أوراق بحثية Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/الإصدارات/أوراق-بحثية/ Egypt Sat, 31 Aug 2024 18:19:27 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.5 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 أوراق بحثية Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/الإصدارات/أوراق-بحثية/ 32 32 205381278 الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول https://draya-eg.org/2024/08/31/%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%ac%d8%b1%d8%a9-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%a8%d8%b9%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84%d9%88%d9%84/ Sat, 31 Aug 2024 17:53:02 +0000 https://draya-eg.org/?p=8152 لا شك في أن تحويلات المصريين في الخارج تشكل جزءاً هاماً في اقتصاد الدولة المصرية ومصدراً داعماً للعملات الأجنبية، حيث تشير البيانات إلى أن مصـر تعد مـن أكبـر الـدول المسـتقبلة للتحويـلات علـى مسـتوى العالـم “المركـز الخامــس عالميــاً” بقيمــة 28.92 مليــار دولار عــام 2018، وبلغــت نســبة تحويلات المصريين بالخارج من إجمالي مصادر النقد الأجنبي بمصر خلال …

The post الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لا شك في أن تحويلات المصريين في الخارج تشكل جزءاً هاماً في اقتصاد الدولة المصرية ومصدراً داعماً للعملات الأجنبية، حيث تشير البيانات إلى أن مصـر تعد مـن أكبـر الـدول المسـتقبلة للتحويـلات علـى مسـتوى العالـم “المركـز الخامــس عالميــاً” بقيمــة 28.92 مليــار دولار عــام 2018، وبلغــت نســبة تحويلات المصريين بالخارج من إجمالي مصادر النقد الأجنبي بمصر خلال عام 2022 / 2023 حوالي 23.5%، لتكون بذلك المصدر الثاني  للنقد الأجنبي، الأمر الذي يساهم بدوره في دعم قدرة الدولة على توفير احتياجاتها الأساسية وزيادة قدرتها على استيراد السلع وتلبية احتياجات المواطنين.

ولذلك تعد الهجرة النظامية أو “الهجرة الشرعية” جزءاً أصيلاً من قوة الاقتصاد الوطني لأي دولة ومصدراً هاماً للدخل القومي، كما تساهم بدورها في تحقيق أهداف التنمية. ولكن التحدي الحقيقي الذى يواجه الحكومات هو”الهجرة غير النظامية ” أو ما يعرف بـ “الهجرة غير الشرعية ” والتي يشكل البحث عن عمل لائق أهم دوافعها الأساسية، حيث يخاطر الشباب بحياتهم وأسرهم بحثاً عن فرص عمل لائقة وحياة أفضل – كما يعتقد– في دول أخرى، متغافلين عن العواقب الوخيمة المترتبة على ذلك .

وإتساقا مع ما تقدم،  يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على “الفرق بين الهجرة النظامية وغير النظامية من حيث المفهوم؛ مع رصد لبعض الاحصائيات عن حجم الهجرة النظامية وغير النظامية في مصر، أبعاد مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر وأسبابها، وأخيراً جهود الدولة المصرية في الحد والتعامل مع هذه الظاهرة”.

وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة والتي يمكن وضعها أمام صانع القرار لعلها تقدم حلولاً تتكامل مع رؤية الدولة وخططها في هذا الصدد مايلي:

1- دراسة الطبيعة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لحالات الشباب الذي أقدم على الهجرة غير النظامية  بشكل علمي ومفصل لمعرفة دوافعهم، وتقديم الدعم والحلول المناسبة لها عبر مؤسسات الدولة.

2- وضع استراتيجية وقائية وعلاجية لظاهرة الهجرة غير النظامية ترتكز على توفير فرص العمل، وتسهيل الهجرات الشرعية، وتوفير فرص للتدريب لرفع مستوى الكفاءة والأداء المهني للشباب مما يمكنهم من إيجاد فرص للعمل بدول أخرى.

3- العمل على خفض معدلات الفقر والبطالة واعتبار ذلك أولوية قصوى للدولة المصرية، على اعتبار أنها أهم العوامل التي تؤدى لتفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية.

4- زيادة دعم الدولة للأسر والمجتمعات الفقيرة والمهمًشة، خاصة أنهم المصدر الأهم لضحايا الهجرة غير النظامية.

5- وضع خطة إعلامية كبرى للتوعية بمخاطر الهجرة غير النظامية تشارك فيها المؤسسات الدينية بشكل فعًال.

6- زيادة حجم التدابير والمواجهات السياسية والأمنية لشبكات التهريب، وذلك في إطار الجهود الداخلية والإقليمية والدولية لمكافحة جرائم تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.

7- زيادة التعاون والتنسيق الدولي فى مجال مواجهة الهجرة غير النظامية، وذلك من خلال إبرام المزيد من الاتفاقيات المعنية والعمل على تفعيلها، فضلاً عن تبادل الدراسات والبيانات عن ظاهرة الهجرة غير النظامية.

8- العمل على عقد المزيد من الاتفاقيات بين الدول المصدٍرة للعمالة، وتلك التي تحتاج لعمالة موسمية بما يحقق أقصى استفادة من ظاهرة الهجرة لكل من الطرفين.

9- زيادة منافذ الهجرة النظامية، والتنسيق بين الجهات الحكومية المعنية للترويج لفرص العمل المتاحة للشباب في الدول التي يرغبون في الهجرة اليها.

10- التوسع في إجراء المزيد من المسوح والدراسات حول احتياجات ومتطلبات أسواق العمل الخارجية، والتركيز على توفير فرص هجرة للراغبين فى ذلك، مع أهمية تسليط الضوء على القوانين الحاكمة لأنظمة الهجرة في الدول الأخرى.

 

أولاً: الفرق بين الهجرة النظامية وغير النظامية ، من حيث المفهوم …

عرًفت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر “الهجرة الآمنة” أو “الهجرة النظامية” على أنها:(انتقال شخص من مكان إقامته المعتاد إلى مكان إقامة جديد، بما يتماشى مع القوانين واللوائح التي تحكم خروج بلد المنشأ والسفر والعبور والدخول إلى الوجهة أو البلد المضيف).

بينما أشارت اللجنة إلى أن تعريف ” الهجرة غير النظامية ” أو “الهجرة غير الشرعية”:(هو الهجرة خارج المعايير التنظيمية للدولة المرسِلة أو دولة العبور أو الدولة المستقبِلة للمهاجرين. ومن وجهة نظر الدولة المستقبلة، فإنها تتضمن الدخول أو الإقامة أو العمل بصورة غير قانونية في البلاد. أما من وجهة نظر الدولة المرسِلة، فهي تنطوي على مخالفة اللوائح والقوانين في حالات مثل: قيام الشخص بعبور الحدود الدولية دون جواز سفر صالح أو وثائق سفر أو غير مستوفي الشروط الإدارية لمغادرة البلاد. إلا أن المصطلح يرتبط أكثر بحالات تهريب المهاجرين بطريقة غير شرعية/ قانونية).

كذلك تجدر الإشارة الى أنه هناك فروق جوهرية وتشابهات أيضاً بين مصطلح “الهجرة غير الشرعية”                أو” تهريب المهاجرين “و”الإتجار بالبشر”؛ فكلاهما تجارة مربحة تشمل البشر وتقوم بها الجماعات المنظمة، ولكن ثمة اختلافات بينهما:

  • يمكن الإتجار بالأشخاص داخل البلد (الإتجار الداخلي) أو عبر الحدود (الإتجار الدولي)، في حين أن تهريب المهاجرين يحدث فقط عبر الحدود.
  • الإتجار بالأشخاص هو جريمة ضد الإنسانية، في حين أن تهريب المهاجرين هو جريمة ضد الدولة.
  • استمرار الاستغلال: العلاقة بين المهاجر المُهرَّب والمهرِّب تنتهي بعد عملية عبور الحدود الدولية. أما في حالة الاتجار بالبشر؛ فإن العلاقة لاتنتهي بين التاجر والشخص الذي يتم الإتجار به ويتم إجبار الضحايا أو خداعهم، حيث تنصب نية التاجر على استغلالهم.
  • ونادرًا ما ينطوي الإتجار في الأشخاص على الدفع المسبق، في حين يعد الدفع المسبق أمرًا ضروريًّا في حالة تهريب المهاجرين.
  • وعلى الرغم من التمييز الواضح، فمن الممكن أن تتحول قضية تهريب المهاجرين إلى قضية إتجار بالبشر؛ وقد يصبح المهاجرون المهرَّبون الذين يتم استغلالهم في أية مرحلة من مراحل العملية ضحايا للإتجار بالبشر.

ثانياً: إحصائيات وأرقام عن حجم الهجرة النظامية وغير النظامية في مصر:

فيما يتعلق بحجم الهجرة غير النظامية في مصر في إطار المستوى الإقليمي الراهن، فقد أصدرت شبكة “البارومتر العربي” تقريراً حول نوايا ودوافع الهجرة في البلدان العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ أوضحت نتائج المسح المنشورة على موقع الشبكة البحثية إلى أن “ما يقرب من نصف من تم استجوابهم (48%) يريدون مغادرة المملكة المملكة الأردنية الهاشمية في حين جاءت مصر في المرتبة الأدنى من تلك الناحية حيث عبر 13% فقط عن رغبتهم في الهجرة . وأشار المسح أيضاً إلى أنه مثلت الصعوبات الاقتصادية الدافع الأكبر للهجرة في مصر بنسبة 97% ، لكنها لم تمثل ذات النسبة في الأردن فبلغت نحو 93% ، وانخفضت في ليبيا إلى 53%.

كما تحتل مصر المرتبــة الثانيــة مــن حيــث أعــداد المهاجريـن غيـر النظامييـن عبـر الطريـق البحـري مـن البحـر المتوسـط والبـري إلـى أوروبـا، والـذي بلـغ مـا يقـرب مـن 7938 مهاجـراً منـذ ينايـر 2021 وحتـى ديسـمبر من العام نفسه،  تتوجـه الغالبيـة العظمـى منهـم إلـى اليونان ومالطا وإيطاليا.

وفيما يتعلق بالهجرة النظامية، فقد شـهدت مصـر خـلال العقديـن الماضييـن ارتفاعـًا ملحوظًـا فـي أعـداد المهاجريـن النظاميين، وتحديـداً منـذ عـام 2005، حيـث زاد إجمالـي أعـداد المهاجريـن مـن 1.3 مليـون فـي 1990 إلـى 1.8 مليـون فـي 2005 ثـم قفـزت إلـى 3.6 ملاييـن فـي 2020 ، أي مـا يمثـل حوالـي 3.5% مـن إجمالـي السـكان. وتعتبـر مصـر مـن أكبـر بلـدان المنشـأ للمهاجريـن، حيـث احتلـت الترتيـب 19 عالميـاً والترتيـب الثانـي عربيـاً (بعـد سـوريا) فـي عـام 2019.

وفيمـا يتعلـق بالـدول المسـتقبلة للعمالـة المصريـة، تشـير إحصـائيات مسـح سـوق العمـل المصـري لعـام 2018 إلـى أن الـدول العربيـة تعتبـر الوجهـة الأولـى للعمالـة المصريـة المهاجـرة، خاصـة فـي كل مـن السـعودية والكويـت والأردن والإمـارات العربيـة المتحــدة، حيــث بلغــت نســبة المهاجريــن المصرييــن إلــى هــذه الــدول لإجمالــي أعــداد المهاجريــن 41.3% و28.7% و10.5% و5.3% علــى الترتيــب. وقد بلغت نسبة تصاريح العمل بالخارج لهذه الدول حوالي 97% من إجمالي تصاريح العمل بالخارج.

تأتـي فـي المرتبـة التاليـة للـدول العربيـة بعـض دول منظمـة التعـاون الإقتصـادي والتنميـة بنسـبة 2.9% ودول الإتحـاد الأوروبـي بنســبة %1.6 مــن إجمالــي العمالــة. وتتركــز الهجــرة إلــى الــدول الأجنبيــة بشــكل رئيســي فــي إيطاليــا بنســبة 37.1% تليهــا الولايـات المتحـدة الأمريكيـة بنسـبة 35.4% ، ثـم كنـدا بنسـبة 19.4% وأخيـراً أسـتراليا بنسـبة  2.9% مـن إجمالـي المهاجريـن الدائميــن للــدول الأجنبيــة.

وتعتبــر الهجــرة لهــذه الــدول هجــرة دائمــة بغــرض الإرتقــاء بالأحــوال المعيشــية والحصــول علــى حقـوق المواطـن الأصلـي بهـذه البلاد، علـى عكـس الهجـرة للـدول العربيـة التـي تأخـذ شـكلاً مؤقتًـا بغـرض الحصـول علـى دخـل مرتفـع، إلا أن المكـوث بهـا لا يضيـف حقوقـاً للمسـافر.

وبوجـهٍ عـام، يتجـه المهاجـرون الأفضـل فـي مسـتوى التعليـم إلـى الـدول الغربيـة بينمـا يذهـب أصحـاب المسـتويات التعليميـة الأقـل إلـى الـدول العربيـة ويمثلـون المصـدر الأكبـر مـن تحويـلات العامليـن بالخـارج.

ويعتبـر البحـث عـن فرصـة عمـل مناسـبة الهـدف  المحـوري الـذي يسـعى إليـه جميـع المهاجريـن، سـواء بشـكل نظامي أو خـلاف ذلــك، ففــي ظــل عــدم قــدرة الاقتصــاد علــى خلــق طلــب كاف لإســتيعاب قــوة العمــل مــن ناحيــة، وانخفــاض المهــارات وجــودة التعليـم مـن ناحيـة أخـرى، يلجـأ العديـد مـن الشـباب إلـى مسـارات الهجـرة غيـر النظاميـة بحثـاً عـن فـرص عمـل لائقـة.

ثالثاً: أبعاد مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر:

*نشأة المشكلة : بدأت مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي؛ حيث تدفقت العمالة المصرية إلى دول الخليج بهدف المشاركة في المشروعات الإنشائية الضخمة التي شرعت في بنائها هذه الدول من عوائد النفط ، خاصةً لكون العمالة المصرية منخفضة الأجور في ذلك الوقت مقارنة بمثيلاتها من دول العالم الأخرى، ولكن الأمر تغير مع بداية فترة التسعينيات وانتهاء حرب الخليج الأولى واتجاه دول الخليج إلى استبدال العمالة المصرية بالآسيوية التي أصبحت أفضل في المهارات وأكثر انخفاضاً في الأجور، فضلاً عن اتجاه هذه الدول إلى إحلال العمالة من أبناء الدول نفسها بديلاً عن العمالة الوافدة من الدول الأخرى في الوقت الذي قامت فيه دول الإتحاد الأوروبي بتوقيـع اتفـاق شـنغن عـام 1990 ثـم معاهـدة ماسـتريخت عـام 1992 لضمـان حريـة الانتقال لمواطنـي الإتحـاد الأوروبـي داخـل حـدود أعضائه دون قيـود، وقـد ترتـب علـى ذلـك فـرض قيـود شـديدة علـى انتقـال العمالـة الأجنبيـة إلى داخل الإتحـاد الأوروبـي، وبالتالى ازداد اتجاه الراغبين في الهجرة إلى اللجوء إلى الطرق غير الشرعية وغير القانونية بهدف الإنتقال إلى هذه الدول.

*أكثر المحافظات المصرية المصدرة للمهاجرين غير النظاميين :

أوضحت دراسة بحثية حديثة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بين الشباب المصري الذي يرغب في الهجرة بصورة غير نظامية إلى وجود إحدى عشرة محافظة مصدٍرة للمهاجرين غير النظاميين: الشرقية، الدقهلية، القليوبية، المنوفية، الغربية، البحيرة، كفر الشيخ، الفيوم، أسيوط، الأقصر والمنيا.

*خصائص القرى والمحافظات المصدٍرة للمهاجرين غير النظاميين:

1تشتهر هذه القرى بالزراعــة والصيــد وصناعــة الســفن فــي الوجــه البحــري، والزراعـة والرعـي والسـياحة والتجـارة المتعلقـة بهـا بالوجـه القبلـي.

2- نقـص دور خدمـات الرعايـة الصحيـة، خاصـة فـي الوجـه البحـري، ونقــص الإمكانــات الماديــة والبشــرية، إلــى جانــب نقــص فــي المــدارس الإعداديــة ونقــص شــديد فــي المــدارس الثانويــة.

3- الطـرق أغلبهـا ترابيـة وشـديدة السـوء فـي الوجـه البحـري، ولكنهـا أفضـل فـي الوجـه القبلـي نتيجـة للأنشـطة السـياحية.

4 – توافــر شــبكة مــن العلاقــات مــن معارف/ أهــل/ أقــارب فــي دولــة المقصــد أو خبــرات ســابقة لهــم فيهــا، بحيــث يتــم الحصــول علــى المعلومـات المتعلقـة بتوافـر فـرص العمـل ومسـتوى الأجـور وظـروف المعيشــة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إيطاليـا تعتبر مـن أهـم بلـدان المقصـد لقربهـا مـن مصـر وتعتمـد أغلــب مســارات الهجــرة علــى البحــر فــي الوجــه البحــري والطــرق البريـة مـن خـلال ليبيـا فـي الوجـه القبلـي.

5- وجــود سماســرة ووكلاء ســفر ومترجميــن ومكاتــب التشــغيل ومصرفييــن أغلبهــم لهــم تجــارب ســابقة فــي الهجــرة.

6- وجود أقران فـي القريـة قامـوا بالهجـرة وظهـرت علامـات الثـراء عليهـم بعـد العـودة، بالإضافـة إلـى وجـود تشـجيع مـن جانـب الأسـر.

*خصائص المهاجرين الديموغرافية :

1- أغلبهم إما أطفال غير مصحوبين بذويهم وأعمارهم تتراوح ما ين 18:9 عاماً أو شباب من 35:18 عاماً وجميعهم من الذكور، أغلبهم متأخر في الزواج ومتسرب من التعليم، كما يعيش أغلبهم في أسر كبيرة العدد.

2- غالبيتهم من العاملين في وظائف غير رسمية أو عاطلين (محبطين /غير راضيين عن فرص العمل المحلية).

3- يتمتع ما يقرب من ثلث الشباب بمهارات منها الكمبيوتر واللغات.

4- تتوافر البنية الأساسية بنسب مختلفة كما أن لديهم سلع معمرة ولكن لا يمتلكون أراض أو عقارات.

*أكثر دول المقصد الأكثر جذباً:

على الرغم من أن الإحصاءات تشير إلى أن بعض المهاجرين المصريين غير النظاميين يتجهون إلى اليونان ومالطا، تظل إيطاليا هي الوجهة المفضلة لمعظم المهاجرين؛ حيـث تـم ترحيـل مـا يقـرب مـن 649 شـاباً فـي 2001، ثـم ازدادوا إلـى 5102 شـاباً فـي 2007، مـن هـذه الـدول عنـد الوصـول.

ويرجع السبب في تفضيل المهاجرين لإيطاليا إلى:

  • الوضع الاقتصادي الجيد بإيطاليا بالمقارنة بمالطا واليونان.
  • اجتذاب القطاع غير الرسمي الكبير بإيطاليا للعديد من العمال المهاجرين المهرة وغير المهرة الباحثين عن العمل، حيث لا يستلزم الأمر إقامتهم وعملهم بشكل قانوني.
  • تشجيع الجاليات المصرية في مدن مثل ميلانو لأفراد عائلاتهم أو أصدقائهم أو معارفهم من نفس القرى، ممن يبحثون عن فرص عمل والمعيشة في إيطاليا، على الهجرة غير الشرعية.

المخاطر المحيطة بالهجرة غير النظامية في إيطاليا:

تعتبر مخاطر الهجرة غير النظامية هي نفسها لكل من البالغين والأطفال وتتمثل في صعوبة الرحلة من بلد منشأهم. ومع ذلك، فإنه غالبًا ما يكون لها أثر سلبي أكثر شدة على الأطفال لأنهم أكثر عرضة للخطر، حيث يكون الأطفال المهاجرون غير المصحوبين عرضة للاستغلال بمجرد وصولهم من مصر لعدد من الأسباب لاسيما إذا كان هربًا من مراكز المهاجرين ومن أبرز هذه المخاطر:

– يكون هؤلاء الأطفال، في كثير من الأحيان، جاهلين بحقوقهم أو بنص القانون الإيطالي على حمايتهم؛ حيث يستقون معلوماتهم من معارفهم فقط وغالبًا ما يضطروا لدفع المال للراشدين من أجل مرافقتهم إلى مواعيد الخدمات الاجتماعية أو ومراكز الشرطة أو المحكمة وقد يحتاجوا أيضا إلى القيام بذلك من أجل الحصول على وصي معين. وفي بعض الأحيان، يتعرض الشباب للاستغلال من قِبل وليّ الأمر الذي يختارونه.

– يعد الأطفال المهاجرون غير المصحوبين هم أيضا عرضة بشكل خاص للاستغلال بسبب تكلفة رحلة الهجرة؛ وهذا يعني أنه من الممكن استغلالهم في ظروف عمل سيئة أو غير إنسانية لتسديد الدين للمهربين.

– يمكن أيضاً أن يتم إجبار هؤلاء الأطفال على أنشطة الإتجار بالبشر الأخرى، بما في ذلك الدعارة وتجارة المخدرات و العمل بالسخرة أو نزع أعضاؤهم قسرًا.

رابعاً: أسباب الهجرة غير النظامية في مصر:

تتعدد وتتشابك أسباب الهجرة غير النظامية في مصر، إلا أنه يمكن إيجازها في النقاط التالية:

أ- أسباب اقتصادية:

-الفقر ونقص الاحتياجات الأساسية.

-الرغبة في تحسين مستوى المعيشة.

-ارتفاع مستوى البطالة أو العمل في ظروف غير مستقرة (القطاع غير الرسمي) وعدم الرضاء عن فرص العمل المحلية المتاحة.

ب- أسباب ثقافية:

-التشجيع من جانب الأسرة والمجتمع في القرى على الهجرة غير النظامية، والنظر إليها على أنها شكل من أشكال الكفاح.

-الموروث الثقافي المتعلق بإنجاب عدد كبير من الأطفال، وما يترتب عليه من نمو في تعداد السكان وحجم قوة العمل مع نقص في المعروض من الوظائف.

ج- أسباب اجتماعية:

-عدم القدرة على تحمل تكاليف الزواج.

– المقارنة بالأقران في القرية ممن استطاعوا الهجرة وظهرت عليهم علامات الثراء بعد العودة.

د- أسباب أخرى:

– ارتفاع تكاليف الهجرة الشرعية/النظامية والقيود عليها في الخارج.

– وجود ظروف محفزة في القرى المصدرة للهجرة ( كشبكة العلاقات والسماسرة، وتوافر معلومات عن دول المقصد، وتجارب سابقة).

خامساً: جهود الدولة المصرية للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية :

قامت الدولة المصرية ببذل جهود كبيرة ومخلصة فى سبيل الحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية على المستوى المحلي والدولي والتي كان من أبرزها:

أ- على المستوى المحلي:

1– إنشـاء اللجنـة الوطنيـة التنسـيقية لمكافحـة الهجـرة غيـر الشـرعية عـام 2014 بموجـب قـرار رئيـس مجلـس الـوزراء رقـم  380 لعام 2014.

2-  إنشـاء “اللجنـة الوطنيـة التنسـيقية لمكافحـة ومنـع الهجـرة غير الشـرعية والإتجـار بالبشـر”  كإعـادة هيكلـة للجنـة السـابقة، وتتكـون عضويـة اللجنـة مـن 30 وزارة وهيئـة ومركـزاً قوميًـا، مـن بينهـم وزارة الدفـاع ووزارة القـوى العاملـة ووزارة الهجـرة وشـؤون المصرييـن بالخـارج ووزارة الداخليـة والخارجيـة والمركـز القومـي لحقـوق الإنسـان والمركـز القومـي للأمومـة والطفولـة المنـوط بـه التمثيـل القانونـي للأطفـال المهاجريـن غيـر المصحوبيـن والذيـن لـم يُستـدل علـى أسـرهم.

3- إصدار القانـون رقـم 82 لسـنة 2016 وهو أول قانـون يناقـش مكافحـة الهجـرة غيـر النظاميـة، حيـث جـرم القانـون المسـاعدة بـأي شـكل مـن الأشـكال علـى الهجـرة غيـر النظاميـة وتهريـب المهاجريـن ، ووضـع عقوبـة تتمثـل فـي الحبـس أو دفـع غرامـة لا تقـل عـن خمسـين ألـف جنيـه ولا تزيـد عـن خمسـمائة ألـف جنيـه مصـري حسـب شـدة الجـرم. ولـم يحمـل القانـون المهاجريـن غيـر النظامييـن أو ذويهـم أيـة مسـؤولية مدنيـة أو جنائيـة، حيـث اعتبرهـم ضحايـا لجريمـة التهريـب. كمـا تضمـن القانـون إنشـاء “صنـدوق مكافحـة الهجـرة غيـر الشـرعية وحمايـة المهاجريـن والشـهود”، وتكـون لـه شـخصية اعتباريـة عامـة وموازنـة خاصـة بـه لتقديـم الدعـم المالـي لضحايـا الهجـرة غيـر الشـرعية.

5- إطلاق المبــادرة الرئاســية “مراكــب النجــاة” فــي اختتــام منتــدى الشــباب فــي ديســمبر 2019 للتصــدي للهجــرة غيــر النظاميــة، والتــي تــم اعتبارهــا مبــادرة قوميــة وتــم ربطهــا باستراتيجية مصــر 2030 حيــث خصصــت وزارة التخطيـط مبلـغ 250 مليـون جنيـهاً مصـرياً لتفعيـل المبـادرة فـي 70 قريـة فـي المحافظـات الأكثـر تصديـراً للهجـرة غيـر النظاميـة.

ب- على المستوى الدولي:

1- تـم إطـلاق مبـادرة “مـن أجـل إفريقيـا” عـام 2016 بالتعـاون بيـن الإتحـاد الأوروبـي والمنظمـة الدوليـة للهجـرة لتسـهيل الهجـرة الآمنـة والمنظمـة وحمايـة المهاجريـن وتحقيـق إعـادة الإندمـاج لهـم عنـد العـودة، والتـي بـدأت فـي منطقـة السـاحل وحـوض بحيـرة التشـاد فـي منطقـة القـرن الإفريقـي، ثـم شـملت شـمال إفريقيـا، وشـملت المبـادرة مصـر، وليبيـا، والجزائـر، وتونـس، والمغــرب وتهــدف إلــى التعــرف علــى احتياجــات مجتمعــات المهاجريــن المســتضعفين مــن هــذه الــدول وتحســين ظروفهــم وحمايتهـم وضمـان إعادتهـم طوعـاً إلـى بلدانهـم ومسـاعدتهم علـى إعـادة الإندمـاج بهـا.

2- تدشين مشـروع “الهجـرة للتنميـة” والمنفـَذ مـن قبـل الوكالـة الألمانيـة للتعـاون الدولـي نيابـةً عـن وزارة التعـاون الإقتصـادي والتنميـة الألمانيـة بالتعـاون مـع وزارة الهجـرة المصريـة؛ و يهـدف المشـروع إلـى تحسـين ظـروف المعيشـة للعائديـن مـن الهجـرة فـي عـدد مـن الدول ومنهـا مصـر إلـى جانـب العـراق وتونـس والمغـرب وعـدد آخـر مـن الـدول، فضلاً عن تشجيع هجـرة العمالـة المتخصصـة فـي بعـض المجـلات والمهـن التـي يقـع عليهـا الطلـب فـي ألمانيـا. وقـد ترتـب علـى هـذه المبـادرة إنشـاء المركـز المصـري الألمانـي للوظائـف والهجـرة وإعـادة الإدماج.

3- توقيـع بروتوكـول تعـاون بين المنظمـة الدوليـة للهجـرة فـي مصـر ووزارة الدولـة للهجـرة وشـؤون المصرييـن بالخـارج ووكالـة تنميـة المشـروعات متناهيـة الصغـر والصغيـرة والمتوسـطة؛ حيث اسـتهدفت المرحلـة الأولـى مـن المشـروع الحـد من الهجـرة غيـر النظاميـة مـن خلال تبنـي مشـاريع للتنميـة المحليـة وتوفيـر فـرص عمـل، واسـتهدفت المرحلـة الثانيـة منـه تعزيـز مشـاركة المصرييـن بالخـارج فـي التنميـة وتعزيـز التواصـل والإتصـال معهـم، ويتـم أيضـًا التعـاون بيـن مصـر وإيطاليـا علـى وجـهٍ خـاص لعقـد برامـج تدريبيـة للعمالـة المصريـة المهاجـرة إلـى إيطاليـا، وذلـك بهـدف تأهيلهـم للالتحـاق بالمجتمع الايطالى .

……………………………………………….

 

 

المراجع ..

1- الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة.

2- الموقع الرسمي للجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر

https://www.nccpimandtip.gov.eg/ar/Home

3- الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات

https://www.sis.gov.eg/?lang=ar

4- تقرير ” نحو تعزيز فرص العمل اللائق فى مصر للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية ” والصادر عن مجلس الوزراء / مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

https://idsc.gov.eg/Upload/Competition/Attachment_A/ .pdf

5- بحث ” الهجرة غير الشرعية للشباب في المجتمع المصري ” والصادر عن المجلس القومي لحقوق الانسان والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية / الإشراف العام : أ.د نسرين البغدادي / الاشراف التنفيذي: أ.د سميحة نصر

https://www.nccpimandtip.gov.eg/uploads/files/1558866215- .pdf

 6- الموقع الرسمي لوزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج

https://www.emigration.gov.eg/DefaultAr/Pages/default.aspx

The post الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8152
ظاهرة الإلحاد الأسباب..الدوافع ..المؤشرات https://draya-eg.org/2024/08/25/%d8%b8%d8%a7%d9%87%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%84%d8%ad%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d8%a7%d9%81%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa/ Sat, 24 Aug 2024 21:44:14 +0000 https://draya-eg.org/?p=8133 لا شك أن عالمنا المعاصر يعاني من مشكلات وظواهر اجتماعية تتفاقم في حدّتها وتأثيرها يومًا بعد يوم، ولعل التطور التقني والتكنولوجي يلعب دورًا هامًا في تعاظم تأثيرات بعض الظواهر الاجتماعية التي عرفت على مدار التاريخ وفي مقدمتها ظاهرة الإلحاد.. والإلحاد ظاهرة قديمة، بدأت قبل ظهور الأديان السماوية؛ فمع الميل الفطري للإنسان بوجود إله يلجأ إليه، …

The post ظاهرة الإلحاد الأسباب..الدوافع ..المؤشرات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لا شك أن عالمنا المعاصر يعاني من مشكلات وظواهر اجتماعية تتفاقم في حدّتها وتأثيرها يومًا بعد يوم، ولعل التطور التقني والتكنولوجي يلعب دورًا هامًا في تعاظم تأثيرات بعض الظواهر الاجتماعية التي عرفت على مدار التاريخ وفي مقدمتها ظاهرة الإلحاد..

والإلحاد ظاهرة قديمة، بدأت قبل ظهور الأديان السماوية؛ فمع الميل الفطري للإنسان بوجود إله يلجأ إليه، كان الإنكار في المقابل بوجود الإله وزعم أن الكون بدأ بشكل تلقائي أو من خلية واحدة، وغير ذلك من التفسيرات العلمية والفلسفية لنشأة الكون والإنسان.

ولكن؛ تتعاظم أهمية مناقشة هذه الظاهرة في وقتنا الحالي بسبب التطور التقني والتكنولوجي غير المسبوق والذي تعاصره البشرية حاليًا، والذي كان سببًا مباشرًا في انتشار هذه الظاهرة وتعدُّد تأثيراتها على المجتمعات، فضلاً عن وصول هذه الظاهرة إلى المجتمعات العربية والشرق الأوسط بشكل عام، والتي كانت – إلى حد كبير- بمنأى عن اتّباع أفكار الإلحاد والملحدين لعقود طويلة .

وإيمانًا من المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية بأهمية مناقشة هذه الظاهرة وتتبُّع دوافعها ومؤشراتها وأسبابها؛ يصدر المنتدى هذا التقرير الذي يقدم بشكل علمي “معنى الإلحاد وتاريخه ودوافعه ومؤشراته، فضلاً عن عرضٍ لجهود الدولة المصرية ومؤسساتها الدينية من أجل التصدى لهذه الظاهرة .

وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة للحد من انتشار ظاهرة الإلحاد في التالي:

1- تفعيل دور خطبة الجمعة للرد على الشبهات والمفاهيم التي تروج لها مواقع الإلحاد وتجد لها مردود كبير بين الشباب.

2- استغلال الدراما بشكل موظف وعلمي لشرح صحيح الدين وإلقاء الضوء على القيم الإنسانية ومفاهيم الرحمة والعدل في الإسلام.

3- وضع خطة إعلامية كبرى تشارك فيها وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الإجتماعي لمواجهة انتشار الإلحاد في مختلف المجتمعات.

4- التزام المؤسسات الدينية المعنية بالخطاب الدينى المعتدل ونبذ الآراء الغريبة والشاذة، والتي كانت ملائمة لعصور مضت وانتهت.

5- تشكيل هيئة عالمية من المتخصصين في العلوم الدينية والعلمية والإنسانية على أن تكون لها منصات بمختلف اللغات للرد على شبهات الإلحاد ومحاورة الملحدين بالعقل والمنطق.

6- التوسع في إجراء الأبحاث العلمية المتخصصة على الملحدين بشكل دقيق بهدف التعرف على حجم الظاهرة وأهدافها ودوافعها وكيفية مواجهتها على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي وذلك من قبل الجامعات ومؤسسات البحث العلمي المعنية.

7- زيادة قدرات الشيوخ وشباب المفتين وتدريبهم على التعامل مع الملحدين والتحاور معهم بشكل علمي ومنطقي.

8- عقد لقاءات حوارية مفتوحة في الجامعات والمساجد والكنائس وبالتعاون مع المؤسسات الإفتائية للرد على شبهات الملحدين ومناقشة أفكارهم ومحاورتهم من خلال الأدلة والبراهين، ومن قبل المتخصصين في كافة المجالات.

9- العمل مع المؤسسات الدينية والفكرية المحلية والعالمية من أجل وضع إحصاء دقيق لأعداد الملحدين خاصة في مصر والعالم العربي بهدف دراسة الظاهرة بشكل أكثر شمولية وبأسلوب علمى دقيق.

أولاً: مفهوم الإلحاد…

يعرف الإلحاد في اللغة العربية على أنه ميل عن الاستقامة، والملتَحد يعني الملجأ، وقد سمى بذلك لأن اللاجئ يميل إليه. وعليه؛ فإن الإلحاد يعني ” العدول عن الاستقامة والانحراف عنها “.

أما مفهوم الإلحاد كفكرة وأيدلوجية، فإنه يعني التشكيك أو نفي كل شيء بما في ذلك الأديان، العقائد، الإله، الكتب المقدسة، والنبوات.

وهنا، يجب التفرقة بين مفهوم الإلحاد واللادينية، والتي تعني عدم الإيمان بالأديان، والإلحاد واللاأدرية؛ إذ أن الإلحاد هو عدم الإيمان بوجود إله، أما اللاأدرية فتعني عدم الجزم بوجود الإله، أو عدم وجوده لعدم كفاية الأدلة على ذلك.

بينما تُعرف الربوبية بأنها الإيمان بوجود مُسبّب أول أو إله أو قوة ما، أوجدت أو ساعدت على وجود وتطور الكون والحياة أو كلاهما، فيما تُعرف اللاكتراثية بأنها عدم الاكتراث تجاه وجود أو عدم وجود الإله.

وبناءً على ما سبق، فإن مفهوم اللادينية يضم عددًا من المفاهيم الفرعية؛ وهي الإلحاد واللاأدرية والربوبية واللاكتراثية.

ثانيًا: تاريخ الإلحاد…

يظن البعض أن ظهور الإلحاد بدأ مع الحضارة اليونانية، ومع أفكار فلاسِفتها ومعتقداتهم حول ماهية الأشياء وطبيعة الكون؛ إلا أن هناك بعض المؤشرات التاريخية التي سجلت أولى حركات الإلحاد في العام 1000 ق.م، والتي وقعت في الهند، وكانت تتضمن الشك في أحد المخطوطات المقدسة للديانات الهندية القديمة، والتي تساءلت عن آلية نشأة الكون وحقيقة وجود الإله وتحكمه في الكون، وبعد ذلك بنحو 500 عام، ظهرت “البوذية” التي لم تقدم تصورًا واضحًا عن وجود إله وخالق للكون؛ ولكنها عنيت أكثر بمعاناة البشر ورغباتهم وطريقة التخلص من هذه المعاناة، من خلال الوصول إلى “النرفانا” أو اللاتعلق، ويحدث ذلك من خلال توحد الإنسان مع الكون دون تدخل أو ذكر للإله، في أي مرحلة من مراحل تخلص الإنسان من معاناته.

أعقب هذه الحضارات؛ بزوغ نجم الحضارة اليونانية التي وضعت الأساس لفكرة الإلحاد في عصورها المختلفة، والتي تعتمد على فكرة “أزلية المادة”، وهذه النظرية تؤكد على أزلية عنصر مادي معين كالهواء أو الماء أو النار، ومن هذا العنصر تتفرع جميع المخلوقات والموجودات، وقد أطلق هذه الأفكار الفلاسفة في عصور ما قبل السقراطية والتي شملت المدرسة الملطية ” طاليس، انكسيمندريس ،أنكسيمانس”، وتبلورت الفكرة على يد الفيلسوف “ديموقريطس” (460:370 ق.م) والذي لم يعترف بوجود آلهة على الإطلاق؛ وإنما على الإنسان أن يتعامل في عالم مادي بحت، معتقدًا بأن الوحدات متناهية الصغر في الكون، والتي لا تقبل القسمة؛ هي في حقيقتها أزلية لا بداية لها ولا نهاية، وتحركت بشكل عشوائي وتكونت منها جميع المخلوقات.

شهدت هذه الحقبة رواجًا أيضًا لأفكار الفيلسوف “أبيقور”، والذي كان يؤكد على أن العالم قديمًا أزليًا، وسيظل كما هو إلى الأبد، كما أن الإله الذي يدعى بوجوده البعض، غير قادر على منع الشر؛ ولذلك تَبنى فيما بعد فكرة وجود إلهين؛ أحدهما للخير والآخر للشر، مع عدم الإيمان بوجود حياة بعد الموت، ولكن “أرسطو” قدّم برهانًا عقليًا على وجود “الإله”؛ ولكنه لم ينفِ في الوقت ذاته أزلية العالم وقدم المادة، وهو ما أطلق عليه “الهيولى”.

ولكن الأفكار والفلسفات اليونانية سرعان ما تلاشت مع سقوط أثينا في الحكم الروماني وإعلان المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية؛ وبالتالي راجت فكرة “خلق الله الكون من العدم”.

ومع بداية القرن السابع عشر، وتزامناً مع تداعيات الثورة الفرنسية التي اتخذت من العلمانية إطارًا فكريًا وهاجمت أفكار الكنيسة وسيطرتها على حياة البشر؛ عادت الأفكار التي ترى في العلم التجريبي حل لجميع الإشكاليات التي يواجهها البشر، وأن العالم ليس في حاجة إلى إله يدبر أموره، طالما أن العلم قادر على ذلك، مع العودة مرة أخرى إلى فكرة أزلية وقِدم المادة.

شهد القرن الثامن عشر تحولاً كبيرًا بظهور نظرية العالم نيوتن للجاذبية؛ وبالتالي وضع إطارًا لعمل المجموعة الشمسية، ولكنه على الرغم من ذلك؛ كان يؤمن بمبادئ “الربوبية”، والتي تؤكد على أن الكون ليس بحاجة إلى ربٍ ليدبر أموره، ولكنه خلقه وتركه ليعمل بشكل آلي، وهي ذاتها الأفكار التي اعتنقها المفكرون في عصر التنوير مثل جان جاك روسو وجون لوك، وجميعها كانت مقدمات لظهور تيار الإلحاد، ولكن بشكل جديد؛ إذ أن علماء هذه الحقبة كانوا يؤمنون بوجود إله، وأنهم يقدمون تفسيرات علمية للظواهر الكونية ودراسة أعمال الله؛ وبالتالي فهُم يقدمون خدمة للدين والكنيسة.

حمل القرن التاسع عشر وظهور الماركسية بماديتها القاطعة وإنكار وجود الله بشكل كلي، تطورًا كبيرًا فيما يتعلق بنمو التيار الإلحادي خاصة مع ظهور نظرية داروِن للانتقاء الطبيعي وظهور كتابه (أصل الأنواع) عام 1859، والذي لاقى قبولاً غير مسبوق من فلاسفة الماركسية وعلماء أوروبا الذين اعتنقوا الإلحاد بشكل ظاهر واتخذوه تيارًا فكريًا.

ولكن نظرية أزلية المادة انهارت مع اكتشافات العلماء في القرن العشرين؛ خاصة نظرية أينشتاين للنسبية، وألكسندر فريدمان والتي تشير إلى تمدد الكون بشكل متواصل ووجود نقطة بدء للكون؛ وهو ما يعني وجود قوّة مُهيمنة مُتسببة في الخلق. وكان اعتماد نظرية “الإنفجار العظيم” للعالمين أرنو بنزياس وروبرت ويلسون، سببًا رئيسيًا في انتهاء أسطورة أزلية المادة التي اعتمدت عليها جميع الأفكار الإلحادية.

ولكن هذه الاكتشافات؛ لم تمهّد لانتهاء التيار الإلحادي الذي عاد للانتشار مرة أخرى في عصرنا الحالي، ولكن دعّمته التكنولوجيا الحديثة ومستجدات العصر بشكل كبير، ومنحته أدوات أكثر قوة وانتشارًا؛ ولكن اختلفت الدوافع والأسباب وتعاظمت الآثار والتحديات.

الإلحاد المعاصر: تعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هي المحرك الأول لموجة الإلحاد المعاصر، والتي انتشرت بشكل كبير في أوروبا، ثم انتقلت إلى دول الشرق الأوسط؛ إذ أن اتّهام طالبان بأنها المُنفذ لهذه التفجيرات، فجّر لدى الآلاف الشعور بأن الدين والتدين هما السبب الأول في انتشار التطرف وعدم قبول الآخر وتهديده، بل وقتله وتهديد البشرية بشكل عام، وظهرت التيارات التي تنادي بجعل الإلحاد بديلاً للتدين؛ لإنقاذ البشر والحفاظ على التطور العلمي والإنساني لسكان الكرة الأرضية .

وظهر أيضًا أقطاب ومدافعون جُدد عن التيار الإلحادي، وفي مقدمتهم “سام هارس” صاحب أول كتاب في سلسلة الإصدارات الإلحادية المتتالية، والتي حملت عنوان “نهاية الإيمان، الدين، الإرهاب، ومستقبل العقل”، وكذا “ريتشارد دوكنز” داعية الإلحاد الأشهر، والذي يرى أن انتشار الأديان يعني أن تسود العالم تيارات العنف والإرهاب.

واتسمت تيارات الإلحاد المعاصرة بالعداء الشديد للأديان والمتدينين -خاصة الإسلام- وفي بعض الأحوال تُبنى فكرة أن الدين كان وسيظل منبعًا للشرور والكوارث.

كذلك، اتسم رجال الإلحاد الجدد بالقبول والكاريزما؛ مما جعل الإلحاد تيارًا له جاذبيته؛ خاصة لدى الشباب الذي رأى في الإلحاد أسلوب حياة عصري خال من أي قيود أو قواعد، وأصبح زعماء الإلحاد في العالم نجومًا لهم أتباع ومريدون، خاصة أقطاب الإلحاد الأربعة: “ريتشارد دوكنز – وسام هارس – كريستوفر هيتشنز – دانيا دينيت”.

يرى تيار الإلحاد المعاصر في اتباع الديانات السماوية مقابلاً للاقتناع بالعلوم التجريبية، فإما أن يؤمن الإنسان بالعلم ويعتبره المحرك الأول لكل الأفعال في الكون، وأما يتّبع الدين الذي يمثل لهم الجهل والخرافة.

ثالثًا: أسباب الإلحاد

تتعدد وتتشابك أسباب انتشار التيار الإلحادي؛ إلا أنه يمكن إجمال هذه الأسباب في الآتي :

1- أسباب نفسية: كشفت دراسة حملت عنوان “النمط النفسى للملحد” وشملت 320 شخصًا من الذكور في أمريكا، أن ما يتعدى نصف عدد المبحوثين، كانوا قد تعرضوا لفقد أحد والديهم قبل بلوغهم سن العشرين، وأن هؤلاء الأشخاص قد عانوا من مشاكل نفسية واجتماعية في حياتهم المبكرة؛ وهو ما انعكس ليس فقط على رفضهم لقواعد الأسرة والمجتمع؛ بل وعلى رفض وجود إله أيضًا، والاحتفاء بذلك هو ما جعل الدراسة توصي بضرورة دراسة الواقع النفسي للملحدين بشكل عام .

2- التبعية للغرب: كان من تداعيات الثورة الفرنسية تبني الغرب لفصل الدين عن السياسة والتخلي عن سيطرة الكنيسة لكل نواحي الحياة، وأعقب هذا الإتجاه حدوث التقدم الغربي والحضاري الذي جعل بعضًا من شعوب العالم تعتقد ويستقر لديها أن التخلي عن الدين هو السبب الأساسي في تحقيق الرُّقي والتقدم؛ وبالتالي لابد من اتباع نفس المنهج الفكري للوصول إلى تحقيق هذا الإنجاز الحضاري.

ولكن على صعيد آخر، يتم التعتيم على الجرائم التي ارتكبها الملحدون في حق البشرية باسم الحرية والتنوير؛ فقد مثّلت الدول الشيوعية، أقسى نموذج يتبنى الإلحاد، وأصبحت مذهبًا عامًا للبلاد، وارتكبت بسببها جرائم هائلة  في حق البشر، في روسيا والصين وكمبوديا وغيرها، والتي وثقها كتاب “الكتاب الأسود للشيوعية: الجرائم والإرهاب والقمع”، والذي صدر عام 1997م، فيما يعتبر كثير من المؤرخين مذبحة “فيندى” التي حدثت عام 1793 بفرنسا، أول إبادة جماعية في العصر الحديث، والتي بدأت عقب الثورة الفرنسية بأن شرعت في استخدام بعض فئات الشعب الفرنسي في التمرد ضد الحكومة العلمانية الجديدة، فما كان من الحكومة؛ إلا أن قابلت هذه التمردات بالقمع الغاشم والفوري.

وفي عام 1793م، بدأ بعض الفلاحين بمنطقة فيندي في التظاهر ضد الوضع الاقتصادي الطاحن، وتحالف معهم المتدينين الكاثوليك؛ فطبقت عليهم حكومة “التنوير” سياسات شديدة الوحشية، تم على إثرها إعدام أكثر من 6,000 أسير أكثرهم نساء وأطفال وشيوخ، وإغراق أكثر من 3000 امرأة في المياه، كما تم دهس الأطفال الرضع تحت أقدام الخيول، بالإضافة إلى حرق المساكن والبيوت والمزارع بشكل شديد الوحشية والهمجية.

بحلول عام 1796م، وصل إجمالي عدد القتلى طبقًا لبعض الإحصائيات، إلى حوالي 500,000 إنسان تم حصد رؤوسهم حرقًا، غرقًا، ذبحًا، أو دهسًا تحت أقدام العربات والخيول، ورغم عدم شهرة هذا الحدث؛ إلا أن أستاذ التاريخ البريطاني ألان فورست يقول إنه “حتى الآن يتذكر الغرب هذه المذابح كصراع بين الفلاحين والكاثوليك على جهة وبين الجمهوريين والملاحدة على الجهة الأخرى”. وبالتأكيد لم يكن قتل هؤلاء الأبرياء باسم الإلحاد؛ وإنما كان باسم التنوير والحرية والعقلانية.

3- التعرض للشبهات دون تحصيل أدنى حد من المناعة الفكرية: وذلك من خلال الدخول في نقاشات غير متكافئة مع الملاحدة ومنتقدي الأديان، مع الاستهانة بقدرات الخصم على التشكيك والهدم، مع تبني الشباب بشكل خاص أفكار الملاحدة باعتبارها سبيلاً لتحقيق الانطلاق والتحرر والتقدم ورفض الوصاية من العلماء وأهل الخبرة.

4– جمود الخطاب الديني وعدم قدرته على التماشي مع متطلبات العصر ومستجداته المتسارعة، وعدم قدرة عدد كبير من الوعاظ على الرد على شبهات ومزاعم الملاحدة، بشكل عقلي يقبله الشباب ويقتنع به، في الوقت الذي يستخدم فيه الملاحدة الأدلة العقلية بشكل شديد الجاذبية .

كذلك تجدر الإشارة إلى أن قراءة كتب الفلاسفة والملحدين التي وضعوا فيها الشبهات بشكل مُنمق وجذاب، كان من أهم أسباب انتشار الإلحاد المعاصر، خاصة للشباب ضعفاء الإيمان والعلم.

5القصور في نظام الوعظ والدعوة: فضلاً عن عجز التيار المتدين عن الاحتضان الروحي العملي للشباب، والاكتفاء في أغلب الأحيان بدروس علمية جافة ومواعظ ينقصها التجديد والإبداع، بدلاً من ممارسة التأطير الروحي والتربوي للأفراد.

6- الرغبة في الاستمتاع بالحياة دون قيود، وذلك تزامنًا مع التطور الحضاري الهائل الذي فتح أمام النفس البشرية ألوانًا شتى من المغريات والمُتع، والتي كان يقف أمامها الدين؛ ليضع حدودًا للحرام والحلال، ويُدرب النفس البشرية على الاعتدال؛ وهو ما أدى إلى تخلي البعض عن فكرة الأديان ووجود إله يضع حدودًا لمغريات الحياة والنفس البشرية.

7- ظهور الجماعات الإرهابية والتي وصفت نفسها بـالإسلاميةوارتكابها مجازر وأفعال همجية باسم الدين، جعل الكثيرون ينفرون من المنظومة الدينية بأكملها، واختيار الإلحاد كمقابل للإيمان والتدين على اعتباره المنقذ من وحشية سلوكيات هذه الجماعات ومعتقداتهم، فضلاً عن ظهور جماعات الإسلام السياسي، والتي اتخذت الدين ستارًا للوصول إلى الحكم؛ وعليه قامت بالعديد من الأفعال الإجرامية حدثت بهتانًا باسم الدين وخلطت ما بين المفاهيم الدينية والسياسية.

كذلك، فإن ثورات الربيع العربي وما أعقبها من ظهور خطاب ديني متطرف؛ أدى إلى كراهية الشباب ونفورهم من الدين، بل وإعلان عدد كبير منهم للإلحاد.

8-انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق واستخدامها كمنابر لنشر التيار الإلحادي، سهلت التواصل بين الملحدين بشكل كبير وزيادة أعدادهم بشكل هائل؛ بل وخلقت لهم مجتمعات كبيرة يمكنهم من خلالها استقطاب  أعضاء جُدد خاصة في المجتمعات العربية، فعلى سبيل المثال: منتدى اللادينيين العرب، يضم 7000 عضو، وكان عدد زواره يتجاوز 4000 زائر في اليوم الواحد؛ وعلى (اليوتيوب) نجد عدة قنوات بعضها تجاوز حاجز المليون مشاهدة، بالإضافة إلى مئات الحسابات التي تضم عضوية قليلة بالمئات أو بالعشرات؛ وموقع الحوار المتمدن يدخله 70 ألف زائر يومياً، وعدد كتاب المقالات 18 ألف كاتب؛ وموقع إلحاد الذي يدخله 10 آلاف زائر يوميًا، ويضم 14 ألف عضو.

بل إنه ثمّة مؤسسات عالمية ترعى الإلحاد وترعى الملحدين منها مثلاً “التحالف الدولي للملاحدة”  ATHEIST ALLIANCE.

وفيما يتعلق بالعالم العربي؛ فقد أجرى قسم المتابعة الإعلامية لشبكة بي بي سي، بحثاً على شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، عن كلمة “ملحد” باللغة العربية والإنجليزية، وتبين أن مئات من صفحات فيسبوك وحسابات تويتر التابعة لـ “ملحدين” من العالم العربي؛ جذبت آلاف المتابعين لها.

ويحتوى فيسبوك على العديد من الصفحات التي تدعو الملحدين العرب إلى الانضمام إليها، ومن هذه الصفحات: “الملحدين التونسيين”، التي تضم أكثر من 10 آلاف متابع، و”الملحدين السودانيين” التي تضم أكثر من 3000 متابع، وأيضًا “شبكة الملحدين السوريين” التي تضم أكثر من 4000 متابع.

وعلى تويتر أو “منصة إكس”، يتراوح عدد متابعي الحسابات التي يعلن أصحابها عن إلحادهم بين المئات والآلاف، فمثلاً يتجاوز عدد متابعي حساب “أراب أثيست” الثمانية آلاف متابع.

رابعًا: مؤشرات الإلحاد محليًا وعالميًا

لا شك في أنه يصعب وضع أرقام ومؤشرات دقيقة لأعداد الملحدين في العالم وخاصة في الدول العربية بل والإسلامية على وجه التحديد؛ إذ أن كثير من الملحدين يقومون بإخفاء هوياتهم خوفًا من النبذ المجتمعي والتعرض للإيذاء لهم ولأسرهم؛ إلا أنه يمكن وضع بعض المؤشرات في الاعتبار لتوضيح حجم انتشار هذه الظاهرة عالميًا ومحليًا:

1- ذكر موقع العربية أنه وفقًا للحملة التي قام بها “منتدى بيو فورم للدين والحياة العامة” -وهو مركز دراسات وأبحاث أمريكي متخصص بالأديان والمعتقدات- أن أكثر من 84% من سكان العالم هم من أتباع الأديان السماوية، أو من المؤمنين باعتقاد أو بشيء ما، أما الباقي فلا يؤمنون بشيء على الإطلاق، كما صنفوا هم أنفسهم في حملة قامت بأكثر من 2500 إحصاء في 230 دولة ومنطقة جغرافية بالعالم طوال عام 2010.

2- كان من نتائج هذه الحملة أن الإلحاد أصبح “الديانة” الثالثة بالعدد في العالم بعد المسيحية والإسلام، وأن الإسلام هو الأكثر قابلية للانتشار، وموزع بين 87 و90% من المذهب السني، والباقي من الشيعة، فيما اليهودية هي أضعف الأديان، وأقل بقليل من نصف أتباعها يقيمون في إسرائيل.

3- نشرت العربية خريطة أيضًا توضح أعداد الملحدين حول العالم كالتالي:

 

(خارطة بعدد الملحدين طبقًا لكل قارة)

توضح الخريطة أن أعداد الملحدين في أوروبا بلغ 134.820.000، بينما بلغت في أمريكا الشمالية 59.040.000 ، وفي أمريكا اللاتينية 45.390.000 وفي آسيا 858.580.000، وفي أفريقيا 26.580.000، أما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيبلغ عدد الملحدين 2.100.000.

وتُظهر الخريطة -التي توضح التوزيع الجغرافي لمن صنفوا أنفسهم لادينيين؛ لا يؤمنون بأي معتقد، أي “عدميين” بلا أي ارتباط مع الماورائيات- أن أقل نسبة منهم نجدها في الشرق الأوسط، حيث لا يزيدون عن 0.2% من المليار و100 مليون “ملحد” وعددهم كما تبينه الخارطة مليونين و100 ألف فقط.

يأتي بعدهم ملحدو القارة السمراء، باستثناء مصر والسودان ودول شمال أفريقيا، ونسبتهم 2.4% من المجموع العام، يليهم 4% بأمريكا اللاتينية والكاريبي، وبعدهم 5.2% في الولايات المتحدة وكندا، ثم 12% في أوروبا، والباقي في آسيا، ونسبتهم 76.2% يمثلون أكثر من 858 مليونًا، منهم 62.2% في الصين وحدها، أي تقريبًا 586 مليونًا ملحد.

4- وبحسب موقع العربية فإن الإحصاءات تظهر وجود 58 مليون نسمة، أي أقل من 1% من سكان العالم، ممن يمكن اعتبارهم “حيارى” في أي دين ينتمون، ومنهم البهائيين والسيخ والزرادشت المجوس و”الويكا” وهي ديانة تأسست في بريطانيا بخمسينات القرن الماضي، كما منهم “الجاينيين” المنتشرة معتقداتهم في الهند بشكل خاص، وكذلك أتباع “الطاوية” المنتشرين في الصين وما جاورها، وأيضًا أشباههم من اتباع معتقد “التنريكيو”.

5-وفي يناير عام 2014م؛ أصدرت دار الإفتاء المصرية تقريرًا حول أعداد الملحدين في الوطن العربي، حيث قالت إن عددهم في مصر هو 866 ملحدًا، وفي المغرب 325، وفي تونس 320، وفي العراق 242، وفي السعودية 178، بينما كان عددهم 170 في الأردن، 70 في السودان، 56 في سوريا، 34 في ليبيا، و32 في اليمن.. وهو ما يساوي 2293 ملحدًا بين سكان الوطن العربي البالغ عددهم وقتها قرابة 400 مليون نسمة. ولكن هذا الإحصاء وصفه بعض العلماء بأنه غير دقيق، مؤكدين أن أعداد الملحدين في الوطن العربي تتجاوز أعدادهم الملايين، إذ أنه في عام 2012، قامت مؤسسة “وين جالوب” بإجراء استطلاعًا للرأي أثبتت من خلاله أن خمسة بالمائة من المواطنين السعوديين – أي أكثر من مليون شخص وقتها بحسب تعدادهم – يعتبرون أنفسهم “ملحدين مقتنعين”، وهي نفس النسبة في الولايات المتحدة بالمناسبة، بينما يعتبر 19 بالمائة من السعوديين – حوالي ستة ملايين نسمة – أنفسهم “غير متدينيين”.

6- وقد أوضحت موسوعة ويكيبيديا أن عالم الاجتماع فيل زوكرمان، أشار إلى أن تقديرات أعداد الأشخاص الذين لا يؤمنون بوجود إله؛ تتراوح ما بين 500:750 مليون شخص، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن هناك ما بين 200 و240 مليون شخص يعرّفون أنفسهم بأنهم ملحدون حول العالم، مع وجود أغلبهم في الصين وروسيا.

7- رصد موقع “بي بي سي” تحولاً كبيرًا في علاقة الشباب دون الـ30 عامًا بالدين وممارسة الشعائر الدينية في العالم العربي؛ إذ يتزايد عدد من يقبلون على التدين قياسًا بعددهم في عام 2018، وذلك بحسب استطلاع جديد أجرته شبكة “البارومتر العربي” لصالح بي بي سي.

وكانت الشبكة قد أجرت استطلاعًا مماثلاً في أواخر عام 2018 وربيع عام 2019، شمل الفئة نفسها من المبحوثين، ووجهت إليهم نفس الأسئلة، لكن الإجابات كانت مختلفة للغاية؛ فقبل أقل من 4 سنوات خلص الاستطلاع، إلى أن عددًا متزايدًا من العرب تركوا تدينهم وأداء الشعائر الدينية.

ورصد الاستطلاع وقتها أن ثلث التونسيين وربع الليبيين وصفوا أنفسهم بغير المتدينين، أما في مصر فقد أشارت نتائج استطلاع عام 2018 إلى تضاعف عدد غير المتدينين، بينما تضاعف حجمهم أربع مرات في المغرب.وما كان لافتًا في ذلك الوقت هو أن الزيادة الكبرى في أعداد غير المتدينين كانت بين الشباب ممن هم دون الثلاثين عامًا، إذ ارتفعت نسبتهم بـ 18 % .

 

 

لكن بحسب استطلاع الرأي الأخير، شهدت تونس وليبيا والمغرب والسودان ومصر والأردن والأراضي الفلسطينية، تراجعًا في عدد من وصفوا أنفسهم بغير المتدينين من كل الفئات العمرية. فيما كشف الاستطلاع أن مزيدًا من مواطني هذه البلدان باتوا يصفون أنفسهم بالمتدينين.

وبحسب استطلاع 2022، شهد المغرب انخفاضاً بـ7 % في عدد من وصفوا أنفسهم بأنهم غير متدينين بين كل الفئات العمرية، تليه مصر بانخفاض بنحو 6%، ثم تونس وفلسطين والأردن والسودان بانخفاض بنسبة 4%.

أما في فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن الـ 30 عامًا، فشهدت تونس التراجع الأكبر في عدد الشباب الذين وصفوا أنفسهم بأنهم غير متدينين.

فاليوم، يصف نحو ثلثي الشباب التونسي المشارك في الاستطلاع أنفسهم بالمتدينين؛ وهو تراجع كبير مقارنة باستطلاع عام 2018، الذي وصف فيه نحو نصف الشباب التونسيين المشاركين في الاستطلاع أنفسهم بأنهم غير متدينين.

وشهد المغرب ومصر ثاني أكبر معدل انخفاض في عدد الشباب الذين وصفوا أنفسهم بأنهم غير متدينين؛ إذ يقول 10 في المئة من الشباب المغاربة و6 في المئة من الشباب المصريين المستطلعة آراؤهم إنهم ليسوا متدينين.

8- وبحسب بيانات المؤشر العالمي للأديان والإلحاد بمركز “ريد سي”؛ فإن 32.4% من ملحدي مصر في الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة و36% في الفئة العمرية (25- 34 سنة)، كما أن 73.8% من الملحدين ذكور و26.2% نساء.

9- ذكر الموقع الإلكتروني لجريدة “الوفد” المصرية؛ أن استطلاعًا أجرته جامعة “إيسترن ميتشيجان” الأمريكية، كشف أن عدد الملحدين في مصر وصل عقب ثورة 25 يناير 2011، إلى 3% من عدد السكان، أي أكثر من مليوني ملحد منهم 8 ملايين بالخارج بحسب تعداد السكان آنذاك.

كما كشف استطلاع الجامعة الأمريكية، أن أكبر محافظات مصر من حيث عدد الملحدين هي القاهرة، تليها الإسكندرية (شمال)، إضافة إلى تواجد ملحدين في الإسماعيلية (شمال شرق) والشرقية (بدلتا النيل، شمال)، فيما خلت محافظات الصعيد تمامًا من الملحدين، بحسب التقرير ذاته.

خامسًا: جهود الدولة المصرية لمواجهة انتشار الإلحاد..

بلا شك لا يعد انتشار الإلحاد في المجتمعات الغربية والآسيوية مشكلة بأي شكل من الأشكال؛ بل على العكس، فيُنظر إلى الإلحاد على أنه حق من حقوق الإنسان في أن يعتقد ما يريد، ولكن المشكلة الحقيقية في المجتمعات الإسلامية، والتي يتسم تاريخها بالتدين والمحافظة، وفي مقدمتها مصر، والتي يعد فيها انتشار الإلحاد مشكلة خطيرة لأنه يتعلق بتهديد النسق القيمي للمجتمع وكذا يهدد بانتشار الفوضى والجريمة، فعدم الاعتقاد بوجود الله كفيل بأن يجعل المجتمع غابة تُباح فيها كل الشرور.

والمشكلة في مصر تكمن في الزيادة الرهيبة في أعداد الملحدين برغم عدم وجود مؤشرات وأعداد حقيقية للملحدين في مصر، إلا أن البيانات المتاحة تشير إلى تصدر كل من مصر والسعودية لأعداد الملحدين في الوطن العربي، خاصة في السنوات الأخيرة التى أعقبت حكم جماعة الإخوان الارهابية وما تضمنه هذا الحكم من أعمال إرهابية منافية للأعراف الإنسانية جعلت الشباب بشكل خاص ينفرون ويرتدون عن الدين. فقد أكد الأستاذ أسامة الحديدى المدير التنفيذى لوحدة “بيان” التابعة للأزهر الشريف والمعنية بالرد على الأسئلة الخاصة بالشبهات الإلحادية، أن الفئة العمرية الأكثر تعرضًا للتأثر بهذه الشبهات تبدأ من عمر 40:14 عامًا، مشيرًا إلى تزايد أعداد السائلين مؤخرًا فقد استقبلت الوحدة منذ عام 2018 حتى يونيو 2021 ما يقرب من مائتى ألف وثلاثمائة وخمسين (200350) حالة.

والحقيقة أن الإلحاد ليس مشكلة يمكن علاجها بالقوانين والتشريعات فقط، وإنما هو مشكلة فكرية في المقام الأول، وقد أولت السياسية لهذا الأمر اهتمامًا كبيرًا ؛ ولذلك أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى في أكثر من مناسبة ضرورة تغيير الخطاب الدينى الجامد بما يتناسب مع متطلبات العصر ويمكنه التعامل مع الشباب الذي تتطور أفكاره بسرعة هائلة مع ضرورة تقديم إجابات منطقية للشبهات والمسائل الدينية الملتبسة لدى الكثيرين.

ومن هنا، قامت المؤسسات الدينية المعنية وفي مقدمته الأزهر ودار الإفتاء ببذل جهود كبيرة للحد من انتشار الإلحاد في مصر كان أبرزها ما يلي:

1- أطلقت وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة حملة قومية لمواجهة انتشار الإلحاد بين الشباب مع الاستعانة بعدد من علماء النفس والاجتماع والسياسة والأطباء النفسيين.

2- أطلق مركز الأزهر العالمي للرصد والفتاوى الإلكترونية، وحدة “بيان”  عام  2018، بهدف تصحيح المفاهيم ومواجهة موجات التطرف والانحرافات أيًا كان نوعها، خاصة الإلحاد والفكر اللاديني، والتصدي للحملات الممنهجة للتشكيك في مفهوم الدين عمومًا والإسلام بشكل خاص؛ حيث يعتمد رد الوحدة دائمًا على الأدلة والبراهين العقلية وكذلك الأدلة العلمية الموثقة فضلاً عن الأدلة النقلية.

3- خصصت وحدة “بيان” الخط الساخن “19906” والتابع لمركز الأزهر العالمي للفتاوى الإلكترونية، للرد على التساؤلات الفكرية والمتعلقة بصحيح الدين وتتم الإجابة مباشرة من قبل المتخصصين عبر الهاتف وتسجيلها، وقد يستدعى الأمر الإتصال مباشرة مع المتصل فيتم التنسيق معه وتحديد موعد مناسب للمقابلة.

4- أطلق مركز الأزهر العالمى للفتاوى الالكترونية، عددًا من المنصات على مواقع التواصل الإجتماعى تقوم بالرد على أسئلة الزائرين خاصة تلك التي تتعلق بالأفكار الالحادية مع توضيح حقيقة عدد من المفاهيم التي يستخدمها الملحدون لجذب أعضاء جدد.

5- خصصت وحدة “بيان” من خلال قسم “الفكر والأديان” رقم الهاتف ( 0020225973500 ) للرد على أسئلة الشبهات الإلحادية من المتصلين من داخل وخارج مصر.

6- قام الأزهر الشريف بإنشاء قسم للمتابعة الإلكترونية، يرصد الأفكار الشاذة وتحليلها ورسم الخطط المنهجية لمعالجتها وتصحيحها وتحصين المجتمع منها.

7 – حرص الأزهر على إعداد قسم البحوث والنشر لعدد من البحوث والأوراق العلمية لتفنيد المبادئ الإلحادية والشبهات التي تروج لها

8- تدريب المفتين والمختصين في مجال الإلحاد الفقهي وتأهيلهم للرد على الشبهات الإلحادية ومناظرة المدعين لها بالحجج والبراهين العقلية المقنعة.

9- على صعيد آخر أكدت الكنيسة المصرية تواصلها مع الأزهر الشريف بهدف وضع برنامج شامل من أجل التعامل مع ظاهرة الإلحاد خاصة بين الشباب.

 

 

 

 

المراجع

1- الإلحاد أسباب هذه الظاهرة وطرق علاجها، عبد الرحمن عبد الخالق، طبع ونشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، الرياض، الطبعة الثانية ، 1404 هجرية.

2- الإلحاد المعاصر (سماته وآثاره وأسبابه وعلاجها)، سوزان بنت رفيق بن ابراهيم المشهراوى “محاضر متعاون بكلية الدعوة وأصول الدين ” ،1439 هجريا : 1440 هجريًا.

3- بحث عقيدة الإلحاد المعاصر “أسبابه، أقسامه، وسائله، علاجه”، مريم مجيد عبد الله، 2021.

4- الموقع الرسمي للأزهر الشريف.

5- الموقع الرسمى لدار الإفتاء المصرية.

6- موقع البي بي سي.

7- الموقع الرسمي لقناة العربية.

8- اللقاء التليفزيوني للدكتورة آمنة نصير المفكرة وأستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة ومتاح على الرابط التالي:

https://youtu.be/j2_sYeBFcwM

9- الموقع الرسمي لمنظمة التعاون الإسلامي.

The post ظاهرة الإلحاد الأسباب..الدوافع ..المؤشرات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8133
العمالة غير المنتظمة…… مفاهيم..مؤشرات..حلول https://draya-eg.org/2024/08/18/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%aa%d8%b8%d9%85%d8%a9-%d9%85%d9%81%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85-%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%ad%d9%84%d9%88%d9%84/ Sat, 17 Aug 2024 22:47:21 +0000 https://draya-eg.org/?p=8125 مقدمة: تتوالى الأزمات ويعقبها تبعات تؤثر على حياة الشعوب اقتصادياً واجتماعياً؛ مايلقي على عاتق الدول ضرورة صياغة استراتيجيات للتعامل معها، إلا أن مانتج من تبعات عصفت بالعالم بالتزامن مع جائحة كورونا والتي ألقت بظلالها على جميع القطاعات الاقتصادية، كانت الأولى من نوعها منذ قرن، إذ دفعت العديد من الحكومات لصياغة استراتيجيات للتعامل مع تبعاتها، وكانت …

The post العمالة غير المنتظمة…… مفاهيم..مؤشرات..حلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
مقدمة:

تتوالى الأزمات ويعقبها تبعات تؤثر على حياة الشعوب اقتصادياً واجتماعياً؛ مايلقي على عاتق الدول ضرورة صياغة استراتيجيات للتعامل معها، إلا أن مانتج من تبعات عصفت بالعالم بالتزامن مع جائحة كورونا والتي ألقت بظلالها على جميع القطاعات الاقتصادية، كانت الأولى من نوعها منذ قرن، إذ دفعت العديد من الحكومات لصياغة استراتيجيات للتعامل مع تبعاتها، وكانت أحد أبرز تلك التبعات التي حذًرت منها المنظمات الدولية وتحركت لحلها معظم دول العالم هي ارتفاع معدلات البطالة العالمية، فوفقاً لتقديرات البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية، بلغ عدد العاطلين نحو 200 مليون عاطل عام 2022، أما حالات فقدان الدخل نتيجة لفقدان الوظائف فكانت أكبر بين الشباب والنساء وأصحاب المهن الحرة والعمالة الموسمية ذوي المستويات التعليمية الأقل.

وقد تأثرت النساء، على وجه الخصوص، بفقدان الدخل والعمل؛ لأنهن كن على الأرجح يعملن في قطاعات تضررت بقدر أكبر من جراء تدابير الإغلاق العام والتباعد الاجتماعي.

هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة أثرت بدورها على العمالة غير المنتظمة وتسببت في ازدياد أعدادهم،  فضلاً عن معاناة بعضهم نتيجة تضرر القطاعات التي يعملون بها، وبصفة خاصة قطاعي السياحة والآثار، إضافة لما يعانون منه في الأساس من غياب التعاقد الرسمي والتأمين الاجتماعي، وكذا الافتقار إلى الشعور بالأمان وتدني الدخول وعدم توافر الحماية الكاملة في حال التعرض للأمراض أو المشاكل المرتبطة بالعمل في ظروف غير آمنة، وارتفاع مستوى الخطورة من فقدان الدخل نظراً لعدم استدامة مصدر الرزق، بالإضافة لعدم تمتعهم بأيٍ من الحقوق المرتبطة بالحصول على إجازات مدفوعة الأجر أو التأمين الاجتماعي أو الاجازات المرضية، فضلاً عن غياب أي نقابات تجمعهم .

في السياق عاليه، وإدراكاً لأهمية هذه القضية، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على مفهوم العمالة غير المنتظمة وأسباب هذه الظاهرة، ومفهوم الحماية الاجتماعية، والإحصائيات والأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية لأعدادهم التقديرية في مصر والعالم العربي، وأخيراً تناول جهود الحكومة المصرية في التعامل مع هذه الظاهرة).

وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة لمواجهة هذه الظاهرة والتعامل معها مايلي:

* أهمية وضع تعريف ومعايير محددة وموحدة بين الدول لتحديد الفئة المقصودة بالعمالة غير المنتظمة وتصنيفها لإعداد إحصائية واقعية وفق منظومة بيانات مدققة ومتكاملة.

* على جميع الدول العمل على توفير البيانات والإحصاءات بشكل أكثر شفافية ودقة حتى يمكن تشخيص الوضع بشكل أكثر دقة، فضلاً عن إمكانية الحصول على دعم الشركاء الدوليين في إيجاد حلول ناجحة وفعالة.

* ضرورة الاستمرار في برامج الحماية المجتمعية التي أطلقتها العديد من الحكومات للعمالة غير المشمولين ببرامج الحماية الاجتماعية القائمة، وخاصة في أعقاب انتشار جائحة كورونا.

 

* إجراء تقييم لبرامج الحماية الاجتماعية الحالية لتحديد الفجوات بها واستكمال منظومة الحماية لهم.

* تنظيم العمالة غير المنتظمة من خلال نقابات عمالية أو مهنية، ووضع خارطة طريق للتوسع في مظلة الحماية والتمكين لتلك الفئة.

*الاستمرار في العمل على خلق مناخ للاقتصاد أكثر جاذبية للمستثمرين، بما يضمن خلق فرص عمل أفضل.

*تحسين الوصول إلى التعليم والارتقاء بجودته وتعزيز المساواة في الوصول إليه، وضمان بقاء الطلاب في المدرسة حتى الحصول على التعليم الثانوي، وتوفير فرص للتدريب الفني والمهني.

* العمل على إدخال تعديلات وإصلاحات مستمرة في النظام الضريبي، كلما تطلب الأمر ذلك وبما يتلاءم مع دخول العمالة غير المنتظمة وأحوالهم وظروفهم المعيشة والأنشطة التي يمارسونها، وزيادة الحوافز وخفض ضرائب الرواتب وإتباع أنظمة الحماية الاجتماعية الداعمة كالضرائب التصاعدية على الدخل.

* الاستمرار في السياسات الرامية لتعزيز الشمول المالي من خلال تعزيز وصول أكبر شرائح إلى الخدمات المالية الرسمية، خاصةً وأن التطبيقات الخاصة بالتحويل المالي عبر الهواتف المحمولة ساهم في النمو الشامل من خلال توفير الحسابات المالية لغير المتعاملين مع البنوك، وتمكين النساء مالياً، ومساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على النمو داخل القطاع الرسمي.

* تقليل المستندات والأوراق المطلوبة لإقامة المشروعات الصغيرة ذات الإمكانات المحدودة.

*بذل المزيد من الجهود نحو رقمنة الاقتصادEconomic Digitalization ، أي التحول بالاقتصاد من اقتصاد يعتمد على المستندات والأرشفة الورقية، إلى اقتصاد يعتمد على قواعد البيانات وتخزينها وتداولها على المنصات الإلكترونية.

*من الممكن تجنب مسألة الطابع الرسمي للعاملين من خلال توفير التأمين الصحي والمعاشات للعاملين غير المنتظمين عبر وسائل أخرى، كالعضوية في النقابات العمالية، أو المنظمات غير الحكومية، أو من خلال الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص؛ وهذا الأمر من الممكن أن ينطوي على ميزة إضافية وهي التشجيع على ريادة المشاريع.

*رفع الوعي لدى العاملين بأهمية حصولهم على حقوقهم من خلال التأمين عليهم وإدراجهم بسجل العاملين لدى الجهات الرسمية للدولة لضمان حقوقهم.

…………………………………………………………….

أولاً: العمالة غير المنتظمة:

  • المفهوم:

اعتمدت منظمة العمل الدولية التعريف المشترك للعمل غير النظامي وهو: يصنف العاملون لحسابهم الخاص (من غير الأجراء (الذين يديرون مؤسسات غير نظامية على أنهم يعملون في القطاع غير النظامي). وبالمثل، يصنف أرباب العمل (الذين لديهم أجراء(والذين يديرون مؤسسات غير نظامية على أنهم من ضمن القطاع غير النظامي). ويتم تصنيف أفراد الأسرة كافة الذين يساهمون في العمل في المؤسسة على أنهم أصحاب عمل غير نظامي؛ بصرف النظر عما إذا كانوا يعملون في مؤسسات تابعة للقطاع النظامي أو غير النظامي.

 وفي حالة العاملين، يعرف العمل غير النظامي على أساس علاقة العمل التي لا ينبغي أن تكون، في القانون أو الممارسة العملية، خاضعة لتشريعات العمل الوطنية، أو لضريبة الدخل، أو الحماية الاجتماعية، أو الحق في استحقاقات عمل معينة (كإشعار مسبق بالفصل من الخدمة، وتعويض نهاية الخدمة، والإجازة السنوية أو المرضية المدفوعة الأجر، وغيرها).

وفي الممارسة العملية، تتحدد الطبيعة النظامية أو غير النظامية لوظيفة ما يشغلها الموظف على أساس معايير تشغيلية مثل: اشتراكات الضمان الاجتماعي التي يدفعها صاحب العمل باسم العامل، والحق في إجازة مرضية مدفوعة الأجر وإجازة سنوية مدفوعة الأجر.  ويربط عدد كبير من الباحثين العمل غير النظامي بالافتقار إلى الإدارة الاقتصادية والمؤسسية.

وخلاصة القول، بأن العمالة غير المنتظمة؛ هم مجموعة الأفراد الغير مدرجين ضمن نظام عمل ودوام جزئي أو كلي، كما يضم العمالة المؤقتين أو الموسميين والذين يتم توظيفهم دون تحديد ساعات عمل أو جدول زمني لهم، ويفتقر هذا النوع من الوظائف لأية مزايا أو مؤهلات، كما أنه يفتقر للاستمرارية، فضلًا عن عدم وجود أية حقوق للعمالة كالإجازات أو المكافآت أو ما شابه بالإضافة إلى انخفاض الأجور.

  • أسباب ظاهرة العمالة غير المنتظمة:

 ينجم العمل غير النظامي أساساً كمزيج من ضعف الخدمات العامة، ونظام تنظيمي تقييدي، وضعف قدرة  على الرصد والتنفيذ، كما هو الحال في الجزائر ومصر والأردن ولبنان مثلاً. كما تغذي بعض الظروف السائدة في المنطقة العربية العمل غير النظامي بشكل أكبر من ذلك، وهي تشمل ما يلي:

– التغير الديمغرافي الذي يمثل تحدياً رئيسياً لبلدان مثل مصر والأردن ولبنان و فلسطين وسوريا.

– انتشار الصراعات وعدم الاستقرار السياسي، لاسيما في العراق وليبيا وفلسطين وسوريا واليمن الذي يؤثر على الاستقرار السياسي في سبعة بلدان أخرى هي مصر والأردن ولبنان والسعودية والسودان وتونس والإمارات.

-انخفاض مستوى الاستقرار المالي والنقدي بسبب انخفاض أسعار النفط التي تؤثر على دول مجلس التعاون الخليجي؛ والنمو الاقتصادي المنخفض، ونمو البطالة في الدول غير المنتجة للنفط. ونتيجة لذلك، دفع عدد كبير من المواطنين العرب إلى القطاع غير النظامي لأنه الخيار الوحيد لكسب العيش.

– علاوة على ذلك، فإن ضعف الإطار التنظيمي يحد من تنمية القطاع الخاص والنمو العام. ففي أعقاب  ثورات الربيع العربي، تدهورت الجودة التنظيمية في بلدان عديدة مما أثر على قواعد المنافسة والاستثمار، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر، والإعانات، والتنظيمات البيئية، والتجارة، والمناخ العام للأعمال التجارية.

 -تدني جودة التعليم، والذي يحد من قدرة الناس على التحول من الوظائف غير النظامية إلى الوظائف النظامية كما يحد من جودة الابتكارات في مجال البحث والتطوير.

 -تؤدي أنظمة الحوكمة غير الكفء في بعض بلدان المنطقة إلى التهرب الضريبي، مما يزيد من الحافز للعمل في القطاع غير النظامي. وقد شهدت بعض البلدان،  مثل قطر والإمارات، تحسناً السنوات الماضية؛ رغم أن للمنطقة العربية واحدة من أدنى نسب الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء العالم.

  • ثانياً: العمالة غير المنتظمة ومفهوم الحماية الاجتماعية:

يمكن تعريف الحماية الاجتماعية بأنها مجموعة الخدمات الاجتماعية والصحية والاقتصادية والتعليمية والثقافية التي تهدف إلى رفع مستوى معيشة العمالة غير المنتظمة من خلال تنمية قدراتهم الاقتصادية والتعليمية والصحية.

وتهدف برامج الحماية الاجتماعية إلى:

– حماية الفئات الفقيرة من العمالة غير المنتظمة من الصدمات والتقلبات التي يتعرض لها الاقتصاد.

– تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توفير الخدمات وفرص العمل بشكل متكافئ ومتوازن.

– تكاتف الجهود الأهلية والحكومية لتحقيق الحماية الاجتماعية لهذه الفئة من خلال الخطط والبرامج والمشروعات المنصوص عليها في الدستور والقانون لتحقيق العدالة الاجتماعية.

*وهناك مفاهيم مرتبطة بالحماية الاجتماعية منها:

شبكة الحماية الاجتماعية: وهي إحدى آليات الحماية الاجتماعية التي تعمل على التخفيف من حدة أية آثار ترتبط بوجود حروب أو كوارث طبيعية أو تطبيق سياسات إصلاحية على الفئات المهمشة والفقيرة والأكثر فقراً من أجل تلبية احتياجاتها والعمل على إشباعها.

مفهوم أرضية الحماية الاجتماعية: وهو المفهوم الذي أطلقته الأمم المتحدة عام 2009 ويعرف “بأنه منهج وأداة يمكن من خلالها مواجهة الأزمات التي تعاني منها الدول نتيجة لوجود عجز في برامج الحماية الاجتماعية، ويمكن من خلالها توفير الحماية الاجتماعية الملائمة للجميع، والتي يمكن من خلالها تقديم الدعم المالي للنهوض بقطاع الصحة، ومنح الدخل الآمن للأطفال الذي يوفر لهم الرعاية الصحة والمادية والتعليم، ويوفر حياة كريمة لكبار السن وذوي الهمم”.

  • ثالثاً: إحصائيات وأرقام عن العمالة غير المنتظمة في مصر والعالم العربي:

تعاني الدول العربية بتسجيل واحد من أعلى معدلات البطالة بين الشباب في العالم (26%) وتشهد تدهوراً في جودة الوظائف، وبالتالي فإن القطاع غير النظامي آخذ في التوسع. كما أن هذا القطاع شهد نموًا كبيرًا بالتزامن مع انتشار جائحة كورونا، فضلًا عن معاناة المنطقة من الصراعات وعدم الاستقرار والتي أثرت على النمو الاقتصادي ممًا دفع العمال بالبحث عن فرص للعمل في القطاعات غير النظامية.   

عند النظر إلى كل دولة في المنطقة العربية على حدة، نجد أن البلدان ذات أدنى مستوى من الناتج المحلي الإجمالي للفرد تميل إلى أن يكون لديها أعلى مستويات من العمل غير النظامي. وتشير التقديرات إلى أن ثلث الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة يتم إنتاجه من خلال العمل غير النظامي.

وإحصائياً ، فإن عدم قيام الدول العربية بمواكبة التطورات الخاصة بالعمالة غير المنتظمة، والتي تمثلت في قيام منظمة العمل الدولية؛ بتطوير الدليل الاحصائي حول القطاع غير الرسمي والعمال غير المنتظمة بهدف تطوير المفاهيم والتعريفات الاحصائية ذات الصلة بعناصر القياس وأساليب التقدير والمنهجيات المختلفة، وبالتالي لم تتمكن المنظمة من إنشاء قاعدة بيانات فرعية عن سوق العمل سوى لدولتين عربيتين فقط هما مصر وفلسطين،  أما باقي الدول العربية فلم تواكب هذه التطورات؛ وبالتالي فإن كافة البيانات المقدمة هي بيانات تقديرية بالتعاون مع عدد من الخبراء والمنظمات الدولية المهتمة بهذا القطاع.

فمثلاً تقدر منظمة WEIGO الخاصة برصد العمالة الغير منتظمة وبصفة خاصة من النساء حول العالم ، إلى أن العمالة غير المنتظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشكل 45% من العمالة الزراعية، مقارنة                   بـ 82% في جنوب آسيا، و66% في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و65% في شرق وجنوب شرق آسيا (بدون الصين)، و51% في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

كما أن نسبة العمالة غير المنتظمة في القطاعات غير الزراعية المختلفة تبلغ 52.3% من إجمالي العمالة غير الزراعية في فلسطين و51.2% في مصر، وتشمل هذه النسب نحو 54.5% للرجال في فلسطين و56.3% في مصر، أما بالنسبة للنساء فإنها تنخفض إلى 40% في فلسطين و23.1% فقط في مصر.

أما من حيث التوزيع القطاعي، فتكون نسبة العمالة غير المنتظمة مرتفعة جدًا في قطاع الإنشاءات سواء في مصر أو في فلسطين. وتبلغ نسبة العمالة غير المنتظمة 96.9% من إجمالي العمالة في فلسطين و92.1% في مصر.

في حين تشهد قطاعات الخدمات الأخرى  (باستثناء التجارة والنقل) أدنى نسب العمالة غير المنتظمة، والتي لا تتجاوز 20% من إجمالي العمالة في كلا البلدين.

أما قطاع البناء، ففي حين يجتذب 14.8% من إجمالي العمالة في فلسطين، فإنه يجتذب 1% فقط من العمالة الرسمية مقارنة بـ 27.4% من العمالة غير المنتظمة.

وفي مصر يشكل قطاع البناء 27.3% من العمالة غير المنتظمة، ولا يجتذب سوى 15.2% من إجمالي العمالة. ومن ناحية أخرى، يجتذب قطاع الخدمات الأخرى (باستثناء التجارة والنقل) 69.5% من إجمالي العمالة الرسمية (الرجال) وحوالي 90% من إجمالي العمالة الرسمية (النساء). وهذا يوضح أيضاً أن النساء غائبات تماماً تقريباً عن العمالة غير المنتظمة في مجال النقل (0.7%).

وتمثل النساء حوالي خمس إجمالي العمالة في مصر وأقل في فلسطين (16.9%)، وترتفع هذه النسبة إلى 30% من العمالة الزراعية في كلا البلدين. وتمثل النساء الفلسطينيات 38.8% من العمالة الزراعية المستقلة، في حين أنهن لا يمثلن سوى 4.5% من العمالة الزراعية المستقلة الرسمية.

وقد يكون ارتفاع نسبة العمالة غير المنتظمة خارج القطاع غير الرسمي في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا راجعاً إلى حقيقة مفادها أن بعض المؤسسات في القطاع الرسمي توظف أشخاصاً دون احترام لوائح وقواعد العمل، بالإضافة إلى انتشار الشركات العائلية.

وفيما يتعلق بتغطية التأمين الاجتماعي، تبلغ نسبة التغطية المرتبطة بأنظمة التقاعد لإجمالي العاملين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 32.3%، مقارنة بـ 88.3% في الدول المتقدمة، و47.5% في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، و9.1% فقط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. أما بالنسبة للعاملين، فإن التغطية لا تتجاوز 42.9% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي النسبة الأدنى مقارنة بدول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.

أما بالنسبة للعاملين لحسابهم الخاص، فإنها بالكاد تصل إلى 5% مقارنة بـ 64.4% في أوروبا والاتحاد الأوروبي، و18.8% في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. وعلاوة على ذلك، فإن 1.8% فقط من أفراد الأسرة المساهمين يستفيدون من التغطية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع العلم أن هذه الفئة لا تزال ضعيفة من حيث التغطية، حتى في الدول المتقدمة، حيث تظل التغطية أقل من 18%.

كما ينعكس الضعف أيضًا في ضعف نسبة التغطية الاجتماعية لمن يعملون بدون عقد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي لا تتجاوز 9% مقارنة بـ 43.7% للعاملين الموسميين و85.1% للموظفين الحكوميين على التوالي.

-الواقع أن هناك ارتباطاً في حالة دول مجلس التعاون الخليجي، بين ارتفاع الدخول والافتقار للحماية المجتمعية، فرغم الدخول المرتفعة إلا أننا نجد فئات العمالة المهاجرة والعمالة المنزلية تفتقر لأنظمة حماية مجتمعية تسمح لهم بالاستفادة من أنظمة التقاعد.

أما في باقي الدول فنجد أن:

– اليمن والسودان وفلسطين وموريتانيا وسوريا لديها نصيب منخفض للفرد من الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالتوازي مع نسب عالية من عدم التغطية الاجتماعية؛

– المغرب والأردن والعراق والجزائر وتونس لديها نصيب مرتفع نسبيًا  للفرد من  إجمالي الناتج المحلي الإجمالي ونسب منخفضة من عدم التغطية الاجتماعية، وخاصة الجزائر وتونس، وذلك بسبب تطورها النسبي من حيث تغطية أنظمة التقاعد للفئات النشطة؛

– أما بالنسبة للحالات المختلفة  التي لاتنطبق عليها القاعدة، فهي تظهر في ليبيا حيث توجد نسبة عالية من عدم التغطية الاجتماعية على الرغم من ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والذي يمكن تفسيره بأهمية العمالة المهاجرة التي لا تغطيها أنظمة التقاعد؛ 

– وفي مصر فنجد ارتفاع نسب الحماية الاجتماعية رغم تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وقد يعود ذلك لأهمية التوظيف في القطاع العام، والذي يوفر نسبة عالية من التغطية الاجتماعية.

كما يلاحظ انخفاض نسب العمالة غير المنتظمة في الدول النفطية، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، وبدرجة أقل في الجزائر وليبيا، نظراً للمساهمة المهمة لعائدات النفط في الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول. إلا أنها تفتقر بشدة إلى وجود غطاء حماية اجتماعية قوية نظرا لاعتمادها بنسب كبيرة على العمالة المهاجرة في قطاع البناء والعاملات المنزلية.

في حين تستفيد العمالة غير المنتظمة في دول كمصر والجزائر وتونس وليبيا بجزء من أنظمة الحماية الاجتماعية، بينما اليمن وسوريا من الدول التي تفتقر بصورة عالية لوجود غطاء اجتماعي، إلا أن ذلك يعني أن جزءاً كبيراً من العاملين في القطاع الرسمي يفتقرون لوجود نظام حماية اجتماعية في حين تكون نسبة العمالة غير المنتظمة ضعيفة بالأساس في المغرب والأردن.

*كذلك يرتبط وجود العمالة غير المنتظمة بالتطورات والتركيبة الديموجرافية للبلدان العربية ، فمثلاً الارتفاع في نسبة مكون الشباب يعني المزيد من الضغوط على أسواق العمل العربية حال وصولهم لسن سوق العمل مما يعني مزيداً من القطاعات والعمالة غير المنتظمة، فضلاً عن أن ارتفاع نسب المناطق الريفية وخاصة لبلدان ذات الثقل الديموجرافي المهم في المنطقة، مثل مصر (56.9٪)، والسودان (66.4٪)، واليمن (66٪)، فإن هذا يعني مستويات عالية مستمرة من العمالة غير المنتظمة، نظرًا لأهمية العمالة الزراعية في المناطق الريفية، والتي هي بالفعل غير منتظمة في البلدان النامية. هذا فضلاً عن ارتفاع نسب الهجرة من الريف إلى الحضر مما يشكل تحدياً على مدى قدرة السوق الرسمي على استيعاب تلك التغيرات. وضغطاً كبيراً على أسواق العمل الرسمية في المدن يجعلهاغير قادرة على مواجهة الطلب الإضافي من العمالة الناتجة عن هذه الحركة، وينتج عن ذلك أيضًا عشوائية العمل والمزيد من اللارسمية.

*كما أن ارتفاع نسب البطالة ترتبط بشكل طردي بانتشار سوق العمل غير المنتظم وخاصة بين فئات الشباب، أو النساء، أو الأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبارها الفئات التي تواجه المزيد من صعوبات التوظيف، وبالتالي فهي أكثر تعرضًا للعمل غير المنتظم ونقص الحقوق الأساسية في العمل. وهنا تقسم الدول العربية لمجموعتين:                      موريتانيا وليبيا والسودان وتونس والجزائر ومصر، حيث مستويات الاقتصاد الخفي والبطالة مرتفعة؛

جميع دول مجلس التعاون الخليجي، أي الإمارات العربية المتحدة وعمان والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت وقطر، حيث مستويات البطالة والعمالة غير المنتظمة منخفضة.

*كما يُمكن الاعتماد على مؤشر عدم وجود حساب جار بالبنوك كدليل على وجود العمالة غير المنتظمة وهو مايلقي الضوء على أهمية الشمول المالي، فضلاً عن أهمية تقديم حزم وبرامج لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة مالياً بما يُساهم في تراجع العمالة غير المنتظمة.

 

رابعاً:جهود الدولة المصرية للتعامل مع ظاهرة العمالة غير المنتظمة:

  • نظرة عامة على الوضع الراهن:

– وفقاً لبحث القوى العاملة المصرية للربع الأول من عام 2024 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد ارتفعت قوة العمل خلال الربع الأول لعام 2024 بنسبة 1% لتصل إلى 31.1 مليون عامل وهذا انعكس في زيادة عدد المشتغلين ليصل عددهم إلى نحو 29.2 مليون فرد، بينهم 18.7 مليون عامل يعملوا في القطاع غير المنتظم أي ما يقارب 60% من القوى العاملة في مصر، وتتركز معظم تلك العمالة غير المنتظمة في قطاعات الزراعة والصيد، والتشييد والبناء والمحاجر، والنقل.

ووفقاً للاحصاءات فإن العمالة غير المنتظمة  في مصر تتركز في 12 مهنة أساسية :(عمال المقاولات العامة، عمالة الخدمات، الزراعة، المناجم، المحاجر، الملاحات ، الآثار، البحر، الصيد، الموانئ، العمل بمنشآت موسمية، ميادين “مهن الباعة الجائلين”).

 – أن معظم العمالة غير المنتظمة ليست مشتركة في نظام التأمين الاجتماعي حيث لا تتعدى نسبة 18% من إجمالي المؤمن عليهم، ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها: عدم انتظام الدخل، أو عدم رغبة صاحب العمل أو العامل في تحمل عبء الاشتراك التأميني، أو ضعف القدرة الاقتصادية لتلك العمالة وبالتالي رغبتها في الاحتفاظ بعائدها الشهري كاملاً بدلا من استقطاع جزء منه لتتمتع بمزاياه عند الوصول إلى سن الشيخوخة، بالإضافة إلى عدم الوعي بأهمية الانضمام لمنظومة الحماية.

– وفقاً لتقرير البنك الدولي  حوالي 68% من العمال غير المنتظمين في عام 2012 يعملون في القطاع غير الرسمي حتى عام 2018، بينما أصبح 19% عاطلين عن العمل أو تركوا قوة العمل، وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي. وأشار تقرير آخر للبنك إلى أن حوالي 16% من العمال غير المنتظمين أصبحوا عمالًا رسميين، و24% من العمال الرسميين أصبحوا عمالًا غير منتظمين في مصر، بين عامي 2012 و2018. فضلا عن أن نصف العمال غير المنتظمين في مصر فقدوا وظائفهم بين فبراير 2020 وفبراير 2021 بسبب جائحة كوفيد-19، في حين دفع تأثير الحرب الأوكرانية المزيد من الناس إلى الفقر.

كما تُظهر بيانات البنك الدولي أن 31 % من العمال غير المنتظمين في مصر حاصلون على شهادات جامعية، ويشير المصريون العاطلون عن العمل إلى استعدادهم للعمل برواتب أقل بنسبة 20% مقابل الحصول على وظيفة بالقطاع الخاص الرسمي.

  • جهود الحكومة المصرية للتعامل مع هذه الظاهرة:
  • مع تسجيل التضخم لمعدلات مرتفعة اقتربت من 32% ومانتج عنه من ارتفاع مستوى الفقر وبالتالي زيادة في المشاريع غير الرسمية تنفذ الحكومة المصرية برامج مساعدات تفيد 25% من أفقر الأسر في مصر وتغطي سجلات الضمان الاجتماعي في البلاد أكثر من 50 % من السكان. وزادت ميزانية الحكومة المخصصة للدعم وشبكات الضمان الاجتماعي من 358.4 مليار جنيه مصري في السنة المالية 2022/2023 إلى 529.7 مليار جنيه مصري (حوالي 17.1 مليار دولار) في السنة المالية 2023/2024. وتنفق مصر 10.9% من ناتجها المحلي الإجمالي على الضمان الاجتماعي، وفقًا للبنك الدولي.
  • جهود البنك المركزي المصري لتحقيق الشمول المالي بما يساهم في دمج العمالة غير المنتظمة في القنوات المصرفية الرسمية أو شبه المصرفية، فلقد نما الشمول المالي في مصر مؤخرًا بنسبة 147 %، وأصبح لدى أكثر من 42 مليون مصري في العام 2023/2024 حسابات مصرفية. وهو يعكس التطور عن العام 2021 فوفقاً لبيانات الشمول المالي للبنك الدولي لعام 2021، افتقر 61 % من المصريين إلى الحسابات المصرفية بسبب عدم كفاية الأموال. وفي الوقت نفسه، قام 20%فقط من المصريين بإجراء أو استلام أي مدفوعات رقمية في عام 2021.
  • اتخذت الحكومة بالفعل عدة قرارات لدعم العمالة غير المنتظمة، ومنها حصر أعداد العمالة وتسجيل بياناتهم، وحسب تصريح وزارة القوى العاملة فإن هذه الخطوة “تستهدف بناء قاعدة بيانات حقيقية من أرض الواقع ترتكز على استهداف قطاعات وفئات العمالة غير المنتظمة التي تعمل داخل القطاعين الرسمي وغير الرسمي على عدة مراحل، حيث إن عدد المستهدفين في المرحلة الأولى يبلغ 2.5 مليون عامل”. 
  • أطلقت الدولة أول منظومة للتأمين الاجتماعي والصحي للعمالة غير المنتظمة في مصر، في الأول من يوليو 2021، في إطار سعي الدولة إلى توفير الحماية التأمينية للعمالة غير المنتظمة.
  • تم تشكيل لجنة مركزية لمتابعة تشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة، وتختص هذه اللجنة برسم سياسات الدولة لتشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة ومتابعة تنفيذها، وبحث مشكلاتهم، ووضع اقتراحات الحلول المناسبة.
  • أطلقت الدولة المصرية شهادة “أمان” عام 2018 للتأمين على حياة العمال المؤقتين والموسميين. وتدمج الشهادة بين شهادة الادّخار ووثيقة التأمين، فيحصل المشتري على شهادة بفائدة 16% لمدة 3 سنوات، قابلة للتجديد 3 مرات، أي أن الحد الأقصى للشهادة 9 سنوات، وفي نفس الوقت، تحصّل شركة التأمين جزءًا من الفائدة، لتٌتيح لأصحاب الشهادات تأمينًا في حالة الوفاة الطبيعية، أو بسبب حادث، حده الأدنى 10 آلاف جنيهاً، وحده أقصى 250 ألف جنيهاً. غير أن خبراء شددوا على ألا يجب أن تكون الشهادة بديلاً عن وضع نظام تأمين اجتماعي شامل للعمالة غير المنتظمة، ورأوا أنها بالأساس أداة تجارية في إطار سعي الدولة نحو توسيع قاعدة المواطنين المتعاملين مع النظام البنكي (الشمول المالي) وتنشيط الحركة المصرفية.
  • سلمت وزارة القوى العاملة في الفترة من يناير 2021 حتى 28 مارس 2021، نحو 184.7 ألف وثيقة للتأمين التكافلي ضد الحوادت الشخصية.
  • وفي سياق متصل، نفذت الدولة عدة مبادرات لتحسين أوضاع العمالة غير المنتظمة، ومن أهمها: المبادرة الرئاسية «بر أمان» لحماية ودعم صغار الصيادين، ومبادرة «تتلف في حرير» التي تستهدف تقديم الدعم الفني لتطوير التصميمات المستخدمة في صناعة السجاد اليدوي ومبادرة «طريقك أمان» لحماية العاملين في مجال خدمات التوصيل.
  • كما أطلقت الدولة مبادرة التمكين الاقتصادي للعمالة غير المنتظمة، والتي تستهدف توفير فرص عمل الإجمالي 30 ألف مستفيد في 16 محافظة الأكثر عددًا في العمالة غير المنتظمة، وفي إطار مشروع التدريب المهني «برنامج طفرة» فقد تم تدريب عدد 3000 عامل وعاملة في المحافظات، كمرحلة أولى.
  • مشروع قانون العمل الجديد، والذي نص ولأول مرة، على “إنشاء صندوق للعمالة غير المنتظمة تكون له الشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الوزير المختص، ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل مجلس إدارة الصندوق برئاسة الوزير المختص ويحدد اختصاصاته، والرسوم المقررة ونظام تحصيلها من صاحب العمل الذي يستخدم العمالة غير المنتظمة بما لا يقل عن 1% ولا يزيد على 3% مما تمثله الأجور من الأعمال المنفًذة”.  كما حدد القانون الفئات المستفيدة من امتيازات العمالة غير المنتظمة منها: العمالة المؤقتة بالزراعة وملاك الأراضي الزراعية غير الحائزين لها ممن تقل ملكيتهم عن فدان، وعمالة الشوارع وصغار المشتغلين لحساب أنفسهم كالباعة الجائلين وغيرهم، وعمالة المنازل و قراء القرآن الكريم وخدًام الكنيسة.
  • واستجابة مع تداعيات جائحة كورونا تم تشكيل لجنة وزارية تعني بدعم العمالة المتضررة ، حيث صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2183 لسنة 2020، بتشكيل لجنة وزارية تعنى بدعم العمالة المتضررة من تداعيات «كوفيد- 19»، والعمل على إعداد استراتيجية وطنية لحماية ورعاية العمالة غير المنتظمة .وفي سبيل تحديد المستفيدين من هذا الدعم، تم تأسيس قاعدة بيانات موحدة للمتضررين المتقدمين للحصول على منحة “كوفيد-19”. وخصصت وزارة المالية أكثر من 5.3 مليارات جنيهاً لصرف المنحة الاستثنائية للعمالة غير المنتظمة، وجرى صرف منحة قدرها 1500 جنيه على 3 أشهر بواقع 500 جنيه لكل شهر منذ بداية الجائحة، حتى فبراير 2021.

 

…………………………………………………..

 

المراجع

*منظمة العمل الدولية

-الحوار الاجتماعي   https://solifem.ilo.org/ar     

-التوصية رقم 204/ بشأن الانتقال من الاقتصاد غير المنظم إلى الاقتصاد المنظم

https://www.ilo.org/sites/default/files/wcmsp5/groups/public/@ed_norm/@normes/documents/normativeinstrument/wcms_386775.pdf  

* الحماية الاجتماعية والعمالة غير المنتظمة- فاطمة أحمد بكر

https://aial.journals.ekb.eg/article_244865_88d4da5ab405603d547141d7a9881665.pdf      

* نحو مسار منتج وشامل استحداث فرص العمل في المنطقة العربية

https://www.unescwa.org/sites/default/files/pubs/pdf/productive-inclusive-path-job-creation-arab-region-arabic.pdf  

*تقرير شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية:

    INFORMAL LABOR IN THE ARAB COUNTRIES THROUGH INTERNATIONAL STATISTICAL INDICATORS AND DATA, Dr. Azzam Mahjoub University Professor and International Expert Mohamed Mondher Belghith, https://www.annd.org/uploads/summernote/71614356401.pdf   

  Informal middle-class workers: the missing middle Working paper  series on the middle class, ESCWA-UN,

file:///C:/Users/user/Downloads/middle-class-arab-countries-    working-paper-4.pdf

 EGYPT World Bank Issues Brief – No. 2 1.  – Informal is new Normal , https://www.worldbank.org/content/dam/Worldbank/Feature%20Story/mena/Egypt/Egypt-Doc/egy-jobs-issue-brief-2-ENG-ARA.pdf

 *العمالة غير المنتظمة في مصر: مبادرات عديدة وحصاد محدود 2 مايو 2023   – حلول للسياسات البديلة

https://aps.aucegypt.edu/ar/articles/993/irregular-employment-in-egypt-multiple-initiatives-meager-results  

 

The post العمالة غير المنتظمة…… مفاهيم..مؤشرات..حلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8125
الغارمات https://draya-eg.org/2024/07/20/%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d9%85%d8%a7%d8%aa/ Sat, 20 Jul 2024 13:27:19 +0000 https://draya-eg.org/?p=8062 لا شك في أن وضع المرأة في أي مجتمع يشير حتمًا إلى مقدار تقدمه ونموه وهو معيار عالمي تنظر إليه الدول والمجتمعات بعين الإعتبار لاسيما عمل المرأة ووضعها في السلم الإجتماعي وما تتمتع به من فرص وإمكانيات تمكنها إقتصادياً في مجتمعها وتساعدها على تحمل مسئولياتها، خاصة مع زيادة نسبة السيدات المعيلات لأسرهن على المستوى العالمي …

The post الغارمات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لا شك في أن وضع المرأة في أي مجتمع يشير حتمًا إلى مقدار تقدمه ونموه وهو معيار عالمي تنظر إليه الدول والمجتمعات بعين الإعتبار لاسيما عمل المرأة ووضعها في السلم الإجتماعي وما تتمتع به من فرص وإمكانيات تمكنها إقتصادياً في مجتمعها وتساعدها على تحمل مسئولياتها، خاصة مع زيادة نسبة السيدات المعيلات لأسرهن على المستوى العالمي وفي مصر بشكل خاص، فتشير بعض الدراسات الى أن الأسر التي تترأسها نساء هي الأكثر فقراً من الأسر التي يترأسها رجال، وعلى سبيل المثال: في مصر 36% من الأسر الريفية التي تترأسها النساء تعيش في فقر مدقع مقارنة بـ28% من الأسر التي يترأسها رجال، وأسباب ذلك ترجع إلى معاناة المرأة من مختلف صور التمييز النوعي وعدم المساواة في الحصول على الخدمات الرئيسية مثل التعليم والصحة وغيرها، فيما تشكل العادات والتقاليد دورًا أساسيًا في ترسيخ التمييز النوعي حيث تقوم المرأة بأدوار متعددة وكأنها من صميم مسئولياتها وفي أغلب الأحيان بدور أجر مثل العمل في المزارع العائلية في قرى صعيد مصر وريفها .

ومع زيادة نسبة السيدات العاملات والمعيلات لأسرهن تبرز مشكلة الفقر كأحد أهم الآفات التي تواجه المرأة والمجتمع وتؤثر على تماسكه، وهو ما دفع المفكرين إلى استحداث مصطلح ” تأنيث الفقر” في مصر، وهو ما حاولت الدولة المصرية مواجهته بكل شجاعة من خلال مكافحة الفقر في رؤية مصر المستدامة 2030 وإطلاق مشروعات لتمكين المرأة إقتصاديًا ، والعمل بشكل فاعل على مواجهة مشكلة الغرم والتي كانت سبباً في تفكك وتشريد العديد من الأسر.

لقد كانت مشكلة الغرم في مصر خاصة بين النساء من المشكلات التي تلقى الإهتمام المناسب من قبل الدولة وأجهزتها المعنية، إلا أنها حظيت خلال العقد الأخير بإهتمام من القيادة السياسية غير مسبوق ووضعت هذه الإشكالية فى مقدمة الأولويات مع العمل على حلها بكل الطرق وبتضافر جهود الحكومة ومنظمات المجتمع المدني التى قدمت دوراً كبيرًا ومحمودًا في هذا الأمر.

وانطلاقا من أهمية قضية ” الغارمات فى مصر “، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على واقع مشكلة الغارمات في مصر، والمؤشرات المتعلقة بها، والتحديات التي تواجه الغارمات وأخيراً جهود الدولة للتعامل مع هذه المشكلة.

 وقد تمثلت أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الورقة بحيث يُمكن وضعها أمام صانع القرار للمساهمة في وضع حلول بديلة تساهم في تجفيف منابع الغرم مايلي:

1- إجراء عدد من الإصلاحات التشريعية التي تتيح استبدال عقوبة الغارمات وإحالتها من الجنح إلى المحاكم المدنية مع استبدال عقوبة السجن بالخدمة المدنية حيث يستفيد المجتمع من خدمات الغارمات بدلاُ من إيداعهن السجن.

2- إجراء المزيد من الدراسات الإجتماعية والإقتصادية لبحث أسباب هذه الظاهرة ودراسة كافة جوانبها ووضع الحلول المناسبة لها.

3- العمل على ايجاد قنوات للإقتراض الآمن والميسر فى إطار التدخلات الإستباقية لمنع وقوع الغارمين تحت طائلة المستغلين وسماسرة الإقراض.

4- توجيه كليات الخدمة الإجتماعية بالجامعات المصرية لتركيز الدراسات والبحوث على قضية الغرم والتنسيق مع وزارة الداخلية لإيجاد آلية لتحديث البيانات والربط الشبكي مع الجهات المعنية .

5- تنفيذ حملة إعلامية للتوعية بمخاطر الغرم وآثاره السلبية على المجتمع خاصة مخاطر التوقيع على إيصالات الأمانة والتي تعد السبب الرئيسى للوقوع في الغرم.

6- التوسع في مشروعات التمكين الإقتصادي للغارمين والغارمات عقب إطلاق سراحهم بهدف تجفيف منابع الغرم.

7- وضع خريطة على مستوى محافظات الجمهورية المختلفة توضح بؤر الفقر التي تكون تمركزًا للغارمين والغارمات واستهدافها بالخطط والإستراتيجيات المتاحة لتقليل حجم الغرم.

8- تحفيز دور المساجد والكنائس لإطلاق حملة توعوية مكثفة لتوعية المواطنين بمخاطر الغرم.

9- توفير تمويل لمشروعات الغارمين بفائدة بسيطة وتسجيل علامة تجارية لمنتجاتهم وتوفير الطرق المختلفة لتسويقها وتوفير دراسات جدوى للمشروعات المختلفة التى يمكن للغارمين اقامتها عقب خروجهم من السجن.

10- دراسة اجراء تعديل تشريعي يجرم طرفي التوقيع على بياض وينفي قانونية ايصال الأمانة الموقع على بياض وعدم اعتباره صكاً قانونياً للمديونية.

المحور الأول : مفهوم الغارمات …

تناولت العديد من الدراسات الإجتماعية مفهوم الغرم وأبعاده إلا أنه يمكن تعريف الغارمة بأنها ” السيدة التي دخلت السجن بسبب توقيع إيصالات أمانة للتجار نتيجة شراء أجهزة أو ما شبه بالقسط وتعثرت في السداد في الوقت المحدد ودخلت على إثر ذلك السجن لفترات طويلة قد تصل لعدة سنوات ، وهن يختلفن عن سجينات القتل أو المخدرات أو الأداب أو السرقة” .

كذلك يمكن تعريف الغارمات على أنهن ” السيدات اللاتى لجأن للإستدانة لمساعدة أسرهن على تحسين الظروف الإقتصادية وتخطي الفقر، ولم يستطعن السداد في الوقت المحدد ، مما تسبب في دخولهن السجن”.

العوامل المؤدية لتزايد أعداد الغارمات :

خلال العقد الأخير تزايدت نسب الفقر بين النساء في مصر بشكل كبير ويعود ذلك الى العوامل التالية :

1- عدم وجود سياسة اجتماعية واضحة لمعالجة المشاكل الخاصة بفقر المرأة.

2- النساء العائلات لأسرهن هن اللاتي يتولين بصورة دائمة مهمة الإنفاق على أعضاء الأسرة ورعايتهم اجتماعيًا وإقتصاديًا، ويندرج تحت هذا التعريف الأرامل والمطلقات والمهجورات ، كما يشمل زوجات أزواج مرضى أو معاقين اومجندين أو مسجونين أو عاطلين عن العمل أو يرفضون الإنفاق على أسرهن.

3- الأسر التي تترأسها نساء هى الأسر الأكثر فقرا مقارنة بالأسر التي يترأسها الرجال.

وفيما يتعلق بتزايد أعداد الغارمات فيعود ذلك الى ثلاثة أسباب أساسية:

1- السبب الأول: الأكثر شيوعا وهوالإستدانة لشراء مستلزمات الزواج ، حيث تقوم الأم بشراء المستلزمات من خلال معارض بنظام القسط الشهري وتتعثر السيدة فى السداد فيدخل الأمر لساحة القضاء ويتطور بأن تسجن السيدة لعدم قدرتها على السداد.

2- السبب الثانى: ” حرق البضاعة ” وهنا تقوم السيدة بشراء سلعة بثمن يكون في الغالب مبالغ فيه نظير قسط شهري وتقوم على الفور بـ” حرق السلعة” أي بيعها بثمن بخس للإستفادة من السيولة النقدية لقضاء حاجة ماسة لديها ويحدث تعثر فى سداد الأقساط.

3- السبب الثالث: الضمانة ، حيث تضمن السيدة أحد الأقارب في التقسيط وحين يتعثر الطرف الأول عن السداد يصير الضامن غارم وتتم مقاضاته ، وكثيراً ما يصيب هذا النوع السيدات الكبيرات فى السن حيث يضمن أقاربهن أو جارتهن فى التقسيط الخاص بزيجات بناتهن.

المحور الثانى : مؤشرات حول أوضاع وسمات الغارمات فى مصر…

أوضحت نتائج إحدى الدراسات التى أجريت حول تأثير المشروعات الإجتماعية للغارمات عقب خروجهن من السجن عدداً من السمات الخاصة بالغارمات أنفسهن ، هذا وتجدر الإشارة الى أن فترة جمع البيانات وتحليلها إمتدت من الفترة 10/1/2020 إلى 10/3/2020 وكانت نتائجها كالتالي:

 

المصدر : دراسة “فاعلية مشروعات الإجتماعية فى تحسين نوعية حياة الغارمات”..

وقد خلصت الدراسة إلى الآتي:

1- نسبة الغارمات اللاتي بلغن أعمارهن أقل من 25 سنة قد بلغت “صفر” بينما بلغت نسبة الذين أعمارهم من 25 لأقل من 35 سنة حوالى 15% ، ونسبة الذين بلغت أعمارهم من 35 لأقل من 45 سنة بلغت 16% ، وكذلك بلغت نسبة الذين بلغت أعمارهم من 45 لأقل من 55 سنة بلغت 60% ، ونسبة الذين بلغت أعمارهم من 55 سنة فأكثر بلغت 6%.

2- بلغت نسبة المتزوجات من إجمالى أعداد الغارمات 25% ، بينما تبلغ نسبة المطلقات 50% ونسبة الأرامل 25%.

3- بلغت نسبة الغارمات الأميات 33% ، كما أن نسبة اللاتي تقرأ وتكتب حوالي 29% ، والحاصلات على مؤهل دون المتوسط 25% ، كما بلغت نسبة الحاصلات على مؤهل متوسط نسبة 13% بينما المؤهل العال (صفر).

4- بلغت نسبة الغارمات ربات المنازل بلغت 22% ، كما أن نسبة العاملات بالقطاع الحكومي قد بلغت “صفر” ونسبة اللاتي تعملن بالقطاع الخاص قد بلغت 38% ، وكذا الغارمات اللاتي تعملن بالأعمال الحرة قد بلغت 35% أما نسبة من بالمعاش 5%.

5- عدد أفراد أسر الغارمات أقل من 3 أفراد بلغت 2% ، كما أن نسبة من 3 إلى أقل من 6 أفراد قد بلغت39% ، كما أن نسبة من 6:9 أفراد قد بلغت 9 أفراد ، وبلغت نسبة 9 أفراد فأكثر 17%.

– وباستقراء النتائج السابقة يتضح أن أغلب الغارمات فى الفئة العمرية من 45:55 سنة بواقع 60% ، كذلك تزداد نسبة الغارمات بين المطلقات بواقع 50% ، وترتفع أعداد الغارمات الأميات بنسبة 33% بينما في الحاصلين على مؤهل عال فتصل نسبتهم إلى “صفر”.

– يتضح أيضا أن غالبية اعداد الغارمات ممن يعملون بالقطاع الخاص بواقع 38%، وغالبية أعداد الغارمات أيضا يتراوح عدد أسرهم ما بين 6:9 أفراد بواقع 42%.

وفى دراسة أخرى أجرتها مؤسسة ” مصر الخير” حول أوضاع الغارمين في مصر كانت نتائجها كالتالي:

1- ظاهرة الغارمين لا ترتبط بالنساء فقط وإنما تشمل الذكور بصورة أكبر وذلك ما أوضحته الدراسات وقاعدة البيانات الخاصة بالمؤسسة تبين أن نسبة 68 % من الغارمين من الذكور بينما 32 % فقط من الإناث.

2- أشارت الدراسة الى أن 44% من الغارمين فى الوجه البحري و 46% في الوجه القبلي.

المحور الثالث: التحديات التي تواجه الغارمات…

تواجه الغارمات الكثير من الضغوط والتحديات داخل وخارج مراكز التأهيل والتي يمكن إجمالها في الآتي:

  • التحديات الحياتية التي تتعرض لها الغارمات داخل السجن: تواجه الغارمات ضغوطًا نفسية كبيرة منذ التوقيع على ايصالات أمانة وارتكابها لجريمة عدم السداد إلى وقت الحكم بالعقوبة كما تواجه مشكلات أخرى بعد المحاكمة وأثناء مدة العقوبة وتختلف هذه المشكلات من سجينة لأخرى حسب طبيعة شخصيتها والمدة التى تقضيها في السجن ، ولكن أغلبهن يعانين من مشكلات خاصة بعلاقاتهن داخل السجن فضلاً عن الضغوط التي تواجه أسر الغارمات.

 

 

2- التحديات التى تواجه الغارمات بعد الإفراج عنهن :

أ- الضغوط الإجتماعية: ترتبط بالمشكلات المادية ومن تلك الضغوط تأتي المشكلات الأسرية التي تواجهها المفرج عنها فقد تجد أسرتها قد تفككت وتشتت وقد يحدث طلاق أو انحراف للأبناء مما يؤدى الى فقدانها الثقة بنفسها.

وهناك مظاهر قد تؤدي لإحداث ضغوط اجتماعية للغارمات المفرج عنهن تتمثل فيما يلي:

1- الشعور بالغربة: وذلك لحدوث تغيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية طرأت على المجتمع ، ولغيابهن مدة طويلة وتعود أسرهن على عدم وجودهن ، مما يزيد إحساسهن بالندم على ما ارتكبته فى حق أبنائها وأسرتها.

2- التفكك الأسرى: قد يحدث فى بعض أسر الغارمات تفكك أسرى أو إنفصال ، وقد ينحرف الأبناء نتيجة لعدم وجود من يرعاهم أو يهتم لأمرهم.

3- الشعور بالعزلة: والذي يؤدي إلى إحساس الغارمات المفرج عنهن بالعزلة عن أسرتها والمجتمع ، ويؤدى الى عدم قدرتهن على تكوين علاقات اجتماعية حيث يتخوف الناس منهن مما يدفعهن للهروب النفسى أو ارتكاب جرائم ضد المجتمع.

4- مشكلة التكيف الإجتماعى: إن وصمة الإجرام التي يصف بها المجتمع المحكوم عليه تعرض الغارمات وأسرهن الى الكثير من المضايقات الاجتماعية التى تتمثل في الإيذاء وجرح الكرامة بالإضافة الى عزلهن اجتماعياً، كما أن الضغوط الاجتماعية للغارمات المفرج عنهن ترتبط بالعلاقات بينهن وبين أسرهن وبيئتهن والمجتمع الذى يعيشن فيه وهذا يمثل ضغوط قد تؤدي إلى سوء توافقهن اجتماعيًا بعد خروجهن من السجن.

ب- التحديات الإقتصادية: وتتمثل هذه الضغوط في الآتي:

أ-مشكلة البطالة والفقر: يعتبر الفقر عائقاً كبيراً في طريق المفرج عنهن، فبعد خروجهن من السجن تواجه الغارمات مشكلة ضعف الدخل وفقدان الوظيفة وغيرها من المشاكل الاقتصادية التى تعيقها عن تدبر أمور حياتها وأسرتها.

2- تعذر إلحاق المفرج عنهن من الغارمات بالأعمال الحكومية والأهلية .

3- عدم قدرة الغارمات المفرج عنهم على إشباع احتياجتهن المادية: نتيجة لظروفهن المادية والإقتصادية الصعبة .

ج- التحديات النفسية: قد تواجه الغارمات المفرج عنهن نفوراً من جانب المجتمع حيث ينظر اليها أفراد المجتمع باعتبارهن مجرمات ، وتغلق سبل العمل أمامهن ولعل أبرز المشكلات التى تواجه الغارمات المفرج عنهن الشعور بالقلق وانعدام الثقة بالنفس وعدم الشعور بالأمن نتيجة لرفض المجتمع لإقامة علاقات وصداقات اجتماعية معهن.

المحور الرابع: جهود الدولة المصرية لفك كرب الغارمات …

عمدت الدولة المصرية إلى القضاء على الفقر وتحسين جودة حياة المواطن المصري في مقدمة خطط التنمية المستدامة وتحقيق رؤية مصر 2030 ، حيث جاء الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة لينص على ” الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشتهوتتمثل أهدافه الفرعية في: الحد من الفقر بجميع أشكاله والقضاء على الجوع، توفير منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، تعزيز الإتاحة وتحسين جودة وتنافسية التعليم، تعزيز الإتاحة وضمان جودة الخدمات الصحية المقدمة، تعزيز الإتاحة وتحسين جودة الخدمات الأساسية، إثراء الحياة الثقافية، تطوير البنية التحتية الرقمية.

 

وبالطبع كان فك كرب الغارمات وتجفيف منابع الغرم في مقدمة أولويات عمل الدولة للحد من الفقر، وقد بذلت الدولة وتشاركها مؤسسات المجتمع المدني جهوداً كبيرة يتمثل أبرزها في التالي:

1- إصدار قرار رئيس الجمهورية بالإفراج عن جميع الغرمين والغارمات في مراكز الإصلاح والتأهيل أثناء إحتفالية تكريم المرأة المصرية والأم المثالية عام 2023 والتي شملت الإفراج عن 85 شخصاً، منهم 40 غارماً و45 غارمة.

2- تشكيل اللجنة الوطنية للغارمين والغارمات وذلك لدراسة أسباب وحلول لمشكلة الغرم في مصر ودراسة أوضاع الغارمين والعمل على فك كربهم.

3- تدشين منصة “الغارمين والغارمات ” بهدف تكثيف الجهود الحكومية وجهود المجتمع المدني من أجل إتاحة بيانات الغارمين والغارمات وحصرهم قبل تنفيذ الأحكام عليهم في محاولة لتسديد ديونهم من خلال التبرعات عبر تلك المنصة، مع الحرص على ربطها شبكياً مع النيابة العامة فى حال اثبات الإستدانة والإخراج اللحظي حال السداد.

4- أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة ” مصر بلا غارمين” عام 2015 ، كذلك أطلق فى عام 2018 مبادرة “سجون مصر بلا غارمين وغارمات”، وذلك بدعم كبير من صندوق تحيا مصر والذي رصد لهذه المبادرة ما يقرب من 30 مليون جنيه فضلاً عن الإفراج عن 6400 حالة من مختلف السجون حتى عام 2019.

5- أطلقت الدولة المصرية برنامج ” مستورة ”  من خلال بنك ناصر الإجتماعي والذي أتاح برامج تمويلية للمرأة بهدف دعمها وتحويلها من منطقة العوز إلى عنصر فعال ومنتج، حيث تم تخصيص 320 مليون جنيه لأكثر من 19 ألف مستفيدة بالإضافة الى تخصيص 3000 قرض من قروض مستورة للسيدات ذوي الإحتياجات الخاصة لدمجهن في الحياة الإقتصادية.

6- أتاح القانون رقم 152 لسنة 2020 بشأن تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر حوافز وإعفاءات وامتيازات ضريبية استفادت منها النساء بشكل كبير، وبناءً عليه وحسب الهيئة العامة للرقابة المالية فقد استحوذت المرأة على النصيب الأكبر من التمويل متناهي الصغر، حيث بلغ عدد المستفيدين من النساء في نهاية الربع الثاني من عام 2020 نحو 1.97 مليون مستفيدة بنسبة 63.74% وبأرصدة تمويل قدرها 8.19 مليار جنية،  ساهمت تلك الأرقام إلى حد كبير في تعزيز النمو الاقتصادي للمرأة، والحد من وطأة الفقر، الذي يعرض فئة عريضة منهن إلى الاستدانة ومن ثم دخولهن السجن.

7- رصد صندوق ” تحيا مصر ” مبلغ 12 مليون جنيه في عام 2016 لفك كرب ما يقرب من 1400 غارماً وغارمة.

8- أطلق صندوق ” تحيا مصر ” مبادرة “دكان الفرحة” لتجهيز الفتيات الأولى بالرعاية، ورفع العبء عن كاهل أمهاتهن، خاصة أن العديد من قضايا الغارمات تكون نتيجة استدانة الأم لتجهيز ابنتها وقد كلف الرئيس الصندوق بتجهيز 2000 فتاة ضمن تلك المبادرة.

9- قامت وزارة التضامن الإجتماعى بتسديد ديون 451 غارمًا وغارمة فى 18 محافظة بالتعاون مع مؤسسة المصري للتنمية والتعليم بتكلفة تقترب من 8.5 مليون جنيه لإخلاء سبيلهم.

10- قامت وزارة التضامن الإجتماعي بإصدار دليل سياسات واجراءات لكل الجهات التي تعمل فى مجال فك كرب الغارمين بجانب دليل السياسات القانونية في حالة إذا ما كان الغارم صدر عليه حكم نهائي أو متداول أو مسجون.

11- ساهمت مؤسسات المجتمع المدني بشكل كبير في إطلاق سراح عدد كبير من الغارمات حيث قامت مؤسسة ” مصر الخير” على سبيل المثال بدايةً من عام 2009 حتى عام 2022 بفك كرب 72 ألف و324 غارما وغارمة بإجمالى تكلفة بلغت 280 مليون جنيه، كذلك أطلق بيت الزكاة والصدقات المصرى برنامج ” الغارمين ” لسداد ديونهم وتفريج كربهم فضلاً عن رعاية أسر المسجونين، حيث يهدف البرنامج لتفريج كربة هؤلاء الغارمين الذين أوقعتهم ظروفهم في قبضة الديون التي لم يتمكنوا من تسديدها، وكذلك من لديهم أحكام وتركو خلفهم أسر وأبناء في حاجة إلى رعاية ، حيث أن هذه الفئة من المواطنين المتعثرين بقضايا مالية يطلق عليهم “الغارمين”، كما أنهم يمثلون بابًا من مصارف الزكاة ، فيما يقوم بيت الزكاه بتسديد مديونيات الحالات المستحقة للزكاة في حال لديها قضايا تنفيذية بعد إجراء التفاوض مع الجهات حول إمكانية تخفيض قيمة المديونية وتحديد المستندات الواجب توافرها وأسلوب التعامل مع هذه الفئة لتلبية احتياجاتهم.

12- قامت الدولة بالإفراج عن 5784 غارمة فى الفترة من 2020 حتى2023 بتكلفة بلغت 224 مليون جنيه.

13- تشكيل لجنة وطنية لوضع معايير وخطة وطنية للافراج عن الغارمين والغارمات ودعمهم اقتصادياً، حيث تم فتح حساب موحد لدعم الغارمات وربطه بأوجه الزكاة والصدقات .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع :

1- دراسة ” فاعلية المشروعات الاجتماعية فى تحسين نوعية حياة الغارمات ” / د.ياسمين على عثمان مصيلحى ،اخصائى تخطيط بالإدارة العامة للتعليم العالى والبحث العلمى ، قطاع التنمية البشرية والإجتماعية – وزارة التخطيط والتنمية الإقتصادية

https://jfss.journals.ekb.eg/article_107211_b68ee8883f8b9716378aec4cc5feb947.pdf

2- تقرير وزارة التضامن الإجتماعى حول اجتماع اللجنة الوطنية لرعاية الغارمين والغارمات

https://mediadr.sis.gov.eg/xmlui/handle/123456789/4764

3- الموقع الرسمي لوزارة التضامن الإجتماعي.

4- الموقع الرسمي لمؤسسة مصر الخير.

5- الموقع الرسمي لبيت الزكاة والصدقات المصري.

6 – الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.

7- الموقع الرسمي للهيئة العامة للإستعلامات.

The post الغارمات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8062
مؤشرات الإصابة بالمهق وتداعياته على النساء والأطفال https://draya-eg.org/2024/07/14/%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d8%a7%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%82-%d9%88%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d8%aa%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84/ Sun, 14 Jul 2024 17:59:04 +0000 https://draya-eg.org/?p=8039 يعانى الأشخاص المصابون بالمهق فى جميع أنحاء العالم من التمييز والنبذ وجرائم الكراهية دون ارتكاب أى ذنب سوى اختلاف لون بشرتهم وعيونهم عن الآخرين، كما أنهم يواجهون دائرة فقر مغلقة لا ينجو منها إلا القليل. فيُلقي الوصم والاستبعاد الاجتماعي والأفكار المسبقة على مرضى المهق  ظلالًا ثقيلة  على مستوياتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية،  بل والعقلية  في كثير …

The post مؤشرات الإصابة بالمهق وتداعياته على النساء والأطفال appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يعانى الأشخاص المصابون بالمهق فى جميع أنحاء العالم من التمييز والنبذ وجرائم الكراهية دون ارتكاب أى ذنب سوى اختلاف لون بشرتهم وعيونهم عن الآخرين، كما أنهم يواجهون دائرة فقر مغلقة لا ينجو منها إلا القليل. فيُلقي الوصم والاستبعاد الاجتماعي والأفكار المسبقة على مرضى المهق  ظلالًا ثقيلة  على مستوياتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية،  بل والعقلية  في كثير من الأحيان، فهم أكثر عرضة  لنوبات القلق والذعر والاكتئاب  والأفكار الانتحارية من غيرهم.

وحقيقة الأمر تكمن فى أن الظروف التى يعيشها مرضى المهق ترتبط بشكل كبير بمرتبة الدولة التى يقيمون فيها على مؤشر التنمية البشرية، ففي الدول ذات معدلات الفقر المرتفعة تزداد فيها أحوال مرضى المهق سوءا مقارنة بالدول الأكثر رفاهية. كما أن ظروفهم الصحية ومعاناتهم من الوصم التمييز تجعلهم أقل حظا فى التعليم والحصول على فرص العمل وبالتالى يزدادون فقرا وهو ما يعرف بالفقر متعدد الأبعاد.

لقد أدركت المؤسسات الدولية المعنية خطورة الوضع الذي يعيشه مرضى المهق، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا  بإعلان يوم 13 يونيو من كل عام  يومًا عالميًا للتوعية بالمهق.  كما اعتمد الاتحاد الإفريقي في عام 2019 خطة عمل لإنهاء الاعتداءات وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق في إفريقيا  (2021:2031).  وتتضمن هذه الخطة برامج لرفع الوعي والتثقيف العام لمواجهة جرائم الكراهية ضد مرضى المهق في القارة السمراء.

وفى هذا السياق، تُسلط هذه الورقة الضوء على واقع المصابين بالمهق بهدف نشر الوعي حول معاناتهم، وتقديم حلول عملية لتحسين واقعهم لأنهم يستحقون حياة كريمة خالية من التمييز والتهميش، وذلك من خلال أربعة محاور رئيسية وهي كالتالي:

المحور الأول : تعريف المهق وأعراضه

المحور الثانى : حقائق ومؤشرات حول مرض المهق   

المحور الثالث: : تداعيات الإصابة بالمهق على النساء والأطفال

المحور الرابع : التوصيات 

 أولا : تعريف المهق وأعراضه

أوضحت منظمة الأمم المتحدة أن المهق حالة نادرة وغير معدية ووراثية، يُصاب بها الناس في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن العرق أو نوع الجنس ، ومن الشائع للغاية أن تنتج هذه الحالة عن نقص في صبغة الميلانين (الصبغة التي تعطي لون البشرة والشعر والعينين) في الشعر والجلد والعينين (المهق العيني الجلدي) ما يسبب ضعفًا بالغًا عند التعرّض لأشعّة الشمس.

وبسبب نقص الميلانين في الجلد والعينين، فغالبًا ما يعاني الأشخاص المصابين بالمهق من ضعف بصري دائم يؤدي غالبًا إلى إعاقات ، كما يواجهون تمييزًا بسبب لون بشرتهم؛ وبالتالي فإنهم غالبًا ما يتعرضون لتمييز متعدد ومتقاطع الأسباب

ولا يزال المهق غير مفهوم تمامًا، على المستويين الاجتماعي والطبّي ، فيما يشكّل مظهر الأشخاص المصابين بالمهق أساسًا للمعتقدات الخاطئة والأساطير المتأثرة بالخرافات التي تعزز تهميشهم واستبعادهم الاجتماعي.

ويواجه المصابون بالمهق في دول القارة الأفريقية معاناة مضاعفة  نتيجة لمظهرهم المميز، ففي ظل انتشار المعتقدات الخاطئة والأساطير المُتأثرة بالخرافات وأعمال السحر،  يُصبحون ضحايا للتمييز والعنف. ففي بعض الثقافات الإفريقية،  يُعتقد  أنهم يجلبون الحظ السيئ  أو أنهم يمتلكون قوى خارقة.  وتُؤدي هذه المعتقدات  إلى تهميشهم  وتعرضهم للعنف  والقتل  في بعض الحالات.

وتختلف أعراض المهق اعتمادًا على نوع الاضطراب. ومع ذلك، تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:

-بشرة فاتحة أو شاحبة

-شعر أبيض أو أشقر

-عيون زرقاء أو رمادية أو خضراء فاتحة

-حساسية متزايدة للضوء

-مشاكل في الرؤية

وتجدر الإشارة إلى أن الأشخاص المصابين بالمهق فئة فريدة من نوعها، تعاني من إهمال مزمن لحقوق الإنسان على مدى عقود طويلة. فقد تعرضوا كثيرا للوصم والتمييز والعنف في العديد من البلدان، فتعقيد هذه الحالة وفرادتها يعنيان أن تجارب أصحابها تمسّ بشكل بالغ ومتزامن العديد من قضايا حقوق الإنسان بما في ذلك التمييز على أساس اللون والتمييز على أساس الإعاقة، والحق فى التعليم، والحق في الصحة، والحق في الحياة الذي ينبغي أن يضمن لهم الحماية من الممارسات التقليدية الضارة والعنف، بما في ذلك القتل والاعتداءات لأغراض الطقوس والإتجار بالأعضاء، ووأد الأطفال والتخلي عنهم.

ثانيا : حقائق ومؤشرات حول مرض المهق

رغم قلة المعلومات حول أعداد ونوع الأشخاص المصابون بالمهق حول العالم، إلا أنه يمكن إجمال بعض المؤشرات والمعلومات التى أوردتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية  فى الآتى :

1- تشير التقديرات إلى أن واحداً من كل 17 إلى 20 ألف شخص في أمريكا الشمالية وأوروبا مصاب بنوع ما من المهق.

2- يعد المهق أكثر انتشاراً في أفريقيا خاصة جنوب الصحراء، إذ تشير التقديرات إلى أن المهق يشمل واحداً من كل 1400 شخص في تنزانيا، وأن معدل انتشار المهق يرتفع إلى 1 من كل ألف شخص بين فئات سكانية مختارة في زمبابوي، وبين فئات إثنية معينة أخرى في الجنوب الأفريقي.

3- تبلغ نسبة الاصابة بالمهق بين السود فى جنوب افريقيا حوالي 1 من كل 3900 شخص من المهق العيني الجلدي (إصابة العين والجلد) وذلك وفقا لبيانات المنظمة الوطنية للمهق ونقص التصبغ.

4- يعد المهق أقل شيوعاً بين السكان البيض، إذ يبلغ معدل الإصابة به 1 من كل 15000 شخص  ،ووفق الإحصاءات المتاحة هناك حوالي 11500 فرد متضرر في جنوب أفريقيا.

5- تبلغ نسبة الاصابة بالمهق فى هولندا وفي ايرلندا الشمالية إلى 1 في 12000 ، و1 من 4500 إلى 6600 على التوالي.

6-  تشير البيانات الواردة من الهند والصين إلى أن العدد الإجمالي للأشخاص المصابين بالمهق في البلاد يبلغ 150.000 و 90.000 ،على التوالي.

7- أوضحت دراسة أجريت فى جمهورية الكونجو الديمقراطية أن 22% من الأشخاص المصابين بالمهق يواجهون التمييز داخل أسرهم، و66% يتعرضون للتمييز في المجتمع الأوسع.

8 – أوضحت إحدى الدراسات  التى أجريت فى البرازيل أن 70% من المصابين بالمهق يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية .

9- في العديد من الدول، يكون متوسط ​​العمر المتوقع للأشخاص المصابين بالمهق أقل بكثير من المعدل الوطني ، في أوغندا، على سبيل المثال، 70٪ من الأشخاص الذين يعانون من يموت المصابون بالمهق قبل سن الأربعين وفي البرازيل، يصل متوسط ​​العمر المتوقع للأشخاص المصابين بالمهق إلى مستوى منخفض الى 33 سنة.

 10- بسبب المعاناة من الفقر والتمييز لا يستطيع الأطفال المصابون بالمهق استكمال مشوارهم التعليم ففى  بوركينا فاسو 30% من الفتيات المصابات بالمهق لا يكملون دراستهم الابتدائية ،وفي بوروندي 56% من الأشخاص المصابين بالمهق لم يستكملوا دراستهم، بينما في زامبيا يبلغ معدل معرفة القراءة والكتابة للأشخاص المصابين بالمهق 66% مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 92% وفي كولومبيا 17% من المصابون بالمهق لم يدرسوا ولم يتعملوا، ووفقاً لتعداد الأشخاص المصابين بالمهق في باراجواي، فإن 11% من الأطفال لم يستكملوا تعليهم فى مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 89%

11- غالبًا ما يشغل الأشخاص المصابون بالمهق أدنى المستويات الاجتماعية والاقتصادية بسبب التهميش والتمييز المستمران ففي أوغندا، يعاني الأشخاص المصابون من المهق من الفقر خاصة فى المناطق الريفية وقد أوضحت التقارير أن 90% من السيدات المصابات بالمهق و65% من أمهات الأطفال المصابون بالمهق يعيشون فى فقر شديد.

12- فى بعض مناطق جمهورية تنزانيا المتحدة، 43٪ فقط من الأشخاص المصابين بالمهق لديهم إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية ، وفي باراجواي، 5% فقط من الأشخاص المصابين بالمهق أمكنهم استشارة طبيب أمراض جلدية مرة واحدة على الأقل حياتهم، و35% منهم فقط حصلوا على مساعدات بصرية.

13- في كثير من الأحيان يتم استبعاد الأشخاص المصابين بالمهق من التغطية التأمينية ولا يتم اضافتهم الى فئة الأشخاص ذوى الاعاقة ففى اليابان، على سبيل المثال لا يتم الاعتراف بالأشخاص المصابون بالمهق ولديهم مشاكل فى الابصار كأحد فئات ذوى الاعاقة.

ونتيجة لذلك فقد أظهرت المعلومات أن حوالي 60% من الأطفال المصابين بالمهق لا يمكنهم الحصول على دعم حكومى للحصول على مساعدات وأدوية بصرية وجلدية.

14- قد يفتقد الأشخاص المصابون بالمهق المعلومات والتثقيف اللازم للتعامل مع حالتهم المرضية، ففي دراسة أجريت في جمهورية الكونغو الديمقراطية ، أفاد 88% من المرضى المصابين بالمهق الذين شملهم الاستطلاع بعدم استخدامهم واقى للشمس بسبب نقص المعلومات حول أهمية هذا المستحضر لحالتهم.

ثالثا : تداعيات الإصابة بالمهق على النساء والأطفال

تعانى النساء والأطفال المصابون بالمهق بشكل كبير من الوصم والتمييز ويكونون أكثر عرضة للجرائم مثل الخطف والقتل والإتجار وانتزاع أعضائهم البشرية خاصة لأغراض السحر والاعتقادات الطقوسية، وفيما يلى أبرز التداعيات:  

1- اللوم والتخلى عن الأطفال المصابين بالمهق بعد إنجابهم : ويعود ذلك بشكل أساسى إلى نقص المعلومات الطبية التى تشير الى أن المهق حالة جينية موروثة من كلا الوالدين ، ولكن كثيرا ما يتم القاء اللوم على الأم وحدها فى أنها السبب فى لون الطفل الباهت المصاب بالمهق وغالبا ما تتهم بالخيانة أو بكونها لعنة تتجلى فى مظهر الطفل، وفى بعض الأحيان قد تتعرض الأم الى هجر الزوج والعزلة والطرد من مجتمعها المحلى بسبب إعتقاد المحيطين أن الطفل المصاب المهق يشكل لعنة على مجتمعه المحلى وقد تتعرض الأم والطفل للإعتداء من المحيطين فى حالة بقائها داخل اسرتها ومجتمعها المحلى.

2- الفقر : عادة ما تعانى أمهات الأطفال المصابين بالمهق من الفقر بسبب هجر الأزواج عند ولادة الطفل المصاب بالمهق، ويعرض ذلك الطفل المصاب للفقر المستمر ، خاصة وأن هذا الطفل بشكل عام يكون عاجزا عن الحصول على تعليم مناسب أو فرص عمل مناسبة فى المستقبل .

3- المخاطرالصحية : نظرا لنقص فرص التعليم وبالتالى عدم القدرة على الحصول على عمل مناسب، تقبل النساء والفتيات المصابات بالمهق فى كثير من الأحيان على أنواع مختلفة من العمل غير الائق فى الأماكن المفتوحة ويؤدى هذا العمل الطويل الأجل إلى ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الجلد.

كما أن شدة بروز النساء والأطفال المصابين بالمهق والتمييز المستمر ضدهم يعنى أنهم معرضون بشدة لخطر مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية – التى غالبا ما تؤثر سلبا على علاقاتهم الاجتماعية ، ففى إحدى الدراسات التى أجريت فى سيراليون أشارت إلى أن 80% من الأشخاص المصابون بالمهق يُنعتون بأسماء مهينة وهذه الأسماء تصفهم بأنهم نباتات أو حيوانات أو كائنات مفارقة للطبيعة وجميعها مقدمات للإستبعاد الاجتماعى وللإعتداء عليهم .

4- العنف الجنسي :كثيرا ما تتعرض النساء المصابات بالمهق إلى العنف الجنسى وكثيرا ما يكون ذلك بسبب انتشار بعض الخرافات والمعتقدات الخاطئة التى تؤدى إلى الاغتصاب والاعتداءات الجنسية ، وفى بعض الدول تسود معتقدات بأن ممارسة الجنس مع النساء المصابات بالمهق يمكن أن يعالج فيروس نقص المناعة البشرية وأنه يسبب حسن الحظ ، وهذه المعتقدات تعرض هؤلاء النساء للعنف المستمر وتزيد من إحتمال تعرضهن للحمل غير المرغوب فيه والإصابة بمختلف الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسى .

5- زيادة احتمال التعرض للاعتداءات : غالبا ما تصبح الأم وطفلها المصابان بالمهق عرضة للاعتداءات بسبب الفقر والطرد والعزلة وهو ما يعنى أن تكون الأم غير قادرة على تحمل تكاليف السكن المأمون والمضمون للحماية من الاعتداءات . 

 6- ضحايا الإفلات من العقاب : أوضحت التقارير الدولية المعنية أن المرأة غالبا ما تقع  ضحية لأعمال العنف التى ترتكب سرا ويفلت مرتكبوها من العقاب لاسيما فى حالات النزاع والكوارث ، وعليه تكون المرأة المصابة بالمهق معرضة لخطر العنف البالغ خاصة فى المناطق التى تكثر فيها الاعتداءات بسبب الخرافات والمزاعم الخاطئة حول مرض المهق.

7- الأعمال الإنتقامية : غالبا ما تواجه النساء اللواتي يشكارك أزواجهن وشركاؤهن وأفراد أسرهن فى الاعتداء على أطفالهن المصابين بالمهق تهديدات بالانتقام بعد الإدلاء بشهادتهن ضد أقاربهن أثناء التحقيقات والملاحقة القضائية ، وتفيد التقارير بأن التهديدات بالانتقام تأتى من الأقارب والمجتمع المحلى بشكل عام .

8- التشرد : عادة ما تواجه السيدات المصابات بالمهق وأطفالهن خطر التشرد خاصة فى أعقاب حوادث الاعتداءات الجسدية على الأشخاص المصابين بالمهق بشكل عام. ولذلك، تلجأ العديد منهن إلى الملاجىء التى خصصتها لهن الحكومات لتوفير السلامة المؤقتة لهن ، ويدخل بعضهن الملاجىء طوعا بينما يدخل البعض الاخر بتدخل حكومى ومجتمعى.

وتشكل النساء والأطفال المصابون بالمهق عددا كبيرا من المقيمين فى هذه الملاجىء التى يتلقون فيها الحد الأدنى من الرعاية خاصة فى مجالات الدعم النفسى والإجتماعى والعلاج الصحى للوقاية من سرطان الجلد والدعم فى حالة ضعف البصر للتمكين من التعليم .

9-  التعرض للتنمر : يتعرض الأطفال المصابون للمهق بشكل هائل للتنمر والوصم من قبل أقرانهم فى المدارس خاصة فى المناطق الريفية ، كذلك قد يفتقر المعلمون الى الوعى أو الاحساس عندما يتعلق الأمر بالاحتياجات التعليمية للتلاميذ المصابين بالمهق وتوفير التيسيرات اللازمة لهؤلاء الطلاب ، وقد ذكرت منظمة غير حكومية فى اليابان أنه نظرا لعدم وجود إستجابة فعالة من السلطات المدرسية لانهاء تسلط الأقران يغير الكثير من الأباء لون شعر أطفالهم الى الأسود ليكونوا مقبولين لدى أقرانهم ولدى السلطات المدرسية ، وفى بعض الحالات تصدر السلطات المدرسية تعليمات الى الاطفال لصبغ شعرهم بالأسود.

11- التعرض للوصم : يواجه الأطفال المصابون بالمهق فى جميع أنحاء افريقيا ومنطقة البحر الكاريبى وأمريكا اللاتينية وصما وإقصاء من قبل  البالغين ، فتشير بعض البيانات الى أن البالغين يغذون هذا الإقصاء بتحذير أطفالهم من مغبة اللعب مع الأطفال المصابين بالمهق ومنعهم من المشاركة فى التفاعلات الاجتماعية.  

وفى افريقيا على وجه الخصوص، غالبا ما يخفى الأباء أطفالهم المصابين بالمهق ويمنعونهم من المشاركة فى التفاعلات الاجتماعية لأن معدل إختطاف الاشخاص المصابين بالمهق وقتلهم مرتفع بشكل خاص فى صفوف الأطفال ، وقد يحدث الإخفاء ايضا للحد من وصم الأسرة.

12- التسرب من التعليم : نظرا للإعتداءات على الاشخاص المصابين بالمهق فى بعض الدول الافريقية ، توقف الكثير من الأباء عن إرسال أطفالهم المصابين بالمهق الى المدارس بسبب الخوف من الإعتداءات، وفى بعض الحالات تم رفض الأطفال المصابون بالمهق من جانب السلطات المدرسية بناء على الاعتقاد الخاطىء بأنهم غير قادرين على التعلم فى المدارس العادية ،  فتقدر احدى منظمات المجتمع المدنى فى زامبيا أن 3 أطفال فقط من أصل 3000 مصاب بالمهق ينهون تعليمهم الابتدائى ، وتشمل أسباب التسرب من التعليم ما يلى :

أ- التسلط المستمر من الطلاب والمعلمين.

ب- الفقر وعدم القدرة على رفع الرسوم المدرسية.

ج- التحديات المواجهة فى الحصول على الاجهزة التكيفية أو الإفتقار الى الدعم لاستخدامها.

د- الافتقار الى لوازم الحماية من الشمس لإستخدامها أثناء الأنشطة الرياضية أو خارج الأماكن المغلقة .

13- صعوبة الحصول على الرعاية الصحية : يشكل الحصول على الرعاية الصحية تحديا كبيرا أمام النساء والأطفال المصابين بالمهق خاصة فى المناطق الريفية للأسباب التالية :

أ- رداءة نوعية الخدمات الصحية العامة فى المستشفيات الحكومية بشكل خاص .

ب- ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية ولا سيما ما يتعلق بالوقاية من سرطان الجلد وعلاجه .

ج- عدم كفاية المعلومات المتعلقة بالمهق.

د- مواقف الاخصائيين الصحيين السلبية والتميزية فيما يتعلق بالمهق.

وتجدر الاشارة الى أنه قد تفرض قيود اضافية على الرعاية الصحية فيما يخص النساء المصابات بالمهق وأمهات الأطفال المصابين بالمهق عند طردهن من مجتمعاتهن المحلية ، ففى غينيا تطرد النساء المصابات بالمهق من أسرهن بسبب الرائحة المرتبطة بالتقيح وسرطان الجلد غير المعالج ، وتزيد عزلتهم الناتجة عن ذلك من تقييد إمكانية حصولهم على العلاج الصحى للسرطان .

رابعا : التوصيات

تُشير معاناة المصابين بالمهق  إلى حاجةٍ  ملحةٍ  للتغيير.  فمن الضروري نشر الوعي  حول حقوق هذه الفئة ومحاربة المعتقدات الخاطئة والقوانين التمييزية.  كما يجب توفير الخدمات الأساسية  للمصابين بالمهق  وضمان حمايتهم من العنف.

بالطبع يمكن بذل الكثير من الجهود على مستوى المجتمعات المحلية وفيما بين الدول والمؤسسات الدولية المعنية لتقديم كافة التسهيلات التى تمكن مرضى المهق من الحياة بشكل يحفظ كرامتهم ولا ينتقص من حقوقهم ويمكنهم من بناء مجتمعاتهم على قدم المساواة مع الأشخاص الأسوياء بشكل فاعل ، ويمكن إجمال هذه الجهود والتوصيات فى الآتى :

1- توفير قاعدة بيانات دقيقة وإجراء الدراسات الاستقصائية والتعدادات الخاصة بمرضى المهق خاصة من حيث النوع والسن على الأقل ، ويتم تحديث هذه البيانات باستمرار وإجراء تحليل لهذه البيانات وتحقيق الاستفادة القصوى منها .

2- دعم وتوفير الخدمات الصحية اللازمة للتعامل مع الأشخاص المصابين بالمهق فى  مجتمعاتهم المحلية على مستوى المستشفيات والمدارس لاسيما ما يتعلق بسرطان الجلد وعلاجه.

3- زيادة عدد المتخصصين والأطباء فى كل المستشفيات والمؤسسات التعليمية المسئولين عن التعامل مع مرضى المهق.

4- تعزيز مهارات أخصائيي الرعاية الصحية لتقديم الدعم والمشورة لمرضى المهق وعائلاتهم بشأن الحالة الصحية والعلاج والوقاية من المضاعفات خاصة فى المناطق الريفية والنائية .

5-  تزويد الأمهات اللاتى لديهم أطفال مصابون بالمهق بالمعلومات الكافية عن طرق الاعتناء بأطفالهن بما فى ذلك المعلومات المتعلقة بالصعوبات البصرية والتدابير اللازمة لحمايتهم من سرطان الجلد ، حيث يمكن أن يؤدى توافر هذه المعلومات الى منع الاصابة بسرطان الجلد للأطفال.

6- العمل على إشراك النساء المصابات بالمهق فى صنع القرارات الخاصة بهن حيث تؤدى هذه المشاركة الى تعزيز الإدماج الاجتماعى لهن والحصول على حقوقهن.

7- زيادة عدد المبادرات الخاصة بالتمكين الإقتصادى للنساء المصابات بالمهق وأمهات الأطفال المصابين بالمهق.

8- اعتبار الاشخاص المصابين بالمهق من ذوى الإعاقة وتخصيص نسبة محددة لهم للعمل فى الأماكن الحكومية وإلزام الحكومات والدول بذلك .

9- إطلاق مبادرات توعوية خلال وسائل الإعلام المختلفة لنشر الوعي  بمرض المهق وكيفية التقبل الاجتماعى للمصابين بهذا المرض.

10- دعم مشاركة منظمات المجتمع المدنى فى دعم وتمكين الأشخاص المصابين بالمهق فى مجتمعاتهم ومساعدة الأشخاص الناجين من العنف ليصبحوا أفرادا فاعلين فى مجتمعاتهم مع توفير فرص العمل المناسبة لهم .

11 – إلزام الحكومات بتقديم دعم مالي للأسر التى لديها أطفال مصابين بالمهق أو أحد أفرادها من المصابين، فضلا عن ضرورة إتاحة وكفالة خدمات المساعدة القضائية للأشخاص المصابين بالمهق حال تعرضهم للاعتداءات حيث يعانى أغلبهم من الفقر، ومن ثم يصعب عليهم الحصول على المساعدة القضائية.

12- إدراج العلاج من المهق ضمن مبادرات الصحة العامة ، وتقديم كافة أوجه الدعم العلاجى والنفسى للأطفال المصابين بالمهق ضحايا الاعتداءات وإعادة تأهيلهم ودمجهم داخل المجتمع.

المصادر :  

1-“معالجة الحواجز الموقفية التى يواجهها الأشخاص ذوو المهق”، الأمم المتحدة، مجلس حقوق الانسان، الدورة السادسة والسبعين 2021 .

2-“النساء والأطفال المتضررون من المهق – تقرير الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع الأشخاص المصابين بالمهق بحقوق الإنسان”، الأمم المتحدة، مجلس حقوق الانسان، 2019.   

3- الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية  https://www.who.int/ar

4- Fact-Sheet-on-Albinism-and-its-Implications, Cancer Association of South Africa (CANSA) , 2021.

 

 

 

The post مؤشرات الإصابة بالمهق وتداعياته على النساء والأطفال appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8039
المدن الذكية.. نحو مستقبل أكثر كفاءة واستدامة https://draya-eg.org/2024/06/23/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%83%d9%8a%d8%a9-%d9%86%d8%ad%d9%88-%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%a3%d9%83%d8%ab%d8%b1-%d9%83%d9%81%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%85%d8%a9/ Sun, 23 Jun 2024 09:45:56 +0000 https://draya-eg.org/?p=8018 في أواخر القرن العشرين، شهد العالم ثورة تكنولوجية هائلة، أدت إلى ظهور مفهوم جديد للمدن، يُعرف باسم “المدن الذكية”. وسرعان ما انتشر مفهوم المدن الذكية إلى مختلف أنحاء العالم، حيث تبنت العديد من الدول هذا النموذج في مدنها، خاصة في أمريكا وآسيا وأستراليا، وظهرت نماذج رائدة لمدن ذكية عالمية، مثل مدينة هلسنكي في فنلندا، التي …

The post المدن الذكية.. نحو مستقبل أكثر كفاءة واستدامة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
في أواخر القرن العشرين، شهد العالم ثورة تكنولوجية هائلة، أدت إلى ظهور مفهوم جديد للمدن، يُعرف باسم “المدن الذكية”. وسرعان ما انتشر مفهوم المدن الذكية إلى مختلف أنحاء العالم، حيث تبنت العديد من الدول هذا النموذج في مدنها، خاصة في أمريكا وآسيا وأستراليا، وظهرت نماذج رائدة لمدن ذكية عالمية، مثل مدينة هلسنكي في فنلندا، التي تُعد مثالًا بارزًا على كيفية استخدام التكنولوجيا لتحسين الخدمات العامة والبنية التحتية والاستدامة البيئية.

وإدراكًا لأهمية المدن الذكية في تحقيق التنمية المستدامة، خصصت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 الهدف الحادي عشر لهذا الغرض تحت عنوان “مدن ومجتمعات محلية مستدامة”، حيث يركز هذا الهدف على جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة، وتوفير الخدمات الأساسية ونظم النقل والسكن والمساحات الخضراء والطاقة والمياه النظيفة للجميع.

وتزداد أهمية المدن الذكية مع اتجاه العالم نحو التحضر المتسارع، حيث يشير تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة أن قرابة 55% من سكان العالم اليوم يعيشون في المناطق الحضرية، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع إلى 68% بحلول عام 2050. ويشير التقرير أيضًا إلى أن هذه الزيادة ستؤدي إلى إضافة ما يقارب 2.5 مليار شخص إلى المناطق الحضرية.

وفى هذا السياق، تتناول هذه الورقة البحثية تعريف المدن الذكية وسماتها وانعكاساتها الإيجابية على مختلف مناحي الحياة، فضلا عن استعراض أبرز النماذج الرائدة للمدن الذكية فى مصر، وتقديم خارطة طريق نحو تحقيق المزيد منها لتحسين حياة المواطنين والمساهمة فى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وذلك من خلال المحاور التالية:

المحور الأول : تعريف المدن الذكية

ظهر مصطلح “المدن الذكية” لأول مرة في أوروبا عام 1994، ليشير إلى مدينة تُوظف تقنيات المعلومات والاتصالات المتقدمة لتحسين جودة حياة سكانها وتعزيز كفاءة العمليات الحضرية.

وقد ذكرت العديد من الدراسات تعريفات مختلفة للمدن الذكية، وكان من أهمها أنها  ” تلك المدن التى تتوافر بها خدمات الإتصالات وتقنية المعلومات المتطورة، وتعتمد على ربط الأماكن العامة فى المدينة كالمطارات والأسواق والحدائق والمتنزهات والمستشفيات بشبكة اتصال متطورة تعتمد على استخدام Wi-Fi  ،  لتمكين سكان المدينة الذكية من استخدام أجهزتهم  المحمولة والكفية للوصول إلى ” الإنترنت” والتواصل مع جميع المؤسسات والهيئات فى مدينتهم لإنجاز أعمالهم إلكترونيا “.

كذلك يمكن تعريف المدينة الذكية بأنها ” الخدمات والبنية الأساسية”  التي يتم دعمها من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والإتصالات لتصبح عمليات المدينة الذكية أكثر فعالية، سرعة، مرونة واستدامة”. وتشمل المدن الذكية المبانى الخضراء ونظم النقل والمواصلات وخدمات الأمن الحضرى وتصريف مياه السيول والأمطار وإضاءة الشوارع والإستعداد للأزمات والإقتصاد الداعم للمنشاءات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة.

فيما تشير بعض الدراسات الى إمكانية تصنيف تسهيلات وحلول المدن الذكية الى : أنظمة التنقل الذكية والطاقة الذكية وحماية النظم والبنية الأساسية ومواقف السيارات الذكية ، البيانات الذكية ، التعليم الذكى ، الرعاية الذكية ، تكنولوجيا المعلومات والإتصالات الذكية، الحكومة الذكية، الذكاء الإصطناعى .

ويرتبط مفهوم المدن الذكية  ب”الاستدامة ” حيث تُضيف الاستدامة أبعادا جديدة للمدن الذكية، مثل الاستمرارية والقدرة على التكيف والعدالة والتنافسية وزيادة الإنتاجية وإعادة الاستغلال، وكل هذه الأبعاد تساهم فى ضمان جودة حياة اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا، وتعزز استمرارية هذه المدن للأجيال القادمة.

المحور الثانى : سمات المدن الذكية

– تعتمد المدن الذكية على تكامل البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات، حيث تشتمل المدينة الذكية على التقنيات التكنولوجية التي تجعلها قادرة على استيعاب أي تطور في المجال التقني لتغطية الخدمات المستقبلية.

– النقل الذكي: وهى إدارة منظومة النقل والمواصلات والمرور من خلال مجموعة من التقنيات التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات، لدعم البنية الأساسية الذكية المستدامة، من خلال التحول نحو المدن الخضراء المستدامة.

– الحكومة الذكية: وتشمل تطوير منظومة العمل الحكومي باستخدام الوسائل الإلكترونية لتقديم الخدمات الحكومية وتتمثل أهم تطبيقات الحكومة الإلكترونية في: «تقديم المعلومات» أي إتاحة كافة العمليات والمعلومات المتعلقة بسكان المدينة، «والاتصالات» وتعنى القدرة على تبادل المعلومات والتواصل بين السكان والحكومة، «والتعاملات الإلكترونية» أي تأدية الخدمات إلكترونيًا.

– توافر جهاز إداري مركزي للمدينة يضم منظومة تحكم إلكترونية بإشراف موارد بشرية مدربة، مع الالتزام بمعايير أداء صارمة لتحقيق الكفاءة في الأداء.
– الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة،  حيث تتميز المدن الذكية بمحدودية استخدام مصادر الطاقة غير المتجددة إلى أدنى مستوى، لتعتمد بدلًا من ذلك على مصادر الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المياه.

– الاقتصاد الذكي حيث القدرة التنافسية الكلية للمدينة التي تعتمد على الأسلوب الابتكاري في الأعمال التجارية، وتعمل على تعزيز البحوث والتطوير لزيادة فرص العمل والإنتاجية، من خلال مرونة سوق العمل، وتفعيل الدور الاقتصادي للمدينة في السوق المحلية والعالمية.

– المجتمع الذكي: ويجسد استيعاب مجتمع المدينة لتطبيقات وتقنيات تكنولوجيا المعلومات، وإمكانية انتقاله من مجتمع عادي مستخدم للتكنولوجيا إلى مجتمع مبتكر قادر على الوصول إلى حلول ابتكارية لمعالجة المشكلات الحالية وتنمية المستقبل.

– المواطن الذكي حيث يُمثل المواطن الذكي حجر الأساس لبناء نظام المدينة الذكية، حيث تُعدّ المدن الذكية بيئة خصبة لاستقطاب واستثمار رأس المال البشري المتميز

وهنا تجدر الإشارة الى أن المدن الذكية المستدامة أصبحت نقطة رئيسية في السياسة العامة للدول في مختلف أنحاء العالم، لاسيما أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أضحت تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الكفاءة البيئية والحفاظ على الموارد وتخفيض الانبعاثات الكربونية، وذلك عبر إتاحة الكثير من الابتكارات في مجالات عديدة، من قبيل: أنظمة النقل الذكية (its)، والإدارة «الذكية» للمياه، والطاقة، والمخلفات.

وبحسب مؤشر المدن الذكية لعام 2023 والذي يصدر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا بالتعاون مع جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم؛ فقد بلغ عدد المدن الذكية حول العالم 141 مدينة ذكية عام 2023، وذلك مقارنة بــ 118 مدينة ذكية وفقًا لنفس التقرير لعام 2021.

وقد استعرض التقرير أفضل 10 مدن ذكية حول العالم وفقاً لمؤشر المدن الذكية لعام 2023: حيث تتصدر مدينة زيورخ في سويسرا المركز الأول، وتحل كل من أوسلو عاصمة النرويج، وكانبيرا عاصمة أستراليا المركزين الثاني والثالث على التوالي، ثم كوبنهاجن بالدانمارك في المرتبة الرابعة، ولوزان بسويسرا في المرتبة الخامسة، ولندن بالمملكة المتحدة في المرتبة الخامسة واحتلت مدينة ستوكهولم بالسويد المركز العاشر.

كما بلغ حجم سوق المدن الذكية على مستوى العالم بحسب «التقرير الاستراتيجي العالمي للمدن الذكية 2023» (Global Smart Cities Strategic Report 2023) نحو 998.7 مليار دولار في عام 2022. ومن المتوقع أن يصل حجم سوق المدن الذكية على مستوى العالم إلى 5.2 تريليون دولار بحلول عام 2030، ووفقاً للبحث الذي أجرته شركة «ماكنزي الأمريكية للاستشارات الإدارية»، والذي نشره موقع (TechRepublic) في يوليو 2018، فمن المتوقع أن تُسهم صناعة المدن الذكية بنحو 60% من إجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول عام 2025.

المحور الثالث : مزايا المدن الذكية

للمدن الذكية العديد من الجوانب الإيجابية التى تنعكس على مختلف مناحى الحياة فهى تشمل :

  • المجال الإجتماعى : أوضحت الأبحاث العلمية التى أجريت فى هذا الشأن أن التقنيات التى تتمتع بها المدن الذكية تمتلك إمكانات كبيرة لتحسين نوعية الحياة الحضرية ، كما أن هناك تأثيرات إيجابية عديدة للمدن الذكية على المجال الإجتماعى مثل :

أ- يمكن أن تساعد تطبيقات المدن الذكية فى مكافحة الجريمة وتحسين مختلف جوانب السلامة العامة حيث يمكن أن يؤدى نشر مجموعة من التقنيات الحديثة إلى تقليل الوفيات الناتجة عن حوادث القتل وحركة المرور والحرائق وغيرها ، كذلك يمكن أن تخفض حوادث الاعتداء والسطو وسرقة السيارات بنسبة كبيرة نتيجة تقنيات المراقبة والتتبع والإنذار المبكر.

ب– النقل السريع الآمن : يمكن لتقنيات المدن الذكية أن تجعل التنقلات اليومية أسرع، كذلك تعمل على خفض التلوث البيئى ، ومع حلول عام 2025 من المتوقع أن يكون لدى المدن الذكية القدرة على خفض أوقات التنقل بنسبة 15 :20% فى المتوسط ، مع تمتع بعض المدن بتخفيض أوقات التنقل بشكل أكبر بناء على الإمكانات المرتبطة بكل تطبيق واعتمادا على كثافة كل مدينة والبنية التحتية للنقل وأنماط التنقل.

أيضا تتمتع المدن الذكية بالنقل الذكى والذى يستجيب للتطبيقات المتكاملة لأجهزة الإستشعار وأجهزة الحاسب وتقنيات الاتصالات والإلكترونيات ، كذلك سوف يتيح استخدام اللافتات الرقمية أو تطبيقات الأجهزة المحمولة تقديم المعلومات فى الوقت الفعلى حول التأخيرات للركاب لضبط مساراتهم أثناء التنقل، فضلا عن استخدام التطبيقات الذكية لانتظار السيارات والتى توجه السيارات مباشرة الى الأماكن المتاحة وتحديد المشغولة والمحجوزة وعرض مواقف سيارات ذوى الإحتياجات الخاصة .

ج- تحسين الحالة الصحية للمواطنين : توفر المدن الذكية شوارع أكثر أمانا ومساحات خضراء وهواء أنظف وخدمات محسنة للسكان وفرصا اقتصادية كثيرة، وكل هذا يسهم بدوره فى تحسين نوعية حياة السكان ، بل إنه يمكن للتطبيقات المستخدمة فى هذه المدن أن تساعد فى الوقاية من الحالات المزمنة وعلاجها ومراقبتها ، فيما تتمتع أنظمة مراقبة المرضى عن بعد بالقدرة على تقليل العبء الصحى فى المدن ذات الدخل المرتفع حيث تستخدم هذه الأنظمة أجهزة رقمية لأخذ القراءات الحيوية ثم نقلها بأمان الى الأطباء فى مكان آخر للتقييم. كما يمكن لهذه البيانات تنبيه المريض والطبيب عند الحاجة إلى التدخل المبكر وتجنب المضاعفات، ويمكن لما يسمى بتدخلات الصحة المتنقلة أن ترسل رسائل منقذة للحياة فى حالات تفشى الأوبئة والفيروسات والأمراض المعدية ، كما تتيح بعض التطبيقات خدمة تقديم الاستشارات السريرية عن طريق الفيديو خاصة فى المدن التى تعانى نقصا فى أعداد الأطباء.

د- تعزيز الترابط الاجتماعى: حيث إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعى والتطبيقات المختلفة قد يساعد فى تنظيم وتوطيد العلاقات بين السكان الذين يشعرون بالارتباط بهذا المجتمع الذكي، مع الحرص على تبادل المعلومات والإتصال بوحداتهم المحلية التى يشعرون تجاهها أيضا بالإنتماء والترابط حرصا على مصلحة هذه المجتمعات وسكانها .

2- التاثير الإيجابي على المجال الإقتصادى : تعمل المدن الذكية حاليا على تسريع وتيرة النمو الاقتصادى بالاستثمار فى التقنيات الذكية وتنجذب اليها الإستثمارات نظرا لتوفيرها شبكات اتصالات أفضل وبنية تحتية قوية وخدمات يسهل استخدامها ، كما توفر المدن الذكية رؤى وبيانات العملاء المقيمة مما يتيح للشركات اتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة ، ولذلك فإن المدن الذكية لها تأثيرات إيجابية واضحة على المجال الاقتصادى أهمها :

أ- توفير فرص عمل وأسواق أكثر كفاءة: تتيح هذه المدن الحلول الذكية التى يمكن أن تجعل أسواق العمل المحلية أكثر كفاءة وتخفض تكلفة المعيشة ، كما أنه يمكن أن تكون لمراكز التوظيف الالكترونى تأثير إيجابى من خلال إنشاء آليات أكثر كفاءة للتوظيف ، ويمكن أن تؤدى رقمنة الوظائف الحكومية إلى تحرير الشركات المحلية من الروتين وإتاحة مجالات أكبر لريادة الأعمال .

ب- ترشيد الاستهلاك : تتيح تطبيقات المدن الذكية الاستخدام الأكثر كفاءة للمرافق ونظام الرعاية الصحة، كما تضمن منتجات مثل أنظمة الأمن المنزلى وأجهزة التنبيه الشخصى وغيرها متابعة نمط مشتريات المستهلك وبالتالى الوعى بما يحتاج .

ويعد الحد من استهلاك المياه وإعادة تدوير استخدامها من عناصر المدن المستدامة حيث يتم رصد ومراقبة محتوى خزانات المياه وكشف التسرب ومراقبة نوعية المياه فى نقاط محددة على طول نظام التوزيع ، فيما تعمل أجهزة المعالجة عن بعد عن الكشف عن الحالات غير الاعتيادية، ثم تقوم الشبكة بأعمال الإصلاح الذاتى .

كما تقدم الشبكات الذكية العديد من المزايا مثل الرصد والمراقبة والإستشعار التى توفر إمكانية مراقبة خطوط نقل الطاقة، مما يسمح بتحديد الأعطال ورفع الكفاءة التشغيلية.

3- التأثير الإيجابى على المجال البيئى : تستفيد المدن الذكية من الحلول الرقمية من أجل تعزيز كفاءة الطاقة وخفض الإنبعاثات الكربونية وتحسين الكفاءة البيئية حيث أن التحول إلى نظام النقل العام الكهربائى على سبيل المثال يقلل من انبعاثات الوقود الضارة، كما أن ميزة العمل عن بعد يخفض عدد السيارات المستخدمة فى المدن ، كذلك يمكن أن تسهم أنظمة أتمتة المبانى وتسعير الكهرباء الديناميكى وبعض تطبيقات التنقل فى خفض حجم الإنبعاثات الضارة بنسبة من 10:15% ، كما يمكن خفض استهلاك المياه بسبب تطبيقات المدن الذكية بما لا يقل عن 15% فى المدن التى يكون فيها استخدام المياه السكنية مرتفعا ،كما تسهم هذه التطبيقات أيضا فى خفض حجم النفايات الصلبة للفرد بنسبة من 10:20% بشكل عام ، حيث يمكن لهذه المدن توفير من 25:80 لترا من المياه للشخص الواحد كل يوم وتقليل النفايات الصلبة غير المعاد تدويرها بمقدار 30:130 كجم للشخص الواحد سنويا.

وهنا تجدر الإشارة الى أن بكين – أحد أهم المدن الذكية فى العالم – نجحت فى خفض الملوثات القاتلة المحمولة جوا بنحو 20% فى أقل من عام من خلال تتبع مصادر التلوث عن كثب وتنظيم حركة المرور والبناء وفقا لتطبيقات المدن الذكية .

وتساعد البنية التحتية الخضراء في التخفيف مـن انبعاثـات غـازات الاحتبـاس الحـراري ، كمـا تعمـل الأسـطح والواجهـات الخضـراء كمصـدر إضـافي للعزل والحماية من درجات الحـرارة الداخليـة فـي الصيف وزيادة درجات الحرارة في الشتاء، وعـزل ثاني أكسيد الكربون وامتصاص الملوثات.

وقـــد لجـــأت دول عدة حـــول العـــالم إلـــى سياســات وإجــراءات الحــد مــن اســتخدام مــواد البناء كثيفة الكربون، ودعم البحث والتطـوير فـي هــــذا المجــــال، واســــتبدال المرافــــق المتهالكــــة عاليــة الكربــون، واســتخدام الطاقــة الشمســية كنظام للتدفئة.

4 – التأثير الإيجابى على المجال العسكرى والأمنى : توفر التقنيات الذكية مزايا كبيرة للمنشآت العسكرية خاصة فى أوقات الأزمات والطوارىء، كذلك تتيح مسار البيانات سهولة جمع المعلومات الاستخباراتية والمقاضاة ، فعلى سبيل المثال قامت قوات الجيش والبحرية فى جورجيا فى الولايات المتحدة الأمريكية بافتتاح محطات طاقة شمسية ذكية تسمح لها بالعمل بشكل مستقل عن شبكة الطاقة المحلية وهى قدرة حاسمة فى حالات الطوارىء ..

تمنح المدن الذكية القطاع العسكرى تحقيق الاستخدام الأمثل ومراقبة وإدارة موارد الطاقة والمياه والبنية التحتية المرتبطة بالمنشآت العسكرية الكبرى ، فعلى سبيل المثال تشرف وزارة الدفاع الأمريكية على مئات الآلاف من المبانى فى أكثر من 5000 موقع على أكثر من 30 مليون فدان من الأراضى ويمكن للإدارة متابعتها وإدارتها باستخدام التكنولوجيا الذكية. وقد أثبتت هذه التقنيات فعاليتها حيث خفض برنامج الطاقة الذكية التابع للجيش الأمريكى التكاليف بنحو 150 مليون دولار بفضل هذه الإمكانيات الذكية الهائلة والمتاحة.

المحور الرابع : المدن الذكية فى مصر

بذلت الدولة المصرية جهودا كبيرة للتحول إلى المجتمع الرقمى والتحول لنمط المدن الذكية ، والاستفادة من التطورات التكنولوجية المتقدمة لتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين، ولا تكمن أهمية المدن الذكية فقط في التطوير والابتكار والنقلة النوعية في نمط حياة المواطن، بل إنها تسهم في إيجاد الحلول اللازمة للتعامل مع التحديات المختلفة مثل تزايد الضغط على الموارد ، وتعزيز الاستدامة البيئية وتوفير فرص اقتصادية جديدة.

أهم المدن الذكية  في مصر :

  • العاصمة الإدارية الجديدة: تسعى الدولة المصرية من خلال مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لتحقيق رؤية مصر 2030، والحفاظ على الموارد الطبيعية الحالية والخروج من الوادي الضيق، وتوسيع الرقعة المعمورة على حساب المناطق الصحراوية غير المأهولة، مما يضمن خفض متوسط الكثافة السكانية الحالية والمستقبلية، وزيادة نصيب المواطن من الأراضي والخدمات.

تقع العاصمة على بعد 45 كيلومترًا شرق القاهرة، وتُقام على مساحة 700 كيلومتر مربع، لتكون مركزا إداريا وتجاريا وثقافيا جديدا لمصر. وقد تم اختيار موقع العاصمة الإدارية ليكون قريباً من مناطق التنمية الجديدة الواعدة. وتتميز بتصميمها الذكي الذي يراعي أحدث التقنيات والمعايير العالمية، ويُركز على تحقيق سبعة أهداف رئيسية:

1-مدينة خضراء: تُخصص مساحات خضراء واسعة تصل إلى 40% من مساحة المدينة، لخلق بيئة صحية ومستدامة.

2-مدينة مستدامة: تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، وتُطبق تقنيات كفاءة استخدام الطاقة والمياه.

3-مدينة للمشاة: تُصمم شوارعها ومرافقها لتكون صديقة للمشاة، مع التركيز على وسائل النقل العام الذكية.

4-مدينة للسكن والحياة: توفر مجتمعات سكنية متكاملة تُلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع.

5-مدينة متصلة: تُزود ببنية تحتية رقمية متطورة تُتيح الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة وخدمات ذكية متنوعة.

6-مدينة ذكية: تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين كفاءة الخدمات وتوفير حلول مبتكرة للتحديات.

7-مدينة الأعمال: تُشكل مركزًا إقليميًا وعالميًا للأعمال، وتُجذب الاستثمارات الأجنبية وتُحفز ريادة الأعمال.

  • مدينة العلمين الجديدة: حيث تم اختيار موقع المدينة على ساحل البحر المتوسط شرق مطار العلمين، ووفقاً للمخطط الاستراتيجي لمدينة العلمين على موقع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية من المخطط أن يتم بناء المدينة على مساحة تبلغ حوالي 48917 ألف فدان، وتهدف المدينة إلى تعزيز عملية الانتشار السكاني والأنشطة الاقتصادية المتنوعة في منطقة الساحل الشمالي، كما تبرز أهميتها في دعم العلاقات المكانية والاتصالية بين قطاع برج العرب وقطاعي مرسى مطروح وسيدي براني، لتيسير انتقال السكان والعمالة، وتحقيق الانتشار السكاني.

وتجدر الإشارة إلى أن المخطط الاستراتيجي للمدينة من المقرر أن يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، يشمل بالأساس: 20 ألف غرفة فندقية تقع على مساحة 7770 فدانًا، و5 آلاف فدان مناطق صناعية، و14 حياً سكنياً متعدد المستويات، و3 آلاف فدان مناطق لوجستية، وألف فدان مراكز بحثية وجامعية، و5 آلاف فدان مناطق تجارية وخدمية.

  • مدينة المنصورة الجديدة: تطل المدينة على ساحل البحر المتوسط بطول 15 كم، وبمساحة 5913 فداناً، ويتماشى مخطط إنشاء المدينة مع الاستراتيجية الوطنية لتعير المناخ 2050، من حيث تحقيق النمو المستدام والعدالة الاجتماعية لجميع السكان، وتوفير ما يحتاجونه من أنشطة حيوية، هذا إلى جانب خفض الانبعاثات، والتكيف مع التغير المناخي، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، فضلاً عن اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق التحول الرقمي، فضلاً عن دعمها للنقل الجماعي المستدام، هذا إلى جانب ما توفره المدينة من شواطئ مفتوحة لكل الأسر المصرية، فضلاً عما تحتويه من مساحات خضراء، وهي تضم محطة تحلية مياه جوفية بسعة ألف متر مكعب/ يوم، ومحطة تحليه مياه بحر بطاقة 1600 متر مكعب/ يوم، ومحطة معالجة ثلاثية لدعم إعادة استخدام المياه، كما تضم مجمع للجامعات، ومركز طبي ومدرسة دولية ومحطة محولات.
  • 4- مدينة الجلالة: يهدف مشروع المدينة إلى إيجاد مجتمع حضاري تنموي جديد يوفر الخدمات اللازمة، لاسيما المتعلقة بالإسكان والسياحة والتعليم والتجارة، فضلاً عن تعزيز قوة الاقتصاد المصري، خاصة أن المشروعات التي تضمها المدينة بها: عمارات سكنية وكورنيش عام، ومنتجع سياحي ومشفى للاستشفاء والنقاهة، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها في مجال الزراعة، تلفريك الجلالة والذي يمتد مساره إلى 4500 متر وعلى ارتفاع 665 متراً فوق سطح البحر، مما يجعله أكبر تلفريك في الشرق الأوسط، وجامعة الجلالة والتي تشمل العديد من التخصصات مثل القانون والتحكيم الدولي، وإدارة الكوارث والأزمات، والنانو تكنولوجي، ومجال الطاقة المتجددة والذرية، وعلوم البحار، كما يوجد بها أيضاً المنطقة الصناعية الجديدة والتي تشمل إنشاء مصنع كبير للأسمدة الفوسفاتية ومشتقاتها، وقد تم تصميم المصنع باستخدام تقنيات حديثة تقلل من استهلاك الغاز، كما تم التنسيق مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة للعمل على توفير الطاقة اللازمة للمشروع من خلال تطوير محطة كهرباء «عتاقة».

المحور الخامس : خارطة طريق نحو مدن ذكية مستدامة

للمضي قدمًا نحو عالم ذكي ومستدام، لا بد من اتخاذ خطوات جادة لزيادة عدد المدن الذكية. وتتضمن هذه الخطوات مجموعة من الإجراءات التي من شأنها تعزيز تطوير هذه المدن وتحقيق التنمية المستدامة، حيث تُشكل هذه الإجراءات خارطة طريقٍ واضحة لتنمية مدن ذكية مستدامة في مصر، وذلك من خلال العمل الجاد والتعاون بين جميع الجهات المعنية.

ويمكن إجمال أهم الإجراءات والتوصيات على النحو التالي:   

1- نشر الوعي والثقافة:

– نشر ثقافة المدن الذكية وفوائدها بين أفراد المجتمع.

– توعية صناع القرار بأهمية التحول نحو المدن الذكية.

2- تطوير البنية التحتية الرقمية:

– الاستثمار في تحديث البنية التحتية الرقمية لتوفير تقنيات الاتصالات عالية السرعة وتكنولوجيا الشبكات

توسيع استخدام تكنولوجيا الإنترنت من الأشياء

. (IoT) لتحسين إدارة الموارد والخدمات العامة

3- تعزيز الابتكار والشراكات:

– دعم الابتكار والبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا لتحسين كفاءة الخدمات الحضرية.

– تشجيع الشراكات بين القطاع العام والخاص لتمويل وتنفيذ مشاريع المدن الذكية.

4- سن تشريعات وسياسات داعمة:

– وضع تشريعات وسياسات تعزز تطوير المدن الذكية وتسهم في توفير البيئة الملائمة للاستثمار.

– سن تشريعات تحمي الخصوصية والأمان في سياق المدن الذكية.

5- تحسين الاستدامة البيئية :

– تعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتحسين إدارة النفايات.

– دمج التكنولوجيا لتحسين كفاءة استهلاك المياه والطاقة.

6- تشجيع التشارك والشفافية :

– تعزيز التشارك المجتمعي وشمول المواطنين في عمليات اتخاذ القرار وتخطيط المدن.

– الاستفادة من تقنيات الحكومة الرقمية لتحسين الشفافية والتفاعل مع المواطنين.

7- تنمية المهارات والتعليم :

– تحسين التعليم في مجال التكنولوجيا والابتكار لضمان توفر الكوادر المؤهلة لتطبيق وإدارة التكنولوجيا الذكية.

8- الاستفادة من التمويل الدولي :

– السعي للحصول على التمويل الدولي لتمويل مشاريع المدن الذكية وتحسين البنية التحتية.

المصادر :

1- غادة محمد عامر ، 2023، ” التأثيرات الايجابية للمدن الذكية على مجالات الأمن القومى المصرى “، كلية الهندسة، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ، ، متاح على الرابط التالي:

https://nsas.journals.ekb.eg/article_309483.html?lang=ar

2- انتظار جبر وشروق جاسم، 2019، خصائص المدن الذكية ومتطلبات التحول، كلية الأداب، جامعة بغداد، متاح على الرابط التالي:

https://search.mandumah.com/Record/1166288

3-طاهر عبد السلام حامد وآخرون، 2016، “صياغة المفهوم العمرانى للمدن الذكية “، كلية التخطيط العمرانى والإقليمى، جامعة القاهرة ، متاح على الرابط التالي:

https://jur.journals.ekb.eg/article_89834_5e0f0b53fab1aaf73322fd261ffba2b1.pdf

4- المدن الذكية المستدامة والحلول الرقمية الذكية لتعزيز المرونة الحضرية فى المنطقة العربية ، دروس من الجائحة،منظمة الإسكوا ،الأمم المتحدة ، متاح على الرابط التالي:

https://www.unescwa.org/sites/default/files/pubs/pdf/smart-sustainable-cities-digital-solutions-urban-resilience-arab-region-arabic.pdf

5- غادة محمود حسن، 2019، “المدن الذكية البيئية المستدامة كمدخل لتخطيط التجمعات السياحية الجديدة”، كلية التخطيط الاقليمى والعمرانى، جامعة القاهرة ، متاح على الرابط التالي:

https://journals.ekb.eg/article_86911_5e7918191012a1f02f45683519e8ea4f.pdf

6- محمد مهدى حسين ، 2019،” المدن الذكية المستدامة ، أفاق وتطلعات على خطى مدن القرن الحادى والعشرين “، متاح على الرابط التالي:  

https://www.researchgate.net/publication/333672421_almdn_aldhkyt_almstdamt_afaq_wttlat_ly_khty_mdn_alqrn_alhady_walshryn

7- تقرير ” المدن الخضراء – الاطار والممارسات العالمية “، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ، متاح على الرابط التالي:

https://mediadr.sis.gov.eg/handle/123456789/18458

8- الموقع الرسمى للاتحاد الدولي للاتصالات في المدن الذكية المستدامة

9- الموقع الرسمى لوزارة البيئة

 

 

The post المدن الذكية.. نحو مستقبل أكثر كفاءة واستدامة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8018
تداول العملات الرقمية..فرصة أم مخاطرة؟ https://draya-eg.org/2024/05/31/%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%82%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d8%b1%d8%b5%d8%a9-%d8%a3%d9%85-%d9%85%d8%ae%d8%a7%d8%b7%d8%b1%d8%a9%d8%9f/ Fri, 31 May 2024 21:51:10 +0000 https://draya-eg.org/?p=7935  يشهد العالم ثورة رقمية واقتصادية هائلة، لاسيما على صعيد النظام النقدي العالمى، وقد تسارعت هذه التطورات بشكل خاص بعد جائحة كورونا التى فرضت واقعا جديدا على مستوى العالم، يتطلب تقليل الاعتماد على العملات النقدية التقليدية، وتعزيز استخدام طرق إلكترونية، فضلا عن أن تطور التقنيات الحديثة وأنظمة الدفع أدى إلى الاعتماد على النقد السائل (الكاش) فى …

The post تداول العملات الرقمية..فرصة أم مخاطرة؟ appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 يشهد العالم ثورة رقمية واقتصادية هائلة، لاسيما على صعيد النظام النقدي العالمى، وقد تسارعت هذه التطورات بشكل خاص بعد جائحة كورونا التى فرضت واقعا جديدا على مستوى العالم، يتطلب تقليل الاعتماد على العملات النقدية التقليدية، وتعزيز استخدام طرق إلكترونية، فضلا عن أن تطور التقنيات الحديثة وأنظمة الدفع أدى إلى الاعتماد على النقد السائل (الكاش) فى الحياة اليومية، وتزايد الاعتماد على وسائل إلكترونية متعددة وحديثة، وقد ساعدت هذه البيئة على ظهور العملات الرقمية التى برزت كبديل واعد ومحتمل للنظام المالي الحالي.

ولكن تعد العملات الرقمية من أكثر الموضوعات الاقتصادية التى أثير حولها الجدل خاصة أنها ارتبطت لدى الأشخاص والحكومات بغسيل الأموال وتجارة البشر والمخدرات وتمويل العمليات الإرهابية، إلا أن هناك بعض الآراء ترى أن استخدام العملات الرقمية قادم لا محالة وأنه يجب على المؤسسات المصرفية فى كل دول العالم الاستعداد لهذا التطور والتعامل معه مع وضع الأليات التى تمكن الدول والمؤسسات والأشخاص من التعامل مع العملات الرقمية بكل سهولة وتأمين تعاملاتهم والحفاظ على حقوقهم وملكياتهم من خلال أنظمة صارمة لا يمكن اختراقها .

فعند النظر للواقع الحالي والمسيطر على المشهد المالي ودخول العنصر التكنولوجي، ليس مستغربا  تحول العملات التقليدية (الورقية والمعدنية) إلى عملات رقمية تتناسب مع التطور التكنولوجي، مع الحفاظ على أهدافها الرئيسة الثابتة كوحدة حساب، ومخزن للقيمة، ووسيلة للتبادل، وأن يلقى هذا التحول الثقة والقبول العام، وهو الأمر الأهم في استقرار العملة بغض النظر عن طبيعتها، ورقية كانت أم رقمية.

وفى هذا السياق، تسعى هذه الورقة البحثية إلى تحديد مفهوم العملات الرقمية، وإيجابيات التعامل بها وسلبياتها، إلى جانب استعراض واقع تعامل الدولة المصرية معها واتجاهات الشباب حولها ، مع عرض لأهم التوصيات من أجل تداول آمن للعملات الرقمية. وعليه، تتناول الورقة واقع العملات الرقمية من خلال عدة محاور تشمل ما يلي:

أولا: تعريف العملات الرقمية

ثانيا : ايجابيات وسلبيات العملات الرقمية

ثالثا : المؤشرات العالمية حول تداول العملات الرقمية

رابعا : العملات الرقمية فى مصر

خامسا : خطوات نحو تداول آمن للعملات الرقمية

أولا: مفهوم العملات الرقمية

تناولت العديد من الكتابات الاقتصادية تعريف العملات الرقمية أو الافتراضية أو العملات المشفرة ولكن السلطة المصرفية الأوروبية عرفتها بأنها ” تمثيل رقمى لقيمة لا تصدر عن البنك المركزى ولا عن السلطات العامة وليست بالضرورة متعلقة بالعملة الورقية كالدولار واليورو ويقبل الأشخاص العاديون والأشخاص القانونيون بها كوسيلة للدفع ويمكن تحويلها أو تخزينها أو تداولها إلكترونيا “.

كما توصف العملات الرقمية بأنها عملات وهمية افتراضية تتكون من أكواد رقمية قابلة للتخزين على الأقراص الصلبة أو شبكة الإنترنت وتخضع قيمتها للعرض والطلب كما يصعب تتبع عمليات البيع والشراء التى تتم بها أو حتى معرفة مالكى هذه العملات.

وتتحدد قيمة العملات الرقمية عن طريق قانون العرض والطلب مثل السلع كالذهب والبترول (كلما زاد الطلب عليها، ارتفع سعرها) لكن قيمتها الذاتية معدومة، كما تستمد قيمتها من قبول الأفراد لها كوسيط للتبادل والدفع ، إضافة الى عدم استنادها لأى سلطة مركزية.

أما عرض العملات الرقمية فيتحدد من خلال بروتكولات الكترونية ولا يتم تشغيل شبكتها من طرف جهة أو مؤسسة محددة ، فاللامركزية تقتضى عدم التعرف على مشغل النظام وبالمقابل تسمح للمستخدمين بتشغيل المحافظ الرقمية وتوفير أرضيات الكترونية لتحويل وتخزين تداول العملات الرقمية وحتى تبادلها ، ولهذا فالقيمة تنتقل من الطرف إلى الطرف الآخر مباشرة دون اللجوء الى وساطة وهو ما يسمح بتقليل تكاليف المبادلات وتسريعها وتسهيلها ، الأمر الذى يسهل تجاوز الرقابة القانونية عليها .

كذلك تجدر الإشارة إلى أن العملات الرقمية تستخدم فقط عبر الشبكة العنكبوتية ولها خصائص مشتركة مع العملات المادية، فهى تسمح بالمعاملات الفورية ونقل الملكية دون التقيد بالحدود الجغرافية .

وقد عرف قانون البنك المركزى المصرى العملات المُشفرة بأنها”عملات مُخزنة إلكترونيا غير مُقومة بأى من العملات الصادرة عن سلطات إصدار النقد الرسمية، ويتم تداولها عبر شبكة الإنترنت”.

وهى تختلف عن النقود العادية فى كونها تصدر بعيدا عن التنظيم الحكومى؛حيث لاتصدر من بنوك نظامية ولا تستند إلى نقود حقيقية، وليس لها شكل مادى ملموس، وإنما هى مجرد أكواد على شبكة الإنترنت.

كما أنها تختلف عن النقود الإلكترونية التى عرفها قانون البنك المركزى المصرى بأنها “قيمة نقدية مقومة بالجنيه المصرى أو بإحدى العملات المصدرة من سلطات إصدار النقد الرسمية مستحقة على المرخص له بإصدارها، وتكون مخزنة إلكترونيا ومقبولة كوسيلة دفع”.

ثانيا : إيجابيات وسلبيات العملات الرقمية

لقد تباينت الآراء الإقتصادية بشكل كبير حول إيجابيات ومميزات التعامل من خلال العملات الرقمية إلا أنه  يمكن إجمال الإيجابيات والسلبيات فى الأتى :

أ- الإيجايبات :

1- عدم وجود وسطاء أو طرف ثالث فى المعاملات مما يجعل هذه المعاملات سهلة وسريعة.

2- توفر العملات الرقمية مثل البيتكوين بديلا أرخص وأسرع بكثير من المعاملات النقدية خاصة بالنسبة للشركات أو المستهلكين الذين يقومون بنقل الأموال عبر الحدود أو لمتاجر التجزئة التى تقوم بقبول المدفوعات من الزبائن عبر الانترنت .

3- يمكن القيام بالمعاملات بسهولة من قبل أى شخص لديه هاتف جوال أو متصل بالانترنت.

4- رسوم المعاملات من خلال العملات المشفرة منخفضة جدا مقارنة برسوم معاملات بطاقات الإئتمان.

5- يرى بعض الاقتصاديين أن التعامل من خلال العملات المشفرة يقلل من المخاطر المرتبطة بطرق الدفع عبر الانترنت التقليدية التى من المحتمل أن تستعمل ممن قبل ” الهاكرز” لكشف البيانات الشخصية أو تفاصيل الحسابات المصرفية .

6- غير مرتبطة بدولة أو منطقة معينة، فتلك النقود تتسم بالعالمية حيث تصدر من أحد أو فريق من المبرمجين ليتم تداولها على شبكة الإنترنت دون اعتراف بحدود سياسية أو مناطق جغرافية.

7- تتسم بالسرية، والسرية تنبع من كون تلك العملات ترتبط بمحافظ،وإصدارات، ومنصات تداول جميعها تعتمد على الشفرات المعقدة التى تحميها تكنولوجيا فائقة يصعب اختراقها.

8-المساهمة فى الحد من الاقتصاد غير الرسمي، والنهوض بالقطاع التكنولوجي.

ب- السلبيات :

 1- تهديد الأمن الاقتصادى : ترى بعض الدراسات الحديثة أن العملات الرقمية تشكل تهديدا للبنوك المركزية والجهاز المصرفى فى السيطرة على إصدار العملة والنقود الرسمية بسبب ما يتعلق بها من غموض وسرية وعدم شفافية.

2- عدم وجود لوائح تنظيمية حيث إن عدد كبير من الدول لم تقم بتنظيم سوق العملات الرقمية، فإذا تم الاحتيال أو النصب على المستثمر فى هذا السوق فمن الممكن جدا ألا يتم محاسبة المتسبب فى ذلك فلا يوجد قانون دولى يقر بالعملات الرقمية .

3- التعرض للسرقة والاختراق : يشهد سوق العملات الرقمية تكرار عمليات السرقة والاختراق وهو عامل متكرر من مخاطر هذه العملات فالقرصنة فى هذا المجال تظل تهديدا دائما للمستثمرين خاصة مع التقدم التكنولوجى الهائل والنمو السريع فى وسائل الاتصال أصبح من السهل القيام بعمليات القرصنة بمختلف أشكالها خاصة فى سوق العملات الرقمية والتى تكون فيها جميع المدخلات مشفرة وجميع المتعاملين بغير هويتهم الحقيقية مما يصعب معه اكتشاف هوية من قام الاحتيال أو مكانه.

4- صعوبة الخروج من سوق العملات الرقمية: ففى حالة رغبة المستثمر فى الخروج من سوق العملات الرقمية فإنه يواجه بعض المشاكل، فأغلب منصات تبادل العملات الرقمية لا تسمح إلا بعمليات سحب بالدولار الأمريكى ويوجد جزء قليل منها يسمح لعمليات السحب بالدولار الأوروبى أو الجنيه الإسترلينى أو غيرها من العملات وهو الأمر الذى لا يسمح بتحويل العملات الرقمية إلى تقليدية بسهولة  ، كما يوجد قيد آخر فى بيع العملات الرقمية وهو قبول بيع العملات البارزة فقط فى السوق مثل البيتكوين الأمر الذى يزيد من عبء الخروج من سوق العملات الرقمية.

5- الاستخدام التجارى المحدود للعملات الرقمية.

6- مخاطر استقرار نظام الدفع : والتى يتمثل أبرزها فى عدم إتاحة استعمال المدخرات فى المحفظة الرقمية  فى أى لحظة وهذا فى حالة وجود خلل تقنى يؤدى إلى تعطل منظومة الدفع أو فى حالة القرصنة أو الهجمات الالكترونية على منصات التداول أو فقدان رقم التشفير الشخصى.

7- خطر السيولة : والذى يظهر فى عدم قدرة منظمة العملات الرقمية على توفير لسيولة الكافية لمتطلبات المتعاملين ، لأنها منظمة تعمل بشكل مستقل عن الدائرة الاقتصادية مما يطرح مشكلة عدم تناسب معدلات السيولة فى الدائرة النقدية ومتطلبات الاقتصاديين فى دائرة الاقتصاد الحقيقى .

8- بيئة مثالية لتسهيل عمليات الفساد، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ حيث إنه بمجرد شراء تلك النقود يُمكن لأصحابها تحويلها لأى مكان بالعالم دون رصد أو متابعة ليُعاد تحويلها إلى نقود عادية فى الدول التى تسمح بذلك، ما يسهل وصول الأموال إلى الإرهابيين، ويسهل خروج الأموال الناتجة عن فساد إلى دول الملاذات الآمنة.

9- تُفقد الحكومات قدرتها على إدارة الاقتصاد أو تطبيق أدوات السياسات النقدية والمالية اللازمة لتحقيق النمو واستقرار الاقتصاد والمُعاملات المالية، كما أن منظومة تلك العملات الإلكترونية تحول عن تحصيل موارد الدولة، وتحد من قدرتها على ضبط الأسواق، حيث لا يوجد أى إشراف، أو رقابة حكومية، أو مُراجعة من مؤسسات دولية على آليات إصدار وتداول تلك العملات المُشفرة.

10- عدم وجود جهة يمكن الرجوع إليها حال إضرارها بالأمن والسلم الدوليين، ففى عالم يصدر به نحو 50 عملة رقمية جديدة يوميا أصبحت متابعة نشاط تلك السوق من الصعوبة أن يتم رصد تحركاتها الأمر الذى يجعلها مجالا خصبا لكل الأفعال التى يمكن أن تهدد الأمن والسلم الدوليين سواء من أشخاص، أو تنظيمات إجرامية.

11- لم تصل إلى مرحلة النضج مايجعلها غير آمنة وعرضة للسطو الإلكتروني، فمنظومة إصدار وتداول العملات المُشفرة لا تزال تخضع للتطوير والتغيير السريع، ولا أحد يعلم على وجه اليقين الشكل الذى ستستقر عليه، الأمر الذى يجعلها بمنزلة نقود غير آمنة يمكن أن تنقرض بعضها فى ساعات ويخسر مالكها كل شىء، كما يمكن أن يتعرض للسطو الإلكترونى دون أن يجد من يرجع عليه بما أصابه من أضرار.

12- مجال خصب للمضاربة وخلق فقاعات تجارية، فالمضاربة هى أساس صعود القيمة السوقية لتلك النقود فلا تزال المتاجر الإلكترونية التى تقبل التداول من خلال بعض تلك العملات محدودا جدا ومُتغيرا بصورة تجعل الطلب الحقيقى على تلك العملات أساسه المضاربة وليس التداول والشراء من المتاجر.

 ثالثا : المؤشرات العالمية حول تداول العملات الرقمية

أصدر البنك الدولى وعدد من الدراسات الاقتصادية عددا من المؤشرات حول انتشار العملات الرقمية فى العالم يمكن إجمال أبرزها فى الآتى :

 1- زيادة انتشار العملات الرقمية :

شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة فى أنشطة البحث والتطوير الخاصة بالعملات الرقمية للبنوك المركزية حيث تجرى تجربة 15 عملة منها على مستوى العالم بينما وصلت 15 عملة أخرى إلى مرحلة بحثية متقدمة .

المصدر : البنك الدولى

2- تطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية : تمر البنوك المركزية بمراحل مختلفة من التطوير لتقييم مزايا ومخاطر العملات الرقمية التى تصدرها ودراسة أفضل السبل لاستخدامها.

وفي يوليو 2022، كان هناك ما يقرب من 100 عملة رقمية صادرة عن بنوك مركزية تمر بمرحلة البحث أو التطوير، واثنتان صدرتا بشكل كامل، وهما eNaira في نيجيريا، التي أُصدِرت في أكتوبر 2021، والدولار الرملي في جزر البهاما، الذي ظهر لأول مرة في أكتوبر 2020، كما يوضح الشكل التالي:

المصدر : البنك الدولى

3- تدشين جامايكا أول عملة رقمية للبنك المركزي في العالم : أطلقت جامايكا فى يوليو 2022 ،JAM-DEX باعتبارها أول عملة رقمية للبنك المركزي في العالم يتم التصديق عليها رسمياً عملة قانونية، بهدف استخدامها في تسديد المدفوعات الحكومية للعمال الموسميين في منطقتين بالجزيرة الكاريبية، كما تم الاستفادة منها في المدفوعات التي تجرى من خلال برنامج توليد فرص العمل، وهو أول برنامج من بين البرامج الحكومية يستخدم Jam-Dex وسيلة دفع رقمية آمنة ومريحة؛ وذلك لإدراج شرائح السكان التي لم تكن لتمثل في النظام المالى.

4-تطور استخدام العملات الرقمية :

 يتصدر البيتكوين العملات الرقمية يليه البينانز كوين ثم الايثريوم ثم الريبل وذلك على نحو متصاعد سنويا على مستوى دول العالم .

المصدر : موقع Statista 

 5- رأس مال بورصة العملات الرقمية : بلغت القيمة السوقية للبيتكوين – أشهر العملات الرقمية – ذروتها بين عامى 2017 : 2018 إلا أنها تعدت ذلك المقدار فى عام 2020 .

رأس المال فى البورصات العالمية للعملات الرقمية بالمليار دولار أمريكى حتى يوليو (2018)

المصدر : موقع Statista  

6 تطبيق الإمارات استراتيجية “الدرهم الرقمي” : في الثالث من مارس 2023، أعلن مصرف الإمارات المركزي عن بدء تطبيق استراتيجية الدرهم الرقمي، وهي الخطوة التي استُهدف من خلالها تعزيز البنية التحتية للمدفوعات في الدولة عبر توفير قنوات إضافية، وتعزيز الشمول المالي، ومعالجة “نقاط الضعف” المتعلقة بالمدفوعات المحلية والعابرة للحدود، والتحرك نحو مجتمع غير نقدي.

7إطلاق “اليوان الرقمي” في الصين :

 على خلفية تكثيف الاهتمام بالعملات الرقمية للبنوك المركزية، أطلقت الصين في عام 2022 اليوان الرقمي المعروف أيضاً باسم  E-CNY؛ وذلك بعد دخول الحكومة الصينية، من خلال بنكها المركزي (بنك الشعب الصيني)، في شراكة مع البنوك التجارية الكبرى وشركات التكنولوجيا مثل “علي بابا” و”تينسنت” من أجل تطوير واختبار اليوان الرقمى.

8- تدشين الولايات المتحدة مشروع الدولار الرقمي : أطلقت الإدارة الأمريكية في عام 2022 مشروع الدولار الرقمي عملة رقمية مركزية للدولار الأمريكي، وهي العملة التي تعتزم الولايات المتحدة إصدارها؛ وذلك بغية المساعدة في حماية العملة الأمريكية مستقبلاً، والسماح للأفراد والمؤسسات العالمية بتسديد المدفوعات بالدولار بغض النظر عن المكان والزمان، وكذلك تحفيز العملة الأمريكية الرقمية التي من شأنها أن تتعايش مع التزامات الاحتياطي الفيدرالي الأخرى؛ ما يجعلها بمنزلة وسيلة تسوية لتلبية متطلبات العالم الرقمي الجديد وخلق نظام مالي عالمي أرخص وأسرع وأكثر شمولاً.

9 – توزيع حصص رأس المال السوقية للعملات الرقمية الرئيسية فى العالم من 2019 الى   2020 حيث زادت حصص القيمة السوقية لعملة ” بيتكوين ” فى شهر يناير 2019 ويناير 2020 حيث كانت 56.04% فى يناير 2019 وأصبحت 69.85 فى يناير 2020 مقارنة بالعملات الرقمية الأخرى ، كذلك زاد عدد مستخدمى محافظ البيتكوين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة حيث وصل الى أكثر من 46 مليون مستخدم خلال الربع الأخير من عام 2020، كما يوضح الشكل التالي:

10- القيمة السوقية الإجمالية لأكبر 10 عملات افتراضية فى نوفمبر 2020

يلاحظ من الشكل السابق أن البيتكوين سيطر على سوق العملات الرقمية بأكثر من 254.75 مليار دولار أمريكى مقابل 43.3 مليار أمريكي لأثرويوم. .

رابعا : العملات الرقمية فى مصر

لقد شكلت العملات الرقمية جزءا كبيرا من اهتمام الشباب المصرى فى السنوات القليلة السابقة حيث اعتبرها الشباب طريقا سهلا لتحقيق الثراء السريع ، ولجأ إلى تعدين البيتكوين – العملة الرقمية الأشهر –  عدد كبير من الشباب الذين قاموا بالمضاربة فى سوق هذه العملات ومع الأسف أغلبهم حقق خسائر فادحة وهو الأمر الذى تنبهت له الدولة المصرية فقامت بتجريم التعامل بالعملات الرقمية وإتخذت فى طريق ذلك كل السبل والطرق الممكنة والتى كان من أبرزها ما يلى :

1- أصدر البنك المركزى القانون رقم 194 لعام 2020 والذى يفرض عقوبات صارمة بشأن إصدار العملات المشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها دون الحصول على ترخيص.

وأكد البنك حظر تلك العملات حيث قررت المادة (206) من قانون 194 والصادر عام 2020 على أنه “يحظر إصدار العملات المُشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشائها أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المُتعلقة بها بدون الحصول على ترخيص من مجلس الإدارة طبقا للإجراءات التى يحددها القانون”، وقد قررت المادة رقم (225) عقوبة لمن يخالف هذا الحظر تتمثل فى “الحبس والغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه، ولا تجاوز عشرة مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العود يحكم بالعقوبتين معا”.

2- دار الإفتاء تحرم تداول العملات المشفرة : أصدرت دار الإفتاء بيانا أوضحت فيه أن “تداول هذه العملات والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها حرامٌ شرعًا؛ لآثارها السلبية على الاقتصاد، وإخلالها باتزان السوق ومفهوم العمل، وفقدان المتعامل فيها للحماية القانونية والرقابة المالية المطلوبة، ولما فيها من الافتيات على وُلاة الأمور، وسلب بعض اختصاصاتهم في هذا المجال، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، وذلك يدخلُ في عموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». فضلًا عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول، والقاعدة الشرعية تقرر أنه “لا ضرر ولا ضرار”.

ولكن على الرغم من الحظر الذى قررته المادة (206) من قانون 194 لعام 2020 لأنشطة النقود المُشفرة، والإلكترونية، فإن المادة فتحت الباب لدخول مصر هذا المجال فى المستقبل عندما ربط النص ممارسة ذلك النشاط بالحصول على تصريح من البنك المركزى، وقد أُعلن فى الآونة الأخيرة العزم على السماح للبنوك بطرح الجنيه الإلكترونى شريطة أن يحتفظ البنك لديه بإيداعات نقدية لا تقل قيمتها عن الوحدات المُصدرة إلكترونيا، ما سيفتح الأفق المستقبلى للتفاعل الناضج مع فكرة إصدار أو التعامل بالعملات المُشفرة ارتباطاً بنضجها المنتظر، والممارسات الدولية التجريبية بشأنها، بحيث يتم ضمان مُقتضيات الأمن القومى بكل أبعاده قبل التفاعل مع تلك النقود.

خامسا : خطوات نحو تداول آمن للعملات الرقمية

 لا يزال سوق العملات الرقمية ناشئا على مستوى العالم، ما يعنى أنه إلى حد كبير فى طور التجربة وإن كانت الدول الكبرى والمؤسسات الإقتصادية الدولية ترى أن سوق العملات المشفرة قادم لا محالة, ولذلك يمكن وضع توصيات لجعل تداول هذ العملات أكثر استقرارا وحماية للأأمن القومى والمصرفى، والتى يمكن إيجازها فى الآتى :

  • تعزيز التنسيق والتعاون الدولي على المستوى التشريعي، حيث يجب على الدول العمل معا لوضع الأطر القانونية الكفيلة بحماية المتعاملين بالعملات الرقمية، وصياغة قوانين تنظم وتضبط إصدار هذه العملات وآليات تداولها.
  • وضع ضوابط صارمة على تداول العملات الرقمية ومنع استخدامها في تمويل الأنشطة غير القانونية، وتمويل العمليات الإرهابية وغسيل الأموال والمخدرات وغيرها
  • التحديث المستمر للأنظمة الالكترونية لحماية منصات ووسائل التعامل مع العملات الرقمية للقضاء على عمليات السرقة والقرصنة.
  • العمل على توعية الشباب بمخاطر استخدام العملات المشفرة وكيفية تداولها بشكل مسئول.
  • إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات التى تتناول مزايا ومخاطر استخدام العملات الرقمية، ومدى تأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.
  • يجب على المستثمرين المحتملين فى مجال تداول العملات الرقمية إجراء أبحاثهم الخاصة قبل استثمار أي أموال في هذه العملات
  • استخدام وسائل التواصل الاجتماعى والمناهج الدراسية خاصة فى كليات التجارة وادارة الأعمال واضافة محتوى خاص بطبيعة العملات الرقمية وكيفية استخدامها حتى يكون الخريج على دراية واسعة بها وبأنظمتها عند التعامل مع سوق العمل.
  • تصميم برامج ومواقع محاكاة الكترونية للبورصات الالكترونية والعملات الرقمية لتدريب المتعاملين على التعامل مع هذه العملات بعيدا عن المخاطر المالية وقبل البدء فى بيع أو شراء هذه العملات.

المصادر

  • ايمان عادل عبد المنعم (2023)، اتجاهات الشباب المصرى نحو العملات الرقمية “: دراسة حالة على عملة البيتكوين ، المجلة المصرية لبحوث الرأي العام.
  • وسيم صافي (2022)، العملات الرقمية للبنوك المركزية: المفهوم ودوافع الإصدار، سلطة النقد الفلسطينية، دائرة الأبحاث والسياسية النقدية.
  • أحمد يحيى محمد (2021)، العملات الرقمية نشأتها وتطورها ومخاطر التعامل فيها، المجلة العلمية لكلية التجارة، أسيوط.
  • دراسة مستقبل العملات الافتراضية ” الفرص والتحديات ” ، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.
  • وليد عبد الرحيم جاب الله، العملات الرقمية وتحديات الأمن والإقتصاد القومى، مجلة السياسة الدولية.
  • موقع البنك الدولى
  • موقع بلومبيرج الاقتصادى
  • موقع سى ان ان الاقتصادية

 

 

 

The post تداول العملات الرقمية..فرصة أم مخاطرة؟ appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7935
القضاء على العشوائيات استثمار حقيقي للاقتصاد المصري https://draya-eg.org/2024/05/17/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b6%d8%a7%d8%a1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b4%d9%88%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ab%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d9%84%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a/ Fri, 17 May 2024 21:20:39 +0000 https://draya-eg.org/?p=7918 تُعد العشوائيات ظاهرة عالمية موجودة في أغلب المجتمعات حيث انتشرت في مدن العالم بصفة عامة ومدن العالم الثالث بشكل أوسع وأعم، فهي بدأت كظاهرة عمرانية إلا أنها لا يمكن فصلها عن الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للدولة، وبالرغم من انتشار المناطق العشوائية في  مصر فإنها لم تلق الاهتمام الكافي من الدولة إلا بعد حدوث زلزال أكتوبر 1992 …

The post القضاء على العشوائيات استثمار حقيقي للاقتصاد المصري appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تُعد العشوائيات ظاهرة عالمية موجودة في أغلب المجتمعات حيث انتشرت في مدن العالم بصفة عامة ومدن العالم الثالث بشكل أوسع وأعم، فهي بدأت كظاهرة عمرانية إلا أنها لا يمكن فصلها عن الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للدولة، وبالرغم من انتشار المناطق العشوائية في  مصر فإنها لم تلق الاهتمام الكافي من الدولة إلا بعد حدوث زلزال أكتوبر 1992 حيث تعالت الأصوات من أجل إعادة النظر في العشوائيات المنتشرة في مصر وأصبحت العشوائيات من أهم موضوعات الخطاب السياسي خاصة في ظل الأزمات التي شهدها المجتمع المصري.

لذا فطنت “الجمهورية الجديدة” بقوة استمدتها من ثورة 30 يونيو 2013 لمشكلة الإسكان العشوائي وتداعياتها الخطيرة، معتبرة إياها من القضايا المُلحة التى تحتاج إلى مواجهة شاملة للحد من انتشارها ومعالجة آثارها السلبية على مستقبل التنمية فى كافة مجالاتها والتى من الممكن أن تُعيق خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى تنتهجها البلاد لتحقيق الأهداف المرجوة والارتقاء بالمجتمع المصري ككل.

فتكاتفت جهود كافة مؤسسات الدولة لوضع حلول جذرية لمشكلة الإسكان العشوائي، من خلال استراتيجية شاملة للقضاء على المناطق غير الآمنة وتحقيق حياة كريمة لجميع المواطنين تضمن حصولهم على أبسط حقوقهم من غذاء ومسكن ملائم وتعليم ورعاية صحية فى إطار دولة تحقق مبدأ العدالة الاجتماعية بين فئات الشعب. 

وفى ضوء ذلك، تتناول هذه الورقة معالجة ملف العشوائيات فى مصر ومدى تأثيرها على الاقتصاد القومي، ودور الدولة فى التصدي لها، وذلك من خلال العديد من المحاور التى تأتي على النحو التالي: 

أولا: مفهوم العشوائيات

 تعددت التعريفات حول مسمى “العشوائيات” على مستوى العالم، وبالرغم من اختلاف كل تعريف عن الآخر، إلا أن هذه التعريفات اتفقت على أن المناطق العشوائية هى مناطق غير شرعية وغير مخططة، فعلى سبيل المثال، يعرف البنك الدولى المناطق العشوائية بأنها “مناطق غير رسمية تعانى من بعض المشكلات مثل الكثافة السكانية المرتفعة وعدم كفاية البنية التحتية والخدمات، كما أنها مناطق تعانى من ضيق الشوارع وغياب الأراضى الشاغرة والمساحات المفتوحة “.

أما الأمم المتحدة فتعرف المناطق العشوائية بأنها : “المناطق المتهالكة والقديمة الواقعة داخل المدينة أو مستعمرات واضعى اليد التى تحتل أطراف المدن خارج المخطط العمرانى، والتى تعانى من عدم الاعتراف بها مثل “العشش والأكواخ” أو ما يسمى بـ”مدن الصفيح”، والتى تنتشر فى الأحياء السكنية الحديثة والقديمة سواء فى قلب المدن أو على هوامشها”.

 فيما يعرف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، المناطق العشوائية بأنها :” تلك المناطق التى أقيمت بالجهود الذاتية سواء على أراضى حائزيها أو على أراضى الدولة بدون تراخيص رسمية، ولذا فهى تفتقر إلى الخدمات والمرافق الأساسية التى قد تمتنع الجهات الرسمية عن توفيرها، نظراً لعدم قانونية هذه الوحدات. وإنها تنقسم إلى مناطق غير مخططة وأخرى غير آمنة مثل تلك المناطق المعرضة لانزلاق الكتل الصخرية أو للسيول أو لحوادث السكة الحديد، وأن العشوائيات تعد من أخطر القضايا إلحاحاً لما لها من انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأمنية تهدد أمن واستقرار المجتمع”.

ثانيا: تطور العشوائيات في مصر وأسباب ظهورها

  يبلغ عدد سكان العشوائيات في مصر 22 مليون شخص يعيشون في 88 منطقة عشوائية على مستوى الجمهورية، ويبلغ إجمالى مساحة المناطق العشوائية بالجمهورية  160.8 ألف فدان، تمثل 38.6% من الكتلة العمرانية لمدن الجمهورية (37.6% مناطق غير مخططة، 1% مناطق غير آمنة).

  • تمثل مساحات المناطق العشوائية بمحافظات سوهاج، والشرقية، وبنى سويف الأعلى على مستوى محافظات الجمهورية بنسب بلغت “71.1%،5%، و65.3%، على الترتيب .
  • تمثل نسبة العشوائيات نحو 39% من إجمالى الكتلة العمرانية للجمهورية وتنتشر في 226 مدينة .
  • يوجد 8 مدن فقط خالية من المناطق العشوائية، موزعون كالتالى: “مدينتين بمحافظة السويس، ومثلهم بالشرقية، و3 مدن بكفر الشيخ، ومدينة واحدة بمحافظة الجيزة .
  • تحتل محافظة الإسكندرية المركز الأول من حيث انتشار العشوائيات، حيث بلغت مساحة المناطق العشوائية بها1 ألف فدان بنسبة 12.5% من إجمالى المساحة .
  • تأتى محافظة القاهرة فى المركز الثانى بمساحة4 ألف فدان بنسبة 12%، يليها محافظة الجيزة بـ 15.5  ألف فدان  ونسبة 9.6% من إجمالى مساحة المناطق العشوائية .
  • تبلغ نسبة مساحة المناطق العشوائية غير الآمنة بمحافظتى القاهرة والإسماعيلية7% من إجمالى مساحة المناطق غير الآمنة على مستوى الجمهورية .
  • تأتى المناطق العشوائية غير الآمنة ذات درجة الخطورة الثانية فى المرتبة الأولي ، حيث بلغ عددها 251 منطقة .

  • بلغ إجمالي مساحة المناطق العشوائية غير المخططة على مستوى الجمهورية 156.3 ألف فدان تمثل 97.2% من إجمالي مساحة المناطق العشوائية. تمثل مساحة المناطق العشوائية غير المخططة بالمحافظات الثلاث (الإسكندرية -‏ القاهرة -‏ الجيزة) الأعلى على مستوى المحافظات حيث بلغت نسبتها (12.8%، 11.8%، 9.8%) على الترتيب من إجمالي مساحة المناطق غير المخططة بالجمهورية.
  • بلغ إجمالي عدد المناطق العشوائية غير الآمنة فى المحافظات 351 منطقة، يشغلون نحو 4.5 ألف فدان، وتمثل 2.8% من إجمالي مساحة المناطق العشوائية. حيث احتلت محافظة القاهرة المرتبة الأولى في عدد المناطق غير الآمنة في مصر حتى 2014 بنحو 56 منطقة تمثل 15.4% من إجمالي تلك المناطق في مصر كلها.
  • بلغ إجمالي عدد الأسواق العشوائية بالجمهورية 1099 سوقا عام 2015 تحتوي على 305.6 ألف وحدة.
  • تأتى محافظة القاهرة في المرتبة الأولى بعدد 134 سوق عشوائي

وتتمثل أسباب ظهور المناطق العشوائية في مصر فيما يلي :-

  • ارتفاع أسعار الشقق السكنية، وعدم قدرة بعض الناس على المعيشة في مستوى متوسط، فذلك يؤدي إلى اللجوء إلى المناطق العشوائية
  • زيادة الإنجاب وعدم مواكبة وتيرة بناء الوحدات السكنية الجديدة للنمو  السكاني المتسارع، مما يُؤدي إلى نقص في المعروض من المساكن، وارتفاع أسعارها ومن ثم لجوء الكثيرين إلى السكن العشوائي.
  • التساهل في معاملة منتهكي أراضي الدولة من قبل المسؤولين والجهات الحكومية .
  • ترك هذه المشكلة في بدايتها إلى أن زادت في كل أنحاء الدولة .
  • ضعف التخطيط العمراني وعدم توفير الخدمات الأساسية فى بعض المناطق.
  • قلة وعي سكان المناطق العشوائية بمخاطر السكن فى المناطق العشوائية.
  • عدم اهتمام الدولة بتحسين مستوى المعيشة في القرى والريف والمناطق البدوية خاصة خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات.

 ثالثا: خطورة العشوائيات على المجتمع المصري

المشكلات الاجتماعية

  • انخفاض المستوى التعليمى وارتفاع نسبة الأمية حيث بلغت 29% ، وأيضا تدنى نسب التعليم المتوسط والجامعى.
  • يعانى 43% بالعشوئيات غير الآمنة، و37% بالعشوئيات غير المخططة من الحرمان من التعليم، مما أدى إلي تسرب الأطفال من التعليم وزيادة نسبة عمالة الأطفال والتحاقهم بأعمال غير ملائمة.
  • انتشار ظاهرة الزواج المبكر حيث بلغت النسبة حوالى 34%.
  • انتشار الفقر، وارتفاع نسبة الجريمة نتيجة لارتفاع معدلات البطالة.
  • افتقار العشوائيات في محافظه القاهره إلى المرافق الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحى، كل هذه المخالفات أدت إلى زيادة معدلات الجريمة.
  • شدة التصاق المباني ببعضها مما يؤدي إلي التلوث السمعي والبصري للعديد من الأشخاص وقلة الخصوصية.

المشكلات الصحية

  • عدم توافر المستشفيات والمراكز الطبية.
  • انتشار الكثير من الأمراض نتيجة عدم توفير المياه النقية والصرف الصحى.

المشكلات الاقتصادية

  • تقلص الرقعة الزراعية جراء الزحف العمرانى العشوائى عليها.
  • انتشار العمل ذو الإنتاجية المنخفضة والعائد الضعيف.
  • زيادة الضغط على شبكات المرافق والبنية الأساسية والطرق والمواصلات.
  • ارتفاع معدلات البطالة بأشكالها المختلفة.
  • البناء على الأراضي الزراعية وتحويلها إلى أراضي سكنية مما يؤثر ذلك سلبًا على الدخل القومي للزراعة

رابعا: العشوائيات وتحدياتها الاقتصادية

 تُشكل المناطق العشوائية معوقا كبيرا لاقتصاديات الدول كون هذه المناطق تفتقر إلى أي تخطيط عمراني سليم، مما يتسبب فى إحداث فوضى عارمة تُعيق حركة النقل والتنقل، وتُشكل عبئًا هائلاً على البنية التحتية للمدينة، إلى جانب إعطاء الأولوية لقاطني العشوائيات للسكن والمأوى وليس للقرب من العمل، حيث يضطر سكان هذه المناطق لقطع مسافات طويلة للوصول إلى أعمالهم ودراستهم ومستشفياتهم، مما يُهدر وقتهم وطاقتهم ويُقلل من إنتاجيتهم.

كما أن افتقار المناطق العشوائية إلى الخدمات الصحية والصرف الصحي الملائمة وانتشار التلوث البيئي وارتفاع معدلات الجريمة والفساد، يجعلها بيئة خصبة للأمراض والأوبئة والمشكلات الاجتماعية، مما يزيد من معاناة قاطني تلك المناطق، وهو الأمر الذى يساهم في زيادة الأعباء على كاهل الدولة بسبب التكاليف العلاجية والاجتماعية.

وعليه، يمكن القول إن المناطق العشوائية تلتهم موارد الدولة بشكلٍ مُخيف،حيثُ تتطلب شبكات طرق وكهرباء ومياه وصرف صحي ضخمة لخدمتها، مع نسب فقد هائلة في هذه الشبكات نتيجة الوصلات غير القانونية والاستهلاك المفرط، مما يشكل استنزافا كبيرا للطاقات البشرية والمادية، وفي محصلة الأمر يؤثر سلبًا على الاقتصاد بشكل عام.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مخاطر العشوائيات لا تقتصر على تشويه المظهر الحضري وتهديد الصحة العامة، بل تمتد لتشمل نهب الثروات الطبيعية وتعطيل مسارات التنمية المستدامة، حيث تتمدد العشوائيات بلا رحمة، وتبتلع في طريقها الأراضي الزراعية الخصبة، مما يُهدد الأمن الغذائي ويُقلّل من الإنتاجية الزراعية. كما أن اتساع رقعة هذه المناطق يكون على حساب استعمالات أخرى للأراضي التى بنيت عليها كأن يكون زراعيا أو صناعيا أو مناطق آبار ومياه جوفية أو خامات معدنية، ومن ثم يحد من استغلالها والاستفادة منها.

إن القضاء على ظاهرة العشوائيات لن يقتصر فقط على تحسين المظهر الحضري للمدن، بل سيفتح الباب أمام فرصة ذهبية لتنظيم الاقتصاد المصري بشكل شامل. حيث إن العشوائيات بيئة خصبة لنمو النشاط التجاري غير المنظم، مما يُؤدّي إلى هدر الموارد وانتشار الفساد وعدم دفع الضرائب. ويُمكن من خلال القضاء على العشوائيات وتنظيم المناطق السكنية وتوفير البنية التحتية اللازمة دمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة الإيرادات الضريبية، وإتاحة الكثير من فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

إنّ القضاء على العشوائيات هو فى حقيقة الأمر استثمار حقيقي في مستقبل مصر واقتصادها وصحة مواطنيها.

 خامسا: إنجازات الدولة فى ملف تطوير العشوائيات

تتمثل رؤية الدولة المصرية في القضاء على العشوائيات المهددة للدولة والمواطنين حيث قدمت الدولة العديد من النماذج الناجحة في تلك الملف، فقامت بتطوير وانشاء مساكن آمنة كانت طوق نجاة للعديد من حياة المواطنين الذين كانوا يعيشون في مناطق غير آدمية ولا تصلح للحياة الي مناطق متكاملة بالخدمات ووحدات مجهزة وخدمات كانت بعيدة جدا عن العشوائيات.

قامت الدولة المصرية بتأسيس صندوق التنمية الحضرية باعتباره هيئة عامة اقتصادية تتبع مجلس الوزراء، أنشأت بقرار مجلس الوزراء ١٦٦٩ لسنة ٢٠٢٠ كبديل عن صندوق تطوير العشوائيات بهدف العمل على تطوير وتنمية مناطق التطوير العمراني التي يحددها مجلس أمناء الصندوق في إطار القرارت المنظمة، والعمل على توفير احتياجات السكان بتلك المناطق وتشجيع المجتمع المدني وقطاع الأعمال على المشاركة في أعمال التطوير العمراني، وإزالة المناطق غير الآمنة وتنفيذ مشروعات التطوير على الأراضي التي تخصص للصندوق، والتنسيق مع الجهات المختصة بوضع المخططات العمرانية لمناطق التطوير العمراني المستهدفة بما يتوافق مع أحكام قانون البناء والقوانين ذات الصلة.

وتتمثل بعض مشروعات الدولة في القضاء على العشوائيات فيما يلي:

  • جهود الدولة للقضاء على المناطق غير الآمنة:

يستفيد منها نحو 2 مليون مواطن، بإجمالى 246 ألف وحدة سكنية، وبتكلفة بلغت 63 مليار جنيه ، وذلك بواقع 33 منطقة غير آمنة من الدرجة الأولى، و269 منطقة غير آمنة من الدرجة الثانية، و34 منطقة غير آمنة من الدرجة الثالثة، و21 منطقة غير آمنة من الدرجة الرابعة. هذه المناطق تشمل 54 منطقة بالقاهرة.

  • جهود الدولة فى تطوير المناطق غير المخططة:

تصل تكلفة رفع كفاءة البنية الأساسية بالمناطق غير المخططة لـ 318 مليار جنيه، وقد تم تطوير 56 منطقة غير مخططة بـمساحة 4616 فدانًا، وتخدم حوالي 460 ألف أسرة، بينما يجري تطوير 79 منطقة بـمساحة 6941 فدانًا، وتخدم حوالي 690 ألف أسرة. تم تطوير 31 منطقة غير مخططة بمحافظة القاهرة تصل مساحتها لـ 2380 فدانًا، بتكلفة بلغت 350 مليون جنيه، واستفاد منها 263 ألف أسرة.

  • مشروع أهالينا

قامت الدولة بعدد من المراحل في تلك المشروع، منها أول مرحلتين (اهالينا ١، اهالينا ٢):

أهالينا ١ الإسكان الاجتماعي بحي السلام أول: كلف المشروع 600 مليون جنيه واقيم على مساحة قدرها ١١ فدان، يضم عدد من الوحدات السكنية عددها ٢٥ عمارة سكنية كل عمارة تضم ١٢ دور، كل دور يضم ٤ وحدات سكنية بمساحة ٩٠ متر، بالإضافة إلى تركيب مصعد كهربي لكل عمارة، ولم ينس المشروع ذوي القدرات الخاصة حيث تم تخصيص ٣٢ وحدة سكنية من إجمالي الوحدات بالإضافة إلى تجهيز مصاعد خاصة بهم وأبواب متسعة. بالإضافة إلى تجهيز شبكة كهرباء بالمنطقة وتركيب عدد من عدادات الكهرباء قدرها ١١٢١ عداد كهرباء، وشبكة تغذية للمياه، وخزان سعته ١١٠٠ متر مكعب لخدمة المشروع، وشبكتي صرف صحي وأمطار، وتأمين المشروع بشبكة تأمين اطفائي لجميع العمارات السكنية والمباني الإدارية والخدمية ولري المناطق الخضراء تم عمل ٤ آبار مياه، ولأجل توفير فرص العمل للسكان تم إنشاء مول تجاري و ٨٤ محل تجاري. ولتصبح المنطقة كاملة متكاملة تم إنشاء مدرسة للتعليم الأساسي بإجمالي ٢٨ فصل دراسي، ومركز طبي متكامل، ومسجد يضم 500 شخص، ومن أجل توفير فرص العمل للسيدات تم إنشاء ١٨ مشغل.

أهالينا ٢ بحي السلام أول: كلف المشروع ٧٠٠ مليون جنيه، وشمل المشروع ٣٤ عمارة، كل عمارة تضم ١٢ طابق، وكل دور يضم ٤ وحدات بمجموع ١٦٣٢ وحدة سكنية. وعمل المشروع على توفير الخدمات لسكان المنطقة حيث ضم ٤ مولات تجارية، و١٧٦ محل تجاري بمساحة ٤٥ متر مربع للمحل الواحد، ومدرسة للتعليم الأساسي ب ٣٣ فصل، ومركز شباب على مساحة ٧٣٠٠ متر مربع. جاء المشروع كطوق نجاة لبعض الاهالي حيث تنفيذ المشروع ليحل مكان ” الرشاح” الممتد من ابو رجيلة بالسلام حيث كانت تعاني تلك المناطق من الإهمال وانتشار الجريمة والتلوث.

  • روضة السيدة

تعد روضة السيدة من افخم مشروعات تطوير العشوائيات. هو تل العقارب سابقا حيث كانت تعاني المنطقة من البيوت التي على وشك السقوط حيث كان ارتفاع أعلى تبة ١١ متر في ٢٠١٦، ولكن تحولت من العشش لي كومباند متكامل وذلك على مرحلتين :-

  • روضة السيدة ١

تكلفة المشروع ٣٣٠ مليون جنيه، نفذ على مساحة قدرها ٧.٥ فدان، وعمل على توفير مسكن امن ل ٤٠٨٠ نسمة، ويتكون من ٨١٦ وحدة سكنية، وعدد ١٦ عمارة، بالإضافة إلى ١٩٨ وحدات إدارية وتجارية. الوحدات السكنية تم انشاؤها على ٤ نماذج للانشاءات

نموذج أ:- يشمل ١٢ وحدة بالطابق الواحد بالدور الواحد ٤ مداخل

نموذج ب:- يشمل ٨ شقق بالدور السكني بمدخلين

نموذج ج:- ٤ شقق في الدور الواحد وله مدخل واحد

نموذج د:- نموذج غرفتين وصالة بمساحة 65 متر مربع و165 وحدة بمساحة 72 متر مربع و56 وحدة بمساحة 82 متر مربع و84 وحدة بمساحة 90 متر مربع

-جري تنفيذ هذه المنطقة على الطابع المعماري الإسلامي نظرا لموقعها وقربها من مسجد السيدة زينب، حيث تم الانتهاء منها وتسكينها.

  • روضة السيدة ٢ “بديل لمنطقة الطيبي”

يجري تنفيذ هذا المشروع على الطراز المعماري الذي يتوافق مع الطراز المعماري للقاهرة الفاطمية بالإضافة إلى المساحات الواسعة. ويقع هذا المشروع على مساحة قدرها حوالي ٦ فدان، ويتكون المشروع من ٩ عمارات سكنية، كل عمارة عبارة عن دور ارضي و٥ أدوار. و ليصبح المشروع كمبوند متكامل، تم توفير بعض الخدمات للسكان حيث يضم المشروع ميني خدمي يضم محلات تجارية وصيدلية ومكتبة وحضانة، وعدد من المحلات التجارية على شارع السد البراني، بالإضافة إلى شركات الأمن والصيانة والنظافة للحفاظ على المشروع

  • سور مجرى العيون

انطلق المشروع في ٢٠١٩ لينفذ على مساحة قدرها ٣٩٩ الف متر مربع بما يعادل ٩٥ فدان خلف سور مجرى العيون في نفس منطقة المدابغ التي تم نقلها لمدينة الروبيكي الصناعية، يضم المشروع حوالي ٩٠ عمارة على مساحة قدرها ٧٤ فدان، ومسطح كل عمارة حوالي ٦٠٠ متر على ٤ وحدات، ومساحة كل وحدة ١٥٠ متر، تتكون العمارات من دور ارضي و٦ أدوار، ولكن العمارات بجانب السور مكونة من دور ارضي و٣ أدوار، ويحدد مساحة قدرها ١٦ فدان بجانب السور مباشرة لتنفيذ منشآت على الطراز الإسلامي القديم، حيث تضم أسواق تشمل المنتجات التراثية والصاغة والنحاسين وغيرها من المنتجات التراثية التي اشتهرت بها القاهرة القديمة، وخصصت مساحة قدرها ١٥ الف تقريبا لإنشاء المحور الترفيهي.

  • كمبوند الخيالة

تحولت حياة سكان مناطق السكر والليمون ووحوش الغجر الملاصقة لسور مجرى العيون، صدر قرار نقلهم الي مشروع أرض الخيالة المطل على بحيرة عين الصيرة الجنوبية على بعد ٥ كم تقريبا، من المشروعات التي اقامتها الدولة لحل مشكلة العشوائيات حيث كلف المشروع ٨٦٠ مليون جنيه، ويتكون من ٢٢٦٨ وحدة سكنية في ٤٢ عمارة سكنية، بالإضافة إلى وجود ٢ مصعد كهربي في كل عمارة. ويعتبر المشروع كمبوند متكامل حيث يطل على عدة مناطق أثرية بالإضافة إلى أماكن الخدمات حيث يضم (مسجد وكنيسة ومركز إسعاف ونقطة شرطة ونقطة إطفاء ومكتب بريد ومركز شباب وحديقة عامة).

  • مشروع الأسمرات

يعتبر اول مشروع سكني حقيقي لسكان العشوائيات، حيث قامت الحكومة بنقل سكان العشوائيات في مثلث ماسبيرو، الدويقة بحي منشأة ناصر واسطبل عنتر وعزبة خير الله، وتل العقارب ودار السلام والمواردي وبطن البقر إلى الأسمرات الواقعة في المقطم جنوب القاهرة بالقرب من محور الشهيد والطريق الدائري. تم تنفيذ المشروع على ٣ مراحل حيث تبلغ المساحة الكلية للمشروع ١٨٨ فدان ويتضمن ١٨٤٢٠ وحدة سكنية تضم حوالي ١٥ الف اسرة. وتمثلت مراحل مشروع الاسمرات فيما يلي:

المرحلة الأولى :-

كلفت المرحلة ٨٥٠ مليون جنيه تم تمويلها من موازنة المحافظة وصندوق تطوير العشوائيات بخلاف القيمة الفعلية لثمن الأرض المقامة عليها ، تقع على مساحة ٦٥ فدان وتضم ٦٢٥٨ وحدة سكنية، وبالنسبة للخدمات تضم ٢٤٠ محل تجاري وانشاء مدرسة للتعليم الأساسي

المرحلة الثانية :-

تقع على مساحة ٦١ فدان وتضم حوالي ٤٧٢٢ وحدة سكنية ومن ناحية الخدمات التي تتوفر للاهالي، تم إنشاء ١١٠ محل تجاري وتم انشاء مدرسة للتعليم الأساسي بتكلفة ٦٠٠ مليار جنية، وتم تمويل المرحلة الثانية من صندوق تحيا مصر

وتم افتتاح المرحلتين الأولى والثانية في ٣٠ مايو ٢٠١٦، حيث تضمنت الدفعة الأولى من الأسر التي تم نقلها الي الاسمرات حوالي ١٢٠٠ أسرة، بالإضافة إلى تضمن المرحلتين مكتب للبريد واسواق حضارية ووحدات علاجية ونقطة للشرطة ووحدة للاسعاف وملاعب رياضية.

المرحلة الثالثة :-

جاءت بعد نجاح المرحلتين الأولى والثانية بتكلفة قدرها ١,٧٥ مليار جنية حيث نفذت على مساحة قدرها ٦٥ فدان، وعملت على توفير سكن أمن ل ٣١٠٠٠ مواطن، حيث ضمت ١٢٤ عمارة باجمالي ٧٢٩٨ وحدة سكنية وتتكون كل عمارة من عدد من الوحدات السكنية عددها ٦٠ وحدة ومصعدين و٤ خزانات مياه علوية، كما أن مشروع الاسمرات لم يوفر مجرد سكن آمن فقط، بل عمل على ما هو بعيد تماما عن العشوائيات، حيث نجد انه تم إنشاء “نادي اجتماعي ورياضي” وملعب كرة قدم و٤ ملاعب متعددة الاستخدام، ومجمع للمدارس (تعليم أساسي وثانوي وصناعي) و٥ حضانات، وليكن مشروع متكامل متوفر من جميع الخدمات تم إنشاء رعاية الطفولة والامومة ووحدة اجتماعية و٤ وحدات صحية وقاعات متعددة الاستخدام. تم افتتاح المرحلة الثالثة في منتصف ٢٠٢٠، حيث تم تسكين ٧٢٩٨ أسرة من المناطق العشوائية ب عدد ٢١٠٣ أسرة من الشبهة وعدد ٤٠٨٥ أسرة وافدة من السحيلة وعدد ١١١٠ أسرة وافدة من شارع المحجر، بالإضافة إلى الأسر الوافدة من المناطق الأخرى.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن تحرير سعر الصرف لم يؤثر على جودة المشروعات المستهدف منها التطوير، حيث تم انتهاج مسارات مختلفة للحفاظ على الجودة مع تكلفة أقل من قبل الشركات المكلفة بأعمال التطوير.

 سادسا: رؤية المؤسسات الدولية لجهود الدولة المصرية فى القضاء على الإسكان العشوائي

أشار تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2021، إلى اهتمام القيادة المصرية بملف تطوير العشوائيات باعتباره أحد أهم أولوياتها، وذلك مقابل ما جاء في تقرير التنمية البشرية الصادر عام 2010، والذي أشار إلى أن المناطق العشوائية تفتقد لأدنى معايير التنظيم والأمن، مما أدى إلى انتشار الجريمة والمخدرات، كما أدى ارتفاع أعداد سكان العشوائيات في القاهرة إلى تدنى مستوى التعليم بشكل خاص.

بدوره، أكد برنامج الأغذية العالمي في عام 2023 أن هناك تكاملاً فى سياسات التنمية المستدامة فى مصر، وقد أثبتت مبادرة حياة كريمة النهج المصري المتكامل في التنمية، حيث تضمنت إعادة تأهيل البنية التحتية، وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية والصحية لتحسين جودة الحياة فى القرى الأكثر فقراً بالمناطق الريفية المهمشة.

وكان البرنامج ذاته يرى في عام 2011، أن المناطق العشوائية والمناطق الريفية البعيدة والمحرومة فى مصر تعاني من مشكلات عديدة، مثل تدهور الصحة العامة والمياه الملوثة وتدهور أنظمة الصرف الصحي وغياب المساواة في الرعاية الصحية ونقص القدرات اللازمة لتوفيرها.

من جانبه، أشاد مكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية عام 2020 بمشروع الأسمرات، مشيراً إلى أنه يعد بمثابة نموذج جديد لاستيعاب المواطنين ونقلهم من المناطق الخطرة، حيث تم تطوير الأسمرات عبر توفير المرافق الصحية والتعليمية والرياضية، ويتمتع المشروع بشوارع متسعة، ويوفر الخصوصية للسكان وهو ما ساهم بشكل كبير فى تحسين جودة حياة السكان.

جاء ذلك على نقيض ما ذكره المكتب عام 2011 بأن جميع المناطق العشوائية في مصر، مصنفة كمناطق غير آمنة، نظرًا لما تشكله من مخاطر بيئية وصحية.

كما تقدمت مصر فى المؤشرات العالمية بعد حجم الإنجاز في تطوير العشوائيات، وفقا لتصنيف البنك الدولي لمصر في مؤشر “سكان العشوائيات كنسبة من سكان الحضر”، ذلك فضلا عن أن مصر قفزت 13 مركزاً في مؤشر المخاطر الاجتماعية لعام 2021، والذي يتضمن مؤشرات فرعية منها معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي للفرد، ومشاركة القوى العاملة، والثقة في الحكومة، والإنفاق الاجتماعي العام، والاستقرار السياسي، وغيرها. كما حققت مصر المركز الـ 8 عربيا والـ 69 عالميا  في مؤشر أفضل الدول في جودة الحياة 2021.

وختاما فإن الدولة المصرية نجحت خلال السنوات الماضية فى مكافحة والحد من العشوائيات وتطوير عواصم المدن الكبرى، وتوفير كافة الخدمات اللازمة، بواقع ٥٠٠ ألف وحدة بتكلفة مقدرة ٦٠٠ مليار جنيه. كما تعمل على ملف الأسواق العشوائية وعددها ١١٠٠، بتكلفة ٤٤ مليار جنيه وذلك ليس فقط للقضاء على العشوائيات ولكن لإحياء القاهرة التاريخية وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى تسعى لها الدولة فى ضوء رؤية مصر 2030. لقد أصبح نجاح الدولة في تحقيق أهداف تطوير العشوائيات وتحقيق حياة كريمة للمواطن المصري حقيقة مشهودة للعيان ومصدر إلهام للدول التي تسعى إلى تنفيذ هذه التجربة. 

 

 

 

 

 

 

 

 

The post القضاء على العشوائيات استثمار حقيقي للاقتصاد المصري appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7918
مشروع المثلث الذهبى في صعيد مصر: الإمكانات والتحديات https://draya-eg.org/2024/05/03/7903/ Fri, 03 May 2024 23:38:17 +0000 https://draya-eg.org/?p=7903  تشهد الدولة المصرية ثورة تنموية هائلة من خلال تنفيذ العديد من المشروعات القومية الضخمة التى تستهدف دفع عجلة الاقتصاد المصري وتحسين حياة المواطنين، وتُراعي معايير الاستدامة والحفاظ على البيئة. وقد أولت الدولة اهتماما خاصا لتنمية الصعيد الذى عانى من الإهمال والتهميش لعقود طويلة على الرغم من أنه يزخر بالثروات الطبيعية الواعدة من موارد زراعية وطبيعية …

The post مشروع المثلث الذهبى في صعيد مصر: الإمكانات والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 تشهد الدولة المصرية ثورة تنموية هائلة من خلال تنفيذ العديد من المشروعات القومية الضخمة التى تستهدف دفع عجلة الاقتصاد المصري وتحسين حياة المواطنين، وتُراعي معايير الاستدامة والحفاظ على البيئة. وقد أولت الدولة اهتماما خاصا لتنمية الصعيد الذى عانى من الإهمال والتهميش لعقود طويلة على الرغم من أنه يزخر بالثروات الطبيعية الواعدة من موارد زراعية وطبيعية وتعدينية وبشرية .  

ويُعد مشروع المثلث الذهبي أحد أهم المشروعات القومية ضمن رؤية مصر 2030 ، فالمشروع يساهم فى تحقيق التنمية المستدامة لإقليم الصعيد ضمن إطار استراتيجية التنمية الشاملة للدولة. ويُقصد بالمثلث الذهبى المنطقة المحصورة بين محافظتى قنا من الجهة الغربية ومحافظة البحر الأحمر من الجهة الشرقية ومدينتى سفاجا والقصير شمالا والقصير جنوبا (رأس المثلث مدينة قنا وقاعدته مدينتي سفاجا والقصير).

ويُقام المشروع على 6 مراحل تسـتغرق المرحلة الأولى منها 5 سنوات، ويستغرق المشروع 30 عاما للانتهاء منه بالكامل، وتبلغ مساحة المثلث الذهبي نحو 7000 كيلومتر مربع، ومن المقرر إنشاء عاصمة للمثلث الذهبي تبعد عن قنا بمسافة 100 كيلو متر.  يبلغ حجم استثمارات المشروع حوالي 16.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يحقق عوائد سنوية للدولة تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار سنويا.

أولا: أهداف وأهمية إقامة مشروع المثلث الذهبي

يهدف مشروع المثلث الذهبى إلى تنفيذ خطة متكاملة لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة بالمنطقة وإيجاد مجتمعات عمرانية اقتصادية حديثة في إطار استراتيجية التنمية المستدامة 2030، حيث تستهدف مصر الانتقال إلى اقتصاد سوق منضبط يتميز باستقرار أوضاع الاقتصاد الكلى، قادر على تحقيق نمو احتوائى مستدام، ويتميز بالتنافسية والتنوع ويعتمد على المعرفة والابتكار، ويكون لاعبًا فاعلًا في الاقتصاد العالمى، وكذا تمكين صغار المستثمرين من المشاركة في الاقتصاد من خلال دمج القطاع غير الرسمي وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة على المشاركة عن طريق تبنى سياسات كلية وقطاعية داعمة للتشغيل والتركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة ومنها القطاع الصناعى.

وتجدر الإشارة إلى أنه فى يناير عام 2017 تم إصدار قانون بإنشاء هيئة عامة اقتصادية مستقلة تسمى “الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى” تكون لها الشخصية الاعتبارية العامة، ويكون مقرها بمدينة سفاجا بمحافظة البحر الأحمر، وتتبع رئيس مجلس الوزراء وهى على غرار قانون الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بحيث تمتلك الهيئة صلاحيات وسلطات كاملة بكافة الأنشطة والمشروعات المقامة في نطاق المنطقة دون تدخل من المحافظات التي تقع في نطاقها تلك المشروعات وهذا يؤدى إلى جذب وتحفيز الاستثمارات وتهيئة كافة الأجواء الاستثمارية للمستثمرين .

وتتضح الأهمية الاستراتيجية لمشروع المثلث الذهبى فى كونه مدخلاً رئيسياً لحل مشكلة العلاقة بين النمو السكانى والحيز المكانى وتآكل الأراضى، والتى تعتبر من أهم مشاكل التنمية الإقليمية، إلى جانب استيعاب أعداد كبيرة من السكان حتى عام 2052  .

ويستمد المشروع أهميته من ناحية أخرى، من كونه يتمتع بمنفذ واسع على البحر الأحمر( بين القصير وسفاجا )  مما يعطيه نفاذية لدول الخليج وشرق آسيا وأفريقيا كما أن قربه من منفذى أسوان البرى والنهرى يساعد على سرعة وسهولة اتصاله بوسط وجنوب القارة الإفريقية . 

ثانيا: إمكانات ومشروعات المثلث الذهبي في القطاعات المختلفة

تتمتع منطقة المثلث الذهبي بالعديد من الامكانات التعدينية والطاقات البشرية إلى جانب المزايا اللوجيستية والسياحية والتجارية حيث يتميز هذا المثلث بكثافة الثروة المعدنية غير المستغلة وبتعدد وتنوع موارده فتتوافر به أنواع عديدة من المعادن، فهو يحتوى على خامات الكوارتز بجانب كميات كبيرة من خامات الفوسفات والطفلة الزيتية والقصدير والألمانيت والجبس والحجر الجيرى والتنتايوم .

وتنبع أهمية تلك المنطقة من وجود مناجم مقفلة للذهب بكميات تفوق حجم  إنتاج منجم السكرى وذلك وفقا لدراسات هيئة المساحة الجيولوجية، ولهذا فإذا كان النصيب الأكبر للمشروع يكمن فى المعادن والمواد الخام فيجب ألا يقف نشاط التعدين عند استخراج المعادن فقط  بل يجب أن يمتد إلى أنشطة تصنيعها وتوطين هذه الصناعات داخل الحيز المكاني للمشروع.

يرتكز النشاط التعدينى فى المثلث الذهبى على استغلال أربعة مواد خام أساسية (الفوسفات – الذهب – الرمال الزجاجية – الحجر الجيرى)

جدول رقم (1) حجم الاحتياطى المتاح بالمثلث الذهبي

المادة الخام الاحتياطى  المتاح  بالمثلث الاحتياطى  المتاح  بالدولة
الذهب 2000 طن 5000 طن
الفوسفات 1.1مليار طن 2 مليار طن
الرمال الزجاجية 1.5 مليار طن 5 مليار طن
الحجر الجيرى 230 مليار طن 580 مليار طن

يتضح من الجدول السابق الكم الكبير المتوفر فى المثلث من الذهب والفوسفات والرمال الزجاجية والحجر الجيري، فمثلا الاحتياطى المتاح بالمثلث من خام الذهب يقترب من نصف الاحتياطى المتاح منه فى مصر كلها وهذا بالرغم من حجم المثلث الصغير مقارنة بحجم الدولة وينطبق هذا الأمر على الثلاث خامات الأخرى.

1- المشروعات التعدينية فى المثلث الذهبى

  • مشروع استغلال خام الفوسفات وتصنيعه جنوب طريق قنا – سفاجا وإقامة مصانع للأسمدة (إنتاج حمض الفسفوريك، إنتاج أسمدة فوسفاتية، استخراج خام الفوسفات ومعالجته)
  • صناعة الأسمنت التى تعتمد على استغلال خام الحجر الجيرى وتصنيعه فى شمال جبل الضوى.
  • مشروع إنتاج الزجاج والكريستال والكوارتز ورقائق السيليكون غرب سفاجا واستغلال خام رمال الزجاج.
  • مشروع استغلال خام الذهب شمال مرسى علم لاستخراج خام الذهب ومعالجته وتكريره وتصفيته.

يستهدف المشروع إقامة 44 مصنعا بعوائد تقدر بحوالى 24.5 مليار جنيه سنويا تصنف كالتالي:

  • 16 مصنعا لإنتاج صخور الفوسفات : 8 مصانع تعدين ومعالجة ، 4 مصانع لإنتاج حمض الفسفوريك، 4 مصانع أسمدة فوسفاتية .
  • 14 مصنعا لإنتاج الحجر الجيرى : 10 مصانع تعدين ومعالجة ، 4 مصانع لإنتاج الأسمنت .
  • 10 مصانع فى مجال إنتاج الرمال الزجاجى : 4 مصانع تعدين ومعالجة ، 4 مصانع زجاج وكريستال، مصنعين لانتاج رقائق السيليكون .
  • 4 مصانع لإنتاج الذهب : 3 مصانع تعدين ومعالجة ومصنع تكرير وتنقية .
  • إنشاء من 5 إلى 7 مناطق صناعية في المناطق ( الحمراوين / القصير / مرسى علم / العلاقى / جنوب الشلاتين ) كما سيتم إقامة مجمع للصناعات العطرية والدوائية يُوفر بمفرده 5000 فرصة عمل .

2- مشروعات البنية التحتية (طرق وموانيء)

يهدف المثلث الذهبي إلى إقامة طرق ومحاور لربط مناطق الاستغلال التعدينى بمحاور الطرق الرئيسية وتم توجيه 2.5 مليار جنيه لهذه المشروعات ممثلة فيما يلي:-

  • إقامة شبكة طرق تتمثل بصورة رئيسية فى:
  • استكمال ازدواج طريق سكة حديد قنا – سفاجا
  • استكمال أعمال المرحلة الأولى من طريق الصعيد – البحر الأحمر وازدواج طريق الصعيد – البحر الأحمر
  • ازدواج طريق ساحل البحر الأحمر فى المسافة من القصير حتى مرسى علم.
  • إنشاء طريق جديد فى صحراء شرق النيل امتدادا لوصلة قنا على طريق الصعيد – البحر الأحمر

يوجد طريقان للوصول إلى المثلث الذهبى وهما طريق قنا- سفاجا بطول 164 كم مربع وعرض 5.7 متر وطريق قفط القصير بطول 174 كم مربع وعرض 7.5 متر

وعلى صعيد الموانئ فيتضمن المشروع :

  • إنشاء ميناء سفاجا البحرى بأرصفة متعددة (حاويات وبضائع)
  • إنشاء ميناء أبو طرطور بمحطة صب جاف ومحطة صب سائل ورصيف متعدد الأغراض.

ومن أعمال تطوير الموانئ ما يلى :

  • تطوير ميناء القصير: الذى تم تطويره ليصبح ميناء للركاب والبضائع
  • تطوير ميناء سفاجا : تهدف عملية التطوير إلى تحويله إلى ميناء تجارى وصناعى عالمى من خلال إنشاء أرصفة جديدة جنوب الميناء الحالى بأعماق مختلفة، وتهيئة الميناء لأغراض متعددة ومشروعات خدمات الشحن والتفريغ والنقل البحرى وتأهيله ليصبح ميناء تجارى وسياحى لاستقبال اليخوت والعائمات السياحية الكبرى .
  • تطوير ميناء الحمراوين : بهدف جعله ميناء متكامل مع ميناء سفاجا لتجارة الموارد التعدينية والمواد الاستخراجية المصنعة .

3- المحطة متعددة الأغراض

تُعد المحطة المتعددة الأغراض التى تقع جنوب ميناء سفاجا أحد المشاريع لتطوير منظومة النقل البحرى وفقا لأحدث الطرق العالمية حيث يُشرف على إنشائها ثلاث شركات عالمية متخصصة وقد تم إنشاء هذه المحطة على غرار المنطقة الاقتصادية على محور قناة السويس وتم توجيه 2.5 مليار جنيه لتنفيذها بالفعل.

ومن أعمال التطوير التى تمت فى هذه المحطة إنشاء رصيف بطول ألف متر وعمق 17 متر لاستقبال سفن الحاويات والبضائع العامة وتبلغ مساحة الظهير الخلفى للرصيف 800 الف متر بطاقة استيعابية تصل إلى 3 مليون حاوية واستقبال بضائع عامة بقدر سبعة مليون طن. كما تم إنشاء مركز اقتصادى لوجيستى ضخم شمال غرب سفاجا يشتمل على العديد من الأنشطة التعدينية والاستخراجية ويتكون من مناطق لوجيستية ومراكز للمال والأعمال ومراكز تسوق تجارية وإسكان إدارى وفندقى ومناطق ترفيهية مفتوحة .

4- مشروعات زراعية

تقوم الزراعة باستخدام غابات من محطات الطاقة الشمسية واستخراج المياه الجوفية من آبار يصل عمقها لــ 150 متر حيث إن غالبية الزراعة التى تتم على أرض المثلث الذهبى تكون زراعة شتوية نظرا لدرجة الحرارة التى تتعدى الـــ 50 درجة مئوية .

تم إجراء العديد من التجارب التى أثبتت ضرورة استغلال هذه المنطقة أحسن استغلال ممكن ومن هذه التجارب:

1- تجربة زراعة 35 فدان بزهرة عباد الشمس بتقاوى ألمانية تتميز بغزارة الإنتاج ومواصفات خاصة.

ترجع أهمية هذه التجربة فى أنها ستغطى جزء كبير جدا من احتياج مصر للزيوت حيث كانت تستورد مصر حوالى 97% من احتياجاتها للزيوت.

2 – تجارب قامت على يد المزارعين لتربية أسماك البلطى فى أحواض تجميع المياه الخاصة بالزراعة .

وترجع أهمية هذه التجارب إلى أنها وفرت 40% من التسميد المطلوب للأراضى الزراعية لأنها محملة بمخلفات الأسماك والأعلاف .

5- مشروعات الإسكان والتعمير

يهدف المشروع إلى إيجاد مدن جديدة ممثلة فيما يلي:-

  • مدينة قنا الجديدة: ومن المخطط أن تصبح هذه المدينة قطب نمو ثانوي.
  • مدينة سفاجا: لتصبح مركز اقتصادي صناعي تجاري، كونها المدخل الجنوبي، لمشروع قناة السويس.
  • مدينة القصير: من المتوقع أن تصبح هذه المدينة قطب النمو الرئيسي في هذا المشروع.
  • مدينة أخميم الجديدة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من التجمعات العمرانية.

والهدف هو إيجاد مناطق استثمارية ذات طبيعة خاصة للأنشطة التعدينية والصناعات المرتبطة بها، حيث تصبح جاذبة للاستثمارات المحلية والعالمية.

وفقا للخطط المقترحة، تصل نسبة الإسكان المتوسط ٥٠% من الإجمالي، والإسكان الاقتصادي نسبة ٣٠% من الإجمالي، أما الإسكان الفاخر لن تتجاوز نسبته ١٩%. ويبلغ حجم السكان المتوقع أن تستوعبه منطقة المثلث الذهبي خلال العشرين سنة القادمة نحو 2 مليون نسمة. أما بالنسبة لحجم الاستيعاب من فرص العمل، فتبلغ 480 ألف فرصة عمل، موزعة كالآتي:

  • 305 ألف فرصة عمل في القطاعات الأساسية.
  • 180 ألف فرصة عمل في القطاعات غير الأساسية والمساعدة.
  • و تتراوح نسبة العمالة الكلية بالمثلث الذهبي ما بين ٥٠% إلى ٦٠%، وسيتم الاستفادة من عمالة مدن الصعيد لقربها من المشروع.

6 -المشروعات السياحية

      تنقسم السياحة في منطقه المثلث الذهبي إلىاثة محاور رئيسية:

المحور الأول: المناطق التي تقع علي سواحل البحر الأحمر وهي قاعدة المثلث.

وتعد مدينتي القصير وسفاجا من أهم المناطق التى يتم بها ممارسة السياحة الترفيهية مثل سياحة الغطس والألعاب المائية والسفارى وتسلق الجبال، حيث تتعدد الشواطئ في مدينة سفاجا منها شواطيء المرجان والمعمورة والجديد وعروس البحر وغيرها من الشواطئ، كما تحتوي مدينة سفاجا على أشهر مراكز الغطس العالمية وبما فيها من شعب مرجانية وتنوع نادر للكائنات البحرية .

شرم النجا: هي عباره عن منطقة سياحية تقع على بعد (40) كيلومترات من الغردقة تشتهر برياضة الغوص وتتوافر بها قوارب زجاجية تغوص تحت المياه.

جبل الشايب: أعلى قمه جبلية فى جبال البحر الأحمر حيث إن ارتفاعه (2187 متراً) ويتوافد عليه السياح لممارسة رياضة تسلق الجبال.

المحور الثاني: المناطق الأثرية حيث يوجد في المنطقة أكثر من 30 موقع اثري.

حيث تتمتع منطقة المثلث بتوافر العديد من المزايا حيث يتواجد فى مدينه سفاجا أكثر من 52 قرية سياحية ونسبه الإشغال بها حالياً 80%.

1-القلعة العثمانية بالقصير : تتميز بجمال موقعها المُطل على البحر بشكل مباشر وكانت بداية بناء القلعة فى منتصف القرن السادس عشر خلال حكم العثمانيين فى مصر.

2-الآثار الفرعونية بمدينة فقط ( قنا ) : هناك 45 فدان لأطلال معابد وأساسات معابد ترجع بعضها إلى عصر تحتمس والبعض الآخر إلى العصر البطلمي والرومانى، كما يتوفر طريق قفط قنا المعروف فى الماضى بطريق الحج ويتمتع بالنقوش والرسومات الفرعونية المتوفرة على طريق قنا سفاجا كونه مقصد للرحلات السياحية.

3-معابد الحيطه ودندره: هو المعبد الرئيسي المكرس للإله حتحور ومعبد صغير مكرس للإله إيزريس والبحيره المقدسة وهى المكان الذى يعرف باسم (المصحة)، حيث يبعد معبد دندره (2.5) كم جنوب شرق دندره غرب النيل.

4-السياحه الدينية: هنا العديد من المزارات الإسلامية والمساجد مثل مسجد الفران بالقصير، كما أن هناك العديد من الأديرة مثل دير الانبا بولا، قد بُني الدير فى الربع الأخير من القرن ٤م على موقع الكهف الذى أقام به الأنبا بولا ثمانين عاما قبل وفاته عام ٣٤١م.

المحور الثالث: المحميات الطبيعية وأهم 22 جزيرة في البحر الأحمر

      تشكل المحميات الطبيعية في محافظات قنا وأسوان والبحر الأحمر أحد أهم المقومات السياحية لمنطقه المثلث، ومن هذه المحميات جزر البحر الأحمر وعددها حوالى 22 جزيرة تتميز بتنوع الحياة البحرية والعديد من الطيور النادرة. كما تتميز بامتلاكها شعاب مرجانية بمساحة ٨٧٣ كم مربع من أصل ٣٨٠٠ كم مربع بمحافظة البحر الأحمر ووجود ٣٠٠ نوع من أنواع الشعاب المرجانية المختلفة بطول الساحل وامتلاكها نباتات المانجروف.

1-محميات عُلبة الطبيعية بمحافظة البحر الأحمر: تقع منطقة عُلبة فى الجزء الجنوبي الشرقي من الصحراء الشرقية وتقع جبالها على الحدود المشتركة بين مصر والسودان على البحر الأحمر. وتوجد فى هذه البيئات غالبية الأنواع من الحيوانات والطيور والزواحف والنباتات الطبية المهدده بالإنقراض وتتكون محميات عُلبة من المناطق التالية (جزر البحر الأحمر -غابات المانجروف – منطقه الأبرق – منطقه الدئيب – جبل عُلبة )

2- محمية وادي الجمال (حماطة): تقع المنطقة فى جنوب محافظة البحر الأحمر وتضم قطاع من ساحل البحر الأحمر يبلغ طوله حوالي (60) كم بعمق متوسط يبلغ حوالي (50) كم في جبال الصحراء الشرقية، تتميز بالتنوع البيولوجى، والبيئات الطبيعية وأنواع الكائنات التي تعيش بها من الطيور والسلاحف البحرية.

3-جزيره توبيا البيضات: موقعها في القصير وتبدو شبه مستطيل، تتكون غالبا من صخور رملية مرجانية تتألف منها جزيرة توبيا وطول سواحلها 1.28 كم وتتميز سواحلها بقلة التعريجات ويظهر عند طريقها الشمالي والجنوبي رأسان صغيران وتحيط بها الأطراف المرجانية من كل اتجاه .

4-السياحه الاستشفائية بقرية مينافيل (الرمال السوداء): تشتهر مدينة سفاجا باحتوائها على العديد من الشواطئ ذات الرمال السوداء التى تحتوى على ثلاث مواد مشعة غير ضارة مثل: اليورانيوم، الثوريوم والبوتاسيوم بنسبه (40 %) مع ارتفاع فى كمية أملاح الذهب والمياه ذات الملوحة العالية مما يساعد على علاج الكثير من الأمراض مثل: الروماتيزم، التهابات المفاصل، الصدفية والالتهابات الجلدية المصاحبة للروماتويد.

رابعا: التحديات التي تواجه المثلث الذهبي وسبل مواجهتها

قد تواجه المشروعات القومية الكبرى العديد من التحديات التي تُعيق تنفيذها وتُؤثر على النتائج المرجوة منها. فيما يلي بعض الأمثلة على هذه التحديات:

  • تحديات بيئية

   هناك خوف وقلق شديد من وقوع آثار سلبية على البيئة في منطقة المثلث الذهبى لأن الصناعات المستهدفة فى المنطقة من حفر المناجم واستخراج المعادن لها تأثيرات بيئية وأن المخلفات والانبعاثات والصرف الناتج عنها ملوث للبيئة، حيث تنبعث أهم ملوثات الهواء نتيجة حرق الوقود خلال النشاط الصناعى مثل: ثانى أكسيد الكربون وثانى أكسيد الكبريت وغيرها، وقد ينجم عن هذه المواد الضباب الدخانى والأمطار الحمضية وتحدث تأثيرا على طبقة الأوزون.

  • تحديات تهدد السياحة
  • قد يؤثر تطوير وتوسيع ميناء سفاجا ليصبح ميناء عالمى إلى تدهور الحياة البحرية والتأثير على الثروة السمكية والشعاب المرجانية، مما قد يؤثر سلبا على السياحة القائمة على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر.  
  • تحديات الضغط العمراني على خط ساحل البحر الأحمر

قد يؤدى الضغط العمراني والأنشطة البشرية المصاحبة له إلى تدهور خط ساحل البحر الأحمر، الأمر الذى يتطلب تخصيص مبالغ مالية ضخمة للحد من ذلك التدهور.  

سبل مواجهة التحديات:

  • توفير أراضي صالحة لإقامة مناطق صناعية بجوار مناطق توافر الخامات.
  • التعامل مع منطقة المثلث الذهبي على أنها ليست ذات طبيعة واحدة (مناطق زراعية وصناعية وسياحية) كل منها له أسلوبه في التنمية.
  • رفع كفاءة وفاعلية استغلال الموارد الطبيعية (نطاق الشواطئ) سواء من ناحية التوزيع المكاني أو من ناحية الاستخدام الموسمي للسياحة إلى الاستخدام طوال العام عن طريق الخدمات التي تقدم داخل المشروعات المقامة والوسائل الترفيهية المتعددة التي تدفع إلى إطالة مدة الزيارة مع ضمان عمل المشروعات الشاطئية في ضوء المعادلات والمعايير التخطيطية لضمان عدم تدهور البيئة حتي يتم تقديم خدمة ترويجية مناسبة للسائحين.
  • تطوير وتعظيم الاستفادة من المهرجانات كأداة تسويقية للمنتج السياحي بمنطقة المثلث الذهبي.
  • تنشيط سياحة الترانزيت من خلال السفن العابرة بالبحر الأحمر وذلك عن طريق وضع برامج لزيارات اليوم الواحد وتنشيط سياحة التسوق.
  • الاستفادة من المناطق الأثرية والارتقاء بها وتسويقها بشكل يعود بالربح على الدخل القومي والناتج القومي للقطاع والبلاد بصفة عامة.
  • تحريم الصيد العشوائي وجمع النباتات وتطبيق العقوبات لذلك.
  • توجيه التنمية إلى ظهير المناطق الساحلية لعدم الضغط على الساحل وإهدار القيم البيئة.

وختامــا، إن مشــروع المثلــث الذهبــي يعــد بمثابــة شــريان جديــد لتحقيــق التنميــة المســتدامة وعاصمــة صناعيــة اقتصاديــة جديــدة بصعيــد مصــر، حيث يهــدف إلى إقامــة مشــروعات عملاقــة تعدينيــة وزراعيــة وصناعيــة وتجارية وسياحية. ومن المتوقع أن يحقق هذا المشروع طفرة فى تنمية جنوب الصعيد حيث إنه من المخطــط أن تكــون منطقــة المثلــث الذهبــي نمــوذجا لتعظيــم القيمــة المضافــة للثروة المعدنية التى تزخر بها المنطقة، وذلك من خلال إنشــاء مراكــز لتصنيــع خامــات الثــروة المعدنيــة بــدلا مــن تصديرهــا بصورتهــا الخــام لخدمــة الاقتصــاد القومــي.

 كما أنه من المتوقع أن يحقق فائدة اقتصادية كبيرة لمصر فى علاقاتها الخارجية، خاصة مع الدول الإفريقية، فموقع مصر المتميز ووجودها على ممر التجارة العالمي يؤهل منطقة المثلث الذهبي لتكون منفذا لوجيستيا يخدم مصر وإفريقيا.

The post مشروع المثلث الذهبى في صعيد مصر: الإمكانات والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7903
هجمات الحوثيين وتأثيرها على أمن البحر الأحمر وقناة السويس https://draya-eg.org/2024/04/28/%d9%87%d8%ac%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%88%d8%ab%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%aa%d8%a3%d8%ab%d9%8a%d8%b1%d9%87%d8%a7-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a3%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%b1-%d9%88%d9%82%d9%86%d8%a7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d9%8a%d8%b3/ Sun, 28 Apr 2024 12:12:21 +0000 https://draya-eg.org/?p=7864 يُعزز من تنامي أهمية البحر الأحمر الاستراتيجية كممر ملاحي دولي رئيسي، النمو السكاني والاقتصادي المتسارع لدوله، هذه الزيادة تدفعها جهود دول الإقليم والدول المستثمرة فيه في تعزيز البنية التحتية للنشاط الاقتصادي. ويُمثل النقل البحري إحدى ركائز التنمية الاقتصادية وشريان الاقتصاد العالمي لمختلف دول العالم حيث ينقل 90% من إجمالي حجم التجارة العالمية، وتقوم الموانئ والأسطول …

The post هجمات الحوثيين وتأثيرها على أمن البحر الأحمر وقناة السويس appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يُعزز من تنامي أهمية البحر الأحمر الاستراتيجية كممر ملاحي دولي رئيسي، النمو السكاني والاقتصادي المتسارع لدوله، هذه الزيادة تدفعها جهود دول الإقليم والدول المستثمرة فيه في تعزيز البنية التحتية للنشاط الاقتصادي. ويُمثل النقل البحري إحدى ركائز التنمية الاقتصادية وشريان الاقتصاد العالمي لمختلف دول العالم حيث ينقل 90% من إجمالي حجم التجارة العالمية، وتقوم الموانئ والأسطول التجاري البحري بدور رئيسي في تسهيل حركة البضائع وتخفيض أسعار النقل، ودفع حركة التطور الاقتصادي والنظام اللوجيستي العالمي، حيث إن التجارة والنقل وجهين لعملة واحدة فزيادة حجم التبادل التجاري وفتح أسواق تصديرية يزيد الطلب على توفير وسائل النقل والاستثمار في البنية التحتية لنظم النقل المختلفة باعتبار النقل الشريان الرئيسي للتنمية.

تُشكل اضطرابات الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن تهديدًا مباشرًا لسلامة الملاحة في قناة السويس، لأنهما يعتبران امتداداً جغرافياً، ومن ثم، يؤدي ذلك إلى انخفاض إيرادات قناة السويس، ممّا يُلحق الضرر بالاقتصاد المصري، لاسيَّما بعدما كثر الحديث عن احتمال انتقال بعض الخطوط الملاحية إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح، خاصة في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار التي تشهدها دول المنطقة وفي مقدمتها اليمن ودول القرن الإفريقي.

تتناول هذه الورقة البحثية تأثير حالة عدم الاستقرار فى البحر الأحمر على قناة السويس، خاصة فى ظل هجمات الحوثيين، إلى جانب العائد الاقتصادي من مشروع قناة السويس الجديدة، وجهود التطوير والإصلاح المبذولة من قبل الدولة المصرية لتحقيق عوائد أكبر على الاقتصاد القومي، وأخيرا أبرز المشروعات التى تهدد مكانة قناة السويس وأهميتها على الصعيد العالمي.

المحور الأول: هجمات الحوثيين على البحر الأحمر

دفعت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، لا سيما تلك المرتبطة بإسرائيل، بعض الشركات إلى تحويل مسار سفنها بعيداً عن قناة السويس ومضيق باب المندب الاستراتيجي، فقد شوهدت هذه السفن وهي تسلك طريقاً أطول حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى أوروبا وآسيا، مما يزيد من وقت عبورها. وعلى الرغم من احتواء الهجمات الصادرة من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن حتى الآن، إلّا أن خطر حدوث تعطيل كبير للتجارة العالمية سيبقى مرتفعاً طالما يتم استهداف السفن التجارية التي تديرها شركات من جنسيات مختلفة.

وقد أدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى تصعيد الحرب في غزة إلى بُعد جديد، ما يعرض التجارة الدولية للخطر في واحد من أهم ممرات الشحن في العالم. ومن المؤكد أن هناك عنصرًا أيديولوجيًا في الهجمات على السفن التجارية، لأنها تسمح للحوثيين بإعادة وضع أنفسهم بوصفهم داعما إقليميا رئيسا للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. لكن هذه الهجمات هي أيضًا جزء من الاستراتيجية السياسية للحوثيين للحفاظ على قوتهم وتوسيعها داخل اليمن.

وتجدر الإشارة إلى أن موجة الهجمات الحالية التى يشنها الحوثيون تركز بشكل أكبر على السفن ذات العلاقات بدولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن حتى هذه الظاهرة ليست جديدة، فبين عام 2021 وأوائل عام 2023، استهدفت هجمات بالطائرات بدون طيار نُسبت إلى إيران بعض السفن المرتبطة بالجهات الإسرائيلية، بما في ذلك في بحر العرب بالقرب من عُمان. لكن حرب غزة رفعت من مستوى هذه التهديدات، إذ يستخدم الحوثيون أساليب جديدة لاستهداف السفن التجارية.

وعليه، تعرض اليمن في 12 يناير 2024لعدد من الضـربات الجوية الأمريكية والبريطانية، استهدفت مواقع عسكرية يمنية، ويأتي الرد الحوثي بإعلانه أن جميع المصالح الأمريكية والبريطانية أصبحت أهدافاً مشـروعة؛ الأمر الذي يذهب لتفسيرات مختلفة بشأن نية استهداف تلك المصالح في دول الخليج أيضاً وليس فقط تلك التي تـمر عبر البحر الأحمر.

وأعلنت واشنطن عن تشكيل تحالفٍ دولي يضم عشـر دول لحماية أمن البحر الأحمر، يهدف إلى مواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وهذا هو الهدف المعلن من هذا التحالف؛ ولكن هناك أهداف غير معلنة ، فيرى خبراء بأن أمريكا تدرك أهمية البحر الأحمر، ومن ثم فإنها تستخدم هذه الهجمات ذريعةً من أجل عسكرة البحر الأحمر، وجعله منطقة نفوذٍ لها، وللسيطرة على باب المندب، وإدخال أكبر قدرٍ من القوات الأمريكية إلى المنطقة، لتسمح لها بالمناورة السياسية وحماية أمن إسـرائيل؛ وذلك عن طريق إيجاد عدو وهمي والاستفادة منه كما حدث في أفغانستان والعراق، ليصبح البحر الأحمر محل تنافسٍ دولي كبير نظراً لوجود 11 قاعدة عسكرية في منطقة القرن الأفريقي القريبة من مدخله، تتبع العديد من الدول المتنافسة إقليمياً ودولياً، الأمر الذي يؤدي إذا ما تفاقمت حدة المواجهات إلى اندلاع حربٍ دولية، وفرض شـروطٍ جديدة على منطقة البحر الأحمر والملاحة الدولية فيه والتي تعده واشنطن أمرا ذا أولويةٍ استراتيجية.

وحال تصاعد هجمات الحوثيين وتعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر، سيتعرض كل من أمن الطاقة العالمي وتجارة البضائع الجافة لضربة أخرى، خصوصاً في أوروبا، التي لا تزال تتعافى من التأثير الهائل للحرب الرسوية الأوكرانية. ووفقاً لـ”إدارة معلومات الطاقة الأمريكية”، زادت عمليات نقل النفط الخام المتجهة شمالاً عبر طريقين رئيسيين إلى البحر الأبيض المتوسط – قناة السويس وخط أنابيب سوميد في مصر – بأكثر من 60% خلال النصف الأول من هذا العام مقارنةً بعام 2020، مع تعافي الطلب في أوروبا والولايات المتحدة في أعقاب جائحة “كوفيد-19”. كما أشارت الإدارة إلى أن العقوبات الغربية المفروضة على قطاع الطاقة الروسي دفعت أوروبا إلى استيراد المزيد من النفط من بعض المنتجين في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، تظهر بيانات شركة “كبلر” أن العراق صدّر ما معدله 743 ألف برميل يومياً إلى أوروبا عبر قناة السويس هذا العام، مقارنةً بـ629 ألف برميل خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وبالتالي، فبينما يبدو تأثير هجمات البحر الأحمر محدوداً حتى الآن، إلّا أنه لا يمكن تجاهل خطر التصعيد أو سوء التقدير الذي قد يتسبب بصدمات أعمق للتجارة. لذلك، تُعتبر حماية حرية الملاحة في هذا الممر المائي أساسية لأمن الطاقة والاقتصاد العالمي ككل. فيُعد البحر الأحمر ممرا مائيا استراتيجيا مهما تتصارع عليه القوى الإقليمية، له أهميةً بارزةً اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، وهو أكثر طرق الملاحة البحرية الدولية حيويةً في العالم؛ الأمر الذي يجعل أي صـراعٍ فيه مثل فتيل حربٍ سيجعل الأمن والسلم الدوليين في حالة تهديدٍ مستمر.

يذهب اقتصاديون إلى أن استمرار الهجمات ستسهم في تردي التجارة العالمية، بل وستضعها في مأزقٍ كبير، كما أنها ستربك شـركات الشحن ليس على المدى القصير بل على المدى الطويل، ما سيوثر سلباً على الاقتصاد العالمي، بل وسيحدث صدمةً جديدة وشيكة على شاكلة الصدمة التي شهدها هذا القطاع الحيوي إبان وباء كوفيد-19.

ومع وصول الصراع في اليمن إلى طريق مسدود بحلول نهاية عام 2022، ومع عدم قدرة الأمم المتحدة على الحفاظ على وقف مؤقت لإطلاق النار على مستوى البلاد، تضاءل الاهتمام الدولي تجاه الصراع في اليمن، خاصة مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، والتي حولت التركيز الدولي وحتى الإقليمي نحو أزمة الطاقة العالمية.

ومع ذلك، استغل الحوثيون هذه الحقائق الجيوسياسية لتعزيز الحكم الاجتماعي والسياسي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وقبل الهجمات الأخيرة على أهداف عالمية، كان الحوثيون قد بسطوا سلطتهم بشكل رئيس في شمالي اليمن، بما في ذلك صنعاء، ولكنم لم يتمكنوا من السيطرة على مدينة مأرب وحقولها النفطية القيمة، بينما بقي الجنوب تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو هيئة سياسية وعسكرية مستقلة تدعمها الإمارات العربية المتحدة. وبعبارة أخرى، أصبحت أهدافهم داخل اليمن الآن مقيدة، ما يترك لهم مجالاً للتمحور وتأكيد قدراتهم العسكرية على المسرح العالمي.

توفر المفاوضات الخلفية الجارية بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية عنصرًا سياقيًا حاسمًا آخر لفهم هجمات البحر الأحمر. وكجزء من صفقة محتملة مع الرياض، يأمل الحوثيون في إنهاء التدخل العسكري السعودي، وتقليل تهديد الهجمات التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي، والاعتراف بهم بوصفهم سلطة شرعية في اليمن، وتلقي المساعدات الدولية لتجنب أزمة اقتصادية. وقد يعتقد الحوثيون أنه من خلال مهاجمة سفن الحاويات وتشكيل تهديد خطير للنظام الاقتصادي الذي يقوده الغرب، يمكنهم زيادة نفوذهم على طاولة المفاوضات لتأمين أولوياتهم المحلية.

وهنا نشير إلى أن نحو ثمانية دول عربية وإفريقية مطلة على البحر الأحمر وخليج عدن قد أعلنت تشكيل مجلس تعاون أطلق عليه مسمى “مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن”، في ظل تنافس دولي وإقليمي محتدم حول منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر. وتأتي الأهداف والغايات الرئيسية لهذا المجلس من أجل تلبية احتياجات أمنية وعسكرية في ظل السعي لمواجهة التهديدات المختلفة والمتمثلة في انتشار المخدرات، وعمليات الاتجار بالبشر، وتهريب الأسلحة، والتي تنشط فيها إيران بشكل خاص. ومما يضاعف هذه التهديدات قلة الرقابة الأمنية في الكثير من النقاط والمواقع الجغرافية الحساسة نتيجة للعجز المتمثل في محدودية قوات الأمن، ونقص الموارد، وعدم توفر الخبرة التقنية.

يأتي تشكيل هذا التكتل الإقليمي في سياق السعي لتحقيق أهداف اقتصادية واستثمارية من خلال تعزيز التجارة والاستثمار، وتوفير فرص العمل، وتزويد الشباب ببدائل تساهم في صرفهم عن مداولة الأنشطة غير القانونية.

وتسعى المملكة العربية السعودية إلى تطوير حوالي 200 كم على طول سواحل البحر الأحمر، بما في ذلك نحو خمسين جزيرة صغيرة، لتعزيز المبادرات السياحية التي تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية. ويلاحظ كذلك أن موقع مدينة نيوم السعودية المستقبلية سوف يكون داخل هذا الشريط الساحلي، بالإضافة إلى خطة مصرية سعودية لبناء جسر فوق البحر الأحمر، مما سيسهل المرور المباشر للبضائع بين البلدين، ويحقق التكامل بين الأسواق في كلٍّ من شبه الجزيرة وأوروبا.

هناك ضرورة لإيجاد حلول للمشاكل الداخلية للدول المتشاطئة، والعمل على إزالة الآثار السلبية والمخاطر الناتجة من تطورات الأوضاع في البحر الأحمر ومواجهة الاختراقات الأمنية، وإعطاء أولوية لتطوير وتأهيل القوات البحرية والجوية حتى تصبح قادرة على تأمين ساحل البحر الأحمر، وإنشاء قواعد عسكرية مزودة بالطائرات المختلفة لحماية المراسي والموانئ والمنشآت الإستراتيجية. حيث إن النظرة المستقبلية لأمن البحر الأحمر تشير إلى تأمينه من خلال انتهاج دوله المتشاطئة العربية والأفريقية لسياسة مشتركة واضحة، وإفشال كافة المخططات الخارجية للهيمنة على المنطقة وتحقيق أهدافها على المدى القريب والبعيد. وهذا ما تحاول الدولة المصرية القيام به ويتضح من خلال المحور التالي:

المحور الثاني: قناة السويس وفرص التطوير والتهديدات التي تواجهها

تكمن أهميّة قناة السويس الجديدة في العائد الإيجابي الذي تحققه للاقتصاد المصريّ، فقد ساهم في تعزيز الثقة وزيادة قيمة الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال توفير الفرص الاستثماريّة للشركات المحليّة والأجنبيّة، مما أدى لزيادة معدل دخل القناة من العملات الأجنبيّة، وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين، بالإضافة إلى دور المشروع في تسهيل حركة السفن التجاريّة وتوفير أكبر قدر ممكن من الأمان لحمايتها.

وتأتى الإنجازات التى تحققت من إنشاء قناة السويس الجديدة، وفقا لموقع هيئة قناة السويس، على النحو التالي:
1- زيادة القدرة التصريفية للقناة لتصل إلى 97 سفينة معيارية / يوم مقارنة بحوالى 77 سفينة معيارية / يوم قبل افتتاح القناة الجديدة.
2- تحقيق العبور المباشر لعدد 45 سفينة في كلا الاتجاهين مع تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة لقافلة الشمال وضم قافلة الشمال الثانية الى قافلة الشمال الأولى ليكون العبور قافلة شمال واحدة وقافلة جنوب واحده فقط.
3- السماح بعبور السفن حتى غاطس 66 قدم في كلا الاتجاهين ، خاصة فى ظل التزايد المستمر للسفن ذات الغاطس 45 قدم فأكثر، و هو ما ساهم فى جذب السفن العملاقة فى اسطول التجارة العالمى لعبور القناة.
4- تحقيق الأمان الملاحي لوجود قناة بديله تضمن عدم توقف الملاحة عند حدوث أي حادث طارئ.
5- تقليل عدد الانحناءات بالمجرى الملاحى للقناة بما أدى الى زيادة معدلات الامان الملاحى للسفن العابرة للقناة.
6-الحفاظ على المركز التنافسى لقناة السويس عن طريق الاستمرار فى تطوير المجرى الملاحى للقناة فى ظل مشاريع التطوير التى تتم في الطرق المنافسة و البديلة سواء البحرية منها أو البرية .

النتائج المترتبة على مشروع قناة السويس الجديدة والعائد الاقتصادي :
1- زيادة فرص العمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاورة مع إيجاد مجتمعات عمرانيه جديدة .
2-تعظيم القدرات التنافسية للقناه وتميزها عن القنوت المماثلة وذلك نتيجة زيادة معدلات الآمان الملاحي أثناء مرور السفن.
3-زيادة القدرة الاستعابية للقناة وزيادة عدد السفن المارة لتكون 97 سفينة عام 2023 بدلا من 49 سفينة عام 2014 ، فقد رصدت التقارير الملاحية للقناة خلال الأعوام السبعة التالية لافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة من (2022- 2016) طفرة كبيرة في أعداد السفن العابرة للقناة حيث عبرت القناة خلال تلك الفترة 135 ألف سفينة مقابل عبور 125 ألف سفينة خلال السبع سنوات السابقة لافتتاح قناة السويس الجديدة في الفترة من (2014-2008) بنسبة زيادة قدرها % 8.

4 – كما نجحت قناة السويس الجديدة في تحقيق المستهدف منها بزيادة الطاقة العددية والاستيعابية للقناة ليصبح متوسط أعداد السفن المارة خلال عام 2022 ما يقرب من 68 سفينة يوميا مقابل 47 سفينة كمتوسط يومي للعبور عام 2014 قبل افتتاح القناة الجديدة حيث زادت بنسبة 44.7 %، كما ارتفعت قدرة القناة على استقبال السفن العملاقة ذات الغواطس الكبيرة بعد زيادة عمق القناة إلى 24 متر.

5- زيادة عائد قناة السويس كما رصدت التقارير الملاحية للقناة خلال الأعوام السبعة التالية لافتتاح (2022-2016)، كما أنها سجلت أعلى إيراد سنوي بلغ 8 مليارات دولار، متخطية بذلك جميع الأرقام التي تم تسجيلها من قبل وأعلى حمولة صافية سنوية قدرها 1.4 مليار طن.

6- كما أنه بلغ إجمالى الحمولات الصافية العابرة للقناة بعد افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة خلال الأعوام من (2022-2016) ما يزيد على 8.2 مليار طن، مقابل 6.2 مليار طن خلال الأعوام (2014-2008) بفارق 2 مليار طن، بنسبة زيادة قدرها 32% وسجلت متخطية بذلك جميع الأرقام التي تم تسجيلها من قبل وأعلى حمولة صافية سنوية قدرها 1.4 مليار طن.

7- أيضا يتضح حدوث زيادة في عدد ناقلات النفط العابرة بقناة السويس بداية من (2022-2019 ).

8- تم تسجيل أعلى معدل تحويل للخزانة العامة تحققه القناة في تاريخها عام (2019-2018 ).

مشروع قناة السويس الجديدة وأهداف التنمية المستدامة 2030

– بعد النظر إلى العوائد الاقتصادية المترتبة على مشروع قناة السويس الجديدة يمكننا القول إن ذلك المشروع قد نجح في تحقيق بعض أهداف التنمية المستدامة مثل :

الهدف السادس : المياه النظيفة والصرف الصحي
فالمخطط الخاص بمشروع أنفاق بور سعيد تضمن إنشاء محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي بقدرة 500 متر مكعب يوميا .

الهدف السابع : طاقة نظيفة وبأسعار معقولة
حيث ان مدينة الاسماعلية الجديدة تعتمد على مصادر الطاقة البديلة المنتجة من الرياح بجانب المصادر الكهربائية.
الهدف الثامن : العمل اللائق والنمو الأقتصادي
نلاحظ أن إنشاء محافظة الاسماعلية الجديدة يوفر أكثر من مائة ألف فرصة عمل على الأقل في فترة البناء، كما أن مشروع قناة السويس الجديدة عمل على زيادة فرص العمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاوره .
الهدف التاسع : الصناعة والابتكار والبنية التحتية
من خلال إنشاء مجموعة من الكباري العائمة وأنفاق قناة السويس
الهدف الأربعة عشر :الحياة تحت الماء 
من خلال إنشاء المشروع القومي للاستزراع السمكي الذي سيعمل على زيادة الثروة السمكية في مصر ، فتم إنشاء500 حوض للأسماك من إجمالي 1380 حوضا من المستهدف حفرها خلال المرحلة الأولى ، وسيتراوح الإنتاج المبدئي بين 10 آلاف و 15 ألف طن، على أن يصل إنتاج المشروع إلى 50 ألف طن بصورة مبدئية خلال دورة الإنتاج.
الهدف السابع عشر : الشراكة لتحقيق الأهداف
تم توقيع بروتوكول في مجال الاستزراع السمكي مع إحدى الشركات الإسبانية، ويهدف إلى توفير منتجات غذائية امنة تسد حاجة المجتمع، كما أجريت دراسات مع اسبانيا وكوريا لإنشاء أكبر مشروع للاستزراع السمكي في الشرق الأوسط.

نقاط الضعف في مشروع قناة السويس الجديدة :
شهد مجرى قناة السويس بعض حوادث تعطل الملاحة إما بسبب جنوح السفن أو حدوث أعطال معينة في محركات السفن أثناء عبورها للقناة، ومن بين تلك الحوادث:
– جنوح ناقلة الحاويات العملاقة «إيفر جرين»، وبعد 6 أيام نجحت القاطرات والكراكات فى تعويمها.
-غرق القاطرة فهد التابعة لهيئة قناة السويس بعد اصطدامها بناقلة غاز نفطي مسال “تشاينا غاز ليجند” (CHINAGAS LEGEND) ترفع علم هونغ كونغ، كانت تمر في منطقة البلاح داخل الممر الملاحي شمال محافظة الإسماعيلية.
-تصادم بين ناقلة الغاز الطبيعي المسال بي.دبليو ليسميس التي ترفع علم سنغافورة وناقلة المنتجات النفطية بوري التي ترفع علم جزر كايمان في المجرى الملاحي بالقناة.
-جنوح سفينة الشحن “شين هاي تونغ” بالقناة، وذلك خلال عبورها القناة ضمن قافلة الجنوب في رحلتها قادمة من السعودية ومتجهة إلى مصر.
-عطل فني في ماكينات ناقلة البترول “سيفيغور”، ونجحت زوارق القطر التابعة لهيئة القناة فى تحريك الناقلة على الفور.
– تعرض سفينة الغاز الطبيعي المسال “جريس إيميليا” لعطل في دفة القيادة في منطقة البحيرات في الجزء الجنوبي لقناة السويس، ولم تتأثر حركة الملاحة بهذا العطل.

ومن العوامل المؤثرة على حركة الملاحة في قناة السويس عدم ازدواج المجرى الملاحي بالكامل، ما يدفع نحو تعطل الملاحة إذا ما تعطلت السفن أو جنحت، إذ يبلغ طول قناة السويس نحو 193 كيلومتراً، منها 113 كيلومتراً مجرى مزدوج ، بالأضافة الي عدة عوامل أخري ليس لها علاقة بمجري قناة السويس أو العمق منها : الأعطال الفنية في محركات السفن، أو القاطرات، أو نتيجة الأخطاء البشرية والمناخية التي تتعلق بتوجّه السفن، فضلاً عن أحجام السفن الضخمة.

الجهود المبذولة من أجل التطوير والإصلاح :
وتتبنى هيئة قناة السويس استراتيجية وطنية حتى 2030، تقوم بالأساس على مشروعات تطوير المجري الملاحي للقناة وخاصة مشروع ازدواج قناة السويس، والتي تتضمن مشروع ازدواج القناة بمنطقة البحيرات المرة الصغرى يبلغ طوله 10 كم من الكيلو 122 حتى الكيلو 132 ترقيم القناة، ويبلغ طول قناة السويس الجديدة المستهدف من المشروع 82 كم بدلاً من 72 كم.

وعلى المستوى التنفيذي لمشروع ازدواج القناة فوفقاً لتقرير صادر عن المركز الإعلامى لمجلس الوزراء فقد تم إزالة 33 مليون م3 من الرمال المشبعة من المياه، لتصل نسبة الإنجاز بأعمال التكريك 53.5%، كما تعمل بالمشروع 4 كراكات.

وتتضمن مشروعات تطوير وازدواج قناة السويس وفقاً للتقرير، مشروع توسعة وتعميق المنطقة الجنوبية للقناة، حيث يبلغ طول المشروع 30 كم من الكيلو 132 حتى الكيلو 162 ترقيم القناة، ويبلغ عرضه 40 متراً شرقاً وعمق 27 متراً بدلاً من 24 متراً، كما يتيح مشروع التطوير زيادة الأمان الملاحي بنسبة 28%، علاوة على زيادة الطاقة الاستيعابية في تلك المنطقة بعدد 6 سفن إضافية.

وتخدم مشروعات التطوير زيادة الطاقة الاستيعابية وتحسين حركة الملاحة وتقليل زمن عبور السفن بها، بالإضافة إلى زيادة عامل الأمان الملاحى فى المنطقة الجنوبية، فضلًا عن زيادة مسطح القطاع المائى وتقليل التيارات الملاحية بالقناة، إلى جانب جهود تطوير قدرات الأسطول البحرى لقناة السويس، حيث تم التصديق على 28 قاطرة جديدة بقوة شد تتراوح بين 9 – 190 طن، وإضافة 2 كراكة جديدة للأسطول البحرى بقدرات تصل إلى 3600 متر3/ساعة للكراكة وهما الأحدث فى الشرق الأوسط، علاوة على وجود الحوض العائم فخر القناة بحمولة 35 ألف طن، ما يعد نقلة نوعية تضيف قدرات جديدة فى مجال إصلاح وصيانة السفن والوحدات البحرية الكبيرة.
التهديدات التي تواجه قناه السويس :

على الرغم من الأهمية القصوى التى تمثلها قناة السويس للتجارة العالمية إلا أن هناك مشروعات وطرق وخطوط نقل تمثل تهديدا صريحاً لمكانة القناة وأهميتها العالمية وقد تسحب من رصيدها في التجارة المارة بها.

أبرز 10 مشاريع تهدد قناة السويس :
1 – طريق الحرير البحري والبري :
أعلنت عنه الصين في مؤتمر دولي عام 2014 ، المشروع له مسار بحري محدد يربط الصين بالعديد من البلدان الآسيوية والعربية والأوروبية والشرقية والغربية، وهو طريق سيمتد برا وبحرا من وسط الصين إلى آسيا الوسطى ثم إلى أوروبا عبر البوسفور عابرا دول كثيرة .

طريق الحرير البحري يبدأ من فوجو فى الصين ويمر عبر فيتنام وأندونسيا وبنجلادش والهند وسيريلانكا وجزر المالديف وشرق أفريقيا على طول الساحل الأفريقي متجها إلى البحر الأحمر مارا عبر قناة السويس إلى البحر المتوسط نحو أوروبا حتى يصل إلى الساحل الصيني.

ينقسم الطريق البرى إلى 6 ممرات:-
ـ الجسر البرى الآوراسى الجديد الذى يمتد من غربى الصين إلى روسيا الغربية.
ـ ممر الصين – منغوليا – روسيا ويمتد من شمال الصين إلى شرق روسا.
ـ ممر الصين – آسيا الوسطى – آسيا الغربية يمتد من غرب الصين إلى تركيا.
ـ ممر الصين – شبه جزيرة الهند ويمتد من جنوب الصين إلى سنغافورة.
ـ ممر الصين – باكستان ويمتد من جنوب غرب الصين إلى باكستان.
ـ ممر بنجلاديش – الصين – الهند – ميانمار ويمتد من جنوب الصين إلى الهند.

2 – خط حديد شونكينغ – دويسبورغ :.
ويسمى أيضاً طريق الحرير الجديد وطريق ‘يوشينو’، وهو أحد أطول الخطوط في العالم بـ 11 ألف كيلو متر، وقد تم إنشائه عام 2011، ويعبر هذا الخط كازخستان وروسيا وبيلاروسيا بولندا. وعلى الرغم من أن حصة السكك الحديدية من السوق ضئيلة إلا أن هذا القطار أسرع بمرتين من النقل البحري وارخص بمرتين من النقل الجوي.

3- خطوط أنابيب النفط الموجودة بالمنطقة العربية والتى تمثل منافساً قوياً لقناة السويس ولحجم تجارة النفط المارة بها. وتتكون هذه الخطوط من 5 أنابيب تصل طاقتها إلى نحو 362.5 مليون طن سنوياً، وفي حالة تشغليها بكامل طاقتها ستؤثر بشكل كبير على كميات النفط المنقولة عبر السويس، خاصة أن نقل النفط عبر خطوط الأنابيب أرخص بكثير من النقل البحري.
1.خط أنابيب العراق (كركوك)– تركيا(جيهان).
2.خط انابيب إسرائيل (إيلات)– فلسطين (عسقلان).
3.خط انابيب (كركوك)– سوريا (بانياس).
4.خط أنابيب العراق – لبنان.
5.خط انابيب السعودية لبنان.

4-مشروع الفاو الكبير:
مشروع الفاو الكبير صُمم ليستوعب 99 مليون طن من الشحن سنويًا ليكون واحداً من أكبر الموانئ المطلة على منطقة الخليج العربي. وليربط الخليج العربي بأوروبا وتبلغ مساحته 54 كيلو متر مربع. ويقع الميناء في منطقة رأس البيشة في محافظة البصرة على الخليج العربي وسيكون من أكبر الموانئ العالمية وسيغير خارطة النقل البحري العالمية لانه سينقل البضائع من اليابان والصين وجنوب شرق آسيا إلى أوروبا عبر العراق.

5 – طريق بحر الشمال :
طريق بحر الشمال هو ممر شحن بحري يربط بين القارتين الآسيوية والأوروبية ويمر عبر كل من روسيا وإيران والهند ويمثل منافسة قوية لطريق قناة السويس حيث إنه أقصر بنسبة 40 % من طريق النقل عبر قناة السويس، وله عدد من المزايا، حيث يسمح مساره المختصر بتقليل ليس فقط الوقت ولكن أيضا تكاليف الوقود، مما يساعد على تقليل الضغط البشري في الشركات المتخصصة بالنقل.

6 – خط أنابيب إيلات – عسقلان :
هو خط أنبوب النفط الإيراني الإسرائيلي بطول 255 كيلو متر تمّ بناؤه في عام 1968 لينقل النفط الخام من إيران إلى البحر المتوسط حيث يمتدّ من رصيف خاص في ميناء عسقلان إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر بقدرة 1.2 مليون برميل في اليوم و 400,000 برميل في اليوم في الإتجاه المعاكس، وبهذا فإن خط أنابيب إيلات يشكل تهديداً مباشراً لحركة نقل النفط عبر قناة السويس.

7– ميناء أشدود :
يقع الميناء في مدنية أشدود الساحلية، على الساحل الشرقي للبحر المتوسط. وهو مشروع إسرائيلي تم إقراره عام2014 ، يُستخدم عادة في إيصال المساعدات إلى قطاع غزة المُحاصَر من قبل إسرائيل.

8 – خط سكك حديد بيسان- إيلات :
أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ خط سكك حديد يربط بين ميناء إيلات بالبحر الأحمر، ومدينة بيسان بفلسطين المحتلة، وصولا إلى ميناء حيفا على البحر المتوسط، وذلك لربط البحر المتوسط والبحر الأحمر، حيث إنه من المتوقع أن يتمكن خط السكك الحديدية هذا من نقل البضائع والركاب بين البحرين في مدة زمنية لا تزيد عن ساعتين.

9 – قناة البحر الميت :
قناة لربط البحر الأحمر بالبحر الميت، تم إقراره سنة 2013 ، وهو مشروع أردني فلسطيني إسرائيلي.

10- ممر الشمال-الجنوب :
وهو الممر الاقتصادي من الهند إلى أوروبا، ويبلغ 7200 كيلومتر، من السفن، والسكك الحديدية، والطرق البرية، ويهدف إلى نقل البضائع، والمرور عبر أراضي الهند، وإيران، وأفغانستان، وأرمينيا، وأذربيجان، وروسيا، وآسيا الوسطى، ثم أوروبا الشرقية.


وقد أوضحت دراسات الجدوى الهندية أن لممر الجنوب – الشمال العديد من المزايا في تكاليف النقل من آسيا إلى أوروبا، وزمنه يتراوح بين 30% و40 ٪ مقارنة بالطريق البحري الحالي، وتم تنفيذ تجربة لاختبار زمن الرحلة به وتبين أن زمن الرحلة من بومباي بالهند إلى سان بطرسبورج قد انخفض من 40 يوماً إلى 20 يوماً، وفي أكتوبر عام 2016 تمت تجربة أخرى بدون السكك الحديدية المقرر إنشاؤها في إيران كجزء من المحور، وتبين أن زمن الرحلة استغرق 23 يوماً من بومباي بالهند إلى سان بطرسبورج.

وختاما، يُشكل البحر الأحمر أحد أهم الممرات المائية الرئيسية للملاحة والتجارة الدولية، حيث تمر به ما يزيد عن 16 ألف سفينة تجارية وسياحية وعسكرية سنوياً، ويتم الاعتماد عليه في استيراد النفط (30 % من إنتاج النفط العالمي)، وكذلك المواد الخام لأوروبا والولايات المتحدة، ويتم عبره تصدير المنتجات الصناعية إلى آسيا وإفريقيا وأستراليا. لذلك أصبح البحر الأحمر القطب الذي تتلاقى فيه مصالح وأهداف مجموعة كبيرة من الدول الإقليمية والعالمية. وتتنافس قوى إقليمية ودولية على إيجاد نفوذ لها في البحر الأحمر لضمان مصالحها، حيث تشكل منطقة البحر الأحمر وخليج عدن أهمية استراتيجية، واقتصادية وأمنية متداخلة يصعب الفصل بينهم، لكل من مصر والسعودية والسودان وإسرائيل، إلى جانب القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران والقوى الدولية مثل الولايات المتحدة والصين. إلى جانب تأثير حالة عدم الاستقرار التي يمر بها الموقف الداخلي ببعض دول الإقليم، فضلا عن ضعف البنية التحتية، وتنامي ظاهرة التطرف في العديد من دول الإقليم، خاصة في الصومال واليمن.

The post هجمات الحوثيين وتأثيرها على أمن البحر الأحمر وقناة السويس appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7864