أوراق بحثيةدراسات التنميةرئيسي

مؤشرات الإصابة بالمهق وتداعياته على النساء والأطفال

يعانى الأشخاص المصابون بالمهق فى جميع أنحاء العالم من التمييز والنبذ وجرائم الكراهية دون ارتكاب أى ذنب سوى اختلاف لون بشرتهم وعيونهم عن الآخرين، كما أنهم يواجهون دائرة فقر مغلقة لا ينجو منها إلا القليل. فيُلقي الوصم والاستبعاد الاجتماعي والأفكار المسبقة على مرضى المهق  ظلالًا ثقيلة  على مستوياتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية،  بل والعقلية  في كثير من الأحيان، فهم أكثر عرضة  لنوبات القلق والذعر والاكتئاب  والأفكار الانتحارية من غيرهم.

وحقيقة الأمر تكمن فى أن الظروف التى يعيشها مرضى المهق ترتبط بشكل كبير بمرتبة الدولة التى يقيمون فيها على مؤشر التنمية البشرية، ففي الدول ذات معدلات الفقر المرتفعة تزداد فيها أحوال مرضى المهق سوءا مقارنة بالدول الأكثر رفاهية. كما أن ظروفهم الصحية ومعاناتهم من الوصم التمييز تجعلهم أقل حظا فى التعليم والحصول على فرص العمل وبالتالى يزدادون فقرا وهو ما يعرف بالفقر متعدد الأبعاد.

لقد أدركت المؤسسات الدولية المعنية خطورة الوضع الذي يعيشه مرضى المهق، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا  بإعلان يوم 13 يونيو من كل عام  يومًا عالميًا للتوعية بالمهق.  كما اعتمد الاتحاد الإفريقي في عام 2019 خطة عمل لإنهاء الاعتداءات وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق في إفريقيا  (2021:2031).  وتتضمن هذه الخطة برامج لرفع الوعي والتثقيف العام لمواجهة جرائم الكراهية ضد مرضى المهق في القارة السمراء.

وفى هذا السياق، تُسلط هذه الورقة الضوء على واقع المصابين بالمهق بهدف نشر الوعي حول معاناتهم، وتقديم حلول عملية لتحسين واقعهم لأنهم يستحقون حياة كريمة خالية من التمييز والتهميش، وذلك من خلال أربعة محاور رئيسية وهي كالتالي:

المحور الأول : تعريف المهق وأعراضه

المحور الثانى : حقائق ومؤشرات حول مرض المهق   

المحور الثالث: : تداعيات الإصابة بالمهق على النساء والأطفال

المحور الرابع : التوصيات 

 أولا : تعريف المهق وأعراضه

أوضحت منظمة الأمم المتحدة أن المهق حالة نادرة وغير معدية ووراثية، يُصاب بها الناس في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن العرق أو نوع الجنس ، ومن الشائع للغاية أن تنتج هذه الحالة عن نقص في صبغة الميلانين (الصبغة التي تعطي لون البشرة والشعر والعينين) في الشعر والجلد والعينين (المهق العيني الجلدي) ما يسبب ضعفًا بالغًا عند التعرّض لأشعّة الشمس.

وبسبب نقص الميلانين في الجلد والعينين، فغالبًا ما يعاني الأشخاص المصابين بالمهق من ضعف بصري دائم يؤدي غالبًا إلى إعاقات ، كما يواجهون تمييزًا بسبب لون بشرتهم؛ وبالتالي فإنهم غالبًا ما يتعرضون لتمييز متعدد ومتقاطع الأسباب

ولا يزال المهق غير مفهوم تمامًا، على المستويين الاجتماعي والطبّي ، فيما يشكّل مظهر الأشخاص المصابين بالمهق أساسًا للمعتقدات الخاطئة والأساطير المتأثرة بالخرافات التي تعزز تهميشهم واستبعادهم الاجتماعي.

ويواجه المصابون بالمهق في دول القارة الأفريقية معاناة مضاعفة  نتيجة لمظهرهم المميز، ففي ظل انتشار المعتقدات الخاطئة والأساطير المُتأثرة بالخرافات وأعمال السحر،  يُصبحون ضحايا للتمييز والعنف. ففي بعض الثقافات الإفريقية،  يُعتقد  أنهم يجلبون الحظ السيئ  أو أنهم يمتلكون قوى خارقة.  وتُؤدي هذه المعتقدات  إلى تهميشهم  وتعرضهم للعنف  والقتل  في بعض الحالات.

وتختلف أعراض المهق اعتمادًا على نوع الاضطراب. ومع ذلك، تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:

-بشرة فاتحة أو شاحبة

-شعر أبيض أو أشقر

-عيون زرقاء أو رمادية أو خضراء فاتحة

-حساسية متزايدة للضوء

-مشاكل في الرؤية

وتجدر الإشارة إلى أن الأشخاص المصابين بالمهق فئة فريدة من نوعها، تعاني من إهمال مزمن لحقوق الإنسان على مدى عقود طويلة. فقد تعرضوا كثيرا للوصم والتمييز والعنف في العديد من البلدان، فتعقيد هذه الحالة وفرادتها يعنيان أن تجارب أصحابها تمسّ بشكل بالغ ومتزامن العديد من قضايا حقوق الإنسان بما في ذلك التمييز على أساس اللون والتمييز على أساس الإعاقة، والحق فى التعليم، والحق في الصحة، والحق في الحياة الذي ينبغي أن يضمن لهم الحماية من الممارسات التقليدية الضارة والعنف، بما في ذلك القتل والاعتداءات لأغراض الطقوس والإتجار بالأعضاء، ووأد الأطفال والتخلي عنهم.

ثانيا : حقائق ومؤشرات حول مرض المهق

رغم قلة المعلومات حول أعداد ونوع الأشخاص المصابون بالمهق حول العالم، إلا أنه يمكن إجمال بعض المؤشرات والمعلومات التى أوردتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية  فى الآتى :

1- تشير التقديرات إلى أن واحداً من كل 17 إلى 20 ألف شخص في أمريكا الشمالية وأوروبا مصاب بنوع ما من المهق.

2- يعد المهق أكثر انتشاراً في أفريقيا خاصة جنوب الصحراء، إذ تشير التقديرات إلى أن المهق يشمل واحداً من كل 1400 شخص في تنزانيا، وأن معدل انتشار المهق يرتفع إلى 1 من كل ألف شخص بين فئات سكانية مختارة في زمبابوي، وبين فئات إثنية معينة أخرى في الجنوب الأفريقي.

3- تبلغ نسبة الاصابة بالمهق بين السود فى جنوب افريقيا حوالي 1 من كل 3900 شخص من المهق العيني الجلدي (إصابة العين والجلد) وذلك وفقا لبيانات المنظمة الوطنية للمهق ونقص التصبغ.

4- يعد المهق أقل شيوعاً بين السكان البيض، إذ يبلغ معدل الإصابة به 1 من كل 15000 شخص  ،ووفق الإحصاءات المتاحة هناك حوالي 11500 فرد متضرر في جنوب أفريقيا.

5- تبلغ نسبة الاصابة بالمهق فى هولندا وفي ايرلندا الشمالية إلى 1 في 12000 ، و1 من 4500 إلى 6600 على التوالي.

6-  تشير البيانات الواردة من الهند والصين إلى أن العدد الإجمالي للأشخاص المصابين بالمهق في البلاد يبلغ 150.000 و 90.000 ،على التوالي.

7- أوضحت دراسة أجريت فى جمهورية الكونجو الديمقراطية أن 22% من الأشخاص المصابين بالمهق يواجهون التمييز داخل أسرهم، و66% يتعرضون للتمييز في المجتمع الأوسع.

8 – أوضحت إحدى الدراسات  التى أجريت فى البرازيل أن 70% من المصابين بالمهق يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية .

9- في العديد من الدول، يكون متوسط ​​العمر المتوقع للأشخاص المصابين بالمهق أقل بكثير من المعدل الوطني ، في أوغندا، على سبيل المثال، 70٪ من الأشخاص الذين يعانون من يموت المصابون بالمهق قبل سن الأربعين وفي البرازيل، يصل متوسط ​​العمر المتوقع للأشخاص المصابين بالمهق إلى مستوى منخفض الى 33 سنة.

 10- بسبب المعاناة من الفقر والتمييز لا يستطيع الأطفال المصابون بالمهق استكمال مشوارهم التعليم ففى  بوركينا فاسو 30% من الفتيات المصابات بالمهق لا يكملون دراستهم الابتدائية ،وفي بوروندي 56% من الأشخاص المصابين بالمهق لم يستكملوا دراستهم، بينما في زامبيا يبلغ معدل معرفة القراءة والكتابة للأشخاص المصابين بالمهق 66% مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 92% وفي كولومبيا 17% من المصابون بالمهق لم يدرسوا ولم يتعملوا، ووفقاً لتعداد الأشخاص المصابين بالمهق في باراجواي، فإن 11% من الأطفال لم يستكملوا تعليهم فى مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 89%

11- غالبًا ما يشغل الأشخاص المصابون بالمهق أدنى المستويات الاجتماعية والاقتصادية بسبب التهميش والتمييز المستمران ففي أوغندا، يعاني الأشخاص المصابون من المهق من الفقر خاصة فى المناطق الريفية وقد أوضحت التقارير أن 90% من السيدات المصابات بالمهق و65% من أمهات الأطفال المصابون بالمهق يعيشون فى فقر شديد.

12- فى بعض مناطق جمهورية تنزانيا المتحدة، 43٪ فقط من الأشخاص المصابين بالمهق لديهم إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية ، وفي باراجواي، 5% فقط من الأشخاص المصابين بالمهق أمكنهم استشارة طبيب أمراض جلدية مرة واحدة على الأقل حياتهم، و35% منهم فقط حصلوا على مساعدات بصرية.

13- في كثير من الأحيان يتم استبعاد الأشخاص المصابين بالمهق من التغطية التأمينية ولا يتم اضافتهم الى فئة الأشخاص ذوى الاعاقة ففى اليابان، على سبيل المثال لا يتم الاعتراف بالأشخاص المصابون بالمهق ولديهم مشاكل فى الابصار كأحد فئات ذوى الاعاقة.

ونتيجة لذلك فقد أظهرت المعلومات أن حوالي 60% من الأطفال المصابين بالمهق لا يمكنهم الحصول على دعم حكومى للحصول على مساعدات وأدوية بصرية وجلدية.

14- قد يفتقد الأشخاص المصابون بالمهق المعلومات والتثقيف اللازم للتعامل مع حالتهم المرضية، ففي دراسة أجريت في جمهورية الكونغو الديمقراطية ، أفاد 88% من المرضى المصابين بالمهق الذين شملهم الاستطلاع بعدم استخدامهم واقى للشمس بسبب نقص المعلومات حول أهمية هذا المستحضر لحالتهم.

ثالثا : تداعيات الإصابة بالمهق على النساء والأطفال

تعانى النساء والأطفال المصابون بالمهق بشكل كبير من الوصم والتمييز ويكونون أكثر عرضة للجرائم مثل الخطف والقتل والإتجار وانتزاع أعضائهم البشرية خاصة لأغراض السحر والاعتقادات الطقوسية، وفيما يلى أبرز التداعيات:  

1- اللوم والتخلى عن الأطفال المصابين بالمهق بعد إنجابهم : ويعود ذلك بشكل أساسى إلى نقص المعلومات الطبية التى تشير الى أن المهق حالة جينية موروثة من كلا الوالدين ، ولكن كثيرا ما يتم القاء اللوم على الأم وحدها فى أنها السبب فى لون الطفل الباهت المصاب بالمهق وغالبا ما تتهم بالخيانة أو بكونها لعنة تتجلى فى مظهر الطفل، وفى بعض الأحيان قد تتعرض الأم الى هجر الزوج والعزلة والطرد من مجتمعها المحلى بسبب إعتقاد المحيطين أن الطفل المصاب المهق يشكل لعنة على مجتمعه المحلى وقد تتعرض الأم والطفل للإعتداء من المحيطين فى حالة بقائها داخل اسرتها ومجتمعها المحلى.

2- الفقر : عادة ما تعانى أمهات الأطفال المصابين بالمهق من الفقر بسبب هجر الأزواج عند ولادة الطفل المصاب بالمهق، ويعرض ذلك الطفل المصاب للفقر المستمر ، خاصة وأن هذا الطفل بشكل عام يكون عاجزا عن الحصول على تعليم مناسب أو فرص عمل مناسبة فى المستقبل .

3- المخاطرالصحية : نظرا لنقص فرص التعليم وبالتالى عدم القدرة على الحصول على عمل مناسب، تقبل النساء والفتيات المصابات بالمهق فى كثير من الأحيان على أنواع مختلفة من العمل غير الائق فى الأماكن المفتوحة ويؤدى هذا العمل الطويل الأجل إلى ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الجلد.

كما أن شدة بروز النساء والأطفال المصابين بالمهق والتمييز المستمر ضدهم يعنى أنهم معرضون بشدة لخطر مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية – التى غالبا ما تؤثر سلبا على علاقاتهم الاجتماعية ، ففى إحدى الدراسات التى أجريت فى سيراليون أشارت إلى أن 80% من الأشخاص المصابون بالمهق يُنعتون بأسماء مهينة وهذه الأسماء تصفهم بأنهم نباتات أو حيوانات أو كائنات مفارقة للطبيعة وجميعها مقدمات للإستبعاد الاجتماعى وللإعتداء عليهم .

4- العنف الجنسي :كثيرا ما تتعرض النساء المصابات بالمهق إلى العنف الجنسى وكثيرا ما يكون ذلك بسبب انتشار بعض الخرافات والمعتقدات الخاطئة التى تؤدى إلى الاغتصاب والاعتداءات الجنسية ، وفى بعض الدول تسود معتقدات بأن ممارسة الجنس مع النساء المصابات بالمهق يمكن أن يعالج فيروس نقص المناعة البشرية وأنه يسبب حسن الحظ ، وهذه المعتقدات تعرض هؤلاء النساء للعنف المستمر وتزيد من إحتمال تعرضهن للحمل غير المرغوب فيه والإصابة بمختلف الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسى .

5- زيادة احتمال التعرض للاعتداءات : غالبا ما تصبح الأم وطفلها المصابان بالمهق عرضة للاعتداءات بسبب الفقر والطرد والعزلة وهو ما يعنى أن تكون الأم غير قادرة على تحمل تكاليف السكن المأمون والمضمون للحماية من الاعتداءات . 

 6- ضحايا الإفلات من العقاب : أوضحت التقارير الدولية المعنية أن المرأة غالبا ما تقع  ضحية لأعمال العنف التى ترتكب سرا ويفلت مرتكبوها من العقاب لاسيما فى حالات النزاع والكوارث ، وعليه تكون المرأة المصابة بالمهق معرضة لخطر العنف البالغ خاصة فى المناطق التى تكثر فيها الاعتداءات بسبب الخرافات والمزاعم الخاطئة حول مرض المهق.

7- الأعمال الإنتقامية : غالبا ما تواجه النساء اللواتي يشكارك أزواجهن وشركاؤهن وأفراد أسرهن فى الاعتداء على أطفالهن المصابين بالمهق تهديدات بالانتقام بعد الإدلاء بشهادتهن ضد أقاربهن أثناء التحقيقات والملاحقة القضائية ، وتفيد التقارير بأن التهديدات بالانتقام تأتى من الأقارب والمجتمع المحلى بشكل عام .

8- التشرد : عادة ما تواجه السيدات المصابات بالمهق وأطفالهن خطر التشرد خاصة فى أعقاب حوادث الاعتداءات الجسدية على الأشخاص المصابين بالمهق بشكل عام. ولذلك، تلجأ العديد منهن إلى الملاجىء التى خصصتها لهن الحكومات لتوفير السلامة المؤقتة لهن ، ويدخل بعضهن الملاجىء طوعا بينما يدخل البعض الاخر بتدخل حكومى ومجتمعى.

وتشكل النساء والأطفال المصابون بالمهق عددا كبيرا من المقيمين فى هذه الملاجىء التى يتلقون فيها الحد الأدنى من الرعاية خاصة فى مجالات الدعم النفسى والإجتماعى والعلاج الصحى للوقاية من سرطان الجلد والدعم فى حالة ضعف البصر للتمكين من التعليم .

9-  التعرض للتنمر : يتعرض الأطفال المصابون للمهق بشكل هائل للتنمر والوصم من قبل أقرانهم فى المدارس خاصة فى المناطق الريفية ، كذلك قد يفتقر المعلمون الى الوعى أو الاحساس عندما يتعلق الأمر بالاحتياجات التعليمية للتلاميذ المصابين بالمهق وتوفير التيسيرات اللازمة لهؤلاء الطلاب ، وقد ذكرت منظمة غير حكومية فى اليابان أنه نظرا لعدم وجود إستجابة فعالة من السلطات المدرسية لانهاء تسلط الأقران يغير الكثير من الأباء لون شعر أطفالهم الى الأسود ليكونوا مقبولين لدى أقرانهم ولدى السلطات المدرسية ، وفى بعض الحالات تصدر السلطات المدرسية تعليمات الى الاطفال لصبغ شعرهم بالأسود.

11- التعرض للوصم : يواجه الأطفال المصابون بالمهق فى جميع أنحاء افريقيا ومنطقة البحر الكاريبى وأمريكا اللاتينية وصما وإقصاء من قبل  البالغين ، فتشير بعض البيانات الى أن البالغين يغذون هذا الإقصاء بتحذير أطفالهم من مغبة اللعب مع الأطفال المصابين بالمهق ومنعهم من المشاركة فى التفاعلات الاجتماعية.  

وفى افريقيا على وجه الخصوص، غالبا ما يخفى الأباء أطفالهم المصابين بالمهق ويمنعونهم من المشاركة فى التفاعلات الاجتماعية لأن معدل إختطاف الاشخاص المصابين بالمهق وقتلهم مرتفع بشكل خاص فى صفوف الأطفال ، وقد يحدث الإخفاء ايضا للحد من وصم الأسرة.

12- التسرب من التعليم : نظرا للإعتداءات على الاشخاص المصابين بالمهق فى بعض الدول الافريقية ، توقف الكثير من الأباء عن إرسال أطفالهم المصابين بالمهق الى المدارس بسبب الخوف من الإعتداءات، وفى بعض الحالات تم رفض الأطفال المصابون بالمهق من جانب السلطات المدرسية بناء على الاعتقاد الخاطىء بأنهم غير قادرين على التعلم فى المدارس العادية ،  فتقدر احدى منظمات المجتمع المدنى فى زامبيا أن 3 أطفال فقط من أصل 3000 مصاب بالمهق ينهون تعليمهم الابتدائى ، وتشمل أسباب التسرب من التعليم ما يلى :

أ- التسلط المستمر من الطلاب والمعلمين.

ب- الفقر وعدم القدرة على رفع الرسوم المدرسية.

ج- التحديات المواجهة فى الحصول على الاجهزة التكيفية أو الإفتقار الى الدعم لاستخدامها.

د- الافتقار الى لوازم الحماية من الشمس لإستخدامها أثناء الأنشطة الرياضية أو خارج الأماكن المغلقة .

13- صعوبة الحصول على الرعاية الصحية : يشكل الحصول على الرعاية الصحية تحديا كبيرا أمام النساء والأطفال المصابين بالمهق خاصة فى المناطق الريفية للأسباب التالية :

أ- رداءة نوعية الخدمات الصحية العامة فى المستشفيات الحكومية بشكل خاص .

ب- ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية ولا سيما ما يتعلق بالوقاية من سرطان الجلد وعلاجه .

ج- عدم كفاية المعلومات المتعلقة بالمهق.

د- مواقف الاخصائيين الصحيين السلبية والتميزية فيما يتعلق بالمهق.

وتجدر الاشارة الى أنه قد تفرض قيود اضافية على الرعاية الصحية فيما يخص النساء المصابات بالمهق وأمهات الأطفال المصابين بالمهق عند طردهن من مجتمعاتهن المحلية ، ففى غينيا تطرد النساء المصابات بالمهق من أسرهن بسبب الرائحة المرتبطة بالتقيح وسرطان الجلد غير المعالج ، وتزيد عزلتهم الناتجة عن ذلك من تقييد إمكانية حصولهم على العلاج الصحى للسرطان .

رابعا : التوصيات

تُشير معاناة المصابين بالمهق  إلى حاجةٍ  ملحةٍ  للتغيير.  فمن الضروري نشر الوعي  حول حقوق هذه الفئة ومحاربة المعتقدات الخاطئة والقوانين التمييزية.  كما يجب توفير الخدمات الأساسية  للمصابين بالمهق  وضمان حمايتهم من العنف.

بالطبع يمكن بذل الكثير من الجهود على مستوى المجتمعات المحلية وفيما بين الدول والمؤسسات الدولية المعنية لتقديم كافة التسهيلات التى تمكن مرضى المهق من الحياة بشكل يحفظ كرامتهم ولا ينتقص من حقوقهم ويمكنهم من بناء مجتمعاتهم على قدم المساواة مع الأشخاص الأسوياء بشكل فاعل ، ويمكن إجمال هذه الجهود والتوصيات فى الآتى :

1- توفير قاعدة بيانات دقيقة وإجراء الدراسات الاستقصائية والتعدادات الخاصة بمرضى المهق خاصة من حيث النوع والسن على الأقل ، ويتم تحديث هذه البيانات باستمرار وإجراء تحليل لهذه البيانات وتحقيق الاستفادة القصوى منها .

2- دعم وتوفير الخدمات الصحية اللازمة للتعامل مع الأشخاص المصابين بالمهق فى  مجتمعاتهم المحلية على مستوى المستشفيات والمدارس لاسيما ما يتعلق بسرطان الجلد وعلاجه.

3- زيادة عدد المتخصصين والأطباء فى كل المستشفيات والمؤسسات التعليمية المسئولين عن التعامل مع مرضى المهق.

4- تعزيز مهارات أخصائيي الرعاية الصحية لتقديم الدعم والمشورة لمرضى المهق وعائلاتهم بشأن الحالة الصحية والعلاج والوقاية من المضاعفات خاصة فى المناطق الريفية والنائية .

5-  تزويد الأمهات اللاتى لديهم أطفال مصابون بالمهق بالمعلومات الكافية عن طرق الاعتناء بأطفالهن بما فى ذلك المعلومات المتعلقة بالصعوبات البصرية والتدابير اللازمة لحمايتهم من سرطان الجلد ، حيث يمكن أن يؤدى توافر هذه المعلومات الى منع الاصابة بسرطان الجلد للأطفال.

6- العمل على إشراك النساء المصابات بالمهق فى صنع القرارات الخاصة بهن حيث تؤدى هذه المشاركة الى تعزيز الإدماج الاجتماعى لهن والحصول على حقوقهن.

7- زيادة عدد المبادرات الخاصة بالتمكين الإقتصادى للنساء المصابات بالمهق وأمهات الأطفال المصابين بالمهق.

8- اعتبار الاشخاص المصابين بالمهق من ذوى الإعاقة وتخصيص نسبة محددة لهم للعمل فى الأماكن الحكومية وإلزام الحكومات والدول بذلك .

9- إطلاق مبادرات توعوية خلال وسائل الإعلام المختلفة لنشر الوعي  بمرض المهق وكيفية التقبل الاجتماعى للمصابين بهذا المرض.

10- دعم مشاركة منظمات المجتمع المدنى فى دعم وتمكين الأشخاص المصابين بالمهق فى مجتمعاتهم ومساعدة الأشخاص الناجين من العنف ليصبحوا أفرادا فاعلين فى مجتمعاتهم مع توفير فرص العمل المناسبة لهم .

11 – إلزام الحكومات بتقديم دعم مالي للأسر التى لديها أطفال مصابين بالمهق أو أحد أفرادها من المصابين، فضلا عن ضرورة إتاحة وكفالة خدمات المساعدة القضائية للأشخاص المصابين بالمهق حال تعرضهم للاعتداءات حيث يعانى أغلبهم من الفقر، ومن ثم يصعب عليهم الحصول على المساعدة القضائية.

12- إدراج العلاج من المهق ضمن مبادرات الصحة العامة ، وتقديم كافة أوجه الدعم العلاجى والنفسى للأطفال المصابين بالمهق ضحايا الاعتداءات وإعادة تأهيلهم ودمجهم داخل المجتمع.

المصادر :  

1-“معالجة الحواجز الموقفية التى يواجهها الأشخاص ذوو المهق”، الأمم المتحدة، مجلس حقوق الانسان، الدورة السادسة والسبعين 2021 .

2-“النساء والأطفال المتضررون من المهق – تقرير الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع الأشخاص المصابين بالمهق بحقوق الإنسان”، الأمم المتحدة، مجلس حقوق الانسان، 2019.   

3- الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية  https://www.who.int/ar

4- Fact-Sheet-on-Albinism-and-its-Implications, Cancer Association of South Africa (CANSA) , 2021.

 

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى