مقالات Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/المركز-الاعلامى/مقالات/ Egypt Wed, 09 Oct 2024 20:18:55 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.5 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 مقالات Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/المركز-الاعلامى/مقالات/ 32 32 205381278 انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم https://draya-eg.org/2024/10/08/%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a3%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d9%85/ Mon, 07 Oct 2024 22:06:01 +0000 https://draya-eg.org/?p=8272 بقلم/د. صلاح هاشم  على مدار تاريخ مصر الحديث ستظل حرب أكتوبر أيقونة للتفوق بكل معانيه.. فهي ليست معركة عابرة على متن صفحات التاريخ المطوية، وإنما هى انتصار للكرامة الإنسانية، وكسر لغطرسة جيش كان يرى أنه جيش الله المختار. كما يرى أصحابه بأنهم شعب الله وأحباءه وأبناءه .. فانتصار أكتوبر 1973 هو انتصار للحق والفضيلة، ورسالة …

The post انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم/د. صلاح هاشم 

على مدار تاريخ مصر الحديث ستظل حرب أكتوبر أيقونة للتفوق بكل معانيه.. فهي ليست معركة عابرة على متن صفحات التاريخ المطوية، وإنما هى انتصار للكرامة الإنسانية، وكسر لغطرسة جيش كان يرى أنه جيش الله المختار. كما يرى أصحابه بأنهم شعب الله وأحباءه وأبناءه .. فانتصار أكتوبر 1973 هو انتصار للحق والفضيلة، ورسالة قوية لكل من تسول له نفسه المساس بأرض مصر أو هويتها ..
لم تحارب مصر في 6 أكتوبر جيش بني صهيون وحده وإنما كانت تحارب قوة دولية غاشمة؛ تساند جيش الاحتلال بالعدة والعتاد، وتمثل سنداً قوياً وظهراً يحول دون هزيمته أو انكساره، لكن كانت مصر وحدها تحارب وخلفها قوة الحق والإرادة والايمان والصبر ، فانتصر الحق على الباطل ولَّقن جيش مصر الخالد إسرائيل ومن خلفها درساً قوياً لا يمكن بحال تزييفه أو نسيانه ..
وكان وسوف يظل انتصار أكتوبر غصة في صدر إسرائيل يعزز دائماً رغبتها في الانتقام.. إذ عطل انتصار أكتوبر مخطط إسرائيل في التمدد في المنطقة وإعلان دولتها المزعومة من النيل إلى الفرات.. واحد وخمسون عام مضت ولا تزال إسرائيل تحلم بلحظة الانتقام، وفى كل مرة تسعى فيها لتحقيق الحلم تتذكر مرارة الهزيمة وتجد جيش مصر يقظاً واعياً لمخططها ومستعد دائماً للمواجهة .. وكما فعلها الجيش المصري مرة؛ فإنه مستعد وقادر على فعلها ألف مرة .. وأن عقيدته القتالية التي تنطلق من إيمانه الراسخ بأنه جيش غير طامع ولا معتد وأنه لا يقاتل أبداً على باطل ..
ومن ثم فإننا أمام جندي مؤمن بأن الموت دفاعاً عن الوطن حياة خالدة .. كما إننا امام قيادة عسكرية واعيةـ ترى أن إسرائيل جزء من التاريخ ولكن لا وجود لها في الجغرافيا.
لقد خاضت اسرائيل منذ نشأتها عام 1948عديد من المعارك القتالية غير المنظمة التي تتسم بالبلطجة العسكرية وتزييف الحقائق والانتصارات، حتى تزييف أسباب المعركة نفسها والتي هي في مجملها أشبه بحرب العصابات وليس حروب الجيوش الرصينة التي تنطلق من مبادئ عسكرية راسخة .. ورغم انتصار إسرائيل في كل أو معظم معاركها في المنطقة إلا أن حرب أكتوبر تظل هي المعركة الوحيدة التي خسرتها إسرائيل؛ فأفقدتها توازنها في ست ساعات فقط، وألزمت جيشها المغرور ثكناته ..
لقد أدركت إسرائيل من خلال حرب أكتوبر وما بعدها أنها أمام جيش خلفه شعب مؤمن بحقه في القتال. وأن الجيش لن يقاتل بمعزل عن الشعب، وأن كل فرد من أفراد الشعب مسلح بالعقيدة العسكرية والوعي، ولديه الجاهزية الكاملة للانضمام للجيش والقتال في سبيل الوطن، حين يشعر الوطن بالخطر .. وأنه حين يدعوه الوطن إلى التجنيد يعتبر أن تلبية النداء واجب، وأن الموت في سبيل الوطن شرف، شرف يتخطى حدود الزمان والمكان ..
فأكثر ما كان يرعب إسرائيل هو اصطفاف الشعب خلف الجيش وخلف قيادته السياسية .. ورغم محاولات إسرائيل بكافة أجهزتها الاستخبارية أن تزعزع جسور الثقة بين الشعب والجيش، وتصنع لنفسها مساحة بينهما؛ إلا انها فشلت.
فقد جاءت احداث 25 يناير شاهدة على صدق العقيدة ووحدة الصف ..حيث استقبل المتظاهرون نزول الجيش إلى الشارع بالتكبير والتهليل والاصطفاف من أجل استعادة الاستقرار الذى استهدفته إسرائيل وحلفائها وهددته هتافات الثوار في الميادين .. وحافظت عليه عقيدة الجيش الثابتة. فكانت الشعارات في الميادين الساخنة ” الجيش والشعب إيد واحدة ” .
وجاءت ثورة 30. يونيو 2013 لتكون بمثابة معركة جديدة للوعى وللكرامة الإنسانية والانتصار للوطن وللاستقرار والتنمية .. وكانت رسالة قوية لإسرائيل ومن ولاها ..بأنها أمام جيش خلفه مائة مليون مواطن .. وأننا أمام شعب خلفه جيش مؤمن بحقه في الحياة والعيش في سلام .. وأنه حين تلتقي إرادة الجيش مع إرادة الشعب يتحقق النصر ..

ويذكرنا التاريخ كل يوم أن مصر حاضرة ولا تزال وسوف تظل شامخة رغم أنف التاريخ نفسه ورغم أنف الحاقدين والمتآمرين، وأن حب أبنائها لها وانتمائهم لها ليس شعاراً براقاً وإنما عقيدة راسخة، تناقلتها الجينات المصرية الأصيلة عبر التاريخ.. فمنذ بداية التاريخ كانت مصر عبارة عن جيش خلق الله له شعب .. دربته الأحداث والمطامع على القتال بنزاهة وشرف، وعلمته الحياة لعسكرية شرف الدفاع عن الوطن والموت في سبيله
لم يأت عشقنا العميق لهذا الوطن وجيشه الباسل من فراغ، وإنما من محصلة البطولات التي خاضها ذلك الجيش الباسل بشجاعة وحقق النصر على أعدائه باقتدار وحافظ على مقدرات وأمن واستقرار بلاده، وكان درعاً قوياً حافظ على أمانة الوطن عبر التاريخ المليء بالمكائد والأطماع وغدر الحلفاء وخيانة الأصدقاء..
تذكرني انتصارات أكتوبر دائماً بأن مصر بلد حي في عالم ميت ،ماتت فيه كل قيم النبل والوفاء والإنسانية، وسادت فيه قيم العدوان والبطش والوضاعة باقتدار .. وقدمت حرب أكتوبر للعالم نموذجاً للفارس المقاتل النبيل الذي يواجه أعداءه بكل حسم دون الاقتراب من الأطفال والنساء والشيوخ، ودون استهداف لحياة المدنيين وسبل معيشتهم، فاستهدافه دائماً كان لمنشآت العدو العسكرية كي تهزم قدرته على الاستمرار في القتال والمقاومة وتفل عزيمته في مواصلة عمليات الاحتلال ..
فلم يذكر التاريخ الدولي أن الجيش المصري ارتكب جريمة إنسانية واحدة بحق المدنيين في إسرائيل أثناء حرب أكتوبر، بعكس جيش الاحتلال الذى ارتكب مجازر إنسانية عديدة، كان أهمها مجزرة مدرسة بحر البقر الابتدائية شمال محافظة الشرقية عام 1970والتي راح ضحيتها أكثر من 19طفل، كان لا يزال يتلمس الخطوات الأولى للحياة. وأصيب قي المجزرة أكثر من 50 طفل أخرين.
لقد كانت حرب أكتوبر بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل، حسب وصف قادة جيش الاحتلال للمعركة . حيث أكدوا: ” أن ما حدث في 6 أكتوبر 73 قد أزال الغبار عن العيون وأظهر ما لم نكن نراه من قبل. وأدى ذلك إلى تغيير عاصف في عقلية قيادات الجيش الإسرائيلي. وأن حرب أكتوبر فجأتنا على نحو لم نكن نتوقعه، ولم تحذرنا أي حكومة أجنبية بوجود خطط محددة لأي هجوم عربي”.
لقد ألهمت انتصارات أكتوبر روح الفداء والتضحية لكل المصريين، وساهمت بشكل منقطع النظير في تشكيل الوجدان الوطني لجموع الشباب المصري ..فظلت أيام أكتوبر الحاسمة خالدة في الذاكرة ، تنبئنا كل يوم بأن هناك في الجبهة جنود لا تنام عن حماية الوطن ولا تكف عن تتبع أهداف العدو الاستعمارية النتنة .. جنود يحملون أعناقهم على أكفهم من أجل أن ينام شعبهم الخالد في سلام .. فلم يعد الجيش المصري مخصص فقط لحماية مصر وحدها ، فقد اثبتت الأيام السوداء التي تشهدها المنطقة العربية بفعل العدوان الإسرائيلي الغاشم في هذه الآونة، و التي جعلتنا نشعر بأننا نعيش حروب بلا نهاية وسلام بلا هدنة، أن الجيش المصري أصبح مسئولاً عن حماية اقليم بأكمله. وأن الهوية في عقيدته كالأرض والعرض لا يمكن المساس بها . وأن المسافة بينه وبين أي بلد عربي في خطر ” مسافة السكة ” .
لقد علمنا درس أكتوبر أن الجيش الذي خلفه شعب يدعمه لا يُقهر أبداً ، وأن الوطن الذي خلفه جيش مؤمن بقضيته لا يموت. فمصر هي أرض الثورة التي لا تهدأ، والنيل الذي لا يجف، هي سفينة نوح للعروبة، على أرضها مشى موسى مع الخضر، وفي قلبها كانت رحلة العائلة المقدسة .. وبيدها مفتاح الحياة ..
فتحية لهذا الجيش الباسل في ذكرى انتصاراته الخالدة، تحية وفاء وتقدير واحترام ..وتحية للشعب المصري الواعي المدرك دائماً لخطورة الحدث وأهمية الحفاظ على جيشه والاصطفاف خلف قيادته السياسية من أجل وطن يستحق الحياة كما يستحق التنمية ويستحق أن يعيش أهله في سلام ..

The post انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8272
ظاهرة الإلحاد الأسباب..الدوافع ..المؤشرات https://draya-eg.org/2024/08/25/%d8%b8%d8%a7%d9%87%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%84%d8%ad%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d8%a7%d9%81%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa/ Sat, 24 Aug 2024 21:44:14 +0000 https://draya-eg.org/?p=8133 لا شك أن عالمنا المعاصر يعاني من مشكلات وظواهر اجتماعية تتفاقم في حدّتها وتأثيرها يومًا بعد يوم، ولعل التطور التقني والتكنولوجي يلعب دورًا هامًا في تعاظم تأثيرات بعض الظواهر الاجتماعية التي عرفت على مدار التاريخ وفي مقدمتها ظاهرة الإلحاد.. والإلحاد ظاهرة قديمة، بدأت قبل ظهور الأديان السماوية؛ فمع الميل الفطري للإنسان بوجود إله يلجأ إليه، …

The post ظاهرة الإلحاد الأسباب..الدوافع ..المؤشرات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لا شك أن عالمنا المعاصر يعاني من مشكلات وظواهر اجتماعية تتفاقم في حدّتها وتأثيرها يومًا بعد يوم، ولعل التطور التقني والتكنولوجي يلعب دورًا هامًا في تعاظم تأثيرات بعض الظواهر الاجتماعية التي عرفت على مدار التاريخ وفي مقدمتها ظاهرة الإلحاد..

والإلحاد ظاهرة قديمة، بدأت قبل ظهور الأديان السماوية؛ فمع الميل الفطري للإنسان بوجود إله يلجأ إليه، كان الإنكار في المقابل بوجود الإله وزعم أن الكون بدأ بشكل تلقائي أو من خلية واحدة، وغير ذلك من التفسيرات العلمية والفلسفية لنشأة الكون والإنسان.

ولكن؛ تتعاظم أهمية مناقشة هذه الظاهرة في وقتنا الحالي بسبب التطور التقني والتكنولوجي غير المسبوق والذي تعاصره البشرية حاليًا، والذي كان سببًا مباشرًا في انتشار هذه الظاهرة وتعدُّد تأثيراتها على المجتمعات، فضلاً عن وصول هذه الظاهرة إلى المجتمعات العربية والشرق الأوسط بشكل عام، والتي كانت – إلى حد كبير- بمنأى عن اتّباع أفكار الإلحاد والملحدين لعقود طويلة .

وإيمانًا من المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية بأهمية مناقشة هذه الظاهرة وتتبُّع دوافعها ومؤشراتها وأسبابها؛ يصدر المنتدى هذا التقرير الذي يقدم بشكل علمي “معنى الإلحاد وتاريخه ودوافعه ومؤشراته، فضلاً عن عرضٍ لجهود الدولة المصرية ومؤسساتها الدينية من أجل التصدى لهذه الظاهرة .

وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة للحد من انتشار ظاهرة الإلحاد في التالي:

1- تفعيل دور خطبة الجمعة للرد على الشبهات والمفاهيم التي تروج لها مواقع الإلحاد وتجد لها مردود كبير بين الشباب.

2- استغلال الدراما بشكل موظف وعلمي لشرح صحيح الدين وإلقاء الضوء على القيم الإنسانية ومفاهيم الرحمة والعدل في الإسلام.

3- وضع خطة إعلامية كبرى تشارك فيها وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الإجتماعي لمواجهة انتشار الإلحاد في مختلف المجتمعات.

4- التزام المؤسسات الدينية المعنية بالخطاب الدينى المعتدل ونبذ الآراء الغريبة والشاذة، والتي كانت ملائمة لعصور مضت وانتهت.

5- تشكيل هيئة عالمية من المتخصصين في العلوم الدينية والعلمية والإنسانية على أن تكون لها منصات بمختلف اللغات للرد على شبهات الإلحاد ومحاورة الملحدين بالعقل والمنطق.

6- التوسع في إجراء الأبحاث العلمية المتخصصة على الملحدين بشكل دقيق بهدف التعرف على حجم الظاهرة وأهدافها ودوافعها وكيفية مواجهتها على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي وذلك من قبل الجامعات ومؤسسات البحث العلمي المعنية.

7- زيادة قدرات الشيوخ وشباب المفتين وتدريبهم على التعامل مع الملحدين والتحاور معهم بشكل علمي ومنطقي.

8- عقد لقاءات حوارية مفتوحة في الجامعات والمساجد والكنائس وبالتعاون مع المؤسسات الإفتائية للرد على شبهات الملحدين ومناقشة أفكارهم ومحاورتهم من خلال الأدلة والبراهين، ومن قبل المتخصصين في كافة المجالات.

9- العمل مع المؤسسات الدينية والفكرية المحلية والعالمية من أجل وضع إحصاء دقيق لأعداد الملحدين خاصة في مصر والعالم العربي بهدف دراسة الظاهرة بشكل أكثر شمولية وبأسلوب علمى دقيق.

أولاً: مفهوم الإلحاد…

يعرف الإلحاد في اللغة العربية على أنه ميل عن الاستقامة، والملتَحد يعني الملجأ، وقد سمى بذلك لأن اللاجئ يميل إليه. وعليه؛ فإن الإلحاد يعني ” العدول عن الاستقامة والانحراف عنها “.

أما مفهوم الإلحاد كفكرة وأيدلوجية، فإنه يعني التشكيك أو نفي كل شيء بما في ذلك الأديان، العقائد، الإله، الكتب المقدسة، والنبوات.

وهنا، يجب التفرقة بين مفهوم الإلحاد واللادينية، والتي تعني عدم الإيمان بالأديان، والإلحاد واللاأدرية؛ إذ أن الإلحاد هو عدم الإيمان بوجود إله، أما اللاأدرية فتعني عدم الجزم بوجود الإله، أو عدم وجوده لعدم كفاية الأدلة على ذلك.

بينما تُعرف الربوبية بأنها الإيمان بوجود مُسبّب أول أو إله أو قوة ما، أوجدت أو ساعدت على وجود وتطور الكون والحياة أو كلاهما، فيما تُعرف اللاكتراثية بأنها عدم الاكتراث تجاه وجود أو عدم وجود الإله.

وبناءً على ما سبق، فإن مفهوم اللادينية يضم عددًا من المفاهيم الفرعية؛ وهي الإلحاد واللاأدرية والربوبية واللاكتراثية.

ثانيًا: تاريخ الإلحاد…

يظن البعض أن ظهور الإلحاد بدأ مع الحضارة اليونانية، ومع أفكار فلاسِفتها ومعتقداتهم حول ماهية الأشياء وطبيعة الكون؛ إلا أن هناك بعض المؤشرات التاريخية التي سجلت أولى حركات الإلحاد في العام 1000 ق.م، والتي وقعت في الهند، وكانت تتضمن الشك في أحد المخطوطات المقدسة للديانات الهندية القديمة، والتي تساءلت عن آلية نشأة الكون وحقيقة وجود الإله وتحكمه في الكون، وبعد ذلك بنحو 500 عام، ظهرت “البوذية” التي لم تقدم تصورًا واضحًا عن وجود إله وخالق للكون؛ ولكنها عنيت أكثر بمعاناة البشر ورغباتهم وطريقة التخلص من هذه المعاناة، من خلال الوصول إلى “النرفانا” أو اللاتعلق، ويحدث ذلك من خلال توحد الإنسان مع الكون دون تدخل أو ذكر للإله، في أي مرحلة من مراحل تخلص الإنسان من معاناته.

أعقب هذه الحضارات؛ بزوغ نجم الحضارة اليونانية التي وضعت الأساس لفكرة الإلحاد في عصورها المختلفة، والتي تعتمد على فكرة “أزلية المادة”، وهذه النظرية تؤكد على أزلية عنصر مادي معين كالهواء أو الماء أو النار، ومن هذا العنصر تتفرع جميع المخلوقات والموجودات، وقد أطلق هذه الأفكار الفلاسفة في عصور ما قبل السقراطية والتي شملت المدرسة الملطية ” طاليس، انكسيمندريس ،أنكسيمانس”، وتبلورت الفكرة على يد الفيلسوف “ديموقريطس” (460:370 ق.م) والذي لم يعترف بوجود آلهة على الإطلاق؛ وإنما على الإنسان أن يتعامل في عالم مادي بحت، معتقدًا بأن الوحدات متناهية الصغر في الكون، والتي لا تقبل القسمة؛ هي في حقيقتها أزلية لا بداية لها ولا نهاية، وتحركت بشكل عشوائي وتكونت منها جميع المخلوقات.

شهدت هذه الحقبة رواجًا أيضًا لأفكار الفيلسوف “أبيقور”، والذي كان يؤكد على أن العالم قديمًا أزليًا، وسيظل كما هو إلى الأبد، كما أن الإله الذي يدعى بوجوده البعض، غير قادر على منع الشر؛ ولذلك تَبنى فيما بعد فكرة وجود إلهين؛ أحدهما للخير والآخر للشر، مع عدم الإيمان بوجود حياة بعد الموت، ولكن “أرسطو” قدّم برهانًا عقليًا على وجود “الإله”؛ ولكنه لم ينفِ في الوقت ذاته أزلية العالم وقدم المادة، وهو ما أطلق عليه “الهيولى”.

ولكن الأفكار والفلسفات اليونانية سرعان ما تلاشت مع سقوط أثينا في الحكم الروماني وإعلان المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية؛ وبالتالي راجت فكرة “خلق الله الكون من العدم”.

ومع بداية القرن السابع عشر، وتزامناً مع تداعيات الثورة الفرنسية التي اتخذت من العلمانية إطارًا فكريًا وهاجمت أفكار الكنيسة وسيطرتها على حياة البشر؛ عادت الأفكار التي ترى في العلم التجريبي حل لجميع الإشكاليات التي يواجهها البشر، وأن العالم ليس في حاجة إلى إله يدبر أموره، طالما أن العلم قادر على ذلك، مع العودة مرة أخرى إلى فكرة أزلية وقِدم المادة.

شهد القرن الثامن عشر تحولاً كبيرًا بظهور نظرية العالم نيوتن للجاذبية؛ وبالتالي وضع إطارًا لعمل المجموعة الشمسية، ولكنه على الرغم من ذلك؛ كان يؤمن بمبادئ “الربوبية”، والتي تؤكد على أن الكون ليس بحاجة إلى ربٍ ليدبر أموره، ولكنه خلقه وتركه ليعمل بشكل آلي، وهي ذاتها الأفكار التي اعتنقها المفكرون في عصر التنوير مثل جان جاك روسو وجون لوك، وجميعها كانت مقدمات لظهور تيار الإلحاد، ولكن بشكل جديد؛ إذ أن علماء هذه الحقبة كانوا يؤمنون بوجود إله، وأنهم يقدمون تفسيرات علمية للظواهر الكونية ودراسة أعمال الله؛ وبالتالي فهُم يقدمون خدمة للدين والكنيسة.

حمل القرن التاسع عشر وظهور الماركسية بماديتها القاطعة وإنكار وجود الله بشكل كلي، تطورًا كبيرًا فيما يتعلق بنمو التيار الإلحادي خاصة مع ظهور نظرية داروِن للانتقاء الطبيعي وظهور كتابه (أصل الأنواع) عام 1859، والذي لاقى قبولاً غير مسبوق من فلاسفة الماركسية وعلماء أوروبا الذين اعتنقوا الإلحاد بشكل ظاهر واتخذوه تيارًا فكريًا.

ولكن نظرية أزلية المادة انهارت مع اكتشافات العلماء في القرن العشرين؛ خاصة نظرية أينشتاين للنسبية، وألكسندر فريدمان والتي تشير إلى تمدد الكون بشكل متواصل ووجود نقطة بدء للكون؛ وهو ما يعني وجود قوّة مُهيمنة مُتسببة في الخلق. وكان اعتماد نظرية “الإنفجار العظيم” للعالمين أرنو بنزياس وروبرت ويلسون، سببًا رئيسيًا في انتهاء أسطورة أزلية المادة التي اعتمدت عليها جميع الأفكار الإلحادية.

ولكن هذه الاكتشافات؛ لم تمهّد لانتهاء التيار الإلحادي الذي عاد للانتشار مرة أخرى في عصرنا الحالي، ولكن دعّمته التكنولوجيا الحديثة ومستجدات العصر بشكل كبير، ومنحته أدوات أكثر قوة وانتشارًا؛ ولكن اختلفت الدوافع والأسباب وتعاظمت الآثار والتحديات.

الإلحاد المعاصر: تعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هي المحرك الأول لموجة الإلحاد المعاصر، والتي انتشرت بشكل كبير في أوروبا، ثم انتقلت إلى دول الشرق الأوسط؛ إذ أن اتّهام طالبان بأنها المُنفذ لهذه التفجيرات، فجّر لدى الآلاف الشعور بأن الدين والتدين هما السبب الأول في انتشار التطرف وعدم قبول الآخر وتهديده، بل وقتله وتهديد البشرية بشكل عام، وظهرت التيارات التي تنادي بجعل الإلحاد بديلاً للتدين؛ لإنقاذ البشر والحفاظ على التطور العلمي والإنساني لسكان الكرة الأرضية .

وظهر أيضًا أقطاب ومدافعون جُدد عن التيار الإلحادي، وفي مقدمتهم “سام هارس” صاحب أول كتاب في سلسلة الإصدارات الإلحادية المتتالية، والتي حملت عنوان “نهاية الإيمان، الدين، الإرهاب، ومستقبل العقل”، وكذا “ريتشارد دوكنز” داعية الإلحاد الأشهر، والذي يرى أن انتشار الأديان يعني أن تسود العالم تيارات العنف والإرهاب.

واتسمت تيارات الإلحاد المعاصرة بالعداء الشديد للأديان والمتدينين -خاصة الإسلام- وفي بعض الأحوال تُبنى فكرة أن الدين كان وسيظل منبعًا للشرور والكوارث.

كذلك، اتسم رجال الإلحاد الجدد بالقبول والكاريزما؛ مما جعل الإلحاد تيارًا له جاذبيته؛ خاصة لدى الشباب الذي رأى في الإلحاد أسلوب حياة عصري خال من أي قيود أو قواعد، وأصبح زعماء الإلحاد في العالم نجومًا لهم أتباع ومريدون، خاصة أقطاب الإلحاد الأربعة: “ريتشارد دوكنز – وسام هارس – كريستوفر هيتشنز – دانيا دينيت”.

يرى تيار الإلحاد المعاصر في اتباع الديانات السماوية مقابلاً للاقتناع بالعلوم التجريبية، فإما أن يؤمن الإنسان بالعلم ويعتبره المحرك الأول لكل الأفعال في الكون، وأما يتّبع الدين الذي يمثل لهم الجهل والخرافة.

ثالثًا: أسباب الإلحاد

تتعدد وتتشابك أسباب انتشار التيار الإلحادي؛ إلا أنه يمكن إجمال هذه الأسباب في الآتي :

1- أسباب نفسية: كشفت دراسة حملت عنوان “النمط النفسى للملحد” وشملت 320 شخصًا من الذكور في أمريكا، أن ما يتعدى نصف عدد المبحوثين، كانوا قد تعرضوا لفقد أحد والديهم قبل بلوغهم سن العشرين، وأن هؤلاء الأشخاص قد عانوا من مشاكل نفسية واجتماعية في حياتهم المبكرة؛ وهو ما انعكس ليس فقط على رفضهم لقواعد الأسرة والمجتمع؛ بل وعلى رفض وجود إله أيضًا، والاحتفاء بذلك هو ما جعل الدراسة توصي بضرورة دراسة الواقع النفسي للملحدين بشكل عام .

2- التبعية للغرب: كان من تداعيات الثورة الفرنسية تبني الغرب لفصل الدين عن السياسة والتخلي عن سيطرة الكنيسة لكل نواحي الحياة، وأعقب هذا الإتجاه حدوث التقدم الغربي والحضاري الذي جعل بعضًا من شعوب العالم تعتقد ويستقر لديها أن التخلي عن الدين هو السبب الأساسي في تحقيق الرُّقي والتقدم؛ وبالتالي لابد من اتباع نفس المنهج الفكري للوصول إلى تحقيق هذا الإنجاز الحضاري.

ولكن على صعيد آخر، يتم التعتيم على الجرائم التي ارتكبها الملحدون في حق البشرية باسم الحرية والتنوير؛ فقد مثّلت الدول الشيوعية، أقسى نموذج يتبنى الإلحاد، وأصبحت مذهبًا عامًا للبلاد، وارتكبت بسببها جرائم هائلة  في حق البشر، في روسيا والصين وكمبوديا وغيرها، والتي وثقها كتاب “الكتاب الأسود للشيوعية: الجرائم والإرهاب والقمع”، والذي صدر عام 1997م، فيما يعتبر كثير من المؤرخين مذبحة “فيندى” التي حدثت عام 1793 بفرنسا، أول إبادة جماعية في العصر الحديث، والتي بدأت عقب الثورة الفرنسية بأن شرعت في استخدام بعض فئات الشعب الفرنسي في التمرد ضد الحكومة العلمانية الجديدة، فما كان من الحكومة؛ إلا أن قابلت هذه التمردات بالقمع الغاشم والفوري.

وفي عام 1793م، بدأ بعض الفلاحين بمنطقة فيندي في التظاهر ضد الوضع الاقتصادي الطاحن، وتحالف معهم المتدينين الكاثوليك؛ فطبقت عليهم حكومة “التنوير” سياسات شديدة الوحشية، تم على إثرها إعدام أكثر من 6,000 أسير أكثرهم نساء وأطفال وشيوخ، وإغراق أكثر من 3000 امرأة في المياه، كما تم دهس الأطفال الرضع تحت أقدام الخيول، بالإضافة إلى حرق المساكن والبيوت والمزارع بشكل شديد الوحشية والهمجية.

بحلول عام 1796م، وصل إجمالي عدد القتلى طبقًا لبعض الإحصائيات، إلى حوالي 500,000 إنسان تم حصد رؤوسهم حرقًا، غرقًا، ذبحًا، أو دهسًا تحت أقدام العربات والخيول، ورغم عدم شهرة هذا الحدث؛ إلا أن أستاذ التاريخ البريطاني ألان فورست يقول إنه “حتى الآن يتذكر الغرب هذه المذابح كصراع بين الفلاحين والكاثوليك على جهة وبين الجمهوريين والملاحدة على الجهة الأخرى”. وبالتأكيد لم يكن قتل هؤلاء الأبرياء باسم الإلحاد؛ وإنما كان باسم التنوير والحرية والعقلانية.

3- التعرض للشبهات دون تحصيل أدنى حد من المناعة الفكرية: وذلك من خلال الدخول في نقاشات غير متكافئة مع الملاحدة ومنتقدي الأديان، مع الاستهانة بقدرات الخصم على التشكيك والهدم، مع تبني الشباب بشكل خاص أفكار الملاحدة باعتبارها سبيلاً لتحقيق الانطلاق والتحرر والتقدم ورفض الوصاية من العلماء وأهل الخبرة.

4– جمود الخطاب الديني وعدم قدرته على التماشي مع متطلبات العصر ومستجداته المتسارعة، وعدم قدرة عدد كبير من الوعاظ على الرد على شبهات ومزاعم الملاحدة، بشكل عقلي يقبله الشباب ويقتنع به، في الوقت الذي يستخدم فيه الملاحدة الأدلة العقلية بشكل شديد الجاذبية .

كذلك تجدر الإشارة إلى أن قراءة كتب الفلاسفة والملحدين التي وضعوا فيها الشبهات بشكل مُنمق وجذاب، كان من أهم أسباب انتشار الإلحاد المعاصر، خاصة للشباب ضعفاء الإيمان والعلم.

5القصور في نظام الوعظ والدعوة: فضلاً عن عجز التيار المتدين عن الاحتضان الروحي العملي للشباب، والاكتفاء في أغلب الأحيان بدروس علمية جافة ومواعظ ينقصها التجديد والإبداع، بدلاً من ممارسة التأطير الروحي والتربوي للأفراد.

6- الرغبة في الاستمتاع بالحياة دون قيود، وذلك تزامنًا مع التطور الحضاري الهائل الذي فتح أمام النفس البشرية ألوانًا شتى من المغريات والمُتع، والتي كان يقف أمامها الدين؛ ليضع حدودًا للحرام والحلال، ويُدرب النفس البشرية على الاعتدال؛ وهو ما أدى إلى تخلي البعض عن فكرة الأديان ووجود إله يضع حدودًا لمغريات الحياة والنفس البشرية.

7- ظهور الجماعات الإرهابية والتي وصفت نفسها بـالإسلاميةوارتكابها مجازر وأفعال همجية باسم الدين، جعل الكثيرون ينفرون من المنظومة الدينية بأكملها، واختيار الإلحاد كمقابل للإيمان والتدين على اعتباره المنقذ من وحشية سلوكيات هذه الجماعات ومعتقداتهم، فضلاً عن ظهور جماعات الإسلام السياسي، والتي اتخذت الدين ستارًا للوصول إلى الحكم؛ وعليه قامت بالعديد من الأفعال الإجرامية حدثت بهتانًا باسم الدين وخلطت ما بين المفاهيم الدينية والسياسية.

كذلك، فإن ثورات الربيع العربي وما أعقبها من ظهور خطاب ديني متطرف؛ أدى إلى كراهية الشباب ونفورهم من الدين، بل وإعلان عدد كبير منهم للإلحاد.

8-انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق واستخدامها كمنابر لنشر التيار الإلحادي، سهلت التواصل بين الملحدين بشكل كبير وزيادة أعدادهم بشكل هائل؛ بل وخلقت لهم مجتمعات كبيرة يمكنهم من خلالها استقطاب  أعضاء جُدد خاصة في المجتمعات العربية، فعلى سبيل المثال: منتدى اللادينيين العرب، يضم 7000 عضو، وكان عدد زواره يتجاوز 4000 زائر في اليوم الواحد؛ وعلى (اليوتيوب) نجد عدة قنوات بعضها تجاوز حاجز المليون مشاهدة، بالإضافة إلى مئات الحسابات التي تضم عضوية قليلة بالمئات أو بالعشرات؛ وموقع الحوار المتمدن يدخله 70 ألف زائر يومياً، وعدد كتاب المقالات 18 ألف كاتب؛ وموقع إلحاد الذي يدخله 10 آلاف زائر يوميًا، ويضم 14 ألف عضو.

بل إنه ثمّة مؤسسات عالمية ترعى الإلحاد وترعى الملحدين منها مثلاً “التحالف الدولي للملاحدة”  ATHEIST ALLIANCE.

وفيما يتعلق بالعالم العربي؛ فقد أجرى قسم المتابعة الإعلامية لشبكة بي بي سي، بحثاً على شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، عن كلمة “ملحد” باللغة العربية والإنجليزية، وتبين أن مئات من صفحات فيسبوك وحسابات تويتر التابعة لـ “ملحدين” من العالم العربي؛ جذبت آلاف المتابعين لها.

ويحتوى فيسبوك على العديد من الصفحات التي تدعو الملحدين العرب إلى الانضمام إليها، ومن هذه الصفحات: “الملحدين التونسيين”، التي تضم أكثر من 10 آلاف متابع، و”الملحدين السودانيين” التي تضم أكثر من 3000 متابع، وأيضًا “شبكة الملحدين السوريين” التي تضم أكثر من 4000 متابع.

وعلى تويتر أو “منصة إكس”، يتراوح عدد متابعي الحسابات التي يعلن أصحابها عن إلحادهم بين المئات والآلاف، فمثلاً يتجاوز عدد متابعي حساب “أراب أثيست” الثمانية آلاف متابع.

رابعًا: مؤشرات الإلحاد محليًا وعالميًا

لا شك في أنه يصعب وضع أرقام ومؤشرات دقيقة لأعداد الملحدين في العالم وخاصة في الدول العربية بل والإسلامية على وجه التحديد؛ إذ أن كثير من الملحدين يقومون بإخفاء هوياتهم خوفًا من النبذ المجتمعي والتعرض للإيذاء لهم ولأسرهم؛ إلا أنه يمكن وضع بعض المؤشرات في الاعتبار لتوضيح حجم انتشار هذه الظاهرة عالميًا ومحليًا:

1- ذكر موقع العربية أنه وفقًا للحملة التي قام بها “منتدى بيو فورم للدين والحياة العامة” -وهو مركز دراسات وأبحاث أمريكي متخصص بالأديان والمعتقدات- أن أكثر من 84% من سكان العالم هم من أتباع الأديان السماوية، أو من المؤمنين باعتقاد أو بشيء ما، أما الباقي فلا يؤمنون بشيء على الإطلاق، كما صنفوا هم أنفسهم في حملة قامت بأكثر من 2500 إحصاء في 230 دولة ومنطقة جغرافية بالعالم طوال عام 2010.

2- كان من نتائج هذه الحملة أن الإلحاد أصبح “الديانة” الثالثة بالعدد في العالم بعد المسيحية والإسلام، وأن الإسلام هو الأكثر قابلية للانتشار، وموزع بين 87 و90% من المذهب السني، والباقي من الشيعة، فيما اليهودية هي أضعف الأديان، وأقل بقليل من نصف أتباعها يقيمون في إسرائيل.

3- نشرت العربية خريطة أيضًا توضح أعداد الملحدين حول العالم كالتالي:

 

(خارطة بعدد الملحدين طبقًا لكل قارة)

توضح الخريطة أن أعداد الملحدين في أوروبا بلغ 134.820.000، بينما بلغت في أمريكا الشمالية 59.040.000 ، وفي أمريكا اللاتينية 45.390.000 وفي آسيا 858.580.000، وفي أفريقيا 26.580.000، أما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيبلغ عدد الملحدين 2.100.000.

وتُظهر الخريطة -التي توضح التوزيع الجغرافي لمن صنفوا أنفسهم لادينيين؛ لا يؤمنون بأي معتقد، أي “عدميين” بلا أي ارتباط مع الماورائيات- أن أقل نسبة منهم نجدها في الشرق الأوسط، حيث لا يزيدون عن 0.2% من المليار و100 مليون “ملحد” وعددهم كما تبينه الخارطة مليونين و100 ألف فقط.

يأتي بعدهم ملحدو القارة السمراء، باستثناء مصر والسودان ودول شمال أفريقيا، ونسبتهم 2.4% من المجموع العام، يليهم 4% بأمريكا اللاتينية والكاريبي، وبعدهم 5.2% في الولايات المتحدة وكندا، ثم 12% في أوروبا، والباقي في آسيا، ونسبتهم 76.2% يمثلون أكثر من 858 مليونًا، منهم 62.2% في الصين وحدها، أي تقريبًا 586 مليونًا ملحد.

4- وبحسب موقع العربية فإن الإحصاءات تظهر وجود 58 مليون نسمة، أي أقل من 1% من سكان العالم، ممن يمكن اعتبارهم “حيارى” في أي دين ينتمون، ومنهم البهائيين والسيخ والزرادشت المجوس و”الويكا” وهي ديانة تأسست في بريطانيا بخمسينات القرن الماضي، كما منهم “الجاينيين” المنتشرة معتقداتهم في الهند بشكل خاص، وكذلك أتباع “الطاوية” المنتشرين في الصين وما جاورها، وأيضًا أشباههم من اتباع معتقد “التنريكيو”.

5-وفي يناير عام 2014م؛ أصدرت دار الإفتاء المصرية تقريرًا حول أعداد الملحدين في الوطن العربي، حيث قالت إن عددهم في مصر هو 866 ملحدًا، وفي المغرب 325، وفي تونس 320، وفي العراق 242، وفي السعودية 178، بينما كان عددهم 170 في الأردن، 70 في السودان، 56 في سوريا، 34 في ليبيا، و32 في اليمن.. وهو ما يساوي 2293 ملحدًا بين سكان الوطن العربي البالغ عددهم وقتها قرابة 400 مليون نسمة. ولكن هذا الإحصاء وصفه بعض العلماء بأنه غير دقيق، مؤكدين أن أعداد الملحدين في الوطن العربي تتجاوز أعدادهم الملايين، إذ أنه في عام 2012، قامت مؤسسة “وين جالوب” بإجراء استطلاعًا للرأي أثبتت من خلاله أن خمسة بالمائة من المواطنين السعوديين – أي أكثر من مليون شخص وقتها بحسب تعدادهم – يعتبرون أنفسهم “ملحدين مقتنعين”، وهي نفس النسبة في الولايات المتحدة بالمناسبة، بينما يعتبر 19 بالمائة من السعوديين – حوالي ستة ملايين نسمة – أنفسهم “غير متدينيين”.

6- وقد أوضحت موسوعة ويكيبيديا أن عالم الاجتماع فيل زوكرمان، أشار إلى أن تقديرات أعداد الأشخاص الذين لا يؤمنون بوجود إله؛ تتراوح ما بين 500:750 مليون شخص، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن هناك ما بين 200 و240 مليون شخص يعرّفون أنفسهم بأنهم ملحدون حول العالم، مع وجود أغلبهم في الصين وروسيا.

7- رصد موقع “بي بي سي” تحولاً كبيرًا في علاقة الشباب دون الـ30 عامًا بالدين وممارسة الشعائر الدينية في العالم العربي؛ إذ يتزايد عدد من يقبلون على التدين قياسًا بعددهم في عام 2018، وذلك بحسب استطلاع جديد أجرته شبكة “البارومتر العربي” لصالح بي بي سي.

وكانت الشبكة قد أجرت استطلاعًا مماثلاً في أواخر عام 2018 وربيع عام 2019، شمل الفئة نفسها من المبحوثين، ووجهت إليهم نفس الأسئلة، لكن الإجابات كانت مختلفة للغاية؛ فقبل أقل من 4 سنوات خلص الاستطلاع، إلى أن عددًا متزايدًا من العرب تركوا تدينهم وأداء الشعائر الدينية.

ورصد الاستطلاع وقتها أن ثلث التونسيين وربع الليبيين وصفوا أنفسهم بغير المتدينين، أما في مصر فقد أشارت نتائج استطلاع عام 2018 إلى تضاعف عدد غير المتدينين، بينما تضاعف حجمهم أربع مرات في المغرب.وما كان لافتًا في ذلك الوقت هو أن الزيادة الكبرى في أعداد غير المتدينين كانت بين الشباب ممن هم دون الثلاثين عامًا، إذ ارتفعت نسبتهم بـ 18 % .

 

 

لكن بحسب استطلاع الرأي الأخير، شهدت تونس وليبيا والمغرب والسودان ومصر والأردن والأراضي الفلسطينية، تراجعًا في عدد من وصفوا أنفسهم بغير المتدينين من كل الفئات العمرية. فيما كشف الاستطلاع أن مزيدًا من مواطني هذه البلدان باتوا يصفون أنفسهم بالمتدينين.

وبحسب استطلاع 2022، شهد المغرب انخفاضاً بـ7 % في عدد من وصفوا أنفسهم بأنهم غير متدينين بين كل الفئات العمرية، تليه مصر بانخفاض بنحو 6%، ثم تونس وفلسطين والأردن والسودان بانخفاض بنسبة 4%.

أما في فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن الـ 30 عامًا، فشهدت تونس التراجع الأكبر في عدد الشباب الذين وصفوا أنفسهم بأنهم غير متدينين.

فاليوم، يصف نحو ثلثي الشباب التونسي المشارك في الاستطلاع أنفسهم بالمتدينين؛ وهو تراجع كبير مقارنة باستطلاع عام 2018، الذي وصف فيه نحو نصف الشباب التونسيين المشاركين في الاستطلاع أنفسهم بأنهم غير متدينين.

وشهد المغرب ومصر ثاني أكبر معدل انخفاض في عدد الشباب الذين وصفوا أنفسهم بأنهم غير متدينين؛ إذ يقول 10 في المئة من الشباب المغاربة و6 في المئة من الشباب المصريين المستطلعة آراؤهم إنهم ليسوا متدينين.

8- وبحسب بيانات المؤشر العالمي للأديان والإلحاد بمركز “ريد سي”؛ فإن 32.4% من ملحدي مصر في الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة و36% في الفئة العمرية (25- 34 سنة)، كما أن 73.8% من الملحدين ذكور و26.2% نساء.

9- ذكر الموقع الإلكتروني لجريدة “الوفد” المصرية؛ أن استطلاعًا أجرته جامعة “إيسترن ميتشيجان” الأمريكية، كشف أن عدد الملحدين في مصر وصل عقب ثورة 25 يناير 2011، إلى 3% من عدد السكان، أي أكثر من مليوني ملحد منهم 8 ملايين بالخارج بحسب تعداد السكان آنذاك.

كما كشف استطلاع الجامعة الأمريكية، أن أكبر محافظات مصر من حيث عدد الملحدين هي القاهرة، تليها الإسكندرية (شمال)، إضافة إلى تواجد ملحدين في الإسماعيلية (شمال شرق) والشرقية (بدلتا النيل، شمال)، فيما خلت محافظات الصعيد تمامًا من الملحدين، بحسب التقرير ذاته.

خامسًا: جهود الدولة المصرية لمواجهة انتشار الإلحاد..

بلا شك لا يعد انتشار الإلحاد في المجتمعات الغربية والآسيوية مشكلة بأي شكل من الأشكال؛ بل على العكس، فيُنظر إلى الإلحاد على أنه حق من حقوق الإنسان في أن يعتقد ما يريد، ولكن المشكلة الحقيقية في المجتمعات الإسلامية، والتي يتسم تاريخها بالتدين والمحافظة، وفي مقدمتها مصر، والتي يعد فيها انتشار الإلحاد مشكلة خطيرة لأنه يتعلق بتهديد النسق القيمي للمجتمع وكذا يهدد بانتشار الفوضى والجريمة، فعدم الاعتقاد بوجود الله كفيل بأن يجعل المجتمع غابة تُباح فيها كل الشرور.

والمشكلة في مصر تكمن في الزيادة الرهيبة في أعداد الملحدين برغم عدم وجود مؤشرات وأعداد حقيقية للملحدين في مصر، إلا أن البيانات المتاحة تشير إلى تصدر كل من مصر والسعودية لأعداد الملحدين في الوطن العربي، خاصة في السنوات الأخيرة التى أعقبت حكم جماعة الإخوان الارهابية وما تضمنه هذا الحكم من أعمال إرهابية منافية للأعراف الإنسانية جعلت الشباب بشكل خاص ينفرون ويرتدون عن الدين. فقد أكد الأستاذ أسامة الحديدى المدير التنفيذى لوحدة “بيان” التابعة للأزهر الشريف والمعنية بالرد على الأسئلة الخاصة بالشبهات الإلحادية، أن الفئة العمرية الأكثر تعرضًا للتأثر بهذه الشبهات تبدأ من عمر 40:14 عامًا، مشيرًا إلى تزايد أعداد السائلين مؤخرًا فقد استقبلت الوحدة منذ عام 2018 حتى يونيو 2021 ما يقرب من مائتى ألف وثلاثمائة وخمسين (200350) حالة.

والحقيقة أن الإلحاد ليس مشكلة يمكن علاجها بالقوانين والتشريعات فقط، وإنما هو مشكلة فكرية في المقام الأول، وقد أولت السياسية لهذا الأمر اهتمامًا كبيرًا ؛ ولذلك أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى في أكثر من مناسبة ضرورة تغيير الخطاب الدينى الجامد بما يتناسب مع متطلبات العصر ويمكنه التعامل مع الشباب الذي تتطور أفكاره بسرعة هائلة مع ضرورة تقديم إجابات منطقية للشبهات والمسائل الدينية الملتبسة لدى الكثيرين.

ومن هنا، قامت المؤسسات الدينية المعنية وفي مقدمته الأزهر ودار الإفتاء ببذل جهود كبيرة للحد من انتشار الإلحاد في مصر كان أبرزها ما يلي:

1- أطلقت وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة حملة قومية لمواجهة انتشار الإلحاد بين الشباب مع الاستعانة بعدد من علماء النفس والاجتماع والسياسة والأطباء النفسيين.

2- أطلق مركز الأزهر العالمي للرصد والفتاوى الإلكترونية، وحدة “بيان”  عام  2018، بهدف تصحيح المفاهيم ومواجهة موجات التطرف والانحرافات أيًا كان نوعها، خاصة الإلحاد والفكر اللاديني، والتصدي للحملات الممنهجة للتشكيك في مفهوم الدين عمومًا والإسلام بشكل خاص؛ حيث يعتمد رد الوحدة دائمًا على الأدلة والبراهين العقلية وكذلك الأدلة العلمية الموثقة فضلاً عن الأدلة النقلية.

3- خصصت وحدة “بيان” الخط الساخن “19906” والتابع لمركز الأزهر العالمي للفتاوى الإلكترونية، للرد على التساؤلات الفكرية والمتعلقة بصحيح الدين وتتم الإجابة مباشرة من قبل المتخصصين عبر الهاتف وتسجيلها، وقد يستدعى الأمر الإتصال مباشرة مع المتصل فيتم التنسيق معه وتحديد موعد مناسب للمقابلة.

4- أطلق مركز الأزهر العالمى للفتاوى الالكترونية، عددًا من المنصات على مواقع التواصل الإجتماعى تقوم بالرد على أسئلة الزائرين خاصة تلك التي تتعلق بالأفكار الالحادية مع توضيح حقيقة عدد من المفاهيم التي يستخدمها الملحدون لجذب أعضاء جدد.

5- خصصت وحدة “بيان” من خلال قسم “الفكر والأديان” رقم الهاتف ( 0020225973500 ) للرد على أسئلة الشبهات الإلحادية من المتصلين من داخل وخارج مصر.

6- قام الأزهر الشريف بإنشاء قسم للمتابعة الإلكترونية، يرصد الأفكار الشاذة وتحليلها ورسم الخطط المنهجية لمعالجتها وتصحيحها وتحصين المجتمع منها.

7 – حرص الأزهر على إعداد قسم البحوث والنشر لعدد من البحوث والأوراق العلمية لتفنيد المبادئ الإلحادية والشبهات التي تروج لها

8- تدريب المفتين والمختصين في مجال الإلحاد الفقهي وتأهيلهم للرد على الشبهات الإلحادية ومناظرة المدعين لها بالحجج والبراهين العقلية المقنعة.

9- على صعيد آخر أكدت الكنيسة المصرية تواصلها مع الأزهر الشريف بهدف وضع برنامج شامل من أجل التعامل مع ظاهرة الإلحاد خاصة بين الشباب.

 

 

 

 

المراجع

1- الإلحاد أسباب هذه الظاهرة وطرق علاجها، عبد الرحمن عبد الخالق، طبع ونشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، الرياض، الطبعة الثانية ، 1404 هجرية.

2- الإلحاد المعاصر (سماته وآثاره وأسبابه وعلاجها)، سوزان بنت رفيق بن ابراهيم المشهراوى “محاضر متعاون بكلية الدعوة وأصول الدين ” ،1439 هجريا : 1440 هجريًا.

3- بحث عقيدة الإلحاد المعاصر “أسبابه، أقسامه، وسائله، علاجه”، مريم مجيد عبد الله، 2021.

4- الموقع الرسمي للأزهر الشريف.

5- الموقع الرسمى لدار الإفتاء المصرية.

6- موقع البي بي سي.

7- الموقع الرسمي لقناة العربية.

8- اللقاء التليفزيوني للدكتورة آمنة نصير المفكرة وأستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة ومتاح على الرابط التالي:

https://youtu.be/j2_sYeBFcwM

9- الموقع الرسمي لمنظمة التعاون الإسلامي.

The post ظاهرة الإلحاد الأسباب..الدوافع ..المؤشرات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8133
أزمة الكهرباء والطاقة في مصر… سبل المواجهة https://draya-eg.org/2024/06/30/%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%87%d8%b1%d8%a8%d8%a7%d8%a1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%b3%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9/ Sun, 30 Jun 2024 12:37:36 +0000 https://draya-eg.org/?p=8024 تعيش مصر منذ منتصف يوليو 2023 أزمة انقطاع للكهرباء وسط زيادة درجات الحرارة الناتجة عن التغيُر المناخي وتزايد معدلات الاستهلاك في ظل الزيادة السكانية لنحو 105 مليون مواطن، فضلاً عن وجود اختلالات أخرى في قطاع الطاقة، تسببت في انقطاع الكهرباء لمدة ساعتين في إطار خطة الحكومة لتخفيف الأحمال. وفى هذا الإطار، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات …

The post أزمة الكهرباء والطاقة في مصر… سبل المواجهة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تعيش مصر منذ منتصف يوليو 2023 أزمة انقطاع للكهرباء وسط زيادة درجات الحرارة الناتجة عن التغيُر المناخي وتزايد معدلات الاستهلاك في ظل الزيادة السكانية لنحو 105 مليون مواطن، فضلاً عن وجود اختلالات أخرى في قطاع الطاقة، تسببت في انقطاع الكهرباء لمدة ساعتين في إطار خطة الحكومة لتخفيف الأحمال.

وفى هذا الإطار، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على الأزمة، وأسبابها، معدلات الاستهلاك والإنتاج، مصادر الطاقة في مصر، وأهم المشروعات في هذا المجال، تبعات الأزمة (إيجابية/ وسلبية)، و أخيراً النظرة الدولية لتطور قطاع الكهرباء في مصر. 

هذا وقد تمثلت أهم النتائج  والتوصيات التي توصلت إليها الورقة للخروج من الأزمة مايلي:

– ضرورة الإسراع من وتيرة التنوع والاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وبصفة خاصة المحطات التي تعمل بالطاقة الشمسية.

– من الممكن الاستفادة من البطاريات التي تعتمد في توليد الطاقة على الطاقة الشمسية من خلال نشرها على أسطح المنازل والمصانع والاستفادة منها أثناء انقطاع التيار الكهربائي.

– العمل على تعويض النقص في إنتاج الغاز بحقل ظهر نتيجة لما تردد عن خروج بعض آبار الحقل عن العمل نتيجة وجود تسرب لمياه البحر بداخلها، مع استمرار التنقيب والاستكشاف لحقول غاز أخرى.

– من الممكن الاستفادة من الانخفاض الحالي في أسعار الغاز عبر استيراد الغاز خلال فترة الصيف.

– أهمية المصارحة والمكاشفة للمواطنين والاطلاع المستمر عن مواجهة الحكومة للأزمة.

– التوزيع العادل والمنتظم لانقطاع الكهرباء مع عدم وجود استثناءات إلا للمناطق الحيوية فقط .

– تقليل ساعات الانقطاع في المناطق التي تعاني من ارتفاع شدد في درجات الحرارة في جنوب مصر.

– التعاون مع المنظمات والشركاء الدوليين من أجل الوفاء بالتزاماتهم تجاه الدول التي تعاني من آثار تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة .

أولاً:عن الأزمة:

 الواقع أن أزمة الكهرباء الحالية لم تكن وليدة الوقت الحالي فقط بل إن الأزمة كانت قد عاشتها مصر من قبل مابين نوبات لانقطاع التيار الكهربائي  في عصر النظام الأسبق وزادت حدتها بعد عام 2011 وسط تهالك شبكات الكهرباء وعدم كفاءتها وسط الافتقار لوجود الاستثمار في هذا القطاع فضلاً عن ركود الانتاج ووقف عقود التنقيب عن الغاز.

والواقع أن مواجهة تلك الأزمة كانت أولوية على أجندة الرئيس السيسي الذي حرص منذ وصوله للحكم في يونيو 2014 على مواجهة الأسباب السابق ذكرها وبدأت الدولة خطة طموحة لمواجهة الأزمة عبر بناء شبكة محطات جديدة: ثلاث محطات تعمل بالغاز بقدرة 4.8 جيجاوات، وهي بني سويف والعاصمة الجديدة والبرلس، التي تديرها مجموعة سيمنز الألمانية، حيث تمثل ما يقرب من 40% من قدرة الطاقة في مصر وتوفر الكهرباء لنحو 40 مليون مصري. وفي عام 2015، بدأت مصر أيضًا في استيراد الغاز الطبيعي المسال لأول مرة في تاريخها، حيث قامت بإرساء وحدتين عائمتين للتخزين وإعادة التحويل (FSRU) في العين السخنة بخليج السويس.

ومع إعلان شركة إيني الإيطالية عن اكتشاف حقل ظهر في عام 2015 للغاز الطبيعي باحتياطيات تقدر بحوالي 30 تريليون قدم مكعب غاز وهو ما يعادل 5.4 مليار برميل زيت مكافئ، كما أن هذه احتياطيات تمثل أكثر من135% من الاحتياطي الحالي للزيت الخام في مصر، لتصبح مصر بعدها مصدر صاف للغاز الطبيعي المسال.

هذا الاكتشاف عزز من مكانة مصر لتتحول لمركز إقليمي للطاقة ومنصة لتجارة الغاز سواء المنتج محلياً أو المستورد من دول الجوار ومن ثم إعادة تصديره بعد القيام بتسييله، خاصة وأن مصر الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي تتمتع بقدرة على ذلك.

وقد تزامن ذلك مع الاتفاق مع إسرائيل على استيراد وإعادة تصدير الغاز الإسرائيلي عام 2020 وإعادة فتح منشأة تسييل دمياط ، ومن هنا بدأت مصر في لعب دور محوري في هذا المجال تكلل من خلال المساهمة في تأسيس واستضافة منتدى غاز شرق المتوسط.

تلك الاكتشافات وهذا التطور الذي لحق بقطاع الطاقة ساهم في لعب مصر دور هام في تلبية احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي بعد الحرب الروسية/ الأوكرانية، وفي يونيو 2022 وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية غاز مع مصر وإسرائيل لزيادة إمدادات الغاز.

وفي العام 2023، صدّرت مصر 8.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، لتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر الدول المصدرة في العالم، وللمرة الأولى، ذهب ما يقرب من 60% من إنتاجها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وهو ما يلبي حوالي 4% من الطلب على الغاز الطبيعي المسال.

ثانياً:أسباب الأزمة:

– تعرُض البلاد لموجات حارة ناتجة عن التغيُر المناخي ، وسط تزايد الاستهلاك المحلي.

– تراجع الانتاج من الغاز الطبيعي نتيجة لوجود بعض الأخطاء المتسببة في إحداث تشققات في أحد الآبار بحقل ظهر مما أدى لتسرب مياه البحر بداخله وتوقفه عن الإنتاج تمامًا وانخفاض الإنتاج بمقدار مليار قدم مكعب  يومياً البالغ  12 مليار قدم مكعب ، وهذا أتى وسط استهلاك المحطات مابين من 70 إلى 75% من إنتاج مصر من الغاز الطبيعي.

– توقف الحكومة المصرية عن استيراد المازوت اللازم لتشغيل المحطات نتيجة ارتفاع أسعاره ، يُذكر أن الشركة القابضة للكهرباء كانت قد تسلَمت أكثر من 500 ألف طن من المازوت وتم استهلاكه لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء.

– أزمة نقص النقد الأجنبي اللازم لاستيراد وقود المازوت الممزوج بالغاز واللازم لتشغيل محطات الطاقة في البلاد.

– الاستمرار في دعم قطاع الكهرباء وبيعه بأقل من سعره الحقيقي، وهو مااتضح من وجود عجز ناتج عن بيع الغاز لمحطات الكهرباء المصرية بقيمة 3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية فيما تم شراؤه بنحو 6 دولار لذات الوحدات من الشريك الأجنبي.

– الارتباط بعقود تصدير الغاز لأوروبا، مما دفع الحكومة لتحويل جزء من الإنتاج المحلي إلى السوق الأوروبية حتى لاتتعرض إلى عقوبات وغرامات من أجل الوفاء بالتزاماتها.

– قرار إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر وحربها على قطاع غزة إيقاف خط أنابيب غاز شرق البحر الأبيض المتوسط الذي ربط عسقلان في جنوب إسرائيل بالعريش في مصر، (يقع على بعد بضعة أميال من سواحل قطاع غزة) ، وهو ما أثر سلباً على مدة الانقطاع، ورغم وجود قرار في 21 نوفمبر الماضي باستئناف عمليات التصدير واستقبال محطة إدكو لأولى تلك الشحنات إلا أنه ولتلبية نقص المعروض الأجنبي تم تصدير تلك الشحنة.

(يُذكر أن مصر أيضاً تستقبل خط غاز إسرائيلي آخر وهو خط أنابيب الغاز العربي).

– عدم الوصول للمستهدف الإنتاجي من الطاقة المتجددة حيث بلغت حصة القطاع من إجمالي الإنتاج نحو 10.6% عام 2022 وهو أقل من المستهدف المحدد بنسبة 20%.

ثالثاً:معدلات الاستهلاك والإنتاج :

تشير البيانات الحكومية إلى أن البلاد ضخت استثمارات وصلت إلى 355 مليار جنيه (11.5 مليار دولار) في مجال إنتاج الكهرباء خلال المدة الزمنية من 2014 حتى نهاية 2022، كما استثمرت الحكومة نحو 85 مليار جنيه (2.75 مليار دولار) في تدعيم منظومة نقل الكهرباء وتحديثها، لتكون قادرة على استيعاب القدرات المضافة من مشروعات توليد الكهرباء وفي مقدمتها الطاقة المتجددة.

– وفي عام 2022 صدرت مصر نحو 8.5 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال لتكون بذلك في المركز 12 بين أكبر مصدرين في العالم وذهب نحو 60% من إنتاجها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا.

ومع ذلك فتعاني مصر من انخفاض في إنتاج المصادر اللازمة لإنتاج الكهرباء خلال العام 2022 وهو ماأدى لتراجع إنتاج الكهرباء. وتظهر بيانات معهد الطاقة البريطاني، أن إجمالي توليد الكهرباء في مصر تراجع خلال العام الماضي إلى 200.8 تيراواط/ساعة، مقابل 209.7 تيراواط/ساعة في عام 2021، أي بنسبة هبوط سنوية 4.2%.

ورغم تراجع حصته العام الماضي، ما يزال الغاز هو أكبر مصدر لتوليد الكهرباء في مصر بنسبة تجاوزت 79%، ولكنها أقل من العام السابق له والبالغة 82.9%. فتراجعت الكهرباء المولدة من الغاز الطبيعي من 174 عام 2021 إلى 159.3 تيراواط/ساعة عام 2022 بنسبة 8.5%، ومن الطاقة الكهرومائية من 14.3 الى 13.8 تيراواط/ساعة بنسبة تراجع 3.4%ومن الطاقة المتجددة من 10.5 إلى 10.2 تيراواط/ساعة بنسبة هبوط 2.8% ، فيما شهدت الكهرباء المولدة من محطات تعمل بالمازوت زيادة من 10.9 إلى 17.6 عام 2022 بنسبة زيادة 61.2%. يُذكر أن قطاع الكهرباء هو الاكثر استهلاكا للغاز بنسبة 58.3% ، حيث بلغ إنتاج الغاز 64.5 مليار متر مكعب عام 2022 متراجعاً عن العام السابق 67.8 مليار متر مكعب.

وفي السياق نفسه، تراجع استهلاك مصر من الغاز الطبيعي خلال العام الماضي إلى 60.7 مليار متر مكعب، مقابل 62.2 مليار متر مكعب في عام 2021، بنسبة تراجع سنوي 2.3%.

فما قفزت قمة صادرات الغاز خلال العام 2022 إلى 8.4 مليار دولار، مقابل 3.5 مليار دولار في 2021، محققة نسبة نمو سنوية 140%. وخلال النصف الأول من عام 2023، انخفضت صادرات الغاز المسال إلى 2.9 مليون طن (3.9 مليار متر مكعب)، مقارنة بـ3.9 مليون طن (5.3 مليار متر مكعب) في المدّة المقارنة من عام 2022، بانخفاض 25% على أساس سنوي.

رابعاً:مصادر الطاقة في مصر:

تمتاز مصر بوجود تنوع في مصادر توليد الكهرباء في مصر فما بين محطات تعمل  بضغط البخار وأخرى غازية وكلاهما يعتمدان على الوقود الأحفوري، وأخرى المحطات المائية التي تعتمد على السد العالي جنوب مصر فضلاً عن المحطات التي تعتمد على الرياح والشمس كمحطات الزعفرانة ومشروع بنان جنوب أسوان.

وبينما تعمل المحطات الشمسية بالنهار فقط، وتوربينات الرياح تتوقف مع توقف حركة الهواء يظل الاعتماد الأكبر على المحطات التي تجمع بين البخار والغاز وتشكل 52% من محطات الكهرباء في مصر حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد المحطات التي تعمل بالغاز الطبيعي فقط، وعليه يبلغ إجمالي القدرة المركبة لمحطات توليد الكهرباء في جمهورية مصر العربية 59.7 ألف ميغاواط، في حين يصل إجمالي توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري نحو 53.3 ألف ميغاواط، و تزيد الحصة المتبقية على 6.3 ألف ميغاواط على مصادر الطاقة المتجددة بأنواعها الثلاثة.

هذا وتعتمد مصر بشكل كبير على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء وذلك بنسبة 66% وأملاً في التغلب على مشاكل توفُر الغاز الطبيعي وضعت مصر خططاً لتنويع مصادر الطاقة ف البلاد من خلال الاستثمار في قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة ، حيث تعد مصر من الدول الأكثر تقدماُ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فيما يتعلق بمشاريع التحول في الطاقة، وتحتل المرتبة الأولى في شمال إفريقيا من حيث القدرة الكهربائية المركبة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين)، هذا فضلاً عن المشاريع المقرر تنفيذها في مجال الاستثمار في مشاريع الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.

 أهم المشروعات المصرية في مجال الكهرباء والطاقة:

في تقرير لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء أشار التقرير إلى وصول مصر للمركز الرابع في مشروعات الطاقة على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال 2022-2026″، وأشارت شركة “أبيكورب” في تقرير لها إلى وصول قيمة مشروعات الطاقة في مصر، سواءً المخطط لها أو المشروعات قيد التنفيذ خلال الفترة (2022- 2026) قرابة الـ 100 مليار دولار.  فيما حددت القيمة التقديرية لأكبر 10 مشروعات للغاز في مصر بحوالي 14 مليار دولار، مقابل 12 مليار دولار لأكبر 10 مشروعات للنفط في مصر”.

وأشارت “أبيكورب” إلى ما تستهدفه مصر من توليد 42% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2035.

فيما توقعت “أبيكورب” أن تصل قيمة استثمارات الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال الفترة (2022 – 2026) إلى 879 مليار دولار. كما توقعت أن تتراوح نسبة استحواذ المنطقة على سوق الهيدروجين العالمي ما بين 10-20% بحلول 2050.

وفي إطار قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة في ظل استراتيجية الدولة الهادفة إلى تحقيق زيادة نسبة الطاقة المولدة من الطاقات المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقات المولدة بحلول عام 2035، فحرصت الدولة على إقامة عدد من المشروعات أبرزها:

– تحتضن مصر واحدة من أكبر محطات الطاقة عالمياً وهو مجمع بنان للطاقة الشمسية بسعة تصل إلى 1.8 غغاواط ، كما يعد المجمع أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في القارة الإفريقية، حيث يضم 200 ألف لوح شمسي ليعادل إنتاجه 90% من الكهرباء المولدة من السد العالي، بإجمالي تكلفة استثمارية تصل إلى 4 مليارات دولار.  

هذا فضلاً عن مشروع الكريمات للطاقة الشمسية ، وإقامة خلايا فوتو فلطية فوق أسطح المنازل 121 ميجاوات فضلا عن مشروعات الطاقة الكهرومائية بنجع حمادي بطاقة 64 ميجاوات، وأسيوط بط

 – مشروع محطة الضبعة النووي: التي تعد من أضخم مشروعات إنتاج الطاقة الكهربائية في القارة الإفريقية، وتضم أربعة مفاعلات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل؛ ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً. ويوجد بالمحطة أحدث مفاعل من الجيل الثالث المتقدم «VVER 1200» بتصميم روسيّ يحقق كامل متطلبات الأمان، وينفِّذ المشروع خبراء من «روساتوم» بالتعاون مع هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء.

وبانتهاء المحطة، تتم إضافة أكثر من 35 مليار كيلووات-ساعة من الكهرباء سنوياً بتكلفة منخفضة مع توفير فرص عمل جديدة للمصريين.

-فيما يتعلق بمشروعات طاقة الرياح  تبلغ طاقة المشروعات المنفذة 1635 ميجاوات، وتضم (جبل الزيت، والزعفرانة ، ورأس غارب ، وغرب بكر ، بجانب مشروعات تحت التنفيذ بخليج السويس ،  وأخرى تحت التطوير بتنفيذ القطاع الخاص).

مشروعات مستقبلية:

–  فيما يتعلق باستراتيجية الهيدروجين الأخضر والتي كانت قد أعلنت عنها مصر في مؤتمر تغيُر المناخ COP27 حيث أعلنت أنها تستهدف استفادة مصر من القدرات التنافسية لها للوصول إلى 8% من السوق العالمية للهيدروجين، مشيراً إلى أن مصر لديها القدرة على إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل تكلفة في العالم، ومن المقرر أن تنخفض تكلفة الإنتاج لتصل إلى 1.7 دولار/كجم  عام 2050 مقارنة بـ2.7 دولار/كجم عام 2025.

وتستهدف الاستراتيجية إلى :

  • زيادة في الناتج المحلي الإجمالي من 10- 18 مليار دولار بحلول عام 2025.
  • إتاحة  أكثر من 100 ألف وظيفة جديدة.
  • المساهمة في تخفيض واردات مصر من المواد البترولية.
  • تقليل انبعاثات الكربون .

وهذه الاستراتيجية يتم تنفيذها بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD ، والاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة .

  • وفى إطار التعاون مع شركة سيمنس ستقوم الشركة القابضة لكهرباء مصر بإطلاق مشروع تجريبي للهيدروجين الأخضر ستتراوح فيه قدرة المحللات الكهربائية من 100-200 ميجاوات.
  • توقيع مذكرة تفاهم مع شركة سكاتك النرويجية والتي تستهدف إنتاج من مليون إلى 3 مليون طن سنويًّا من الأمونيا الخضراء.
  • استهداف إنتاج مجموعة ACME الهندية لـ 2.2 مليون طن سنوياً وقود أخضر.
  • من المستهدف إنتاج شركة FFI “Fortescue Future Industries” الأسترالية لأكثر من 2 مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويًّا .
  • تستهدف شركة “جلوبال إك” البريطانية إنتاج نحو 2 مليون طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر.
  • استهداف  شركة الفنار السعودية إنتاج  500 ألف طن سنوياً من الوقود الأخضر.
  • إنشاء شركةH2 Industries الألمانية (منطقة شرق بورسعيد الصناعية) أول محطة تحويل المخلفات إلى هيدروجين أخضر بطاقة إنتاجية 300 ألف طن سنويًا .
  • مجال تحلية المياه: إنشاء محطات توليد ثنائية الغرض (كهرباء/تحلية مياه) في المناطق الساحلية خاصة المحطات التي تعمل بنظام الهجين من الطاقة النظيفة (رياح/شمس) في خطة لمدة 5 سنوات تهدف إلى إنتاج 2.9 مليون متر مكعب من الماء يومياً.
  • تحويل المخلفات الى طاقة بالتعاون مع وزارة البيئة: تم إقرار تعريفة لشراء الكهرباء المنتجة من المخلفات الصلبة بقيمة 1.4 جنية لكل كيلووات ساعة ومن المتوقع أن يتم إنتاج حوالى 300 ميجاوات خلال الخمس سنوات القادمة طبقاً لقرار مجلس الوزراء.

وإيماناً من مصر بأهمية التعاون الدولي والإقليمي في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة فقد وقعت القاهرة عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة على النحو التالي”:

  •  من المستهدف إجراء شركة أكواباور السعودية القياسات الخاصة بمشروع طاقة الرياح الذي ترغب الشركة في تنفيذه في مصر، بقدرة 10 جيجاوات، فضلاً عن ضخ 114 مليون دولار من قبل شركة أكواباور السعودية والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بالمشاركة مع جهات التمويل الدولية لتطوير محطة كوم أمبو للطاقة الشمسية، والتى ستضيف طاقة توليد 200 ميجاوات.
  •  تقوم مجموعة النويس الإمارتية بشراء الطاقة من مشروع محطة طاقة شمسية بمنطقة كوم أمبو بأسوان بقدرة 500 ميغاوات، علاوة على شراء الشركة ذاتها الطاقة من محطة طاقة الرياح بمنطقة خليج السويس بقدرة 500 ميغاوات .
  • شراء شركة ليكيلا الإنجليزية الطاقة من مزرعة الرياح بمنطقة خليج السويس بقدرة 250 ميغاوات.
  • تقديم البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية نحو 1.3 مليار دولار لتعزيز عمليات التحول الأخضر والتخلُص من محطات الطاقة القديمة والمساهمة في مشروع جديد لطاقة الرياح والطاقة الشمسية.
  • توقيع 16 مذكرة تفاهم لمشروعات داخل المنطقة الصناعية في العين السخنة ومنطقة شرق بورسعيد، بهدف إقامة منشآت ومجمعات صناعية لإنتاج الوقود الأخضر واستخدامه في أغراض تموين السفن أو التصدير للأسواق الخارجية، باستثمارات متوقعة أكثر من 20 مليار دولار .

ولم تتوقف استراتيجية الدولة في هذا القطاع على المستوى المحلي وإنما سعت لأن تكون مركزاً محوريًا للطاقة، عن طريق الربط الكهربائي مع دول الجوار وعضويتها في تجمعات الطاقة المختلفة على المستوى القاري وصولًا إلى المستوى الدولي من خلال سعيها نحو عضويتها في منظمات الربط الكهربائي الدولي، خاصة وأن ذلك يأتي في ظل كون قارتا إفريقيا وأوروبا ضمن أقل القارات ومناطق العالم إنتاجاً للكهرباء حول العالم لعام 2021، وذلك بعد أن بلغت نسبة الطاقة الكهربائية المولدة في إفريقيا 3.2% من إجمالي إنتاج العالم، أما إنتاج أوروبا فقد بلغت نسبته 14.2% من إجمالي إنتاج العالم، فيما بلغت نسبة إنتاج آسيا والمحيط الهادىء من الطاقة الكهربائية 49.2% من إجمالي إنتاج العالم، علماً بأن المتبقي من إنتاج العالم قد بلغ 33.4%.

ومن الشكل يتضح أن أبرز مشروعات الربط الثنائي: مشروع الربط الكهربائي المصري/ الليبي بقدرة مستهدفة 2000 ميجاوات، مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسودان بقدرة مستهدقة 300 ميجاوات، مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية بقدرة مستهدفة 3000 ميجاوات، وبين مصر والأردن بقدرة مستهدفة 2000 ميجاوات.

  • مشروع الربط الكهربائي بين مصر / قبرص / اليونان: ويهدف المشروع الى أن تصبح مصر بوابة الربط الكهربائي بين إفريقيا وأوروبا عبر قبرص لتبادل قدرة كهربية تصل الى 2000 ميجاوات.
  • وتشارك مصر في مشروع الربط العربي الشامل وإنشاء سوق عربية مشتركة وبالفعل قامت مجموعة البنك الدولي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتنظيم المؤتمر الأول لتجارة الطاقة في المنطقة العربية بالقاهرة مما يمثل نجاح إتمام المرحلة التأسيسية لإقامة سوق عربية مشتركة.
  • وعلى الصعيد الإفريقي تعمل الدولة على أن تكون مركزاً محوريًا للطاقة وتجارة الكهرباء من خلال إنشاء سوق لتجارة الكهرباء بين دول تجمع الطاقة لدول شرق إفريقيا EAPP ، وتم إعداد اتفاقية تجارة الطاقة وسياسة التسعير بين دول التجمع حيث تمت مراجعتها من قبل الدول الأعضاء وقد بدأ العمل بمشروع تشغيل سوق الكهرباء التجريبي بمشاركة أعضاء تجمع الطاقة تمهيداً لبدء التشغيل الفعلي لسوق الكهرباء الإقليمي بالتجمع، فضلاً عن تحسين استخدام الموارد المتاحة للطاقة الكهربية بالاستثمار في قطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع مما يُسهل من تطوير سوق حر تنافسي متكامل لتجارة الكهرباء بين دول التجمع.

وفي يناير 2020 تم اعداد دراسة مبدئية للربط الكهربائي القاري بين القاهرة – كيب تاون موازي للطريق البري الجاري العمل عليه بين القاهرة وكيب تاون ويشمل كلا من مصر – السودان – أثيوبيا كمرحلة أولى حيث يستخدم كمسار رئيسي للربط عبر إفريقيا، وتعزيز التعاون بين دول القارة وبصفة خاصة في مجال الطاقة الشمسية.

خامساً:تبعات الأزمة:

نتائج إيجابية:

– تسجيل عوائد تصدير الغاز مابين 100 إلى 150 مليون دولار شهرياً، مع زيادة في قيمة صادرات مصر من الغاز لتصل إلى 8 مليار دولار بنهاية يونيو 2022.

– أن خفض استهلاك الغاز محليًا بنسبة 10% يحقق عوائد 300 مليون دولار شهرياً.وفي حال خفضه بنسبة 15% يُحقق عوائد بقيمة 450 مليون دولار شهرياً. ولكن هذا يواجه انخفاض أسعار الغاز عالميًا بمقدار الثلثين ووجود قرار حكومي بوقف التصدير.

نتائج سلبية:

تأثيرات اجتماعية تتعلق بـ:

– ارتفاع درجة الحرارة بشكل متزايد مما يؤثر على  المواطنين بالسلب ، وبالتالي يُؤثر على الاستقرار المجتمعي والسياسي نتيجة لاستياء المواطنين.

-الشعور بحالة من عدم المساواة بين المواطنين نتيجة عدم انقطاعها في كل الأنحاء بطريقة متساوية فضلاً عن وجود استثناءات خاصة بالمناطق السياحية كسواحل البحر الأبيض المتوسط والأحمر، في حين لم تؤخذ تلك الاعتبارات في مدن سياحية أخرى كالأقصر وأسوان.

تأثيرات اقتصادية ترتبط بـ:

– تراجع الإنتاجية إذ يضطر العاملون عند الإعلان عن تخفيض الأحمال الكهربائية مسبقاً، إلى مغادرة أماكن العمل تجنباً لحوادث المصاعد، وهو ما تقول تقارير إعلامية محلية أنه تسبب على الأقل في تقليل الحوادث المميتة أثناء انقطاع التيار الكهربائي المفاجئ.

  – التسبب في تراجع معدل الاستثمار الأجنبي في مصر، خاصة وأن ذلك سيؤثر على مناخ العمل وجذب المستثمرين.

–  أن إنهاء الأزمة الحالية سيتطلب من الحكومة 300 مليون دولار إضافية شهرياً، لاستيراد ما يكفي من الطاقة إضافة لقيمة دعم الدولة للقطاع البالغ نحو 220 مليار جنيه_ نحو 4.6 مليار دولار) وهو ماسيمثل ضغطاً على الموازنة العامة للدولة وفقاً لوزير المالية، خاصة وأن الدولة لاتستطيع الدفع من الاحتياطي الأجنبي البالغ 46,125 مليار دولار في مايو 2024.

– وجود مخاوف من ارتفاع معدلات التضخم عن المعدلات الراهنة والتي قد وصلت إلى 35% على أساس شهري خاصة في ظل إعلان الحكومة عن الاتجاه لزيادة أسعار الكهرباء، وتعديل أسعار شرائح الاستهلاك، هذا فضلاً عن ارتفاع أسعار الحبوب والفواكه والخضروات نتيجة لتلف المحاصيل جراء ارتفاع درجات الحرارة.

سادساً: النظرة الدولية لتطور قطاع الكهرباء في مصر:

  •   الواقع أنه يُمكن البناء على النظرة الدولية لتطور قطاع الكهرباء في مصر من أجل جذب المزيد من الاستثمارات الخاصة في هذا القطاع مما يقلل من العبء على ميزانية الدولة ، ومن أبرز تلك التقارير:
  • صنفت“بريتش بتروليوم” مصر الأولى عربياً في توليد الطاقة المتجددة عام 2021 بقدرة 10.5 ألف جيجاوات/ساعة.

* كما تتوقع ” فيتش” نموًا قويًا بقطاعات الطاقة المتجددة مقارنة بعام 2021، حيث توقعت أن يبلغ معدل نمو توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة  (بخلاف الطاقة الكهرومائية) 13.9% عام 2021، مقابل 22.6% عام 2022، و23% عام 2023، كما توقعت أن تكون مصر واحدة من أسرع أسواق الطاقة المتجددة غير الكهرومائية نموًا بالمنطقة على مدار العشر سنوات المقبلة، بالإضافة إلى  توقعها أن تعزز مصر من قدرتها التنافسية  وأن تصبح وجهة جاذبة للغاية للمستثمرين بمصادر الطاقة المتجددة، بفضل دعم الدولة المصرية القوي وإمكانات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الطبيعية .

كما أن مصر في صدارة الدول العربية في القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بقدرة 3523 ميجاوات وأكدت “فيتش” أن صادرات الكهرباء ومشروعات الهيدروجين الأخضر ستدفع النمو طويل المدى لقطاع الطاقة المصري، كما سيظل فائض إمدادات الطاقة فى مصر مرتفعاً خلال السنوات العشر المقبلة، حيث تعطى الدولة المصرية الأولوية للاستثمار فى مشروعات الربط الكهربائى الجديدة بهدف أن تصبح مركزاً إقليمياً لإمدادات الكهرباء، كما أكدت أن خطط الربط الكهربائى الحالية تعزز نظرتها لنمو صادرات الكهرباء المصرية وعلى رأسها مشروع الربط بين مصر واليونان وقبرص مما سيوفر مصدراً موثوقاً للكهرباء من مصر سيغذي الشبكة الأوروبية المترابطة عبر اليونان .

*فيما أوضحت “بلومبرج” أن مصر تمتلك مزايا كمنتج للطاقة المتجددة، وتحاول استغلالها بجانب ما لديها من فائض بالكهرباء لتصبح مركزاً إقليمياً لصادرات الكهرباء، معتبرة توقيع اليونان ومصر اتفاقاً للربط الكهربائي هو أول اتفاق من نوعه يتم بين أوروبا وأفريقيا بجنوب شرق المتوسط .

*كما أبرزت “مجموعة أكسفورد” للأعمال تخطيط مصر للحفاظ على فائض بقدرات توليد الطاقة مما يمكنها من زيادة صادراتها للبلدان المجاورة، حيث تم بالفعل إبرام عدة اتفاقات للربط مع السعودية والسودان وقبرص واليونان.

المراجع:

-مصر تعزز من جهود التصدي للتغير المناخى وتحقيق استدامة الطاقة، الهيئة العامة للاستعلامات

السبت، 05 نوفمبر 2022  

https://www.sis.gov.eg/Story/245782/ ?lang=ar

-وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إنجازات القطاع

http://www.moee.gov.eg/test_new/engaz.aspx

-ما هي مصادر توليد الكهرباء في مصر، وما أسباب الأزمة الحالية؟، أميمة الشاذلي، بي بي سي – القاهرة 31 يوليو/ 2023

– أرقام عن الغاز والكهرباء في مصر وسط تفاقم انقطاع التيار

https://attaqa.net/2023/07/22/% A7/

-قدرات توليد الكهرباء في مصر تعتمد على النفط والغاز.. بالأرقام، ياسر نصر25/12/2023

https://attaqa.net/2023/12/25/% %A7/

-أكبر محطات الطاقة الشمسية عالميًا.. دولتان عربيتان في القائمة (إنفوغرافيك)، وحدة أبحاث الطاقة – أحمد عمار، 10 يونيو2024

https://attaqa.net/2024/06/10/%     

– الحرارة الشديدة سبب إضافي للمعاناة الاقتصادية في مصر

توقعات بتأثيرات لارتفاع الحرارة على المحاصيل الزراعية وزيادة الأسعار

https://asharq.com/reports/91165/

From Dark to Light, to Dark? Egypt’s Energy Sector in Times of Uncertainty https://www.ispionline.it/en/publication/from-dark-to-light-to-dark-egypts-energy-sector-in-times-of-uncertainty-156268

 

 

The post أزمة الكهرباء والطاقة في مصر… سبل المواجهة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8024
سياسات الحماية الاجتماعية في الجمهورية الجديدة https://draya-eg.org/2024/04/05/%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%85%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%aa%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d9%87%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9/ Fri, 05 Apr 2024 13:00:38 +0000 https://draya-eg.org/?p=7829 أ.د/صلاح هاشم أظهرت الأزمات الاقتصادية العالمية الراهنة عديد من الأزمات المعيشية والاجتماعية والسياسية لكثير من دول العالم ولا سيما الدول النامية، وكان لمصر نصيب كبير منها، خاصة فيما يتعلق بارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار بشكل غير مسبوق، الأمر الذي جعل لبرامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي الجيدة أهمية خاصة في الحد من الفقر وعلاج مواطن …

The post سياسات الحماية الاجتماعية في الجمهورية الجديدة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
أ.د/صلاح هاشم

أظهرت الأزمات الاقتصادية العالمية الراهنة عديد من الأزمات المعيشية والاجتماعية والسياسية لكثير من دول العالم ولا سيما الدول النامية، وكان لمصر نصيب كبير منها، خاصة فيما يتعلق بارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار بشكل غير مسبوق، الأمر الذي جعل لبرامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي الجيدة أهمية خاصة في الحد من الفقر وعلاج مواطن الضعف والخلل في السياسات الاقتصادية والمالية  في كافة دول العالم تقريباً.

 فالبلدان التي لديها برامج فعالة للحماية الاجتماعية تستخدمها في التصدي للأزمات والكوارث، وفي المقابل، فإن البلدان التي ليس لديها مثل هذه البرامج تضطر في العادة إلى الاعتماد على تدابير خاصة أقل فعالية من التي تتبناها الدول الأخرى. غير أن بناء أرضيات للحماية الاجتماعية يستغرق وقتاً أكبر ويتطلب إرادة سياسية أقوى، خاصة أن أوقات الأزمات أو أوضاع ما بعد الكوارث هي الأوقات الأسوأ في بناء شبكات جيدة للأمان الاجتماعي. ومن ثم فمن الضروري أن تتحلى سياسات الحماية الاجتماعية بمعايير عادلة وعالية للإدارة الرشيدة وتحقيق النتائج، وذلك لضمان تقديم مساعدات أكثر فعالية للأسر الأولى بالرعاية.

بناء أرضيات ميسورة التكلفة للحماية الاجتماعية

ويُعد بناء أرضيات مستدامة وميسورة التكلفة للحماية الاجتماعية أحد أهم مكونات استراتيجية الدولة للحماية الاجتماعية خاصة ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة التي تستهدف بالأساس الارتقاء بخصائص الإنسان المصري، وجعله أكثر انتماءً وإحساساً بالحياة الكريمة؛ لما يتمتع به من مستوى معيشي لائق وخدمات صحية وتعليمية عالية الجودة، وبتكلفة أقل، وانحياز واضح لمبادئ العدالة الاجتماعية.

ومن ثم، فإن سياسات الحماية الاجتماعية التي تستهدفها الدولة الفترة القادمة تركز بشكل عميق على الانتقال بالسياسات الاجتماعية بعيدا عن البرامج المفتتة إلى أنظمة ميسورة التكلفة للحماية الاجتماعية من شأنها تمكين المواطنين من إدارة المخاطر وتحسين قدرتهم على الصمود في وجهها من خلال الاستثمار في رأس المال البشري وتحسين قدرة الشباب في الحصول على الوظائف.

ولا يمكننا بحالٍ أن نتحدث عن الحماية الاجتماعية بعيداً عن الحديث عن الفقر، باعتبار أن القضاء عليه والتخفيف من تدعياته هو الهدف الأول والأسمى لسياسات الحماية الاجتماعية .. كما أن تزايد معدلات الفقر وتوحشها يُعد من أهم التحديات التي تُعِيق برامج الحماية الاجتماعية في مصر .. وإذا كان الحديث عن الفقراء وأوضاعهم المعيشية هي الشغل الشاغل للقيادة السياسية في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن، فمن الأهمية بمكان ألا نغض الطرف عن المهددين بالفقر، والذين لا يجب أن تتجاهلهم السياسات والبرامج الجديدة التي تتبناها الدولة للحد من الفقر والانطلاق نحو التنمية بمفهومها الشامل والمستدام.

الفقر والمهددون بالفقر والفقراء الجدد..محاور رئيسية لسياسات الحماية الاجتماعية

وإذا كنا نتحدث عن سياسات جديدة تتناسب مع النقلة النوعية المتوقعة والتي تهل نسائمها على أعتاب الجمهورية الجديدة، فلابد من الحديث عن ثلاثة مفاهيم أساسية هي الفقر والمهددين بالفقر والفقراء الجدد، ومن ثم فإنه من الصعب الحديث عن رؤية واضحة للحماية الاجتماعية دون أن تكون محاورها الرئيسية تدور حول هذه المفاهيم الثلاثة مجتمعة ..وكما أن الهدف الأول للحماية الاجتماعية هو الحد من الفقر المادي وتداعياته الاجتماعية والمعيشية والثقافية، فإن الهدف الآخر والذي لا يقل أهمية في تصوري عن الهدف الأول يتمثل في الحد من الإحساس بالفقر .

وإذا كان الفقراء الجدد هم أبناء الطبقة الوسطى الذين سقطوا بفعل الظروف الاقتصادية القهرية في دائرة الفقر فأصحبوا فقراء بخصائص وثقافة مغايرة، فإن الحديث عن المهددين بالفقر يتضمن الحديث عن  أشخاص يعملون ويكسبون دخلاً لا بأس به يتجاوز حد الفقر، ولكن ظروف عملهم ومعيشتهم من الهشاشة وعدم الاستقرار ما يجعلهم مهددين باستمرار بالوقوع في دائرة الفقر مع أي تغير سلبى غير متوقع، سواء كان ذلك لأسباب شخصية (مثل الإصابة بالمرض أو الفصل من العمل) أو لأسباب قطاعية (مثلما هو حال من يتعرضون لتقلبات التشغيل فى قطاعي البناء والسياحة ) أو لأسباب محلية (حينما يصيب الاقتصاد ركود عام) أو لأسباب دولية أو إقليمية (كما حدث وقت عودة العمال المصريين من ليبيا). أو بفعل سياسات اقتصادية تسببت في ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار بصورة تفوق الدخل المادي للمواطنين، أو بسبب عدم وفرة الإنتاج والصعوبات التي تواجه المواطنين في الحصول على السلع والخدمات.

ولما كانت العدالة الاجتماعية شعاراً براقاً في كل الثورات التي شهدتها الدولة المصرية وكانت ولا تزال مطلباً أساسياً وحيوياً لاستقامة كافة السياسات التي تتبناها الدولة، فلا يمكن رسم سياسات للحماية الاجتماعية دون الاحتكام إلى مبدأ العدالة الاجتماعية الذى يقوم على تكافؤ الفرص بين المواطنين والمساواة في الحقوق والواجبات وتعزيز وترسيخ قيم المسئولية الاجتماعية بين المواطنين والتي تعني من ناحية مسئولية الأفراد وضرورة أدائهم لواجباتهم تجاه المجتمع، وذلك في مقابل ما يتمتعون به من حقوق، وما يقدم إليهم من خدمات .وتعني من ناحية أخرى مسئولية الحكومة عن إشباع احتياجات المواطنين، وذلك في مقابل مشاركة المواطنين في كافة مجالات التنمية والرعاية الاجتماعية وذلك من خلال المبادرات الشعبية والجمعيات الأهلية.

وعموماً فقد تعددت وتنوعت الوسائل والأساليب التي تستخدمها دول العالم من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن في معدلات التنمية سواء بين أقاليم البلد الواحد، أو بين الريف والحضر، أو بين أحياء المدينة ذاتها، ومن الطبيعي أن تختلف هذه الوسائل من دولة لأخرى، وذلك لأن تحقيق العدالة الاجتماعية يعتمد على مصفوفة ضخمة من المتغيرات التي يجب وضعها في الاعتبار عند صياغة الاستراتيجية العامة للتنمية والحماية الاجتماعية، ومن بين هذه المتغيرات طبيعة التناقض بين الريف والحضر، ومستوى التطور الاقتصادي والإنتاجي، وأحجام الأحياء والقرى الصغيرة، بالنظر إلى الأحياء والقرى الكبيرة، ومراكز التركز السكاني، ومناطق الجذب السكاني في المدن، فضلاً عن متغيرات أخرى كثيرة مثل حجم الاستثمارات المخصصة لكل محافظة، وتنمية القرى والمدن في إطار خطة تنموية قومية، وتعتبر هذه المتغيرات بمثابة مؤشرات عامة لتحقيق العدالة الاجتماعية بوجهٍ عام.

سياسات الحماية الاجتماعية..الإجراءات والنتائج

كما أن تحقيق العدالة في سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية يتطلب الأخذ في الحسبان التفرقة بين الإجراءات والنتائج، فليس من الضروري أن تؤدى الإجراءات العادلة إلى نتائج عادلة، فقد تؤدى إجراءات تبدو عادلة إلى توزيعات ليست عادلة للسلع والخدمات، وعموماً فإن تحقيق العدالة الاجتماعية، يتطلب أن يحصل الناس على خدمات تتناسب مع ما يستحقونه كمواطنين وما يحتاجون إليه ليعيشوا حياة كريمة وأمنة. بالإضافة إلى السماح بالتمييز الايجابي لصالح الفئات الضعيفة، مع تجنب الانحياز دون تمييز بين من يحتاجون إلى حماية اجتماعية شاملة، مع التركيز على ضرورة تغطية مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية للفرد والعمل على تقوية أواصر العلاقات الاجتماعية بين الناس.

وفى النهاية فإنه إذا أريد أن يكون لسياسات الحماية الاجتماعية مردوداً ايجابياً على الأرض فيما يتعلق بالحد من الفقر والتخفيف من تداعياته مع الحفاظ على حجم وخصائص الطبقة الوسطى وخاصة في تلك الظروف التي تحمل عديد من المتناقضات الاجتماعية والاقتصادية وحتى الأخلاقية، فإنه يجب أن تتضمن برامج الحماية الاجتماعية السياسات التالية:

(1 ) تبنى سياسات لحفز النمو المنحاز للفقراء : ويتطلب ذلك – إيجاد فرص عمل كافية لاستيعاب الراغبين في العمل في أعمال منتجة ومدرة لدخول تفي على الأقل باحتياجاتهم الأساسية، مع العمل على إنتاج سلع وخدمات تضم نسبة كبيرة مما يحتاج إليه الفقراء في إشباع احتياجاتهم الأساسية. بالإضافة إلى التحيز فى توزيع مشروعات التنمية في المناطق الفقيرة، وإعادة توطين بعض المشروعات في هذه المناطق. 

(2) تمكين محدودي الدخل من الحصول على أصول إنتاجية:

شهدت الدولة خلال الثلاثين سنة الماضية تغييرات اجتماعية واقتصادية مهمة تحت اسم الخصخصة التي تستهدف في ظاهرها توسيع قاعدة الملكية، والواقع أنها تنقل ملكية الأصول من مجموع الشعب إلى حفنة ضئيلة منه، وعندما يحدث ذلك؛ فإنها تعمل على تضييق قاعدة الملكية وتزيد بالتالي الهوة بين من يملكون ومن لا يملكون. ومن ثم فإن تمكين الفقراء ومحدودي الدخل  من ملكية مشروعات بعينها، يساعدهم على تطوير وتنمية هذه المشروعات بما يساعد على تنمية وتحسين مستوى معيشتهم.

(3) تنمية القدرات البشرية لمحدودي الدخل وتمكينهم من زيادة مشاركتهم في الإنتاج:

وتتضمن هذه السياسة تمكين الفقراء من الحصول على الخدمات الأساسية وبخاصة التعليم والتغذية والخدمات الصحية والإسكان، كما تتضمن تمكين الفقراء من الارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم الإنتاجية، خلال برامج جادة لإعادة التدريب والإرشاد الإنتاجي .

( 4 ) تطبيق سياسات لرعاية محدودي الدخل وتحقيق الحماية الاجتماعية:

ويندرج تحت هذه السياسات، سياسات الدعم والضمان الاجتماعي والتأمينات والسياسات والبرامج الخاصة بتشغيل الفقراء والنهوض بمناطق تركزها، وتحسين مستوى تغذيتهم، ومد يد العون لهم ولغيرهم في حالة التعرض للأزمات والكوارث، مع ضرورة مشاركتهم في تخطيط وتحسين هذه البرامج والسياسات، وتدبير التمويل الكافي لها من أجل أن يكون لها تأثير محسوس على مستوى حياة الفقراء .

ومن المهم في هذا السياق بذل جهود كبيرة من أجل تعريف الفقراء ومحدودي الدخل بالبرامج والمشروعات الموجهة خصيصاً للنهوض بأحوالهم المعيشية وحمايتهم وتبصيرهم بكيفية  الاستفادة منها، مع العمل على ضمان وصول المساعدات والدعم لهم. إذ يفضل تقديم الخدمات الاجتماعية لمحدودي الدخل حيث يوجدون، بدلاً من انتظار تقدمهم إلى الجهات المعنية طلباً للمساعدة، وكل ذلك لا يمكن أن يتحقق دون تنشيط وتفعيل لدور الجمعيات الأهلية في مساعدة الفقراء وتقديم الخدمات الضرورية لهم.  ولهذا فإنه يمكن القول أن الجمعيات الأهلية أصبحت أداة فعالة في دعم برامج الحماية الاجتماعية . وأعتقد أن دورها الواضح والملموس في مبادرة حياة كريمة كشريك أساسي للحكومة عزز من وجودها على الأرض ووسوف يدفع الدولة إلى منحها مزيد من الحرية والدعم في السنوات القادمة. 

(5) تعزيز دور التحويلات وشبكات الأمان :

 هناك فئتان واسعتان يحتاجان إلى اهتمام خاص هما من يعجزون عن المشاركة في عملية التنمية، ومن يتعرضون للخطر مؤقتاً – المهددون بالفقر – عندما تتخذ الأحداث اتجاهاً غير موات، وتحتاج الفئة الأولى إلى نظام للتحويلات يكفل لها مستوى معيشى مناسب، وتحتاج الفئة الثانية إلى أنواع مختلفة من شبكات الأمان . وفى جميع هذه الحالات يكون العمل على وصول الدعم إلى مستحقيه أمراً لا غنى عنه لتحقيق التوازن بين التكاليف والمنافع . وإذا كانت نسبة الموازين أكثر ارتباطاً بالمناطق الجغرافية الفقيرة سواء في الريف أو الحضر، فإنه ينبغي إيجاد أنظمة للضمان الاجتماعي والعمل توسيع تغطيتها. بالتكامل بين قطاعات الدولة الثلاثة الحكومية والأهلية والخاصة.

(6)– إتاحة الفرصة للفقراء للحصول على الخدمات :

يتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية التزاماً واضحاً بإتاحة الفرص للفقراء للحصول على الخدمات الاجتماعية، وينبغي أن ينعكس ذلك في البنية التحتية، وفى تنظيم القطاعات الاجتماعية، وفى طريقة تمويلها.

(7)– الإيفاء بالاحتياجات الأساسية للمواطنين:

حتى تستطيع الحكومات تحقيق الاستقرار في أي مجتمع، يجب عليها أن تهتم بتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان من ملبس ومأكل ومسكن ومياه نقية، وكذلك توفير الخدمات الصحية، والتعليم إلى حد كبير، وإذا كان على الحكومة أن تلتزم بتوفير الرعاية الصحية والتعليم، فمن المتوقع أن تتعرض الدولة هنا لقضية العدالة والكفاية؛ ولذلك لجأت الدولة إلى الشراكة مع المؤسسات الأهلية لمساعدتها في الإيفاء بهذه الاحتياجات، حتى تضمن وصول برامج الحماية الاجتماعية للجميع سواسية.

وعموماً فإن نجاح سياسات الحماية الاجتماعية في تحقيق أهدافها في الحد من الفقر وتحقيق الحياة الكريمة للمواطنين مرهون بقدرتها على تبني برامج للحماية الاجتماعية تكون قادرة على تحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين في التعليم والصحة والعمل والسياسة، وفى كافة الحقوق الأساسية. وكذلك قدرتها على الحد من الإحساس بالفقر والحفاظ على الطبقة الوسطى وتذويب الفوارق بين الطبقات: وذلك بتبني سياسات للإصلاح الاجتماعي لا تقل أهمية عن سياسات الإصلاح الاقتصادي والتي تبنتها الدولة في 2016 مع تقليل الاعتماد على القروض في تمويل برامج الحماية الاجتماعية وتوحيد السياسات الائتمانية، ليصبح للمشروعات الصغيرة في مصر “أب شرعي واحد”، فالمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر هي الأمل في تجاوز الأزمات الاقتصادية والخروج من النفق الاقتصادي الضيق إلى النفق الأوسع على أعتاب الجمهورية الجديدة .

 

The post سياسات الحماية الاجتماعية في الجمهورية الجديدة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7829
قراءة فى كتاب “نبض الخاطر” للكاتب صلاح هاشم https://draya-eg.org/2024/02/16/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d9%86%d8%a8%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b7%d8%b1-%d9%84%d9%84%d9%83%d8%a7%d8%aa%d8%a8-%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d9%87%d8%a7%d8%b4%d9%85/ Fri, 16 Feb 2024 10:19:00 +0000 https://draya-eg.org/?p=7656 بقلم: د. سعيد الحسين عبدلي حول الكتاب والكاتب: كتاب “نبض الخاطر” لئن اعتبره المؤلف من صنف السيرة الذاتية فإنه تجاوز هذا الحد كثيرا فكان أقرب ما يكون لأسلوب عبد الله ابن المقفع في “كليلة ودمنة” ووفيا لأسلوب غرامشي في النقد والالتزام بقضايا المجتمع. هو كتاب فاق حجمه بالقياس العددي 66 صفحة فكان أكبر بذلك بكثير …

The post قراءة فى كتاب “نبض الخاطر” للكاتب صلاح هاشم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم: د. سعيد الحسين عبدلي

حول الكتاب والكاتب: كتاب “نبض الخاطر” لئن اعتبره المؤلف من صنف السيرة الذاتية فإنه تجاوز هذا الحد كثيرا فكان أقرب ما يكون لأسلوب عبد الله ابن المقفع في “كليلة ودمنة” ووفيا لأسلوب غرامشي في النقد والالتزام بقضايا المجتمع. هو كتاب فاق حجمه بالقياس العددي 66 صفحة فكان أكبر بذلك بكثير لما نتأمل في القضايا التي طرحها والتي امتدت على 13 مشهدا سنأتي على توضيح مدارات اهتمامها.

صدر “نبض الخاطر” عن دار أطلس للنشر والتوزيع للكاتب صلاح هاشم، وهو الكاتب الذي يحمل في رصيده أكثر من 16 كتابا فضلا عن المقالات والدراسات، هو أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم في مصر. 

محتوى الكتاب:

يتكون من مستهل و13 مشهدا تعبر عن المعيش المصري كما عايشها الكاتب في المجتمع الذي ترعرع فيه: الله، القدر، الحياة، الموت، الحب، الصداقة، الأم، الوطن، العدل، الحرية، العلم، الفقر والفساد. فمثل هذه العناوين تكاد تكون هي نفسها مشاغل كل إنسان في البيئة العربية وليس فقط مصر. فالكاتب هنا جاب بذاكرته المفعمة بالحب والألم في آن واحد في كل أرجاء مصر، إذا يقول ” لقد كنت أمينا في نقل أفكار ومشاعر الذين تزاملت معهم عبر حياتي الماضية، كما كنت أمينا في رصد أوجاعهم التي عجزت ألسنتهم آنذاك عن التعبير عنها، كما كنت حريصا على أن أنقل ملاحظاتي في سياسات الحكومات فيما يتعلق بتعاملاتها مع قضية الفقر وهموم الفقراء، أملا في تغيير سياساتها إلى الأفضل، من أجل دولة قوية تقوم على السلام والحوار العادل بين الحكومة والشعب.”

فهو بذلك نقل آلام الناس ومعاناتهم وصوّر كل ذلك في شكل مسترسل وعفوي بعيدا عن لغة الخطابة الزائدة والتحرر قدر الإمكان من ضبط الكتابة التقليدية التي تستلزم إثراء النص بشواهد من دراسات أخرى. فكان المتخيّل والرؤية الثاقبة كفيلتان بالنسبة للكاتب صلاح هاشم لرسم معاناة الفقراء والفئات الهشة وحتى تلك الهامشية والتي سماها بلغة الملفوظ الشفوي التي نبتت فيها.

هذا الكتاب فيه مراوحة بين لغة الوجدان والعقل..الوجدان لما يكون الكاتب جزءا من معاناة النــــــاس الذي كان هو نفسه واحدا منهم وجعلته وفيا، متحمسا لمناصرتهم، يعتبرهم جزءا من ذاته..ولكن سرعان ما تتراء لغة العقل والعلم والحال أنه المتخصص في مجال التنمية والتخطيط فتراه بين الفينة والأخرى يُنزّل تلك المشاهد وفق سياقاتها المعرفية متحمسا لضرورة جعلها في أولويات الإصلاح والتنمية حتى أنه يعتبر أن مقاومة الفقر هو أولوية مطلقة من دونها لا يمكن تحقيق التنمية والقفزة المصرية، ولذلك يقول:” لن تتوقف أنهار الفقر عن التدفق إلا إذا تبنت الدولة سياسات تحفز الفقراء على العمل والإنتاج، وتحفز الحكومة على تطبيق العدل، وتكف أيدي المسئولين عن الفساد”

هذا الكتاب عالج مفهوم الإنسية المصرية، الإنسية باعتبارها أبلغ المفاهيم المستخدمة في الحقل السوسيولوجي العربي كما نقرؤها في كتاب بوحديبة الموسوم بـــ”الإنسية في الإسلام” وخاض فيه جملة من المفاهيم المغلوطة في مجتمعنا العربي كتلك التي تناولها صلاح هاشم خاصة في مشهد القدر والله..” إذا أردت أن تكون إنسانا فليكن لك قلب تملؤه مراجيح الأطفال، وعقل تسكنه حكمة الشيوخ…داووا مرضاكم بالحب، فإن الحب “صدقة العاشقين”..و”زكاة” الغلابة والمساكين” ليؤسس بذلك إلى فلسفة الحب باعتبارها المنقذ من الموت بعيدا عن كل معاني الثقافة الصفراء التي مست حتى التمثل للدين وتعاليمه والحياة والموت، ولأن الإنسان هو الإنسان والله واحد فإن الكاتب عمل على تقويض النظرية القائلة بأن الاختلاف الديني يزرع الاقتتال بين الناس ويكون مبررا للتباغض وإحداث الفرقة في الجسم الاجتماعي مما يهدد السلم:” هل جربت “الحب” يا ولد ..هل تذوقت حلاوته؟ ..هل جربت أن يكون قلبك”معلّق” على صدر الحبيب..إذا غضب”الحبيب” لا تنام..ولا تنام حتى يرضى..لم يكن “محمد” والمسيح متخاصمين بل كانا أخوين متحابين في الله ، غزا” المسيح” العالم بتعاليمه المحبة، غزا الإسلام العالم بتعاليم التسامح..” .. وبصيغة متهكمة أحيانا وبلغة الحكمة في مواقع أخرى يتطرق إلى آفة الإرهاب الذي نخر الجسم العربي ومنه المصري مبرزا أن الإسلام هو دين حياة وليس موت. وفي هذا السياق بقي وفيا لنفس المنهج الإرشادي:” عودوا إلى ربكم ببعض “لقيمات” في بطن جائع، و”ابتسامة” في وجه مهموم، و”مسحة” يد على رأس يتيم..(…) الدين واسع، وكل يأخذ منه على قدر فهمه، وكل يأخذ منه على قدر طاقته..وكل يحصل منه على قدر إيمانه..الله رحيم يا سادة..فلماذا لا نصبح رحماء مثله..؟ “

هذا الكتاب عبارة عن مغامرة في التفكير الجديد من أجل نقل مشاغل المجتمع وتصورات أفراده ألمح فيه الكاتب إلى ما يجب أن يكون. فبرزت لغة الحكيم والوطني المخلص فهو على حد تعبير غرامشي ذلك المثقف الملتزم. ولعل ذلك هو مبرر “جنون” الدكتور صلاح بحب وطنه: ” وطني الحبيب ..أنا لست بعيدا عنك إلى هذا الحد..فقط بيننا “بحر” هائج تسكنه الثعابين..(..) مصر بلد عظيم.. فلا تعيشوا بداخلها “أقزام”..(…) مصر أقوى وأكبر من سكانها..لا تقبل أن يحكمها ضعفاء، أو يسكنها دهماء..” هذا الحب كما فهمته في روح الكاتب هو أنه يريد أن يدرأ عن مصر كل ماهو معيب مثبّط لنمائها وخاصة الفقر الذي هو الشغل الشاغل للكاتب صلاح هاشم خاصة من خلال انتصاره لفئة الفقراء ويدعوا بكل جرأة إلى تجاوز بعض مضامين التراث البالية والتي كلما استعرضها بصيغة التهكم إلا وأعقبها بحكم ونصائح كقوله :”علمونا في المدارس أن الجهاد في سبيل الله يكون بقتل النفس، ونسموا أن يعلمونا أن الجهاد الأعظم في “احيائها”:” ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا “..نحتاج مجددا لإعادة هيكلة التعليم الديني في إطار قراءة سليمة للقرآن والسنة..بعيدة عن الغلو والتشدد..فلسنا بحاجة لــ”ضحايا” جدد لــ”فهم” ديني مغلوط.. ” وهنا تبرزه نداءاته الجريئة للإصلاح داعيا إلى التجديد في ظل عالم شديد التحول من أجل بلوغ المنشود وتحقيق الرخاء لأنه حسب قوله” الشيء الوحيد الذي يجب أن تموت من أجله هو الوطن..فإذا عاش الوطن عاش فيه جميع من تحب..وإذا ما احترق..احترق الوعاء الذي تنصهر فيه مع من تحب.. (…) حينما يريد الله لنا النهضة سوف يمنحنا الإيمان بالعمل، ويحبب إلينا الصلاة في الحقول، والذكر على تروس ماكينات الإنتاج، ويرزق المسئولين سعادة العمل في حب الوطن، وليس في بناء أمجاد شخصية.. ” ومثل هذا الأمر عمل على تفكيكه في كتابه الموسوم بــ “الفقراء الجدد”.

هذا الكتاب هو إثراء للمكتبة العربية لأنه كتاب الإنسان العربي المنشود بعيدا عن كل إسقاطات الايدولوجيا وليس هذا بغريب عن فكر الكاتب صلاح هاشم الذي كان لي شرف لقائه والاستمتاع بمحاضراته في تونس، فهو لا يكل ولا يمل من الدعوة إلى التجديد ونبذ الثقافة الصفراء ثقافة الموت، فالإنسان والمجتمع والتجديد ثالوث مكون لفكر الكاتب كما فهمناها في نبض الخاطر.

The post قراءة فى كتاب “نبض الخاطر” للكاتب صلاح هاشم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7656
الثورات وإسرائيل وكأس الحرية المسموم.. https://draya-eg.org/2023/10/19/%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84-%d9%88%d9%83%d8%a3%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%85%d9%88%d9%85/ Thu, 19 Oct 2023 14:03:52 +0000 https://draya-eg.org/?p=7291 بقلم: د/صلاح هاشم عقدان متتاليان من الأزمات والكوارث ..العقد الأول بدأ في ٢٠١١ بتصدير ثورات جاهزة بغرض تقويض الأنظمة العربية والعمل على إسقاطها ..لم يكن في الحقيقة الهدف هو إسقاط النظام بقدر ما كان الهدف هو إسقاط الدول تحت شعار زائف اسمه “ثورات الربيع العربي” ..والتى لم تخرج منها البلدان العربية سوى إلى خريف مُعتم …

The post الثورات وإسرائيل وكأس الحرية المسموم.. appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم: د/صلاح هاشم

عقدان متتاليان من الأزمات والكوارث ..العقد الأول بدأ في ٢٠١١ بتصدير ثورات جاهزة بغرض تقويض الأنظمة العربية والعمل على إسقاطها ..لم يكن في الحقيقة الهدف هو إسقاط النظام بقدر ما كان الهدف هو إسقاط الدول تحت شعار زائف اسمه “ثورات الربيع العربي” ..والتى لم تخرج منها البلدان العربية سوى إلى خريف مُعتم لا تزال الشعوب تتجرع مرارته حتى الآن وكأنها تشرب كأساً من الحرية مسموم ..

أما العقد الثاني من هذا القرن المُعتم فبدأ بتصدير كوارث من نوع مختلف وبدأ المتآمرون في كشف المستور وإماطة اللثام عن الوجه القبيح من خلال تصدير أزمات جديدة من نوع مختلف إلى العالم والسحب التدريجى إلى المنطقة العربية، ثم إلى القرن الإفريقي، ثم إلى مصر “الوحش المستهدف” الذي رفض التهجين واستعصى على الإنكسار والهزيمة ووقف في وجه المؤمرات شامخا كالنخيل الباثقة..

لقد شهد ذلك العقد العجيب ألواناً من الأزمات بدأت بعواصف ترابية مهلكة وجوائح بيئية قاتلة ..وتصدر أزمات اقتصادية طاحنة وحروب وانقسمات شعبية فارقة في بناءات الدول وأخير حروب سياسية وعسكرية تسببت بشكل مباشر في رفع معدلات التضخم والعمل على تجويع العالم من خلال التحكم في سلات الغذاء وأسعار محتواياتها من حبوب وزيوت ..

قد لا يروق لبعضكم أن أربط ما يحدث بين كل هذه الظواهر البيئية والاقتصادية.. وقد لا يروق لبعضكم أن أربط بين الحرب الروسية الأوكرانية وبين الحرب غير المتكافئة التى تشنها إسرائيل بقوتها الغاشمة على شعب فلسطين الأعزل .. وقد لا يروق لحضراتكم أن أربط بين موجات التطبيع مع إسرائيل والحرب الروسية الأوكرانية والأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشها المصريون والطموح التنموى الكبير للدولة المصرية وبناء سد النهضة “الملعون” الذى لا يهدف إلى تنمية أثيوبيا بقدر استهدافه تجويع المصريين وإرغام القرار المصرى على بيع القضية الفلسطينية والعمل على إنهائها بأى شكل ولو على حساب سيناء الغالية ..

أتصور أن الهدف واحد وهو إحكام قبضة إسرائيل على مقدرات العرب ..وكأننا واقعون بتصريح دولي بين خيارين إما أن نقبل بوجود إسرائيل المغتصبة وإما أن نقبل بالدمار والتخريب والعيش في أزمات سياسية واقتصادية طاحنة ..

لكنني أقولها صادحة عالية كما فشلت إسرائيل على مدار قرابة ٧٥ عاما في تسويق قضيتها الزائفة وكسر إرادة الشعب الفلسطيني الأبي وعجزت عن تهجيره القسرى من أراضيه ؛ فإنها فاشلة لا محالة في أن تجعل سيناء هي الحل البديل للقضية.. وفاشلة لا محالة في أن تجعل سيناء وطناً بديلا للفلسطينين ..وفاشلة فى تجويع المصريين واختراق نسيجهم الوطني المتين ..فخلف القيادة السياسية والجيش ١٠٠ مليون مواطن يقولون لا، ليس بالكلام ولكن بالدماء والفداء ..فسيناء قطعة من جسد المصريين وأرواحهم ..لا يمكن انتزاعها بحال .. لقد أثبت التاريخ أن المصريين في الأزمات يزداد ترابطهم وتماسكهم .. فلا تفرق بين جندى يحمل السلاح في الميدان وفلاح يحمل الفأس في الغيط ..كلاهما يعمل للوطن وتبادل الأدوار مرهون بتبادل الظروف والأحوال بين الحرب والسلام ..

 

The post الثورات وإسرائيل وكأس الحرية المسموم.. appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7291
العقل والديكتاتورية الآمنة..! https://draya-eg.org/2023/07/26/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%82%d9%84-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%aa%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a2%d9%85%d9%86%d8%a9/ Wed, 26 Jul 2023 14:55:51 +0000 https://draya-eg.org/?p=6973 بقلم: أ.د. صلاح هاشم  مرَّ الذئبُ بالأسد ووجده مهموماً فسأله: ما لي أري ملكُ الغابة اليوم مكتئبا، فقال الأسد: كيف لا أكتئب يا .. وقد أصبحت وحيداً بعد أن نفرت مني حيوانات الغابة خوفاً، ردَّ الذئب عندي لك حيلة: اربطك إن وافقت على الشجرة هناك فتألفك الرعية، ويجالسك القاصي والداني.  وافق الملك في لحظة غفلة …

The post العقل والديكتاتورية الآمنة..! appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم: أ.د. صلاح هاشم

 مرَّ الذئبُ بالأسد ووجده مهموماً فسأله: ما لي أري ملكُ الغابة اليوم مكتئبا، فقال الأسد: كيف لا أكتئب يا .. وقد أصبحت وحيداً بعد أن نفرت مني حيوانات الغابة خوفاً، ردَّ الذئب عندي لك حيلة: اربطك إن وافقت على الشجرة هناك فتألفك الرعية، ويجالسك القاصي والداني.

 وافق الملك في لحظة غفلة ليتحول بعدها إلى سخرية الغابة، أسدٌ مربوطٌ معلقٌ على شجرة يرفسه هذا بلؤم ويقذفه ذاك بسوء، فتضاعف حزنه إلى أن مر بهِ الحمار قائلاً: ياللعجب ملكٌ مقيدٌ ورعيةٍ تلهو به.. ما بال سيدنا…؟ فأجاب الأسد ماذا أقول يا حمارنا الحبيب، حيلةٌ أقنعني بها ذئب، ومَرَّغَ بها أنفي في التراب ..!

 فانتفض الحمار نخوةً وقال: سرحتك من قيدك إن شئت يا سيدي…! رد الأسد قائلاً: وهل يرضى ذو عزةٍ بالقيود يا حمار …؟!، ففكه الحمار؛ ليجمع الأسد على الفور متاعه إيذانا منه بالرحيل عن مملكته، إلا أن الأرانب قد اعترضت طريقه كي لا يهجر الغابة.. وهنا وقف الأسد في منتصف الطريق منكسراً يجمع ما تبقى من هيبة لأسود وعزة الملوك وقال: لا أمان في وطنٍ تقيُّد فيه الذئاب الأسود..  وتفك فيه الحمير الكروب.

هي دعوة لإعمال العقل وعدم التفريط في المنطق الذي بدونه تفقد الأشياء مسمياتها.. ويصبح الحوار بين البشر شبه مستحيل.. فحين يغيب العقل ينكسر المنطق وتعمل آلة المخ بالمعكوس.. ولا يتفق الناس على مبدأ واحدٍ ولا على رؤية ثابتة.. فكيف للحياة أن تقوم على متغيرات دون ثوابت التى هي بالأساس أوتاد تحكم سيرة الحياة في أي مجتمع ..!

وما زالت الغابة ترسل حكاياتها إلينا وتجعل الحكمة راسخة في أفواه الحمير..  حيث يقول الفيلسوف العراقي الكبير على الوردي.. فتح الحمار ذات يومٍ مذكرة يومياته وكتب فيها: أنا لا اعرف كم مضى من الزمن على رحيل الأسد.. ولكن وصلت في نهاية عمري إلى قناعة راسخة لكنها قاسية ومؤلمة مفادها إن ديكتاتورية الأسد أفضل من حرية القردة والكلاب.. فهو لم يكن يستعبدنا بل كان يحمينا من قرود تبيع نصف الغابة مقابل الموز، وكلاب تبيع نصفها الآخر مقابل العظام..!

وهنا دعوة جديدة لإعمال العقل والإدراك الجيد للسلوك الإنساني.. وتفسير عاقل للسلوك، وتقديم منطقي لفكرة ” الديكتاتورية الآمنة ” التي يفرضها واقع معتم وفوضي في التفكير والتعايش، وجهل عميق في قراءة المشاهد والتحليل والتفسير، وتغافل تام عما يحاك للأوطان في الظلام.. وحتى لا تسقط المجتمعات فريسة تحت أقدام القرود والكلاب وأصحاب المصالح والبطولات الورقية المزيفة..!

ولنا عظة أخرى في الشمس والقمر والنجوم وآلاف المجرات وكل ما خلق الله في هذا الكون، والتي تتحدث بصمتها البليغ عن حق الإنسان في البقاء على قيد الحياة، وحقه في الحياة الأمنة، وحقة في الماء النظيف والغذاء والسكن، وحقه في العدل والأمن والسلام.. وهناك بشر مازالوا يتشدقون بالعدل ويطالبون بحق صرصار قتل في بلدِ ميتِ دهساً تحت عجلات قطار لا يصلح أصلاً للسير..!

فلن تستقيم الحياة برأيي سوى بالأخلاق وبدون المنطق تصبح المجتمعات هشة سهلة الانكسار والانهيار.. حتى الغابة إن غاب فيها المنطق فقدت اسمها وتحولت إلى شيء هُلامي غير معروف، لا مكان فيه للأسد أو الفأر وتعرض كل ما فيها للانقراض..!

 حين يغيب العقل تنتصر الهشاشة والسطحية ويسود القبح ويتوارى الجمال..!، وحين يغيب العقل يغيب العدل.. وكما قال الشاعر القديم:

قتلُ إمرءٍ في غابة جريمةّ لا تغتفر.. وقتلُ شعبٍ آمنٍ مسألة فيها نظر..!

  وهنا تتبدى ثقافة الكيل بمكيالين التى تقوم بالأساس على استهجان المنطق وتحييد العقل والاحتكام لمبدأ المصلحة الذي تحميه القوة..!

 فحين يغيب العقل تتلاشى الحدود بين الليل والنهار.. يخاف الناس من الشمس.. ويعتبرون الجهر بالرزيلة عنوان لقوة الشخصية وقوة الإيمان معاً.. وأن الخوض في أعراض الناس وذممهم دليل على صحة الضمير ونزاهة الشرف …!  فحين يغيب العقل تضيع الحكمة، وحين يغيب القلب تضيع الرحمة، وحين يغيب الضمير يموت القلب والعقل معاً …!

أتذكر أيضاً لما حصل مناحم بيجن رئيس وزراء اسرائيل على جائزة نوبل بعد معاهدة السلام مع مصر.. اعتبر المثقفون المصريون أن هذا الترشيح لمبدأ القوة التي لا تحترم المنطق الإنساني البسيط.. وحينها كتب الشاعر أحمد فؤاد نجم قصيدته الشهيرة ” جايزة نوبل ” والتي قال فيها:

 يعنى مناحم بيجن 

ياخد جايزة نوبل

تبقى النوديا

يعنى الدنيا

ماشيه بتحدف بالمندار

يبقى الشهر اتناشر ساعة

يبقي اليوم

ليلتين ونهار

يبقى القاتل

شخص ضحية

والمقتول مجرم جبار..!

 وحينها تيقنت أنه حين يغيب العقل تٌقدس الرزيلة وتُوصم الفضيلة ويتولى الأمر محدودو الفكر والثقافة والأفق.. وحين يغيب العقل تختلط الألوان وتعمى الأبصار والبصائر وتغيب القدرة على التمييز، وتتضارب معايير التفضيل، ويضيع بين الناس فقه الأولويات؛ فيتقدم الاهتمام بأدوات الذبح على تربية الذبائح، ويتقدم الاهتمام بطرق إعداد الطعام على طرق إنتاج المحاصيل، ويتقدم الاهتمام بأشكال أواني الشرب على إصلاح صنابير المياه المهدورة..!

 وختاما أُؤكد أنه حين يغيب العقل تتحول المجتمعات إلى أشباه مجتمعات.. والدول إلى أشباه دول.. والبشر إلى أشباه بشر.. والعلماء إلى أشباه علماء..  ويتحول الإنسان إلى نصف كائن.. وتسود بقوة ثقافة النصف التى تفرض على الإنسان كامل العقل بأن يؤمن بأن نصف حياةٍ خيرّ من الموت..!

The post العقل والديكتاتورية الآمنة..! appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6973
متلازمة الإصلاح والتنمية.. مخاوف الغرق وآليات النجاة (3) https://draya-eg.org/2023/05/03/%d9%85%d8%aa%d9%84%d8%a7%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%ae%d8%a7%d9%88%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b1%d9%82-%d9%88%d8%a2%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%a9/ Wed, 03 May 2023 13:47:26 +0000 https://draya-eg.org/?p=6687 بقلم: أ. د/ صلاح هاشم استكمالاً لحديثنا السابق عن متلازمة الإصلاح والتنمية، وفى سياق الحديث عن نظرية الثلث في المئة التى تناولتها عبر المقالتين السابقتين .. إذ ينبغي هنا الحديث عن فلسفة تلك النظرية والتي تنطلق من فكرة مؤداها أن وصف المجتمع بأنه مجتمع ناهض أو منتج أو صالح لا يعنى أن (  50 % + …

The post متلازمة الإصلاح والتنمية.. مخاوف الغرق وآليات النجاة (3) appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم: أ. د/ صلاح هاشم

استكمالاً لحديثنا السابق عن متلازمة الإصلاح والتنمية، وفى سياق الحديث عن نظرية الثلث في المئة التى تناولتها عبر المقالتين السابقتين .. إذ ينبغي هنا الحديث عن فلسفة تلك النظرية والتي تنطلق من فكرة مؤداها أن وصف المجتمع بأنه مجتمع ناهض أو منتج أو صالح لا يعنى أن (  50 % + 1)  من أبناء هذا المجتمع ينبغي أن يكون صالح .. فمثلاً عدد القوى العاملة أو المنتجة في الصين لا تتجاوز 150 مليون من إجمالي مليار وأكثر من 300 مليون نسمة .. أما فى مصر فحجم القوى العاملة لا يتجاوز 30 مليون من إجمالي 106 مليون نسمة تقريباً .. وربما يكون فرد واحد منتج يكفى لإعالة أسرة مكونة من ( 3 أفراد أو أكثر).. وهو بهذا الإنفاق يضمن بقاء الأسرة بيولوجياً لكنه لا يضمن تنميتها على النحو المطلوب إذا لم يكن الثلث على الأقل من أفراد الأسرة منتج  !

نشأة المجتمع الإنساني

بالعودة إلى الحديث عن فلسفة هذه النظرية علينا فقط أن نبحث في آلية نشأة المجتمع الإنساني الذى عادة ما يبدأ بالزواج بين طرفين (ذكر وأنثى) بشرط أن يكون هذا  الزواج قادر على الإنجاب .. ويعتبر الطفل هنا تعبيراً صادقاً عن نجاح عملية الزواج وتحقيق الهدف منها، وهو بقاء النوع وتعمير الأرض.

 ومن هنا تتشكل الأسر، ووفقاً لعدد هذه  الأسر يتكون المجتمع الإنساني وهذا ما أسفرت عنه كافة أدبيات العلوم الاجتماعية .. والسؤال  الذي يطرح نفسه هنا كم عدد  الحيوانات ” المنوية ” التى تحتاجها عملية ” الإخصاب ” كي تنتج هذا الطفل .. والإجابة هنا كشفها علماء الطب الذين أوضحوا أن عالم الحيوانات المنوية مكون من حيوانات ” منوية نشطة ”  وأخرى ” مشوهة ”  وثالثة  “ميتة ” .. ورغم أن علاقة التزاوج يتضمنها  قذف ملايين الحيوانات المنوية و أن عملية الإخصاب نفسها  تحتاج إلى حيوان منوى واحد  فقط نشط كي تتم؛ إلا أن الدراسات العلمية  أكدت أنه إذا كان لدينا فقط  30 % من الحيوانات نشط و 30 % مشوهة و 30 % ميت، فإن احتمالية إتمام عملية الإخصاب قد تكون ضعيف للغاية، وربما يوصف الذكر بأنه ” عقيم “.  رغم أنه قد أنتج قرابة 30 مليون حيوان منوي نشط ..!

والحل هنا  يكمن في العمل على زيادة أعداد الحيوانات المنوية النشطة لتكون ( 30% + 1 ).. وبديهياً فإن زيادة الأعداد النشطة عادة ما يكون على حساب تخفيض النسبة المشوهة، دون النظر بالطبع إلى النسبة الميتة ..  وتأسيساً على ما سبق فإن المجتمع الإنساني أو الحيواني أو غيره يقوم وينشأ وينمو انطلاقاً من  فكرة(  الثلث + 1 ) .

ومن ثم فإن طرحنا لفكرة تقسيم المجتمع الإنساني إلى ” ثلاث فصائل ”  كما ذكرتها في مقالتي السابقة تتسق تماماً مع هذه الفكرة  .. حيث إن إصلاح المجتمع وتطويره وتنميته لابد وأن ينطلق من  دعم الأكفاء ” من أفراد الشعب وتحويلهم من حسب ما أسميته فى المقال السابق ( إنسان النصف ) أو “الراكب المجاني” إلى مواطنين صالحين، قادرين على اتخاذ القرارات الرشيدة التي تصيب عين الحقيقة في كل أمور حياتهم، وكل ما يتعلق بتنمية المجتمع واصلاحه والحفاظ عليه .. فهذه الفئة _ الثلث المشوه أو إنسان النصف أو الراكب المجاني – هي التي تملك القدرة الكاملة على التحول إلى الإيجابية والسلبية متى امتلكت الرغبة والحافز والإرادة الكاملة للتغيير .

ومن هنا تأتي أهمية التعليم وبرامج تنمية الواعي والتحفيز الأدبي والمادي والقدرة على اكتشفا وتفجير واستثمار الطاقات الكامنة لدى شخصية الراكب المجاني اللامبالي أو المتفرج أو الذى نطلق عليه فى مصر  مجازاً ”  حزب الكنبة “..! بغض النظر تماماً عن الفصيل الثالث المناهض للتنمية والتغيير والإصلاح، والذى تكمن مصلحته دائماً في الإبقاء على الوضع الراهن، والذى يتجسد حرفياً في شخصية  “قاسم السماوي ” في حكاية على بابا والأربعين حرامي .. والذى يبحث دائماً عن نقاط الضعف فى المجتمع وينتظر الأزمات والكوارث التى تُضعف الدولة ليحول تلك الأزمات إلى فرص للتربح الشخصي وتعميق جذور الفساد فيما تبقى من جسد الدولة وبالطبع يعتبر الثلث الذى يمثله الراكب المجاني لقمة سائغة يسهل على الفساد ابتلاعها إذا لم تجد حماية حقيقية من الثلث الصالح فى المجتمع  .. فحين تكثر فى مجتمع ما أعداد  الخرابات والبِرك ومقالب الزبالة، تنتشر الفئران والجرذان والعقارب والثعابين والكلاب الضالة .. !

إصلاح الثلث المشوه فى المجتمع ضرورة

 من المهم هنا أن تتضمن خطط التنمية عمليات واسعة للإصلاح الاجتماعي التى تضمن بطبيعة الحال إصلاح الثلث المشوه في المجتمع وتحويله إلى طاقة إنتاجية عالية .. مع الابتعاد الكامل عن استخدام العنف والتهميش وإشعار الأشخاص المراد تحويلهم بالقهر .. فبحسب كلام بن خالدون” : ‏الشعوب إذا شعرت بالقهر ساءت أخلاقها، وكلما طال تهميش إنسانها يصبح كالبهيمة، لا يهمه سوى الغريزة ولقمة العيش ..!

 وهذا لا يعنى طبعاً أن نشارك هذه الفئة غير الواعية أوهامها حتى نضمن استمالتها للثلث الصالح من أبناء الشعب  كما يقول الفيلسوف “نيتشة ”  .. ولا نتعمد عدم الشفافية وإخفاء الحقائق ونُكرِس فكرة أن الذين يقولون الحقيقة يرحلون مبكراً .. بل ونلتزم بالشفافية والوضوح في كافة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية،  ولا نتخذ الحذر إلا فيما يهُم  قضايا ” الأمن القومي ” للمجتمعات والدول..  فالأمن القومي للبلاد هو  ” الخط الأحمر ”  الذى لا يجب أن يغازله أي فصيل أو يقترب من حدود فهو خط الأمان الأول لبقاء المجتمع على القيد الدولي .

فالفئات غير الواعية عادة ما تُحب وتكافئ من يستطيع تخديرها بالأوهام… فهي دائماً تصف نفسها بأنها ” غارقة ”  في الأزمات والكوارث، والتي في تصوري هم من صنعوها أو على الأقل شاركوا في صناعتها ولا  يملكون إرادة الحقيقية لمواجهتها أو الخروج منها  .. فالغرق مثلاً  هنا لا يعنى السقوط في الماء..  فلا أحد يصف السمكة بأنها غارقة ، لكن تغرق  السمكة إذا تُرِكت في الهواء..  فالغرق يا صديقي يحدث حين تسقط في  بيئة لا تشبهك أو في مكان  لا يليق بك أو تليق به .. ! ونكمل في مقالنا القادم ..

The post متلازمة الإصلاح والتنمية.. مخاوف الغرق وآليات النجاة (3) appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6687
 متلازمة الإصلاح والتنمية.. ” الراكب المجاني ” (2) https://draya-eg.org/2023/04/12/%d9%85%d8%aa%d9%84%d8%a7%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a7%d9%83%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d8%a7%d9%86%d9%8a-2/ Wed, 12 Apr 2023 21:32:58 +0000 https://draya-eg.org/?p=6626 بقلم أ.د/صلاح هاشم تكلمنا في مقالتنا السابقة عن كيف يمكن أن يلعب غياب الفكر الاجتماعي في استبدال الشعوب بالجماهير التى عادة ما تتسم بالسطحية والاندفاع خلف غرائزها ولا يحكمها منطق سليم ويسهل توجيهها وقيادتها، حتى وإن كان ضد الدولة نفسها؛ مما يبرر حتمية تدشين نظريات جديدة في الفكر الاجتماعي تُسهم في إعادة إنتاج شعوب وطنية …

The post  متلازمة الإصلاح والتنمية.. ” الراكب المجاني ” (2) appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم أ.د/صلاح هاشم

تكلمنا في مقالتنا السابقة عن كيف يمكن أن يلعب غياب الفكر الاجتماعي في استبدال الشعوب بالجماهير التى عادة ما تتسم بالسطحية والاندفاع خلف غرائزها ولا يحكمها منطق سليم ويسهل توجيهها وقيادتها، حتى وإن كان ضد الدولة نفسها؛ مما يبرر حتمية تدشين نظريات جديدة في الفكر الاجتماعي تُسهم في إعادة إنتاج شعوب وطنية قادرة على بناء حضارات جديدة في ضوء معطيات العصر الحديث .

ففي الوقت الذي أصبح فيه الاستثمار في  الإنسان هو الاستثمار الناجح والأكثر ربحاً.. لا تحدثني عن ثروة بلد أهله مشحونون بالحقد والعنصرية والمناطقية والجهل والحروب، وحصر مفهوم التنمية والتطوير في البحث عن لقمة العيش أو العمل على تأمينها .. ففي الوقت الذى  أصبح فيه الإنسان يُطارد  بقوة المال ؛ باتت تطارده الظروف والأقدار بمنتهى القسوة لتكون المحصلة في النهاية هي عودة الدول خطوات متسارعة إلى الخلف ..!

فسنغافورة، البلد الذي بكى رئيسه ذات يوم، بسبب افتقار بلاده إلى مياه الشرب، يتقدم اليوم على اليابان من حيث متوسط  دخل الفرد…!!؟؟ ونيجريا التى تعد من أكثر دول العالم امتلاكاً للموارد الطبيعية وأكثرها تصديراً للبترول، أصبحت أكثر دول العالم فقراً وتراجعاً على مؤشر التنمية البشرية، وكلمة السر في ذلك هو تراجع الإنسان الذى صارا محملاً بالأعباء والصراعات والأحقاد العرقية ..!

الاستثمار فى العقل البشري هو القاطرة الآمنة للتنمية

 ففي عالمنا المعاصر باتت الشعوب المتخلفة فقط هي التي تعتمد على رصيدها في باطن الأرض كي تعيش وتتطور .. بعكس الدولة المتقدمة التى تراهن دائماً على الاستثمار في العقل البشري باعتباره القاطرة الآمنة للتنمية وحقل ثروتها الذى لا ينفد.. فأرباح شركة مثل سامسونج قد بلغت في عام واحد حوالي  327 مليار دولار.. وربما تحتاج  دول كثيرة إلى مئة عام للوصول إلى هذا الرقم من ناتجها المحلي ..!

 لقد هُزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية.. وفي أقل من خمسين عاماً انتقمت من العالم كله بالعلم والتقنية. فإذا كانت المحنة كما يقول ” فكتور ماري هوجو ” Victor-Marie Hugo تصنع الرجال، فإن رغد العيش يصنع الوحوش..! وحين  يفقد الشعب بوصلته الوطنية يدمر ممتلكاته العامة، اعتقاداً منه بأنه يدمر  ممتلكات الحكومة.. وقد شهدناً ذلك جلياً إبان أحداث 25 يناير 2011..!

نظرية “الثلث فى المائة”

إذن الإنسان هو كلمة السر وليس الحجر .. قدرة الدولة على إنتاج شعب صانع للحضارة قادر على إنتاج مستقبل آمن يتمتع فيه الإنسان بأرقى الخصائص الإنسانية من تعليم وصحة وخلافه .. ومن هنا فلا بد أن نفكر سوياً في تشريح المجتمع الإنساني .. وفق فكرة إنسانية بسيطة أطلق عليها نظرية ” الثلث في المائة” والتي تنطلق من تساؤل فلسفي مفاده ” هل المفروض أن يكون الشعب كله منتج لتصبح لدينا دولة منتجة ..؟ وهل من المفروض أن يكون الشعب كله صالح ليصبح لدينا دولة متحضرة ..؟!

فالمجتمع الإنساني في تصورنا وحسب ما فهمناه من علماء الوراثة عبارة عن ثلاثة فصائل.. كل فصيل يشكل 30 % من مجموع الشعب .. الثلث أول من الشعب يتسم بالإيجابية الشديدة والعزم ولدية إرادة قوية في الإصلاح والإنتاج ويشعر بالمسئولية الكاملة عن تطوير المجتمع ونهضته .. أما الثلث الثاني فمغاير تماماً عن الثلث الأول، حيث يتسم بالسلبية الشديدة ولديه رغبة قوية في الفساد والهدم، ويفتقد القدرة والرغبة في العمل والإنتاج والميل إلى التكاسل واللامبالاة والعيش على أكتاف الآخرين ولا يشعر بالمسئولية ولا تشغله سوى مصالحه الخاصة ومكتسباته الشخصية، حتى وإن كانت على حساب مصلحة الدولة وحاضرها ومستقبلها.، يحِنُ دائماً إلى الماضي ويشعر بالاختناق من الحاضر والاحباط وعدم الاكتراث بالمستقبل.. ومقتنع بأن الأنانية العميقة هي أساس جميع الفضائل الإنسانية.. أحب نفسك أيها الإنسان، تلك هي القاعدة الوحيدة التي يؤمن بها هذا الفصيل من الشعب وفقاً لأقوال  “فيودور دوستويفسكي” .

الراكب المجاني

 الثلث الثالث يتكون من فصيل بين بين .. استعير توصيفه من فيلسوف الحضارة ” مالك بن نبي ” حين تحدث عن ” إنسان النصف” مؤكداً إن إفساد النهضات عادة ما يكون بإنتاج إنسان النصف .. حيث عرف بن نبي ” إنسان النصف” بأنه إنسان شديد الإلحاح في طلب حقوقه، رغم أنه لا يقوم بالحد الأدنى من واجباته، أو من ثقافة المتاح المتوفرة بين يديه،  يذهب للمدرسة كما يذهب للعمل  لا لشيء سوى إضاعة الوقت ..  وليس للتعلم ولا للإنتاج ..  لا يدرس كطالب ولا يعمل كموظف و لا يبدع في معمل ولا يبتكر في متجر ولا ينجز في مشروع  .. هو باستمرار إنسان النصف .. يقف في منطقة وسطى بين الفصيلين الآخرين ليمثل 30 % من المجموع.. ويميل إلى لعب دور  “الراكب المجاني ” الذى يفضل دائماً الجلوس على مقاعد المتفرجين على  مسرح المعركة،  ليصفق في النهاية للفائز دون أن يكسب عداوة أي الفريقين ..  وهو أسهل الفصائل الثلاثة في الجذب والاستقطاب والتأثير عليه.. ويصف نفسه دائماً بالموضوعية..!

ربما يكون هذا التصور بمثابة صورة مثالية لكافة المجتمعات الإنسانية منذ بداية العقد الاجتماعي وحتى الآن .. وأن نمو المجتمع في هذا الحالة هو نمو طبيعي يعجز عن الدخول في سباق التطور .. وحتى هذا التطور التلقائي لا يضمن بحال استمرار المجتمع وبقاءه .. !

فمادام الفصائل الثلاثة متساوية .. والمساواة هنا في الحجم المبني على الخصائص المتشابهة بين كل فصيل من الفصائل الثلاثة ” الفصيل الصالح الذى يقدم مصلحة المجتمع على نفسه والفصيل الفاسد الذى يغلب مصالحه الشخصية على المصلحة العامة للمجتمع والفصيل الثالث الذي هو إنسان النصف “.

إذن الصراع دائماً يكون بين الفصيلين الأول والثاني والذى يغلب هو الذي يسم المجتمع بسماته الخاصة .. إيجابية كانت أو سلبية .. وأقصى انتصار يمكن أن يحققه فصيل على الآخر هو أن يحول جزء منه إلى الفصيل الثالث الذي يمثله إنسان النصف أو الراكب المجاني  الذى هو الحلبة الحقيقة للصراع بين الفصيلين .. باعتباره الفصيل الأسهل في الجذب والاستقطاب ..!

والسؤال الذى يطرح نفسه كيف يمكن لفصيل أن يتغلب على الفصيلين الآخرين ليشكل السمات العامة لمجتمع وكيف يمكن للفصيل الصالح أن يحقق الغلبة ليصبح لدينا مجتمعاً صالحاً تتوافر فيه كافة مقومات النهضة .. وهو ما سوف نوضحه في مقالتنا القادمة ..

The post  متلازمة الإصلاح والتنمية.. ” الراكب المجاني ” (2) appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6626
أهمية إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران https://draya-eg.org/2023/04/10/%d8%a3%d9%87%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%a8%d9%84%d9%88%d9%85%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%8a%d8%a7%d8%b6-%d9%88%d8%b7%d9%87%d8%b1%d8%a7%d9%86/ Mon, 10 Apr 2023 21:03:21 +0000 https://draya-eg.org/?p=6621 بقلم: د/ وليد ناصر الماس يُشكل الاتفاق السعودي الإيراني المكرس لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بارقة أمل تساهم في استقرار منطقة الشرق الأوسط، لا سيما وأن للرياض وطهران دور كبير في ما تعانيه المنطقة الشرق أوسطية من حالة غير مستقرة، باعتبارهما دولتين كبيرتين صاحبتا نفوذ اقتصادي وسياسي، علاوة عن دورهما المذهبي وتزعمهما لأكبر طائفتين إسلاميتين …

The post أهمية إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم: د/ وليد ناصر الماس

يُشكل الاتفاق السعودي الإيراني المكرس لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، بارقة أمل تساهم في استقرار منطقة الشرق الأوسط، لا سيما وأن للرياض وطهران دور كبير في ما تعانيه المنطقة الشرق أوسطية من حالة غير مستقرة، باعتبارهما دولتين كبيرتين صاحبتا نفوذ اقتصادي وسياسي، علاوة عن دورهما المذهبي وتزعمهما لأكبر طائفتين إسلاميتين (سنية وشيعية)، في ظل واقع اجتماعي بالغ التعقيد، تلعب فيه المذهبية دورا بالغا.

تُعد السعودية وإيران من ضمن أغنى عشرة بلدان في العالم، من حيث الخامات والموارد الطبيعية، وترتبط كليهما بعلاقات سياسية واقتصادية متينة مع الصين، حيث يتطلب إنجاح مشروع الصين الاقتصادي وتحقيق المصالح المشتركة للجانبين الصيني ودول منطقة الشرق الأوسط، استقرار المنطقة وخروجها من وضعية الصراع.

وهنا يُمكن إبراز عوامل كثيرة في إنجاح هذا الاتفاق من ضمنها:
طموحات البلدين لتجاوز الكثير من العقبات الاقتصادية والأمنية، والتفكير الجدي بتوجيه الموارد العامة نحو أشكال التنمية.
– حاجة البلدين لمشاريع اقتصادية ضخمة بالشراكة مع الصين، بالاستفادة الفاعلة من الموقع الجغرافي والموارد.
– الحاجة للتعاون الثنائي لتجاوز الكثير من القضايا والخلافات العالقة، في الكثير من بلدان المنطقة.

– رعاية بكين للاتفاق مما قد يوفر ضمانة رئيسية لنجاحه، علما بأن العلاقات الصينية الإيرانية قوية وتوفر فرصة لنجاح الوساطة بين الجانبين السعودى والإيراني. 

– وجود رغبة إيرانية شعبية في فتح صفحة جديدة مع دول الخليج.

لا شك أن عودة العلاقات السعودية الإيرانية تُشكل مرحلة جديدة للتعاون فى منطقة الشرق الأوسط، من شأنها أن تُمهد لإعادة ترتيب المنطقة بشكل يحقق الاستقرار ويدفع بعجلة التنمية، وذلك وسط أزمات دولية كبرى، وتحديات جسيمة تتطلب الكثير من العمل المتواصل من أجل توسيع مجالات التعاون والتنسيق المشترك. 

The post أهمية إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6621