المركز الاعلامىمقالات

الثورات وإسرائيل وكأس الحرية المسموم..

بقلم: د/صلاح هاشم

عقدان متتاليان من الأزمات والكوارث ..العقد الأول بدأ في ٢٠١١ بتصدير ثورات جاهزة بغرض تقويض الأنظمة العربية والعمل على إسقاطها ..لم يكن في الحقيقة الهدف هو إسقاط النظام بقدر ما كان الهدف هو إسقاط الدول تحت شعار زائف اسمه “ثورات الربيع العربي” ..والتى لم تخرج منها البلدان العربية سوى إلى خريف مُعتم لا تزال الشعوب تتجرع مرارته حتى الآن وكأنها تشرب كأساً من الحرية مسموم ..

أما العقد الثاني من هذا القرن المُعتم فبدأ بتصدير كوارث من نوع مختلف وبدأ المتآمرون في كشف المستور وإماطة اللثام عن الوجه القبيح من خلال تصدير أزمات جديدة من نوع مختلف إلى العالم والسحب التدريجى إلى المنطقة العربية، ثم إلى القرن الإفريقي، ثم إلى مصر “الوحش المستهدف” الذي رفض التهجين واستعصى على الإنكسار والهزيمة ووقف في وجه المؤمرات شامخا كالنخيل الباثقة..

لقد شهد ذلك العقد العجيب ألواناً من الأزمات بدأت بعواصف ترابية مهلكة وجوائح بيئية قاتلة ..وتصدر أزمات اقتصادية طاحنة وحروب وانقسمات شعبية فارقة في بناءات الدول وأخير حروب سياسية وعسكرية تسببت بشكل مباشر في رفع معدلات التضخم والعمل على تجويع العالم من خلال التحكم في سلات الغذاء وأسعار محتواياتها من حبوب وزيوت ..

قد لا يروق لبعضكم أن أربط ما يحدث بين كل هذه الظواهر البيئية والاقتصادية.. وقد لا يروق لبعضكم أن أربط بين الحرب الروسية الأوكرانية وبين الحرب غير المتكافئة التى تشنها إسرائيل بقوتها الغاشمة على شعب فلسطين الأعزل .. وقد لا يروق لحضراتكم أن أربط بين موجات التطبيع مع إسرائيل والحرب الروسية الأوكرانية والأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشها المصريون والطموح التنموى الكبير للدولة المصرية وبناء سد النهضة “الملعون” الذى لا يهدف إلى تنمية أثيوبيا بقدر استهدافه تجويع المصريين وإرغام القرار المصرى على بيع القضية الفلسطينية والعمل على إنهائها بأى شكل ولو على حساب سيناء الغالية ..

أتصور أن الهدف واحد وهو إحكام قبضة إسرائيل على مقدرات العرب ..وكأننا واقعون بتصريح دولي بين خيارين إما أن نقبل بوجود إسرائيل المغتصبة وإما أن نقبل بالدمار والتخريب والعيش في أزمات سياسية واقتصادية طاحنة ..

لكنني أقولها صادحة عالية كما فشلت إسرائيل على مدار قرابة ٧٥ عاما في تسويق قضيتها الزائفة وكسر إرادة الشعب الفلسطيني الأبي وعجزت عن تهجيره القسرى من أراضيه ؛ فإنها فاشلة لا محالة في أن تجعل سيناء هي الحل البديل للقضية.. وفاشلة لا محالة في أن تجعل سيناء وطناً بديلا للفلسطينين ..وفاشلة فى تجويع المصريين واختراق نسيجهم الوطني المتين ..فخلف القيادة السياسية والجيش ١٠٠ مليون مواطن يقولون لا، ليس بالكلام ولكن بالدماء والفداء ..فسيناء قطعة من جسد المصريين وأرواحهم ..لا يمكن انتزاعها بحال .. لقد أثبت التاريخ أن المصريين في الأزمات يزداد ترابطهم وتماسكهم .. فلا تفرق بين جندى يحمل السلاح في الميدان وفلاح يحمل الفأس في الغيط ..كلاهما يعمل للوطن وتبادل الأدوار مرهون بتبادل الظروف والأحوال بين الحرب والسلام ..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى