دراسات التنمية Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/السياسات-العامة/دراسات-التنمية/ Egypt Sun, 14 Jul 2024 18:21:02 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.5 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 دراسات التنمية Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/السياسات-العامة/دراسات-التنمية/ 32 32 205381278 مؤشرات الإصابة بالمهق وتداعياته على النساء والأطفال https://draya-eg.org/2024/07/14/%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d8%a7%d8%a8%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%82-%d9%88%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d8%aa%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84/ Sun, 14 Jul 2024 17:59:04 +0000 https://draya-eg.org/?p=8039 يعانى الأشخاص المصابون بالمهق فى جميع أنحاء العالم من التمييز والنبذ وجرائم الكراهية دون ارتكاب أى ذنب سوى اختلاف لون بشرتهم وعيونهم عن الآخرين، كما أنهم يواجهون دائرة فقر مغلقة لا ينجو منها إلا القليل. فيُلقي الوصم والاستبعاد الاجتماعي والأفكار المسبقة على مرضى المهق  ظلالًا ثقيلة  على مستوياتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية،  بل والعقلية  في كثير …

The post مؤشرات الإصابة بالمهق وتداعياته على النساء والأطفال appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يعانى الأشخاص المصابون بالمهق فى جميع أنحاء العالم من التمييز والنبذ وجرائم الكراهية دون ارتكاب أى ذنب سوى اختلاف لون بشرتهم وعيونهم عن الآخرين، كما أنهم يواجهون دائرة فقر مغلقة لا ينجو منها إلا القليل. فيُلقي الوصم والاستبعاد الاجتماعي والأفكار المسبقة على مرضى المهق  ظلالًا ثقيلة  على مستوياتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية،  بل والعقلية  في كثير من الأحيان، فهم أكثر عرضة  لنوبات القلق والذعر والاكتئاب  والأفكار الانتحارية من غيرهم.

وحقيقة الأمر تكمن فى أن الظروف التى يعيشها مرضى المهق ترتبط بشكل كبير بمرتبة الدولة التى يقيمون فيها على مؤشر التنمية البشرية، ففي الدول ذات معدلات الفقر المرتفعة تزداد فيها أحوال مرضى المهق سوءا مقارنة بالدول الأكثر رفاهية. كما أن ظروفهم الصحية ومعاناتهم من الوصم التمييز تجعلهم أقل حظا فى التعليم والحصول على فرص العمل وبالتالى يزدادون فقرا وهو ما يعرف بالفقر متعدد الأبعاد.

لقد أدركت المؤسسات الدولية المعنية خطورة الوضع الذي يعيشه مرضى المهق، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا  بإعلان يوم 13 يونيو من كل عام  يومًا عالميًا للتوعية بالمهق.  كما اعتمد الاتحاد الإفريقي في عام 2019 خطة عمل لإنهاء الاعتداءات وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان التي تستهدف الأشخاص المصابين بالمهق في إفريقيا  (2021:2031).  وتتضمن هذه الخطة برامج لرفع الوعي والتثقيف العام لمواجهة جرائم الكراهية ضد مرضى المهق في القارة السمراء.

وفى هذا السياق، تُسلط هذه الورقة الضوء على واقع المصابين بالمهق بهدف نشر الوعي حول معاناتهم، وتقديم حلول عملية لتحسين واقعهم لأنهم يستحقون حياة كريمة خالية من التمييز والتهميش، وذلك من خلال أربعة محاور رئيسية وهي كالتالي:

المحور الأول : تعريف المهق وأعراضه

المحور الثانى : حقائق ومؤشرات حول مرض المهق   

المحور الثالث: : تداعيات الإصابة بالمهق على النساء والأطفال

المحور الرابع : التوصيات 

 أولا : تعريف المهق وأعراضه

أوضحت منظمة الأمم المتحدة أن المهق حالة نادرة وغير معدية ووراثية، يُصاب بها الناس في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن العرق أو نوع الجنس ، ومن الشائع للغاية أن تنتج هذه الحالة عن نقص في صبغة الميلانين (الصبغة التي تعطي لون البشرة والشعر والعينين) في الشعر والجلد والعينين (المهق العيني الجلدي) ما يسبب ضعفًا بالغًا عند التعرّض لأشعّة الشمس.

وبسبب نقص الميلانين في الجلد والعينين، فغالبًا ما يعاني الأشخاص المصابين بالمهق من ضعف بصري دائم يؤدي غالبًا إلى إعاقات ، كما يواجهون تمييزًا بسبب لون بشرتهم؛ وبالتالي فإنهم غالبًا ما يتعرضون لتمييز متعدد ومتقاطع الأسباب

ولا يزال المهق غير مفهوم تمامًا، على المستويين الاجتماعي والطبّي ، فيما يشكّل مظهر الأشخاص المصابين بالمهق أساسًا للمعتقدات الخاطئة والأساطير المتأثرة بالخرافات التي تعزز تهميشهم واستبعادهم الاجتماعي.

ويواجه المصابون بالمهق في دول القارة الأفريقية معاناة مضاعفة  نتيجة لمظهرهم المميز، ففي ظل انتشار المعتقدات الخاطئة والأساطير المُتأثرة بالخرافات وأعمال السحر،  يُصبحون ضحايا للتمييز والعنف. ففي بعض الثقافات الإفريقية،  يُعتقد  أنهم يجلبون الحظ السيئ  أو أنهم يمتلكون قوى خارقة.  وتُؤدي هذه المعتقدات  إلى تهميشهم  وتعرضهم للعنف  والقتل  في بعض الحالات.

وتختلف أعراض المهق اعتمادًا على نوع الاضطراب. ومع ذلك، تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:

-بشرة فاتحة أو شاحبة

-شعر أبيض أو أشقر

-عيون زرقاء أو رمادية أو خضراء فاتحة

-حساسية متزايدة للضوء

-مشاكل في الرؤية

وتجدر الإشارة إلى أن الأشخاص المصابين بالمهق فئة فريدة من نوعها، تعاني من إهمال مزمن لحقوق الإنسان على مدى عقود طويلة. فقد تعرضوا كثيرا للوصم والتمييز والعنف في العديد من البلدان، فتعقيد هذه الحالة وفرادتها يعنيان أن تجارب أصحابها تمسّ بشكل بالغ ومتزامن العديد من قضايا حقوق الإنسان بما في ذلك التمييز على أساس اللون والتمييز على أساس الإعاقة، والحق فى التعليم، والحق في الصحة، والحق في الحياة الذي ينبغي أن يضمن لهم الحماية من الممارسات التقليدية الضارة والعنف، بما في ذلك القتل والاعتداءات لأغراض الطقوس والإتجار بالأعضاء، ووأد الأطفال والتخلي عنهم.

ثانيا : حقائق ومؤشرات حول مرض المهق

رغم قلة المعلومات حول أعداد ونوع الأشخاص المصابون بالمهق حول العالم، إلا أنه يمكن إجمال بعض المؤشرات والمعلومات التى أوردتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية  فى الآتى :

1- تشير التقديرات إلى أن واحداً من كل 17 إلى 20 ألف شخص في أمريكا الشمالية وأوروبا مصاب بنوع ما من المهق.

2- يعد المهق أكثر انتشاراً في أفريقيا خاصة جنوب الصحراء، إذ تشير التقديرات إلى أن المهق يشمل واحداً من كل 1400 شخص في تنزانيا، وأن معدل انتشار المهق يرتفع إلى 1 من كل ألف شخص بين فئات سكانية مختارة في زمبابوي، وبين فئات إثنية معينة أخرى في الجنوب الأفريقي.

3- تبلغ نسبة الاصابة بالمهق بين السود فى جنوب افريقيا حوالي 1 من كل 3900 شخص من المهق العيني الجلدي (إصابة العين والجلد) وذلك وفقا لبيانات المنظمة الوطنية للمهق ونقص التصبغ.

4- يعد المهق أقل شيوعاً بين السكان البيض، إذ يبلغ معدل الإصابة به 1 من كل 15000 شخص  ،ووفق الإحصاءات المتاحة هناك حوالي 11500 فرد متضرر في جنوب أفريقيا.

5- تبلغ نسبة الاصابة بالمهق فى هولندا وفي ايرلندا الشمالية إلى 1 في 12000 ، و1 من 4500 إلى 6600 على التوالي.

6-  تشير البيانات الواردة من الهند والصين إلى أن العدد الإجمالي للأشخاص المصابين بالمهق في البلاد يبلغ 150.000 و 90.000 ،على التوالي.

7- أوضحت دراسة أجريت فى جمهورية الكونجو الديمقراطية أن 22% من الأشخاص المصابين بالمهق يواجهون التمييز داخل أسرهم، و66% يتعرضون للتمييز في المجتمع الأوسع.

8 – أوضحت إحدى الدراسات  التى أجريت فى البرازيل أن 70% من المصابين بالمهق يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية .

9- في العديد من الدول، يكون متوسط ​​العمر المتوقع للأشخاص المصابين بالمهق أقل بكثير من المعدل الوطني ، في أوغندا، على سبيل المثال، 70٪ من الأشخاص الذين يعانون من يموت المصابون بالمهق قبل سن الأربعين وفي البرازيل، يصل متوسط ​​العمر المتوقع للأشخاص المصابين بالمهق إلى مستوى منخفض الى 33 سنة.

 10- بسبب المعاناة من الفقر والتمييز لا يستطيع الأطفال المصابون بالمهق استكمال مشوارهم التعليم ففى  بوركينا فاسو 30% من الفتيات المصابات بالمهق لا يكملون دراستهم الابتدائية ،وفي بوروندي 56% من الأشخاص المصابين بالمهق لم يستكملوا دراستهم، بينما في زامبيا يبلغ معدل معرفة القراءة والكتابة للأشخاص المصابين بالمهق 66% مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 92% وفي كولومبيا 17% من المصابون بالمهق لم يدرسوا ولم يتعملوا، ووفقاً لتعداد الأشخاص المصابين بالمهق في باراجواي، فإن 11% من الأطفال لم يستكملوا تعليهم فى مقارنة بالمعدل الوطني البالغ 89%

11- غالبًا ما يشغل الأشخاص المصابون بالمهق أدنى المستويات الاجتماعية والاقتصادية بسبب التهميش والتمييز المستمران ففي أوغندا، يعاني الأشخاص المصابون من المهق من الفقر خاصة فى المناطق الريفية وقد أوضحت التقارير أن 90% من السيدات المصابات بالمهق و65% من أمهات الأطفال المصابون بالمهق يعيشون فى فقر شديد.

12- فى بعض مناطق جمهورية تنزانيا المتحدة، 43٪ فقط من الأشخاص المصابين بالمهق لديهم إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية ، وفي باراجواي، 5% فقط من الأشخاص المصابين بالمهق أمكنهم استشارة طبيب أمراض جلدية مرة واحدة على الأقل حياتهم، و35% منهم فقط حصلوا على مساعدات بصرية.

13- في كثير من الأحيان يتم استبعاد الأشخاص المصابين بالمهق من التغطية التأمينية ولا يتم اضافتهم الى فئة الأشخاص ذوى الاعاقة ففى اليابان، على سبيل المثال لا يتم الاعتراف بالأشخاص المصابون بالمهق ولديهم مشاكل فى الابصار كأحد فئات ذوى الاعاقة.

ونتيجة لذلك فقد أظهرت المعلومات أن حوالي 60% من الأطفال المصابين بالمهق لا يمكنهم الحصول على دعم حكومى للحصول على مساعدات وأدوية بصرية وجلدية.

14- قد يفتقد الأشخاص المصابون بالمهق المعلومات والتثقيف اللازم للتعامل مع حالتهم المرضية، ففي دراسة أجريت في جمهورية الكونغو الديمقراطية ، أفاد 88% من المرضى المصابين بالمهق الذين شملهم الاستطلاع بعدم استخدامهم واقى للشمس بسبب نقص المعلومات حول أهمية هذا المستحضر لحالتهم.

ثالثا : تداعيات الإصابة بالمهق على النساء والأطفال

تعانى النساء والأطفال المصابون بالمهق بشكل كبير من الوصم والتمييز ويكونون أكثر عرضة للجرائم مثل الخطف والقتل والإتجار وانتزاع أعضائهم البشرية خاصة لأغراض السحر والاعتقادات الطقوسية، وفيما يلى أبرز التداعيات:  

1- اللوم والتخلى عن الأطفال المصابين بالمهق بعد إنجابهم : ويعود ذلك بشكل أساسى إلى نقص المعلومات الطبية التى تشير الى أن المهق حالة جينية موروثة من كلا الوالدين ، ولكن كثيرا ما يتم القاء اللوم على الأم وحدها فى أنها السبب فى لون الطفل الباهت المصاب بالمهق وغالبا ما تتهم بالخيانة أو بكونها لعنة تتجلى فى مظهر الطفل، وفى بعض الأحيان قد تتعرض الأم الى هجر الزوج والعزلة والطرد من مجتمعها المحلى بسبب إعتقاد المحيطين أن الطفل المصاب المهق يشكل لعنة على مجتمعه المحلى وقد تتعرض الأم والطفل للإعتداء من المحيطين فى حالة بقائها داخل اسرتها ومجتمعها المحلى.

2- الفقر : عادة ما تعانى أمهات الأطفال المصابين بالمهق من الفقر بسبب هجر الأزواج عند ولادة الطفل المصاب بالمهق، ويعرض ذلك الطفل المصاب للفقر المستمر ، خاصة وأن هذا الطفل بشكل عام يكون عاجزا عن الحصول على تعليم مناسب أو فرص عمل مناسبة فى المستقبل .

3- المخاطرالصحية : نظرا لنقص فرص التعليم وبالتالى عدم القدرة على الحصول على عمل مناسب، تقبل النساء والفتيات المصابات بالمهق فى كثير من الأحيان على أنواع مختلفة من العمل غير الائق فى الأماكن المفتوحة ويؤدى هذا العمل الطويل الأجل إلى ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الجلد.

كما أن شدة بروز النساء والأطفال المصابين بالمهق والتمييز المستمر ضدهم يعنى أنهم معرضون بشدة لخطر مواجهة التحديات النفسية والاجتماعية – التى غالبا ما تؤثر سلبا على علاقاتهم الاجتماعية ، ففى إحدى الدراسات التى أجريت فى سيراليون أشارت إلى أن 80% من الأشخاص المصابون بالمهق يُنعتون بأسماء مهينة وهذه الأسماء تصفهم بأنهم نباتات أو حيوانات أو كائنات مفارقة للطبيعة وجميعها مقدمات للإستبعاد الاجتماعى وللإعتداء عليهم .

4- العنف الجنسي :كثيرا ما تتعرض النساء المصابات بالمهق إلى العنف الجنسى وكثيرا ما يكون ذلك بسبب انتشار بعض الخرافات والمعتقدات الخاطئة التى تؤدى إلى الاغتصاب والاعتداءات الجنسية ، وفى بعض الدول تسود معتقدات بأن ممارسة الجنس مع النساء المصابات بالمهق يمكن أن يعالج فيروس نقص المناعة البشرية وأنه يسبب حسن الحظ ، وهذه المعتقدات تعرض هؤلاء النساء للعنف المستمر وتزيد من إحتمال تعرضهن للحمل غير المرغوب فيه والإصابة بمختلف الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسى .

5- زيادة احتمال التعرض للاعتداءات : غالبا ما تصبح الأم وطفلها المصابان بالمهق عرضة للاعتداءات بسبب الفقر والطرد والعزلة وهو ما يعنى أن تكون الأم غير قادرة على تحمل تكاليف السكن المأمون والمضمون للحماية من الاعتداءات . 

 6- ضحايا الإفلات من العقاب : أوضحت التقارير الدولية المعنية أن المرأة غالبا ما تقع  ضحية لأعمال العنف التى ترتكب سرا ويفلت مرتكبوها من العقاب لاسيما فى حالات النزاع والكوارث ، وعليه تكون المرأة المصابة بالمهق معرضة لخطر العنف البالغ خاصة فى المناطق التى تكثر فيها الاعتداءات بسبب الخرافات والمزاعم الخاطئة حول مرض المهق.

7- الأعمال الإنتقامية : غالبا ما تواجه النساء اللواتي يشكارك أزواجهن وشركاؤهن وأفراد أسرهن فى الاعتداء على أطفالهن المصابين بالمهق تهديدات بالانتقام بعد الإدلاء بشهادتهن ضد أقاربهن أثناء التحقيقات والملاحقة القضائية ، وتفيد التقارير بأن التهديدات بالانتقام تأتى من الأقارب والمجتمع المحلى بشكل عام .

8- التشرد : عادة ما تواجه السيدات المصابات بالمهق وأطفالهن خطر التشرد خاصة فى أعقاب حوادث الاعتداءات الجسدية على الأشخاص المصابين بالمهق بشكل عام. ولذلك، تلجأ العديد منهن إلى الملاجىء التى خصصتها لهن الحكومات لتوفير السلامة المؤقتة لهن ، ويدخل بعضهن الملاجىء طوعا بينما يدخل البعض الاخر بتدخل حكومى ومجتمعى.

وتشكل النساء والأطفال المصابون بالمهق عددا كبيرا من المقيمين فى هذه الملاجىء التى يتلقون فيها الحد الأدنى من الرعاية خاصة فى مجالات الدعم النفسى والإجتماعى والعلاج الصحى للوقاية من سرطان الجلد والدعم فى حالة ضعف البصر للتمكين من التعليم .

9-  التعرض للتنمر : يتعرض الأطفال المصابون للمهق بشكل هائل للتنمر والوصم من قبل أقرانهم فى المدارس خاصة فى المناطق الريفية ، كذلك قد يفتقر المعلمون الى الوعى أو الاحساس عندما يتعلق الأمر بالاحتياجات التعليمية للتلاميذ المصابين بالمهق وتوفير التيسيرات اللازمة لهؤلاء الطلاب ، وقد ذكرت منظمة غير حكومية فى اليابان أنه نظرا لعدم وجود إستجابة فعالة من السلطات المدرسية لانهاء تسلط الأقران يغير الكثير من الأباء لون شعر أطفالهم الى الأسود ليكونوا مقبولين لدى أقرانهم ولدى السلطات المدرسية ، وفى بعض الحالات تصدر السلطات المدرسية تعليمات الى الاطفال لصبغ شعرهم بالأسود.

11- التعرض للوصم : يواجه الأطفال المصابون بالمهق فى جميع أنحاء افريقيا ومنطقة البحر الكاريبى وأمريكا اللاتينية وصما وإقصاء من قبل  البالغين ، فتشير بعض البيانات الى أن البالغين يغذون هذا الإقصاء بتحذير أطفالهم من مغبة اللعب مع الأطفال المصابين بالمهق ومنعهم من المشاركة فى التفاعلات الاجتماعية.  

وفى افريقيا على وجه الخصوص، غالبا ما يخفى الأباء أطفالهم المصابين بالمهق ويمنعونهم من المشاركة فى التفاعلات الاجتماعية لأن معدل إختطاف الاشخاص المصابين بالمهق وقتلهم مرتفع بشكل خاص فى صفوف الأطفال ، وقد يحدث الإخفاء ايضا للحد من وصم الأسرة.

12- التسرب من التعليم : نظرا للإعتداءات على الاشخاص المصابين بالمهق فى بعض الدول الافريقية ، توقف الكثير من الأباء عن إرسال أطفالهم المصابين بالمهق الى المدارس بسبب الخوف من الإعتداءات، وفى بعض الحالات تم رفض الأطفال المصابون بالمهق من جانب السلطات المدرسية بناء على الاعتقاد الخاطىء بأنهم غير قادرين على التعلم فى المدارس العادية ،  فتقدر احدى منظمات المجتمع المدنى فى زامبيا أن 3 أطفال فقط من أصل 3000 مصاب بالمهق ينهون تعليمهم الابتدائى ، وتشمل أسباب التسرب من التعليم ما يلى :

أ- التسلط المستمر من الطلاب والمعلمين.

ب- الفقر وعدم القدرة على رفع الرسوم المدرسية.

ج- التحديات المواجهة فى الحصول على الاجهزة التكيفية أو الإفتقار الى الدعم لاستخدامها.

د- الافتقار الى لوازم الحماية من الشمس لإستخدامها أثناء الأنشطة الرياضية أو خارج الأماكن المغلقة .

13- صعوبة الحصول على الرعاية الصحية : يشكل الحصول على الرعاية الصحية تحديا كبيرا أمام النساء والأطفال المصابين بالمهق خاصة فى المناطق الريفية للأسباب التالية :

أ- رداءة نوعية الخدمات الصحية العامة فى المستشفيات الحكومية بشكل خاص .

ب- ارتفاع تكاليف الخدمات الصحية ولا سيما ما يتعلق بالوقاية من سرطان الجلد وعلاجه .

ج- عدم كفاية المعلومات المتعلقة بالمهق.

د- مواقف الاخصائيين الصحيين السلبية والتميزية فيما يتعلق بالمهق.

وتجدر الاشارة الى أنه قد تفرض قيود اضافية على الرعاية الصحية فيما يخص النساء المصابات بالمهق وأمهات الأطفال المصابين بالمهق عند طردهن من مجتمعاتهن المحلية ، ففى غينيا تطرد النساء المصابات بالمهق من أسرهن بسبب الرائحة المرتبطة بالتقيح وسرطان الجلد غير المعالج ، وتزيد عزلتهم الناتجة عن ذلك من تقييد إمكانية حصولهم على العلاج الصحى للسرطان .

رابعا : التوصيات

تُشير معاناة المصابين بالمهق  إلى حاجةٍ  ملحةٍ  للتغيير.  فمن الضروري نشر الوعي  حول حقوق هذه الفئة ومحاربة المعتقدات الخاطئة والقوانين التمييزية.  كما يجب توفير الخدمات الأساسية  للمصابين بالمهق  وضمان حمايتهم من العنف.

بالطبع يمكن بذل الكثير من الجهود على مستوى المجتمعات المحلية وفيما بين الدول والمؤسسات الدولية المعنية لتقديم كافة التسهيلات التى تمكن مرضى المهق من الحياة بشكل يحفظ كرامتهم ولا ينتقص من حقوقهم ويمكنهم من بناء مجتمعاتهم على قدم المساواة مع الأشخاص الأسوياء بشكل فاعل ، ويمكن إجمال هذه الجهود والتوصيات فى الآتى :

1- توفير قاعدة بيانات دقيقة وإجراء الدراسات الاستقصائية والتعدادات الخاصة بمرضى المهق خاصة من حيث النوع والسن على الأقل ، ويتم تحديث هذه البيانات باستمرار وإجراء تحليل لهذه البيانات وتحقيق الاستفادة القصوى منها .

2- دعم وتوفير الخدمات الصحية اللازمة للتعامل مع الأشخاص المصابين بالمهق فى  مجتمعاتهم المحلية على مستوى المستشفيات والمدارس لاسيما ما يتعلق بسرطان الجلد وعلاجه.

3- زيادة عدد المتخصصين والأطباء فى كل المستشفيات والمؤسسات التعليمية المسئولين عن التعامل مع مرضى المهق.

4- تعزيز مهارات أخصائيي الرعاية الصحية لتقديم الدعم والمشورة لمرضى المهق وعائلاتهم بشأن الحالة الصحية والعلاج والوقاية من المضاعفات خاصة فى المناطق الريفية والنائية .

5-  تزويد الأمهات اللاتى لديهم أطفال مصابون بالمهق بالمعلومات الكافية عن طرق الاعتناء بأطفالهن بما فى ذلك المعلومات المتعلقة بالصعوبات البصرية والتدابير اللازمة لحمايتهم من سرطان الجلد ، حيث يمكن أن يؤدى توافر هذه المعلومات الى منع الاصابة بسرطان الجلد للأطفال.

6- العمل على إشراك النساء المصابات بالمهق فى صنع القرارات الخاصة بهن حيث تؤدى هذه المشاركة الى تعزيز الإدماج الاجتماعى لهن والحصول على حقوقهن.

7- زيادة عدد المبادرات الخاصة بالتمكين الإقتصادى للنساء المصابات بالمهق وأمهات الأطفال المصابين بالمهق.

8- اعتبار الاشخاص المصابين بالمهق من ذوى الإعاقة وتخصيص نسبة محددة لهم للعمل فى الأماكن الحكومية وإلزام الحكومات والدول بذلك .

9- إطلاق مبادرات توعوية خلال وسائل الإعلام المختلفة لنشر الوعي  بمرض المهق وكيفية التقبل الاجتماعى للمصابين بهذا المرض.

10- دعم مشاركة منظمات المجتمع المدنى فى دعم وتمكين الأشخاص المصابين بالمهق فى مجتمعاتهم ومساعدة الأشخاص الناجين من العنف ليصبحوا أفرادا فاعلين فى مجتمعاتهم مع توفير فرص العمل المناسبة لهم .

11 – إلزام الحكومات بتقديم دعم مالي للأسر التى لديها أطفال مصابين بالمهق أو أحد أفرادها من المصابين، فضلا عن ضرورة إتاحة وكفالة خدمات المساعدة القضائية للأشخاص المصابين بالمهق حال تعرضهم للاعتداءات حيث يعانى أغلبهم من الفقر، ومن ثم يصعب عليهم الحصول على المساعدة القضائية.

12- إدراج العلاج من المهق ضمن مبادرات الصحة العامة ، وتقديم كافة أوجه الدعم العلاجى والنفسى للأطفال المصابين بالمهق ضحايا الاعتداءات وإعادة تأهيلهم ودمجهم داخل المجتمع.

المصادر :  

1-“معالجة الحواجز الموقفية التى يواجهها الأشخاص ذوو المهق”، الأمم المتحدة، مجلس حقوق الانسان، الدورة السادسة والسبعين 2021 .

2-“النساء والأطفال المتضررون من المهق – تقرير الخبيرة المستقلة المعنية بتمتع الأشخاص المصابين بالمهق بحقوق الإنسان”، الأمم المتحدة، مجلس حقوق الانسان، 2019.   

3- الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية  https://www.who.int/ar

4- Fact-Sheet-on-Albinism-and-its-Implications, Cancer Association of South Africa (CANSA) , 2021.

 

 

 

The post مؤشرات الإصابة بالمهق وتداعياته على النساء والأطفال appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8039
المدن الذكية.. نحو مستقبل أكثر كفاءة واستدامة https://draya-eg.org/2024/06/23/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%af%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%83%d9%8a%d8%a9-%d9%86%d8%ad%d9%88-%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%a3%d9%83%d8%ab%d8%b1-%d9%83%d9%81%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%85%d8%a9/ Sun, 23 Jun 2024 09:45:56 +0000 https://draya-eg.org/?p=8018 في أواخر القرن العشرين، شهد العالم ثورة تكنولوجية هائلة، أدت إلى ظهور مفهوم جديد للمدن، يُعرف باسم “المدن الذكية”. وسرعان ما انتشر مفهوم المدن الذكية إلى مختلف أنحاء العالم، حيث تبنت العديد من الدول هذا النموذج في مدنها، خاصة في أمريكا وآسيا وأستراليا، وظهرت نماذج رائدة لمدن ذكية عالمية، مثل مدينة هلسنكي في فنلندا، التي …

The post المدن الذكية.. نحو مستقبل أكثر كفاءة واستدامة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
في أواخر القرن العشرين، شهد العالم ثورة تكنولوجية هائلة، أدت إلى ظهور مفهوم جديد للمدن، يُعرف باسم “المدن الذكية”. وسرعان ما انتشر مفهوم المدن الذكية إلى مختلف أنحاء العالم، حيث تبنت العديد من الدول هذا النموذج في مدنها، خاصة في أمريكا وآسيا وأستراليا، وظهرت نماذج رائدة لمدن ذكية عالمية، مثل مدينة هلسنكي في فنلندا، التي تُعد مثالًا بارزًا على كيفية استخدام التكنولوجيا لتحسين الخدمات العامة والبنية التحتية والاستدامة البيئية.

وإدراكًا لأهمية المدن الذكية في تحقيق التنمية المستدامة، خصصت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 الهدف الحادي عشر لهذا الغرض تحت عنوان “مدن ومجتمعات محلية مستدامة”، حيث يركز هذا الهدف على جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة وآمنة ومرنة ومستدامة، وتوفير الخدمات الأساسية ونظم النقل والسكن والمساحات الخضراء والطاقة والمياه النظيفة للجميع.

وتزداد أهمية المدن الذكية مع اتجاه العالم نحو التحضر المتسارع، حيث يشير تقرير حديث صادر عن الأمم المتحدة أن قرابة 55% من سكان العالم اليوم يعيشون في المناطق الحضرية، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع إلى 68% بحلول عام 2050. ويشير التقرير أيضًا إلى أن هذه الزيادة ستؤدي إلى إضافة ما يقارب 2.5 مليار شخص إلى المناطق الحضرية.

وفى هذا السياق، تتناول هذه الورقة البحثية تعريف المدن الذكية وسماتها وانعكاساتها الإيجابية على مختلف مناحي الحياة، فضلا عن استعراض أبرز النماذج الرائدة للمدن الذكية فى مصر، وتقديم خارطة طريق نحو تحقيق المزيد منها لتحسين حياة المواطنين والمساهمة فى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وذلك من خلال المحاور التالية:

المحور الأول : تعريف المدن الذكية

ظهر مصطلح “المدن الذكية” لأول مرة في أوروبا عام 1994، ليشير إلى مدينة تُوظف تقنيات المعلومات والاتصالات المتقدمة لتحسين جودة حياة سكانها وتعزيز كفاءة العمليات الحضرية.

وقد ذكرت العديد من الدراسات تعريفات مختلفة للمدن الذكية، وكان من أهمها أنها  ” تلك المدن التى تتوافر بها خدمات الإتصالات وتقنية المعلومات المتطورة، وتعتمد على ربط الأماكن العامة فى المدينة كالمطارات والأسواق والحدائق والمتنزهات والمستشفيات بشبكة اتصال متطورة تعتمد على استخدام Wi-Fi  ،  لتمكين سكان المدينة الذكية من استخدام أجهزتهم  المحمولة والكفية للوصول إلى ” الإنترنت” والتواصل مع جميع المؤسسات والهيئات فى مدينتهم لإنجاز أعمالهم إلكترونيا “.

كذلك يمكن تعريف المدينة الذكية بأنها ” الخدمات والبنية الأساسية”  التي يتم دعمها من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والإتصالات لتصبح عمليات المدينة الذكية أكثر فعالية، سرعة، مرونة واستدامة”. وتشمل المدن الذكية المبانى الخضراء ونظم النقل والمواصلات وخدمات الأمن الحضرى وتصريف مياه السيول والأمطار وإضاءة الشوارع والإستعداد للأزمات والإقتصاد الداعم للمنشاءات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة.

فيما تشير بعض الدراسات الى إمكانية تصنيف تسهيلات وحلول المدن الذكية الى : أنظمة التنقل الذكية والطاقة الذكية وحماية النظم والبنية الأساسية ومواقف السيارات الذكية ، البيانات الذكية ، التعليم الذكى ، الرعاية الذكية ، تكنولوجيا المعلومات والإتصالات الذكية، الحكومة الذكية، الذكاء الإصطناعى .

ويرتبط مفهوم المدن الذكية  ب”الاستدامة ” حيث تُضيف الاستدامة أبعادا جديدة للمدن الذكية، مثل الاستمرارية والقدرة على التكيف والعدالة والتنافسية وزيادة الإنتاجية وإعادة الاستغلال، وكل هذه الأبعاد تساهم فى ضمان جودة حياة اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا، وتعزز استمرارية هذه المدن للأجيال القادمة.

المحور الثانى : سمات المدن الذكية

– تعتمد المدن الذكية على تكامل البنية التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات، حيث تشتمل المدينة الذكية على التقنيات التكنولوجية التي تجعلها قادرة على استيعاب أي تطور في المجال التقني لتغطية الخدمات المستقبلية.

– النقل الذكي: وهى إدارة منظومة النقل والمواصلات والمرور من خلال مجموعة من التقنيات التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات، لدعم البنية الأساسية الذكية المستدامة، من خلال التحول نحو المدن الخضراء المستدامة.

– الحكومة الذكية: وتشمل تطوير منظومة العمل الحكومي باستخدام الوسائل الإلكترونية لتقديم الخدمات الحكومية وتتمثل أهم تطبيقات الحكومة الإلكترونية في: «تقديم المعلومات» أي إتاحة كافة العمليات والمعلومات المتعلقة بسكان المدينة، «والاتصالات» وتعنى القدرة على تبادل المعلومات والتواصل بين السكان والحكومة، «والتعاملات الإلكترونية» أي تأدية الخدمات إلكترونيًا.

– توافر جهاز إداري مركزي للمدينة يضم منظومة تحكم إلكترونية بإشراف موارد بشرية مدربة، مع الالتزام بمعايير أداء صارمة لتحقيق الكفاءة في الأداء.
– الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة،  حيث تتميز المدن الذكية بمحدودية استخدام مصادر الطاقة غير المتجددة إلى أدنى مستوى، لتعتمد بدلًا من ذلك على مصادر الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المياه.

– الاقتصاد الذكي حيث القدرة التنافسية الكلية للمدينة التي تعتمد على الأسلوب الابتكاري في الأعمال التجارية، وتعمل على تعزيز البحوث والتطوير لزيادة فرص العمل والإنتاجية، من خلال مرونة سوق العمل، وتفعيل الدور الاقتصادي للمدينة في السوق المحلية والعالمية.

– المجتمع الذكي: ويجسد استيعاب مجتمع المدينة لتطبيقات وتقنيات تكنولوجيا المعلومات، وإمكانية انتقاله من مجتمع عادي مستخدم للتكنولوجيا إلى مجتمع مبتكر قادر على الوصول إلى حلول ابتكارية لمعالجة المشكلات الحالية وتنمية المستقبل.

– المواطن الذكي حيث يُمثل المواطن الذكي حجر الأساس لبناء نظام المدينة الذكية، حيث تُعدّ المدن الذكية بيئة خصبة لاستقطاب واستثمار رأس المال البشري المتميز

وهنا تجدر الإشارة الى أن المدن الذكية المستدامة أصبحت نقطة رئيسية في السياسة العامة للدول في مختلف أنحاء العالم، لاسيما أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أضحت تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الكفاءة البيئية والحفاظ على الموارد وتخفيض الانبعاثات الكربونية، وذلك عبر إتاحة الكثير من الابتكارات في مجالات عديدة، من قبيل: أنظمة النقل الذكية (its)، والإدارة «الذكية» للمياه، والطاقة، والمخلفات.

وبحسب مؤشر المدن الذكية لعام 2023 والذي يصدر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا بالتعاون مع جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم؛ فقد بلغ عدد المدن الذكية حول العالم 141 مدينة ذكية عام 2023، وذلك مقارنة بــ 118 مدينة ذكية وفقًا لنفس التقرير لعام 2021.

وقد استعرض التقرير أفضل 10 مدن ذكية حول العالم وفقاً لمؤشر المدن الذكية لعام 2023: حيث تتصدر مدينة زيورخ في سويسرا المركز الأول، وتحل كل من أوسلو عاصمة النرويج، وكانبيرا عاصمة أستراليا المركزين الثاني والثالث على التوالي، ثم كوبنهاجن بالدانمارك في المرتبة الرابعة، ولوزان بسويسرا في المرتبة الخامسة، ولندن بالمملكة المتحدة في المرتبة الخامسة واحتلت مدينة ستوكهولم بالسويد المركز العاشر.

كما بلغ حجم سوق المدن الذكية على مستوى العالم بحسب «التقرير الاستراتيجي العالمي للمدن الذكية 2023» (Global Smart Cities Strategic Report 2023) نحو 998.7 مليار دولار في عام 2022. ومن المتوقع أن يصل حجم سوق المدن الذكية على مستوى العالم إلى 5.2 تريليون دولار بحلول عام 2030، ووفقاً للبحث الذي أجرته شركة «ماكنزي الأمريكية للاستشارات الإدارية»، والذي نشره موقع (TechRepublic) في يوليو 2018، فمن المتوقع أن تُسهم صناعة المدن الذكية بنحو 60% من إجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول عام 2025.

المحور الثالث : مزايا المدن الذكية

للمدن الذكية العديد من الجوانب الإيجابية التى تنعكس على مختلف مناحى الحياة فهى تشمل :

  • المجال الإجتماعى : أوضحت الأبحاث العلمية التى أجريت فى هذا الشأن أن التقنيات التى تتمتع بها المدن الذكية تمتلك إمكانات كبيرة لتحسين نوعية الحياة الحضرية ، كما أن هناك تأثيرات إيجابية عديدة للمدن الذكية على المجال الإجتماعى مثل :

أ- يمكن أن تساعد تطبيقات المدن الذكية فى مكافحة الجريمة وتحسين مختلف جوانب السلامة العامة حيث يمكن أن يؤدى نشر مجموعة من التقنيات الحديثة إلى تقليل الوفيات الناتجة عن حوادث القتل وحركة المرور والحرائق وغيرها ، كذلك يمكن أن تخفض حوادث الاعتداء والسطو وسرقة السيارات بنسبة كبيرة نتيجة تقنيات المراقبة والتتبع والإنذار المبكر.

ب– النقل السريع الآمن : يمكن لتقنيات المدن الذكية أن تجعل التنقلات اليومية أسرع، كذلك تعمل على خفض التلوث البيئى ، ومع حلول عام 2025 من المتوقع أن يكون لدى المدن الذكية القدرة على خفض أوقات التنقل بنسبة 15 :20% فى المتوسط ، مع تمتع بعض المدن بتخفيض أوقات التنقل بشكل أكبر بناء على الإمكانات المرتبطة بكل تطبيق واعتمادا على كثافة كل مدينة والبنية التحتية للنقل وأنماط التنقل.

أيضا تتمتع المدن الذكية بالنقل الذكى والذى يستجيب للتطبيقات المتكاملة لأجهزة الإستشعار وأجهزة الحاسب وتقنيات الاتصالات والإلكترونيات ، كذلك سوف يتيح استخدام اللافتات الرقمية أو تطبيقات الأجهزة المحمولة تقديم المعلومات فى الوقت الفعلى حول التأخيرات للركاب لضبط مساراتهم أثناء التنقل، فضلا عن استخدام التطبيقات الذكية لانتظار السيارات والتى توجه السيارات مباشرة الى الأماكن المتاحة وتحديد المشغولة والمحجوزة وعرض مواقف سيارات ذوى الإحتياجات الخاصة .

ج- تحسين الحالة الصحية للمواطنين : توفر المدن الذكية شوارع أكثر أمانا ومساحات خضراء وهواء أنظف وخدمات محسنة للسكان وفرصا اقتصادية كثيرة، وكل هذا يسهم بدوره فى تحسين نوعية حياة السكان ، بل إنه يمكن للتطبيقات المستخدمة فى هذه المدن أن تساعد فى الوقاية من الحالات المزمنة وعلاجها ومراقبتها ، فيما تتمتع أنظمة مراقبة المرضى عن بعد بالقدرة على تقليل العبء الصحى فى المدن ذات الدخل المرتفع حيث تستخدم هذه الأنظمة أجهزة رقمية لأخذ القراءات الحيوية ثم نقلها بأمان الى الأطباء فى مكان آخر للتقييم. كما يمكن لهذه البيانات تنبيه المريض والطبيب عند الحاجة إلى التدخل المبكر وتجنب المضاعفات، ويمكن لما يسمى بتدخلات الصحة المتنقلة أن ترسل رسائل منقذة للحياة فى حالات تفشى الأوبئة والفيروسات والأمراض المعدية ، كما تتيح بعض التطبيقات خدمة تقديم الاستشارات السريرية عن طريق الفيديو خاصة فى المدن التى تعانى نقصا فى أعداد الأطباء.

د- تعزيز الترابط الاجتماعى: حيث إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعى والتطبيقات المختلفة قد يساعد فى تنظيم وتوطيد العلاقات بين السكان الذين يشعرون بالارتباط بهذا المجتمع الذكي، مع الحرص على تبادل المعلومات والإتصال بوحداتهم المحلية التى يشعرون تجاهها أيضا بالإنتماء والترابط حرصا على مصلحة هذه المجتمعات وسكانها .

2- التاثير الإيجابي على المجال الإقتصادى : تعمل المدن الذكية حاليا على تسريع وتيرة النمو الاقتصادى بالاستثمار فى التقنيات الذكية وتنجذب اليها الإستثمارات نظرا لتوفيرها شبكات اتصالات أفضل وبنية تحتية قوية وخدمات يسهل استخدامها ، كما توفر المدن الذكية رؤى وبيانات العملاء المقيمة مما يتيح للشركات اتخاذ قرارات استراتيجية مستنيرة ، ولذلك فإن المدن الذكية لها تأثيرات إيجابية واضحة على المجال الاقتصادى أهمها :

أ- توفير فرص عمل وأسواق أكثر كفاءة: تتيح هذه المدن الحلول الذكية التى يمكن أن تجعل أسواق العمل المحلية أكثر كفاءة وتخفض تكلفة المعيشة ، كما أنه يمكن أن تكون لمراكز التوظيف الالكترونى تأثير إيجابى من خلال إنشاء آليات أكثر كفاءة للتوظيف ، ويمكن أن تؤدى رقمنة الوظائف الحكومية إلى تحرير الشركات المحلية من الروتين وإتاحة مجالات أكبر لريادة الأعمال .

ب- ترشيد الاستهلاك : تتيح تطبيقات المدن الذكية الاستخدام الأكثر كفاءة للمرافق ونظام الرعاية الصحة، كما تضمن منتجات مثل أنظمة الأمن المنزلى وأجهزة التنبيه الشخصى وغيرها متابعة نمط مشتريات المستهلك وبالتالى الوعى بما يحتاج .

ويعد الحد من استهلاك المياه وإعادة تدوير استخدامها من عناصر المدن المستدامة حيث يتم رصد ومراقبة محتوى خزانات المياه وكشف التسرب ومراقبة نوعية المياه فى نقاط محددة على طول نظام التوزيع ، فيما تعمل أجهزة المعالجة عن بعد عن الكشف عن الحالات غير الاعتيادية، ثم تقوم الشبكة بأعمال الإصلاح الذاتى .

كما تقدم الشبكات الذكية العديد من المزايا مثل الرصد والمراقبة والإستشعار التى توفر إمكانية مراقبة خطوط نقل الطاقة، مما يسمح بتحديد الأعطال ورفع الكفاءة التشغيلية.

3- التأثير الإيجابى على المجال البيئى : تستفيد المدن الذكية من الحلول الرقمية من أجل تعزيز كفاءة الطاقة وخفض الإنبعاثات الكربونية وتحسين الكفاءة البيئية حيث أن التحول إلى نظام النقل العام الكهربائى على سبيل المثال يقلل من انبعاثات الوقود الضارة، كما أن ميزة العمل عن بعد يخفض عدد السيارات المستخدمة فى المدن ، كذلك يمكن أن تسهم أنظمة أتمتة المبانى وتسعير الكهرباء الديناميكى وبعض تطبيقات التنقل فى خفض حجم الإنبعاثات الضارة بنسبة من 10:15% ، كما يمكن خفض استهلاك المياه بسبب تطبيقات المدن الذكية بما لا يقل عن 15% فى المدن التى يكون فيها استخدام المياه السكنية مرتفعا ،كما تسهم هذه التطبيقات أيضا فى خفض حجم النفايات الصلبة للفرد بنسبة من 10:20% بشكل عام ، حيث يمكن لهذه المدن توفير من 25:80 لترا من المياه للشخص الواحد كل يوم وتقليل النفايات الصلبة غير المعاد تدويرها بمقدار 30:130 كجم للشخص الواحد سنويا.

وهنا تجدر الإشارة الى أن بكين – أحد أهم المدن الذكية فى العالم – نجحت فى خفض الملوثات القاتلة المحمولة جوا بنحو 20% فى أقل من عام من خلال تتبع مصادر التلوث عن كثب وتنظيم حركة المرور والبناء وفقا لتطبيقات المدن الذكية .

وتساعد البنية التحتية الخضراء في التخفيف مـن انبعاثـات غـازات الاحتبـاس الحـراري ، كمـا تعمـل الأسـطح والواجهـات الخضـراء كمصـدر إضـافي للعزل والحماية من درجات الحـرارة الداخليـة فـي الصيف وزيادة درجات الحرارة في الشتاء، وعـزل ثاني أكسيد الكربون وامتصاص الملوثات.

وقـــد لجـــأت دول عدة حـــول العـــالم إلـــى سياســات وإجــراءات الحــد مــن اســتخدام مــواد البناء كثيفة الكربون، ودعم البحث والتطـوير فـي هــــذا المجــــال، واســــتبدال المرافــــق المتهالكــــة عاليــة الكربــون، واســتخدام الطاقــة الشمســية كنظام للتدفئة.

4 – التأثير الإيجابى على المجال العسكرى والأمنى : توفر التقنيات الذكية مزايا كبيرة للمنشآت العسكرية خاصة فى أوقات الأزمات والطوارىء، كذلك تتيح مسار البيانات سهولة جمع المعلومات الاستخباراتية والمقاضاة ، فعلى سبيل المثال قامت قوات الجيش والبحرية فى جورجيا فى الولايات المتحدة الأمريكية بافتتاح محطات طاقة شمسية ذكية تسمح لها بالعمل بشكل مستقل عن شبكة الطاقة المحلية وهى قدرة حاسمة فى حالات الطوارىء ..

تمنح المدن الذكية القطاع العسكرى تحقيق الاستخدام الأمثل ومراقبة وإدارة موارد الطاقة والمياه والبنية التحتية المرتبطة بالمنشآت العسكرية الكبرى ، فعلى سبيل المثال تشرف وزارة الدفاع الأمريكية على مئات الآلاف من المبانى فى أكثر من 5000 موقع على أكثر من 30 مليون فدان من الأراضى ويمكن للإدارة متابعتها وإدارتها باستخدام التكنولوجيا الذكية. وقد أثبتت هذه التقنيات فعاليتها حيث خفض برنامج الطاقة الذكية التابع للجيش الأمريكى التكاليف بنحو 150 مليون دولار بفضل هذه الإمكانيات الذكية الهائلة والمتاحة.

المحور الرابع : المدن الذكية فى مصر

بذلت الدولة المصرية جهودا كبيرة للتحول إلى المجتمع الرقمى والتحول لنمط المدن الذكية ، والاستفادة من التطورات التكنولوجية المتقدمة لتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين، ولا تكمن أهمية المدن الذكية فقط في التطوير والابتكار والنقلة النوعية في نمط حياة المواطن، بل إنها تسهم في إيجاد الحلول اللازمة للتعامل مع التحديات المختلفة مثل تزايد الضغط على الموارد ، وتعزيز الاستدامة البيئية وتوفير فرص اقتصادية جديدة.

أهم المدن الذكية  في مصر :

  • العاصمة الإدارية الجديدة: تسعى الدولة المصرية من خلال مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لتحقيق رؤية مصر 2030، والحفاظ على الموارد الطبيعية الحالية والخروج من الوادي الضيق، وتوسيع الرقعة المعمورة على حساب المناطق الصحراوية غير المأهولة، مما يضمن خفض متوسط الكثافة السكانية الحالية والمستقبلية، وزيادة نصيب المواطن من الأراضي والخدمات.

تقع العاصمة على بعد 45 كيلومترًا شرق القاهرة، وتُقام على مساحة 700 كيلومتر مربع، لتكون مركزا إداريا وتجاريا وثقافيا جديدا لمصر. وقد تم اختيار موقع العاصمة الإدارية ليكون قريباً من مناطق التنمية الجديدة الواعدة. وتتميز بتصميمها الذكي الذي يراعي أحدث التقنيات والمعايير العالمية، ويُركز على تحقيق سبعة أهداف رئيسية:

1-مدينة خضراء: تُخصص مساحات خضراء واسعة تصل إلى 40% من مساحة المدينة، لخلق بيئة صحية ومستدامة.

2-مدينة مستدامة: تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، وتُطبق تقنيات كفاءة استخدام الطاقة والمياه.

3-مدينة للمشاة: تُصمم شوارعها ومرافقها لتكون صديقة للمشاة، مع التركيز على وسائل النقل العام الذكية.

4-مدينة للسكن والحياة: توفر مجتمعات سكنية متكاملة تُلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع.

5-مدينة متصلة: تُزود ببنية تحتية رقمية متطورة تُتيح الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة وخدمات ذكية متنوعة.

6-مدينة ذكية: تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتحسين كفاءة الخدمات وتوفير حلول مبتكرة للتحديات.

7-مدينة الأعمال: تُشكل مركزًا إقليميًا وعالميًا للأعمال، وتُجذب الاستثمارات الأجنبية وتُحفز ريادة الأعمال.

  • مدينة العلمين الجديدة: حيث تم اختيار موقع المدينة على ساحل البحر المتوسط شرق مطار العلمين، ووفقاً للمخطط الاستراتيجي لمدينة العلمين على موقع وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية من المخطط أن يتم بناء المدينة على مساحة تبلغ حوالي 48917 ألف فدان، وتهدف المدينة إلى تعزيز عملية الانتشار السكاني والأنشطة الاقتصادية المتنوعة في منطقة الساحل الشمالي، كما تبرز أهميتها في دعم العلاقات المكانية والاتصالية بين قطاع برج العرب وقطاعي مرسى مطروح وسيدي براني، لتيسير انتقال السكان والعمالة، وتحقيق الانتشار السكاني.

وتجدر الإشارة إلى أن المخطط الاستراتيجي للمدينة من المقرر أن يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، يشمل بالأساس: 20 ألف غرفة فندقية تقع على مساحة 7770 فدانًا، و5 آلاف فدان مناطق صناعية، و14 حياً سكنياً متعدد المستويات، و3 آلاف فدان مناطق لوجستية، وألف فدان مراكز بحثية وجامعية، و5 آلاف فدان مناطق تجارية وخدمية.

  • مدينة المنصورة الجديدة: تطل المدينة على ساحل البحر المتوسط بطول 15 كم، وبمساحة 5913 فداناً، ويتماشى مخطط إنشاء المدينة مع الاستراتيجية الوطنية لتعير المناخ 2050، من حيث تحقيق النمو المستدام والعدالة الاجتماعية لجميع السكان، وتوفير ما يحتاجونه من أنشطة حيوية، هذا إلى جانب خفض الانبعاثات، والتكيف مع التغير المناخي، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، فضلاً عن اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق التحول الرقمي، فضلاً عن دعمها للنقل الجماعي المستدام، هذا إلى جانب ما توفره المدينة من شواطئ مفتوحة لكل الأسر المصرية، فضلاً عما تحتويه من مساحات خضراء، وهي تضم محطة تحلية مياه جوفية بسعة ألف متر مكعب/ يوم، ومحطة تحليه مياه بحر بطاقة 1600 متر مكعب/ يوم، ومحطة معالجة ثلاثية لدعم إعادة استخدام المياه، كما تضم مجمع للجامعات، ومركز طبي ومدرسة دولية ومحطة محولات.
  • 4- مدينة الجلالة: يهدف مشروع المدينة إلى إيجاد مجتمع حضاري تنموي جديد يوفر الخدمات اللازمة، لاسيما المتعلقة بالإسكان والسياحة والتعليم والتجارة، فضلاً عن تعزيز قوة الاقتصاد المصري، خاصة أن المشروعات التي تضمها المدينة بها: عمارات سكنية وكورنيش عام، ومنتجع سياحي ومشفى للاستشفاء والنقاهة، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي واستخدامها في مجال الزراعة، تلفريك الجلالة والذي يمتد مساره إلى 4500 متر وعلى ارتفاع 665 متراً فوق سطح البحر، مما يجعله أكبر تلفريك في الشرق الأوسط، وجامعة الجلالة والتي تشمل العديد من التخصصات مثل القانون والتحكيم الدولي، وإدارة الكوارث والأزمات، والنانو تكنولوجي، ومجال الطاقة المتجددة والذرية، وعلوم البحار، كما يوجد بها أيضاً المنطقة الصناعية الجديدة والتي تشمل إنشاء مصنع كبير للأسمدة الفوسفاتية ومشتقاتها، وقد تم تصميم المصنع باستخدام تقنيات حديثة تقلل من استهلاك الغاز، كما تم التنسيق مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة للعمل على توفير الطاقة اللازمة للمشروع من خلال تطوير محطة كهرباء «عتاقة».

المحور الخامس : خارطة طريق نحو مدن ذكية مستدامة

للمضي قدمًا نحو عالم ذكي ومستدام، لا بد من اتخاذ خطوات جادة لزيادة عدد المدن الذكية. وتتضمن هذه الخطوات مجموعة من الإجراءات التي من شأنها تعزيز تطوير هذه المدن وتحقيق التنمية المستدامة، حيث تُشكل هذه الإجراءات خارطة طريقٍ واضحة لتنمية مدن ذكية مستدامة في مصر، وذلك من خلال العمل الجاد والتعاون بين جميع الجهات المعنية.

ويمكن إجمال أهم الإجراءات والتوصيات على النحو التالي:   

1- نشر الوعي والثقافة:

– نشر ثقافة المدن الذكية وفوائدها بين أفراد المجتمع.

– توعية صناع القرار بأهمية التحول نحو المدن الذكية.

2- تطوير البنية التحتية الرقمية:

– الاستثمار في تحديث البنية التحتية الرقمية لتوفير تقنيات الاتصالات عالية السرعة وتكنولوجيا الشبكات

توسيع استخدام تكنولوجيا الإنترنت من الأشياء

. (IoT) لتحسين إدارة الموارد والخدمات العامة

3- تعزيز الابتكار والشراكات:

– دعم الابتكار والبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا لتحسين كفاءة الخدمات الحضرية.

– تشجيع الشراكات بين القطاع العام والخاص لتمويل وتنفيذ مشاريع المدن الذكية.

4- سن تشريعات وسياسات داعمة:

– وضع تشريعات وسياسات تعزز تطوير المدن الذكية وتسهم في توفير البيئة الملائمة للاستثمار.

– سن تشريعات تحمي الخصوصية والأمان في سياق المدن الذكية.

5- تحسين الاستدامة البيئية :

– تعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتحسين إدارة النفايات.

– دمج التكنولوجيا لتحسين كفاءة استهلاك المياه والطاقة.

6- تشجيع التشارك والشفافية :

– تعزيز التشارك المجتمعي وشمول المواطنين في عمليات اتخاذ القرار وتخطيط المدن.

– الاستفادة من تقنيات الحكومة الرقمية لتحسين الشفافية والتفاعل مع المواطنين.

7- تنمية المهارات والتعليم :

– تحسين التعليم في مجال التكنولوجيا والابتكار لضمان توفر الكوادر المؤهلة لتطبيق وإدارة التكنولوجيا الذكية.

8- الاستفادة من التمويل الدولي :

– السعي للحصول على التمويل الدولي لتمويل مشاريع المدن الذكية وتحسين البنية التحتية.

المصادر :

1- غادة محمد عامر ، 2023، ” التأثيرات الايجابية للمدن الذكية على مجالات الأمن القومى المصرى “، كلية الهندسة، جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ، ، متاح على الرابط التالي:

https://nsas.journals.ekb.eg/article_309483.html?lang=ar

2- انتظار جبر وشروق جاسم، 2019، خصائص المدن الذكية ومتطلبات التحول، كلية الأداب، جامعة بغداد، متاح على الرابط التالي:

https://search.mandumah.com/Record/1166288

3-طاهر عبد السلام حامد وآخرون، 2016، “صياغة المفهوم العمرانى للمدن الذكية “، كلية التخطيط العمرانى والإقليمى، جامعة القاهرة ، متاح على الرابط التالي:

https://jur.journals.ekb.eg/article_89834_5e0f0b53fab1aaf73322fd261ffba2b1.pdf

4- المدن الذكية المستدامة والحلول الرقمية الذكية لتعزيز المرونة الحضرية فى المنطقة العربية ، دروس من الجائحة،منظمة الإسكوا ،الأمم المتحدة ، متاح على الرابط التالي:

https://www.unescwa.org/sites/default/files/pubs/pdf/smart-sustainable-cities-digital-solutions-urban-resilience-arab-region-arabic.pdf

5- غادة محمود حسن، 2019، “المدن الذكية البيئية المستدامة كمدخل لتخطيط التجمعات السياحية الجديدة”، كلية التخطيط الاقليمى والعمرانى، جامعة القاهرة ، متاح على الرابط التالي:

https://journals.ekb.eg/article_86911_5e7918191012a1f02f45683519e8ea4f.pdf

6- محمد مهدى حسين ، 2019،” المدن الذكية المستدامة ، أفاق وتطلعات على خطى مدن القرن الحادى والعشرين “، متاح على الرابط التالي:  

https://www.researchgate.net/publication/333672421_almdn_aldhkyt_almstdamt_afaq_wttlat_ly_khty_mdn_alqrn_alhady_walshryn

7- تقرير ” المدن الخضراء – الاطار والممارسات العالمية “، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ، متاح على الرابط التالي:

https://mediadr.sis.gov.eg/handle/123456789/18458

8- الموقع الرسمى للاتحاد الدولي للاتصالات في المدن الذكية المستدامة

9- الموقع الرسمى لوزارة البيئة

 

 

The post المدن الذكية.. نحو مستقبل أكثر كفاءة واستدامة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8018
تداول العملات الرقمية..فرصة أم مخاطرة؟ https://draya-eg.org/2024/05/31/%d8%aa%d8%af%d8%a7%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%82%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d8%b1%d8%b5%d8%a9-%d8%a3%d9%85-%d9%85%d8%ae%d8%a7%d8%b7%d8%b1%d8%a9%d8%9f/ Fri, 31 May 2024 21:51:10 +0000 https://draya-eg.org/?p=7935  يشهد العالم ثورة رقمية واقتصادية هائلة، لاسيما على صعيد النظام النقدي العالمى، وقد تسارعت هذه التطورات بشكل خاص بعد جائحة كورونا التى فرضت واقعا جديدا على مستوى العالم، يتطلب تقليل الاعتماد على العملات النقدية التقليدية، وتعزيز استخدام طرق إلكترونية، فضلا عن أن تطور التقنيات الحديثة وأنظمة الدفع أدى إلى الاعتماد على النقد السائل (الكاش) فى …

The post تداول العملات الرقمية..فرصة أم مخاطرة؟ appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 يشهد العالم ثورة رقمية واقتصادية هائلة، لاسيما على صعيد النظام النقدي العالمى، وقد تسارعت هذه التطورات بشكل خاص بعد جائحة كورونا التى فرضت واقعا جديدا على مستوى العالم، يتطلب تقليل الاعتماد على العملات النقدية التقليدية، وتعزيز استخدام طرق إلكترونية، فضلا عن أن تطور التقنيات الحديثة وأنظمة الدفع أدى إلى الاعتماد على النقد السائل (الكاش) فى الحياة اليومية، وتزايد الاعتماد على وسائل إلكترونية متعددة وحديثة، وقد ساعدت هذه البيئة على ظهور العملات الرقمية التى برزت كبديل واعد ومحتمل للنظام المالي الحالي.

ولكن تعد العملات الرقمية من أكثر الموضوعات الاقتصادية التى أثير حولها الجدل خاصة أنها ارتبطت لدى الأشخاص والحكومات بغسيل الأموال وتجارة البشر والمخدرات وتمويل العمليات الإرهابية، إلا أن هناك بعض الآراء ترى أن استخدام العملات الرقمية قادم لا محالة وأنه يجب على المؤسسات المصرفية فى كل دول العالم الاستعداد لهذا التطور والتعامل معه مع وضع الأليات التى تمكن الدول والمؤسسات والأشخاص من التعامل مع العملات الرقمية بكل سهولة وتأمين تعاملاتهم والحفاظ على حقوقهم وملكياتهم من خلال أنظمة صارمة لا يمكن اختراقها .

فعند النظر للواقع الحالي والمسيطر على المشهد المالي ودخول العنصر التكنولوجي، ليس مستغربا  تحول العملات التقليدية (الورقية والمعدنية) إلى عملات رقمية تتناسب مع التطور التكنولوجي، مع الحفاظ على أهدافها الرئيسة الثابتة كوحدة حساب، ومخزن للقيمة، ووسيلة للتبادل، وأن يلقى هذا التحول الثقة والقبول العام، وهو الأمر الأهم في استقرار العملة بغض النظر عن طبيعتها، ورقية كانت أم رقمية.

وفى هذا السياق، تسعى هذه الورقة البحثية إلى تحديد مفهوم العملات الرقمية، وإيجابيات التعامل بها وسلبياتها، إلى جانب استعراض واقع تعامل الدولة المصرية معها واتجاهات الشباب حولها ، مع عرض لأهم التوصيات من أجل تداول آمن للعملات الرقمية. وعليه، تتناول الورقة واقع العملات الرقمية من خلال عدة محاور تشمل ما يلي:

أولا: تعريف العملات الرقمية

ثانيا : ايجابيات وسلبيات العملات الرقمية

ثالثا : المؤشرات العالمية حول تداول العملات الرقمية

رابعا : العملات الرقمية فى مصر

خامسا : خطوات نحو تداول آمن للعملات الرقمية

أولا: مفهوم العملات الرقمية

تناولت العديد من الكتابات الاقتصادية تعريف العملات الرقمية أو الافتراضية أو العملات المشفرة ولكن السلطة المصرفية الأوروبية عرفتها بأنها ” تمثيل رقمى لقيمة لا تصدر عن البنك المركزى ولا عن السلطات العامة وليست بالضرورة متعلقة بالعملة الورقية كالدولار واليورو ويقبل الأشخاص العاديون والأشخاص القانونيون بها كوسيلة للدفع ويمكن تحويلها أو تخزينها أو تداولها إلكترونيا “.

كما توصف العملات الرقمية بأنها عملات وهمية افتراضية تتكون من أكواد رقمية قابلة للتخزين على الأقراص الصلبة أو شبكة الإنترنت وتخضع قيمتها للعرض والطلب كما يصعب تتبع عمليات البيع والشراء التى تتم بها أو حتى معرفة مالكى هذه العملات.

وتتحدد قيمة العملات الرقمية عن طريق قانون العرض والطلب مثل السلع كالذهب والبترول (كلما زاد الطلب عليها، ارتفع سعرها) لكن قيمتها الذاتية معدومة، كما تستمد قيمتها من قبول الأفراد لها كوسيط للتبادل والدفع ، إضافة الى عدم استنادها لأى سلطة مركزية.

أما عرض العملات الرقمية فيتحدد من خلال بروتكولات الكترونية ولا يتم تشغيل شبكتها من طرف جهة أو مؤسسة محددة ، فاللامركزية تقتضى عدم التعرف على مشغل النظام وبالمقابل تسمح للمستخدمين بتشغيل المحافظ الرقمية وتوفير أرضيات الكترونية لتحويل وتخزين تداول العملات الرقمية وحتى تبادلها ، ولهذا فالقيمة تنتقل من الطرف إلى الطرف الآخر مباشرة دون اللجوء الى وساطة وهو ما يسمح بتقليل تكاليف المبادلات وتسريعها وتسهيلها ، الأمر الذى يسهل تجاوز الرقابة القانونية عليها .

كذلك تجدر الإشارة إلى أن العملات الرقمية تستخدم فقط عبر الشبكة العنكبوتية ولها خصائص مشتركة مع العملات المادية، فهى تسمح بالمعاملات الفورية ونقل الملكية دون التقيد بالحدود الجغرافية .

وقد عرف قانون البنك المركزى المصرى العملات المُشفرة بأنها”عملات مُخزنة إلكترونيا غير مُقومة بأى من العملات الصادرة عن سلطات إصدار النقد الرسمية، ويتم تداولها عبر شبكة الإنترنت”.

وهى تختلف عن النقود العادية فى كونها تصدر بعيدا عن التنظيم الحكومى؛حيث لاتصدر من بنوك نظامية ولا تستند إلى نقود حقيقية، وليس لها شكل مادى ملموس، وإنما هى مجرد أكواد على شبكة الإنترنت.

كما أنها تختلف عن النقود الإلكترونية التى عرفها قانون البنك المركزى المصرى بأنها “قيمة نقدية مقومة بالجنيه المصرى أو بإحدى العملات المصدرة من سلطات إصدار النقد الرسمية مستحقة على المرخص له بإصدارها، وتكون مخزنة إلكترونيا ومقبولة كوسيلة دفع”.

ثانيا : إيجابيات وسلبيات العملات الرقمية

لقد تباينت الآراء الإقتصادية بشكل كبير حول إيجابيات ومميزات التعامل من خلال العملات الرقمية إلا أنه  يمكن إجمال الإيجابيات والسلبيات فى الأتى :

أ- الإيجايبات :

1- عدم وجود وسطاء أو طرف ثالث فى المعاملات مما يجعل هذه المعاملات سهلة وسريعة.

2- توفر العملات الرقمية مثل البيتكوين بديلا أرخص وأسرع بكثير من المعاملات النقدية خاصة بالنسبة للشركات أو المستهلكين الذين يقومون بنقل الأموال عبر الحدود أو لمتاجر التجزئة التى تقوم بقبول المدفوعات من الزبائن عبر الانترنت .

3- يمكن القيام بالمعاملات بسهولة من قبل أى شخص لديه هاتف جوال أو متصل بالانترنت.

4- رسوم المعاملات من خلال العملات المشفرة منخفضة جدا مقارنة برسوم معاملات بطاقات الإئتمان.

5- يرى بعض الاقتصاديين أن التعامل من خلال العملات المشفرة يقلل من المخاطر المرتبطة بطرق الدفع عبر الانترنت التقليدية التى من المحتمل أن تستعمل ممن قبل ” الهاكرز” لكشف البيانات الشخصية أو تفاصيل الحسابات المصرفية .

6- غير مرتبطة بدولة أو منطقة معينة، فتلك النقود تتسم بالعالمية حيث تصدر من أحد أو فريق من المبرمجين ليتم تداولها على شبكة الإنترنت دون اعتراف بحدود سياسية أو مناطق جغرافية.

7- تتسم بالسرية، والسرية تنبع من كون تلك العملات ترتبط بمحافظ،وإصدارات، ومنصات تداول جميعها تعتمد على الشفرات المعقدة التى تحميها تكنولوجيا فائقة يصعب اختراقها.

8-المساهمة فى الحد من الاقتصاد غير الرسمي، والنهوض بالقطاع التكنولوجي.

ب- السلبيات :

 1- تهديد الأمن الاقتصادى : ترى بعض الدراسات الحديثة أن العملات الرقمية تشكل تهديدا للبنوك المركزية والجهاز المصرفى فى السيطرة على إصدار العملة والنقود الرسمية بسبب ما يتعلق بها من غموض وسرية وعدم شفافية.

2- عدم وجود لوائح تنظيمية حيث إن عدد كبير من الدول لم تقم بتنظيم سوق العملات الرقمية، فإذا تم الاحتيال أو النصب على المستثمر فى هذا السوق فمن الممكن جدا ألا يتم محاسبة المتسبب فى ذلك فلا يوجد قانون دولى يقر بالعملات الرقمية .

3- التعرض للسرقة والاختراق : يشهد سوق العملات الرقمية تكرار عمليات السرقة والاختراق وهو عامل متكرر من مخاطر هذه العملات فالقرصنة فى هذا المجال تظل تهديدا دائما للمستثمرين خاصة مع التقدم التكنولوجى الهائل والنمو السريع فى وسائل الاتصال أصبح من السهل القيام بعمليات القرصنة بمختلف أشكالها خاصة فى سوق العملات الرقمية والتى تكون فيها جميع المدخلات مشفرة وجميع المتعاملين بغير هويتهم الحقيقية مما يصعب معه اكتشاف هوية من قام الاحتيال أو مكانه.

4- صعوبة الخروج من سوق العملات الرقمية: ففى حالة رغبة المستثمر فى الخروج من سوق العملات الرقمية فإنه يواجه بعض المشاكل، فأغلب منصات تبادل العملات الرقمية لا تسمح إلا بعمليات سحب بالدولار الأمريكى ويوجد جزء قليل منها يسمح لعمليات السحب بالدولار الأوروبى أو الجنيه الإسترلينى أو غيرها من العملات وهو الأمر الذى لا يسمح بتحويل العملات الرقمية إلى تقليدية بسهولة  ، كما يوجد قيد آخر فى بيع العملات الرقمية وهو قبول بيع العملات البارزة فقط فى السوق مثل البيتكوين الأمر الذى يزيد من عبء الخروج من سوق العملات الرقمية.

5- الاستخدام التجارى المحدود للعملات الرقمية.

6- مخاطر استقرار نظام الدفع : والتى يتمثل أبرزها فى عدم إتاحة استعمال المدخرات فى المحفظة الرقمية  فى أى لحظة وهذا فى حالة وجود خلل تقنى يؤدى إلى تعطل منظومة الدفع أو فى حالة القرصنة أو الهجمات الالكترونية على منصات التداول أو فقدان رقم التشفير الشخصى.

7- خطر السيولة : والذى يظهر فى عدم قدرة منظمة العملات الرقمية على توفير لسيولة الكافية لمتطلبات المتعاملين ، لأنها منظمة تعمل بشكل مستقل عن الدائرة الاقتصادية مما يطرح مشكلة عدم تناسب معدلات السيولة فى الدائرة النقدية ومتطلبات الاقتصاديين فى دائرة الاقتصاد الحقيقى .

8- بيئة مثالية لتسهيل عمليات الفساد، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ حيث إنه بمجرد شراء تلك النقود يُمكن لأصحابها تحويلها لأى مكان بالعالم دون رصد أو متابعة ليُعاد تحويلها إلى نقود عادية فى الدول التى تسمح بذلك، ما يسهل وصول الأموال إلى الإرهابيين، ويسهل خروج الأموال الناتجة عن فساد إلى دول الملاذات الآمنة.

9- تُفقد الحكومات قدرتها على إدارة الاقتصاد أو تطبيق أدوات السياسات النقدية والمالية اللازمة لتحقيق النمو واستقرار الاقتصاد والمُعاملات المالية، كما أن منظومة تلك العملات الإلكترونية تحول عن تحصيل موارد الدولة، وتحد من قدرتها على ضبط الأسواق، حيث لا يوجد أى إشراف، أو رقابة حكومية، أو مُراجعة من مؤسسات دولية على آليات إصدار وتداول تلك العملات المُشفرة.

10- عدم وجود جهة يمكن الرجوع إليها حال إضرارها بالأمن والسلم الدوليين، ففى عالم يصدر به نحو 50 عملة رقمية جديدة يوميا أصبحت متابعة نشاط تلك السوق من الصعوبة أن يتم رصد تحركاتها الأمر الذى يجعلها مجالا خصبا لكل الأفعال التى يمكن أن تهدد الأمن والسلم الدوليين سواء من أشخاص، أو تنظيمات إجرامية.

11- لم تصل إلى مرحلة النضج مايجعلها غير آمنة وعرضة للسطو الإلكتروني، فمنظومة إصدار وتداول العملات المُشفرة لا تزال تخضع للتطوير والتغيير السريع، ولا أحد يعلم على وجه اليقين الشكل الذى ستستقر عليه، الأمر الذى يجعلها بمنزلة نقود غير آمنة يمكن أن تنقرض بعضها فى ساعات ويخسر مالكها كل شىء، كما يمكن أن يتعرض للسطو الإلكترونى دون أن يجد من يرجع عليه بما أصابه من أضرار.

12- مجال خصب للمضاربة وخلق فقاعات تجارية، فالمضاربة هى أساس صعود القيمة السوقية لتلك النقود فلا تزال المتاجر الإلكترونية التى تقبل التداول من خلال بعض تلك العملات محدودا جدا ومُتغيرا بصورة تجعل الطلب الحقيقى على تلك العملات أساسه المضاربة وليس التداول والشراء من المتاجر.

 ثالثا : المؤشرات العالمية حول تداول العملات الرقمية

أصدر البنك الدولى وعدد من الدراسات الاقتصادية عددا من المؤشرات حول انتشار العملات الرقمية فى العالم يمكن إجمال أبرزها فى الآتى :

 1- زيادة انتشار العملات الرقمية :

شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة فى أنشطة البحث والتطوير الخاصة بالعملات الرقمية للبنوك المركزية حيث تجرى تجربة 15 عملة منها على مستوى العالم بينما وصلت 15 عملة أخرى إلى مرحلة بحثية متقدمة .

المصدر : البنك الدولى

2- تطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية : تمر البنوك المركزية بمراحل مختلفة من التطوير لتقييم مزايا ومخاطر العملات الرقمية التى تصدرها ودراسة أفضل السبل لاستخدامها.

وفي يوليو 2022، كان هناك ما يقرب من 100 عملة رقمية صادرة عن بنوك مركزية تمر بمرحلة البحث أو التطوير، واثنتان صدرتا بشكل كامل، وهما eNaira في نيجيريا، التي أُصدِرت في أكتوبر 2021، والدولار الرملي في جزر البهاما، الذي ظهر لأول مرة في أكتوبر 2020، كما يوضح الشكل التالي:

المصدر : البنك الدولى

3- تدشين جامايكا أول عملة رقمية للبنك المركزي في العالم : أطلقت جامايكا فى يوليو 2022 ،JAM-DEX باعتبارها أول عملة رقمية للبنك المركزي في العالم يتم التصديق عليها رسمياً عملة قانونية، بهدف استخدامها في تسديد المدفوعات الحكومية للعمال الموسميين في منطقتين بالجزيرة الكاريبية، كما تم الاستفادة منها في المدفوعات التي تجرى من خلال برنامج توليد فرص العمل، وهو أول برنامج من بين البرامج الحكومية يستخدم Jam-Dex وسيلة دفع رقمية آمنة ومريحة؛ وذلك لإدراج شرائح السكان التي لم تكن لتمثل في النظام المالى.

4-تطور استخدام العملات الرقمية :

 يتصدر البيتكوين العملات الرقمية يليه البينانز كوين ثم الايثريوم ثم الريبل وذلك على نحو متصاعد سنويا على مستوى دول العالم .

المصدر : موقع Statista 

 5- رأس مال بورصة العملات الرقمية : بلغت القيمة السوقية للبيتكوين – أشهر العملات الرقمية – ذروتها بين عامى 2017 : 2018 إلا أنها تعدت ذلك المقدار فى عام 2020 .

رأس المال فى البورصات العالمية للعملات الرقمية بالمليار دولار أمريكى حتى يوليو (2018)

المصدر : موقع Statista  

6 تطبيق الإمارات استراتيجية “الدرهم الرقمي” : في الثالث من مارس 2023، أعلن مصرف الإمارات المركزي عن بدء تطبيق استراتيجية الدرهم الرقمي، وهي الخطوة التي استُهدف من خلالها تعزيز البنية التحتية للمدفوعات في الدولة عبر توفير قنوات إضافية، وتعزيز الشمول المالي، ومعالجة “نقاط الضعف” المتعلقة بالمدفوعات المحلية والعابرة للحدود، والتحرك نحو مجتمع غير نقدي.

7إطلاق “اليوان الرقمي” في الصين :

 على خلفية تكثيف الاهتمام بالعملات الرقمية للبنوك المركزية، أطلقت الصين في عام 2022 اليوان الرقمي المعروف أيضاً باسم  E-CNY؛ وذلك بعد دخول الحكومة الصينية، من خلال بنكها المركزي (بنك الشعب الصيني)، في شراكة مع البنوك التجارية الكبرى وشركات التكنولوجيا مثل “علي بابا” و”تينسنت” من أجل تطوير واختبار اليوان الرقمى.

8- تدشين الولايات المتحدة مشروع الدولار الرقمي : أطلقت الإدارة الأمريكية في عام 2022 مشروع الدولار الرقمي عملة رقمية مركزية للدولار الأمريكي، وهي العملة التي تعتزم الولايات المتحدة إصدارها؛ وذلك بغية المساعدة في حماية العملة الأمريكية مستقبلاً، والسماح للأفراد والمؤسسات العالمية بتسديد المدفوعات بالدولار بغض النظر عن المكان والزمان، وكذلك تحفيز العملة الأمريكية الرقمية التي من شأنها أن تتعايش مع التزامات الاحتياطي الفيدرالي الأخرى؛ ما يجعلها بمنزلة وسيلة تسوية لتلبية متطلبات العالم الرقمي الجديد وخلق نظام مالي عالمي أرخص وأسرع وأكثر شمولاً.

9 – توزيع حصص رأس المال السوقية للعملات الرقمية الرئيسية فى العالم من 2019 الى   2020 حيث زادت حصص القيمة السوقية لعملة ” بيتكوين ” فى شهر يناير 2019 ويناير 2020 حيث كانت 56.04% فى يناير 2019 وأصبحت 69.85 فى يناير 2020 مقارنة بالعملات الرقمية الأخرى ، كذلك زاد عدد مستخدمى محافظ البيتكوين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة حيث وصل الى أكثر من 46 مليون مستخدم خلال الربع الأخير من عام 2020، كما يوضح الشكل التالي:

10- القيمة السوقية الإجمالية لأكبر 10 عملات افتراضية فى نوفمبر 2020

يلاحظ من الشكل السابق أن البيتكوين سيطر على سوق العملات الرقمية بأكثر من 254.75 مليار دولار أمريكى مقابل 43.3 مليار أمريكي لأثرويوم. .

رابعا : العملات الرقمية فى مصر

لقد شكلت العملات الرقمية جزءا كبيرا من اهتمام الشباب المصرى فى السنوات القليلة السابقة حيث اعتبرها الشباب طريقا سهلا لتحقيق الثراء السريع ، ولجأ إلى تعدين البيتكوين – العملة الرقمية الأشهر –  عدد كبير من الشباب الذين قاموا بالمضاربة فى سوق هذه العملات ومع الأسف أغلبهم حقق خسائر فادحة وهو الأمر الذى تنبهت له الدولة المصرية فقامت بتجريم التعامل بالعملات الرقمية وإتخذت فى طريق ذلك كل السبل والطرق الممكنة والتى كان من أبرزها ما يلى :

1- أصدر البنك المركزى القانون رقم 194 لعام 2020 والذى يفرض عقوبات صارمة بشأن إصدار العملات المشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها دون الحصول على ترخيص.

وأكد البنك حظر تلك العملات حيث قررت المادة (206) من قانون 194 والصادر عام 2020 على أنه “يحظر إصدار العملات المُشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشائها أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المُتعلقة بها بدون الحصول على ترخيص من مجلس الإدارة طبقا للإجراءات التى يحددها القانون”، وقد قررت المادة رقم (225) عقوبة لمن يخالف هذا الحظر تتمثل فى “الحبس والغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه، ولا تجاوز عشرة مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العود يحكم بالعقوبتين معا”.

2- دار الإفتاء تحرم تداول العملات المشفرة : أصدرت دار الإفتاء بيانا أوضحت فيه أن “تداول هذه العملات والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها حرامٌ شرعًا؛ لآثارها السلبية على الاقتصاد، وإخلالها باتزان السوق ومفهوم العمل، وفقدان المتعامل فيها للحماية القانونية والرقابة المالية المطلوبة، ولما فيها من الافتيات على وُلاة الأمور، وسلب بعض اختصاصاتهم في هذا المجال، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، وذلك يدخلُ في عموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». فضلًا عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول، والقاعدة الشرعية تقرر أنه “لا ضرر ولا ضرار”.

ولكن على الرغم من الحظر الذى قررته المادة (206) من قانون 194 لعام 2020 لأنشطة النقود المُشفرة، والإلكترونية، فإن المادة فتحت الباب لدخول مصر هذا المجال فى المستقبل عندما ربط النص ممارسة ذلك النشاط بالحصول على تصريح من البنك المركزى، وقد أُعلن فى الآونة الأخيرة العزم على السماح للبنوك بطرح الجنيه الإلكترونى شريطة أن يحتفظ البنك لديه بإيداعات نقدية لا تقل قيمتها عن الوحدات المُصدرة إلكترونيا، ما سيفتح الأفق المستقبلى للتفاعل الناضج مع فكرة إصدار أو التعامل بالعملات المُشفرة ارتباطاً بنضجها المنتظر، والممارسات الدولية التجريبية بشأنها، بحيث يتم ضمان مُقتضيات الأمن القومى بكل أبعاده قبل التفاعل مع تلك النقود.

خامسا : خطوات نحو تداول آمن للعملات الرقمية

 لا يزال سوق العملات الرقمية ناشئا على مستوى العالم، ما يعنى أنه إلى حد كبير فى طور التجربة وإن كانت الدول الكبرى والمؤسسات الإقتصادية الدولية ترى أن سوق العملات المشفرة قادم لا محالة, ولذلك يمكن وضع توصيات لجعل تداول هذ العملات أكثر استقرارا وحماية للأأمن القومى والمصرفى، والتى يمكن إيجازها فى الآتى :

  • تعزيز التنسيق والتعاون الدولي على المستوى التشريعي، حيث يجب على الدول العمل معا لوضع الأطر القانونية الكفيلة بحماية المتعاملين بالعملات الرقمية، وصياغة قوانين تنظم وتضبط إصدار هذه العملات وآليات تداولها.
  • وضع ضوابط صارمة على تداول العملات الرقمية ومنع استخدامها في تمويل الأنشطة غير القانونية، وتمويل العمليات الإرهابية وغسيل الأموال والمخدرات وغيرها
  • التحديث المستمر للأنظمة الالكترونية لحماية منصات ووسائل التعامل مع العملات الرقمية للقضاء على عمليات السرقة والقرصنة.
  • العمل على توعية الشباب بمخاطر استخدام العملات المشفرة وكيفية تداولها بشكل مسئول.
  • إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات التى تتناول مزايا ومخاطر استخدام العملات الرقمية، ومدى تأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.
  • يجب على المستثمرين المحتملين فى مجال تداول العملات الرقمية إجراء أبحاثهم الخاصة قبل استثمار أي أموال في هذه العملات
  • استخدام وسائل التواصل الاجتماعى والمناهج الدراسية خاصة فى كليات التجارة وادارة الأعمال واضافة محتوى خاص بطبيعة العملات الرقمية وكيفية استخدامها حتى يكون الخريج على دراية واسعة بها وبأنظمتها عند التعامل مع سوق العمل.
  • تصميم برامج ومواقع محاكاة الكترونية للبورصات الالكترونية والعملات الرقمية لتدريب المتعاملين على التعامل مع هذه العملات بعيدا عن المخاطر المالية وقبل البدء فى بيع أو شراء هذه العملات.

المصادر

  • ايمان عادل عبد المنعم (2023)، اتجاهات الشباب المصرى نحو العملات الرقمية “: دراسة حالة على عملة البيتكوين ، المجلة المصرية لبحوث الرأي العام.
  • وسيم صافي (2022)، العملات الرقمية للبنوك المركزية: المفهوم ودوافع الإصدار، سلطة النقد الفلسطينية، دائرة الأبحاث والسياسية النقدية.
  • أحمد يحيى محمد (2021)، العملات الرقمية نشأتها وتطورها ومخاطر التعامل فيها، المجلة العلمية لكلية التجارة، أسيوط.
  • دراسة مستقبل العملات الافتراضية ” الفرص والتحديات ” ، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.
  • وليد عبد الرحيم جاب الله، العملات الرقمية وتحديات الأمن والإقتصاد القومى، مجلة السياسة الدولية.
  • موقع البنك الدولى
  • موقع بلومبيرج الاقتصادى
  • موقع سى ان ان الاقتصادية

 

 

 

The post تداول العملات الرقمية..فرصة أم مخاطرة؟ appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7935
القضاء على العشوائيات استثمار حقيقي للاقتصاد المصري https://draya-eg.org/2024/05/17/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b6%d8%a7%d8%a1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b4%d9%88%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ab%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d9%84%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a/ Fri, 17 May 2024 21:20:39 +0000 https://draya-eg.org/?p=7918 تُعد العشوائيات ظاهرة عالمية موجودة في أغلب المجتمعات حيث انتشرت في مدن العالم بصفة عامة ومدن العالم الثالث بشكل أوسع وأعم، فهي بدأت كظاهرة عمرانية إلا أنها لا يمكن فصلها عن الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للدولة، وبالرغم من انتشار المناطق العشوائية في  مصر فإنها لم تلق الاهتمام الكافي من الدولة إلا بعد حدوث زلزال أكتوبر 1992 …

The post القضاء على العشوائيات استثمار حقيقي للاقتصاد المصري appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تُعد العشوائيات ظاهرة عالمية موجودة في أغلب المجتمعات حيث انتشرت في مدن العالم بصفة عامة ومدن العالم الثالث بشكل أوسع وأعم، فهي بدأت كظاهرة عمرانية إلا أنها لا يمكن فصلها عن الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للدولة، وبالرغم من انتشار المناطق العشوائية في  مصر فإنها لم تلق الاهتمام الكافي من الدولة إلا بعد حدوث زلزال أكتوبر 1992 حيث تعالت الأصوات من أجل إعادة النظر في العشوائيات المنتشرة في مصر وأصبحت العشوائيات من أهم موضوعات الخطاب السياسي خاصة في ظل الأزمات التي شهدها المجتمع المصري.

لذا فطنت “الجمهورية الجديدة” بقوة استمدتها من ثورة 30 يونيو 2013 لمشكلة الإسكان العشوائي وتداعياتها الخطيرة، معتبرة إياها من القضايا المُلحة التى تحتاج إلى مواجهة شاملة للحد من انتشارها ومعالجة آثارها السلبية على مستقبل التنمية فى كافة مجالاتها والتى من الممكن أن تُعيق خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى تنتهجها البلاد لتحقيق الأهداف المرجوة والارتقاء بالمجتمع المصري ككل.

فتكاتفت جهود كافة مؤسسات الدولة لوضع حلول جذرية لمشكلة الإسكان العشوائي، من خلال استراتيجية شاملة للقضاء على المناطق غير الآمنة وتحقيق حياة كريمة لجميع المواطنين تضمن حصولهم على أبسط حقوقهم من غذاء ومسكن ملائم وتعليم ورعاية صحية فى إطار دولة تحقق مبدأ العدالة الاجتماعية بين فئات الشعب. 

وفى ضوء ذلك، تتناول هذه الورقة معالجة ملف العشوائيات فى مصر ومدى تأثيرها على الاقتصاد القومي، ودور الدولة فى التصدي لها، وذلك من خلال العديد من المحاور التى تأتي على النحو التالي: 

أولا: مفهوم العشوائيات

 تعددت التعريفات حول مسمى “العشوائيات” على مستوى العالم، وبالرغم من اختلاف كل تعريف عن الآخر، إلا أن هذه التعريفات اتفقت على أن المناطق العشوائية هى مناطق غير شرعية وغير مخططة، فعلى سبيل المثال، يعرف البنك الدولى المناطق العشوائية بأنها “مناطق غير رسمية تعانى من بعض المشكلات مثل الكثافة السكانية المرتفعة وعدم كفاية البنية التحتية والخدمات، كما أنها مناطق تعانى من ضيق الشوارع وغياب الأراضى الشاغرة والمساحات المفتوحة “.

أما الأمم المتحدة فتعرف المناطق العشوائية بأنها : “المناطق المتهالكة والقديمة الواقعة داخل المدينة أو مستعمرات واضعى اليد التى تحتل أطراف المدن خارج المخطط العمرانى، والتى تعانى من عدم الاعتراف بها مثل “العشش والأكواخ” أو ما يسمى بـ”مدن الصفيح”، والتى تنتشر فى الأحياء السكنية الحديثة والقديمة سواء فى قلب المدن أو على هوامشها”.

 فيما يعرف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، المناطق العشوائية بأنها :” تلك المناطق التى أقيمت بالجهود الذاتية سواء على أراضى حائزيها أو على أراضى الدولة بدون تراخيص رسمية، ولذا فهى تفتقر إلى الخدمات والمرافق الأساسية التى قد تمتنع الجهات الرسمية عن توفيرها، نظراً لعدم قانونية هذه الوحدات. وإنها تنقسم إلى مناطق غير مخططة وأخرى غير آمنة مثل تلك المناطق المعرضة لانزلاق الكتل الصخرية أو للسيول أو لحوادث السكة الحديد، وأن العشوائيات تعد من أخطر القضايا إلحاحاً لما لها من انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأمنية تهدد أمن واستقرار المجتمع”.

ثانيا: تطور العشوائيات في مصر وأسباب ظهورها

  يبلغ عدد سكان العشوائيات في مصر 22 مليون شخص يعيشون في 88 منطقة عشوائية على مستوى الجمهورية، ويبلغ إجمالى مساحة المناطق العشوائية بالجمهورية  160.8 ألف فدان، تمثل 38.6% من الكتلة العمرانية لمدن الجمهورية (37.6% مناطق غير مخططة، 1% مناطق غير آمنة).

  • تمثل مساحات المناطق العشوائية بمحافظات سوهاج، والشرقية، وبنى سويف الأعلى على مستوى محافظات الجمهورية بنسب بلغت “71.1%،5%، و65.3%، على الترتيب .
  • تمثل نسبة العشوائيات نحو 39% من إجمالى الكتلة العمرانية للجمهورية وتنتشر في 226 مدينة .
  • يوجد 8 مدن فقط خالية من المناطق العشوائية، موزعون كالتالى: “مدينتين بمحافظة السويس، ومثلهم بالشرقية، و3 مدن بكفر الشيخ، ومدينة واحدة بمحافظة الجيزة .
  • تحتل محافظة الإسكندرية المركز الأول من حيث انتشار العشوائيات، حيث بلغت مساحة المناطق العشوائية بها1 ألف فدان بنسبة 12.5% من إجمالى المساحة .
  • تأتى محافظة القاهرة فى المركز الثانى بمساحة4 ألف فدان بنسبة 12%، يليها محافظة الجيزة بـ 15.5  ألف فدان  ونسبة 9.6% من إجمالى مساحة المناطق العشوائية .
  • تبلغ نسبة مساحة المناطق العشوائية غير الآمنة بمحافظتى القاهرة والإسماعيلية7% من إجمالى مساحة المناطق غير الآمنة على مستوى الجمهورية .
  • تأتى المناطق العشوائية غير الآمنة ذات درجة الخطورة الثانية فى المرتبة الأولي ، حيث بلغ عددها 251 منطقة .

  • بلغ إجمالي مساحة المناطق العشوائية غير المخططة على مستوى الجمهورية 156.3 ألف فدان تمثل 97.2% من إجمالي مساحة المناطق العشوائية. تمثل مساحة المناطق العشوائية غير المخططة بالمحافظات الثلاث (الإسكندرية -‏ القاهرة -‏ الجيزة) الأعلى على مستوى المحافظات حيث بلغت نسبتها (12.8%، 11.8%، 9.8%) على الترتيب من إجمالي مساحة المناطق غير المخططة بالجمهورية.
  • بلغ إجمالي عدد المناطق العشوائية غير الآمنة فى المحافظات 351 منطقة، يشغلون نحو 4.5 ألف فدان، وتمثل 2.8% من إجمالي مساحة المناطق العشوائية. حيث احتلت محافظة القاهرة المرتبة الأولى في عدد المناطق غير الآمنة في مصر حتى 2014 بنحو 56 منطقة تمثل 15.4% من إجمالي تلك المناطق في مصر كلها.
  • بلغ إجمالي عدد الأسواق العشوائية بالجمهورية 1099 سوقا عام 2015 تحتوي على 305.6 ألف وحدة.
  • تأتى محافظة القاهرة في المرتبة الأولى بعدد 134 سوق عشوائي

وتتمثل أسباب ظهور المناطق العشوائية في مصر فيما يلي :-

  • ارتفاع أسعار الشقق السكنية، وعدم قدرة بعض الناس على المعيشة في مستوى متوسط، فذلك يؤدي إلى اللجوء إلى المناطق العشوائية
  • زيادة الإنجاب وعدم مواكبة وتيرة بناء الوحدات السكنية الجديدة للنمو  السكاني المتسارع، مما يُؤدي إلى نقص في المعروض من المساكن، وارتفاع أسعارها ومن ثم لجوء الكثيرين إلى السكن العشوائي.
  • التساهل في معاملة منتهكي أراضي الدولة من قبل المسؤولين والجهات الحكومية .
  • ترك هذه المشكلة في بدايتها إلى أن زادت في كل أنحاء الدولة .
  • ضعف التخطيط العمراني وعدم توفير الخدمات الأساسية فى بعض المناطق.
  • قلة وعي سكان المناطق العشوائية بمخاطر السكن فى المناطق العشوائية.
  • عدم اهتمام الدولة بتحسين مستوى المعيشة في القرى والريف والمناطق البدوية خاصة خلال حقبة الثمانينيات والتسعينيات.

 ثالثا: خطورة العشوائيات على المجتمع المصري

المشكلات الاجتماعية

  • انخفاض المستوى التعليمى وارتفاع نسبة الأمية حيث بلغت 29% ، وأيضا تدنى نسب التعليم المتوسط والجامعى.
  • يعانى 43% بالعشوئيات غير الآمنة، و37% بالعشوئيات غير المخططة من الحرمان من التعليم، مما أدى إلي تسرب الأطفال من التعليم وزيادة نسبة عمالة الأطفال والتحاقهم بأعمال غير ملائمة.
  • انتشار ظاهرة الزواج المبكر حيث بلغت النسبة حوالى 34%.
  • انتشار الفقر، وارتفاع نسبة الجريمة نتيجة لارتفاع معدلات البطالة.
  • افتقار العشوائيات في محافظه القاهره إلى المرافق الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحى، كل هذه المخالفات أدت إلى زيادة معدلات الجريمة.
  • شدة التصاق المباني ببعضها مما يؤدي إلي التلوث السمعي والبصري للعديد من الأشخاص وقلة الخصوصية.

المشكلات الصحية

  • عدم توافر المستشفيات والمراكز الطبية.
  • انتشار الكثير من الأمراض نتيجة عدم توفير المياه النقية والصرف الصحى.

المشكلات الاقتصادية

  • تقلص الرقعة الزراعية جراء الزحف العمرانى العشوائى عليها.
  • انتشار العمل ذو الإنتاجية المنخفضة والعائد الضعيف.
  • زيادة الضغط على شبكات المرافق والبنية الأساسية والطرق والمواصلات.
  • ارتفاع معدلات البطالة بأشكالها المختلفة.
  • البناء على الأراضي الزراعية وتحويلها إلى أراضي سكنية مما يؤثر ذلك سلبًا على الدخل القومي للزراعة

رابعا: العشوائيات وتحدياتها الاقتصادية

 تُشكل المناطق العشوائية معوقا كبيرا لاقتصاديات الدول كون هذه المناطق تفتقر إلى أي تخطيط عمراني سليم، مما يتسبب فى إحداث فوضى عارمة تُعيق حركة النقل والتنقل، وتُشكل عبئًا هائلاً على البنية التحتية للمدينة، إلى جانب إعطاء الأولوية لقاطني العشوائيات للسكن والمأوى وليس للقرب من العمل، حيث يضطر سكان هذه المناطق لقطع مسافات طويلة للوصول إلى أعمالهم ودراستهم ومستشفياتهم، مما يُهدر وقتهم وطاقتهم ويُقلل من إنتاجيتهم.

كما أن افتقار المناطق العشوائية إلى الخدمات الصحية والصرف الصحي الملائمة وانتشار التلوث البيئي وارتفاع معدلات الجريمة والفساد، يجعلها بيئة خصبة للأمراض والأوبئة والمشكلات الاجتماعية، مما يزيد من معاناة قاطني تلك المناطق، وهو الأمر الذى يساهم في زيادة الأعباء على كاهل الدولة بسبب التكاليف العلاجية والاجتماعية.

وعليه، يمكن القول إن المناطق العشوائية تلتهم موارد الدولة بشكلٍ مُخيف،حيثُ تتطلب شبكات طرق وكهرباء ومياه وصرف صحي ضخمة لخدمتها، مع نسب فقد هائلة في هذه الشبكات نتيجة الوصلات غير القانونية والاستهلاك المفرط، مما يشكل استنزافا كبيرا للطاقات البشرية والمادية، وفي محصلة الأمر يؤثر سلبًا على الاقتصاد بشكل عام.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مخاطر العشوائيات لا تقتصر على تشويه المظهر الحضري وتهديد الصحة العامة، بل تمتد لتشمل نهب الثروات الطبيعية وتعطيل مسارات التنمية المستدامة، حيث تتمدد العشوائيات بلا رحمة، وتبتلع في طريقها الأراضي الزراعية الخصبة، مما يُهدد الأمن الغذائي ويُقلّل من الإنتاجية الزراعية. كما أن اتساع رقعة هذه المناطق يكون على حساب استعمالات أخرى للأراضي التى بنيت عليها كأن يكون زراعيا أو صناعيا أو مناطق آبار ومياه جوفية أو خامات معدنية، ومن ثم يحد من استغلالها والاستفادة منها.

إن القضاء على ظاهرة العشوائيات لن يقتصر فقط على تحسين المظهر الحضري للمدن، بل سيفتح الباب أمام فرصة ذهبية لتنظيم الاقتصاد المصري بشكل شامل. حيث إن العشوائيات بيئة خصبة لنمو النشاط التجاري غير المنظم، مما يُؤدّي إلى هدر الموارد وانتشار الفساد وعدم دفع الضرائب. ويُمكن من خلال القضاء على العشوائيات وتنظيم المناطق السكنية وتوفير البنية التحتية اللازمة دمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة الإيرادات الضريبية، وإتاحة الكثير من فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.

إنّ القضاء على العشوائيات هو فى حقيقة الأمر استثمار حقيقي في مستقبل مصر واقتصادها وصحة مواطنيها.

 خامسا: إنجازات الدولة فى ملف تطوير العشوائيات

تتمثل رؤية الدولة المصرية في القضاء على العشوائيات المهددة للدولة والمواطنين حيث قدمت الدولة العديد من النماذج الناجحة في تلك الملف، فقامت بتطوير وانشاء مساكن آمنة كانت طوق نجاة للعديد من حياة المواطنين الذين كانوا يعيشون في مناطق غير آدمية ولا تصلح للحياة الي مناطق متكاملة بالخدمات ووحدات مجهزة وخدمات كانت بعيدة جدا عن العشوائيات.

قامت الدولة المصرية بتأسيس صندوق التنمية الحضرية باعتباره هيئة عامة اقتصادية تتبع مجلس الوزراء، أنشأت بقرار مجلس الوزراء ١٦٦٩ لسنة ٢٠٢٠ كبديل عن صندوق تطوير العشوائيات بهدف العمل على تطوير وتنمية مناطق التطوير العمراني التي يحددها مجلس أمناء الصندوق في إطار القرارت المنظمة، والعمل على توفير احتياجات السكان بتلك المناطق وتشجيع المجتمع المدني وقطاع الأعمال على المشاركة في أعمال التطوير العمراني، وإزالة المناطق غير الآمنة وتنفيذ مشروعات التطوير على الأراضي التي تخصص للصندوق، والتنسيق مع الجهات المختصة بوضع المخططات العمرانية لمناطق التطوير العمراني المستهدفة بما يتوافق مع أحكام قانون البناء والقوانين ذات الصلة.

وتتمثل بعض مشروعات الدولة في القضاء على العشوائيات فيما يلي:

  • جهود الدولة للقضاء على المناطق غير الآمنة:

يستفيد منها نحو 2 مليون مواطن، بإجمالى 246 ألف وحدة سكنية، وبتكلفة بلغت 63 مليار جنيه ، وذلك بواقع 33 منطقة غير آمنة من الدرجة الأولى، و269 منطقة غير آمنة من الدرجة الثانية، و34 منطقة غير آمنة من الدرجة الثالثة، و21 منطقة غير آمنة من الدرجة الرابعة. هذه المناطق تشمل 54 منطقة بالقاهرة.

  • جهود الدولة فى تطوير المناطق غير المخططة:

تصل تكلفة رفع كفاءة البنية الأساسية بالمناطق غير المخططة لـ 318 مليار جنيه، وقد تم تطوير 56 منطقة غير مخططة بـمساحة 4616 فدانًا، وتخدم حوالي 460 ألف أسرة، بينما يجري تطوير 79 منطقة بـمساحة 6941 فدانًا، وتخدم حوالي 690 ألف أسرة. تم تطوير 31 منطقة غير مخططة بمحافظة القاهرة تصل مساحتها لـ 2380 فدانًا، بتكلفة بلغت 350 مليون جنيه، واستفاد منها 263 ألف أسرة.

  • مشروع أهالينا

قامت الدولة بعدد من المراحل في تلك المشروع، منها أول مرحلتين (اهالينا ١، اهالينا ٢):

أهالينا ١ الإسكان الاجتماعي بحي السلام أول: كلف المشروع 600 مليون جنيه واقيم على مساحة قدرها ١١ فدان، يضم عدد من الوحدات السكنية عددها ٢٥ عمارة سكنية كل عمارة تضم ١٢ دور، كل دور يضم ٤ وحدات سكنية بمساحة ٩٠ متر، بالإضافة إلى تركيب مصعد كهربي لكل عمارة، ولم ينس المشروع ذوي القدرات الخاصة حيث تم تخصيص ٣٢ وحدة سكنية من إجمالي الوحدات بالإضافة إلى تجهيز مصاعد خاصة بهم وأبواب متسعة. بالإضافة إلى تجهيز شبكة كهرباء بالمنطقة وتركيب عدد من عدادات الكهرباء قدرها ١١٢١ عداد كهرباء، وشبكة تغذية للمياه، وخزان سعته ١١٠٠ متر مكعب لخدمة المشروع، وشبكتي صرف صحي وأمطار، وتأمين المشروع بشبكة تأمين اطفائي لجميع العمارات السكنية والمباني الإدارية والخدمية ولري المناطق الخضراء تم عمل ٤ آبار مياه، ولأجل توفير فرص العمل للسكان تم إنشاء مول تجاري و ٨٤ محل تجاري. ولتصبح المنطقة كاملة متكاملة تم إنشاء مدرسة للتعليم الأساسي بإجمالي ٢٨ فصل دراسي، ومركز طبي متكامل، ومسجد يضم 500 شخص، ومن أجل توفير فرص العمل للسيدات تم إنشاء ١٨ مشغل.

أهالينا ٢ بحي السلام أول: كلف المشروع ٧٠٠ مليون جنيه، وشمل المشروع ٣٤ عمارة، كل عمارة تضم ١٢ طابق، وكل دور يضم ٤ وحدات بمجموع ١٦٣٢ وحدة سكنية. وعمل المشروع على توفير الخدمات لسكان المنطقة حيث ضم ٤ مولات تجارية، و١٧٦ محل تجاري بمساحة ٤٥ متر مربع للمحل الواحد، ومدرسة للتعليم الأساسي ب ٣٣ فصل، ومركز شباب على مساحة ٧٣٠٠ متر مربع. جاء المشروع كطوق نجاة لبعض الاهالي حيث تنفيذ المشروع ليحل مكان ” الرشاح” الممتد من ابو رجيلة بالسلام حيث كانت تعاني تلك المناطق من الإهمال وانتشار الجريمة والتلوث.

  • روضة السيدة

تعد روضة السيدة من افخم مشروعات تطوير العشوائيات. هو تل العقارب سابقا حيث كانت تعاني المنطقة من البيوت التي على وشك السقوط حيث كان ارتفاع أعلى تبة ١١ متر في ٢٠١٦، ولكن تحولت من العشش لي كومباند متكامل وذلك على مرحلتين :-

  • روضة السيدة ١

تكلفة المشروع ٣٣٠ مليون جنيه، نفذ على مساحة قدرها ٧.٥ فدان، وعمل على توفير مسكن امن ل ٤٠٨٠ نسمة، ويتكون من ٨١٦ وحدة سكنية، وعدد ١٦ عمارة، بالإضافة إلى ١٩٨ وحدات إدارية وتجارية. الوحدات السكنية تم انشاؤها على ٤ نماذج للانشاءات

نموذج أ:- يشمل ١٢ وحدة بالطابق الواحد بالدور الواحد ٤ مداخل

نموذج ب:- يشمل ٨ شقق بالدور السكني بمدخلين

نموذج ج:- ٤ شقق في الدور الواحد وله مدخل واحد

نموذج د:- نموذج غرفتين وصالة بمساحة 65 متر مربع و165 وحدة بمساحة 72 متر مربع و56 وحدة بمساحة 82 متر مربع و84 وحدة بمساحة 90 متر مربع

-جري تنفيذ هذه المنطقة على الطابع المعماري الإسلامي نظرا لموقعها وقربها من مسجد السيدة زينب، حيث تم الانتهاء منها وتسكينها.

  • روضة السيدة ٢ “بديل لمنطقة الطيبي”

يجري تنفيذ هذا المشروع على الطراز المعماري الذي يتوافق مع الطراز المعماري للقاهرة الفاطمية بالإضافة إلى المساحات الواسعة. ويقع هذا المشروع على مساحة قدرها حوالي ٦ فدان، ويتكون المشروع من ٩ عمارات سكنية، كل عمارة عبارة عن دور ارضي و٥ أدوار. و ليصبح المشروع كمبوند متكامل، تم توفير بعض الخدمات للسكان حيث يضم المشروع ميني خدمي يضم محلات تجارية وصيدلية ومكتبة وحضانة، وعدد من المحلات التجارية على شارع السد البراني، بالإضافة إلى شركات الأمن والصيانة والنظافة للحفاظ على المشروع

  • سور مجرى العيون

انطلق المشروع في ٢٠١٩ لينفذ على مساحة قدرها ٣٩٩ الف متر مربع بما يعادل ٩٥ فدان خلف سور مجرى العيون في نفس منطقة المدابغ التي تم نقلها لمدينة الروبيكي الصناعية، يضم المشروع حوالي ٩٠ عمارة على مساحة قدرها ٧٤ فدان، ومسطح كل عمارة حوالي ٦٠٠ متر على ٤ وحدات، ومساحة كل وحدة ١٥٠ متر، تتكون العمارات من دور ارضي و٦ أدوار، ولكن العمارات بجانب السور مكونة من دور ارضي و٣ أدوار، ويحدد مساحة قدرها ١٦ فدان بجانب السور مباشرة لتنفيذ منشآت على الطراز الإسلامي القديم، حيث تضم أسواق تشمل المنتجات التراثية والصاغة والنحاسين وغيرها من المنتجات التراثية التي اشتهرت بها القاهرة القديمة، وخصصت مساحة قدرها ١٥ الف تقريبا لإنشاء المحور الترفيهي.

  • كمبوند الخيالة

تحولت حياة سكان مناطق السكر والليمون ووحوش الغجر الملاصقة لسور مجرى العيون، صدر قرار نقلهم الي مشروع أرض الخيالة المطل على بحيرة عين الصيرة الجنوبية على بعد ٥ كم تقريبا، من المشروعات التي اقامتها الدولة لحل مشكلة العشوائيات حيث كلف المشروع ٨٦٠ مليون جنيه، ويتكون من ٢٢٦٨ وحدة سكنية في ٤٢ عمارة سكنية، بالإضافة إلى وجود ٢ مصعد كهربي في كل عمارة. ويعتبر المشروع كمبوند متكامل حيث يطل على عدة مناطق أثرية بالإضافة إلى أماكن الخدمات حيث يضم (مسجد وكنيسة ومركز إسعاف ونقطة شرطة ونقطة إطفاء ومكتب بريد ومركز شباب وحديقة عامة).

  • مشروع الأسمرات

يعتبر اول مشروع سكني حقيقي لسكان العشوائيات، حيث قامت الحكومة بنقل سكان العشوائيات في مثلث ماسبيرو، الدويقة بحي منشأة ناصر واسطبل عنتر وعزبة خير الله، وتل العقارب ودار السلام والمواردي وبطن البقر إلى الأسمرات الواقعة في المقطم جنوب القاهرة بالقرب من محور الشهيد والطريق الدائري. تم تنفيذ المشروع على ٣ مراحل حيث تبلغ المساحة الكلية للمشروع ١٨٨ فدان ويتضمن ١٨٤٢٠ وحدة سكنية تضم حوالي ١٥ الف اسرة. وتمثلت مراحل مشروع الاسمرات فيما يلي:

المرحلة الأولى :-

كلفت المرحلة ٨٥٠ مليون جنيه تم تمويلها من موازنة المحافظة وصندوق تطوير العشوائيات بخلاف القيمة الفعلية لثمن الأرض المقامة عليها ، تقع على مساحة ٦٥ فدان وتضم ٦٢٥٨ وحدة سكنية، وبالنسبة للخدمات تضم ٢٤٠ محل تجاري وانشاء مدرسة للتعليم الأساسي

المرحلة الثانية :-

تقع على مساحة ٦١ فدان وتضم حوالي ٤٧٢٢ وحدة سكنية ومن ناحية الخدمات التي تتوفر للاهالي، تم إنشاء ١١٠ محل تجاري وتم انشاء مدرسة للتعليم الأساسي بتكلفة ٦٠٠ مليار جنية، وتم تمويل المرحلة الثانية من صندوق تحيا مصر

وتم افتتاح المرحلتين الأولى والثانية في ٣٠ مايو ٢٠١٦، حيث تضمنت الدفعة الأولى من الأسر التي تم نقلها الي الاسمرات حوالي ١٢٠٠ أسرة، بالإضافة إلى تضمن المرحلتين مكتب للبريد واسواق حضارية ووحدات علاجية ونقطة للشرطة ووحدة للاسعاف وملاعب رياضية.

المرحلة الثالثة :-

جاءت بعد نجاح المرحلتين الأولى والثانية بتكلفة قدرها ١,٧٥ مليار جنية حيث نفذت على مساحة قدرها ٦٥ فدان، وعملت على توفير سكن أمن ل ٣١٠٠٠ مواطن، حيث ضمت ١٢٤ عمارة باجمالي ٧٢٩٨ وحدة سكنية وتتكون كل عمارة من عدد من الوحدات السكنية عددها ٦٠ وحدة ومصعدين و٤ خزانات مياه علوية، كما أن مشروع الاسمرات لم يوفر مجرد سكن آمن فقط، بل عمل على ما هو بعيد تماما عن العشوائيات، حيث نجد انه تم إنشاء “نادي اجتماعي ورياضي” وملعب كرة قدم و٤ ملاعب متعددة الاستخدام، ومجمع للمدارس (تعليم أساسي وثانوي وصناعي) و٥ حضانات، وليكن مشروع متكامل متوفر من جميع الخدمات تم إنشاء رعاية الطفولة والامومة ووحدة اجتماعية و٤ وحدات صحية وقاعات متعددة الاستخدام. تم افتتاح المرحلة الثالثة في منتصف ٢٠٢٠، حيث تم تسكين ٧٢٩٨ أسرة من المناطق العشوائية ب عدد ٢١٠٣ أسرة من الشبهة وعدد ٤٠٨٥ أسرة وافدة من السحيلة وعدد ١١١٠ أسرة وافدة من شارع المحجر، بالإضافة إلى الأسر الوافدة من المناطق الأخرى.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن تحرير سعر الصرف لم يؤثر على جودة المشروعات المستهدف منها التطوير، حيث تم انتهاج مسارات مختلفة للحفاظ على الجودة مع تكلفة أقل من قبل الشركات المكلفة بأعمال التطوير.

 سادسا: رؤية المؤسسات الدولية لجهود الدولة المصرية فى القضاء على الإسكان العشوائي

أشار تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة عام 2021، إلى اهتمام القيادة المصرية بملف تطوير العشوائيات باعتباره أحد أهم أولوياتها، وذلك مقابل ما جاء في تقرير التنمية البشرية الصادر عام 2010، والذي أشار إلى أن المناطق العشوائية تفتقد لأدنى معايير التنظيم والأمن، مما أدى إلى انتشار الجريمة والمخدرات، كما أدى ارتفاع أعداد سكان العشوائيات في القاهرة إلى تدنى مستوى التعليم بشكل خاص.

بدوره، أكد برنامج الأغذية العالمي في عام 2023 أن هناك تكاملاً فى سياسات التنمية المستدامة فى مصر، وقد أثبتت مبادرة حياة كريمة النهج المصري المتكامل في التنمية، حيث تضمنت إعادة تأهيل البنية التحتية، وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية والصحية لتحسين جودة الحياة فى القرى الأكثر فقراً بالمناطق الريفية المهمشة.

وكان البرنامج ذاته يرى في عام 2011، أن المناطق العشوائية والمناطق الريفية البعيدة والمحرومة فى مصر تعاني من مشكلات عديدة، مثل تدهور الصحة العامة والمياه الملوثة وتدهور أنظمة الصرف الصحي وغياب المساواة في الرعاية الصحية ونقص القدرات اللازمة لتوفيرها.

من جانبه، أشاد مكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية عام 2020 بمشروع الأسمرات، مشيراً إلى أنه يعد بمثابة نموذج جديد لاستيعاب المواطنين ونقلهم من المناطق الخطرة، حيث تم تطوير الأسمرات عبر توفير المرافق الصحية والتعليمية والرياضية، ويتمتع المشروع بشوارع متسعة، ويوفر الخصوصية للسكان وهو ما ساهم بشكل كبير فى تحسين جودة حياة السكان.

جاء ذلك على نقيض ما ذكره المكتب عام 2011 بأن جميع المناطق العشوائية في مصر، مصنفة كمناطق غير آمنة، نظرًا لما تشكله من مخاطر بيئية وصحية.

كما تقدمت مصر فى المؤشرات العالمية بعد حجم الإنجاز في تطوير العشوائيات، وفقا لتصنيف البنك الدولي لمصر في مؤشر “سكان العشوائيات كنسبة من سكان الحضر”، ذلك فضلا عن أن مصر قفزت 13 مركزاً في مؤشر المخاطر الاجتماعية لعام 2021، والذي يتضمن مؤشرات فرعية منها معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي للفرد، ومشاركة القوى العاملة، والثقة في الحكومة، والإنفاق الاجتماعي العام، والاستقرار السياسي، وغيرها. كما حققت مصر المركز الـ 8 عربيا والـ 69 عالميا  في مؤشر أفضل الدول في جودة الحياة 2021.

وختاما فإن الدولة المصرية نجحت خلال السنوات الماضية فى مكافحة والحد من العشوائيات وتطوير عواصم المدن الكبرى، وتوفير كافة الخدمات اللازمة، بواقع ٥٠٠ ألف وحدة بتكلفة مقدرة ٦٠٠ مليار جنيه. كما تعمل على ملف الأسواق العشوائية وعددها ١١٠٠، بتكلفة ٤٤ مليار جنيه وذلك ليس فقط للقضاء على العشوائيات ولكن لإحياء القاهرة التاريخية وإنشاء مجتمعات عمرانية جديدة تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى تسعى لها الدولة فى ضوء رؤية مصر 2030. لقد أصبح نجاح الدولة في تحقيق أهداف تطوير العشوائيات وتحقيق حياة كريمة للمواطن المصري حقيقة مشهودة للعيان ومصدر إلهام للدول التي تسعى إلى تنفيذ هذه التجربة. 

 

 

 

 

 

 

 

 

The post القضاء على العشوائيات استثمار حقيقي للاقتصاد المصري appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7918
مشروع المثلث الذهبى في صعيد مصر: الإمكانات والتحديات https://draya-eg.org/2024/05/03/7903/ Fri, 03 May 2024 23:38:17 +0000 https://draya-eg.org/?p=7903  تشهد الدولة المصرية ثورة تنموية هائلة من خلال تنفيذ العديد من المشروعات القومية الضخمة التى تستهدف دفع عجلة الاقتصاد المصري وتحسين حياة المواطنين، وتُراعي معايير الاستدامة والحفاظ على البيئة. وقد أولت الدولة اهتماما خاصا لتنمية الصعيد الذى عانى من الإهمال والتهميش لعقود طويلة على الرغم من أنه يزخر بالثروات الطبيعية الواعدة من موارد زراعية وطبيعية …

The post مشروع المثلث الذهبى في صعيد مصر: الإمكانات والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 تشهد الدولة المصرية ثورة تنموية هائلة من خلال تنفيذ العديد من المشروعات القومية الضخمة التى تستهدف دفع عجلة الاقتصاد المصري وتحسين حياة المواطنين، وتُراعي معايير الاستدامة والحفاظ على البيئة. وقد أولت الدولة اهتماما خاصا لتنمية الصعيد الذى عانى من الإهمال والتهميش لعقود طويلة على الرغم من أنه يزخر بالثروات الطبيعية الواعدة من موارد زراعية وطبيعية وتعدينية وبشرية .  

ويُعد مشروع المثلث الذهبي أحد أهم المشروعات القومية ضمن رؤية مصر 2030 ، فالمشروع يساهم فى تحقيق التنمية المستدامة لإقليم الصعيد ضمن إطار استراتيجية التنمية الشاملة للدولة. ويُقصد بالمثلث الذهبى المنطقة المحصورة بين محافظتى قنا من الجهة الغربية ومحافظة البحر الأحمر من الجهة الشرقية ومدينتى سفاجا والقصير شمالا والقصير جنوبا (رأس المثلث مدينة قنا وقاعدته مدينتي سفاجا والقصير).

ويُقام المشروع على 6 مراحل تسـتغرق المرحلة الأولى منها 5 سنوات، ويستغرق المشروع 30 عاما للانتهاء منه بالكامل، وتبلغ مساحة المثلث الذهبي نحو 7000 كيلومتر مربع، ومن المقرر إنشاء عاصمة للمثلث الذهبي تبعد عن قنا بمسافة 100 كيلو متر.  يبلغ حجم استثمارات المشروع حوالي 16.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يحقق عوائد سنوية للدولة تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار سنويا.

أولا: أهداف وأهمية إقامة مشروع المثلث الذهبي

يهدف مشروع المثلث الذهبى إلى تنفيذ خطة متكاملة لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة بالمنطقة وإيجاد مجتمعات عمرانية اقتصادية حديثة في إطار استراتيجية التنمية المستدامة 2030، حيث تستهدف مصر الانتقال إلى اقتصاد سوق منضبط يتميز باستقرار أوضاع الاقتصاد الكلى، قادر على تحقيق نمو احتوائى مستدام، ويتميز بالتنافسية والتنوع ويعتمد على المعرفة والابتكار، ويكون لاعبًا فاعلًا في الاقتصاد العالمى، وكذا تمكين صغار المستثمرين من المشاركة في الاقتصاد من خلال دمج القطاع غير الرسمي وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة على المشاركة عن طريق تبنى سياسات كلية وقطاعية داعمة للتشغيل والتركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة ومنها القطاع الصناعى.

وتجدر الإشارة إلى أنه فى يناير عام 2017 تم إصدار قانون بإنشاء هيئة عامة اقتصادية مستقلة تسمى “الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمثلث الذهبى” تكون لها الشخصية الاعتبارية العامة، ويكون مقرها بمدينة سفاجا بمحافظة البحر الأحمر، وتتبع رئيس مجلس الوزراء وهى على غرار قانون الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بحيث تمتلك الهيئة صلاحيات وسلطات كاملة بكافة الأنشطة والمشروعات المقامة في نطاق المنطقة دون تدخل من المحافظات التي تقع في نطاقها تلك المشروعات وهذا يؤدى إلى جذب وتحفيز الاستثمارات وتهيئة كافة الأجواء الاستثمارية للمستثمرين .

وتتضح الأهمية الاستراتيجية لمشروع المثلث الذهبى فى كونه مدخلاً رئيسياً لحل مشكلة العلاقة بين النمو السكانى والحيز المكانى وتآكل الأراضى، والتى تعتبر من أهم مشاكل التنمية الإقليمية، إلى جانب استيعاب أعداد كبيرة من السكان حتى عام 2052  .

ويستمد المشروع أهميته من ناحية أخرى، من كونه يتمتع بمنفذ واسع على البحر الأحمر( بين القصير وسفاجا )  مما يعطيه نفاذية لدول الخليج وشرق آسيا وأفريقيا كما أن قربه من منفذى أسوان البرى والنهرى يساعد على سرعة وسهولة اتصاله بوسط وجنوب القارة الإفريقية . 

ثانيا: إمكانات ومشروعات المثلث الذهبي في القطاعات المختلفة

تتمتع منطقة المثلث الذهبي بالعديد من الامكانات التعدينية والطاقات البشرية إلى جانب المزايا اللوجيستية والسياحية والتجارية حيث يتميز هذا المثلث بكثافة الثروة المعدنية غير المستغلة وبتعدد وتنوع موارده فتتوافر به أنواع عديدة من المعادن، فهو يحتوى على خامات الكوارتز بجانب كميات كبيرة من خامات الفوسفات والطفلة الزيتية والقصدير والألمانيت والجبس والحجر الجيرى والتنتايوم .

وتنبع أهمية تلك المنطقة من وجود مناجم مقفلة للذهب بكميات تفوق حجم  إنتاج منجم السكرى وذلك وفقا لدراسات هيئة المساحة الجيولوجية، ولهذا فإذا كان النصيب الأكبر للمشروع يكمن فى المعادن والمواد الخام فيجب ألا يقف نشاط التعدين عند استخراج المعادن فقط  بل يجب أن يمتد إلى أنشطة تصنيعها وتوطين هذه الصناعات داخل الحيز المكاني للمشروع.

يرتكز النشاط التعدينى فى المثلث الذهبى على استغلال أربعة مواد خام أساسية (الفوسفات – الذهب – الرمال الزجاجية – الحجر الجيرى)

جدول رقم (1) حجم الاحتياطى المتاح بالمثلث الذهبي

المادة الخام الاحتياطى  المتاح  بالمثلث الاحتياطى  المتاح  بالدولة
الذهب 2000 طن 5000 طن
الفوسفات 1.1مليار طن 2 مليار طن
الرمال الزجاجية 1.5 مليار طن 5 مليار طن
الحجر الجيرى 230 مليار طن 580 مليار طن

يتضح من الجدول السابق الكم الكبير المتوفر فى المثلث من الذهب والفوسفات والرمال الزجاجية والحجر الجيري، فمثلا الاحتياطى المتاح بالمثلث من خام الذهب يقترب من نصف الاحتياطى المتاح منه فى مصر كلها وهذا بالرغم من حجم المثلث الصغير مقارنة بحجم الدولة وينطبق هذا الأمر على الثلاث خامات الأخرى.

1- المشروعات التعدينية فى المثلث الذهبى

  • مشروع استغلال خام الفوسفات وتصنيعه جنوب طريق قنا – سفاجا وإقامة مصانع للأسمدة (إنتاج حمض الفسفوريك، إنتاج أسمدة فوسفاتية، استخراج خام الفوسفات ومعالجته)
  • صناعة الأسمنت التى تعتمد على استغلال خام الحجر الجيرى وتصنيعه فى شمال جبل الضوى.
  • مشروع إنتاج الزجاج والكريستال والكوارتز ورقائق السيليكون غرب سفاجا واستغلال خام رمال الزجاج.
  • مشروع استغلال خام الذهب شمال مرسى علم لاستخراج خام الذهب ومعالجته وتكريره وتصفيته.

يستهدف المشروع إقامة 44 مصنعا بعوائد تقدر بحوالى 24.5 مليار جنيه سنويا تصنف كالتالي:

  • 16 مصنعا لإنتاج صخور الفوسفات : 8 مصانع تعدين ومعالجة ، 4 مصانع لإنتاج حمض الفسفوريك، 4 مصانع أسمدة فوسفاتية .
  • 14 مصنعا لإنتاج الحجر الجيرى : 10 مصانع تعدين ومعالجة ، 4 مصانع لإنتاج الأسمنت .
  • 10 مصانع فى مجال إنتاج الرمال الزجاجى : 4 مصانع تعدين ومعالجة ، 4 مصانع زجاج وكريستال، مصنعين لانتاج رقائق السيليكون .
  • 4 مصانع لإنتاج الذهب : 3 مصانع تعدين ومعالجة ومصنع تكرير وتنقية .
  • إنشاء من 5 إلى 7 مناطق صناعية في المناطق ( الحمراوين / القصير / مرسى علم / العلاقى / جنوب الشلاتين ) كما سيتم إقامة مجمع للصناعات العطرية والدوائية يُوفر بمفرده 5000 فرصة عمل .

2- مشروعات البنية التحتية (طرق وموانيء)

يهدف المثلث الذهبي إلى إقامة طرق ومحاور لربط مناطق الاستغلال التعدينى بمحاور الطرق الرئيسية وتم توجيه 2.5 مليار جنيه لهذه المشروعات ممثلة فيما يلي:-

  • إقامة شبكة طرق تتمثل بصورة رئيسية فى:
  • استكمال ازدواج طريق سكة حديد قنا – سفاجا
  • استكمال أعمال المرحلة الأولى من طريق الصعيد – البحر الأحمر وازدواج طريق الصعيد – البحر الأحمر
  • ازدواج طريق ساحل البحر الأحمر فى المسافة من القصير حتى مرسى علم.
  • إنشاء طريق جديد فى صحراء شرق النيل امتدادا لوصلة قنا على طريق الصعيد – البحر الأحمر

يوجد طريقان للوصول إلى المثلث الذهبى وهما طريق قنا- سفاجا بطول 164 كم مربع وعرض 5.7 متر وطريق قفط القصير بطول 174 كم مربع وعرض 7.5 متر

وعلى صعيد الموانئ فيتضمن المشروع :

  • إنشاء ميناء سفاجا البحرى بأرصفة متعددة (حاويات وبضائع)
  • إنشاء ميناء أبو طرطور بمحطة صب جاف ومحطة صب سائل ورصيف متعدد الأغراض.

ومن أعمال تطوير الموانئ ما يلى :

  • تطوير ميناء القصير: الذى تم تطويره ليصبح ميناء للركاب والبضائع
  • تطوير ميناء سفاجا : تهدف عملية التطوير إلى تحويله إلى ميناء تجارى وصناعى عالمى من خلال إنشاء أرصفة جديدة جنوب الميناء الحالى بأعماق مختلفة، وتهيئة الميناء لأغراض متعددة ومشروعات خدمات الشحن والتفريغ والنقل البحرى وتأهيله ليصبح ميناء تجارى وسياحى لاستقبال اليخوت والعائمات السياحية الكبرى .
  • تطوير ميناء الحمراوين : بهدف جعله ميناء متكامل مع ميناء سفاجا لتجارة الموارد التعدينية والمواد الاستخراجية المصنعة .

3- المحطة متعددة الأغراض

تُعد المحطة المتعددة الأغراض التى تقع جنوب ميناء سفاجا أحد المشاريع لتطوير منظومة النقل البحرى وفقا لأحدث الطرق العالمية حيث يُشرف على إنشائها ثلاث شركات عالمية متخصصة وقد تم إنشاء هذه المحطة على غرار المنطقة الاقتصادية على محور قناة السويس وتم توجيه 2.5 مليار جنيه لتنفيذها بالفعل.

ومن أعمال التطوير التى تمت فى هذه المحطة إنشاء رصيف بطول ألف متر وعمق 17 متر لاستقبال سفن الحاويات والبضائع العامة وتبلغ مساحة الظهير الخلفى للرصيف 800 الف متر بطاقة استيعابية تصل إلى 3 مليون حاوية واستقبال بضائع عامة بقدر سبعة مليون طن. كما تم إنشاء مركز اقتصادى لوجيستى ضخم شمال غرب سفاجا يشتمل على العديد من الأنشطة التعدينية والاستخراجية ويتكون من مناطق لوجيستية ومراكز للمال والأعمال ومراكز تسوق تجارية وإسكان إدارى وفندقى ومناطق ترفيهية مفتوحة .

4- مشروعات زراعية

تقوم الزراعة باستخدام غابات من محطات الطاقة الشمسية واستخراج المياه الجوفية من آبار يصل عمقها لــ 150 متر حيث إن غالبية الزراعة التى تتم على أرض المثلث الذهبى تكون زراعة شتوية نظرا لدرجة الحرارة التى تتعدى الـــ 50 درجة مئوية .

تم إجراء العديد من التجارب التى أثبتت ضرورة استغلال هذه المنطقة أحسن استغلال ممكن ومن هذه التجارب:

1- تجربة زراعة 35 فدان بزهرة عباد الشمس بتقاوى ألمانية تتميز بغزارة الإنتاج ومواصفات خاصة.

ترجع أهمية هذه التجربة فى أنها ستغطى جزء كبير جدا من احتياج مصر للزيوت حيث كانت تستورد مصر حوالى 97% من احتياجاتها للزيوت.

2 – تجارب قامت على يد المزارعين لتربية أسماك البلطى فى أحواض تجميع المياه الخاصة بالزراعة .

وترجع أهمية هذه التجارب إلى أنها وفرت 40% من التسميد المطلوب للأراضى الزراعية لأنها محملة بمخلفات الأسماك والأعلاف .

5- مشروعات الإسكان والتعمير

يهدف المشروع إلى إيجاد مدن جديدة ممثلة فيما يلي:-

  • مدينة قنا الجديدة: ومن المخطط أن تصبح هذه المدينة قطب نمو ثانوي.
  • مدينة سفاجا: لتصبح مركز اقتصادي صناعي تجاري، كونها المدخل الجنوبي، لمشروع قناة السويس.
  • مدينة القصير: من المتوقع أن تصبح هذه المدينة قطب النمو الرئيسي في هذا المشروع.
  • مدينة أخميم الجديدة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من التجمعات العمرانية.

والهدف هو إيجاد مناطق استثمارية ذات طبيعة خاصة للأنشطة التعدينية والصناعات المرتبطة بها، حيث تصبح جاذبة للاستثمارات المحلية والعالمية.

وفقا للخطط المقترحة، تصل نسبة الإسكان المتوسط ٥٠% من الإجمالي، والإسكان الاقتصادي نسبة ٣٠% من الإجمالي، أما الإسكان الفاخر لن تتجاوز نسبته ١٩%. ويبلغ حجم السكان المتوقع أن تستوعبه منطقة المثلث الذهبي خلال العشرين سنة القادمة نحو 2 مليون نسمة. أما بالنسبة لحجم الاستيعاب من فرص العمل، فتبلغ 480 ألف فرصة عمل، موزعة كالآتي:

  • 305 ألف فرصة عمل في القطاعات الأساسية.
  • 180 ألف فرصة عمل في القطاعات غير الأساسية والمساعدة.
  • و تتراوح نسبة العمالة الكلية بالمثلث الذهبي ما بين ٥٠% إلى ٦٠%، وسيتم الاستفادة من عمالة مدن الصعيد لقربها من المشروع.

6 -المشروعات السياحية

      تنقسم السياحة في منطقه المثلث الذهبي إلىاثة محاور رئيسية:

المحور الأول: المناطق التي تقع علي سواحل البحر الأحمر وهي قاعدة المثلث.

وتعد مدينتي القصير وسفاجا من أهم المناطق التى يتم بها ممارسة السياحة الترفيهية مثل سياحة الغطس والألعاب المائية والسفارى وتسلق الجبال، حيث تتعدد الشواطئ في مدينة سفاجا منها شواطيء المرجان والمعمورة والجديد وعروس البحر وغيرها من الشواطئ، كما تحتوي مدينة سفاجا على أشهر مراكز الغطس العالمية وبما فيها من شعب مرجانية وتنوع نادر للكائنات البحرية .

شرم النجا: هي عباره عن منطقة سياحية تقع على بعد (40) كيلومترات من الغردقة تشتهر برياضة الغوص وتتوافر بها قوارب زجاجية تغوص تحت المياه.

جبل الشايب: أعلى قمه جبلية فى جبال البحر الأحمر حيث إن ارتفاعه (2187 متراً) ويتوافد عليه السياح لممارسة رياضة تسلق الجبال.

المحور الثاني: المناطق الأثرية حيث يوجد في المنطقة أكثر من 30 موقع اثري.

حيث تتمتع منطقة المثلث بتوافر العديد من المزايا حيث يتواجد فى مدينه سفاجا أكثر من 52 قرية سياحية ونسبه الإشغال بها حالياً 80%.

1-القلعة العثمانية بالقصير : تتميز بجمال موقعها المُطل على البحر بشكل مباشر وكانت بداية بناء القلعة فى منتصف القرن السادس عشر خلال حكم العثمانيين فى مصر.

2-الآثار الفرعونية بمدينة فقط ( قنا ) : هناك 45 فدان لأطلال معابد وأساسات معابد ترجع بعضها إلى عصر تحتمس والبعض الآخر إلى العصر البطلمي والرومانى، كما يتوفر طريق قفط قنا المعروف فى الماضى بطريق الحج ويتمتع بالنقوش والرسومات الفرعونية المتوفرة على طريق قنا سفاجا كونه مقصد للرحلات السياحية.

3-معابد الحيطه ودندره: هو المعبد الرئيسي المكرس للإله حتحور ومعبد صغير مكرس للإله إيزريس والبحيره المقدسة وهى المكان الذى يعرف باسم (المصحة)، حيث يبعد معبد دندره (2.5) كم جنوب شرق دندره غرب النيل.

4-السياحه الدينية: هنا العديد من المزارات الإسلامية والمساجد مثل مسجد الفران بالقصير، كما أن هناك العديد من الأديرة مثل دير الانبا بولا، قد بُني الدير فى الربع الأخير من القرن ٤م على موقع الكهف الذى أقام به الأنبا بولا ثمانين عاما قبل وفاته عام ٣٤١م.

المحور الثالث: المحميات الطبيعية وأهم 22 جزيرة في البحر الأحمر

      تشكل المحميات الطبيعية في محافظات قنا وأسوان والبحر الأحمر أحد أهم المقومات السياحية لمنطقه المثلث، ومن هذه المحميات جزر البحر الأحمر وعددها حوالى 22 جزيرة تتميز بتنوع الحياة البحرية والعديد من الطيور النادرة. كما تتميز بامتلاكها شعاب مرجانية بمساحة ٨٧٣ كم مربع من أصل ٣٨٠٠ كم مربع بمحافظة البحر الأحمر ووجود ٣٠٠ نوع من أنواع الشعاب المرجانية المختلفة بطول الساحل وامتلاكها نباتات المانجروف.

1-محميات عُلبة الطبيعية بمحافظة البحر الأحمر: تقع منطقة عُلبة فى الجزء الجنوبي الشرقي من الصحراء الشرقية وتقع جبالها على الحدود المشتركة بين مصر والسودان على البحر الأحمر. وتوجد فى هذه البيئات غالبية الأنواع من الحيوانات والطيور والزواحف والنباتات الطبية المهدده بالإنقراض وتتكون محميات عُلبة من المناطق التالية (جزر البحر الأحمر -غابات المانجروف – منطقه الأبرق – منطقه الدئيب – جبل عُلبة )

2- محمية وادي الجمال (حماطة): تقع المنطقة فى جنوب محافظة البحر الأحمر وتضم قطاع من ساحل البحر الأحمر يبلغ طوله حوالي (60) كم بعمق متوسط يبلغ حوالي (50) كم في جبال الصحراء الشرقية، تتميز بالتنوع البيولوجى، والبيئات الطبيعية وأنواع الكائنات التي تعيش بها من الطيور والسلاحف البحرية.

3-جزيره توبيا البيضات: موقعها في القصير وتبدو شبه مستطيل، تتكون غالبا من صخور رملية مرجانية تتألف منها جزيرة توبيا وطول سواحلها 1.28 كم وتتميز سواحلها بقلة التعريجات ويظهر عند طريقها الشمالي والجنوبي رأسان صغيران وتحيط بها الأطراف المرجانية من كل اتجاه .

4-السياحه الاستشفائية بقرية مينافيل (الرمال السوداء): تشتهر مدينة سفاجا باحتوائها على العديد من الشواطئ ذات الرمال السوداء التى تحتوى على ثلاث مواد مشعة غير ضارة مثل: اليورانيوم، الثوريوم والبوتاسيوم بنسبه (40 %) مع ارتفاع فى كمية أملاح الذهب والمياه ذات الملوحة العالية مما يساعد على علاج الكثير من الأمراض مثل: الروماتيزم، التهابات المفاصل، الصدفية والالتهابات الجلدية المصاحبة للروماتويد.

رابعا: التحديات التي تواجه المثلث الذهبي وسبل مواجهتها

قد تواجه المشروعات القومية الكبرى العديد من التحديات التي تُعيق تنفيذها وتُؤثر على النتائج المرجوة منها. فيما يلي بعض الأمثلة على هذه التحديات:

  • تحديات بيئية

   هناك خوف وقلق شديد من وقوع آثار سلبية على البيئة في منطقة المثلث الذهبى لأن الصناعات المستهدفة فى المنطقة من حفر المناجم واستخراج المعادن لها تأثيرات بيئية وأن المخلفات والانبعاثات والصرف الناتج عنها ملوث للبيئة، حيث تنبعث أهم ملوثات الهواء نتيجة حرق الوقود خلال النشاط الصناعى مثل: ثانى أكسيد الكربون وثانى أكسيد الكبريت وغيرها، وقد ينجم عن هذه المواد الضباب الدخانى والأمطار الحمضية وتحدث تأثيرا على طبقة الأوزون.

  • تحديات تهدد السياحة
  • قد يؤثر تطوير وتوسيع ميناء سفاجا ليصبح ميناء عالمى إلى تدهور الحياة البحرية والتأثير على الثروة السمكية والشعاب المرجانية، مما قد يؤثر سلبا على السياحة القائمة على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر.  
  • تحديات الضغط العمراني على خط ساحل البحر الأحمر

قد يؤدى الضغط العمراني والأنشطة البشرية المصاحبة له إلى تدهور خط ساحل البحر الأحمر، الأمر الذى يتطلب تخصيص مبالغ مالية ضخمة للحد من ذلك التدهور.  

سبل مواجهة التحديات:

  • توفير أراضي صالحة لإقامة مناطق صناعية بجوار مناطق توافر الخامات.
  • التعامل مع منطقة المثلث الذهبي على أنها ليست ذات طبيعة واحدة (مناطق زراعية وصناعية وسياحية) كل منها له أسلوبه في التنمية.
  • رفع كفاءة وفاعلية استغلال الموارد الطبيعية (نطاق الشواطئ) سواء من ناحية التوزيع المكاني أو من ناحية الاستخدام الموسمي للسياحة إلى الاستخدام طوال العام عن طريق الخدمات التي تقدم داخل المشروعات المقامة والوسائل الترفيهية المتعددة التي تدفع إلى إطالة مدة الزيارة مع ضمان عمل المشروعات الشاطئية في ضوء المعادلات والمعايير التخطيطية لضمان عدم تدهور البيئة حتي يتم تقديم خدمة ترويجية مناسبة للسائحين.
  • تطوير وتعظيم الاستفادة من المهرجانات كأداة تسويقية للمنتج السياحي بمنطقة المثلث الذهبي.
  • تنشيط سياحة الترانزيت من خلال السفن العابرة بالبحر الأحمر وذلك عن طريق وضع برامج لزيارات اليوم الواحد وتنشيط سياحة التسوق.
  • الاستفادة من المناطق الأثرية والارتقاء بها وتسويقها بشكل يعود بالربح على الدخل القومي والناتج القومي للقطاع والبلاد بصفة عامة.
  • تحريم الصيد العشوائي وجمع النباتات وتطبيق العقوبات لذلك.
  • توجيه التنمية إلى ظهير المناطق الساحلية لعدم الضغط على الساحل وإهدار القيم البيئة.

وختامــا، إن مشــروع المثلــث الذهبــي يعــد بمثابــة شــريان جديــد لتحقيــق التنميــة المســتدامة وعاصمــة صناعيــة اقتصاديــة جديــدة بصعيــد مصــر، حيث يهــدف إلى إقامــة مشــروعات عملاقــة تعدينيــة وزراعيــة وصناعيــة وتجارية وسياحية. ومن المتوقع أن يحقق هذا المشروع طفرة فى تنمية جنوب الصعيد حيث إنه من المخطــط أن تكــون منطقــة المثلــث الذهبــي نمــوذجا لتعظيــم القيمــة المضافــة للثروة المعدنية التى تزخر بها المنطقة، وذلك من خلال إنشــاء مراكــز لتصنيــع خامــات الثــروة المعدنيــة بــدلا مــن تصديرهــا بصورتهــا الخــام لخدمــة الاقتصــاد القومــي.

 كما أنه من المتوقع أن يحقق فائدة اقتصادية كبيرة لمصر فى علاقاتها الخارجية، خاصة مع الدول الإفريقية، فموقع مصر المتميز ووجودها على ممر التجارة العالمي يؤهل منطقة المثلث الذهبي لتكون منفذا لوجيستيا يخدم مصر وإفريقيا.

The post مشروع المثلث الذهبى في صعيد مصر: الإمكانات والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7903
هجمات الحوثيين وتأثيرها على أمن البحر الأحمر وقناة السويس https://draya-eg.org/2024/04/28/%d9%87%d8%ac%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%88%d8%ab%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%aa%d8%a3%d8%ab%d9%8a%d8%b1%d9%87%d8%a7-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a3%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d9%85%d8%b1-%d9%88%d9%82%d9%86%d8%a7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d9%8a%d8%b3/ Sun, 28 Apr 2024 12:12:21 +0000 https://draya-eg.org/?p=7864 يُعزز من تنامي أهمية البحر الأحمر الاستراتيجية كممر ملاحي دولي رئيسي، النمو السكاني والاقتصادي المتسارع لدوله، هذه الزيادة تدفعها جهود دول الإقليم والدول المستثمرة فيه في تعزيز البنية التحتية للنشاط الاقتصادي. ويُمثل النقل البحري إحدى ركائز التنمية الاقتصادية وشريان الاقتصاد العالمي لمختلف دول العالم حيث ينقل 90% من إجمالي حجم التجارة العالمية، وتقوم الموانئ والأسطول …

The post هجمات الحوثيين وتأثيرها على أمن البحر الأحمر وقناة السويس appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يُعزز من تنامي أهمية البحر الأحمر الاستراتيجية كممر ملاحي دولي رئيسي، النمو السكاني والاقتصادي المتسارع لدوله، هذه الزيادة تدفعها جهود دول الإقليم والدول المستثمرة فيه في تعزيز البنية التحتية للنشاط الاقتصادي. ويُمثل النقل البحري إحدى ركائز التنمية الاقتصادية وشريان الاقتصاد العالمي لمختلف دول العالم حيث ينقل 90% من إجمالي حجم التجارة العالمية، وتقوم الموانئ والأسطول التجاري البحري بدور رئيسي في تسهيل حركة البضائع وتخفيض أسعار النقل، ودفع حركة التطور الاقتصادي والنظام اللوجيستي العالمي، حيث إن التجارة والنقل وجهين لعملة واحدة فزيادة حجم التبادل التجاري وفتح أسواق تصديرية يزيد الطلب على توفير وسائل النقل والاستثمار في البنية التحتية لنظم النقل المختلفة باعتبار النقل الشريان الرئيسي للتنمية.

تُشكل اضطرابات الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن تهديدًا مباشرًا لسلامة الملاحة في قناة السويس، لأنهما يعتبران امتداداً جغرافياً، ومن ثم، يؤدي ذلك إلى انخفاض إيرادات قناة السويس، ممّا يُلحق الضرر بالاقتصاد المصري، لاسيَّما بعدما كثر الحديث عن احتمال انتقال بعض الخطوط الملاحية إلى استخدام طريق رأس الرجاء الصالح، خاصة في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار التي تشهدها دول المنطقة وفي مقدمتها اليمن ودول القرن الإفريقي.

تتناول هذه الورقة البحثية تأثير حالة عدم الاستقرار فى البحر الأحمر على قناة السويس، خاصة فى ظل هجمات الحوثيين، إلى جانب العائد الاقتصادي من مشروع قناة السويس الجديدة، وجهود التطوير والإصلاح المبذولة من قبل الدولة المصرية لتحقيق عوائد أكبر على الاقتصاد القومي، وأخيرا أبرز المشروعات التى تهدد مكانة قناة السويس وأهميتها على الصعيد العالمي.

المحور الأول: هجمات الحوثيين على البحر الأحمر

دفعت هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر، لا سيما تلك المرتبطة بإسرائيل، بعض الشركات إلى تحويل مسار سفنها بعيداً عن قناة السويس ومضيق باب المندب الاستراتيجي، فقد شوهدت هذه السفن وهي تسلك طريقاً أطول حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى أوروبا وآسيا، مما يزيد من وقت عبورها. وعلى الرغم من احتواء الهجمات الصادرة من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن حتى الآن، إلّا أن خطر حدوث تعطيل كبير للتجارة العالمية سيبقى مرتفعاً طالما يتم استهداف السفن التجارية التي تديرها شركات من جنسيات مختلفة.

وقد أدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر إلى تصعيد الحرب في غزة إلى بُعد جديد، ما يعرض التجارة الدولية للخطر في واحد من أهم ممرات الشحن في العالم. ومن المؤكد أن هناك عنصرًا أيديولوجيًا في الهجمات على السفن التجارية، لأنها تسمح للحوثيين بإعادة وضع أنفسهم بوصفهم داعما إقليميا رئيسا للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. لكن هذه الهجمات هي أيضًا جزء من الاستراتيجية السياسية للحوثيين للحفاظ على قوتهم وتوسيعها داخل اليمن.

وتجدر الإشارة إلى أن موجة الهجمات الحالية التى يشنها الحوثيون تركز بشكل أكبر على السفن ذات العلاقات بدولة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن حتى هذه الظاهرة ليست جديدة، فبين عام 2021 وأوائل عام 2023، استهدفت هجمات بالطائرات بدون طيار نُسبت إلى إيران بعض السفن المرتبطة بالجهات الإسرائيلية، بما في ذلك في بحر العرب بالقرب من عُمان. لكن حرب غزة رفعت من مستوى هذه التهديدات، إذ يستخدم الحوثيون أساليب جديدة لاستهداف السفن التجارية.

وعليه، تعرض اليمن في 12 يناير 2024لعدد من الضـربات الجوية الأمريكية والبريطانية، استهدفت مواقع عسكرية يمنية، ويأتي الرد الحوثي بإعلانه أن جميع المصالح الأمريكية والبريطانية أصبحت أهدافاً مشـروعة؛ الأمر الذي يذهب لتفسيرات مختلفة بشأن نية استهداف تلك المصالح في دول الخليج أيضاً وليس فقط تلك التي تـمر عبر البحر الأحمر.

وأعلنت واشنطن عن تشكيل تحالفٍ دولي يضم عشـر دول لحماية أمن البحر الأحمر، يهدف إلى مواجهة هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، وهذا هو الهدف المعلن من هذا التحالف؛ ولكن هناك أهداف غير معلنة ، فيرى خبراء بأن أمريكا تدرك أهمية البحر الأحمر، ومن ثم فإنها تستخدم هذه الهجمات ذريعةً من أجل عسكرة البحر الأحمر، وجعله منطقة نفوذٍ لها، وللسيطرة على باب المندب، وإدخال أكبر قدرٍ من القوات الأمريكية إلى المنطقة، لتسمح لها بالمناورة السياسية وحماية أمن إسـرائيل؛ وذلك عن طريق إيجاد عدو وهمي والاستفادة منه كما حدث في أفغانستان والعراق، ليصبح البحر الأحمر محل تنافسٍ دولي كبير نظراً لوجود 11 قاعدة عسكرية في منطقة القرن الأفريقي القريبة من مدخله، تتبع العديد من الدول المتنافسة إقليمياً ودولياً، الأمر الذي يؤدي إذا ما تفاقمت حدة المواجهات إلى اندلاع حربٍ دولية، وفرض شـروطٍ جديدة على منطقة البحر الأحمر والملاحة الدولية فيه والتي تعده واشنطن أمرا ذا أولويةٍ استراتيجية.

وحال تصاعد هجمات الحوثيين وتعطيل حركة الملاحة في البحر الأحمر، سيتعرض كل من أمن الطاقة العالمي وتجارة البضائع الجافة لضربة أخرى، خصوصاً في أوروبا، التي لا تزال تتعافى من التأثير الهائل للحرب الرسوية الأوكرانية. ووفقاً لـ”إدارة معلومات الطاقة الأمريكية”، زادت عمليات نقل النفط الخام المتجهة شمالاً عبر طريقين رئيسيين إلى البحر الأبيض المتوسط – قناة السويس وخط أنابيب سوميد في مصر – بأكثر من 60% خلال النصف الأول من هذا العام مقارنةً بعام 2020، مع تعافي الطلب في أوروبا والولايات المتحدة في أعقاب جائحة “كوفيد-19”. كما أشارت الإدارة إلى أن العقوبات الغربية المفروضة على قطاع الطاقة الروسي دفعت أوروبا إلى استيراد المزيد من النفط من بعض المنتجين في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، تظهر بيانات شركة “كبلر” أن العراق صدّر ما معدله 743 ألف برميل يومياً إلى أوروبا عبر قناة السويس هذا العام، مقارنةً بـ629 ألف برميل خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وبالتالي، فبينما يبدو تأثير هجمات البحر الأحمر محدوداً حتى الآن، إلّا أنه لا يمكن تجاهل خطر التصعيد أو سوء التقدير الذي قد يتسبب بصدمات أعمق للتجارة. لذلك، تُعتبر حماية حرية الملاحة في هذا الممر المائي أساسية لأمن الطاقة والاقتصاد العالمي ككل. فيُعد البحر الأحمر ممرا مائيا استراتيجيا مهما تتصارع عليه القوى الإقليمية، له أهميةً بارزةً اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، وهو أكثر طرق الملاحة البحرية الدولية حيويةً في العالم؛ الأمر الذي يجعل أي صـراعٍ فيه مثل فتيل حربٍ سيجعل الأمن والسلم الدوليين في حالة تهديدٍ مستمر.

يذهب اقتصاديون إلى أن استمرار الهجمات ستسهم في تردي التجارة العالمية، بل وستضعها في مأزقٍ كبير، كما أنها ستربك شـركات الشحن ليس على المدى القصير بل على المدى الطويل، ما سيوثر سلباً على الاقتصاد العالمي، بل وسيحدث صدمةً جديدة وشيكة على شاكلة الصدمة التي شهدها هذا القطاع الحيوي إبان وباء كوفيد-19.

ومع وصول الصراع في اليمن إلى طريق مسدود بحلول نهاية عام 2022، ومع عدم قدرة الأمم المتحدة على الحفاظ على وقف مؤقت لإطلاق النار على مستوى البلاد، تضاءل الاهتمام الدولي تجاه الصراع في اليمن، خاصة مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، والتي حولت التركيز الدولي وحتى الإقليمي نحو أزمة الطاقة العالمية.

ومع ذلك، استغل الحوثيون هذه الحقائق الجيوسياسية لتعزيز الحكم الاجتماعي والسياسي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. وقبل الهجمات الأخيرة على أهداف عالمية، كان الحوثيون قد بسطوا سلطتهم بشكل رئيس في شمالي اليمن، بما في ذلك صنعاء، ولكنم لم يتمكنوا من السيطرة على مدينة مأرب وحقولها النفطية القيمة، بينما بقي الجنوب تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو هيئة سياسية وعسكرية مستقلة تدعمها الإمارات العربية المتحدة. وبعبارة أخرى، أصبحت أهدافهم داخل اليمن الآن مقيدة، ما يترك لهم مجالاً للتمحور وتأكيد قدراتهم العسكرية على المسرح العالمي.

توفر المفاوضات الخلفية الجارية بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية عنصرًا سياقيًا حاسمًا آخر لفهم هجمات البحر الأحمر. وكجزء من صفقة محتملة مع الرياض، يأمل الحوثيون في إنهاء التدخل العسكري السعودي، وتقليل تهديد الهجمات التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي، والاعتراف بهم بوصفهم سلطة شرعية في اليمن، وتلقي المساعدات الدولية لتجنب أزمة اقتصادية. وقد يعتقد الحوثيون أنه من خلال مهاجمة سفن الحاويات وتشكيل تهديد خطير للنظام الاقتصادي الذي يقوده الغرب، يمكنهم زيادة نفوذهم على طاولة المفاوضات لتأمين أولوياتهم المحلية.

وهنا نشير إلى أن نحو ثمانية دول عربية وإفريقية مطلة على البحر الأحمر وخليج عدن قد أعلنت تشكيل مجلس تعاون أطلق عليه مسمى “مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن”، في ظل تنافس دولي وإقليمي محتدم حول منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر. وتأتي الأهداف والغايات الرئيسية لهذا المجلس من أجل تلبية احتياجات أمنية وعسكرية في ظل السعي لمواجهة التهديدات المختلفة والمتمثلة في انتشار المخدرات، وعمليات الاتجار بالبشر، وتهريب الأسلحة، والتي تنشط فيها إيران بشكل خاص. ومما يضاعف هذه التهديدات قلة الرقابة الأمنية في الكثير من النقاط والمواقع الجغرافية الحساسة نتيجة للعجز المتمثل في محدودية قوات الأمن، ونقص الموارد، وعدم توفر الخبرة التقنية.

يأتي تشكيل هذا التكتل الإقليمي في سياق السعي لتحقيق أهداف اقتصادية واستثمارية من خلال تعزيز التجارة والاستثمار، وتوفير فرص العمل، وتزويد الشباب ببدائل تساهم في صرفهم عن مداولة الأنشطة غير القانونية.

وتسعى المملكة العربية السعودية إلى تطوير حوالي 200 كم على طول سواحل البحر الأحمر، بما في ذلك نحو خمسين جزيرة صغيرة، لتعزيز المبادرات السياحية التي تستهدف جذب الاستثمارات الأجنبية. ويلاحظ كذلك أن موقع مدينة نيوم السعودية المستقبلية سوف يكون داخل هذا الشريط الساحلي، بالإضافة إلى خطة مصرية سعودية لبناء جسر فوق البحر الأحمر، مما سيسهل المرور المباشر للبضائع بين البلدين، ويحقق التكامل بين الأسواق في كلٍّ من شبه الجزيرة وأوروبا.

هناك ضرورة لإيجاد حلول للمشاكل الداخلية للدول المتشاطئة، والعمل على إزالة الآثار السلبية والمخاطر الناتجة من تطورات الأوضاع في البحر الأحمر ومواجهة الاختراقات الأمنية، وإعطاء أولوية لتطوير وتأهيل القوات البحرية والجوية حتى تصبح قادرة على تأمين ساحل البحر الأحمر، وإنشاء قواعد عسكرية مزودة بالطائرات المختلفة لحماية المراسي والموانئ والمنشآت الإستراتيجية. حيث إن النظرة المستقبلية لأمن البحر الأحمر تشير إلى تأمينه من خلال انتهاج دوله المتشاطئة العربية والأفريقية لسياسة مشتركة واضحة، وإفشال كافة المخططات الخارجية للهيمنة على المنطقة وتحقيق أهدافها على المدى القريب والبعيد. وهذا ما تحاول الدولة المصرية القيام به ويتضح من خلال المحور التالي:

المحور الثاني: قناة السويس وفرص التطوير والتهديدات التي تواجهها

تكمن أهميّة قناة السويس الجديدة في العائد الإيجابي الذي تحققه للاقتصاد المصريّ، فقد ساهم في تعزيز الثقة وزيادة قيمة الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال توفير الفرص الاستثماريّة للشركات المحليّة والأجنبيّة، مما أدى لزيادة معدل دخل القناة من العملات الأجنبيّة، وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين، بالإضافة إلى دور المشروع في تسهيل حركة السفن التجاريّة وتوفير أكبر قدر ممكن من الأمان لحمايتها.

وتأتى الإنجازات التى تحققت من إنشاء قناة السويس الجديدة، وفقا لموقع هيئة قناة السويس، على النحو التالي:
1- زيادة القدرة التصريفية للقناة لتصل إلى 97 سفينة معيارية / يوم مقارنة بحوالى 77 سفينة معيارية / يوم قبل افتتاح القناة الجديدة.
2- تحقيق العبور المباشر لعدد 45 سفينة في كلا الاتجاهين مع تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة لقافلة الشمال وضم قافلة الشمال الثانية الى قافلة الشمال الأولى ليكون العبور قافلة شمال واحدة وقافلة جنوب واحده فقط.
3- السماح بعبور السفن حتى غاطس 66 قدم في كلا الاتجاهين ، خاصة فى ظل التزايد المستمر للسفن ذات الغاطس 45 قدم فأكثر، و هو ما ساهم فى جذب السفن العملاقة فى اسطول التجارة العالمى لعبور القناة.
4- تحقيق الأمان الملاحي لوجود قناة بديله تضمن عدم توقف الملاحة عند حدوث أي حادث طارئ.
5- تقليل عدد الانحناءات بالمجرى الملاحى للقناة بما أدى الى زيادة معدلات الامان الملاحى للسفن العابرة للقناة.
6-الحفاظ على المركز التنافسى لقناة السويس عن طريق الاستمرار فى تطوير المجرى الملاحى للقناة فى ظل مشاريع التطوير التى تتم في الطرق المنافسة و البديلة سواء البحرية منها أو البرية .

النتائج المترتبة على مشروع قناة السويس الجديدة والعائد الاقتصادي :
1- زيادة فرص العمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاورة مع إيجاد مجتمعات عمرانيه جديدة .
2-تعظيم القدرات التنافسية للقناه وتميزها عن القنوت المماثلة وذلك نتيجة زيادة معدلات الآمان الملاحي أثناء مرور السفن.
3-زيادة القدرة الاستعابية للقناة وزيادة عدد السفن المارة لتكون 97 سفينة عام 2023 بدلا من 49 سفينة عام 2014 ، فقد رصدت التقارير الملاحية للقناة خلال الأعوام السبعة التالية لافتتاح مشروع قناة السويس الجديدة من (2022- 2016) طفرة كبيرة في أعداد السفن العابرة للقناة حيث عبرت القناة خلال تلك الفترة 135 ألف سفينة مقابل عبور 125 ألف سفينة خلال السبع سنوات السابقة لافتتاح قناة السويس الجديدة في الفترة من (2014-2008) بنسبة زيادة قدرها % 8.

4 – كما نجحت قناة السويس الجديدة في تحقيق المستهدف منها بزيادة الطاقة العددية والاستيعابية للقناة ليصبح متوسط أعداد السفن المارة خلال عام 2022 ما يقرب من 68 سفينة يوميا مقابل 47 سفينة كمتوسط يومي للعبور عام 2014 قبل افتتاح القناة الجديدة حيث زادت بنسبة 44.7 %، كما ارتفعت قدرة القناة على استقبال السفن العملاقة ذات الغواطس الكبيرة بعد زيادة عمق القناة إلى 24 متر.

5- زيادة عائد قناة السويس كما رصدت التقارير الملاحية للقناة خلال الأعوام السبعة التالية لافتتاح (2022-2016)، كما أنها سجلت أعلى إيراد سنوي بلغ 8 مليارات دولار، متخطية بذلك جميع الأرقام التي تم تسجيلها من قبل وأعلى حمولة صافية سنوية قدرها 1.4 مليار طن.

6- كما أنه بلغ إجمالى الحمولات الصافية العابرة للقناة بعد افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة خلال الأعوام من (2022-2016) ما يزيد على 8.2 مليار طن، مقابل 6.2 مليار طن خلال الأعوام (2014-2008) بفارق 2 مليار طن، بنسبة زيادة قدرها 32% وسجلت متخطية بذلك جميع الأرقام التي تم تسجيلها من قبل وأعلى حمولة صافية سنوية قدرها 1.4 مليار طن.

7- أيضا يتضح حدوث زيادة في عدد ناقلات النفط العابرة بقناة السويس بداية من (2022-2019 ).

8- تم تسجيل أعلى معدل تحويل للخزانة العامة تحققه القناة في تاريخها عام (2019-2018 ).

مشروع قناة السويس الجديدة وأهداف التنمية المستدامة 2030

– بعد النظر إلى العوائد الاقتصادية المترتبة على مشروع قناة السويس الجديدة يمكننا القول إن ذلك المشروع قد نجح في تحقيق بعض أهداف التنمية المستدامة مثل :

الهدف السادس : المياه النظيفة والصرف الصحي
فالمخطط الخاص بمشروع أنفاق بور سعيد تضمن إنشاء محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي بقدرة 500 متر مكعب يوميا .

الهدف السابع : طاقة نظيفة وبأسعار معقولة
حيث ان مدينة الاسماعلية الجديدة تعتمد على مصادر الطاقة البديلة المنتجة من الرياح بجانب المصادر الكهربائية.
الهدف الثامن : العمل اللائق والنمو الأقتصادي
نلاحظ أن إنشاء محافظة الاسماعلية الجديدة يوفر أكثر من مائة ألف فرصة عمل على الأقل في فترة البناء، كما أن مشروع قناة السويس الجديدة عمل على زيادة فرص العمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاوره .
الهدف التاسع : الصناعة والابتكار والبنية التحتية
من خلال إنشاء مجموعة من الكباري العائمة وأنفاق قناة السويس
الهدف الأربعة عشر :الحياة تحت الماء 
من خلال إنشاء المشروع القومي للاستزراع السمكي الذي سيعمل على زيادة الثروة السمكية في مصر ، فتم إنشاء500 حوض للأسماك من إجمالي 1380 حوضا من المستهدف حفرها خلال المرحلة الأولى ، وسيتراوح الإنتاج المبدئي بين 10 آلاف و 15 ألف طن، على أن يصل إنتاج المشروع إلى 50 ألف طن بصورة مبدئية خلال دورة الإنتاج.
الهدف السابع عشر : الشراكة لتحقيق الأهداف
تم توقيع بروتوكول في مجال الاستزراع السمكي مع إحدى الشركات الإسبانية، ويهدف إلى توفير منتجات غذائية امنة تسد حاجة المجتمع، كما أجريت دراسات مع اسبانيا وكوريا لإنشاء أكبر مشروع للاستزراع السمكي في الشرق الأوسط.

نقاط الضعف في مشروع قناة السويس الجديدة :
شهد مجرى قناة السويس بعض حوادث تعطل الملاحة إما بسبب جنوح السفن أو حدوث أعطال معينة في محركات السفن أثناء عبورها للقناة، ومن بين تلك الحوادث:
– جنوح ناقلة الحاويات العملاقة «إيفر جرين»، وبعد 6 أيام نجحت القاطرات والكراكات فى تعويمها.
-غرق القاطرة فهد التابعة لهيئة قناة السويس بعد اصطدامها بناقلة غاز نفطي مسال “تشاينا غاز ليجند” (CHINAGAS LEGEND) ترفع علم هونغ كونغ، كانت تمر في منطقة البلاح داخل الممر الملاحي شمال محافظة الإسماعيلية.
-تصادم بين ناقلة الغاز الطبيعي المسال بي.دبليو ليسميس التي ترفع علم سنغافورة وناقلة المنتجات النفطية بوري التي ترفع علم جزر كايمان في المجرى الملاحي بالقناة.
-جنوح سفينة الشحن “شين هاي تونغ” بالقناة، وذلك خلال عبورها القناة ضمن قافلة الجنوب في رحلتها قادمة من السعودية ومتجهة إلى مصر.
-عطل فني في ماكينات ناقلة البترول “سيفيغور”، ونجحت زوارق القطر التابعة لهيئة القناة فى تحريك الناقلة على الفور.
– تعرض سفينة الغاز الطبيعي المسال “جريس إيميليا” لعطل في دفة القيادة في منطقة البحيرات في الجزء الجنوبي لقناة السويس، ولم تتأثر حركة الملاحة بهذا العطل.

ومن العوامل المؤثرة على حركة الملاحة في قناة السويس عدم ازدواج المجرى الملاحي بالكامل، ما يدفع نحو تعطل الملاحة إذا ما تعطلت السفن أو جنحت، إذ يبلغ طول قناة السويس نحو 193 كيلومتراً، منها 113 كيلومتراً مجرى مزدوج ، بالأضافة الي عدة عوامل أخري ليس لها علاقة بمجري قناة السويس أو العمق منها : الأعطال الفنية في محركات السفن، أو القاطرات، أو نتيجة الأخطاء البشرية والمناخية التي تتعلق بتوجّه السفن، فضلاً عن أحجام السفن الضخمة.

الجهود المبذولة من أجل التطوير والإصلاح :
وتتبنى هيئة قناة السويس استراتيجية وطنية حتى 2030، تقوم بالأساس على مشروعات تطوير المجري الملاحي للقناة وخاصة مشروع ازدواج قناة السويس، والتي تتضمن مشروع ازدواج القناة بمنطقة البحيرات المرة الصغرى يبلغ طوله 10 كم من الكيلو 122 حتى الكيلو 132 ترقيم القناة، ويبلغ طول قناة السويس الجديدة المستهدف من المشروع 82 كم بدلاً من 72 كم.

وعلى المستوى التنفيذي لمشروع ازدواج القناة فوفقاً لتقرير صادر عن المركز الإعلامى لمجلس الوزراء فقد تم إزالة 33 مليون م3 من الرمال المشبعة من المياه، لتصل نسبة الإنجاز بأعمال التكريك 53.5%، كما تعمل بالمشروع 4 كراكات.

وتتضمن مشروعات تطوير وازدواج قناة السويس وفقاً للتقرير، مشروع توسعة وتعميق المنطقة الجنوبية للقناة، حيث يبلغ طول المشروع 30 كم من الكيلو 132 حتى الكيلو 162 ترقيم القناة، ويبلغ عرضه 40 متراً شرقاً وعمق 27 متراً بدلاً من 24 متراً، كما يتيح مشروع التطوير زيادة الأمان الملاحي بنسبة 28%، علاوة على زيادة الطاقة الاستيعابية في تلك المنطقة بعدد 6 سفن إضافية.

وتخدم مشروعات التطوير زيادة الطاقة الاستيعابية وتحسين حركة الملاحة وتقليل زمن عبور السفن بها، بالإضافة إلى زيادة عامل الأمان الملاحى فى المنطقة الجنوبية، فضلًا عن زيادة مسطح القطاع المائى وتقليل التيارات الملاحية بالقناة، إلى جانب جهود تطوير قدرات الأسطول البحرى لقناة السويس، حيث تم التصديق على 28 قاطرة جديدة بقوة شد تتراوح بين 9 – 190 طن، وإضافة 2 كراكة جديدة للأسطول البحرى بقدرات تصل إلى 3600 متر3/ساعة للكراكة وهما الأحدث فى الشرق الأوسط، علاوة على وجود الحوض العائم فخر القناة بحمولة 35 ألف طن، ما يعد نقلة نوعية تضيف قدرات جديدة فى مجال إصلاح وصيانة السفن والوحدات البحرية الكبيرة.
التهديدات التي تواجه قناه السويس :

على الرغم من الأهمية القصوى التى تمثلها قناة السويس للتجارة العالمية إلا أن هناك مشروعات وطرق وخطوط نقل تمثل تهديدا صريحاً لمكانة القناة وأهميتها العالمية وقد تسحب من رصيدها في التجارة المارة بها.

أبرز 10 مشاريع تهدد قناة السويس :
1 – طريق الحرير البحري والبري :
أعلنت عنه الصين في مؤتمر دولي عام 2014 ، المشروع له مسار بحري محدد يربط الصين بالعديد من البلدان الآسيوية والعربية والأوروبية والشرقية والغربية، وهو طريق سيمتد برا وبحرا من وسط الصين إلى آسيا الوسطى ثم إلى أوروبا عبر البوسفور عابرا دول كثيرة .

طريق الحرير البحري يبدأ من فوجو فى الصين ويمر عبر فيتنام وأندونسيا وبنجلادش والهند وسيريلانكا وجزر المالديف وشرق أفريقيا على طول الساحل الأفريقي متجها إلى البحر الأحمر مارا عبر قناة السويس إلى البحر المتوسط نحو أوروبا حتى يصل إلى الساحل الصيني.

ينقسم الطريق البرى إلى 6 ممرات:-
ـ الجسر البرى الآوراسى الجديد الذى يمتد من غربى الصين إلى روسيا الغربية.
ـ ممر الصين – منغوليا – روسيا ويمتد من شمال الصين إلى شرق روسا.
ـ ممر الصين – آسيا الوسطى – آسيا الغربية يمتد من غرب الصين إلى تركيا.
ـ ممر الصين – شبه جزيرة الهند ويمتد من جنوب الصين إلى سنغافورة.
ـ ممر الصين – باكستان ويمتد من جنوب غرب الصين إلى باكستان.
ـ ممر بنجلاديش – الصين – الهند – ميانمار ويمتد من جنوب الصين إلى الهند.

2 – خط حديد شونكينغ – دويسبورغ :.
ويسمى أيضاً طريق الحرير الجديد وطريق ‘يوشينو’، وهو أحد أطول الخطوط في العالم بـ 11 ألف كيلو متر، وقد تم إنشائه عام 2011، ويعبر هذا الخط كازخستان وروسيا وبيلاروسيا بولندا. وعلى الرغم من أن حصة السكك الحديدية من السوق ضئيلة إلا أن هذا القطار أسرع بمرتين من النقل البحري وارخص بمرتين من النقل الجوي.

3- خطوط أنابيب النفط الموجودة بالمنطقة العربية والتى تمثل منافساً قوياً لقناة السويس ولحجم تجارة النفط المارة بها. وتتكون هذه الخطوط من 5 أنابيب تصل طاقتها إلى نحو 362.5 مليون طن سنوياً، وفي حالة تشغليها بكامل طاقتها ستؤثر بشكل كبير على كميات النفط المنقولة عبر السويس، خاصة أن نقل النفط عبر خطوط الأنابيب أرخص بكثير من النقل البحري.
1.خط أنابيب العراق (كركوك)– تركيا(جيهان).
2.خط انابيب إسرائيل (إيلات)– فلسطين (عسقلان).
3.خط انابيب (كركوك)– سوريا (بانياس).
4.خط أنابيب العراق – لبنان.
5.خط انابيب السعودية لبنان.

4-مشروع الفاو الكبير:
مشروع الفاو الكبير صُمم ليستوعب 99 مليون طن من الشحن سنويًا ليكون واحداً من أكبر الموانئ المطلة على منطقة الخليج العربي. وليربط الخليج العربي بأوروبا وتبلغ مساحته 54 كيلو متر مربع. ويقع الميناء في منطقة رأس البيشة في محافظة البصرة على الخليج العربي وسيكون من أكبر الموانئ العالمية وسيغير خارطة النقل البحري العالمية لانه سينقل البضائع من اليابان والصين وجنوب شرق آسيا إلى أوروبا عبر العراق.

5 – طريق بحر الشمال :
طريق بحر الشمال هو ممر شحن بحري يربط بين القارتين الآسيوية والأوروبية ويمر عبر كل من روسيا وإيران والهند ويمثل منافسة قوية لطريق قناة السويس حيث إنه أقصر بنسبة 40 % من طريق النقل عبر قناة السويس، وله عدد من المزايا، حيث يسمح مساره المختصر بتقليل ليس فقط الوقت ولكن أيضا تكاليف الوقود، مما يساعد على تقليل الضغط البشري في الشركات المتخصصة بالنقل.

6 – خط أنابيب إيلات – عسقلان :
هو خط أنبوب النفط الإيراني الإسرائيلي بطول 255 كيلو متر تمّ بناؤه في عام 1968 لينقل النفط الخام من إيران إلى البحر المتوسط حيث يمتدّ من رصيف خاص في ميناء عسقلان إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر بقدرة 1.2 مليون برميل في اليوم و 400,000 برميل في اليوم في الإتجاه المعاكس، وبهذا فإن خط أنابيب إيلات يشكل تهديداً مباشراً لحركة نقل النفط عبر قناة السويس.

7– ميناء أشدود :
يقع الميناء في مدنية أشدود الساحلية، على الساحل الشرقي للبحر المتوسط. وهو مشروع إسرائيلي تم إقراره عام2014 ، يُستخدم عادة في إيصال المساعدات إلى قطاع غزة المُحاصَر من قبل إسرائيل.

8 – خط سكك حديد بيسان- إيلات :
أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ خط سكك حديد يربط بين ميناء إيلات بالبحر الأحمر، ومدينة بيسان بفلسطين المحتلة، وصولا إلى ميناء حيفا على البحر المتوسط، وذلك لربط البحر المتوسط والبحر الأحمر، حيث إنه من المتوقع أن يتمكن خط السكك الحديدية هذا من نقل البضائع والركاب بين البحرين في مدة زمنية لا تزيد عن ساعتين.

9 – قناة البحر الميت :
قناة لربط البحر الأحمر بالبحر الميت، تم إقراره سنة 2013 ، وهو مشروع أردني فلسطيني إسرائيلي.

10- ممر الشمال-الجنوب :
وهو الممر الاقتصادي من الهند إلى أوروبا، ويبلغ 7200 كيلومتر، من السفن، والسكك الحديدية، والطرق البرية، ويهدف إلى نقل البضائع، والمرور عبر أراضي الهند، وإيران، وأفغانستان، وأرمينيا، وأذربيجان، وروسيا، وآسيا الوسطى، ثم أوروبا الشرقية.


وقد أوضحت دراسات الجدوى الهندية أن لممر الجنوب – الشمال العديد من المزايا في تكاليف النقل من آسيا إلى أوروبا، وزمنه يتراوح بين 30% و40 ٪ مقارنة بالطريق البحري الحالي، وتم تنفيذ تجربة لاختبار زمن الرحلة به وتبين أن زمن الرحلة من بومباي بالهند إلى سان بطرسبورج قد انخفض من 40 يوماً إلى 20 يوماً، وفي أكتوبر عام 2016 تمت تجربة أخرى بدون السكك الحديدية المقرر إنشاؤها في إيران كجزء من المحور، وتبين أن زمن الرحلة استغرق 23 يوماً من بومباي بالهند إلى سان بطرسبورج.

وختاما، يُشكل البحر الأحمر أحد أهم الممرات المائية الرئيسية للملاحة والتجارة الدولية، حيث تمر به ما يزيد عن 16 ألف سفينة تجارية وسياحية وعسكرية سنوياً، ويتم الاعتماد عليه في استيراد النفط (30 % من إنتاج النفط العالمي)، وكذلك المواد الخام لأوروبا والولايات المتحدة، ويتم عبره تصدير المنتجات الصناعية إلى آسيا وإفريقيا وأستراليا. لذلك أصبح البحر الأحمر القطب الذي تتلاقى فيه مصالح وأهداف مجموعة كبيرة من الدول الإقليمية والعالمية. وتتنافس قوى إقليمية ودولية على إيجاد نفوذ لها في البحر الأحمر لضمان مصالحها، حيث تشكل منطقة البحر الأحمر وخليج عدن أهمية استراتيجية، واقتصادية وأمنية متداخلة يصعب الفصل بينهم، لكل من مصر والسعودية والسودان وإسرائيل، إلى جانب القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران والقوى الدولية مثل الولايات المتحدة والصين. إلى جانب تأثير حالة عدم الاستقرار التي يمر بها الموقف الداخلي ببعض دول الإقليم، فضلا عن ضعف البنية التحتية، وتنامي ظاهرة التطرف في العديد من دول الإقليم، خاصة في الصومال واليمن.

The post هجمات الحوثيين وتأثيرها على أمن البحر الأحمر وقناة السويس appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7864
مشروع الطاقة النووية بالضبعة: الآثار والتحديات https://draya-eg.org/2024/04/13/%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b6%d8%a8%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a2%d8%ab%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa/ Sat, 13 Apr 2024 22:36:34 +0000 https://draya-eg.org/?p=7844 مع التقدم الصناعي المتسارع، يزداد الطلب على الطاقة بشكل ملحوظ، وبات من الواضح أن الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة، مثل البترول والفحم والغاز الطبيعي، لم يعد كافيًا لتلبية احتياجات المجتمعات المتزايدة، فضلا عن المخاطر البيئية الجسيمة التي تُسببها هذه المصادر في مختلف مراحل استخراجها ونقلها وإنتاجها. لذلك، أصبح البحث عن بدائل جديدة للطاقة ضرورة مُلحة. …

The post مشروع الطاقة النووية بالضبعة: الآثار والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
مع التقدم الصناعي المتسارع، يزداد الطلب على الطاقة بشكل ملحوظ، وبات من الواضح أن الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة، مثل البترول والفحم والغاز الطبيعي، لم يعد كافيًا لتلبية احتياجات المجتمعات المتزايدة، فضلا عن المخاطر البيئية الجسيمة التي تُسببها هذه المصادر في مختلف مراحل استخراجها ونقلها وإنتاجها.

لذلك، أصبح البحث عن بدائل جديدة للطاقة ضرورة مُلحة. ومن بين هذه البدائل، تبرز الطاقة النووية كأحد أهم الخيارات الواعدة، فهي ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الكربون في العالم بعد الطاقة الكهرومائية، وفقًا للرابطة العالمية للطاقة النووية، فضلا عن كونها تتميز بكفاءة عالية حيث تنتج كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية، والاستثمار فيها يعنى تطوير صناعة ذات تقنية عالية من شأنها توفير فرص وظيفية مميزة على مدى عقود قادمة.    

وقد أولت الدولة المصرية اهتماما خاصا بمشاريع الطاقة النووية في توليد الكهرباء فى ظل استراتيجيتها الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الكهرباء، إلى جانب توطين تكنولوجيات محطات الطاقة النووية المختلفة فى مصر، حيث شرعت فى بناء مشروع الطاقة النووية بالضبعة الذى يستهدف تطوير وإنشاء محطة لتوليد الطاقة النووية لتلبية احتياجات الدولة المتزايدة من الكهرباء. ويتم تنفيذ المشروع بالتعاون مع شركات ومؤسسات دولية متخصصة في مجال الطاقة النووية. يتضمن ذلك تصميم وبناء المفاعل النووي والبنية التحتية اللازمة لتشغيل المحطة. ويتم التركيز على تنفيذ إجراءات السلامة والأمان العالية لضمان عملية تشغيل آمنة وفعالة .

وفى هذا السياق، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تتناول لمحة تاريخية عن مشروع الضبعة منذ نشأته وصولا إلى مراحل التنفيذ الحالية، إلى جانب أهميته والآثار الإيجابية المتوقعة على مختلف الأصعدة، وتحليل دقيق للتحديات المرتبطة بتنفيذ المشروع، وذلك على النحو التالي:

أولا: بداية مشروع الضبعة النووي

بدأ البرنامج النووي المصري مبكراً ومنذ حقبة الستينيات، وكان بالتعاون مع الجانب الروسي الذى ساعد مصر في إقامة أول مفاعل نووي عام 1961، وكان سيتم التوسع فيه بشكل يجعل مصر ضمن قائمة الدول النووية الكبرى، لكن المشروع توقف بسبب الخلافات بين الرئيس الراحل أنور السادات والسوفييت آنذاك والتوجه المصري نحو الغرب، الأمر الذي قضى تماماً على التعاون الروسي في مجال الطاقة النووية.

وبعد ذلك فكرت الدولة المصرية في بناء مفاعل نووي لتوليد الطاقة السلمية وتحلية مياه البحر أثناء عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتم اختيار منطقة “الضبعة” بمحافظة مرسى مطروح مكاناً للمشروع لعدة أسباب أولها أن “الضبعة” مكان ملائم وآمن جداً، وقريب من المياه والتي يمكن استخدامها لتبريد المحطات النووية. كما أنها أرض مستقرة بعيدة عن حزام الزلزال مما يضمن عدم حدوث ترسيب نووي، إضافة إلى أنها تبعد نحو 60 كيلومتراً من التجمعات السكانية، وبالتالي لن تشكل خطورة بيئية أو مجتمعية، وتم إجراء عدة دراسات أثبتت أن موقع الضبعة هو الأنسب لإنشاء محطة نووية.

 لكن الغرب لم يترك مصر تهنأ بإقامة هذا المشروع بل وقف ضد إقامته بكافة الطرق، إلى جانب رفض عدد كبير من رجال الأعمال المصريين إقامة المشروع في منطقة “الضبعة ” بحجة أن هذا المشروع سيؤثر على السياحة في المنطقة، حيث مارسوا الكثير من الضغوط على الحكومة لتأجيله أو اختيار مكان آخر غير “الضبعة”، لكن الحكومة لم تلتفت لهم وقررت المضي قدماً في بناء المحطة مهما كلفها الأمر .

وبعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد قرر أن يعيد إحياء المشروع خاصة أنه سيحل أزمة الطاقة ويوفر ما يعادل 75% من احتياجات مصر الكهربائية، بل إنه سيوفر فائضاً للتصدير إضافة إلى أن المحطة النووية لن تستهلك وقوداً كثيراً مقارنة بمحطات توليد الكهرباء، لكنها ستنتج أضعاف ما تنتجه محطات التوليد من طاقة كهربائية قد تصل إلى 20 ألف ميجاوات للمحطة الواحدة، ولذلك أصر الرئيس السيسي على تنفيذ المشروع مهما كانت الضغوط الغربية والدولية، ومهما كانت العراقيل، فالطاقة قضية أمن قومي لاسيما فى ظل أزمة الطاقة التي يشهدها العالم حاليًا، والتى تؤكد صحة رؤية  الدولة المصرية واستراتيجيتها بشأن الطاقة وتنويع مصادرها.

أسباب اختيار مصر لدولة روسيا لبناء مفاعل “الضبعة”

كان اختيار روسيا مبنياً على عدة أسس أهمها أنها دولة صديقة منذ عقود طويلة وكانت أول دولة تساعد مصر في بناء البرنامج النووي في الستينيات، كما أنها تعد الدولة الوحيدة التي تقوم بتصنيع مكونات المحطة النووية بنسبة 100%، ولا تعتمد على استيراد مكوناتها من أي دول أخرى قد يكون بينها وبين مصر عداوة تعرض المشروع للاحتكار من قبل هذه الدول، إضافة إلى أن روسيا لها تاريخ طويل في دعم مصر فهي من أنشأت مفاعل أنشاص وساهمت في بناء السد العالي كما أنها دولة قوية يصعب اختراق أمنها، فضلاً عن أن روسيا لم تضع أي شروط سياسية على مصر لإقامة المحطة، وستقوم بتوفير الوقود النووي طوال دورة حياة محطة الطاقة النووية.

كما ستنشئ روسيا مركز معلومات للطاقة النووية وتقوم بنشر ثقافة التعامل معها شعبياً، كما أنها وافقت على أن تقوم مصر بسداد قيمة المحطة بعد الانتهاء من إنشائها وتشغيلها، مع وجود فترة سماح علاوة على إنشاء مصانع روسية في مصر لتصنيع مكونات المحطة محلياً وعقد دورات تدريبية للكوادر المصرية على استخدام التكنولوجيا النووية ونقل الخبرات الروسية للمصريين بسهولة”.

هذا بالإضافة إلى أن الجانب الروسي يضمن تحقيق أعلى متطلبات الأمن والأمان النوويين وخصائص السلامة العالمية التي تشملها تصاميم المفاعلات الحديثة من الجيل الثالث المطور، حيث توفر أنظمة الأمان للمفاعلات الروسية “VVER-1200” مستوى غير مسبوق من الحماية ضد العوامل والمؤثرات الداخلية والخارجية.  

وفى فبراير 2015،  وقع الرئيس عبد الفتاح السيسى مع نظيره الروسي  فلادمير بوتين اتفاقية إقامة أول محطتين نوويتين لتوليد الكهرباء بأرض الضبعة كمرحلة أولى والتى تستوعب حتى 8 محطات نووية.

ويعد مشروع الطاقة النووية في الضبعة مشروعًا طموحًا يهدف إلى توليد الكهرباء من خلال الطاقة النووية. ومن المفترض أن يكون لديه احتياجات معينة لتنفيذه بنجاح، وقد تشمل بعض الاحتياجات المحتملة لمشروع الطاقة النووية بالضبعة التالي:

-موقع مناسب: يحتاج المشروع إلى موقع مناسب يتمتع بالأمان اللازم والبنية التحتية اللازمة لتشييد المفاعل النووي ومرافق الدعم المرتبطة به.

-تراخيص وتصاريح: يلزم الحصول على التراخيص والتصاريح اللازمة من الجهات الحكومية المعنية قبل البدء في بناء وتشغيل المفاعل النووي.

-تمويل: يحتاج المشروع إلى تمويل كافٍ لتنفيذه، حيث تكون تكلفة بناء وتشغيل المفاعلات النووية عالية.

-الخبرة والكفاءة: يتطلب المشروع فريقًا مؤهلاً من العلماء والمهندسين ذوي الخبرة في مجال الطاقة النووية لتصميم وبناء وتشغيل المفاعل النووي بأمان وفعالية.

-الأمان: يجب أن تكون عوامل الأمن والأمان هي أحد الأولويات الرئيسية في مشروع الطاقة النووية، ويجب توفير الإجراءات، والتدابير اللازمة للحد من أي خطر نووي محتمل وللتعامل بفاعلية مع أي حادثة تطرأ.

-إدارة النفايات النووية: يجب وضع خطة فعالة لإدارة النفايات النووية المتولدة من المشروع، بما في ذلك تحديد مواقع آمنة للتخزين المؤقت والنهائي للنفايات النووية.

ثانيا: تنفيذ المشروع النووي

وقعت مصر عقد إنشاء محطة الضبعة النووية مع الجانب الروسي في 2015، لتبدأ رحلة التنفيذ وفق العقود الموقعة بين البلدين، تعتبر هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء (NPPA) هي المالك والمشغل للمشروع، وتعتبر مؤسسة روساتوم (ROSATOM) والشركات التابعة لها المقاولين الرئيسيين. حيث تم الاتفاق على إنشاء والدعم في تشغيل محطة الضبعة النووية من خلال عدد من العقود، وهى العقد الرئيسي (EPC)  للهندسة والتوريد والبناء، وعقد توريد الوقود، وعقد دعم التشغيل والصيانة، وكذلك عقد تخزين الوقود النووي المستهلك.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن “روساتوم” شركة روسية شهيرة في مجال الطاقة، تُقدم حلولًا متكاملة للطاقة النظيفة اعتمادًا على الطاقة النووية، بداية من تصميم وإقامة وتشغيل المحطات النووية، وصولًا إلى التنقيب عن اليورانيوم وتحويله وتخصيبه وتوفير الوقود النووي، وإيقاف تشغيل وتفكيك المحطات النووية القديمة، ونقل مخزون الوقود النووي المستنفد والتخلص الآمن من النفايات النووية، وتعدّ “روساتوم” أكبر شركة عالمية متخصصة في إقامة الجيل الثالث من المحطات النووية، ولديها حاليًا أوامر تصدير بقيمة 133 مليار دولار على مدار السنوات الـ 10 المقبلة.

صرحت شركة “روساتوم” رسميًا بعد إتمام التعاقد مع مصر أن المحطة النووية التي ستبنيها في الضبعة تتكلف 21 مليار دولار أمريكي، وتتوقع أن ينتهي العمل فيها عام 2028- 2029. وبحسب بيان “روساتوم”، فإن مشروع محطة الضبعة النووية هو أكبر مشروع مشترك بين موسكو والقاهرة، لأنه يعزز علاقات مصر وروسيا التقليدية ويرفعها إلى مستوى استراتيجي مهم. وشبهت الشركة تنفيذ هذا المشروع بمشروع السد العالي، الذي أنجزته روسيا خلال الحقبة السوفيتية.

تقضي الاتفاقية المُبرمة بين مصر وروسيا بحصول مصر على قرض روسي يصل إلى 25 مليار دولار مخصص لتنفيذ أعمال محطة الضبعة على 13 دفعة سنوية، خلال الفترة من عام 2016 حتى عام 2028، ويغطى القرض 85% من قيمة تنفيذ الأعمال والخدمات والشحنات، على أن تغطى مصر نسبة الـ15% المتبقية، وقدرها 4.5 مليار دولار تقريباً. وتُلزم الاتفاقية مصر بسداد القرض، بفائدة سنوية 3%، على مدى 21 عاماً، بإجمالي 43 قسطاً متساوياً نصف سنوي، في 15 إبريل و15 أكتوبر من كل عام، بداية من أكتوبر 2029 حتى أكتوبر 2050، وتبلغ القيمة الكلية للقرض بفوائده التراكمية حتى حلول أجل السداد طوال فترة سداده 41 مليار دولار. وينص الاتفاق على أن القرض يستخدم على مدار ثلاثة عشر عامًا، يبدأ سداد الفوائد على القرض فورًا مع استلام أول دفعة من القرض، على أن تبلغ التكلفة النهائية المشروع 28.75 مليار دولار.

يهدف مشروع الضبعة للطاقة النووية إلى بناء أربع وحدات من مفاعلات الماء المضغوط PWR من الطراز الروسي VVER-1200 (AES-2006) بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة، أي بقدرة إنتاجية من الكهرباء تصل إلى نحو 4800 ميجاوات، حيث إن مفاعلات الماء المضغوط PWR التي تم اختيارها هي أكثر أنواع المفاعلات شيوعًا في جميع أنحاء العالم.

مراحل التشغيل:

-المرحلة الأولى: وهي المرحلة التحضيرية، وقد بدأت منذ ديسمبر 2017 وتهدف إلى تجهيز وتهيئة الموقع لإنشاء المحطة النووية، ومدتها من عامين ونصف إلى أربعة أعوام.

-المرحلة الثانية: وتبدأ بعد الحصول على إذن بدء الإنشاء وتشمل كافة الأعمال المتعلقة بالبناء والتشييد وتدريب العاملين والاستعداد للبدء في اختبارات ما قبل التشغيل، ومدة المرحلة الثانية 5 أعوام ونصف.

-المرحلة الأخيرة: وتشمل الحصول على إذن إجراء اختبارات ما قبل التشغيل والتي تشمل إجراء اختبارات التشغيل وبدء التشغيل الفعلي وتستمر هذه المرحلة حتى التسليم المبدئي للوحدة النووية وإصدار ترخيص التشغيل، ومدة اختبارات ما قبل التشغيل 11 شهرا.

تستكمل هيئة المحطات النووية حاليا مرافق البنية التحتية واستكمال بناء مجاورات سكنية للمصريين والأجانب العاملين بالمشروع وإنشاء الرصيف البحري، إلى جانب الانتهاء من المرحلة الأولى من أعمال تسويات الموقع ضمن الأعمال التمهيدية للمشروع والبدء في إنشاء القاعدة الأساسية ومباني وهياكل قاعدة أعمال الحفر، ويرتبط تقدم العمل بالمشروع ارتباطا مباشرا باستخراج التراخيص حيث إن استخراجها يهدف للتأكد من استيفاء كافة الوثائق القانونية اللازمة من أجل أمان المحطة. وعليه فإن الهيئة تقوم باستخراج كافة التراخيص والأذونات المطلوبة المتعلقة بالموقع والإنشاء وتجارب بدء التشغيل والتشغيل والتي تصدر من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية. وفيما يلي حصر بالتراخيص المتعلقة بالمشروع النووي بالضبعة وفقا لبيانات هيئة المحطات النووية المصرية  Nuclear Power Plants Authority – NPPA:

تراخيص محطة الضبعة النووية

المصدر: هيئة المحطات النووية المصرية NPPA  

يحدد قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية الصادر بالقانون رقم 7 لسنة 2010 وتعديلاته بالقانون رقم 211 لسنة 2017 ولائحته التنفيذية متطلبات صارمة للغاية لأمان المنشآت النووية. ويتضمن القانون أيضًا مبدأ أساسي وهو أن الجهة المشغلة للمحطة تتحمل المسئولية كاملة عن الأمان. لذا فإن هيئة المحطات النووية كونها المالك والمشغل المستقبلي لمحطة الضبعة النووية،  هي المسئولة عن ضمان أمان المحطة النووية طوال عمرها التشغيلي، وهيئة الرقابة النووية والإشعاعية هي الجهة الوطنية المنوط بها التحقق من ذلك.

جدير بالذكر أن هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تتولى كافة الأعمال التنظيمية والمهام الرقابية المتعلقة بالأنشطة النووية والإشعاعية في مصر  للاستفادة من الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وذلك على نحو يضمن أمن وأمان الإنسان والممتلكات والبيئة من أخطار التعرض للإشعاع المؤين، ولها في سبيل تحقيق ذلك كافة الصلاحيات اللازمة لتنظيم تلك الأنشطة.

وقد حصرت هيئة المحطات النووية المصرية NPPA  أعمال الإنشاء على النحو التالي:

أعمال الإنشاء بمحطة الضبعة النووية

المصدر: هيئة المحطات النووية المصرية NPPA  

 ثالثا: أهمية مشروع الضبعة النووية والآثار المترتبة عليه

 يعتبر مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية عنصرا هاما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر واستراتيجية رؤية مصر 2030، حيث يحقق المشروع عوائد محلية تطابق مساعي الدولة، فاستراتيجية الطاقة في مصر لعام 2035 تركز على محاور رئيسية ومنها :

-المحور الأول : توفير مصادر التغذية الكهربية عن طريق التكنولوجيا المتطورة الجديدة مثل إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية أو الفحم وأيضا تكنولوجيا الضخ والتخزين، تعظيم دور الطاقات الجديدة والمتجددة، تنويع مصادر الطاقة.

-المحور الثاني: وهو الاستدامة حيث ساهمت الاصلاحات في مجال توفير الطاقة الكهربائية وتوفير الدعم في الاستدامة المالية، مما أثر على تشجيع الاستثمار .

أهمية المشروع:

أ-نمو الناتج المحلي الإجمالي:تسهم مرحلة بناء مشروع الضبعة الجديد في تدفق نحو حوالي 9 مليارات دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لمصر، مما ينعكس على نمو الناتج المحلي المصري.

ب-توليد  طاقة نظيفة: تعتبر الطاقة النووية هي التكنولوجيا الوحيدة المُجربة والتي يمكن أن توفر كهرباء خالية من الانبعاثات حيث تُساهم المحطة في خفض 14 مليون و 500 الف طن سنوياً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نتيجة الوفر الذى تحققه فى الاعتماد على الغاز والذى يصل إلى 7 مليار متر مكعب سنويا، ومن ثَم، تحافظ على موارد الطاقة من بترول وغاز طبيعي حيث إنها ناضبة وغير متجددة بالإضافة إلى تعظيم القيمة المضافة من خلال استخدام البترول والغاز الطبيعي كمادة خام لا بديل لها في الصناعات البتروكيميائية والأسمدة ، كما أنها تلعب دورا مهما فى مواجهة التغيرات المناخية.

ج-تنويع مصادر الطاقة: تخطو الدولة المصرية خطى متسارعة نحو توفير طاقة نظيفة والتوسع فى الطاقة المتجددة بما يحمي اقتصادها من تقلبات أسعار النفط، فمن المقرر أن يُوفر مشروع الضبعة النووي مصدر مستدام للطاقة، حيث إنه في إطار الاستراتيجية المتكاملة للطاقة تهدف الدولة للاعتماد على الطاقة المتجددة بشكل كبير، وتستهدف إنتاج كهربائي من الطاقة المتجددة يبلغ 42% من إجمالي إنتاج الكهرباء في عام 2035 بالمقارنة ب 20% في عام 2022، على أن تكون نسبة 3% للطاقة النووية من إجمالي الطاقة المتجددة.

د-توفير الآلاف من فرص العمل: من المتوقع أن يسهم المشروع في توفير فرص عمل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال الأنشطة المصاحبة للمشروع فكل وظيفة واحدة في تشييد محطة الطاقة النووية تسهم فى توفير10 وظائف في القطاعات ذات صلة، وتكون الأولوية في هذه الفرص لأبناء المنطقة المحيطة بالموقع في الضبعة، فإنشاء محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء سيعمل على توفير العديد من فرص العمل، حيث سيتطلب ذلك وجود عمالة من مختلف التخصصات خلال فترة إنشاء الوحدات الأربع، فمن المتوقع أن تصل إلى 12 ألف فرصة عمل يوفرها المشروع في مراحل الإنشاء و3 آلاف فرصة عمل متوقعة يوفرها المشروع في مرحلة التشغيل إلى جانب آلاف من فرص العمل غير المباشرة التى يوفرها المشروع فى الصناعات المكملة والمساعدة.

هـ-نمو البحث العلمي: يساهم تطور الطاقة النووية في نمو البحث العلمي والقدرات الفكرية القومية، كما يسهم فى تدريب الكوادر المصرية على تكنولوجيات الطاقة النووية ونقل الخبرات الروسية لتشغيل وصيانة وإدارة المفاعلات.

وعليه، فسوف تسهم الطاقة النووية وتكنولوجياتها فى فتح آفاق التعليم والبحث العلمى حيث سيتم التدريب على المفاعل بشكل عملي، والتكنولوجيات الحديثة للطاقة النووية مما سوف ينعكس على رفع المستوى التعليمى فى مجال الصناعات المتعلقة بتكنولوجيا الطاقة النووية ورفع المستوى العام من المعرفة العلمية وإنشاء مراكز لتدريب الطلاب والعلماء النوويين المستقبليين.

وـ-تطوير الصناعة المصرية: يعد تطوير الصناعة المصرية من أهم أولويات المشروع النووي المصري من خلال برنامج طويل المدى لإنشاء المحطات النووية تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلي في كل وحدة جديدة طبقاً لخطة واضحة وملتزم بها، مما سيحدث نقلة ضخمة في جودة الصناعة المصرية وإمكاناتها ويزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية بسبب المعايير الصارمة للجودة التي تتطلبها صناعة المكونات النووية والتي ستنتقل بالضرورة إلى صناعة المكونات غير النووية التي تنتجها نفس المصانع. وتتصاعد نسب المشاركة المحلية للمشروع بدءا من الوحدة الأولى بنسبة 20% وصولا للوحدة الرابعة بنسبة 35 % مما سينعكس على الاقتصاد المصري وتطوير الصناعة.      

ي-النهوض بالاقتصاد المصري بشكل عام :

يؤكد مشروع المحطة النووية على دور مصر كدولة رائدة في منطقة الشرق الأوسط وقارة إفريقيا ووضعها على خريطة الدول المتقدمة في كل المجالات، وسوف يؤدى المشروع إلى تنمية منطقة الضبعة وحدوث رواج اقتصادي بالمنطقة من خلال فتح أسواق جديدة أثناء عمليات الإنشاء والتشغيل، والاستفادة من بناء العديد من الأسواق التجارية لتوفير احتياجات العاملين بالمشروع ولسكان مدينة الضبعة، والاستفادة من تطوير البنية التحتية من مرافق مياه وكهرباء وطرق واتصالات، والاستفادة من تطوير الخدمات الصحية (مستشفى متطور – خدمات اسعاف …) والتعليمية (مدارس متطورة لمختلف الأعمار السنية)، والاستفادة من وضع المشروع النووي على قائمة المزارات السياحية بمصر.

كما يمكن استخدام الطاقة النووية وتقنياتها في عدة مجالات أخرى مثل الطب والزراعة والغذاء وتحلية المياه وغيرها من المجالات المتعددة التى  تسهم فى النهوض بالاقتصاد القومي. 

رابعا: التحديات التي تواجه مشروع الضبعة

ظهرت تحديات سياسية، ومالية، واقتصادية واجتماعية مرتبطة بتنفيذ المشروع ممثلة فيما يلي:-

-واجه المشروع منذ بدايته نزاع على الأرض التي قام عليها المصنع، حيث عارض مواطنو الضبعة المشروع خاصة بعد أحداث يناير 2011 ،  وفي عام 2013 أبرمت الحكومة اتفاق مع سكان المنطقة لبناء مدينة الضبعة الجديدة السياحية بتكلفة 145 مليون دولار، ومع قبول السكان للصفقة سعوا لضمان عدم وجود آثار ضارة منبعثة من محطة توليد الكهرباء.

-عارض رواد أعمال في مجال المنشآت العقارية قيام مشروع الضبعة لطموحهم في تطوير الأرض التي تقع على الساحل الشمالي وتمثل ثروة سياحية، حيث إن السياحة في مصر تعتبر مصدرا رئيسيا للربح وتحتل نسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي ومصدر للنقد الاجنبي. فهناك مخاوف من أن يتسبب المشروع في تثبيط السياحة لوجود المنتجعات السياحية على طول شاطئ الساحل الشمالي لمصر في الاسكندرية وغربا حتى مدينة مرسى مطروح، وتعتبر المدينة جاذبة للسياح المصريين والأجانب.

-تشكل النفايات النووية المتراكمة مخاطر بارزة لتلوث البيئة. وهناك العديد من سجلات الحوادث التي تم فيها التخلص من النفايات النووية بشكل غير صحيح أو معيب أو تم التخلي عنها ببساطة أو غسلها أو سرقتها من المخازن المؤقتة.  عادةً ما يتم إصدار جزء بسيط من هذا النشاط إلى البيئة، حيث تسمح القوانين المنظمة للأنشطة النووية بإطلاق نسب منخفضة من المواد المشعة إلى البيئة المحيطة، كما تؤكد المبادرة أن محطات الطاقة النووية تستخدم كميات هائلة من المياه للتبريد وتسخينها ثم تفريغها في النظم البيئية القريبة من المياه، ما يؤثر سلبًا على جودة المياه وتنوع النظام البيئي.

وهنا يؤكد خبراء الطاقة النووية على التطور الكبير في أساليب معالجة النفايات النووية، حيث أصبحت تتم بطريقة آمنة وعالية التقنية، وتستخدم تكنولوجيا معروفة وموثوقة علمياً، وتلبي المعايير المُقرة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يُؤكد قدرة الدولة المصرية على التعامل مع النفايات النووية بكفاءة وفعالية دون أي مخاطر على البيئة أو الإنسان.

– مخاوف من احتمال التعرض لتسريب إشعاعي أو لانصهار نووي ناتج عن الإهمال أو إساءة معالجة مياه التبريد، ولكن خبراء الطاقة النووية يرون أن محطات الجيل الثالث تتمتع بدرجة عالية من الأمان، وذلك بفضل اعتمادها على التكنولوجيا المتطورة التى تضمن تأمين المفاعل في حالة استشعار أي خطر يتعرض له للمفاعل، ولكن يظل الخطر من إهمال العنصر البشري وعدم اتباعه للإجراءات الصارمة التى تضمن سلامة المحطة.

– هناك مخاوف متعدده بخصوص الاستمرار في بناء المحطة، أبرزها انها قد تكون وجهة مستهدفة للجماعات الإرهابية.

وتسعى الدولة المصرية باستمرار خلال مرحلة التنفيذ لمواجهة هذه التحديات والالتزام بالمعايير الدولية في مجال السلامة النووية والأمان لضمان حماية البيئة والسكان المحليين، واستكمال مراحل التنفيذ ، حيث إنه من المقرر أن يشهد عام 2024 مزيدا من أعمال الإنشاءات والتركيبات للأربع وحدات على التوازي، والانتهاء من استكمال البنية التحتية بالموقع سواء طرقا وشبكات، بالإضافة إلى إتمام الصبة الخرسانية الأولى للوحدة النووية الرابعة، وتركيب مصيدة قلب المفاعل core catcher للوحدة النووية الثالثة والرابعة والتى تعد  أول جهاز كبير الحجم يتم تركيبه فى مبنى المفاعل تم تصميمه بهدف رفع درجة أمان وسلامة الوحدة فى حال حدوث أى أمر خارج إطار التصميم، ويتم توفيره لالتقاط المواد الأساسية المنصهرة «الكوريوم» بمفاعل فى حالة الانصهار غير المحتملة، مما يمنعها من الهروب والتسرب من مبنى الاحتواء.

وختاما، يُعد مشروع الطاقة النووية بالضبعة استثمارا استراتيجيا للدولة المصرية حيث سيسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويعزز استقلالية الدولة فى مجال الطاقة عن طريق تنويع مصادر الطاقة وعدم الاعتماد على مصدر واحد، وتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء فى السنوات القادمة.

The post مشروع الطاقة النووية بالضبعة: الآثار والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7844
شيخوخة السكان.. قراءة في المؤشرات والتداعيات الاقتصادية https://draya-eg.org/2024/03/16/%d8%b4%d9%8a%d8%ae%d9%88%d8%ae%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%83%d8%a7%d9%86-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9/ Sat, 16 Mar 2024 22:21:59 +0000 https://draya-eg.org/?p=7734 تتزايد معدلات شيخوخة السكان فى العالم بشكل أسرع مما كانت عليه فى الماضي خاصة فى الدول النامية، فمن هم فى سن الـ60 عاما فما فوق يُشكلون نحو 12.3% من سكان العالم، وبحلول عام 2050 ستزيد النسبة إلى 22%، وذلك بحسب بيانات صادرة عن صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA . فباتت كل دول العالم تشهد نموا …

The post شيخوخة السكان.. قراءة في المؤشرات والتداعيات الاقتصادية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تتزايد معدلات شيخوخة السكان فى العالم بشكل أسرع مما كانت عليه فى الماضي خاصة فى الدول النامية، فمن هم فى سن الـ60 عاما فما فوق يُشكلون نحو 12.3% من سكان العالم، وبحلول عام 2050 ستزيد النسبة إلى 22%، وذلك بحسب بيانات صادرة عن صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA . فباتت كل دول العالم تشهد نموا فى أعداد كبار السن بين سكانها بفضل الارتقاء بالتغذية والنظافة الصحية والرعاية الصحية والتعليم والرفاه الاقتصادي.

ومن ثَم، يتوقع أن تكون الشيخوخة واحدة من أبرز التحولات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، بل التحدي الديمغرافي العالمي الأكبر، انطلاقا من تأثيرها في جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك سوق العمل والأسواق المالية، والطلب على السلع والخدمات، مثل السكن والنقل والحماية الاجتماعية، فضلا عن البُنى الأسرية والروابط بين الأجيال.

وعلى الرغم من أن تزايد معدلات الشيخوخة فى العالم يُشكل تحديات اقتصادية واجتماعية للمجتمعات كافة، إلا أن وضع سياسات ملائمة للتعامل مع هذه الفئة، وإدماج قضاياهم فى برامج التخطيط واستراتيجيات الحد من الفقر كفيل بتمكين الأفراد والأسر والمجتمعات من مواجهة تلك التحديات بل وحصد مزاياها .

وإيماناً بأهمية فئة كبار السن وتقديراً لجهودهم وإسهاماتهم في عمليات التنمية وبناء المجتمعات، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تتناول واقع شيخوخة المجتمعات، من خلال رصد أبرز المؤشرات المتعلقة بأعداد المسنين عالميا وعربيا ومحليا، إلى جانب توضيح التداعيات الاقتصادية لشيخوخة السكان، وجهود الدولة المصرية لرعاية كبار السن، فضلا عن تقديم مقترحات لدعم احتياجات هذه الفئة الهامة فى المجتمع المصري، وذلك من خلال عدد من المحاور، تأتي على النحو التالي:

  • أولاً: مفهوم الشيخوخة وتقسيماتها العمرية.
  • ثانياً: أطر الوعي المجتمعي المتعلقة بحقوق كبار السن.
  • ثالثاً: مؤشرات وأعداد المسنين عالمياً وعربياً.
  • رابعاً: التداعيات الاقتصادية لشيخوخة السكان.
  • خامساً: مؤشرات الشيخوخة فى مصر.
  • سادساً: جهود الدولة المصرية لرعاية كبار السن.
  • سابعاً: مقترحات لدعم احتياجات كبار السن.

وقد توصلت الورقة إلى عدد من النتائج جاء أبرزها على النحو التالي:

  • في عام 2020، تجاوز عدد الأشخاص البالغين من العمر 60 سنة فأكثر عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات
  • بين عامي 2020 و2030، ستزداد أعداد سكان العالم الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما بنسبة 34%، فبحلول عام 2030، سيصل سدس سكان العالم إلى 60 عاما فما فوق.
  • من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 سنة فأكثر ثلاثة أضعاف بين عامي 2020 و2050 ليصل إلى 426 مليون نسمة.
  • من المتوقع أن يصل عدد السكان في الفئة العمرية 65 سنة فأكثر في المنطقة العربية إلى 71.5 مليونًا بحلول عام 2050.
  • يتوقع أن ترتفع التكلفة الاقتصادية لمرض الخرف إلى 1,7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، أو 2,8 تريليون دولار أمريكي باحتساب الزيادات في تكاليف الرعاية. 
  • بلغ عدد المسنين فى مصر 9 ملايين مسن، بنسبة 8.6% من إجمالي السكان عام 2023.
  • بلغ عدد المسنين المشتغلين نحو 1.2 مليون مسن بنسب 13.4% من إجمالى المسنين.

 أولاً: مفهوم الشيخوخة وتقسيماتها العمرية

يتباين تعريف الشيخوخة من مجتمع لآخر، فتعنى كافة التغيرات البيولوجية والفيزيولوجية التي تصاحب التقدم فى العمر، وتتضمن انحدار القدرات الوظيفية للجسم، وهي حقيقة بيولوجية تحدث خارج نطاق التحكم البشري، وعلى الرغم من أن مفهوم الشيخوخة مفهوم نسبي، إلا أن معظم المجتمعات تعتبر التقدم في العمر وبلوغ سن التقاعد مؤشرًا على الشيخوخة.

ويُستخدم التقويم العمري لمعرفة متى تبدأ الشيخوخة، ويتم تقدير ذلك اعتمادًا على عدة مؤشرات علمية واجتماعية وبيولوجية، يمكن إجمالها على النحو الآتي:

  • العمر الزمني: وتحدده بعض المجتمعات بـ 60 عاماً فأكثر، وبعض المجتمعات الأخرى تحدده بـ 65 فأكثر.
  • العمر البيولوجي: وهي مجموعة التغييرات التي تحدث في الجسد بتقدم السن.
  • العمر المهني: ويأتي بحسب مرحلة وظيفية معينة مثل الوصول إلى منصب كبير أو التقاعد.
  • العمر الوظيفي أو الفيزيولوجي: ويمثل عمر وظائف الجسم وحيوية أجهزته كالقلب والرئة.. وغيرها.
  • العمر العقلي: وهو النمو والضمور العقلي المناسب لفئة المسن العمرية.
  • العمر النفسي: ويتضمن مفهوم الشخص الذاتي عن فئته العمرية.
  • العمر الاجتماعي: وهو ماذا يمثل المسن في مجتمعه وبين أفراده.

هذا وتختلف المصطلحات المستخدمة لوصف كبار السن اختلافاً كبيراً، حتى في الوثائق الدولية، فتشمل: “كبار السن”، و”المسنين”، “والأكبر سنا”، و”فئة العمر الثالثة”، و”الشيخوخة”، فعادة ما يعرف” كبار السن“، من منظور ديمغرافي، ّ بالأشخاص الذين ينتمون إلى فئات عمرية تنطلق ّ من سن الستين، ولدى البعض من سن الخمس ّ والستين، وكثيراً ما يقع الربط بين كبار السن والعمر القانوني للتقاعد، وذلك برغم الاختلاف بين الدول في السن القانونية للتقاعد التي تتراوح بالنسبة الى أغلب العاملين في القطاعين العام والخاص بين الستين والخمس والستين عاما.

كذلك يمكن تعريف المسن بأنه:  “كل إنسان أصبح عاجزاً عن رعاية نفسه وخدمتها، إثر تقدمه في العمر نتيجة مجموعة من التغيرات الجسمية والنفسية، كالضعف العام في الصحة، ونقص القوة العضلية، وضعف القوة الجسمانية والحواس وليس بسبب إعاقة عادية”، ويعرفه آخرون بأنه الشخص الضعيف الذي يحتاج إلى رعاية غيره بسبب امتداد عمره ومرافقة صفات الشيخوخة له من وهن أو ضعف أو عجز.

وفي ظلّ هذه الاجتهادات ّ المتعددة، اخترنا أن نعرف من هو فى سن الشيخوخة، أو كبير السن في إطار هذه الورقة البحثية بأنّه كلّ شخص بلغ ستين سنة فما فوق كما تعتمده منظّمة الصحة العالمية وغيرها من المنظّمات المعنية الأخرى. 

ثانياً: أطر الوعي المجتمعي المتعلقة بحقوق كبار السن

يعانى من هم فى سن الشيخوخة أو كبار السن جملة من المشاكل والصعوبات على كافة المستويات الاجتماعية والصحية والنفسية تجعل من السهل تعرضهم للاعتداء وانتهاك الحقوق والإهمال حال تعرضهم للمرض ، وهو ما استدعى المؤسسات الدولية المعنية إلى اتخاذ عدد من الإجراءات والمواثيق التى تضمن حماية هذه الفئة من الفقر ودمجهم فى تحقيق خطط  تنمية المجتمعات وضمان تمتعهم بالحماية الصحية والاجتماعية.

وتبرز أهم ملامح نضح الوعي المجتمعي على المستوى الدولي بمجال حقوق كبار السن من خلال مجموعة من التوصيات والمؤتمرات الدولية، يأتي من بين أهمها:

  • توصية منظمة العمل الدولية رقم 162 لسنة 1980 بشأن العمال من كبار السن: حيث أكدت هذه التوصية على مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة بين العمال مهما كان سنهم ومنع التمييز في الاستخدام والمهنة مع تحسين ظروف وبيئة العمل بهدف تمكين كبار السن من العمال من الاستمرار في العمل بشروط مقبولة والإعداد للتقاعد وكيفية تيسيره بطريقة اختيارية للعامل.
  • خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة 1982: وقد قامت هذه الخطة على مبادئ أساسية أهمها رفاة السكان جميعاً، مع ضرورة الإنصاف بين كل الفئات العمرية والعمل من أجل مجتمع تتكامل فيه الأجيال من دون الاستغناء عن أي فئة عمرية مع ضرورة الاهتمام بقضايا التزايد السكاني ووضع الخطط والسياسات لمواجهتها.
  • توصية المؤتمر الدولي الذي انعقد في مكسيكو ستي عام 1984: حيث قدم المؤتمر توصية بضرورة قيام الدول بالاهتمام بالمسنين لا باعتبارهم فئة تبعية تلقي بثقلها على المجتمع، بل باعتبارهم مجموعات قدمت معونات كبرى إلى الحياة الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والثقافية لعوائلها وما زالت تستطيع أن تقدم ذلك.
  • إعلان مبادئ الأمم المتحدة حول كبار السن عام 1991: حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 91/46 المؤرخ في 1991/12/16 ثمانية ّ عشر استحقاقاً حيوياً لفائدة كبار السن، تتعلق بالاستقلالية والمشاركة والرعاية وتحقيق الذات والكرامة، ومن ضمن المبادئ ما يلي:
  • أن تتاح لكبار السن فرصة عمل أو فرص أخرى مدرة للدخل، وتمكينهم من المشاركة في تحديد وقت الخروج من القوى العاملة، وكذلك إمكانية الاستفادة من برامج التعليم والتدريب الملائمة.
  • أن يظل كبار السن مندمجين في المجتمع، وأن يشاركوا بنشاط في صياغة وتنفيذ السياسات التي تؤثر مباشرة في رفاههم.
  • أن يستفيد كبار السن من رعاية وحماية الأسرة والمجتمع المحلى، وأن تتاح لهم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية لمساعدتهم على حفظ أو استعادة المستوى الأمثل من السلامة الذهنية والجسمانية ووقايتهم من الأمراض أو تأخير إصابتهم بها.
  • تمكين كبار السن من استغلال إمكاناتهم، وتمكينهم من العيش بكرامة وأمن ودون الخضوع لأي استغلال أو سوء معاملة جسديًا أو ذهنيًا.
  • برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية – القاهرة 1994: فقد مثل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية نقلة نوعية وعالمة فارقة في الفكر السكاني التنموي، وأرسى طرقاً واضحة في التعامل مع القضايا السكانية بشكل جعل من الإنسان الغاية القصوى لكل فعل تنموي، واعتبر أن كل فرد من أفراد المجتمع عضواً مهماً، وشدد على الالتزام الجماعي والفردي باحترام حقوق الإنسان في بعدها الكوني، ونبذ كل أشكال التمييز والتهميش والإقصاء، وعلى الرغم من أن مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية 1994 لم يخصص برنامج عمل خاصاً بكبار السن والشيخوخة، إلا أنه تناول هذه ّ الفئة من منظور ديمغرافي ومن خلال تحول الهيكلة السكانية للمجتمعات وما تفرضه من تحديات، كما استعرض في أحد فصوله دور الأسرة في رعاية مسنّيها، وحمايتهم من كل أشكال العوز والاحتياج، وتأمين حقوقهم في الرعاية الصحية والاجتماعية ّ والنفسية.
  • خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة 2002: حيث تعتبر خطة عمل مدريد المرجع الأبرز للدول في ّ التعامل مع قضايا كبار السن من منظور يتجاوز بعدي التكفل والرعاية إلى البعد الحقوقي. كما أوضحت هذه الخطة الترابط بين قضايا كبار السن من جهة والتنمية الشاملة من جهة ثانية، وشددت خطة مدريد على ضرورة التمكين الاجتماعي والاقتصادي والمجتمعي لكبار السن، وحمايتهم من الفقر والعوز، وعلى تعزيز مشاركتهم في الشأن العام وتفعيل مواطنتهم بالكامل، ووضعت في الاعتبار الاختلافات التي تميزهم من بلد إلى آخر وفي كل بلد.

وتمثلت الأهداف التي دعت خطة مدريد للشيخوخة إلى تحقيقها بمقاربة شمولية في:

  • تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً لكبار السن، والقضاء على كل أشكال العنف والتمييز ضدهم.
  • القضاء على الفقر بين كبار السن.
  • تمكين كبار السن من المشاركة الفعالة في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
  • إتاحة فرص للتنمية الفردية وتحقيق الذات والرفاه مدى الحياة.
  • تحقيق المساواة بين الجنسين من كبار السن وإلغاء كل أشكال التمييز.
  • تأكيد أهمية دور الأسرة، والحفاظ على الترابط والتضامن الوثيق بين الأجيال لتعزيز التنمية الاجتماعية.
  • توفير الوقاية والرعاية الصحية الجيدة والدعم والحماية الاجتماعية لكبار السن.
  • بناء شراكات فيما بين الجهات الحكومية على كل المستويات، وكذلك مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وكبار السن أنفسهم لتنفيذ البرامج وخطط العمل.
  • إعداد البحوث والدراسات العلمية لتعزيز المعرفة بآثار الشيخوخة على الفرد والمجتمع.
  • توصية منظمة العمل الدولية رقم 202 لسنة 2012: فوفقاً لهذه التوصية فإن أرضيات الحماية الاجتماعية هي عبارة عن مجموعة من الضمانات الأساسية من الضمان الاجتماعي، والتي تكفل الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم لجميع المحتاجين مدى الحياة، وذلك في إطار توفير خدمات محددة على المستويات الوطنية لكافة الأفراد وعلى الرأس منهم بلا أدنى شك كبار السن.
  • توصية منظمة الصحة العالمية 2021: حيث أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن عقد للنهوض بالصحة في مرحلة الشيخوخة خلال الفترة (2021- 2030) وقد تولت منظمة الصحة العالمية قيادة عملية التنفيذ، وهو يعد تعاونًا عالميًّا لمدة 10 سنوات لتعزيز حياة أطول وأوفر صحة، ويستند هذا العقد إلى استراتيجية وخطة عمل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، بجانب خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة التي وضعتها الأمم المتحدة، وكذلك يدعم تنفيذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030.

 وبجانب ما سبق من توصيات في مجال حقوق كبار السن على المستوى الدولي ينبغي الإشارة إلى الاستراتيجية العربية لكبار السن التي أقرتها القمة العربية في تونس عام 2019، والتي تهدف إلى أنه بحلول عام 2029 يجب أن يعيش كبار السن من الجنسين برفاه في محيط دامج ويتمتعون بحقوقهم في خدمات جيدة بالمجالين الاجتماعي والصحي، وأقرت الوثيقة حق كبار السن في المشاركة المجتمعية الكاملة من دون أي شكل من أشكال الإقصاء أو التمييز.

ثالثاً: مؤشرات الشيخوخة عالمياً وعربياً

تُشير الإحصاءات الواردة في تقرير الأمم المتحدة لعام 2022، والتقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، والبيانات الواردة في تنقيح 2019 من تقرير التوقعات السكانية في العالم، إلى عدد من المؤشرات الحالية والمستقبلية لأعداد كبار السن يمكن إجمالها فيما يلي:

  • في عام 2020، تجاوز عدد الأشخاص البالغين من العمر 60 سنة فأكثر عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات.
  • بين عامي 2020 و2030، ستزداد أعداد سكان العالم الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاما بنسبة 34%.
  • بحلول 2030، ستتجاوز أعمار سدس سكان العالم سن 60 سنة.
  • بحلول 2050، سيتضاعف عدد سكان العالم البالغ أعمارهم 60 عاما فما فوق من مليار فى عام 2020 إلى 2 مليار عام 2050.
  • مع حلول عام 2050 سيكون 16% من عدد سكان العالم (واحدا من كل ستة أفراد في العالم) أكبر من سن 65 سنة، أي بزيادة 7% (واحداً من كل 11 فرداً) عن عام 2019.
  • من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 سنة فأكثر ثلاثة أضعاف بين عامي 2020 و2050 ليصل إلى 426 مليون نسمة.
  • من المتوقع في أوروبا وأمريكا الشمالية، أن يكون ربع سكانها فوق سن 65 سنة.
  • من المتوقع أن يرتفع عدد الأفراد المصنفين على أنهم في سن العمل الأكبر سناً (55 إلى 64 عاما) من 723 مليوناً في عام 2021 إلى 1075 مليونا في عام 2050، وفي نهاية المطاف إلى 1218 مليوناً بحلول عام 2100.

 وهنا تجدر الإشارة إلى أن آسيا وأوروبا من أكثر المناطق تأثرا بظاهرة شيخوخة السكان، علما بأن القارة الأوروبية تعاني من شيخوخة سكانية أكثر حدة مقارنة بباقي دول العالم نظرا لانخفاض معدلات المواليد بشكل كبير وتراجع معدلات الخصوبة بشكل ملحوظ، ومن ثم فهى الأكثر عرضة لاختلالات في هرمها السكاني.

وفى تقرير لصندوق النقد الدولي صادر فى يونيو 2023، أوضح أن هيكل أعمار السكان قد شهد تغيرا بشكل جذري على مر السنين، كما هو موضح في الشكل رقم (1) حيث ارتفع متوسط العمر المتوقع عالميا ارتفاعا حادا من 66 عاما في عام 2000 إلى 72 عاما في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من 77 عاما بحلول 2050. وفي الوقت ذاته، انخفضت معدلات الخصوبة من واقع 2.7 فى عام 2000 إلى 2.3 فى عام 2023 ، ويتوقع أن تصل إلى 2.1 بحلول 2050. ومن المتوقع أيضا أن ترتفع نسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 عاما فأكثر بمقدار أربعة أضعاف لتصل بحلول 2050 إلى ما يقرب من 5% من إجمالي سكان العالم.

شكل (1) معدل الخصوبة الكلي ومتوسط العمر المتوقع عند الولادة على مستوى العالم

المصدر: صندوق النقد الدولي

وفى هذا السياق، نستعرض الدول العشر الأولى في معدلات الشيخوخة حول العالم، حيث:

  • احتلت اليابان المرتبة الأولى عالميا من حيث نسبة عدد المسنين التي بلغت 29.1% من إجمالي السكان.
  • تأتي إيطاليا في المرتبة الثانية في العالم والأولى بأوروبا في عدد المسنين، بنسبة بلغت 24.5% من عدد السكان البالغ نحو 60 مليون نسمة، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأوروبي “يورو ستات”.
  • جاءت فنلندا في المرتبة الثالثة عالميا والثانية أوروبيا في عدد المسنين بنسبة بلغت 23.6% من عدد السكان البالغ 5.5 ملايين نسمة.
  • ثم تأتى البرتغال فى المرتبة الرابعة عالميا حيث بلغت نسبة المسنين نحو 22% من عدد السكان البالغ أكثر من 10 ملايين نسمة.
  • وتأتى ألمانيا فى المرتبة الخامسة عالميا حيث بلغت نسبة كبار السن نحو 21% من عدد السكان البالغ أكثر من 83 مليون نسمة.
  • ثم تأتى بلغاريا فى المركز السادس وبنسبة 21% من عدد السكان البالغ 6.8 ملايين نسمة.
  • تأتى جورجيا فى المركز السابع حيث بلغت نسبة كبار السن نحو 20% من عدد السكان البالغ نحو 3.8 ملايين نسمة.
  • ثم السويد فى المركز الثامن حيث بلغت نسبة عدد المسنين نحو 20% من بين أكثر من 10 ملايين ساكن.
  • وتأتى لاتفيا فى المركز التاسع بنسبة عدد مسنين بلغت 20% من عدد السكان البالغ 1.8 مليون نسمة.
  • وجاءت كرواتيا فى المرتبة العاشرة بنسبة عدد مسنين نحو 20% من عدد السكان البالغ نحو 4 ملايين نسمة.

وعلى الصعيد العربي، تشهد دول المنطقة نموا سكانيا كبيرا يصنف من بين أسرع معدلات النمو السكاني على مستوى العالم، ويصاحب ذلك ارتفاعا ملحوظا فى أعدد المسنين، إذ تشير بعض التقارير إلى أن معظم الدول العربية إما في طور الشيخوخة أو أتموا مرحلة الشيخوخة، وفي هذا السياق تؤكد بيانات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الإسكوا” ارتفاع عدد السكان في الفئة العمرية 65 سنة فأكثر في المنطقة العربية، بمقدار 16 مليون شخص في السنوات الخمسين الماضية، كما أنه من المتوقع أن يرتفع بأكثر من 50 مليون شخص في العقود الثلاثة المقبلة، ليصل إلى 71.5 مليونًا بحلول عام 2050.

ويوضح الشكل رقم (2) أن الشيخوخة قادمة في الدول العربية خلال العقود القادمة، ففي عام 1970 بلغت نسبة كبار السن (65 سنة فأكثر) نحو 4% من إجمالي السكان في الدول العربية، وارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 5% عام 2020، ومع ذلك فمن المتوقع أن تتضاعف هذه النسبة لتصل إلى 11% عام 2050.

شكل (2) توزيع السكان وفقا للفئات العمرية فى الدول العربية خلال الأعوام (1970 و 2020و و2050)

 رابعاً: التداعيات الاقتصادية لشيخوخة السكان

تتصدر مشكلة شيخوخة السكان اهتمامات العديد من الاقتصادات الكبرى نظرًا للآثار السلبية التي من المحتمل أن تحدثها هذه الظاهرة والتى وصفها صندوق النقد الدولي على أنها “التحدي الديمغرافي العالمي الأكبر”، وحذر من تأثيراتها السلبية على النمو الاقتصادي للدول.

وتأتي أهم التداعيات الاقتصادية لارتفاع معدلات الشيخوخة على النحو التالي:

  • تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي: حيث أوضح صندوق النقد الدولي أن نمو الناتج المحلي الإجمالي يتباطأ، مع انخفاض القوة العاملة والنمو السكاني؛ الأمر الذي يثير بعض القلق في العديد من دول العالم ومنها اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
  • انخفاض عدد السكان في سن العمل، مما يؤدي إلى نقص أعداد الموظفين المؤهلين، وينتج عن ذلك عواقب وخيمة تشمل انخفاض الإنتاجية، وارتفاع تكاليف العمالة، وتأخر توسع الأعمال التجارية، وانخفاض القدرة التنافسية الدولية.
  • ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، فسوف تحتاج الدول التي تشهد هذه الظاهرة لتخصيص المزيد من الأموال والموارد على نظم الرعاية الصحية، وفي حين يمثل الإنفاق على قطاع الرعاية الصحية جزءاً من الناتج المحلي الإجمالي في معظم الاقتصادات المتقدمة، فمن الصعب زيادة الإنفاق على هذا القطاع مع ضمان عدم تأثر وتدهور باقي القطاعات، إضافة إلى معاناة قطاع الرعاية الصحية من نقص العمالة والمهارات، ومع زيادة الأمراض المزمنة صار من الصعب تلبية الأعداد المتزايدة من السكان.
  • زيادة معدل الإعالة، حيث سوف تعتمد الدول ذات الكثافة السكانية المتقدمة في العمر على أعداد صغيرة من العاملين لتحصيل الضرائب منهم وإنفاقها على الرعاية الصحية ذات التكلفة المرتفعة والمعاشات التقاعدية، ويشكل ذلك مصدر قلق كبير بالنسبة للدول الصناعية المتقدمة.
  • حدوث تغيرات في الاقتصاد، فالاقتصادات التي لديها نسبة كبيرة من كبار السن تختلف في اتجاهاتها عن تلك التي لديها نسبة أعلى في المواليد وفي السكان في سن العمل، فالأولى تؤدي إلى زيادة الطلب على الرعاية الصحية ودور المسنين، وسوف تواجه الاقتصادات تحديات الانتقال إلى أسواق تسيطر عليها السلع والخدمات المرتبطة بكبار السن.
  • تقلص نسبة الأموال المتاحة للاستثمار بسبب ارتفاع نسبة الأموال المقدمة للمعاشات.
  • تحول جانب كبير من السكان من منتجين إلى مستهلكين، مما يؤثر بشكل كبير على قدرات المجتمع الادخارية.

وشكل رقم (3) يوضح الأنماط العمرية للاستهلاك والكسب، حيث إن من تتراوح أعمارهم بين 25 و59 يكسبون أكثر مما يستهلكون، فى حين يستهلك كبار السن أكثر مما يكسبون، وذلك كما ورد فى دراسة بعنوان ” شيخوخة السكان” أعدها كل من رونالد لي، أستاذ بكلية الدراسات العليا فى جامعة كاليفورنيا، وأندرو ميسون، أستاذ الاقتصاد بجامعة هاواي.

شكل (3) الأنماط العمرية للاستهلاك والكسب

 وهنا تجدر الإشارة إلى أن مرض الخرف – وهو واحد من أخطر الأمراض التى تُصيب كبار السن وتؤثر على حياتهم وقدرتهم على أداء المهام المختلفة – له تداعيات سلبية على اقتصاد الدول، حيث كلف انتشار هذا المرض بين المسنين الاقتصادات على مستوى العالم فى عام 2019 نحو 1,3 تريليون دولار أمريكي، حيث يرجع نحو 50٪ من هذه التكاليف إلى الرعاية التي يوفرها مقدمو الرعاية غير الرسميين (مثل أفراد الأسرة والأصدقاء المقربين)، الذين يقدمون الرعاية والإشراف لمدة 5 ساعات في المتوسط يوميًا، ويتوقع أن ترتفع التكلفة إلى 1,7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، أو 2,8 تريليون دولار أمريكي باحتساب الزيادات في تكاليف الرعاية. 

كما أوضحت منظمة الصحة العالمية في أحدث تقاريرها أن التكلفة السنوية لرعاية مرضى الخرف تقدر في العالم بنحو 818 مليار دولار أمريكي، ويتعلق حوالي 85% من هذه التكلفة برعاية الأسر والرعاية الاجتماعية وليس بالرعاية الطبية، ومن المتوقع أن ترتفع التكاليف السنوية لرعاية الأشخاص المصابين بالخرف إلى ملياريْ دولار أمريكي بحلول عام 2030.

 وبحسب تعريف منظمة الصحة العالمية، فإن مرض الخرف هو متلازمة يمكن أن يسببها عدد من الأمراض التي تتلف بمرور الوقت الخلايا العصبية وتتلف الدماغ، مما يؤدي في العادة إلى تدهور الوظيفة الإدراكية (أي القدرة على التفكير) على نحو يتجاوز ما يمكن توقعه من النتائج المعتادة للشيخوخة البيولوجية.

 وإجمالاً يمكن سرد الحقائق حول مرض الخرف، حيث:

  • يعاني حاليًا أكثر من 55 مليون شخص في العالم من الخرف، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى نحو 78 مليون بحلول عام 2030، كما يمكن أن يصل لنحو 139 مليون بحلول عام 2050، والجديد بالذكر أن أكثر من 60٪ من المصابين بمرض الخرف يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وكل عام، وبشكل دوري يُسجَّل سنوياً ما يقرب من 10 ملايين حالة جديدة حول العالم.
  • ينتج الخرف عن مجموعة متنوعة من الأمراض والإصابات التي تؤثر في الدماغ فمرض الزهايمر هو أكثر أنواع الخرف شيوعًا وقد يؤثر على نحو من 60-70٪ من الحالات.
  • يعد الخرف في الوقت الراهن السبب الرئيسي السابع للوفاة وأحد الأسباب الرئيسية للإعاقة والاعتماد على الآخرين بين كبار السن على مستوى العالم.
  • تتأثر النساء بالخرف بشكل غير متناسب مع من سواهم، إذ تعاني النساء من ارتفاع عدد سنوات العمر المعدلة باحتساب مدد العجز، والوفاة بسبب الخرف، ولكنهن في الوقت ذاته يغطين 70٪ من ساعات الرعاية المقدمة للأشخاص المصابين بالخرف.

 خامساً: مؤشرات الشيخوخة فى مصر

      كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير حديث عن  أرقام مهمة حول المؤشرات الخاصة بأعداد وسمات كبار السن فى مصر حتى شهر يوليو 2023 يمكن إجمالها فيما يلي:

– بلغ عدد المسنين فى مصر 9 ملايين مسن، بنسبة 8.6% من إجمالي السكان عام 2023.

– بلغ عدد المسنين الذكور 4.5 مليون نسمة بنسبة 8.3% من إجمالى السكان الذكور بينما بلغ عدد المسنات الإناث 4.5 مليون نسمة بنسبة 8.9% من إجمالى السكان الإناث.

– توقع البقاء على قيد الحياة 68.7 سنة للذكور و73.7 سن للإناث عام 2023.

– بلغ عدد المسنين المشتغلين 1.2 مليون مسن بنسب 13.4% من إجمالى المسنين.

– 48.7 % من المسنين المشتغلين يعملون فى مجال الزراعة وصيد الأسماك ، 18.6% يعملون فى نشاط تجارة الجملة والتجزئة.

– بلغت نسبة الأمية بين المسنين 53.2% عام 2022 (39.6% من اجمالى ذكور المسنين ، 67.9% من إجمالى إناث المسنات) ،بينما كانت نسبة الحاصلين على مؤهل جامعى فأعلى بين المسنين 10.7 % عام 2022 (14.5 % من اجمالى ذكور المسنين ، 6.5 % من اجمالى اناث المسنات).

– بلغت نسب عقود الزواج بين المسنين 2.2% من إجمالى العقود.

– بلغت نسبة اشهادات الطلاق للمسنين 10.4% من إجمالى اشهادات الطلاق.

 سادسا: جهود الدولة المصرية لرعاية كبار السن

شهدت السنوات العشرة الأخيرة اهتماماً غير مسبوقا من قبل الدولة المصرية فى الاهتمام بالفئات الأولى بالرعاية وفى مقدمتها كبار السن، إذ ألزمت الدولة الحكومة دستورياً وتشريعياً بحماية كبار السن، وتمكينهم مع وضع خطة تنفيذية تضمن تحقيق هذا الالتزام، ويمكن عرض أبرز هذه الجهود على النحو التالي:

  • دستور 2014: تنص المادة 83 من دستور عام 2014 على أن “الدولة تلتزم بضمان حقوق المسنين صحيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، وترفيهيًا وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة. وتراعي الدولة في تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين، كما تشجع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون”.
  • وافق مجلس النواب فى فبراير 2024 على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن “رعاية حقوق المسنين” والذى جاء تفعيلا لنص المادة 83 من الدستور، والذى يهدف إلى حماية ورعاية حقوق المسنين وضمان تمتعهم بجميع الحقوق الاجتماعية والسياسية والصحية والاقتصادية والثقافية والترفيهية وغيرها، وتيسير تعاملات المسنين مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، وإدراج حقوق واحتياجات المسنين فى برامج وسياسات مكافحة الفقر والحد منه، وبرامج التنمية المستدامة، فضلا عن توفير الرعاية الوقائية والعلاجية الجيدة وفقًا لقوانين وقواعد التأمين الصحى، وإنشاء “صندوق رعاية المسنين” بهدف تعزيز حقوق وحريات المسنين وتنميتها وحمايتها وترسيخ قيم المساواة وتكافؤ الفرص، وتقديم الدعم لهم فى كافة المجالات.
  • تضمنت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021 بنوداً خاصة بحقوق كبار السن والتي تستهدف توسيع برامج الحماية الاجتماعية الممنوحة للمسنين وزياد المخصصات المالية المتاحة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية الحكومية وتعزيز التفتيش عليها وتعزيز حصول كبار السن على الرعاية الصحية المناسبة وتشجيع منظمات المجتمع المدني على المشاركة فى صياغة السياسات الخاصة بهم وغيرها من البنود التي تضمن حماية كبار السن وتمكينهم على كافة المستويات.
  • قامت الدولة بتنفيذ خطة شاملة لإحلال وتجديد مراكز خدمات التأهيل الخاص بالمسنين فى فترة ما بعد الرعاية الطبية وقبل الرعاية المنزلية، فضلاً عن تقديم خدمات الرعاية الطبية للمسنين فى التخصصات المختلفة بالعيادات ومتابعة الأمراض الشائعة وتوفير الأدوية المختلفة وتقديم التوعية الصحية وتوفير أليات التعامل مع الحالات الطارئة.
  • الانتهاء من الإصلاح التشريعي لنظام التأمينات الاجتماعية والمعاشات بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية رقم 48 لسنة 2019، والذي أعطى كبار السن وأصحاب المعاشات العديد من المزايا والمكتسبات المالية والمعنوية.
  • منحت الدولة معاشاً ضمانياً لكبار السن ممن لا يتقاضون معاشا تأمينيا وليس لهم دخل، كما استحدثت الحكومة برنامج ” كرامة ” عام 2015 والذي يهدف إلى مد مظلة الحماية الاجتماعية ليشمل كبار السن بتوفير حياة كريمة لغير القادرين منهم على العمل، إذ يمنح البرنامج معاشا للمسنين بداية من عمر الـ 65 أو لمن يعانون عجزاً.
  • إنشاء دور رعاية لكبار السن البالغين من العمر 60 عاما ولا يجدون الرعاية داخل أسرهم الطبيعية بسبب أو لأخر أيا كان مستواهم المادي أو الصحي
  • افتتاح أندية رعاية صحية نهارية للمسنين يتم من خلالها تقديم خدمات مختلفة لكبار السن، فضلاً عن مكاتب خدمة المسنين بالمنازل ووحدات للعلاج الطبيعي مخصصة لكبار السن.
  • افتتاح مكاتب خدمة المسنين بالمنازل، وافتتاح وحدات للعلاج الطبيعي لكبار السن.

هذا بالإضافة إلى جهود وزارة التضامن الاجتماعي الأخرى حيث:

  • أنشأت الوزارة في عام 2017 لجنة عليا لرعاية المسنين (بموجب القرار رقم 432) برئاسة وزير التضامن الاجتماعي، وتهدف تلك اللجنة إلى: وضع خطة متكاملة لرعاية كبار السن، وتنظيم وتنسيق برامج الرعاية طويلة الأجل التي تطلقها الوزارات والوكالات الأخرى، وتسهيل المشاركة الاجتماعية بين كبار السن، وقد قامت اللجنة العليا لكبار السن بطرح رؤية حول قضايا المسنين تضمنت عدة محاور للعمل؛ من بينها توفير رعاية صحية شاملة للمقيمين بدور رعاية المسنين، وخلق مجتمع واعٍ بقضايا المسنين، وكذلك إتاحة فرص ترفيهية وثقافية وفنية لكبار السن، وإقامة دور مسنين لائقة، ومهيأة لهم، إضافة إلى تقديم خدمة عالية الجودة داخل تلك الدور وإعداد مسنين متطوعين ومشاركين في المجتمع.
  • خدمة “رفيق المسن” والتي أعلنت عنها وزارة التضامن الاجتماعي 2019 بمقابل مادي؛ لرعاية المسنين داخل منازلهم في المحافظات المستهدفة للمشروع وهي: (القاهرة- الجيزة- القليوبية- الإسكندرية)، ويهدف المشروع إلى الحفاظ على الترابط الأسري من خلال توفير الرعاية المنزلية للمسن داخل منزله ومع أسرته، وتوفير البديل عن الرعاية المؤسسية للمسن، وقد تم تدريب المرافقين بواسطة متخصصين في مجالات العلاج الطبيعي والرياضة للمسنين، وقياس العلامات الحيوية للمسن والإسعافات الأولية، وديناميكية تحريك المسن، وأجهزة الجسم والأمراض الشائعة، والصحة وتغذية المسن، والرعاية النفسية والاجتماعية للمسن.
  • كما أصدرت الوزارة مبادرة “البطاقة الذهبية” الجديدة، وتُمثل ميزة مجانية تعفي جميع كبار السن (الذين يتجاوز عمرهم 70 عامًا) من تكاليف النقل العام وذلك في عام 2021.
  • مبادرة “بينا”: والتي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي؛ لرفــع جـودة الخــدمـات الـمـقـدمـة بمـؤسـســات الـرعــايـة الاجتماعـيـة؛ مثل، دور الأيتام، والمسنين، مـن خـلال تشـجيـع الـمــواطنـيـن علـى التـطـوع وتفـعـيـل دور المراقبـة المجـتـمعـيـة وتـطـويـر مـؤســسـات الـرعـايـة الاجـتمـاعـيـة، وتتمثل أهدافها الاستراتيجية في رفع جودة خدمات الرعاية الاجتماعية، وتشجيع المواطنين على التطوع، ودعم مفهوم الرقابة المجتمعية.
  • كما وفرت وزارة التضامن الاجتماعي برنامج “حماية كبار بلا مأوى “، للتعامل مع عدد كبير من حالات كبار السن سواء كان الشخص بلا مأوى، متسول، مريض نفسي أو عقلي، وفى سياق هذا البرنامج تم دمج عدد من المسنين مع أسرهم أو مع مؤسسات رعاية وتقديم خدمات للمشردين من كبار السن تشمل خدمات صحية وتعليمية ووجبات وبطاطين ودعم نفسي واجتماعي من خلال 17 وحدة متنقلة و19 مؤسسة تم تطويرها خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
  • وفي عام 2019 وتزامناً بالاحتفال باليوم العالمي للمسنين، أصدر بنك ناصر الاجتماعي شهادة ” رد الجميل ” المخصصة لكبار السن، وهي شهادة من فئة 1000 جنيه ومضاعفاتها بحد أقصى مليوني جنيه للشخص الواحد ويستحق منها عائد سنوي يقدر بــــــ 10.75% أو عائد شهري 10.25% ويتم احتساب العائد على الشهاد من اليوم التالي للإيداع كما يحق للعميل استرداد قيمة الوديعة بعد 6 شهور بدون خصم.
  • كما أعلن بنك ناصر الاجتماعي مطلع أكتوبر 2023 طرح أوعية ادخارية ذات عائد تنافسي مميز، مثل شهادة «رد الجميل» للعملاء فوق 60 عاماً، إلى جانب طرح شهادة بأعلى عائد في السوق المصرفي، يبلغ 66%، لمدة 3 سنوات، يصرف في نهاية المدة، بحسب الموقع الرسمي لبنك ناصر.

 سابعا: مقترحات لدعم احتياجات كبار السن

على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية لرعاية كبار السن، إلا أنه يمكن بذل المزيد من الجهود ووضع المزيد من الخطط لرعاية هذه الفئة الهامة من المجتمع المصري. وتوصى هذه الورقة بما يلي:  

  • إنشاء مجلس قومي لرعاية المسنين يتبنى وضع خطط وبرامج وأنشطة تتفق مع الاحتياجات الفعلية للمسنين في ضوء سياسة عامة لرعاية المسنين بمشاركة كافة الأجهزة والقوى المجتمعية.
  • العمل على تعزيز مشاركة كبار السن فى مختلف المجالات وتشجيع أصحاب العمل على توظيفهم، لاسيما وأن العديد من الدراسات قد أشارت إلى أن هذه الفئة لديها قدرة كبيرة على الإنتاجية حال توفير فرص عمل تتناسب مع خبراتهم ومهاراتهم وأعمارهم.
  • إطلاق حملة إعلامية على وسائل الإعلام كافة بهدف رفع الوعي بحقوق كبار السن وحمياتهم وتمكينهم وكيفية الاستفادة من خبراتهم فى تنمية المجتمع، ومن ثم تغيير الصورة النمطية السلبية عن كبار السن في سوق العمل.
  • تهيئة بيئة تمكينية لكبار السن لممارسة العمل التطوعي بمنظمات المجتمع المدني بما يضمن تمكينهم ومكافحة الاستبعاد الاجتماعي.
  • العمل على توسيع مشاركة مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية لتقديم خدمات أفضل لكبار السن.
  • زيادة المخصص المالي فى ميزانية الدولة ووزارة التضامن الاجتماعي لرعاية كبار السن حتى يمكن تأدية الخدمات والبرامج والأنشطة بشكل أفضل واستيعاب الأعداد المتزايدة من كبار السن.
  • توفير قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة وكافية عن المسنين وأعدادهم وأعداد المؤسسات التي تخدمهم – وتوزيعها الجغرافي – بشكل يسهم فى وضع خطط دقيقة لخدمات وبرامج وأنشطة رعاية كبار السن.
  • تخصيص خط ساخن تكون مسئولة عنه وزارة الداخلية والتضامن للإبلاغ الفوري عن أي حالات تهدد أمن وسلامة كبار السن والتعامل معها فورا.
  • العمل على تدريب مقدمي الخدمة لكبار السن بشكل مستمر وزيادة وعيهم بأمراض المسنين والشيخوخة والخرف من أجل تقديم خدمة أفضل وتتسم بالحرفية والمهارة.
  • رفع المعاشات التقاعدية لكبار السن بصورة تتناسب مع احتياجاتهم ومتطلبات الحياة.

المصادر:

  • عبير محمد رفاعي (2022)، الادماج الاجتماعي لكبار السن كمدخل لتفعيل الشيخوخة النشطة، كلية الآداب، جامعة بورسعيد، ع 20
  • سماء محمد عمارة (2022)، حقوق المسنين بين الواقع والمأمول، كلية الحقوق، جامعة طنطا.
  • عبد الخالق عفيفي (2010)، مقدمة فى الرعاية الاجتماعية المعاصر، مكتبة 6 أكتوبر للطبع والنشر.
  • سامية كرليفة (2022)، الجهود الدولية لحماية حقوق المسنين من خلال المنظمات الدولية، المؤتمر العلمي الدولي السابع، كلية الحقوق، جامعة طنطا.
  • “الشيخوخة في ضوء التغيرات الديموغرافية العالمية”، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، سبتمبر 2022.
  • “الاستراتيجية العربية لكبار السن”، موقع صندوق الأمم المتحدة للسكان.
  • المسح الصحي للأسرة المصرية 2021، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
  • الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية.
  • الموقع الرسمى للبنك الدولي.
  • الموقع الرسمى لوزارة التضامن الاجتماعي.
  • الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

The post شيخوخة السكان.. قراءة في المؤشرات والتداعيات الاقتصادية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7734
منظومة المعاشات فى مصر..حقائق ومكتسبات https://draya-eg.org/2023/10/19/%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d8%a7%d8%b4%d8%a7%d8%aa-%d9%81%d9%89-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%ad%d9%82%d8%a7%d8%a6%d9%82-%d9%88%d9%85%d9%83%d8%aa%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%aa/ Thu, 19 Oct 2023 14:50:50 +0000 https://draya-eg.org/?p=7297 تُعتبر نظم المعاشات أحد الأدوات الرئيسية فى تحقيق الحماية الاجتماعية فى الدول كافة خاصة دول العالم النامي، وتُعد أداة من أدوات السياسة الاقتصادية والاجتماعية التى تتبناها الدول لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية على الفرد والمجتمع، فهي تستهدف ضمان حياة كريمة لعدد كبير من فئات المجتمع وتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومنذ 2014 وحتى الآن، شهدت منظومة …

The post منظومة المعاشات فى مصر..حقائق ومكتسبات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تُعتبر نظم المعاشات أحد الأدوات الرئيسية فى تحقيق الحماية الاجتماعية فى الدول كافة خاصة دول العالم النامي، وتُعد أداة من أدوات السياسة الاقتصادية والاجتماعية التى تتبناها الدول لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية على الفرد والمجتمع، فهي تستهدف ضمان حياة كريمة لعدد كبير من فئات المجتمع وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

ومنذ 2014 وحتى الآن، شهدت منظومة المعاشات فى مصر العديد من التطورات جعلتها قادرة على توفير الحماية الاجتماعية للفئات المستحقة لها، حيث زادت قيم المعاشات بشكل متتالي واستثنائي فى ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية وارتفاع تكاليف المعيشة، وذلك فى إطار حرص الدولة على تحقيق الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية بما يمكنهم من أن يحيوا حياة كريمة.

وفي هذا الإطار، يُقدم المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” هذه الورقة البحثية التى اعتمدت على المنهج الاستقرائي فى تناول واقع منظومة المعاشات خلال الـ9 سنوات الماضية، حيث سلطت الضوء على أنظمة المعاشات، والإصلاحات التشريعية الجوهرية والقرارات التنفيذية التي ساهمت فى تحسين أوضاع أصحاب المعاشات، ومنحهم مجموعة من المكتسبات والمزايا التى كان لها تأثير إيجابي ملموس على حياتهم، وذلك من خلال الأربعة محاور التالية:

  • المحور الأول: أنظمة المعاشات في مصر.
  • المحور الثاني: الإصلاحات التشريعية والقرارات التنفيذية لتحسين منظومة المعاشات.
  • المحور الثالث: مكتسبات أصحاب المعاشات من 2014 حتى 2023.
  • المحور الرابع: أثر تلك المكتسبات على المواطنين من أصحاب المعاشات.

هذا وقد توصلت الورقة البحثية لمجموعة من النتائج من أهمها:

  • نجحت الدولة في توفير السيولة المالية اللازمة لخدمة أصحاب المعاشات منذ توقيع اتفاق فض التشابكات المالية بين الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية والخزانة العامة للدولة، والذى بموجبه سيتم تسديد نحو 45 تريليون جنيه للهيئة على مدار 50 عامًا اعتبارًا من 2019.
  • ارتفعت مساهمات الحكومة فى صناديق المعاشات من29.2 مليار جنيه عام 2013-2014، إلى 202 مليار جنيه بموازنة العام الحالي 2023-2024 ، بزيادة بلغت نحو 592%.
  • زادت قيمة المعاشات 10 مرات خلال الفترة من 2014 حتى 2023، وارتفعت قيمة المعاشات المنصرفة من 86.5 مليار جنيه فى 2013/2014 إلى 340 مليار جنيه فى 2022/2023، بنسبة زيادة بلغت 293%.
  • شهد الحد الأدنى والأقصى لقيمة معاش المنتهي خدمته ارتفاعا كبيرا حيث بلغ الحد الأدني  فى 2023 نحو 1.275 جنيها مقابل 450 جنيها فى 2015، والأقصى 10.355 مقابل 2.360 جنيها عام 2015.
  • ارتفعت مخصصات معاش “الضمان الاجتماعي” لتصل إلى 31 مليار جنيه فى موازنة 2023/2024 مقابل 22 مليار جنيه فى موازنة 2022/2023، و19 مليار جنيه فى موزانة 2021/2022.
  • بلغت زيادة معاش تكافل وكرامة خلال عام 2023  إلى 40%، حيث قرر رئيس الجمهورية زيادتها بـ 25% فى مارس، و15% في سبتمبر، ليرتفع  معاش “تكافل” بعد زيادة سبتمبر 2023 ليصل إلى 630 جنيه بدلا من 450 جنيه، وبلغ معاش “كرامة” لكبار السن وذوي الإعاقة 490 جنيه بدلا من 350 جنيه.

المحور الأول: أنظمة المعاشات:

         اتسمت خريطة المعاشات باعتبارها أحد أهم برامج الحماية والأمان الاجتماعي، في السنوات التسع الأخيرة بالتشعب ّوالتنوع، حيث تعددت أنواعها على النحو التالي:  

 أولا: المعاش التأميني

 هو نظام معاش قائم على مساهمات المشتركين، ويوجد منذ أكثر من نصف قرن، وتحديداً من ستينيات القرن  الماضي، وتعرض لكثير من التطورات والتغيرات على مدار العقود الماضية، ولعب دورا مهما في حماية قطاعات واسعة من المصريين خاصة من يعملون في القطاع الرسمي، حيث امتدت مظلته إلى عدد كبير من المواطنين سواء كان ذلك بشكل مباشر ( المؤمن عليه وصاحب المعاش ) أو بشكل غير مباشر ( أفراد الأسرة ).

ويستحق العاملين معاش التأمين الاجتماعي بعد سدادهم اشتراكات تأمينية لفترة معينة يحددها القانون المنظم، وتٌجمع تلك الاشتراكات في صناديق للتأمينات والمعاشات، تقوم فيما بعد بتوفير مبالغ المعاشات المُستحقة، وموارد تلك الصناديق هي الاشتراكات التأمينية والفوائد المستحقة عليه وأية أرباح ناتجة عن استثمار الأموال الموجودة في تلك الصناديق.

وتخصص الحكومة دعما سنويا لتلك الصناديق من الموازنة العامة للدولة لتغطية أى عجز فى الاشتراكات المُحصلة، وتمويل الزيادات المستحقة للمعاشات والتي تصدر بقانون من مجلس النواب، أو بقرار من رئيس الجمهورية حال عدم انعقاد مجلس النواب. وقد أولت الدولة هذا القطاع اهتماماً كبيراً، لاسيما وأنه منذ بداية الألفية الثانية والحديث لم ينقطع عن المشكلات التي تعتري قطاع التأمينات الاجتماعية، والتي كان من بين أهمها مشكلة تدهور الاستدامة المالية، ومشكلات َأخرى تتعلق بالافتقار إلى الكفاءة الاقتصادية والعدالة في توزيع الدخول، وهو ما وضعته الدولة المصرية ضمن أهم أولوياتها خلال السنوات التسع الأخيرة، بدءاً من سن القوانين وتحسين البيئة التشريعية لتحسين المعاشات، مروراً بإصدار مجموعة من حزم الحماية الاجتماعية المتتالية والمتتابعة والتي تصب في مصلحة أصحاب المعاشات كما ستوضح الورقة من خلال المحور الثاني والثالث.

ثانيا: المعاش الاجتماعي

هو معاش الضمان المشروط بالحالة الاجتماعية للمواطن، ولا يستند إلى اشتراكات مالية، أى أنه لا يُمول من خلال استقطاعات الأجور، ويتم منحه للأسر الفقيرة طبقًا للضوابط المنصوص عليها بموجب القانون  والذي لا يجوز الجمع بينه وبين أى نوع آخر من المعاشات، وتحدد قيمته بناء على عدد أعضاء الأسرة المستفيدة.

وينظم قانون الضمان الاجتماعي رقم 137 لسنة 2010 شروط استحقاق هذه النوعية من المساعدات، وقد نص على حق الفرد والأسرة الفقيرة في الحصول على مساعدات الضمان الاجتماعي، وتُحدد حالة الفرد والأسرة من خلال البحث الاجتماعي الميداني المعتِمد على عدد من مؤشرات الاستهداف، والتي تشمل الدخل والتعليم وعدد أفراد الأسرة والعمل وحالة السكن والحالة الصحية (العجزة والعاقة)، والحالة الاجتماعية (اليتيم – الأرملة – المطلقة)، وتمثل خدمات الضمان الاجتماعي مظلة بها عدد من الخدمات ًالتي تتراوح بين الدورية والطارئة. 

وتشمل خدمات نظام الضمان الاجتماعي في مصر:

  • المسـاعدات الشـهرية الضمانيـة والتـي تصـرف للأسر الفقيـرة وفقـاً لدراسـة حالـة الأسرة الاقتصادية والاجتماعية وتختلـف قيمـة هـذه المسـاعدات وفقـا لعـدد أفـراد الأسرة.
  • المسـاعدات الاستثنائية، وهي مسـاعدات تصـرف مـرة واحـدة خـلال العـام للأسر المسـتفيدة مـن قانـون الضمـان الاجتماعي، وهـي مخصصـة لمصروفـات التعليـم، وتختلـف قيمتهـا مـن مرحلـة دراسـية إلـى أخـرى، ومـن ضمـن المسـاعدات الاستثنائية أيضـاً مصروفـات الجنـازة ومصروفـات الوضــع والحالات الطارئــة الملحــة.
  • معــاش الطفــل، وهــو معــاش يصــدر للطفــل حتــى ســن 18سنة وفــي حالات محــددة، وهــم الأطفال الأيتام أو مجهولــو ّ النســب، أطفــال الأم المعيلــة أو المطلقــة إذا تزوجــت أو توفيــت، أطفــال المحتجزيــن قانونــا أو المســجون أو المســجونة لمــدة لا تقــل عــن شــهر.
  • المنحـة الدراسـية الشـهرية التـي تقـدم لأبنـاء المسـتفيدين مـن المسـاعدات الضمانيـة.
  • المشروعات الضمانية للمساعدة على الانخراط في سوق العمل.
  • التعويضـات، وهـي متنوعـة للغايـة، وتتعامـل مـع الكـوارث التـي تلحـق بالمواطنيـن، سـواء فرديـة أو جماعيـة مثـل التصحـر وغيرهــا.

ثالثا: معاش العمالة غير المنتظمة

أدرج قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات 148 لسنة 2019 العمالة غير المنتظمة  من غير ذوي المرتبات المنتظمة  فى التأمين الاجتماعي مقابل دفع 9% من الحد الأدنى للأجور، وعلى من يرغب فى الحصول على معاش بحد أدنى 900 جنيه، أن يسجل نفسه فى مكتب التأمينات المختص، ويدفع شهريا 72 جنيها.

ويستحق العامل التابع لفئة العمالة غير المنتظمة المعاش بعد بلوغ سن الشيخوخة، مع توافر مدة اشتراك في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لا تقل عن 180 شهرًا (15 سنة)، منها مدة اشتراك لا تقل عن 120 شهرا على الأقل (10 سنوات).

ويجوز حسب قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، أنّ يزيد إجمالي المعاش  للعمالة غير المنتظمة على 80% من الحد الأقصى لأجر الاشتراك في تاريخ الاستحقاق، ولا يقل عن 65% منه، وذلك طبقا لقانون التأمينات والمعاشات الجديد.

ووفقا للقانون، فإن فئات القوى العاملة من العمالة غير المنتظمة، تشمل ما يلي:

-محفظو القرآن الكريم والمقرئون.

-خدم المنازل ومن فى حكمهم.

-عمال التراحيل.

-العاملون المؤقتون في الزراعة سواء في الحقول والبساتين.

-العاملون في مشروعات تربية الماشية أو الحيوانات الصغيرة والدواجن.

-ملاك العقارات المبنية الذين يقل نصيب كل منهم من الدخل السنوي عن فئة الحد الأدنى لأجر الاشتراك.

-ملاك الأراضي الزراعية غير الحائزين لها ممن تقل ملكيتهم عن فدان.

-المرتلون وغيرهم من خدام الكنيسة.

-صغار المشتغلين لحساب أنفسهم كالباعة الجائلين ومنادي السيارات -وموزعي الصحف وماسحي الأحذية المتجولين، وغيرهم من الفئات المماثلة.

-حائزو الأراضي الزراعية الذين تقل مساحة حيازتهم عن فدان، سواء ملاكا أو مستأجرين بالأجرة.

  رابعا: معاش القطاع الخاص

ألزم القانون 148 لسنة 2019 ولائحته التنفيذية صاحب العمل بأداء الاشتراكات المستحقه عن العاملين لديه، وتقديم طلب اشتراك مؤمن عليه خلال أسبوعين من التحاق أي عامل بالعمل لديه ويشمل الحصة التى يلتزم بها والحصة التى يلتزم باقتطاعها من أجر المؤمن عليه  وذلك بهدف حصول العامل على الحماية التأمينية. ​ ونص القانون على أن العامل يبلغ التقاعد عند الستين سنة، كما حدد الحالات التى قد يمتد فيها سن التقاعد لما بعد سن الـ60 عاما، ونص على استحقاق العامل عن مدة عمله بعد سن الستين.

خامسا: المعاش الاستثنائي

يقصد بالمعاشات الاستثنائية الصادر بها القانون رقم 71 لسنة 1964 إما منح معاش استثنائى لشخص ما لم يسبق له الحصول على معاش أو تحسين معاش شخص ما سبق له الحصول على معاش .

 وبالتالي فإن الفئات المستفيدة من قانون المعاشات الاستثنائية تتمثل في

1 – العاملون المدنيون الذين انتهت خدمتهم فى الجهاز الإدارى للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الإقتصادية التابع لها أو لمن يتوفى من أسرهم.

 2- من أدوا خدمات جليلة للبلاد أو أسر من توفوا منهم .

3 – أسر من توفوا في حادث يعتبر من قبيل الكوارث العامة .

سادسا: معاش تكافل وكرامة

صُمم برنامج “تكافل” على أنه برنامج تحويلات نقدية مشروطة، يوفر دخلا لمساندة الأسر الفقيرة التي لديها أطفال أقل من 18 عاماً، وتشمل المساعدات توفير راتب شهري وتوفير الرعاية الصحية للأم الحامل والأطفال قبل سن المدرسة.

أما برنامج “كرامة”، فقد صُمم على أنه برنامج تحويلات نقدية غير مشروطة للفقراء من كبار السن (65 عاما فأكثر)، والمعاقين بنسبة إعاقة تبدأ من 50% تمنعهم من العمل والكسب، ولا يملكون دخلا ثابتاً.

 المحور الثاني: الإصلاحات التشريعية والقرارات التنفيذية لتحسين منظومة المعاشات:

إذا ما تحدثنا عن مجموعة الإصلاحات التشريعية التي اتخذتها الدولة المصرية لتحسين منظومة المعاشات على المستوى الدستوري والقانوني، نجد أن دستور 2014 قد حفل بعدد من المواد التى حفظت حقوق أصحاب المعاشات، فجاءت المادة 17 واضحة في تناولها للتأمين الاجتماعي والضمان الاجتماعي وتوفير معاش للعمالة غير المنتظمة، إذ نصت على أن: ” تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى. ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة. وتعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال الزراعيين والصيادين، والعمالة غير المنتظمة، وفقًا للقانون.وأموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة، تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثماراً آمنا، وتديرها هيئة مستقلة، وتضمن الدولة أموال التأمينات والمعاشات”.

وجاءت المادة 27 أيضا لتنص على أن : “يلتزم النظام الاقتصادى اجتماعيًا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر”.

وفيما يتعلق بالقوانين والقرارات التنفيذية:

  • قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 118 لسنة 2014 بشأن إعفاء المنشآت والمؤمن عليهم من المبالغ الإضافية المستحقة عليهم للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.
  • قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 197 لسنة 2014 بزيادة النسبة المقررة للمعاشات عام 2007 بنسبة 5% لتصبح 15% اعتبارا من 1/7/2007 للمعاشات المستحقة قبل هذا التاريخ.
  • قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 120 لسنة 2014 بتعديل قانون التأمين الاجتماعي لإلغاء حرمان أصحاب المعاش المبكر من الزيادة المقررة بالمادة 165 لتحسين المعاشات المنخفضة، وتم التعديل بأثر رجعي من تاريخ 1/7/2013 وصرف الفروق المالية اعتبارا من هذا التاريخ.
  • قرار رئيس الجمهورية رقم 190 لسنة 2014 بزيادة المعاشات بنسبة 10% من إجمالي المعاش المستحق لصاحب المعاش فى 30/6/2014 .
  •  قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 29 لسنة 2015 بزيادة المعاشات اعتبارا من 1/7/2015 بنسبة 10%.
  •  قانون رقم 60 لسنة 2016 بزيادة المعاشات بنسبة 10% اعتبارا من يوليو 2016 المعاشات المستحقة قبل هذا التاريخ.
  •  قرار وزارة التضامن الاجتماعي رقم 374 لسنة 2017 بشأن قواعد صرف زيادة المعاشات المقررة بالقانون رقم 80 لسنه 2017، على أن تكون الزيادة بنسبة 15% من إجمالي العاش المستحق لصاحب المعاش فى 30/6/2017، وأن يكون الحد الادنى للزيادة 150 جنيها والحد الأقصى 550 جنيه .
  •  قانون رقم 99 لسنة 2018 بشأن زيادة المعاشات بنسبة 15% المعاشات المستحقة قبل 1/7/2018.
  •  قانون رقم 148 لسنة 2019  الذى جاء دعما لأصحاب المعاشات، واستجابة لرغبتهم باسترداد أموالهم وإيلاء مسئولية إدارتها واستثمارها إلى أصحاب الحق من المعاشات والتأمينات.  وتأتى أهم السمات التى تميز بها هذا القانون عن القوانين السابقة ذات الصلة على النحو التالي:  
  • فــض التشــابك التاريخــي بيــن وزارة الماليــة وأمــوال التأمينــات الاجتماعية، مــع إعطــاء استقلالية كبيــرة للهيئــة القوميــة للتأميــن الاجتماعي.
  • وضع أجــر موحــد للتأميــن الاجتماعي ومعــاش واحــد لهــذا الأجر، ومــن ثــم انتهــاء مســألة تقســيم الأجر إلــى جزأيــن: أساســي ومتغيــر ومعــاش مســتقل لــكل منهمــا، ويحســب بطــرق مختلفــة.
  • وضع آلية لزيادة المعاشات بنسبة من معدل التضخم يتحملها نظام التأمين الاجتماعي بحد أقصى للزيادة 15%.
  • وجود ممثلين عن أصحاب المعاشات فى مجلــس إدارة الهيئــة القومية للتأمين الاجتماعي.

– توقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وبنك مصر فى 2019 لميكنة المدفوعات النقدية المستحقة للمتعاملين مع الهيئة.   

– قرار رئيس الجمهورية رقم 371 لسنة 2020 بزيادة المعاشات بدءا من 1/7/2020، بنسبة 14% .

-القانون رقم 25 لسنة 2020 والذى أنهى مشكلة العلاوات الخاصة غير المضمومة إلى الأجر الأساسي وذلك بزيادة معاش الأجر المتغير عن العلاوات الخاصة التى تقررت بدءًا من 1/7/2006 ولم تضم إلى الأجر الأساسى فى تاريخ استحقاق المعاش.

-قرار رئيس الهيئة القومية للتأمين الإجتماعي رقم 66 لسنة 2020بشأن الإجراءات المنظمة لضم المدد المسجلة بنظام التغطية على نظام المعلومات بالحاسب الآلي والذى ساهم غى توفير الجهد و الوقت و سرعة ربط المعاش للتيسير على أصحاب المعاشات والمستحقين.

-قرار رئيس الجمهورية رقم 260 لسنة 2021 بزيادة المعاشات اعتبارا من 1/7/2021، بنسبة 13%.

-قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 2022 بزيادة المعاشات بنسبة 13% اعتبار من أول أبريل 2022.

– قرار رئيس الجمهورية رقم 187 لسنة 2023 بزيادة المعاشات اعتبار من الأول من إبريل 2023 بنسبة 15٪؜.

– قرار رئيس الجمهورية بزيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية، لتصبح “600” جنيه، بدلا من “300” جنيه، لكافة العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، والهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام .

-تطبيق قاعدة الشمول المالي لأصحاب المعاشات والمستفيدين، وميكنة تحصيل مستحقات التأمينات من خلال الربط مع مركز التحصيل والدفع الإلكتروني بوزارة المالية مما يوفر الوقت والجهد وسرعة الصرف.

المحور الثالث: مكتسبات أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم  

يمكننا استعراض أهم مكتسبات أصحاب المعاشات القائمة على مساهمات المشتركين منذ عام 2014 حتى عام 2023، وذلك على النحو التالي:

  • زادت قيمة المعاشات 10 مرات خلال الفترة من 2014 حتى 2023 ، ويُوضح الجدول التالي نسب الزيادة التي أقرتها الحكومة وفقا للزيادات السنوية المعلنة:

جدول رقم (1)

قيمة الزيادات السنوية خلال الفترة من 2014 حتى 2023

ونشير هنا إلى رفع الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأميني فى يناير 2023 ليكون 1700 جنيه، مقابل 1400 فى 2022، و1200 فى 2021 ، ورفع الحد الأقصى لأجر الاشتراك التأمينى ليكون 10900 جنيه مقابل 9400 فى 2022، و8100 جنيه فى 2021.

  • لأول مرة يتم إقرار منحتين استثنائيتين “علاوة غلاء المعيشة” خلال عام واحد بقرار رئيس الجمهورية، حيث كانت المنحة الأولي بقيمة 300 جنيه يحصل عليها أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم أول نوفمبر 2022، والثانية بقيمة 300 جنيه أول أكتوبر 2023 على أن يتم صرفها بأثر رجعي من شهر أكتوبر في شهر نوفمبر 2023، وبلغ عدد المستفيدين من هذه الزيادة نحو 11.117.382 مواطن، وفقاً لآخر الإحصاءات المنشورة على الموقع الرسمي لوزارة التضامن الاجتماعي.
  • شهدت أعداد المستفيدين من المعاشات زيادة مطردة خلال الفترة من 2014 وحتى 2023، فضلا عن زيادة قيمة المعاشات سنويا، وذلك وفقاً للبيانات الرسمية لوزارة المالية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي والتى يوضحها الشكل التالي:

جدول رقم (2)

الزيادة المطردة لعدد أصحاب المعاشات من المدنيين في الفترة من (2014- 2023) وقيمتها السنوية بالمليار

السنة عدد المستفيدين بالمليون قيمة المعاشات السنوية بالمليار
2013- 2014 8.693 86.5
2014-2015 8.820 103.1
2015-2016 9.164 116.8
2016-2017 9.400 132.8
2017-2018 9.500 153.6
2018-2019 9.600 175.8
2019-2020 9.900 236
2020-2021 10 295
2021-2022 10.717 308
2022-2023 11.093.174 340

  وتجدر الإشارة إلى أن عدد أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم بلغ حتى 1 أكتوبر 2023 نحو 11,117,382 ، وعدد منافذ صرف المعاشات بلغت 9,556 منفذ.

  • شهد الحد الأدنى والأقصى لقيمة معاش المنتهي خدمته ارتفاعا كبيرا حيث تطورت الزيادات منذ 2014 وحتى 2023 على النحو التالي:

-بلغ الحد الأدنى للمعاش 450 جنيها في عام 2014، بينما بلغ الحد الأقصى 2082 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 450 جنيها فى 2015، والأقصى 2360 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 500 جنيها فى 2016، والأقصى 2680 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 500 جنيها فى 2017، والأقصى 3040 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 750 جنيها فى 2018، والأقصى 3448 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 900 جنيها فى 2019، والأقصى 4568 جنيها.

-بلغ الحد الأدنى للمعاش 910 جنيها فى 2020، والأقصى 5600 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 900 جنيها فى 2021، والأقصى 6480 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 910 جنيها فى 2022، والأقصى 7520 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 1275 جنيها فى 2023، والأقصى 10355جنيها.

                                                                

  • ارتفعت مخصصات معاش “الضمان الاجتماعي” لتصل إلى 31 مليار جنيه فى موازنة 2023/2024 مقابل 22 مليار جنيه فى موازنة 2022/2023، و19 مليار جنيه فى موزانة 2021/2022، كما يوضح الشكل التالي:

  • بلغت زيادة معاش تكافل وكرامة خلال عام 2023 نحو 40%، حيث قرر رئيس الجمهورية زيادتها بـ 25% فى مارس، و15% في سبتمبر، ليرتفع  معاش “تكافل” بعد زيادة سبتمبر 2023 ليصل إلى 630 جنيه بدلا من 450 جنيه، وبلغ معاش “كرامة” لكبار السن وذوي الإعاقة 490 جنيه بدلا من 350 جنيه .
  • فض التشابكات بين نظام التأمينات الاجتماعية والخزانة وفقًا لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019، بسداد الخزانة العامة مبلغ 160,5 مليار جنيه سنويًا، تزيد بنسبة فائدة 5,9% سنويًا لمدة 50 عامًا لمقابلة التزامات الخزانة في نظام المعاشات وسداد المديونية المستحقة للتأمينات، حيث بلغ إجمالي ما سددته الخزانة العامة للدولة لصالح أصحاب المعاشات بالموازنة العامة للعام المالي الحالي 2023-2024 نحو 202.2 مليار جنيه مقارنة بـ 29.2 مليار جنيه عام 2013/ 2014 بنسبة زيادة 592% ويصل إجمالي ما تتحمله الخزانة العامة لصالح المعاشات نحو2.3 تريليون جنيه حتى منتصف 2029، وفقا للبيان الإعلامي الصادر عن وزارة المالية مطلع أكتوبر 2023.
  • إنهاء مشكلة العلاوات الخمسة الخاصة غير المضمومة إلى الأجر الأساسي بصدور القانون رقم 25 لسنة 2020، بتكلفة إجمالية وصلت لنحو 35 مليار جنيه، وبناءً عليه تم زيادة معاش الأجر المتغير لنحو 2,4 مليون صاحب معاش ومستفيد، بتكلفة سنوية لقيمة العلاوات الخاصة المستحقة نحو 7 مليار جنيه بإجمالي قيمة متجمد مستحق 28 مليار جنيه يتم صرفها على أربع دفعات سنوية.
  •    بلغت قيمة الإعفاءات على المبالغ الإضافيه لتسوية المديونيات لدى المؤسسات والهيئات والأفراد  ما يقارب 3 مليار جنيه لصالح المواطن المصري بموجب قانون 173 لسنة 2020 .
  • وجهت الدولة بضرورة تنفيذ التحول الرقمي للهيئة القومية للتأمين الإجتماعي، حيث تم توقيع برتوكول تعاون مع كبري الشركات العالمية لتنفيذ عملية إحلال نظام الحاسب الآلي الحالي المتقادم بنظام آلي حديث يسمح بتحقيق الربط الآلي مع قواعد بيانات باقي قطاعات الدولة ذات الصلة بمنظومة التأمينات الاجتماعية كمصلحة الأحوال المدنية والإدارة العامة للمرور وغيرها من المصالح، بما يوفر الوقت والجهد للمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم وتقليل الاعتماد على المستندات الورقية.
  • وتيسراً على أصحاب المعاشات والمستفيدين، تم العمل على تحسين خدمة صرف المعاشات بشكل يضمن السرعة والدقة والأمان في صرف استحقاقاتهم التأمينية وكذلك تقديم أفضل خدمة ممكنة للمؤمن عليهم، وتسخير كافة الوسائل التكنولوجية والبرامج الممكنة لخدمتهم، حيث قامت الهيئة بعدة خطوات متعاقبة وسريعة في هذا المجال منها:
  • تطبيق الشمول المالي على أصحاب المعاشات والمستفيدين من خلال استبدال كروت الصرف القديمة “البلاستيكية” ببطاقة ذكية عالية التأمين “ميزه” والتي تمكن صاحب المعاش من القيام بعملية الشراء وسداد كافة المستحقات الحكومية عن طريق تلك البطاقة، كما يمكن لصاحب المعاش الاستفادة من كافة الخدمات المصرفية، وقد تم تحويل ما يقارب من 3.9مليون بطاقة حتى الشهر الجاري مع استمرار الصرف بالبطاقات القديمة بعدد 2.1 مليون مستفيد حتى استبدالها بالبطاقات الجديدة.
  • الاعلان عن بدء العمل بنظام المحافظ الإلكترونية اعتباراً من أول يوليو 2021 حيث يتم إتاحة صرف المعاش وتحويله لمن يرغب على التليفون المحمول من خلال المحافظ الإلكترونية بإجراءات سهلة وميسرة حيث يتوجه المواطن إلى إحدى شركات التليفون المحمول لمرة واحدة فقط بطلب لفتح المحفظة الإلكترونية، وباقي إجراءات التحويل تتم بين الهيئة القومية للتأمين الإجتماعي وشركات المحمول بالتنسيق مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
  • التيسير على أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم فى صرف المستحقات التأمينية حيث تم إلغاء الشيكات الورقية كما يتم صرف المعاشات الشهرية ومتجمدات المستحقات التأمينية من خلال (الحسابات الجارية – كروت ميزة – المحافظ الإلكترونية).
  • ومن القرارات التي أحدثت انفراجه حقيقية لتسوية المعاش قرار الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي الخاص بتنظيم إجراءات ضم المدد للتيسير على أصحاب المعاشات والمستحقين، حيث يتم طلب ضم المدد على الحاسب الآلي من كافة مكاتب الجمهورية التي تقوم بمراجعتها، واعتماد تلك المدد على الحاسب الآلي دون الحاجة لتبادل الملفات الورقية بين المكاتب، الأمر الذي يوفر الجهد والوقت وسرعة ربط المعاش.

المحور الرابع: أثر تلك المكتسبات على أصحاب المعاشات :

في ضوء ما سبق يمكننا استعراض أثر المكتسبات التي حصل عليها أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم،  وذلك على النحو التالي:

  • أسهمت خطة الحماية الاجتماعية التي أقرتها الدولة المصرية منذ 2014 فى تراجع معدلات الفقر في مصر إلى 29.7% عام (2019/2020) مقارنة بـ 32.5% عام (2017/2018) بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، وهو مؤشر لنجاح جهود الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها وركزت فيها على البعد الاجتماعي للتنمية.
  • الاهتمام بمنظومة المعاشات والتأمينات الاجتماعية كان له بالغ الأثر على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن المصري ولاسيما أصحاب المعاشات والمستفيدين من برامج الدعم النقدي، حيث ساهم فى تحقيق الحماية الاجتماعية للمواطنين، وتخفيف الأعباء الاقتصادية الصعبة عليهم وعلى أسرهم، ومن ثم تحقيق الأمن والسلم الاجتماعيين.
  • المساعدة في توفير حياة أكثر توازناً للمواطنين على المستوى النفسي والاجتماعي، وتعزيز شعورهم بالانتماء، والقبول والتقبل من المجتمع والبيئة المحيطة، والحرص على الاندماج في المجتمع.
  • أظهر تقييم مستقل للأثر أجراه المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية أن برنامج “تكافل وكرامة” كان له تأثير مبهر على تمكين المرأة والإدماج الاقتصادي، من خلال مجموعة من المؤشرات كان من أهمها:
  • زيادة استهلاك الأسر من المستفيدين من تكافل من 7.3% إلى 8.4%، وذلك مقارنة بالأسر التي لا تشارك في البرنامج. 
  • الحد بنسبة 12 نقطة مئوية من احتمال انزلاق الأسر في برنامج تكافل دون خط الفقر.
  • زيادة كبيرة (من 8.3% إلى 8.9%) في قيمة الاستهلاك الغذائي الشهري للمستفيدين من تكافل.
  • كما زاد برنامج “تكافل” من معدل الانحراف المعياري للوزن قياساً إلى الطول، وهو مقياس الحالة الغذائية قصيرة الأجل للأطفال دون سن الثانية، أي انخفاض بنسبة 3.7 نقطة مئوية في احتمال أن الطفل دون سن الخامسة قد عولج من سوء التغذية، وقد أدى كذلك لانخفاض معدلات التقزم والهزال، وفقا لتقديرات المسح الديموغرافي والصحي الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء عام 2019.
  • كما أدى البرنامج أيضاً إلى زيادة إنفاق على العملية التعليمية لأبنائهم وتوفير اللوازم المدرسية ووسائل الانتقال إلى المدرسة، إذ نجد أوضحت مؤشرات تقييم الأثر أن 100% من أطفال أسر «تكافل» مسجلون بالمدارس بما يشمل 4.5 مليون طفل منهم 50% فى المرحلة الابتدائية، و20% فى المرحلة الإعدادية، و9% فى المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى 22% أطفال دون سن التعليم.
  • كما أظهر برنامج “تكافل وكرامة” نواتج إيجابية تتعلق بتمكين المرأة وإحساسها بالكرامة، مع انخفاض الضغوط المالية على الأسرة، إذ نجد ووفقاً لبعض تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي الصحفية أن 75% من حاملي بطاقة تكافل وكرامة من النساء.

المصادر:

  • تقرير بعنوان “الحماية الاجتماعية – نحو عقد اجتماعي أكثر شموًل ً وتمكينا في مصر” منشور بالموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.
  • تقرير التنمية البشرية في مصر للعام 2021/ 2022.
  • البيانات الختامية للموازنة العامة للدولة الصادرة عن وزارة المالية المصرية عن الأعوام الثلاث السابقة.
  • دراسة بعنوان: “إنفاق متصاعد: الحماية الاجتماعية في مشروع الموازنة الجديدة” للمرصد المصري، منشورة بتاريخ 23 أبريل 2023.
  • الموقع الرسمي لوزارة المالية المصرية.
  • الموقع الرسمي لوزارة التضامن الاجتماعي.
  • الموقع الرسمي للبنك الدولي.
  • الموقع الرسمي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.

 

 

 

 

 

 

 

 

The post منظومة المعاشات فى مصر..حقائق ومكتسبات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7297
العنف ضد الأطفال عالميا ومحليا ..قراءة تحليلية https://draya-eg.org/2023/09/25/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%81-%d8%b6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a7-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d8%aa%d8%ad%d9%84%d9%8a%d9%84%d9%8a%d8%a9/ Mon, 25 Sep 2023 00:45:34 +0000 https://draya-eg.org/?p=7191 يحتفل العالم فى 2 أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للاعنف، وذلك لإعادة التذكير بأهمية مكافحة العنف بأشكاله كافة، خاصة العنف ضد الأطفال فى ظل معاناة الملايين من جميع الأعمار الذين يتعرضون للعنف بشكل يومي فى جميع أنحاء العالم – فى المنازل والمدارس، والمؤسسات التى تستهدف رعايتهم وحمايتهم، وكذا من خلال وسائل الإعلام المختلفة، والدراما، …

The post العنف ضد الأطفال عالميا ومحليا ..قراءة تحليلية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يحتفل العالم فى 2 أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للاعنف، وذلك لإعادة التذكير بأهمية مكافحة العنف بأشكاله كافة، خاصة العنف ضد الأطفال فى ظل معاناة الملايين من جميع الأعمار الذين يتعرضون للعنف بشكل يومي فى جميع أنحاء العالم – فى المنازل والمدارس، والمؤسسات التى تستهدف رعايتهم وحمايتهم، وكذا من خلال وسائل الإعلام المختلفة، والدراما، والأغاني بالاضافة إلى الألعاب الإلكترونية الحديثة.

إن تحرر الأطفال من العنف حق أساسي من حقوق الإنسان المعترف بها فى اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولاتها الاختيارية، وحمايتهم حيث تعهد المجتمع الدولي رسميا بصونها وأدرجها فى صميم خطة التنمية المستدامة العالمية 2030 حيث شملت الخطة الجديدة للمرة الأولى غاية محددة (هي الغاية 16-2) لإنهاء جميع أشكال العنف ضد الأطفال، وعمِّمت مسألة إنهاء إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم واستغلالهم على نطاق عدة غايات أخرى ذات صلة بالعنف مثل زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث (الغاية 5-3) والقضاء على عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيد الأطفال واستخدامهم (الهدف 8-7).

وفى الواقع لا يزال حجم وتأثير ظاهرةالعنف ضد الأطفال كبيرين ويبعثان على بالغ القلق لاسيما وأن العنف يقترن بتكاليف باهظة تتكبدها الأسر المعيشية والمجتمعات المحلية والاقتصادات الوطنية بسبب ما ينجم عنه من آثار خطيرة وطويلة الأمد على نماء الأطفال وصحتهم وتعليمهم، فيمكن للعنف خلال ساعات أن يقضي على المكاسب الإنمائية التى استغرق تحقيقها سنوات.

وعليه، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” هذه الورقة البحثية التى تُسلط الضوء على حقائق حول ظاهرة العنف ضد الأطفال، وأبرز المؤشرات على الصعيد العالمي والمحلي، إلى جانب الكشف عن تداعياتها الخطيرة على المجتمعات، والتكلفة الاقتصادية المترتبة عليها. كما ترصد الورقة الجهود التى تبذلها الدولة المصرية للتصدى لهذه الظاهرة، وتُقدم بعض المقترحات التى يُمكن من خلالها الحد من معدلات انتشار العنف ضد الأطفال عالميا ومحليا.

تتناول الورقة البحثية ظاهرة العنف ضد الأطفال من خلال عدة محاور تشمل :

أولا : حقائق حول ظاهرة العنف ضد الأطفال (المفهوم – الأنواع – الأسباب)

ثانيا : مؤشرات ممارسة العنف ضد الأطفال عالميا.

ثالثا : تداعيات ظاهرة العنف ضد الأطفال.

رابعا : التكاليف الاقتصادية المترتبة على العنف ضد الأطفال.

خامسا : مؤشرات العنف ضد الأطفال فى مصر.

سادسا : جهود الدولة المصرية للقضاء على العنف ضد الأطفال.

سابعا : مقترحات للحد من ظاهرة العنف ضد الأطفال. 

توصلت الورقة إلى عدد من النتائج يأتى أبرزها على النحو التالي: 

  • يعاني نصف عدد أطفال العالم أى قرابة مليار طفل في المرحلة العمرية 2-17 عاماً من شكل من أشكال العنف سنويا.
  • يعاني ما يقارب 3 من 4 أطفال أو ما يعادل 300 مليون طفل في جميع أنحاء العالم فى المرحلة العمرية 2-4  أعوام من العقاب البدني و/أو العنف النفسي بشكل منتظم على أيدي الوالدين ومقدمى الرعاية.  
  • يعاني ما لا يقل عن 55 مليون طفل في أوروبا سنويا من شكل من أشكال العنف الجسدي والجنسي والعاطفي والنفسي.
  • تُشكل الدول مرتفعة الدخل النسبة الأعلى فى الدول التى لديها خطط عمل وطنية ممولة بشكل كامل لمواجهة العنف ضد الأطفال بينما الدول منخفضة الدخل هى الأقل فى تمويل خطط العمل الوطنية لمواجهة هذه الظاهرة.
  • يُكلف العنف ضد الأطفال الاقتصاد العالمي ما بين 1.49 ترليون و6.9 تريليونات دولار سنويا.
  • يتكبد قطاع الصحة التكلفة الاقتصادية الأكبر حيث يتم إنفاق نحو 581 مليار دولار سنويا على علاج ضحايا ممارسات العنف ضد الأطفال.
  • تتعرض الأطفال الإناث فى مصر للعنف أكثر من الذكور، وترتفع نسبة تعرض الإناث للعنف فى الريف إلى 14% مقابل 8% بين الذكور.
  • ترتفع نسبة الختان بين البنات فى المرحلة العمرية ( 0-17 عاما) فى الريف وتصل إلى 14% عام 2021، مقابل 8% فى الحضر.
  • انخفضت أساليب العقاب الجسدي الشديد من 43.2% عام 2014 إلى 26.2% عام 2021، والعقاب الجسدي من 78% إلى 56.6%، والعقاب النفسي من 91% إلى 78.3% فى نفس الفترة. 

 أولا : حقائق حول ظاهرة العنف ضد الأطفال

1-مفهوم العنف ضد الأطفال:

عرفت منظمة الصحة العالمية العنف ضد الأطفال بأنه “جميع أشكال العنف ضد الأشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، سواء كانت تُرتكَب من الأبوين أو غيرهما من مقدّمي الرعاية أو الأقران أو الشركاء العاطفيين” ، ومن ثم يؤكد تعرف العنف على :

1-عدم التبرير: بحيث أنه “لا يمكــن تبريرأي عنــف ضــد الأطفال، فجميع أنواع العنف ضد الأطفال يمكن منعها”.

2- عدم الاستثناء:واعتبــار “جميــع أشـكال العنـف ضـد الأطفـال مرفوضـة مهمــا كانــت” وعــدم وجــوب تقويــض حــق الطفــل المطلــق فــي الكرامــة والإنســانية والسـلامة البدنيــة والنفســية بــأي شــكل مــن الأشــكال،وبالأخــص عــدم جــواز وصــف أي شــكلمـن أشـكال العنـف علـى أنـه “مقبـولً قانونيــا ً أو اجتماعيــا ً أو ثقافيــا”.

وهنا نشير إلى أن العنف ضد الأطفال لا يعرف حدوداً للثقافة أو للطبقة أو للتعليم، ولم تحظ قضية مواجهته باهتمام دولي سوى منذ عشرينيات القرن الماضى وتحديدا عام 1990  حيث تم عقد مؤتمر القمة العالمى للطفولة ، واتفق المجتمع الدولى وعلى أعلى المستويات السياسية على أهداف دولية انمائية تستهدف تحسين حياة الأطفال..وعلى المستوى الإقليمى قامت الدول الأعضاء فى منظمة الوحدة الإفريقية بإقرار الميثاق الإفريقى لحماية ورفاهية الطفل، وهذه الوثيقة تحدد الحقوق التي ينبغي على الدول الإفريقية ضمانها للأطفال داخل نطاق ولايتها كما أنها وثيقة رئيسية لتعزيز وحماية حقوق الطفل في منظومة حقوق الإنسان الإفريقية، وقد تم إقرار هذه الوثيقة فى يوليو 1990 ودخلت حيز التنفيذ فى نوفمبر 1999.

ب-أشكال العنف ضد الأطفال:

عند الحديث عن العنف الذى يُمارس ضد الأطفال، فإننا بصدد أشكال متعددة من العنف تحدث عادة فى مراحل مختلفة من نمو الطفل، ويمكن إيجازها على النحو التالي:

1- العنف الجسدي: ويقصد به أى عقاب تستخدم فيهالقـوة الجسـدية ويكون الغرض منه إلحاق درجة معينةمن الألم والأذي، مهما قلت شدتهما. ويشملمعظـم أشـكال هـذا العقـاب ضـرب الأطفـال باليـد أو باسـتخدامأداة ما. ويمكـن أن يشـمل هـذا النوع مـن العقابإرغام الأطفالعلـى البقاء في وضع غيـر مريح،أوإجبار الأطفــال علــى تنــاول مواد معينة.

2- العنف الجنسى : يشــمل العنــف الجنســي والاستغلال الجنسـيحمل أو إكـراه الطفل علــى تعاطـي أي نشــاطجنســي غـيـر مشــروع أو ضــار نفســيا، واستغلال الأطفال جنسيا لأغراض تجارية، واسـتغلال الأطفال فــي وضــع تســجيلات ســمعية أوبصريــة لحالات الاعتداء  عليهــم جنسـيا.  

3- العنف النفسى : إساءة المعاملة النفسية أو الإساءة العقلية، أو الإساءة اللفظية والإساءةالعاطفية، ويشــملجميـع أشــكال التفاعل مــع الطفـل التي تنطـوي دائما على ضـرر، مثـل إشـعاره بأنه عديـم القيمةأو غيـر محبوب أو مرغوب فيه أو بأه نمعرضللخطـر أو بـأن لا قيمــة له سـوى فــي تلبيةاحتياجات غيره، بالإضافة إلى الترهيب والتهديد والعزل والتجاهل والتحيز والسخرية والإذلال وإهمال الصحة العقلية والاحتياجات الطبية والتعليمية.

4-العنف الإلكتروني: تشمل المخاطر المتعلقةبحماية الطفل فيما يتصل بتكنولوجيا المعلوماتوالاتصالات المجـالات التالية:

-الاعتداء الجنسي علــى الأطفال لإنتاج تسجيلات بصرية وسمعية لذلك الاعتـداء تيسره شبكة الإنترنت وسائر تكنولوجيات المعلومات والاتصالات.

-عمليــة التقـاط صـور فوتوغرافية أو صورفوتوغرافية زائفة، وأشــرطةفيديـو منافيـة للآداب تتعلق بالأطفالوالأشخاص الذين يسخرون من طفـل أو فئة من الأطفال، أوإنتاجها أو السماح بالتقاطها أو توزيعها أو عرضهاأو حيازتهـا أو الإعلان عنها.

-تعـرض الأطفال لمحتويات عدوانية أو عنيفـة أو تحض على الكراهية أو متحيزة أو عنصريـة أو إباحية أو مضللة.

-تعــرض الأطفال فـي ســياق اتصالهـم بغيرهــم مـنخلال تكنولوجياالمعلوماتوالاتصالات للتسلطعليهــم أو التحرش بهـم أو ملاحتقتهم أو إكراههــم أو خداعهــم أو إقناعهــمبلقــاء شــخصي خارج الإنترنت،  واســتدراجهم.

-تورط الأطفال فـي عمليات التسلط على غيرهم أو التحرش بهـم، أو لعـب ألعـاب تؤثر ســلبا في نموهـم النفسي، أو إنتاج وتحميل مواد جنسـية غيـر لائقـة، أو تقديـم معلومـات أو نصائح مضللـة، و/أو تنزيـل محتويات بصـورة غـير قانونية.

وعند توجيه أي نوع من أنواع العنف هذه ضد الفتيات أو الفتيان بسبب نوعهم البيولوجي أو هويتهم الجنسانية، فإنه يمكن أيضاً أن يشكل عنفاً قائماً على نوع الجنس. 

ج-أسباب العنف ضد الأطفال:

أكدت منظمة الصحة العالمية أن العنف ضد الأطفال مشكلة متعددة الجوانب ترجع إلى أسباب متعددة على مستويات الفرد والعلاقات المقرّبة والجماعات المحلية والمجتمع ، وتتمثّل عوامل الخطورة المهمة فيما يلي:

1- مستوى الفرد :

– الجوانب البيولوجية والشخصية مثل نوع الجنس والعمر.

– تدنّي مستويات التعليم.

– انخفاض الدخل.

– الإصابة بإعاقة أو بمشاكل صحية نفسية.

– تناول الكحول والمخدرات على نحو يضرّ بالصحة.

– تاريخ ممتدّ من التعرّض للعنف.

2- مستوى العلاقات المقرّبة :

– انعدام الأواصر العاطفية بين الأطفال والأبوين أو مقدّمي الرعاية.

– سوء الممارسات التربوية. 

– اختلال الوظائف الأُسَريّة والانفصال.

– الاطّلاع على العنف بين الأبوين أو مقدّمي الرعاية.

– الزواج المبكّر أو القسري.

3- مستوى المجتمع

– الفقر وارتفاع الكثافة السكانية.

– تدنّي التماسك الاجتماعي ووجود قيم اجتماعية وجنسانية تهيئ مناخاً يصبح فيه العنف أمراً عادياً.

– غياب أو عدم كفاية الحماية الاجتماعية. 

– الأوضاع اللاحقة للنزاعات أو الكوارث الطبيعية.

– سياقات تتسم بضعف الحوكمة وسوء إنفاذ القانون.

 ثانيا: مؤشرات ممارسة العنف ضد الأطفال عالميا

تعكس مؤشرات ممارسات العنف ضد الأطفال على الصعيد العالمي واقعا صادما حيث لا تزال أعداد لا تحصى من الأطفال من جميع الأعمار تتعرض للعنف بمختلف أشكاله، وتأتى أبرز المؤشرات على النحو التالي استنادا إلى تقديرات أممية صادرة عن منظمة الصحة العالمية “ “WHO ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “UNICEF”، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “UNESCO”:  

1- يعاني طفل واحد من أصل طفلين أو ما مجموعه مليار طفل– أى ما يعادل نصف عدد أطفال العالم –  في المرحلة العمرية 2-17 عاماً من شكل من أشكال العنف سنويا.

2- يعاني ما يقارب 3 من 4 أطفال أو ما يعادل 300 مليون طفل في جميع أنحاء العالم من بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و4 أعوام من العقاب البدني و/أو العنف النفسي بشكل منتظم على أيدي الوالدين ومقدمى الرعاية.

3- يؤثر العنف الوجداني في طفل واحد من أصل ثلاثة أطفال، ويعيش طفل واحد من أصل أربعة أطفال دون سن الخمس سنوات مع أم ضحية لعنف الشريك.

4- تورط طالب واحد من أصل كل 3 طلاب تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاما فى مشاجرات جسدية (45% ذكور – 25% إناث).

5- عانت نحو 120 مليون فتاة دون سن العشرين من شكل من أشكال العلاقات الجنسية القسرية.

6- ما لا يقل عن 55 مليون طفل في أوروبا يعانون سنويا من شكل من أشكال العنف الجسدي والجنسي والعاطفي والنفسي.

7- من بين 204 ملايين طفل دون سن 18 في أوروبا، فإن 9.6% يتعرضون للاستغلال الجنسي، و22.9% للعنف الجسدي و29.1% للضرر العاطفي. وعلاوة على ذلك، فإن 700 طفل يُقتلون كل عام، وذلك وفق مكتب منظمة الأمم المتحدة الإقليمي في أوروبا.

وهنا نشير إلى أنه على الرغم من أن غالبية الدول (83%) لديها بيانات وطنية حول العنف ضد الأطفال، إلا أن نحو 21% فقط من الدول استخدمت هذه البيانات لوضع خطوط أساس وأهداف وطنية للوقاية من العنف ضد الأطفال والتصدي له.

فتُشكل الدول مرتفعة الدخل النسبة الأعلى فى الدول التى لديها خطط عمل وطنية ممولة بشكل كامل لمواجهة العنف ضد الأطفال بينما الدول منخفضة الدخل هى الأقل فى تمويل خطط العمل الوطنية لمواجهة هذه الظاهرة، كما يتضح من الشكل التالي:     

النسب المئوية للدول التى لديها خطط عمل وطنية ممولة تمويلا تاما بحسب نوع العنف ومستوى الدخل للدولة لعام 2018

المصدر: التقرير العالمى عن الوقاية من العنف ضد الأطفال 2020

ثالثا : تداعيات العنف ضد الأطفال

أكدت منظمة الصحة العالمية أن للعنف ضد الأطفال تداعيات وآثار وخيمة تُؤثر بشكل كبير على تمتّع الأطفال والأُسَر والمجتمعات المحلية والدول بالصحة والعافية طيلة العمر،  وأشارت إلى التالي:

  • حدوث 40.150 حالة وفاة سنويا فى صفوف الأطفال المتراوحة أعمارهم بين صفر و17 عاما (28.160 ذكور – 11.990 إناث).
  • الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11و15 عاما ممن يتعرضن للترهيب فى المدرسة أقل نجاحا للتخرج من المدارس بنسبة 13%.
  • البالغون الذين عانوا من 4 أو أكثر من التجارب السلبية فى مرحلة الطفولة (بما يشمل الاعتداء البدني والجنسي والعاطفي) أكثر احتمالا بمقدار 7 مرات كضحية أو مرتكب العنف، وأكثر احتمالا بمقدار 30 مرة للقيام بمحاولة انتحار 30 مرة.
  • الرجال الذين تعرضوا للاعتداء البدني والجنسي فى مرحلة الطفولة أكثر احتمالا بمقدار 14 مرة لارتكاب ممارسات العنف البدني والجنسي فى العلاقات الحميمية، والنساء أكثر احتمالا بمقدار 16 مرة للمعاناة من العنف البدني والجنسي.

ويمكن إجمال هذه التداعيات فى الآتى :

1- الوفاة : قد يؤدى العنف ضد الأطفال إلى الوفاة أوالقتل الخطأ، خاصة فى أشكال العنف التى تنطوى على استخدام أسلحة كالأسلحة البيضاء والأسلحة النارية مثلاً، وهذه السبب يعد من بين أعلى ثلاثة أسباب للوفاة لدى المراهقين، حيث يشكّل الفتيان أكثر من 80% من الضحايا والجُناة.

2- الإصابات الوخيمة : قد يُفضي العنف ضد الأطفال إلى إصابات وخيمة ،ففي كل حالة قتل خطأ، يتعرّض مئات الأطفال من ضحايا عنف الشباب وغالبيتهم من الذكور لإصابات بالغة بسبب المشاحنات والاعتداءات الجسدية.   

3- ضعف النمو العقلى والعصبى : يمكن أن يُضعِف العنف ضد الأطفال النمو العقلي وأن يضرّ بأجزاء أخرى من الجهاز العصبي، فضلاً عن الغدد الصمّاء، والدورة الدموية، والنسيج العضلي الهيكلي، والأجهزة التناسلية والتنفّسية والمناعيّة، مع ما يترتّب على ذلك من عواقب ممتدّة طيلة العمر.

4- ضعف النمو الادراكى والتأثير سلبا على مستوى التحصيل الدراسى والإنجاز المهنى .

5- التكيف السلبى : قد تؤدى ممارسات العنف ضد الأطفال إلى حدوث تكيّف سلبي وسلوكيات تنطوي على مخاطر صحية ولذلكفمن الأرجح كثيراً أن يتّجه الأطفال المعرّضون للعنف والأعمال العدائية الأخرى إلى التدخين، وإساءة استعمال الكحول والمخدرات، والانخراط في سلوك جنسي شديد الخطورة كما ترتفع لديهم معدلات القلق والاكتئاب والمشاكل الصحية النفسية الأخرى والانتحار.

6- قد يؤدى العنف الجنسى ضد الأطفال الى حالات حمل غير مقصودة وعمليات إجهاض مستحثّة، ومشاكل تتعلق بأمراض النساء، وحالات عدوى منقولة جنسياً، بما في ذلك الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري.

7- الإصابة بالأمراض غير السارية : يُسهم العنف ضد الأطفال في الإصابة بطائفة عريضة من الأمراض غير السارية مع تقدّم الأطفال في العمر وتُعزى المخاطر المتزايدة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والداء السكري وغيرها من الأوضاع الصحية بدرجة كبيرة إلى التكيّف السلبي والسلوكيات المنطوية على مخاطر صحية والتي ترتبط بالعنف

8- التسرب من التعليم : يؤثّر العنف ضد الأطفال على الفرص السانحة والأجيال المقبلة ، فمن الأرجح أن يتسرّب الأطفال المعرّضون للعنف والأعمال العدائية الأخرى من المدارس، كما يواجهون صعوبات في إيجاد فرص عمل والحفاظ عليها، ويتعرّضون لمخاطر متصاعدة بالوقوع ضحايا للإيذاء و/أو ارتكاب عنف شخصي وموجّه للذات لاحقاً، وبذلك يمكن أن يؤثّر العنف ضد الأطفال على الجيل التالي.

رابعا : التكاليف الاقتصادية المترتبة على العنف ضد الأطفال

يترتب على العنف ضد الأطفال تكاليف اقتصادية على المدى القصير والمتوسط والطويل، وهي تكاليف يتكبّدها الأفراد والجماعات والمجتمعات. ويمكن إجمالاً تقسيم التكاليف الاقتصادية المترتبة على العنف إلى نوعين:

  • تكاليف مباشرةوتشمل ما يلي:

-تكاليف على نظم الرعاية الصحية التي تُعنى بعلاج الآثار الجسدية القصيرة والطويلة الأجل للإصابات الناجمة عن العنف ضد الأطفال.

-تكاليف تتكبدّها أيضا نظم الرعاية الصحية نتيجةً لعلاج المشاكل النفسية والسلوكية بين الكبار الناجمة عن تعرُّضهم للعنف في سن الطفولة.

-تكاليف تتكبّدها نظم الرعاية الاجتماعية تتعلق برصد العنف ضد الأطفال ومنعه وحمايتهم منه والتصدي له.

-تكاليف تتكبّدها نظم العدالة الجنائية تتعلق بضمان توقيع العقوبة على مرتكبي العنف ضد الأطفال وتوفير الحماية لضحاياه الفعليين أو المحتملين.

-تكاليف غير المباشرة وتشملخسائر في الإنتاجية تترتب على الطريقة التي يعوق بها العنف نماء الطفل، فالكبار الذين يتعرّضون للعنف في طفولتهم لا يحصلون إلا على القليل من فرص التعليم والعمل والأجور والممتلكات، الأمر الذى يتسبب فى ضعف أجور الضحايا مدى حياتهم ويخلِّف أثرا سلبيا على المجتمع برمّته.

هذا ويؤثر العنف ضد الأطفال على أدائهم الدراسي بمجرّد التحاقهم بالتعليم، وينجم عنه تدنِّي فى التحصيل التعليمي، وتباعا يؤثر سلبا على العمالة وما يترتب عليه من فقدان الكسب في مرحلة البلوغ. كما يمكن أن يؤدي التعرُّض للعنف في سن الطفولة إلى مشاكل نفسية وسلوكية في مرحلة لاحقة فتعرقل تعليم الطفل أيضا.

وقد تؤدي أشد أشكال العنف ضد الأطفال إلى وفاتهم، فوفاة الطفل تستتبع فقدان كل استثمار في نمو الطفل حتى لحظة الرحيل، فضلاً عن إيرادات الطفل المقبلة على مدى الحياة.وإجمالاً، فإن هذه الخسائر هي بمثابة تكلفة اقتصادية يتكبّدها المجتمع.

وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن العنف ضد الأطفال يكلف الاقتصاد فى العالم ما بين 1.49 ترليون و6.9 تريليونات دولار سنويا، وأن الكثير من التكاليف الاقتصادية يتكبدها قطاع الصحة حيث يتم إنفاق نحو 581 مليار دولار سنويا على علاج ضحايا ممارسات العنف ضد الأطفال، كما اشارت بعض الدراسات إلى أن التكاليف الاقتصادية الناجمة عن العنف ضد الأطفال قد تصل إلى ما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي على الصعيد العالمي.

وتعترف جميع الدراسات التي صدرت بشأن التكاليف المترتبة على العنف ضد الأطفال بأن تلك الأرقام يرجّح جدا أن تكون تقديرات تقل عن العدد الحقيقي. ويعود السبب الرئيسي لذلك إلى أن الانتشار الفعلي للعنف ضد الأطفال يظل مجهولا لأن الكثير من العنف ضد الأطفال، كما سبقت الإشارة إليه، يتم التغاضي عنه أو أنَّ نُظُم البيانات الإدارية التي وضعتها الحكومات لا تبلغ عنه ولا تسجّله.

وعلى الرغم من أن تكلفة تحقيق حماية للأطفال من العنف كبيرة إلا أن العائد منها أكبر بكثير حيث خلصت الدراسات المتعلقة بالفوائد مقابل التكاليف لطائفة واسعة من برامج الوقاية، إلى وجود معدلات مرتفعة جدا للعائد من الاستثمارات في برامج منع العنف ضد الأطفال، فأشار الاتحاد الأوروبي إلى أن كل يورو يستثمر فى منع العنف يحقق عائدا اجتماعيا قدره 87 يورو. 

خامسا: مؤشرات ممارسة العنف ضد الأطفال فى مصر

كانت أهم مؤشرات العنف ضد الأطفال طبقا للمسح الصحى الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء 2021 ونُشرت نتائجه فى ديسمبر عام 2022 كالتالى :

  • تتعرض الأطفال الإناث للعنف أكثر من الذكور، وترتفع نسبة تعرض الإناث للعنف فى الريف إلى 14% مقابل 8% بين الذكور.
  • يتعرض نحو 29% من الأطفال الإناث اللاتى لم تتم المرحلة الابتدائية للعنف، مقابل 13 % للذكور فى نفس المرحلة العمرية.
  • بلغت نسبة الختان بين البنات فى عمر ( 0-17 عاما ) نحو 12% عام 2021، مقابل 18% عام 2014.
  • ترتفع نسبة الختان بين البنات فى المرحلة العمرية ( 0-17 عاما) فى الريف وتصل إلى 14% عام 2021، مقابل 8% فى الحضر، كما يوضح الشكل التالي:

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

  • الصراخ أو التحدث بصوت عالى مع الطفل هو أكثر الأساليب العنيفة التى تم اتباعها مع الأطفال بنسبة 75%.
  • ضرب الطفل على يده أو ذراعه كانت من أكثر أساليب العنف الجسدى التى تم استخدامها حيث ذكرت 4 سيدات من كل 10 ضرب الطفل على يديه أو ذراعه أو ساقه كأسلوب لضبط السلوك.
  • ضرب أو صفع الطفل على الوجه أو الرأس أو الأذنين كانت أكثر أساليب العنف الجسدي المتبعة وبنسبة بلغت 25%.

وبشكل عام تُشير نتائج المسح الصحى للأسرة المصرية إلى انخفاض استخدام أساليب التربية العنيفة فى المسح الصحى 2021 مقارنة بما تم رصده فى المسح السكانى الصحى 2014 مع ارتفاع استخدام أساليب ضبط السلوك غير العنيفة .

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

ويوضح الشكل السابق انخفاض نسبة استخدام أى وسيلة عنيفة لضبط سلوك الأطفال فى العمر 1-14 سنة من 93% فى 2014 إلى 81% فى 2021 وارتفعت نسبة استخدام أساليب التربية غير العنيفة من 4% فى 2014 إلى 10% فى 2021.

انخفضت أساليب العقاب الجسدي الشديد من 43.2% عام 2014 إلى 26.2% عام 2021، والعقاب الجسدي من 78% إلى 56.6%، والعقاب النفسي من 91% إلى 78.3% فى نفس الفترة.

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

سادسا: جهود الدولة المصرية للقضاء على العنف ضد الأطفال

بذلت مصر جهودا كبيرة لاعتماد القوانين والتدابير السياسية التى من شأنها أن تضمن للطفل حماية أفضل من العنف بكافة أشكاله، وهو ما ساهم فى تراجع معدلات العنف ضد الأطفال بشكل ملحوظ..وتأتى أبرز الجهود على النحو التالي:  

1- المادة 80 من دستور 2014 :كفل دستور 2014 كافة أوجه الحماية والرعاية للطفل المصرى حيث نص فى المادة 80 بشكل واضح على أنه” يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق فى اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجبارى مجانى، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة،وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية. وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع. وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى ،ولكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتي السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسى، كما يحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر، كما تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائى خاص بالأطفال المجنى عليهم، والشهود ، ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيا أو احتجازه إلا وفقا للقانون وللمدة المحددة فيه وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه فى أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل فى كافة الإجراءات التى تتخذ حياله”.

2- تعديل قانون العقوبات لعام 2014 الذى يجرم التحرش الجنسي للمرة الأولى.

3- صدقت مصر على عدد من معاهدات الدولية لحقوق الإنسان التى تضمن حقوق الطفل، مثل اتفاقية حقوق الطفل، والميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهه.

4- التزمت الحكومة بتنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 التى تتضمن أهداف طموحة لإنهاء العنف كجزء من رؤية أوسع “العالم يستثمر فى أطفاله، عالم ينمو فيه كل طفل بمأمن من العنف والاستغلال”.

5- تشكيل لجان متعددة لحماية الطفل على مستوى المحافظات وعلى مستوى الأحياء (لجان حماية الطفل) والتى تخضع لوزارة التنمية المحلية.

6- وسعت الحكومة المصرية نطاق برامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان لزيادة تغطية الفئات الأكثر ضعفا وعلى رأسهم الأطفال، حيثيعتبر برنامج “تكافل وكرامة“ للدعم النقدي المشروط الذي يستهدف الأسر المنخفضة الدخل التى لديها أطفال من التدابير الجوهرية التى تتخذها وزارة التضامن الاجتماعي للوقاية من العنف حيث بلغ عدد الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة” فى عام 2023 نحو 5.2 مليون أسرة بما يشمل أكثر من 20 مليون مواطن، بإجمالي مخصصات بلغت 121 مليار جنيه منذ إطلاق البرنامج فى 2015 وحتى تاريخه.

7- تقدم وزارة التضامن الاجتماعي خدمات داعمة للأسر وذلك من خلال برنامج الزيارات المنزلية للرائدات الريفيات ومكاتب تسجيل الأسر التابعين لها، ومراكز تنمية الطفولة المبكرة، والتى تسهم فى خفض معدلات العنف الممارس ضد الأطفال.

8- قامت وزارة التضامن الإجتماعى والمجلس القومى للأمومة والطفولة بإطلاق عدد من المبادرات التى تستهدف وقف العنف ضد الأطفال وهى ” حملة لا للعنف ، حملة أوقفوا العنف ، حملة مكافحة التنمر ، حملة احميها من الختان ، حملة أولادنا ، حملة ” بالهداوة مش بالقساوة “.

9- قامت وزارة التضامن الإجتماعى باطلاق برنامج ” وعى ” والتى تستهدفمواجهة زواج الأطفال وكافة أشكال العنف ،ويأتي برنامج “وعي” للتنمية المجتمعية ليعمل على تعزيز القيم والسلوكيات الإيجابية للأسرة المصرية ضد المعتقدات والممارسات المجتمعية الخاطئة التى من شانها التأثير سلباً على تنمية الطفل والأسرة.

وقد تصدت الوزارة لقضية زواج الاطفال، حيث قام البرنامج بتنفيذ حملة “زواجها قبل 18 يضيع حقوقها” حول مخاطر وأضرار زواج الأطفال قبل السن القانوني 18 سنة بإجمالي عدد 1.6 مليون اسرة مستفيدة منهم 90% من المناطق الريفية .

10- قام صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي والذى يستهدف المراهقين فى الفئة العمرية من 12: 18 سنة ، بتنفيذ العديد من الأنشطة التوعوية عن أضرار تعاطي المخدرات في 4500 مدرسة و276 كلية ومعهد عالي بـ 55 جامعة حكومية وأهلية وخاصة ومعهد عالي على مستوى الجمهورية إلى جانب 893 مركز شباب وذلك فى عام 2022.

11- إنشاء اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث فى 2019 . وفى عام 2021، وافق مجلس الشيوخ على مشروع قانون يعدل أحكام قانون العقوبات لتشديد العقوبة على ختان الإناث، إلى جانب إطلاق المجلس القومي للمرأة حملة لطرق الأبواب، وحملة “احميها من الختان”.

12- إنشاء خط نجدة الطفل المجاني (رقم 16000) المخصص لمساعدة الأطفال فى حالات الخطر والذى يتولاه المجلس القومي للطفولة والأمومة، لتلقي الشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الأطفال ومتابعتها، بالإضافة إلى تخصيص رقم عبر تطبيق الواتساب يتم من خلاله استقبال أى بلاغات عن ممارسة العنف ضد الأطفال برقم ” 01102121600″.

13- قام المجلس القومى للطفولة والأمومة بتشكيل فريق وطنى  “للقضاء على العنف ضد الأطفال في مصر” حيث تم تدريب عدد من الأخصائيين الاجتماعيين على التعامل مع الأطفال والأسر في إطار مجال حماية الطفل، والذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية، والتواصل الفعال المعني بحماية الطفل وفهم حالات سوء المعاملة والإهمال.

14- قام المجلس القومى للطفولة والأمومة بالتعاون مع يونسيف مصر عام 2015 بإصدار دراسة حملت عنوان ” العنف ضد الأطفال فى مصر ” –استطلاع كمى ودراسة كيفية فى القاهرة والأسكندرية وأسيوط ، والتى قدمت معلومات وبيانات هامة حول أسباب وطبيعة العنف ضد الأطفال فى مصر وقدمت أيضا عددا من التوصيات من أجل منع هذه الظاهرة .

15- إطلاق أول حملة قومية في مصر من أجل إنهاء العنف بين الأقران عام 2018 ، وذلك تحت رعاية المجلس القومي للطفولة والأمومة وبالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي.

 سابعا : مقترحات للحد من العنف ضد الأطفال 

على الرغم من أن حماية الأطفال من العنف تحظى باعتراف متزايد فى البرامج الدولية والإقليمية والوطنية، إلا أن التقدم المُحرز بطيء ومتفاوت ومجزأ للغاية بما لا يسمح بتحقيق إنجاز حقيقي فى مجال حماية الأطفال، فلا يزال هناك الكثير يمكن القيام به بشكل حاسم لإتاحة الفرصة لكل فتاة وفتى للتمتع بطفولتهما فى بيئة خالية من العنف.

أ – على المستوى العالمى:

قدمت المنظمات الدولية جهدا كبيرا فيما يتعلق بدراسة ظاهرة العنف ضد الأطفال على المستوى الدولى والإقليمى وقدمت فى هذا الصدد عددا كبيرا من التوصيات كان أبرزها ما يلى :

  • ينبغي لجميع الحكومات أن تضع وتعزز استراتيجية وطنية مرتكزة على الطفل ومتكاملة ومتعددة الاختصاصات ومحددة زمنيا لمنع العنف ضد الأطفال والتصدى له.
  • ينبغي على وجه السرعة فرض حظر قانونى صريح على جميع أشكال العنف ضد لأطفال ودعمه بتدابير مفصلة للتنفيذ والإنفاذ الفعلي.
  • ينبغي أن تقترن المبادرات والتدابير القانونية بمزيد من الجهود للتغلب على القبول الاجتماعي للعنف ضد الأطفال.
  • يتعين إتاحة بيانات ومعلومات عن مدى انتشار العنف ضد الأطفال.
  • تعزيز الأنظمة الوطنية لحماية الاطفال خاصة المعرضين لخطر الاستغلال والعنف كى تشملهم على نحو أفضل لاسيما غير المصحوبين بذويهم.
  • ضمان حصول جميع الأطفال اللاجئين والمهاجرين على التعلم وتزويدهم بامكانية الحصول على الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية.

ب – على المستوى المحلي

بذلت الدولة العديد من الجهود للقضاء على ظاهرة العنف ضد الأطفال،  سواء على نطاق التشريعات التي تكفل حماية الأطفال، أو على النطاق المؤسسي كما أشارت الورقة سابقا. ولكن يمكن بذل المزيد من الجهود للقضاء على هذه الظاهرة من خلال اتخاذ التدابير التالية:  

1-تعزيز وتطوير أطر وآليات المتابعة لضمان إنفاذ القوانين الخاصة بحماية الطفل وتعزيز المسائلة، والتمكين من الملاحقة الأمنية والقضائية لمرتكبى العنف ضد الأطفال.

2-تفعيل دور لجان حماية الطفل التابعة للمجلس القومى للطفولة والأمومة بمختلف محافظات الجمهورية ودعمها بمزيد من الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين

3-إعداد حملة إعلامية وطنية طويلة المدى تستهدف التعريف بالوسائل التربوية التى يمكن استخدامها مع الأطفال بديلا للعنف مع العمل على مواجهة كافة الأعراف والمفاهيم الموروثة التى تضفى الشرعية على استخدام العنف ضد الاطفال باعتباره السبيل الأول لتربية الأبناء وتأديبهم.

4-تضمين المناهج المدرسية ببرامج تواجه وتحارب العنف ضد الأطفال فضلا عن كيفية التعامل مع التنمر والعنف عبر الانترنت.

5-تطوير البرامج الوقائية والتوعوية والحرص على أن تكون تغطيتها متوازنة فى مختلف المحافظات ولمختلف الشرائح السكانية.

6-توفير فرق وخدمات دعم متخصصة للتعامل مع الأطفال الذين تعرضوا للعنف والإيذاء تشمل أطباء ومتخصصين اجتماعيين ونفسيين مع توفير آليات أمنة لتقديم الشكوى والإبلاغ عن أى محاولات للعنف والايذاء قد يتعرض لها الأطفال .

7-تخصيص وحدة أو إدارة داخل وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة تكون معنية بمواجهة العنف ضد الأطفال وبحث أسبابه وسبل العلاج، كما يمكن لهذه الوحدة مشاركة الجهات المعنية فى وضع الخطط اللازمة لمواجهة العنف ضد الأطفال.

8-زيادة عدد الجمعيات الأهلية العاملة فى مجال رعاية الطفولة وتشجيعها بتقديم مزيد من الدعم البشرى والمالى والمادى لها.

9-إشراك المؤسسات الدينية فى إدارة التغيير للمفاهيم المغلوطة فيما يخص تقبل وتبرير العنف ضد الأطفال.

10-العمل على إجراء مزيد من البحوث وجمع البيانات بشكل دورى ومتواصل بما يُمكن الحكومة والجهات المعنية من وضع خطط وسياسات مواجهة العنف ضد الأطفال ومتابعتها وتعديلها بما يتلائم مع المعطيات والتطورات الاجتماعية والتقنية المتلاحقة التى يتعرض لها المجتمع .

المصادر

  • مدحت أبو النصر (2023) ، مشكلة العنف ضد الأطفال فى مصر ، مجلة بحوث فى الخدمة الاجتماعية التنموية، جامعة بنى سويف.
  • خليفة عبد القادر قصى عطيه (2017) ،العنف ضد الأطفال أسبابه وأثاره (دراسة سوسيو- انثروبولجية فى بئر العاتر )، مجلة الباحث فى العلوم الانسانية والإجتماعية، جامعة قاصدي مرباح ورقلة ، الجزائر.
  • منى جمعة البحر (2015) ، العنف وسوء معاملة الأطفال (دراسة ميدانية على عينة من الأطفال المواطنين فى مجتمع الإمارات ) ، مؤسسة دبى لرعاية النساء والأطفال.
  • القضاء على العنف ضد الأطفال فى مصر الإطار الاستراتيجي الوطني (2018)، وزارة الصحة والسكان.
  • المجلس القومى للطفولة والأمومة ويونسيف (2015) ، العنف ضد الأطفال فى مصر، استطلاع كمى ودراسة كيفية فى القاهرة والأسكندرية وأسيوط.
  • التقرير السنوى للممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف ضد الأطفال (2021)، الأمم المتحدة.
  • تقرير الحالة العالمى عن الوقاية من العنف ضد الأطفال لعام 2020 ،منظمة الصحة العالمية ، اليونسيف،اليونسكو ، مكتب الممثل الخاص للأمين المعنى بالعنف ضد الأطفال. https://cdn.who.int/media/docs/default-source/documents/child-maltreatment/global-status-report-on-violence-against-children-2020/9789240007079-ara4f073a66-2c12-48aa-8730-8837fd1cde44.pdf?sfvrsn=48658444_5
  • التقرير السنوى للممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف ضد الأطفال (2014)، الدورة الخامسة والعشرون، مجلس حقوق الإنسان.
  • الدراسة الوطنية حول العنف ضد الأطفال فى الأردن (2019-2020)، المجلس الوطني لشؤون الأسرة.
  • الموقع الرسمى لوزارة التضامن الاجتماعى.
  • الموقع الرسمى للمجلس القومى للطفولة والأمومة.
  • الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية.  

 

The post العنف ضد الأطفال عالميا ومحليا ..قراءة تحليلية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7191