غير مصنف

الاقتصاد المصري: الأزمة وسياسات الإصلاح

مقدمة:

تتميز مصر بتنوع مواردها الاقتصادية؛ إلا أن تلك الموارد تحتاج للإدارة الصحيحة حتى يشعر المواطن بأية تحسنات في المؤشرات الاقتصادية للبلاد. وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة للعديد من الاجراءات لإدخال تعديلات هيكلية على الاقتصاد منذ الثمانينيات، إلا أن البرنامج الراهن والذي أطلقته الحكومة منذ العام 2016 قد واجه عديد من التحديات بدأت بتفشي جائحة كورونا وأعقبها الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة وعدم الاستقرار في المنطقة، لتنعكس كلها على الوضع الحالي للاقتصاد المصري.

إلا أنه من الجدير بالذكر القول بأن الخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية منذ العام 2016 قد ساهمت في تخفيف نتائج تلك الصدمات؛ وتمثلت  تلك الخطوات بشكل أساسي في تعزيز آليات السوق المبنية على قوى العرض والطلب، ومعالجة المشكلات والاختلالات الهيكلية المزمنة، فضلاً عن معالجة السوق الموازية لسعر الصرف وإتاحة سعر صرف مرن وماصاحب ذلك من اصلاحات في السياسة المالية والنقدية، ناهيك عن إصلاح المنظومة الضريبية ومنظومة الدعم، والحد من مشاركة الدولة في الأنشطة التجارية.

وفي هذا السياق؛ يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تتناول بالتحليل الوضع الراهن للاقتصاد المصري وأثر الأزمات المتعاقبة عليه، مع عرض بعض التطورات الايجابية والخطوات المستقبلية المزمع تنفيذها من قبل الحكومة المصرية.

وخرجت الورقة بمجموعة من التوصيات التي يمكن وضعها أمام صانع القرار لتصحيح المسار ومعالجة الإخفاقات الداخلية أهمها:

  • أهمية الاستمرار في تعزيز التنويع الاقتصادي بعيدًا عن القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز نحو القطاعات ذات إمكانات النمو الأعلى، بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة المتجددة، ومن شأن هذه الاستراتيجية تقليل التعرض للصدمات الخارجية وإنشاء مسارات نمو أكثر استدامة.
  • استمرار البنك المركزي المصري في تنفيذ سياساته النقدية الاستباقية لإدارة التضخم بشكل فعال، بجانب تكثيف إصلاحات القطاع المالي لتعزيز مرونة القطاع المصرفي وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية للشركات والأفراد.
  • أهمية التواصل الفعال من البنك المركزي المصري والهيئات الحكومية الأخرى لإدارة التوقعات العامة وثقة الأعمال خلال هذه الفترة الانتقالية.
  • دراسة الأثر التطبيقي لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الهادف لدمج الاقتصاد غير الرسمي، وبما يسهم في زيادة الإيرادات الضريبية.
  • مواصلة الجهود لترشيد الإنفاق الحكومي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتنفيذ آليات أكثر فعالية لتحصيل الضرائب.

أولاً – ماهية برامج الاصلاح الاقتصادي:

عادة مايشير مصطلح الاصلاح الاقتصادي إلى إلغاء القيود التنظيمية أو تقليل التواجد الحكومي في الاقتصاد بهدف محاولة معالجة التشوهات الناجمة عن ذلك، بدلاً من الاستمرار في فرض قيود تنظيمية جديدة أو صياغة برامج حكومية، وعليه فالإصلاح الاقتصادي يتضمن عدد من السياسات الهادفة إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية سواءً تلك الموجودة في القطاعات الفردية أو حتى القطاع العام المملوك للدولة. ومن أمثلة تلك البرامج :البرامج الخاصة الصادرة عن المؤسسات المالية، والخصخصة، والتسويق، والتوطين، والتأميم، وإلغاء القيود التنظيمية.

ومن أشهر أنواع برامج الاصلاح الاقتصادي:

استراتيجية التمكين الاقتصادي والتنمية الوطنية: من خلال تعبئة المواد المالية للدولة والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي وتأسيس حكم ديمقراطي والعمل على تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي.

برنامج الاصلاح الهيكلي: وهو  عبارة عن سياسات اقتصادية تصوغها المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي للدول النامية من خلال تقديم قروض مشروطة لتبني هذه السياسات وهو نظام متبع منذ أوائل الثمانينيات.

* برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري(عرض عام):

الواقع أن الدولة المصرية قد أطلقت عديد من المراحل لبرنامج الاصلاح الاقتصادي والتي بدأت في السبعينيات ولكنها لم تستمر، إلا أن البدء الفعلي في اتخاذ خطوات ملموسة بدأت خلال الفترة من 1986-1988 حيث هدفت إلى تهيئة المجتمع المصري لتقبل سياسة الاصلاح  الاقتصادي؛ وذلك لما لها من آثار إيجابية وأخرى سلبية؛ نظرا لأنها سوف تواجه كثير من العقبات والمشاكل وهو ما أوضحته تجارب بعض الدول، حيث مثلت تلك المرحلة إعداد البنية الأساسية اللازمة للنهوض الاقتصادي، وتوفير المناخ الملائم لتقبل المرحلتين التاليتين وتحقيق المصداقية الدولية.

المرحلة الثانية بدأت في الفترة من 1989-1993 كمرحلة للاستقرار والتثبيت الاقتصادي وتضمنت اتخاذ مجموعة من السياسات النقدية والمالية التي ترسم طريق الإصلاح الاقتصادي لجانب الطلب، كما تشمل القليل من الإصلاحات الهيكلية، كما تضمنت تحرير سعر الفائدة، وتحرير سعر الصرف، ومعالجة عجز الموازنة العامة، وإلغاء الدعم على السلع غير الأساسية، وغيرها من السياسات؛ وكان الهدف من هذه المرحلة هو تكميش الطلب،ً وبالتالي تعتبر تمهيداً للمرحلة الثالثة.

المرحلةالثالثة : مرحلة التصحيح الهيكلي الشامل من 1993 ولم تنتهي حتى اليوم: وتعتبر أطول أمداً من المرحلة الثانية ويشتمل الجزء الأكبر منها علىإصلاحات هيكلية متعلقة بجانب العرض من كما تضمنت عدداً من الإصلاحات المالية والنقدية وتهدف إلى زيادة العرض. كما أن الهدف الأساسي من استخدام مجموعة الأدوات والسياسات النقدية فى برنامج الإصلاح، هو جعل قوى السوق هي المتحكم الأساسي فى توزيع القروض وتعبئة المدخرات وإدارة السياسة النقدية.

وعادةً ماتكون السياسات النقدية المتخذة في البرنامج الاصلاحي انكماشية حيث يحاول البنك المركزي ضبط السيولة المحلية من خلال:( تحرير سعر الفائدة، فرض سقوف إئتمانية،إصدار أذون خزانة، توحيد وتحرير سعر الصرف،الحفاظ على النسبة الآمنة للاحتياطي النقدي والسيولة،الإصلاح المصرفي).

في حين يهدف الاصلاح المالي إلى زيادة الإيرادات العامة وترشيد الإنفاق العام للسيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة وأهم تلك الإجراءات:(الضريبة العامة على المبيعات، ترشيد الدعم، الضريبة الموحدة، تعديل التعريفة الجمركية).

في حين تتضمن الاصلاحات الهيكلية( تحرير الأسعار، تحرير القطاع العام).

برنامج الإصلاح الاقتصادي ورؤية مصر 2030:

منذ العام 2016 أطلقت الحكومة المصرية برنامجاً طموحاً للإصلاح الاقتصادي الهيكلي بتمويل من صندوق النقد الدولي قدرة 12 مليار دولار حصلت على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 2.75 مليار دولار، فى شهر نوفمبر 2016، وتلقت الشريحة الثانية بقيمة 1.25 مليار دولار فى شهر يوليو 2017، وحصلت على الشريحة الـ3 بقيمة 2 مليار دولار فى شهر ديسمبر 2017، وتلقت الشريحة الـ4 بقيمة 2 مليار دولار فى يونيو 2018، وحصلت على الشريحة الـ5 فى شهر فبراير 2019، ومن المتوقع أن تحصل على الشريحة الـ6 والأخيرة في شهر يوليو 2019، وبذلك يكتمل الـ12 مليار دولار قيمة التمويل لمصر حصلت عليه خلال 3 سنوات. يُذكر أن أول قسط من قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 2.75 مليار دولار، للمؤسسة الدولية سوف يبدأ سداده خلال شهر يونيو 2021 وعلى أن يسدد على أقساط متساوية لمدة 5 سنوات ونصف، و تمتد فترة السماح للسداد إلى 4 سنوات ونصف، يعقبها سداد قيمة الشريحة على دفعات نصف سنوية وعلى مدار 5 سنوات ونصف تنتهى فى شهر نوفمبر 2026. ومن المقرر سداد الشريحة الأخيرة بقيمة 2 مليار دولار، التي حصلت عليها مصر في شهر يوليو 2019، في شهر ديسمبر 2023، ويتم السداد على دفعات نصف سنوية قيمة كل دفعة نحو 182 مليون دولار وبالتالي من المقرر أن تنتهي مصر من سداد قيمة الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي بحلول شهر يوليو 2029.

وقد تضمن برنامج الاصلاح الاقتصادي الهيكلي إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة، وتحقيق التنمية الشاملة لمصر حيث وضع هذا البرنامج حلولاً جذرية لمشكلات اقتصادية هيكلية كان يعاني منها الاقتصاد المصري لسنوات طويلة. ويأتي تنفيذ محاور هذا البرنامج في إطار رؤية مصر 2030 والتي تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة لتحقيق مبادئ​ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الدولة المصرية المختلفة، والتي تهدف إلى الارتقاء بجودة وحياة المواطن المصري وتحسين مستوى المعيشة، وترسيخ مبادئ العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة في الحياة السياسة والاجتماعية بجانب تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز الاستثمار في البشر والعمل على بناء قدراتهم الابداعية من خلال المعرفة والابتكار والبحث العلمي في كافة المجالات؛ فضلاً عن تعزيز مفهوم الحوكمة داخل المؤسسات المصرية من خلال نظام الاصلاح الاداري وترسيخ الشفافية ودعم نظم المتابعة والتقييم وتمكين الادارات المحلية؛ وتأتي كل هذه الأهداف في إطار ضمان السلام والأمن المصري وتعزيز الريادة المصري إقليماً ودولياً.

ويقوم البرنامج على مرحلتين:الأولى من العام 2016 حتى إبريل من العام 2021 بحيث تتضمن هذه المرحلة إجراء إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في مؤشرات الاقتصاد الكلي  من خلال: ( تحرير سعر الصرف بهدف القضاء على السوق السوداء وإنهاء حالة الاضطراب في سوق العملة ، إصلاح منظومة العمل من أجل الوصول بمعدلات التضخم لمستويات منخفضة ومستقرة).

ويستهدف الثاني الخاص تنفيذ الاصلاحات الهيكلية في بيئة الاستثمار فيتم ذلك من خلال:( تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي وتهيئة المناخ العام للاستثمار ، تكوين قاعدة إنتاجية كبيرة، زيادة القدرة للقطاعات الصناعية بهدف المنافسة والتصدير، العمل على خفض الواردات وزيادة الصادرات، إصدار القوانين الداعمة لمناخ الاستثمار، إنشاء جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر).

ويستهدف  الهدف الثالث تبني برامج اجتماعية تتميز بالكفاءة لحماية الفقراء ومحدودي الدخل فيتم ذلك عبر           ( تخفيف الأعباء الضريبية على الفئات الأقل دخلاً، توفير فرص  العمل في القطاع الخاص بهدف تحقيق النمو الاحتوائي، زيادة قيمة الدعم النقدي على السلع الغذائية بأكثر من الضعف، التوسع في معاشات التضامنالاجتماعي ورفع المزايا التقاعدية، ، تطبيق برامج موجهة إلى الشباب بالتحديد تشمل إتاحة المزيد من فرص التدريب المهني).

وقد أطلقت الدولة المصرية المرحلة الثانية من برنامج الاصلاح الاقتصادي التي تخص الاصلاحات الهيكلية في إبريل 2021 وتمتد على مدار 3 سنوات كمرحلة لاحقة للمرحلة الأولى التي استهدفت معالجة الاختلالات النقدية والمالية؛ وتهدف الحكومة المصرية خلال المرحلة الثانية إلى تحقيق:( زيادة مرونة الاقتصاد المصري بالاعتماد على القطاعات المختلفة، زيادة قدرة الاقتصاد المصري لامتصاص الصدمات الداخلية والخارجية، تحويل مسار الاقتصاد المصري الى اقتصاد إنتاجي يتمتع بمزايا تنافسية).

شروط صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي :

تتمثل شروط صندوق النقد الدولي فى العناصر التالية:

  • إتباع سياسة مالية تعمل على تخفيض العجز في الموازنة من خلال ضغط الإنفاق العام مع زيادة كفاءته وإلغاء الدعم مع العمل على زيادة الإيرادات عن طريق رفع أسعار منتجات شركات قطاع الأعمال العام والخدمات الحكومية والطاقة وكذلك العمل على زيادة الحصيلة الضريبية.
  • تخفيض سعر صرف العملة المحلية لتكون أكثر واقعية بهدف تشجيع زيادة الصادرات والحد من الواردات.
  • وضع سقوف ائتمانية بهدف التحكم فى المعروض النقدي والحد من الطلب الكلي وكذلك زيادة معدلات الفائدة المحلية لامتصاص السيولة لدى الأفراد.
  • تحرير التجارة الخارجية من القيود الكمية.
  • تحرير الأسعار المحلية حتى يتم تخصيص الموارد على أساس التكلفة الحقيقية لعناصر الإنتاج.
  • تشجيع الاستثمارات الأجنبية من خلال التوسع في الحوافز الضريبية والحماية من المصادرة أو التأميم والسماح بتحويل أرباح الاستثمارات الأجنبية للخارج.
  • صياغة سياسات لسوق العمل لتقييد الأجور الحقيقية وزيادة مرونة الأجور وأسواق العمل.

 

ثانيا-الوضع الراهن للاقتصاد المصري:الأزمات– الفرص – التحديات

الواقع أن الاقتصاد المصري يواجه منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011 أزمات متتالية أثرت على النمو الاقتصادي وعجلة التنمية والاستثمار، ورغم محاولات الحكومة المستمرة للخروج من هذه الأزمات وعبر التعاون مع المؤسسات الاقتصادية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين فضلاً عن الشركاء الدوليين؛ إلا أن التطورات الجيوسياسية المستمرة لازالت تقف عائقاً كبيراً أمام مسيرة الإصلاح الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة 2030.  تلك الأزمات التي زادت وتيرتها مع توقف للأنشطة الاقتصادية ليس فقط على مستوى الدولة المصرية بل أضرت بالعالم بأسره نتيجة قيود الإغلاق للتقليل من آثار جائحة كورونا التي عصفت بالعالم عام 2019 ، متسببة في تراجع النمو العالمي وتوقف سلاسل الإمداد والتوريد فضلاً عن انخفاض الإنتاج الصناعي، ومع البدء في التعافي الاقتصادي مع انتهاء الجائحة أو السيطرة عليها عام 2022، لم يلبث العالم إلا أن استيقظ على الحرب الروسية/ الأوكرانية وماصاحبها من معدلات مرتفعة للتضخم وارتفاع في فاتورة الاستيراد منذ العام 2022 حتى اليوم؛ ليغدو العالم أمام أزمة أخرى بعد السابع من أكتوبر 2023 والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والمستمر حتى اليوم؛ بل والممتد للعديد من دول المنطقة وذلك في أعقاب العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية .

هذه التحديات الجيوسياسية والاقتصادي العالمية أثرت بدورها على الاقتصاد المصري وانعكست في مؤشراته كما يلي:

* تسببت جائحة كورونا في التوقف شبه التام للسياحة الوافدة للبلاد وهو ماأضر بالعملة الصعبة المولدة من هذا القطاع حيث تبلغ نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الاجمالي 12% ويدر مايزيد عن 10 مليار دولار من العملة الصعبة ويقدر عدد العاملين به نحو 10% من إجمالي العمالة لمصرية.

  • تسببت الجائحة في هروب رؤوس أموال قدرت بنحو 15 مليار دولار .
  • تأثرت العديد من القطاعات بالإجراءات الاحترازية وبالاغلاق الجزئي التي فرضت على التجمعات في الأماكن العامة .
  • الواقع أن اتخاذ الحكومة العديد من الخطوات والاجراءات الاستباقية ساهم في احتواء الأزمة والتخفيف من آثارها حيث قدمت الدولة الدعم للقطاعات المتضررة والعاملين بها، وأجلت دفع المستحقات الضريبية فضلاً عن قيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة الأساسية وتسهيل شروط الحصول على الائتمان وتأجيل دفعات الأقساط وغيرها من الاجراءات التي ساهمت في احتواء الأزمة.
  • من الجدير بالذكر أنه خلال الأزمة ارتفعت نسب تحويلات العاملين في الخارج مما ساهم في التقليل من شدة الازمة وتعويض جزء من النقص الذي لحق بالنقد الأجنبي.

 

* تسببت الحرب الروسية /الأوكرانية في الوقف التام لأهم الإمدادات الغذائية من البلدين وتحديداً القمح والزيوت النباتية التي تمثل الواردات منهما نحو 50 و95% من جملة الواردات من السلعتين لتلبية الاحتياجات المحلية على التوالي، حيث تمثل روسيا وأواكرانيا نحو 85% من إجمالي الواردات المصرية من القمح و 73% من الزيوت النباتية ، مما دفع مصر للبحث عن أسواق بديلة وسط ارتفاع أسعار السلعتين عالمياً لنحو 44% للقمح و32% للزيوت النباتية؛  ماأدى لارتفاع فاتورة الدعم الحكومي للسلع الأساسية واضطرت الحكومة إلى تمويل مشترياتها من القمح من خلال الاقتراض الخارجي. وفي ذات الوقت ووسط حالة من عدم اليقين ضربت العالم سحبت من البنوك المصرية مايقارب 20 مليار دولار مما أثر على الاحتياطي الاستراتيجي من العملة الصعبة وأصبح يكفي فقط 3 شهور من الاستيراد مقارنة بنحو 6.8 شهور خلال العام 2022، مما دفع الدول الخليجية لإيداع نحو 13 مليار دولار في البنك المركزي المصري لمواجهة الضغوط على العملة الصعبة ودعم استقرار الجنيه.

* فيما تسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في تراجع إيرادات مصر الناجمة عن إعادة تصدير الغاز الإسرائيلي ، فضلا عن اتجاه الحكومة إلى تخفيض الاستهلاك المحلي للغاز نتيجة وقف اسرائيل الانتاج من حقل تمار، كما تراجعت السياحة الوافدة إلى سيناء، وسط خسائر كبير في عوائد قناة السويس نتيجة لاضطرابات الملاحة في مضيق باب المندب مما تسبب في خسارة القناة نحو 40% من إيراداتها خلال يناير 2024 وهو ماتسبب في المزيد من الاختلالات في الميزان الجاري وميزان المدفوعات.

ومع ذلك فالإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية مكنتها من الصمود أمام هذه التحديات بل وتحقيق معدلات نمو مرتفعة حيث كانت مصر من بين أعلى 25 دولة في العالم تحقيقاً للنمو الاقتصادي بمتوسط بلغ نحو 4.4 % في الوقت الذي حققت فيه دول المنطقة معدلات نمو تراوحت مابين 2.3 و3% كما أن مصر تمكنت من الحفاظ على معدلات نمو ايجابية رغم الانكماش الاقتصادي الذي عصف بدول العالم.

إلا أنه لايمكن النظر لمعدلات النمو المرتفعة على أنه لاتوجد مشكلة، خاصة وأن تلك المعدلات الايجابية لم تنعكس على معيشة المواطن المصري بل بالعكس ورغم كل المشاريع الضخمة والتنموية التي تقوم بها الدولة إلا أن الاقتصاد يعاني من أزمة خانقة تمثلت بالأساس في نقص النقد الأجنبي الأمر الذي أثر بدوره على جوانب الحياة المختلفة للمواطن المصري.

تراجع المعروض من النقد الأجنبي و ارتفاع الدين الخارجي:

الواقع أن أزمة نقص النقد الأجنبي كانت دافعاً لتعرض بعض المشاريع الإنشائية الكبرى للانتقادات؛ فرغم ماشهدته الدولة من نمو قطاع الانشاءات والبنية التحتية اللازمة لجذب الاستثمارات ولدفع عجلة التنمية الاقتصادية إلا أن بعضها كمشروع العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة قد تعرضت لكثير من الانتقادات المتعلقة بمدى جدواها والعائد المرجو منها اقتصادياً واجتماعياً، فضلاً عن التكاليف المالية التي تحملتها خزانة الدولة لإنشائها  خاصة وأن الخلافات الفنية والمالية العديدة بين الحكومة المصرية والصناديق الاستثمارية الإقليمية والعالمية حالت إلى إيلاء المشروع لشركة العاصمة الإدارية الجديدة للتنمية الحضارية لتنفيذ هذه المهمة بملكية 51% للجيش  و 49.5% لوزارة الاسكان،  وبالفعل عمدت الحكومة إلى تلبية الاحتياجات التمويلية الضخمة للمشروع إما من خلال تخصيصات مباشرة من الموازنة العامة وبيع أراضي تملكها الدولة وتقديم ضمانات حكومية مقابل الحصول على القروض التمويلية، لتصل التكلفة التمويلية بداية العام 2021 للعاصمة و20 مدينة أخرى أطلق عليها “المدن الذكية” نحو 44.8 مليار دولار. مع الاشارة إلى أن هذه المشاريع لاتدر عوائد اقتصادية واجتماعية ملموسة بعد انتهاء مرحلة التنفيذ (التي تعتمد على عمالة منخفضة المهارة ذات أجور منخفضة) . وعليه فهناك فئة كبيرة من الخبراء والمحللين يرون أن تلك المشروعات ليست ذات أولوية تنموية وهناك شكوك تتعلق بقدرتها على احتواء الاكتظاظ السكاني وسط ارتفاع أسعار العقارات بها، ويخشى أن تتحول في نهاية المطاف لعاصمة معاصرة للأثرياء وتكون العاصمة القديمة التاريخية للفقراء، وهو مايعني بعد اجتماعي آخر ومشكلة أخرى تكمن في الشعور بعدم المساواة بين أفراد المجتمع .

والواقع أن المشكلة لن تقتصر على مدى الجدوى الاقتصادية لبعض المشاريع بل إن الأزمة أعمق من ذلك بكثير، وهو مايفضي لأهمية تناول أساس الأزمة الاقتصادية الراهنة والمرتبطة بالأساس بعلاقات مصر الاقتصادية والمالية بالعالم الخارجي والتي تعمقت مع حاجة الحكومة المصرية لأدوات تمويل جديدة للمشاريع التنموية العملاقة؛ والتي تسببت في تزايد الانفاق العام الذي لم يقتصر فقط على الانفاق الرأسمالي، وإنما تزامن مع ضخامة الانفاق على مجالات أخرى أهمها التسليح العسكري الذي ارتفع تلبيةً للتهديدات المحيطة بالدولة المصرية في الفترة من 2016-2020 إلى 137% لتكون مصر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم .

هذا التوسع في الانفاق الحكومي تسبب في تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة وارتفاع في معدلات الدين الداخلي والخارجي فخلال السنوات المالية من 2014-2021 ارتفعت نسبة عجز الموازنة العامة للدولة لتسجل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي وارتفعت المديونية العامة للدولة لتصل في عام 2022 نحو 6.5 تريليون جنيه مصري أي مايزيد بأربعة أضعاف عن العام 2014 والذي سجل نحو 1.6  تريليون جنيه في حين ارتفعت المديونية الخارجية لتسجل 165 مليار دولار عام 2022 أي بما يزيد بخمسة أضعاف عن العام 2012 والذي بلغ نحو34 مليار دولار.

والملفت هو قيام الدولة بالاعتماد على التمويل الخارجي وأدوات الدين قصيرة ومتوسطة الأجل لتمويل عجز الموارنة ، فارتفعت قيمة الأولى لتسجل 30.2 مليار دولار عام 2022 بينما ارتفعت القروض المتوسطة لنحو 21.8 مليار دولار عام 2022 .

وهذا يرتبط بوجود أزمة ثقة لدى المستثمرين عن مدى قدرة الحكومة المصرية عن الوفاء بالتزاماتها على المدى الطويل ، فضلاً عن الحاجة العاجلة والملحة للحصول عل العملة الصعبة مما دفع الحكومة للقبول بشروط المقترضين سواءً فيما يتعلق بقصر مدة القروض أو ارتفاع الفائدة عليها. هذه المخاوف لدى المستثمرين انعكست كذلك على أدوات الدين المحلي التي أصبحت تصدر بشكل أكبر أدوات قصيرة الأجل وسط تزايد معدلات التضخم وتدهورسعر الصرف لتستحوذ تلك الأدوات على مانسبته 85% من إجمالي إصدارات الدين المحلي.

الواقع أن أزمة الدين العام تمثل عائقاً لايمكن التغافل عنه للدولة المصرية ولخططها الطموحة في التنمية بل إن تزايد تلك المعدلات تتسبب في تعميق الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة لاستحواذها على نسبة كبيرة من الايرادات العامة للدولة؛ ففي السنة المالية 2023 خصصت 43% من الايرادات العامة لخدمة الدين العام ومن المقرر أن تصل إلى 70% خلال العام 2024 كما أن مصر كانت أمام استحقاقات عاجلة للمقرضين الخارجيين خلال العام 2023 بلغت 31 مليار دولار كخدمة للدين الخارجي.

الواقع أن إقبال مصر الكبير على الاقتراض وبصفة خاصة من الخارج وبالعملة الصعبة هو لتلبية توسع الانفاق الحكومي الاستهلاكي والاستثماري، خاصة وسط ارتفاع فاتورة الاستيراد مما مثًل ضغطًا كبيرًا على الحساب التجاري وميزان المدفوعات، خاصة وأن ميزان الخدمات والمشتمل على تحويلات المصريين العاملين في الخارج وتدفق الاستثمارات الخارجية والسياحة لم تتمكن في التخفيف من عبء تلك الضغوطات، وهو مادفع الحكومة للتوسع في الاقتراض الخارجي أملاً في تحقيق الاستقرار للاحتياطي من النقد الأجنبي.

ارتفاع معدل التضخم:

أدت الأزمات الجيوسياسية والسياسات الحكومية المتخذة لتحرير سعر الصرف لتداعيات غير مواتية على المواطنين الذين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر بينما يقترب الثلث الآخر منه، فشهدت الدولة موجات تضخم كبيرة أضرت بمعيشة المواطنين ، فخلال العشر سنوات الماضية بلغ التضخم ذروته عامي 2017 و2023، وهما العامان الذين تم خلالهما تحرير سعر الصرف وخفض قيمة الجنيه حيث سجلا 29.5% و33.9% على التوالي.

والواقع أنه يمكن تفسير هذه الارتفاعات نتيجة لاختلالات سعر صرف الجنيه مما تسبب في عجز مزمن في الحساب الجاري والالتزامات تجاه الديون الخارجية وبخاصة ذات الأجل القصير مما أثر في أسعار السلع المستوردة والتي تمثل نحو 45% من الحاجات الاستهلاكية للمواطنين، فضلاً عن تأثيرها كذلك على السلع المحلية خاصة وأن الصناعة المصرية تعتمد على نحو 75% من مدخلاتها من الأسواق الخارجية.

هذه الارتفاعات كانت سبباً في تحرك الحكومة لإحتواء الأزمة عبر إقرار حزمة ضخمة من المساعدات الاقتصادية بلغت نحو 180 مليار جنيه تضمنت زيادة رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص بنسبة 50% ليصل الحد الأدنى للأجور لنحو 6000 جنيهاً شهرياً، وزيادة الحد الأدنى للدخل الخاضع للضريبة لنحو 60ألف جنيهاً.

التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري :

الواقع أنه ورغم مايعانيه الاقتصاد المصري من أزمات سبق ذكرها إلا أن تنفيذ الحكومة للعديد من الاصلاحات الهيكلية كانت دافعًا للعديد من مؤسسات التصنيف الدولية لتعديل نظرتها للاقتصاد المصري؛  فقد عدلت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لمصر من «مستقرة» إلى «إيجابية». وأكدت تصنيف مصر عند «-B»، مشيرة إلى انخفاض مخاطر التمويل الخارجي وقوة الاستثمار الأجنبي المباشر.

وعدلت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لمصر إلى «إيجابية» في أوائل مارس، في حين أبقت تصنيفها دون تغيير بسبب ارتفاع نسبة الدين الحكومي وضعف القدرة على تحمل الديون مقارنة بنظيراتها.

-وتأكيداً على ثقة المؤسسات والشركاء الدوليين في الاقتصاد المصري؛وافق صندوق النقد الدولي في مارس 2024، على دعم مالي موسع لمصر بقيمة ثمانية مليارات دولار.

كما  وقع الاتحاد الأوروبي في مارس 2024 اتفاقات مع مصر تبلغ قيمتها 7.4 مليارات يورو على مدى أربعة أعوام في مجالات مختلفة تشمل قروضا ومساعدات واستثمارات في إطار “شراكة استراتيجية شاملة” بين الجانبين.

وفي فبراير 2024 وقّعت مصر عقد تطوير مشروع «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، واستثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تتضمن ضخّ نحو 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للخزانة المصرية خلال شهرين.وبموجب الاتفاق، ضخّ الجانب الإماراتي استثماراً أجنبياً مباشراً لمصر بقيمة 35 مليار دولار خلال شهرين، تم سدادهم على دفعتين؛ الأولى خلال أسبوع، بواقع 15 مليار دولار (تشمل 10 مليارات دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 5 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري).

بينما تتضمن الدفعة الثانية التي تم سدادها بعد شهرين 20 مليار دولار (تشمل 14 مليار دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 6 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري).

هذا وعلى صعيد المؤشرات الاقتصادية، فقد سجلت مصرزيادة معدلات النمو الإقتصادي إلى نحو 6.6% خلال العام المالي 2021/2022 ونحو 5% عام 2022/2023، وزيادة الإستثمارات المحلية والأجنبية حيث بلغ صافي الاستثمارات الأجنبية المتدفقة منذ العام المالي 2016/2017 حتى العام المالي 2021/2022 نحو 45.5 مليار دولار؛وزيادة نسب التشغيل، وتراجع معدلات البطالة حيث انخفضت لنحو 7.4% خلال الربع الثالث من العام 2022 ، وارتفاع صافي الاحتياطي من النقد الأجنبي لنحو 34.2 مليار دولار بنهاية يناير 2023 كما بلغ العجز الكلي في الموازنة العامة للدولة نحو6.1% عام 2021/2022، كما نجحت الدولة في القضاء على السوق الموازية لسعر الصرف مما حد من مشكلة نقص النقد الأجنبي حيث يتحدد سعر الصرف الحالي بناءً على قوى العرض والطلب. كما ساهم تنفيذ محاور هذا البرنامج في تعزيز قدرة الإقتصاد المصري.

*كما شهدت بعض القطاعات تطوراً وانتعاشاً واهتماما كبيراً من جانب الدولة المصرية في إطار خطط برنامج الاصلاح الاقتصادي وماينطوي عليه من استراتيجيات تستهدف تعزيز وتطوير البنية التحتية وتعزيز الموارد المتاحة واكتشاف ماتتمتع به مصر من موارد لم تستغل بعد ومن ذلك:

-انتعاش السياحة بشكل كبير في ضوء ماقامت به الدولة من استثمارات بكثافة في تطوير وتعزيز البنية التحتية للسياحة، وضمان سلامة وأمن السياح، والترويج لمصر كوجهة سفر رئيسية.كما عززت الاكتشافات الأثرية الأخيرة وافتتاح المتحف المصري الكبير جاذبية مصر على خريطة السياحة العالمية.

– حققت مصر تقدماً كبيرًا في مجال الطاقة، وخاصة في تطوير الطاقة المتجددة. حيث تهدف مصر إلى توليد 42 % من كهربائها من مصادر متجددة بحلول عام 2035، مما يقلل من اعتمادها على الوقود الأحفوري ويضع نفسها كقائدة في سوق الطاقة المتجددة. وعلاوة على ذلك، عزز اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط ​​آفاق الطاقة في مصر. وتضمن هذه الاحتياطيات أمن الطاقة وتوفر فرص التصدير.

-كما أدركت الحكومة المصرية الدور الحاسم للتحول الرقمي والابتكار في دفع النمو الاقتصادي،ومن هنا عمدت إلى إطلاق المبادرات مثل: إنشاء الحدائق التكنولوجية والاستثمار في البنية التحتية الرقمية ودعم الشركات الناشئة على تعزيز نظام بيئي تكنولوجي نابض بالحياة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الدفع الرقمي إلى خلق وظائف عالية القيمة وتعزيز الإنتاجية وجذب المستثمرين العاملين في مجال التكنولوجيا.

خطوات الحكومةالمستقبلية:

*يُذكر أن الدولة المصرية تستهدف مستقبلاً وفقاً لتصريحات المسؤولين في الموازنة الجديدة للعام المالي المقبل 2024/ 2025 تسجيل فائض أولي بنسبة 3.5 % وخفض معدل الدين إلى 88.2 % من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل وجود سقف ملزم للدين العام، وصولاً لأقل من 80 % من الناتج المحلي بحلول يونيو 2027.

*كما تخطط الحكومة العمل على تحسين إدارة الدين وتقليل المخاطر المتعلقة بإعادة التمويل من خلال خفض عجز الموازنة، عبر تنمية موارد الدولة مع ترشيد الإنفاق والحفاظ على تحقيق فائض أولي متزايد، وتسجيل معدلات نمو مرتفعة وتوجيه نصف إيرادات برنامج الطروحات، لبدء خفض مديونية الحكومة وأعباء خدمتها، بشكل مباشر، والنزول بمعدلات زيادة مدفوعات الفوائد من خلال اتباع سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق الداخلية والخارجية.

*خفض الاحتياجات التمويلية التي تتكون من العجز، وإطالة عمر الدين بعد تحسن أسعار الفائدة، ووضع سقف للضمانات التي تصدرها وزارة المالية، ومراقبة حجم الضمانات السيادية الصادرة، والضمانات المطلوبة، لما تشكله من التزامات محتملة على الموازنة العامة للدولة، وكذلك العمل على مراجعة كافة الضمانات المطلوبة والتفاوض على شروطها وخفض رصيد الضمانات السيادية للناتج المحلي الإجمالي ابتداءً من العام المالي المقبل؛ على نحو يسهم في تحقيق المستهدفات التنموية.

* تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، فوفقاً لوثيقة ملكية الدولة فمن المقرر أن تتخارج الدولة من 79 نشاطاً على مدار 3 سنوات في إطار خططها لتعزيز دور القطاع الخاص في اقتصاد البلاد عبر عدد من البدائل لتنفيذ سياسية ملكية الدولة المصرية للأصول العامة وتشجيع القطاع الخاص بما يشمل:

-طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة المصرية لتوسيع قاعدة الملكية بشكل كلي أو جزئي.

-عقود الشراكة مع القطاع الخاص من خلال انواع مختلفة :

  • عقود الامتيازات
  • عقود التصميم والبناء والتشغيل.
  • مشروعات البناء والتشغيل والتحويل.
  • مشروعات البناء والتمويل والتشغيل والتحويل.
  • عقود البناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية.
  • عقود البناء والتشغيل والتملك.
  • عقود الأداء.
  • عقود الإدارة.
  • إعادة هيكلة المؤسسات العامة وخصخصتها

 

أهم التوصيات التي خرجت بها ورقة السياسات :

وخرجت الورقة بمجموعة من التوصيات التي يمكن وضعها أمام صانع القرار لتصحيح المسار ومعالجة الإخفاقات الداخلية أهمها:

  • أهمية الاستمرار في تعزيز التنويع الاقتصادي بعيدًا عن القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز نحو القطاعات ذات إمكانات النمو الأعلى، بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة المتجددة، ومن شأن هذه الاستراتيجية تقليل التعرض للصدمات الخارجية وإنشاء مسارات نمو أكثر استدامة.
  • استمرار البنك المركزي المصري في تنفيذ سياساته النقدية الاستباقية لإدارة التضخم بشكل فعال،بجانب تكثيف إصلاحات القطاع المالي لتعزيز مرونة القطاع المصرفي وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية للشركات والأفراد.
  • أهمية التواصل الفعال من البنك المركزي المصري والهيئات الحكومية الأخرى لإدارة التوقعات العامة وثقة الأعمال خلال هذه الفترة الانتقالية.
  • دراسة الأثر التطبيقي لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الهادف لدمج الاقتصاد غير الرسمي، وبما يسهم في زيادة الإيرادات الضريبية.
  • مواصلة الجهود لترشيد الإنفاق الحكومي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتنفيذ آليات أكثر فعالية لتحصيل الضرائب.
  • فض التشابكات المالية بين الوزارات، والتي تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى تريليون جنيه (وهو ضعف العجز الكلي).
  • مراجعة موقف الهيئات الاقتصادية(59 هيئة)، حيث تحصل تلك الهيئات على دعم من الخزانة العامة للدولةبقيمة 355 مليار جنيه، وتؤول منها إلى خزانة الدولة 185 مليار جنيه تقريباً (وفق الموازنة الأخيرة)، وبالتالي من الضروري معرفة أسباب خسائر تلك الهيئات (هل هي أسباب تمويلية أو فنية أو أسباب مرتبطة بنظم الإدارة والهياكل التنظيمية؟).
  • تسريع تنفيذ الخطط الخاصة بوثيقة ملكية الدولة لإدارة تلك الأصول وخصخصة الشركات لتقليل تدخل الدولة في الاقتصاد. مما يساعد على تكافؤ الفرص أمام كيانات القطاع الخاص، بل قد يؤدي أيضًا إلى زيادة الكفاءة والابتكار في هذه القطاعات.
  • أهمية وجود السوق الفاعلة والدور الحيوي للقطاع الخاص مع الرقابة الجيدة والفعالة من جانب أجهزة ومؤسسات الدولة والتي تحقق قدرًا من التوازن بين حرية السوق وقدرة القطاع الخاص على العمل والإنتاج.
  • أهمية الاعتماد على التمويل عن طريق الاستثمار وليس القروض، من خلال العمل على سد العجز في النظام الضريبي والموارد السيادية بما يسمح بتغطية نفقات الدولة ومن ثم تجنب الاقتراض المحلي وما له من أثر تضخمي، وعدم اللجوء للاقتراض الخارجي.
  • ضرورة تعزيز شفافية العمليات والصحة المالية للمؤسسات المملوكة للدولة من خلال إنشاء أطر تنظيمية صارمة تضمن عدم تفضيل الشركات الحكومية على الشركات الخاصة.
  • أهمية إنشاء إطار تنظيمي يدعم العمليات التجارية، ويقلل من العقبات البيروقراطية، ويعزز المنافسة العادلة.
  • تعزيز الأطر القانونية والمؤسسية من خلال تطوير إطار قانوني قوي يحمي الاستثمارات وينفذ العقود. وينطوي ذلك أيضًا على تعزيز قدرة النظام القضائي على التعامل مع النزاعات التجارية بسرعة وشفافية.
  • إجراءإصلاحات تنظيمية من خلال مراجعة اللوائح الخاصة بكل قطاع لإزالة العوائق التي تحول دون دخول الشركات الخاصة وتشغيلها، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية مثل الاتصالات والطاقة والنقل.
  • تطوير القطاع المالي عبر تعزيز قدرة القطاع المالي على دعم الشركات من خلال تعزيز الوصول إلى الائتمان والمنتجات المالية المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
  • الاستثمار في التعليم والتدريب لضمان تلبية القوى العاملة للاحتياجات المتطورة للاقتصاد الحديث. ولا يتضمن ذلك تحسين جودة التعليم فحسب، بل يشمل أيضًا مواءمته بشكل أوثق مع متطلبات السوق.
  • الاستمرار في الاستثمار في البنية التحتية الحيوية التي تدعم العمليات التجارية، مثل شبكات النقل والبنية التحتية الرقمية والمرافق، مما يضمن سهولة الوصول إليها وبأسعار معقولة لجميع الشركات.
  • يجب إنشاء آليات قوية لرصد آثار التغييرات الناجمة عن الاصلاحات المالية والنقدية والتأكد من أن التحول يعزز الاستقرار الاقتصادي دون تفاقم الفقر أو عدم المساواة.

 

 

المراجع:

ECONOMIC REFORM PROGRAMMES

https://fctemis.org/notes/15912_ECONOMIC%20REFORM%20PROGRAMMES.pdf

الهئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، لماذا مصر؟

https://www.investinegypt.gov.eg/Arabic/Pages/whyegypt.aspx#26 +++

الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي

Arab Republic of Egypt and the IMF

 

الإصلاحات الاقتصادية في مصر : نظرة متعمقة على تقرير صندوق النقد الدولي الاخير عن مصر

https://encc-eg.org/pressroom/press.aspx?id=225

الأزمة الاقتصادية في مصر: أزمة الحلقة المفرغة

https://www.dohainstitute.org/ar/Lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/economic-crisis-in-egypt-a-vicious-cycle.pdf

الاقتصاد المصري بدأ استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية

https://aawsat.com/A9

 

وثيقة سياسة ملكية الدولة- جمهورية مصر العربية- رئاسة مجلس الوزراء

https://www.cabinet.gov.eg/conference/pdf/property-policy-document.pdf

مصر تُعلن تفاصيل «صفقة رأس الحكمة» متطلعة لأثر سياسي واقتصادي مستدام

https://aawsat.com/%D8%8A

 

فرص وتحديات.. كيف يخرج الاقتصاد المصري من “عنق الزجاجة”؟

https://www.skynewsarabia.com/business/1618921-

محمود محيي الدين: مصر لديها مقومات الخروج من الأزمة الاقتصادية رغم التحديات الإقليمية والدولية

https://almalnews.com/%1/

Invest in Egypt’s Future: Economic Growth and Strategic Opportunities Await, Hassan Abu Taleb, Sunday 28 Jul 2024

https://english.ahram.org.eg/NewsContentP/4/528010/Opinion/Invest-in-Egypt%E2%80%99s-Future-Economic-Growth-and-Strat.aspx

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى