الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول
لا شك في أن تحويلات المصريين في الخارج تشكل جزءاً هاماً في اقتصاد الدولة المصرية ومصدراً داعماً للعملات الأجنبية، حيث تشير البيانات إلى أن مصـر تعد مـن أكبـر الـدول المسـتقبلة للتحويـلات علـى مسـتوى العالـم “المركـز الخامــس عالميــاً” بقيمــة 28.92 مليــار دولار عــام 2018، وبلغــت نســبة تحويلات المصريين بالخارج من إجمالي مصادر النقد الأجنبي بمصر خلال عام 2022 / 2023 حوالي 23.5%، لتكون بذلك المصدر الثاني للنقد الأجنبي، الأمر الذي يساهم بدوره في دعم قدرة الدولة على توفير احتياجاتها الأساسية وزيادة قدرتها على استيراد السلع وتلبية احتياجات المواطنين.
ولذلك تعد الهجرة النظامية أو “الهجرة الشرعية” جزءاً أصيلاً من قوة الاقتصاد الوطني لأي دولة ومصدراً هاماً للدخل القومي، كما تساهم بدورها في تحقيق أهداف التنمية. ولكن التحدي الحقيقي الذى يواجه الحكومات هو”الهجرة غير النظامية ” أو ما يعرف بـ “الهجرة غير الشرعية ” والتي يشكل البحث عن عمل لائق أهم دوافعها الأساسية، حيث يخاطر الشباب بحياتهم وأسرهم بحثاً عن فرص عمل لائقة وحياة أفضل – كما يعتقد– في دول أخرى، متغافلين عن العواقب الوخيمة المترتبة على ذلك .
وإتساقا مع ما تقدم، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على “الفرق بين الهجرة النظامية وغير النظامية من حيث المفهوم؛ مع رصد لبعض الاحصائيات عن حجم الهجرة النظامية وغير النظامية في مصر، أبعاد مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر وأسبابها، وأخيراً جهود الدولة المصرية في الحد والتعامل مع هذه الظاهرة”.
وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة والتي يمكن وضعها أمام صانع القرار لعلها تقدم حلولاً تتكامل مع رؤية الدولة وخططها في هذا الصدد مايلي:
1- دراسة الطبيعة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لحالات الشباب الذي أقدم على الهجرة غير النظامية بشكل علمي ومفصل لمعرفة دوافعهم، وتقديم الدعم والحلول المناسبة لها عبر مؤسسات الدولة.
2- وضع استراتيجية وقائية وعلاجية لظاهرة الهجرة غير النظامية ترتكز على توفير فرص العمل، وتسهيل الهجرات الشرعية، وتوفير فرص للتدريب لرفع مستوى الكفاءة والأداء المهني للشباب مما يمكنهم من إيجاد فرص للعمل بدول أخرى.
3- العمل على خفض معدلات الفقر والبطالة واعتبار ذلك أولوية قصوى للدولة المصرية، على اعتبار أنها أهم العوامل التي تؤدى لتفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية.
4- زيادة دعم الدولة للأسر والمجتمعات الفقيرة والمهمًشة، خاصة أنهم المصدر الأهم لضحايا الهجرة غير النظامية.
5- وضع خطة إعلامية كبرى للتوعية بمخاطر الهجرة غير النظامية تشارك فيها المؤسسات الدينية بشكل فعًال.
6- زيادة حجم التدابير والمواجهات السياسية والأمنية لشبكات التهريب، وذلك في إطار الجهود الداخلية والإقليمية والدولية لمكافحة جرائم تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
7- زيادة التعاون والتنسيق الدولي فى مجال مواجهة الهجرة غير النظامية، وذلك من خلال إبرام المزيد من الاتفاقيات المعنية والعمل على تفعيلها، فضلاً عن تبادل الدراسات والبيانات عن ظاهرة الهجرة غير النظامية.
8- العمل على عقد المزيد من الاتفاقيات بين الدول المصدٍرة للعمالة، وتلك التي تحتاج لعمالة موسمية بما يحقق أقصى استفادة من ظاهرة الهجرة لكل من الطرفين.
9- زيادة منافذ الهجرة النظامية، والتنسيق بين الجهات الحكومية المعنية للترويج لفرص العمل المتاحة للشباب في الدول التي يرغبون في الهجرة اليها.
10- التوسع في إجراء المزيد من المسوح والدراسات حول احتياجات ومتطلبات أسواق العمل الخارجية، والتركيز على توفير فرص هجرة للراغبين فى ذلك، مع أهمية تسليط الضوء على القوانين الحاكمة لأنظمة الهجرة في الدول الأخرى.
أولاً: الفرق بين الهجرة النظامية وغير النظامية ، من حيث المفهوم …
عرًفت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر “الهجرة الآمنة” أو “الهجرة النظامية” على أنها:(انتقال شخص من مكان إقامته المعتاد إلى مكان إقامة جديد، بما يتماشى مع القوانين واللوائح التي تحكم خروج بلد المنشأ والسفر والعبور والدخول إلى الوجهة أو البلد المضيف).
بينما أشارت اللجنة إلى أن تعريف ” الهجرة غير النظامية ” أو “الهجرة غير الشرعية”:(هو الهجرة خارج المعايير التنظيمية للدولة المرسِلة أو دولة العبور أو الدولة المستقبِلة للمهاجرين. ومن وجهة نظر الدولة المستقبلة، فإنها تتضمن الدخول أو الإقامة أو العمل بصورة غير قانونية في البلاد. أما من وجهة نظر الدولة المرسِلة، فهي تنطوي على مخالفة اللوائح والقوانين في حالات مثل: قيام الشخص بعبور الحدود الدولية دون جواز سفر صالح أو وثائق سفر أو غير مستوفي الشروط الإدارية لمغادرة البلاد. إلا أن المصطلح يرتبط أكثر بحالات تهريب المهاجرين بطريقة غير شرعية/ قانونية).
كذلك تجدر الإشارة الى أنه هناك فروق جوهرية وتشابهات أيضاً بين مصطلح “الهجرة غير الشرعية” أو” تهريب المهاجرين “و”الإتجار بالبشر”؛ فكلاهما تجارة مربحة تشمل البشر وتقوم بها الجماعات المنظمة، ولكن ثمة اختلافات بينهما:
- يمكن الإتجار بالأشخاص داخل البلد (الإتجار الداخلي) أو عبر الحدود (الإتجار الدولي)، في حين أن تهريب المهاجرين يحدث فقط عبر الحدود.
- الإتجار بالأشخاص هو جريمة ضد الإنسانية، في حين أن تهريب المهاجرين هو جريمة ضد الدولة.
- استمرار الاستغلال: العلاقة بين المهاجر المُهرَّب والمهرِّب تنتهي بعد عملية عبور الحدود الدولية. أما في حالة الاتجار بالبشر؛ فإن العلاقة لاتنتهي بين التاجر والشخص الذي يتم الإتجار به ويتم إجبار الضحايا أو خداعهم، حيث تنصب نية التاجر على استغلالهم.
- ونادرًا ما ينطوي الإتجار في الأشخاص على الدفع المسبق، في حين يعد الدفع المسبق أمرًا ضروريًّا في حالة تهريب المهاجرين.
- وعلى الرغم من التمييز الواضح، فمن الممكن أن تتحول قضية تهريب المهاجرين إلى قضية إتجار بالبشر؛ وقد يصبح المهاجرون المهرَّبون الذين يتم استغلالهم في أية مرحلة من مراحل العملية ضحايا للإتجار بالبشر.
ثانياً: إحصائيات وأرقام عن حجم الهجرة النظامية وغير النظامية في مصر:
فيما يتعلق بحجم الهجرة غير النظامية في مصر في إطار المستوى الإقليمي الراهن، فقد أصدرت شبكة “البارومتر العربي” تقريراً حول نوايا ودوافع الهجرة في البلدان العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ أوضحت نتائج المسح المنشورة على موقع الشبكة البحثية إلى أن “ما يقرب من نصف من تم استجوابهم (48%) يريدون مغادرة المملكة المملكة الأردنية الهاشمية في حين جاءت مصر في المرتبة الأدنى من تلك الناحية حيث عبر 13% فقط عن رغبتهم في الهجرة . وأشار المسح أيضاً إلى أنه مثلت الصعوبات الاقتصادية الدافع الأكبر للهجرة في مصر بنسبة 97% ، لكنها لم تمثل ذات النسبة في الأردن فبلغت نحو 93% ، وانخفضت في ليبيا إلى 53%.
كما تحتل مصر المرتبــة الثانيــة مــن حيــث أعــداد المهاجريـن غيـر النظامييـن عبـر الطريـق البحـري مـن البحـر المتوسـط والبـري إلـى أوروبـا، والـذي بلـغ مـا يقـرب مـن 7938 مهاجـراً منـذ ينايـر 2021 وحتـى ديسـمبر من العام نفسه، تتوجـه الغالبيـة العظمـى منهـم إلـى اليونان ومالطا وإيطاليا.
وفيما يتعلق بالهجرة النظامية، فقد شـهدت مصـر خـلال العقديـن الماضييـن ارتفاعـًا ملحوظًـا فـي أعـداد المهاجريـن النظاميين، وتحديـداً منـذ عـام 2005، حيـث زاد إجمالـي أعـداد المهاجريـن مـن 1.3 مليـون فـي 1990 إلـى 1.8 مليـون فـي 2005 ثـم قفـزت إلـى 3.6 ملاييـن فـي 2020 ، أي مـا يمثـل حوالـي 3.5% مـن إجمالـي السـكان. وتعتبـر مصـر مـن أكبـر بلـدان المنشـأ للمهاجريـن، حيـث احتلـت الترتيـب 19 عالميـاً والترتيـب الثانـي عربيـاً (بعـد سـوريا) فـي عـام 2019.
وفيمـا يتعلـق بالـدول المسـتقبلة للعمالـة المصريـة، تشـير إحصـائيات مسـح سـوق العمـل المصـري لعـام 2018 إلـى أن الـدول العربيـة تعتبـر الوجهـة الأولـى للعمالـة المصريـة المهاجـرة، خاصـة فـي كل مـن السـعودية والكويـت والأردن والإمـارات العربيـة المتحــدة، حيــث بلغــت نســبة المهاجريــن المصرييــن إلــى هــذه الــدول لإجمالــي أعــداد المهاجريــن 41.3% و28.7% و10.5% و5.3% علــى الترتيــب. وقد بلغت نسبة تصاريح العمل بالخارج لهذه الدول حوالي 97% من إجمالي تصاريح العمل بالخارج.
تأتـي فـي المرتبـة التاليـة للـدول العربيـة بعـض دول منظمـة التعـاون الإقتصـادي والتنميـة بنسـبة 2.9% ودول الإتحـاد الأوروبـي بنســبة %1.6 مــن إجمالــي العمالــة. وتتركــز الهجــرة إلــى الــدول الأجنبيــة بشــكل رئيســي فــي إيطاليــا بنســبة 37.1% تليهــا الولايـات المتحـدة الأمريكيـة بنسـبة 35.4% ، ثـم كنـدا بنسـبة 19.4% وأخيـراً أسـتراليا بنسـبة 2.9% مـن إجمالـي المهاجريـن الدائميــن للــدول الأجنبيــة.
وتعتبــر الهجــرة لهــذه الــدول هجــرة دائمــة بغــرض الإرتقــاء بالأحــوال المعيشــية والحصــول علــى حقـوق المواطـن الأصلـي بهـذه البلاد، علـى عكـس الهجـرة للـدول العربيـة التـي تأخـذ شـكلاً مؤقتًـا بغـرض الحصـول علـى دخـل مرتفـع، إلا أن المكـوث بهـا لا يضيـف حقوقـاً للمسـافر.
وبوجـهٍ عـام، يتجـه المهاجـرون الأفضـل فـي مسـتوى التعليـم إلـى الـدول الغربيـة بينمـا يذهـب أصحـاب المسـتويات التعليميـة الأقـل إلـى الـدول العربيـة ويمثلـون المصـدر الأكبـر مـن تحويـلات العامليـن بالخـارج.
ويعتبـر البحـث عـن فرصـة عمـل مناسـبة الهـدف المحـوري الـذي يسـعى إليـه جميـع المهاجريـن، سـواء بشـكل نظامي أو خـلاف ذلــك، ففــي ظــل عــدم قــدرة الاقتصــاد علــى خلــق طلــب كاف لإســتيعاب قــوة العمــل مــن ناحيــة، وانخفــاض المهــارات وجــودة التعليـم مـن ناحيـة أخـرى، يلجـأ العديـد مـن الشـباب إلـى مسـارات الهجـرة غيـر النظاميـة بحثـاً عـن فـرص عمـل لائقـة.
ثالثاً: أبعاد مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر:
*نشأة المشكلة : بدأت مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي؛ حيث تدفقت العمالة المصرية إلى دول الخليج بهدف المشاركة في المشروعات الإنشائية الضخمة التي شرعت في بنائها هذه الدول من عوائد النفط ، خاصةً لكون العمالة المصرية منخفضة الأجور في ذلك الوقت مقارنة بمثيلاتها من دول العالم الأخرى، ولكن الأمر تغير مع بداية فترة التسعينيات وانتهاء حرب الخليج الأولى واتجاه دول الخليج إلى استبدال العمالة المصرية بالآسيوية التي أصبحت أفضل في المهارات وأكثر انخفاضاً في الأجور، فضلاً عن اتجاه هذه الدول إلى إحلال العمالة من أبناء الدول نفسها بديلاً عن العمالة الوافدة من الدول الأخرى في الوقت الذي قامت فيه دول الإتحاد الأوروبي بتوقيـع اتفـاق شـنغن عـام 1990 ثـم معاهـدة ماسـتريخت عـام 1992 لضمـان حريـة الانتقال لمواطنـي الإتحـاد الأوروبـي داخـل حـدود أعضائه دون قيـود، وقـد ترتـب علـى ذلـك فـرض قيـود شـديدة علـى انتقـال العمالـة الأجنبيـة إلى داخل الإتحـاد الأوروبـي، وبالتالى ازداد اتجاه الراغبين في الهجرة إلى اللجوء إلى الطرق غير الشرعية وغير القانونية بهدف الإنتقال إلى هذه الدول.
*أكثر المحافظات المصرية المصدرة للمهاجرين غير النظاميين :
أوضحت دراسة بحثية حديثة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بين الشباب المصري الذي يرغب في الهجرة بصورة غير نظامية إلى وجود إحدى عشرة محافظة مصدٍرة للمهاجرين غير النظاميين: الشرقية، الدقهلية، القليوبية، المنوفية، الغربية، البحيرة، كفر الشيخ، الفيوم، أسيوط، الأقصر والمنيا.
*خصائص القرى والمحافظات المصدٍرة للمهاجرين غير النظاميين:
1– تشتهر هذه القرى بالزراعــة والصيــد وصناعــة الســفن فــي الوجــه البحــري، والزراعـة والرعـي والسـياحة والتجـارة المتعلقـة بهـا بالوجـه القبلـي.
2- نقـص دور خدمـات الرعايـة الصحيـة، خاصـة فـي الوجـه البحـري، ونقــص الإمكانــات الماديــة والبشــرية، إلــى جانــب نقــص فــي المــدارس الإعداديــة ونقــص شــديد فــي المــدارس الثانويــة.
3- الطـرق أغلبهـا ترابيـة وشـديدة السـوء فـي الوجـه البحـري، ولكنهـا أفضـل فـي الوجـه القبلـي نتيجـة للأنشـطة السـياحية.
4 – توافــر شــبكة مــن العلاقــات مــن معارف/ أهــل/ أقــارب فــي دولــة المقصــد أو خبــرات ســابقة لهــم فيهــا، بحيــث يتــم الحصــول علــى المعلومـات المتعلقـة بتوافـر فـرص العمـل ومسـتوى الأجـور وظـروف المعيشــة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إيطاليـا تعتبر مـن أهـم بلـدان المقصـد لقربهـا مـن مصـر وتعتمـد أغلــب مســارات الهجــرة علــى البحــر فــي الوجــه البحــري والطــرق البريـة مـن خـلال ليبيـا فـي الوجـه القبلـي.
5- وجــود سماســرة ووكلاء ســفر ومترجميــن ومكاتــب التشــغيل ومصرفييــن أغلبهــم لهــم تجــارب ســابقة فــي الهجــرة.
6- وجود أقران فـي القريـة قامـوا بالهجـرة وظهـرت علامـات الثـراء عليهـم بعـد العـودة، بالإضافـة إلـى وجـود تشـجيع مـن جانـب الأسـر.
*خصائص المهاجرين الديموغرافية :
1- أغلبهم إما أطفال غير مصحوبين بذويهم وأعمارهم تتراوح ما ين 18:9 عاماً أو شباب من 35:18 عاماً وجميعهم من الذكور، أغلبهم متأخر في الزواج ومتسرب من التعليم، كما يعيش أغلبهم في أسر كبيرة العدد.
2- غالبيتهم من العاملين في وظائف غير رسمية أو عاطلين (محبطين /غير راضيين عن فرص العمل المحلية).
3- يتمتع ما يقرب من ثلث الشباب بمهارات منها الكمبيوتر واللغات.
4- تتوافر البنية الأساسية بنسب مختلفة كما أن لديهم سلع معمرة ولكن لا يمتلكون أراض أو عقارات.
*أكثر دول المقصد الأكثر جذباً:
على الرغم من أن الإحصاءات تشير إلى أن بعض المهاجرين المصريين غير النظاميين يتجهون إلى اليونان ومالطا، تظل إيطاليا هي الوجهة المفضلة لمعظم المهاجرين؛ حيـث تـم ترحيـل مـا يقـرب مـن 649 شـاباً فـي 2001، ثـم ازدادوا إلـى 5102 شـاباً فـي 2007، مـن هـذه الـدول عنـد الوصـول.
ويرجع السبب في تفضيل المهاجرين لإيطاليا إلى:
- الوضع الاقتصادي الجيد بإيطاليا بالمقارنة بمالطا واليونان.
- اجتذاب القطاع غير الرسمي الكبير بإيطاليا للعديد من العمال المهاجرين المهرة وغير المهرة الباحثين عن العمل، حيث لا يستلزم الأمر إقامتهم وعملهم بشكل قانوني.
- تشجيع الجاليات المصرية في مدن مثل ميلانو لأفراد عائلاتهم أو أصدقائهم أو معارفهم من نفس القرى، ممن يبحثون عن فرص عمل والمعيشة في إيطاليا، على الهجرة غير الشرعية.
المخاطر المحيطة بالهجرة غير النظامية في إيطاليا:
تعتبر مخاطر الهجرة غير النظامية هي نفسها لكل من البالغين والأطفال وتتمثل في صعوبة الرحلة من بلد منشأهم. ومع ذلك، فإنه غالبًا ما يكون لها أثر سلبي أكثر شدة على الأطفال لأنهم أكثر عرضة للخطر، حيث يكون الأطفال المهاجرون غير المصحوبين عرضة للاستغلال بمجرد وصولهم من مصر لعدد من الأسباب لاسيما إذا كان هربًا من مراكز المهاجرين ومن أبرز هذه المخاطر:
– يكون هؤلاء الأطفال، في كثير من الأحيان، جاهلين بحقوقهم أو بنص القانون الإيطالي على حمايتهم؛ حيث يستقون معلوماتهم من معارفهم فقط وغالبًا ما يضطروا لدفع المال للراشدين من أجل مرافقتهم إلى مواعيد الخدمات الاجتماعية أو ومراكز الشرطة أو المحكمة وقد يحتاجوا أيضا إلى القيام بذلك من أجل الحصول على وصي معين. وفي بعض الأحيان، يتعرض الشباب للاستغلال من قِبل وليّ الأمر الذي يختارونه.
– يعد الأطفال المهاجرون غير المصحوبين هم أيضا عرضة بشكل خاص للاستغلال بسبب تكلفة رحلة الهجرة؛ وهذا يعني أنه من الممكن استغلالهم في ظروف عمل سيئة أو غير إنسانية لتسديد الدين للمهربين.
– يمكن أيضاً أن يتم إجبار هؤلاء الأطفال على أنشطة الإتجار بالبشر الأخرى، بما في ذلك الدعارة وتجارة المخدرات و العمل بالسخرة أو نزع أعضاؤهم قسرًا.
رابعاً: أسباب الهجرة غير النظامية في مصر:
تتعدد وتتشابك أسباب الهجرة غير النظامية في مصر، إلا أنه يمكن إيجازها في النقاط التالية:
أ- أسباب اقتصادية:
-الفقر ونقص الاحتياجات الأساسية.
-الرغبة في تحسين مستوى المعيشة.
-ارتفاع مستوى البطالة أو العمل في ظروف غير مستقرة (القطاع غير الرسمي) وعدم الرضاء عن فرص العمل المحلية المتاحة.
ب- أسباب ثقافية:
-التشجيع من جانب الأسرة والمجتمع في القرى على الهجرة غير النظامية، والنظر إليها على أنها شكل من أشكال الكفاح.
-الموروث الثقافي المتعلق بإنجاب عدد كبير من الأطفال، وما يترتب عليه من نمو في تعداد السكان وحجم قوة العمل مع نقص في المعروض من الوظائف.
ج- أسباب اجتماعية:
-عدم القدرة على تحمل تكاليف الزواج.
– المقارنة بالأقران في القرية ممن استطاعوا الهجرة وظهرت عليهم علامات الثراء بعد العودة.
د- أسباب أخرى:
– ارتفاع تكاليف الهجرة الشرعية/النظامية والقيود عليها في الخارج.
– وجود ظروف محفزة في القرى المصدرة للهجرة ( كشبكة العلاقات والسماسرة، وتوافر معلومات عن دول المقصد، وتجارب سابقة).
خامساً: جهود الدولة المصرية للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية :
قامت الدولة المصرية ببذل جهود كبيرة ومخلصة فى سبيل الحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية على المستوى المحلي والدولي والتي كان من أبرزها:
أ- على المستوى المحلي:
1– إنشـاء اللجنـة الوطنيـة التنسـيقية لمكافحـة الهجـرة غيـر الشـرعية عـام 2014 بموجـب قـرار رئيـس مجلـس الـوزراء رقـم 380 لعام 2014.
2- إنشـاء “اللجنـة الوطنيـة التنسـيقية لمكافحـة ومنـع الهجـرة غير الشـرعية والإتجـار بالبشـر” كإعـادة هيكلـة للجنـة السـابقة، وتتكـون عضويـة اللجنـة مـن 30 وزارة وهيئـة ومركـزاً قوميًـا، مـن بينهـم وزارة الدفـاع ووزارة القـوى العاملـة ووزارة الهجـرة وشـؤون المصرييـن بالخـارج ووزارة الداخليـة والخارجيـة والمركـز القومـي لحقـوق الإنسـان والمركـز القومـي للأمومـة والطفولـة المنـوط بـه التمثيـل القانونـي للأطفـال المهاجريـن غيـر المصحوبيـن والذيـن لـم يُستـدل علـى أسـرهم.
3- إصدار القانـون رقـم 82 لسـنة 2016 وهو أول قانـون يناقـش مكافحـة الهجـرة غيـر النظاميـة، حيـث جـرم القانـون المسـاعدة بـأي شـكل مـن الأشـكال علـى الهجـرة غيـر النظاميـة وتهريـب المهاجريـن ، ووضـع عقوبـة تتمثـل فـي الحبـس أو دفـع غرامـة لا تقـل عـن خمسـين ألـف جنيـه ولا تزيـد عـن خمسـمائة ألـف جنيـه مصـري حسـب شـدة الجـرم. ولـم يحمـل القانـون المهاجريـن غيـر النظامييـن أو ذويهـم أيـة مسـؤولية مدنيـة أو جنائيـة، حيـث اعتبرهـم ضحايـا لجريمـة التهريـب. كمـا تضمـن القانـون إنشـاء “صنـدوق مكافحـة الهجـرة غيـر الشـرعية وحمايـة المهاجريـن والشـهود”، وتكـون لـه شـخصية اعتباريـة عامـة وموازنـة خاصـة بـه لتقديـم الدعـم المالـي لضحايـا الهجـرة غيـر الشـرعية.
5- إطلاق المبــادرة الرئاســية “مراكــب النجــاة” فــي اختتــام منتــدى الشــباب فــي ديســمبر 2019 للتصــدي للهجــرة غيــر النظاميــة، والتــي تــم اعتبارهــا مبــادرة قوميــة وتــم ربطهــا باستراتيجية مصــر 2030 حيــث خصصــت وزارة التخطيـط مبلـغ 250 مليـون جنيـهاً مصـرياً لتفعيـل المبـادرة فـي 70 قريـة فـي المحافظـات الأكثـر تصديـراً للهجـرة غيـر النظاميـة.
ب- على المستوى الدولي:
1- تـم إطـلاق مبـادرة “مـن أجـل إفريقيـا” عـام 2016 بالتعـاون بيـن الإتحـاد الأوروبـي والمنظمـة الدوليـة للهجـرة لتسـهيل الهجـرة الآمنـة والمنظمـة وحمايـة المهاجريـن وتحقيـق إعـادة الإندمـاج لهـم عنـد العـودة، والتـي بـدأت فـي منطقـة السـاحل وحـوض بحيـرة التشـاد فـي منطقـة القـرن الإفريقـي، ثـم شـملت شـمال إفريقيـا، وشـملت المبـادرة مصـر، وليبيـا، والجزائـر، وتونـس، والمغــرب وتهــدف إلــى التعــرف علــى احتياجــات مجتمعــات المهاجريــن المســتضعفين مــن هــذه الــدول وتحســين ظروفهــم وحمايتهـم وضمـان إعادتهـم طوعـاً إلـى بلدانهـم ومسـاعدتهم علـى إعـادة الإندمـاج بهـا.
2- تدشين مشـروع “الهجـرة للتنميـة” والمنفـَذ مـن قبـل الوكالـة الألمانيـة للتعـاون الدولـي نيابـةً عـن وزارة التعـاون الإقتصـادي والتنميـة الألمانيـة بالتعـاون مـع وزارة الهجـرة المصريـة؛ و يهـدف المشـروع إلـى تحسـين ظـروف المعيشـة للعائديـن مـن الهجـرة فـي عـدد مـن الدول ومنهـا مصـر إلـى جانـب العـراق وتونـس والمغـرب وعـدد آخـر مـن الـدول، فضلاً عن تشجيع هجـرة العمالـة المتخصصـة فـي بعـض المجـلات والمهـن التـي يقـع عليهـا الطلـب فـي ألمانيـا. وقـد ترتـب علـى هـذه المبـادرة إنشـاء المركـز المصـري الألمانـي للوظائـف والهجـرة وإعـادة الإدماج.
3- توقيـع بروتوكـول تعـاون بين المنظمـة الدوليـة للهجـرة فـي مصـر ووزارة الدولـة للهجـرة وشـؤون المصرييـن بالخـارج ووكالـة تنميـة المشـروعات متناهيـة الصغـر والصغيـرة والمتوسـطة؛ حيث اسـتهدفت المرحلـة الأولـى مـن المشـروع الحـد من الهجـرة غيـر النظاميـة مـن خلال تبنـي مشـاريع للتنميـة المحليـة وتوفيـر فـرص عمـل، واسـتهدفت المرحلـة الثانيـة منـه تعزيـز مشـاركة المصرييـن بالخـارج فـي التنميـة وتعزيـز التواصـل والإتصـال معهـم، ويتـم أيضـًا التعـاون بيـن مصـر وإيطاليـا علـى وجـهٍ خـاص لعقـد برامـج تدريبيـة للعمالـة المصريـة المهاجـرة إلـى إيطاليـا، وذلـك بهـدف تأهيلهـم للالتحـاق بالمجتمع الايطالى .
……………………………………………….
المراجع ..
1- الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة.
2- الموقع الرسمي للجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر
https://www.nccpimandtip.gov.eg/ar/Home
3- الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات
https://www.sis.gov.eg/?lang=ar
4- تقرير ” نحو تعزيز فرص العمل اللائق فى مصر للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية ” والصادر عن مجلس الوزراء / مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار
https://idsc.gov.eg/Upload/Competition/Attachment_A/ .pdf
5- بحث ” الهجرة غير الشرعية للشباب في المجتمع المصري ” والصادر عن المجلس القومي لحقوق الانسان والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية / الإشراف العام : أ.د نسرين البغدادي / الاشراف التنفيذي: أ.د سميحة نصر
https://www.nccpimandtip.gov.eg/uploads/files/1558866215- .pdf
6- الموقع الرسمي لوزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج