الرئيس والحق فى الحياة الحلوة
بقلم / د صلاح هاشم
تعتبر ثورة 30 يونيو النقطة الفارقة فى تاريخ مصر الحديث.. حيث استطاعت الدولة المصرية بكافة قطاعاتها إعادة انتاج مفهوم الدولة التنموية.. التى تحمل على عاتقها مسئولية تحقيق التنمية الشاملة التى تعتمد بشكل أساسي على المنهج الحقوقي فى التنمية.. وأسفرت هذه الاستراتيجية عن مبادرة رئاسية فريدة تستهدف استعادة الحياة للريف المصري.. وتهتم بالبناء والإنسان فى ذات الوقت..
ومن ثم فتعتبر المبادرة الرئاسية حياة كريمة إحدى أهم المبادرات القومية التي شهدها المجتمع المصرى برعاية رئاسية مباشرة على مدار تاريخه الطويل.. ليست ذلك فحسب بل على مستوى العالم سواء من حيث حجم الأعداد المستهدف والتي يتجاوز عددها 58 مليون مواطن أي حوالى 56 % من سكان مصر بإجمالي قرى مستهدفة تصل إلى 4584 قرية.. أو من حيث المجالات أو القطاعات التي تشملها أنشطة المبادرة.. أو سواء من حيث عدد الشراكات وآليات التكامل والتنسيق بينهم بما يخدم أهداف المبادرة.. أو من حيث حجم المخصصات المالية للمبادرة، والتي تتجاوز 700 مليار جنيه.. الأمر الذى جعل هيئة الأمم المتحدة تضعها ضمن أهم مشروعاتها الدولية .. والذى يؤهل المبادرة لدخول موسوعة جينس العالمية كأكبر مبادرة تنموية في العالم..
حياة كريمة
حيث تستهدف المبادرة بشكل أساسي استنهاض عملية التنمية فى المجتمعات الريفية، التى تم تجاهلها عبر سنوات طويلة؛ وتسببت فى طرح عديد من المشكلات أهمها زيادة معدلات الفقر الريفي والهجرة الداخلية والهجرة غير الشرعية.. وكان لهذه المشكلات أثر بالغ فى ارتفاع معدلات التجمعات العشوائية فى ضواحي المدن والعواصم الحضرية على وجه الخصوص.
ولا يمكن بحالٍ فصل المبادرة الرئاسية حياة كريمة عن مثيلاتها من المبادرات القومية كالمبادرة القومية سكن لكل مصري أو المبادرة القومية لتطوير عواصم المحافظات.. وغيرها من المبادرات والبرامج والمشروعات التي تعبر بحق عن إرادة الدولة فى تحقيق التقارب الحضاري بين أقاليمها الجغرافية وتسد الفجوات النوعية بين سكانها جميعا.. وتؤكد فى نفس الوقت على أن ما تقدمه الدولة من برامج للتنمية والتطوير ليس إحسانا منها على الشعب وإنما حق تقاعست الحكومات المتعاقبة على مر التاريخ في آداءه لأصحابه.. وكذلك تعبر تلك المبادرات في مجملها عن ملامح الجمهورية الجديدة التى دشنها الرئيس عبد الفتاح السيسي والتي تقوم على الرقمنة والتقارب الحضاري والتوازن في التنمية مع الحفاظ على الهوية المصرية التي تقف صلبة أمام كل عواصف التشويه والتغيير..
وتنطلق المبادرة الرئاسية حياة كريمة من المنهج الحقوقي للتنمية والذى يستهدف تحقيق التوازن فى معدلات التنمية بين أقاليم الدولة المختلفة. ويحد من الفجوة الحضارية والتنموية بين الريف والحضر بوجه عام، وبين محافظات الصعيد والوجه البحري بشكل خاص؛ بما يحقق فى النهاية العدالة الاجتماعية التى تستهدفها كافة المشروعات القومية للدولة ورؤية مصر للتنمية المستدامة 2030.. من خلال التوزيع العادل لعوائد التنمية.
وانطلقت مبادرة حياة كريمة بتوجيه مباشر ورعاية خاصة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية فى يناير 2019.. واستهدفت فى مرحلتها الأولى 370 قرية مصرية بتكلفة اجمالية تجاوزت الـ 20 مليار جنيه.. أما المرحلة الثانية فقد استهدفت 51 مركزا ريفيا بإجمالي 1381 قرية وبإجمالي مخصصات مالية تجاوزت 515 مليار جنيه..
تكريم المواطن المصرى
ويتم تنفيذ المبادرة عبر ثلاثة مراحل أساسية الأولى هى مرحلة استنهاض عمليات التنمية بالريف المصرى والتى تبدأ من يناير 2021 وتنهى فى العام المالى 23/24.. ثم مرحلة الانطلاق وتبدأ من 23/24 وتنهى فى 2027.. وأخيرا مرحلة استدامة برامج التنمية فى الريف المصري والتى تنتهى فى 2030.. لتستكمل عملية التنمية والبناء فى الريف المصرى.
وتعمل المبادرة من خلال محوريين أساسيين. الأول يتعلق بتطوير البنية التحية والمرافق العامة فى الريف المصري، من خلال استكمال شبكات الصرف الصحي والكهرباء ومياه الشرب والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى رصف الطرق والشوارع الرئيسة بالريف.. أما المحور الثانى فيتعلق بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية من خلال تنفيذ حزمة من البرامج الخاصة بالتمكين الاقتصاد وتحسين مصادر الدخل ورفع مستوى معيشة المواطنين، مع العمل على تحسين الخدمات الصحية والتعليمية والخدمية بوجه عام ورفع وعى المواطنين بعديد من القضايا الاجتماعية المتعلقة بالحد من الزيادة السكانية والأمية والتسرب من التعليم و كذلك الحد من تعاطى المخدرات.. وغيرها من القضايا المتعلقة بالريف المصري.. وتعتمد المبادرة بشكل عام على التكامل والتنسيق بين كافة اجهزة الدولة من الوزارات ومنظمات المجتمع المدنى والمسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص.
فمنذ اللحظة الأولى لإطلاق المبادرة دارت عجلة الأداء الحكومى مستهدفة تنفيذ ما دعا إليه السيد الرئيس.. فمبادرة حياة كريمة هى مبادرة متعددة فى أركانها ومتكاملة فى ملامحها، تنبع من مسئولية حضارية وبعد إنساني قبل أى شىء آخر، فهى أبعد من كونها مبادرة تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة والحياة اليومية للمواطن المصرى، وإنما تستهدف التدخل الآني والعاجل لتكريم الإنسان المصرى، وحفظ كرامته وحقه فى العيش الكريم، ذلك المواطن الذى تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى، والذى كان خير مساند للدولة فى معركتها نحو البناء والتنمية، فالمواطن المصرى هو البطل الحقيقي الذى تحمل كافة الظروف والمراحل الصعبة فى استعادة الدولة لوجهها الحضاري بكل تجرد وإخلاص وحب.