أوراق بحثيةدراسات اقتصاديةدراسات حقوقيةغير مصنف

العمالة غير المنتظمة…… مفاهيم..مؤشرات..حلول

مقدمة:

تتوالى الأزمات ويعقبها تبعات تؤثر على حياة الشعوب اقتصادياً واجتماعياً؛ مايلقي على عاتق الدول ضرورة صياغة استراتيجيات للتعامل معها، إلا أن مانتج من تبعات عصفت بالعالم بالتزامن مع جائحة كورونا والتي ألقت بظلالها على جميع القطاعات الاقتصادية، كانت الأولى من نوعها منذ قرن، إذ دفعت العديد من الحكومات لصياغة استراتيجيات للتعامل مع تبعاتها، وكانت أحد أبرز تلك التبعات التي حذًرت منها المنظمات الدولية وتحركت لحلها معظم دول العالم هي ارتفاع معدلات البطالة العالمية، فوفقاً لتقديرات البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية، بلغ عدد العاطلين نحو 200 مليون عاطل عام 2022، أما حالات فقدان الدخل نتيجة لفقدان الوظائف فكانت أكبر بين الشباب والنساء وأصحاب المهن الحرة والعمالة الموسمية ذوي المستويات التعليمية الأقل.

وقد تأثرت النساء، على وجه الخصوص، بفقدان الدخل والعمل؛ لأنهن كن على الأرجح يعملن في قطاعات تضررت بقدر أكبر من جراء تدابير الإغلاق العام والتباعد الاجتماعي.

هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة أثرت بدورها على العمالة غير المنتظمة وتسببت في ازدياد أعدادهم،  فضلاً عن معاناة بعضهم نتيجة تضرر القطاعات التي يعملون بها، وبصفة خاصة قطاعي السياحة والآثار، إضافة لما يعانون منه في الأساس من غياب التعاقد الرسمي والتأمين الاجتماعي، وكذا الافتقار إلى الشعور بالأمان وتدني الدخول وعدم توافر الحماية الكاملة في حال التعرض للأمراض أو المشاكل المرتبطة بالعمل في ظروف غير آمنة، وارتفاع مستوى الخطورة من فقدان الدخل نظراً لعدم استدامة مصدر الرزق، بالإضافة لعدم تمتعهم بأيٍ من الحقوق المرتبطة بالحصول على إجازات مدفوعة الأجر أو التأمين الاجتماعي أو الاجازات المرضية، فضلاً عن غياب أي نقابات تجمعهم .

في السياق عاليه، وإدراكاً لأهمية هذه القضية، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على مفهوم العمالة غير المنتظمة وأسباب هذه الظاهرة، ومفهوم الحماية الاجتماعية، والإحصائيات والأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية لأعدادهم التقديرية في مصر والعالم العربي، وأخيراً تناول جهود الحكومة المصرية في التعامل مع هذه الظاهرة).

وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة لمواجهة هذه الظاهرة والتعامل معها مايلي:

* أهمية وضع تعريف ومعايير محددة وموحدة بين الدول لتحديد الفئة المقصودة بالعمالة غير المنتظمة وتصنيفها لإعداد إحصائية واقعية وفق منظومة بيانات مدققة ومتكاملة.

* على جميع الدول العمل على توفير البيانات والإحصاءات بشكل أكثر شفافية ودقة حتى يمكن تشخيص الوضع بشكل أكثر دقة، فضلاً عن إمكانية الحصول على دعم الشركاء الدوليين في إيجاد حلول ناجحة وفعالة.

* ضرورة الاستمرار في برامج الحماية المجتمعية التي أطلقتها العديد من الحكومات للعمالة غير المشمولين ببرامج الحماية الاجتماعية القائمة، وخاصة في أعقاب انتشار جائحة كورونا.

 

* إجراء تقييم لبرامج الحماية الاجتماعية الحالية لتحديد الفجوات بها واستكمال منظومة الحماية لهم.

* تنظيم العمالة غير المنتظمة من خلال نقابات عمالية أو مهنية، ووضع خارطة طريق للتوسع في مظلة الحماية والتمكين لتلك الفئة.

*الاستمرار في العمل على خلق مناخ للاقتصاد أكثر جاذبية للمستثمرين، بما يضمن خلق فرص عمل أفضل.

*تحسين الوصول إلى التعليم والارتقاء بجودته وتعزيز المساواة في الوصول إليه، وضمان بقاء الطلاب في المدرسة حتى الحصول على التعليم الثانوي، وتوفير فرص للتدريب الفني والمهني.

* العمل على إدخال تعديلات وإصلاحات مستمرة في النظام الضريبي، كلما تطلب الأمر ذلك وبما يتلاءم مع دخول العمالة غير المنتظمة وأحوالهم وظروفهم المعيشة والأنشطة التي يمارسونها، وزيادة الحوافز وخفض ضرائب الرواتب وإتباع أنظمة الحماية الاجتماعية الداعمة كالضرائب التصاعدية على الدخل.

* الاستمرار في السياسات الرامية لتعزيز الشمول المالي من خلال تعزيز وصول أكبر شرائح إلى الخدمات المالية الرسمية، خاصةً وأن التطبيقات الخاصة بالتحويل المالي عبر الهواتف المحمولة ساهم في النمو الشامل من خلال توفير الحسابات المالية لغير المتعاملين مع البنوك، وتمكين النساء مالياً، ومساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على النمو داخل القطاع الرسمي.

* تقليل المستندات والأوراق المطلوبة لإقامة المشروعات الصغيرة ذات الإمكانات المحدودة.

*بذل المزيد من الجهود نحو رقمنة الاقتصادEconomic Digitalization ، أي التحول بالاقتصاد من اقتصاد يعتمد على المستندات والأرشفة الورقية، إلى اقتصاد يعتمد على قواعد البيانات وتخزينها وتداولها على المنصات الإلكترونية.

*من الممكن تجنب مسألة الطابع الرسمي للعاملين من خلال توفير التأمين الصحي والمعاشات للعاملين غير المنتظمين عبر وسائل أخرى، كالعضوية في النقابات العمالية، أو المنظمات غير الحكومية، أو من خلال الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص؛ وهذا الأمر من الممكن أن ينطوي على ميزة إضافية وهي التشجيع على ريادة المشاريع.

*رفع الوعي لدى العاملين بأهمية حصولهم على حقوقهم من خلال التأمين عليهم وإدراجهم بسجل العاملين لدى الجهات الرسمية للدولة لضمان حقوقهم.

…………………………………………………………….

أولاً: العمالة غير المنتظمة:

  • المفهوم:

اعتمدت منظمة العمل الدولية التعريف المشترك للعمل غير النظامي وهو: يصنف العاملون لحسابهم الخاص (من غير الأجراء (الذين يديرون مؤسسات غير نظامية على أنهم يعملون في القطاع غير النظامي). وبالمثل، يصنف أرباب العمل (الذين لديهم أجراء(والذين يديرون مؤسسات غير نظامية على أنهم من ضمن القطاع غير النظامي). ويتم تصنيف أفراد الأسرة كافة الذين يساهمون في العمل في المؤسسة على أنهم أصحاب عمل غير نظامي؛ بصرف النظر عما إذا كانوا يعملون في مؤسسات تابعة للقطاع النظامي أو غير النظامي.

 وفي حالة العاملين، يعرف العمل غير النظامي على أساس علاقة العمل التي لا ينبغي أن تكون، في القانون أو الممارسة العملية، خاضعة لتشريعات العمل الوطنية، أو لضريبة الدخل، أو الحماية الاجتماعية، أو الحق في استحقاقات عمل معينة (كإشعار مسبق بالفصل من الخدمة، وتعويض نهاية الخدمة، والإجازة السنوية أو المرضية المدفوعة الأجر، وغيرها).

وفي الممارسة العملية، تتحدد الطبيعة النظامية أو غير النظامية لوظيفة ما يشغلها الموظف على أساس معايير تشغيلية مثل: اشتراكات الضمان الاجتماعي التي يدفعها صاحب العمل باسم العامل، والحق في إجازة مرضية مدفوعة الأجر وإجازة سنوية مدفوعة الأجر.  ويربط عدد كبير من الباحثين العمل غير النظامي بالافتقار إلى الإدارة الاقتصادية والمؤسسية.

وخلاصة القول، بأن العمالة غير المنتظمة؛ هم مجموعة الأفراد الغير مدرجين ضمن نظام عمل ودوام جزئي أو كلي، كما يضم العمالة المؤقتين أو الموسميين والذين يتم توظيفهم دون تحديد ساعات عمل أو جدول زمني لهم، ويفتقر هذا النوع من الوظائف لأية مزايا أو مؤهلات، كما أنه يفتقر للاستمرارية، فضلًا عن عدم وجود أية حقوق للعمالة كالإجازات أو المكافآت أو ما شابه بالإضافة إلى انخفاض الأجور.

  • أسباب ظاهرة العمالة غير المنتظمة:

 ينجم العمل غير النظامي أساساً كمزيج من ضعف الخدمات العامة، ونظام تنظيمي تقييدي، وضعف قدرة  على الرصد والتنفيذ، كما هو الحال في الجزائر ومصر والأردن ولبنان مثلاً. كما تغذي بعض الظروف السائدة في المنطقة العربية العمل غير النظامي بشكل أكبر من ذلك، وهي تشمل ما يلي:

– التغير الديمغرافي الذي يمثل تحدياً رئيسياً لبلدان مثل مصر والأردن ولبنان و فلسطين وسوريا.

– انتشار الصراعات وعدم الاستقرار السياسي، لاسيما في العراق وليبيا وفلسطين وسوريا واليمن الذي يؤثر على الاستقرار السياسي في سبعة بلدان أخرى هي مصر والأردن ولبنان والسعودية والسودان وتونس والإمارات.

-انخفاض مستوى الاستقرار المالي والنقدي بسبب انخفاض أسعار النفط التي تؤثر على دول مجلس التعاون الخليجي؛ والنمو الاقتصادي المنخفض، ونمو البطالة في الدول غير المنتجة للنفط. ونتيجة لذلك، دفع عدد كبير من المواطنين العرب إلى القطاع غير النظامي لأنه الخيار الوحيد لكسب العيش.

– علاوة على ذلك، فإن ضعف الإطار التنظيمي يحد من تنمية القطاع الخاص والنمو العام. ففي أعقاب  ثورات الربيع العربي، تدهورت الجودة التنظيمية في بلدان عديدة مما أثر على قواعد المنافسة والاستثمار، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر، والإعانات، والتنظيمات البيئية، والتجارة، والمناخ العام للأعمال التجارية.

 -تدني جودة التعليم، والذي يحد من قدرة الناس على التحول من الوظائف غير النظامية إلى الوظائف النظامية كما يحد من جودة الابتكارات في مجال البحث والتطوير.

 -تؤدي أنظمة الحوكمة غير الكفء في بعض بلدان المنطقة إلى التهرب الضريبي، مما يزيد من الحافز للعمل في القطاع غير النظامي. وقد شهدت بعض البلدان،  مثل قطر والإمارات، تحسناً السنوات الماضية؛ رغم أن للمنطقة العربية واحدة من أدنى نسب الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء العالم.

  • ثانياً: العمالة غير المنتظمة ومفهوم الحماية الاجتماعية:

يمكن تعريف الحماية الاجتماعية بأنها مجموعة الخدمات الاجتماعية والصحية والاقتصادية والتعليمية والثقافية التي تهدف إلى رفع مستوى معيشة العمالة غير المنتظمة من خلال تنمية قدراتهم الاقتصادية والتعليمية والصحية.

وتهدف برامج الحماية الاجتماعية إلى:

– حماية الفئات الفقيرة من العمالة غير المنتظمة من الصدمات والتقلبات التي يتعرض لها الاقتصاد.

– تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توفير الخدمات وفرص العمل بشكل متكافئ ومتوازن.

– تكاتف الجهود الأهلية والحكومية لتحقيق الحماية الاجتماعية لهذه الفئة من خلال الخطط والبرامج والمشروعات المنصوص عليها في الدستور والقانون لتحقيق العدالة الاجتماعية.

*وهناك مفاهيم مرتبطة بالحماية الاجتماعية منها:

شبكة الحماية الاجتماعية: وهي إحدى آليات الحماية الاجتماعية التي تعمل على التخفيف من حدة أية آثار ترتبط بوجود حروب أو كوارث طبيعية أو تطبيق سياسات إصلاحية على الفئات المهمشة والفقيرة والأكثر فقراً من أجل تلبية احتياجاتها والعمل على إشباعها.

مفهوم أرضية الحماية الاجتماعية: وهو المفهوم الذي أطلقته الأمم المتحدة عام 2009 ويعرف “بأنه منهج وأداة يمكن من خلالها مواجهة الأزمات التي تعاني منها الدول نتيجة لوجود عجز في برامج الحماية الاجتماعية، ويمكن من خلالها توفير الحماية الاجتماعية الملائمة للجميع، والتي يمكن من خلالها تقديم الدعم المالي للنهوض بقطاع الصحة، ومنح الدخل الآمن للأطفال الذي يوفر لهم الرعاية الصحة والمادية والتعليم، ويوفر حياة كريمة لكبار السن وذوي الهمم”.

  • ثالثاً: إحصائيات وأرقام عن العمالة غير المنتظمة في مصر والعالم العربي:

تعاني الدول العربية بتسجيل واحد من أعلى معدلات البطالة بين الشباب في العالم (26%) وتشهد تدهوراً في جودة الوظائف، وبالتالي فإن القطاع غير النظامي آخذ في التوسع. كما أن هذا القطاع شهد نموًا كبيرًا بالتزامن مع انتشار جائحة كورونا، فضلًا عن معاناة المنطقة من الصراعات وعدم الاستقرار والتي أثرت على النمو الاقتصادي ممًا دفع العمال بالبحث عن فرص للعمل في القطاعات غير النظامية.   

عند النظر إلى كل دولة في المنطقة العربية على حدة، نجد أن البلدان ذات أدنى مستوى من الناتج المحلي الإجمالي للفرد تميل إلى أن يكون لديها أعلى مستويات من العمل غير النظامي. وتشير التقديرات إلى أن ثلث الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة يتم إنتاجه من خلال العمل غير النظامي.

وإحصائياً ، فإن عدم قيام الدول العربية بمواكبة التطورات الخاصة بالعمالة غير المنتظمة، والتي تمثلت في قيام منظمة العمل الدولية؛ بتطوير الدليل الاحصائي حول القطاع غير الرسمي والعمال غير المنتظمة بهدف تطوير المفاهيم والتعريفات الاحصائية ذات الصلة بعناصر القياس وأساليب التقدير والمنهجيات المختلفة، وبالتالي لم تتمكن المنظمة من إنشاء قاعدة بيانات فرعية عن سوق العمل سوى لدولتين عربيتين فقط هما مصر وفلسطين،  أما باقي الدول العربية فلم تواكب هذه التطورات؛ وبالتالي فإن كافة البيانات المقدمة هي بيانات تقديرية بالتعاون مع عدد من الخبراء والمنظمات الدولية المهتمة بهذا القطاع.

فمثلاً تقدر منظمة WEIGO الخاصة برصد العمالة الغير منتظمة وبصفة خاصة من النساء حول العالم ، إلى أن العمالة غير المنتظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشكل 45% من العمالة الزراعية، مقارنة                   بـ 82% في جنوب آسيا، و66% في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و65% في شرق وجنوب شرق آسيا (بدون الصين)، و51% في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

كما أن نسبة العمالة غير المنتظمة في القطاعات غير الزراعية المختلفة تبلغ 52.3% من إجمالي العمالة غير الزراعية في فلسطين و51.2% في مصر، وتشمل هذه النسب نحو 54.5% للرجال في فلسطين و56.3% في مصر، أما بالنسبة للنساء فإنها تنخفض إلى 40% في فلسطين و23.1% فقط في مصر.

أما من حيث التوزيع القطاعي، فتكون نسبة العمالة غير المنتظمة مرتفعة جدًا في قطاع الإنشاءات سواء في مصر أو في فلسطين. وتبلغ نسبة العمالة غير المنتظمة 96.9% من إجمالي العمالة في فلسطين و92.1% في مصر.

في حين تشهد قطاعات الخدمات الأخرى  (باستثناء التجارة والنقل) أدنى نسب العمالة غير المنتظمة، والتي لا تتجاوز 20% من إجمالي العمالة في كلا البلدين.

أما قطاع البناء، ففي حين يجتذب 14.8% من إجمالي العمالة في فلسطين، فإنه يجتذب 1% فقط من العمالة الرسمية مقارنة بـ 27.4% من العمالة غير المنتظمة.

وفي مصر يشكل قطاع البناء 27.3% من العمالة غير المنتظمة، ولا يجتذب سوى 15.2% من إجمالي العمالة. ومن ناحية أخرى، يجتذب قطاع الخدمات الأخرى (باستثناء التجارة والنقل) 69.5% من إجمالي العمالة الرسمية (الرجال) وحوالي 90% من إجمالي العمالة الرسمية (النساء). وهذا يوضح أيضاً أن النساء غائبات تماماً تقريباً عن العمالة غير المنتظمة في مجال النقل (0.7%).

وتمثل النساء حوالي خمس إجمالي العمالة في مصر وأقل في فلسطين (16.9%)، وترتفع هذه النسبة إلى 30% من العمالة الزراعية في كلا البلدين. وتمثل النساء الفلسطينيات 38.8% من العمالة الزراعية المستقلة، في حين أنهن لا يمثلن سوى 4.5% من العمالة الزراعية المستقلة الرسمية.

وقد يكون ارتفاع نسبة العمالة غير المنتظمة خارج القطاع غير الرسمي في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا راجعاً إلى حقيقة مفادها أن بعض المؤسسات في القطاع الرسمي توظف أشخاصاً دون احترام لوائح وقواعد العمل، بالإضافة إلى انتشار الشركات العائلية.

وفيما يتعلق بتغطية التأمين الاجتماعي، تبلغ نسبة التغطية المرتبطة بأنظمة التقاعد لإجمالي العاملين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 32.3%، مقارنة بـ 88.3% في الدول المتقدمة، و47.5% في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، و9.1% فقط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. أما بالنسبة للعاملين، فإن التغطية لا تتجاوز 42.9% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي النسبة الأدنى مقارنة بدول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.

أما بالنسبة للعاملين لحسابهم الخاص، فإنها بالكاد تصل إلى 5% مقارنة بـ 64.4% في أوروبا والاتحاد الأوروبي، و18.8% في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. وعلاوة على ذلك، فإن 1.8% فقط من أفراد الأسرة المساهمين يستفيدون من التغطية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع العلم أن هذه الفئة لا تزال ضعيفة من حيث التغطية، حتى في الدول المتقدمة، حيث تظل التغطية أقل من 18%.

كما ينعكس الضعف أيضًا في ضعف نسبة التغطية الاجتماعية لمن يعملون بدون عقد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي لا تتجاوز 9% مقارنة بـ 43.7% للعاملين الموسميين و85.1% للموظفين الحكوميين على التوالي.

-الواقع أن هناك ارتباطاً في حالة دول مجلس التعاون الخليجي، بين ارتفاع الدخول والافتقار للحماية المجتمعية، فرغم الدخول المرتفعة إلا أننا نجد فئات العمالة المهاجرة والعمالة المنزلية تفتقر لأنظمة حماية مجتمعية تسمح لهم بالاستفادة من أنظمة التقاعد.

أما في باقي الدول فنجد أن:

– اليمن والسودان وفلسطين وموريتانيا وسوريا لديها نصيب منخفض للفرد من الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالتوازي مع نسب عالية من عدم التغطية الاجتماعية؛

– المغرب والأردن والعراق والجزائر وتونس لديها نصيب مرتفع نسبيًا  للفرد من  إجمالي الناتج المحلي الإجمالي ونسب منخفضة من عدم التغطية الاجتماعية، وخاصة الجزائر وتونس، وذلك بسبب تطورها النسبي من حيث تغطية أنظمة التقاعد للفئات النشطة؛

– أما بالنسبة للحالات المختلفة  التي لاتنطبق عليها القاعدة، فهي تظهر في ليبيا حيث توجد نسبة عالية من عدم التغطية الاجتماعية على الرغم من ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والذي يمكن تفسيره بأهمية العمالة المهاجرة التي لا تغطيها أنظمة التقاعد؛ 

– وفي مصر فنجد ارتفاع نسب الحماية الاجتماعية رغم تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وقد يعود ذلك لأهمية التوظيف في القطاع العام، والذي يوفر نسبة عالية من التغطية الاجتماعية.

كما يلاحظ انخفاض نسب العمالة غير المنتظمة في الدول النفطية، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، وبدرجة أقل في الجزائر وليبيا، نظراً للمساهمة المهمة لعائدات النفط في الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول. إلا أنها تفتقر بشدة إلى وجود غطاء حماية اجتماعية قوية نظرا لاعتمادها بنسب كبيرة على العمالة المهاجرة في قطاع البناء والعاملات المنزلية.

في حين تستفيد العمالة غير المنتظمة في دول كمصر والجزائر وتونس وليبيا بجزء من أنظمة الحماية الاجتماعية، بينما اليمن وسوريا من الدول التي تفتقر بصورة عالية لوجود غطاء اجتماعي، إلا أن ذلك يعني أن جزءاً كبيراً من العاملين في القطاع الرسمي يفتقرون لوجود نظام حماية اجتماعية في حين تكون نسبة العمالة غير المنتظمة ضعيفة بالأساس في المغرب والأردن.

*كذلك يرتبط وجود العمالة غير المنتظمة بالتطورات والتركيبة الديموجرافية للبلدان العربية ، فمثلاً الارتفاع في نسبة مكون الشباب يعني المزيد من الضغوط على أسواق العمل العربية حال وصولهم لسن سوق العمل مما يعني مزيداً من القطاعات والعمالة غير المنتظمة، فضلاً عن أن ارتفاع نسب المناطق الريفية وخاصة لبلدان ذات الثقل الديموجرافي المهم في المنطقة، مثل مصر (56.9٪)، والسودان (66.4٪)، واليمن (66٪)، فإن هذا يعني مستويات عالية مستمرة من العمالة غير المنتظمة، نظرًا لأهمية العمالة الزراعية في المناطق الريفية، والتي هي بالفعل غير منتظمة في البلدان النامية. هذا فضلاً عن ارتفاع نسب الهجرة من الريف إلى الحضر مما يشكل تحدياً على مدى قدرة السوق الرسمي على استيعاب تلك التغيرات. وضغطاً كبيراً على أسواق العمل الرسمية في المدن يجعلهاغير قادرة على مواجهة الطلب الإضافي من العمالة الناتجة عن هذه الحركة، وينتج عن ذلك أيضًا عشوائية العمل والمزيد من اللارسمية.

*كما أن ارتفاع نسب البطالة ترتبط بشكل طردي بانتشار سوق العمل غير المنتظم وخاصة بين فئات الشباب، أو النساء، أو الأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبارها الفئات التي تواجه المزيد من صعوبات التوظيف، وبالتالي فهي أكثر تعرضًا للعمل غير المنتظم ونقص الحقوق الأساسية في العمل. وهنا تقسم الدول العربية لمجموعتين:                      موريتانيا وليبيا والسودان وتونس والجزائر ومصر، حيث مستويات الاقتصاد الخفي والبطالة مرتفعة؛

جميع دول مجلس التعاون الخليجي، أي الإمارات العربية المتحدة وعمان والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت وقطر، حيث مستويات البطالة والعمالة غير المنتظمة منخفضة.

*كما يُمكن الاعتماد على مؤشر عدم وجود حساب جار بالبنوك كدليل على وجود العمالة غير المنتظمة وهو مايلقي الضوء على أهمية الشمول المالي، فضلاً عن أهمية تقديم حزم وبرامج لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة مالياً بما يُساهم في تراجع العمالة غير المنتظمة.

 

رابعاً:جهود الدولة المصرية للتعامل مع ظاهرة العمالة غير المنتظمة:

  • نظرة عامة على الوضع الراهن:

– وفقاً لبحث القوى العاملة المصرية للربع الأول من عام 2024 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد ارتفعت قوة العمل خلال الربع الأول لعام 2024 بنسبة 1% لتصل إلى 31.1 مليون عامل وهذا انعكس في زيادة عدد المشتغلين ليصل عددهم إلى نحو 29.2 مليون فرد، بينهم 18.7 مليون عامل يعملوا في القطاع غير المنتظم أي ما يقارب 60% من القوى العاملة في مصر، وتتركز معظم تلك العمالة غير المنتظمة في قطاعات الزراعة والصيد، والتشييد والبناء والمحاجر، والنقل.

ووفقاً للاحصاءات فإن العمالة غير المنتظمة  في مصر تتركز في 12 مهنة أساسية :(عمال المقاولات العامة، عمالة الخدمات، الزراعة، المناجم، المحاجر، الملاحات ، الآثار، البحر، الصيد، الموانئ، العمل بمنشآت موسمية، ميادين “مهن الباعة الجائلين”).

 – أن معظم العمالة غير المنتظمة ليست مشتركة في نظام التأمين الاجتماعي حيث لا تتعدى نسبة 18% من إجمالي المؤمن عليهم، ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها: عدم انتظام الدخل، أو عدم رغبة صاحب العمل أو العامل في تحمل عبء الاشتراك التأميني، أو ضعف القدرة الاقتصادية لتلك العمالة وبالتالي رغبتها في الاحتفاظ بعائدها الشهري كاملاً بدلا من استقطاع جزء منه لتتمتع بمزاياه عند الوصول إلى سن الشيخوخة، بالإضافة إلى عدم الوعي بأهمية الانضمام لمنظومة الحماية.

– وفقاً لتقرير البنك الدولي  حوالي 68% من العمال غير المنتظمين في عام 2012 يعملون في القطاع غير الرسمي حتى عام 2018، بينما أصبح 19% عاطلين عن العمل أو تركوا قوة العمل، وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي. وأشار تقرير آخر للبنك إلى أن حوالي 16% من العمال غير المنتظمين أصبحوا عمالًا رسميين، و24% من العمال الرسميين أصبحوا عمالًا غير منتظمين في مصر، بين عامي 2012 و2018. فضلا عن أن نصف العمال غير المنتظمين في مصر فقدوا وظائفهم بين فبراير 2020 وفبراير 2021 بسبب جائحة كوفيد-19، في حين دفع تأثير الحرب الأوكرانية المزيد من الناس إلى الفقر.

كما تُظهر بيانات البنك الدولي أن 31 % من العمال غير المنتظمين في مصر حاصلون على شهادات جامعية، ويشير المصريون العاطلون عن العمل إلى استعدادهم للعمل برواتب أقل بنسبة 20% مقابل الحصول على وظيفة بالقطاع الخاص الرسمي.

  • جهود الحكومة المصرية للتعامل مع هذه الظاهرة:
  • مع تسجيل التضخم لمعدلات مرتفعة اقتربت من 32% ومانتج عنه من ارتفاع مستوى الفقر وبالتالي زيادة في المشاريع غير الرسمية تنفذ الحكومة المصرية برامج مساعدات تفيد 25% من أفقر الأسر في مصر وتغطي سجلات الضمان الاجتماعي في البلاد أكثر من 50 % من السكان. وزادت ميزانية الحكومة المخصصة للدعم وشبكات الضمان الاجتماعي من 358.4 مليار جنيه مصري في السنة المالية 2022/2023 إلى 529.7 مليار جنيه مصري (حوالي 17.1 مليار دولار) في السنة المالية 2023/2024. وتنفق مصر 10.9% من ناتجها المحلي الإجمالي على الضمان الاجتماعي، وفقًا للبنك الدولي.
  • جهود البنك المركزي المصري لتحقيق الشمول المالي بما يساهم في دمج العمالة غير المنتظمة في القنوات المصرفية الرسمية أو شبه المصرفية، فلقد نما الشمول المالي في مصر مؤخرًا بنسبة 147 %، وأصبح لدى أكثر من 42 مليون مصري في العام 2023/2024 حسابات مصرفية. وهو يعكس التطور عن العام 2021 فوفقاً لبيانات الشمول المالي للبنك الدولي لعام 2021، افتقر 61 % من المصريين إلى الحسابات المصرفية بسبب عدم كفاية الأموال. وفي الوقت نفسه، قام 20%فقط من المصريين بإجراء أو استلام أي مدفوعات رقمية في عام 2021.
  • اتخذت الحكومة بالفعل عدة قرارات لدعم العمالة غير المنتظمة، ومنها حصر أعداد العمالة وتسجيل بياناتهم، وحسب تصريح وزارة القوى العاملة فإن هذه الخطوة “تستهدف بناء قاعدة بيانات حقيقية من أرض الواقع ترتكز على استهداف قطاعات وفئات العمالة غير المنتظمة التي تعمل داخل القطاعين الرسمي وغير الرسمي على عدة مراحل، حيث إن عدد المستهدفين في المرحلة الأولى يبلغ 2.5 مليون عامل”. 
  • أطلقت الدولة أول منظومة للتأمين الاجتماعي والصحي للعمالة غير المنتظمة في مصر، في الأول من يوليو 2021، في إطار سعي الدولة إلى توفير الحماية التأمينية للعمالة غير المنتظمة.
  • تم تشكيل لجنة مركزية لمتابعة تشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة، وتختص هذه اللجنة برسم سياسات الدولة لتشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة ومتابعة تنفيذها، وبحث مشكلاتهم، ووضع اقتراحات الحلول المناسبة.
  • أطلقت الدولة المصرية شهادة “أمان” عام 2018 للتأمين على حياة العمال المؤقتين والموسميين. وتدمج الشهادة بين شهادة الادّخار ووثيقة التأمين، فيحصل المشتري على شهادة بفائدة 16% لمدة 3 سنوات، قابلة للتجديد 3 مرات، أي أن الحد الأقصى للشهادة 9 سنوات، وفي نفس الوقت، تحصّل شركة التأمين جزءًا من الفائدة، لتٌتيح لأصحاب الشهادات تأمينًا في حالة الوفاة الطبيعية، أو بسبب حادث، حده الأدنى 10 آلاف جنيهاً، وحده أقصى 250 ألف جنيهاً. غير أن خبراء شددوا على ألا يجب أن تكون الشهادة بديلاً عن وضع نظام تأمين اجتماعي شامل للعمالة غير المنتظمة، ورأوا أنها بالأساس أداة تجارية في إطار سعي الدولة نحو توسيع قاعدة المواطنين المتعاملين مع النظام البنكي (الشمول المالي) وتنشيط الحركة المصرفية.
  • سلمت وزارة القوى العاملة في الفترة من يناير 2021 حتى 28 مارس 2021، نحو 184.7 ألف وثيقة للتأمين التكافلي ضد الحوادت الشخصية.
  • وفي سياق متصل، نفذت الدولة عدة مبادرات لتحسين أوضاع العمالة غير المنتظمة، ومن أهمها: المبادرة الرئاسية «بر أمان» لحماية ودعم صغار الصيادين، ومبادرة «تتلف في حرير» التي تستهدف تقديم الدعم الفني لتطوير التصميمات المستخدمة في صناعة السجاد اليدوي ومبادرة «طريقك أمان» لحماية العاملين في مجال خدمات التوصيل.
  • كما أطلقت الدولة مبادرة التمكين الاقتصادي للعمالة غير المنتظمة، والتي تستهدف توفير فرص عمل الإجمالي 30 ألف مستفيد في 16 محافظة الأكثر عددًا في العمالة غير المنتظمة، وفي إطار مشروع التدريب المهني «برنامج طفرة» فقد تم تدريب عدد 3000 عامل وعاملة في المحافظات، كمرحلة أولى.
  • مشروع قانون العمل الجديد، والذي نص ولأول مرة، على “إنشاء صندوق للعمالة غير المنتظمة تكون له الشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الوزير المختص، ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل مجلس إدارة الصندوق برئاسة الوزير المختص ويحدد اختصاصاته، والرسوم المقررة ونظام تحصيلها من صاحب العمل الذي يستخدم العمالة غير المنتظمة بما لا يقل عن 1% ولا يزيد على 3% مما تمثله الأجور من الأعمال المنفًذة”.  كما حدد القانون الفئات المستفيدة من امتيازات العمالة غير المنتظمة منها: العمالة المؤقتة بالزراعة وملاك الأراضي الزراعية غير الحائزين لها ممن تقل ملكيتهم عن فدان، وعمالة الشوارع وصغار المشتغلين لحساب أنفسهم كالباعة الجائلين وغيرهم، وعمالة المنازل و قراء القرآن الكريم وخدًام الكنيسة.
  • واستجابة مع تداعيات جائحة كورونا تم تشكيل لجنة وزارية تعني بدعم العمالة المتضررة ، حيث صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2183 لسنة 2020، بتشكيل لجنة وزارية تعنى بدعم العمالة المتضررة من تداعيات «كوفيد- 19»، والعمل على إعداد استراتيجية وطنية لحماية ورعاية العمالة غير المنتظمة .وفي سبيل تحديد المستفيدين من هذا الدعم، تم تأسيس قاعدة بيانات موحدة للمتضررين المتقدمين للحصول على منحة “كوفيد-19”. وخصصت وزارة المالية أكثر من 5.3 مليارات جنيهاً لصرف المنحة الاستثنائية للعمالة غير المنتظمة، وجرى صرف منحة قدرها 1500 جنيه على 3 أشهر بواقع 500 جنيه لكل شهر منذ بداية الجائحة، حتى فبراير 2021.

 

…………………………………………………..

 

المراجع

*منظمة العمل الدولية

-الحوار الاجتماعي   https://solifem.ilo.org/ar     

-التوصية رقم 204/ بشأن الانتقال من الاقتصاد غير المنظم إلى الاقتصاد المنظم

https://www.ilo.org/sites/default/files/wcmsp5/groups/public/@ed_norm/@normes/documents/normativeinstrument/wcms_386775.pdf  

* الحماية الاجتماعية والعمالة غير المنتظمة- فاطمة أحمد بكر

https://aial.journals.ekb.eg/article_244865_88d4da5ab405603d547141d7a9881665.pdf      

* نحو مسار منتج وشامل استحداث فرص العمل في المنطقة العربية

https://www.unescwa.org/sites/default/files/pubs/pdf/productive-inclusive-path-job-creation-arab-region-arabic.pdf  

*تقرير شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية:

    INFORMAL LABOR IN THE ARAB COUNTRIES THROUGH INTERNATIONAL STATISTICAL INDICATORS AND DATA, Dr. Azzam Mahjoub University Professor and International Expert Mohamed Mondher Belghith, https://www.annd.org/uploads/summernote/71614356401.pdf   

  Informal middle-class workers: the missing middle Working paper  series on the middle class, ESCWA-UN,

file:///C:/Users/user/Downloads/middle-class-arab-countries-    working-paper-4.pdf

 EGYPT World Bank Issues Brief – No. 2 1.  – Informal is new Normal , https://www.worldbank.org/content/dam/Worldbank/Feature%20Story/mena/Egypt/Egypt-Doc/egy-jobs-issue-brief-2-ENG-ARA.pdf

 *العمالة غير المنتظمة في مصر: مبادرات عديدة وحصاد محدود 2 مايو 2023   – حلول للسياسات البديلة

https://aps.aucegypt.edu/ar/articles/993/irregular-employment-in-egypt-multiple-initiatives-meager-results  

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى