المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/ Egypt Sat, 14 Dec 2024 23:33:29 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.5 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/ 32 32 205381278 الشرق الأوسط على صفيح ساخن مابين حروب وإبادة..ومستقبل لاوضوح له https://draya-eg.org/2024/12/15/%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b3%d8%b7-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%b5%d9%81%d9%8a%d8%ad-%d8%b3%d8%a7%d8%ae%d9%86-%d9%85%d8%a7%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d8%b1%d9%88%d8%a8-%d9%88%d8%a5%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d9%88%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84-%d9%84%d8%a7%d9%88%d8%b6%d9%88%d8%ad-%d9%84%d9%87/ Sat, 14 Dec 2024 23:33:29 +0000 https://draya-eg.org/?p=8335 لم تهدأ منطقة الشرق الأوسط منذ عقود من الزمان مابين ثورات وحروب مستمرة ، وأوضاع اقتصادية عالمية تعصف بدولهاـ إلا أن الوضع اليوم أصبح أكثر مأساوية عن أي وقتٍ مضى؛وسط فشل عميق وكبير لكافة الجهود الدولية لاحتواء الأزمات المتلاحقة ووجود أسئلة عميقة عن مدى فاعلية القانون الدولي والمنظمات الدولية للحفاظ على أبسط الحقوق البشرية ألا …

The post الشرق الأوسط على صفيح ساخن مابين حروب وإبادة..ومستقبل لاوضوح له appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لم تهدأ منطقة الشرق الأوسط منذ عقود من الزمان مابين ثورات وحروب مستمرة ، وأوضاع اقتصادية عالمية تعصف بدولهاـ إلا أن الوضع اليوم أصبح أكثر مأساوية عن أي وقتٍ مضى؛وسط فشل عميق وكبير لكافة الجهود الدولية لاحتواء الأزمات المتلاحقة ووجود أسئلة عميقة عن مدى فاعلية القانون الدولي والمنظمات الدولية للحفاظ على أبسط الحقوق البشرية ألا وهو الحق في الحياة.
لقد مثل تاريخ السابع من أكتوبر تغييرًا للعبة في الشرق الأوسط، وأصبح من الواضح أنه على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية تم تجاوز العديد من الخطوط الحمراء، مما قد يؤدي إلى جلب الشرق الأوسط بأكمله إلى شفا حرب أوسع.ولكن ليس من الواضح كيف سيعيدون تشكيل التوازنات الجيوسياسية في المنطقة.
منذ هذا التاريخ والشرق الأوسط بأكمله على صفيح ساخن ، فمع العدوان الاسرائيلي على غزة واعمال القتل والإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من عام فتحت إسرائيل أكثر من جبهة في المنطقة فشنت حربها على لبنان مطلع سبتمبر من العام الجاري 2024، فضلاً عن ضرباتها وحلفائها على اليمن وسط تصاعد للصراع مع ايران وشنها لحملة من الاغتيالات لعدد من الشخصيات الهامة، ووصولاً اليوم لمحاولة جر سوريا إلى خندق حرب جديدة مع المنظمات الإرهابية.
ومع تصاعد حدة الصراعات والحروب في المنطقة وتنوع الجهات الفاعلة مابين الدول والمجموعات المسلحة والمليشيات، فضلاًعن تعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء هذه الأعمال العدائية مراراً وتكراراُ ، لتعاني المنطقة اليوم من خسائر مادية ومعنوية هائلة تجعلها تقف على حافة الانهيار وسط تهديد خطير للاستقرار الجماعي والسلام والتنمية وتمديد حرب الاستنزاف تلك بلا نهاية واضحة في الأفق .
هذه الهاوية دفعت لها العديد من العوامل التي يمكن من خلال دراستها وتحليلها ووضع توصيات للتغلب عليها من التعافي والخروج من هذه الأزمة الخانقة بمساعدة دول العالم وعلى راسهم القاهرة وعمًان كقائدتين رئيسيتين في الأزمات الراهنة.
في هذا السياق، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تتناول بالبحث والتحليل الأسباب الجذرية للوضع الراهن في المنطقة،واستعراض عام لأزمات المنطقة في كل من غزة ولبنان وسوريا، وماترتب عليها من تداعيات لكل منها، وتسليط الضوء على سيناريوهات المستقبل لهذه الأزمات وكذا دور مصر والأردن لحلحلة الوضع في غزة باعتبار انهما دولتان ذات جوار اقليمي مباشر، فضلا عن المبادرة المصرية المطروحة لإنهاء الحرب على غزة.

وقد توصلت الورقة لعدد من التوصيات علًها تجد صداها لإنهاء هذا الوضع المحتدم في منطقتنا، وذلك على النحو التالي:

– على الولايات المتحدةأن تلعب دور أكثر حيوية من خلال اتخاذ خطوات دبلوماسية مع طهران مما يشجعها على إنهاء الحروب بالوكالة في المنطقة وتمهيد الطريق لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
– على الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل بكل السبل لإجبارها على القبول بالتفاوض واتخاذ الحلول السياسية اللازمة لإنهاء الصراعات الحالية، ووقف أية مغامرات عسكرية منشأنها أن تؤدي لسباق تسلح تقليدي ونووي- قد يخرج عن السيطرة.
– يجب على مصر والأردن مواصلة جهودهما الداعمة لتحقيق السلام وإنهاء الحرب والصراعات الجارية، والتعاون في ذلك مع شركاء إقليميين ودوليين لإجبار تل أبيب على قبول السلام والحل السياسي للخروج من الأزمة الراهنة.
– على الجامعة العربية أن تتخذ خطوات ملموسة لحل الازمات العربية من خلال الدعوة لصياغة سياسة عربية شامة لحل الأزمات الراهنة تتحرك وفقاً له الدول العربية في عملية التفاوض السياسي.

– التأكيد على رفض التدخل الأجنبي بالدول العربية او المساس بسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها.
– أهمية الدفع قدما في تنفيذ حل الدولتين واستخدام كافة أوراق الضغط الدبلوماسية والاقتصادية لإجبار اسرائيل على القبول به وإنهاء هذا الوضع المتأزم.
– حث القوى الدولية الفاعلة على ضرورة التحرك لإنهاءأزمات المنطقة وعلى رأسها الأزمة الفلسطينية.
– الدعوة لعقد مؤتمرات دولية للبحث ماذا بعد انتهاء الحرب في كل من غزة ولبنان وتخصيص صندوق لإعادة إعمار لما دمرته الحرب.
– أهمية العمل والتنسيق مع القوى الاقليمية – إيران وتركيا- لإنهاء الازمة في سوريا قبل أن تقع الدولة السورية في براثن حرب أهلية أخرى، أو تكون فريسة للجماعات المسلحة وذلك عبر اتفاقيات مكتوبة وذات ضمانات دولية.
– أهمية تأسيس تحالف عربي – عربي من كل من مصر والعراق والأردن والسعودية لدعم الدولة السورية عبر إطلاق عملية سياسية شاملة لتوحيد الفصائل السورية ودمج المليشيات المسلحة تحت عباءة الجيش وضمان الانتقال السلمي والسلس للسلطة.
– أهمية العمل على إحياء مبادرة إقامة قوة عربية مشتركة داعمة للجيوش العربية المنهكة، لتحل محل المليشيات المسلحة التي أنهكت الدول العربية عبر توريطها في أزمات لاتنتهي.

أولاً الأسباب الجذرية للوضع الراهن:
بداية هذه الأسباب تكمن في شخصية رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة التي ترفض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة على طول حدود عام 1967. وقد استخدمت هذه الحكومة القوة العسكرية لإعادة احتلال قطاع غزة، وإخضاع سكانه، وتسهيل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبالتالي تقويض الحل السلمي للصراع المنصوص عليه في اتفاقيات أوسلو. ويمتد هذا النهج المنهجي للعنف إلى ما هو أبعد من الأراضي الفلسطينية.
ففي لبنانحاولت إسرائيل خرق كل الاتفاقيات الدولية المنصوص عليها لتسوية الوضع بين الجانبين؛ من خلال إجراءاتها التي أودت بحياة السكان إما بالتهجير أو بالقصف والاستيلاء على أراضيهم، وانتهاك السيادة اللبنانية وتهديد الأمن، وكل ذلك بهدف فكيك القدرات العسكرية والتنظيمية والمالية لحزب الله؛ وإبعاد المجموعة عن المناطق الحدودية؛ ومنع الأسلحة الإيرانية من الوصول إلى إسرائيل مرة أخرى. كما نفذت إسرائيل ضربات متكررة على حلفاء إيران وأصولها في سوريا واليمن على أمل الحد من نفوذ طهران الإقليمي.
والمراقب لهذه التطورات يدرك أن نتنياهو يعمد إلى إطالة زمن الحرب بما يضمن بقاءه في السلطة لأطول فترة ممكنة، كما أن حلفاء إسرائيل لا يرون أية مشكلة من إطالة وتوسيع دائرة الحرب- وإن اختلفت تصريحاتهم عن هذه الحقيقة.
الواقع أن إسرائيل ترفض المفاوضات والتسويات السياسية حتى أنها في الهدنة الأخيرة المعلنة في لبنان تمهيداً للتوقيع على وقف دائم لاطلاق النارارتكبت العديد من الخروقات، حيث أنها تسعى بشتى الطرق للقضاء على خصومها واستسلامهم دون شروط وصياغة اتفاقيات وفقا لشروطها الخاصة .وعلاوةً على ذلك، تسعى إسرائيل إلى تحويل ميزان القوى الإقليمي لصالحها ضد إيران من خلال ممارسة الضغط العسكري لتجميد البرنامج النووي الإيراني، وتقييد قدراتها العسكرية، وتقليص نفوذها الإقليمي من خلال تفكيك شبكتها المسلحة.
لقد تجاهلت إسرائيل في حروبها في المنطقة التكاليف المادية والبشرية الهائلة أملاً في تحقيق هدفها بالقضاء على قدرات حماس وحزب الله ، وترى أن وقف العمليات العسكرية دون فرض استسلام كامل يعني قدرة هذه المليشيات على استئناف الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة وهو مايهدد أمن إسرائيل؛ وتجاهلت الدولة العبرية حقيقة مفادها ان الأسلحة وحدها لاتضمن الأمن أو الحماية أو الاستمرار في سلام دون وجود حل سياسي حقيقي قابل للتطبيق يشمل ويحقق الأمن لسكان المنطقة جميعهم وليس للإسرائيليين وحدهم.
أما العامل الثاني فهو المتمثل في سياسات الجمهورية الاسلامية الايرانية، فمنذ الثمانينات وإيران تستغل الأوضاع القائمة في المنطقة لإقامة شبكة تحالفات مع الحركات المسلحة والمليشيات الشيعية لتكون خط الدفاع الاستراتيجي الأول ضد خصومها الإقليميين والدوليين الرئيسيين ( العراق في عهد نظام الرئيس صدام حسين، والسعودية اسرائيل والولايات المتحدة).
ولتحقيق مآربها استثمرت إيران مواردها العسكرية والآلية واللوجيستية في مجموعات مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، فضلاً عن دعم المليشيات الشيعية في العراق وسوريا ، وأوكلت إليهم تنفيذ مهام إما داخل دولهم أو حتى في أنحاء المنطقة، بهدف تأكيد هيمنة النفوذ الشيعي والتأكيد على قدرةإيران في الدخول في مواجهة غير مباشرة مع اسرائيلي بما يهدد مصالحها والمصالح الأمريكية في المنطقة .
وعلى صعيد القضية الفلسطينية، قدمت طهران الدعم المالي والعسكري والموارد التكنولوجية لحماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية الرافضة للتسويات السياسية ومبدأ حل الدولتين، وتحتضن المقاومة المسلحة في حين أنها لاتدعم حركات التحرر السلمية المتبنية لسياسات المقاطعة والمقاومة السلمية، الأمر الذي صب في مصلحة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي ترغب في إنهاء فكرة حل الدولتين بالأساس وترى أن الشعب الفلسطيني شعب لاأرض له، الأمر الذي فاقم من معاناة هذا الشعب الذي ظل محاصراً في حلقة مفرغة من الصراعات المتكررة.
كما لعبت إيران دوراً مزعزعاً في عدد من الدول العربية كلبنان سوريا والعراق واليمن من خلال ميليشياتها المسلحة، وانتهكت أمن وسيادة وسلامة هذه الأراضي بحجة الوقوف أمام الهجمات الاسرائيلية والأمريكية وإن كانت في الحقيقية تدافع عن أصولها الاستراتيجية من مخازن أسلحة أو مرافق حيوية ( قد تكون من ضمنها منشآت نووية ونفطية).
وعليه أصبحت إيران وإسرائيل طرفان في معادلة حرب الاستنزاف الدائمة التي تهدد السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، لتنتهج الدولتان النهج العسكري لتنفيذ استراتيجيتهما في تحقيق أهدافهما في صراعات تتطلب في الواقع حلولاً سياسية. كما أن دعم ايران للمليشيات المسلحة إما يقوض الحكم والأمن في جيرانها الاقليميين ( لبنان والعراق واليمن) أو يؤدي لتآكل فكرة حل الدولتين من خلال عسكرة المقاومة الفلسطينية لتحقق بذلك أهداف الحكومة اليمينة الاسرائيلية المتطرفة وهو مايرسخ حلقة الدمار في المنطقة .
العامل الثالث ويكمن في دور الولايات المتحدة، فالقوة العظمى لم تتمكن حتى هذه اللحظة من إحلال السلام في المنطقة؛ بل إنها تناقض نفسها فما بين دعواتها للتهدئة ووقف الحروب الاسرائيلية على دول المنطقة من جهة، ودعم متواصل لإسرائيل بالسلاح وأحدث المعدات والصواريخ والطائرات ، فضلاً عن عدم لعبها دوراً أكبر لاحتواء حرب الاستنزاف في المنطقة رغم ماتمتلكه من حضور عسكري وأمني ودبلوماسي كبير في المنطقة لتساهم هي في استمرار هذه الحروب، رغم قدرتها على استخدام نفوذها لإجبار اسرائيل على وقف أعمالها المدمرة وإنهاء مساعيها الحالية للقضاء على الدولة الفلسطينية بالكامل من خلال التوسع ببناء المستوطنات وضم أجزاء من غزة والضفة الغربية؛والعمل على الحد من عنفالمستوطنين في الضفة الغربية والقدس ووقف توغل الدبابات في الأراضي اللبنانية، خاصة وأن التمويل والتسليح الأمريكي لإسرائيل يشكل عنصراًهاماً في تغذية القوة العسكرية الإسرائيلية.
وعليه فالولايات المتحدة قادرة على إجبار إسرائيل على الجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل لحل سياسي، ولكنها ورغم استخدام ذلك في لبنان،إلا أن هذه الجهود لاتزال مهددة بعدم الاستمرار مما يعني أن الولايات المتحدة لم تمارس ضغطاً كافياً لإنهاء هذه الحرب، ويبدو أن الإدارة الديمقراطية الحالية والجمهورية القادمة مترددة في لعب هذا الدور والعمل على صياغة رؤية دبلوماسية شاملة لإنهاء معاناة شعوب المنطقة، والتي يمكن من خلالها إحياء مبادئ مثل الأرض مقابل السلام ودعم حل الدولتين وتعزيز الترتيبات الأمنية الإقليمية بالتعاون مع الزعماء الإقليميين الرئيسيين كبدائل قابلة للتطبيق للحرب والعمل العسكري والصراع الذي لا ينتهي.خاصة وأن العمل والتعاون مع الزعماء الاقليميين الرئيسيين قد يساهم في احتواء طموحات طهران وتحجيم دور ميليشياتها المسلحة في المنطقة،في ضوء ما أبدتهالدول الاقليمية الرئيسية من مرونة لتجاوز الخلافات والعداء التاريخي مع طهران والبدء في مسار جديد للعلاقات الثنائية، كما برز في الاجتماعات المصرية الإيرانية الأخيرة، واتفاقية مارس 2023 بين المملكة العربية السعودية وإيران لاستعادة العلاقات الدبلوماسية والحد من مستويات الصراع في اليمن.
الواقع أن واشنطن لم تعد ترى في منطقة الشرق الأوسط سوى الدمار ولم تعد توليها الاهتمام الكافي في ظل تركيز أولوياتها على معالجة المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية والاقتصادية والعسكرية المتزايدة مع الصين، وتحجيم النفوذ الروسي الذي تراه مهددا لمصالحها ومصالح حلفائها الغربيين.
مستقبل المنطقة في عهد ترامب (الولاية الثانية):
فيما يتعلق بإسرائيل، فعلى الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية عن سعيه لإنهاء الحروب والنزاعات بالمنطقة إلا أنه مطلع ديسمبر 2024 وبعد حفلِ العشاء الخاص الذي أقامه دونالد ترامب “على شرف” السيّدة سارة نتنياهو، خرج علينا الرئيس الأمريكي المُنتخب فورًا بتهديدٍ بحرقِ مِنطقة الشّرق الأوسط إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في أنفاق قطاع غزة بحراسةِ كتائب “القسّام” و”سرايا القدس” قبل عودته إلى البيت الأبيض يوم 20 من شهر(يناير) المقبل. وذهبترامب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما توعّد فصائل المُقاومة الفِلسطينيّة بدفعِ ثمنٍ باهظٍ إذا لم يتم إطلاق سراح الرّهائن المُحتَجزين، ووجّه تهديداته بشكلٍ خاص إلى قادة حركتيّ “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.
وعليه فهذا يخالف ماكان قد أعنه خلال حملته الانتخابية في إبريل 2024 عندما أكد أن إسرائيل بحاجة إلى “إنهاء ما بدأته” و”إنهائه بسرعة”، مشيرًا إلى أنها “تخسر حرب العلاقات العامة” بسبب الصور القادمة من غزة”.
بل إن هناك مخاوف من أن يسمح ترامب لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وهو ما من شأنه أن يعني “نهاية حل الدولتين”.
فخلال فترة ولايته الأولى، اتخذ ترامب عدة خطوات لصالح إسرائيل. ففي عام 2017، اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مخالفًا بذلك عقودًا من السياسة الأمريكية والإجماع الدولي. كما اعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، التي استولت عليها من سوريا خلال حرب عام1967.
ومع ذلك فالتوترات في هذه المنطقة قد لاتكون محببة لترامب الذي لايريد الانخراط مرة أخرى في حروب بالمنطقة ويريد استكمال صفقات التطبيع التي بدأها خلال الفترة الأولى من ولايته؛ وهو ماقد يدفعه لإجبارإسرائيل على إنهاء حروبها بالمنطقة وإنهاء اي احتمالات لمواجهات عسكرية بينإيران وإسرائيل .
أما فيما يخص إيران فلم تؤدٍ سياسة الضغط الأقصى التي اتبعها ترامب خلال ولايته الاولى من الاستمرار قي تحقيق الأهداف رغم أنه تمكن خلال فترة ما من شلً اقتصادها وزيادة الضغط عليها بعد إلغاء الاتفاق النووي معها، الا أنه وبالمقابل تمكنت طهران من تعميق علاقاتها بكل من روسيا والصين وكوريا الشمالية واستطاعت التركيز على رفع قدراتها النووية، كما اتخذت خطوات ملموسة لإنهاء حالة عدائها مع العديد من دول الاقليم وعلى رأسها السعودية ومصر.
هذه العوامل الثلاثة مجتمعة لعبت دوراً هاماً في تصعيدأزمات المنطقة والاستمرار في حرب استنزاف طويلة الأمد لاأفق لنهايتها.
ثانياً: استعراض الوضع العام بالمنطقة:
قبل السابع من أكتوبر حاولت دول المنطقة الخروج مما ألم بدول العالم بعد كورونا والتحولات الجيوسياسية على جميع الأصعدة وأدرك الفاعلون الدوليون أهمية تعزيز التعاون الإقليمي وهو مابرز في محاولات دول الإقليم الرئيسية مصر والسعودية من إبرام اتفاقيات دبلوماسية لخفض التصعيد مع طهران وبدء مرحلة من التعاون والتنسيق؛ بل وكان اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل على خطى التنفيذ استكمالاً لصفقاتالتطبيع التي بدأت في عهد ترامب ليأتي طوفان الأقصى ويعيد للمشهد القضية الفلسطينية ويؤكد أنه لااستقرار في المنطقة دون حل للقضية الفلسطينية .
وعلى الرغم من أن اتفاقيات التطبيع واتفاقيات السلام مع القاهرة وعمًانلم تتأثر بالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة،إلا أن العلاقات العربية شهدت مرحلة من التوتر غير المسبوق في ظل هذا العدوان الوحشي والمتسبب في معاناة مايزيدعن مليوني فلسطيني في القطاع. وفي حين يدرك الزعماء العرب في الشرق الأوسط بشكل متزايد أن القضية الفلسطينية لم يعد من الممكن إهمالها وتتطلب حلاً عاجلاً، فإنهم لا يملكون نفوذاً فعالاً لإجبار إسرائيل على القدوم إلى طاولة المفاوضات، أو التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وعلى الرغم من المشاركة القوية من جانب مصر وقطر في جهود الوساطة، فإن كل محاولات التفاوض التي جرت منذ بداية العام باءت بالفشل. كما حاولت الرياض لعب أوراقها، وإن كانت دون جدوى، من خلال الإبقاء على إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل في مقابل الاعتراف بإسرائيل. ولكن إسرائيل في ظل هده الحكومة المتطرفة لا تزال تعارض بشدة حل الدولتين مع الفلسطينيين.
• غزة … والعدوان الاسرائيلي بعد السابع من أكتوبر:
شنت المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023، عملية عسكرية واسعة ضد إسرائيل، أطلقت عليها معركة “طوفان الأقصى”، وشملت إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف باتجاه مواقع إسرائيلية، وتنفيذ عمليات تسلل جوية وبرية وبحرية، واقتحام مستوطنات ومراكز عسكرية في غلاف غزة، كما أسفرت عن قتلى وجرحى وأسرى إسرائيليين بيد المقاومة.وفي اليوم نفسه، أعلنت إسرائيل حالة حرب، وتعهدت بالقضاء على حكم حركة حماس وتقويض قوتها العسكرية في القطاع، واستعادة الرهائن الإسرائيليين، وأطلق جيش الاحتلال عملية عسكرية انتقامية ضد القطاع سماها عملية “السيوف الحديدية”.شن حلالها غارات جوية واسعة استهدفت المنازل والمستشفيات والمدارس، مما أدى إلى سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى، وسط مشاهد من دمار هائل في المباني والمرافق الحيوية.وفي التاسع من الشهر ذاته، فرض الاحتلال حصاراً شاملاً على قطاع غزة، وأغلق كافة المعابر وقطع إمدادات الكهرباء والمياه والغذاء والطاقة عن القطاع، وخلال أيام أمر بإخلاء شمال القطاع، تأهباً لقصفه.وفي 20 أكتوبر 2023، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآفغالانت، عن خطة حربية في غزة تتكون من 3 مراحل:
• المرحلة الأولى: تهدف إلى القضاء على المقاومين، وتدمير البنية التحتية لحماس. وتشمل تلك المرحلة قصفاً جوياً كثيفاً يتبعه اجتياح بري للقطاع.
• المرحلة الثانية: تهدف إلى القضاء على جيوب المقاومة، وتتضمن عملياتها قتالاً بوتيرة أقل كثافة من المرحلة الأولى، مع التركيز على ضرب أهداف محددة.
• المرحلة الثالثة: تهدف إلى إنشاء نظام أمني جديد في قطاع غزة، بما يضمن أمن إسرائيل ومناطقها المحيطة بالقطاع.
وفي 27 من الشهر نفسه، بدأت إسرائيل هجوماً برياً واسعاً على شمال القطاع، واستمرت العمليات فيه تحت غطاء ناري مكثف نحو 3 أشهر، نفّذ الاحتلال خلالها هجمات عنيفة، طالت مناطق واسعة وأهدافا مدنية في محافظتي الشمال وغزة. في محافظة الشمال، تبعها انسحاب جزئي من محافظة غزة، ولكنه أعاد توغله فيمواضع أخرى في المحافظتين، فكان يُغيّر تموضعه، وينفذ عمليات سريعة.
وبالتزامن مع انسحابه الجزئي من الشمال، بدأ الجيش الإسرائيلي بالتوغل في وسط القطاع، إذ دارت اشتباكات ضارية، لا سيما في محاور التوغل بمخيمي البريج والمغازي، وفي يناير 2024 احتدم القتال في المناطق الجنوبية، وكثفت القوات الإسرائيلية تحركاتها لتطويق خان يونس.وساهمت الحرب البرية في رفع خسائر الجيش الإسرائيلي، وكان أشدها حتى ذلك الوقت، قتل 21 جنديا إسرائيليا في عملية نفذتها المقاومة في 22 من الشهر نفسه، وفي الوقت نفسه تصاعد عدد ضحايا الحرب من الفلسطينيين، إلى أكثر من 30 ألف شهيد و70 ألف جريح.وفي فبراير واصلت قوات الاحتلال توغلها في مدينة خان يونس وسط قصف مدفعي وغارات جوية عنيفة، وهدمت منازل واستهدفت عدة مستشفيات في المدينة. وفي شمال القطاع، ارتكب الاحتلال مجزرة عرفت بـ”مجزرة الطحين”، استشهد فيها أكثر من 112 فلسطينيا وأصيب ما يقارب 800 آخرين، أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات.
وفي أبريل 2024 اقتحم جيش الاحتلال مستشفى الشفاء، بعد أسبوعين من حصاره، مخلفا مئات الشهداء ودمارا واسعا، مما تسبب بخروج المستشفى من الخدمة. كما استهدف الاحتلال سيارة تابعة لمنظمة المطبخ المركزي العالمي في وسط القطاع، أدى إلى مقتل 7 موظفين من فريق الإغاثة، يحملون جنسيات أجنبية متعددة.وعلى الرغم من التحذيرات الدولية، نفذت إسرائيل اجتياحاً برياً في مدينة رفح جنوبي القطاع، في السادس من مايو، وأصدر الجيش أمراً بإخلاء المدينة، مما أجبر النازحين على الانتقال مرة أخرى، في حين هاجم الجيش مناطق مختلفة من المدينة، واستولى على المنطقة الحدودية مع مصر.
هذا وقد أعلن غالانت في يوليو 2024، عن قرب الانتقال إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من الحرب، التي وفق تقديرات إسرائيلية، قد تمتد شهورا أو حتى سنوات، ووصفت تلك المرحلة بأنها انتقال من القصف الكثيف إلى عمليات عسكرية دقيقة ومحددة، مع انسحاب الجزء الأكبر من قوات الاحتلال من القطاع.وتمهيداً لتلك المرحلة، كان الجيش الإسرائيلي قد وضع يده على مناطق سيطرة إستراتيجية في القطاع، للاعتماد عليها في المرحلة الثالثة، وهي:
• محور نتساريم: الذي يفصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه، وقد أقام فيه الاحتلال ثكنات عسكرية لجنوده، بهدف استخدامها مركزاً لشن عملياته العسكرية.
• محور فيلادلفيا: الذي يمتد 14 كيلومترا على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة.
• منطقة عازلة على طول الحدود ما بين القطاع ودولة الاحتلال، تمتد بعمق 800 متر بحد أدنى في أراضي قطاع غزة.
وفي أعقاب الإعلان، واصل الاحتلال الإسرائيلي توغله البري، بالتزامن مع غارات جوية وبحرية كثيفة على مختلف مناطق القطاع، أوقعت أضراراً مادية بالغة وخسائر فادحة في الأرواح.وخلف العدوان الإسرائيلي أكثر من 41 ألف شهيد، منهم نحو 17 ألف طفل وأكثر من 11 ألف امرأة، فضلا عن أكثر من 96 ألف مصاب، و10 آلاف مفقود.ووفقاً للهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، ارتكب الاحتلال خلال الحرب أكثر من 4650 مجزرة بحق المدنيين، الذين تم استهداف معظمهم داخل منازلهم، أو في مراكز الإيواء، أثناء حملة تهجير قسرية، أرغم عليها مليونا إنسان، بنسبة بلغت 90% من المجموع الكلي لسكان القطاع.وارتكب الاحتلال جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، بما فيها استخدام الأطفال الفلسطينيين وعائلاتهم بانتظام دروعا بشرية أثناء المعارك، بحسب وثائق جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.وقد اعتقلت سلطات الاحتلال 5 آلاف أسير من القطاع، بمقتضى قانون “المقاتلين غير الشرعيين”، ووضعتهم تحت ظروف قهرية بدنية ونفسية قاسية، ومارست عليهم شتى أنواع التعذيب والتنكيل، وواجه بعضهم عمليات اغتصاب وتحرش جنسي.
ولم يسلم العاملون في المنظمات الدولية والإنسانية من نيران الاحتلال، التي قتلت نحو 200 موظف، كما هاجم قوافل الإغاثة ودمر العديد منها، وقتل ما لا يقل عن 172 صحفيا، كان استهداف العديد منهم مباشرا ومتعمدا، كما خرّب البنية التحتية لمعظم المؤسسات الإعلامية، لمنع تغطية الانتهاكات وجرائم الحرب التي يرتكبها.
وقد عمدت إسرائيل إلى قصف المدارس المستشفيات ودور العبادة ومدارس الأونروا -حتى أنه ووفق بيانات الأمم المتحدة، فإن حوالي 11% فقط من قطاع غزة لم يخضع لأوامر الإخلاء، وإلى منتصف سبتمبر، كان هناك أكثر من 55 أمر إخلاء ساري المفعول، يغطي أكثر من 85% من قطاع غزة، وتسببت هذه الإجراءات في وضع مليوني غزي، يشكلون 90% من سكان القطاع، في حالة نزوح مستمر ومتكرر.
وتسببت ممارسات الاحتلال هذه بأزمة إنسانية حادة، وتراجع الأمن الغذائي في القطاع، وصنفته منظمة الصحة العالمية، منذ الأشهر الأولى من الحرب ضمن الترتيب الأسوأ، فقد وصفت حوالي 50% من السكان، بواقع 1.17 مليون إنسان، بأنهم يعيشون في وضع طارئ من حيث الأمن الغذائي.بينما وصفت ربع السكان، أي ما يقدر بأكثر من 500 ألف إنسان، بأنهم في وضع كارثي، وكلا الفئتين تعاني، وفق المنظمة العالمية، من جوع شديد ونقص حاد في الغذاء.حيث يستخدم الاحتلال سلاح التجويع وقطع المعونات عن القطاع للضغط على سكان القطاع.
هذا وقد أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، أنه لم يبق في العمل سوى 17 مستشفى من أصل 36 مستشفى، كلها تعمل بشكل جزئي، ولا يعمل سوى 57 من أصل 132 مرفقاً للرعاية الصحية الأولية. ووفقاً للأنروا كان نحو ثلثي المدارس التابعة لها أو التابعة للحكومة في غزة قد تعرض للتدمير، وفي الشهرين التاليين تم قصف أكثر من 20 مدرسة، واستشهد جرّاء ذلك نحو 300 فلسطيني، وأصيب مئات آخرون.
وبحسب البيانات الفلسطينية الرسمية، استشهد في الغارات الإسرائيلية على مدى نحو عام، ما يقارب 10 آلاف طالب مدرسي وأكثر من 650 طالباً جامعياً، وأصيب نحو 17 ألفا من الطرفين، في حين استشهد أكثر من 500 من معلمي المدارس والأساتذة الجامعيين، وأصيب أكثر من 2500 آخرين.وتسببت أزمة النزوح واتخاذ المدارس والمؤسسات التعليمية ملاجئ، واستهدافها بالقصف المستمر، انهيار النظام التعليمي. وبحسب أرقام الوزارة، حُرم 630 ألف طالب مدرسي و88 ألف طالب جامعي من الالتحاق ببرامجهم التعليمية للعام الثاني على التوالي.
لقد حوّلت الحرب مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة إلى ركام، وشمل ذلك، المنشآت الاقتصادية والصناعية والأراضي الزراعية والمدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة، وأكثر من 160 مسجداً و3 كنائس و200 مقر حكومي.
وألحقت القوات البحرية الإسرائيلية أضرارا أو دمرت نحو 70% من سفن الصيد. وقضت الضربات المستمرة على قطاع الزراعة، حيث أفاد تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية(أونكتاد) بأن ما بين 80% و96% من الأصول الزراعية في غزة قد دُمر بحلول أوائل عام 2024، بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الماشية والبساتين والآلات ومرافق التخزين. وقد أدى ذلك إلى عدم القدرة على إنتاج الغذاء وتفاقمت مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل.وبحسب بيانات (أونكتاد)، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في غزة بنسبة 81% في الربع الأخير من عام 2023، وبحلول منتصف عام 2024، انكمش اقتصاد غزة إلى أقل من سدس مستواه في عام 2022.
وقد قدرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة بنحو 40 مليار دولار، وأكدت أن التعافي من الدمار الهائل وغير المسبوق الذي لحق بالقطاع بسبب العدوان الإسرائيلي الممتد قد يستغرق 80 عاما.

وإلى جانب هذا الدمار، صعدت إسرائيل وتيرة الاغتيالات في صفوف قادة المقاومة، فقد اغتال رئيس المكتب السياسي السابق لحماس إسماعيل هنية في 31 يوليو 2024 في إيران، وكان قد اغتال نائبه صالح العاروري في ينايرمن العام نفسه في لبنان.وفي 16 أكتوبر 2024 اعلنت اسرائيل عن اغتيال الفائد العسكري للحركة يحي السنوار.
ومن جانبها، استمرت المقاومة المسلحة في القطاع في عملياتها النوعية فنصبت كمائن وأطلقت صواريخ على مواقع إسرائيلية، مما أوقع خسائر في المعدات والأرواح.وبحسب المصادر الإسرائيلية الرسمية قتل في الحرب، حتى 25 سبتمبر 2024 ما مجموعه 715 جندياً إسرائيلياً، منهم 346 منذ بدء العمليات البرية في غزة، وجرح 4473 جنديا، منهم 2290 منذ بدء الاجتياح البري.
جهود وقف لإطلاق النار:
لم تنجح كل الماراثونات الدبلوماسية في إنهاء الحرب، بل إنه على مدار عام كامللم تحقق المفاوضات سوى عقد هدنة واحدة مؤقتة، بدأت في 24 نوفمبر، واستمرت 7 أيام، أُجريت خلالها صفقة تبادل للأسرى، أطلقت حماس بموجبها سراح أكثر من 100 رهينة إسرائيلي، بينما أفرج الاحتلال عن نحو 240 فلسطينياً، وسمح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع.
ومؤخراً قدمت إسرائيل اقتراحاً محدثاً للمقترح الذي كان قدمه الرئيس الأمريكي بايدن في 31 مايو 2024، ويشتمل المقترح (خريطة الطريق) على ثلاث مراحل:الأولى تبدأ بوقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وبانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة، وبتبادل الرهائن والسجناء بين الجانبين. المرحلة الثانية تتضمن انسحاب الجنود الإسرائيليين بشكل كامل من قطاع غزة، على أن تطلق حماس سراح جميع الرهائن الأحياء الباقين لديها، قبل الانتقال لوقف دائم للأعمال العدائية. أما المرحلة الثالثة من الخطة فتشمل إطلاق عملية إعادة إعمار لقطاع غزة.ويتضمن التحديث إطلاق سراح النساء المحتجزات لدى حماس، وجميع الرجال الأحياء الأكبر من 50 عاما، ومن هم في حالة صحية خطيرة.
ويأتي هذا بالتزامن مع إعلان إسرائيل عن تقسيم القطاع وعدم وجود نية لإعادة سكان الشمال لمنازلهم،حيث كشفت هيئة البث الإسرائيليةأن جيش الاحتلال يعمل على فصل شمال قطاع غزة عن مدينة غزة، ولا يعتزم السماح للنازحين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في الشمال. ومنذ أكثر من شهر، يواصل الجيش اجتياحه شمال قطاع غزة. وأنذر الفلسطينيين بالتوجه إلى منطقة المواصي في الجنوب، بزعم العمل على عدم استعادة حركة حماس لقوتها في المنطقة.
هذا وتعمل إسرائيل على تطبيق ما يُعرف بخطة الجنرالات، التي تنص على احتلال شمال القطاع وتحويله لمنطقة عازلة بعد تهجير سكانه، تحت وطأة ما ترتكبه حاليا من قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
من الجدير بالذكر انه في 21 من نوفمبر 2024 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآفغالانت، وقالت إن هناك “أسبابا منطقية” للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.وأضافت المحكمة أن “هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين”.وأوضحت أن جرائم الحرب المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاحا للحرب، كما تشمل جرائم ضد الإنسانية والمتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.كما أصدرت أيضا مذكرة توقيف بحق قائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية(حماس)محمد الضيف.
وتأتي المذكرة تنفيذا لطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في 20 مايو 2024 بإصدار مذكرات توقيف بحق قادة من حركة حماس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خلفية هجمات 7 أكتوبر 2023 والحرب على غزة.

توترات إقليمية:
*إيران: على خلفية هذه الحرب تصاعدت التوترات بين إسرائيل وايران منذ اليوم التالي لطوفان الاقصى مابين اغتيالات وقصف صاروخي على أهداف إما داخل الأراضي الإيرانية أو خارجها وسط ردود إيرانية على هذه الضربات والاغتيالات.ففي 8 أكتوبر 2023 أكد الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي أنّ “ايران تدعم الدفاع المشروع للأمة الفلسطينية” عن نفسها.وأضاف أنه “ينبغي تحميل النظام الصهيوني وداعميه مسؤولية هذه القضية”.
وفي 28 أكتوبر، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن “90% من ميزانية حماس العسكرية مصدرها إيران التي تمولها وتنظمها وترشدها، وفق تعبيره.
كما اتهم الحرس الثوري الإيراني في 25 ديسمبر 2023، إسرائيل باغتيال الجنرال رضي موسوي القيادي البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري بضربة قرب دمشق، متوعدا بالانتقام لمقتله.وفي 20 يناير 2024 قُتل خمسة عناصر في الحرس الثوري، بينهم مسؤولان كبيران بغارة جوية على دمشق نُسبت إلى إسرائيل. وهدد رئيسي بالرد على الهجوم. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه ضرب حوالي 20 هدفاً، بما في ذلك منشآت تصنيع الصواريخ وصواريخ أرض – جو ومواقع عسكرية أخرى.وأكد الجيش الإيراني مقتل أربعة ضباط “أثناء التصدي للضربات بالقذائف”.
وفي الأول من أبريل 2024، أسفرت ضربة على القنصلية الإيرانية في دمشق عن مقتل 7 عناصر في الحرس الثوري الإيراني بينهم اثنان من قادته، وفقا لطهران.ونسبت إيران وسوريا الهجوم إلى إسرائيل، التي لم تؤكد ولم تنف تنفيذه.ثم أعلن الجيش الإسرائيلي أن قتلى الهجوم على القنصلية كانوا “إرهابيين” يعملون ضد إسرائيل.وفي 13أبريل، أطلقت إيران هجوماً بمسيرات مفخخة وصواريخ بالستية باتجاه إسرائيل رداً على الضربة التي طالت قنصليتها.وكان هذا أول هجوم عسكري مباشر تشنه إيران من أراضيها على إسرائيل منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في العام 1979.واعتُرضت غالبية الصواريخ والمسيرات من جانب إسرائيل بمساعدة دول أجنبية بينها الولايات المتحدة، وتوعدت إسرائيل يومها بالرد.وفي 19 أبريل، أعلنت إيران أن انفجارات وقعت في وسط البلاد. وتحدث مسؤولون أميركيون كبار عن هجوم إسرائيلي ردا على الهجوم الإيراني غير المسبوق ضد إسرائيل.
وفي 31 يوليو قُتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في مقر إقامته في طهران، بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، بعملية نسبتها إيران وحركة حماس وحزب الله اللبناني إلى إسرائيل.ولم تعلق تل أبيب على اغتيال هنية، في حين أعلنت رسميا أنها اغتالت القيادي العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر بضربة على الضاحية الجنوبية لبيروت وقعت قبل ساعات من مقتل هنية.إلى أن اغتالت إسرائيل في 27 سبتمبر، الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت. وقتل في الضربة أيضا القيادي في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفورشان.وأكد المرشد الإيراني علي خامنئي أن اغتيال نصر الله “لن يبقى من دون عقاب”.وبالفعل وبعد أربعة أيام على مقتل نصرالله، أطلقت إيران عشرات الصواريخ البالستية على إسرائيل في الأول من أكتوبر،وقد أتى الهجوم الإيراني تزامناً مع إعلان إسرائيل شنها عملية برية محدودة في جنوب لبنان ضد حزب الله.وأكد الحرس الثوري أن الهجوم الصاروخي جاء رداً على اغتيال هنية ونصرالله ونيلفورشان.كما أعلن البيت الأبيض أنّ الهجوم “تمّ صدّه” وكان “غير فعال”، وفق بيانه.وفي 26 اكتوبر شنت إسرائيل في 26 أكتوبرضرباتجوية “دقيقة ومحددة” على إيران رداً على وابل من الصواريخ.
*اليمن: منذ اندلاع عملية طوفان القصى أعلنت جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن عن استهدافها للمصالح الإسرائيلية دفاعاً عن غزة وذلك من خلال خمس مراحل عسكرية تصعيدية، بدأت من قيام المسيّرات اليمنية بقصف مدينة “إيلات” رداً على مجزرة الاحتلال في مستشفى المعمداني في 17 أكتوبر 2023، ومن ثم الاستيلاء المباشر على سفينة “جلاكسي ليدر” الإسرائيلية من عمق البحر وجرها إلى السواحل اليمنية، ليبدأ مسلسلالحصار اليمني على الملاحة الإسرائيلية انتهى بإغلاق ميناء إيلات بشكل كامل.
ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيليةعن الرئيس التنفيذي لميناء إيلات غدعونغولبر، قوله إن “العمل في الميناء توقف كلياً لعجز السفن عن المرور في أي اتجاه للوصول إلى الميناء بسبب هجمات جماعة الحوثي في البحر الأحمر، وانتقلت نشاطاته إلى مينائي أشدود وحيفا، كما تم تسريح عدد كبير من العمال”.وقال غولبر إن حجم خسائر المالية لميناء إيلات بلغ 50 مليون شيكل ( نحو 14 مليون دولار)، مشيراً إلى أنها قابلة للزيادة إذا لم تتخذ إسرائيل إجراءات مع حلفائها لوقف الهجمات.
ورداً على الهجمات الحوثية، وجهت كل منإسرائيل وأمريكا وبريطانيا ضربات على المواقع العسكرية الحوثية في اليمن، وكان من أعنف وأشد تلك الضربات الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة أصابت خزانات نفط ومحطة كهرباء وتسببت في مقتل 7 مدنيين وإصابة نحو 83 شخصاً. وفي مطلع أكتوبر 2024 شنتالطيران الأمريكي- البريطاني، سلسلة غارات على العاصمة صنعاء ومحافظتي الحديدة وذماررداًعلى استهداف السفن الإسرائيلية.
……………………………………………

• لبنان..المحاصر: أزمات داخلية وحرب مشتعلة
الواقع أن العدوان الاسرائيلي على لبنان ليس الأول من نوعه فقد دأبت اسرائيل على اختراق الاراضي اللبنانية واحتلالها منذ الحرب العربية الاسرائيلية الاولى وعلى مدى السيتينيات و السبعينيات من القرن العشرين اجتاح الجيش الإسرائيلي واخترق خط الهدنة باستمرار، ووقعت اشتباكات دموية، وكان أبرزها عملية الليطاني عام 1978، التي أسفرت عن احتلال معظم منطقة جنوبي نهر الليطاني.
وبعد صدور قراري مجلس الأمن 425 و426 لعام 1968، انسحب الجيش الإسرائيلي من لبنان، وأبقى -تحت إشرافه- على حزام أمني شمالي خط الهدنة، بعمق بلغ بين 10 و15 كيلومترا، سلمها للمليشيات اللبنانية الموالية له، وترك لنفسه الحرية في دخول الجنوب اللبناني متى شاء.
وعلى إثر الانسحاب، استقرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل” في جنوب لبنان، من أجل إحلال السلام، ومع استمرار النزاع والاحتلال الإسرائيلي، تحولت ولاية “اليونيفيل” المؤقتة إلى قوة دائمة في لبنان، يتم تمديد وجودها دوريا.
وقد عادالاحتلال الإسرائيلي لاجتياح لبنان في يونيو 1982، بحجة القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، وسيطر على حوالي نصف البلاد، ووصل إلى بيروت وحاصرها.وفي فبراير 1985 انسحب مع الاحتفاظ بوجود عسكري له في حزام أمني، يمتد على طول الحدود بعمق يتراوح بين 10 إلى 20 كيلومترا، ويغطي نحو 8% من الأراضي اللبنانية، والذي تم توسيعه لاحقا، ليشمل نصف مساحة المنطقة الجنوبية، أي ما يعادل نحو 10% من مساحة لبنان.
بعد احتلال دام نحو عقدين، انسحب الاحتلال الإسرائيلي في 25 مايو 2000 من لبنان، وفي يونيو من العام ذاته، سلَّم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تيري لارسن السلطات اللبنانية خريطة رُسم عليها خط باللون الأزرق عُرف بـ”خط لارسن” أو “الخط الأزرق”، وكانت لائحة الإحداثيات مؤلفة من 198 نقطة.ويعتبر الخط الأزرق خطا مؤقتا، تم تحديده وفق المشاورات مع الطرفين اللبناني والإسرائيلي، بغرض تثبيت خط الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، دون مساس قانوني بأي اتفاق مستقبلي حول ترسيم الحدود بين الدولتين.
وقد اعترفت به السلطات اللبنانية خطا لانسحاب الجيش الإسرائيلي، وليس خط حدود دولية، ولإبراز ذلك، قدمت 3 تحفظات، تضمنت النقاط التي يغاير فيها الخط الأزرق خط الهدنة، وتقع هذه النقاط في: رميش والعديسة والوزاني.
في عام 2006 نشبت حرب بين إسرائيل وحزب الله، اجتاحت فيها إسرائيل الأراضي اللبنانية، على إثر غارة نفذها مقاتلو حزب الله في الداخل الإسرائيلي، أسروا خلالها جنديين وقتلوا آخرين.ولوضع حد للحرب التي استمرت 33 يوما، أصدرت الأمم المتحدة القرار 1701، الذي نص على حصر الانتشار المسلح في المنطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني بالجيش اللبناني وقوات اليونيفيل التي أصبح قوامها 15 ألف جندي، وتقوم بدور الوسيط بين شقي النزاع، لتخفيف حدة التوتر، ومنع أي انتهاك للخط الأزرق.
واستكمالا لسلسة التوترات الاقليمية بالمنطقة التي بدأت منذ السابع من اكتوبر كان حزب الله اللبناني قد أعلن في 8 اكتوبر عن دعمه الكامل لقطاع غزة وبعد يوم واحد من انطلاق عملية طوفان الأقصى في غزة، أطلق حزب الله اللبناني صواريخ موجهة وقذائف مدفعية على المواقع التي تحتلها إسرائيل في مزارع شبعا، بهدف إسناد المقاومة في غزة (بحسب الحزب)، وردت إسرائيل بقصفِ على الأراضي اللبنانية، وتطور لاحقاً لسلسلة من الضربات والمناوشات اليومية على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية. ظلّ الإشتباك محصوراً في المناطق الحدودية لعدّة أشهر، أي في شريط ضيّق ما بين ال 5 و10 كلم على كلا الجانبين، وذلك ما عُرف بقواعد الإشتباك. وما لبثت أن تعمقّت الإستهدافات لاحقاً بغارات إسرائيلية محدودة وقليلة وصلت إلى بعلبك وبيروت والنبطية وضواحي كل من صور وصيدا، كما ووصلت الرشقات الصاروخية التي أطلقها الحزب إلى صفد وقاعدة ميرون في الداخل الإسرائيلي، إضافةً إلى كريات شمونة والجولان وهو أكبر تصعيد للصراع بين حزب الله وإسرائيل منذ حرب لبنان عام 2006.
كما شملت المناوشات عمليات اغتيال وقصف منازل وتدمير آليات وإسقاط طائرات مسيرة، كما وشملت محاولتي توغل بريًتين محدودتين من الجانب الإسرائيلي تم إحباطهما .وفي شمال إسرائيل أجبر الصراع المستمر على تهجير حوالي 200,000 شخصًا على مغادرة منازلهم، بينما في جنوب لبنان، نزح أكثر من 1.2 مليون شخص.
وفي سبتمبر تصاعد الهجوم الاسرائيلي بعد عملية تفجير أجهزة اتصالات الحزب وشن غارات جوية في العاصمة بيروت، وخاصة في ضاحيتها الجنوبية وفي جنوب لبنان وأجزاء من وادي البقاع.أدت تلك الهجمات إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعدد من قياديي الحزب، كما قتل وجرح فيها عدد كبير من المدنيين.
وفي الأول من اكتوبر كانت إسرائيل قد أعلنت انطلاق عمليتها البرية “سهام الشمال” ردا على عملية “أولي البأس” التي أطلقها حزب الله قبل عام، باستهداف مواقع تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، بإسناد جوي ومدفعي.

وفي 27 نوفمبر تم التوصل لاتفاق وقف اطلاق نار بين الجانبين ودخوله حيز التنفيذ في اتفاق اشرف عليه المبعوث الامريكي للمنطقة موس هوكشتاين يتألف من 5 صفحات و13 قسما وفيما يلي أهم ماورد فيه:
وقف الأعمال القتالية:
• يبدأ وقف الأعمال القتالية صباح الأربعاء 27 نوفمبر 2024.
• تتوقف إسرائيل عن “تنفيذ أي عمليات عسكرية ضد الأراضي اللبنانية، بما في ذلك استهداف المواقع المدنية والعسكرية، ومؤسسات الدولة اللبنانية، برا وبحرا وجوا”.
• وتوقف كل الجماعات المسلحة في لبنان (أي حزب الله وحلفائه) عملياتها ضد إسرائيل.
انسحاب القوات:
• ينسحب الجيش الإسرائيلي تدريجيا من جنوب لبنان، ويكمل انسحابه في أجل لا يتعدى 60 يوما.
• بدء عودة المدنيين النازحين من الجانبين إلى ديارهم.
• كما تضمن الاتفاق نصوصا تحفظ حق لبنان وإسرائيل في الدفاع عن النفس.
• ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد نحو 30 كيلومترا شمالي الحدود مع إسرائيل.
• ينشر الجيش اللبناني قواته في جنوب الليطاني (نحو 10 آلاف جندي) بما يشمل 33 موقعا على الحدود مع إسرائيل.
دعم فرنسي أميركي:
وإضافة إلى ما سبق، قالت وسائل إعلام غربية إن الاتفاق ينص على أمور أخرى أبرزها:
• يقدم الجيشان الأميركي والفرنسي دعما عسكريا للجيش اللبناني.
• اعتراف إسرائيل ولبنان بأهمية القرار 1701 والتشديد أن الالتزامات التي ينص عليها لا تنفي حق الطرفين في الدفاع عن النفس بما يتفق مع القانون الدولي.
• تفكيك كل المنشآت العسكرية غير المرخصة والمعنية بصناعة السلاح في لبنان، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة بدءا من منطقة جنوب الليطاني.
• بدء الولايات المتحدة إجراء مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل تشرف عليها الولايات المتحدة بالشراكة مع الأمم المتحدة، بهدف حل النقاط المتنازع عليها المتبقية على طول الخط الأزرق بما يتماشى مع القرار 1701.
• تعتزم الولايات المتحدة وفرنسا قيادة الجهود الدولية لدعم بناء القدرات والتنمية الاقتصادية في جميع أنحاء لبنان لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة.
آلية المراقبة:
تشرف على مراقبة تنفيذ الاتفاق آلية ثلاثية قائمة مسبقا بين قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وسيجري توسيعها لتشمل الولايات المتحدة وفرنسا، وسترأس واشنطن هذه المجموعة.
يتم الإبلاغ عن أي انتهاكات محتملة لآلية المراقبة، وستحدد فرنسا والولايات المتحدة معا ما إذا كان قد حدث انتهاك.

كانت وزارة الصحة اللبنانية قد أعلنت انه حتى نوفمبر 2024 قتل مالايقل عن 3768 شخصا وأصيب نحو 15699، وان نحو 886 ألف شخص نزحوا داخل لبنان في حين فر نحو 540 ألف شخص من لبنان إلى سوريا منذ بدء الحرب في حين أخلى نحو 60 ألف شخص اسرائيلي منازلهم في الشمال..
وأكد تقرير البنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت الوحدات السكنية تقدر بنحو2.8 مليار دولار مع تدمير أكثر من 90 الف وحدة جزئيا او كليا ، وبلغت الاضرار التي لحقت بالزراعة نحو 124 مليون دولار . في حين يقدر البنك الخسائر التي لحقت بالممتلكات الاسرائيلية بنحو 273مليون دولار على الاقل مع تضرر او تدمير آلاف المنازل والمزارع والمؤسسات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قدم البنك تقريرا أوليا للأضرار التي لحقت بلبنان والتي قدرت بنحو 8.5 مليار دولار وسط توقعات بانكماش الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنحو 5.7% مقارنة بتقديرات نمو قبل الصراع بنحو 0.9% وأكد أن قطاعي السياحة والضيافة المساهمين الرئيسيين في الاقتصاد اللبناني الأكثر تضررا بخسائر قدرت بنحو 1.1 مليار دولار..
في حين أدت الحرب لارتفاع عجز الموازنة الاسرائيلية بنسبة 8% من الناتج المحلي الاجمالي.
………………………………….
• سوريا …عودة المعارك المتوقفة ورحيل الأسد
بعد التوقف الذي شهدته الساحة السورية بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار برعاية روسية /تركية في محافظة إدلب عام 2020 بين المعارضة والنظام . ليكون هذا الهدوء الحذر هو التحضير لمرحلة جديدة بالنسبة للفصائل المسلحة ومزيداً من التدهور والفساد وضعف الاقتصاد بالنسبة للنظام السوري. واستمر الوضع على ماهو عليه، حتى شنت قوات النظام في 26 نوفمبر 2024 قصفًا على مدينة أريحا بريف حلب الواقع تحت سيطرة الفصائل المسلحة ليوقع 16 شخصاً ويكون بداية لشرارة أزمة أطاحت بنظام عائلة الأسد .
حيث شهدت الأراضي في الشمال السوري يوم 27 نوفمبر 2024 هجوماً من الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام- المعروفة سابقا بجبهة النصرة – في عملية واسعة النطاق اطلق عليها”ردع العدوان” على 10 مواقع للجيش السوري في محافظة حلب ، حتى باتت المحافظة بالكامل تحت سيطرتهم بعد انسحاب لقوات الجيش السوري الذي وصف انسحابه بالتكتيكي تحضيرا لشن هجوم مضاد وهو ماتم بالفعل بدعم من الطيران الروسي، كما شنت جماعة متمردة أخرى – الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، المعارضة السورية المعترف بها دوليًا – هجومًا منفصلاً من شمال إدلب.

واستمرت المدن السورية بالسقوط في أيدي هيئة تحرير الشام الواحدة تلو الأخرى بسقوط حماة ثم حمص المركز الرئيسي لشبكة السكك الحديدية والطرق السريعة في سوريا، مما يجعلها الممر الرئيسي والأسهل لحركة البضائع والأشخاص والقوات العسكرية في جميع أنحاء البلا.، لتتمكن الفصائل لاحقاً من السيطرة على العاصمة دمشق في 8 من ديسمبر 2024 ويرحل معها الأسد بعد حكم دام 24 عاماً لم يتمكن من الصمود مجدداً مع جيش منهك وحلفاء إما مشغولون بحروب أخرى أو حتى آخرين قد تخلوا عنه، دعم من قوى خارجية مكثف لقوات المعارضة لإنهاء حكم الأسد.
وعلى صعيد آخر ومع تراجع قوات الجيش السوري تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من السيطرة على دير الزور ومعبر البوكمال الحدودي مع العراق، فضلاً عن السيطرة على حقول نفطية وتمكنت من تعزيز نفوذها في المنطقة الشرقية. فيما تمكنت قوات المعارضة المحلية من السيطرة على السويداء ودرعا والقنيطرة الواقعة على الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل.
وتزامن هذا التقدم مع تصريحات لأبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) قائد هيئة تحرير الشام والمدرج على قوائم الارهاب الأمريكية في مقابلة له مع شبكة الامريكية CNN مؤكداً أن هدفه الاساسي هو الاطاحة بالنظام وانه يتم الاستعداد لهذه العملية منذ أكثر من عام.. وبعد سقوط النظام أمر الجولاني مقاتليه بعدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكدا أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسمياً.
سقط نظام الأسد ولكنه ترك وراءه دولة منهكة لاتعرف مستقبلها خائفة من الوقوع في براثن حرب أهلية أخرى، دولة مقسمة ، بل وآلاف من السجناء لم يُعرف أماكنهم كم هو الحال في سجن صيدنايا الذي تأسس في العام 1987 خلال حكم الرئيس السابق حافظ الأسد، وتم اعتباره لعقود رمزاً لقمع النظام لمعارضيه، ووفق توصيف منظمة العفو الدولية. ووصفت المنظمة السجن بـ«المسلخ البشري» في تقرير عام 2017، والذي أشار إلى إعدام 13 ألف شخص شنقاً غالبيتهم من المعارضين المدنيين.
من المستفيد؟
تأتى تلك التطورات متزامن مع اتفاق وقف اطلاق النار والهدنة المعلنة بين كل من إسرائيل وحزب الله في لبنان ، وبعد أيام من إعلان نتنياهو بأن الرئيس السوري “يلعب بالنار”. كان نتنياهو قد أرسل قبل بضعة أسابيع أحد أهم مساعديه في السياسة الخارجية إلى موسكو لنقل رسالة للأسد مفادها ” أنه إذا لم يقوم الأسد بطرد المليشيات الإيرانية من سوريا وإذا سمح لحزب الله بإعادة تنظيم صفوفه في سوريا وإذا لم يغلق الحدود مع لبنان أمام نقل السلحة والأموال فإن إسرائيل ستلاحقه”.
وعليه فهناك احتمالات بأن إسرائيل رأت في هذا لهجوم اضعاف للوجود الايراني في سوريا وإنهاء معضلة نقل الاسلحة من دمشق لحزب الله. يذكر أنه في وقت سابق من هذا العام، ضربت الغارات الجوية الإسرائيلية في حلب مستودعات أسلحة لحزب الله وقوات الحكومة السورية.
والواقع أن جراء الضربات الإسرائيلية المتوالية لأهداف إيرانية في سوريا على مدار العام الماضي، زاد الوعي لدى الفصائل المسلحة بأن الوجود الإيراني في سوريا قد ضعف، إذ تسببت الهجمات الإسرائيلية في دفع الحرس الثوري إلى تقليص عدد القواعد في وسط وغرب سوريا، فضلاً عن تقليص عدد القادة والجنود السوريين والأفغان الذين جندوا في الميليشيات الموالية لإيران، فضلاً عن أن الحرب التي يواجهها حزب الله دفعته لسحب جنوده من سوريا والذين كانوا يقاتلون في صفوف الجيش السوري ما أدى لإضعاف الأخير ، هذا بجانب التراجع الكبير في الدعم العسكري الروسي بسبب الصراع مع أوكراني مما مهد الطريق أمام هذه الجماعات لشن هجوم مباغت.
ورغم أن إسرائيل ستستفيد على المدى القصير من هذا الهجوم من خلال منع أي إمداد عسكري لحزب الله من إيران عبر سوريا، إلا أنها تواجه تهديدات على المدى الطويل بعد سقوط نظام الأسد وتولي الجماعات الجهادية السلطة مما ينذر بمرحلة أخرى من الفوضى وعدم الاستقرار، وبصفة خاصة في منطقة الجولان المحتل، وعليه أعلن رئيس الوزراء نتنياهو عن إلغاء اتفاقية فض الاشتباك الموقعة مع سوريا عام 1974 بشأن الجولان واستولى على المنطقة العازلة بالكامل حيث تنتشر قوات أممية . فيما توالي إسرائيل ضرب مخازن أسلحة كيماوية خوفاً من السقوط في أيدي الفصائل المسلحة حيث شن سلاح الجو الإسرائيلي مؤخراً ضربات ضد عدد من منشآت الأسلحة الكيميائية التابعة للحكومة السورية في غرب سوريا، وعدد من المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان والتي تتهمها بنقل الأسلحة من خلالها لحزب الله.
كان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قد أصدر أمراً للقوات الإسرائيلية بالاستعداد للبقاء خلال فصل الشتاء على جبل الشيخ، وهو موقع استراتيجي يطل على دمشق، في إشارة جديدة على أن الوجود الإسرائيلي في سوريا سيستمر لفترة طويلة.
ويعد جبل الشيخ أشهر جبال بلاد الشام، فهو يقع بين سوريا ولبنان، ويطل على فلسطين والأردن، أي أن رؤيته ممكنة من البلدان الأربعة.
ويقع القسم الجنوبي الغربي منه تحت إدارة إسرائيل ضمن هضبة الجولان السورية، وجزء منه مع سوريا ضمن مرتفعات الجولان التي تم تحريرها.
كما يعد جبل الشيخ المنبع الرئيسي لنهر الأردن والعديد من المجاري المائية في المنطقة، فيما يشكل الجبل أحد أكبر الموارد الجغرافية في المنطقة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن القوات ستبقى حتى تتوفر قوة فعالة لتطبيق اتفاقية فض الاشتباك الموقعة بعد حرب 1973.
يذكر ان إسرائيل قد دمرت الجزء الأكبر من ترسانة الأسلحة والذخيرة العسكرية السورية في مئات الضربات الجوية والبحرية هذا الأسبوع، وهي خطوة قالت إنها تهدف إلى “منع وقوع المعدات في أيدي قوات معادية”.
أعلن الجيش الإسرائيلي، تدمير 70% من القدرات العسكرية السورية في ضربات ضد 320 “هدفاً استراتيجياً”، منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فيما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس “تدمير الأسطول البحري السوري”، بالإضافة إلى أوامره للجيش بإنشاء “منطقة عسكرية عازلة” في جنوبي سوريا.
وأضاف الجيش الإسرائيلي، أنه استهدف “أنظمة الدفاع الجوي السورية ومستودعات الصواريخ ومرافق التصنيع والطائرات بالمسيرة، والمروحيات والطائرات المقاتلة والدبابات والرادارات والسفن البحرية”. وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه “دمر أيضاً قذائف بعيدة المدى وصواريخ سكود وصواريخ كروز وغيرها”.
وعلى جانب آخر ورغم نفي تركيا وجود أي علاقة لها بالهجوم الا أن تصريحات الرئيس التركي مؤخراً عن أمله بأن تواصل فصائل المعارضة المسلحة تقدمها في سوريا، مشيراً إلى أن الهدف التالي بعد مدينة حمص التي تحركت الفصائل باتجاهها، سيكون العاصمة دمشق. مؤكدا أن تركيا دعت مراراً بشار الأسد من أجل تحديد مستقبل سوريا معا، لكن للأسف لم تتلق رداً إيجابياً”، وهو مايؤكد من جهة أخرى وجود مصلحة ويد تركية في هذا الهجوم يخدم ايضا المصالح التركية التي تسعى لإنشاء منطقة آمنة للاجئين السوريين من جهة، والحد من النفوذ الايراني في سوريا المهدد لأمنها القومي ، فضلا عن كون ذلك رسالة قوية لدمشق لإعادتها لطاولة المفاوضات لاعادة العلاقات بين البلدين وتجنب الموافقة على شروط النظام السوري بالانسحاب من الشمال السوري بحجة ان الجيش السوري لايستطيع ملء الفراغ وحده .
وعليه ورغم أن آمال تركيا قد تحققت بسقوط النظام إلا أنها أمام تحدي جديد وهو هل ستقبل هيئة تحرير الشام الوجود التركي في الشمال وهل ستتمكن تركيا من فرض إملاءاته على القيادة الجديدة؟.
يذكر أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في عامي 2019 و2020 سمحت لتركيا بالسيطرة على الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، في إطار توافق على خطة لفصل «(هيئة تحرير الشام) عن فصائل المعارضة المعتدلة (غير المدرجة على لوائح الإرهاب) والتي تتعاون مع تركيا، الا ان هذا لم يحدث، كما أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
وتشير التطورات السريعة في المشهد السياسي والعسكري السوري إلى أن قوات سوريا الديمقراطية المعروفة ب”قسد” بدأت تواجه تحدياً وجودياً في تقرير مصيرها في سوريا الجديدة، خاصة مع تأكيد “إدارة العمليات العسكرية” أنها “لا تقبل” بخروج أي جزء من جغرافية البلاد عن سيطرة الحكومة الحالية في دمشق.
ولا تبدو خيارات “قسد” واسعة رغم التأكيد الأميركي على التمسك بخيار دعمهم كحليف موثوق في القتال ضد “داعش”، لأنها بدأت تفقد جزء من حاضنتها الشعبية، في ظل أنباء عن سقوط شخصين ووقوع إصابات بمظاهرات في الرقة والحسكة وريف دير الزور.
ولعل الخيار الأسلم لـ”قسد” هو المضي مع الطلبات التركية عبر تسلم قائمة تركية بالشخصيات التي يجب أن تغادر من قادتها المرتبطين بـ”حزب العمال الكردستاني” وإعلان فك ارتباطها معه، والانخراط سياسياً وعسكرياً في الحكومة السورية الجديدة، بشكل يضمن تمثيل “الإدارة الذاتية” في المشهد السياسي الجديد في البلاد، ويحافظ على المتطوعين لديها من السوريين ضمن بنية الجيش الجديد الذي تعتزم الحكومة السورية الجديدة تشكيله من مختلف الفصائل التي شاركت في إسقاط النظام، وكل ذلك في حال وافقت أنقرة على ذلك.
تطورات مفاجئة:
وسط هذا التصعيد والتقدم كانت إيران قد سحبت قادتها العسكريين من أفراد النخبة في الحرس الثوري الإيراني من سوريا نقلا عن مسؤولين ايرانيين الذين أكدوا أن إيران لا تستطيع إدارة الوضع في سوريا الآن بأي عملية عسكرية، وأن هذا الخيار غير وارد”.وأن إيران “لا تستطيع القتال كقوة استشارية وداعمة إذا كان الجيش السوري نفسه لا يريد القتال”. في حين أن روسيا أبلغت سوريا بأن أي تدخل لها سيكون محدودا وأن لديها أولويات أخرى في هذا التوقيت. يذكر ان حزب الله دفع بنحو 3000 مقاتل باتجاه سوريا في محاولة لإنقاذ الوضع.
أما فيما يتعلق بروسيا فقد منحت موسكو حق للجوء الانساني للرئيس السابق الأسد وعائلته .

إلا أن الأهم حالياً بالنسبة لموسكو فيتمثل في مستقبل الوجود الروسي على الأراضي السورية التي ينتشر بها 100 موقع عسكري روسي وتتركز أغلبها في حماة وعددها 17 موقعا، تليها مدينتا الحسكة واللاذقية بـ14 موقعاً عسكريًا لكل منهماوفي مدينة حلب 11 موقعا وفي الرقة 8 وفي ريف دمشق 8، تليها 7 مواقع في السويداء بعدها إدلب بـ6 مواقع ومثلها في دير الزور، وفي درعا 5 مواقع، وفي حمص 4، وفي دمشق قاعدتان ومثلها في طرطوس، وواحدة في القنيطرة. إلا أن أهم تلك القواعد هي قاعدة طرطوس البحرية التي نشرت فيها منظومة صواريخ إس 300، وتديرها قوة مهام البحر الأبيض المتوسط، وتعد القاعدة منطقة انتشار روسيا الوحيدة في البحر المتوسط، مما يعني أنها تؤثر عبرها في موازين القوى في الشرق الأوسط، ومن خلال هذه القاعدة تستطيع روسيا رصد نشاط قوات الناتو. يُذكر ان روسيا كانت قد أعلنت روسيا في وثيقتها “العقيدة البحرية” الثانية والثالثة أهمية مناطق عدة، من بينها “الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط”، وذلك من أجل ضمان أمنها القومي، مما يعني أن قاعدتي طرطوس البحرية وحميميم الجوية على الساحل السوري تعدان ركنين أساسيين لروسيا لتطبيق خططها السياسية والعسكرية.
كان رئيس الوزراء السوري محمد الجلالي قد أكد أن مستقبل هذا الوجود ستحسمه الحكومة الجديدة . ورغم أن عودة تلك القوات ستعزز من قدرة القوات الروسية في معاركها بأوكرانيا الا أنه ستفقد موسكو تواجدها العسكري العام في منطقة الشرق الأوسط والذي حتمًا ستحاول الحفاظ عليه عبر تفاهمات مع الحكومة الجديدة .

حيث تُعد القاعدة البحرية في طرطوس المنفذ الوحيد لروسيا على البحر الأبيض المتوسط، وتستخدم القوات الروسية المطار، وفقا للتقارير، لدعم عملياتها الأمنية في إفريقيا، .
يذكر ان وزارة الدفاع في موسكو تعتقد أن لديها تفاهم غير رسمي مع “هيئة تحرير الشام”، بأنها تستطيع البقاء في القواعد السورية، وعن الاقتراب من التوصل إلى اتفاق مع القيادة الجديدة لسوريا للاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين حيويتين على البحر المتوسط، وهو هدف رئيسي للكرملين بعد سقوط نظام الأسد، مقابل رفع هيىة تحرير الشام من قوائم الارهاب لدى موسكو.

يذكر ان روسيا كانت قد نقلت منظومات الدفاع الجوي المتطورة S-400 من سوريا، فضلا عن نقل عدد من الطائرات العسكرية بعد تفكيكها خوفا من سقوطها بأيدي الفصائل المسلحة .
كانت موسكو على مدى 13 عاما داعماً هاماً للنظام السوري إما سياسياً وفي المحافل الدولية عبر استخدام حق النقض”الفيتو” في كافة القرارات التي كانت تدين النظام حتى توج دعمها بالتدخل العسكري في العام 2015 مع ظهور تنظيم داعش بطلب من النظام السوري من أجل حماية مؤسسات البلاد .
وبالنسبة لموسكو تعد سوريا من أهم الشركاء التجاريين في الشرق الأوسط، فهي تساهم بـ20% من إجمالي التجارة العربية الروسية، وساهمت أيضا بنسبة 7% من إجمالي التجارة العسكرية الروسية لعام 2010، إضافة إلى وجود صفقات عسكرية بينهما بلغت 4 مليارات دولار حتى عام 2013.
……………………………………………………
سيناريوهات المستقبل:
بعد العرض السابق للأزمات المشتعلة بالمنطقة فلابد من صياغة عدد من السيناريوهات الواجب صياغتها للتعامل مع المرحلة الراهنة لتسوية هذه الأزمات ومنع تفاقمها.
فيما يخص إنهاء الحرب على غزة:
دور مصر والأردن:
الواقع أن كل من مصر والأردن يقع على عاتقهما الدور الأكبر لحلحلة هذا الوضع كون الدولتان متخامتانللأرضي الفلسطينية ويشكل الصراع الدائر حاليا تهديدا كبيرا لأمنهما الوطني، خاصة وأن أحد أهم التهديدات الرئيسية هي الخطة الاسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر ومن الصفة الغربية الى الأردن وذلك وفقا لتصريحات المسؤولين الاسرائيليين المعلنة في أيام الحرب الأولى، ورغم توقفها عن طرحه إلا أنه أحد الحلول المرحب بها في اسرائيل لتحقيق أمنها وخططها بتوسيع دولة اسرائيل خاصة وان اسرائيل جعلت من قطاع غزة منطقة غير صالحة لأكثر من مليوني فلسطينية ودفعت بالكثير منهم عبر التهجير القصري للحدود مع مصر .
ورداً على هذه التهديدات الخطيرة سارعت كل من مصر والأردن إلى احشد أجهزتهما الدبلوماسية والمخابراتية لإعلان الرفض القاطع للسيناريو الاسرائيلي ونجحتا في الضغط على نتنياهو لمنع تنفيذ مخطط النزوح ، الا أن الدولتين يقع على عاتقهما ضرورة العمل على معالجة الكارثة التي ألحقتها اسرائيل بالقطاع والاستمرار في دعواتهما الاقليمية والدولية لإنهاء الحرب والحد من عنف المستوطنين في الضفة الغربية ومساعدة الدولة الفلسطينية المحتلة في جهود إعادة الاعمار بعد التوصل لاتفاق وقف اطلاق نار دائم.
كما تواجه الدولتان تهديدا آخر يتمثل في أن اسرائيل لم تعد شريكا موثوقا به للسلام الاقليمي ولا للجهود الرامية لإنهاء الحرب واحلال السلام رغم ما يجمع الدولتان بها من اتفاقيات للسلام.
فقد عرضت اسرائيل اتفاقية السلام الذي دام طويلا مع مصر للخطر من خلال تجاوزها للخطوط الحمراء فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا كمنطقة منزوعة السلاح والادارة الفلسطينية لمعبر رفح، وبالمثل أدت أنشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس إلىتوتر علاقاتها مع الأردن ، وأدى تعنت اسرائيل في وقف الحرب ورفض اية مبادرات من الدولتين إلى تعقيد الأمور بين الجانبين.
وإضافة لكل ماسبق، فإن رفض هذه الحكومة المتطرفة لمبدأ حل الدولتين كأساس للسلام في الشرق الوسط يعني أن الالتزامات الاسرائيلية السابقة أصبحت لاغية وهو مايقوض جوهر الموقف المصري والأردني الداعي للسلام كخيار استراتيجي لدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل..
وعليه لم تعد اسرائيل بهذه المواقف المتطرفة والتي تحظى بتأييد من جانب 60% من الشعب الاسرائيلي شريكا حقيقيا للدولتين في تحقيق الأمن والاستقرار الاقليميين وهو مايعني أن هناك حاجة ملحة التعامل مع القضية الفلسطينية والمشهد الاقليمي ككل دون التوقع بان تكون اسرائيلي شريكا في صناع السلام .
دور مصري لإنهاء الازمة:
تلعب مصر دورا هاما لإنهاء المعاناة الفلسطينية وذلك من خلال محورين: فمن جهة تجري مصر حراكا دبلوماسيا مكثفة للتوصل لاتفاق مقبول من الطرفين لإنهاءالحرب من خلال اشراك جميع الوسطاء فيه واستنساخ نقاط كثيرة من الاتفاق لبنان حتى يحظى بالقبول لدى الطرفين .
الواقع ان المقترح يختلف عما طُرح خلال أشهر الحرب الماضية، إذ تركز هذه المسودة على ترتيبات إدارة قطاع غزة في اليوم التالي لوقف إطلاق النار، وتشمل جوانب أخرى أبرزها التوصل إلى صفقة تبادل أسرى.
ووفقا للمعلومات الأولية عن المقترح، فهو يبدأ بهدنة مدتها خمسة أيام متواصلة، تجمع خلالها “حماس” معلوماتها عن الرهائن الإسرائيليين الأموات والأحياء، إذ تقول الحركة إنها لا تعرف مصيرهم وعددهم بسبب القصف وتحتاج إلى وقت من أجل ذلك.وبعد وقف إطلاق النار القصير تنتقل غزة إلى هدنة مدتها 60 يوماً، خلالها يجري تبادل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، وإدخال 200 شاحنة مساعدات إنسانية يومياً إلى القطاع.
إنهاء حكم “حماس” ووجود دولي:في تلك الفترة يُتباحث حول آليات إنهاء حقبة حكم “حماس” لقطاع غزة، ونشر قوات فلسطينية تساعدها بعثة دولية من أجل ضمان إزاحة “حماس” وعودة النظام المدني، وأيضاً دراسة كيفية الانسحاب الإسرائيلي.

وفي شأن اليوم التالي للحرب يقدم المقترح المصري تصوراً جاء فيه أن “السلطة الفلسطينية تشرف على الإدارة المدنية للقطاع، وتساعدها في تلك المهمة بعثة دولية أمنية مكونة من دول عربية وأوروبية وتركيا”.
كما يشمل المقترح تصوراً لإعادة تشغيل معبر رفح، وفق آلية تضمن إشراف السلطة الفلسطينية ومتابعة أوروبية لتشغيله، وكل ذلك سيكون ضمن رقابة إسرائيل، ودعمها اللوجيستي والعسكري. وسيكون من حق تل أبيب مراقبة عمل المنفذ من بُعد، وسيكون لها حق الاعتراض على الأسماء سابقاً قبل سفرهم إلى خارج حدود غزة.
وضمن المقترح أيضاً تتعهد “حماس” عدم السيطرة على المعبر، وعدم تنفيذ أية إجراءات أمنية على مسارات حركة القوافل أو الأفراد، وعدم السيطرة العسكرية على أي منفذ وعدم وجود عناصرها في محيط رفح. وخلال فترة الهدنة تتعهد إسرائيل إدخال المساعدات بصورة موسعة ومستمرة، بما يشمل المساعدات الطبية والأجهزة الضرورية وتقديم تسهيلات لعمل منظمات الإغاثة الدولية.
دول ضامنة: ولا يشمل المقترح بنداً يذكر انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، بل يتضمن بقاء القوات في المحاور الثلاثة داخل القطاع خلال فترة التهدئة الموقتة، ولكنه يتضمن إعادة انتشار الجنود في مناطق غير مأهولة بحيث يبقى التمركز في نقاط محددة.وتطالب مصر وتركيا في المقترح بدول ضامنة للتنفيذ من دون معوقات، إذ ستُشكَّل لجنة برئاسة أميركية وبمشاركة أوروبية وعربية للإشراف على وقف إطلاق النار.
وتتولى واشنطن ضمان عدم حدوث أي اختراق، أما مصر فتتولى الإشراف على طرق تلقي وتوزيع المساعدات الإنسانية داخل القطاع، وإدارة معبر رفح، بينما تقع على عاتق تركيا مهمة مراقبة عمل اللجنة الدولية للأمن ومتابعة دور السلطة الفلسطينية، ولأوروبا مهمة الإشراف على معبر رفح ومراقبة عمل المنظمات الإغاثية.
وعلى صعيد آخر ،استضافت القاهرة جولة جديدة بين حركتي فتح وحماس بحث خلالها مستقبل إدارة قطاع غزة عبر لجنة مساندة، تلك الجولة تُعد الثالثة في نحو شهرين.
وسبق أن عقدت «فتح» و«حماس»، اجتماعين مماثلين بالقاهرة أوائل أكتوبر ونوفمبر وشهدت الاجتماعات السابقة محادثات بشأن «إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) معنية لإدارة شؤون قطاع غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة.
والمقترح المطروح على الطاولة، منذ بداية محادثات الحركتين، مرتبط بتشكيل «هيئة إدارية» لقطاع غزة، يُطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة»، تتبع السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس، وتتولّى مهمة إدارة الشؤون المدنية، وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وتوزيعها في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية.

أما فيما يخص الأزمة السورية:
فيبدو أن التخطيط لإضفاء طابع الشرعية والنظامية على هيئة تحرير الشام – النصرة سابقاً- من خلال تحويلها لجيش شبه نظامي وإبعادها عن النزعة الجهادية وتسويقها على أنها قوة تهدف إلى إسقاط النظام دون وجود أية أهداف توسعية، قد نجح بالفعل، إلا أن هناك العديد من التساؤلات هل ستتمكن الحركة في التخلي عن أفكارها المتشددة وهل ستتمكن من توحيد صفوف السوريين وإقناع القوى الغربية بذلك حتى تتمكن من الحصول على وعودهم برفعها عن قوائم الإرهاب؟.
أما على الصعيد العربي، فشهدت مدينة العقبة الاردنية اجتماعا لوزراء خارجية لجنة الاتصال العربية الوزارية بشأن سوريا، ودعا البيان الختامي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا لدعم العملية الانتقالية. وأعلن أطراف اجتماع العقبة البدء بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 والخطوات التي حددها عبر انتخابات حرة ونزيهة تشرف عليها الأمم المتحدة استناداً إلى دستور جديد يقره السوريون وضمن توقيتات محددة. واتفق المجتمعون على بدء العمل على إنشاء بعثة للأمم المتحدة لمساعدة سوريا في المرحلة الانتقالية، وشددوا على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة وحماية البلاد من الانزلاق نحو الفوضى، كما أكدوا دعمهم للشعب السوري في عملية إعادة بناء دولة سورية آمنة لا مكان فيها للإرهاب. وأدان المجتمعون في العقبة التوغل الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة مع سوريا والمواقع المجاورة لها في جبل الشيخ وأكدوا على أن أمن سوريا واستقرارها ركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة، وطالبوا بضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية.
ومع ذلك ستكون الدول العربية ستكون أمام سيناريوهات تتعلق بدعم المؤسسات والمسار الانتقالي من جهة، والعمل على استعادة الحضور العربي والوقوف بجانب الدولة السورية وعدم ترك المشهد لتدخلات إقليمية ودولية، ودعم عملية سياسية كاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلي واطلاق عملية سياسية وفقاً لقرار الامم المتحدة 2254 والعمل على عودة اللاجئين وإعادة إعمار سوريا.

القرار 2254:
صدر القرار رقم 2254 في ديسمبر من عام 2015، ومفاده أن: الشعب السوري هو المخول الوحيد في تقرير مصير بلاده. كما نص على ضرورة قيام جميع الأطراف في سوريا بتدابير بناء الثقة للمساهمة في جدوى العملية السياسية ووقف إطلاق النار الدائم. ودعا جميع الدول إلى استخدام نفوذها لدى الحكومة السورية والمعارضة للمضي قدماً في عملية السلام وتدابير بناء الثقة والخطوات نحو وقف إطلاق النار.
كذلك شدد على دعم عملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم في غضون 6 شهور حكمًا ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية وتحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد. وناشد الأطراف إلى السماح الفوري للوكالات الإنسانية بالوصول السريع والآمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء سوريا، والسماح للمساعدات الفورية والإنسانية بالوصول إلى جميع المحتاجين، لا سيما في كل المناطق المحاصرة التي يصعب الوصول إليها، وإطلاق سراح أي شخص محتجز بشكل تعسفي، وبخاصة النساء والأطفال.
كما أكد على الحاجة الماسة إلى بناء الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والمشردين داخليا إلى ديارهم وإعادة التأهيل للمناطق المتضررة، وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك الأحكام المعمول بها في الاتفاقية والبروتوكول المتعلق بمركز اللاجئين، والأخذ بعين الاعتبار مصالح البلدان التي تستضيف اللاجئين.

خاتمة:
بعد العرض السابق، يمكن القول أن أحد النتائج المترتبة على الصراعات الجارية في المنطقة هو اندلاع سباق تسلح اقليمي وانتشار المزيد من العنف والدمار وهذا الأمر يهدد بشكل خاص كلا من مصر والأردن.
فمصر تواجه التحديات على جبهات متعددة فما بين تهديد في الجنوب جراء الحرب الأهلية في السودان، وتصاعد التوترات للمدخل الجنوبي في البحر الأحمر مما يؤثر على الملاحة في قناة السويس،فضلا عن انشغالها بمواجهة إثيوبيا في منطقة القرن الافريقي والصراعات الأهلية المستمرة في ليبيا .
وعلى صعيد مماثل تواجه الأردن تهديدات من الشمال نتيجة لعمليات التهريب الواسعة النطاق من سوريا وتدهور الوضع الأمني خطراً كبيراً، ومن الشرق، حيث تستغل الميليشيات الشيعية الأراضي العراقية وسط تصعيد مستمر بين إسرائيل وإيران.
فيما تواجه الدول العربية وعلى رأسها العراق مخاطر من تجدد الحروب الأهلية في المنطقة وتسلل الجماعات المسلحة القادمة من سوريا اليها، وسط مخاطر من تقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة.
وعليه فهذه التهديدات المتعددة قد تؤدي لسباق تسلح في المنطقة وهوماقد يؤدي لدورة من أعمال الإبادة لشعوب المنطقة.
وعلى الصعيد الاقتصادي فقد خفض صندوق النقد الدولي من توقعاته للنمو في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا إلى 2.1% للعام 2024 بسبب الحروب وانخفاض انتاج النفط مما يعني مزيدا من المعاناة لشعوب المنطقة.

 

المراجع:
*The Middle East’s New War of Attrition
Amr Hamzawy, Published on November 14, 2024
https://carnegieendowment.org/emissary/2024/11/middle-east-war-attrition-israel-gaza-egypt-jordan-role?lang=en
*لماذا لن يعود ترامب أبداً إلى سياساته السابقة في الشرق الأوسط؟
https://www.ajnet.me/opinions/2024/11/16
October 7: A Year That Changed the Middle East
https://www.ispionline.it/en/publication/october-7-a-year-that-changed-the-middle-east-185909
*عام من العدوان على غزة.. تدمير وتجويع وتهجير
https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/10/1/%B9
*ينذر بحرب شاملة.. أبرز محطات الصراع بين إيران وإسرائيل
https://www.alarabiya.net/arab-and-world/2024/10/02/%%84

*لأول مرة.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف للحوثيين
https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2024/07/20/israel-confirms-it-struck-houthi-military-targets
*تفاصيل اتفاق وقف القتال بين إسرائيل وحزب الله بعد حرب 2024
https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/11/27%86
*الخط الأزرق فاصل دولي بين لبنان وإسرائيل
https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/7/28%86
*تكلفة الصراع بين تل أبيب وحزب الله على لبنان وإسرائيل
https://www.skynewsarabia.com/infographic/1758028-%%84

*الأحداث في سوريا تتسارع.. من المستفيد الأكبر؟
https://www.alarabiya.net/arab-and-world/syria/2024/12/01B1
*القصة الكاملة لسقوط نظام الأسد في 12 يوما
https://www.ajnet.me/politics/2024/12/8
*كيف تنظر إسرائيل إلى تطورات المشهد في سوريا؟
https://www.independentarabia.com/node/6132149F
*الفصائل المسلحة تسيطر على ريف حمص ومناطق في درعا، والجيش السوري يقصف حماة وينسحب من دير الزور
https://aawsat.com/%%A7
*عاد للواجهة مع تجدد القتال… ماذا نعرف عن مسار أستانا الخاص بسوريا
https://asharq.com/politics/108609A7
*الوجود العسكري الروسي بسوريا.. أسبابه وأهدافه وأماكنه
https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/6/25/%
*المقترح المصري في شأن غزة يشبه اتفاق الهدنة في لبنان
https://www.independentarabia.com/node/613039/%%86
*«فتح» و«حماس» في القاهرة… جولة جديدة بشأن مستقبل «إدارة غزة»
https://aawsat.com%A9

The post الشرق الأوسط على صفيح ساخن مابين حروب وإبادة..ومستقبل لاوضوح له appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8335
صباح الخير يا وطن https://draya-eg.org/2024/12/09/%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%8a%d8%b1-%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%b7%d9%86/ Mon, 09 Dec 2024 13:53:17 +0000 https://draya-eg.org/?p=8332 في ٢٥ يناير عام ٢٠١١ فتحت نافذة على ميدان التحرير ..لأراقب عن كثب ما يدور في الميادين من محاولات لوضع مصر على صفيح ساخن، ووضع مستقبل أبنائها في موضعٍ حرج .. لم يتمكن المتأمرون حينها من النفاذ إلى نسيجها الداخلي، ولم يتمكن حلفاء الشر من تحقيق أحلامهم في تدمير ما تبقى من حلم التنمية ومحاولات …

The post صباح الخير يا وطن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
في ٢٥ يناير عام ٢٠١١ فتحت نافذة على ميدان التحرير ..لأراقب عن كثب ما يدور في الميادين من محاولات لوضع مصر على صفيح ساخن، ووضع مستقبل أبنائها في موضعٍ حرج .. لم يتمكن المتأمرون حينها من النفاذ إلى نسيجها الداخلي، ولم يتمكن حلفاء الشر من تحقيق أحلامهم في تدمير ما تبقى من حلم التنمية ومحاولات الخروج من النفق المظلم؛ نتيجة السياسات والبرامج الفاشلة التي كرَّست الفقر، وزادت من الهوة بين الأقاليم المصرية من ناحية، وبين الطبقات الاجتماعية من ناحية ثانية ..
وذلك لأن مصر كانت واعية بالقدر الكافي، الذي جعلها تخرج من براثن الشر بسلام ..ولأنها كانت مؤمنة بالقدر الذي مكنها من محاصرة الشر وأهله، وارغامه على دفن أسلحته في الرمال .. ولأنها مؤمنة بتاريخها وجغرافيتها؛ فقد جعلت الارهاب يرفع رايته البيضاء في حضرة أجنادها البواسل ، ويرحل عن شوارعها الآمنة بلا عودة ..!
أدعي بأنني من خلال نافذتي الصغيرة التي كنت أطل منها على ميدان التحرير وكافة الميادين الثائرة؛ رأيت ما لم يراه أنصار تلك الميادين والمنابر الإعلامية المزيفة .. فقد كنتُ وما زلت مقتنعاً بأن التغيير بالكلمة أقوى من التغيير بالصِياح والهتاف ، وأن التغيير بالحوار أقوى بكثير من التغيير بالسلاح .. وأن الوعى الحق لا يُبنى بالأسلحة ولا بالتخريب ولا بالدمار، ولا يهدم أيضاً بالأسلحة. وإنما يُبنى الوعي بالدليل والاقتناع والمنطق والكلمة الشفافة المخلصة وبالحوكمة وإرساء قواعد عادلة للمحاسبة ..
وكذلك كنت وما زلت مقتنعاً بأن المثقف الحقيقي المؤمن بقضايا وطنه والمتعايش مع واقعه، والقارئ الجيد للمستقبل لا يثور أبداً على الأرض، وإنما يثور على الورق. وأن سلاحه الوحيد هو الكلمة وأداته الوحيدة هي القلم .. هو بعيد كل البعد عن التسفيه والتسخيف والتحريض والتنكيل .. هو فقط محرض قوي على الوعي والإصلاح والتنمية واستقرار الوطن الذي يعيش فيه ويعيش فيه .. !
فالمثقف الحقيقي كما عرفه الدكتور جمال حمدان.” هو الإنسان الذي يتجاوز دائرة ذاته، ليصل للمجتمع الأكبر كله.. هو الإنسان القادر على أن يجعل مشاكل الأخرين هموما شخصية له، وهو ضمير عصره سابق لعصره في أدراك الخطر المستقبلي والحلم بالمستقبل، هو برج مراقبة للعالم من حوله، يرصد، يحلل، يتوقع يتنبأ، يحذر، يخطط، لا يضيع في التفاصيل وإن تابعها بكل تفصيل.” !
أوقن أن الأوطان كائن لطيف جداره من صُلب، يصعب اختراقه من الخارج. مبطن بطبقة رقيقة جداً من الداخل. فكلما التحفت أطياف الشعب بالوعى الوطني كلما شكلت ذلك الجدار الصلب الذي يصعب اختراقه من أي قوى مناوئة. وكلما تعاملت جدرانه برفق من الداخل كلما نما الوطن وتحققت أمانيه ..
السر إّذاً يكمن دائماً في الوحدة والتماسك وليس في الصراع والتفكك والتشرذم.. فإذا كان الإنسان محباً لوطنه فكيف يهدم المحب حبيبه، وكيف يرفع في وجه من يحب السلاح..؟!
كانت هذه المقدمة لازمة لأعبر عن حزني العميق لما يحدث في سوريا ذلك البلد الشقيق والامتداد الأساسي للأمن القومي المصري ..وإيماني بأن هذه الفصائل المسلحة التي تهاجم الدولة السورية لا علاقة لها بالدين ولا بالوطنية ..فصائل بلا شك مأجورة موتورة ..نجح المتآمرون على سلامة سوريا في تجنيدها ضد بلادها مستغلين حالة الضعف السياسي والمادي الذي يعانيه السوريون.. فمن الخزي أن يقبل مواطن أن يكون خنجراً في ظهر بلاده وليس من الشرف أن يحمل المواطن سلاحاً في وجه الوطن ..فنحن ضد ما يحدث في سوريا وندين بشدة أفاعيل الفصائل المسلحة. وندعو الله أن يحفظ سوريا من كيد الكائدين وتعود سوريا لأبنائها أمنة ..
وعلى أية حال تظل البلدان العربية التي شهدت ما يسمى بالربيع العربي نموذجاً صارخاً على البلدان التي تأمر أبنائها على هدمها .. نموذجاً على غياب الوعي الوطني العام وعلى ضعف مشاعر الانتماء .. والناظر إلى سوريا واليمن وليبيا والسودان يتعلم الدرس جيداً . فإن لم يتعلم فسوف يحاسبه أبناءه والتاريخ جيداً .. وحين يتشرد هو وأحفاده في البلاد يبحث عن ملجأ ولسان حاله يقول كان لي هناك وطن هدمته بيدي، أو كنت ذراعاً فتياً لهدم بلادي..! وسوف تظل مصر التي شهدت ثورتين كبيرتين نموذجاً على الوعي وسرعة الاستفاقة وقوة الاصطفاف وأن الحضارة ليست شعاراً براقاً وإنما سلوكاً وطنياً قويماً يحفظ بلاده حتى من نفسه ..
فالأوطان في حضن أبنائها كالأطفال التي تنام في سلام .. لعن الله من هدد استقرارها .. ولعن الله من سلب أمنها ..فالأوطان بدون تماسك أبنائها تصبح هشة كقشةٍ في مهب الريح…حفظ الله مصر، حفظ الله أمتنا العربية من كل شر.

The post صباح الخير يا وطن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8332
صلاح هاشم.. مجاور في حب الوطن https://draya-eg.org/2024/11/30/%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d9%87%d8%a7%d8%b4%d9%85-%d9%85%d8%ac%d8%a7%d9%88%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d8%ad%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86/ Fri, 29 Nov 2024 23:28:24 +0000 https://draya-eg.org/?p=8323 لم يكن سقراط  فاقدًا للأهلية حين قرر بإرادته الحرة أن يتجرع السُم، ليضمن الخلود لقناعاته وأفكاره، رافضًا حياة بلا مبادئ بجسد سيفنى،  كان واعيًا تمامًا أن ثمن نجاته أن يسقط من عيون تلاميذه، قبل أن يسقط هو أمام ذاته، مستنكفا أن يخون نفسه وتابعيه بحياة تناقض ما علمهم إياه، كيف يستبشر بنجاة كانت ثمنها خيانة …

The post صلاح هاشم.. مجاور في حب الوطن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>

لم يكن سقراط  فاقدًا للأهلية حين قرر بإرادته الحرة أن يتجرع السُم، ليضمن الخلود لقناعاته وأفكاره، رافضًا حياة بلا مبادئ بجسد سيفنى،  كان واعيًا تمامًا أن ثمن نجاته أن يسقط من عيون تلاميذه، قبل أن يسقط هو أمام ذاته، مستنكفا أن يخون نفسه وتابعيه بحياة تناقض ما علمهم إياه، كيف يستبشر بنجاة كانت ثمنها خيانة الجنود، وهو الذي ينادي بحق الأوطان وواجبات من ينتمي إليها،  كان سقراط على حق، فلو استجاب لغريزة البقاء ما كنا لنذكره الآن بعد ثلاثة قرون من رحيله، ودون أدنى مجاملة أتذكر سقراط ومن على خطاه كلما قرأت خواطر الدكتور صلاح هاشم، فهو أذكى من أن ينادي بما لا يشبهه، شخصية عامة، منتشرة، لا يؤذن من مكان مرتفع، بل بين الناس، متلاحما مع تلاميذه بالجامعة، واتباعه ومساعديه في العمل العام، فلا يكتب إلا ما يتطابق مع صورته الذهنية عند من يؤذن بينهم.. كانت تلك مقدمة لابد منها، لتكون المسلمة  الملزمة لنظرتنا لما يطرحه من خواطر.

متصوف مختلف، ليس بالمعنى الشائع عن المتصوفة،  لم يختر الاعتكاف إلى جوار أضرحة الأولياء، هو اختار أن يجاور ضريح الوطن، نعم، الضريح بمعناه الشائع، جسد بلا حراك، أقامه هو ضريحا افتراضيا للوطن، اعتكف إلى جوار الضريح. وكل صباح ينتهي من صلواته ثم يقترب أكثر ليلقي تحية الصباح ليستنهض كراماته مؤمنا أن (تحت القبة شيخ) كيف لا يؤمن بذلك وهو يرى تلك الكنوز التي طفت فوق أرض وطنه ومثلها تحت ترابه.

 

 

حين أراد أن يقدم نفسه كخادم للضريح، قدم نفسه نافيًا توصيفات استغلها أهل الادعاء فانتقصوا من بهائها فقدم نفسه في خاطرة قال فيها (لستُ شاعرًا ولا حكاءً، لكنني إنسانٌ.. عاشَ في بطنِ مصر؛ فعاشت مصرُ كلها في خاطره!) هو لم يستخدم الرحم، بما يحتويه من حماية ومعايير نمو، إنما استخدم البطن بكل ما فيها من داء، إذن هو يعترف بأنه عاين الداء معاينة نافية للجهالة ولكونه بارًا، لم يتهرب من مصائبها، بل ظل وجعها يلاحقه حتى أدخلوا لأول مرة في مجال التنمية  مصطلح الحماية الاجتماعية ليداوي كافة المواجع، وقاتل من أجل نشر هذا المصطلح علما وتطبيقا وخاض معارك قام بتوثيقها  في خاطرة (أرقى المعارك التي يمكن أن يخوضها الإنسان هي المعارك التي يدافع فيها عن مبادئه.. فمهما كانت الخسائر فصاحبها منتصر!)  هذه الكلمات لا تخرج إلا من متصوف يرى الجمال في كل قبح، ويستيقظ من جديد ويلقي تحية الصباح على الضريح (بحكم مساحة النور التي في قلبك تستطيع أن ترى مالا يراه الآخرون.. ترى أكثر مما يجب.. المهم أن تتحمل وحدك تبعات الرؤية،  وأن تتقبل أن يكون على لسانك قيد من حديد! فليس كل ما تراه زيادة عن البشر  ينفعك.. فكثير ما تكون المعرفة كالجبل أعانك الله على حمله!) ويقر هنا أن معاناته جاءت بسبب معرفته وياليته ما سكن البطن، ياليته اكتفى بتلك الشهور بالرحم ثم ترك الجمل بما حمل وحلق في سماء اللامبالاه.. ثم يتجول في عبثية الوجود  (نحن موجودون هنا لا لشيئ سوى لأننا نحب الحياة وأن الحياة تريدنا أن نكون هنا في نفس المكان في ذات الوقت من عمر التاريخ.. وأن يبقى الخيار دائمًا بين أن نعيش أو لا نعيش.. وليس مطروحًا  أبدا خيار “أن نعيش في سلام” كخيار ثالث للحياة) وما كان لمتصوف أن يصبح أسيرًا للأفكار العبثية، ويشعر أن هناك من ساق إليه تلك الأفكار ولم يقاومها من فرط تجاربه التي أنتجت أعداء لم يكن يتوقعهم، فيستدعي همته يعود للضريح من جديد ليقدم مبرراته ويسوق ورد جديد (حين تمتلك القوة يجب أن تعامل المخالطين بك على أنهم “أعداء محتملين”!) يؤمن بنظريات المؤامرة، يحتاط ممن يجاوره، يعلم أن للوطن كنوزًا تمنحه القوة.. قوة يخشاها الأعداء فيقتربوا ويتقربوا، وسيكشفون أقنعتهم وقتما أرادوا، يشعر بالاستكانة وهو يجاور الضريح فيهب إلى عتبة الضريح ويؤذن (يظلُ الإنسان حيًا مادامَ ضميرهُ صحيحًا لا يقبلُ القسمةَ على اثنين.. فالضمائر كالشعوبِ قوتُها في تماسكِها) يعلم تمامًا أن الضمائر تخوض حربًا شرسة مع تلك الضغوط التي أسقطت الجميع في بئرها المظلم، وعلى وشك أن  تقدم استقالتها، ويتراجع صوتها، ولم يدع انشغاله بالضمير الذي يملآ حيزًا كبيرًا من خواطره فيقول (لا شك أن “الضمير” نعمة، لكنه نعمة مزعجة.. وأنه دليل كاف على بقاء الإنسان على قيد الحياة، وسبب كاف لتعاسته!) وبين الضمير والمعرفة تتأرجح عذاباته،  فيحاول إدراك الأمر قبل فوات الاوان، فيشعر بالمسافات البعيدة بينه وبين من يؤذن فيهم، فيصيبه اليأس، ولكن قبل أن يستسلم له يحقن نفسه بجرعة بصيرة (مساحة النور التي في قلبك لا تملأها المسافات.. إنما يملأها القرب واليقين والتجلي.. لا تشرد فتتقاسم الشياطين قلبك!) فيأخذ نفسا عميقا، ويضع قدمه على عتبة باب الضريح الخشبية ويهدد بأعلى صوته (حين تموت سيرحل معك كل شيئ الإ أعمالك.. سوف تظل باقية.. تتحدث عنك بصدق دون مواربة! تسلمت في البرزخ دفتر أحوالك اليومية وسوف يرحل معك إلى الله كتاب، كُنت قد سطرته بيدك. سوف يُقرأ عليك حرفًا حرفًا، أو تقرأه؛ فاختصر! ولا تكتب بيدك غير الذي ينفعك.. ولح على الله في طلب العافية والستر وحسن الخاتمة!) نعم فكافة الأنشطة التى يقوم بها ابن آدم يتم توثيقها في سطور، ستكون في كتابه الدائم، وفي حضنه الدائم، وعليك احتضان ما كتبت، ويتجلى المتصوف المستنير ويضع علاجا لكل داء، علاج واحد يكفي بإزاحة كافة الأمراض التي أحاطت بالنفوس ويوثقه في وصفة إنسانية  صغيرة بديعة (الحب وحدهُ يكفى! مهما كان شكلك أو نوعك أو جنسك أو سنك أو عقيدتك.. في كل القلوب التي حولك يوجد على الأقل قلب واحد أنت أجمل ما فيه فلا تخسره.. اسعى إليه بلا ملل.. فالطريق إليه موصول بالحب، والحب لا يحتاج إلى منطق لتبريره.. فالحب وحدهُ يكفي) نعم الحب وحده يكفي، إنها أفكار وقناعات المتصوف  المستنير  ورحم الله شيخي أحمد البسفي الذي إذا عبر عن نفسه قال (وما أنا إلا مؤذن يقول حي على العلم من أجل الادب وحي على السلام من أجل الحب، ألا أدلكم على شى إن فعلتموه تحاببتم، افشوا السلام بينكم) وهكذا يعاود الدكتور صلاح هاشم الآذان، وعينه على ضريح الوطن، وقلبه ممتلأ بالأمل.  ويحدث نفسه (لا بأس.. غدًا ستكون الأمور على ما يُرام.. أنت لست بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الصبر.. لكنك بحاجة أكثر إلى الفهم.. كيف يدبر الله الأمر وكيف يدير شئون ملكهِ.. وتفهم الطريقة التي يحبُ بها عباده الطريقة التي يعبر بها عن محبته.. فإذا فهمت عرفت.. وإذا عرفت صبرت.. والصبرُ مفتاحُ الفرج) في ظاهر السطور دعوة إلى الفهم، ولكن المتامل لباطنها يجد اتهامًا صريحًا للبعض بغياب الفهم  وحضور الجهل الذي خلق هذه الاضطرابات في التلقي، وأحدث الدوامة التي إلتقمت أصحاب العقول النيرة، ولان تلك العقول ثقيلة بالنور استقرت بالعمق، وأصبح سفح الماء فريسة سهلة لأصحاب العقول الفارغة التافهة المظلمة. وكيف لا تطفو وهي كالعشب  لتشكل ظواهر إجتماعية تجذب الانتباه وترغم الأجيال للاحتفاء بها.. الدكتور صلاح هاشم تجربة إنسانية تستحق  الدراسة لنتعرف على تلك الأسباب التي ساقت إلينا هذا النموذج الفريد. فبالتأكيد  كانت نشأته هي المصدر الرئيسى لاندفاعه ناحية أوجاع الناس ثم تجربته الأكاديمية التي عمقت ملامسته لدموعهم، وتتوجت بمبادراته التنموية، التي مكنته أحيانًا من تحقيق أحلامهم، فوصل إليهم في كل رقعة بدءً من النجوع حتى أروقة الجامعة من خلال وحدات التضامن التي أسسها وأشرف عليها بالجامعات المصرية. والمدهش أنه لم يفكر في مخاطبتهم مباشرة في خواطره. يعلم أن لا وقت لديهم ليقرأوا. ولو قرأوا لتعمقت جراحهم. فكان دوما يخاطب المسؤل عنهم.  مهموم هو بالطبقات المهمشة عيال الله ويؤمن بأنهم ثروة بشرية لو نالت الاهتمام والرعاية والحماية لاهتز الضريح وظهرت كراماته.

The post صلاح هاشم.. مجاور في حب الوطن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8323
مصر والبريكس: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الإقليمي https://draya-eg.org/2024/11/23/%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b1%d9%8a%d9%83%d8%b3-%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%ba%d8%b1%d8%a7%d9%81%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%b9%d8%b2%d9%8a%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%82%d9%84%d9%8a%d9%85%d9%8a/ Sat, 23 Nov 2024 19:12:43 +0000 https://draya-eg.org/?p=8316   المقدمة بريكس تكتل اقتصادي يضم بعض الدول التي شهدت تجربة تنموية كبيرة خلال العقود الأخيرة، وتضم بعض الاقتصاديات الأكثر نموًا في العالم، وقد شهدت مجموعة البريكس ( روسيا، البرازيل، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) تطورًا ملحوظًا منذ تأسيسها، وأصبحت كتلة اقتصادية وسياسية تهدف إلى تعزيز التعاون بين الاقتصادات النامية. ومع إنشاء هذا التحالف الاقتصادي، شرعت …

The post مصر والبريكس: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الإقليمي appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 

المقدمة
بريكس تكتل اقتصادي يضم بعض الدول التي شهدت تجربة تنموية كبيرة خلال العقود الأخيرة، وتضم بعض الاقتصاديات الأكثر نموًا في العالم، وقد شهدت مجموعة البريكس ( روسيا، البرازيل، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) تطورًا ملحوظًا منذ تأسيسها، وأصبحت كتلة اقتصادية وسياسية تهدف إلى تعزيز التعاون بين الاقتصادات النامية. ومع إنشاء هذا التحالف الاقتصادي، شرعت الدول المؤسسة في تحقيق عدد من الأهداف سواء الاقتصادية أوالسياسية أوالأمنية وذلك لتشجيع التعاون الاقتصادي فيما بينها. وقد كان هدف الدول الأعضاء في المجموعة هو إنشاء نظام اقتصادي عالمي مواز للنظام الغربي تستطيع من خلاله الحد من هيمنة الدولار الأميركي بحلول عام 2050. وبالرغم من ذلك، تعاني هذه المبادرة الطموحة من عدة تحديات من ضمنها، بعض التوترات بين أعضائها والافتقار إلى الهياكل المؤسسية المنفذه لأهدافها. ومع زيادة الطموحات الجيوسياسية والاقتصادية للمجموعة، ظهر اتجاه جديد لاستيعاب أعضاء آخرين، من بينهم مصر ودول أخرى. وفي ظل الرغبة التوسعية للبريكس عبر مشاورات بريكس بلس، كانت مصر حاضرة بقوة كدولة مرشحة للانضمام، حيث يمثل هذا الانضمام نقطة تحول استراتيجي في سياسة مصر الخارجية والتنموية. وذلك بفضل موقعها الجغرافي المتميز الذي يكسبها أهمية كبرى في تعزيز التعاون بين الدول النامية.
وانطلاقًا من أهمية مناقشة دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الاقليمي بالتطبيق على حالة انضمام مصر للبريكس؛ يصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية ”دراية” ، هذه الورقة البحثية التي تتناول بشكل تفصيلي دور الجغرافيا السياسية لمصر في خلق فرص لتعزيز التعاون مع دول البريكس وخدمة مصالح المجموعة إقليميًا ودوليًا.
هذا ويمكن استخلاص عدد من التوصيات التي يمكن من خلالها تحويل الانضمام إلى تحالف البريكس فرصة تاريخية لتعزيز مكانة مصر كدولة محورية في النظام العالمي والتي يمكن إجمالها في الآتي :
• ضرورة أن تتبنى مصر استراتيجيات طويلة الأمد تركز خلالها على تطوير بنيتها التحتية وتعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، وذلك على المستوى الاقتصادي من خلال:
‌أ. الاستفادة من تجارب الدول الأعضاء في زيادة معدلات التصنيع والانتاج، والاستفادة من المجالات المختلفة التي تدخل ضمن أنشطة البريكس، بدعم من بنك التنمية، لتنفيذ خطة التنمية المستدامة المصرية 2030.
‌ب. تعزيز التعاون والتكامل الاقليميين عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية مثل الطاقة، والنقل، والمياه، مع امكانية تخفيف الضغط على الاقتصاد المصري وحدة الحاجة إلى النقد الأجنبي، ومعالجة قضايا السيولة، وتوفير السلع الاستراتيجية مثل القمح.
• أما المستوى السياسي، فطالما امتازت السياسة الخارجية المصرية بدعمها لقضايا السلام والاستقرار في المحيطين الإقليمي والدولي، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية، مع الحرص على مبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق الدولية، ودعم دور المنظمات الدولية التي تعمل على تعزيز التضامن بين الدول، وبالتالي يجب أن:
‌أ. تحافظ مصر على تحقيق التوازن في سياستها الخارجية بحيث تصيغ سياسة خارجية متعددة الأبعاد تسعى إلى تنويع الشركاء دون الدخول في مواجهات مع أي طرف.
‌ب. تحافظ مصر على علاقاتها مع الغرب، خاصة أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يظلان الشريكين الرئيسيين في مجالات التجارة، الاستثمار، والأمن.
‌ج. تقديم مصر نفسها كجسر بين الغرب وبريكس، مما يعزز دورها كفاعل دولي في القضايا العالمية.
• وبالتالي يجب أن تعتمد استراتيجية مصر لتعظيم الفوائد وتجنب التحديات على :
‌أ. إعادة تعريف أولويات التعاون مع الغرب من خلال التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية مع الغرب في القضايا الإقليمية والدولية التي تهم الدولة المصرية ومنها قضايا الأمن الغذائي، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية.
‌ب. الاستفادة من منصات بريكس لتعزيز الحوار مع الغرب وتقديم رؤى مشتركة بين التحالف والدول الغربية بشأن القضايا الدولية المشتركة، مثل التنمية المستدامة وتمويل البنية التحتية.
‌ج. الالتزام بالشفافية والتوازن وطمأنة الغرب بأن الانضمام إلى بريكس لا يعني الابتعاد عنه، بل هو بهدف تعزيز السياسة المصرية المتوازنة التي تهدف إلى تحقيق مصالحها الوطنية.

المحور الأول : الأهمية الجيوسياسية لمصر.
1. قناة السويس كممر عالمي للتجارة: قناة السويس هي واحدة من أكثر الممرات المائية أهمية في العالم، حيث تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، مما يجعل مصر لا غنى عنها للتجارة العالمية، ومحورا للتجارة بين أوروبا، آسيا، وإفريقيا، حيث يتدفق حوالي 12٪ من التجارة الدولية عبر القناة، بما في ذلك كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي المسال، وبالتالي تقدم القناة ميزة استراتيجية لدول البريكس من خلال تقليل أوقات الشحن والتكاليف بين آسيا وأوروبا، كما يمكن لدول مثل الصين والهند، المصدرين العالميين الرئيسيين، الاستفادة بشكل كبير من طرق التجارة المبسطة.
2. استراتيجية موقعها على البحر الأحمر: موقع مصر على البحر الأحمر يعطيها دورًا استراتيجيًا في التجارة البحرية، كما أنها قريبة من أسواق الخليج العربي والشرق الأوسط، مما يعزز من أهميتها كشريك في مشاريع البنية التحتية والنقل. ومع اعتبار مصر فاعل رئيسي في الحسابات الاقليمية و الدولية الخاصة بتلك المنطقة، أصبحت جزء أساسي في أي ترتيبات مطروحة من جانب القوى الدولية والاقليمية لتحقيق أمن واستقرار هذا الممر البحري وتنميته، وذلك لعدة أسباب منها؛ أولا، أن هذه المنطقة تحولت إلى قطب جاذب للاستثمارات الدولية الموجهة لتطوير الموانئ البحرية وممرات النقل، والتي من شأنها أن تسهل من حركة التجارة البحرية من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي، ثانيا، صعود مبدأ “السيطرة على البحار البعيدة” على أجندة الدول الكبرى لضمان نموها الاقتصادي، ومن هذه الدول، الصين التي تتبنى استراتيجية “سلسلة اللآلئ” String of Pearls التي تهدف من خلالها إلى تحويل خطوط المواصلات البحرية إلى شبكة من المنشآت والعلاقات العسكرية والأمنية، وذلك لحماية مصادر الطاقة في المحيط الهندي. ووفقا لهذا المبدأ، يتوقع البعض أن تستخدم الصين البنية التحتية للموانئ التجارية كغطاء لبناء مخازن سرية للأسلحة والذخيرة التي يمكن اللجوء إليها لدعم العمليات العسكرية في وقت الحاجة، ويتحقق ذلك من خلال اطلاقها لمشاريع ضخمة في مجالات البنية التحتية وانشاء موانئ جديدة وتطوير الموجود بالاضافة إلى تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر من خلال ربط المناطق التي تسيطر عليها في البحر الأحمر وفي المحيط الهندي ببعضها البعض عن طريق قواتها البحرية. ثالثا، أن البحر الأحمر أصبح ممراً لكابلات الاتصالات والإنترنت، مما أدى إلى أن العديد من القوى الدولية والإقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة الأمريكية، تعمل على الاحتفاظ بوجود لقوتها العسكرية في مناطق عبور الكابلات لتأمينها.
3. مستقبل مصر كمركز إقليمي للطاقة: تعمل مصر على أن تكون مركز إقليمي للطاقة وذلك لتشجيع مشاركة المستثمرين من الخارج ومن القطاع الخاص الداخلي بهدف زيادة التنمية الاقتصادية وتطوير سوق الطاقة وذلك من خلال وضع استراتيجية لتحويلها إلى مركز لتجارة وتداول الطاقة، اعتمادا على موقعها الاستراتيجي والبنية التحتية المؤهلة لذلك، وبالتالي اتخذت مصر عدة خطوات في سبيل ذلك ومنها؛ أصدرت مصر ” قانون تنظيم سوق الغاز ولائحته التنفيذية”، وإنشاء جهاز تنظيم سوق الغاز، وتوقيع مذكرات تفاهم مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بخصوص الغاز والهيدروجين الأخضر، كما تم توقيع اتفاقية بين مصر وقبرص 2019، لإنشاء خط لنقل الغاز بين الدولتين من حقل أفروديت في قبرص إلى مصانع الإسالة في مصر وإعادة تصديره، وما يترتب عن ذلك من تطوير البنية التحتية للموانئ ومعامل التكرير، بجانب الحرص على انشاء سوق اقليمية للغاز بتوقيع لميثاق منتدى غاز شرق المتوسط 2019 مقره في القاهرة، وقد عملت مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال فتح أبوابها أمام الشركات العالمية الكبرى مثل بريتش بتروليوم وشل وايني، بالاضافة إلى امتلاك مصر لمحطتين لتسييل الغاز الطبيعي، في كل من إدكو، ودمياط، أما بالنسبة للطاقة المتجددة، ركزت العدید من السیاسات البیئیة المصریة على قطاعات الطاقة إنتاجا واستهلاكا باعتبارها المصدر الرئیس لانبعاثات غازات الاحتباس الحرارى. إذ تصل نسبة مساهمة الطاقة فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى مصر ٪74.1 لعام 2019، وفى هذا الإطار تهدف استراتیجیة الطاقة المتكاملة المستدامة حتى عام 2035 إلى تنویع مصادر الطاقة والتوسع فى استخدامات الطاقة المتجددة لتصل إلى ٪٤٢ من إجمالى الطاقة المولدة بحلول عام 2042. ولم تكتفي مصر برفع طاقة انتاجها من الغاز والنفط، بل سعت إلى تعزيز قيمتها الاقتصادية من خلال تدشينها ما أطلق عليه “الاستراتيجية المتكاملة للطاقة المستدامة 2035″، والتي تستهدف رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 37.2% في عام 2035، ويتطلب ذلك زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة خلال هذه الفترة من 2.5 مليار دولار أمريكي إلى 6.5 مليار دولار أمريكي سنويا، وقد انعكس ذلك في عدة مشاريع، منها مجمع بنبان للطاقة الشمسية، والمحطة الشمسية بالكريمات، بالاضافة إلى تنفيذ العديد من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر بالشراكة مع أكبر المؤسسات في هذا المجال، وتنفيذ الخطة الوطنية للهيدروجين الأخضر بقيمة حوالي 40 مليار دولارلتصل إلى المستهدف من ذلك وهو الوصول إلى حوالي 8% من السوق العالمية للهيدروجين، وذلك في إطار استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية، خاصة أن مصر استطاعت أن تكون على رأس قائمة الدول العربية في صناعة الهيدروجين الأخضر، كل هذا يعطي مصر ميزة نسبية لاستثمار دول البريكس في مشاريع الطاقة في مصر، حيث تتمتع دول بريكس بطاقة إنتاجية هائلة تشكل نصف الطاقة العالمية تقريبًا، وتغطي مجموعة واسعة من المصادر. ومع ذلك، فإن الاعتماد الكبير لكل دولة على مصدر طاقة محدد يحد من قدرتها على تحقيق الاستدامة، وبالتالي تعمل دول بريكس على التحول الطموح نحو الطاقة المتجددة؛ حيث تفوق مشاريع الرياح والطاقة الشمسية قيد التطوير ضعف مشاريع الوقود التقليدي، هذا التحول يؤكد جدية هذه الدول في الانتقال إلى اقتصاد مستدام وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، من خلال اهتمامها بالاستثمار في الطاقة الشمسية الكهروضوئية؛ حيث تشكل هذه التقنية الجزء الأكبر من مشاريع الطاقة المتجددة قيد التطوير في المجموعة، وعلى الرغم من سيطرة الصين على حصة الأكبرمن هذه المشاريع، إلا أن دولًا أخرى مثل البرازيل ومصر تسهم بشكل كبير في هذا النمو؛ مما يشير إلى أهمية مكانة مصر بالنسبة للبريكس في المنطقة.
4. مكانة مصر لدى إفريقيا: ترتبط مصر ارتباطا وثيقا بالقارة الأفريقية، فموقعها في شمال شرق القارة يجعلها بوابة أفريقيا لآسيا وأوروبا، كما أنها بوابة للنفاذ للسوق الافريقية، حيث وقعت مصر على اتفاقية إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية في أبوجا عام 1991، كما انضمت إلى السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “تجمـع الكوميسـا” عام 1998، وتجمـع الساحل والصحراء عام 2004، بالاضافة إلى عضويتها في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA، فضلا عن مشاركتها في اطلاق مبادرة المشاركة الجديدة لتنمية أفريقيا عام 2001 (نيباد) باعتبار أن تلك التجمعات الاقتصادية والاقليمية الفرعية خطوة ضرورية لإنشاء الجماعة الاقتصادية الافريقية في المستقبل، هذا من شأنه أن يجعل مصر تتمتع بمكانة جيدة لربط دول مجموعة البريكس بـ 1.4 مليار مستهلك في أفريقيا وموارد طبيعية هائلة. فضلا عن تبني مصر مبدأ تعاون الجنوب-جنوب مما جعلها تعمل على انشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية عن طريق الدمج بين كلا من الصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث، والصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقا، وذلك لتعزيز جهود التنمية في القارة الأفريقية من خلال دعم بناء القدرات ونقل المهارات والمعرفة وغيرها من سبل دعم الشراكة المصرية- الأفريقية.

المحور الثاني: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون مع البريكس.
1. التجارة الإقليمية والمناطق اللوجستية: يمكن لمصر أن تصبح مركزًا تجاريًا إقليميًا يخدم دول البريكس. من خلال تطوير المناطق الاقتصادية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تمكنها من استقطاب الصناعات والخدمات اللوجستية من دول البريكس، حيث تتمتع المنطقة الاقتصادية بعدة ميزات:
• القرب من أكبر موانئ البحر الأحمر وهو ميناء السخنة، والذي يشهد أعمال تطوير حتى يكون جاذب للاستثمارات ويسهل عمليات التصدير والاستيراد.
• تعتبر منطقة صناعية، تقدم حوافز للاستثمار كخطوة لخلق الفرص للمستثمرين وتشجيعهم.
• ضمها لعدد من المناطق الصناعية تصل إلى أربع مناطق وعدد ستة موانئ تعمل جميعها على خدمة التجارة لتميز موقعها على البحرين المتوسط والأحمر.
• تمثل مستقبل صناعة الهيدروجين الأخضر في المنطقة، حيث تسيطر على 85% من مشروعات الهيدروجين الأخضر، بسعة تصل إلى 10.7 جيجاوات مما يوفر في المستقبل انتاج يصل إلى حوالي 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر في مصر.
2. التكامل في مشروعات البنية التحتية: هناك فرص للتكامل بين دول البريكس من خلال المشاريع المشتركة ومنها مشروعات مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتي تُعزز من أهمية مصر في ربط الأسواق العالمية، حيث تعد دول شرق إفريقيا مثل مصر وجيبوتي والسودان دولا محورية لطريق الحرير البحري بسبب موقعها الجغرافي، إن مصر بمكانتها وموقعها وبقناة السويس التي تمثل النقطة الرئيسية على طريق الحرير البحري ستكون مركزا رئيسيا في هذا الطريق مما يساهم في زيادة الاستثمار بين مصر والصين والدول التي يمر بها الطريق. أيضا هناك مشروع الربط الكهربائي المشترك بين مصر والسعودية -بالرغم من أن موقف السعودية في بريكس لم يحدد بعد- إلا أن هذا المشروع يهدف لأن يكون محورًا أساسيًا في الربط الكهربائي العربي الذي يهدف لإنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية. وعليه، اتفقت مصر والمملكة العربية السعودية على تنفيذ مشروع للربط الكهربائي بين البلدين لتبادل قدرات كهربائية تبلغ حوالي 3 آلاف ميجاوات، وبتمويل من صناديق ومصارف عربية. ومن ضمن المشاريع المشتركة بين مصر وروسيا، مشروع الضبعة النووية، والذي يعد أكبر مشروع تعاون بين مصر وروسيا، كما أن التصميم الخاص بالمحطة من الجيل الثالث تعد أكثر محطات متقدمة فى العالم تكنولوجيا والأكثر أمانا فى العالم بفضل تكنولوجيا مصيدة قلب المفاعل وغيرها من التفاصيل فى التصميم الروسى للمحطة، ووفقا لإستراتيجية الطاقة في مصر 2035، المعتمدة عام 2016، تستهدف البلاد إدخال الطاقة النووية بنسبة 3% في مصادر الطاقة لعام 2035، إلى جانب 42% من مصادر الطاقة المتجددة (رياح/ شمسية/مائية) مقارنة بـ20% عام 2022.، كما تهدف مصر من هذا المشروع تعميق علاقتها مع روسيا، بهدف تنويع تحالفاتها الخارجية، خاصة أن أعمال المشروع مستمرة بالرغم من طرد روسيا من النظام المالي العالمي “سويفت” بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانيا في فبراير 2022.
3. الشراكة في القضايا الإقليمية: لدول البريكس مواقف مشتركة تجاه العديد من القضايا السياسية الدولية، ومن أهمها قضايا مثل إلارهاب والموقف من الملف النووي الايراني، والعقوبات على روسيا، وبالرغم من أنه تجمع اقتصادي في الأساس إلا أن هناك فرصة لمصر من خلال عضويتها في البريكس، أن تلعب دورًا في تسوية النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط وإفريقيا، مما يعزز من مكانتها كدولة مستقرة ورائدة في المنطقة، خاصة مع اتفاق رؤية دول البريكس لمستقبل النظام الدولي والذي يجب أن تلعب فيه الدول النامية دورا هاما في ظل نظام متعدد الأقطاب.

المحور الثالث: التحديات المحتملة.
1. التفاوت في المصالح بين دول البريكس:
قد تختلف أجندة دول البريكس عن أولويات مصر، مما قد يخلق صعوبات في تحقيق التوازن بين المصالح المشتركة، فهناك حالات من الخلافات والتوترات بين أعضاء مجموعة البريكس، وبريكس بلس، والتي قد تؤدي إلى صعوبة تنسيق المصالح، ما يؤثر على التحالف نفسه ومستقبله.
ومن أخطر هذه الخلافات، والتي سبقت تشكيل مجموعة البريكس الأصلية المكونة من خمسة أعضاء، التوتر بين الهند والصين منذ الحرب الحدودية عام 1962، بشأن حدودهما المشتركة، أيضا الدعم العسكري والاقتصادي الصيني لباكستان (التي لديها أيضًا نزاع حدودي مستمر مع الهند)، والانتشار البحري الصيني في المحيط الهندي، ومما يشير إلى نشوب صراع أوسع، هو نشر خريطة حكومية صينية في أغسطس 2023 تظهر الأراضي التي تسيطر عليها الهند حاليًا – بما في ذلك ولاية أروناتشال براديش بأكملها باعتبارها “جنوب التبت”- وما يجعل هذا الصراع وارد هو امتلاك الصين والهند (وكذلك باكستان) أسلحة نووية، وقد برز انعكاسات ذلك النزاع عندما تخلت الهند عن موقفها التقليدي غير المنحاز وتعاونت مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، وهي الدول التي لديها مخاوف أمنية بشأن الصين، وفي نفس الوقت حرصت على علاقتها مع روسيا حتى تضمن عدم انحياز الأخيرة إلى بكين.
كما أن التوسع الأخير لمجموعة البريكس عكس حالات من التوتر في العلاقات بين أعضائها، وهو توتر العلاقات بين إيران من ناحية والمملكة العربية السعودية حول الزعامة الدينية بين المملكة العربية السعودية السنية، وإيران الشيعية منذ الثورة الإسلامية في عام 1979. هذا بالاضافة إلى الخلاف طويل المدى بين الإمارات العربية المتحدة وإيران بشأن ثلاث جزر في الخليج الفارسي استولى عليها الشاه قبل انسحاب المملكة المتحدة من الإمارات في عام 1971 . بالاضافة إلى الخلاف بين السعودية والإمارات العربية المتحدة من ناحية وإيران من أخرى، ففي اليمن دعمت إيران جماعة الحوثيين، الذين استولوا على معظم الشمال، بينما دعمت المملكة العربية السعودية بشكل أساسي الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ودعمت الإمارات العربية المتحدة الانفصاليين الجنوبيين. كما وجهت كل من الرياض وأبو ظبي الاتهامات لطهران بتزويد الحوثيين بالصواريخ والطائرات بدون طيار التي هاجم بها الحوثيون أهدافا داخل كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ومن العلاقات المتوترة أيضا بين أعضاء التحالف، الخلاف العميق بين مصر وأثيوبيا حول تأثيرسد النهضة الأثيوبي على تقليص حصة مصر السنوية من مياه النيل، وتأثيره على الزراعة والصناعة ومياه الشرب واصرار أثيوبيا على جدول ملئ السد وعدم استجابتها للمفاوضات، حيث شهدت المفاوضات جولات عديدة تحت مظلات مختلفة، مثل الاتحاد الإفريقي، والولايات المتحدة، والبنك الدولي، لكنها لم تسفر عن اتفاق نهائي أو ملزم.، كما تعثرت المحادثات بسبب تباين المواقف بشأن الجدول الزمني لملء السد وآليات تشغيله أثناء فترات الجفاف.
2. الوضع الاقتصادي لمصر:
أثرت الأحداث الدولية الأخيرة على الاقتصاد المصري مما أثر بالسلب على معدل النمو الاقتصادي، واحتياطي النقد الأجنبي، وارتـفـاع في معدالت التضخم الـذي سجل ،%36,5 وانخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار وارتفاع حجم الدين العام، بالاضافة إلى وجود 9 مليون لاجئ ومهاجر على أرضها، وبالتالي يتحتم على الاقتصاد المصري للانضمام إلى بريكس ضرورة أن يكون قادرا على المنافسة والانتاج والتصدير حتى لا يتعرض للمنافسة الحادة أو الاغراق من دول التكتل، وخاصة الصين التي تغزو منتجاتها غالبية أسواق الدول النامية.

ختاما:
يمثل انضمام مصر إلى البريكس فرصة تاريخية لتعزيز مكانتها كدولة محورية في النظام العالمي. يمكن لموقعها الجغرافي المتميز أن يكون بوابة لدول البريكس إلى إفريقيا والشرق الأوسط، مما يعزز من فرص التنمية والاستثمار، خاصة في ضوء العلاقات المصرية المتوازنة مع الدول الأصليين للمجموعة، فمصر تربطها بروسيا علاقات تجارية واستثمارية من خلال الشركات الروسية المستثمرة في مصر ومشاريع الطاقة المشتركة، ومع الصين فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع إلى نحو 16.2 مليار دولار عام 2022، كما كانت مصر نقطة هامة في مبادرة “حزام واحد – طريق واحد” بموقعها الاستراتيجي المتميز، هذا بالاضافة إلى اهتمام مصر بالاستفادة من تجربة الصين التكنولوجية من خلال الاستعانة بالنموذج الصيني في المنطقة التكنولوجية في بكين، لإنشاء قرية تكنولوجية في مصر .
أما الهند، فتعد من الشركاء التجاريين المهمين لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 6 مليار دولار في 2022، كما تعززت العلاقات مع البرازيل مع انضمام مصر إلى تجمع الميركسور 2017، ووصل حجم التجارة البينية بين البلدين الـ 4 مليارات دولار خلال عام 2022، بالاضافة إلى توافق الرؤى المشتركة مع جنوب أفريقيا في العديد من القضايا مثل قضايا التطرف والارهاب، وأهمية تحقيق التنمية في إفريقيا، والتمثيل العادل في مجلس الأمن الدولي.

 

 

 

المراجع:

 

1- الهيئة العامة للاستعلامات
https://www.sis.gov.eg/Story/271619/%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D9%83%D8%A7%D8%B3%D8%A8-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A9-%D9%86%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3?lang=ar
2- مروة صلاح الدين فهمي، “انعكاسات انضمام مصر إلى التكتلات الاقتصادية على الاقتصاد المصري “البريكس نموذجا”، المجلة العربية للادارة، عدد5، أكتوبر 2024.
3- سميرة ناصري، “مجموعة دول البريكس: بين تحديات النظام متعدد الأقطاب وهدف تعديل الاقتصاد العالمي”، الجزائر، جامعة خنشلة، 2022.
4- ايهاب محمد أبو المجد، “الاقليمية الجديدة واعادة توازنات القوى في النظام الدولي: مجموعة البريكس واعادة الصياغة الجيواستراتيجية”، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد20، أكتوبر 2023.
5- أحمد سلطان، من التعامل الثنائي إلى التكامل الاقليمي، المركز المصري للفكر، https://ecss.com.eg/47530/
6- آمنة خالد، “مصر وبريكس فرص واعدة وطموح حذر”، مركز الأهرام للدراسات السياسية.
https://acpss.ahram.org.eg/News/21112.aspx

The post مصر والبريكس: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الإقليمي appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8316
التحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي….. سبل التعاون ومواجهة التحديات https://draya-eg.org/2024/11/10/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d8%b3%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%88%d9%86-%d9%88%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa/ Sun, 10 Nov 2024 00:07:06 +0000 https://draya-eg.org/?p=8299 مع تصاعد التوترات والخلاف بين القاهرة وأديس أبابا إثر تحركات الأخيرة تجاه مصر والسودان والصومال، بثلاثة ملفات مرتبطة بـ«سد النهضة»، واتفاقية «عنتيبي»، وتوقيع اتفاقية مبدئية مع إقليم صومالي لاند الانفصالي بما يهدد ويمس من سيادة مقديشو. الأمر الذي دفع الدولة المصرية للتحرك بقوة وبشكل أكثر فاعلية في منطقة القرن الإفريقي من خلال دعم الدولة الصومالية …

The post التحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي….. سبل التعاون ومواجهة التحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
مع تصاعد التوترات والخلاف بين القاهرة وأديس أبابا إثر تحركات الأخيرة تجاه مصر والسودان والصومال، بثلاثة ملفات مرتبطة بـ«سد النهضة»، واتفاقية «عنتيبي»، وتوقيع اتفاقية مبدئية مع إقليم صومالي لاند الانفصالي بما يهدد ويمس من سيادة مقديشو. الأمر الذي دفع الدولة المصرية للتحرك بقوة وبشكل أكثر فاعلية في منطقة القرن الإفريقي من خلال دعم الدولة الصومالية ومساعدة الحكومة هناك على بسط سيادتها داخل أراضيها، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب من خلال توقيع الجانبين بروتوكول «تعاون عسكري (دفاعي) ، وإعلان القاهرة استعداد المشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، بداية يناير 2025، فضلاً عن مد مقديشو بصفقة أسلحة، وعقد قمة ثلاثية جمعت بين رؤساء الدول الثلاثة (مصر والصومال وإريتريا).

ولم تقتصر التحركات المصرية على منطقة القرن الإفريقي فحسب وإنما شملت كذلك دول حوض النيل الجنوبي، بإطلاق مبادرات مصرية قوية لإعادة التأكيد على أن مصر تدعم التنمية، والمشروعات المائية لدول حوض النيل، بما في ذلك إقامة السدود طالما أنها توافقية، ولا تسبب الضرر لدولتي المصب مصر والسودان،وسط إصرار إثيوبيا على التخلي عن الاتفاقيات التاريخية لتقسيم مياه النيل، وفرض سياسة الأمر الواقع وعدم احترام حقوق مصر المائية من خلال إتمامها الملء الخامس لسد النهضة بوصول المياه في بحيرة السد إلى أكثر من 62 مليار متر مكعب من المياه، وبدء التشغيل التجاري للسد لتوليد الطاقة الكهرومائية. ، فضلاً عن إعلانها دخول اتفاقية «عنتيبي» حيز التنفيذ منتصف أكتوبر 2024 ما يدفع مصر للوقوف في خط الدفاع عن الاتفاقيات القديمة لتقسيم مياه النيل بين دول الحوض،  ومناهضةالاتفاقية عبر القانون، وكل أشكال الدبلوماسية الممكنة، فضلاً عن اضطرار مصر لدخول حلبة توازنات القوى الإقليمية.

وفي هذا السياق، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تسلط الضوء على: العلاقات المصرية الصومالية ومجالات التعاون بين الجانبين، التحركات المصرية في منطقة القرن الأفريقي، وكيف من شأنه أن يساهم في تعزيز الأمن القومي المصري، إلى جانب التحديات التي تواجه هذا التعاون.

وقد توصلت الورقة لعدد من النتائج الواجب أخذها في الاعتبار لضمان فاعلية واستمرارية الدور المصري أهمها:

• التأكيد على أهمية هذا الشكل المتسلسل المنظم من هذه التحركات والترتيبات الدبلوماسية المصرية خلال الفترة الأخيرة لما فيه من مردود استراتيجي إيجابي مرتقب لصالح استقرار وهدوء إقليم شرق إفريقيا وكذلك القرن الإفريقي والبحر الأحمر.

• أهمية استمرار مصر في بناء القدرات الذاتية للصومال، لضمان أن يتمكن الصومال من الاعتماد على قواته الأمنية في مواجهة التحديات دون الحاجة إلى دعم خارجي

• أهمية نقل الخبرات المصرية وبصفة خاصة في مجال مكافحة الإرهاب للدول التي تعاني من ويلاته في منطقة القرن الإفريقي وغيرها من الأقاليم الافريقية من خلال زيادة برامج التدريب والدعم المصري لهذه المناطق.

• أهمية تعزيز التنسيق الاستخباراتي، وتوسيع برامج التدريب العسكري المقدمة من الدولة المصرية لدول القارة لتتضمن التقنيات الحديثة والمهارات التكنولوجية.

• ضرورة استمرار مصر في  ترسيخ دورها كفاعل رئيسي في القرن الأفريقي، والتأكيد على التزامها بحماية استقرار المنطقة عبر التعاون الإقليمي والدولي.

• أهمية إقامة جسور من التواصل والتعاون مع باقي دول منطقة القرن الإفريقي من خلال تفعيل مجالات وأطر للتعاون المستقبلي.

• أهمية العمل بأجندة شاملة واضحة وفعالة مع دول حوض النيل لضمان التزامها بأمن مصر المائي وبالاتفاقيات القانونية ذات الصلة.

• أهمية استمرار التعاون والتشاور المصري/ التركي في المنطقة بما يضمن تنسيق الجهود وفاعلية التحركات الحالية والمستقبلية.

• أهمية العمل على عقد تحالفات مثيلة للتحالف المصري/ التركي مع القوى الفاعلة في المنطقة لمواجهة أية تحركات من شأنها الإضرار بالمصالح المصرية.

……………………..

أولاً: العلاقات المصرية/ الصومالية:

تتميز العلاقات المصرية الصومالية بتعدد الروافد في إطار من المصالح المشتركة والأمن المتبادل، لتشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعيةـ خاصة التعليمية والصحية والثقافية، والمجال العسكري أيضًا.

وهناك مواقف تاريخية مشرفة سياسية وعسكرية متبادلة لكلا البلدين تجاه الآخر في الأزمات الإقليمية والدولية، وقد شهدت العلاقات بين البلدين ازدهارًا وتناميًا منذ حقبة الستينيات وحتى انهيار نظام سياد برى، غير أن هذا ما لبث أن تراجع مع بدايات الحرب الأهلية والصراعات العشائرية في الصومال، وتبذل مصر جهودًا كبيرة من أجل تعزيز الاستقرار في الصومال والحفاظ على وحدته.

*تاريخ العلاقات بين مصر والصومال:

العلاقات بين مصر والصومال علاقات تاريخية بدأت منذ عهد الفراعنة، حيث أسهم البحر الأحمر في تسهيل التبادل التجاري بين السواحل الصومالية ومصر الفرعونية، مما جعل مصر إحدى بوابات التواصل بين شرق أفريقيا والعالم العربي. وفي العصر الحديث كانت مصر أول الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، وقدمت له دعمًا دبلوماسيًا عبر الأمم المتحدة والمنتديات الإقليمية، بهدف ترسيخ وجوده في الساحة الدولية ولا يزال يُذكر بكل تقدير اسم الشهيد المصري “كمال الدين صلاح”، مندوب الأمم المتحدة لدي الصومال الذي دفع حياته عام 1957 ثمنًا لجهوده من أجل حصول الصومال على استقلاله والحفاظ على وحدته.

في فترة الستينيات والسبعينيات، دعمت مصر تأسيس الجيش الوطني الصومالي، ووفرت تدريبًا عسكريًا واسعًا لضمان قدرته على تأمين البلاد الناشئة، في إطار سياسة مصرية لتعزيز التحالفات مع دول القارة الأفريقية. وعندما انضم الصومال إلى منظمة الوحدة الأفريقية عام 1974، لعبت مصر دورًا رئيسيًا في هذا المسار، انطلاقًا من رؤيتها لتوطيد التكامل الأفريقي ومجابهة النفوذ الأجنبي في المنطقة.

انهيار الدولة الصومالية: بداية تحديات جديدة

مع انهيار الحكومة المركزية في الصومال عام 1991، دخلت البلاد في مرحلة من الفوضى السياسية والأمنية، ما أدى إلى تصاعد نفوذ الميليشيات المحلية والحركات المسلحة. شكّل هذا الانهيار تهديدًا كبيرًا، ليس فقط للصومال، بل للأمن الإقليمي أيضًا، بما في ذلك الممرات المائية الاستراتيجية التي تعتمد عليها التجارة الدولية ومصر بشكل خاص. ونتيجة لذلك، اضطرت مصر إلى إعادة صياغة علاقاتها مع الأطراف الصومالية المختلفة بهدف المساهمة في إعادة بناء المؤسسات الحكومية والتوسط في النزاعات المحلية.

قبيل الحرب الأهلية في الصومال بذلت مصر جهدا كبيراً لمنع وقوع الحرب الأهلية، وشهدت القارة والسفارة المصرية في مقديشو عدة لقاءات واجتماعات بين المسؤولين في نظام” محمد سياد بري”، والجبهات المعارضة للحيلولة دون نشوب صراع مسلح، وإنهاء الصراع السياسي بين الحكومة والمعارضة بالطرق السلمية، وقد تمثل ذلك في المبادرة المصرية الإيطالية عام 1989، لكن نتيجة لتدخلات قوية من قبل بعض دول الجوار، لم تكلل تلك الجهود بالنجاح ودخل الصومال في أتون حرب أهلية راح ضحيتها الآلاف من المواطنين الأبرياء، وبعد اندلاع الحرب في عام 1991 لم تتوقف مصر عن محاولات وقف نزيف الدم وحماية التراب الصومالي، بل كانت حاضرة وبقوة في جميع الجهود الدولية للم شمل الصوماليين، ورفضت تقسيم الصومال أو الاعتراف بانفصال إقليم الشمال” صوماليلاند”، كما نظمت مصر عدداً من مؤتمرات المصالحة لإنهاء الاقتتال الداخلي في مقديشو وإحلال السلام في ربوع الصومال.

مع ظهور حركة الشباب كقوة إرهابية ذات نفوذ في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبح لزامًا على مصر التركيز على تقديم الدعم الأمني واللوجستي للصومال. وقد جاء ذلك في إطار الجهود الإقليمية والدولية لإعادة بناء الدولة الصومالية، حيث شاركت مصر بشكل فعال في المفاوضات الدولية لتشكيل حكومة انتقالية في الصومال خلال عام 2004 هذه المشاركة المصرية عكست إصرارها على مواجهة التهديدات الأمنية التي باتت تمثل خطراً على منطقة القرن الأفريقي وعلى أمن البحر الأحمر.

كما تُعد مصر عضوًا فاعلاً في مجموعة الاقتصاد الدولية المعنية بالمشكلة الصومالية، وتحرص على المشاركة في كافة الاجتماعات التي تعقدها المجموعة، وقد كثفت مصر تحركاتها الدولية خلال السنوات الأخيرة لحشد الدعم للقضية الصومالية وحث القوى الدولية للمساهمة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية نظرًا للأهمية القصوى للصومال في تعزيز الأمن القومي المصري.

كذلك تشترك مصر في عضوية مجموعة الاتصال الدولية المعنية بمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية حيث تولت رئاسة مجموعة العمل الرابعة المنبثقة عن مجموعة الاتصال وهي مجموعة تختص بدعم الجهود الدبلوماسية ونشر الوعي بشأن ظاهرة القرصنة.

ثانياً:مجالات التعاون والشراكة بين مصر والصومال:

تتميز مجالات التعاون والشراكة بين مصر والصومال بالتنوع، حيث تغطى مجموعة من الأبعاد الاستراتيجية والتنموية والأمن، فيما يلي نوضح هذه المجالات:

1-التعاون السياسي : تدعم مصر الجهود السياسية في الصومال لتحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية، بما في ذلك دعم المبادرات السلمية والجهود الدبلوماسية في المحافل الدولية.

2– التعاون التنموي: تقدم مصر مساعدات إنسانية للصومال تشمل الغذاء والدواء والمعدات الطبية لمساعدة المتضررين من النزاعات والكوارث الطبيعية، كما تشمل المشاريع التنموية في مجال التعليم والصحة والبنية التحتية، مثل بناء المدارس والمستشفيات وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي.

3-التعاون الاقتصادي: شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والصومال نمواً مطرداً في السنوات الأخيرة؛ مدعومة بوجود إرادة سياسية قوية وسعي جاد لوضع خطط مستقبلیة وفتح أبواب جدیدة للتعاون في مجالات متعددة، فقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع قيمة التبادل التجارى بين مصر والصومال حيث بلغ 59 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2024 مقابل 31 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 88%.

4-التعاون الثقافي والبرامج التعليمية: تقدم مصر منحاً دراسية للطلاب الصوماليين للدراسة في الجامعات المصرية في مختلف التخصصات، مما يعزز التبادل الأكاديمي والثقافي، كما تقدم برامج تدريبية في مجالات متنوعة مثل الإدارة والتكنولوجيا والفنون، كما تهدف إلى تعزيز المهارات والقدرات لدى الشباب الصومالي، كما تعمل على تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية مثل المعارض الفنية والمهرجانات التي تتيح للأفراد من كلا البلدين التعرف على الفنون والتراث الثقافي بما يعزز التقدير المتبادل للفنون والتراث الثقافي.

وفي يناير 2024م تم توقيع، مذكرة تفاهم بين “وزارة الثقافة” المصرية، ووزارة “الإعلام والثقافة والسياحة” بحكومة جمهورية الصومال الفيدرالية؛ وذلك لتعزيز التعاون الثقافي المشترك بين البلدين. ووقع مذكرة التفاهم كلا من الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، وداؤود أويس جامع، وزير “الإعلام والثقافة والسياحة” بجمهورية الصومال الفيدرالية.

وتعمل مصر أيضاً على تنظيم ورش عمل ومحاضرات ثقافية تهدف إلى تبادل المعرفة حول  التراث والتاريح والثقافة في كل من مصر والصومال، كما تعمل على تبادل الكتب والمصادر الثقافية بين المكتبات والجامعات في البلدين لتعزيز الدراسات والأبحاث الثقافية.

5-التعاون في مجال الطاقة:هناك اهتمام بالتعاون في مجالات الطاقة بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة وتحسين البنية التحتية للطاقة في الصومال، حيث تستهدف القاهرة كسر حالة السيطرة التي تمارسها إثيوبيا على دول القرن الإفريقي في مجال الطاقة، وبصورة خاصة مع جيبوتي والصومال، في ظل إقحام أديس أبابا ملف أرض الصومال والتعاون الإيجابي بين القاهرة ومقديشو في المجالات المختلفة، ونظراً للمساعي التركية أيضاً لاختراق المجال الحيوي لمنطقة القرن الإفريقي خاصة الصومال التي تسعى فرض سيطرتها على مصادر الطاقة، مما يؤثر على الأمن القومي لمصر، ويعتبر ملف الطاقة أحد ملفات التعاون المشترك بين الصومال ومصر، ويتمثل في تكثيف التنسيق المشترك بين الجانبين في مجالات مصادر الطاقة وعلى رأسها النفط والغاز، وهو ما أبداه وزير الخارجية الصومالي خلال المقابلة التي أجراها أثناء زيارته إلى القاهرة، خاصة في ظل توجه الصومال إلى مزيد من الاكتشافات النفطية وكذلك المتعلقة بالغاز.

6-التعاون في مجال الأمن المائي: تقع مصر والصومال في مناطق ذات صلة بنهر النيل والموارد المائية الإقليمية الأخرى، يسهم التعاون في هذا المجال في تعزيز الأمن المائي على مستوى الإقليم، كما تساهم مصر في تقديم الدعم الفني والتمويلي للصومال لتنفيذ مشاريع مثل بناء السدود، وتحسين أنظمة الري، وتطوير البنية التحتية للمياه، كما أن التعاون في مجال البحث العلمي والتدريب الفني في إدارة المياه يمكن أن يعزز قدرة الصومال على مواجهة التحديات المتعلقة بالمناخ، ويمكن مصر من توفير البرامج التدريبية والدراسات حول استراتيجيات إدارة المياه.

يُذكر أنه في مطلع نوفمبر 2024 أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، دخول اتفاقية «عنتيبي» حيز التنفيذ، بعد تصديق 6 دول عليها، هي: إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وجنوب السودان.

وتُعارض مصر ومعها السودان الاتفاقية، ويتمسّكان باتفاقات 1902 و1929 و1959 التي ترفض الإضرار بدول المصب، كما تُقرّ 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان، ويرفضان أي مشروع مائي بمجرى النيل يُلحق أضراراً بالأمن المائي.

وسبق أن أكّدت مصر والسودان أن اتفاقية «عنتيبي» غير مُلزِمة لأي منهما؛ لمخالفتها مبادئ القانون الدولي، وجدّدت الدولتان، خلال اجتماع للهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل، في 11 أكتوبر 2024، على “ضرورة استعادة مبادرة حوض النيل (التي تأسست عام 1999)، بوصفها الطريقَ الأمثل والأشمل للتوافق والتعاون بين دول النهر”.

وتعتمد مصر على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

7-التعاون العسكري:لا شك أن التعاون العسكري بين مصر والصومال يمثل جزءًا هامًا من تعزيز الأمن الإقليمي وبسط النفوذ المصري في منطقة القرن الأفريقي، حيث تشكل هذه المنطقة نقطة استراتيجية بالغة الأهمية على مستوى الأمن الدولي والإقليمي، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة مثل الإرهاب والقرصنة البحرية والهجرة غير الشرعية. وفي هذا السياق، تسعى مصر من خلال دعم قدرات الجيش الصومالي وتعزيز التنسيق الأمني مع الصومال إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة وضمان المصالح المصرية.

وتعتبر الشراكة العسكرية بين البلدين انعكاسًا لاستراتيجية مصر في دعم الدول الأفريقية وبناء جسور التعاون الأمني، بما يساهم في حماية الممرات البحرية الدولية في خليج عدن والبحر الأحمر. كما يشكل هذا التعاون خطوة نحو تعزيز قدرات الصومال في مواجهة التهديدات الأمنية الداخلية والإقليمية، بما في ذلك الجماعات المسلحة المتطرفة والأنشطة غير القانونية التي تهدد الأمن القومي للدول المجاورة.

منذ استقلال الصومال في الستينيات من القرن العشرين، كانت مصر من أوائل الدول التي دعمت الصومال سياسيًا وعسكريًا، وخاصةً من خلال توفير الدعم اللوجستي والتدريب العسكري للقوات الصومالية. في العقود الأخيرة، تفاقمت الأزمات الأمنية في الصومال، وخاصةً بعد تفكك الحكومة المركزية في التسعينيات وصعود الحركات الإرهابية مثل “حركة الشباب”. ولذلك، سعت مصر لتعزيز تعاونها العسكري مع الصومال كجزء من استراتيجيتها لتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي، والتصدي للتهديدات الأمنية التي تهدد المنطقة بأسرها.

ومع إعلان تشكيل حكومة مركزية صومالية جديدة عام 2012، أطلقت مصر مرحلة جديدة من التعاون السياسي والعسكري مع الصومال. كان الهدف من هذا التعاون تعزيز قدرات الجيش الصومالي ليتمكن من مواجهة حركة الشباب التي تسيطر على مناطق واسعة في البلاد، وتحد من جهود الاستقرار. وقد تركزت الجهود المصرية على توفير برامج تدريبية مكثفة للضباط الصوماليين، ودعمهم بخبرات استخباراتية وتقنية وتبادل المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب. كما تعمل مصر والصومال على تعزيز الجهود لمكافحة القرصنة في البحر الأحمر والمحيط الهندي، بما في ذلك تنسيق العمليات البحرية وتبادل المعلومات.

ثالثاً: التحركات المصرية في منطقة القرن الأفريقي:

تعاني منطقة القرن الأفريقي من العديد من التحديات الأمنية المعقدة. من أبرز هذه التحديات انتشار الإرهاب، حيث تمثل “حركة الشباب” في الصومال أحد أخطر التهديدات للأمن في المنطقة. هذه الجماعة المتطرفة تسيطر على أجزاء من الصومال وتشكل تهديدًا دائمًا للدولة والمواطنين. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشكلة القرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن تعزز من أهمية التعاون الأمني في المنطقة. هناك أيضًا تحديات متعلقة بالنزاعات الحدودية والنزاعات على الموارد الطبيعية مثل المياه، خاصةً في ظل توترات بشأن سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على تدفق مياه نهر النيل إلى مصر. ولم تكتفِ القاهرة بتقوية العلاقات مع الصومال، بينما عززت التعاون مع الخرطوم وجوبا ونيروبي، وأيضاً إريتريا عبر زيارات متبادلة رفيعة المستوى اختتمت الخميس، بزيارة الرئيس المصري إلى أسمرة، وعقد قمة ثلاثية شملت الصومال، وصفتها وسائل إعلام عربية ودولية بـ”التحالف الجديد” مع إعلان الدول الثلاث تشكيل لجنة ثلاثية لتعزيز التعاون والتنمية.

وجغرافياً تضم منطقة القرن الأفريقي 4 دول هي «الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا»، ومن زوايا سياسية واقتصادية يمكن أن تتسع لتشمل كينيا وأوغندا والسودان وجنوب السودان، وأهميتها ليست وليدة اليوم، فقد كانت محط أنظار القوى والإمبراطوريات المهيمنة، منذ العصور القديمة، كونها المنطقة الأكثر استراتيجية في التجارة البحرية العالمية، وأخيراً باتت نقطة جذب وتركيز واهتمام من لدن أطراف دولية وإقليمية عديدة.

وينشط في منطقة القرن الأفريقي عدد من اللاعبين الخارجيين، منها القوى الدولية الغربية (مثل المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، بالإضافة إلى الإقليمية (مثل تركيا)، والآسيوية(مثل اليابان والصين)، وأيضاً الولايات المتحدة، بخلاف مؤثرين إقليميين من مجموعة شرق أفريقيا، كإثيوبيا، وتضاف لهما مصر بعد استعادة دورها الأفريقي.

وفي هذا السياق، فقد سعت القاهرة إلى توثيق علاقاتها الإستراتيجية في ظل طموحاتها الدائمة بإنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي وبالفعل شهد عام 2021، أول زيارة رسمية لرئيس مصري منذ استقلالها عام 1977، وخلال يوليو2024 زار وزير الخارجية المصري جيبوتي ليعلن عن تدشين خط طيران مباشر بين البلدين.

إلا انه من الجدير بالذكر إلى أنه ووفقا للسياسية الجيبوتية –  إمساك العصا من المنتصف، فقد استطاعت أن  تحتضن -في وقت واحد- قاعدة عسكرية أمريكية وأخرى صينية، وبينما تواصل جيبوتي مباحثاتها مع القاهرة، اقترحت مَنح إثيوبيا حق الوصول الحصري إلى أحد موانئها، بحسب تصريح وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف.

وفي 14 أغسطس2024، وقعت مصر والصومال بروتوكولاً للتعاون العسكري المشترك بحضور الرئيسين عبدالفتاح السيسي وحسن شيخ أحمد، خلال زيارة الأخير لمصر، يتضمن السماح لمصر بنشر نحو خمسة آلاف عنصر من جيشها في الأراضي الصومالية. وقد يكون لهذه الخطوة أهميتها نظراً لانتهاء مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومـال “أتيمس” بنهاية عام 2024.

كما تتأتى تلك الخطوة حفاظًا على أمن الصومال وسيادة أراضيه خاصة بعد التحركات الإثيوبية الأخيرة في يناير 2024، بتوقيع رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” ورئيس أرض الصومال “موسى بيهي عبدي”، مذكرة تفاهم تقضي بأن تَمنح أرض الصومال ـ(إقليم انفصالي غير معترف باستقلاله دوليا) إثيوبيا حق الوصول إلى 20 كم من سواحلها وبناء قاعدة بحرية عسكرية عبر استئجار قطعة أرض لمدة 50 عاما، مقابل اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة ذات سيادة، ومنح حكومتها حصة من ملكية الخطوط الجوية الإثيوبية.

وبالفعل، قامت القاهرة بإرسال شحنتي أسلحة إلى الحكومة الصومالية في مقديشو في سبتمبر2024، وهو الأمر الذي قوبل بتصعيد إثيوبي تمثل بإرسال أسلحة من إثيوبيا إلى إقليم بونتلاند الصومالي ذي النزعة الاستقلالية. وكخطوة استباقية لتعطيل وصول أي قوات مصرية، سيطرت القوات الإثيوبية على ثلاثة مطارات في إقليم “غيدو” جنوب الصومال.

وبعد إرسالها صفقة أسلحة لإقليم بونتلاند، وفي ضرلة غير متوقعةـ أعلن رئيس الإقليم سعيد دني عن رغبته في الحوار مع الحكومة الصومالية لتجنب الانفصال، وإجراء مناقشات مفتوحة حول الوضع في الصومال، بطريقة شفافة وحل الخلافات مع الحكومة الفيدرالية/ وتقريب وجهات النظر فيما يتعلق بالعملية السياسة والانتخابات والعشائر محذرا من أن الصومال على وشك التفكك إذا لم تحل تلك الإشكاليات.

وفي 10 أكتوبر2024، وصل الرئيس السيسي إلى العاصمة الإريترية أسمرة حيث عقد قمة ثلاثية مع الرئيس الإريتري إسياس أفورقي والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود. جاء اللقاء، الذي ناقش عدة قضايا من بينها التعاون الأمني في البحر الأحمر، كخطوة لافتة حملت الكثير من الرسائل الدبلوماسية الضمنية لإثيوبيا. بدورها، ردت أديس أبابا في الـ 13 من نفس الشهر بتفعيل اتفاقية الإطار التعاوني لحوض نهر النيل (التي تُعرف أيضاً باتفاقية عنتيبي) من طرف واحد، وهي الاتفاقية التي تسعى من خلالها أثيوبيا إلى مراجعة التوزيع القائم لِحصص مياه نهر النيل وتعارضها دولتي المصب (مصر والسودان).

*مصر وسياسة بناء الأحلاف:

سعت مصر ومن خلال تبني سياسة بناء الأحلاف إلى التحالف مع تركيا والتي كانت لها تحركات استباقية في المنطقة بمزيج من الاستراتيجيات الديبلوماسية والسياسية والعسكرية، ففي شهر فبراير 2024، وقعت تركيا والصومال اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي بين البلدين، وفي الشهر نفسه وقعت ثلاث اتفاقيات عسكرية واقتصادية مع جيبوتي. بالتزامن مع ذلك، حاولت أنقرة التوسط بين الصومال وإثيوبيا لكن الجهود لم تؤت ثمارها.

الواقع أن وجود حليف قوي في القرن الإفريقي  بجانب مصر من شأنه أن يُعزز جهودها الرامية إلى إنشاء محور يضم اريتريا وجيبوتي والصومال، لاحتواء النفوذ الإثيوبي المتنامي في الإقليم وتعزيز حضور القاهرة الجيوسياسي جنوب البحر الأحمر، بما يحقق غاية القاهرة بحماية أمنها القومي وتطويق أديس أبابا التي تمثل تهديداً مباشراً لمصالح مصر – سواء المتصلة بنهر النيل أو البحر الأحمر.

وبموجب الاتفاق بين تركيا والصومال، ستوفر تركيا التدريب والمعدات للبحرية الصومالية حتى تتمكن من حماية مياهها الإقليمية بشكل أفضل من التهديدات مثل الإرهاب والقرصنة و”التدخل الأجنبي”، فضلًا عن إجراء مناورات وتدريبات عسكرية بحرية وجوية وبرية.

كما تقضي الاتفاقية ببناء تركيا سفنًا عسكرية وبيعها للصومال، وسيكون للقوات البحرية التركية الحق الكامل في استخدام الموانئ البحرية الصومالية الحالية، وإنشاء موانئ وقواعد عسكرية بحرية جديدة، فضلًا عن إنشاء قواعد عسكرية تركية وأخرى مشتركة في مقديشو التي ستتكفل بفتح أجوائها للاستخدام المدني والعسكري التركي.

رابعاً: التحديات المستقبلية للتحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي:

لايزال يشكل الإرهاب والتمرد وعدم الاستقرار الساسي أحد المعوقات الرئيسية في منطقة القرن الإفريقي وهو مايلقي على الدولة المصرية ضرورة التحرك مع تلك الحكومات لتعزيز الاستقرار الأمني والسياسي بما يضمن تحقيق الاستقرار التنموي والاقتصادي.

كما أن مواجهة نفوذ القوى الطامعة لتقويض النفوذ المصري يبقى تحديًا مستقبلياً هاماً خاصة وأن بعضها سيهدد الأمن القومي المصري خاصة بعد وجود أنباء عن احتمالية تأسيس تحالف  بين إسرائيل وأرض الصومال وهو ما كشف عنه موقع “ميدل إيست مونيتور” في الخامس عشر من أكتوبر 2024، بأن هناك نوايا إسرائيلية لإنشاء قاعدة عسكرية في إقليم أرض الصومال، ورداً على التهديد الإيراني للمصالح الإسرائيلية من خلال المواجهات غير المباشرة مع الحوثيين بعد عملية طوفان الأقصى.

ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل تدعم  الصفقةالاثيوبية مع أرض الصومال، وهو ما اتضح من خلال تصريح سفير إثيوبيا لدى إسرائيل يناير 2024، فقد أوضح أن المسئولين الإسرائيليين أظهروا لفتة إيجابية لتطلع إثيوبيا للوصول المباشر إلى البحر الأحمر وخليج عدن، كما أشار السفير الإثيوبي لدى إسرائيل أن الحكومة الإسرائيلية تتوقع حصول إثيوبيا على قاعدة عسكرية كخطوة جيدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة المضطربة ولا تعارض صفقة الميناء التي أبرمتها الأخيرة مع أرض الصومال.

ومما لاشك فيه أنه هذا التقارب من شأنه أن يؤدي إلى تزايد الهجمات الإرهابية من جانب حركة الشباب الإرهابية، التي سترفض الوجود الإسرائيلي، وستعمل على حشد وتعبئة المزيد من المقاتلين لشن هجمات إرهابية من خلال استغلال مشاعر العداء تجاه إثيوبيا. وهناك احتمالية في أن تستفيد حركة الشباب من الاتفاق لحشد وتجنيد المزيد من المقاتلين، لشن “حرب دينية” ضد إسرائيل، وهو ما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. علاوة على ذلك، هناك توقعات بأن تتحالف حركة الشباب الصومالية مع جماعة الحوثيين، وأن يكون هناك تنسيق في المجالات الأمنية والاستخباراتية، لتهديد المصالح الإسرائيلية في المنطقة، إلى جانب توسيع عملياتهم البحرية ضد خطوط الملاحة الدولية، وهو ما يُشكل تهديدًا للأمن البحري والتجارة الدولية.

 

المراجع

• قمة مصر والصومال وإريتريا تدعم السلم والأمن في إفريقيا. جريدة الدستور.   https://www.dostor.org

• التبادل التجاري بين مصر والصومال ينمو إلى 88% في الربع الأول من عام 2024- المصري اليوم     https://www.almasryalyoum.com

• مصر توسع تعاونها السياسي والعسكري مع الصومال: التركيز على الأمن البحري ومكافحة الإرهاب- العين    https://www.al-ain.com

• زيارة السيسي إلى الصومال وإريتريا تعزز دور مصر في تأمين الطرق البحرية- العين الإخبارية https://www.al-ain.com

• التدخل العسكري المصري في القرن الإفريقي وأثره على  استقرار المنطقة- العربية   https://www.alarabiya.net

• مصر وإريتريا والصومال تحالف ضد الأطماع- العربيةhttps://www.alarabiya.net

• دور مصر في الصومال بعد الصراع…إعادة بناء والتعاون البحري- جريدة الدستور  https://www.dostor.org

• نتائج القمة الثلاثية بين مصر والصومال وإريتريا: تحديات الأمن الإقليمي وتعزيز الأمن البحري- جريدة الدستور  https://www.dostor.org

• المبادرة المصرية لتعزيز اللوجيستيات والتجارة مع الصومال- ودعم الاستثمار بين الجانبين- جريدة  الدستور   https://www.dostor.org

• Al-Sharq Al-Awsat. (2024). كيف يؤثر التعاون المصري – الصومالي – الإريتري في توازن القوى بـ«القرن الأفريقي»؟ جريدة الشرق الأوسط  https://aawsat.com

• تاريخ العلاقات العسكرية الاستراتيجية بين مصر والصومال- منتدى دراية للأبحاث والدرساسات الاستراتيجية    https://www.daraya.net

• Abdel-Wahed, M. (2024). اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال.. تعزيز لنفوذ مصر في القرن الأفريقي لحماية الأمن القومي ومواجهة “الأطماع”. وكالة أنباء العالم العربي.   https://awp.net

• التحركات المصرية في القرن الأفريقي- مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية

 https://sanaacenter.org/ar/the-yemen-review/july-sept-/23638

 

 

The post التحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي….. سبل التعاون ومواجهة التحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8299
انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم https://draya-eg.org/2024/10/08/%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a3%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d9%85/ Mon, 07 Oct 2024 22:06:01 +0000 https://draya-eg.org/?p=8272 بقلم/د. صلاح هاشم  على مدار تاريخ مصر الحديث ستظل حرب أكتوبر أيقونة للتفوق بكل معانيه.. فهي ليست معركة عابرة على متن صفحات التاريخ المطوية، وإنما هى انتصار للكرامة الإنسانية، وكسر لغطرسة جيش كان يرى أنه جيش الله المختار. كما يرى أصحابه بأنهم شعب الله وأحباءه وأبناءه .. فانتصار أكتوبر 1973 هو انتصار للحق والفضيلة، ورسالة …

The post انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم/د. صلاح هاشم 

على مدار تاريخ مصر الحديث ستظل حرب أكتوبر أيقونة للتفوق بكل معانيه.. فهي ليست معركة عابرة على متن صفحات التاريخ المطوية، وإنما هى انتصار للكرامة الإنسانية، وكسر لغطرسة جيش كان يرى أنه جيش الله المختار. كما يرى أصحابه بأنهم شعب الله وأحباءه وأبناءه .. فانتصار أكتوبر 1973 هو انتصار للحق والفضيلة، ورسالة قوية لكل من تسول له نفسه المساس بأرض مصر أو هويتها ..
لم تحارب مصر في 6 أكتوبر جيش بني صهيون وحده وإنما كانت تحارب قوة دولية غاشمة؛ تساند جيش الاحتلال بالعدة والعتاد، وتمثل سنداً قوياً وظهراً يحول دون هزيمته أو انكساره، لكن كانت مصر وحدها تحارب وخلفها قوة الحق والإرادة والايمان والصبر ، فانتصر الحق على الباطل ولَّقن جيش مصر الخالد إسرائيل ومن خلفها درساً قوياً لا يمكن بحال تزييفه أو نسيانه ..
وكان وسوف يظل انتصار أكتوبر غصة في صدر إسرائيل يعزز دائماً رغبتها في الانتقام.. إذ عطل انتصار أكتوبر مخطط إسرائيل في التمدد في المنطقة وإعلان دولتها المزعومة من النيل إلى الفرات.. واحد وخمسون عام مضت ولا تزال إسرائيل تحلم بلحظة الانتقام، وفى كل مرة تسعى فيها لتحقيق الحلم تتذكر مرارة الهزيمة وتجد جيش مصر يقظاً واعياً لمخططها ومستعد دائماً للمواجهة .. وكما فعلها الجيش المصري مرة؛ فإنه مستعد وقادر على فعلها ألف مرة .. وأن عقيدته القتالية التي تنطلق من إيمانه الراسخ بأنه جيش غير طامع ولا معتد وأنه لا يقاتل أبداً على باطل ..
ومن ثم فإننا أمام جندي مؤمن بأن الموت دفاعاً عن الوطن حياة خالدة .. كما إننا امام قيادة عسكرية واعيةـ ترى أن إسرائيل جزء من التاريخ ولكن لا وجود لها في الجغرافيا.
لقد خاضت اسرائيل منذ نشأتها عام 1948عديد من المعارك القتالية غير المنظمة التي تتسم بالبلطجة العسكرية وتزييف الحقائق والانتصارات، حتى تزييف أسباب المعركة نفسها والتي هي في مجملها أشبه بحرب العصابات وليس حروب الجيوش الرصينة التي تنطلق من مبادئ عسكرية راسخة .. ورغم انتصار إسرائيل في كل أو معظم معاركها في المنطقة إلا أن حرب أكتوبر تظل هي المعركة الوحيدة التي خسرتها إسرائيل؛ فأفقدتها توازنها في ست ساعات فقط، وألزمت جيشها المغرور ثكناته ..
لقد أدركت إسرائيل من خلال حرب أكتوبر وما بعدها أنها أمام جيش خلفه شعب مؤمن بحقه في القتال. وأن الجيش لن يقاتل بمعزل عن الشعب، وأن كل فرد من أفراد الشعب مسلح بالعقيدة العسكرية والوعي، ولديه الجاهزية الكاملة للانضمام للجيش والقتال في سبيل الوطن، حين يشعر الوطن بالخطر .. وأنه حين يدعوه الوطن إلى التجنيد يعتبر أن تلبية النداء واجب، وأن الموت في سبيل الوطن شرف، شرف يتخطى حدود الزمان والمكان ..
فأكثر ما كان يرعب إسرائيل هو اصطفاف الشعب خلف الجيش وخلف قيادته السياسية .. ورغم محاولات إسرائيل بكافة أجهزتها الاستخبارية أن تزعزع جسور الثقة بين الشعب والجيش، وتصنع لنفسها مساحة بينهما؛ إلا انها فشلت.
فقد جاءت احداث 25 يناير شاهدة على صدق العقيدة ووحدة الصف ..حيث استقبل المتظاهرون نزول الجيش إلى الشارع بالتكبير والتهليل والاصطفاف من أجل استعادة الاستقرار الذى استهدفته إسرائيل وحلفائها وهددته هتافات الثوار في الميادين .. وحافظت عليه عقيدة الجيش الثابتة. فكانت الشعارات في الميادين الساخنة ” الجيش والشعب إيد واحدة ” .
وجاءت ثورة 30. يونيو 2013 لتكون بمثابة معركة جديدة للوعى وللكرامة الإنسانية والانتصار للوطن وللاستقرار والتنمية .. وكانت رسالة قوية لإسرائيل ومن ولاها ..بأنها أمام جيش خلفه مائة مليون مواطن .. وأننا أمام شعب خلفه جيش مؤمن بحقه في الحياة والعيش في سلام .. وأنه حين تلتقي إرادة الجيش مع إرادة الشعب يتحقق النصر ..

ويذكرنا التاريخ كل يوم أن مصر حاضرة ولا تزال وسوف تظل شامخة رغم أنف التاريخ نفسه ورغم أنف الحاقدين والمتآمرين، وأن حب أبنائها لها وانتمائهم لها ليس شعاراً براقاً وإنما عقيدة راسخة، تناقلتها الجينات المصرية الأصيلة عبر التاريخ.. فمنذ بداية التاريخ كانت مصر عبارة عن جيش خلق الله له شعب .. دربته الأحداث والمطامع على القتال بنزاهة وشرف، وعلمته الحياة لعسكرية شرف الدفاع عن الوطن والموت في سبيله
لم يأت عشقنا العميق لهذا الوطن وجيشه الباسل من فراغ، وإنما من محصلة البطولات التي خاضها ذلك الجيش الباسل بشجاعة وحقق النصر على أعدائه باقتدار وحافظ على مقدرات وأمن واستقرار بلاده، وكان درعاً قوياً حافظ على أمانة الوطن عبر التاريخ المليء بالمكائد والأطماع وغدر الحلفاء وخيانة الأصدقاء..
تذكرني انتصارات أكتوبر دائماً بأن مصر بلد حي في عالم ميت ،ماتت فيه كل قيم النبل والوفاء والإنسانية، وسادت فيه قيم العدوان والبطش والوضاعة باقتدار .. وقدمت حرب أكتوبر للعالم نموذجاً للفارس المقاتل النبيل الذي يواجه أعداءه بكل حسم دون الاقتراب من الأطفال والنساء والشيوخ، ودون استهداف لحياة المدنيين وسبل معيشتهم، فاستهدافه دائماً كان لمنشآت العدو العسكرية كي تهزم قدرته على الاستمرار في القتال والمقاومة وتفل عزيمته في مواصلة عمليات الاحتلال ..
فلم يذكر التاريخ الدولي أن الجيش المصري ارتكب جريمة إنسانية واحدة بحق المدنيين في إسرائيل أثناء حرب أكتوبر، بعكس جيش الاحتلال الذى ارتكب مجازر إنسانية عديدة، كان أهمها مجزرة مدرسة بحر البقر الابتدائية شمال محافظة الشرقية عام 1970والتي راح ضحيتها أكثر من 19طفل، كان لا يزال يتلمس الخطوات الأولى للحياة. وأصيب قي المجزرة أكثر من 50 طفل أخرين.
لقد كانت حرب أكتوبر بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل، حسب وصف قادة جيش الاحتلال للمعركة . حيث أكدوا: ” أن ما حدث في 6 أكتوبر 73 قد أزال الغبار عن العيون وأظهر ما لم نكن نراه من قبل. وأدى ذلك إلى تغيير عاصف في عقلية قيادات الجيش الإسرائيلي. وأن حرب أكتوبر فجأتنا على نحو لم نكن نتوقعه، ولم تحذرنا أي حكومة أجنبية بوجود خطط محددة لأي هجوم عربي”.
لقد ألهمت انتصارات أكتوبر روح الفداء والتضحية لكل المصريين، وساهمت بشكل منقطع النظير في تشكيل الوجدان الوطني لجموع الشباب المصري ..فظلت أيام أكتوبر الحاسمة خالدة في الذاكرة ، تنبئنا كل يوم بأن هناك في الجبهة جنود لا تنام عن حماية الوطن ولا تكف عن تتبع أهداف العدو الاستعمارية النتنة .. جنود يحملون أعناقهم على أكفهم من أجل أن ينام شعبهم الخالد في سلام .. فلم يعد الجيش المصري مخصص فقط لحماية مصر وحدها ، فقد اثبتت الأيام السوداء التي تشهدها المنطقة العربية بفعل العدوان الإسرائيلي الغاشم في هذه الآونة، و التي جعلتنا نشعر بأننا نعيش حروب بلا نهاية وسلام بلا هدنة، أن الجيش المصري أصبح مسئولاً عن حماية اقليم بأكمله. وأن الهوية في عقيدته كالأرض والعرض لا يمكن المساس بها . وأن المسافة بينه وبين أي بلد عربي في خطر ” مسافة السكة ” .
لقد علمنا درس أكتوبر أن الجيش الذي خلفه شعب يدعمه لا يُقهر أبداً ، وأن الوطن الذي خلفه جيش مؤمن بقضيته لا يموت. فمصر هي أرض الثورة التي لا تهدأ، والنيل الذي لا يجف، هي سفينة نوح للعروبة، على أرضها مشى موسى مع الخضر، وفي قلبها كانت رحلة العائلة المقدسة .. وبيدها مفتاح الحياة ..
فتحية لهذا الجيش الباسل في ذكرى انتصاراته الخالدة، تحية وفاء وتقدير واحترام ..وتحية للشعب المصري الواعي المدرك دائماً لخطورة الحدث وأهمية الحفاظ على جيشه والاصطفاف خلف قيادته السياسية من أجل وطن يستحق الحياة كما يستحق التنمية ويستحق أن يعيش أهله في سلام ..

The post انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8272
الاقتصاد المصري: الأزمة وسياسات الإصلاح https://draya-eg.org/2024/10/06/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad/ Sat, 05 Oct 2024 22:58:46 +0000 https://draya-eg.org/?p=8254 مقدمة: تتميز مصر بتنوع مواردها الاقتصادية؛ إلا أن تلك الموارد تحتاج للإدارة الصحيحة حتى يشعر المواطن بأية تحسنات في المؤشرات الاقتصادية للبلاد. وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة للعديد من الاجراءات لإدخال تعديلات هيكلية على الاقتصاد منذ الثمانينيات، إلا أن البرنامج الراهن والذي أطلقته الحكومة منذ العام 2016 قد واجه عديد من التحديات بدأت بتفشي جائحة …

The post الاقتصاد المصري: الأزمة وسياسات الإصلاح appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
مقدمة:

تتميز مصر بتنوع مواردها الاقتصادية؛ إلا أن تلك الموارد تحتاج للإدارة الصحيحة حتى يشعر المواطن بأية تحسنات في المؤشرات الاقتصادية للبلاد. وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة للعديد من الاجراءات لإدخال تعديلات هيكلية على الاقتصاد منذ الثمانينيات، إلا أن البرنامج الراهن والذي أطلقته الحكومة منذ العام 2016 قد واجه عديد من التحديات بدأت بتفشي جائحة كورونا وأعقبها الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة وعدم الاستقرار في المنطقة، لتنعكس كلها على الوضع الحالي للاقتصاد المصري.

إلا أنه من الجدير بالذكر القول بأن الخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية منذ العام 2016 قد ساهمت في تخفيف نتائج تلك الصدمات؛ وتمثلت  تلك الخطوات بشكل أساسي في تعزيز آليات السوق المبنية على قوى العرض والطلب، ومعالجة المشكلات والاختلالات الهيكلية المزمنة، فضلاً عن معالجة السوق الموازية لسعر الصرف وإتاحة سعر صرف مرن وماصاحب ذلك من اصلاحات في السياسة المالية والنقدية، ناهيك عن إصلاح المنظومة الضريبية ومنظومة الدعم، والحد من مشاركة الدولة في الأنشطة التجارية.

وفي هذا السياق؛ يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تتناول بالتحليل الوضع الراهن للاقتصاد المصري وأثر الأزمات المتعاقبة عليه، مع عرض بعض التطورات الايجابية والخطوات المستقبلية المزمع تنفيذها من قبل الحكومة المصرية.

وخرجت الورقة بمجموعة من التوصيات التي يمكن وضعها أمام صانع القرار لتصحيح المسار ومعالجة الإخفاقات الداخلية أهمها:

  • أهمية الاستمرار في تعزيز التنويع الاقتصادي بعيدًا عن القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز نحو القطاعات ذات إمكانات النمو الأعلى، بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة المتجددة، ومن شأن هذه الاستراتيجية تقليل التعرض للصدمات الخارجية وإنشاء مسارات نمو أكثر استدامة.
  • استمرار البنك المركزي المصري في تنفيذ سياساته النقدية الاستباقية لإدارة التضخم بشكل فعال، بجانب تكثيف إصلاحات القطاع المالي لتعزيز مرونة القطاع المصرفي وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية للشركات والأفراد.
  • أهمية التواصل الفعال من البنك المركزي المصري والهيئات الحكومية الأخرى لإدارة التوقعات العامة وثقة الأعمال خلال هذه الفترة الانتقالية.
  • دراسة الأثر التطبيقي لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الهادف لدمج الاقتصاد غير الرسمي، وبما يسهم في زيادة الإيرادات الضريبية.
  • مواصلة الجهود لترشيد الإنفاق الحكومي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتنفيذ آليات أكثر فعالية لتحصيل الضرائب.

أولاً – ماهية برامج الاصلاح الاقتصادي:

عادة مايشير مصطلح الاصلاح الاقتصادي إلى إلغاء القيود التنظيمية أو تقليل التواجد الحكومي في الاقتصاد بهدف محاولة معالجة التشوهات الناجمة عن ذلك، بدلاً من الاستمرار في فرض قيود تنظيمية جديدة أو صياغة برامج حكومية، وعليه فالإصلاح الاقتصادي يتضمن عدد من السياسات الهادفة إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية سواءً تلك الموجودة في القطاعات الفردية أو حتى القطاع العام المملوك للدولة. ومن أمثلة تلك البرامج :البرامج الخاصة الصادرة عن المؤسسات المالية، والخصخصة، والتسويق، والتوطين، والتأميم، وإلغاء القيود التنظيمية.

ومن أشهر أنواع برامج الاصلاح الاقتصادي:

استراتيجية التمكين الاقتصادي والتنمية الوطنية: من خلال تعبئة المواد المالية للدولة والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي وتأسيس حكم ديمقراطي والعمل على تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي.

برنامج الاصلاح الهيكلي: وهو  عبارة عن سياسات اقتصادية تصوغها المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي للدول النامية من خلال تقديم قروض مشروطة لتبني هذه السياسات وهو نظام متبع منذ أوائل الثمانينيات.

* برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري(عرض عام):

الواقع أن الدولة المصرية قد أطلقت عديد من المراحل لبرنامج الاصلاح الاقتصادي والتي بدأت في السبعينيات ولكنها لم تستمر، إلا أن البدء الفعلي في اتخاذ خطوات ملموسة بدأت خلال الفترة من 1986-1988 حيث هدفت إلى تهيئة المجتمع المصري لتقبل سياسة الاصلاح  الاقتصادي؛ وذلك لما لها من آثار إيجابية وأخرى سلبية؛ نظرا لأنها سوف تواجه كثير من العقبات والمشاكل وهو ما أوضحته تجارب بعض الدول، حيث مثلت تلك المرحلة إعداد البنية الأساسية اللازمة للنهوض الاقتصادي، وتوفير المناخ الملائم لتقبل المرحلتين التاليتين وتحقيق المصداقية الدولية.

المرحلة الثانية بدأت في الفترة من 1989-1993 كمرحلة للاستقرار والتثبيت الاقتصادي وتضمنت اتخاذ مجموعة من السياسات النقدية والمالية التي ترسم طريق الإصلاح الاقتصادي لجانب الطلب، كما تشمل القليل من الإصلاحات الهيكلية، كما تضمنت تحرير سعر الفائدة، وتحرير سعر الصرف، ومعالجة عجز الموازنة العامة، وإلغاء الدعم على السلع غير الأساسية، وغيرها من السياسات؛ وكان الهدف من هذه المرحلة هو تكميش الطلب،ً وبالتالي تعتبر تمهيداً للمرحلة الثالثة.

المرحلةالثالثة : مرحلة التصحيح الهيكلي الشامل من 1993 ولم تنتهي حتى اليوم: وتعتبر أطول أمداً من المرحلة الثانية ويشتمل الجزء الأكبر منها علىإصلاحات هيكلية متعلقة بجانب العرض من كما تضمنت عدداً من الإصلاحات المالية والنقدية وتهدف إلى زيادة العرض. كما أن الهدف الأساسي من استخدام مجموعة الأدوات والسياسات النقدية فى برنامج الإصلاح، هو جعل قوى السوق هي المتحكم الأساسي فى توزيع القروض وتعبئة المدخرات وإدارة السياسة النقدية.

وعادةً ماتكون السياسات النقدية المتخذة في البرنامج الاصلاحي انكماشية حيث يحاول البنك المركزي ضبط السيولة المحلية من خلال:( تحرير سعر الفائدة، فرض سقوف إئتمانية،إصدار أذون خزانة، توحيد وتحرير سعر الصرف،الحفاظ على النسبة الآمنة للاحتياطي النقدي والسيولة،الإصلاح المصرفي).

في حين يهدف الاصلاح المالي إلى زيادة الإيرادات العامة وترشيد الإنفاق العام للسيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة وأهم تلك الإجراءات:(الضريبة العامة على المبيعات، ترشيد الدعم، الضريبة الموحدة، تعديل التعريفة الجمركية).

في حين تتضمن الاصلاحات الهيكلية( تحرير الأسعار، تحرير القطاع العام).

برنامج الإصلاح الاقتصادي ورؤية مصر 2030:

منذ العام 2016 أطلقت الحكومة المصرية برنامجاً طموحاً للإصلاح الاقتصادي الهيكلي بتمويل من صندوق النقد الدولي قدرة 12 مليار دولار حصلت على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 2.75 مليار دولار، فى شهر نوفمبر 2016، وتلقت الشريحة الثانية بقيمة 1.25 مليار دولار فى شهر يوليو 2017، وحصلت على الشريحة الـ3 بقيمة 2 مليار دولار فى شهر ديسمبر 2017، وتلقت الشريحة الـ4 بقيمة 2 مليار دولار فى يونيو 2018، وحصلت على الشريحة الـ5 فى شهر فبراير 2019، ومن المتوقع أن تحصل على الشريحة الـ6 والأخيرة في شهر يوليو 2019، وبذلك يكتمل الـ12 مليار دولار قيمة التمويل لمصر حصلت عليه خلال 3 سنوات. يُذكر أن أول قسط من قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 2.75 مليار دولار، للمؤسسة الدولية سوف يبدأ سداده خلال شهر يونيو 2021 وعلى أن يسدد على أقساط متساوية لمدة 5 سنوات ونصف، و تمتد فترة السماح للسداد إلى 4 سنوات ونصف، يعقبها سداد قيمة الشريحة على دفعات نصف سنوية وعلى مدار 5 سنوات ونصف تنتهى فى شهر نوفمبر 2026. ومن المقرر سداد الشريحة الأخيرة بقيمة 2 مليار دولار، التي حصلت عليها مصر في شهر يوليو 2019، في شهر ديسمبر 2023، ويتم السداد على دفعات نصف سنوية قيمة كل دفعة نحو 182 مليون دولار وبالتالي من المقرر أن تنتهي مصر من سداد قيمة الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي بحلول شهر يوليو 2029.

وقد تضمن برنامج الاصلاح الاقتصادي الهيكلي إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة، وتحقيق التنمية الشاملة لمصر حيث وضع هذا البرنامج حلولاً جذرية لمشكلات اقتصادية هيكلية كان يعاني منها الاقتصاد المصري لسنوات طويلة. ويأتي تنفيذ محاور هذا البرنامج في إطار رؤية مصر 2030 والتي تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة لتحقيق مبادئ​ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الدولة المصرية المختلفة، والتي تهدف إلى الارتقاء بجودة وحياة المواطن المصري وتحسين مستوى المعيشة، وترسيخ مبادئ العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة في الحياة السياسة والاجتماعية بجانب تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز الاستثمار في البشر والعمل على بناء قدراتهم الابداعية من خلال المعرفة والابتكار والبحث العلمي في كافة المجالات؛ فضلاً عن تعزيز مفهوم الحوكمة داخل المؤسسات المصرية من خلال نظام الاصلاح الاداري وترسيخ الشفافية ودعم نظم المتابعة والتقييم وتمكين الادارات المحلية؛ وتأتي كل هذه الأهداف في إطار ضمان السلام والأمن المصري وتعزيز الريادة المصري إقليماً ودولياً.

ويقوم البرنامج على مرحلتين:الأولى من العام 2016 حتى إبريل من العام 2021 بحيث تتضمن هذه المرحلة إجراء إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في مؤشرات الاقتصاد الكلي  من خلال: ( تحرير سعر الصرف بهدف القضاء على السوق السوداء وإنهاء حالة الاضطراب في سوق العملة ، إصلاح منظومة العمل من أجل الوصول بمعدلات التضخم لمستويات منخفضة ومستقرة).

ويستهدف الثاني الخاص تنفيذ الاصلاحات الهيكلية في بيئة الاستثمار فيتم ذلك من خلال:( تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي وتهيئة المناخ العام للاستثمار ، تكوين قاعدة إنتاجية كبيرة، زيادة القدرة للقطاعات الصناعية بهدف المنافسة والتصدير، العمل على خفض الواردات وزيادة الصادرات، إصدار القوانين الداعمة لمناخ الاستثمار، إنشاء جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر).

ويستهدف  الهدف الثالث تبني برامج اجتماعية تتميز بالكفاءة لحماية الفقراء ومحدودي الدخل فيتم ذلك عبر           ( تخفيف الأعباء الضريبية على الفئات الأقل دخلاً، توفير فرص  العمل في القطاع الخاص بهدف تحقيق النمو الاحتوائي، زيادة قيمة الدعم النقدي على السلع الغذائية بأكثر من الضعف، التوسع في معاشات التضامنالاجتماعي ورفع المزايا التقاعدية، ، تطبيق برامج موجهة إلى الشباب بالتحديد تشمل إتاحة المزيد من فرص التدريب المهني).

وقد أطلقت الدولة المصرية المرحلة الثانية من برنامج الاصلاح الاقتصادي التي تخص الاصلاحات الهيكلية في إبريل 2021 وتمتد على مدار 3 سنوات كمرحلة لاحقة للمرحلة الأولى التي استهدفت معالجة الاختلالات النقدية والمالية؛ وتهدف الحكومة المصرية خلال المرحلة الثانية إلى تحقيق:( زيادة مرونة الاقتصاد المصري بالاعتماد على القطاعات المختلفة، زيادة قدرة الاقتصاد المصري لامتصاص الصدمات الداخلية والخارجية، تحويل مسار الاقتصاد المصري الى اقتصاد إنتاجي يتمتع بمزايا تنافسية).

شروط صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي :

تتمثل شروط صندوق النقد الدولي فى العناصر التالية:

  • إتباع سياسة مالية تعمل على تخفيض العجز في الموازنة من خلال ضغط الإنفاق العام مع زيادة كفاءته وإلغاء الدعم مع العمل على زيادة الإيرادات عن طريق رفع أسعار منتجات شركات قطاع الأعمال العام والخدمات الحكومية والطاقة وكذلك العمل على زيادة الحصيلة الضريبية.
  • تخفيض سعر صرف العملة المحلية لتكون أكثر واقعية بهدف تشجيع زيادة الصادرات والحد من الواردات.
  • وضع سقوف ائتمانية بهدف التحكم فى المعروض النقدي والحد من الطلب الكلي وكذلك زيادة معدلات الفائدة المحلية لامتصاص السيولة لدى الأفراد.
  • تحرير التجارة الخارجية من القيود الكمية.
  • تحرير الأسعار المحلية حتى يتم تخصيص الموارد على أساس التكلفة الحقيقية لعناصر الإنتاج.
  • تشجيع الاستثمارات الأجنبية من خلال التوسع في الحوافز الضريبية والحماية من المصادرة أو التأميم والسماح بتحويل أرباح الاستثمارات الأجنبية للخارج.
  • صياغة سياسات لسوق العمل لتقييد الأجور الحقيقية وزيادة مرونة الأجور وأسواق العمل.

 

ثانيا-الوضع الراهن للاقتصاد المصري:الأزمات– الفرص – التحديات

الواقع أن الاقتصاد المصري يواجه منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011 أزمات متتالية أثرت على النمو الاقتصادي وعجلة التنمية والاستثمار، ورغم محاولات الحكومة المستمرة للخروج من هذه الأزمات وعبر التعاون مع المؤسسات الاقتصادية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين فضلاً عن الشركاء الدوليين؛ إلا أن التطورات الجيوسياسية المستمرة لازالت تقف عائقاً كبيراً أمام مسيرة الإصلاح الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة 2030.  تلك الأزمات التي زادت وتيرتها مع توقف للأنشطة الاقتصادية ليس فقط على مستوى الدولة المصرية بل أضرت بالعالم بأسره نتيجة قيود الإغلاق للتقليل من آثار جائحة كورونا التي عصفت بالعالم عام 2019 ، متسببة في تراجع النمو العالمي وتوقف سلاسل الإمداد والتوريد فضلاً عن انخفاض الإنتاج الصناعي، ومع البدء في التعافي الاقتصادي مع انتهاء الجائحة أو السيطرة عليها عام 2022، لم يلبث العالم إلا أن استيقظ على الحرب الروسية/ الأوكرانية وماصاحبها من معدلات مرتفعة للتضخم وارتفاع في فاتورة الاستيراد منذ العام 2022 حتى اليوم؛ ليغدو العالم أمام أزمة أخرى بعد السابع من أكتوبر 2023 والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والمستمر حتى اليوم؛ بل والممتد للعديد من دول المنطقة وذلك في أعقاب العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية .

هذه التحديات الجيوسياسية والاقتصادي العالمية أثرت بدورها على الاقتصاد المصري وانعكست في مؤشراته كما يلي:

* تسببت جائحة كورونا في التوقف شبه التام للسياحة الوافدة للبلاد وهو ماأضر بالعملة الصعبة المولدة من هذا القطاع حيث تبلغ نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الاجمالي 12% ويدر مايزيد عن 10 مليار دولار من العملة الصعبة ويقدر عدد العاملين به نحو 10% من إجمالي العمالة لمصرية.

  • تسببت الجائحة في هروب رؤوس أموال قدرت بنحو 15 مليار دولار .
  • تأثرت العديد من القطاعات بالإجراءات الاحترازية وبالاغلاق الجزئي التي فرضت على التجمعات في الأماكن العامة .
  • الواقع أن اتخاذ الحكومة العديد من الخطوات والاجراءات الاستباقية ساهم في احتواء الأزمة والتخفيف من آثارها حيث قدمت الدولة الدعم للقطاعات المتضررة والعاملين بها، وأجلت دفع المستحقات الضريبية فضلاً عن قيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة الأساسية وتسهيل شروط الحصول على الائتمان وتأجيل دفعات الأقساط وغيرها من الاجراءات التي ساهمت في احتواء الأزمة.
  • من الجدير بالذكر أنه خلال الأزمة ارتفعت نسب تحويلات العاملين في الخارج مما ساهم في التقليل من شدة الازمة وتعويض جزء من النقص الذي لحق بالنقد الأجنبي.

 

* تسببت الحرب الروسية /الأوكرانية في الوقف التام لأهم الإمدادات الغذائية من البلدين وتحديداً القمح والزيوت النباتية التي تمثل الواردات منهما نحو 50 و95% من جملة الواردات من السلعتين لتلبية الاحتياجات المحلية على التوالي، حيث تمثل روسيا وأواكرانيا نحو 85% من إجمالي الواردات المصرية من القمح و 73% من الزيوت النباتية ، مما دفع مصر للبحث عن أسواق بديلة وسط ارتفاع أسعار السلعتين عالمياً لنحو 44% للقمح و32% للزيوت النباتية؛  ماأدى لارتفاع فاتورة الدعم الحكومي للسلع الأساسية واضطرت الحكومة إلى تمويل مشترياتها من القمح من خلال الاقتراض الخارجي. وفي ذات الوقت ووسط حالة من عدم اليقين ضربت العالم سحبت من البنوك المصرية مايقارب 20 مليار دولار مما أثر على الاحتياطي الاستراتيجي من العملة الصعبة وأصبح يكفي فقط 3 شهور من الاستيراد مقارنة بنحو 6.8 شهور خلال العام 2022، مما دفع الدول الخليجية لإيداع نحو 13 مليار دولار في البنك المركزي المصري لمواجهة الضغوط على العملة الصعبة ودعم استقرار الجنيه.

* فيما تسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في تراجع إيرادات مصر الناجمة عن إعادة تصدير الغاز الإسرائيلي ، فضلا عن اتجاه الحكومة إلى تخفيض الاستهلاك المحلي للغاز نتيجة وقف اسرائيل الانتاج من حقل تمار، كما تراجعت السياحة الوافدة إلى سيناء، وسط خسائر كبير في عوائد قناة السويس نتيجة لاضطرابات الملاحة في مضيق باب المندب مما تسبب في خسارة القناة نحو 40% من إيراداتها خلال يناير 2024 وهو ماتسبب في المزيد من الاختلالات في الميزان الجاري وميزان المدفوعات.

ومع ذلك فالإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية مكنتها من الصمود أمام هذه التحديات بل وتحقيق معدلات نمو مرتفعة حيث كانت مصر من بين أعلى 25 دولة في العالم تحقيقاً للنمو الاقتصادي بمتوسط بلغ نحو 4.4 % في الوقت الذي حققت فيه دول المنطقة معدلات نمو تراوحت مابين 2.3 و3% كما أن مصر تمكنت من الحفاظ على معدلات نمو ايجابية رغم الانكماش الاقتصادي الذي عصف بدول العالم.

إلا أنه لايمكن النظر لمعدلات النمو المرتفعة على أنه لاتوجد مشكلة، خاصة وأن تلك المعدلات الايجابية لم تنعكس على معيشة المواطن المصري بل بالعكس ورغم كل المشاريع الضخمة والتنموية التي تقوم بها الدولة إلا أن الاقتصاد يعاني من أزمة خانقة تمثلت بالأساس في نقص النقد الأجنبي الأمر الذي أثر بدوره على جوانب الحياة المختلفة للمواطن المصري.

تراجع المعروض من النقد الأجنبي و ارتفاع الدين الخارجي:

الواقع أن أزمة نقص النقد الأجنبي كانت دافعاً لتعرض بعض المشاريع الإنشائية الكبرى للانتقادات؛ فرغم ماشهدته الدولة من نمو قطاع الانشاءات والبنية التحتية اللازمة لجذب الاستثمارات ولدفع عجلة التنمية الاقتصادية إلا أن بعضها كمشروع العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة قد تعرضت لكثير من الانتقادات المتعلقة بمدى جدواها والعائد المرجو منها اقتصادياً واجتماعياً، فضلاً عن التكاليف المالية التي تحملتها خزانة الدولة لإنشائها  خاصة وأن الخلافات الفنية والمالية العديدة بين الحكومة المصرية والصناديق الاستثمارية الإقليمية والعالمية حالت إلى إيلاء المشروع لشركة العاصمة الإدارية الجديدة للتنمية الحضارية لتنفيذ هذه المهمة بملكية 51% للجيش  و 49.5% لوزارة الاسكان،  وبالفعل عمدت الحكومة إلى تلبية الاحتياجات التمويلية الضخمة للمشروع إما من خلال تخصيصات مباشرة من الموازنة العامة وبيع أراضي تملكها الدولة وتقديم ضمانات حكومية مقابل الحصول على القروض التمويلية، لتصل التكلفة التمويلية بداية العام 2021 للعاصمة و20 مدينة أخرى أطلق عليها “المدن الذكية” نحو 44.8 مليار دولار. مع الاشارة إلى أن هذه المشاريع لاتدر عوائد اقتصادية واجتماعية ملموسة بعد انتهاء مرحلة التنفيذ (التي تعتمد على عمالة منخفضة المهارة ذات أجور منخفضة) . وعليه فهناك فئة كبيرة من الخبراء والمحللين يرون أن تلك المشروعات ليست ذات أولوية تنموية وهناك شكوك تتعلق بقدرتها على احتواء الاكتظاظ السكاني وسط ارتفاع أسعار العقارات بها، ويخشى أن تتحول في نهاية المطاف لعاصمة معاصرة للأثرياء وتكون العاصمة القديمة التاريخية للفقراء، وهو مايعني بعد اجتماعي آخر ومشكلة أخرى تكمن في الشعور بعدم المساواة بين أفراد المجتمع .

والواقع أن المشكلة لن تقتصر على مدى الجدوى الاقتصادية لبعض المشاريع بل إن الأزمة أعمق من ذلك بكثير، وهو مايفضي لأهمية تناول أساس الأزمة الاقتصادية الراهنة والمرتبطة بالأساس بعلاقات مصر الاقتصادية والمالية بالعالم الخارجي والتي تعمقت مع حاجة الحكومة المصرية لأدوات تمويل جديدة للمشاريع التنموية العملاقة؛ والتي تسببت في تزايد الانفاق العام الذي لم يقتصر فقط على الانفاق الرأسمالي، وإنما تزامن مع ضخامة الانفاق على مجالات أخرى أهمها التسليح العسكري الذي ارتفع تلبيةً للتهديدات المحيطة بالدولة المصرية في الفترة من 2016-2020 إلى 137% لتكون مصر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم .

هذا التوسع في الانفاق الحكومي تسبب في تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة وارتفاع في معدلات الدين الداخلي والخارجي فخلال السنوات المالية من 2014-2021 ارتفعت نسبة عجز الموازنة العامة للدولة لتسجل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي وارتفعت المديونية العامة للدولة لتصل في عام 2022 نحو 6.5 تريليون جنيه مصري أي مايزيد بأربعة أضعاف عن العام 2014 والذي سجل نحو 1.6  تريليون جنيه في حين ارتفعت المديونية الخارجية لتسجل 165 مليار دولار عام 2022 أي بما يزيد بخمسة أضعاف عن العام 2012 والذي بلغ نحو34 مليار دولار.

والملفت هو قيام الدولة بالاعتماد على التمويل الخارجي وأدوات الدين قصيرة ومتوسطة الأجل لتمويل عجز الموارنة ، فارتفعت قيمة الأولى لتسجل 30.2 مليار دولار عام 2022 بينما ارتفعت القروض المتوسطة لنحو 21.8 مليار دولار عام 2022 .

وهذا يرتبط بوجود أزمة ثقة لدى المستثمرين عن مدى قدرة الحكومة المصرية عن الوفاء بالتزاماتها على المدى الطويل ، فضلاً عن الحاجة العاجلة والملحة للحصول عل العملة الصعبة مما دفع الحكومة للقبول بشروط المقترضين سواءً فيما يتعلق بقصر مدة القروض أو ارتفاع الفائدة عليها. هذه المخاوف لدى المستثمرين انعكست كذلك على أدوات الدين المحلي التي أصبحت تصدر بشكل أكبر أدوات قصيرة الأجل وسط تزايد معدلات التضخم وتدهورسعر الصرف لتستحوذ تلك الأدوات على مانسبته 85% من إجمالي إصدارات الدين المحلي.

الواقع أن أزمة الدين العام تمثل عائقاً لايمكن التغافل عنه للدولة المصرية ولخططها الطموحة في التنمية بل إن تزايد تلك المعدلات تتسبب في تعميق الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة لاستحواذها على نسبة كبيرة من الايرادات العامة للدولة؛ ففي السنة المالية 2023 خصصت 43% من الايرادات العامة لخدمة الدين العام ومن المقرر أن تصل إلى 70% خلال العام 2024 كما أن مصر كانت أمام استحقاقات عاجلة للمقرضين الخارجيين خلال العام 2023 بلغت 31 مليار دولار كخدمة للدين الخارجي.

الواقع أن إقبال مصر الكبير على الاقتراض وبصفة خاصة من الخارج وبالعملة الصعبة هو لتلبية توسع الانفاق الحكومي الاستهلاكي والاستثماري، خاصة وسط ارتفاع فاتورة الاستيراد مما مثًل ضغطًا كبيرًا على الحساب التجاري وميزان المدفوعات، خاصة وأن ميزان الخدمات والمشتمل على تحويلات المصريين العاملين في الخارج وتدفق الاستثمارات الخارجية والسياحة لم تتمكن في التخفيف من عبء تلك الضغوطات، وهو مادفع الحكومة للتوسع في الاقتراض الخارجي أملاً في تحقيق الاستقرار للاحتياطي من النقد الأجنبي.

ارتفاع معدل التضخم:

أدت الأزمات الجيوسياسية والسياسات الحكومية المتخذة لتحرير سعر الصرف لتداعيات غير مواتية على المواطنين الذين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر بينما يقترب الثلث الآخر منه، فشهدت الدولة موجات تضخم كبيرة أضرت بمعيشة المواطنين ، فخلال العشر سنوات الماضية بلغ التضخم ذروته عامي 2017 و2023، وهما العامان الذين تم خلالهما تحرير سعر الصرف وخفض قيمة الجنيه حيث سجلا 29.5% و33.9% على التوالي.

والواقع أنه يمكن تفسير هذه الارتفاعات نتيجة لاختلالات سعر صرف الجنيه مما تسبب في عجز مزمن في الحساب الجاري والالتزامات تجاه الديون الخارجية وبخاصة ذات الأجل القصير مما أثر في أسعار السلع المستوردة والتي تمثل نحو 45% من الحاجات الاستهلاكية للمواطنين، فضلاً عن تأثيرها كذلك على السلع المحلية خاصة وأن الصناعة المصرية تعتمد على نحو 75% من مدخلاتها من الأسواق الخارجية.

هذه الارتفاعات كانت سبباً في تحرك الحكومة لإحتواء الأزمة عبر إقرار حزمة ضخمة من المساعدات الاقتصادية بلغت نحو 180 مليار جنيه تضمنت زيادة رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص بنسبة 50% ليصل الحد الأدنى للأجور لنحو 6000 جنيهاً شهرياً، وزيادة الحد الأدنى للدخل الخاضع للضريبة لنحو 60ألف جنيهاً.

التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري :

الواقع أنه ورغم مايعانيه الاقتصاد المصري من أزمات سبق ذكرها إلا أن تنفيذ الحكومة للعديد من الاصلاحات الهيكلية كانت دافعًا للعديد من مؤسسات التصنيف الدولية لتعديل نظرتها للاقتصاد المصري؛  فقد عدلت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لمصر من «مستقرة» إلى «إيجابية». وأكدت تصنيف مصر عند «-B»، مشيرة إلى انخفاض مخاطر التمويل الخارجي وقوة الاستثمار الأجنبي المباشر.

وعدلت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لمصر إلى «إيجابية» في أوائل مارس، في حين أبقت تصنيفها دون تغيير بسبب ارتفاع نسبة الدين الحكومي وضعف القدرة على تحمل الديون مقارنة بنظيراتها.

-وتأكيداً على ثقة المؤسسات والشركاء الدوليين في الاقتصاد المصري؛وافق صندوق النقد الدولي في مارس 2024، على دعم مالي موسع لمصر بقيمة ثمانية مليارات دولار.

كما  وقع الاتحاد الأوروبي في مارس 2024 اتفاقات مع مصر تبلغ قيمتها 7.4 مليارات يورو على مدى أربعة أعوام في مجالات مختلفة تشمل قروضا ومساعدات واستثمارات في إطار “شراكة استراتيجية شاملة” بين الجانبين.

وفي فبراير 2024 وقّعت مصر عقد تطوير مشروع «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، واستثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تتضمن ضخّ نحو 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للخزانة المصرية خلال شهرين.وبموجب الاتفاق، ضخّ الجانب الإماراتي استثماراً أجنبياً مباشراً لمصر بقيمة 35 مليار دولار خلال شهرين، تم سدادهم على دفعتين؛ الأولى خلال أسبوع، بواقع 15 مليار دولار (تشمل 10 مليارات دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 5 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري).

بينما تتضمن الدفعة الثانية التي تم سدادها بعد شهرين 20 مليار دولار (تشمل 14 مليار دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 6 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري).

هذا وعلى صعيد المؤشرات الاقتصادية، فقد سجلت مصرزيادة معدلات النمو الإقتصادي إلى نحو 6.6% خلال العام المالي 2021/2022 ونحو 5% عام 2022/2023، وزيادة الإستثمارات المحلية والأجنبية حيث بلغ صافي الاستثمارات الأجنبية المتدفقة منذ العام المالي 2016/2017 حتى العام المالي 2021/2022 نحو 45.5 مليار دولار؛وزيادة نسب التشغيل، وتراجع معدلات البطالة حيث انخفضت لنحو 7.4% خلال الربع الثالث من العام 2022 ، وارتفاع صافي الاحتياطي من النقد الأجنبي لنحو 34.2 مليار دولار بنهاية يناير 2023 كما بلغ العجز الكلي في الموازنة العامة للدولة نحو6.1% عام 2021/2022، كما نجحت الدولة في القضاء على السوق الموازية لسعر الصرف مما حد من مشكلة نقص النقد الأجنبي حيث يتحدد سعر الصرف الحالي بناءً على قوى العرض والطلب. كما ساهم تنفيذ محاور هذا البرنامج في تعزيز قدرة الإقتصاد المصري.

*كما شهدت بعض القطاعات تطوراً وانتعاشاً واهتماما كبيراً من جانب الدولة المصرية في إطار خطط برنامج الاصلاح الاقتصادي وماينطوي عليه من استراتيجيات تستهدف تعزيز وتطوير البنية التحتية وتعزيز الموارد المتاحة واكتشاف ماتتمتع به مصر من موارد لم تستغل بعد ومن ذلك:

-انتعاش السياحة بشكل كبير في ضوء ماقامت به الدولة من استثمارات بكثافة في تطوير وتعزيز البنية التحتية للسياحة، وضمان سلامة وأمن السياح، والترويج لمصر كوجهة سفر رئيسية.كما عززت الاكتشافات الأثرية الأخيرة وافتتاح المتحف المصري الكبير جاذبية مصر على خريطة السياحة العالمية.

– حققت مصر تقدماً كبيرًا في مجال الطاقة، وخاصة في تطوير الطاقة المتجددة. حيث تهدف مصر إلى توليد 42 % من كهربائها من مصادر متجددة بحلول عام 2035، مما يقلل من اعتمادها على الوقود الأحفوري ويضع نفسها كقائدة في سوق الطاقة المتجددة. وعلاوة على ذلك، عزز اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط ​​آفاق الطاقة في مصر. وتضمن هذه الاحتياطيات أمن الطاقة وتوفر فرص التصدير.

-كما أدركت الحكومة المصرية الدور الحاسم للتحول الرقمي والابتكار في دفع النمو الاقتصادي،ومن هنا عمدت إلى إطلاق المبادرات مثل: إنشاء الحدائق التكنولوجية والاستثمار في البنية التحتية الرقمية ودعم الشركات الناشئة على تعزيز نظام بيئي تكنولوجي نابض بالحياة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الدفع الرقمي إلى خلق وظائف عالية القيمة وتعزيز الإنتاجية وجذب المستثمرين العاملين في مجال التكنولوجيا.

خطوات الحكومةالمستقبلية:

*يُذكر أن الدولة المصرية تستهدف مستقبلاً وفقاً لتصريحات المسؤولين في الموازنة الجديدة للعام المالي المقبل 2024/ 2025 تسجيل فائض أولي بنسبة 3.5 % وخفض معدل الدين إلى 88.2 % من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل وجود سقف ملزم للدين العام، وصولاً لأقل من 80 % من الناتج المحلي بحلول يونيو 2027.

*كما تخطط الحكومة العمل على تحسين إدارة الدين وتقليل المخاطر المتعلقة بإعادة التمويل من خلال خفض عجز الموازنة، عبر تنمية موارد الدولة مع ترشيد الإنفاق والحفاظ على تحقيق فائض أولي متزايد، وتسجيل معدلات نمو مرتفعة وتوجيه نصف إيرادات برنامج الطروحات، لبدء خفض مديونية الحكومة وأعباء خدمتها، بشكل مباشر، والنزول بمعدلات زيادة مدفوعات الفوائد من خلال اتباع سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق الداخلية والخارجية.

*خفض الاحتياجات التمويلية التي تتكون من العجز، وإطالة عمر الدين بعد تحسن أسعار الفائدة، ووضع سقف للضمانات التي تصدرها وزارة المالية، ومراقبة حجم الضمانات السيادية الصادرة، والضمانات المطلوبة، لما تشكله من التزامات محتملة على الموازنة العامة للدولة، وكذلك العمل على مراجعة كافة الضمانات المطلوبة والتفاوض على شروطها وخفض رصيد الضمانات السيادية للناتج المحلي الإجمالي ابتداءً من العام المالي المقبل؛ على نحو يسهم في تحقيق المستهدفات التنموية.

* تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، فوفقاً لوثيقة ملكية الدولة فمن المقرر أن تتخارج الدولة من 79 نشاطاً على مدار 3 سنوات في إطار خططها لتعزيز دور القطاع الخاص في اقتصاد البلاد عبر عدد من البدائل لتنفيذ سياسية ملكية الدولة المصرية للأصول العامة وتشجيع القطاع الخاص بما يشمل:

-طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة المصرية لتوسيع قاعدة الملكية بشكل كلي أو جزئي.

-عقود الشراكة مع القطاع الخاص من خلال انواع مختلفة :

  • عقود الامتيازات
  • عقود التصميم والبناء والتشغيل.
  • مشروعات البناء والتشغيل والتحويل.
  • مشروعات البناء والتمويل والتشغيل والتحويل.
  • عقود البناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية.
  • عقود البناء والتشغيل والتملك.
  • عقود الأداء.
  • عقود الإدارة.
  • إعادة هيكلة المؤسسات العامة وخصخصتها

 

أهم التوصيات التي خرجت بها ورقة السياسات :

وخرجت الورقة بمجموعة من التوصيات التي يمكن وضعها أمام صانع القرار لتصحيح المسار ومعالجة الإخفاقات الداخلية أهمها:

  • أهمية الاستمرار في تعزيز التنويع الاقتصادي بعيدًا عن القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز نحو القطاعات ذات إمكانات النمو الأعلى، بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة المتجددة، ومن شأن هذه الاستراتيجية تقليل التعرض للصدمات الخارجية وإنشاء مسارات نمو أكثر استدامة.
  • استمرار البنك المركزي المصري في تنفيذ سياساته النقدية الاستباقية لإدارة التضخم بشكل فعال،بجانب تكثيف إصلاحات القطاع المالي لتعزيز مرونة القطاع المصرفي وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية للشركات والأفراد.
  • أهمية التواصل الفعال من البنك المركزي المصري والهيئات الحكومية الأخرى لإدارة التوقعات العامة وثقة الأعمال خلال هذه الفترة الانتقالية.
  • دراسة الأثر التطبيقي لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الهادف لدمج الاقتصاد غير الرسمي، وبما يسهم في زيادة الإيرادات الضريبية.
  • مواصلة الجهود لترشيد الإنفاق الحكومي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتنفيذ آليات أكثر فعالية لتحصيل الضرائب.
  • فض التشابكات المالية بين الوزارات، والتي تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى تريليون جنيه (وهو ضعف العجز الكلي).
  • مراجعة موقف الهيئات الاقتصادية(59 هيئة)، حيث تحصل تلك الهيئات على دعم من الخزانة العامة للدولةبقيمة 355 مليار جنيه، وتؤول منها إلى خزانة الدولة 185 مليار جنيه تقريباً (وفق الموازنة الأخيرة)، وبالتالي من الضروري معرفة أسباب خسائر تلك الهيئات (هل هي أسباب تمويلية أو فنية أو أسباب مرتبطة بنظم الإدارة والهياكل التنظيمية؟).
  • تسريع تنفيذ الخطط الخاصة بوثيقة ملكية الدولة لإدارة تلك الأصول وخصخصة الشركات لتقليل تدخل الدولة في الاقتصاد. مما يساعد على تكافؤ الفرص أمام كيانات القطاع الخاص، بل قد يؤدي أيضًا إلى زيادة الكفاءة والابتكار في هذه القطاعات.
  • أهمية وجود السوق الفاعلة والدور الحيوي للقطاع الخاص مع الرقابة الجيدة والفعالة من جانب أجهزة ومؤسسات الدولة والتي تحقق قدرًا من التوازن بين حرية السوق وقدرة القطاع الخاص على العمل والإنتاج.
  • أهمية الاعتماد على التمويل عن طريق الاستثمار وليس القروض، من خلال العمل على سد العجز في النظام الضريبي والموارد السيادية بما يسمح بتغطية نفقات الدولة ومن ثم تجنب الاقتراض المحلي وما له من أثر تضخمي، وعدم اللجوء للاقتراض الخارجي.
  • ضرورة تعزيز شفافية العمليات والصحة المالية للمؤسسات المملوكة للدولة من خلال إنشاء أطر تنظيمية صارمة تضمن عدم تفضيل الشركات الحكومية على الشركات الخاصة.
  • أهمية إنشاء إطار تنظيمي يدعم العمليات التجارية، ويقلل من العقبات البيروقراطية، ويعزز المنافسة العادلة.
  • تعزيز الأطر القانونية والمؤسسية من خلال تطوير إطار قانوني قوي يحمي الاستثمارات وينفذ العقود. وينطوي ذلك أيضًا على تعزيز قدرة النظام القضائي على التعامل مع النزاعات التجارية بسرعة وشفافية.
  • إجراءإصلاحات تنظيمية من خلال مراجعة اللوائح الخاصة بكل قطاع لإزالة العوائق التي تحول دون دخول الشركات الخاصة وتشغيلها، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية مثل الاتصالات والطاقة والنقل.
  • تطوير القطاع المالي عبر تعزيز قدرة القطاع المالي على دعم الشركات من خلال تعزيز الوصول إلى الائتمان والمنتجات المالية المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
  • الاستثمار في التعليم والتدريب لضمان تلبية القوى العاملة للاحتياجات المتطورة للاقتصاد الحديث. ولا يتضمن ذلك تحسين جودة التعليم فحسب، بل يشمل أيضًا مواءمته بشكل أوثق مع متطلبات السوق.
  • الاستمرار في الاستثمار في البنية التحتية الحيوية التي تدعم العمليات التجارية، مثل شبكات النقل والبنية التحتية الرقمية والمرافق، مما يضمن سهولة الوصول إليها وبأسعار معقولة لجميع الشركات.
  • يجب إنشاء آليات قوية لرصد آثار التغييرات الناجمة عن الاصلاحات المالية والنقدية والتأكد من أن التحول يعزز الاستقرار الاقتصادي دون تفاقم الفقر أو عدم المساواة.

 

 

المراجع:

ECONOMIC REFORM PROGRAMMES

https://fctemis.org/notes/15912_ECONOMIC%20REFORM%20PROGRAMMES.pdf

الهئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، لماذا مصر؟

https://www.investinegypt.gov.eg/Arabic/Pages/whyegypt.aspx#26 +++

الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي

Arab Republic of Egypt and the IMF

 

الإصلاحات الاقتصادية في مصر : نظرة متعمقة على تقرير صندوق النقد الدولي الاخير عن مصر

https://encc-eg.org/pressroom/press.aspx?id=225

الأزمة الاقتصادية في مصر: أزمة الحلقة المفرغة

https://www.dohainstitute.org/ar/Lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/economic-crisis-in-egypt-a-vicious-cycle.pdf

الاقتصاد المصري بدأ استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية

https://aawsat.com/A9

 

وثيقة سياسة ملكية الدولة- جمهورية مصر العربية- رئاسة مجلس الوزراء

https://www.cabinet.gov.eg/conference/pdf/property-policy-document.pdf

مصر تُعلن تفاصيل «صفقة رأس الحكمة» متطلعة لأثر سياسي واقتصادي مستدام

https://aawsat.com/%D8%8A

 

فرص وتحديات.. كيف يخرج الاقتصاد المصري من “عنق الزجاجة”؟

https://www.skynewsarabia.com/business/1618921-

محمود محيي الدين: مصر لديها مقومات الخروج من الأزمة الاقتصادية رغم التحديات الإقليمية والدولية

https://almalnews.com/%1/

Invest in Egypt’s Future: Economic Growth and Strategic Opportunities Await, Hassan Abu Taleb, Sunday 28 Jul 2024

https://english.ahram.org.eg/NewsContentP/4/528010/Opinion/Invest-in-Egypt%E2%80%99s-Future-Economic-Growth-and-Strat.aspx

 

 

 

 

 

 

 

 

The post الاقتصاد المصري: الأزمة وسياسات الإصلاح appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8254
المخدرات … السلاح الأقوى ضد الشباب والمستقبل https://draya-eg.org/2024/09/22/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ae%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d9%88%d9%89-%d8%b6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84/ Sun, 22 Sep 2024 14:40:52 +0000 https://draya-eg.org/?p=8213   لطالما شكلت قضية إدمان المخدرات الشاغل الأكبر للحكومات والمجتمعات والمؤسسات الدولية المعنية؛ لما لها من تأثير خطير على حاضر الأمم ومستقبلها. وتتفاقم خطورة المخدرات كونها تستهدف فئة الشباب بشكل كبير، وهم يمثلون الغد ومستقبل الدول والمجتمعات . والحقيقة أن تعاطي المخدرات مشكلة تعاني منها كافة المجتمعات والدول، سواء كانت دولاً فقيرة أو غنية، وتستهدف …

The post المخدرات … السلاح الأقوى ضد الشباب والمستقبل appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>

 

لطالما شكلت قضية إدمان المخدرات الشاغل الأكبر للحكومات والمجتمعات والمؤسسات الدولية المعنية؛ لما لها من تأثير خطير على حاضر الأمم ومستقبلها. وتتفاقم خطورة المخدرات كونها تستهدف فئة الشباب بشكل كبير، وهم يمثلون الغد ومستقبل الدول والمجتمعات .
والحقيقة أن تعاطي المخدرات مشكلة تعاني منها كافة المجتمعات والدول، سواء كانت دولاً فقيرة أو غنية، وتستهدف الشباب في المدارس والجامعات وأماكن العمل؛ بل وفي أماكن الترفيه وغيرها، وهي تؤدي إلى تنامي جرائم العنف في كل المجتمعات لارتباط المخدرات الوثيق بالعنف؛ فكلاهما يؤدي إلى الآخر في حلقة مفرغة لا تنتهي، كما أنها تشكل التهديد الأقوى لكل خطط التنمية المستدامة .
وتتنامى الحاجة إلى مواجهة خطر المخدرات مع انتشار العولمة والتكنولوجيا المتقدمة، والتي سهلت بدورها تداول المخدرات ووصولها بشكل سهل وسلس إلى الشباب الذي يرى في هذه التجربة مجالاً كبيرًا للمغامرة وحب الاستطلاع، وفي أحيان أخرى تمثل للبعض تعبيرًا عن الرجولة والإقدام .
وتمثل المخدرات أيضًا أحد الأساليب الهامة في حروب الجيل الرابع والخامس، والتي تستهدف إحداث خلخلة في المجتمعات تمهيدًا لمخططات القضاء عليها من الداخل وتدميرها بشكل ذاتي، خاصة مع انتشار مركبات المخدرات الصناعية، والتي تتميز بسهولة التداول وانخفاض التكلفة وصعوبة اكتشافها من قبل الأجهزة المعنية .
لقد أدركت دول العالم خطورة تعاطي المخدرات، وخاصة بين الشباب، منذ أكثر من نصف قرن؛ فعمِد المجتمع الدولي إلى اعتماد اتفاقية المخدرات عام 1961، بصيغتها المعدلة لاحقًا ببروتكول عام 1972، فضلاً عن تشكيل لجان معنية في الهيئات الدولية، تقوم برصد الأوضاع الحالية ودراستها وتقديم التوصيات العلمية، والتي يمكن تنفيذها من قِبل الدول الأعضاء، وبما يتناسب مع واقع الدول والمجتمعات.
واتساقًا مع ما تقدم، يقدم المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية(دراية) هذا التقرير الذي يتناول بشكل مفصل تعريف المخدرات وأسباب تعاطيها، والمؤشرات العالمية والمحلية، وجهود الدولة المصرية لمكافحة تناول المخدرات.
هذا وقد توصل التقرير إلى عدد من التوصيات التي يمكن من خلالها تعزيز الجهود المخلصة التي قدمتها الدولة المصرية لمواجهة خطر الإدمان على المصريين والشباب بشكل خاص؛ والتي يمكن إجمالها في الآتي :
1- العمل على إجراء المزيد من البحوث والدراسات حول أنواع وأشكال المخدرات التي يتعاطاها الشباب، إذ أن أشكالها والمواد المستخدمة فيها تتطور بشكل دائم، كما يبتكر المروجون وتجار المخدرات أشكالاً غير نمطية في محاولة منهم للتهرب من العدالة وبشكل يسهل معه الوصول إلى الشباب بكل الطرق الممكنة .
2- إحكام الرقابة على منصات الانترنت التي تروج للمخدرات وتصل بكل سهولة إلى الشباب والقبض على المروجين والإعلان عن ذلك بشكل دائم، حتى يكون ذلك رادعًا لكل من يريد أن يسلك هذا الطريق .
3- إجراء دورات تدريبية لقطاع المخدرات بجهاز الشرطة بحيث تتوافر لديهم الخبرة في معرفة ورصد التغيرات التي تطرأ على أسواق المخدرات وطرق الترويج من خلال متابعة طرق المروجين المبتكرة وأشكال المخدرات التي تتطور بشكل دائم .
4- إحكام الرقابة على الصيدليات والمؤسسات الصحية التي تقوم بصرف المسكنات الأفيونية للمرضى وبما يضمن عدم وصولها إلى الأشخاص الأصحاء، وإنما فقط يتم صرفها من خلال الوصفات الطبية .
5- التوسع بشكل أكبر في إنشاء عيادات الأطفال والشباب والمراهقين المتخصصة في علاج الإدمان من المخدرات.
6- العمل على وضع منهج علمي عن مخاطر التدخين والمخدرات داخل المناهج التعليمية.
7- وضع قواعد صارمة لصرف الوصفات الطبية الخاصة بالعقاقير المخدرة والمؤثرات العقلية مع الحرص على قصر فترة صلاحية الوصفات الطبية وحظر تجديدها التلقائي.
8- العمل على تدريب الأطباء بشكل مستمر وإمدادهم بالمعلومات المحدثة بشأن عقاقير تسكين الألم بما فى ذلك الاستخدام الرشيد للمخدرات الموصوفة طبيًا، وأهمية الحد من إساءة إستخدامها.
9- تدريب أطقم التمريض على الاستعمال المناسب للمواد الطبية ذات الطبيعة الأفيونية، حيث يستطيع الممرضون وغيرهم من العاملين فى مجال الصحة المدربون بشكل جيد أن يقوموا بدور هام في مساعدة المرضى وأسرهم، وتعليمهم كيفية الإدارة الآمنة للمسكنات الأفيونية التي وصفها الأطباء وكيفية إعطاء الجرعات الصحيحة التي يحتاجها المرضى .
10- العمل على إشراك مؤسسات المجتمع المدني بشكل أكبر في رفع الوعي المجتمعي بمخاطر الإدمان وعواقبه الوخيمة على الفرد والمجتمع.
11- إطلاق حملة إعلامية قومية لرفع الوعي الجماهيري بخطورة إدمان المخدرات تستهدف تفنيد المفاهيم المغلوطة حول المخدرات مع الحرص على تنوع محتوى الحملة والمشاركين فيها، مع العمل على تعريف الأسر بآليات الاكتشاف المبكر للتعاطي وكيفية العلاج من الإدمان .
12- إحكام الرقابة فى المدارس الثانوية والجامعات والقبض على مروجي المخدرات داخل هذه المنشآت التعليمية وضبط المتعاطين ومساعدتهم على العلاج والتعافي.
13- التوسع في إقامة الندوات في المدارس والجامعات حول تأثير المخدرات وخطورتها على الفرد والمجتمع .

أولاً: تعريف المخدرات …
في الواقع هناك العديد من التعريفات الخاصة بالمخدرات، إلا أنه إجمالاً يمكن تعريفها على أنها كل ما يشوّش العقل أو يثبطه أو يغير من تفكير وشخصية الفرد .
فيما تجدر الإشارة إلى أن هناك فرقًا واضحًا بين التعوّد والإدمان؛ فالتعود مرحلة تؤدي إلى الإدمان، وهي حالة تشوق لتعاطي مخدر معين، ومن خصائصه وجود رغبة قهرية لدى المتعود بالتمادي والاعتياد، والتعود هو أول خطوة نحو الإدمان، أما الإدمان فهو الاعتماد على المادة المخدرة اعتمادًا كاملاً جسديًا ونفسيًا؛ بحيث يصبح الاحتياج إليها حاجة ملحة قهرية، بل تفوق أهمية المأكل والمشرب.
وتعرّف منظمة الصحة العالمية المخدرات، على أنها كل المواد التي تستخدم في غير الأغراض الطبية، ويكون من شأن تعاطيها تغيير وظائف الجسم والعقل، ويؤدي الإفراط في تناولها إلى حالة من التعود والإدمان، بالإضافة إلى الآثار الجسمية والنفسية والإجتماعية .
كذلك تجدر الإشارة إلى أن مفهوم التعاطي يعني التناول المتكرر للمخدر؛ بحيث يصبح دم الفرد متعطشًا إليه بأي ثمنٍ وفي أي وقت، كما يمكن تعريفه بأنه تناول أي من المواد المخدرة والتي تؤدي إلى الاعتياد أو الإدمان، إما بشكل دائم أو متقطع، أو أنه استهلاك كل مادة خام أو محضرة تحتوي على مواد منبهة أو مسكنة من شأنها، إذا استخدمت في الأغراض الطبية أو الصناعية؛ أن تؤدي إلى التعود أو الإدمان عليها؛ مما يضر الفرد جسميًا ونفسيًا وكذا تضر بالمجتمع .
وتعرّف منظمة الصحة العالمية “المواد الأفيونية” بأنها المركبات المستخرجة من نبتة الخشخاش (بابافير سومنيفيرا)، وكذلك المركبات الاصطناعية وشبه الاصطناعية ذات الخصائص المماثلة التي يمكن أن تتفاعل مع مستقبلات المواد الأفيونية في الدماغ.
وللمواد الأفيونية آثار مسكنة ومهدئة وتُستعمل هذه الأدوية، مثل المورفين، والكوديين، والفنتانيل، في العادة للتخفيف من الألم، كما تُستعمل أدوية الميثادون والبوبرينورفين الأفيونية في علاج المقلعين عن تعاطي المواد الأفيونية.
ويمكن أن يسبب تناول المواد الأفيونية في الشعور بالنشوة، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي تقف وراء أخذها لأغراض غير طبية.
وتشمل المواد الأفيونية؛ الهيروين والمورفين والكوديين والفنتانيل والميثادون والترامادول وغيرها من المواد المماثلة ، وبالنظر إلى المفعول الذي تحدثه هذه المواد، فإن بمقدورها أن تسبب صعوبات في التنفس، وقد تؤدي الجرعات الزائدة منها إلى الوفاة.
ويمكن أن تؤدي المواظبة على استعمال هذه المواد لأغراض غير طبية ولفترات طويلة وإساءة استعمالها، وكذلك استعمالها من دون إشراف طبي إلى إدمانها وإلى مشاكل صحية أخرى.
وإدمان المواد الأفيونية هو اضطراب في تنظيم استعمال تلك المواد ينجم عن استعمالها المتكرر أو المستمر ، ومن سماته المميزة؛ الشعور برغبة جامحة في تعاطي تلك المواد، تتجلى في ضعف القدرة على التحكم في تعاطيها، وإعطاء أولوية متزايدة لتعاطيها بدلاً من أنشطة أخرى، والتمادي في تعاطيها رغم أضرارها أو عواقبها السلبية.
وقد تظهر أيضًا سمات فسيولوجية للإدمان؛ منها زيادة تحمل آثار المواد الأفيونية، وأعراض الامتناع اللاحقة للإقلاع عن تعاطي تلك المواد أو الحدّ من تعاطيها، أو تكرار تعاطيها أو تعاطي غيرها من المواد المماثلة لها من حيث التركيبة الصيدلانية؛ للوقاية من أعراض الامتناع أو تخفيفها.
ووفقًا للتقارير الدولية، فإن أسواق المخدرات غير المشروعة تشهد تحولاً سريعًا، ويكون هذا التحول جذريًا في بعض المناطق مع تزايد هيمنة المخدرات الاصطناعية، والذي يتسم تصنيعها بأنه غير مكلف وسهل وسريع، وبما أن المخدرات الاصطناعية لا ترتبط بمحاصيل محددة جغرافيًا؛ فيمكن نقلها بسهولة إلى أسواق الاستهلاك، ويمكن استبدال المنتجات المضبوطة بسرعة، وهو ما يقوض جهود إنفاذ قوانين ضبط المخدرات .
ومن أهم المواد المخدرة الاصطناعية، والتي انتشرت في السنوات السابقة بشكل كبير؛ الميثامفيتامين والفنتانيل، وهو مادة أفيونية اصطناعية شديدة الفعالية تستخدم كمسكن للألم ومخدر، وتفوق فعالية الفينتانيل فعالية المورفين بنحو 50 إلى 100 ضعف.
وقد سهّل استخدام منصات الاتصال عبر الإنترنت، من الحواجز التي تحول دون القبض على المجرمين، وبشكل يجعل صنع المخدرات بصورة غير مشروعة أكثر مرونة، كما أن المعلومات المتاحة عبر الإنترنت عن طرق صنع المخدرات الاصطناعية، أصبح متوافرًا بمنتهى السهولة؛ مما يتيح إمكانية تصنيعها على نطاق أوسع .
وعلى صعيد متصل، يؤدي إنتاج وزراعة المخدرات والإتجار بها، إلى زيادة في حجم الاقتصادات الإجرامية في بعض المناطق في العالم، كما هو الحال في حوض الأمازون وأفغانستان وأوكرانيا حاليًا؛ حيث تشير أحدث البيانات إلى مستويات شبه قياسية من زراعة الكوكا والأفيون بصورة غير مشروعة، ولكن حظر المخدرات في أفغانستان كان له تأثير كبير على محصول الأفيون لعام 2023 في هذا البلد، وهو ما أكد على الحاجة إلى جهود التنمية البديلة .
وتشير التقارير الدولية إلى أنه لا يزال الشباب هم الفئة الأكثر عرضة لتعاطي المخدرات، فعلى الصعيد العالمي في عام 2021 كان معدل الانتشار السنوي لتعاطي القنب “الماريجوانا والحشيش” لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15:16 عامًا، يبلغ 5.34% مقارنة بنسبة 4.3% بالنسبة للبالغين .
ثانيًا: أسباب تعاطي المخدرات ..
هناك مجموعة متنوعة من العوامل المرتبطة بتعاطي المخدرات والتي تدفع الشباب إلى الإدمان يمكن إجمالها في التالي :
أ- أسباب فردية :
1- مرافقة أصحاب السوء: عامل الفضول وإلحاح الأصدقاء من أهم أسباب تجربة تعاطي المخدرات
2- الاكتئاب والتوتر والضغوطات النفسية: الاكتئاب من أهم أسباب اللجوء إلى المخدرات؛ فالضغوطات النفسية والحياة السريعة والمكلفة والمليئة بالتوتر تدفع الشخص الضعيف إلى اللجوء إلى أي طريقة للشعور بالراحة والسعادة والتحرر من الحزن والضغوطات حتى لو لفترة مؤقتة وقصيرة .
3- المشاكل الصحية: يهرب بعض المرضى من أصحاب الأمراض الصعبة إلى عالم المخدرات هربًا من الألم والمعاناة الجسدية والنفسية وحالة اليأس التي يعيشونها بسبب الضعف البدني أو محدودية قدراتهم الجسدية أو فقدان الأمل بالشفاء.
4- الكوارث الشخصية: يمر بعض الأشخاص بمشاكل كبيرة تصنف ككوارث شخصية يعجزون عن احتمالها أو تقبلها أو التعامل معها فيلجأون إلى تعاطي المخدرات لإيقاف عقولهم عن التفكير والهرب من مشاعر الحزن والألم والغضب .
5- الاعتقاد بزيادة القدرة الجنسية: يعتقد متعاطو المخدرات أن هناك علاقة بين تعاطي المخدرات وزيادة القدرة الجنسية؛ إلا أن الحقيقة مغايرة لذلك .
6- الفراغ: الشعور بالفراغ العاطفي والفكري والبطالة، مع توفر المال قد يدفع بعض الشباب إلى تعاطي المخدرات من باب الفضول ولملء الفراغ .
7-انخفاض المستوى التعليمي: لا تعتبر الأمية سببًا مباشرًا لتعاطي المخدرات؛ ولكنها من الأسباب غير المباشرة التي تمنع الشخص من التعامل مع التحديات والعقبات والمغريات بطريقة صحيحة وثقافة وفكر مستنير .
ب – أسباب أسرية :
1- القدوة السيئة: يعد كل من الأب والأم المرجع الأول والقدوة الأولى في كافة التصرفات، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى تعاطي المخدرات، فإذا ظهر الوالدان بصورة مخجلة، وهو في حالة سكر وخمول من تعاطي المخدرات، سيؤثر ذلك سلبًا على الأبناء، وسيكون رد فعلهم من خلال تعاطي المخدرات والإدمان عليها .
2- انشغال الوالدين عن الأبناء: انشغال الوالدين عن تربية أبنائهم بالسفر أو العمل أو الحياة الاجتماعية وعدم مراقبتهم ومتابعتهم يجعلهم عرضة للضياع والانصياع لتيار تعاطي المخدرات .
3- القسوة الزائدة على الأبناء: تعد القسوة الزائدة على الأبناء وخاصة في فترة المراهقة من أكثر العوامل التي تجعل الشباب يلجأ إلى تعاطي المخدرات خاصة إذا وصلت القسوة إلى مرحلة العنف الأسرى.
4- الدلال الزائد: أحيانًا الإفراط في دلال الأبناء يشعرهم أنهم في استطاعتهم فعل أي شيء والحصول على كل ما يريدونه وتجربة كل ما يرغبون به دون عقاب، ومن هذه الأشياء تجربة المخدرات .
5- التفكك الأسري: الخلافات الأسرية والمشاكل المستمرة تُشعر الأبناء بعدم الأمان، وتضع عليهم ضغطًا نفسيًا هائلاً يدفعهم إلى الهروب من المنزل واللجوء إلى طرق تساعدهم على النسيان والشعور بالسلام، ومن أبرز هذه الطرق تعاطي المخدرات .
6- ضغط الأسرة على الأبناء من أجل التفوق: يعمل ضغط الأسرة على الأبناء، من أجل التفوق على لجوء بعض الأبناء، إلى تناول العقاقير المنشطة بهدف مضاعفة القدرة على السهر والمذاكرة؛ مما يؤدي في النهاية إلى إدمان العقاقير المخدرة .
ج- أسباب مجتمعية :
1- توافر المواد المخدرة عن طريق المروجين والمهربين: احتواء المجتمع على عدد من الأشخاص الفاسدين الذين يروجون المخدرات بين الشباب، يجعل تعاطي المخدرات والإدمان عليها سهلاً وفي متناول الجميع .
2- توافر أماكن تسهل عملية تعاطي المخدرات: توفر بعض المجتمعات أماكن خاصة بتسهيل عملية المخدرات والمواد السامة والمخدرة بهدف جمع المال.
3- الانفتاح الاقتصادي: يستغل بعض ضعاف النفوس مفهوم الانفتاح الاقتصادي في بعض المجتمعات لاستيراد المخدرات وتسهيل ترويجها في بعض الدول .
4- ضعف دور الاعلام: يتوجب على المؤسسات الإعلامية المختلفة العمل على توعية الشباب بمخاطر تعاطي المخدرات والإدمان والتعريف بطرق انتشارها والتحذير منها .
5- ضعف الرقابة في المدارس: تعاني بعض المدارس من رقابة ضعيفة فيسهل على الطلاب الهرب من المدارس والتعامل مع المجرمين من مهربي ومروجي المخدرات .

ثالثًا: مؤشرات تعاطي وانتشار المخدرات عالميًا ومحليًا :
أ- عالميًا: أورد تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير المخدرات العالمي الصادر في 2023، عددًا من المؤشرات يمكن إجمالها فيما يلي :
1- في عام 2021، تعاطى واحد من كل 17 شخصًا – تتباين أعمارهم ما بين 15:64 عامًا – في جميع أنحاء العالم مخدرًا بزيادة قدرها 23% عن العام الأسبق.

2- ارتفع العدد التقديري للمتعاطين للمخدرات من 240 مليون متعاطٍ في 2011 إلى 296 مليون متعاط في عام 2021 بنسبة 5.8% من سكان العالم الذين تتراوح أعمارهم بين 15:64 عامًا، بزيادة بنسبة 23% تعزى جزئيًا إلى النمو السكاني .
3- يظل القنب (الحشيش والماريجوانا) أعلى المخدرات تعاطيًا، إذ قدر عدد متعاطيه في عام 2021 بنحو 219 مليون متعاطٍ بنسبة قدرها 4.3% من سكان العالم البالغين .
4- معظم متعاطي القنب على الصعيد العالمي هم من الرجال بنسبة تبلغ نحو 70%، ولكن الفجوة بين الجنسين آخذة في التقلص، وتمثل النساء 42% من متعاطي القنب في أمريكا الشمالية .
5- في عام 2021 كان هناك 36 مليون شخصًا تعاطوا الأمفيتامينات و22 مليون شخصًا تعاطوا الكوكايين و20 مليون شخص تعاطوا مواد من نوع الإكستاسى في العام السابق، وكانت نسبة المتعاطين الإناث فى حالة المنشطات الأمفيتامينة تمثل 45% من إجمالي عدد المتعاطين، في حين يمثل الرجال النسبة الأعلى بين متعاطيّ الأفيونيات 75% والكوكايين 73%.
6- تعد المؤثرات الأفيونية هي مجموعة المواد الأكثر مساهمة في الأضرار الشديدة المرتبطة بالمخدرات، بما في ذلك الجرعات المفرطة المميتة. وفي عام 2021 تعاطى ما يقدر بنحو 60 مليون شخص، مؤثرات أفيونية لأغراض غير طبية، من بينهم 31.5 مليون شخص تعاطوا الأفيونيات (الهيروين بصفة أساسية)
7- في عام 2021 كان ما نسبته 5.3% من الذين تتراوح أعمارهم بين 15:16 عامًا في جميع أنحاء العالم (13.5 مليون فرد) قد تعاطوا القنب في العام السابق، ولما كان دماغ المراهقين لا يزال في طور النمو فيمكن أن يترتب على تعاطي المخدرات، آثار سلبية طويلة المدى وتدهور في الحالة الصحية بصورة أسرع مقارنة بالبالغين وإلى مشاكل أخرى في البلوغ.
8- يتباين تعاطي القنب في أوساط ممن تتراوح أعمارهم بين 15:16 عامًا حسب المنطقة من أقل من 3% في آسيا إلى أكثر من 17% في أوقيانوسيا.
9- في عام 2021 كان هناك أكثر من 80000 حالة وفاة بجرعات مفرطة من المواد الأفيونية في الولايات المتحدة وسبب معظم هذه الوفيات وعددها 70000 حالة وفاة تعود إلى تعاطي مؤثرات أفيونية صيدلانية تحتوي على مؤثرات أفيونية اصطناعية، وشكلت النساء حوالي 30 % من جميع وفيات الجرعات المفرطة.
10 – تشهد كندا أيضًا اتجاهًا متزايدًا في وفيات الجرعات المفرطة من المخدرات المرتبطة بانتشار المؤثرات الافيونية الاصطناعية وخاصة الفنتانيل، وفي عام 2021 كان هناك ما يقرب من 8000 حالة وفاة في كندا نسبت إلى المؤثرات الأفيونية.

ب- محليًا: أظهر المسح الشامل لتعاطي المواد المؤثرة في الحالة النفسية، والذي أجراه صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع الجهات المعنية عددًا من المؤشرات يمكن إجمالها في التالي :
1- تبلغ نسبة المدخنين حوالي 27.9% بينما تبلغ نسبة تعاطي المخدرات 5.9%، ونسبة الإدمان2.3%.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

2- تأتي المنيا في مقدمة المحافظات التي يوجد بها أعلى نسبة للمدخنين بواقع 51.8% والأقل في الأقصر بواقع 28%، وفيما يتعلق بتناول الكحوليات تأتي محافظة البحر الأحمر في المقدمة بواقع 5.4%، والمنيا الأقل بواقع 2.4%، بينما تعاطي المواد المخدرة فتأتي سوهاج بالنسبة الأعلى بواقع 12.2% والإسكندرية الأقل بواقع 5.2%.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

3- انخفض حجم تعاطي المخدرات في مصر من 10% عام 2015 إلى 5.9% عام 2020، كما انخفض معدل الإدمان كذلك من 3.3% عام 2015 إلى 2.4% عام 2020.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

4- أغلب متعاطيّ ومدمني المخدرات من الذكور، فوفقًا لبيانات طالبي الخدمات العلاجية، أقل من 18 عامًا من الخط الساخن 16023 خلال عام 2021 بلغت نسبة الذكور 91% والإناث 9%.

 

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

5- أغلب متعاطيّ ومدمني المخدرات يمتهنون وظائف أو حرفة ما بواقع 54% بينما 46% من المتعاطين لا يعملون .

6- يأتي الحشيش في المرتبة الأولى بين المواد المخدرة الأكثر تداولاً بواقع 91%، يليه البودر بواقع 31%، ثم الاستروكس أو الفودو بواقع 20%، والهيروين بواقع 20% أيضًا .

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى

7- وفي دراسة أجراها الصندوق لدراسة حجم التدخين والتعاطى بين الشباب من طلاب المدارس الثانوية، جاءت النتائج أن حجم التدخين بين طلاب هذه المدارس، بلغ 12.8% بواقع 20.8% بين الذكور و3.4% من الإناث .

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

8- من إجمالي حجم الطلاب المدخنين بلغ عدد مدخني السجائر 28%، ومدخني الشيشة 21%، ومدخني السجائر والشيشة 34%، و73.3% من الطلاب المدخنين يقومون بشراء السجائر بأنفسهم .

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

10- وفيما يتعلق بتناول الكحوليات فتأتى البيرة فى مقدمة التي يتم تعاطيها بواقع 55%، يليها الـ ID بواقع 40% والكحوليات الأخرى بواقع 5%.
بينما كانت أسباب التعاطي لأول مرة في مقدمتها مناسبة اجتماعية سعيدة بواقع 53%، ثم جلسة مع الأصدقاء بواقع 33% وسهرة أسبوعية بواقع 16%، وحب الاستطلاع بواقع 14%، ثم الرغبة في الشعور بالسعادة بواقع 13%.


المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

11- بلغ عدد الطلاب المتعاطين للمواد المخدرة 7.7% تبلغ نسبة الذكور بينهم 11.1% والإناث 3.7%.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

12- كان الحشيش في مقدمة المواد التي يتعاطاها الطلاب بواقع 59%، يليه البانجو بواقع 28%، ثم الترامادول بواقع 23%، ثم الاستروكس والفودو بواقع 16% .

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

13- كانت وسائل الإعلام هى المصدر الأول للمعلومات عن المخدرات لدى المبحوثين بواقع 72%، يليها الزملاء والأصدقاء بواقع 18%، ثم الأقارب بواقع 12%.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

رابعًا: جهود الدولة المصرية في مواجهة إدمان وتعاطي المخدرات …
لقد أولت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بالشباب وجعلتهم شريكًا أساسيًا في صنع وصياغة القرار، ولما كانت المخدرات تستهدف الشباب بشكل أساسي؛ فقد عمدت الدولة المصرية إلى مواجهة هذا الخطر بكل الطرق والسبل الممكنة، وقد جاءت أبرز جهود الدولة المصرية في هذا الصدد كالتالي :

1- فــــي إطــــار اهتمــــام الدولــــة المصــــرية بالتصــــدي للإدمان وإعادة تأهيـل المـدمنين؛ فقـد تنبهـت مبكــــرًا لخطورتهــــا فأصــــدرت واحــــدًا مــــن أقــــدم التشــــريعات لتجــــريم تعــــاطي الحشــــيش عــــام 1800.
2- وفي 26 مـارس 1879 صدر القرار بمنـع زراعـة واســــــــتيراد الحشــــــــيش، وإنشــــــــاء أول جهــــــــاز متخصــص لمكافحــة هــذه الظــاهرة عــام 1929، وقد تطوَّر عمل هذا الجهاز وصـولًا إلـى تأسـيس الإدارة العامـــــــة لمكافحـــــــة المخـــــــدرات بـــــــوزارة الداخلية.
3-إطلاق الخطة القومية لمكافحة المخدرات في مايو 2015 والتي تهدف إلى خفض الطلب على تعاطي المخدرات بشكل شامل ومتوازن مع مجهودات خفض العرض بما يضمن الاســــتمرارية والفاعليــــة فــــي مواجهــــة مشــــكلة تعاطي وإدمان المواد المخدرة.
4- قامت الدولة بتبنى عددًا من البرامج والآليـــات؛ بهـــدف وقايـــة الشـــباب مـــن الوقــوع ضــحية فــي بــراثن المخــدرات وحمــايتهم، ومــد يـــد العــون لمـــن يقــع مـــنهم فــي الإدمـــان؛ للعــودة بــه ســليمًا معافًــا ومشــاركًا فــي تنميــة المجتمع.
5- عملت الدولة على رفع وعي نحــو 2 مليــون شــاب، وفتــاة فــي 9 آلاف مؤسســة تعليميــة وشـــبابية، إضـــافة إلـــى تكـــوين روابـــط تطوعيـــة تضم 26 ألف متطوع في كل المحافظات.
6- تم إطلاق الحملـة الأضـخم فـي مصر لمكافحة الإدمان تحت مسمى “أنت أقوى من المخـدرات”، وذلـك فـي عـام 2015 وتـم تنفيـذ مراحل عدة من تلـك الحملـة حتـى الوقـت الحـالي، وأصـــــبحت الأكثـــــر تـــــأثيرًا لـــــدى الشـــــباب.
هـــــذا وتتضــــمن آليــــات تنفيــــذ الحملــــة عــــدة محــــاور، منها؛ الوقايـة الأوليـة، الاكتشـاف المبكـر، العـلاج وإعــــادة التأهيــــل، والتوعيــــة، وتمــــت الاســــتعانة بشخصيات فنية ورياضـية مـؤثرة للمشـاركة فـي الحملة.

ومن أبرز نتائج المبـادرة، أن وصـل عـدد المشـاهدين إلـــى مـــا يقـــارب 162 مشـــاهدًا للمراحـــل الســـبع للحملــة عبــر منصــات التواصــل الاجتمــاعي، كمــا ازداد عــدد متــابعي الصــفحة الرســمية لصــندوق مكافحــة وعــلاج الإدمــان والتعاطي ليصل إلى مليون متابع .
أيضًا تمت ترجمة الحملة للغـات الإنجليزيــة، والبرتغاليــة، والفرنســية، والإســبانية، والصينية.

حققـت الحملـة تفاعلًـا كبيـرًا بمراحلهـا المختلفـة سـواء علـى المسـتوى المحلـي أو الـدولي، فعلـى المســتوى المحلــي تفاعــل مــع المرحلــة الأخيــرة خــلال عــام 2020 فقــط مــا يقــرب مــن 35 مليــون شخص على وسائل التواصل الاجتماعى.

وعلى المســتوى الــدولي اعتبرتهــا العديــد مــن المنظمات الدوليـة نموذجًـا لحمـلات مكافحـة المخـــدرات؛ حيـــث وصـــفتها وزارة الأمـــن العـــام بالصين بأنها إحدى الحملات الملهمـة لمكافحـة الإدمان وترجمت إلى اللغة الصينية.

كذلك، أشــــــادت وســــــائل الإعــــــلام العالميــــــة وخصصــوا فقــرات لإلقــاء الضــوء عليهــا ، وفيمــا يتعلـــــق بمــــــردود الخدمــــــة علــــــى أرض الواقــــــع، ارتفعـــت أعـــداد المتصـــلين بـــالخط الســـاخن لعــــــــلاج الإدمــــــــان بنســــــــبة تخطــــــــت 400% وساعدت الحملة العديد من مرضى الإدمـان فـي التقدم في العلاج.

7- وصل عدد المستفيدين من برنامج “اختر حياتك ” – لرفع وعي الشباب بخطورة الإدمان ولبناء المهارات الحياتية للنشء والشباب – إلى 9 آلاف طالب بالمدارس و 1.065 مركز شباب و 65 معسكرًا .
8- وفـي إطـار حـرص الدولـة علـى التوسـع باسـتمرار فــي إنشــاء مراكــز عــلاج الإدمــان؛ فقــد بلــغ عــدد المراكـــز 27 مركـــزًا متخصصًـــا فـــي 17 محافظـــة حتى الآن، بعدما كانت لا تتعدى 12 مركـزًا علاجيًـا فـــي 7 محافظـــات فقـــط خـــلال عـــام 2014، وقـــد أكـدت الدولـة أنهـا سـتعمل علـى تعمـيم المراكـز العلاجية لمرضى الإدمان بكـل المحافظـات علـى مستوى الجمهورية بحلول عام 2025
9- وباعتباره الآلية الوطنية لتنفيذ برامج الوقاية من المخــــدرات وتــــوفير خــــدمات العــــلاج والتأهيــــل المجــاني للمــدمنين، حــرص “صــندوق مكافحــة وعــلاج الإدمــان والتعــاطي” علــى تقــديم بــرامج ومبادرات لتحقيق الـدمج المجتمعـي للمتعـافين من مرض الإدمان، وذلك عن طريق تـوفير فـرص عمل تساعد على إعادة دمجهم كقوة فعَّالة في المجتمـــع، وتقلـــل مـــن فـــرص انتكاســـتهم مـــرة أخرى.
هذا وتتمثل أبرز البرامج والمبـادرات المنفـذة فـي السياق في الآتي :
– إطـــلاق مبـــادرة “بدايــــة جديـــدة” عــــام 2019، بهــــــــدف تمويــــــــل المشــــــــروعات الإنتاجيــــــــة والمبتكــــرة للمتعــــافين مــــن مــــرض تعــــاطي وإدمــان المــواد المخــدرة، مدعومــة مــن بنــك ناصــر الاجتمـــاعي؛ وذلــك لإقامـــة مشـــروعات صــغيرة تســاعدهم علــى العــودة إلــى العمــل والإنتاج مرة أخرى
– تم تقـديم الـدعم لمشـروعات المتعـافين بإجمـالي مبلــغ 5.2 ملايــين جنيـه، كمــا تــم تنظــيم معــــــــارض وملتقيــــــــات للتوظيــــــــف وتســــــــويق المنتجــــات الخاصــــة بالمتــــدربين بالتعــــاون مــــع العديـــد مـــن المؤسســـات الحكوميـــة والخاصـــة والجمعيات الأهلية.
– برنامج إعداد الشباب: يهتم البرنامج بإعـداد النشء والشـباب وتمكيـنهم مـن نشـر الـوعي بأخطار مشكلة التدخين، والتعاطي، والإدمان بــــــــين أقــــــــرانهم فــــــــي جميــــــــع التجمعــــــــات الشبابيـــــــة
10- قامت الدولة بإطلاق حمـــلات الكشـــف المبكـــر المكثفــة علــى ســائقي الحــافلات المدرسية، والتي أدت إلى انخفاض نسبة تعاطى المخدرات بينهم إلى 1.5% بعدما كانت 12% عام 2017.
كمــا أســفرت تلك الجهود عن خفـض نسـبة الحـالات الإيجابيـة للتعــاطي مــن إجمــالي المُوقَّــع علــيهم الكشــف مــــن العــــاملين فــــي القطــــاع الخــــاص والجهــــاز الإداري للدولة.
11- بلغ عدد مراكز علاج الإدمان حوالي 229 مركزًا في 18 محافظة مقارنة بـ12 مركزًا عام 2014 ، كمـــا تســـعى الدولـــة إلى الإعداد لافتتاح عدد 2 مركز في محافظتي الجيزة وقنا.

وقـــد جـــاء أبـــرز هـــذه المراكـــز فـــي المحافظـــات المختلفة كالآتي:

– المركز التأهيلي لمرضى الإدمان بمحافظــة بورسـعيد: يُعـدُّ أول مركـز متخصـص فـي تأهيـل مرضى الإدمان بمحافظة بورسعيد، ومن المقرر لــه أن يخــدم محافظــات القنــاة وشــمال ســيناء، وقــد تــم إنشــاؤه عــام 2020، بتكلفــة بلغــت نحــو 19.5 مليون جنيه.
– المركـــز النمـــوذجي لعـــلاج الإدمـــان بكليــــة الطــــــب، جامعــــــة جنــــــوب الــــــوادي: وذلــــــك بالتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمـان والتعـاطي، وقـد تـم الانتهـاء مـن إنشـائه عـام 2021، وتأتي أهمية إنشـاء تلـك المراكـز فـي أن الصــــعيد يفتقــــر بشــــدّة إلــــى مراكــــز مرضــــى الإدمــــان، والــــذي تزيــــد أعــــداد ضــــحاياه بــــين الشـــباب والمـــراهقين، وقـــد جـــاءت التكلفـــة الإجمالية لهذا المركز بنحو 14 مليون جنيه.

– المركز التأهيلي لمرضى الإدمان بمحافظة مطـــــروح: يُعـــــدُّ أول مركـــــز يقـــــدم الخـــــدمات التأهيلية لمرضي الإدمان بمحافظتي مطروح والإسـكندرية، وقـد أُقـيم المركـز علـى مسـاحة تبلغ 8 آلاف متر مربع عام ،2019 وتبلغ طاقته الاســــــــــــتيعابية (135 ســــــــــــريرًا، وعيــــــــــــادتين خارجيتين)، ويستهدف 12 ألف مريض سـنويًا وبلغت تكلفته نحو 10.5 ملايين جنيه.

– مركــــــز عــــــلاج الإدمــــــان بمدينــــــة الغردقــــــة بمحافظـة البحـر الأحمـر: يُعـدُّ أول مركـز تـم إنشاؤه عام 2020 يقدم خدمات علاج الإدمان بمحافظـــة البحـــر الأحمـــر، وقـــد تـــم تجهيــــزه وتأثيثه ليخـدم محافظـات البحـر الأحمـر، وقنـا، والأقصر، بتكلفة بلغت نحو 13 مليون جنيه.
– المركز التأهيلي لمرضى الإدمان بمحافظة المنيــا: تــم الانتهاء من إنشاء المركز عام 2019 بتكلفة إجماليــــة بلغــــت 24.9 مليــــون جنيه، يهدف المركز إلـى تـوفير خـدمات العـلاج والتأهيـل للفئـات الأكثـر احتياجًـا، وفقًـا لمعيـار التغطيــــــة الجغرافيــــــة عبــــــر إنشــــــاء مراكــــــز نموذجية لعلاج مرضى الإدمان.
– المركـز النمـوذجي لعـلاج الإدمـان بـالفيوم : يأتي افتتاح مركز علاج الإدمان بالفيوم كأول مركز حكومي بالمحافظة يُقدّم خـدمات عـلاج الإدمـــان بالمجـــان، ووفقًـــا للمعـــايير الدوليـــة، وبمـــا يتســـق مـــع توجهـــات الدولـــة بتحقيـــق التنميــة الشــاملة لمحافظــات الصــعيد، وقــد تم افتتاحه عـام 2020 بتكلفـة بلغـت 650 ألـف جنيه.
12-أطلق صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي التابع لوزارة التضامن الاجتماعي الخط الساخن 16023؛ بهدف تقديم المشورة العاجلة سواء تمثلت هذه المواجهة في شكل معلومة عن المخدرات وتعاطيها أو تقديم مشورة تستدعيها ملابسات حدوث أزمة فردية أو أسرية متصلة بالإدمان، أو توجيه لأماكن الخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية المتخصصة فى الإدمان التابعة للخط الساخن، ويقدم الخط الساخن الخدمات العلاجية بالمجان وفي سرية تامة.
-13 أنشأ صندوق مكافحة وعلاج الإدمان داخل الجامعات المصرية مقرًا دائمًا تحت مسمى (بيت التطوع) ليصبح منارة علمية تثقيفية وتوعوية مباشرة للشباب الجامعى عن كافة أنواع المخدرات وتأثيراتها على الفرد والمجتمع مستخدماً فى ذلك العديد من الأنشطة والفعاليات المستمرة لجذب الشباب وتقديم المعلومة الصحيحة عن المشكلة بطرق مبتكرة وتتناسب مع قدرات الشباب المتجددة.
كما يسعى (بيت التطوع) إلى جذب العديد من الشباب للتطوع لدى الصندوق حيث يتم إجراء مقابلات فردية معهم وتدريبهم وفقاً لأحدث الأدلة التدريبية، ومن ثم الاستفادة من طاقاتهم وإبداعاتهم وقدرتهم على نشر التوعية لدى الفئات الأخرى.

المراجع …
1- الموقع الرسمي للأمم المتحدة.
2- الموقع الإلكتروني الرسمي لمنظمة الصحة العالمية .
3- الموقع الرسمي لصندوق مكافحة الإدمان والتعاطي.

http://drugcontrol.org.eg/ResearchStudies/Details/3
4- الموقع الرسمي لوزارة التضامن الاجتماعي
https://www.moss.gov.eg/ar-eg/Pages/default.aspx
5- دراسة الشباب والإدمان على المخدرات وطرق وقايتهم منها / دراسة ميدانية على الشباب الجامعي / د.حمود بن عابد العنزي / 2019
https://journals.ekb.eg/article_202686.html
6- دراسة العوامل المرتبطة بتعاطي المخدرات لدى الشباب الجامعى والتخطيط لمواجهتها / د.سارة عبد الفتاح خالد أبو زيد / دكتوراه الفلسفة فى الخدمة الاجتماعية / 2023
https://egjsw.journals.ekb.eg/article_296164_bbb45dc14ea1b3d726f750baf9e1a22c.pdf
7- تقرير المخدرات العالمي 2023 والصادر عن الأمم المتحدة
https://www.unodc.org/res/WDR-2023/2311908A.pdf
8- تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات / تقرير 2022
https://unis.unvienna.org/unis/uploads/documents/2023-INCB/INCB_annual_report-Arabic.pdf
9- تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء / 7 سنوات من الإنجازات / التنمية المجتمعية / قطاع التضامن الاجتماعي
http://library.idsc.gov.eg/cgi-bin/koha/opac-detail.pl?biblionumber=72177

 

 

 

The post المخدرات … السلاح الأقوى ضد الشباب والمستقبل appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8213
العمل عن بعد .. المفهوم ..المتطلبات..التوصيات https://draya-eg.org/2024/09/09/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%84-%d8%b9%d9%86-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%81%d9%87%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%b7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88%d8%b5%d9%8a%d8%a7%d8%aa/ Mon, 09 Sep 2024 00:19:18 +0000 https://draya-eg.org/?p=8168 أحدثت جائحة كورونا تغيرات دولية جذرية في قيم المجتمعات وأفكارها، وتوجهات الحكومات والشركات؛ والتي كان من أبرزها ظهور العمل عن بُعد أو “العمل من المنزل” كبديل جديد لفكرة العمل التقليدي من مقرات المكاتب والشركات والهيئات الحكومية. لقد فرضت جائحة كورونا واقعًا جديدًا على العالم تغيرت معه الرؤى حول طرق وأساليب العمل، ورغم أن فكرة العمل …

The post العمل عن بعد .. المفهوم ..المتطلبات..التوصيات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
أحدثت جائحة كورونا تغيرات دولية جذرية في قيم المجتمعات وأفكارها، وتوجهات الحكومات والشركات؛ والتي كان من أبرزها ظهور العمل عن بُعد أو “العمل من المنزل” كبديل جديد لفكرة العمل التقليدي من مقرات المكاتب والشركات والهيئات الحكومية.

لقد فرضت جائحة كورونا واقعًا جديدًا على العالم تغيرت معه الرؤى حول طرق وأساليب العمل، ورغم أن فكرة العمل عن بُعد لم تكن جديدة وعرفتها الدول بشكلٍ محدود منذ سبعينيات القرن الماضي؛ إلا أنها أصبحت وقت انتشار جائحة كورونا الخيار المثالي في مواجهة الانهيار الاقتصادي المتوقع، نتيجة الإغلاق العام والكُلي الذي شهدته كافة دول العالم .

والحقيقة، أنه منذ انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتَغْيّر طبيعة النشاط الاقتصادي وإحلال الأجهزة وبعض التطبيقات الالكترونية كبديل لكثير من الوظائف التقليدية؛ أصبحت صورة العمل التقليدي محل نقاش، خاصة من خلال نتائج الأبحاث والتقديرات التي أشارت إلى ارتفاع إنتاجية الموظفين الذين يمارسون عملهم من المنزل، مقابل أقرانهم ممن يمارسون العمل المكتبي التقليدي. وبرز العمل عن بُعد كخيار هام يعيد التوازن إلى حياة الموظف الشخصية ويجعله أكثر احتكاكًا بأفراد أسرته.

أما على صعيد البُعد الإنساني والاجتماع؛ فقد كانت المرأة أبرز المستفيدين من خيار العمل عن بُعد وقت الجائحة، والتي حصلت على وقت أكبر لقضائها مع أسرتها ومراعاة احتياجات الأبناء مع الحصول على نفس مخرجات العمل – إن لم يكن أفضل – في حال ذهابها إلى العمل المكتبي يوميًا.

وانطلاقًا من أهمية مناقشة فكرة العمل عن بُعد كونها تمثل جزءًا كبيرًا من مستقبل العمل في العالم؛ يصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنميةدراية ، هذه الورقة البحثية التي تتناول بشكل تفصيلي مفهوم العمل عن بُعد، ومزاياه وسلبياته ومجالاته وشروطه ومتطلباته وواقعه في مصر والعالم.  

هذا ويمكن استخلاص عدد من التوصيات التي يمكن من خلالها بذل المزيد من الجهود من أجل التوسع في استخدام تقنيات العمل عن بُعد، والتي يمكن إجمالها في الآتي :

 

1- العمل على إعادة صياغة التخصصات المطلوبة التي يمكن من خلالها نقل أعداد الكثيرين من خريجي التخصصات -التي لا وظائف لها- إلى أعضاء فاعلة في تطبيقات العمل عن بُعد .

2- ضرورة إعداد دورات تأهيلية وتدريبية قبل وبعد الالتحاق بالعمل عن بُعد، حتى تتوافق العمالة الجيدة والمهارات التي تستطيع استخدام تقنيات العمل عن بُعد، وتطويعها للقيام بعملها من المنزل أو من أي مكان آخر.

3- مساعدة الدول كافة على زيادة التعبئة المالية اللازمة لإعداد البنية الأساسية والتحتية التي تضم شبكات المعلومات والإنترنت، والتي تمكّن العاملين عن بُعد من ممارسة عملهم بسهولة ويسر .

4- العمل من خلال الوزارة والهيئات المعنية على تحويل الهيكل التنظيمي البيروقراطي إلى هيكل أكثر مرونة يساعد على تمكين العاملين وإعطائهم حرية اتخاذ القرارات بشكل سريع وفاعل.

5- التوسع في تدريب وتأهيل القوى العاملة على تقنيات العمل عن بُعد، من خلال دورات قصيرة وطويلة الأمد تمكّنهم من التعامل مع أحدث المستجدات والتقنيات المتطورة في هذا المجال.

6- العمل على رفع الوعي لدى شباب الخريجين بأهمية العمل عن بُعد ودوره في خفض معدلات البطالة، خاصة من خلال وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي.

7- العمل على وضع تشريعات منظمة لخيارات العمل عن بُعد ومساواة العاملين عن بُعد بأقرانهم الذين يؤدون العمل في مواقع العمل التقليدية، مع ضرورة طرح صيغ لعقود العمل عن بُعد تساوي في المزايا عقود العمل النظامي.

8- زيادة التعاون بين الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني فيما يتعلق بتبني سياسات تُحفّز العمل عن بُعد، سواءً على مستوى الأفراد أو جهات العمل أو المدراء أو المجتمع ككل.

9- زيادة برامج التدريب للعاملين عن بُعد المعنية بالمهارات الشخصية والجوانب السلوكية اللازمة لتبني أسلوب العمل عن بُعد، مثل اليقظة وكيفية إدارة الوقت ووضع الحدود بين العمل والحياة الشخصية .

10- توفير كافة الضمانات الاجتماعية والقانونية واستخدام العقود المكتوبة في حالة العمل عن بُعد، مع زيادة توعية العاملين من المنزل بحقوقهم.

11- التوسع في إنشاء رابطات العمال في المنزل، وأصحاب العمل وكذلك النقابات العمالية للعاملين عن بُعد ومنظمات أصحاب العمل الخاصة بهم.

……………………………………………………………..

المحور الأول: مفهوم العمل عن بُعد وشروطه:

تُعَرّف اتفاقية منظمة العمل الدولية، العمل من المنزل، على أنه “العمل الذي يؤديه شخص في منزله أو منزلها أو في أماكن أخرى يختارها أو تختارها، خلاف مكان صاحب العمل، مقابل أجر، ويؤدي إلى ناتج أو خدمة وفقًا لصاحب العمل بصرف النظر عن الجهة التي توفر المعدات أو المواد أو المدخلات الأخرى المستخدمة“،  (الاتفاقية رقم 177 / المادة 1) ولا يشمل هذا التعريف الأشخاص الذين يتمتعون “بالدرجة اللازمة للاستقلالية والاستقلال الاقتصادي لاعتبارهم عمالاً مستقلين بمقتضى القوانين أو اللوائح الوطنية أو أحكام المحاكم”. علاوة على ذلك، فإن أولئك الذين يؤدون عملهم عرضيًا -كعمال في المنزل بدلاً عن أدائه في أماكن عملهم المعتادة- لا يُعتبرون عمالاً في المنزل في مفهوم هذه الاتفاقية.

والحقيقة أن الاهتمام بالعمل عن بُعد بدأ منذ سبعينيات القرن العشرين، عندما استخدم للإشارة إلى العمل من مسافات بعيدة عن المكتب أو مقر العمل. ويعد Niles 1975 هو أول من استخدم مصطلح العمل عن بُعد ” Tele communicating “، ليشير إلى العمل بعيدًا عن المكتب والتواصل مع العاملين فيه عبر الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو عن طريق الحاسب الشخصي.

فيما اختلفت الأدبيات حول مُسمّيات العمل عن بُعد من ناحية، وتعريفاته من ناحية أخرى؛ فالبعض يسميه العملTeleworking  أو العمل من خلال شبكات الاتصالات، كذلك Networking أو العمل من مسافات بعيدة ، وWorking – a- distance or Remoting working or Work at home or Home working or Flexible working، وجميعها مصطلحات تشير إلى العمل عن بُعد ولكن بشكل تبادلي.

والحقيقة أنه من الصعب حصر المجالات والأنشطة التي يمكن القيام بها عن بُعد، لكن هناك صفات تميز الأعمال التي يمكن تنفيذها عن بُعد وهي:

– يمكن تنفيذها عبر أجهزة المعلومات والاتصالات.

– يغلب عليها الطابع الفكري وخاصة معالجة النصوص والمعلومات.

– أعمال محددة ومعروفة وأمكن تنفيذها من قبل.

– يمكن قياس الإنتاجية بسهولة.

– لا تحتاج في الغالب إلى إشراف متواصل.

 

 

المحور الثاني: مزايا وسلبيات العمل عن بُعد:

أ- المزايا: يمكن النظر إلى مزايا وسلبيات العمل عن بُعد، من خلال ثلاثة أبعاد: (الأول؛ يتعلق بالأفراد أو الموظفون، والثاني يتعلق بالمنشآت وجهات العمل، والثالث يتعلق بالمجتمع ككل).

أولاً: مزايا العمل عن بُعد للموظفين :

التحكم في الوقت والمرونة وجدولة الأنشطة، وحرية إدارة الوقت ما بين احتياجات الموظف والعائلة.

– تجنب الروتين اليومي وضغوط العمل الناجمة عن صعوبات الانتقال من وإلى العمل أو تكاليف السفر لمقر العمل.

– العمل دون إملاءات أو أوامر من المدراء مع الابتعاد عن البنية الهرمية في العمل التقليدي.

– تخفيض المصروفات التي يتطلبها العمل التقليدي عادة كملابس العمل وتوفير مربية للأبناء.

– تجنب الإرهاق الذي تسببه ساعات العمل الطويلة والساعات المنقضية في التنقل.

– التوازن الأفضل بين العمل والحياة والوقت؛ فعدم التزام الموظف بدوام محدد يعطي الكثير من المرونة للموظف في التوفيق بين جوانب حياته المختلفة.

– زيادة ثقة الموظف بنفسه لعدم وجود مراقبة مباشرة ومستمرة على الموظف، كما أن اتخاذه بعض القرارات وحده تزيد من ثقته بنفسه.

– عدم احتكاك الموظف بشكل مستمر مع زملاء العمل يساعد على تقليل المشاكل التي تحدث في الوظائف التقليدية (الصراع التنظيمي).

– الاستقلالية التي تُوَلّد الإبداع والابتكار من ناحية، والاستقلالية في إدارة العمل وتنظيمه من ناحية أخرى.

– الترابط الأسري؛ حيث يزيد العمل من المنزل الوقت المخصص للأسرة.

– تأسيس معرض خاص بالعامل، حيث يتيح العمل عن بُعد للعاملين إنشاء معرض خاص للأعمال التي قاموا بأدائها من قبل؛ مما يسهم في الحصول على سيرة ذاتية مميزة تسهم في إيجاد وظيفة دائمة في المستقبل.

– يتمتع العاملون عن بُعد بحرية أكثر في اختيار الأعمال التي يقومون بتنفيذها، واختيار الأشخاص الذين يعملون معهم بدون التقيّد بأشخاص محددين .

– الحرية في الاختيار وعدم التقيد بطرف واحد؛ ففي العمل التقليدي يتقيّد الموظف بشركة معينة، لكن في حالة العمل عن بُعد يمكن أن يتعاقد العامل مع أكثر من شركة .

المصدر : بلومبرج (استطلاع رأي أُجري في مايو وشمل 1378 مواطنًا أمريكيًا)

وتجدر الإشارة إلى أنه وفقًا لايجابيات العمل عن بُعد بالنسبة للأفراد؛ فقد أبدى الكثيرون استعدادهم لاستقطاع جزءًا من رواتبهم مقابل البقاء في وظائفهم التي يمكن ممارستها من المنزل .

 

المصدر: بول فيتش

وكان الموظفون الأصغر سنًا، هم الأكثر ميلاً للعمل من المنزل مقارنة بأقرانهم من الموظفين الأكبر سنًا ..

 

 

 

المصدر : مسح ترتيبات واتجاهات العمل / العمل من المنزل

ثانيًا: مزايا العمل عن بُعد لجهات العمل:  

انخفاض الجهود والمصاريف الناجمة عن متابعة الموظفين لحضورهم وغيابهم.

– انخفاض الوقت الضائع في المكاتب التقليدية بين الاجتماعات والزيارات غير المثمرة، وتقديم التقارير عن العمل إلى المكتب المركزي.

– ارتفاع مستوى الجودة؛ لأن أغلب هذه الأعمال التي تُنَفّذ عن بُعد تتم من خلال وسائل تقنية يمكن مراجعتها وتحسينها ورفضها والتعديل عليها بأسهل وأقل التكاليف.

– الاستفادة من خبرات عديدة ومن قوة عمل جديدة ذات مهارات مرتفعة ومن مناطق مختلفة، سواء قريبة أو بعيدة بأقل التكاليف؛ حيث يتم تقديم الخدمة بدون الحضور والتواجد الجسدي، بالإضافة إلى الاستفادة من العمالة الأقل أجرًا أو الأكثر استعدادًا للعمل.

– تقليل نسبة الغياب والانقطاع عن العمل وما يترتب عليها من تأثيرات سلبية على حجم الإنتاج .

– يعد العمل عن بُعد خيارًا اقتصاديًا جيدًا؛ إذ يخفض استهلاك البنى التحتية، كتخفيض النفقات العامة للمنشأة؛ الناتجة عن انخفاض تكلفة استئجار المكاتب وتجهيزها ومصاريف الكهرباء وعقود الإيجار وغيرها .

– زيادة الإنتاجية وتحسينها نظرًا لتمتع العاملين عن بُعد بالحرية في اختيار الوقت والاستقلالية والمرونة.

– التقليل من دوران العمل والحفاظ على استمرارية الموظفين في العمل.

– تواجد الموظفين في مواقع قريبة من الفئات المستهدفة؛ أي في أماكن تواجد العملاء، وكذلك توفير خدمات للعملاء في غير أوقات العمل الرسمية .

ثالثًا: مزايا العمل عن بُعد للمجتمع ككل:

– تنمية الاقتصاد وزيادة فرص الاستثمار ومواجهة البطالة والحد من الفقر، وبالتالي منع حدوث اضطرابات العمال والاحتجاجات التي تَشِلّ الحركة الاقتصادية في بعض الدول بشكل كامل .

– تنشيط الأعمال الحرة المستقلة والصغيرة.

– إيجاد مجالات للعمل في المناطق المهمشة والمعزولة كالمناطق الريفية.

– حماية البيئة حيث يساعد التوجه نحو العمل عن بُعد في انخفاض التلوث البيئي وتوفير الطاقة.

– يساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والإقليمية للمناطق الريفية؛ مما يحد من الهجرة للمدن الرئيسية.

– يرسخ العمل عن بُعد لمفهوم التقييم وفقًا للإنتاجية؛ فحجم الإنتاجية وجودتها هو المعيار الذي سيحتكم إليه في تقييم الموظف وضمان بقائه في الوظيفة.

– يقدم فرصًا كبيرة للدول النامية لتدعيم موقفها التنافسي في الاقتصاد العالمي؛ حيث يسهم العمل عن بُعد في توليد فرص عمل جديدة.

– يساعد في خفض معدلات الهجرة من الريف إلى المدن .

– يتيح المزيد من اللامركزية في أداء الأنشطة والمهام.

– إشراك فئات المجتمع التي لا تتاح لهم فرص المشاركة الاقتصادية بشكل عادل، ويواجهون صعوبة في الانخراط في بيئة العمل التقليدية؛ نظرًا لظروفهم الصحية أو الاقتصادية أو الجغرافية مثل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والسيدات.

ب- سلبيات العمل عن بُعد:

1-سلبيات العمل عن بُعد للأفراد:

صعوبة عمل إجراءات السفر لخارج البلاد، أو فتح حساب بنكي خاص؛ بسبب عدم الانتساب إلى جهة عمل رسمية، وخصوصًا العمال عن بُعد في المنزل لحسابهم الخاص .

-القلق تجاه العائد المادي، والاستقرار الوظيفي؛ أي عدم ثبات العمل وبالتالي عدم ثبات الدخل.

– غياب سبل الحماية الاجتماعية، سواء تخص العائد أو إمكانية التسريح أو الطرد، أو تعويضات البطالة والتأمينات الاجتماعية.

– زيادة حجم التكاليف للفرد العامل عن بُعد؛ فضلاً عن خسارة المساندة التي كان يحصل عليها في العمل بالمقر الرئيس للشركة .

– إمكانية التعرض للمماطلة والتأخر في الحصول على المستحقات والأجور وعوائد العمل، وضعف تراكم رأس المال والعائد وثباته؛ وفي بعض الأحيان قد تمنح المرأة أجور ضعيفة تحت المستوى؛ خاصة للإناث العاملات من المنزل عن بُعد.

– العزلة الاجتماعية للعاملين عن بُعد، خصوصًا من هم في المراحل العمرية من (30:20) عامًا؛ حيث يكون العمل وسيلة مهمة لديهم للتواصل الاجتماعي.

– غياب الروح التنافسية بسبب عدم وجود تفاعل بشري؛ حيث يساعد العمل في المؤسسة على الحفاظ على الروح التنافسية أو تعزيز الإنتاجية.

– إهدار حقوق العمال عن بُعد، وذلك لغياب النقابات العمالية المدافعة عن حقوقهم.

– محدودية فرص التطوير الوظيفي للفرد العامل عن بُعد.

2- سلبيات العمل عن بُعد بالنسبة للشركات وجهات العمل:

– زيادة تكاليف وتبني وتنفيذ العمل عن بُعد واللازمة لإدارة هذا النظام وتشغيله، بالإضافة إلى تكاليف برامج تدريب العاملين عليه وصيانة المعدات وإحلالها.

– صعوبة الرقابة والتحكم والتوجيه الإداري للعامل عن بُعد.

-يؤثر نظام العمل عن بُعد على أمن وسرية وسلامة البيانات والمعلومات في تلك الشركات؛ نتيجة تداولها بين العاملين عن بُعد خارج مقار ومكاتب هذه الشركات.

– تقليل التفاعل الفوري العاجل للعاملين في مكان العمل عن بُعد، ومن ثم تفقد الشركات روح العمل الجماعي وروح الفريق؛ أي ظهور مشاكل في الإشراف والرقابة والتحكم والتوجيه الإداري للعاملين عن بُعد.

 

3- سلبيات العمل عن بُعد بالنسبة للمجتمع ككل :

– فتح المنافسة للعمالة الخارجية أمام العمالة المحلية؛ مما يزيد من صعوبة الحصول على وظائف أمام المواطنين المحليين .

– النظرة المجتمعية الدونية للعمل عن بُعد؛ حيث ينظر له البعض على أنه عمل إضافي مؤقت لا يمكن الاعتماد عليه في منح الاستقرار المالي والوظيفي.

– صعوبة معاملة المؤسسات التي تتبع أسلوب العمل عن بُعد ضريبيًا.

– يخفض العمل عن بُعد من الخدمات المباشرة للعميل.

– يمثل تحديًا لنقابات العمال؛ حيث يضعف العمل عن بُعد من نظم حماية التشغيل القائمة، ويعمل على إيجاد أشكال زائفة من الاستخدام الذاتي، كما يقلل من فرص الاتصال بين أعضاء الاتحاد والنقابة كما كان داخل جهات العمل التقليدية .

المحور الثالث: العمل عن بُعد وجائحة كورونا:

فرضت جائحة كورونا على العالم تغيرًا سريعًا وتحولاً إلى نظام العمل عن بُعد في أغلب مجالات الحياة، وبشكل خاص الأنظمة الإدارية والتعليمية، وقد تم تطبيق آلية العمل عن بُعد بنجاح كبير في 3 مجالات أساسية هي:

1- المجال الإداري: حيث أمكن تطبيق العمل عن بُعد في عقد اللقاءات وإجراء المشاورات بين الموظفين والمدراء في أغلب الشركات والجهات الحكومية،  تم كذلك عقد اللجان من خلال تقنية الاجتماعات – زووم وغيرها من التطبيقات – بأقل تكلفة من حيث الوقت والجهد والمال .

2- المجال التعليمي: وهو النجاح الأكبر، حيث وفرت منصات التعليم الالكتروني في كل دول العالم، فرصًا تعليمية تكاد تكون متساوية مع سبل التعليم التقليدية، والتي تتطلب الحضور إلى المؤسسات التعليمية، كما أتاحت هذه التقنية مجالاً للاستفادة من الخبرات والكوادر الأكاديمية المتميزة في الجامعات الكبرى للتدريس ببعض المحافظات والمناطق النائية. كما مكنت تقنيات ومنصات التعليم الالكتروني الجامعات من عقد برامجها ودوراتها التعليمية والتدريبية عن بُعد بحضور أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب حسب طبيعة كل برنامج .

المصدر: المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية

المجال المالي: يسهم العمل عن بُعد في توفير نفقات التشغيل والاستغناء عن العاملين في بعض الوظائف التي يمكن شغلها عن بُعد بتكلفة أقل؛ مما يعني توفير النفقات المالية وتوجيهها إلى مجالات أخرى.

وعلى الرغم من ذلك، فقد كان للجائحة تأثيرات سلبية كبيرة على سوق العمل؛ فوفقًا لتقرير مجلس الوزراء “اتجاهات وآفاق التشغيل محليًا وعالميًا”، فقد دفعت الجائحة 81 مليون شخص لترك العمل في جميع أنحاء العالم خلال عام 2020. كما أدت الجائحة أيضًا إلى تراجع متوسط ساعات العمل للعاملين بأجر بنحو 8.8% في عام 2020 مقارنة بالربع الرابع من عام 2019، أي ما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل، وهذا المعدل يعد أعلى بمقدار أربعة أمثال ما كان عليه الوضع خلال الأزمة المالية العالمية في عام  2009.

بالإضافة إلى ذلك، فقد ارتفع معدل البطالة العالمي عام 2020 ليصل إلى 6.5%، مرتفعًا بنحو 1.1 نقطة مئوية مقارنة بعام 2019، وسجَّلت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا وأمريكا الشمالية زيادات في معدّل البطالة بما لا يقل عن نقطتين مئويتين؛ وعليه فقد كان للجائحة تأثير كبير على سوق العمل العالمية؛ حيث أدت إلى تغيرات في اتجاهات وأنماط العمل.

أشار تقرير مجلس الوزراء إلى أنه وفقًا لمسح أجرته شركة جارتنر المتخصصة في إجراء الدراسات والاستطلاعات لمساعدة أصحاب الأعمال لإيجاد أفضل البدائل والحلول، فقد وجد أن:

–  48% من الموظفين يرغبون في العمل من المنزل على الأقل جزءًا من الوقت بعد انتهاء الجائحة، مقارنة بنحو 30% قبل حدوث الجائحة، بينما 32% من المنظمات تنوي تغيير العمل بدوام كامل إلى عمل مؤقت أو لمهمة محددة؛ توفيرًا للنفقات.

– 16% من المديرين وأصحاب العمل يعتمدون بشكل أكبر على الوسائل التكنولوجية في متابعة الموظفين.

لقد أعادت جائحة كورونا النظر، كذلك لأغلب العاملين حول العالم، حول كيفية الموازنة بين حياتهم الشخصية والمهنية وهو ما يتحقق بشكل كبير في العمل عن بُعد .

 

 

المصدر: تقرير القمة العالمية للحكومات 2023

ووفقًا لمسح أجرته منظمة العمل الدولية شمل 118 دولة تمثل 86% من إجمالي القوى العاملة في العالم؛ فإن 7.9% من القوى العاملة في العالم تعمل من المنزل بشكل دائم عقب انتهاء الجائحة.

على صعيد متصل، فقد أوضح تقرير مجلس الوزراء أنه على صعيد اتجاهات التشغيل، فهناك تسعة اتجاهات سادت خلال عام 2023 بحسب شركة جارتنر وهي:

  • تزايُد التوجهات نحو تبني نظام العمل الهجين (المكتبي – عن بُعد).
  • تزايُد الضغوط على المديرين بسبب الضغوط المزدوجة للعمل عن بُعد وتطور احتياجات الموظفين.
  • تزايُد أعداد الأشخاص الذين يتقدمون لوظائف خارج مجال خبرتهم.
  •  تزايُد الاهتمام بالصحة النفسية للعاملين.
  • تزايُد اهتمام المؤسسات بتحقيق المساواة والتنوع والشمول في أماكن العمل.
  • المخاوف المرتبطة بخصوصية البيانات في ظل التوسع في استخدام التكنولوجيا.
  • استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في عمليات التوظيف يواجه تحديات تنظيمية.
  • تآكل المهارات الاجتماعية لدى الجيل (Z) كشف الفجوة في المهارات بين الأجيال.
  • إيجاد طرق جديدة عبر التوظيف الهادئ لاقتناص المواهب المطلوبة.


المحور الرابع: المرأة والعمل عن بُعد:

تؤكد منظمة العمل الدولية أنه بالنسبة للعمال الذين يؤدون عملهم في منازلهم، فقد كان معظمهم من النساء ووفقًا لتقديرات المنظمة؛ عمل 147 مليون امرأة و113 مليون رجل من المنزل في عام 2019، وتمثل النساء 56 % من جميع العمال الذين يؤدون عملهم في منازلهم .

وتشير المنظمة الدولية إلى أن ميل النساء إلى العمل من المنزل نسبته 11.5% ، وهو أعلى بكثير من ميل الرجال ونسبته 5.6%؛ ولذلك ليس من المفاجئ أن يكون شكلاً من أشكال الإنتاج شديد التمييز بين الجنسين. ولأن النساء في جميع أنحاء العالم لازلن يتحمّلن عبء عمل الرعاية غير مدفوع الأجر؛ يلجأ البعض إلى العمل من المنزل كطريقة للجمع بين مسؤوليات الرعاية وفرص الدخل مدفوعة الأجر، حتى لو أن ذلك غالبًا ما يؤدي إلى إطالة يوم العمل.

ومع ذلك، فإن فرصة العمل من المنزل مرحب بها من قِبل النساء والرجال الذين يسعون إلى المرونة، وكذلك من قِبل العمال ذوي الإعاقة الذين قد يكون لديهم فرص أقل للعمل مدفوع الأجر .

المصدر: منظمة العمل الدولية

وتشير منظمة العمل الدولية إلى أن التقارير الواردة من العديد من البلدان التي كانت لديها إجراءات إغلاق بأمر من الحكومة لكبح انتشار فيروس كورونا؛ إلى أن حدوث العنف المنزلي قد تصاعد بشكل كبير. وبالنسبة للعديد من الناجيات من العنف المنزلي، يوفر العمل  فترة راحة من عدم القدرة على التنبؤ بسوء المعاملة، ويمكن أن يكون هناك خطر مباشر داخل المنزل أكثر من خارجه، وهو ما تطلب إذكاء الوعي وتقديم الدعم والمساعدة للضحايا المحتملين، بالإضافة إلى تمكين جميع العمال من الاهتمام ببعضهم البعض ،واكتشاف علامات الإنذار المبكر بأن شيئًا ما قد يشير إلى حدوث إساءة أو عنف في منزل أحد زملائهم في العمل.

كما ينبغي للمؤسسات أن تتبادل المعلومات مع العمال حول مكان الإبلاغ وطلب المساعدة لمكافحة العنف المنزلي، بما في ذلك الخطوط الساخنة الوطنية والمحلية وخدمات المستجيبين المدربين، باستخدام كلمات رمزية خاصة يمكن للضحايا استخدامها للإشارة إلى الإساءة؛ وبالتالي إطلاق استجابات من قِبل السلطات المختصة .

ويمثل الحصول على الأجر المُجزي والمرونة في عدد ساعات وظروف العمل، أحد أهم دوافع النساء عند البحث عن عمل، وعادة ما تكون هذه المرونة متوافرة في الأعمال التي يمكن أداؤها عن بُعد، وهو ما أشارت إليه إحدى الدراسات التي أجريت في دول مجلس التعاون الخليجي .

المصدر: تقرير القمة العالمية للحكومات 2023

 

المحور الخامس: العمل عن بُعد في مصر:

لقد بذلت الدولة المصرية جهودًا كبيرةً لتحسين البنية التحتية التعليمية ورفع معدلات التشغيل في مصر بشكل عام والعمل على خفض معدلات البطالة؛ حيث تشير مؤشرات سوق العمل المحلية، إلى أنه على الرغم من تداعيات جائحة كورونا، فإن معدل البطالة في مصر استمر في الانخفاض ليصل إلى 7.4% عام 2021 مقارنة بـ 13.0% عام 2014، كما استمر عدد المشتغلين في الارتفاع ليصل إلى 27 مليونًا و200 ألف مشتغل عام 2021، مقارنة بـ 24 مليونًا و300 ألف مشتغل عام 2014.

كذلك جاءت مصر في المرتبة 58 من بين 141 دولة على مستوى العالم في المؤشر الفرعي الخاص بالإنتاجية والأجور بتقرير التنافسية العالمية لعام 2019؛ حيث حصلت مصر على 52.6 نقطة من أصل 100 نقطة.
كما بلغ معدل البطالة لدى الإناث 16% في عام 2021 مقارنة بـ 23.6% عام 2016؛ مما يعكس حرص الدولة المصرية على تعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة.

والحقيقة، أن دعم القطاع التعليمي لاسيما الجامعي يُعد أبرز جهود الدولة المصرية، فقد ألزمت المادة 21 من الدستور المصري الدولة على أن تلتزم بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم الجامعي لا تقل عن 2% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًّا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. ولذلك، فقد شهد حجم الإنفاق العام على التعليم خلال السنوات الخمس الماضية قفزة؛ حيث ارتفع من 109.2 مليارات جنيه في العام المالي 2017/2018 ليصل إلى 192.7 مليار جنيه في موازنة العام المالي 2022/2023.

كما شهدت عدد من الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية في مصر، قفزة هائلة من 43 جامعة في العام الدراسي 2013/2014 إلى 68 جامعة في العام الدراسي 2021/2022، كما تم التوسع في إنشاء كليات الذكاء الاصطناعي لتصل إلى 10 كليات خلال العام الدراسي 2022/2023، و29 مدرسة تكنولوجية، بالإضافة إلى 8 مجمعات تكنولوجية تم إنشاؤها بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إطار استراتيجية الدولة لتوطين ونشر ثقافة الإبداع والابتكار على مستوى الجمهورية.

وفي خضم هذه الجهود غير المسبوقة من قِبل الدولة المصرية لخفض معدلات البطالة ودعم الخريجين بالمهارات اللازمة لسوق العمل، يظهر العمل عن بُعد كخيار استراتيجي يمكنه أن يحقق العديد من المزايا للدولة والتي يمكن إجمالها في الآتي :

  • خفض معدلات البطالة: تشير كافة البيانات الواردة عن خصائص ومعدلات البطالة فى مصر إلى ارتفاع البطالة بين الإناث عن الذكور بشكل لافت، وكذلك ارتفاعها بين فئة الشباب الحاصلين على مؤهلات عليا، فضلاً عن ارتفاعها فى الحضر مقارنة بالريف. وهنا يصبح العمل عن بُعد مدخلاً لاستيعاب بطالة الشباب والمتعلمين والريفيين وإيجاد مجالات عمل للفئات الضعيفة والمهمشة مثل كبار السن والمعاقين وسكان المناطق النائية والمناطق الريفية وخاصة في قرى صعيد مصر وريفها .
  • دعم الموقف التنافسي الاقتصادي العالمي للدولة؛ حيث يسهم العمل عن بعد في توليد فرص عمل جديدة.
  • خفض معدلات الهجرة من الريف إلى الحضر؛ حيث يوفر العمل عن بُعد إمكانية توليد الدخل محليًا عبر القنوات الإلكترونية، فضلاً عن خفض الازدحام المروري في المدن الحضرية خاصة القاهرة .

وهنا تجدر الإشارة إلى نتائج الدراسات التي أُجريت عن تجربة العمل عن بُعد في مصر، خاصة في وقت الجائحة، إلى أن العمل عن بُعد يمثل توجهًا مستقبليًا بصرف النظر عن ضغوط كورونا، وإنه يمكن الاستفادة من هذا العمل مستقبلا .

جهود الدولة المصرية في تأسيس قاعدة للعمل عن بُعد قبل وبعد جائحة كورونا:

لقد قدمت الدولة المصرية العديد من المبادرات لدعم وبناء قاعدة للعمل عن بُعد، قبل وبعد جائحة كورونا، كان أبرزها ما يلي :

  • إطلاق مبادرة “حاسب لكل منزل” من خلال وزارة الاتصالات والمعلومات في نوفمبر عام 2002.
  • إطلاق مبادرة شبكة المدارس الذكية، والتي بدأت عام 2003 بهدف إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النظام التعليمي؛ لرفع جودة العملية التعليمية وتشجيع الطلبة والطالبات على الإبداع، وإكسابهم المهارات الحديثة التي يتطلبها سوق العمل.
  • مشروعات القرى الذكية في 6 أكتوبر، ومشروعات وادي التكنولوجيا، وافتتاح مركز الحكومة الإلكترونية لتأهيل متخصصين في تقنية المعلومات والاتصالات، والعمل ببرنامج محو أمية الحاسوب والانترنت بالتعاون مع المجتمع المدني .
  • إنشاء أول سوق إلكترونية للصناعة المصرية، وتأسيس أول شركة عربية للتجارة الإلكترونية من خلال الانترنت ومقرها مدينة القاهرة .
  • طُرحت العديد من المنصات قيد التشغيل حالياً في مصر؛ حيث تسمح للباحثين عن عمل التواصل مع أصحاب العمل الراغبين في توظيف عمال عن بُعد، وكان في مقدمتها منصة com والتي من خلالها زادت عدد الوظائف الشاغرة للعمل عن بُعد بنسبة 124%.
  • وضعت وزارة التربية والتعليم خطة عاجلة للتحول إلى التعليم عن بُعد ومتابعة تطبيقها؛ حيث طبقت الخطة في الفصل الدراسي الثاني للعام الجامعي 2019-2020 ، فشكلت لجانًا مركزية لوضع خطط لإدارة العمل عن بُعد، وهيأت المنصات التعليمية، كما شرعت في تدريب وتأهيل المدرسين وأعضاء هيئة التدريس للتحول للعمل عن بُعد، كما عقدت المجالس الجامعية في الكليات والأقسام عن بعد بالاعتماد على التطبيقات التقنية .
  • اقترحت رؤية مصر 2030 بعض البرامج والمشاريع المتعلقة بالتكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل المشروع القومي للإنترنت عالي السرعة، وتحويل مصر إلى مركز رقمي عالمي .
  • في 30 مايو 2020 وخلال جائحة كورونا، أعلنت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ايتيدا) بدعم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مبادرة تدريب فريدة عبر الإنترنت لتوسيع نطاق التكنولوجيا لدى الشباب المصري، والتدريب عبارة عن منحة دراسية مدتها 18 شهرًا متاحة مجانًا لـ 100000 مصري، وذلك لمساعدتهم على إتقان إحدى المهارات التكنولوجية الأساسية للعمل عن بُعد والتفوق في المستقبل الرقمي.

 

……………………………………………………….

المراجع:

1- بحث “العمل عن بعد ومنظومة العمل : ملامح التغير …رؤية اجتماعية” / د.نشوى توفيق أحمد ثابت

مدرس علم الاجتماع – كلية الآداب – جامعة عين شمس .

2- تقرير منظمة العمل الدولية “العمل عن بعد خلال جائحة كوفيد -19 وما بعدها ” تقرير عملي 2020.

3- تقرير القمة العالمية للحكومات 2023 “مستقبل العمل : إلقاء الضوء على مجلس التعاون الخليجي “.

4-منظمة العمل الدولية / تقرير “العمل من المنزل من الخفاء إلى العمل اللائق ” / ملخص تنفيذي .

5- الموقع الرسمي لمنظمة العمل الدولية .

6- الموقع الرسمي للأمم المتحدة.

7- تقرير “اتجاهات وآفاق التشغيل محليًا وعالميًا” الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء / مركز دعم واتخاذ القرار.

8- الموقع الرسمي لمؤسسة بلومبرج.

The post العمل عن بعد .. المفهوم ..المتطلبات..التوصيات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8168
الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول https://draya-eg.org/2024/08/31/%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%ac%d8%b1%d8%a9-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%a8%d8%b9%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84%d9%88%d9%84/ Sat, 31 Aug 2024 17:53:02 +0000 https://draya-eg.org/?p=8152 لا شك في أن تحويلات المصريين في الخارج تشكل جزءاً هاماً في اقتصاد الدولة المصرية ومصدراً داعماً للعملات الأجنبية، حيث تشير البيانات إلى أن مصـر تعد مـن أكبـر الـدول المسـتقبلة للتحويـلات علـى مسـتوى العالـم “المركـز الخامــس عالميــاً” بقيمــة 28.92 مليــار دولار عــام 2018، وبلغــت نســبة تحويلات المصريين بالخارج من إجمالي مصادر النقد الأجنبي بمصر خلال …

The post الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لا شك في أن تحويلات المصريين في الخارج تشكل جزءاً هاماً في اقتصاد الدولة المصرية ومصدراً داعماً للعملات الأجنبية، حيث تشير البيانات إلى أن مصـر تعد مـن أكبـر الـدول المسـتقبلة للتحويـلات علـى مسـتوى العالـم “المركـز الخامــس عالميــاً” بقيمــة 28.92 مليــار دولار عــام 2018، وبلغــت نســبة تحويلات المصريين بالخارج من إجمالي مصادر النقد الأجنبي بمصر خلال عام 2022 / 2023 حوالي 23.5%، لتكون بذلك المصدر الثاني  للنقد الأجنبي، الأمر الذي يساهم بدوره في دعم قدرة الدولة على توفير احتياجاتها الأساسية وزيادة قدرتها على استيراد السلع وتلبية احتياجات المواطنين.

ولذلك تعد الهجرة النظامية أو “الهجرة الشرعية” جزءاً أصيلاً من قوة الاقتصاد الوطني لأي دولة ومصدراً هاماً للدخل القومي، كما تساهم بدورها في تحقيق أهداف التنمية. ولكن التحدي الحقيقي الذى يواجه الحكومات هو”الهجرة غير النظامية ” أو ما يعرف بـ “الهجرة غير الشرعية ” والتي يشكل البحث عن عمل لائق أهم دوافعها الأساسية، حيث يخاطر الشباب بحياتهم وأسرهم بحثاً عن فرص عمل لائقة وحياة أفضل – كما يعتقد– في دول أخرى، متغافلين عن العواقب الوخيمة المترتبة على ذلك .

وإتساقا مع ما تقدم،  يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على “الفرق بين الهجرة النظامية وغير النظامية من حيث المفهوم؛ مع رصد لبعض الاحصائيات عن حجم الهجرة النظامية وغير النظامية في مصر، أبعاد مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر وأسبابها، وأخيراً جهود الدولة المصرية في الحد والتعامل مع هذه الظاهرة”.

وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة والتي يمكن وضعها أمام صانع القرار لعلها تقدم حلولاً تتكامل مع رؤية الدولة وخططها في هذا الصدد مايلي:

1- دراسة الطبيعة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لحالات الشباب الذي أقدم على الهجرة غير النظامية  بشكل علمي ومفصل لمعرفة دوافعهم، وتقديم الدعم والحلول المناسبة لها عبر مؤسسات الدولة.

2- وضع استراتيجية وقائية وعلاجية لظاهرة الهجرة غير النظامية ترتكز على توفير فرص العمل، وتسهيل الهجرات الشرعية، وتوفير فرص للتدريب لرفع مستوى الكفاءة والأداء المهني للشباب مما يمكنهم من إيجاد فرص للعمل بدول أخرى.

3- العمل على خفض معدلات الفقر والبطالة واعتبار ذلك أولوية قصوى للدولة المصرية، على اعتبار أنها أهم العوامل التي تؤدى لتفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية.

4- زيادة دعم الدولة للأسر والمجتمعات الفقيرة والمهمًشة، خاصة أنهم المصدر الأهم لضحايا الهجرة غير النظامية.

5- وضع خطة إعلامية كبرى للتوعية بمخاطر الهجرة غير النظامية تشارك فيها المؤسسات الدينية بشكل فعًال.

6- زيادة حجم التدابير والمواجهات السياسية والأمنية لشبكات التهريب، وذلك في إطار الجهود الداخلية والإقليمية والدولية لمكافحة جرائم تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.

7- زيادة التعاون والتنسيق الدولي فى مجال مواجهة الهجرة غير النظامية، وذلك من خلال إبرام المزيد من الاتفاقيات المعنية والعمل على تفعيلها، فضلاً عن تبادل الدراسات والبيانات عن ظاهرة الهجرة غير النظامية.

8- العمل على عقد المزيد من الاتفاقيات بين الدول المصدٍرة للعمالة، وتلك التي تحتاج لعمالة موسمية بما يحقق أقصى استفادة من ظاهرة الهجرة لكل من الطرفين.

9- زيادة منافذ الهجرة النظامية، والتنسيق بين الجهات الحكومية المعنية للترويج لفرص العمل المتاحة للشباب في الدول التي يرغبون في الهجرة اليها.

10- التوسع في إجراء المزيد من المسوح والدراسات حول احتياجات ومتطلبات أسواق العمل الخارجية، والتركيز على توفير فرص هجرة للراغبين فى ذلك، مع أهمية تسليط الضوء على القوانين الحاكمة لأنظمة الهجرة في الدول الأخرى.

 

أولاً: الفرق بين الهجرة النظامية وغير النظامية ، من حيث المفهوم …

عرًفت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر “الهجرة الآمنة” أو “الهجرة النظامية” على أنها:(انتقال شخص من مكان إقامته المعتاد إلى مكان إقامة جديد، بما يتماشى مع القوانين واللوائح التي تحكم خروج بلد المنشأ والسفر والعبور والدخول إلى الوجهة أو البلد المضيف).

بينما أشارت اللجنة إلى أن تعريف ” الهجرة غير النظامية ” أو “الهجرة غير الشرعية”:(هو الهجرة خارج المعايير التنظيمية للدولة المرسِلة أو دولة العبور أو الدولة المستقبِلة للمهاجرين. ومن وجهة نظر الدولة المستقبلة، فإنها تتضمن الدخول أو الإقامة أو العمل بصورة غير قانونية في البلاد. أما من وجهة نظر الدولة المرسِلة، فهي تنطوي على مخالفة اللوائح والقوانين في حالات مثل: قيام الشخص بعبور الحدود الدولية دون جواز سفر صالح أو وثائق سفر أو غير مستوفي الشروط الإدارية لمغادرة البلاد. إلا أن المصطلح يرتبط أكثر بحالات تهريب المهاجرين بطريقة غير شرعية/ قانونية).

كذلك تجدر الإشارة الى أنه هناك فروق جوهرية وتشابهات أيضاً بين مصطلح “الهجرة غير الشرعية”                أو” تهريب المهاجرين “و”الإتجار بالبشر”؛ فكلاهما تجارة مربحة تشمل البشر وتقوم بها الجماعات المنظمة، ولكن ثمة اختلافات بينهما:

  • يمكن الإتجار بالأشخاص داخل البلد (الإتجار الداخلي) أو عبر الحدود (الإتجار الدولي)، في حين أن تهريب المهاجرين يحدث فقط عبر الحدود.
  • الإتجار بالأشخاص هو جريمة ضد الإنسانية، في حين أن تهريب المهاجرين هو جريمة ضد الدولة.
  • استمرار الاستغلال: العلاقة بين المهاجر المُهرَّب والمهرِّب تنتهي بعد عملية عبور الحدود الدولية. أما في حالة الاتجار بالبشر؛ فإن العلاقة لاتنتهي بين التاجر والشخص الذي يتم الإتجار به ويتم إجبار الضحايا أو خداعهم، حيث تنصب نية التاجر على استغلالهم.
  • ونادرًا ما ينطوي الإتجار في الأشخاص على الدفع المسبق، في حين يعد الدفع المسبق أمرًا ضروريًّا في حالة تهريب المهاجرين.
  • وعلى الرغم من التمييز الواضح، فمن الممكن أن تتحول قضية تهريب المهاجرين إلى قضية إتجار بالبشر؛ وقد يصبح المهاجرون المهرَّبون الذين يتم استغلالهم في أية مرحلة من مراحل العملية ضحايا للإتجار بالبشر.

ثانياً: إحصائيات وأرقام عن حجم الهجرة النظامية وغير النظامية في مصر:

فيما يتعلق بحجم الهجرة غير النظامية في مصر في إطار المستوى الإقليمي الراهن، فقد أصدرت شبكة “البارومتر العربي” تقريراً حول نوايا ودوافع الهجرة في البلدان العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ أوضحت نتائج المسح المنشورة على موقع الشبكة البحثية إلى أن “ما يقرب من نصف من تم استجوابهم (48%) يريدون مغادرة المملكة المملكة الأردنية الهاشمية في حين جاءت مصر في المرتبة الأدنى من تلك الناحية حيث عبر 13% فقط عن رغبتهم في الهجرة . وأشار المسح أيضاً إلى أنه مثلت الصعوبات الاقتصادية الدافع الأكبر للهجرة في مصر بنسبة 97% ، لكنها لم تمثل ذات النسبة في الأردن فبلغت نحو 93% ، وانخفضت في ليبيا إلى 53%.

كما تحتل مصر المرتبــة الثانيــة مــن حيــث أعــداد المهاجريـن غيـر النظامييـن عبـر الطريـق البحـري مـن البحـر المتوسـط والبـري إلـى أوروبـا، والـذي بلـغ مـا يقـرب مـن 7938 مهاجـراً منـذ ينايـر 2021 وحتـى ديسـمبر من العام نفسه،  تتوجـه الغالبيـة العظمـى منهـم إلـى اليونان ومالطا وإيطاليا.

وفيما يتعلق بالهجرة النظامية، فقد شـهدت مصـر خـلال العقديـن الماضييـن ارتفاعـًا ملحوظًـا فـي أعـداد المهاجريـن النظاميين، وتحديـداً منـذ عـام 2005، حيـث زاد إجمالـي أعـداد المهاجريـن مـن 1.3 مليـون فـي 1990 إلـى 1.8 مليـون فـي 2005 ثـم قفـزت إلـى 3.6 ملاييـن فـي 2020 ، أي مـا يمثـل حوالـي 3.5% مـن إجمالـي السـكان. وتعتبـر مصـر مـن أكبـر بلـدان المنشـأ للمهاجريـن، حيـث احتلـت الترتيـب 19 عالميـاً والترتيـب الثانـي عربيـاً (بعـد سـوريا) فـي عـام 2019.

وفيمـا يتعلـق بالـدول المسـتقبلة للعمالـة المصريـة، تشـير إحصـائيات مسـح سـوق العمـل المصـري لعـام 2018 إلـى أن الـدول العربيـة تعتبـر الوجهـة الأولـى للعمالـة المصريـة المهاجـرة، خاصـة فـي كل مـن السـعودية والكويـت والأردن والإمـارات العربيـة المتحــدة، حيــث بلغــت نســبة المهاجريــن المصرييــن إلــى هــذه الــدول لإجمالــي أعــداد المهاجريــن 41.3% و28.7% و10.5% و5.3% علــى الترتيــب. وقد بلغت نسبة تصاريح العمل بالخارج لهذه الدول حوالي 97% من إجمالي تصاريح العمل بالخارج.

تأتـي فـي المرتبـة التاليـة للـدول العربيـة بعـض دول منظمـة التعـاون الإقتصـادي والتنميـة بنسـبة 2.9% ودول الإتحـاد الأوروبـي بنســبة %1.6 مــن إجمالــي العمالــة. وتتركــز الهجــرة إلــى الــدول الأجنبيــة بشــكل رئيســي فــي إيطاليــا بنســبة 37.1% تليهــا الولايـات المتحـدة الأمريكيـة بنسـبة 35.4% ، ثـم كنـدا بنسـبة 19.4% وأخيـراً أسـتراليا بنسـبة  2.9% مـن إجمالـي المهاجريـن الدائميــن للــدول الأجنبيــة.

وتعتبــر الهجــرة لهــذه الــدول هجــرة دائمــة بغــرض الإرتقــاء بالأحــوال المعيشــية والحصــول علــى حقـوق المواطـن الأصلـي بهـذه البلاد، علـى عكـس الهجـرة للـدول العربيـة التـي تأخـذ شـكلاً مؤقتًـا بغـرض الحصـول علـى دخـل مرتفـع، إلا أن المكـوث بهـا لا يضيـف حقوقـاً للمسـافر.

وبوجـهٍ عـام، يتجـه المهاجـرون الأفضـل فـي مسـتوى التعليـم إلـى الـدول الغربيـة بينمـا يذهـب أصحـاب المسـتويات التعليميـة الأقـل إلـى الـدول العربيـة ويمثلـون المصـدر الأكبـر مـن تحويـلات العامليـن بالخـارج.

ويعتبـر البحـث عـن فرصـة عمـل مناسـبة الهـدف  المحـوري الـذي يسـعى إليـه جميـع المهاجريـن، سـواء بشـكل نظامي أو خـلاف ذلــك، ففــي ظــل عــدم قــدرة الاقتصــاد علــى خلــق طلــب كاف لإســتيعاب قــوة العمــل مــن ناحيــة، وانخفــاض المهــارات وجــودة التعليـم مـن ناحيـة أخـرى، يلجـأ العديـد مـن الشـباب إلـى مسـارات الهجـرة غيـر النظاميـة بحثـاً عـن فـرص عمـل لائقـة.

ثالثاً: أبعاد مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر:

*نشأة المشكلة : بدأت مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي؛ حيث تدفقت العمالة المصرية إلى دول الخليج بهدف المشاركة في المشروعات الإنشائية الضخمة التي شرعت في بنائها هذه الدول من عوائد النفط ، خاصةً لكون العمالة المصرية منخفضة الأجور في ذلك الوقت مقارنة بمثيلاتها من دول العالم الأخرى، ولكن الأمر تغير مع بداية فترة التسعينيات وانتهاء حرب الخليج الأولى واتجاه دول الخليج إلى استبدال العمالة المصرية بالآسيوية التي أصبحت أفضل في المهارات وأكثر انخفاضاً في الأجور، فضلاً عن اتجاه هذه الدول إلى إحلال العمالة من أبناء الدول نفسها بديلاً عن العمالة الوافدة من الدول الأخرى في الوقت الذي قامت فيه دول الإتحاد الأوروبي بتوقيـع اتفـاق شـنغن عـام 1990 ثـم معاهـدة ماسـتريخت عـام 1992 لضمـان حريـة الانتقال لمواطنـي الإتحـاد الأوروبـي داخـل حـدود أعضائه دون قيـود، وقـد ترتـب علـى ذلـك فـرض قيـود شـديدة علـى انتقـال العمالـة الأجنبيـة إلى داخل الإتحـاد الأوروبـي، وبالتالى ازداد اتجاه الراغبين في الهجرة إلى اللجوء إلى الطرق غير الشرعية وغير القانونية بهدف الإنتقال إلى هذه الدول.

*أكثر المحافظات المصرية المصدرة للمهاجرين غير النظاميين :

أوضحت دراسة بحثية حديثة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بين الشباب المصري الذي يرغب في الهجرة بصورة غير نظامية إلى وجود إحدى عشرة محافظة مصدٍرة للمهاجرين غير النظاميين: الشرقية، الدقهلية، القليوبية، المنوفية، الغربية، البحيرة، كفر الشيخ، الفيوم، أسيوط، الأقصر والمنيا.

*خصائص القرى والمحافظات المصدٍرة للمهاجرين غير النظاميين:

1تشتهر هذه القرى بالزراعــة والصيــد وصناعــة الســفن فــي الوجــه البحــري، والزراعـة والرعـي والسـياحة والتجـارة المتعلقـة بهـا بالوجـه القبلـي.

2- نقـص دور خدمـات الرعايـة الصحيـة، خاصـة فـي الوجـه البحـري، ونقــص الإمكانــات الماديــة والبشــرية، إلــى جانــب نقــص فــي المــدارس الإعداديــة ونقــص شــديد فــي المــدارس الثانويــة.

3- الطـرق أغلبهـا ترابيـة وشـديدة السـوء فـي الوجـه البحـري، ولكنهـا أفضـل فـي الوجـه القبلـي نتيجـة للأنشـطة السـياحية.

4 – توافــر شــبكة مــن العلاقــات مــن معارف/ أهــل/ أقــارب فــي دولــة المقصــد أو خبــرات ســابقة لهــم فيهــا، بحيــث يتــم الحصــول علــى المعلومـات المتعلقـة بتوافـر فـرص العمـل ومسـتوى الأجـور وظـروف المعيشــة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إيطاليـا تعتبر مـن أهـم بلـدان المقصـد لقربهـا مـن مصـر وتعتمـد أغلــب مســارات الهجــرة علــى البحــر فــي الوجــه البحــري والطــرق البريـة مـن خـلال ليبيـا فـي الوجـه القبلـي.

5- وجــود سماســرة ووكلاء ســفر ومترجميــن ومكاتــب التشــغيل ومصرفييــن أغلبهــم لهــم تجــارب ســابقة فــي الهجــرة.

6- وجود أقران فـي القريـة قامـوا بالهجـرة وظهـرت علامـات الثـراء عليهـم بعـد العـودة، بالإضافـة إلـى وجـود تشـجيع مـن جانـب الأسـر.

*خصائص المهاجرين الديموغرافية :

1- أغلبهم إما أطفال غير مصحوبين بذويهم وأعمارهم تتراوح ما ين 18:9 عاماً أو شباب من 35:18 عاماً وجميعهم من الذكور، أغلبهم متأخر في الزواج ومتسرب من التعليم، كما يعيش أغلبهم في أسر كبيرة العدد.

2- غالبيتهم من العاملين في وظائف غير رسمية أو عاطلين (محبطين /غير راضيين عن فرص العمل المحلية).

3- يتمتع ما يقرب من ثلث الشباب بمهارات منها الكمبيوتر واللغات.

4- تتوافر البنية الأساسية بنسب مختلفة كما أن لديهم سلع معمرة ولكن لا يمتلكون أراض أو عقارات.

*أكثر دول المقصد الأكثر جذباً:

على الرغم من أن الإحصاءات تشير إلى أن بعض المهاجرين المصريين غير النظاميين يتجهون إلى اليونان ومالطا، تظل إيطاليا هي الوجهة المفضلة لمعظم المهاجرين؛ حيـث تـم ترحيـل مـا يقـرب مـن 649 شـاباً فـي 2001، ثـم ازدادوا إلـى 5102 شـاباً فـي 2007، مـن هـذه الـدول عنـد الوصـول.

ويرجع السبب في تفضيل المهاجرين لإيطاليا إلى:

  • الوضع الاقتصادي الجيد بإيطاليا بالمقارنة بمالطا واليونان.
  • اجتذاب القطاع غير الرسمي الكبير بإيطاليا للعديد من العمال المهاجرين المهرة وغير المهرة الباحثين عن العمل، حيث لا يستلزم الأمر إقامتهم وعملهم بشكل قانوني.
  • تشجيع الجاليات المصرية في مدن مثل ميلانو لأفراد عائلاتهم أو أصدقائهم أو معارفهم من نفس القرى، ممن يبحثون عن فرص عمل والمعيشة في إيطاليا، على الهجرة غير الشرعية.

المخاطر المحيطة بالهجرة غير النظامية في إيطاليا:

تعتبر مخاطر الهجرة غير النظامية هي نفسها لكل من البالغين والأطفال وتتمثل في صعوبة الرحلة من بلد منشأهم. ومع ذلك، فإنه غالبًا ما يكون لها أثر سلبي أكثر شدة على الأطفال لأنهم أكثر عرضة للخطر، حيث يكون الأطفال المهاجرون غير المصحوبين عرضة للاستغلال بمجرد وصولهم من مصر لعدد من الأسباب لاسيما إذا كان هربًا من مراكز المهاجرين ومن أبرز هذه المخاطر:

– يكون هؤلاء الأطفال، في كثير من الأحيان، جاهلين بحقوقهم أو بنص القانون الإيطالي على حمايتهم؛ حيث يستقون معلوماتهم من معارفهم فقط وغالبًا ما يضطروا لدفع المال للراشدين من أجل مرافقتهم إلى مواعيد الخدمات الاجتماعية أو ومراكز الشرطة أو المحكمة وقد يحتاجوا أيضا إلى القيام بذلك من أجل الحصول على وصي معين. وفي بعض الأحيان، يتعرض الشباب للاستغلال من قِبل وليّ الأمر الذي يختارونه.

– يعد الأطفال المهاجرون غير المصحوبين هم أيضا عرضة بشكل خاص للاستغلال بسبب تكلفة رحلة الهجرة؛ وهذا يعني أنه من الممكن استغلالهم في ظروف عمل سيئة أو غير إنسانية لتسديد الدين للمهربين.

– يمكن أيضاً أن يتم إجبار هؤلاء الأطفال على أنشطة الإتجار بالبشر الأخرى، بما في ذلك الدعارة وتجارة المخدرات و العمل بالسخرة أو نزع أعضاؤهم قسرًا.

رابعاً: أسباب الهجرة غير النظامية في مصر:

تتعدد وتتشابك أسباب الهجرة غير النظامية في مصر، إلا أنه يمكن إيجازها في النقاط التالية:

أ- أسباب اقتصادية:

-الفقر ونقص الاحتياجات الأساسية.

-الرغبة في تحسين مستوى المعيشة.

-ارتفاع مستوى البطالة أو العمل في ظروف غير مستقرة (القطاع غير الرسمي) وعدم الرضاء عن فرص العمل المحلية المتاحة.

ب- أسباب ثقافية:

-التشجيع من جانب الأسرة والمجتمع في القرى على الهجرة غير النظامية، والنظر إليها على أنها شكل من أشكال الكفاح.

-الموروث الثقافي المتعلق بإنجاب عدد كبير من الأطفال، وما يترتب عليه من نمو في تعداد السكان وحجم قوة العمل مع نقص في المعروض من الوظائف.

ج- أسباب اجتماعية:

-عدم القدرة على تحمل تكاليف الزواج.

– المقارنة بالأقران في القرية ممن استطاعوا الهجرة وظهرت عليهم علامات الثراء بعد العودة.

د- أسباب أخرى:

– ارتفاع تكاليف الهجرة الشرعية/النظامية والقيود عليها في الخارج.

– وجود ظروف محفزة في القرى المصدرة للهجرة ( كشبكة العلاقات والسماسرة، وتوافر معلومات عن دول المقصد، وتجارب سابقة).

خامساً: جهود الدولة المصرية للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية :

قامت الدولة المصرية ببذل جهود كبيرة ومخلصة فى سبيل الحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية على المستوى المحلي والدولي والتي كان من أبرزها:

أ- على المستوى المحلي:

1– إنشـاء اللجنـة الوطنيـة التنسـيقية لمكافحـة الهجـرة غيـر الشـرعية عـام 2014 بموجـب قـرار رئيـس مجلـس الـوزراء رقـم  380 لعام 2014.

2-  إنشـاء “اللجنـة الوطنيـة التنسـيقية لمكافحـة ومنـع الهجـرة غير الشـرعية والإتجـار بالبشـر”  كإعـادة هيكلـة للجنـة السـابقة، وتتكـون عضويـة اللجنـة مـن 30 وزارة وهيئـة ومركـزاً قوميًـا، مـن بينهـم وزارة الدفـاع ووزارة القـوى العاملـة ووزارة الهجـرة وشـؤون المصرييـن بالخـارج ووزارة الداخليـة والخارجيـة والمركـز القومـي لحقـوق الإنسـان والمركـز القومـي للأمومـة والطفولـة المنـوط بـه التمثيـل القانونـي للأطفـال المهاجريـن غيـر المصحوبيـن والذيـن لـم يُستـدل علـى أسـرهم.

3- إصدار القانـون رقـم 82 لسـنة 2016 وهو أول قانـون يناقـش مكافحـة الهجـرة غيـر النظاميـة، حيـث جـرم القانـون المسـاعدة بـأي شـكل مـن الأشـكال علـى الهجـرة غيـر النظاميـة وتهريـب المهاجريـن ، ووضـع عقوبـة تتمثـل فـي الحبـس أو دفـع غرامـة لا تقـل عـن خمسـين ألـف جنيـه ولا تزيـد عـن خمسـمائة ألـف جنيـه مصـري حسـب شـدة الجـرم. ولـم يحمـل القانـون المهاجريـن غيـر النظامييـن أو ذويهـم أيـة مسـؤولية مدنيـة أو جنائيـة، حيـث اعتبرهـم ضحايـا لجريمـة التهريـب. كمـا تضمـن القانـون إنشـاء “صنـدوق مكافحـة الهجـرة غيـر الشـرعية وحمايـة المهاجريـن والشـهود”، وتكـون لـه شـخصية اعتباريـة عامـة وموازنـة خاصـة بـه لتقديـم الدعـم المالـي لضحايـا الهجـرة غيـر الشـرعية.

5- إطلاق المبــادرة الرئاســية “مراكــب النجــاة” فــي اختتــام منتــدى الشــباب فــي ديســمبر 2019 للتصــدي للهجــرة غيــر النظاميــة، والتــي تــم اعتبارهــا مبــادرة قوميــة وتــم ربطهــا باستراتيجية مصــر 2030 حيــث خصصــت وزارة التخطيـط مبلـغ 250 مليـون جنيـهاً مصـرياً لتفعيـل المبـادرة فـي 70 قريـة فـي المحافظـات الأكثـر تصديـراً للهجـرة غيـر النظاميـة.

ب- على المستوى الدولي:

1- تـم إطـلاق مبـادرة “مـن أجـل إفريقيـا” عـام 2016 بالتعـاون بيـن الإتحـاد الأوروبـي والمنظمـة الدوليـة للهجـرة لتسـهيل الهجـرة الآمنـة والمنظمـة وحمايـة المهاجريـن وتحقيـق إعـادة الإندمـاج لهـم عنـد العـودة، والتـي بـدأت فـي منطقـة السـاحل وحـوض بحيـرة التشـاد فـي منطقـة القـرن الإفريقـي، ثـم شـملت شـمال إفريقيـا، وشـملت المبـادرة مصـر، وليبيـا، والجزائـر، وتونـس، والمغــرب وتهــدف إلــى التعــرف علــى احتياجــات مجتمعــات المهاجريــن المســتضعفين مــن هــذه الــدول وتحســين ظروفهــم وحمايتهـم وضمـان إعادتهـم طوعـاً إلـى بلدانهـم ومسـاعدتهم علـى إعـادة الإندمـاج بهـا.

2- تدشين مشـروع “الهجـرة للتنميـة” والمنفـَذ مـن قبـل الوكالـة الألمانيـة للتعـاون الدولـي نيابـةً عـن وزارة التعـاون الإقتصـادي والتنميـة الألمانيـة بالتعـاون مـع وزارة الهجـرة المصريـة؛ و يهـدف المشـروع إلـى تحسـين ظـروف المعيشـة للعائديـن مـن الهجـرة فـي عـدد مـن الدول ومنهـا مصـر إلـى جانـب العـراق وتونـس والمغـرب وعـدد آخـر مـن الـدول، فضلاً عن تشجيع هجـرة العمالـة المتخصصـة فـي بعـض المجـلات والمهـن التـي يقـع عليهـا الطلـب فـي ألمانيـا. وقـد ترتـب علـى هـذه المبـادرة إنشـاء المركـز المصـري الألمانـي للوظائـف والهجـرة وإعـادة الإدماج.

3- توقيـع بروتوكـول تعـاون بين المنظمـة الدوليـة للهجـرة فـي مصـر ووزارة الدولـة للهجـرة وشـؤون المصرييـن بالخـارج ووكالـة تنميـة المشـروعات متناهيـة الصغـر والصغيـرة والمتوسـطة؛ حيث اسـتهدفت المرحلـة الأولـى مـن المشـروع الحـد من الهجـرة غيـر النظاميـة مـن خلال تبنـي مشـاريع للتنميـة المحليـة وتوفيـر فـرص عمـل، واسـتهدفت المرحلـة الثانيـة منـه تعزيـز مشـاركة المصرييـن بالخـارج فـي التنميـة وتعزيـز التواصـل والإتصـال معهـم، ويتـم أيضـًا التعـاون بيـن مصـر وإيطاليـا علـى وجـهٍ خـاص لعقـد برامـج تدريبيـة للعمالـة المصريـة المهاجـرة إلـى إيطاليـا، وذلـك بهـدف تأهيلهـم للالتحـاق بالمجتمع الايطالى .

……………………………………………….

 

 

المراجع ..

1- الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة.

2- الموقع الرسمي للجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر

https://www.nccpimandtip.gov.eg/ar/Home

3- الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات

https://www.sis.gov.eg/?lang=ar

4- تقرير ” نحو تعزيز فرص العمل اللائق فى مصر للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية ” والصادر عن مجلس الوزراء / مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

https://idsc.gov.eg/Upload/Competition/Attachment_A/ .pdf

5- بحث ” الهجرة غير الشرعية للشباب في المجتمع المصري ” والصادر عن المجلس القومي لحقوق الانسان والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية / الإشراف العام : أ.د نسرين البغدادي / الاشراف التنفيذي: أ.د سميحة نصر

https://www.nccpimandtip.gov.eg/uploads/files/1558866215- .pdf

 6- الموقع الرسمي لوزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج

https://www.emigration.gov.eg/DefaultAr/Pages/default.aspx

The post الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8152