مصر والبريكس: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الإقليمي
المقدمة
بريكس تكتل اقتصادي يضم بعض الدول التي شهدت تجربة تنموية كبيرة خلال العقود الأخيرة، وتضم بعض الاقتصاديات الأكثر نموًا في العالم، وقد شهدت مجموعة البريكس ( روسيا، البرازيل، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) تطورًا ملحوظًا منذ تأسيسها، وأصبحت كتلة اقتصادية وسياسية تهدف إلى تعزيز التعاون بين الاقتصادات النامية. ومع إنشاء هذا التحالف الاقتصادي، شرعت الدول المؤسسة في تحقيق عدد من الأهداف سواء الاقتصادية أوالسياسية أوالأمنية وذلك لتشجيع التعاون الاقتصادي فيما بينها. وقد كان هدف الدول الأعضاء في المجموعة هو إنشاء نظام اقتصادي عالمي مواز للنظام الغربي تستطيع من خلاله الحد من هيمنة الدولار الأميركي بحلول عام 2050. وبالرغم من ذلك، تعاني هذه المبادرة الطموحة من عدة تحديات من ضمنها، بعض التوترات بين أعضائها والافتقار إلى الهياكل المؤسسية المنفذه لأهدافها. ومع زيادة الطموحات الجيوسياسية والاقتصادية للمجموعة، ظهر اتجاه جديد لاستيعاب أعضاء آخرين، من بينهم مصر ودول أخرى. وفي ظل الرغبة التوسعية للبريكس عبر مشاورات بريكس بلس، كانت مصر حاضرة بقوة كدولة مرشحة للانضمام، حيث يمثل هذا الانضمام نقطة تحول استراتيجي في سياسة مصر الخارجية والتنموية. وذلك بفضل موقعها الجغرافي المتميز الذي يكسبها أهمية كبرى في تعزيز التعاون بين الدول النامية.
وانطلاقًا من أهمية مناقشة دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الاقليمي بالتطبيق على حالة انضمام مصر للبريكس؛ يصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية ”دراية” ، هذه الورقة البحثية التي تتناول بشكل تفصيلي دور الجغرافيا السياسية لمصر في خلق فرص لتعزيز التعاون مع دول البريكس وخدمة مصالح المجموعة إقليميًا ودوليًا.
هذا ويمكن استخلاص عدد من التوصيات التي يمكن من خلالها تحويل الانضمام إلى تحالف البريكس فرصة تاريخية لتعزيز مكانة مصر كدولة محورية في النظام العالمي والتي يمكن إجمالها في الآتي :
• ضرورة أن تتبنى مصر استراتيجيات طويلة الأمد تركز خلالها على تطوير بنيتها التحتية وتعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، وذلك على المستوى الاقتصادي من خلال:
أ. الاستفادة من تجارب الدول الأعضاء في زيادة معدلات التصنيع والانتاج، والاستفادة من المجالات المختلفة التي تدخل ضمن أنشطة البريكس، بدعم من بنك التنمية، لتنفيذ خطة التنمية المستدامة المصرية 2030.
ب. تعزيز التعاون والتكامل الاقليميين عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية مثل الطاقة، والنقل، والمياه، مع امكانية تخفيف الضغط على الاقتصاد المصري وحدة الحاجة إلى النقد الأجنبي، ومعالجة قضايا السيولة، وتوفير السلع الاستراتيجية مثل القمح.
• أما المستوى السياسي، فطالما امتازت السياسة الخارجية المصرية بدعمها لقضايا السلام والاستقرار في المحيطين الإقليمي والدولي، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية، مع الحرص على مبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق الدولية، ودعم دور المنظمات الدولية التي تعمل على تعزيز التضامن بين الدول، وبالتالي يجب أن:
أ. تحافظ مصر على تحقيق التوازن في سياستها الخارجية بحيث تصيغ سياسة خارجية متعددة الأبعاد تسعى إلى تنويع الشركاء دون الدخول في مواجهات مع أي طرف.
ب. تحافظ مصر على علاقاتها مع الغرب، خاصة أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يظلان الشريكين الرئيسيين في مجالات التجارة، الاستثمار، والأمن.
ج. تقديم مصر نفسها كجسر بين الغرب وبريكس، مما يعزز دورها كفاعل دولي في القضايا العالمية.
• وبالتالي يجب أن تعتمد استراتيجية مصر لتعظيم الفوائد وتجنب التحديات على :
أ. إعادة تعريف أولويات التعاون مع الغرب من خلال التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية مع الغرب في القضايا الإقليمية والدولية التي تهم الدولة المصرية ومنها قضايا الأمن الغذائي، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية.
ب. الاستفادة من منصات بريكس لتعزيز الحوار مع الغرب وتقديم رؤى مشتركة بين التحالف والدول الغربية بشأن القضايا الدولية المشتركة، مثل التنمية المستدامة وتمويل البنية التحتية.
ج. الالتزام بالشفافية والتوازن وطمأنة الغرب بأن الانضمام إلى بريكس لا يعني الابتعاد عنه، بل هو بهدف تعزيز السياسة المصرية المتوازنة التي تهدف إلى تحقيق مصالحها الوطنية.
المحور الأول : الأهمية الجيوسياسية لمصر.
1. قناة السويس كممر عالمي للتجارة: قناة السويس هي واحدة من أكثر الممرات المائية أهمية في العالم، حيث تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، مما يجعل مصر لا غنى عنها للتجارة العالمية، ومحورا للتجارة بين أوروبا، آسيا، وإفريقيا، حيث يتدفق حوالي 12٪ من التجارة الدولية عبر القناة، بما في ذلك كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي المسال، وبالتالي تقدم القناة ميزة استراتيجية لدول البريكس من خلال تقليل أوقات الشحن والتكاليف بين آسيا وأوروبا، كما يمكن لدول مثل الصين والهند، المصدرين العالميين الرئيسيين، الاستفادة بشكل كبير من طرق التجارة المبسطة.
2. استراتيجية موقعها على البحر الأحمر: موقع مصر على البحر الأحمر يعطيها دورًا استراتيجيًا في التجارة البحرية، كما أنها قريبة من أسواق الخليج العربي والشرق الأوسط، مما يعزز من أهميتها كشريك في مشاريع البنية التحتية والنقل. ومع اعتبار مصر فاعل رئيسي في الحسابات الاقليمية و الدولية الخاصة بتلك المنطقة، أصبحت جزء أساسي في أي ترتيبات مطروحة من جانب القوى الدولية والاقليمية لتحقيق أمن واستقرار هذا الممر البحري وتنميته، وذلك لعدة أسباب منها؛ أولا، أن هذه المنطقة تحولت إلى قطب جاذب للاستثمارات الدولية الموجهة لتطوير الموانئ البحرية وممرات النقل، والتي من شأنها أن تسهل من حركة التجارة البحرية من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي، ثانيا، صعود مبدأ “السيطرة على البحار البعيدة” على أجندة الدول الكبرى لضمان نموها الاقتصادي، ومن هذه الدول، الصين التي تتبنى استراتيجية “سلسلة اللآلئ” String of Pearls التي تهدف من خلالها إلى تحويل خطوط المواصلات البحرية إلى شبكة من المنشآت والعلاقات العسكرية والأمنية، وذلك لحماية مصادر الطاقة في المحيط الهندي. ووفقا لهذا المبدأ، يتوقع البعض أن تستخدم الصين البنية التحتية للموانئ التجارية كغطاء لبناء مخازن سرية للأسلحة والذخيرة التي يمكن اللجوء إليها لدعم العمليات العسكرية في وقت الحاجة، ويتحقق ذلك من خلال اطلاقها لمشاريع ضخمة في مجالات البنية التحتية وانشاء موانئ جديدة وتطوير الموجود بالاضافة إلى تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر من خلال ربط المناطق التي تسيطر عليها في البحر الأحمر وفي المحيط الهندي ببعضها البعض عن طريق قواتها البحرية. ثالثا، أن البحر الأحمر أصبح ممراً لكابلات الاتصالات والإنترنت، مما أدى إلى أن العديد من القوى الدولية والإقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة الأمريكية، تعمل على الاحتفاظ بوجود لقوتها العسكرية في مناطق عبور الكابلات لتأمينها.
3. مستقبل مصر كمركز إقليمي للطاقة: تعمل مصر على أن تكون مركز إقليمي للطاقة وذلك لتشجيع مشاركة المستثمرين من الخارج ومن القطاع الخاص الداخلي بهدف زيادة التنمية الاقتصادية وتطوير سوق الطاقة وذلك من خلال وضع استراتيجية لتحويلها إلى مركز لتجارة وتداول الطاقة، اعتمادا على موقعها الاستراتيجي والبنية التحتية المؤهلة لذلك، وبالتالي اتخذت مصر عدة خطوات في سبيل ذلك ومنها؛ أصدرت مصر ” قانون تنظيم سوق الغاز ولائحته التنفيذية”، وإنشاء جهاز تنظيم سوق الغاز، وتوقيع مذكرات تفاهم مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بخصوص الغاز والهيدروجين الأخضر، كما تم توقيع اتفاقية بين مصر وقبرص 2019، لإنشاء خط لنقل الغاز بين الدولتين من حقل أفروديت في قبرص إلى مصانع الإسالة في مصر وإعادة تصديره، وما يترتب عن ذلك من تطوير البنية التحتية للموانئ ومعامل التكرير، بجانب الحرص على انشاء سوق اقليمية للغاز بتوقيع لميثاق منتدى غاز شرق المتوسط 2019 مقره في القاهرة، وقد عملت مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال فتح أبوابها أمام الشركات العالمية الكبرى مثل بريتش بتروليوم وشل وايني، بالاضافة إلى امتلاك مصر لمحطتين لتسييل الغاز الطبيعي، في كل من إدكو، ودمياط، أما بالنسبة للطاقة المتجددة، ركزت العدید من السیاسات البیئیة المصریة على قطاعات الطاقة إنتاجا واستهلاكا باعتبارها المصدر الرئیس لانبعاثات غازات الاحتباس الحرارى. إذ تصل نسبة مساهمة الطاقة فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى مصر ٪74.1 لعام 2019، وفى هذا الإطار تهدف استراتیجیة الطاقة المتكاملة المستدامة حتى عام 2035 إلى تنویع مصادر الطاقة والتوسع فى استخدامات الطاقة المتجددة لتصل إلى ٪٤٢ من إجمالى الطاقة المولدة بحلول عام 2042. ولم تكتفي مصر برفع طاقة انتاجها من الغاز والنفط، بل سعت إلى تعزيز قيمتها الاقتصادية من خلال تدشينها ما أطلق عليه “الاستراتيجية المتكاملة للطاقة المستدامة 2035″، والتي تستهدف رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 37.2% في عام 2035، ويتطلب ذلك زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة خلال هذه الفترة من 2.5 مليار دولار أمريكي إلى 6.5 مليار دولار أمريكي سنويا، وقد انعكس ذلك في عدة مشاريع، منها مجمع بنبان للطاقة الشمسية، والمحطة الشمسية بالكريمات، بالاضافة إلى تنفيذ العديد من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر بالشراكة مع أكبر المؤسسات في هذا المجال، وتنفيذ الخطة الوطنية للهيدروجين الأخضر بقيمة حوالي 40 مليار دولارلتصل إلى المستهدف من ذلك وهو الوصول إلى حوالي 8% من السوق العالمية للهيدروجين، وذلك في إطار استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية، خاصة أن مصر استطاعت أن تكون على رأس قائمة الدول العربية في صناعة الهيدروجين الأخضر، كل هذا يعطي مصر ميزة نسبية لاستثمار دول البريكس في مشاريع الطاقة في مصر، حيث تتمتع دول بريكس بطاقة إنتاجية هائلة تشكل نصف الطاقة العالمية تقريبًا، وتغطي مجموعة واسعة من المصادر. ومع ذلك، فإن الاعتماد الكبير لكل دولة على مصدر طاقة محدد يحد من قدرتها على تحقيق الاستدامة، وبالتالي تعمل دول بريكس على التحول الطموح نحو الطاقة المتجددة؛ حيث تفوق مشاريع الرياح والطاقة الشمسية قيد التطوير ضعف مشاريع الوقود التقليدي، هذا التحول يؤكد جدية هذه الدول في الانتقال إلى اقتصاد مستدام وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، من خلال اهتمامها بالاستثمار في الطاقة الشمسية الكهروضوئية؛ حيث تشكل هذه التقنية الجزء الأكبر من مشاريع الطاقة المتجددة قيد التطوير في المجموعة، وعلى الرغم من سيطرة الصين على حصة الأكبرمن هذه المشاريع، إلا أن دولًا أخرى مثل البرازيل ومصر تسهم بشكل كبير في هذا النمو؛ مما يشير إلى أهمية مكانة مصر بالنسبة للبريكس في المنطقة.
4. مكانة مصر لدى إفريقيا: ترتبط مصر ارتباطا وثيقا بالقارة الأفريقية، فموقعها في شمال شرق القارة يجعلها بوابة أفريقيا لآسيا وأوروبا، كما أنها بوابة للنفاذ للسوق الافريقية، حيث وقعت مصر على اتفاقية إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية في أبوجا عام 1991، كما انضمت إلى السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “تجمـع الكوميسـا” عام 1998، وتجمـع الساحل والصحراء عام 2004، بالاضافة إلى عضويتها في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA، فضلا عن مشاركتها في اطلاق مبادرة المشاركة الجديدة لتنمية أفريقيا عام 2001 (نيباد) باعتبار أن تلك التجمعات الاقتصادية والاقليمية الفرعية خطوة ضرورية لإنشاء الجماعة الاقتصادية الافريقية في المستقبل، هذا من شأنه أن يجعل مصر تتمتع بمكانة جيدة لربط دول مجموعة البريكس بـ 1.4 مليار مستهلك في أفريقيا وموارد طبيعية هائلة. فضلا عن تبني مصر مبدأ تعاون الجنوب-جنوب مما جعلها تعمل على انشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية عن طريق الدمج بين كلا من الصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث، والصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقا، وذلك لتعزيز جهود التنمية في القارة الأفريقية من خلال دعم بناء القدرات ونقل المهارات والمعرفة وغيرها من سبل دعم الشراكة المصرية- الأفريقية.
المحور الثاني: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون مع البريكس.
1. التجارة الإقليمية والمناطق اللوجستية: يمكن لمصر أن تصبح مركزًا تجاريًا إقليميًا يخدم دول البريكس. من خلال تطوير المناطق الاقتصادية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تمكنها من استقطاب الصناعات والخدمات اللوجستية من دول البريكس، حيث تتمتع المنطقة الاقتصادية بعدة ميزات:
• القرب من أكبر موانئ البحر الأحمر وهو ميناء السخنة، والذي يشهد أعمال تطوير حتى يكون جاذب للاستثمارات ويسهل عمليات التصدير والاستيراد.
• تعتبر منطقة صناعية، تقدم حوافز للاستثمار كخطوة لخلق الفرص للمستثمرين وتشجيعهم.
• ضمها لعدد من المناطق الصناعية تصل إلى أربع مناطق وعدد ستة موانئ تعمل جميعها على خدمة التجارة لتميز موقعها على البحرين المتوسط والأحمر.
• تمثل مستقبل صناعة الهيدروجين الأخضر في المنطقة، حيث تسيطر على 85% من مشروعات الهيدروجين الأخضر، بسعة تصل إلى 10.7 جيجاوات مما يوفر في المستقبل انتاج يصل إلى حوالي 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر في مصر.
2. التكامل في مشروعات البنية التحتية: هناك فرص للتكامل بين دول البريكس من خلال المشاريع المشتركة ومنها مشروعات مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتي تُعزز من أهمية مصر في ربط الأسواق العالمية، حيث تعد دول شرق إفريقيا مثل مصر وجيبوتي والسودان دولا محورية لطريق الحرير البحري بسبب موقعها الجغرافي، إن مصر بمكانتها وموقعها وبقناة السويس التي تمثل النقطة الرئيسية على طريق الحرير البحري ستكون مركزا رئيسيا في هذا الطريق مما يساهم في زيادة الاستثمار بين مصر والصين والدول التي يمر بها الطريق. أيضا هناك مشروع الربط الكهربائي المشترك بين مصر والسعودية -بالرغم من أن موقف السعودية في بريكس لم يحدد بعد- إلا أن هذا المشروع يهدف لأن يكون محورًا أساسيًا في الربط الكهربائي العربي الذي يهدف لإنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية. وعليه، اتفقت مصر والمملكة العربية السعودية على تنفيذ مشروع للربط الكهربائي بين البلدين لتبادل قدرات كهربائية تبلغ حوالي 3 آلاف ميجاوات، وبتمويل من صناديق ومصارف عربية. ومن ضمن المشاريع المشتركة بين مصر وروسيا، مشروع الضبعة النووية، والذي يعد أكبر مشروع تعاون بين مصر وروسيا، كما أن التصميم الخاص بالمحطة من الجيل الثالث تعد أكثر محطات متقدمة فى العالم تكنولوجيا والأكثر أمانا فى العالم بفضل تكنولوجيا مصيدة قلب المفاعل وغيرها من التفاصيل فى التصميم الروسى للمحطة، ووفقا لإستراتيجية الطاقة في مصر 2035، المعتمدة عام 2016، تستهدف البلاد إدخال الطاقة النووية بنسبة 3% في مصادر الطاقة لعام 2035، إلى جانب 42% من مصادر الطاقة المتجددة (رياح/ شمسية/مائية) مقارنة بـ20% عام 2022.، كما تهدف مصر من هذا المشروع تعميق علاقتها مع روسيا، بهدف تنويع تحالفاتها الخارجية، خاصة أن أعمال المشروع مستمرة بالرغم من طرد روسيا من النظام المالي العالمي “سويفت” بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانيا في فبراير 2022.
3. الشراكة في القضايا الإقليمية: لدول البريكس مواقف مشتركة تجاه العديد من القضايا السياسية الدولية، ومن أهمها قضايا مثل إلارهاب والموقف من الملف النووي الايراني، والعقوبات على روسيا، وبالرغم من أنه تجمع اقتصادي في الأساس إلا أن هناك فرصة لمصر من خلال عضويتها في البريكس، أن تلعب دورًا في تسوية النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط وإفريقيا، مما يعزز من مكانتها كدولة مستقرة ورائدة في المنطقة، خاصة مع اتفاق رؤية دول البريكس لمستقبل النظام الدولي والذي يجب أن تلعب فيه الدول النامية دورا هاما في ظل نظام متعدد الأقطاب.
المحور الثالث: التحديات المحتملة.
1. التفاوت في المصالح بين دول البريكس:
قد تختلف أجندة دول البريكس عن أولويات مصر، مما قد يخلق صعوبات في تحقيق التوازن بين المصالح المشتركة، فهناك حالات من الخلافات والتوترات بين أعضاء مجموعة البريكس، وبريكس بلس، والتي قد تؤدي إلى صعوبة تنسيق المصالح، ما يؤثر على التحالف نفسه ومستقبله.
ومن أخطر هذه الخلافات، والتي سبقت تشكيل مجموعة البريكس الأصلية المكونة من خمسة أعضاء، التوتر بين الهند والصين منذ الحرب الحدودية عام 1962، بشأن حدودهما المشتركة، أيضا الدعم العسكري والاقتصادي الصيني لباكستان (التي لديها أيضًا نزاع حدودي مستمر مع الهند)، والانتشار البحري الصيني في المحيط الهندي، ومما يشير إلى نشوب صراع أوسع، هو نشر خريطة حكومية صينية في أغسطس 2023 تظهر الأراضي التي تسيطر عليها الهند حاليًا – بما في ذلك ولاية أروناتشال براديش بأكملها باعتبارها “جنوب التبت”- وما يجعل هذا الصراع وارد هو امتلاك الصين والهند (وكذلك باكستان) أسلحة نووية، وقد برز انعكاسات ذلك النزاع عندما تخلت الهند عن موقفها التقليدي غير المنحاز وتعاونت مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، وهي الدول التي لديها مخاوف أمنية بشأن الصين، وفي نفس الوقت حرصت على علاقتها مع روسيا حتى تضمن عدم انحياز الأخيرة إلى بكين.
كما أن التوسع الأخير لمجموعة البريكس عكس حالات من التوتر في العلاقات بين أعضائها، وهو توتر العلاقات بين إيران من ناحية والمملكة العربية السعودية حول الزعامة الدينية بين المملكة العربية السعودية السنية، وإيران الشيعية منذ الثورة الإسلامية في عام 1979. هذا بالاضافة إلى الخلاف طويل المدى بين الإمارات العربية المتحدة وإيران بشأن ثلاث جزر في الخليج الفارسي استولى عليها الشاه قبل انسحاب المملكة المتحدة من الإمارات في عام 1971 . بالاضافة إلى الخلاف بين السعودية والإمارات العربية المتحدة من ناحية وإيران من أخرى، ففي اليمن دعمت إيران جماعة الحوثيين، الذين استولوا على معظم الشمال، بينما دعمت المملكة العربية السعودية بشكل أساسي الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ودعمت الإمارات العربية المتحدة الانفصاليين الجنوبيين. كما وجهت كل من الرياض وأبو ظبي الاتهامات لطهران بتزويد الحوثيين بالصواريخ والطائرات بدون طيار التي هاجم بها الحوثيون أهدافا داخل كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ومن العلاقات المتوترة أيضا بين أعضاء التحالف، الخلاف العميق بين مصر وأثيوبيا حول تأثيرسد النهضة الأثيوبي على تقليص حصة مصر السنوية من مياه النيل، وتأثيره على الزراعة والصناعة ومياه الشرب واصرار أثيوبيا على جدول ملئ السد وعدم استجابتها للمفاوضات، حيث شهدت المفاوضات جولات عديدة تحت مظلات مختلفة، مثل الاتحاد الإفريقي، والولايات المتحدة، والبنك الدولي، لكنها لم تسفر عن اتفاق نهائي أو ملزم.، كما تعثرت المحادثات بسبب تباين المواقف بشأن الجدول الزمني لملء السد وآليات تشغيله أثناء فترات الجفاف.
2. الوضع الاقتصادي لمصر:
أثرت الأحداث الدولية الأخيرة على الاقتصاد المصري مما أثر بالسلب على معدل النمو الاقتصادي، واحتياطي النقد الأجنبي، وارتـفـاع في معدالت التضخم الـذي سجل ،%36,5 وانخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار وارتفاع حجم الدين العام، بالاضافة إلى وجود 9 مليون لاجئ ومهاجر على أرضها، وبالتالي يتحتم على الاقتصاد المصري للانضمام إلى بريكس ضرورة أن يكون قادرا على المنافسة والانتاج والتصدير حتى لا يتعرض للمنافسة الحادة أو الاغراق من دول التكتل، وخاصة الصين التي تغزو منتجاتها غالبية أسواق الدول النامية.
ختاما:
يمثل انضمام مصر إلى البريكس فرصة تاريخية لتعزيز مكانتها كدولة محورية في النظام العالمي. يمكن لموقعها الجغرافي المتميز أن يكون بوابة لدول البريكس إلى إفريقيا والشرق الأوسط، مما يعزز من فرص التنمية والاستثمار، خاصة في ضوء العلاقات المصرية المتوازنة مع الدول الأصليين للمجموعة، فمصر تربطها بروسيا علاقات تجارية واستثمارية من خلال الشركات الروسية المستثمرة في مصر ومشاريع الطاقة المشتركة، ومع الصين فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع إلى نحو 16.2 مليار دولار عام 2022، كما كانت مصر نقطة هامة في مبادرة “حزام واحد – طريق واحد” بموقعها الاستراتيجي المتميز، هذا بالاضافة إلى اهتمام مصر بالاستفادة من تجربة الصين التكنولوجية من خلال الاستعانة بالنموذج الصيني في المنطقة التكنولوجية في بكين، لإنشاء قرية تكنولوجية في مصر .
أما الهند، فتعد من الشركاء التجاريين المهمين لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 6 مليار دولار في 2022، كما تعززت العلاقات مع البرازيل مع انضمام مصر إلى تجمع الميركسور 2017، ووصل حجم التجارة البينية بين البلدين الـ 4 مليارات دولار خلال عام 2022، بالاضافة إلى توافق الرؤى المشتركة مع جنوب أفريقيا في العديد من القضايا مثل قضايا التطرف والارهاب، وأهمية تحقيق التنمية في إفريقيا، والتمثيل العادل في مجلس الأمن الدولي.
المراجع:
1- الهيئة العامة للاستعلامات
https://www.sis.gov.eg/Story/271619/%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D9%83%D8%A7%D8%B3%D8%A8-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A9-%D9%86%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3?lang=ar
2- مروة صلاح الدين فهمي، “انعكاسات انضمام مصر إلى التكتلات الاقتصادية على الاقتصاد المصري “البريكس نموذجا”، المجلة العربية للادارة، عدد5، أكتوبر 2024.
3- سميرة ناصري، “مجموعة دول البريكس: بين تحديات النظام متعدد الأقطاب وهدف تعديل الاقتصاد العالمي”، الجزائر، جامعة خنشلة، 2022.
4- ايهاب محمد أبو المجد، “الاقليمية الجديدة واعادة توازنات القوى في النظام الدولي: مجموعة البريكس واعادة الصياغة الجيواستراتيجية”، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد20، أكتوبر 2023.
5- أحمد سلطان، من التعامل الثنائي إلى التكامل الاقليمي، المركز المصري للفكر، https://ecss.com.eg/47530/
6- آمنة خالد، “مصر وبريكس فرص واعدة وطموح حذر”، مركز الأهرام للدراسات السياسية.
https://acpss.ahram.org.eg/News/21112.aspx