المركز الاعلامىتقاريردراسات حقوقيةرئيسيعاجل

“دراية” ترصد “جرائم حرب” قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني فى غزة

الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جرائم حرب تستوجب الملاحقة أمام المحاكم الدولية

لم يشهد التاريخ الإنساني منذ الحرب العالمية الثانية أبشع من الجرائم التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي المحتل ضد الشعب الفلسطيني، فمنذ بداية احتلال إسرائيل لأرض فلسطين فى 1948، ارتكبت كافة أشكال الجرائم والانتهاكات التي لن تمحى من ذاكرة الانسانية مهما طال الزمن، فالمذابح الجماعية التي ارتكبتها دولة الاحتلال فى دير ياسين والتشريد والتهجير فى 1948، ومجزرة صبرا وشتيلا فى 1982، والجرائم البشعة خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987، ومحرقة غزة فى 2008.. ليست إلا نقطة فى بحر سجل إجرامي لا يمكن حصره فى ظل تواطئ دولي واضح وسافر شكل دافعاً لدولة الاحتلال أن تزيد من قسوة ووحشية عدوانها على شعب أعزل يدافع عن أرضه وحقه في الحياة.    

وعلى الرغم من كون عملية “طوفان الأقصى” التي انطلقت فى السابع من أكتوبر 2023، نتيجة منطقية للاستفزازات والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وسياساته التي انطوت على تمييز مجحف وممنهج، واغتصاب للأراضي بدون حق، وتهجير قسري لأصحاب الأرض، وزحفٍ استيطاني متنامي، إلا أن قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي أعطت لنفسها الحق وبمباركة دولية لمعاقبة الشعب الفلسطيني على رغبته فى تحرير أرضه، وقامت بالهجوم الوحشي على سكان قطاع غزة الذى وُصف بالأعنف فى سلسلة الإعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وذلك باستخدام كافه أنواع الأسلحة المحرمة دولياً ليسجل التاريخ أشد أنواع التنكيل والجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال  بحق سكان القطاع البالغ عددهم حوالي 2.23 مليون نسمة، ترتقي غالبيتها لأن تكون جرائم حرب بحسب القوانين الدولية، حيث تم انتهاك أكثر من 12 اتفاقية وقرارًا ونصًا قانونيًا صادرًا عن أعلى هيئات أممية عالمية ووقعت عليه أكثر من 170 دولة.

وفي هذا الصدد، يرصد المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” من خلال هذا التقرير التوثيقي انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأفعاله الإجرامية التي يمارسها ضد الفلسطينيين وحقِّهم في أرضهم ومقدساتهم في فلسطين المحتلة، في انتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية الإنسانية.

بداية وجدنا أنه بالأهمية بمكان توضيح ماهية جرائم الحرب في القانون الدولي حيث:

 تُعرّف “جرائم الحرب” بمفهومها المطلق بأنها: “انتهاكات جسيمة للقانون الدولي تُرتكب ضد مدنيين أو مقاتلين أثناء نزاع مسلح، وتؤدي إلى تحميل مرتكبيها مسئولية جنائية فردية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان”، وتنطبق هذه الجرائم على كافة الانتهاكات التي تطال اتفاقيات جنيف التي أٌقرت في 1949 في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وقد أدرج هذا التعريف في المادة الثامنة من “نظام روما” وهي المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية التي تم اعتمادها في يونيو 1998، إذ تعرف المادة رقم (8) من “نظام روما” الأساسي جرائم الحرب على أنها: الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب وأعرافها المطبقة في النزاعات المسلحة الدولية”، استناداً بصفة أساسية إلى إعلان لاهاي لعام 1899 ولائحة عام 1907 المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة، وبروتوكول جنيف لعام 1925، واتفاقية لاهاي عام 1954 وبروتوكوليها، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقية عام 1994 بشأن سلامة موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة.

ويشير البعض الآخر لمفهوم جرائم الحرب بأنه: “الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب وأعرافها المطبقة في النزاعات المسلحة غير الدولية”، استناداً في المقام الأول إلى المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977، والبروتوكول الاختياري لعام 1999 الملحق باتفاقية لاهاي لعام 1954، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقية عام 1994 المتعلقة بسلامة موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، والنظام الأساسي للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين لرواندا ويوغوسلافيا السابقة، والنظام الأساسي للمحكمة الخاصة لسيراليون”.

ووفق “نظام روما” فإن تلك الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية تشمل نواحي متعددة منها:

  • القتل العمد، والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وإجراء تجارب بيولوجية، أو إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها، دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عبثة.
  • كذلك الهجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، أو تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية.
  • وتشمل تلك الانتهاكات أيضاً تعمُّد توجيه هجمات ضدّ المباني المخصصة للأغراض الصحية والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى وأماكن الأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، وغيرها من الأهداف التي لا تعتبر عسكرية.
  • كما تتضمن أيضاً شن هجمات ضد موظفين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة.
  • وكذلك إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولية معادية، تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية، والإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع،
  • كما حددت أيضاً مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية، بأية وسيلة كانت، وقيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.
  • وتشمل جرائم الحرب أيضاً استخدام الغاز أو الأسلحة المحظورة بشكل عام التي يمكن أن تسبب “معاناة لا داعي لها” أو “القصف العشوائي”، مثل الأسلحة العنقودية أو الكيماوية أو النووية…وغيرها

وفي الإطار نفسه يجدر التأكيد على أن:

القانون الدولي الإنساني والجنائي يحظرا أيضاً إقامة الحصارات وتعمد تجويع المدنيين باعتباره أسلوبًا من أساليب الحرب، كما تحظى الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين بحماية خاصة، وتشمل هذه الأعيان والمواد: المواد الغذائية، والمناطق الزراعية التي تنتجها، والمحاصيل، والماشية، ومرافق مياه الشرب وشبكاتها، وأشغال الري، فيحظر مهاجمتها أو تدميرها أو نقلها أو تعطيلها بأي شكل آخر.

وبالمثل، ومن شأن احترام قواعد القانون الدولي وقت الحروب والنزاعات أن يسهم بدور مهم في الحيلولة دون انعدام الأمن الغذائي، مثل القواعد المتعلقة بحماية البيئة والقيود المفروضة على الحصار ووصول مواد الإغاثة الإنسانية.

وتختص المحكمة الجنائية الدولية بالقضاء والفصل في جرائم الحرب، وهذه الهيئة القضائية الدولية التي تتخذ في “لاهاي” بهولندا مقراً لها أنشئت في 2002 لتحاكم بالتحديد مرتكبي هذا النوع من الجرائم وكذلك الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وفي عام 2017 أضافت الدول الـ 123 الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية (وليس بينها الولايات المتحدة وروسيا) جريمة العدوان إلى اختصاص القضاء الدولي، والتي تعني الاعتراف بالاعتداء على سيادة دولة من قبل دولة أخرى والسماح بمحاكمة قادتها، أي أن «جريمة العدوان» واردة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لكنها لم تدخل حيز التنفيذ بسبب طبيعتها السياسية.

رصد جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة:

منذ السابع من أكتوبر 2023، وجيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جميع أشكال جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني من سكان قطاع غزة، والتي يمكن حصرها على النحو التالي:  

  • أولاً: جرائم الإبادة الجماعية

توعد رئيس وزراء دولة الاحتلال الاسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بتحويل غزة إلى “أنقاض”، وصرح وزير الدفاع بدولة الاحتلال “يواف غالانت” قائلاً: “نحن نفرض حصاراً كاملاً على “قطاع غزة” فلا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود وكل شيء مغلق، فإننا نحارب حيوانات بشرية –على حد تعبيره-، ونتصرف وفقا لذلك”، متوعداً أهل غزة العزل بأنهم سيرون جهنم.

وتُشكل هذه التصريحات وما تلاها من تصرفات وانتهاكات على مدار الأسابيع الماضية تحريضاً مباشراً على ارتكاب جريمة “الإبادة الجماعية” المحرمة بموجب مواد القانون الدولي، فقد حددت المادة السادسة من “نظام روما” الأساسي بشأن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية سنة 2002 جرائم الإبادة الجماعية، وقد عرفتها اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية، المعاقب عليها فى المادة الثانية، حيث تضمنت أنه: يُراد بجريمة الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التي ترتكب بقصد التدمير الكلى أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، وذلك بقصد قتل أعضاء من الجماعة أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة أو إخضاع الجماعة، عمداً ، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، أو فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة أو نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

ويمثل ما سبق بعض صور جرائم الإبادة الجماعية التي شاهدناها فى الأسابيع الماضية، والتي تثبت يقيناً أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت في حربها الغاشمة بقطاع غزة كافة الجرائم سالفة الذكر، وهي بالطبع جرائم حرب وعقاب وإبادة جماعية طبقاً لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وطبقاً لاتفاقيات جنيف الأربع وقانون المحكمة الجنائية الدولية، وذلك لعلم الجناة يقيناً بجرائم الإبادة الجماعية وسوابقهم الجنائية المتعددة فى هذا الشأن والتي شهد بها العالم أجمع.

  • ثانياً: فرض الحصار ومنع دخول الإغاثات الإنسانية

وفقًا للقانون الدولي الإنساني، وطبقاً لتصريحات مسئولي المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فإن فرض الحصار الذي من شأنه تهديد حياة المدنيين بحرمانهم من السلع والخدمات الأساسية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة هو أمر مخالف للقانون الدولي الإنساني، وما لم يكن هناك ضرورة عسكرية تبرره، فإنه يُصنف كأحد مظاهر العقاب الجماعي الذي تُجرمه اتفاقية جنيف للقانون الدولي في البروتوكول الثالث في المادة 87 والبروتوكول الرابع في المادة 33 وملحقها في المادة 50، والقاعدة رقم 103 من القانون الدولي الإنساني العرفي.

كما أن فرض قيود على حركة الأفراد والبضائع الذي من شأنه تهديد حياة المدنيين هو أمر محظور بموجب القانون الدولي، وبناء عليه، يعتبر فرض “الحصار الكامل” على قطاع غزة وحظر دخول الغذاء والوقود والمساعدات الطبية جريمة حرب كاملة الأركان، وهو ما صرح به المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية “كريم خان” أثناء زيارته لمعبر رفح الحدودي فى 29 أكتوبر 2023، حيث قال أن: “عرقلة إمدادات الإغاثة لسكان غزة تشكل جريمة بموجب اختصاص المحكمة”.

  • ثالثاً: اتباع سياسة التجويع

تُستتبع جريمة الحصار بجريمة أخرى وهي التجويع، حيث اتهمت منظمة “أوكسفام” OXFAM، في أحدث بياناتها إسرائيل باستخدام التجويع سلاح حرب ضد المدنيين في غزة، مؤكدة في هذا السياق أن نحو 2% فقط من المواد الغذائية اللازمة سُمح بدخولها لغزة، أي أن المدنيين في غزة لا يتوافر لديهم أبسط مقومات الحياة من الغذاء والماء، ولا يجدون ما يسدوا بهم جوع أطفالهم الأبرياء، ويُعد هذا انتهاكاً صارخاً لأبسط حقوق الانسان، وهو ما يخالف كافة القوانين والأعراف الإنسانية والاتفاقيات الدولية.

  • رابعاً: التهجير القسري

يُعرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، وقد عرف أيضاً القضاء الجنائي الدولي التهجير القسري بأنه جريمة ضد الإنسانية ترتكب لإبعاد مجموعة من الأشخاص عن موطنهم الأصلي إلى مكان آخر لأغراض سياسية أو عرقية أو دينية أو أغراض أخري.

ويعد التهجير القسري انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان، ومخالفة صريحة لأحكام القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، ولاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والمتعلقة بحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة الدولية، والبروتوكولين الإضافيين اللذين أصدرتهما الأمم المتحدة سنة 1977 والمتعلقين بحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة الداخلية والدولية، كما يعتبر مخالفاً لاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 47/133 المؤرخ 18 ديسمبر 1992، والتي تنص في مادتها الأولي أنه: 

  • لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري.
  • لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري. 

ويعد ما سبق توصيفاً دقيقاً لممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته الصارخة التي يرتكبها ضد الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، حيث يُشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) في آخر تحديث لبياناته أن ما يقرب من مليون و400 ألف فلسطيني، بقطاع غزة قد أجبروا على ترك منازلهم، بعد أن تم تدميرها بالكامل إثر القصف الجوي لقوات الاحتلال، نصفهم يتواجد في مراكز الإيواء خاصة بمدراس وكالة الغوث الدولية.

كما ألقى الطيران الإسرائيلي منشورات فوق مناطق شمال غزة تأمر سكانها بالتحرك صوب الجنوب، وتم إرسال تحذيرات عبر الهواتف المحمولة في أنحاء قطاع غزة.

ومن ثم، تُعد هذه الانتهاكات جريمة إسرائيلية جديدة ضد الإنسانية تستهدف تهجير سكان غزة من المدنيين قسراً، وإجبارهم على ترك منازلهم دون مبررات يسمح بها القانون الدولي.

  • خامساً: قتل الأطفال والنساء واستهداف المدنيين

ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين المدنيين وبخاصة الأطفال والنساء وكبار السن، إذ وصل عدد المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين بقطاع غزة إلى أكثر من 1031 مجزرة، أدت إلى استشهاد أكثر من 10165 فلسطينياً، من بينهم أكثر من 4104 طفلاً، ونحو 2500 سيدة، بالإضافة لأكثر من 27000 مصاباً، بخلاف نحو 163 شهيداً بالضفة الغربية، و2250 جريحاً في الضفة الغربية، وفقاً لأحدث بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، ولازالت الانتهاكات مستمرة وعدد الضحايا والمصابين في زيادة ساعة بعد ساعة،  كما أدى القصف إلى شطب أكثر من 100 عائلة فلسطينية كاملة من سجلات الحالة المدنية عقب استشهاد أفرادها.

فما أقدمت عليه قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي من قصف عشوائي للمدنيين والبنيات التحتية، يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية التي تستوجب المحاسبة وفق المادة الثالثة من اتفاقية جنيف، كما يتعارض مع ما جاء في البروتوكولين المكملين خاصة المادة 51، فاستعمال جيش الاحتلال الاسرائيلي للقوة المفرطة والمميتة في حق سكان غزة بشكل لم يسبق له مثيل يتعارض مع مبدأي “التمييز” و”التناسب”، إذ ينبغي وقت الحروب والنزاعات التمييز          – وفق القانون الدولي الإنساني – بين العسكريين وبين المدنيين، والرد بشكل متناسب في القوة دون المساس بالمدنيين والبنيات المدنية خاصة المستشفيات، وهو ما يدفعنا للانتقال لجريمة حرب أخرى يعاقب عليها القانون الدولي.

  • سادساً: هدم المنازل والمنشآت المدنية كالمستشفيات والمدارس

تقوم الطائرات الحربية لجيش الاحتلال الإسرائيلي بهدم المنازل والمنشآت المدنية فوق رؤوس سكانها دون سابق إنذار، متبعة في ذلك سياسة الأرض المحروقة، إذ قامت بتدمير قرابة 32 آلف مبنى بشكل كامل ونحو 200 ألف وحدة سكنية أخرى حدث بها أضراراً بالغة ولم تعد صالحة، ولا يزال أكثر من 2500 شخص مفقودين تحت ركام منازلهم.

كما قامت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء يوم الثلاثين من أكتوبر 2023 بتدمير حياً سكنياً كاملاً وسط مخيم “جباليا” شمالي غزة، أسفرت هذه المجزرة عن سقوط نحو 400 شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء وخلفت مئات من الجرحى والمصابين من المدنيين العزل.

وعلى مستوى الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي تجاه المستشفيات والمراكز الطبية بالقطاع، يُمثل قصف مستشفى المعمداني فى 17 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن استشهاد نحو 500 مدنياً فلسطينياً غالبيتهم من الأطفال، مجزرة جديدة وجريمة حرب أخرى مكتملة الأركان تضاف إلى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل على مرأى ومسمع ومشهد من العالم أجمع، والتي تعد انتهاكاً جسيماً لكافة أعراف القانون الجنائي الدولي وبنود كافة الاتفاقيات الدولية، فحماية المدنيين هي أساس اتفاقية جنيف الدولية، والتي تم توقيعها في 12 أغسطس 1949.

ويعد ذلك أيضاً مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي الإنساني وبخاصة القاعدة 55 منه، التي تعتبر المدارس والمستشفيات خطوطاً حمراء محمية بموجب القانون الدولي.

هذا وقد ذكرت وزارة “الصحة الفلسطينية” خلال مؤتمر صحفي في الرابع من نوفمبر 2023 أنه تم استشهاد 150 من الطواقم الطبية وتدمير 57 سيارة إسعاف، كما تعمدت قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي استهداف 105 من المؤسسات الصحية وأخرج 16 مستشفى عن الخدمة.

كما أن قوات الاحتلال استهدفت محيط مستشفى القدس بغزة أكثر من مرة، وغيره من المستشفيات الأخرى التي أمرت بإخلائها كمستشفى الشفاء والمستشفى الإندونيسي شمالي القطاع.

كما قامت قوات جيش الاحتلال بارتكاب مجزرة وجريمة إنسانية أخرى مساء الثالث من فبراير 2023، عندما استهدفت قافلة سيارات إسعاف أثناء تحركها لنقل مصابين وجرحى إلى جنوب قطاع غزة، فضلًا عن القصف الذي طال مدخل مجمع الشفاء الطبي، وأسفر عن مقتل عدد من المواطنين وإصابة المئات بجروح، كما قامت قوات جيش الاحتلال وفي اليوم نفسه بقصف مداخل مستشفى القدس بجانب المستشفى الإندونيسي.

وفق آخر تصريحات الدكتور أشرف القدرة، الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، تم استهداف نحو 57 مؤسسة صحية بالقطاع، من أصل 72 مركزا صحياً، مما أدى لانهيار المنظومة الصحية في القطاع في ظل وجود آلاف الجرحى والمرضى ونقص الوقود والأعداد الكبيرة للإصابات التي تفوق قدرة المستشفيات الاستيعابية، إذ بلغت نسبة الإشغال السريري داخل ما تبقى من مستشفيات 170 %.

ولم تنجو الطواقم الطبية وطواقم الإسعاف من قصف طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتواصل بقطاع غزة حيث تم استشهاد 150 من الطواقم الطبية، كما تعرضت نحو 45 مهمة إسعاف لاستهداف من طائرات حربية إسرائيلية، وتم تدمير نحو 60 سيارة إسعاف، مما أدى لمقتل أكثر من 20 طواقم الإسعاف وإصابة العشرات من المسعفين والطواقم الطبية، وهي من الفئات المحمية وفقاً للقانون الدولي الإنساني.

وفي خضم العدوان المستعمر على قطاع غزة والذي دخل شهره الثاني، بات استهداف المستشفيات هو العنوان الأبرز للمجازر الإسرائيلية، إذ يعد هذا الاستهداف المتعمد لما تبقى من المستشفيات، والمراكز الصحية، وسيارات الإسعاف، والطواقم الطبية والإسعافية العاملة في قطاع غزة، تعميق للإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال في قطاع غزة، وحرمان المواطنين والمرضى من حقهم في أبسط أشكال العلاج الطبي، وبخاصة بعد توقف الكثير من تلك المستشفيات عن العمل وتقديم خدماتها الطبية للمرضى والجرحى والمصابين نتيجة لنفاذ الوقود والمستلزمات الطبية والأدوية.

وبحسب بيانات رسمية فقد قامت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير نحو 85 مقراً حكومياُ بشكل كامل، كما تعرضت 203 مدرسة لأضرار متنوعة، خرج منها نحو 50 مدرسة من الخدمة تماماً، كما دمر الاحتلال نحو 47 مسجداً كانت تستخدم لإيواء النازحين من سكان غزة، كما دُمرت 3 كنائس بشكل كامل ولم تعد صالحة هي الأخرى لاستقبال النازحين، ومن حين لآخر يتم التهديد بقصف مركز ثقافي أرثوذكسي ومدرسة فيهما أكثر من 1500 نازحاً.

الأمر الذي يعد جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وكل الاتفاقيات الدولية، وفق تصريحات اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تؤكد في هذا السياق على عدم قانونية استهداف مواقع قد تخلف خسائر عرضية في أرواح المدنيين أو إلحاق الضرر بأهداف مدنية بشكل مبالغ فيه، بغض النظر عن أي مكاسب عسكرية مباشرة وملموسة يُتوقع تحقيقها، كما أن مبدأ الحيطة، بموجب القانون الدولي الإنساني، فيلزم أطراف النزاع بتجنب أو تقليل الضرر الذي يلحق بالسكان المدنيين وبكافة المنشآت المدنية كالمستشفيات والمدراس ومخيمات اللاجئين، والتي تعد خطوط حمراء وقت الحروب والنزاعات المسلحة.

  • سابعاً: استهداف منظمات الإغاثة الدولية وموظفيها

فقد فقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” التابعة للأمم المتحدة وحدها نحو 88 من موظفيها في قطاع غزة؛ وهو العدد الأكبر من القتلى الذي تسجله الأمم المتحدة في صراع واحد على الإطلاق، بعدما قُتل العديد منهم أثناء وجودهم داخل منازلهم مع عائلاتهم، وفقاً لتصريحات “فيليب لازاريني”، المفوض العام للوكالة والذي أكد أن نحو 40 مبنى للأونروا قد تعرض للقصف، مما أدى لتدميره بشكل كامل، منها مدارس ومستودعات، وتعرض العديد من المباني الإغاثية الأخرى للأضرار البالغة بسبب الغارات الإسرائيلية، كان آخرها مدرسة “الفاخورة” التي كانت تأوي آلاف اللاجئين شمال قطاع غزة.

كما أعلنت كافة المنظمات الدولية الإنسانية العاملة في مناطق قطاع غزة كمنظمات “الصحة العالمية” و”الصليب الأحمر” و”اليونيسف” … وغيرها انقطاع الاتصال بطواقمها في غزة، وأنذرت المجتمع الدولي خلال الأيام السابقة أنها تعمل في ظل ظروف صعبة للغاية وسط انقطاع الانترنت والاتصالات الهاتفية والخلوية، فضلاً عن النقص الهائل في الموارد التي تضمن لها الاستمرار في تقديم خدماتها للمتضررين في القطاع.

  • ثامناً: قتل الصحفيين وقمع الآراء المعارضة للتصعيد الإسرائيلي

أعلنت منظمة “مراسلون بلا حدود” وهي منظمة غير حكومية في أول نوفمبر 2023 أنها رفعت دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن ارتكاب “جرائم حرب” بحق صحفيين خلال الأحداث الأخيرة التي يشهدها قطاع غزة، وجاء في بيان إعلامي للمنظمة أنها تقدمت بشكوى تتعلق بجرائم حرب إلى مكتب المدعي العام للمحمة الجنائية الدولية في 31 أكتوبر 2023، تتضمن تفاصيل حالات أكثر من 10 صحفيين قتلوا من السابع من أكتوبر واثنين آخرين أصيبا أثناء ممارسة عملهم، من أصل نحو 36 صحفياً آخر قتلوا خلال معركة “طوفان الأقصى”، وتعد هذه الحصيلة هي الأكبر التي تقع بين صفوف الصحفيين الذين يغطون النزاع منذ تأسيسها عام 1992.

وهو نفس العدد الذي ذكره المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيانه الصادر في الرابع من نوفمبر 2024، حيث أكد البيان أن نحو 46 صحفياً قتلوا منذ اندلاع الأحداث الأخيرة جراء القصف الإسرائيلي المتوحش، ومن جهتها أفادت لجنة حماية الصحفيين أن الحرب التي تقودها قوات جيش الاحتلال على غزة هي الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين الذين يغطون الصراعات في المناطق الساخنة منذ أكثر من 30 عاماً.

وأثناء التغطيات الإعلامية للأحداث نجد أن قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي تمارس انتهاكات صارخة تحاول من خلالها التعتيم على الأصوات الداعمة للفلسطينيين وقمع الآراء المعاضة من خلال حملات اعتقال واسعة داخل القطاع وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية وصفها المراقبون بأنها الأوسع والأعلى منذ سنوات، فبحسب صحيفة “هارتس” الاسرائيلية وفي تقرير إخباري منشور عبر موقعها الإلكتروني بتاريخ 20 أكتوبر 2023، تقول إنه تم طرد وسجن المئات من عرب إسرائيل والفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية المحتلة من العمل والجامعة بسب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي يتضامنون فيها مع قطاع غزة.

بالإضافة إلى تدمير حوالي 50 مركزاً ومقراً لمؤسسات إعلامية نتيجة القصف العشوائي العنيف منها وفقاً لتقرير حديث صادر عن لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، يأتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر: شبكة الأقصى الإعلامية، وكالة معاً الإخبارية، وكالة سوا، وكالة شهاب، صحيفة القدس، إذاعة بلدنا، إذاعة زمن، وكالة الوطنية، وكالة خبر، صحيفة الأيام، شركة ايفنت للخدمات الإعلامية، مؤسسة فضل شناعة، إذاعة القرآن الكريم، وكالة شمس نيوز، وكالة APA، مكتب شبكة الجزيرة الإخبارية، تلفزيون فلسطين، مكتب وكالة الأنباء الفرنسة… وغيرها.

فضلاً عن الاستهداف المباشر المقصود بحق الصحفيين والمراسلين والذي يشكل من وجهة نظر الحقوقيين قتلاً للحقيقة ويمثل جريمة حرب بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسي لسنة 1998، إذ أن الاعتداء على الصحفيين لا يؤخذ بسياق أحادي لمجرد اعتباره جريمة، بل يدخل في إطار تصنيف أشد انتهاكاً بموجب القواعد والاتفاقات المشار إليها مسبقاً.

كما أن الصحفيين ووفقاً للمادة الرابعة من اتفاقية جيف الثالثة، والمادة 79 من اتفاقية جيف الرابعة لعام 1949، وما أعقبها من بروتوكولات ملحقة عام 1977، يتمتعون بالحماية العامة الممنوحة للمدنيين بصورة أساسية، إذ تمثل هذه الاتفاقيات أفضل وسيلة عمومية لحماية الصحفيين الذين يعملون في مناطق الخطر والحروب، وبناءًا عليه وجبت لهم الحماية القانونية ضد أي اعتداء أو انتهاكات أو تهديدات قد يتعرضون لها.

وقد نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2222 على ضرورة حماية الصحفيين والإعلاميين والأفراد المرتبطين بهم والذين يغطون حالات النزاع والحروب كمدنيين، ويشير القرار أيضاً إلى المعدات والمكاتب والاستديوهات الإعلامية، وهي أصول مدنية وليست ممتلكات عسكرية وبالتالي يجب ألا تكون هدفاً لهجمات أو اعمال انتقامية، وهو الأمر الذي انتهكته قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاً جسيماً أمام مرأي ومسمع من الجميع، مما يضع مسئوليها تحت طائلة القانون الدولي.

  • تاسعاً: استخدام أسلحة محرمة دولياً

منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى كتابة هذه السطور، تعسفت إسرائيل في استخدامها لكم هائل من المتفجرات تم إلقائه على قطاع غزة، حيث أسقطت أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات -أي يصل نصيب الفرد قرابة  12 كيلو جرام من المتفجرات- بما يعادل قنبلتين نوويتين، وذلك وفقا لما ذكره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان‏، هو منظمة دولية مستقلة تعنى بقضايا حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا ومقره جنيف.

وذكر المرصد الأورومتوسطي في تقرير له أن حجم المتفجرات التي استخدمها جيش الاحتلال تجاوز وزن القنبلة النووية التي أسقطتها الولايات المتحدة الأمريكية على “هيروشيما” و “ناجازاكي” في اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 ، والتي تُقدر بنحو 15 ألف طن من المتفجرات. هذا فضلا عن أن التطور الذي طرأ على زيادة وفاعلية القنابل مع ثبات كمية المتفجرات قد يجعل الكمية التي أسقطت على غزة ضعفي قنبلة نووية، علما بأن إسرائيل تعمدت استخدام خليط يعرف بـ”آر دي إكس” (RDX) الذي يطلق عليه اسم “علم المتفجرات الكامل”، وتعادل قوته 1.34 قوة “تي إن تي”، بحسب ما جاء في تقرير المرصد.

كما أشار تقرير المرصد إلى أن مساحة المدينة اليابانية كانت تقدر بنحو 900 كيلومتر مربع، بينما مساحة قطاع غزة لا تزيد على 360 كيلومترا، مما يعنى أن القوة التدميرية للمتفجرات التي ألقيت على غزة منذ اندلاع العدوان الغاشم تزيد عن تلك التي ألقيت على هيروشيما.

هذا وقد صرح الجيش الإسرائيلي بأن طائراته استهدفت أكثر من 12 ألف هدف داخل قطاع غزة فقط، وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي “يوآف غالانت” بإسقاط أكثر من 10 آلاف قنبلة على مدينة غزوة، علما بأن وزن القنبلة قد يصل إلى 1000 كيلوجرام.

فضلا عن ذلك، تم توثيق استخدام إسرائيل أسلحة محرمة دولياً في هجماتها على قطاع غزة، وهي جريمة حرب مكتملة الأركان. والحقيقة هذا ليس بجديد على الكيان المحتل، فجيش الاحتلال الاسرائيلي له سجل حافل مسبق من استخدامه لتلك الأسلحة دون تجريم أو محاسبة دولية، ويمكننا ومن خلال هذه السطور رصد أبرز الأسلحة التي تستخدمها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الغاشم على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ومدى خطورتها، والتي يأتي من بينها:

  • سلاح الفسفور الأبيض:

تم تداول العديد من مقاطع الفيديو بكافة وسائل الإعلام تُظهر قصفًا جويًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة واستهدافهم باستخدام سلاح الفسفور الأبيض المحرم دوليًا، وتمثل قنابل الفوسفور الأبيض أحد أنواع الأسلحة المميتة، التي ينتج عن انفجارها حرارة شديدة وأعمدة من الدخان الأبيض الحارق، تؤدي إلى إذابة جلد الإنسان وفصله عن العظام، كما أن الجزيئات الحارقة يمكن أن تبقى داخل الجسم حتى بعد انتهاء القصف لتسبب أضرارا قاتلة.

وقد أشارت وزارة الصحة في قطاع غزة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم في اعتدائها الغاشم على قطاع غزة قذائف من النوع المحرم دوليا، حيث إن الشظايا تخترق الجسم وتحدث انفجارات بداخله، وحروقًا فظيعة تؤدي لإذابة جلود المصابين بها وفي بعض الأحيان إلى الموت.

كما توصّلت “هيومن رايتس ووتش”، استنادًا إلى فيديوهات تمّ التحقق من صحّتها وروايات شهود، إلى أنّ قوات الاحتلال تستخدمها فعلًا في عدوانها على غزة كسلاح قادر على التسبب بحروق شديدة، غالبًا ما تصل إلى العظام، ويكون شفاؤها بطيئًا، وقد تتطوّر إلى التهابات وفي بعض الأحيان تكون قاتلة، إذ يعد هذا السلاح من بين أهم الأسلحة المحرمة استخدامها دولياً، وفق ما أقرته اتفاقية جنيف للأسلحة المعنية والتي نصت المادة الثالثة على تحريم استخدام سلاح الفسفور الأبيض ضد المدنيين أو العسكريين المتواجدين قرب المناطق المدنية، وفقا لمنظمة العفو الدولية، كما أشارت المادة نفسها بالاتفاقية إلى أن التحريم يشمل جميع استخدامات ذلك السلاح بقصف المدفعي أو بالطيران.

  • القنابل الغبية غير الموجهة:

وهي قنابل غير موجهة لذلك سميت بـ«القنابل الغبية»، وتعرف أيضاً بقنابل السقوط الحر، وقنابل الجاذبية، والقنابل الحديدية، وتلقى من طائرات “إف 16 ” من طراز “إم -117” الأمريكية، وتأثيرها يكون في إحداثها دمار كامل للمباني ومسحها من على وجه الأرض، وقد تم استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية، واستمرت في تشكيل الغالبية العظمى للقنابل التي تلقيها الطائرات حتى نهاية الثمانينيات، إلى أن تم استبدالها بشكل كبير الآن بالذخيرة الموجهة بدقة، التي يتم توجيهها لأهداف محددة تجنبا لإصابة مدنيين أو هدم المباني غير المستهدفة.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، شنت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عشوائية كثيرة باستخدام القنابل الغبية، مما أدى لاستشهاد مئات المدنيين الفلسطينيين، والقضاء على عائلات بأكملها، حيث تتسبب في تدمير واسع المدى وقتل المدنيين بشكل عشوائي.

 كما تم استهداف البنية التحتية المدنية في قطاع غزة، بما في ذلك تدمير أبراج غزة الشاهقة المليئة بالمنازل والشركات رغم عدم وجود أهداف عسكرية واضحة في تلك المناطق.

  •  القنابل العنقودية:

استخدمت قوات الاحتلال القنابل العنقودية المُحرم استخدامها دوليا، حيث قامت بتوزيع أعداد كبيرة منها بصواريخ تقليدية أو متطورة أو قذائف مدفعية ضد المدنيين بزعم مهاجمة قوات المقاومة البرية المختبئة في الخنادق أو النقاط الحصينة.

ويحظر القانون الدولي وكافة الاتفاقيات الدولية استخدام أو تخزين هذه الأسلحة بسبب تأثيرها العشوائي على السكان المدنيين ولاسيما الأطفال، إذ أنها تشبه لعبة الأطفال لذا يُعد الأطفال أكثر عرضة للإصابة، حيث يعثر عليها الطفل في منطقة سكنية أو زراعية وغالبا ما ينجذب إليها الأطفال ويمسكونها بدافع الفضول.

ووصفت جماعات حقوق إنسان هذه القنابل بأنها “بشعة”، وتتمادى قوات الاحتلال الإسرائيلي في استخدامها ضد المدنيين بقطاع غزة، إلى حد يمكن وصفه بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان.

  • القنابل الفراغية، وقنابل “هالبر” الانتقامية:

تعد القنابل الفراغية واحدة من أخطر القنابل المثيرة للجدل والتي تستخدمها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة؛ لأنها أكثر تدميرًا من المتفجرات التقليدية ذات الحجم المشابه، ولها تأثير رهيب على أي شخص يقع في دائرة تفجيرها وما تحدثه من أضرار جسيمة، وهي الأشد تدميرًا للمباني والبنية التحتية، أما قنابل “هالبر الانتقامية” فتعد من القنابل المحرمة دولياً الحارقة والخارقة للحصون، والتي تستخدمها قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها على القطاع.

هذا وتتحدث بعض التقارير الإعلامية الدولية عن توسع قوات الاحتلال فى استخدام أدوات الحرب الكيميائية أثناء هجومها البري على القطاع، وتخطط لاستخدام غاز الأعصاب مثل غاز VX وغاز السارين وغاز السومان وغاز التابون، حيث تستهدف هذه الغازات السامة خلايا الدم وتمنع امتصاص الأكسجين، مما يؤدي إلى الاختناق.   

وتجدر الإشارة هنا إلى أن القانون الدولي الإنساني تضمن مبادئَ وقواعد أساسية تحكم اختيار الأسلحة وتحظر استعمال أسلحة معينة أو تقيّدها، كما حدد قواعد سلوك المقاتلين وقواعد اختيار وسائل الحرب وأساليبها بما فيها الأسلحة، كما أنه ووفقاً للاتفاقيات الدولية التي أبرمت لوضع ضوابط للنزاعات المسلحة والتي تمثلت باتفاقيات جنيف الأربعة واتفاقيات لاهاي 1907، مع الملحقات الخاصة بها، تم تجريم استخدام تلك الأسلحة في الحروب وخاصة تجاه المدنيين الذين يعتبرون العرضة للانتهاكات والاستهداف من قبل القوات العسكرية المهاجمة، إذ شرّعت المادة الثالثة من اتفاقية جنيف، التي تتعلق بأسلحة تقليدية معينة، في حظر استخدام الأسلحة الحارقة ضد الأهداف المدنية، كما أمرت المادة نفسها بالحد من استخدام تلك الأنواع ضد الأهداف العسكرية المتاخمة لمواقع تركز المدنيين، وينطبق ذلك على القنابل التي تسقطها الطائرات والمقذوفة التي تطلقها المدافع على حد سواء.

وختاماً يُمكن القول إنه:

وفي ضوء ما سبق رصده من جرائم حرب جسيمة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، يوصي المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” بضرورة تشكيل لجنة أممية من الحقوقيين والمتخصصين في المجال العسكري لتوثيق جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وملاحقة مسئوليها السياسيين والعسكريين بما يشمل من أصدر الأوامر وخطط ونفذ، وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم كـــ “مجرمي حرب”، إلى جانب طلب تعويضات للفلسطينيين أسوة بتلك التي حصلت عليها إسرائيل من الحكومة الألمانية كتعويضات لضحايا “الهولوكوست”، والتي بلغت أكثر من 90 مليار دولار على مدار 70 عاما، وفق ما أعلنته منظمة “مؤتمر المطالبات اليهودية المادية ضد ألمانيا” عام 2021.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى