبية ، فتنامى مظاهر العنف هى دائرة مفرغة تؤدى لمزيد من الكراهية والعنف.

6-تقييد مشاركة المسلمين فى تقديم الخطاب الإعلامى الذى يعبر عن قيم الإسلام السمحة وعدم مشاركتهم فى وضع الخطط اللازمة لتصحيح الصورة التى تم إلصاقها للإسلام وهى بعيدة كل البعد عن الحقيقة.8

7- ربط وسائل الإعلام الغربية الإسلام بالعرب وتقديم صورة لهم على أنهم المتحكمون فى أسواق النفط والبترول وينفقون الأموال بشكل غير مسئول ، وأنهم أبناء وشعوب أنظمة غير ديمقراطية مع إغفال حقيقة أن الإسلام دين عالمى يدين به ملايين من الأوروبيين والأمريكيين وشعوب القارة الأسيوية ولا يرتبط بجنسية أو عرق أو منطقة جغرافية بعينها

8- الصورة السلبية التى تقدم عن الإسلام والمسلمين والتى أثرت على الشباب المسلم خاصة الذى يعيش فى المجتمعات الغربية من أبناء الجيل الثانى والثالث وهو ما جعلهم يتخلون عن هويتهم الإسلامية واعتناق أديان أخرى أو حتى لجؤهم إلى التيار الإلحادى تأثرا بهذه الأفكار المغلوطة.

9- قيام بعض التنظيمات الإرهابية المتطرفة بتأويل وتفسير النصوص الإسلامية وفقا لأهدافها وأجندتها الخاصة وبما يمكنها من وضع تبريرات لأفعالها وجرائمها المعادية للإنسانية.

10- ظهور حركات مناهضة لتواجد المسلمين فى أوروبا، مثل حركة “بيجيدا ” المعادية للمسلمين والتى نجحت فى حشد مظاهرات وصلت أعدادها إلى ما يتعدى 20 ألف متظاهر ينددون بوجود المسلمين فى بلادهم وفى أوروبا .

11- فوضى استخدام الأخبار المغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعى وهو ما أدى الى زيادة الأخبار التى تستهدف الإسلام والمسلمين مع صعوبة التثبت من حقيقتها وصحتها .

12- انتشار العلمانية فى المجتمع الأوروبي وتنامي خطابات ومناقشات تؤيد الحداثة وترفض الدين بشكل عام.

13- ندرة الدراسات والاستبيانات التى تقيس حجم وتداعيات ظاهرة ” الاسلاموفوبيا ” على المسلمين وتأثيرها عليهم ، فأغلب الدراسات والإحصائيات التى تمت فى هذا الشأن قامت بها هيئات ومؤسسات أوروبية ونادرا ما توجد دراسة أو إحصائية قامت بها جهة إسلامية معنية تقيس حجم الظاهرة وآثارها.

 سادسا: جهود الدولة المصرية فى مواجهة “الإسلاموفوبيا”

تُحذر الدولة المصرية من التداعيات الخطيرة والسلبية لمظاهر ازدراء كافة الأديان والإساءة لمعتنقيها وتدنيس مقدساتهم،  وما تؤدى إليه من تنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا وإثارة خطاب الكراهية والتطرف وتشجيع المساعي والأفكار الهدامة الساعية لهدم روابط التواصل الحضاري بين شعوب ومجتمعات العالم.

وتؤكد فى البيانات الصادرة عن وزارة الخارجية ضرورة اتخاذ سلطات الدول الإجراءات الكفيلة بمنع تكرار حوادث الاعتداء على المسلمين ومقدساتهم، ومحاسبة مرتكبيها، وذلك سعياً للحفاظ على ثقافة التسامح ومبادئ التعايش السلمي والحوار وقبول الآخر.

وتجدر الإشارة إلى أن مصر تمتلك أكبر مؤسسة دينية فى العالم على الإطلاق وهى الأزهر الشريف الذى يمتاز بمنهجه القويم المعتدل، والذى يحرص دائما على الحفاظ على وسطية الإسلام ومقاومة ادعاءات الغرب ومحاولاتهم النيل منها، والتصدى لنشر ثقافة التخويف من الإسلام “الإسلاموفوبيا” من خلال الفكر والمناقشة واتخاذ عدد من الإجراءات التنفيذية كان فى مقدمتها ما يلى :

1- إنشاء “مرصد الأزهر العالمي لمكافحة التطرف” باثنتي عشرة لغة.

2- إنشاء “مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية” باللغة العربية وعدد آخر من اللغات منها: الإنجليزية والفرنسية والألمانية للقضاء على فوضى الفتاوى، والرد الواعي والفوري على الفتاوى الشَّاذة والمُتطرفة.

3- إنشاء “مركز الأزهر للترجمة” ليكون معنيا بترجمة الكتب التي من شأنها توضيح صورة الإسلام الحقيقية بإحدى عشرة لغة، وإرسالها إلى سفارات الدول الأجنبية والمنظمات الدولية في مصر وخارجها.

4- إنشاء “مركز حوار الأديان بالأزهر الشريف” ليكون بمثابة انطلاقة جديدة تعتمد الحوار الفكري والديني والحضاري مع أتباع الأديان والحضارات الأخرى سبيلًا للتوافق والتعايش، وللتأكيد على أنه لا سبيل للتعارف والسلام إلا بالجلوس على مائدة الحوار، وفتح قنوات اتصال بين مركز الحوار بالأزهر والمراكز المُهتمة بالحوار في مختلف دول العالم.

5- إنشاء “وحدة بيان” التابعة لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لدحض الأفكار المشوِّهة لتعاليم الإسلام، ومجابهة للفكر اللاديني.

6- إيفاد “قوافل السلام الدولية” إلى العديد من دول العالم بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين لتعزيز السِّلم، ونشر ثقافة التسامح والعيش المشترك.

7- إرسال “البعثات الأزهرية” لأكثر من 80 دولة، لنشر العلم الإسلامي الوسطي المُستنير.

8- إطلاق “مشروع حوار الشَّرق والغرب”، ليكون النَّواة الأساسية لمفهوم التَّعددية والتَّكامل بين الشَّرق والغرب، وكان من أهم فعالياته “الملتقى الأول للشباب المسلم والمسيحي” الذي شارك فيه خمسون شابًّا من مختلف دول العالم.

9- إنشاء “أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ والمُفتيين المصريين والوافدين”؛ لتعزيز وسطية الإسلام ونشرها -من خلال هؤلاء السفراء الأزاهرة الوسطيين- في ربوع العالم أجمع.

كما قامت أيضا دار الإفتاء المصرية بإنشاء مرصد ” الإسلاموفوبيا ” الذى يقوم بدروه برصد حالات العنصرية والتمييز التى تمارس ضد المسلمين فى كل دول العالم وتقديم المعلومات الصحيحة حول تعاليم الدين الإسلامى والرد على الإدعاءات والشبهات التى قد يطلقها البعض للتشكيك فى صحيح الدين وتبرير محاولات التمييز ضد المسلمين . 

سابعا: مقترحات للقضاء على ظاهرة “الإسلاموفوبيا”

نظرا لخطورة الظاهرة، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا حددت فيه يوم 15 مارس من كل عام بوصفه اليوم الدولى لمكافحة كراهية الإسلام حيث يتزامن هذا اليوم مع ذكرى الجريمة الارهابية التى وقعت فى نيوزيلندا عندما اقتحم يمينى متطرف مسجدين فى مدينة كرايست تشيرش وأطلق النار على المصلين، ما أدى إلى مقتل 51 شخصا وجرح آخرين.

كما أن تداعيات ظاهرة ” الإسلاموفوبيا” لم تعد تؤثر على الجاليات المسلمة فى الغرب فحسب، بل امتدت إلى علاقات الدول بعضها ببعض، ومن ثم بات من الضروري بذل المزيد من الجهود لمواجهة هذه الظاهرة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال مجموعة الآليات والمقترحات التالية:

1- اعتبار السلوكيات العدائية ضد الإسلام والمسلمين “الإسلاموفوبيا” جريمة  يُعاقب عليها القانون الدولى.  

2- سن تشريعات محلية داخل الدول وإبرام اتفاقيات دولية تستهدف معاقبة الجماعات المتطرفة والعنصرية التي تمارس مظاهر عدائية ضد المسلمين على الأرض وافتراضيا، وتضمن معاقبتهم على الجرائم العنصرية المُرتكبة.

3- وضع تعريف محدد تتفق عليه دول العالم فيما يتعلق بمصطلح الإسلاموفوبيا حتى يسمح للمسلمين بالإبلاغ عن أى جرائم يتعرضون لها، فعدم وجود تعريف محدد ساهم في انتشار الظاهرة على نحو كارثي.

4- مضاعفة الجهود لتعريف الآخرين بالدين الإسلامي الحنيف، إذ نرى أن أفضل السبل لمواجهة ظاهرة الخوف من الإسلام بعث الحياة في الجوانب الحضارية لذلك الدين، عبر إبراز أبعاده المشرقة وتجليتها للعالم.

5- إلزام المجتمع الدولى باعتماد سياسات أو خطة عمل دولية من أجل التصدى للتمييز والتحامل على أساس الدين خاصة الدين الاسلامى.

6- فتح قنوات اتصال بالمجتمع المدنى فى الدول الغربية والمهتمة بمكافحة التمييز العنصري والكراهية والإساءة للأديان، بهدف التعريف بقيم الإسلام ، وتشجيع إقامة حوار عالمي بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات.

7- تفعيل الأدوار السياسية والاجتماعية للجاليات المسلمة باعتبارهم جزء من نسيج المجتمع وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية.

8- تقديم المؤسسات الدينية الكبرى والمعنية تفسيرا واضحا ومتفق عليه لبعض النصوص الإسلامية التى تستغلها الجماعات الارهابية كستار لأعمالها الاجرامية .

9- ضرورة مكافحة المعلومات المضللة والمعادية للإسلام، وإلزام شبكات التواصل الاجتماعى بإزالة كل محتوى يحمل تمييزا ضد الاسلام والمسلمين أو يحض على كراهيتهم أو إيذائهم.

10- تعزيز الحملات الإعلامية الرامية إلى زيادة الوعى بخطر الإسلاموفبيا وتعزيز الصورة الإيجابية للإسلام، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتقديم أعمال درامية تعكس الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين.

11- ترجمة الفتاوى والكتب المرجعية التى ترد على أنصار الإسلاموفوبيا إلى لغات مختلفة.

12- التوسع فى إجراء الدراسات والبحوث الميدانية والمسوحات الخاصة بحجم تعرض المسلمين للتمييز وخطاب الكراهية والاعتداءات النفسية والجسدية، على أن يتم نشرها بشكل دوري.  

المصادر

1- رابح زغوني (2014)، الإسلاموفوبيا وصعود اليمين المتطرف فى أوروبا: مقاربة سوسيوثقافية، بحث نشر في مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان.

2- حسناء عبد الله صالح(2020)، ظاهرة الإسلاموفوبيا (المفهوم، النشأة، أبرز الجهات المساهمة فى إذكاء الظاهرة)، مجلة الذخيرة للبحوث والدراسات الإسلامية، جامعة أم درمان الإسلامية، السودان.

3-وسام مسعد حجازي (2016)، الإسلاموفوبيا وأبعادها فى النظام الدولي، دار النشر للجامعات.  

4-تقرير المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد (2021)، “مكافحة كره الإسلام/الكراهية تجاه المسلمين لأجل القضاء على التمييز والتعصب القائمين على أساس الدين أو المعتقد”، مجلس حقوق الإنسان.

5- الإسلاموفوبيا فى أوروبا، تقرير 2022، متاح على الرابط التالي: https://islamophobiareport.com/en/

6- الموقع الرسمى للأمم المتحدة.

7- الموقع الرسمى لمفوضية حقوق الإنسان.

8- موقع منظمة التعاون الاسلامى.

9- الموقع الرسمى لمشيخة الأزهر.

10- الموقع الرسمى لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف.

11- الموقع الرسمى لدار الإفتاء المصرية.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى