المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/ Egypt Sun, 02 Feb 2025 07:18:47 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.5 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/ 32 32 205381278 منتدى دراية: إدارة ترامب تخرق القانون الدولي.. والشعب يصطف خلف الرئيس https://draya-eg.org/2025/02/02/%d9%85%d9%86%d8%aa%d8%af%d9%89-%d8%af%d8%b1%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d8%aa%d8%ae%d8%b1%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b9%d8%a8-%d9%8a%d8%b5%d8%b7%d9%81-%d8%ae%d9%84%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3/ Sun, 02 Feb 2025 07:13:01 +0000 https://draya-eg.org/?p=8404   أصدر منتدى دراية للسياسات العامة ودراسات التنمية، بياناً، ردا على التهديدات التي صدرت عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتصريحاته التي طالب خلالها بتهجير الشعب الفلسطيني الشقيق إلى مصر والأردن. وأعرب المنتدى عن وقوفه والشعب المصري بالكامل خلف القيادة السياسية، وهو ما تجلى في مشاركة كافة أطياف المجتمع في مظاهرات حاشدة أمام معبر رفح، تأييدا …

The post منتدى دراية: إدارة ترامب تخرق القانون الدولي.. والشعب يصطف خلف الرئيس appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 

أصدر منتدى دراية للسياسات العامة ودراسات التنمية، بياناً، ردا على التهديدات التي صدرت عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتصريحاته التي طالب خلالها بتهجير الشعب الفلسطيني الشقيق إلى مصر والأردن.

وأعرب المنتدى عن وقوفه والشعب المصري بالكامل خلف القيادة السياسية، وهو ما تجلى في مشاركة كافة أطياف المجتمع في مظاهرات حاشدة أمام معبر رفح، تأييدا للموقف الرسمي للدولة الوطنية.

وقال الدكتور صلاح هاشم رئيس منتدى دراية: إن تصريحات الرئيس الأمريكي تنم عن جهل سياسي مطبق بالقضية الفلسطينية، ومخالفة صريحة لكل القوانين الدولية التي تكفل السيادة الكاملة للدول على أراضيها، كما تكشف بوضوح إصرار الإدارة الأمريكية على مخطط الشرق الأوسط الجديد.

وأضاف هاشم: نحن أمة لا تقبل التهديد، عصيةٌ على الضغوط، إما أن نعيش حرة كريمة وإما أن نموت دافعاً عن الشرف والأرض والكرامة،
نؤمن بأن الأزمات تصنع الرجال، وأن الشدائد تفرز المعادن، ومعدن أمتنا نفيس، ويظهر وقت الأزمات، وجميعنا خلف القيادة السياسية الوطنية وقواتنا المسلحة الباسلة، ونعلنها صريحة واضحة لا للتهجير لا للتهديد.

The post منتدى دراية: إدارة ترامب تخرق القانون الدولي.. والشعب يصطف خلف الرئيس appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8404
تقرير منتدى دراية حول وضع حقوق الإنسان في مصر https://draya-eg.org/2025/02/02/%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d9%85%d9%86%d8%aa%d8%af%d9%89-%d8%af%d8%b1%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d9%88%d8%b6%d8%b9-%d8%ad%d9%82%d9%88%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%b5%d8%b1/ Sun, 02 Feb 2025 07:06:24 +0000 https://draya-eg.org/?p=8400 في إطار انعقاد الدورة 48 الخاصة بالاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في الفترة من 20 وحتى 30 يناير 2025 بجنيف،  وكون الاتحاد المصري لسياسات التنمية والحماية الاجتماعية يتمتع بالصفة الاستشارية داخل أروقة الأمم المتحدة وبكافة أجهزتها، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية”دراية” تقريراً يرصد من خلاله الإجراءات التي اتخذتها الدولة …

The post تقرير منتدى دراية حول وضع حقوق الإنسان في مصر appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
في إطار انعقاد الدورة 48 الخاصة بالاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في الفترة من 20 وحتى 30 يناير 2025 بجنيف،  وكون الاتحاد المصري لسياسات التنمية والحماية الاجتماعية يتمتع بالصفة الاستشارية داخل أروقة الأمم المتحدة وبكافة أجهزتها، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية”دراية” تقريراً يرصد من خلاله الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان والتغلب على التحديات الراهنة.  

أولا الحقوق المدنية والسياسية:                                            

  • حرية الرأي والتعبير والصحافة:
  • ضمان حرية التعبير بجميع أشكاله وفقاً لالتزامات مصر الدولية:
  • دستور 2014 صراحة فى المادة 65 على أن ” حرية الفكر والرأى مكفولة، وأن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو بالتصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر”.
  • نصت المادة رقم 72 من الدستور على ” التزام الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام”.
  • كفل الدستور حظر الرقابة على الصحف أو إنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري واعتبرها تمارس رسالتها على الوجه المبين فى الدستور والقانون ، وأن الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام أحد أركان الديمقراطية ، ليؤكد الدستور على حرية الرأي و التعبير الواردة في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 (المادة 19) والاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966.
  • كفل القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كافة وسائل الحماية لحرية الصحافة والإعلام والطباعة والنشر الورقي والمسموع والمرئي والإلكتروني وحظر فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية، ومصادرتها، أو وقفها، أو إغلاقها.
  • كفل حقوق الصحفيين والإعلاميين وأنهم مستقلون في أداء عملهم، فلا يجوز أن يكون الرأي الذي يصدر عن الصحفي أو الإعلامي سببا لمساءلته، كما لا يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته، فضلا عن أن القانون ألزم الجهات الحكومية والجهات العامة الأخرى بتمكين الصحفي أو الإعلامي من الحصول على البيانات والمعلومات والأخبار.
  • اشتمل المحور الأول للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حقوق أساسية للإنسان وعلى رأسها الحق فى التعبير؛ ولهذا وضعت الاستراتيجية 6 نتائج تستهدفها وهي كالتالي:
  • تعزيز الحق فى ممارسة حرية التعبير عن الرأى والتصدى لأية انتهاكات فى إطار الدستور والقوانين المنظمة لذلك، والمراجعة الدورية لتلك القوانين لضمان كفالة ممارسة هذا الحق وفقا للدستور والتزامات مصر الدولية.
  • إصدار مدونة سلوك شاملة لكافة أوجه المجالات الإعلامية والصحفية، ومن بينها الإعلام الرقمى ومواقع التواصل الاجتماعى، بما يضمن تنظيم ممارسة حرية التعبير دون التعدى على حريات الآخرين،
  • مواصلة جهود الدولة لحماية الإعلاميين والصحفيين أثناء تأديتهم لعملهم فى إطار الدستور والقوانين المنظمة لذلك.
  • التعذيب وغيره من أشكال المعاملة في إدارة البحث الجنائي (انتهاكات حقوق الإنسان من قبل موظفي الدولة):-
  • وضع حد فوري لممارسة التعذيب وسوء المعاملة في جميع أماكن الاحتجاز،وإنشاء هيئة مستقلة للتحقيق فى مزاعم التعذيب والاختفاء القسري.
  • ضمان حصول جميع السجناء على الحد الأدنى من معايير المعاملة الإنسانية، بما في ذلك الحماية من جميع أشكال التعذيب.

شهدت الجهود المتعلقة بمعاملـة السـجناء وغيرهم مـن المحتجزيـن عددا من التدابيـر متضمنة تغيير الفلسفة العقابية التى تتوافق مع المواثيق الدولية وتضمن الحفاظ على حقوق الإنسان ، وما استتبعها مـن تعديـل قانـون السـجون، مـن حيـث المسـميات وتحويل المؤسسات العقابية إلى مؤسسات إصلاح وتأهيل للسجناء بالمعني الحقيقي، وهو ما تم رصده بالفعل على أرض الواقع في مراكز إصلاح وتأهيل وادي النطرون وبدر، حيث إنهما شكلا المرحلة الأولى في عملية التغيير الشامل لمفهوم المؤسسات العقابية الحديثة.

ووضعت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى تم أطلقتها مصر  فى سبتمبر 2021، ضوابط وخطط للتعامل مع السجناء وغيرهم من المحتجزين وجاءت على النحو التالي:

  • قيام أعضاء النيابة العامة بالإشراف والتفتيش على السجون وأماكن الاحتجاز ودور الملاحظة والرعاية، بجانب قبول شكاوى السجناء.
  • الاستمرار فى تطوير وتحديث منشآت السجون وإنشاء سجون جديدة لتقليل الكثافة في السجون في إطار التحسين مستوى إعاشة السجناء ورعايتهم صحيا.
  • إقامة ندوات دينية وثقافية لنزلاء السجون وإشراك منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والجهات الحكومية في إعادة إدماج المفرج عنهم بالمجتمع وتقديم الدعم اللازم لهم ولأسرهم.
  • اتاحة الزيارات إلى السجون من قبل أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وفق الضوابط القانونية ذات الصلة.
  • إجراء الكشف الدورى على النزلاء واكتشاف الأمراض المزمنة وعلاجها وصرف الأدوية اللازمة مجانا ،

 

وفي هذا السياق نفذت مصر عدد من الأنشطة أهمها:

  • التوسـع فى قرارات العفـو والإفراج الشرطي حيث بلغ عدد المستفيدين من قرارات العفو الرئاسي عن باقي مدة العقوبة والإفراج الشرطي أكثر من 20 ألف خلال الفترة من سبتمبر 2021 حتى أغسطس 2022، وتقديم مساعدات مالية وعينية لـ10659 نزيلًا من المفرج عنهم، و28775 حالة من أسر النزلاء،
  • تُولي الحكومة أهمية خاصة لرعاية أسر نزلاء السجون والمفرج عنهم بقصد معاونتهم على مواجهة مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن الرعاية اللاحقة للمُفرج عنهم بهدف مساعدتهم مادياً ومعنويا على استعادة مكانتهم والاندماج في إطار المجتمع.
  • قام المجلس القومى لحقوق الإنسان بالتحقق من جميع الشكاوى التى وردت إليه حول الاختفاء القسري، مؤكدا أن أغلب الحالات إما عرضت على النيابة العامة ومودعة بالسجن أو هاجرت خارج البلاد والتحقت بالتنظيمات الإرهابية. هذا وقد تضمنت التقارير الحقوقية الصادرة عن وزارة الداخلية المصرية عدم وجود حالات اختفاء قسري. وأنه لا يوجد قيد الاحتجاز طرفها سوى السجناء أو المحبوسين بقرار من النيابة العامة على ذمة قضايا تمهيدا لتقديمهم إلى المحاكمة أو الإفراج عنهم.
  • عقوبة الإعدام:
  • الكف فوراً عن استخدام عقوبة الإعدام لمن تقل أعمارهم عن 18 عاماً وقت ارتكاب الجريم
  • النظر في وقف تنفيذ عقوبة الإعدام ومراجعة الأحكام بهدف إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل.
  • يحظر القانون المصري بمقتضى المادة رقم 111 من قانون الطفل على أنه “لا يحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذى لم يجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة”.
  • أقر المُشرع المصرى عقوبة الإعدام لتحقيق الردع العام فى الجرائم التى تنطوى على قدر بالغ من الخطورة، وأوجب عدة ضمانات للحكم بها قد تتلاشى معها أى احتمالات الخطأ، وهى: وجوب صدور حكم الإعدام بإجماع آراء المحكمة (وليس بأغلبية أراء أعضاء المحكمة)، وجوب أخذ رأى مفتى الجمهورية (يبطل الحكم إذا أصدرته المحكمة دون أخذ رأى المفتى )، وجوب عرض القضية على محكمة النقض لإعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة سواء كانت موضوعية أو شكلية، ضرورة تصديق رئيس الجمهورية على أى حكم إعدام صادر من محكمة سواء عسكرية أو مدنية متى صار الحكم باتا ونهائيا واستنفد كل طرق الطعن.
  • حرية الدين والمعتقد:
  • دعم المبادرات الرامية إلى تعزيز احترام التنوع الثقافي والتسامح الديني
  • مواصلة تعزيز ثقافة التسامح من خلال المشاركة المكثفة في أنشطة الحوار بين الأديان، بما في ذلك التعاون مع البلدان الأخرى
  • مواصلة الجهود الرامية إلى ضمان احترام حرية الدين أو المعتقد في القانون والممارسة، بما يتفق تماما مع المعايير الدولية.
  • تحرص الدولة المصرية على تعزيز الوحدة الوطنية باعتبارها ركيزة بناء الجمهورية الجديدة، وذلك عبر ترسيخ قيم العدالة والمساواة والمواطنة، فضلًا عن كفالة الحقوق والحريات لجميع المواطنين دون تمييز، وضمان التمتع بالحق في حرية الدين والمعتقد،
  • شهدت مصر تحسناً في مؤشرات الاستقرار المجتمعي، حيث تقدمت 12 مركزاً في المؤشر الخاص بالمواطنة الصادر عن US News، لتأتي في المركز 65 عام 2020، مقارنة بالمركز 69 عام 2019، والمركز 75 عام 2018، والمركز 77 عام 2017.

يمكن التطرق إلى جهود الدولة في تعزيز المواطنة على النحو التالي وذلك على سبيل المثال وليس الحصر:

  • تضمنت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان حرية الدين والمعتقد وتستهدف تحقيق عدد من النتائج خلال الفترة من 2021- 2026 وهي: تكثيف حملات التوعية خاصة بين الشباب لتعزيز التعايش السلمي وقبول الآخر، تنفيذ المزيد من المبادرات الشبابية الرامية إلى تعزيز ودعم قيم المواطنة والانتماء، تعزيز التنسيق بين المؤسسات الدينية في تنفيذ خطط تجديد الخطاب الديني واحترام الأديان وتفنيد الأفكار المتطرفة والمغلوطة، رصد المواد الإعلامية التي تبثها وسائل الإعلام أو المواقع الإلكترونية أو الصحف وتنطوي على تمييز أو تحريض بين المواطنين بسبب الدين وذلك للتصدي لها باتخاذ الإجراء القانوني المناسب حيالها، مواصلة الوزرات والهيئات المختصة أعمال الصيانة والترميم التي تجريها للمواقع الأثرية الإسلامية والمسيحية واليهودية.
  • – قامت وزارة التربية والتعليم بمراجعة كافة المقررات الدراسية لإدراج الموضوعات التي تسهم في ترسيخ قيم الحوار وإقرار الاختلاف وقبول الآخر واحترام الحريات الدينية والعيش المشترك.
  • – عقدت عدد من الجامعات فاعليات في مجال تجديد الخطاب الديني ومناهضة العنف وقبول الآخر.
  • -تبنت وزارة الشباب والرياضة عددا من المبادرات والبرامج الشبابية والرياضية التي هدفت إلى تعزيز ودعم قيم المواطنة والإنتماء ومنها برنامج “نحو رؤية شبابية لمجابهة التطرف والإرهاب”.
  • -نظمت وزارة الثقافة سلسلة من الفعاليات والأنشطة من شأنها تشكيل الوعي المجتمعي بموضوعات الحريات الدينية، وترسيخ الهوية الثقافية، وتعزيز قيم المواطنة.
  • -خصصت وزارة التضامن الاجتماعي تحت شعار “كلنا مصريون.. تنوعنا قوة” ميزانية قدرها 12 مليون جنيه لمدة عام، وذلك لدعم ثماني جمعيات أهلية لتنفيذ التدخلات المطلوبة

هذا إلى جانب جهود أخرى تتعلق بزيادة عدد المسيحيين في الوظائف العامة وتقنين أوضاع الكنائس وتخصيص أراضي لبناء كنائس جديدة وذلك على النحو التالي:

  • فيما يتعلق بالوظائف:
  • شهد تمثيل المسيحيين بالمجالس النيابية والمناصب القيادية زيادة غير مسبوقة، حيث وصل عدد نواب البرلمان المسيحيين عام 2021 إلى 31 نائبًا مسيحيًا منتخبًا، مقارنة بـ 5 نواب مسيحيين منتخبين عام 2012، ووصلت عدد المقاعد المسيحية في مجلس الشيوخ إلى 24 مقعدًا في 2020 وذلك لأول مرة، مقارنة بـ 15 مقعدًا مسيحيًا في 2012.
  • شملت حركة المحافظين لأول مرة تعيين 2 مسيحيين في منصب المحافظ عام 2018.
  • فيما يتعلق ببناء الكنائس وتقنين أوضاعها:
  • صدور قانون بناء وترميم الكنائس في 2016 والذى يُعد من أهم مكتسبات دولة المواطنة حيث إنه ينهي مشكلة قائمة منذ سنوات طويلة والمتعلقة بالصعوبات التي تواجهها عملية بناء وترميم الكنائس.
  • أوضحت اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني التابعة لها، أن عدد الكنائس والمباني التي تمت الموافقة على تقنين أوضاعها منذ بدء عمل اللجنة في 2017 وحتى نوفمبر 2022 نحو 2526 كنيسة ومبنى تابعًا.
  • تخصيص 41 قطعة أرض لبناء الكنائس بالمدن الجديدة خلال الفترة من 2014 حتى 2019.
  • الانتهاء من إنشاء 6 كنائس جديدة وجار العمل على تأسيس 8 آخرى في المدن الجديدة
  • ترميم وتطوير 13 كنيسة ودير، وجاري ترميم وتطوير 42 كنيسة ودير على مستوى الجمهورية.

ثانيا توصيات خاصة لحقوق بعض الفئات

  • حقوق المرأة:
  • الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية:

 

  • ألزم دستور 2014 الدولة المصرية فى كل من المادتين 11 و53 بكفالة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وحمايتها من كل أشكال العنف وتوفير الرعاية والحماية للطفولة والأمومة .
  • مواصلة تنفيذ أنشطة الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية حتى عام 2030، بما يتماشى مع الدستور المصري وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
  • تم مواصلة الجهود لتحقيق مشاركة أكبر للمرأة في الحياة السياسية والاقتصادية، فضلا عن زيادة تمثيلها في المناصب القيادية، واعتماد سياسات لمعالجة العوائق الهيكلية التي تمنع المرأة من شغل مناصب صنع القرار.
  • تم مواصلة تعزيز أنشطة بناء القدرات وتوفير الدعم للمرأة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
  • تم تكثيف الجهود لمنع الزواج المبكر والقسري من خلال حملات التوعية، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني
  • تم تعديل التشريعات للقضاء على التمييز وتجريم جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات
  • تم تكثيف الجهود للتعامل مع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والزواج المبكر

وقد بذلت الدولة المصرية جهودا كبيرة في سبيل القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة، وأبرزها ما يلي

  • تم اطلاق الاستراتيجية الوطنية للقضاء على العنف ضد المرأة 2015-2020 ، وتدشين وحدة خاصة لمتابعة وتنفيذ هذه الاستراتيجية، وذلك بالتنسيق والتعاون مع مختلف أجهزة الدولة المعنية . كما أطلق ”الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030″ وذلك لحماية المرأة من جميع أشكال العنف.
  • تدشين 27 وحدة لمكافحة التحرش بالجامعات الحكومية.
  • تدشين 8 وحدات استجابة طبية بعدد من المستشفيات الجامعية، للتعامل مع سيدات تعرضن للعنف.
  • إنشاء اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث بالتزامن مع فعاليات اليوم العالمى والوطنى لمناهضة ختان الإناث، وذلك فى مايو 2019.
  • إطلاق خطة وطنية للقضاء على ظاهرة ختان الإناث (2022-2026).
  • استحدثت وزارة الداخلية إدارة خاصة لمواجهة العنف ضد المرأة وتضم هذه الوحدة ضباطا من الرجال والنساء تم تدريبهم على التعامل مع هذا النوع من العنف ورصده ، مع تخصيص خطوطا ساخنة لتلقى البلاغات بشكل سري.
  • اصدار أول كود إعلامي لتناول قضايا المرأة في وسائل الإعلام.
  • دعمت مصر إصدار تشريعات وقوانين لحماية حقوق المرأة، من ضمنها “قانون المواريث” والذي يقضي بعقاب الممتنعين عن سداد ميراث المرأة أو حاجبي أي أدلة تثبت حقها في الميراث، وتوثيق الطلاق لحماية الأسر والأطفال من الأذى، وأيضًا تغليظ عقوبة المتحرش لتصل إلى خمس سنوات.
  • أنشاء الحكومة بيوتاً آمنة للنساء لإيواء ضحايا العنف من خلال مراكز لاستضافة السيدات والفتيات المعنفات ومساعدتهن على حل المشكلات الخاصة بهن مع توفير الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية والقانونية
  • وعلى الصعيد السياسى والاجتماعي والاقتصادي:
  • تواجدت المرأة بقوة في عديد من المناصب القيادية التى لم تكن متاحة لها من قبل، بل واستطاعت من خلالها أن يكون لها الدور الأبرز في العديد من المجالات التنموية في مصر.
  • بلغت نسبة تمثيل النساء في مجلس النواب عام 2020 نحو 28% من إجمالي عدد أعضاء المجلس حيث حصلت على 162 مقعدا، وهو أكبر عدد فى تاريخ البرلمان المصري، وبلغ عدد السيدات في مجلس الشيوخ لعام 2020، 38 سيدة بنسبة 12.5% من إجمالي أعضاء المجلس، وعينت لأول مرة إمرأة في منصب وكيل مجلس الشيوخ، وبلغ عدد النساء في مجلس الوزراء في التعديل الوزاري الأخير أغسطس 2022 نحو 6 وزيرات.
  • تم تعيين 11 سيدة وكيلات نيابة عامة بالسنة القضائية 2021/2022، وبلغ إجمالي القاضيات في مجلس الدولة نحو 137 قاضية، وبلغ عدد عضوات هيئة النيابة الإدارية نحو ألفي قاضية من إجمالي عدد أعضاء النيابة الإدارية البالغ 4.6 آلاف ( 43٪ نسبة المرأة)، وبلغت نسبة القاضيات بهيئة قضايا الدولة 20٪ خلال عام 2021. وشهدت نسبة المرأة في الوظائف الحكومية زيادة كبيرة حيث تشغل المرأة المصرية 45% من إجمالي الوظائف الحكومية (مقارنةً بالمتوسط العالمي 32%).
  • وفي إطار تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، أطلقت الحكومة برنامج مستورة من خلال بنك ناصر الاجتماعي، الذي وفر 27 ألف مشروع متناهي الصغر بإجمالي رأسمال يبلغ حالياً 3.7 مليار جنيه مصري، علماً بأن 70% من هذه المشروعات تتركز في المناطق الريفية وتركز على تشغيل المرأة بهدف تحويلها من متلقية للدعم إلى عنصر فعال وطاقة منتجة، حيث تم صرف 320 مليون جنيه، لنحو 19 ألف مستفيدة، بالإضافة إلى تخصيص 3000 قرض من قروض مستورة للسيدات من ذوي الهمم لدمجهم في الحياة الاقتصادية.وكذلك أُنشأت “مراكز خدمة النساء العاملات”، بهدف تشجيعهن على المشاركة في سوق العمل من خلال 41 مركزا في 22 محافظة، ويبلغ عدد المستفيدات 195 ألفا من هذه المراكز، بالإضافة إلى بدء تطوير الحضانات والتوسع فيها بشكل ابتكاري لاستقبال أطفال السيدات العاملات.

 

  • حقوق الطفل:
  • تعزيز دور لجان حماية الطفل وتزويدها بالموارد المالية اللازمة لتمكينها من تقديم خدمة الحماية للأطفال وخاصة في المناطق الريفية.
  • مواصلة تعزيز الجهود الرامية إلى القضاء على عمالة الأطفال وضمان تقديم الجناة إلى العدالة.
  • الاستمرار في تحسين نوعية حياة الأطفال من خلال تطوير أنظمة الصحة والتعليم لضمان حصول جميع الأطفال، بما في ذلك الأطفال ذوي الإعاقة، على الخدمات الأساسية.
  • مواصلة مراجعة قانونها المحلي من أجل الالتزام الكامل بالحد الأدنى لسن زواج الفتيات وهو 18 عاماً.
  • مواصلة البرامج الهادفة إلى خفض معدلات التسرب من المدارس، وخاصة بين الفتيات، من خلال تقديم حوافز للأسر لإبقاء أطفالها في المدارس

بذلت مصر جهودا كبيرة لاعتماد القوانين والتدابير السياسية التى من شأنها أن تضمن للطفل حماية أفضل من العنف بكافة أشكاله، وهو ما ساهم فى تراجع معدلات العنف ضد الأطفال بشكل ملحوظ..وتأتى أبرز الجهود على النحو التالي

  • كفل دستور 2014 كافة أوجه الحماية والرعاية للطفل المصرى حيث نص فى المادة 80 بشكل واضح على أنه ” ” يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق فى اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجبارى مجانى، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة،وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية. وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع. وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى ،ولكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتي السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسى، كما يحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر، كما تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائى خاص بالأطفال المجنى عليهم، والشهود ، ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيا أو احتجازه إلا وفقا للقانون وللمدة المحددة فيه وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه فى أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين .
  • صدقت مصر على عدد من معاهدات الدولية لحقوق لحقوق الطفل، كما وقعت على الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل.
  • وسعت الحكومة المصرية نطاق برامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان لزيادة تغطية الفئات الأكثر ضعفا وعلى رأسهم الأطفال، حيث يعتبر برنامج “تكافل وكرامة“ للدعم النقدي المشروط الذي يستهدف الأسر المنخفضة الدخل التى لديها أطفال من التدابير الجوهرية التى تتخذها الحكومة المصرية للوقاية من العنف حيث بلغ عدد الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة” فى عام 2023 نحو 5.2 مليون أسرة بما يشمل أكثر من 20 مليون مواطن، بإجمالي مخصصات بلغت 121 مليار جنيه منذ إطلاق البرنامج فى 2015 .
  • إنشاء خط نجدة الطفل المجاني (رقم 16000) المخصص لمساعدة الأطفال فى حالات الخطر لتلقي الشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الأطفال ومتابعتها،
  • حقوق المهاجرين:
  • ضمان الوصول الفعال إلى آليات الحماية للمهاجرين وعمال المنازل
  • إعادة تأكيد التزامها بممارسة عدم الإعادة القسرية والتأكد من إتاحة الموارد والدعم للمهاجرين المستضعفين.
  • تحسين مواءمة قوانينها المحلية مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكول التكميلي لمكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو
  • مواصلة وتعزيز السياسات الرامية إلى حماية وتعزيز حقوق اللاجئين والأقليات.
  • تعرضت مصر باعتبارها دولة مقصد ومعبر وانطلاق، لموجات الهجرة غير الشرعية، نتيجة تزايد حالة عدم الاستقرار السياسي والحروب الأهلية في القارة الأفريقية، والحالة التي يشهدها العالم العربي من ثورات وانقسامات، حيث تستضيف مصر نحو 9 مليون لاجئ ومهاجر من نحو أكثر من 58 جنسية مختلفة، يتمتعون بمختلف الخدمات الأساسية.و بلغ أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء في مصر نحو 259.3 ألف لاجئ وطالب لجوء عام 2020.
  • نجحت في وقف تدفقات الهجرة غير الشرعية وإحكام عمليات ضبط الحدود البرية والبحرية، ووضع إطار تشريعي وطني لمكافحة تهريب المهاجرين، فضلاً عن استضافة ملايين اللاجئين والمهاجرين من مختلف الجنسيات، والتعامل معهم دون تمييز وإدماجهم في المجتمع المصري، مع استفادتهم من كافة الخدمات الأساسية والاجتماعية أسوة بالمواطنين المصريين، بالإضافة إلى ضمان حرية حركتهم وعدم عزلهم في مخيمات أو معسكرات إيواء، وذلك وسط إشادات دولية بتعامل الدولة المصرية في كلا الملفين.

وتم العمل في ثلاثة ملفات لمكافحة هذا النوع من الهجرة على النحو التالي :

  • الملف الأول: وضع أطر تشريعية ومؤسسية:
  • جاء القانون رقم 82 لسنة 2016 بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين ولائحته التنفيذية رقم 983 لسنة 2018، ليضع عقوبات رادعة لهذه الظاهرة بتجريمه جميع أشكال تهريب المهاجرين، مما ساعد أجهزة إنفاذ القانون على القضاء على شبكات التهريب.
  • وفى إبريل ٢٠٢٢، أصدر رئيس الجمهورية القانون رقم ٢ لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين الصادر بالقانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ من أجل التصدي لهذه الظاهرة حيث تم تغليظ العقوبة لتصبح السجن المشدد مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.
  • إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية (2016 / 2026 ) التى تستهدف الفئات الأكثر عرضة لخطر الاستغلال من جانب المهربين وهم الشباب (١٨- ٣٥ سنة) والأطفال وأسرهم والوافدين إلى مصر بشكل غير شرعى كما تسعى إلى ردع ومعاقبة سماسرة وتجار الهجرة من خلال إجراءات وعقوبات مشددة ، وعبر تعزيز التعاون بين الحكومة والأطراف غير الحكومية والإقليمية والدولية للحد من الظاهرة، ورفع القدرة المعلوماتية ذات الصلة، وزيادة الوعى العام بها، وتعبئة الموارد اللازمة، وتعزيز الإطار التشريعى اللازم لدعم جهود مكافحتها، مع اعتبار التنمية أساسا لذلك، ودعم مسارات الهجرة الشرعية.
  • أنشأت الحكومة عددا من الهيئات المعنية بإدارة ملف الهجرة غير الشرعية، من أهمها وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج التى استحدثت فى ٢٠١٥. كما تم إنشاء اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية، وعملت اللجنة منذ تأسيسها فى يناير 2017 على وضع إطار تشريعي خاص يعطي تعريف واضح لجريمة تهريب المهاجرين، وتختص بالتنسيق على المستويين الوطنى والدولى بين السياسات والخطط والبرامج الموضوعة لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، وتقديم أوجه الرعاية والخدمات اللازمة لضحايا جريمة الاتجار بالبشر، والمهاجرين المهربين.
  • الملف الثاني: التعامل الأمني:
  • وبفضل جهود وزارة الداخلية والقوات المسلحة في تأمين الحدود بشكل جيد للغاية، تم إحباط محاولات الهجرة غير الشرعية للمصريين والأجانب عبر الحدود البرية والبحرية خاصة التى تطل على البحر المتوسط، وتم حصار سماسرة الهجرة غير الشرعية، ممن يسهلون عبور الأفارقة ويتخذوا من مصر دولة عبور.
  • – الملف الثالث: الجهود التنموية:
  • إطلاق مبادرة “حياة كريمة” لرفع جودة الحياة للمواطنين بالقرى المصدرة للهجرة غير الشرعية،
  • تنمية أماكن وبؤر الهجرة غير الشرعية، وتنفيذ مشاريع قومية كبيرة، أدت إلى توفير مئات الآلاف من فرص العمل في المحافظات كافة، وقللت من معدلات لجوء الشباب للهجرة غير الشرعية.
  • تسهيل كافة إجراءات تسويق مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للشباب، وتخصيص مبلغ 200 مليار جنيه لتنفيذها، لاسيما في المناطق الجغرافية التي تنتشر بها الهجرة غير الشرعية.
  • ساهمت مبادرة ” مراكب النجاة ” في توعية وتدريب الفئات الأكثر استهدافا للتعريف بمخاطر الهجرة غير الشرعية وبدائلها الآمنة، وفق خطة موضوعة لتشمل 14 محافظة من المحافظات الأكثر توجها للهجرة غير الشرعية.
  • حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة:
  • مواصلة تعزيز الهيئات الوطنية المسؤولة عن حماية الأشخاص ذوي الإعاقة من العنف
  • مواصلة جهودها لتعزيز برامج الحماية والإدماج الاجتماعي للأسر الفقيرة وكبار السن والأيتام وذوي الإعاقة غير القادرين على العمل.

جاءت  أبرز الجهود التى بذلتها الدولة المصرية لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة، على النحو التالي:

  • -أكد الدستور المصري 2014 على كافة الحقوق والواجبات تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، وتضمن ثمان مواد شملت الأشخاص ذوي الإعاقة.
  • وقعت مصر فى 2019 على إعلان “فاليتا” للتعاون العربى الأوروبي في دعم حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة .
  • -إصدار القانون رقم 10 لعام 2018 بشان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة ولائحته التنفيذية وكذلك إصدار القانون رقم 200 لعام 2020 بشأن إنشاء ” صندوق دعم الأشخاص ذوى الإعاقة” مع التأكيد على تفعيل الجهات المعنية لجميع حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة بما يضمن لهم حياة كريمة.
  • -إنشاء ” المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة ” بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 11 لعام 2019 ، والذى يهدف الى تعزيز وتنمية وحماية حقوق وكرامة الأشخاص ذوى الإعاقة المقررة دستوريا ونشر الوعى بها، كما يقوم المجلس باقتراح السياسة العامة للدولة فى مجال تنمية وتأهيل ودمج وتمكين الأشخاص ذوى الإعاقة والمساهمة فى وضع استراتيجية قومية للنهوض بهم فى مجالات الصحة والعمل والتعليم.
  • –تم التوسع فى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتمكين الأطفال الأكثر احتياجا وذوي الإعاقة فى المجتمع.
  • إنشاء عدد من المدارس بمحافظات الجمهورية بهدف إدماج الطلاب ذوى الإعاقة مع أقرانهم فى مدارس حكومية بشكل يمكنهم من الحضور بانتظام والتعلم من خلال معلمين متخصصين.والتحق بهذه المدارس 6 مليون طفل ، بينهم 75000 من الأطفال ذوي الأعاقة المسجلين فى 290 مدرسة فى 7 محافظات.
  • تغليظ عقوبة التنمر ضد ذوي الإعاقة لتصل إلى الحبس 5 سنوات بهدف حمايتهم، حيث تم إضافة مادة جديدة رقم ” 50″ إلى قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2018.

 

 

The post تقرير منتدى دراية حول وضع حقوق الإنسان في مصر appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8400
الدعم النقدي ليس الحل.. صلاح هاشم يضع روشتة للقضاء على شبح الفقر – (حوار) https://draya-eg.org/2025/01/13/%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b9%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%82%d8%af%d9%8a-%d9%84%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84-%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d9%87%d8%a7%d8%b4%d9%85-%d9%8a%d8%b6%d8%b9-%d8%b1%d9%88%d8%b4%d8%aa%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%82%d8%b6%d8%a7%d8%a1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%b4%d8%a8%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%82%d8%b1-%d8%ad%d9%88%d8%a7%d8%b1/ Sun, 12 Jan 2025 22:22:43 +0000 https://draya-eg.org/?p=8371   يعد الدكتور صلاح هاشم أستاذ التنمية والتخطيط، ومستشار وزارة التضامن للسياسات الاجتماعية السابق، واحدًا من أبرز خبراء التنمية في مصر وعلى مستوى العالم، له إسهامات كبيرة في هذا المجال. شارك الدكتور صلاح هاشم في وضع الخطة الاستراتيجية القومية للحماية الاجتماعية بوزارة التضامن بالتعاون مع البنك الدولى وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وتمثيل مصر في وضع خارطة …

The post الدعم النقدي ليس الحل.. صلاح هاشم يضع روشتة للقضاء على شبح الفقر – (حوار) appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 

يعد الدكتور صلاح هاشم أستاذ التنمية والتخطيط، ومستشار وزارة التضامن للسياسات الاجتماعية السابق، واحدًا من أبرز خبراء التنمية في مصر وعلى مستوى العالم، له إسهامات كبيرة في هذا المجال.

شارك الدكتور صلاح هاشم في وضع الخطة الاستراتيجية القومية للحماية الاجتماعية بوزارة التضامن بالتعاون مع البنك الدولى وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وتمثيل مصر في وضع خارطة الطريق للحماية الاجتماعية لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، والمشاركة في وضع الخطة الخمسية لوزارة الأوقاف لسنة 2019.

وهو أيضا محاضر بجامعة ديوك – بولاية كارولينا الشمالية – بالولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك محاضر بأكاديمية ناصر العسكرية، وله أكثر من 23 مؤلفًا تدور جميعها حول الفقر والعدالة والتنمية، كما حاز الكثير من التكريمات الدولية، ورشحته 6 جامعات مصرية لنيل جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية.

وفتح الدكتور صلاح هاشم خلال حواره مع مصراوي العديد من الملفات المهمة فيما يخص الحماية الاجتماعية وكيفية القضاء على الفقر.

وإلى نص الحوار..

كيف ترى سياسات الحماية الاجتماعية في الجمهورية الجديدة؟

أظهرت الأزمات الاقتصادية العالمية الراهنة العديد من الأزمات المعيشية والاجتماعية والسياسية لكثير من الدول وخاصة النامية، وكان لمصر نصيب كبير منها، فيما يتعلق بارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار بشكل غير مسبوق. الأمر الذي جعل لبرامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي الجيدة أهمية خاصة في الحد من الفقر وعلاج مواطن الضعف والخلل في السياسات الاقتصادية والمالية، والتصدي للأزمات والكوارث، عن طريق بناء شبكات جيدة للأمان الاجتماعي، لضمان تقديم مساعدات أكثر فعالية لشرائح والأسر الأولى بالرعاية.

من وجهة نظرك ما هي سياسات الحماية الاجتماعية التي يجب أن تستهدفها الدولة الفترة القادمة؟

لا يمكننا بحالٍ أن نتحدث عن الحماية الاجتماعية بعيداً عن الحديث عن الفقر، باعتبار أن القضاء عليه والتخفيف من تدعياته هو الهدف الأول والأسمى لسياسات الحماية الاجتماعية.

إلى أي مدى تجد أهمية القضاء على الفقر على المستوى السياسي؟

أرى أن الحد من تداعيات الفقر والقضاء عليه، يجب أن تكون الأولوية الأولى والأهم لدى الدولة لتحقيق الاستقرار الداخلي الذي يعد في تصوري هو الجبهة الأقوى لمواجهة المؤامرات الخارجية، وأتصور أن استقرار الداخل المصري مستهدف من الخارج ووحدة الصف والالتفاف خلف القيادة السياسية مطلب وطني، وإذا كان الحديث عن الفقراء وأوضاعهم المعيشية هو الشغل الشاغل للقيادة السياسية في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن، فمن الأهمية بمكان ألا نغض الطرف عن المهددين بالفقر، والذين لا يجب أن تتجاهلهم السياسات والبرامج الجديدة التي تتبناها الدولة للحد من الفقر والانطلاق نحو التنمية بمفهومها الشامل والمستدام، وهنا يجب أن نتحدث عن ثلاثة مفاهيم أساسية مجتمعة وهي: (الفقر والمهددين بالفقر والفقراء الجدد).

ماذا تعني بمصطلح الفقراء الجدد؟

الفقراء الجدد هم أبناء الطبقة الوسطى الذين سقطوا بفعل الظروف الاقتصادية القهرية في دائرة الفقر فأصبحوا فقراء بخصائص وثقافة مغايرة، أما المهددين بالفقر فهم الأشخاص الذين يعملون ويكسبون دخلاً لا بأس به يتجاوز حد الفقر، ولكن ظروف عملهم ومعيشتهم من الهشاشة وعدم الاستقرار ما يجعلهم مهددين باستمرار بالوقوع في دائرة الفقر مع أي تغير سلبى غير متوقع، سواء كان ذلك لأسباب شخصية (مثل الإصابة بالمرض أو الفصل من العمل) أو لأسباب قطاعية (مثلما هو حال من يتعرضون لتقلبات التشغيل فى قطاعي البناء والسياحة) أو لأسباب محلية (حينما يصيب الاقتصاد ركود عام) أو لأسباب دولية أو إقليمية (كما حدث وقت عودة العمال المصريين من ليبيا)، أو بفعل سياسات اقتصادية تسببت في ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار بصورة تفوق الدخل المادي للمواطنين.

وهل هناك مؤشرات عامة لتحقيق العدالة الاجتماعية؟

تحقيق العدالة الاجتماعية يعتمد ذلك على مصفوفة ضخمة من المتغيرات التي يجب وضعها في الاعتبار عند صياغة الاستراتيجية العامة للتنمية والحماية الاجتماعية، ومن بين هذه المتغيرات طبيعة التناقض بين الريف والحضر، ومستوى التطور الاقتصادي والإنتاجي، وأحجام الأحياء والقرى الصغيرة، بالنظر إلى الأحياء والقرى الكبيرة، ومراكز التركز السكاني، ومناطق الجذب السكاني في المدن، فضلاً عن متغيرات أخرى كثيرة مثل حجم الاستثمارات المخصصة لكل محافظة، وتنمية القرى والمدن في إطار خطة تنموية قومية.

ما هي ملاحظاتك حول محاذير التنمية وخطورة تسييس ملف الفئات الأولى بالرعاية؟

إن تسييس برامج التنمية كارثة، فبطون الفقراء لا تملأها صور المسئولين مع المعوزين وأصحاب الحاجة، وأعتقد أن ملف التضامن الاجتماعي أمن قومي ووزارة التضامن الاجتماعى يجب أن تكون وزارة سيادية، وأرى أنه حتى الآن لا نملك رؤية واضحة للخروج من دائرة الفقر، ومعظم البرامج الموجهة للحد من الفقر تتعامل مع العرض وليس المرض، كما أن التوسع في برامج الدعم النقدي مؤشر على ضعف السياسات الموجهة للحد من الفقر، وأن التوسع في زيادة أعداد الأسر المستفيدة من برامج الدعم النقدي إذا لم يقابله زيادة في معدلات التخارج من هذه البرامج من خلال تعزيز قدرة المستفيدين على تبني مشروعات مدرة للدخل فإنه يكرس الاتكالية ويزيد من معدلات الفقر، وأرى أن برامج الدعم النقدي لا تحد من الفقر وإنما تخفف من تداعياته.

في ظل هذه الأوضاع.. كيف ترى إمكانية القضاء على الفقر في بر مصر؟

أرى أن الفقر ليس شبحاً لا يمكننا التغلب عليه ولكنه تحدي يمكن هزيمته إذا توافرت إرادة حقيقية، ولكن لا يمكن القضاء على الفقر دون إصلاحات اقتصادية واجتماعية حقيقية يمكن قياسها في ضوء رضا المواطنين والمقاييس العالمية، وأنا الآن أعكف على الانتهاء من كتاب جديد حول متلازمة الفقر والإصلاح والتنمية.

ما الخطوات التي يجب اتباعها لضمان نجاح سياسات الحماية الاجتماعية في الحد من الفقر؟

يجب أن تركز هذه السياسات على عدة جوانب رئيسية، أهمها خلق فرص عمل مناسبة، خاصة في المناطق الفقيرة، يمكن تحسين الدخل ورفع مستوى المعيشة، وتمكين الفقراء من الحصول على التعليم والتدريب اللازمين لزيادة فرصهم في الحصول على عمل أفضل، وتوفير شبكات أمان اجتماعي قوية لحماية الفئات الضعيفة من الصدمات الاقتصادية والاجتماعية، وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين في الحصول على الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والجمعيات الأهلية لضمان فعالية برامج الحماية الاجتماعية.

نلاحظ أنه كلما ضخينا بمزيد من الأموال لدعم التنمية في مصر تأتي النتيجة صادمة؛ حيث يرتفع معدل الفقر وتنخفض عوائد التنمية.. لماذا؟

هذا الوضع ليس مقصور علينا، ويمكن أن ينسحب على أغلب الدول التي تصنف بأنها فقيرة أو أقل نموًا، حيث أشارت معظم التقارير العالمية إلى أنه بعد قرابة خمسة وأربعين عامًا من البرامج التنموية، والمساعدات، وبرامج الاستهداف والمساعدات الاجتماعية للفقراء في الدول الأقل نموا، انخفضت حصة الفرد في هذه البلدان من متوسط الدخل العالمى من 18 % عام 1971 إلى 15 % عام 2012، وأن الدول التي صنفت بأنها أقل نموا عام 1971 كان عددها “51” دولة، صار عددها “49” دولة عام 2012، أي أن دولتين فقط من غادرتا الفقر هما “الصين والهند”، والأمر يدعونا بقوة أولًا إلى التشكك في مضامين كل برامج التنمية التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية، وإلى ضرورة البحث في التجربة الصينية والهندية في مجال مواجهة الفقر على وجه التحديد، والغريب ليس في التناقض بين برامج التنمية والفقر، وإنما في استمرار تلك الحكومات في انتهاج نفس السياسات في مواجهة نفس المشكلة.

ماذا علينا أن نفعل تجاه هذه المعضلة؟

إذا كنا فعلًا صادقين في مواجهة الفقر، فعلينا أن نتخلى عن الخرافات التي توارثناها في مواجهة الفقر، ونبحث لنا عن نُهجٍ تنموية جديدة، فهناك خرافتان متعلقتان بسياسات الحد من الفقر، الأولى تحصر عدد الفقراء في 20% من سكان العالم، رغم أن النسبة الحقيقية للفقراء في العالم تتراوح بين 40% و60%، والغرض من تقليص أعداد الفقراء واضح، وهو إرجاع أسباب الفقر إلى الفقير نفسه، وليس الفقر نتاجًا لسياسات اجتماعية واقتصادية تستهدف عزل النتائج عن الأسباب، وعزل الفقر عن الإفقار وآلياته، وفى ذلك تحامل واضح على الفقراء، وتحايل أوضح على الحقائق؛ حتى تتنصل الحكومات من مسئولياتها كمصدر أساسى للإفقار، وفي هذا الصدد أطالب بإعادة النظر في رؤية مصر 2030، لأنها وضعت قبل قرار التعويم.

أما الخرافة الثانية فإنها تكمن في الاعتقاد بأن خط الفقر لا يمكن تحديده إلا من خلال قياس مدى استهلاك السعرات الحرارية والقوة الشرائية لكل أسرة، رغم ثبوت عدم دقة هذين المؤشرين في تحديد خط الفقر، وأن نسبة الفقر عادة ما تكون أكبر بكثير من النسبة التي أسفرت عنها هذه المؤشرات.

هل تملك الحكومات مقاييسًا عادلة لتحديد من هُم الفقراء؟

الحكومات جميعها وليس في مصر وحدها لا تملك مقاييسًا عادلة لتحديد من هُم الفقراء؛ ولهذا فدائمًا ما تتحدث حكوماتنا بأن “دعمها” عادة ما يصل إلى غير مستحقيه، وربما تكون الدولة محقة في ذلك، ويجب على الدولة أن تفرق في مشاريعها بين المشاريع الاجتماعية ذات العائد “الاقتصادي” كالصندوق الاجتماعي للتنمية، وبين المشروعات الاقتصادية ذات العائد “الاجتماعي” كالبنوك والشركات، فالنوع الأول لا بد أن يكون منحازًا لصالح الفقراء وليس لـ”رأس المال” كالنوع الثاني، وإذا أُجيز للمصرفي أو “البنكير” رئاسة المشروعات الاقتصادية؛ فإن رئاسة “المصرفي” للمشروعات الاجتماعية يعتبر جريمة في حق الفقراء وبرامج التنمية معًا!

هل هناك خلاف بين المصرفيين والتنمويين؟

نعم، فعادة ما يصم المصرفيون آذانهم عن نصائح التنمويين ويعتبرونها بمثابة إهدار للمال، ويتعاملون مع برامج مواجهة الفقر بمبدأ المكسب والخسارة، ويحسبون نجاحهم في إدارة مؤسساتهم بحجم الأرباح التي تحققت من جراء إقراض الفقراء، وليس بعدد الفقراء الذين تجاوزوا خط الفقر!

حدثني عن أهم المشروعات التي قدمتها بوزارة التضامن الاجتماعي؟

توليت مستشار وزير التضامن الاجتماعي مرتين الأولى من عام 2017 إلى 2018، والثانية من يناير 2020 إلى يوليو 2024، وعملت في الفترة الأولى بالشراكة مع البنك الدولي في إنشاء الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية لأنني كنت من الذين استعانت بهم الأمم المتحدة في 2013 لوضع مفهوم الحماية الاجتماعية وكان مصطلحا جديدا، وتحدثت عنه بعد الحراك الشعبي في 2011، كمفهوم بديل لحقوق الإنسان بعد ثورات الربيع العربي، وكان مفهوما سيء السمعة وكان لابد من بديل لا يركز فقط على الحقوق السياسية وحرية الرأي وإنما يحمي أيضا الحقوق الاجتماعية، وحدث اجتماع مهم في الرباط برعاية الأمم المتحدة ومنظمة العدل الدولية ومنظمة الصحة العالمية، وفكرنا في مفهوم بديل وكان الحماية الاجتماعية ولكن الميثاق العالمي لحقوق الإنسان لم يكن به شيء يخص هذا المصطلح وجعلناه بديلا عن مفهوم الضمان الاجتماعي، ووضعنا خارطة الطريق لمفهوم الحماية الاجتماعية بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، ثم توليت منصب مستشار وزير التضامن للحماية الاجتماعية، وقدمت الاستراتيجية القومية للحماية الاجتماعية، ثم برنامج سكن كريم ولقي قبول ومساندة الرئيس بشكلٍ كبير، ووضعت محور العدالة الاجتماعية للتنمية المستدامة مصر 2030.

وماذا عن الفترة الثانية؟

في الفترة الثانية توليت مستشارا للسياسات الاجتماعية، قدمت العديد من المشروعات منها إنشاء وحدات للتضامن الاجتماعي بالجامعات وكانت حوالي 32 وحدة بمثابة وزارة تضامن مصغرة بتمويل ذاتي وصل إلى مليار و200 مليون جنيه، وأصبحت هذه الوحدات بمثابة حاضنات للطلبة وحلت محل الجماعات المتطرفة التي كانت تستغل الطلبة وتستقطبهم بدفع المصروفات وخلافه، كما قدمت مشروع الإسعاف الاجتماعي، أيضا تبنينا مشروعا عن المفرج عنهم وأسرهم، فيما قدمت مشروع بنك التطوع المصري، بالتعاون مع المؤسسات الأهلية، وعديد من بروتوكولات التعاون مع أهل مصر وجمعية أهل الخير والجمعية الشرعية وأصبح المتطوعون في هذا البنك 61 ألف شخص منتشرين في جميع ربوع مصر، ولم تعتمد هذه المشاريع على أي مصدر تمويل دولية أو محلية أو حتى موازنة الدولة.

كلمنا عن نظريتك التى لاقت اهتمامات من الجامعات العربية والأمريكية وأجريت حولها عديد من الدراسات؟

بالفعل قدمت نظرية متلازمة الإصلاح والتنمية، وأرى أنه لا يمكن وجود تنمية دون إصلاح اجتماعي حقيقي، والدولة منذ السبعينيات تعمل على تحقيق التنمية الاقتصادية، والسؤال هل نجحت خطط الدولة الاقتصادية في تحقيق أهدافها بالقطع لم تنجح لأن الفقر يتزايد، ومنذ الأربعينات لم نجد من يتحدث عن الإصلاح الاجتماعي، وهذه النظرية تنظر إلى الحياة باعتبارها سيركا كبيرا، وليس مسرحا كبيرا، وحين يقع لاعب السيرك فإنه يقع بشكل حقيقي على عكس الممثل، والمواطن ليس ممثلا وإنما لاعب اكروبات يدخل حلبة الحياة لينتقل من حبل إلى حبل ولذا لا يجب أن يقع وإذا وقع لا يموت، وهذا هو دورنا والنظرية تناقش تقليل عدد مرات سقوط الأكروباتي أي المواطن في الفقر وإذا سقط في الفقر لا يقع في الجوع، وذلك عن طريق شبكة حماية اجتماعية طارئة حتى ننقذه.

أشادت جامعة ديوك بالولايات المتحدة الأمريكية بمساهماتك الفكرية مؤخرا.. ماذا قدمت؟

قدمنا في جامعة ديوك بولاية كارولينا الشمالية رؤيتنا لتحقيق الاصلاح والتنمية ولاقت قبولا دوليا كبيرا واستحساناً من خبراء التنمية في العالم وأكثرها ما يميزها أنها قريبة من أوضاع الدول النامية، وتم بناء أفكارها في ضوء خبرات الدول التي قفزت من دائرة الفقر إلى التنمية وفي ضوء الظروف الحالية التى تعيشها الدولة المصرية من زيادة كبيرة في معدل التضخم وارتفاع معدل الفقر.

ماذا عن إسهاماتك الفكرية في الفترة الأخيرة؟

أدركت أن لغة الحديث عن الحماية الاجتماعية وأرضياتها والتنمية ومفاهيمها ليست واحدة بين صانعي القرار والمسئولين ولهذا عكفت لمدة ٧ سنوات لإعداد معجم يضم كافة المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالتنمية والحماية الاجتماعية والمتفق عليها دولياً لتوحيد لغة الحوار بين المعنيين بما ينعكس على سياسات التنمية والحماية الاجتماعية ويقلل معدلات الهدر ويجعل سياسات الدولة متصلة وغير منفصلة ولا ترتبط بوجود مسئول أو رحيله ويعتبر هو المعجم الأول عالميا في مجال الحماية الاجتماعية وهناك عروض لترجمته إلى الانجليزية والفرنسية.

كيف تقرأ الشخصية المصرية الآن؟.. وماذا تغير بها؟

عرف المواطن المصري بالصلابة والجدية والكفاح والمثابرة، ولكن في الفترة الماضية أضيفت إليه صفات جديدة، مثل ثقافة “التيك أواي”، وهذا الشعب الذي قاوم الاحتلال على مدار العصور المختلفة، من المماليك والدولة العثمانية مروراً بالاحتلال الفرنسي والإنجليزي، وصولاً إلى تتويج كفاحه بنصر أكتوبر على العدو الإسرائيلي، بات يميل إلى الفهلوة والاستعجال، وحتى أشكال الفنون تغيرت، بما في ذلك الأغنية والفلكلور والدراما. كذلك طرأت تغييرات على بعض الظواهر الاجتماعية مثل طريقة الحلاقة والملبس. كل هذه التغيرات تشير إلى أن المواطن المصري تخلص من بعض السمات التي كان يتسم بها تقليدياً.

منذ متى بدأ هذا التغير في الشخصية المصرية؟ وهل له علاقة بالانفتاح الاقتصادي في فترة السبعينيات؟

التغير في الشخصية المصرية مرتبط بتطورات اقتصادية واجتماعية عميقة، منها الانفتاح الاقتصادي الذي بدأ في السبعينيات. هذه الفترة شهدت تحولات كبيرة، حيث دخلت أنماط جديدة من الاستهلاك والسلوكيات الاجتماعية، مما أدى إلى تغييرات ملحوظة في القيم والعادات.

ما الفارق بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة من وجهة نظرك؟

الدول المتقدمة تراهن على الاستثمار في العقل البشري باعتباره القاطرة الآمنة للتنمية، فهو مصدر ثروتها الذي لا ينفد. على العكس، تعتمد الدول المتخلفة على استنزاف مواردها الطبيعية فقط لتعيش وتتطور.
على سبيل المثال، شركة مثل “سامسونج” حققت أرباحاً تصل إلى 327 مليار دولار في عام واحد، وهو رقم قد تحتاج دول كثيرة إلى مائة عام لتحقيقه من ناتجها المحلي.
اليابان مثال واضح على ذلك، فقد هُزمت في الحرب العالمية الثانية، لكنها خلال أقل من خمسين عاماً انتقمت من العالم بالعلم والتقنية. وكما قال فيكتور هوجو: “المحنة تصنع الرجال، ورغد العيش يصنع الوحوش”.

هل يمكن تشريح المجتمع الإنساني إلى فئات وفقاً لقدرتهم على الإنتاجية؟

بناءً على نظرية “الثلث في المائة”، يمكن تقسيم المجتمع الإنساني إلى ثلاث فئات رئيسية:
1. الثلث الأول: يمثل الأشخاص الإيجابيين والمثابرين، الذين يمتلكون إرادة قوية للإصلاح والإنتاج.
2. الثلث الثاني: يمثل الفئة السلبية، التي تميل إلى الفساد والتكاسل، وتعيش على حساب الآخرين.
3. الثلث الثالث: يمثل الأشخاص الذين يقفون في منطقة وسطى، وصفهم “مالك بن نبي” بـ”إنسان النصف”. هؤلاء يتسمون بعدم القيام بالحد الأدنى من واجباتهم، رغم مطالبتهم بحقوقهم.

كيف ترى تأثير سياسات الخصخصة على مدار العقود الماضية؟

على مدى الثلاثين عاماً الماضية، أثرت الخصخصة على المجتمع المصري بشكل كبير. رغم أنها تستهدف في ظاهرها توسيع قاعدة الملكية، فإنها في الواقع تنقل الأصول من مجموع الشعب إلى فئة صغيرة.
توسيع ملكية الفقراء ومحدودي الدخل في بعض المشروعات قد يساعدهم على تحسين مستواهم المعيشي وتنمية هذه المشروعات، مما يحد من اتساع الهوة بين الطبقات.

كيف ترى سياسات صندوق النقد الدولي تجاه مصر؟

صندوق النقد الدولي طرح ثلاثة سيناريوهات لتطبيق “الدخل الأساسي الشامل” في مصر، تستهدف جميعها الحد من الفقر، وهي:

1. السيناريو الأول: منح جميع المواطنين مبلغاً مالياً قدره 725 جنيه سنوياً، بتكلفة 3.5% من الناتج المحلي، مما يخفض الفقر بنسبة 4.1%.
2. السيناريو الثاني: توجيه المبلغ للأطفال دون سن 17، بتكلفة 1.3% من الناتج المحلي، مما يخفض الفقر بنسبة 5.6%.
3. السيناريو الثالث: توجيه الدعم للأطفال وكبار السن، بتكلفة 1.5% من الناتج المحلي، مما يخفض الفقر بنسبة 6.1%.

نشر صندوق النقد الدولي أبرز الانتقادات التي طالت سياساته وكنت واحداً من ٦ مفكرين عالميين نشر رأيهم.. التفاصيل؟

بالفعل، فوجئت برأيي في سياسات الصندوق منشورة على موقعهم بجوار كبار المفكرين العالميين مثل الخبير الألماني أرنست فولف أستاذ الفلسفة في جامعة بريتوريا، والمسؤولة السابقة في برنامج الأمم المتحدة للتنمية «إيزابيل غرامبرغ»، وأرى أنه على مدار 90 سنة من وجود الصندوق، ما من دولة حصلت على قرض منه وحققت عائداً تنموياً ملموساً، وأن كل الدول التي حصلت على قروض من الصندوق لا تستطيع تحقيق نهضة اقتصادية أو تنموية، فالقرض يدمر الاقتصاد، ويؤدي إلى تآكل الطبقة الوسطى لتهبط إلى طبقة الفقراء، وتتقلص طبقة الأغنياء.

ماهي معايير نجاح سياسات الحماية الاجتماعية؟

نجاح سياسات الحماية الاجتماعية يتوقف على:
1. تحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين في التعليم والصحة والعمل وكافة الحقوق الأساسية.
2. الحفاظ على الطبقة الوسطى والحد من الفوارق بين الطبقات.
3. التركيز على المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر كمحرك رئيسي للنمو
4. تقليل الاعتماد على القروض، وتوحيد السياسات الائتمانية لدعم الفقراء وتحفيز الإنتاج.

The post الدعم النقدي ليس الحل.. صلاح هاشم يضع روشتة للقضاء على شبح الفقر – (حوار) appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8371
الدولة والفئات الأولى بالرعاية .. https://draya-eg.org/2025/01/09/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%a6%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%84%d9%89-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%b9%d8%a7%d9%8a%d8%a9/ Thu, 09 Jan 2025 13:18:09 +0000 https://draya-eg.org/?p=8368 من أسبوع تقريباً أصدرت منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة ” الفاو ” تقريراً صادماً عن الأمن الغذائي وسوء التغذية في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا. وبصرف النظر عن الأرقام الصادمة التي عرضها التقرير فيما يتعلق بالفئات التي تعاني من غياب كامل للأمن الغذائي؛ فقد لفت انتباهي تقسيم التقرير للشرائح التي تعاني من فقدان الأمن …

The post الدولة والفئات الأولى بالرعاية .. appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
من أسبوع تقريباً أصدرت منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة ” الفاو ” تقريراً صادماً عن الأمن الغذائي وسوء التغذية في منطقة الشرق الأدنى وشمال إفريقيا. وبصرف النظر عن الأرقام الصادمة التي عرضها التقرير فيما يتعلق بالفئات التي تعاني من غياب كامل للأمن الغذائي؛ فقد لفت انتباهي تقسيم التقرير للشرائح التي تعاني من فقدان الأمن الغذائي .. الأمر الذي دفعني إلى السؤال عن ماهية الفئات الأولى بالرعاية والتي على أساسها تتحدد سياسة الدولة في تقديم الدعم سواء كان هذا الدعم نقدياً أو دعم سلعي.؟
وفى الحقيقة يُعد مفهوم الفئات الأولى بالرعاية مفهوماً حديث نسبياً.. استخدمته مصر في 2015 تزامناً مع تنفيذ الدولة لبرنامج الدعم النقدي المشروط ” تكافل وكرامة ” والذى بناءً عليه تم تحديد الفئات الأولى بالرعاية، باعتبارها الفئات العاجزة عن اشباع احتياجاتها الأساسية أو تلك التي لا تملك الحد الأدنى من الأدوات والقدرات التي تسمح لها بالعيش الكريم.. وقبل 2015 كانت الدولة تستخدم مفهوم ” دعم المستحقين ” والذى لاقى انتشاراً واسعاً في معظم الأدبيات والسياسات المعنية بالدعم المادي والسلعي. ونظراً لعدم وجود مقاييس دقيقة لتحديد الفئات المستحقة للدعم ..فقد وجدت الحكومات استحساناً في تبني مفهوم الفئات الأولى بالرعاية كبديل لمفهوم دعم المستحقين.
وهذه الشريحة من المواطنين التي تستهدفها الحكومة بتقديم الدعم هي ذاتها التي كانت تستهدفها الحكومات المصرية المتعاقبة من الخمسينيات من القرن الماضي وحتى تاريخه .. وحيث لأن التقارير الإحصائية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات تُشيرُ إلى أن حجم هذه الشريحة في تزايد مستمر؛ فقد يُؤشر ذلك على أن السياسات التي تتبعها الحكومة تسير في الاتجاه المعاكس، وأنها لم تنجح في تجفيف منابع الفقر بل تزيد من معدلاته ..! وكذلك يُؤشرُ على أن الحكومات المتعاقبة في مصر لم تقم بأي قياسات لتقييم مدى نجاح سياستها في الحد من الفقر .. وفي أحسن الحالات فإنها تستعين بمقيميين من داخلها وليس مقيميين من الخارج، يتسمون بالحيادية والموضوعية في تقييم سياستها في الحد ممن الفقر؛ مما يجعل نتائج التقييم مطابقة لرغبات ومصالح صناع القرار.!
وحتى نكون أكثر موضوعية فأقصى ما حققته هذه السياسات هي أنها خففت من تداعيات الفقر على الفقراء، لكنها لم تحد من الإحساس به، بل عمقت من جذور الفقر بالشكل الذي جعل من الصعوبة بمكان استئصاله..!
ورغم أهمية تحديد الفئات الأولى بالرعاية إلا انه لا يوجد ثمة اتفاق على المفهوم عالمياً. وغالباً ما تُحدد كل حكومة المفهوم في ضوء فلسفتها الاقتصادية وحجم الموارد المتاحة لديها للحد من تداعيات الفقر .. فمثلاً منظمة الفاو قسمت الفقراء إلى ثلاثة شرائح أو فئات. أولها الشريحة التي تعاني من الجوع أو من سوء التغذية ويقصد بهم الأشخاص الذين لا يحصلون من الغذاء المتوفر لهم على السعرات الحرارية الكافية لنشاطه واحتياجاته الجسدية على مدى اليوم. وأشار التقرير إلى أن هذه الشريحة يصل حجمها إلى 8.5 % من سكان مصر أي حوالي 9.4 مليون مواطن يعاني من سوء التغذية.
أما الفئةُ الثانية فقد حصرها التقرير في الشريحة التي لديها حد الكفاف، وهم الذين يعانون من الانعدام الحاد للأمن الغذائي. وأشار التقرير إلى أن 11.5 مليون مواطن في مصر يعانون من الانعدام الحاد للأمن الغذائي . أما الفئة الثالثة فحصرتها الفاو في الشريحة التي تعاني من الانعدام المعتدل للأمن الغذائي، والتي قد يتحمل أصحابها غياب حد الكفاف بالأيام, ووصل عددهم حسب التقرير التي أصدرته الفاو مؤخراً حوالي 33 مليون نسمة.
وبناء على هذا التقسيم فإن منظمة الفاو ترى أن 53 مليون من المصرين يستحقون الدعم الغذائي في مصر .. وأن هذه الشريحة في تزايد مستمر، في ظل ارتفاع معدلات التضخم وغلاء الأسعار التي تتزايد بشكل جنوني .. وإذا كان الجهاز المركز للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن في أحدث تقاريره أن نسبة الفقراء في مصر تجاوزت 32.4%. فهذا يعنى أن حوالي 20 مليون مواطن مصري مهددون بالفقر .. الأمر الذي يجعلنا نتسأل عن أي الفئتين هنا أولى بالرعاية في ظل ارتفاع معدلات التضخم ..؟ علماً بأن اعتبار الفئة الأُولى العاجزة هي الأولى برعاية الدولة، لا يضمن حماية المهددين بالفقر من الوقوع في شراكه ..!
ولعل الفئة الأولى هي من كانت محط اهتمام الدولة منذ بداية الخمسينيات من القرن السابق .. فقبل ثورة يوليو أصدرت حكومة الوفد في عهد الملك فاروق قانوناً للدعم النقدي معني بتقديم معاشات اجتماعية للفئات غير القادرة على اشباع احتياجاتها الأساسية، وتم تمويله من الموازنة العامة للدولة بكلفة 0.5% من الدخل القومي. واستمر الدعم النقدي لهذه الفئة في عهد عبد الناصر مع تركيز أوسع على دعم الغذاء .. وفي عهد السادات تم تعديل نظام الدعم النقدي (المعاشات الاجتماعية) مرتين، الأولى سنة 1975 بإدخال الأرامل والمطلقات على الفئات المستحقة، والثانية كانت بعد انتفاضة 1977 حيث حاول السادات امتصاص غضب المواطنين؛ فوحد قيمة المعاشات بين القاهرة والمحافظات وعمل على رفع قيمته.
علماً بأن ارتفاع قيمة المعاش أو التوسع في السلع المدعومة معناه أن هذه الشريحة من الفقراء بدأت في الاتساع، كمان أن ارتفاع معدل التضخم والذي صاحبه زيادة في الأسعار؛ عادة ما يتطلب زيادة كبيرة في قيمة المعاش .
وفي عهد مبارك استمر صرف المعاشات الاجتماعية أو الدعم النقدي غير المشروط بنسب إنفاق إجمالية لا تتعدى 0.1 % من إجمالي النفقات العامة. رغم أن معدلات الفقر كانت في تزايد كبير حتى وصلت حوالي 16 % في نهاية حكم مبارك.!
وهنا نستطيع القول أن التركيز على تقديم الدعم النقدي للفئات التي لا تستطيع فقط تلبية احتياجاتها اليومية دون الالتفات إلى الفئات المهددة بالفقر لا ينهى الفقر بل يكرس وجوده ويعزز الإحساس به. علماً بأن الإحساس بالفقر أخطر على الاستقرار الاجتماعي والسياسي من الفقر نفسه.
وبالرجوع إلى التقرير الذي أصدرته منظمة ” الفاو” فإن الحكومة الحالية تقدم الدعم للفئات التي تقع تحت خط الفقر فقط، والتي تعاني من انعدام حاد في الأمن الغذائي والتي حددها التقرير في 20 مليون مواطن .. وهو في الغالب اجمالي عدد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة .. والذى يكلف الدولة تقريباً 41 مليار جنيه سنوياً، ويستفيد منه حوالي4.7 مليون أسرة، بإجمالي 20 مليون مواطن .. والخلاصة في ذلك أن الحكومات المتعاقبة في مصر لا زالت تعتقد أن الفقر في مصر عبارة عن عاهة مستديمة تلازم أصحابها حتى الموت ..
وفي حين يشير تقرير الدخل والانفاق الذى يصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء كل عامين أن معدل الفقر في مصر وصل إلى حوالي 32.4 % .. يعنى حوالي 35 مليون مواطن .. يحصل فقط منهم على دعم نقدي 20مليون فقط، ويظل هناك 15 مليون مواطن يستحقون الدعن النقدي ولكن لا يحصلون عليه..! فإن منظمة ” الفاو” ترى أن 53 مليون مواطن يستحقون الدعم. وفي نفس التوقيت تشير تقارير صندوق النقد الدولي إلى أن 60 % من المواطنين في مصر يستحقون الدعم النقدي.. مما يؤكد على أن معايير تقييم حالة الفقر في مصر ليست واحدة .. وأخطر ما في الموضوع أن معايير التقييم هذه عادة ما يشوبها حس سياسي؛ مما يجعل من الصعوبة بمكان تحديد الفئة المستحقة للدعم وكذلك تحديد حجم الدعم الذي يحتاجونه ..!
وربما يروق هذا التقسيم للفئات الأولى بالرعاية لكثير من الحكومات في ظل محدودية الموارد المتاحة لكل حكومة، وفى ضوء قدرتها المالية على الدعم .. إلا أنني أرى أن كل هذه التقسيمات لا تجفف منابع الفقر بقدر ما تخفف من تداعياته.
ويتبقى تقسيم أخر للفئات الأولى بالرعاية من الأهمية أن يؤخذ في الإعتبار. حيث يتم تقسيم المجتمع اقتصادياً إلى ثلاثة فئات. الفئة الأولى وهي الفئة القادرة على الادخار والفئة الثانية هي الفئة التي تشبع احتياجاتها بالكاد دون قدرة على الادخار. أما الفئة الثالثة فهي الفئة التي لا تستطيع اشباع احتياجاتها الأساسية … وفى ظل ارتفاع معدلات التضخم وحين يكون معدل الانفاق أعلى من مستوى الدخل؛ تتقلص قدرة المواطنين على الإدخار .. وتتأكل الفئة الثانية لصالح الفئة الثالثة .. وهنا نتسأل عن أي الفئات الثلاثة هذه أولى بالرعاية ..؟
وأتصور أن الحديث عن التنمية المستدامة يتطلب اعتبار الفئة غير القادرة على الإدخار هي الفئة التي يجب أن تكون هي الفئة الأولى بالرعاية .. فلو افترضنا مثلاً أن القادرين على الادخار 10 % فقط فإن هذا يعنى أن من لهم مستقبل لا تتجاوز نسبتهم 10%، وهذا أمر في غاية الصعوبة؛ إذ يهدد مستقبل المجتمع ويضع مستقبل أبناءه على المحك. ومن ثم فيجب على الحكومات التي تحلم بالنهضة والخروج من براثن الفقر أن تهتم برفع قدرة المواطنين على الادخار بدلاً من أن تخلق لهم ظروفاً تجبرهم على استنزاف مدخراتهم لإشباع احتياجاتهم اليومية.. علماً بأن اتساع مساحة الفئة القادرة على الادخار يكون عادة يتسبب في تحسين أبناء الطبقة الوسطى الذين هم في الفئة الثانية؛ مما ينعكس إيجابيا على تحسين الأحوال المعيشية للفقراء ويعمل على تقليص أعدادهم.
حيث أثبتت التجارب العملية العالمية أن إعطاء الأولوية للفئة العاجزة عن اشباع احتياجاتها دون غيرها وعلى حساب الفئات الأولى لا يعالج مشكلة الفقر، بل يكرس وجود الفقر، ويجعل منه مرض عضال لا يمكن الشفاء منه .. وبناء عليه يجب أن تستهدف سياسات الحماية الاجتماعية أمرين أولهما زيادة قدرة المواطنين على الادخار وثانيهما زيادة قدرة الفقراء على الإنتاج وتملك الأصول دون الاعتماد على الدعم النقدي حتى وإن كان مشروطاً.

The post الدولة والفئات الأولى بالرعاية .. appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8368
الشرق الأوسط على صفيح ساخن مابين حروب وإبادة..ومستقبل لاوضوح له https://draya-eg.org/2024/12/15/%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b3%d8%b7-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%b5%d9%81%d9%8a%d8%ad-%d8%b3%d8%a7%d8%ae%d9%86-%d9%85%d8%a7%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d8%b1%d9%88%d8%a8-%d9%88%d8%a5%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d9%88%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84-%d9%84%d8%a7%d9%88%d8%b6%d9%88%d8%ad-%d9%84%d9%87/ Sat, 14 Dec 2024 23:33:29 +0000 https://draya-eg.org/?p=8335 لم تهدأ منطقة الشرق الأوسط منذ عقود من الزمان مابين ثورات وحروب مستمرة ، وأوضاع اقتصادية عالمية تعصف بدولهاـ إلا أن الوضع اليوم أصبح أكثر مأساوية عن أي وقتٍ مضى؛وسط فشل عميق وكبير لكافة الجهود الدولية لاحتواء الأزمات المتلاحقة ووجود أسئلة عميقة عن مدى فاعلية القانون الدولي والمنظمات الدولية للحفاظ على أبسط الحقوق البشرية ألا …

The post الشرق الأوسط على صفيح ساخن مابين حروب وإبادة..ومستقبل لاوضوح له appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لم تهدأ منطقة الشرق الأوسط منذ عقود من الزمان مابين ثورات وحروب مستمرة ، وأوضاع اقتصادية عالمية تعصف بدولهاـ إلا أن الوضع اليوم أصبح أكثر مأساوية عن أي وقتٍ مضى؛وسط فشل عميق وكبير لكافة الجهود الدولية لاحتواء الأزمات المتلاحقة ووجود أسئلة عميقة عن مدى فاعلية القانون الدولي والمنظمات الدولية للحفاظ على أبسط الحقوق البشرية ألا وهو الحق في الحياة.
لقد مثل تاريخ السابع من أكتوبر تغييرًا للعبة في الشرق الأوسط، وأصبح من الواضح أنه على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية تم تجاوز العديد من الخطوط الحمراء، مما قد يؤدي إلى جلب الشرق الأوسط بأكمله إلى شفا حرب أوسع.ولكن ليس من الواضح كيف سيعيدون تشكيل التوازنات الجيوسياسية في المنطقة.
منذ هذا التاريخ والشرق الأوسط بأكمله على صفيح ساخن ، فمع العدوان الاسرائيلي على غزة واعمال القتل والإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من عام فتحت إسرائيل أكثر من جبهة في المنطقة فشنت حربها على لبنان مطلع سبتمبر من العام الجاري 2024، فضلاً عن ضرباتها وحلفائها على اليمن وسط تصاعد للصراع مع ايران وشنها لحملة من الاغتيالات لعدد من الشخصيات الهامة، ووصولاً اليوم لمحاولة جر سوريا إلى خندق حرب جديدة مع المنظمات الإرهابية.
ومع تصاعد حدة الصراعات والحروب في المنطقة وتنوع الجهات الفاعلة مابين الدول والمجموعات المسلحة والمليشيات، فضلاًعن تعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء هذه الأعمال العدائية مراراً وتكراراُ ، لتعاني المنطقة اليوم من خسائر مادية ومعنوية هائلة تجعلها تقف على حافة الانهيار وسط تهديد خطير للاستقرار الجماعي والسلام والتنمية وتمديد حرب الاستنزاف تلك بلا نهاية واضحة في الأفق .
هذه الهاوية دفعت لها العديد من العوامل التي يمكن من خلال دراستها وتحليلها ووضع توصيات للتغلب عليها من التعافي والخروج من هذه الأزمة الخانقة بمساعدة دول العالم وعلى راسهم القاهرة وعمًان كقائدتين رئيسيتين في الأزمات الراهنة.
في هذا السياق، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تتناول بالبحث والتحليل الأسباب الجذرية للوضع الراهن في المنطقة،واستعراض عام لأزمات المنطقة في كل من غزة ولبنان وسوريا، وماترتب عليها من تداعيات لكل منها، وتسليط الضوء على سيناريوهات المستقبل لهذه الأزمات وكذا دور مصر والأردن لحلحلة الوضع في غزة باعتبار انهما دولتان ذات جوار اقليمي مباشر، فضلا عن المبادرة المصرية المطروحة لإنهاء الحرب على غزة.

وقد توصلت الورقة لعدد من التوصيات علًها تجد صداها لإنهاء هذا الوضع المحتدم في منطقتنا، وذلك على النحو التالي:

– على الولايات المتحدةأن تلعب دور أكثر حيوية من خلال اتخاذ خطوات دبلوماسية مع طهران مما يشجعها على إنهاء الحروب بالوكالة في المنطقة وتمهيد الطريق لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
– على الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل بكل السبل لإجبارها على القبول بالتفاوض واتخاذ الحلول السياسية اللازمة لإنهاء الصراعات الحالية، ووقف أية مغامرات عسكرية منشأنها أن تؤدي لسباق تسلح تقليدي ونووي- قد يخرج عن السيطرة.
– يجب على مصر والأردن مواصلة جهودهما الداعمة لتحقيق السلام وإنهاء الحرب والصراعات الجارية، والتعاون في ذلك مع شركاء إقليميين ودوليين لإجبار تل أبيب على قبول السلام والحل السياسي للخروج من الأزمة الراهنة.
– على الجامعة العربية أن تتخذ خطوات ملموسة لحل الازمات العربية من خلال الدعوة لصياغة سياسة عربية شامة لحل الأزمات الراهنة تتحرك وفقاً له الدول العربية في عملية التفاوض السياسي.

– التأكيد على رفض التدخل الأجنبي بالدول العربية او المساس بسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها.
– أهمية الدفع قدما في تنفيذ حل الدولتين واستخدام كافة أوراق الضغط الدبلوماسية والاقتصادية لإجبار اسرائيل على القبول به وإنهاء هذا الوضع المتأزم.
– حث القوى الدولية الفاعلة على ضرورة التحرك لإنهاءأزمات المنطقة وعلى رأسها الأزمة الفلسطينية.
– الدعوة لعقد مؤتمرات دولية للبحث ماذا بعد انتهاء الحرب في كل من غزة ولبنان وتخصيص صندوق لإعادة إعمار لما دمرته الحرب.
– أهمية العمل والتنسيق مع القوى الاقليمية – إيران وتركيا- لإنهاء الازمة في سوريا قبل أن تقع الدولة السورية في براثن حرب أهلية أخرى، أو تكون فريسة للجماعات المسلحة وذلك عبر اتفاقيات مكتوبة وذات ضمانات دولية.
– أهمية تأسيس تحالف عربي – عربي من كل من مصر والعراق والأردن والسعودية لدعم الدولة السورية عبر إطلاق عملية سياسية شاملة لتوحيد الفصائل السورية ودمج المليشيات المسلحة تحت عباءة الجيش وضمان الانتقال السلمي والسلس للسلطة.
– أهمية العمل على إحياء مبادرة إقامة قوة عربية مشتركة داعمة للجيوش العربية المنهكة، لتحل محل المليشيات المسلحة التي أنهكت الدول العربية عبر توريطها في أزمات لاتنتهي.

أولاً الأسباب الجذرية للوضع الراهن:
بداية هذه الأسباب تكمن في شخصية رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة التي ترفض حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة على طول حدود عام 1967. وقد استخدمت هذه الحكومة القوة العسكرية لإعادة احتلال قطاع غزة، وإخضاع سكانه، وتسهيل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبالتالي تقويض الحل السلمي للصراع المنصوص عليه في اتفاقيات أوسلو. ويمتد هذا النهج المنهجي للعنف إلى ما هو أبعد من الأراضي الفلسطينية.
ففي لبنانحاولت إسرائيل خرق كل الاتفاقيات الدولية المنصوص عليها لتسوية الوضع بين الجانبين؛ من خلال إجراءاتها التي أودت بحياة السكان إما بالتهجير أو بالقصف والاستيلاء على أراضيهم، وانتهاك السيادة اللبنانية وتهديد الأمن، وكل ذلك بهدف فكيك القدرات العسكرية والتنظيمية والمالية لحزب الله؛ وإبعاد المجموعة عن المناطق الحدودية؛ ومنع الأسلحة الإيرانية من الوصول إلى إسرائيل مرة أخرى. كما نفذت إسرائيل ضربات متكررة على حلفاء إيران وأصولها في سوريا واليمن على أمل الحد من نفوذ طهران الإقليمي.
والمراقب لهذه التطورات يدرك أن نتنياهو يعمد إلى إطالة زمن الحرب بما يضمن بقاءه في السلطة لأطول فترة ممكنة، كما أن حلفاء إسرائيل لا يرون أية مشكلة من إطالة وتوسيع دائرة الحرب- وإن اختلفت تصريحاتهم عن هذه الحقيقة.
الواقع أن إسرائيل ترفض المفاوضات والتسويات السياسية حتى أنها في الهدنة الأخيرة المعلنة في لبنان تمهيداً للتوقيع على وقف دائم لاطلاق النارارتكبت العديد من الخروقات، حيث أنها تسعى بشتى الطرق للقضاء على خصومها واستسلامهم دون شروط وصياغة اتفاقيات وفقا لشروطها الخاصة .وعلاوةً على ذلك، تسعى إسرائيل إلى تحويل ميزان القوى الإقليمي لصالحها ضد إيران من خلال ممارسة الضغط العسكري لتجميد البرنامج النووي الإيراني، وتقييد قدراتها العسكرية، وتقليص نفوذها الإقليمي من خلال تفكيك شبكتها المسلحة.
لقد تجاهلت إسرائيل في حروبها في المنطقة التكاليف المادية والبشرية الهائلة أملاً في تحقيق هدفها بالقضاء على قدرات حماس وحزب الله ، وترى أن وقف العمليات العسكرية دون فرض استسلام كامل يعني قدرة هذه المليشيات على استئناف الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة وهو مايهدد أمن إسرائيل؛ وتجاهلت الدولة العبرية حقيقة مفادها ان الأسلحة وحدها لاتضمن الأمن أو الحماية أو الاستمرار في سلام دون وجود حل سياسي حقيقي قابل للتطبيق يشمل ويحقق الأمن لسكان المنطقة جميعهم وليس للإسرائيليين وحدهم.
أما العامل الثاني فهو المتمثل في سياسات الجمهورية الاسلامية الايرانية، فمنذ الثمانينات وإيران تستغل الأوضاع القائمة في المنطقة لإقامة شبكة تحالفات مع الحركات المسلحة والمليشيات الشيعية لتكون خط الدفاع الاستراتيجي الأول ضد خصومها الإقليميين والدوليين الرئيسيين ( العراق في عهد نظام الرئيس صدام حسين، والسعودية اسرائيل والولايات المتحدة).
ولتحقيق مآربها استثمرت إيران مواردها العسكرية والآلية واللوجيستية في مجموعات مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، فضلاً عن دعم المليشيات الشيعية في العراق وسوريا ، وأوكلت إليهم تنفيذ مهام إما داخل دولهم أو حتى في أنحاء المنطقة، بهدف تأكيد هيمنة النفوذ الشيعي والتأكيد على قدرةإيران في الدخول في مواجهة غير مباشرة مع اسرائيلي بما يهدد مصالحها والمصالح الأمريكية في المنطقة .
وعلى صعيد القضية الفلسطينية، قدمت طهران الدعم المالي والعسكري والموارد التكنولوجية لحماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية الرافضة للتسويات السياسية ومبدأ حل الدولتين، وتحتضن المقاومة المسلحة في حين أنها لاتدعم حركات التحرر السلمية المتبنية لسياسات المقاطعة والمقاومة السلمية، الأمر الذي صب في مصلحة الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي ترغب في إنهاء فكرة حل الدولتين بالأساس وترى أن الشعب الفلسطيني شعب لاأرض له، الأمر الذي فاقم من معاناة هذا الشعب الذي ظل محاصراً في حلقة مفرغة من الصراعات المتكررة.
كما لعبت إيران دوراً مزعزعاً في عدد من الدول العربية كلبنان سوريا والعراق واليمن من خلال ميليشياتها المسلحة، وانتهكت أمن وسيادة وسلامة هذه الأراضي بحجة الوقوف أمام الهجمات الاسرائيلية والأمريكية وإن كانت في الحقيقية تدافع عن أصولها الاستراتيجية من مخازن أسلحة أو مرافق حيوية ( قد تكون من ضمنها منشآت نووية ونفطية).
وعليه أصبحت إيران وإسرائيل طرفان في معادلة حرب الاستنزاف الدائمة التي تهدد السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، لتنتهج الدولتان النهج العسكري لتنفيذ استراتيجيتهما في تحقيق أهدافهما في صراعات تتطلب في الواقع حلولاً سياسية. كما أن دعم ايران للمليشيات المسلحة إما يقوض الحكم والأمن في جيرانها الاقليميين ( لبنان والعراق واليمن) أو يؤدي لتآكل فكرة حل الدولتين من خلال عسكرة المقاومة الفلسطينية لتحقق بذلك أهداف الحكومة اليمينة الاسرائيلية المتطرفة وهو مايرسخ حلقة الدمار في المنطقة .
العامل الثالث ويكمن في دور الولايات المتحدة، فالقوة العظمى لم تتمكن حتى هذه اللحظة من إحلال السلام في المنطقة؛ بل إنها تناقض نفسها فما بين دعواتها للتهدئة ووقف الحروب الاسرائيلية على دول المنطقة من جهة، ودعم متواصل لإسرائيل بالسلاح وأحدث المعدات والصواريخ والطائرات ، فضلاً عن عدم لعبها دوراً أكبر لاحتواء حرب الاستنزاف في المنطقة رغم ماتمتلكه من حضور عسكري وأمني ودبلوماسي كبير في المنطقة لتساهم هي في استمرار هذه الحروب، رغم قدرتها على استخدام نفوذها لإجبار اسرائيل على وقف أعمالها المدمرة وإنهاء مساعيها الحالية للقضاء على الدولة الفلسطينية بالكامل من خلال التوسع ببناء المستوطنات وضم أجزاء من غزة والضفة الغربية؛والعمل على الحد من عنفالمستوطنين في الضفة الغربية والقدس ووقف توغل الدبابات في الأراضي اللبنانية، خاصة وأن التمويل والتسليح الأمريكي لإسرائيل يشكل عنصراًهاماً في تغذية القوة العسكرية الإسرائيلية.
وعليه فالولايات المتحدة قادرة على إجبار إسرائيل على الجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل لحل سياسي، ولكنها ورغم استخدام ذلك في لبنان،إلا أن هذه الجهود لاتزال مهددة بعدم الاستمرار مما يعني أن الولايات المتحدة لم تمارس ضغطاً كافياً لإنهاء هذه الحرب، ويبدو أن الإدارة الديمقراطية الحالية والجمهورية القادمة مترددة في لعب هذا الدور والعمل على صياغة رؤية دبلوماسية شاملة لإنهاء معاناة شعوب المنطقة، والتي يمكن من خلالها إحياء مبادئ مثل الأرض مقابل السلام ودعم حل الدولتين وتعزيز الترتيبات الأمنية الإقليمية بالتعاون مع الزعماء الإقليميين الرئيسيين كبدائل قابلة للتطبيق للحرب والعمل العسكري والصراع الذي لا ينتهي.خاصة وأن العمل والتعاون مع الزعماء الاقليميين الرئيسيين قد يساهم في احتواء طموحات طهران وتحجيم دور ميليشياتها المسلحة في المنطقة،في ضوء ما أبدتهالدول الاقليمية الرئيسية من مرونة لتجاوز الخلافات والعداء التاريخي مع طهران والبدء في مسار جديد للعلاقات الثنائية، كما برز في الاجتماعات المصرية الإيرانية الأخيرة، واتفاقية مارس 2023 بين المملكة العربية السعودية وإيران لاستعادة العلاقات الدبلوماسية والحد من مستويات الصراع في اليمن.
الواقع أن واشنطن لم تعد ترى في منطقة الشرق الأوسط سوى الدمار ولم تعد توليها الاهتمام الكافي في ظل تركيز أولوياتها على معالجة المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية والاقتصادية والعسكرية المتزايدة مع الصين، وتحجيم النفوذ الروسي الذي تراه مهددا لمصالحها ومصالح حلفائها الغربيين.
مستقبل المنطقة في عهد ترامب (الولاية الثانية):
فيما يتعلق بإسرائيل، فعلى الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية عن سعيه لإنهاء الحروب والنزاعات بالمنطقة إلا أنه مطلع ديسمبر 2024 وبعد حفلِ العشاء الخاص الذي أقامه دونالد ترامب “على شرف” السيّدة سارة نتنياهو، خرج علينا الرئيس الأمريكي المُنتخب فورًا بتهديدٍ بحرقِ مِنطقة الشّرق الأوسط إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في أنفاق قطاع غزة بحراسةِ كتائب “القسّام” و”سرايا القدس” قبل عودته إلى البيت الأبيض يوم 20 من شهر(يناير) المقبل. وذهبترامب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما توعّد فصائل المُقاومة الفِلسطينيّة بدفعِ ثمنٍ باهظٍ إذا لم يتم إطلاق سراح الرّهائن المُحتَجزين، ووجّه تهديداته بشكلٍ خاص إلى قادة حركتيّ “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.
وعليه فهذا يخالف ماكان قد أعنه خلال حملته الانتخابية في إبريل 2024 عندما أكد أن إسرائيل بحاجة إلى “إنهاء ما بدأته” و”إنهائه بسرعة”، مشيرًا إلى أنها “تخسر حرب العلاقات العامة” بسبب الصور القادمة من غزة”.
بل إن هناك مخاوف من أن يسمح ترامب لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وهو ما من شأنه أن يعني “نهاية حل الدولتين”.
فخلال فترة ولايته الأولى، اتخذ ترامب عدة خطوات لصالح إسرائيل. ففي عام 2017، اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مخالفًا بذلك عقودًا من السياسة الأمريكية والإجماع الدولي. كما اعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، التي استولت عليها من سوريا خلال حرب عام1967.
ومع ذلك فالتوترات في هذه المنطقة قد لاتكون محببة لترامب الذي لايريد الانخراط مرة أخرى في حروب بالمنطقة ويريد استكمال صفقات التطبيع التي بدأها خلال الفترة الأولى من ولايته؛ وهو ماقد يدفعه لإجبارإسرائيل على إنهاء حروبها بالمنطقة وإنهاء اي احتمالات لمواجهات عسكرية بينإيران وإسرائيل .
أما فيما يخص إيران فلم تؤدٍ سياسة الضغط الأقصى التي اتبعها ترامب خلال ولايته الاولى من الاستمرار قي تحقيق الأهداف رغم أنه تمكن خلال فترة ما من شلً اقتصادها وزيادة الضغط عليها بعد إلغاء الاتفاق النووي معها، الا أنه وبالمقابل تمكنت طهران من تعميق علاقاتها بكل من روسيا والصين وكوريا الشمالية واستطاعت التركيز على رفع قدراتها النووية، كما اتخذت خطوات ملموسة لإنهاء حالة عدائها مع العديد من دول الاقليم وعلى رأسها السعودية ومصر.
هذه العوامل الثلاثة مجتمعة لعبت دوراً هاماً في تصعيدأزمات المنطقة والاستمرار في حرب استنزاف طويلة الأمد لاأفق لنهايتها.
ثانياً: استعراض الوضع العام بالمنطقة:
قبل السابع من أكتوبر حاولت دول المنطقة الخروج مما ألم بدول العالم بعد كورونا والتحولات الجيوسياسية على جميع الأصعدة وأدرك الفاعلون الدوليون أهمية تعزيز التعاون الإقليمي وهو مابرز في محاولات دول الإقليم الرئيسية مصر والسعودية من إبرام اتفاقيات دبلوماسية لخفض التصعيد مع طهران وبدء مرحلة من التعاون والتنسيق؛ بل وكان اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل على خطى التنفيذ استكمالاً لصفقاتالتطبيع التي بدأت في عهد ترامب ليأتي طوفان الأقصى ويعيد للمشهد القضية الفلسطينية ويؤكد أنه لااستقرار في المنطقة دون حل للقضية الفلسطينية .
وعلى الرغم من أن اتفاقيات التطبيع واتفاقيات السلام مع القاهرة وعمًانلم تتأثر بالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة،إلا أن العلاقات العربية شهدت مرحلة من التوتر غير المسبوق في ظل هذا العدوان الوحشي والمتسبب في معاناة مايزيدعن مليوني فلسطيني في القطاع. وفي حين يدرك الزعماء العرب في الشرق الأوسط بشكل متزايد أن القضية الفلسطينية لم يعد من الممكن إهمالها وتتطلب حلاً عاجلاً، فإنهم لا يملكون نفوذاً فعالاً لإجبار إسرائيل على القدوم إلى طاولة المفاوضات، أو التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وعلى الرغم من المشاركة القوية من جانب مصر وقطر في جهود الوساطة، فإن كل محاولات التفاوض التي جرت منذ بداية العام باءت بالفشل. كما حاولت الرياض لعب أوراقها، وإن كانت دون جدوى، من خلال الإبقاء على إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل في مقابل الاعتراف بإسرائيل. ولكن إسرائيل في ظل هده الحكومة المتطرفة لا تزال تعارض بشدة حل الدولتين مع الفلسطينيين.
• غزة … والعدوان الاسرائيلي بعد السابع من أكتوبر:
شنت المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023، عملية عسكرية واسعة ضد إسرائيل، أطلقت عليها معركة “طوفان الأقصى”، وشملت إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف باتجاه مواقع إسرائيلية، وتنفيذ عمليات تسلل جوية وبرية وبحرية، واقتحام مستوطنات ومراكز عسكرية في غلاف غزة، كما أسفرت عن قتلى وجرحى وأسرى إسرائيليين بيد المقاومة.وفي اليوم نفسه، أعلنت إسرائيل حالة حرب، وتعهدت بالقضاء على حكم حركة حماس وتقويض قوتها العسكرية في القطاع، واستعادة الرهائن الإسرائيليين، وأطلق جيش الاحتلال عملية عسكرية انتقامية ضد القطاع سماها عملية “السيوف الحديدية”.شن حلالها غارات جوية واسعة استهدفت المنازل والمستشفيات والمدارس، مما أدى إلى سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى، وسط مشاهد من دمار هائل في المباني والمرافق الحيوية.وفي التاسع من الشهر ذاته، فرض الاحتلال حصاراً شاملاً على قطاع غزة، وأغلق كافة المعابر وقطع إمدادات الكهرباء والمياه والغذاء والطاقة عن القطاع، وخلال أيام أمر بإخلاء شمال القطاع، تأهباً لقصفه.وفي 20 أكتوبر 2023، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآفغالانت، عن خطة حربية في غزة تتكون من 3 مراحل:
• المرحلة الأولى: تهدف إلى القضاء على المقاومين، وتدمير البنية التحتية لحماس. وتشمل تلك المرحلة قصفاً جوياً كثيفاً يتبعه اجتياح بري للقطاع.
• المرحلة الثانية: تهدف إلى القضاء على جيوب المقاومة، وتتضمن عملياتها قتالاً بوتيرة أقل كثافة من المرحلة الأولى، مع التركيز على ضرب أهداف محددة.
• المرحلة الثالثة: تهدف إلى إنشاء نظام أمني جديد في قطاع غزة، بما يضمن أمن إسرائيل ومناطقها المحيطة بالقطاع.
وفي 27 من الشهر نفسه، بدأت إسرائيل هجوماً برياً واسعاً على شمال القطاع، واستمرت العمليات فيه تحت غطاء ناري مكثف نحو 3 أشهر، نفّذ الاحتلال خلالها هجمات عنيفة، طالت مناطق واسعة وأهدافا مدنية في محافظتي الشمال وغزة. في محافظة الشمال، تبعها انسحاب جزئي من محافظة غزة، ولكنه أعاد توغله فيمواضع أخرى في المحافظتين، فكان يُغيّر تموضعه، وينفذ عمليات سريعة.
وبالتزامن مع انسحابه الجزئي من الشمال، بدأ الجيش الإسرائيلي بالتوغل في وسط القطاع، إذ دارت اشتباكات ضارية، لا سيما في محاور التوغل بمخيمي البريج والمغازي، وفي يناير 2024 احتدم القتال في المناطق الجنوبية، وكثفت القوات الإسرائيلية تحركاتها لتطويق خان يونس.وساهمت الحرب البرية في رفع خسائر الجيش الإسرائيلي، وكان أشدها حتى ذلك الوقت، قتل 21 جنديا إسرائيليا في عملية نفذتها المقاومة في 22 من الشهر نفسه، وفي الوقت نفسه تصاعد عدد ضحايا الحرب من الفلسطينيين، إلى أكثر من 30 ألف شهيد و70 ألف جريح.وفي فبراير واصلت قوات الاحتلال توغلها في مدينة خان يونس وسط قصف مدفعي وغارات جوية عنيفة، وهدمت منازل واستهدفت عدة مستشفيات في المدينة. وفي شمال القطاع، ارتكب الاحتلال مجزرة عرفت بـ”مجزرة الطحين”، استشهد فيها أكثر من 112 فلسطينيا وأصيب ما يقارب 800 آخرين، أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات.
وفي أبريل 2024 اقتحم جيش الاحتلال مستشفى الشفاء، بعد أسبوعين من حصاره، مخلفا مئات الشهداء ودمارا واسعا، مما تسبب بخروج المستشفى من الخدمة. كما استهدف الاحتلال سيارة تابعة لمنظمة المطبخ المركزي العالمي في وسط القطاع، أدى إلى مقتل 7 موظفين من فريق الإغاثة، يحملون جنسيات أجنبية متعددة.وعلى الرغم من التحذيرات الدولية، نفذت إسرائيل اجتياحاً برياً في مدينة رفح جنوبي القطاع، في السادس من مايو، وأصدر الجيش أمراً بإخلاء المدينة، مما أجبر النازحين على الانتقال مرة أخرى، في حين هاجم الجيش مناطق مختلفة من المدينة، واستولى على المنطقة الحدودية مع مصر.
هذا وقد أعلن غالانت في يوليو 2024، عن قرب الانتقال إلى المرحلة الثالثة والأخيرة من الحرب، التي وفق تقديرات إسرائيلية، قد تمتد شهورا أو حتى سنوات، ووصفت تلك المرحلة بأنها انتقال من القصف الكثيف إلى عمليات عسكرية دقيقة ومحددة، مع انسحاب الجزء الأكبر من قوات الاحتلال من القطاع.وتمهيداً لتلك المرحلة، كان الجيش الإسرائيلي قد وضع يده على مناطق سيطرة إستراتيجية في القطاع، للاعتماد عليها في المرحلة الثالثة، وهي:
• محور نتساريم: الذي يفصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه، وقد أقام فيه الاحتلال ثكنات عسكرية لجنوده، بهدف استخدامها مركزاً لشن عملياته العسكرية.
• محور فيلادلفيا: الذي يمتد 14 كيلومترا على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة.
• منطقة عازلة على طول الحدود ما بين القطاع ودولة الاحتلال، تمتد بعمق 800 متر بحد أدنى في أراضي قطاع غزة.
وفي أعقاب الإعلان، واصل الاحتلال الإسرائيلي توغله البري، بالتزامن مع غارات جوية وبحرية كثيفة على مختلف مناطق القطاع، أوقعت أضراراً مادية بالغة وخسائر فادحة في الأرواح.وخلف العدوان الإسرائيلي أكثر من 41 ألف شهيد، منهم نحو 17 ألف طفل وأكثر من 11 ألف امرأة، فضلا عن أكثر من 96 ألف مصاب، و10 آلاف مفقود.ووفقاً للهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، ارتكب الاحتلال خلال الحرب أكثر من 4650 مجزرة بحق المدنيين، الذين تم استهداف معظمهم داخل منازلهم، أو في مراكز الإيواء، أثناء حملة تهجير قسرية، أرغم عليها مليونا إنسان، بنسبة بلغت 90% من المجموع الكلي لسكان القطاع.وارتكب الاحتلال جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، بما فيها استخدام الأطفال الفلسطينيين وعائلاتهم بانتظام دروعا بشرية أثناء المعارك، بحسب وثائق جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.وقد اعتقلت سلطات الاحتلال 5 آلاف أسير من القطاع، بمقتضى قانون “المقاتلين غير الشرعيين”، ووضعتهم تحت ظروف قهرية بدنية ونفسية قاسية، ومارست عليهم شتى أنواع التعذيب والتنكيل، وواجه بعضهم عمليات اغتصاب وتحرش جنسي.
ولم يسلم العاملون في المنظمات الدولية والإنسانية من نيران الاحتلال، التي قتلت نحو 200 موظف، كما هاجم قوافل الإغاثة ودمر العديد منها، وقتل ما لا يقل عن 172 صحفيا، كان استهداف العديد منهم مباشرا ومتعمدا، كما خرّب البنية التحتية لمعظم المؤسسات الإعلامية، لمنع تغطية الانتهاكات وجرائم الحرب التي يرتكبها.
وقد عمدت إسرائيل إلى قصف المدارس المستشفيات ودور العبادة ومدارس الأونروا -حتى أنه ووفق بيانات الأمم المتحدة، فإن حوالي 11% فقط من قطاع غزة لم يخضع لأوامر الإخلاء، وإلى منتصف سبتمبر، كان هناك أكثر من 55 أمر إخلاء ساري المفعول، يغطي أكثر من 85% من قطاع غزة، وتسببت هذه الإجراءات في وضع مليوني غزي، يشكلون 90% من سكان القطاع، في حالة نزوح مستمر ومتكرر.
وتسببت ممارسات الاحتلال هذه بأزمة إنسانية حادة، وتراجع الأمن الغذائي في القطاع، وصنفته منظمة الصحة العالمية، منذ الأشهر الأولى من الحرب ضمن الترتيب الأسوأ، فقد وصفت حوالي 50% من السكان، بواقع 1.17 مليون إنسان، بأنهم يعيشون في وضع طارئ من حيث الأمن الغذائي.بينما وصفت ربع السكان، أي ما يقدر بأكثر من 500 ألف إنسان، بأنهم في وضع كارثي، وكلا الفئتين تعاني، وفق المنظمة العالمية، من جوع شديد ونقص حاد في الغذاء.حيث يستخدم الاحتلال سلاح التجويع وقطع المعونات عن القطاع للضغط على سكان القطاع.
هذا وقد أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، أنه لم يبق في العمل سوى 17 مستشفى من أصل 36 مستشفى، كلها تعمل بشكل جزئي، ولا يعمل سوى 57 من أصل 132 مرفقاً للرعاية الصحية الأولية. ووفقاً للأنروا كان نحو ثلثي المدارس التابعة لها أو التابعة للحكومة في غزة قد تعرض للتدمير، وفي الشهرين التاليين تم قصف أكثر من 20 مدرسة، واستشهد جرّاء ذلك نحو 300 فلسطيني، وأصيب مئات آخرون.
وبحسب البيانات الفلسطينية الرسمية، استشهد في الغارات الإسرائيلية على مدى نحو عام، ما يقارب 10 آلاف طالب مدرسي وأكثر من 650 طالباً جامعياً، وأصيب نحو 17 ألفا من الطرفين، في حين استشهد أكثر من 500 من معلمي المدارس والأساتذة الجامعيين، وأصيب أكثر من 2500 آخرين.وتسببت أزمة النزوح واتخاذ المدارس والمؤسسات التعليمية ملاجئ، واستهدافها بالقصف المستمر، انهيار النظام التعليمي. وبحسب أرقام الوزارة، حُرم 630 ألف طالب مدرسي و88 ألف طالب جامعي من الالتحاق ببرامجهم التعليمية للعام الثاني على التوالي.
لقد حوّلت الحرب مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة إلى ركام، وشمل ذلك، المنشآت الاقتصادية والصناعية والأراضي الزراعية والمدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة، وأكثر من 160 مسجداً و3 كنائس و200 مقر حكومي.
وألحقت القوات البحرية الإسرائيلية أضرارا أو دمرت نحو 70% من سفن الصيد. وقضت الضربات المستمرة على قطاع الزراعة، حيث أفاد تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية(أونكتاد) بأن ما بين 80% و96% من الأصول الزراعية في غزة قد دُمر بحلول أوائل عام 2024، بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الماشية والبساتين والآلات ومرافق التخزين. وقد أدى ذلك إلى عدم القدرة على إنتاج الغذاء وتفاقمت مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل.وبحسب بيانات (أونكتاد)، انخفض الناتج المحلي الإجمالي في غزة بنسبة 81% في الربع الأخير من عام 2023، وبحلول منتصف عام 2024، انكمش اقتصاد غزة إلى أقل من سدس مستواه في عام 2022.
وقد قدرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة بنحو 40 مليار دولار، وأكدت أن التعافي من الدمار الهائل وغير المسبوق الذي لحق بالقطاع بسبب العدوان الإسرائيلي الممتد قد يستغرق 80 عاما.

وإلى جانب هذا الدمار، صعدت إسرائيل وتيرة الاغتيالات في صفوف قادة المقاومة، فقد اغتال رئيس المكتب السياسي السابق لحماس إسماعيل هنية في 31 يوليو 2024 في إيران، وكان قد اغتال نائبه صالح العاروري في ينايرمن العام نفسه في لبنان.وفي 16 أكتوبر 2024 اعلنت اسرائيل عن اغتيال الفائد العسكري للحركة يحي السنوار.
ومن جانبها، استمرت المقاومة المسلحة في القطاع في عملياتها النوعية فنصبت كمائن وأطلقت صواريخ على مواقع إسرائيلية، مما أوقع خسائر في المعدات والأرواح.وبحسب المصادر الإسرائيلية الرسمية قتل في الحرب، حتى 25 سبتمبر 2024 ما مجموعه 715 جندياً إسرائيلياً، منهم 346 منذ بدء العمليات البرية في غزة، وجرح 4473 جنديا، منهم 2290 منذ بدء الاجتياح البري.
جهود وقف لإطلاق النار:
لم تنجح كل الماراثونات الدبلوماسية في إنهاء الحرب، بل إنه على مدار عام كامللم تحقق المفاوضات سوى عقد هدنة واحدة مؤقتة، بدأت في 24 نوفمبر، واستمرت 7 أيام، أُجريت خلالها صفقة تبادل للأسرى، أطلقت حماس بموجبها سراح أكثر من 100 رهينة إسرائيلي، بينما أفرج الاحتلال عن نحو 240 فلسطينياً، وسمح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع.
ومؤخراً قدمت إسرائيل اقتراحاً محدثاً للمقترح الذي كان قدمه الرئيس الأمريكي بايدن في 31 مايو 2024، ويشتمل المقترح (خريطة الطريق) على ثلاث مراحل:الأولى تبدأ بوقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، وبانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة، وبتبادل الرهائن والسجناء بين الجانبين. المرحلة الثانية تتضمن انسحاب الجنود الإسرائيليين بشكل كامل من قطاع غزة، على أن تطلق حماس سراح جميع الرهائن الأحياء الباقين لديها، قبل الانتقال لوقف دائم للأعمال العدائية. أما المرحلة الثالثة من الخطة فتشمل إطلاق عملية إعادة إعمار لقطاع غزة.ويتضمن التحديث إطلاق سراح النساء المحتجزات لدى حماس، وجميع الرجال الأحياء الأكبر من 50 عاما، ومن هم في حالة صحية خطيرة.
ويأتي هذا بالتزامن مع إعلان إسرائيل عن تقسيم القطاع وعدم وجود نية لإعادة سكان الشمال لمنازلهم،حيث كشفت هيئة البث الإسرائيليةأن جيش الاحتلال يعمل على فصل شمال قطاع غزة عن مدينة غزة، ولا يعتزم السماح للنازحين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في الشمال. ومنذ أكثر من شهر، يواصل الجيش اجتياحه شمال قطاع غزة. وأنذر الفلسطينيين بالتوجه إلى منطقة المواصي في الجنوب، بزعم العمل على عدم استعادة حركة حماس لقوتها في المنطقة.
هذا وتعمل إسرائيل على تطبيق ما يُعرف بخطة الجنرالات، التي تنص على احتلال شمال القطاع وتحويله لمنطقة عازلة بعد تهجير سكانه، تحت وطأة ما ترتكبه حاليا من قصف دموي متواصل وحصار مشدد يمنع إدخال الغذاء والماء والأدوية.
من الجدير بالذكر انه في 21 من نوفمبر 2024 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآفغالانت، وقالت إن هناك “أسبابا منطقية” للاعتقاد بأنهما ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.وأضافت المحكمة أن “هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت أشرفا على هجمات على السكان المدنيين”.وأوضحت أن جرائم الحرب المنسوبة إلى نتنياهو وغالانت تشمل استخدام التجويع سلاحا للحرب، كما تشمل جرائم ضد الإنسانية والمتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأفعال غير الإنسانية.كما أصدرت أيضا مذكرة توقيف بحق قائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية(حماس)محمد الضيف.
وتأتي المذكرة تنفيذا لطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في 20 مايو 2024 بإصدار مذكرات توقيف بحق قادة من حركة حماس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على خلفية هجمات 7 أكتوبر 2023 والحرب على غزة.

توترات إقليمية:
*إيران: على خلفية هذه الحرب تصاعدت التوترات بين إسرائيل وايران منذ اليوم التالي لطوفان الاقصى مابين اغتيالات وقصف صاروخي على أهداف إما داخل الأراضي الإيرانية أو خارجها وسط ردود إيرانية على هذه الضربات والاغتيالات.ففي 8 أكتوبر 2023 أكد الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي أنّ “ايران تدعم الدفاع المشروع للأمة الفلسطينية” عن نفسها.وأضاف أنه “ينبغي تحميل النظام الصهيوني وداعميه مسؤولية هذه القضية”.
وفي 28 أكتوبر، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن “90% من ميزانية حماس العسكرية مصدرها إيران التي تمولها وتنظمها وترشدها، وفق تعبيره.
كما اتهم الحرس الثوري الإيراني في 25 ديسمبر 2023، إسرائيل باغتيال الجنرال رضي موسوي القيادي البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري بضربة قرب دمشق، متوعدا بالانتقام لمقتله.وفي 20 يناير 2024 قُتل خمسة عناصر في الحرس الثوري، بينهم مسؤولان كبيران بغارة جوية على دمشق نُسبت إلى إسرائيل. وهدد رئيسي بالرد على الهجوم. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه ضرب حوالي 20 هدفاً، بما في ذلك منشآت تصنيع الصواريخ وصواريخ أرض – جو ومواقع عسكرية أخرى.وأكد الجيش الإيراني مقتل أربعة ضباط “أثناء التصدي للضربات بالقذائف”.
وفي الأول من أبريل 2024، أسفرت ضربة على القنصلية الإيرانية في دمشق عن مقتل 7 عناصر في الحرس الثوري الإيراني بينهم اثنان من قادته، وفقا لطهران.ونسبت إيران وسوريا الهجوم إلى إسرائيل، التي لم تؤكد ولم تنف تنفيذه.ثم أعلن الجيش الإسرائيلي أن قتلى الهجوم على القنصلية كانوا “إرهابيين” يعملون ضد إسرائيل.وفي 13أبريل، أطلقت إيران هجوماً بمسيرات مفخخة وصواريخ بالستية باتجاه إسرائيل رداً على الضربة التي طالت قنصليتها.وكان هذا أول هجوم عسكري مباشر تشنه إيران من أراضيها على إسرائيل منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في العام 1979.واعتُرضت غالبية الصواريخ والمسيرات من جانب إسرائيل بمساعدة دول أجنبية بينها الولايات المتحدة، وتوعدت إسرائيل يومها بالرد.وفي 19 أبريل، أعلنت إيران أن انفجارات وقعت في وسط البلاد. وتحدث مسؤولون أميركيون كبار عن هجوم إسرائيلي ردا على الهجوم الإيراني غير المسبوق ضد إسرائيل.
وفي 31 يوليو قُتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في مقر إقامته في طهران، بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، بعملية نسبتها إيران وحركة حماس وحزب الله اللبناني إلى إسرائيل.ولم تعلق تل أبيب على اغتيال هنية، في حين أعلنت رسميا أنها اغتالت القيادي العسكري البارز في حزب الله فؤاد شكر بضربة على الضاحية الجنوبية لبيروت وقعت قبل ساعات من مقتل هنية.إلى أن اغتالت إسرائيل في 27 سبتمبر، الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت. وقتل في الضربة أيضا القيادي في الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفورشان.وأكد المرشد الإيراني علي خامنئي أن اغتيال نصر الله “لن يبقى من دون عقاب”.وبالفعل وبعد أربعة أيام على مقتل نصرالله، أطلقت إيران عشرات الصواريخ البالستية على إسرائيل في الأول من أكتوبر،وقد أتى الهجوم الإيراني تزامناً مع إعلان إسرائيل شنها عملية برية محدودة في جنوب لبنان ضد حزب الله.وأكد الحرس الثوري أن الهجوم الصاروخي جاء رداً على اغتيال هنية ونصرالله ونيلفورشان.كما أعلن البيت الأبيض أنّ الهجوم “تمّ صدّه” وكان “غير فعال”، وفق بيانه.وفي 26 اكتوبر شنت إسرائيل في 26 أكتوبرضرباتجوية “دقيقة ومحددة” على إيران رداً على وابل من الصواريخ.
*اليمن: منذ اندلاع عملية طوفان القصى أعلنت جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن عن استهدافها للمصالح الإسرائيلية دفاعاً عن غزة وذلك من خلال خمس مراحل عسكرية تصعيدية، بدأت من قيام المسيّرات اليمنية بقصف مدينة “إيلات” رداً على مجزرة الاحتلال في مستشفى المعمداني في 17 أكتوبر 2023، ومن ثم الاستيلاء المباشر على سفينة “جلاكسي ليدر” الإسرائيلية من عمق البحر وجرها إلى السواحل اليمنية، ليبدأ مسلسلالحصار اليمني على الملاحة الإسرائيلية انتهى بإغلاق ميناء إيلات بشكل كامل.
ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيليةعن الرئيس التنفيذي لميناء إيلات غدعونغولبر، قوله إن “العمل في الميناء توقف كلياً لعجز السفن عن المرور في أي اتجاه للوصول إلى الميناء بسبب هجمات جماعة الحوثي في البحر الأحمر، وانتقلت نشاطاته إلى مينائي أشدود وحيفا، كما تم تسريح عدد كبير من العمال”.وقال غولبر إن حجم خسائر المالية لميناء إيلات بلغ 50 مليون شيكل ( نحو 14 مليون دولار)، مشيراً إلى أنها قابلة للزيادة إذا لم تتخذ إسرائيل إجراءات مع حلفائها لوقف الهجمات.
ورداً على الهجمات الحوثية، وجهت كل منإسرائيل وأمريكا وبريطانيا ضربات على المواقع العسكرية الحوثية في اليمن، وكان من أعنف وأشد تلك الضربات الهجوم الإسرائيلي على ميناء الحديدة أصابت خزانات نفط ومحطة كهرباء وتسببت في مقتل 7 مدنيين وإصابة نحو 83 شخصاً. وفي مطلع أكتوبر 2024 شنتالطيران الأمريكي- البريطاني، سلسلة غارات على العاصمة صنعاء ومحافظتي الحديدة وذماررداًعلى استهداف السفن الإسرائيلية.
……………………………………………

• لبنان..المحاصر: أزمات داخلية وحرب مشتعلة
الواقع أن العدوان الاسرائيلي على لبنان ليس الأول من نوعه فقد دأبت اسرائيل على اختراق الاراضي اللبنانية واحتلالها منذ الحرب العربية الاسرائيلية الاولى وعلى مدى السيتينيات و السبعينيات من القرن العشرين اجتاح الجيش الإسرائيلي واخترق خط الهدنة باستمرار، ووقعت اشتباكات دموية، وكان أبرزها عملية الليطاني عام 1978، التي أسفرت عن احتلال معظم منطقة جنوبي نهر الليطاني.
وبعد صدور قراري مجلس الأمن 425 و426 لعام 1968، انسحب الجيش الإسرائيلي من لبنان، وأبقى -تحت إشرافه- على حزام أمني شمالي خط الهدنة، بعمق بلغ بين 10 و15 كيلومترا، سلمها للمليشيات اللبنانية الموالية له، وترك لنفسه الحرية في دخول الجنوب اللبناني متى شاء.
وعلى إثر الانسحاب، استقرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل” في جنوب لبنان، من أجل إحلال السلام، ومع استمرار النزاع والاحتلال الإسرائيلي، تحولت ولاية “اليونيفيل” المؤقتة إلى قوة دائمة في لبنان، يتم تمديد وجودها دوريا.
وقد عادالاحتلال الإسرائيلي لاجتياح لبنان في يونيو 1982، بحجة القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، وسيطر على حوالي نصف البلاد، ووصل إلى بيروت وحاصرها.وفي فبراير 1985 انسحب مع الاحتفاظ بوجود عسكري له في حزام أمني، يمتد على طول الحدود بعمق يتراوح بين 10 إلى 20 كيلومترا، ويغطي نحو 8% من الأراضي اللبنانية، والذي تم توسيعه لاحقا، ليشمل نصف مساحة المنطقة الجنوبية، أي ما يعادل نحو 10% من مساحة لبنان.
بعد احتلال دام نحو عقدين، انسحب الاحتلال الإسرائيلي في 25 مايو 2000 من لبنان، وفي يونيو من العام ذاته، سلَّم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تيري لارسن السلطات اللبنانية خريطة رُسم عليها خط باللون الأزرق عُرف بـ”خط لارسن” أو “الخط الأزرق”، وكانت لائحة الإحداثيات مؤلفة من 198 نقطة.ويعتبر الخط الأزرق خطا مؤقتا، تم تحديده وفق المشاورات مع الطرفين اللبناني والإسرائيلي، بغرض تثبيت خط الانسحاب الإسرائيلي من لبنان، دون مساس قانوني بأي اتفاق مستقبلي حول ترسيم الحدود بين الدولتين.
وقد اعترفت به السلطات اللبنانية خطا لانسحاب الجيش الإسرائيلي، وليس خط حدود دولية، ولإبراز ذلك، قدمت 3 تحفظات، تضمنت النقاط التي يغاير فيها الخط الأزرق خط الهدنة، وتقع هذه النقاط في: رميش والعديسة والوزاني.
في عام 2006 نشبت حرب بين إسرائيل وحزب الله، اجتاحت فيها إسرائيل الأراضي اللبنانية، على إثر غارة نفذها مقاتلو حزب الله في الداخل الإسرائيلي، أسروا خلالها جنديين وقتلوا آخرين.ولوضع حد للحرب التي استمرت 33 يوما، أصدرت الأمم المتحدة القرار 1701، الذي نص على حصر الانتشار المسلح في المنطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني بالجيش اللبناني وقوات اليونيفيل التي أصبح قوامها 15 ألف جندي، وتقوم بدور الوسيط بين شقي النزاع، لتخفيف حدة التوتر، ومنع أي انتهاك للخط الأزرق.
واستكمالا لسلسة التوترات الاقليمية بالمنطقة التي بدأت منذ السابع من اكتوبر كان حزب الله اللبناني قد أعلن في 8 اكتوبر عن دعمه الكامل لقطاع غزة وبعد يوم واحد من انطلاق عملية طوفان الأقصى في غزة، أطلق حزب الله اللبناني صواريخ موجهة وقذائف مدفعية على المواقع التي تحتلها إسرائيل في مزارع شبعا، بهدف إسناد المقاومة في غزة (بحسب الحزب)، وردت إسرائيل بقصفِ على الأراضي اللبنانية، وتطور لاحقاً لسلسلة من الضربات والمناوشات اليومية على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية. ظلّ الإشتباك محصوراً في المناطق الحدودية لعدّة أشهر، أي في شريط ضيّق ما بين ال 5 و10 كلم على كلا الجانبين، وذلك ما عُرف بقواعد الإشتباك. وما لبثت أن تعمقّت الإستهدافات لاحقاً بغارات إسرائيلية محدودة وقليلة وصلت إلى بعلبك وبيروت والنبطية وضواحي كل من صور وصيدا، كما ووصلت الرشقات الصاروخية التي أطلقها الحزب إلى صفد وقاعدة ميرون في الداخل الإسرائيلي، إضافةً إلى كريات شمونة والجولان وهو أكبر تصعيد للصراع بين حزب الله وإسرائيل منذ حرب لبنان عام 2006.
كما شملت المناوشات عمليات اغتيال وقصف منازل وتدمير آليات وإسقاط طائرات مسيرة، كما وشملت محاولتي توغل بريًتين محدودتين من الجانب الإسرائيلي تم إحباطهما .وفي شمال إسرائيل أجبر الصراع المستمر على تهجير حوالي 200,000 شخصًا على مغادرة منازلهم، بينما في جنوب لبنان، نزح أكثر من 1.2 مليون شخص.
وفي سبتمبر تصاعد الهجوم الاسرائيلي بعد عملية تفجير أجهزة اتصالات الحزب وشن غارات جوية في العاصمة بيروت، وخاصة في ضاحيتها الجنوبية وفي جنوب لبنان وأجزاء من وادي البقاع.أدت تلك الهجمات إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعدد من قياديي الحزب، كما قتل وجرح فيها عدد كبير من المدنيين.
وفي الأول من اكتوبر كانت إسرائيل قد أعلنت انطلاق عمليتها البرية “سهام الشمال” ردا على عملية “أولي البأس” التي أطلقها حزب الله قبل عام، باستهداف مواقع تابعة لحزب الله في جنوب لبنان، بإسناد جوي ومدفعي.

وفي 27 نوفمبر تم التوصل لاتفاق وقف اطلاق نار بين الجانبين ودخوله حيز التنفيذ في اتفاق اشرف عليه المبعوث الامريكي للمنطقة موس هوكشتاين يتألف من 5 صفحات و13 قسما وفيما يلي أهم ماورد فيه:
وقف الأعمال القتالية:
• يبدأ وقف الأعمال القتالية صباح الأربعاء 27 نوفمبر 2024.
• تتوقف إسرائيل عن “تنفيذ أي عمليات عسكرية ضد الأراضي اللبنانية، بما في ذلك استهداف المواقع المدنية والعسكرية، ومؤسسات الدولة اللبنانية، برا وبحرا وجوا”.
• وتوقف كل الجماعات المسلحة في لبنان (أي حزب الله وحلفائه) عملياتها ضد إسرائيل.
انسحاب القوات:
• ينسحب الجيش الإسرائيلي تدريجيا من جنوب لبنان، ويكمل انسحابه في أجل لا يتعدى 60 يوما.
• بدء عودة المدنيين النازحين من الجانبين إلى ديارهم.
• كما تضمن الاتفاق نصوصا تحفظ حق لبنان وإسرائيل في الدفاع عن النفس.
• ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد نحو 30 كيلومترا شمالي الحدود مع إسرائيل.
• ينشر الجيش اللبناني قواته في جنوب الليطاني (نحو 10 آلاف جندي) بما يشمل 33 موقعا على الحدود مع إسرائيل.
دعم فرنسي أميركي:
وإضافة إلى ما سبق، قالت وسائل إعلام غربية إن الاتفاق ينص على أمور أخرى أبرزها:
• يقدم الجيشان الأميركي والفرنسي دعما عسكريا للجيش اللبناني.
• اعتراف إسرائيل ولبنان بأهمية القرار 1701 والتشديد أن الالتزامات التي ينص عليها لا تنفي حق الطرفين في الدفاع عن النفس بما يتفق مع القانون الدولي.
• تفكيك كل المنشآت العسكرية غير المرخصة والمعنية بصناعة السلاح في لبنان، ومصادرة جميع الأسلحة غير المرخصة بدءا من منطقة جنوب الليطاني.
• بدء الولايات المتحدة إجراء مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل تشرف عليها الولايات المتحدة بالشراكة مع الأمم المتحدة، بهدف حل النقاط المتنازع عليها المتبقية على طول الخط الأزرق بما يتماشى مع القرار 1701.
• تعتزم الولايات المتحدة وفرنسا قيادة الجهود الدولية لدعم بناء القدرات والتنمية الاقتصادية في جميع أنحاء لبنان لتعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة.
آلية المراقبة:
تشرف على مراقبة تنفيذ الاتفاق آلية ثلاثية قائمة مسبقا بين قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وسيجري توسيعها لتشمل الولايات المتحدة وفرنسا، وسترأس واشنطن هذه المجموعة.
يتم الإبلاغ عن أي انتهاكات محتملة لآلية المراقبة، وستحدد فرنسا والولايات المتحدة معا ما إذا كان قد حدث انتهاك.

كانت وزارة الصحة اللبنانية قد أعلنت انه حتى نوفمبر 2024 قتل مالايقل عن 3768 شخصا وأصيب نحو 15699، وان نحو 886 ألف شخص نزحوا داخل لبنان في حين فر نحو 540 ألف شخص من لبنان إلى سوريا منذ بدء الحرب في حين أخلى نحو 60 ألف شخص اسرائيلي منازلهم في الشمال..
وأكد تقرير البنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت الوحدات السكنية تقدر بنحو2.8 مليار دولار مع تدمير أكثر من 90 الف وحدة جزئيا او كليا ، وبلغت الاضرار التي لحقت بالزراعة نحو 124 مليون دولار . في حين يقدر البنك الخسائر التي لحقت بالممتلكات الاسرائيلية بنحو 273مليون دولار على الاقل مع تضرر او تدمير آلاف المنازل والمزارع والمؤسسات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قدم البنك تقريرا أوليا للأضرار التي لحقت بلبنان والتي قدرت بنحو 8.5 مليار دولار وسط توقعات بانكماش الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنحو 5.7% مقارنة بتقديرات نمو قبل الصراع بنحو 0.9% وأكد أن قطاعي السياحة والضيافة المساهمين الرئيسيين في الاقتصاد اللبناني الأكثر تضررا بخسائر قدرت بنحو 1.1 مليار دولار..
في حين أدت الحرب لارتفاع عجز الموازنة الاسرائيلية بنسبة 8% من الناتج المحلي الاجمالي.
………………………………….
• سوريا …عودة المعارك المتوقفة ورحيل الأسد
بعد التوقف الذي شهدته الساحة السورية بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار برعاية روسية /تركية في محافظة إدلب عام 2020 بين المعارضة والنظام . ليكون هذا الهدوء الحذر هو التحضير لمرحلة جديدة بالنسبة للفصائل المسلحة ومزيداً من التدهور والفساد وضعف الاقتصاد بالنسبة للنظام السوري. واستمر الوضع على ماهو عليه، حتى شنت قوات النظام في 26 نوفمبر 2024 قصفًا على مدينة أريحا بريف حلب الواقع تحت سيطرة الفصائل المسلحة ليوقع 16 شخصاً ويكون بداية لشرارة أزمة أطاحت بنظام عائلة الأسد .
حيث شهدت الأراضي في الشمال السوري يوم 27 نوفمبر 2024 هجوماً من الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام- المعروفة سابقا بجبهة النصرة – في عملية واسعة النطاق اطلق عليها”ردع العدوان” على 10 مواقع للجيش السوري في محافظة حلب ، حتى باتت المحافظة بالكامل تحت سيطرتهم بعد انسحاب لقوات الجيش السوري الذي وصف انسحابه بالتكتيكي تحضيرا لشن هجوم مضاد وهو ماتم بالفعل بدعم من الطيران الروسي، كما شنت جماعة متمردة أخرى – الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، المعارضة السورية المعترف بها دوليًا – هجومًا منفصلاً من شمال إدلب.

واستمرت المدن السورية بالسقوط في أيدي هيئة تحرير الشام الواحدة تلو الأخرى بسقوط حماة ثم حمص المركز الرئيسي لشبكة السكك الحديدية والطرق السريعة في سوريا، مما يجعلها الممر الرئيسي والأسهل لحركة البضائع والأشخاص والقوات العسكرية في جميع أنحاء البلا.، لتتمكن الفصائل لاحقاً من السيطرة على العاصمة دمشق في 8 من ديسمبر 2024 ويرحل معها الأسد بعد حكم دام 24 عاماً لم يتمكن من الصمود مجدداً مع جيش منهك وحلفاء إما مشغولون بحروب أخرى أو حتى آخرين قد تخلوا عنه، دعم من قوى خارجية مكثف لقوات المعارضة لإنهاء حكم الأسد.
وعلى صعيد آخر ومع تراجع قوات الجيش السوري تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من السيطرة على دير الزور ومعبر البوكمال الحدودي مع العراق، فضلاً عن السيطرة على حقول نفطية وتمكنت من تعزيز نفوذها في المنطقة الشرقية. فيما تمكنت قوات المعارضة المحلية من السيطرة على السويداء ودرعا والقنيطرة الواقعة على الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل.
وتزامن هذا التقدم مع تصريحات لأبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) قائد هيئة تحرير الشام والمدرج على قوائم الارهاب الأمريكية في مقابلة له مع شبكة الامريكية CNN مؤكداً أن هدفه الاساسي هو الاطاحة بالنظام وانه يتم الاستعداد لهذه العملية منذ أكثر من عام.. وبعد سقوط النظام أمر الجولاني مقاتليه بعدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكدا أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسمياً.
سقط نظام الأسد ولكنه ترك وراءه دولة منهكة لاتعرف مستقبلها خائفة من الوقوع في براثن حرب أهلية أخرى، دولة مقسمة ، بل وآلاف من السجناء لم يُعرف أماكنهم كم هو الحال في سجن صيدنايا الذي تأسس في العام 1987 خلال حكم الرئيس السابق حافظ الأسد، وتم اعتباره لعقود رمزاً لقمع النظام لمعارضيه، ووفق توصيف منظمة العفو الدولية. ووصفت المنظمة السجن بـ«المسلخ البشري» في تقرير عام 2017، والذي أشار إلى إعدام 13 ألف شخص شنقاً غالبيتهم من المعارضين المدنيين.
من المستفيد؟
تأتى تلك التطورات متزامن مع اتفاق وقف اطلاق النار والهدنة المعلنة بين كل من إسرائيل وحزب الله في لبنان ، وبعد أيام من إعلان نتنياهو بأن الرئيس السوري “يلعب بالنار”. كان نتنياهو قد أرسل قبل بضعة أسابيع أحد أهم مساعديه في السياسة الخارجية إلى موسكو لنقل رسالة للأسد مفادها ” أنه إذا لم يقوم الأسد بطرد المليشيات الإيرانية من سوريا وإذا سمح لحزب الله بإعادة تنظيم صفوفه في سوريا وإذا لم يغلق الحدود مع لبنان أمام نقل السلحة والأموال فإن إسرائيل ستلاحقه”.
وعليه فهناك احتمالات بأن إسرائيل رأت في هذا لهجوم اضعاف للوجود الايراني في سوريا وإنهاء معضلة نقل الاسلحة من دمشق لحزب الله. يذكر أنه في وقت سابق من هذا العام، ضربت الغارات الجوية الإسرائيلية في حلب مستودعات أسلحة لحزب الله وقوات الحكومة السورية.
والواقع أن جراء الضربات الإسرائيلية المتوالية لأهداف إيرانية في سوريا على مدار العام الماضي، زاد الوعي لدى الفصائل المسلحة بأن الوجود الإيراني في سوريا قد ضعف، إذ تسببت الهجمات الإسرائيلية في دفع الحرس الثوري إلى تقليص عدد القواعد في وسط وغرب سوريا، فضلاً عن تقليص عدد القادة والجنود السوريين والأفغان الذين جندوا في الميليشيات الموالية لإيران، فضلاً عن أن الحرب التي يواجهها حزب الله دفعته لسحب جنوده من سوريا والذين كانوا يقاتلون في صفوف الجيش السوري ما أدى لإضعاف الأخير ، هذا بجانب التراجع الكبير في الدعم العسكري الروسي بسبب الصراع مع أوكراني مما مهد الطريق أمام هذه الجماعات لشن هجوم مباغت.
ورغم أن إسرائيل ستستفيد على المدى القصير من هذا الهجوم من خلال منع أي إمداد عسكري لحزب الله من إيران عبر سوريا، إلا أنها تواجه تهديدات على المدى الطويل بعد سقوط نظام الأسد وتولي الجماعات الجهادية السلطة مما ينذر بمرحلة أخرى من الفوضى وعدم الاستقرار، وبصفة خاصة في منطقة الجولان المحتل، وعليه أعلن رئيس الوزراء نتنياهو عن إلغاء اتفاقية فض الاشتباك الموقعة مع سوريا عام 1974 بشأن الجولان واستولى على المنطقة العازلة بالكامل حيث تنتشر قوات أممية . فيما توالي إسرائيل ضرب مخازن أسلحة كيماوية خوفاً من السقوط في أيدي الفصائل المسلحة حيث شن سلاح الجو الإسرائيلي مؤخراً ضربات ضد عدد من منشآت الأسلحة الكيميائية التابعة للحكومة السورية في غرب سوريا، وعدد من المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان والتي تتهمها بنقل الأسلحة من خلالها لحزب الله.
كان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، قد أصدر أمراً للقوات الإسرائيلية بالاستعداد للبقاء خلال فصل الشتاء على جبل الشيخ، وهو موقع استراتيجي يطل على دمشق، في إشارة جديدة على أن الوجود الإسرائيلي في سوريا سيستمر لفترة طويلة.
ويعد جبل الشيخ أشهر جبال بلاد الشام، فهو يقع بين سوريا ولبنان، ويطل على فلسطين والأردن، أي أن رؤيته ممكنة من البلدان الأربعة.
ويقع القسم الجنوبي الغربي منه تحت إدارة إسرائيل ضمن هضبة الجولان السورية، وجزء منه مع سوريا ضمن مرتفعات الجولان التي تم تحريرها.
كما يعد جبل الشيخ المنبع الرئيسي لنهر الأردن والعديد من المجاري المائية في المنطقة، فيما يشكل الجبل أحد أكبر الموارد الجغرافية في المنطقة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن القوات ستبقى حتى تتوفر قوة فعالة لتطبيق اتفاقية فض الاشتباك الموقعة بعد حرب 1973.
يذكر ان إسرائيل قد دمرت الجزء الأكبر من ترسانة الأسلحة والذخيرة العسكرية السورية في مئات الضربات الجوية والبحرية هذا الأسبوع، وهي خطوة قالت إنها تهدف إلى “منع وقوع المعدات في أيدي قوات معادية”.
أعلن الجيش الإسرائيلي، تدمير 70% من القدرات العسكرية السورية في ضربات ضد 320 “هدفاً استراتيجياً”، منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فيما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس “تدمير الأسطول البحري السوري”، بالإضافة إلى أوامره للجيش بإنشاء “منطقة عسكرية عازلة” في جنوبي سوريا.
وأضاف الجيش الإسرائيلي، أنه استهدف “أنظمة الدفاع الجوي السورية ومستودعات الصواريخ ومرافق التصنيع والطائرات بالمسيرة، والمروحيات والطائرات المقاتلة والدبابات والرادارات والسفن البحرية”. وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه “دمر أيضاً قذائف بعيدة المدى وصواريخ سكود وصواريخ كروز وغيرها”.
وعلى جانب آخر ورغم نفي تركيا وجود أي علاقة لها بالهجوم الا أن تصريحات الرئيس التركي مؤخراً عن أمله بأن تواصل فصائل المعارضة المسلحة تقدمها في سوريا، مشيراً إلى أن الهدف التالي بعد مدينة حمص التي تحركت الفصائل باتجاهها، سيكون العاصمة دمشق. مؤكدا أن تركيا دعت مراراً بشار الأسد من أجل تحديد مستقبل سوريا معا، لكن للأسف لم تتلق رداً إيجابياً”، وهو مايؤكد من جهة أخرى وجود مصلحة ويد تركية في هذا الهجوم يخدم ايضا المصالح التركية التي تسعى لإنشاء منطقة آمنة للاجئين السوريين من جهة، والحد من النفوذ الايراني في سوريا المهدد لأمنها القومي ، فضلا عن كون ذلك رسالة قوية لدمشق لإعادتها لطاولة المفاوضات لاعادة العلاقات بين البلدين وتجنب الموافقة على شروط النظام السوري بالانسحاب من الشمال السوري بحجة ان الجيش السوري لايستطيع ملء الفراغ وحده .
وعليه ورغم أن آمال تركيا قد تحققت بسقوط النظام إلا أنها أمام تحدي جديد وهو هل ستقبل هيئة تحرير الشام الوجود التركي في الشمال وهل ستتمكن تركيا من فرض إملاءاته على القيادة الجديدة؟.
يذكر أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في عامي 2019 و2020 سمحت لتركيا بالسيطرة على الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، في إطار توافق على خطة لفصل «(هيئة تحرير الشام) عن فصائل المعارضة المعتدلة (غير المدرجة على لوائح الإرهاب) والتي تتعاون مع تركيا، الا ان هذا لم يحدث، كما أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
وتشير التطورات السريعة في المشهد السياسي والعسكري السوري إلى أن قوات سوريا الديمقراطية المعروفة ب”قسد” بدأت تواجه تحدياً وجودياً في تقرير مصيرها في سوريا الجديدة، خاصة مع تأكيد “إدارة العمليات العسكرية” أنها “لا تقبل” بخروج أي جزء من جغرافية البلاد عن سيطرة الحكومة الحالية في دمشق.
ولا تبدو خيارات “قسد” واسعة رغم التأكيد الأميركي على التمسك بخيار دعمهم كحليف موثوق في القتال ضد “داعش”، لأنها بدأت تفقد جزء من حاضنتها الشعبية، في ظل أنباء عن سقوط شخصين ووقوع إصابات بمظاهرات في الرقة والحسكة وريف دير الزور.
ولعل الخيار الأسلم لـ”قسد” هو المضي مع الطلبات التركية عبر تسلم قائمة تركية بالشخصيات التي يجب أن تغادر من قادتها المرتبطين بـ”حزب العمال الكردستاني” وإعلان فك ارتباطها معه، والانخراط سياسياً وعسكرياً في الحكومة السورية الجديدة، بشكل يضمن تمثيل “الإدارة الذاتية” في المشهد السياسي الجديد في البلاد، ويحافظ على المتطوعين لديها من السوريين ضمن بنية الجيش الجديد الذي تعتزم الحكومة السورية الجديدة تشكيله من مختلف الفصائل التي شاركت في إسقاط النظام، وكل ذلك في حال وافقت أنقرة على ذلك.
تطورات مفاجئة:
وسط هذا التصعيد والتقدم كانت إيران قد سحبت قادتها العسكريين من أفراد النخبة في الحرس الثوري الإيراني من سوريا نقلا عن مسؤولين ايرانيين الذين أكدوا أن إيران لا تستطيع إدارة الوضع في سوريا الآن بأي عملية عسكرية، وأن هذا الخيار غير وارد”.وأن إيران “لا تستطيع القتال كقوة استشارية وداعمة إذا كان الجيش السوري نفسه لا يريد القتال”. في حين أن روسيا أبلغت سوريا بأن أي تدخل لها سيكون محدودا وأن لديها أولويات أخرى في هذا التوقيت. يذكر ان حزب الله دفع بنحو 3000 مقاتل باتجاه سوريا في محاولة لإنقاذ الوضع.
أما فيما يتعلق بروسيا فقد منحت موسكو حق للجوء الانساني للرئيس السابق الأسد وعائلته .

إلا أن الأهم حالياً بالنسبة لموسكو فيتمثل في مستقبل الوجود الروسي على الأراضي السورية التي ينتشر بها 100 موقع عسكري روسي وتتركز أغلبها في حماة وعددها 17 موقعا، تليها مدينتا الحسكة واللاذقية بـ14 موقعاً عسكريًا لكل منهماوفي مدينة حلب 11 موقعا وفي الرقة 8 وفي ريف دمشق 8، تليها 7 مواقع في السويداء بعدها إدلب بـ6 مواقع ومثلها في دير الزور، وفي درعا 5 مواقع، وفي حمص 4، وفي دمشق قاعدتان ومثلها في طرطوس، وواحدة في القنيطرة. إلا أن أهم تلك القواعد هي قاعدة طرطوس البحرية التي نشرت فيها منظومة صواريخ إس 300، وتديرها قوة مهام البحر الأبيض المتوسط، وتعد القاعدة منطقة انتشار روسيا الوحيدة في البحر المتوسط، مما يعني أنها تؤثر عبرها في موازين القوى في الشرق الأوسط، ومن خلال هذه القاعدة تستطيع روسيا رصد نشاط قوات الناتو. يُذكر ان روسيا كانت قد أعلنت روسيا في وثيقتها “العقيدة البحرية” الثانية والثالثة أهمية مناطق عدة، من بينها “الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط”، وذلك من أجل ضمان أمنها القومي، مما يعني أن قاعدتي طرطوس البحرية وحميميم الجوية على الساحل السوري تعدان ركنين أساسيين لروسيا لتطبيق خططها السياسية والعسكرية.
كان رئيس الوزراء السوري محمد الجلالي قد أكد أن مستقبل هذا الوجود ستحسمه الحكومة الجديدة . ورغم أن عودة تلك القوات ستعزز من قدرة القوات الروسية في معاركها بأوكرانيا الا أنه ستفقد موسكو تواجدها العسكري العام في منطقة الشرق الأوسط والذي حتمًا ستحاول الحفاظ عليه عبر تفاهمات مع الحكومة الجديدة .

حيث تُعد القاعدة البحرية في طرطوس المنفذ الوحيد لروسيا على البحر الأبيض المتوسط، وتستخدم القوات الروسية المطار، وفقا للتقارير، لدعم عملياتها الأمنية في إفريقيا، .
يذكر ان وزارة الدفاع في موسكو تعتقد أن لديها تفاهم غير رسمي مع “هيئة تحرير الشام”، بأنها تستطيع البقاء في القواعد السورية، وعن الاقتراب من التوصل إلى اتفاق مع القيادة الجديدة لسوريا للاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين حيويتين على البحر المتوسط، وهو هدف رئيسي للكرملين بعد سقوط نظام الأسد، مقابل رفع هيىة تحرير الشام من قوائم الارهاب لدى موسكو.

يذكر ان روسيا كانت قد نقلت منظومات الدفاع الجوي المتطورة S-400 من سوريا، فضلا عن نقل عدد من الطائرات العسكرية بعد تفكيكها خوفا من سقوطها بأيدي الفصائل المسلحة .
كانت موسكو على مدى 13 عاما داعماً هاماً للنظام السوري إما سياسياً وفي المحافل الدولية عبر استخدام حق النقض”الفيتو” في كافة القرارات التي كانت تدين النظام حتى توج دعمها بالتدخل العسكري في العام 2015 مع ظهور تنظيم داعش بطلب من النظام السوري من أجل حماية مؤسسات البلاد .
وبالنسبة لموسكو تعد سوريا من أهم الشركاء التجاريين في الشرق الأوسط، فهي تساهم بـ20% من إجمالي التجارة العربية الروسية، وساهمت أيضا بنسبة 7% من إجمالي التجارة العسكرية الروسية لعام 2010، إضافة إلى وجود صفقات عسكرية بينهما بلغت 4 مليارات دولار حتى عام 2013.
……………………………………………………
سيناريوهات المستقبل:
بعد العرض السابق للأزمات المشتعلة بالمنطقة فلابد من صياغة عدد من السيناريوهات الواجب صياغتها للتعامل مع المرحلة الراهنة لتسوية هذه الأزمات ومنع تفاقمها.
فيما يخص إنهاء الحرب على غزة:
دور مصر والأردن:
الواقع أن كل من مصر والأردن يقع على عاتقهما الدور الأكبر لحلحلة هذا الوضع كون الدولتان متخامتانللأرضي الفلسطينية ويشكل الصراع الدائر حاليا تهديدا كبيرا لأمنهما الوطني، خاصة وأن أحد أهم التهديدات الرئيسية هي الخطة الاسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر ومن الصفة الغربية الى الأردن وذلك وفقا لتصريحات المسؤولين الاسرائيليين المعلنة في أيام الحرب الأولى، ورغم توقفها عن طرحه إلا أنه أحد الحلول المرحب بها في اسرائيل لتحقيق أمنها وخططها بتوسيع دولة اسرائيل خاصة وان اسرائيل جعلت من قطاع غزة منطقة غير صالحة لأكثر من مليوني فلسطينية ودفعت بالكثير منهم عبر التهجير القصري للحدود مع مصر .
ورداً على هذه التهديدات الخطيرة سارعت كل من مصر والأردن إلى احشد أجهزتهما الدبلوماسية والمخابراتية لإعلان الرفض القاطع للسيناريو الاسرائيلي ونجحتا في الضغط على نتنياهو لمنع تنفيذ مخطط النزوح ، الا أن الدولتين يقع على عاتقهما ضرورة العمل على معالجة الكارثة التي ألحقتها اسرائيل بالقطاع والاستمرار في دعواتهما الاقليمية والدولية لإنهاء الحرب والحد من عنف المستوطنين في الضفة الغربية ومساعدة الدولة الفلسطينية المحتلة في جهود إعادة الاعمار بعد التوصل لاتفاق وقف اطلاق نار دائم.
كما تواجه الدولتان تهديدا آخر يتمثل في أن اسرائيل لم تعد شريكا موثوقا به للسلام الاقليمي ولا للجهود الرامية لإنهاء الحرب واحلال السلام رغم ما يجمع الدولتان بها من اتفاقيات للسلام.
فقد عرضت اسرائيل اتفاقية السلام الذي دام طويلا مع مصر للخطر من خلال تجاوزها للخطوط الحمراء فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا كمنطقة منزوعة السلاح والادارة الفلسطينية لمعبر رفح، وبالمثل أدت أنشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس إلىتوتر علاقاتها مع الأردن ، وأدى تعنت اسرائيل في وقف الحرب ورفض اية مبادرات من الدولتين إلى تعقيد الأمور بين الجانبين.
وإضافة لكل ماسبق، فإن رفض هذه الحكومة المتطرفة لمبدأ حل الدولتين كأساس للسلام في الشرق الوسط يعني أن الالتزامات الاسرائيلية السابقة أصبحت لاغية وهو مايقوض جوهر الموقف المصري والأردني الداعي للسلام كخيار استراتيجي لدعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل..
وعليه لم تعد اسرائيل بهذه المواقف المتطرفة والتي تحظى بتأييد من جانب 60% من الشعب الاسرائيلي شريكا حقيقيا للدولتين في تحقيق الأمن والاستقرار الاقليميين وهو مايعني أن هناك حاجة ملحة التعامل مع القضية الفلسطينية والمشهد الاقليمي ككل دون التوقع بان تكون اسرائيلي شريكا في صناع السلام .
دور مصري لإنهاء الازمة:
تلعب مصر دورا هاما لإنهاء المعاناة الفلسطينية وذلك من خلال محورين: فمن جهة تجري مصر حراكا دبلوماسيا مكثفة للتوصل لاتفاق مقبول من الطرفين لإنهاءالحرب من خلال اشراك جميع الوسطاء فيه واستنساخ نقاط كثيرة من الاتفاق لبنان حتى يحظى بالقبول لدى الطرفين .
الواقع ان المقترح يختلف عما طُرح خلال أشهر الحرب الماضية، إذ تركز هذه المسودة على ترتيبات إدارة قطاع غزة في اليوم التالي لوقف إطلاق النار، وتشمل جوانب أخرى أبرزها التوصل إلى صفقة تبادل أسرى.
ووفقا للمعلومات الأولية عن المقترح، فهو يبدأ بهدنة مدتها خمسة أيام متواصلة، تجمع خلالها “حماس” معلوماتها عن الرهائن الإسرائيليين الأموات والأحياء، إذ تقول الحركة إنها لا تعرف مصيرهم وعددهم بسبب القصف وتحتاج إلى وقت من أجل ذلك.وبعد وقف إطلاق النار القصير تنتقل غزة إلى هدنة مدتها 60 يوماً، خلالها يجري تبادل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، وإدخال 200 شاحنة مساعدات إنسانية يومياً إلى القطاع.
إنهاء حكم “حماس” ووجود دولي:في تلك الفترة يُتباحث حول آليات إنهاء حقبة حكم “حماس” لقطاع غزة، ونشر قوات فلسطينية تساعدها بعثة دولية من أجل ضمان إزاحة “حماس” وعودة النظام المدني، وأيضاً دراسة كيفية الانسحاب الإسرائيلي.

وفي شأن اليوم التالي للحرب يقدم المقترح المصري تصوراً جاء فيه أن “السلطة الفلسطينية تشرف على الإدارة المدنية للقطاع، وتساعدها في تلك المهمة بعثة دولية أمنية مكونة من دول عربية وأوروبية وتركيا”.
كما يشمل المقترح تصوراً لإعادة تشغيل معبر رفح، وفق آلية تضمن إشراف السلطة الفلسطينية ومتابعة أوروبية لتشغيله، وكل ذلك سيكون ضمن رقابة إسرائيل، ودعمها اللوجيستي والعسكري. وسيكون من حق تل أبيب مراقبة عمل المنفذ من بُعد، وسيكون لها حق الاعتراض على الأسماء سابقاً قبل سفرهم إلى خارج حدود غزة.
وضمن المقترح أيضاً تتعهد “حماس” عدم السيطرة على المعبر، وعدم تنفيذ أية إجراءات أمنية على مسارات حركة القوافل أو الأفراد، وعدم السيطرة العسكرية على أي منفذ وعدم وجود عناصرها في محيط رفح. وخلال فترة الهدنة تتعهد إسرائيل إدخال المساعدات بصورة موسعة ومستمرة، بما يشمل المساعدات الطبية والأجهزة الضرورية وتقديم تسهيلات لعمل منظمات الإغاثة الدولية.
دول ضامنة: ولا يشمل المقترح بنداً يذكر انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، بل يتضمن بقاء القوات في المحاور الثلاثة داخل القطاع خلال فترة التهدئة الموقتة، ولكنه يتضمن إعادة انتشار الجنود في مناطق غير مأهولة بحيث يبقى التمركز في نقاط محددة.وتطالب مصر وتركيا في المقترح بدول ضامنة للتنفيذ من دون معوقات، إذ ستُشكَّل لجنة برئاسة أميركية وبمشاركة أوروبية وعربية للإشراف على وقف إطلاق النار.
وتتولى واشنطن ضمان عدم حدوث أي اختراق، أما مصر فتتولى الإشراف على طرق تلقي وتوزيع المساعدات الإنسانية داخل القطاع، وإدارة معبر رفح، بينما تقع على عاتق تركيا مهمة مراقبة عمل اللجنة الدولية للأمن ومتابعة دور السلطة الفلسطينية، ولأوروبا مهمة الإشراف على معبر رفح ومراقبة عمل المنظمات الإغاثية.
وعلى صعيد آخر ،استضافت القاهرة جولة جديدة بين حركتي فتح وحماس بحث خلالها مستقبل إدارة قطاع غزة عبر لجنة مساندة، تلك الجولة تُعد الثالثة في نحو شهرين.
وسبق أن عقدت «فتح» و«حماس»، اجتماعين مماثلين بالقاهرة أوائل أكتوبر ونوفمبر وشهدت الاجتماعات السابقة محادثات بشأن «إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) معنية لإدارة شؤون قطاع غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة.
والمقترح المطروح على الطاولة، منذ بداية محادثات الحركتين، مرتبط بتشكيل «هيئة إدارية» لقطاع غزة، يُطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة»، تتبع السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس، وتتولّى مهمة إدارة الشؤون المدنية، وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وتوزيعها في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية.

أما فيما يخص الأزمة السورية:
فيبدو أن التخطيط لإضفاء طابع الشرعية والنظامية على هيئة تحرير الشام – النصرة سابقاً- من خلال تحويلها لجيش شبه نظامي وإبعادها عن النزعة الجهادية وتسويقها على أنها قوة تهدف إلى إسقاط النظام دون وجود أية أهداف توسعية، قد نجح بالفعل، إلا أن هناك العديد من التساؤلات هل ستتمكن الحركة في التخلي عن أفكارها المتشددة وهل ستتمكن من توحيد صفوف السوريين وإقناع القوى الغربية بذلك حتى تتمكن من الحصول على وعودهم برفعها عن قوائم الإرهاب؟.
أما على الصعيد العربي، فشهدت مدينة العقبة الاردنية اجتماعا لوزراء خارجية لجنة الاتصال العربية الوزارية بشأن سوريا، ودعا البيان الختامي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا لدعم العملية الانتقالية. وأعلن أطراف اجتماع العقبة البدء بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 والخطوات التي حددها عبر انتخابات حرة ونزيهة تشرف عليها الأمم المتحدة استناداً إلى دستور جديد يقره السوريون وضمن توقيتات محددة. واتفق المجتمعون على بدء العمل على إنشاء بعثة للأمم المتحدة لمساعدة سوريا في المرحلة الانتقالية، وشددوا على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة وحماية البلاد من الانزلاق نحو الفوضى، كما أكدوا دعمهم للشعب السوري في عملية إعادة بناء دولة سورية آمنة لا مكان فيها للإرهاب. وأدان المجتمعون في العقبة التوغل الإسرائيلي داخل المنطقة العازلة مع سوريا والمواقع المجاورة لها في جبل الشيخ وأكدوا على أن أمن سوريا واستقرارها ركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة، وطالبوا بضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية.
ومع ذلك ستكون الدول العربية ستكون أمام سيناريوهات تتعلق بدعم المؤسسات والمسار الانتقالي من جهة، والعمل على استعادة الحضور العربي والوقوف بجانب الدولة السورية وعدم ترك المشهد لتدخلات إقليمية ودولية، ودعم عملية سياسية كاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلي واطلاق عملية سياسية وفقاً لقرار الامم المتحدة 2254 والعمل على عودة اللاجئين وإعادة إعمار سوريا.

القرار 2254:
صدر القرار رقم 2254 في ديسمبر من عام 2015، ومفاده أن: الشعب السوري هو المخول الوحيد في تقرير مصير بلاده. كما نص على ضرورة قيام جميع الأطراف في سوريا بتدابير بناء الثقة للمساهمة في جدوى العملية السياسية ووقف إطلاق النار الدائم. ودعا جميع الدول إلى استخدام نفوذها لدى الحكومة السورية والمعارضة للمضي قدماً في عملية السلام وتدابير بناء الثقة والخطوات نحو وقف إطلاق النار.
كذلك شدد على دعم عملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم في غضون 6 شهور حكمًا ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية وتحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد. وناشد الأطراف إلى السماح الفوري للوكالات الإنسانية بالوصول السريع والآمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء سوريا، والسماح للمساعدات الفورية والإنسانية بالوصول إلى جميع المحتاجين، لا سيما في كل المناطق المحاصرة التي يصعب الوصول إليها، وإطلاق سراح أي شخص محتجز بشكل تعسفي، وبخاصة النساء والأطفال.
كما أكد على الحاجة الماسة إلى بناء الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والمشردين داخليا إلى ديارهم وإعادة التأهيل للمناطق المتضررة، وفقا للقانون الدولي، بما في ذلك الأحكام المعمول بها في الاتفاقية والبروتوكول المتعلق بمركز اللاجئين، والأخذ بعين الاعتبار مصالح البلدان التي تستضيف اللاجئين.

خاتمة:
بعد العرض السابق، يمكن القول أن أحد النتائج المترتبة على الصراعات الجارية في المنطقة هو اندلاع سباق تسلح اقليمي وانتشار المزيد من العنف والدمار وهذا الأمر يهدد بشكل خاص كلا من مصر والأردن.
فمصر تواجه التحديات على جبهات متعددة فما بين تهديد في الجنوب جراء الحرب الأهلية في السودان، وتصاعد التوترات للمدخل الجنوبي في البحر الأحمر مما يؤثر على الملاحة في قناة السويس،فضلا عن انشغالها بمواجهة إثيوبيا في منطقة القرن الافريقي والصراعات الأهلية المستمرة في ليبيا .
وعلى صعيد مماثل تواجه الأردن تهديدات من الشمال نتيجة لعمليات التهريب الواسعة النطاق من سوريا وتدهور الوضع الأمني خطراً كبيراً، ومن الشرق، حيث تستغل الميليشيات الشيعية الأراضي العراقية وسط تصعيد مستمر بين إسرائيل وإيران.
فيما تواجه الدول العربية وعلى رأسها العراق مخاطر من تجدد الحروب الأهلية في المنطقة وتسلل الجماعات المسلحة القادمة من سوريا اليها، وسط مخاطر من تقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة.
وعليه فهذه التهديدات المتعددة قد تؤدي لسباق تسلح في المنطقة وهوماقد يؤدي لدورة من أعمال الإبادة لشعوب المنطقة.
وعلى الصعيد الاقتصادي فقد خفض صندوق النقد الدولي من توقعاته للنمو في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا إلى 2.1% للعام 2024 بسبب الحروب وانخفاض انتاج النفط مما يعني مزيدا من المعاناة لشعوب المنطقة.

 

المراجع:
*The Middle East’s New War of Attrition
Amr Hamzawy, Published on November 14, 2024
https://carnegieendowment.org/emissary/2024/11/middle-east-war-attrition-israel-gaza-egypt-jordan-role?lang=en
*لماذا لن يعود ترامب أبداً إلى سياساته السابقة في الشرق الأوسط؟
https://www.ajnet.me/opinions/2024/11/16
October 7: A Year That Changed the Middle East
https://www.ispionline.it/en/publication/october-7-a-year-that-changed-the-middle-east-185909
*عام من العدوان على غزة.. تدمير وتجويع وتهجير
https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/10/1/%B9
*ينذر بحرب شاملة.. أبرز محطات الصراع بين إيران وإسرائيل
https://www.alarabiya.net/arab-and-world/2024/10/02/%%84

*لأول مرة.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف للحوثيين
https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2024/07/20/israel-confirms-it-struck-houthi-military-targets
*تفاصيل اتفاق وقف القتال بين إسرائيل وحزب الله بعد حرب 2024
https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/11/27%86
*الخط الأزرق فاصل دولي بين لبنان وإسرائيل
https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/7/28%86
*تكلفة الصراع بين تل أبيب وحزب الله على لبنان وإسرائيل
https://www.skynewsarabia.com/infographic/1758028-%%84

*الأحداث في سوريا تتسارع.. من المستفيد الأكبر؟
https://www.alarabiya.net/arab-and-world/syria/2024/12/01B1
*القصة الكاملة لسقوط نظام الأسد في 12 يوما
https://www.ajnet.me/politics/2024/12/8
*كيف تنظر إسرائيل إلى تطورات المشهد في سوريا؟
https://www.independentarabia.com/node/6132149F
*الفصائل المسلحة تسيطر على ريف حمص ومناطق في درعا، والجيش السوري يقصف حماة وينسحب من دير الزور
https://aawsat.com/%%A7
*عاد للواجهة مع تجدد القتال… ماذا نعرف عن مسار أستانا الخاص بسوريا
https://asharq.com/politics/108609A7
*الوجود العسكري الروسي بسوريا.. أسبابه وأهدافه وأماكنه
https://www.ajnet.me/encyclopedia/2024/6/25/%
*المقترح المصري في شأن غزة يشبه اتفاق الهدنة في لبنان
https://www.independentarabia.com/node/613039/%%86
*«فتح» و«حماس» في القاهرة… جولة جديدة بشأن مستقبل «إدارة غزة»
https://aawsat.com%A9

The post الشرق الأوسط على صفيح ساخن مابين حروب وإبادة..ومستقبل لاوضوح له appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8335
صباح الخير يا وطن https://draya-eg.org/2024/12/09/%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d9%8a%d8%b1-%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%b7%d9%86/ Mon, 09 Dec 2024 13:53:17 +0000 https://draya-eg.org/?p=8332 في ٢٥ يناير عام ٢٠١١ فتحت نافذة على ميدان التحرير ..لأراقب عن كثب ما يدور في الميادين من محاولات لوضع مصر على صفيح ساخن، ووضع مستقبل أبنائها في موضعٍ حرج .. لم يتمكن المتأمرون حينها من النفاذ إلى نسيجها الداخلي، ولم يتمكن حلفاء الشر من تحقيق أحلامهم في تدمير ما تبقى من حلم التنمية ومحاولات …

The post صباح الخير يا وطن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
في ٢٥ يناير عام ٢٠١١ فتحت نافذة على ميدان التحرير ..لأراقب عن كثب ما يدور في الميادين من محاولات لوضع مصر على صفيح ساخن، ووضع مستقبل أبنائها في موضعٍ حرج .. لم يتمكن المتأمرون حينها من النفاذ إلى نسيجها الداخلي، ولم يتمكن حلفاء الشر من تحقيق أحلامهم في تدمير ما تبقى من حلم التنمية ومحاولات الخروج من النفق المظلم؛ نتيجة السياسات والبرامج الفاشلة التي كرَّست الفقر، وزادت من الهوة بين الأقاليم المصرية من ناحية، وبين الطبقات الاجتماعية من ناحية ثانية ..
وذلك لأن مصر كانت واعية بالقدر الكافي، الذي جعلها تخرج من براثن الشر بسلام ..ولأنها كانت مؤمنة بالقدر الذي مكنها من محاصرة الشر وأهله، وارغامه على دفن أسلحته في الرمال .. ولأنها مؤمنة بتاريخها وجغرافيتها؛ فقد جعلت الارهاب يرفع رايته البيضاء في حضرة أجنادها البواسل ، ويرحل عن شوارعها الآمنة بلا عودة ..!
أدعي بأنني من خلال نافذتي الصغيرة التي كنت أطل منها على ميدان التحرير وكافة الميادين الثائرة؛ رأيت ما لم يراه أنصار تلك الميادين والمنابر الإعلامية المزيفة .. فقد كنتُ وما زلت مقتنعاً بأن التغيير بالكلمة أقوى من التغيير بالصِياح والهتاف ، وأن التغيير بالحوار أقوى بكثير من التغيير بالسلاح .. وأن الوعى الحق لا يُبنى بالأسلحة ولا بالتخريب ولا بالدمار، ولا يهدم أيضاً بالأسلحة. وإنما يُبنى الوعي بالدليل والاقتناع والمنطق والكلمة الشفافة المخلصة وبالحوكمة وإرساء قواعد عادلة للمحاسبة ..
وكذلك كنت وما زلت مقتنعاً بأن المثقف الحقيقي المؤمن بقضايا وطنه والمتعايش مع واقعه، والقارئ الجيد للمستقبل لا يثور أبداً على الأرض، وإنما يثور على الورق. وأن سلاحه الوحيد هو الكلمة وأداته الوحيدة هي القلم .. هو بعيد كل البعد عن التسفيه والتسخيف والتحريض والتنكيل .. هو فقط محرض قوي على الوعي والإصلاح والتنمية واستقرار الوطن الذي يعيش فيه ويعيش فيه .. !
فالمثقف الحقيقي كما عرفه الدكتور جمال حمدان.” هو الإنسان الذي يتجاوز دائرة ذاته، ليصل للمجتمع الأكبر كله.. هو الإنسان القادر على أن يجعل مشاكل الأخرين هموما شخصية له، وهو ضمير عصره سابق لعصره في أدراك الخطر المستقبلي والحلم بالمستقبل، هو برج مراقبة للعالم من حوله، يرصد، يحلل، يتوقع يتنبأ، يحذر، يخطط، لا يضيع في التفاصيل وإن تابعها بكل تفصيل.” !
أوقن أن الأوطان كائن لطيف جداره من صُلب، يصعب اختراقه من الخارج. مبطن بطبقة رقيقة جداً من الداخل. فكلما التحفت أطياف الشعب بالوعى الوطني كلما شكلت ذلك الجدار الصلب الذي يصعب اختراقه من أي قوى مناوئة. وكلما تعاملت جدرانه برفق من الداخل كلما نما الوطن وتحققت أمانيه ..
السر إّذاً يكمن دائماً في الوحدة والتماسك وليس في الصراع والتفكك والتشرذم.. فإذا كان الإنسان محباً لوطنه فكيف يهدم المحب حبيبه، وكيف يرفع في وجه من يحب السلاح..؟!
كانت هذه المقدمة لازمة لأعبر عن حزني العميق لما يحدث في سوريا ذلك البلد الشقيق والامتداد الأساسي للأمن القومي المصري ..وإيماني بأن هذه الفصائل المسلحة التي تهاجم الدولة السورية لا علاقة لها بالدين ولا بالوطنية ..فصائل بلا شك مأجورة موتورة ..نجح المتآمرون على سلامة سوريا في تجنيدها ضد بلادها مستغلين حالة الضعف السياسي والمادي الذي يعانيه السوريون.. فمن الخزي أن يقبل مواطن أن يكون خنجراً في ظهر بلاده وليس من الشرف أن يحمل المواطن سلاحاً في وجه الوطن ..فنحن ضد ما يحدث في سوريا وندين بشدة أفاعيل الفصائل المسلحة. وندعو الله أن يحفظ سوريا من كيد الكائدين وتعود سوريا لأبنائها أمنة ..
وعلى أية حال تظل البلدان العربية التي شهدت ما يسمى بالربيع العربي نموذجاً صارخاً على البلدان التي تأمر أبنائها على هدمها .. نموذجاً على غياب الوعي الوطني العام وعلى ضعف مشاعر الانتماء .. والناظر إلى سوريا واليمن وليبيا والسودان يتعلم الدرس جيداً . فإن لم يتعلم فسوف يحاسبه أبناءه والتاريخ جيداً .. وحين يتشرد هو وأحفاده في البلاد يبحث عن ملجأ ولسان حاله يقول كان لي هناك وطن هدمته بيدي، أو كنت ذراعاً فتياً لهدم بلادي..! وسوف تظل مصر التي شهدت ثورتين كبيرتين نموذجاً على الوعي وسرعة الاستفاقة وقوة الاصطفاف وأن الحضارة ليست شعاراً براقاً وإنما سلوكاً وطنياً قويماً يحفظ بلاده حتى من نفسه ..
فالأوطان في حضن أبنائها كالأطفال التي تنام في سلام .. لعن الله من هدد استقرارها .. ولعن الله من سلب أمنها ..فالأوطان بدون تماسك أبنائها تصبح هشة كقشةٍ في مهب الريح…حفظ الله مصر، حفظ الله أمتنا العربية من كل شر.

The post صباح الخير يا وطن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8332
صلاح هاشم.. مجاور في حب الوطن https://draya-eg.org/2024/11/30/%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d9%87%d8%a7%d8%b4%d9%85-%d9%85%d8%ac%d8%a7%d9%88%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d8%ad%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86/ Fri, 29 Nov 2024 23:28:24 +0000 https://draya-eg.org/?p=8323 لم يكن سقراط  فاقدًا للأهلية حين قرر بإرادته الحرة أن يتجرع السُم، ليضمن الخلود لقناعاته وأفكاره، رافضًا حياة بلا مبادئ بجسد سيفنى،  كان واعيًا تمامًا أن ثمن نجاته أن يسقط من عيون تلاميذه، قبل أن يسقط هو أمام ذاته، مستنكفا أن يخون نفسه وتابعيه بحياة تناقض ما علمهم إياه، كيف يستبشر بنجاة كانت ثمنها خيانة …

The post صلاح هاشم.. مجاور في حب الوطن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>

لم يكن سقراط  فاقدًا للأهلية حين قرر بإرادته الحرة أن يتجرع السُم، ليضمن الخلود لقناعاته وأفكاره، رافضًا حياة بلا مبادئ بجسد سيفنى،  كان واعيًا تمامًا أن ثمن نجاته أن يسقط من عيون تلاميذه، قبل أن يسقط هو أمام ذاته، مستنكفا أن يخون نفسه وتابعيه بحياة تناقض ما علمهم إياه، كيف يستبشر بنجاة كانت ثمنها خيانة الجنود، وهو الذي ينادي بحق الأوطان وواجبات من ينتمي إليها،  كان سقراط على حق، فلو استجاب لغريزة البقاء ما كنا لنذكره الآن بعد ثلاثة قرون من رحيله، ودون أدنى مجاملة أتذكر سقراط ومن على خطاه كلما قرأت خواطر الدكتور صلاح هاشم، فهو أذكى من أن ينادي بما لا يشبهه، شخصية عامة، منتشرة، لا يؤذن من مكان مرتفع، بل بين الناس، متلاحما مع تلاميذه بالجامعة، واتباعه ومساعديه في العمل العام، فلا يكتب إلا ما يتطابق مع صورته الذهنية عند من يؤذن بينهم.. كانت تلك مقدمة لابد منها، لتكون المسلمة  الملزمة لنظرتنا لما يطرحه من خواطر.

متصوف مختلف، ليس بالمعنى الشائع عن المتصوفة،  لم يختر الاعتكاف إلى جوار أضرحة الأولياء، هو اختار أن يجاور ضريح الوطن، نعم، الضريح بمعناه الشائع، جسد بلا حراك، أقامه هو ضريحا افتراضيا للوطن، اعتكف إلى جوار الضريح. وكل صباح ينتهي من صلواته ثم يقترب أكثر ليلقي تحية الصباح ليستنهض كراماته مؤمنا أن (تحت القبة شيخ) كيف لا يؤمن بذلك وهو يرى تلك الكنوز التي طفت فوق أرض وطنه ومثلها تحت ترابه.

 

 

حين أراد أن يقدم نفسه كخادم للضريح، قدم نفسه نافيًا توصيفات استغلها أهل الادعاء فانتقصوا من بهائها فقدم نفسه في خاطرة قال فيها (لستُ شاعرًا ولا حكاءً، لكنني إنسانٌ.. عاشَ في بطنِ مصر؛ فعاشت مصرُ كلها في خاطره!) هو لم يستخدم الرحم، بما يحتويه من حماية ومعايير نمو، إنما استخدم البطن بكل ما فيها من داء، إذن هو يعترف بأنه عاين الداء معاينة نافية للجهالة ولكونه بارًا، لم يتهرب من مصائبها، بل ظل وجعها يلاحقه حتى أدخلوا لأول مرة في مجال التنمية  مصطلح الحماية الاجتماعية ليداوي كافة المواجع، وقاتل من أجل نشر هذا المصطلح علما وتطبيقا وخاض معارك قام بتوثيقها  في خاطرة (أرقى المعارك التي يمكن أن يخوضها الإنسان هي المعارك التي يدافع فيها عن مبادئه.. فمهما كانت الخسائر فصاحبها منتصر!)  هذه الكلمات لا تخرج إلا من متصوف يرى الجمال في كل قبح، ويستيقظ من جديد ويلقي تحية الصباح على الضريح (بحكم مساحة النور التي في قلبك تستطيع أن ترى مالا يراه الآخرون.. ترى أكثر مما يجب.. المهم أن تتحمل وحدك تبعات الرؤية،  وأن تتقبل أن يكون على لسانك قيد من حديد! فليس كل ما تراه زيادة عن البشر  ينفعك.. فكثير ما تكون المعرفة كالجبل أعانك الله على حمله!) ويقر هنا أن معاناته جاءت بسبب معرفته وياليته ما سكن البطن، ياليته اكتفى بتلك الشهور بالرحم ثم ترك الجمل بما حمل وحلق في سماء اللامبالاه.. ثم يتجول في عبثية الوجود  (نحن موجودون هنا لا لشيئ سوى لأننا نحب الحياة وأن الحياة تريدنا أن نكون هنا في نفس المكان في ذات الوقت من عمر التاريخ.. وأن يبقى الخيار دائمًا بين أن نعيش أو لا نعيش.. وليس مطروحًا  أبدا خيار “أن نعيش في سلام” كخيار ثالث للحياة) وما كان لمتصوف أن يصبح أسيرًا للأفكار العبثية، ويشعر أن هناك من ساق إليه تلك الأفكار ولم يقاومها من فرط تجاربه التي أنتجت أعداء لم يكن يتوقعهم، فيستدعي همته يعود للضريح من جديد ليقدم مبرراته ويسوق ورد جديد (حين تمتلك القوة يجب أن تعامل المخالطين بك على أنهم “أعداء محتملين”!) يؤمن بنظريات المؤامرة، يحتاط ممن يجاوره، يعلم أن للوطن كنوزًا تمنحه القوة.. قوة يخشاها الأعداء فيقتربوا ويتقربوا، وسيكشفون أقنعتهم وقتما أرادوا، يشعر بالاستكانة وهو يجاور الضريح فيهب إلى عتبة الضريح ويؤذن (يظلُ الإنسان حيًا مادامَ ضميرهُ صحيحًا لا يقبلُ القسمةَ على اثنين.. فالضمائر كالشعوبِ قوتُها في تماسكِها) يعلم تمامًا أن الضمائر تخوض حربًا شرسة مع تلك الضغوط التي أسقطت الجميع في بئرها المظلم، وعلى وشك أن  تقدم استقالتها، ويتراجع صوتها، ولم يدع انشغاله بالضمير الذي يملآ حيزًا كبيرًا من خواطره فيقول (لا شك أن “الضمير” نعمة، لكنه نعمة مزعجة.. وأنه دليل كاف على بقاء الإنسان على قيد الحياة، وسبب كاف لتعاسته!) وبين الضمير والمعرفة تتأرجح عذاباته،  فيحاول إدراك الأمر قبل فوات الاوان، فيشعر بالمسافات البعيدة بينه وبين من يؤذن فيهم، فيصيبه اليأس، ولكن قبل أن يستسلم له يحقن نفسه بجرعة بصيرة (مساحة النور التي في قلبك لا تملأها المسافات.. إنما يملأها القرب واليقين والتجلي.. لا تشرد فتتقاسم الشياطين قلبك!) فيأخذ نفسا عميقا، ويضع قدمه على عتبة باب الضريح الخشبية ويهدد بأعلى صوته (حين تموت سيرحل معك كل شيئ الإ أعمالك.. سوف تظل باقية.. تتحدث عنك بصدق دون مواربة! تسلمت في البرزخ دفتر أحوالك اليومية وسوف يرحل معك إلى الله كتاب، كُنت قد سطرته بيدك. سوف يُقرأ عليك حرفًا حرفًا، أو تقرأه؛ فاختصر! ولا تكتب بيدك غير الذي ينفعك.. ولح على الله في طلب العافية والستر وحسن الخاتمة!) نعم فكافة الأنشطة التى يقوم بها ابن آدم يتم توثيقها في سطور، ستكون في كتابه الدائم، وفي حضنه الدائم، وعليك احتضان ما كتبت، ويتجلى المتصوف المستنير ويضع علاجا لكل داء، علاج واحد يكفي بإزاحة كافة الأمراض التي أحاطت بالنفوس ويوثقه في وصفة إنسانية  صغيرة بديعة (الحب وحدهُ يكفى! مهما كان شكلك أو نوعك أو جنسك أو سنك أو عقيدتك.. في كل القلوب التي حولك يوجد على الأقل قلب واحد أنت أجمل ما فيه فلا تخسره.. اسعى إليه بلا ملل.. فالطريق إليه موصول بالحب، والحب لا يحتاج إلى منطق لتبريره.. فالحب وحدهُ يكفي) نعم الحب وحده يكفي، إنها أفكار وقناعات المتصوف  المستنير  ورحم الله شيخي أحمد البسفي الذي إذا عبر عن نفسه قال (وما أنا إلا مؤذن يقول حي على العلم من أجل الادب وحي على السلام من أجل الحب، ألا أدلكم على شى إن فعلتموه تحاببتم، افشوا السلام بينكم) وهكذا يعاود الدكتور صلاح هاشم الآذان، وعينه على ضريح الوطن، وقلبه ممتلأ بالأمل.  ويحدث نفسه (لا بأس.. غدًا ستكون الأمور على ما يُرام.. أنت لست بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الصبر.. لكنك بحاجة أكثر إلى الفهم.. كيف يدبر الله الأمر وكيف يدير شئون ملكهِ.. وتفهم الطريقة التي يحبُ بها عباده الطريقة التي يعبر بها عن محبته.. فإذا فهمت عرفت.. وإذا عرفت صبرت.. والصبرُ مفتاحُ الفرج) في ظاهر السطور دعوة إلى الفهم، ولكن المتامل لباطنها يجد اتهامًا صريحًا للبعض بغياب الفهم  وحضور الجهل الذي خلق هذه الاضطرابات في التلقي، وأحدث الدوامة التي إلتقمت أصحاب العقول النيرة، ولان تلك العقول ثقيلة بالنور استقرت بالعمق، وأصبح سفح الماء فريسة سهلة لأصحاب العقول الفارغة التافهة المظلمة. وكيف لا تطفو وهي كالعشب  لتشكل ظواهر إجتماعية تجذب الانتباه وترغم الأجيال للاحتفاء بها.. الدكتور صلاح هاشم تجربة إنسانية تستحق  الدراسة لنتعرف على تلك الأسباب التي ساقت إلينا هذا النموذج الفريد. فبالتأكيد  كانت نشأته هي المصدر الرئيسى لاندفاعه ناحية أوجاع الناس ثم تجربته الأكاديمية التي عمقت ملامسته لدموعهم، وتتوجت بمبادراته التنموية، التي مكنته أحيانًا من تحقيق أحلامهم، فوصل إليهم في كل رقعة بدءً من النجوع حتى أروقة الجامعة من خلال وحدات التضامن التي أسسها وأشرف عليها بالجامعات المصرية. والمدهش أنه لم يفكر في مخاطبتهم مباشرة في خواطره. يعلم أن لا وقت لديهم ليقرأوا. ولو قرأوا لتعمقت جراحهم. فكان دوما يخاطب المسؤل عنهم.  مهموم هو بالطبقات المهمشة عيال الله ويؤمن بأنهم ثروة بشرية لو نالت الاهتمام والرعاية والحماية لاهتز الضريح وظهرت كراماته.

The post صلاح هاشم.. مجاور في حب الوطن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8323
مصر والبريكس: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الإقليمي https://draya-eg.org/2024/11/23/%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b1%d9%8a%d9%83%d8%b3-%d8%af%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%ba%d8%b1%d8%a7%d9%81%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%b9%d8%b2%d9%8a%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%82%d9%84%d9%8a%d9%85%d9%8a/ Sat, 23 Nov 2024 19:12:43 +0000 https://draya-eg.org/?p=8316   المقدمة بريكس تكتل اقتصادي يضم بعض الدول التي شهدت تجربة تنموية كبيرة خلال العقود الأخيرة، وتضم بعض الاقتصاديات الأكثر نموًا في العالم، وقد شهدت مجموعة البريكس ( روسيا، البرازيل، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) تطورًا ملحوظًا منذ تأسيسها، وأصبحت كتلة اقتصادية وسياسية تهدف إلى تعزيز التعاون بين الاقتصادات النامية. ومع إنشاء هذا التحالف الاقتصادي، شرعت …

The post مصر والبريكس: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الإقليمي appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 

المقدمة
بريكس تكتل اقتصادي يضم بعض الدول التي شهدت تجربة تنموية كبيرة خلال العقود الأخيرة، وتضم بعض الاقتصاديات الأكثر نموًا في العالم، وقد شهدت مجموعة البريكس ( روسيا، البرازيل، الهند، الصين، جنوب إفريقيا) تطورًا ملحوظًا منذ تأسيسها، وأصبحت كتلة اقتصادية وسياسية تهدف إلى تعزيز التعاون بين الاقتصادات النامية. ومع إنشاء هذا التحالف الاقتصادي، شرعت الدول المؤسسة في تحقيق عدد من الأهداف سواء الاقتصادية أوالسياسية أوالأمنية وذلك لتشجيع التعاون الاقتصادي فيما بينها. وقد كان هدف الدول الأعضاء في المجموعة هو إنشاء نظام اقتصادي عالمي مواز للنظام الغربي تستطيع من خلاله الحد من هيمنة الدولار الأميركي بحلول عام 2050. وبالرغم من ذلك، تعاني هذه المبادرة الطموحة من عدة تحديات من ضمنها، بعض التوترات بين أعضائها والافتقار إلى الهياكل المؤسسية المنفذه لأهدافها. ومع زيادة الطموحات الجيوسياسية والاقتصادية للمجموعة، ظهر اتجاه جديد لاستيعاب أعضاء آخرين، من بينهم مصر ودول أخرى. وفي ظل الرغبة التوسعية للبريكس عبر مشاورات بريكس بلس، كانت مصر حاضرة بقوة كدولة مرشحة للانضمام، حيث يمثل هذا الانضمام نقطة تحول استراتيجي في سياسة مصر الخارجية والتنموية. وذلك بفضل موقعها الجغرافي المتميز الذي يكسبها أهمية كبرى في تعزيز التعاون بين الدول النامية.
وانطلاقًا من أهمية مناقشة دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الاقليمي بالتطبيق على حالة انضمام مصر للبريكس؛ يصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية ”دراية” ، هذه الورقة البحثية التي تتناول بشكل تفصيلي دور الجغرافيا السياسية لمصر في خلق فرص لتعزيز التعاون مع دول البريكس وخدمة مصالح المجموعة إقليميًا ودوليًا.
هذا ويمكن استخلاص عدد من التوصيات التي يمكن من خلالها تحويل الانضمام إلى تحالف البريكس فرصة تاريخية لتعزيز مكانة مصر كدولة محورية في النظام العالمي والتي يمكن إجمالها في الآتي :
• ضرورة أن تتبنى مصر استراتيجيات طويلة الأمد تركز خلالها على تطوير بنيتها التحتية وتعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، وذلك على المستوى الاقتصادي من خلال:
‌أ. الاستفادة من تجارب الدول الأعضاء في زيادة معدلات التصنيع والانتاج، والاستفادة من المجالات المختلفة التي تدخل ضمن أنشطة البريكس، بدعم من بنك التنمية، لتنفيذ خطة التنمية المستدامة المصرية 2030.
‌ب. تعزيز التعاون والتكامل الاقليميين عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية مثل الطاقة، والنقل، والمياه، مع امكانية تخفيف الضغط على الاقتصاد المصري وحدة الحاجة إلى النقد الأجنبي، ومعالجة قضايا السيولة، وتوفير السلع الاستراتيجية مثل القمح.
• أما المستوى السياسي، فطالما امتازت السياسة الخارجية المصرية بدعمها لقضايا السلام والاستقرار في المحيطين الإقليمي والدولي، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية، مع الحرص على مبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق الدولية، ودعم دور المنظمات الدولية التي تعمل على تعزيز التضامن بين الدول، وبالتالي يجب أن:
‌أ. تحافظ مصر على تحقيق التوازن في سياستها الخارجية بحيث تصيغ سياسة خارجية متعددة الأبعاد تسعى إلى تنويع الشركاء دون الدخول في مواجهات مع أي طرف.
‌ب. تحافظ مصر على علاقاتها مع الغرب، خاصة أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يظلان الشريكين الرئيسيين في مجالات التجارة، الاستثمار، والأمن.
‌ج. تقديم مصر نفسها كجسر بين الغرب وبريكس، مما يعزز دورها كفاعل دولي في القضايا العالمية.
• وبالتالي يجب أن تعتمد استراتيجية مصر لتعظيم الفوائد وتجنب التحديات على :
‌أ. إعادة تعريف أولويات التعاون مع الغرب من خلال التأكيد على أهمية الشراكة الاستراتيجية مع الغرب في القضايا الإقليمية والدولية التي تهم الدولة المصرية ومنها قضايا الأمن الغذائي، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية.
‌ب. الاستفادة من منصات بريكس لتعزيز الحوار مع الغرب وتقديم رؤى مشتركة بين التحالف والدول الغربية بشأن القضايا الدولية المشتركة، مثل التنمية المستدامة وتمويل البنية التحتية.
‌ج. الالتزام بالشفافية والتوازن وطمأنة الغرب بأن الانضمام إلى بريكس لا يعني الابتعاد عنه، بل هو بهدف تعزيز السياسة المصرية المتوازنة التي تهدف إلى تحقيق مصالحها الوطنية.

المحور الأول : الأهمية الجيوسياسية لمصر.
1. قناة السويس كممر عالمي للتجارة: قناة السويس هي واحدة من أكثر الممرات المائية أهمية في العالم، حيث تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، مما يجعل مصر لا غنى عنها للتجارة العالمية، ومحورا للتجارة بين أوروبا، آسيا، وإفريقيا، حيث يتدفق حوالي 12٪ من التجارة الدولية عبر القناة، بما في ذلك كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي المسال، وبالتالي تقدم القناة ميزة استراتيجية لدول البريكس من خلال تقليل أوقات الشحن والتكاليف بين آسيا وأوروبا، كما يمكن لدول مثل الصين والهند، المصدرين العالميين الرئيسيين، الاستفادة بشكل كبير من طرق التجارة المبسطة.
2. استراتيجية موقعها على البحر الأحمر: موقع مصر على البحر الأحمر يعطيها دورًا استراتيجيًا في التجارة البحرية، كما أنها قريبة من أسواق الخليج العربي والشرق الأوسط، مما يعزز من أهميتها كشريك في مشاريع البنية التحتية والنقل. ومع اعتبار مصر فاعل رئيسي في الحسابات الاقليمية و الدولية الخاصة بتلك المنطقة، أصبحت جزء أساسي في أي ترتيبات مطروحة من جانب القوى الدولية والاقليمية لتحقيق أمن واستقرار هذا الممر البحري وتنميته، وذلك لعدة أسباب منها؛ أولا، أن هذه المنطقة تحولت إلى قطب جاذب للاستثمارات الدولية الموجهة لتطوير الموانئ البحرية وممرات النقل، والتي من شأنها أن تسهل من حركة التجارة البحرية من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي، ثانيا، صعود مبدأ “السيطرة على البحار البعيدة” على أجندة الدول الكبرى لضمان نموها الاقتصادي، ومن هذه الدول، الصين التي تتبنى استراتيجية “سلسلة اللآلئ” String of Pearls التي تهدف من خلالها إلى تحويل خطوط المواصلات البحرية إلى شبكة من المنشآت والعلاقات العسكرية والأمنية، وذلك لحماية مصادر الطاقة في المحيط الهندي. ووفقا لهذا المبدأ، يتوقع البعض أن تستخدم الصين البنية التحتية للموانئ التجارية كغطاء لبناء مخازن سرية للأسلحة والذخيرة التي يمكن اللجوء إليها لدعم العمليات العسكرية في وقت الحاجة، ويتحقق ذلك من خلال اطلاقها لمشاريع ضخمة في مجالات البنية التحتية وانشاء موانئ جديدة وتطوير الموجود بالاضافة إلى تعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر من خلال ربط المناطق التي تسيطر عليها في البحر الأحمر وفي المحيط الهندي ببعضها البعض عن طريق قواتها البحرية. ثالثا، أن البحر الأحمر أصبح ممراً لكابلات الاتصالات والإنترنت، مما أدى إلى أن العديد من القوى الدولية والإقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة الأمريكية، تعمل على الاحتفاظ بوجود لقوتها العسكرية في مناطق عبور الكابلات لتأمينها.
3. مستقبل مصر كمركز إقليمي للطاقة: تعمل مصر على أن تكون مركز إقليمي للطاقة وذلك لتشجيع مشاركة المستثمرين من الخارج ومن القطاع الخاص الداخلي بهدف زيادة التنمية الاقتصادية وتطوير سوق الطاقة وذلك من خلال وضع استراتيجية لتحويلها إلى مركز لتجارة وتداول الطاقة، اعتمادا على موقعها الاستراتيجي والبنية التحتية المؤهلة لذلك، وبالتالي اتخذت مصر عدة خطوات في سبيل ذلك ومنها؛ أصدرت مصر ” قانون تنظيم سوق الغاز ولائحته التنفيذية”، وإنشاء جهاز تنظيم سوق الغاز، وتوقيع مذكرات تفاهم مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بخصوص الغاز والهيدروجين الأخضر، كما تم توقيع اتفاقية بين مصر وقبرص 2019، لإنشاء خط لنقل الغاز بين الدولتين من حقل أفروديت في قبرص إلى مصانع الإسالة في مصر وإعادة تصديره، وما يترتب عن ذلك من تطوير البنية التحتية للموانئ ومعامل التكرير، بجانب الحرص على انشاء سوق اقليمية للغاز بتوقيع لميثاق منتدى غاز شرق المتوسط 2019 مقره في القاهرة، وقد عملت مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال فتح أبوابها أمام الشركات العالمية الكبرى مثل بريتش بتروليوم وشل وايني، بالاضافة إلى امتلاك مصر لمحطتين لتسييل الغاز الطبيعي، في كل من إدكو، ودمياط، أما بالنسبة للطاقة المتجددة، ركزت العدید من السیاسات البیئیة المصریة على قطاعات الطاقة إنتاجا واستهلاكا باعتبارها المصدر الرئیس لانبعاثات غازات الاحتباس الحرارى. إذ تصل نسبة مساهمة الطاقة فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى فى مصر ٪74.1 لعام 2019، وفى هذا الإطار تهدف استراتیجیة الطاقة المتكاملة المستدامة حتى عام 2035 إلى تنویع مصادر الطاقة والتوسع فى استخدامات الطاقة المتجددة لتصل إلى ٪٤٢ من إجمالى الطاقة المولدة بحلول عام 2042. ولم تكتفي مصر برفع طاقة انتاجها من الغاز والنفط، بل سعت إلى تعزيز قيمتها الاقتصادية من خلال تدشينها ما أطلق عليه “الاستراتيجية المتكاملة للطاقة المستدامة 2035″، والتي تستهدف رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 37.2% في عام 2035، ويتطلب ذلك زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة خلال هذه الفترة من 2.5 مليار دولار أمريكي إلى 6.5 مليار دولار أمريكي سنويا، وقد انعكس ذلك في عدة مشاريع، منها مجمع بنبان للطاقة الشمسية، والمحطة الشمسية بالكريمات، بالاضافة إلى تنفيذ العديد من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر بالشراكة مع أكبر المؤسسات في هذا المجال، وتنفيذ الخطة الوطنية للهيدروجين الأخضر بقيمة حوالي 40 مليار دولارلتصل إلى المستهدف من ذلك وهو الوصول إلى حوالي 8% من السوق العالمية للهيدروجين، وذلك في إطار استراتيجيتها للتنمية الاقتصادية، خاصة أن مصر استطاعت أن تكون على رأس قائمة الدول العربية في صناعة الهيدروجين الأخضر، كل هذا يعطي مصر ميزة نسبية لاستثمار دول البريكس في مشاريع الطاقة في مصر، حيث تتمتع دول بريكس بطاقة إنتاجية هائلة تشكل نصف الطاقة العالمية تقريبًا، وتغطي مجموعة واسعة من المصادر. ومع ذلك، فإن الاعتماد الكبير لكل دولة على مصدر طاقة محدد يحد من قدرتها على تحقيق الاستدامة، وبالتالي تعمل دول بريكس على التحول الطموح نحو الطاقة المتجددة؛ حيث تفوق مشاريع الرياح والطاقة الشمسية قيد التطوير ضعف مشاريع الوقود التقليدي، هذا التحول يؤكد جدية هذه الدول في الانتقال إلى اقتصاد مستدام وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، من خلال اهتمامها بالاستثمار في الطاقة الشمسية الكهروضوئية؛ حيث تشكل هذه التقنية الجزء الأكبر من مشاريع الطاقة المتجددة قيد التطوير في المجموعة، وعلى الرغم من سيطرة الصين على حصة الأكبرمن هذه المشاريع، إلا أن دولًا أخرى مثل البرازيل ومصر تسهم بشكل كبير في هذا النمو؛ مما يشير إلى أهمية مكانة مصر بالنسبة للبريكس في المنطقة.
4. مكانة مصر لدى إفريقيا: ترتبط مصر ارتباطا وثيقا بالقارة الأفريقية، فموقعها في شمال شرق القارة يجعلها بوابة أفريقيا لآسيا وأوروبا، كما أنها بوابة للنفاذ للسوق الافريقية، حيث وقعت مصر على اتفاقية إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية في أبوجا عام 1991، كما انضمت إلى السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي “تجمـع الكوميسـا” عام 1998، وتجمـع الساحل والصحراء عام 2004، بالاضافة إلى عضويتها في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (AfCFTA، فضلا عن مشاركتها في اطلاق مبادرة المشاركة الجديدة لتنمية أفريقيا عام 2001 (نيباد) باعتبار أن تلك التجمعات الاقتصادية والاقليمية الفرعية خطوة ضرورية لإنشاء الجماعة الاقتصادية الافريقية في المستقبل، هذا من شأنه أن يجعل مصر تتمتع بمكانة جيدة لربط دول مجموعة البريكس بـ 1.4 مليار مستهلك في أفريقيا وموارد طبيعية هائلة. فضلا عن تبني مصر مبدأ تعاون الجنوب-جنوب مما جعلها تعمل على انشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية عن طريق الدمج بين كلا من الصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث، والصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقا، وذلك لتعزيز جهود التنمية في القارة الأفريقية من خلال دعم بناء القدرات ونقل المهارات والمعرفة وغيرها من سبل دعم الشراكة المصرية- الأفريقية.

المحور الثاني: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون مع البريكس.
1. التجارة الإقليمية والمناطق اللوجستية: يمكن لمصر أن تصبح مركزًا تجاريًا إقليميًا يخدم دول البريكس. من خلال تطوير المناطق الاقتصادية مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تمكنها من استقطاب الصناعات والخدمات اللوجستية من دول البريكس، حيث تتمتع المنطقة الاقتصادية بعدة ميزات:
• القرب من أكبر موانئ البحر الأحمر وهو ميناء السخنة، والذي يشهد أعمال تطوير حتى يكون جاذب للاستثمارات ويسهل عمليات التصدير والاستيراد.
• تعتبر منطقة صناعية، تقدم حوافز للاستثمار كخطوة لخلق الفرص للمستثمرين وتشجيعهم.
• ضمها لعدد من المناطق الصناعية تصل إلى أربع مناطق وعدد ستة موانئ تعمل جميعها على خدمة التجارة لتميز موقعها على البحرين المتوسط والأحمر.
• تمثل مستقبل صناعة الهيدروجين الأخضر في المنطقة، حيث تسيطر على 85% من مشروعات الهيدروجين الأخضر، بسعة تصل إلى 10.7 جيجاوات مما يوفر في المستقبل انتاج يصل إلى حوالي 1.5 مليون طن من الهيدروجين الأخضر في مصر.
2. التكامل في مشروعات البنية التحتية: هناك فرص للتكامل بين دول البريكس من خلال المشاريع المشتركة ومنها مشروعات مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتي تُعزز من أهمية مصر في ربط الأسواق العالمية، حيث تعد دول شرق إفريقيا مثل مصر وجيبوتي والسودان دولا محورية لطريق الحرير البحري بسبب موقعها الجغرافي، إن مصر بمكانتها وموقعها وبقناة السويس التي تمثل النقطة الرئيسية على طريق الحرير البحري ستكون مركزا رئيسيا في هذا الطريق مما يساهم في زيادة الاستثمار بين مصر والصين والدول التي يمر بها الطريق. أيضا هناك مشروع الربط الكهربائي المشترك بين مصر والسعودية -بالرغم من أن موقف السعودية في بريكس لم يحدد بعد- إلا أن هذا المشروع يهدف لأن يكون محورًا أساسيًا في الربط الكهربائي العربي الذي يهدف لإنشاء بنية أساسية لتجارة الكهرباء بين الدول العربية. وعليه، اتفقت مصر والمملكة العربية السعودية على تنفيذ مشروع للربط الكهربائي بين البلدين لتبادل قدرات كهربائية تبلغ حوالي 3 آلاف ميجاوات، وبتمويل من صناديق ومصارف عربية. ومن ضمن المشاريع المشتركة بين مصر وروسيا، مشروع الضبعة النووية، والذي يعد أكبر مشروع تعاون بين مصر وروسيا، كما أن التصميم الخاص بالمحطة من الجيل الثالث تعد أكثر محطات متقدمة فى العالم تكنولوجيا والأكثر أمانا فى العالم بفضل تكنولوجيا مصيدة قلب المفاعل وغيرها من التفاصيل فى التصميم الروسى للمحطة، ووفقا لإستراتيجية الطاقة في مصر 2035، المعتمدة عام 2016، تستهدف البلاد إدخال الطاقة النووية بنسبة 3% في مصادر الطاقة لعام 2035، إلى جانب 42% من مصادر الطاقة المتجددة (رياح/ شمسية/مائية) مقارنة بـ20% عام 2022.، كما تهدف مصر من هذا المشروع تعميق علاقتها مع روسيا، بهدف تنويع تحالفاتها الخارجية، خاصة أن أعمال المشروع مستمرة بالرغم من طرد روسيا من النظام المالي العالمي “سويفت” بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانيا في فبراير 2022.
3. الشراكة في القضايا الإقليمية: لدول البريكس مواقف مشتركة تجاه العديد من القضايا السياسية الدولية، ومن أهمها قضايا مثل إلارهاب والموقف من الملف النووي الايراني، والعقوبات على روسيا، وبالرغم من أنه تجمع اقتصادي في الأساس إلا أن هناك فرصة لمصر من خلال عضويتها في البريكس، أن تلعب دورًا في تسوية النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط وإفريقيا، مما يعزز من مكانتها كدولة مستقرة ورائدة في المنطقة، خاصة مع اتفاق رؤية دول البريكس لمستقبل النظام الدولي والذي يجب أن تلعب فيه الدول النامية دورا هاما في ظل نظام متعدد الأقطاب.

المحور الثالث: التحديات المحتملة.
1. التفاوت في المصالح بين دول البريكس:
قد تختلف أجندة دول البريكس عن أولويات مصر، مما قد يخلق صعوبات في تحقيق التوازن بين المصالح المشتركة، فهناك حالات من الخلافات والتوترات بين أعضاء مجموعة البريكس، وبريكس بلس، والتي قد تؤدي إلى صعوبة تنسيق المصالح، ما يؤثر على التحالف نفسه ومستقبله.
ومن أخطر هذه الخلافات، والتي سبقت تشكيل مجموعة البريكس الأصلية المكونة من خمسة أعضاء، التوتر بين الهند والصين منذ الحرب الحدودية عام 1962، بشأن حدودهما المشتركة، أيضا الدعم العسكري والاقتصادي الصيني لباكستان (التي لديها أيضًا نزاع حدودي مستمر مع الهند)، والانتشار البحري الصيني في المحيط الهندي، ومما يشير إلى نشوب صراع أوسع، هو نشر خريطة حكومية صينية في أغسطس 2023 تظهر الأراضي التي تسيطر عليها الهند حاليًا – بما في ذلك ولاية أروناتشال براديش بأكملها باعتبارها “جنوب التبت”- وما يجعل هذا الصراع وارد هو امتلاك الصين والهند (وكذلك باكستان) أسلحة نووية، وقد برز انعكاسات ذلك النزاع عندما تخلت الهند عن موقفها التقليدي غير المنحاز وتعاونت مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، وهي الدول التي لديها مخاوف أمنية بشأن الصين، وفي نفس الوقت حرصت على علاقتها مع روسيا حتى تضمن عدم انحياز الأخيرة إلى بكين.
كما أن التوسع الأخير لمجموعة البريكس عكس حالات من التوتر في العلاقات بين أعضائها، وهو توتر العلاقات بين إيران من ناحية والمملكة العربية السعودية حول الزعامة الدينية بين المملكة العربية السعودية السنية، وإيران الشيعية منذ الثورة الإسلامية في عام 1979. هذا بالاضافة إلى الخلاف طويل المدى بين الإمارات العربية المتحدة وإيران بشأن ثلاث جزر في الخليج الفارسي استولى عليها الشاه قبل انسحاب المملكة المتحدة من الإمارات في عام 1971 . بالاضافة إلى الخلاف بين السعودية والإمارات العربية المتحدة من ناحية وإيران من أخرى، ففي اليمن دعمت إيران جماعة الحوثيين، الذين استولوا على معظم الشمال، بينما دعمت المملكة العربية السعودية بشكل أساسي الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ودعمت الإمارات العربية المتحدة الانفصاليين الجنوبيين. كما وجهت كل من الرياض وأبو ظبي الاتهامات لطهران بتزويد الحوثيين بالصواريخ والطائرات بدون طيار التي هاجم بها الحوثيون أهدافا داخل كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ومن العلاقات المتوترة أيضا بين أعضاء التحالف، الخلاف العميق بين مصر وأثيوبيا حول تأثيرسد النهضة الأثيوبي على تقليص حصة مصر السنوية من مياه النيل، وتأثيره على الزراعة والصناعة ومياه الشرب واصرار أثيوبيا على جدول ملئ السد وعدم استجابتها للمفاوضات، حيث شهدت المفاوضات جولات عديدة تحت مظلات مختلفة، مثل الاتحاد الإفريقي، والولايات المتحدة، والبنك الدولي، لكنها لم تسفر عن اتفاق نهائي أو ملزم.، كما تعثرت المحادثات بسبب تباين المواقف بشأن الجدول الزمني لملء السد وآليات تشغيله أثناء فترات الجفاف.
2. الوضع الاقتصادي لمصر:
أثرت الأحداث الدولية الأخيرة على الاقتصاد المصري مما أثر بالسلب على معدل النمو الاقتصادي، واحتياطي النقد الأجنبي، وارتـفـاع في معدالت التضخم الـذي سجل ،%36,5 وانخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار وارتفاع حجم الدين العام، بالاضافة إلى وجود 9 مليون لاجئ ومهاجر على أرضها، وبالتالي يتحتم على الاقتصاد المصري للانضمام إلى بريكس ضرورة أن يكون قادرا على المنافسة والانتاج والتصدير حتى لا يتعرض للمنافسة الحادة أو الاغراق من دول التكتل، وخاصة الصين التي تغزو منتجاتها غالبية أسواق الدول النامية.

ختاما:
يمثل انضمام مصر إلى البريكس فرصة تاريخية لتعزيز مكانتها كدولة محورية في النظام العالمي. يمكن لموقعها الجغرافي المتميز أن يكون بوابة لدول البريكس إلى إفريقيا والشرق الأوسط، مما يعزز من فرص التنمية والاستثمار، خاصة في ضوء العلاقات المصرية المتوازنة مع الدول الأصليين للمجموعة، فمصر تربطها بروسيا علاقات تجارية واستثمارية من خلال الشركات الروسية المستثمرة في مصر ومشاريع الطاقة المشتركة، ومع الصين فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع إلى نحو 16.2 مليار دولار عام 2022، كما كانت مصر نقطة هامة في مبادرة “حزام واحد – طريق واحد” بموقعها الاستراتيجي المتميز، هذا بالاضافة إلى اهتمام مصر بالاستفادة من تجربة الصين التكنولوجية من خلال الاستعانة بالنموذج الصيني في المنطقة التكنولوجية في بكين، لإنشاء قرية تكنولوجية في مصر .
أما الهند، فتعد من الشركاء التجاريين المهمين لمصر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 6 مليار دولار في 2022، كما تعززت العلاقات مع البرازيل مع انضمام مصر إلى تجمع الميركسور 2017، ووصل حجم التجارة البينية بين البلدين الـ 4 مليارات دولار خلال عام 2022، بالاضافة إلى توافق الرؤى المشتركة مع جنوب أفريقيا في العديد من القضايا مثل قضايا التطرف والارهاب، وأهمية تحقيق التنمية في إفريقيا، والتمثيل العادل في مجلس الأمن الدولي.

 

 

 

المراجع:

 

1- الهيئة العامة للاستعلامات
https://www.sis.gov.eg/Story/271619/%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D9%83%D8%A7%D8%B3%D8%A8-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A9-%D9%86%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%B3?lang=ar
2- مروة صلاح الدين فهمي، “انعكاسات انضمام مصر إلى التكتلات الاقتصادية على الاقتصاد المصري “البريكس نموذجا”، المجلة العربية للادارة، عدد5، أكتوبر 2024.
3- سميرة ناصري، “مجموعة دول البريكس: بين تحديات النظام متعدد الأقطاب وهدف تعديل الاقتصاد العالمي”، الجزائر، جامعة خنشلة، 2022.
4- ايهاب محمد أبو المجد، “الاقليمية الجديدة واعادة توازنات القوى في النظام الدولي: مجموعة البريكس واعادة الصياغة الجيواستراتيجية”، مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد20، أكتوبر 2023.
5- أحمد سلطان، من التعامل الثنائي إلى التكامل الاقليمي، المركز المصري للفكر، https://ecss.com.eg/47530/
6- آمنة خالد، “مصر وبريكس فرص واعدة وطموح حذر”، مركز الأهرام للدراسات السياسية.
https://acpss.ahram.org.eg/News/21112.aspx

The post مصر والبريكس: دور الجغرافيا السياسية في تعزيز التعاون الإقليمي appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8316
التحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي….. سبل التعاون ومواجهة التحديات https://draya-eg.org/2024/11/10/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d8%b3%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%88%d9%86-%d9%88%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa/ Sun, 10 Nov 2024 00:07:06 +0000 https://draya-eg.org/?p=8299 مع تصاعد التوترات والخلاف بين القاهرة وأديس أبابا إثر تحركات الأخيرة تجاه مصر والسودان والصومال، بثلاثة ملفات مرتبطة بـ«سد النهضة»، واتفاقية «عنتيبي»، وتوقيع اتفاقية مبدئية مع إقليم صومالي لاند الانفصالي بما يهدد ويمس من سيادة مقديشو. الأمر الذي دفع الدولة المصرية للتحرك بقوة وبشكل أكثر فاعلية في منطقة القرن الإفريقي من خلال دعم الدولة الصومالية …

The post التحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي….. سبل التعاون ومواجهة التحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
مع تصاعد التوترات والخلاف بين القاهرة وأديس أبابا إثر تحركات الأخيرة تجاه مصر والسودان والصومال، بثلاثة ملفات مرتبطة بـ«سد النهضة»، واتفاقية «عنتيبي»، وتوقيع اتفاقية مبدئية مع إقليم صومالي لاند الانفصالي بما يهدد ويمس من سيادة مقديشو. الأمر الذي دفع الدولة المصرية للتحرك بقوة وبشكل أكثر فاعلية في منطقة القرن الإفريقي من خلال دعم الدولة الصومالية ومساعدة الحكومة هناك على بسط سيادتها داخل أراضيها، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب من خلال توقيع الجانبين بروتوكول «تعاون عسكري (دفاعي) ، وإعلان القاهرة استعداد المشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، بداية يناير 2025، فضلاً عن مد مقديشو بصفقة أسلحة، وعقد قمة ثلاثية جمعت بين رؤساء الدول الثلاثة (مصر والصومال وإريتريا).

ولم تقتصر التحركات المصرية على منطقة القرن الإفريقي فحسب وإنما شملت كذلك دول حوض النيل الجنوبي، بإطلاق مبادرات مصرية قوية لإعادة التأكيد على أن مصر تدعم التنمية، والمشروعات المائية لدول حوض النيل، بما في ذلك إقامة السدود طالما أنها توافقية، ولا تسبب الضرر لدولتي المصب مصر والسودان،وسط إصرار إثيوبيا على التخلي عن الاتفاقيات التاريخية لتقسيم مياه النيل، وفرض سياسة الأمر الواقع وعدم احترام حقوق مصر المائية من خلال إتمامها الملء الخامس لسد النهضة بوصول المياه في بحيرة السد إلى أكثر من 62 مليار متر مكعب من المياه، وبدء التشغيل التجاري للسد لتوليد الطاقة الكهرومائية. ، فضلاً عن إعلانها دخول اتفاقية «عنتيبي» حيز التنفيذ منتصف أكتوبر 2024 ما يدفع مصر للوقوف في خط الدفاع عن الاتفاقيات القديمة لتقسيم مياه النيل بين دول الحوض،  ومناهضةالاتفاقية عبر القانون، وكل أشكال الدبلوماسية الممكنة، فضلاً عن اضطرار مصر لدخول حلبة توازنات القوى الإقليمية.

وفي هذا السياق، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تسلط الضوء على: العلاقات المصرية الصومالية ومجالات التعاون بين الجانبين، التحركات المصرية في منطقة القرن الأفريقي، وكيف من شأنه أن يساهم في تعزيز الأمن القومي المصري، إلى جانب التحديات التي تواجه هذا التعاون.

وقد توصلت الورقة لعدد من النتائج الواجب أخذها في الاعتبار لضمان فاعلية واستمرارية الدور المصري أهمها:

• التأكيد على أهمية هذا الشكل المتسلسل المنظم من هذه التحركات والترتيبات الدبلوماسية المصرية خلال الفترة الأخيرة لما فيه من مردود استراتيجي إيجابي مرتقب لصالح استقرار وهدوء إقليم شرق إفريقيا وكذلك القرن الإفريقي والبحر الأحمر.

• أهمية استمرار مصر في بناء القدرات الذاتية للصومال، لضمان أن يتمكن الصومال من الاعتماد على قواته الأمنية في مواجهة التحديات دون الحاجة إلى دعم خارجي

• أهمية نقل الخبرات المصرية وبصفة خاصة في مجال مكافحة الإرهاب للدول التي تعاني من ويلاته في منطقة القرن الإفريقي وغيرها من الأقاليم الافريقية من خلال زيادة برامج التدريب والدعم المصري لهذه المناطق.

• أهمية تعزيز التنسيق الاستخباراتي، وتوسيع برامج التدريب العسكري المقدمة من الدولة المصرية لدول القارة لتتضمن التقنيات الحديثة والمهارات التكنولوجية.

• ضرورة استمرار مصر في  ترسيخ دورها كفاعل رئيسي في القرن الأفريقي، والتأكيد على التزامها بحماية استقرار المنطقة عبر التعاون الإقليمي والدولي.

• أهمية إقامة جسور من التواصل والتعاون مع باقي دول منطقة القرن الإفريقي من خلال تفعيل مجالات وأطر للتعاون المستقبلي.

• أهمية العمل بأجندة شاملة واضحة وفعالة مع دول حوض النيل لضمان التزامها بأمن مصر المائي وبالاتفاقيات القانونية ذات الصلة.

• أهمية استمرار التعاون والتشاور المصري/ التركي في المنطقة بما يضمن تنسيق الجهود وفاعلية التحركات الحالية والمستقبلية.

• أهمية العمل على عقد تحالفات مثيلة للتحالف المصري/ التركي مع القوى الفاعلة في المنطقة لمواجهة أية تحركات من شأنها الإضرار بالمصالح المصرية.

……………………..

أولاً: العلاقات المصرية/ الصومالية:

تتميز العلاقات المصرية الصومالية بتعدد الروافد في إطار من المصالح المشتركة والأمن المتبادل، لتشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعيةـ خاصة التعليمية والصحية والثقافية، والمجال العسكري أيضًا.

وهناك مواقف تاريخية مشرفة سياسية وعسكرية متبادلة لكلا البلدين تجاه الآخر في الأزمات الإقليمية والدولية، وقد شهدت العلاقات بين البلدين ازدهارًا وتناميًا منذ حقبة الستينيات وحتى انهيار نظام سياد برى، غير أن هذا ما لبث أن تراجع مع بدايات الحرب الأهلية والصراعات العشائرية في الصومال، وتبذل مصر جهودًا كبيرة من أجل تعزيز الاستقرار في الصومال والحفاظ على وحدته.

*تاريخ العلاقات بين مصر والصومال:

العلاقات بين مصر والصومال علاقات تاريخية بدأت منذ عهد الفراعنة، حيث أسهم البحر الأحمر في تسهيل التبادل التجاري بين السواحل الصومالية ومصر الفرعونية، مما جعل مصر إحدى بوابات التواصل بين شرق أفريقيا والعالم العربي. وفي العصر الحديث كانت مصر أول الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، وقدمت له دعمًا دبلوماسيًا عبر الأمم المتحدة والمنتديات الإقليمية، بهدف ترسيخ وجوده في الساحة الدولية ولا يزال يُذكر بكل تقدير اسم الشهيد المصري “كمال الدين صلاح”، مندوب الأمم المتحدة لدي الصومال الذي دفع حياته عام 1957 ثمنًا لجهوده من أجل حصول الصومال على استقلاله والحفاظ على وحدته.

في فترة الستينيات والسبعينيات، دعمت مصر تأسيس الجيش الوطني الصومالي، ووفرت تدريبًا عسكريًا واسعًا لضمان قدرته على تأمين البلاد الناشئة، في إطار سياسة مصرية لتعزيز التحالفات مع دول القارة الأفريقية. وعندما انضم الصومال إلى منظمة الوحدة الأفريقية عام 1974، لعبت مصر دورًا رئيسيًا في هذا المسار، انطلاقًا من رؤيتها لتوطيد التكامل الأفريقي ومجابهة النفوذ الأجنبي في المنطقة.

انهيار الدولة الصومالية: بداية تحديات جديدة

مع انهيار الحكومة المركزية في الصومال عام 1991، دخلت البلاد في مرحلة من الفوضى السياسية والأمنية، ما أدى إلى تصاعد نفوذ الميليشيات المحلية والحركات المسلحة. شكّل هذا الانهيار تهديدًا كبيرًا، ليس فقط للصومال، بل للأمن الإقليمي أيضًا، بما في ذلك الممرات المائية الاستراتيجية التي تعتمد عليها التجارة الدولية ومصر بشكل خاص. ونتيجة لذلك، اضطرت مصر إلى إعادة صياغة علاقاتها مع الأطراف الصومالية المختلفة بهدف المساهمة في إعادة بناء المؤسسات الحكومية والتوسط في النزاعات المحلية.

قبيل الحرب الأهلية في الصومال بذلت مصر جهدا كبيراً لمنع وقوع الحرب الأهلية، وشهدت القارة والسفارة المصرية في مقديشو عدة لقاءات واجتماعات بين المسؤولين في نظام” محمد سياد بري”، والجبهات المعارضة للحيلولة دون نشوب صراع مسلح، وإنهاء الصراع السياسي بين الحكومة والمعارضة بالطرق السلمية، وقد تمثل ذلك في المبادرة المصرية الإيطالية عام 1989، لكن نتيجة لتدخلات قوية من قبل بعض دول الجوار، لم تكلل تلك الجهود بالنجاح ودخل الصومال في أتون حرب أهلية راح ضحيتها الآلاف من المواطنين الأبرياء، وبعد اندلاع الحرب في عام 1991 لم تتوقف مصر عن محاولات وقف نزيف الدم وحماية التراب الصومالي، بل كانت حاضرة وبقوة في جميع الجهود الدولية للم شمل الصوماليين، ورفضت تقسيم الصومال أو الاعتراف بانفصال إقليم الشمال” صوماليلاند”، كما نظمت مصر عدداً من مؤتمرات المصالحة لإنهاء الاقتتال الداخلي في مقديشو وإحلال السلام في ربوع الصومال.

مع ظهور حركة الشباب كقوة إرهابية ذات نفوذ في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبح لزامًا على مصر التركيز على تقديم الدعم الأمني واللوجستي للصومال. وقد جاء ذلك في إطار الجهود الإقليمية والدولية لإعادة بناء الدولة الصومالية، حيث شاركت مصر بشكل فعال في المفاوضات الدولية لتشكيل حكومة انتقالية في الصومال خلال عام 2004 هذه المشاركة المصرية عكست إصرارها على مواجهة التهديدات الأمنية التي باتت تمثل خطراً على منطقة القرن الأفريقي وعلى أمن البحر الأحمر.

كما تُعد مصر عضوًا فاعلاً في مجموعة الاقتصاد الدولية المعنية بالمشكلة الصومالية، وتحرص على المشاركة في كافة الاجتماعات التي تعقدها المجموعة، وقد كثفت مصر تحركاتها الدولية خلال السنوات الأخيرة لحشد الدعم للقضية الصومالية وحث القوى الدولية للمساهمة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية نظرًا للأهمية القصوى للصومال في تعزيز الأمن القومي المصري.

كذلك تشترك مصر في عضوية مجموعة الاتصال الدولية المعنية بمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية حيث تولت رئاسة مجموعة العمل الرابعة المنبثقة عن مجموعة الاتصال وهي مجموعة تختص بدعم الجهود الدبلوماسية ونشر الوعي بشأن ظاهرة القرصنة.

ثانياً:مجالات التعاون والشراكة بين مصر والصومال:

تتميز مجالات التعاون والشراكة بين مصر والصومال بالتنوع، حيث تغطى مجموعة من الأبعاد الاستراتيجية والتنموية والأمن، فيما يلي نوضح هذه المجالات:

1-التعاون السياسي : تدعم مصر الجهود السياسية في الصومال لتحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية، بما في ذلك دعم المبادرات السلمية والجهود الدبلوماسية في المحافل الدولية.

2– التعاون التنموي: تقدم مصر مساعدات إنسانية للصومال تشمل الغذاء والدواء والمعدات الطبية لمساعدة المتضررين من النزاعات والكوارث الطبيعية، كما تشمل المشاريع التنموية في مجال التعليم والصحة والبنية التحتية، مثل بناء المدارس والمستشفيات وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي.

3-التعاون الاقتصادي: شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والصومال نمواً مطرداً في السنوات الأخيرة؛ مدعومة بوجود إرادة سياسية قوية وسعي جاد لوضع خطط مستقبلیة وفتح أبواب جدیدة للتعاون في مجالات متعددة، فقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع قيمة التبادل التجارى بين مصر والصومال حيث بلغ 59 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2024 مقابل 31 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 88%.

4-التعاون الثقافي والبرامج التعليمية: تقدم مصر منحاً دراسية للطلاب الصوماليين للدراسة في الجامعات المصرية في مختلف التخصصات، مما يعزز التبادل الأكاديمي والثقافي، كما تقدم برامج تدريبية في مجالات متنوعة مثل الإدارة والتكنولوجيا والفنون، كما تهدف إلى تعزيز المهارات والقدرات لدى الشباب الصومالي، كما تعمل على تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية مثل المعارض الفنية والمهرجانات التي تتيح للأفراد من كلا البلدين التعرف على الفنون والتراث الثقافي بما يعزز التقدير المتبادل للفنون والتراث الثقافي.

وفي يناير 2024م تم توقيع، مذكرة تفاهم بين “وزارة الثقافة” المصرية، ووزارة “الإعلام والثقافة والسياحة” بحكومة جمهورية الصومال الفيدرالية؛ وذلك لتعزيز التعاون الثقافي المشترك بين البلدين. ووقع مذكرة التفاهم كلا من الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، وداؤود أويس جامع، وزير “الإعلام والثقافة والسياحة” بجمهورية الصومال الفيدرالية.

وتعمل مصر أيضاً على تنظيم ورش عمل ومحاضرات ثقافية تهدف إلى تبادل المعرفة حول  التراث والتاريح والثقافة في كل من مصر والصومال، كما تعمل على تبادل الكتب والمصادر الثقافية بين المكتبات والجامعات في البلدين لتعزيز الدراسات والأبحاث الثقافية.

5-التعاون في مجال الطاقة:هناك اهتمام بالتعاون في مجالات الطاقة بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة وتحسين البنية التحتية للطاقة في الصومال، حيث تستهدف القاهرة كسر حالة السيطرة التي تمارسها إثيوبيا على دول القرن الإفريقي في مجال الطاقة، وبصورة خاصة مع جيبوتي والصومال، في ظل إقحام أديس أبابا ملف أرض الصومال والتعاون الإيجابي بين القاهرة ومقديشو في المجالات المختلفة، ونظراً للمساعي التركية أيضاً لاختراق المجال الحيوي لمنطقة القرن الإفريقي خاصة الصومال التي تسعى فرض سيطرتها على مصادر الطاقة، مما يؤثر على الأمن القومي لمصر، ويعتبر ملف الطاقة أحد ملفات التعاون المشترك بين الصومال ومصر، ويتمثل في تكثيف التنسيق المشترك بين الجانبين في مجالات مصادر الطاقة وعلى رأسها النفط والغاز، وهو ما أبداه وزير الخارجية الصومالي خلال المقابلة التي أجراها أثناء زيارته إلى القاهرة، خاصة في ظل توجه الصومال إلى مزيد من الاكتشافات النفطية وكذلك المتعلقة بالغاز.

6-التعاون في مجال الأمن المائي: تقع مصر والصومال في مناطق ذات صلة بنهر النيل والموارد المائية الإقليمية الأخرى، يسهم التعاون في هذا المجال في تعزيز الأمن المائي على مستوى الإقليم، كما تساهم مصر في تقديم الدعم الفني والتمويلي للصومال لتنفيذ مشاريع مثل بناء السدود، وتحسين أنظمة الري، وتطوير البنية التحتية للمياه، كما أن التعاون في مجال البحث العلمي والتدريب الفني في إدارة المياه يمكن أن يعزز قدرة الصومال على مواجهة التحديات المتعلقة بالمناخ، ويمكن مصر من توفير البرامج التدريبية والدراسات حول استراتيجيات إدارة المياه.

يُذكر أنه في مطلع نوفمبر 2024 أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، دخول اتفاقية «عنتيبي» حيز التنفيذ، بعد تصديق 6 دول عليها، هي: إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وجنوب السودان.

وتُعارض مصر ومعها السودان الاتفاقية، ويتمسّكان باتفاقات 1902 و1929 و1959 التي ترفض الإضرار بدول المصب، كما تُقرّ 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان، ويرفضان أي مشروع مائي بمجرى النيل يُلحق أضراراً بالأمن المائي.

وسبق أن أكّدت مصر والسودان أن اتفاقية «عنتيبي» غير مُلزِمة لأي منهما؛ لمخالفتها مبادئ القانون الدولي، وجدّدت الدولتان، خلال اجتماع للهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل، في 11 أكتوبر 2024، على “ضرورة استعادة مبادرة حوض النيل (التي تأسست عام 1999)، بوصفها الطريقَ الأمثل والأشمل للتوافق والتعاون بين دول النهر”.

وتعتمد مصر على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

7-التعاون العسكري:لا شك أن التعاون العسكري بين مصر والصومال يمثل جزءًا هامًا من تعزيز الأمن الإقليمي وبسط النفوذ المصري في منطقة القرن الأفريقي، حيث تشكل هذه المنطقة نقطة استراتيجية بالغة الأهمية على مستوى الأمن الدولي والإقليمي، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة مثل الإرهاب والقرصنة البحرية والهجرة غير الشرعية. وفي هذا السياق، تسعى مصر من خلال دعم قدرات الجيش الصومالي وتعزيز التنسيق الأمني مع الصومال إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة وضمان المصالح المصرية.

وتعتبر الشراكة العسكرية بين البلدين انعكاسًا لاستراتيجية مصر في دعم الدول الأفريقية وبناء جسور التعاون الأمني، بما يساهم في حماية الممرات البحرية الدولية في خليج عدن والبحر الأحمر. كما يشكل هذا التعاون خطوة نحو تعزيز قدرات الصومال في مواجهة التهديدات الأمنية الداخلية والإقليمية، بما في ذلك الجماعات المسلحة المتطرفة والأنشطة غير القانونية التي تهدد الأمن القومي للدول المجاورة.

منذ استقلال الصومال في الستينيات من القرن العشرين، كانت مصر من أوائل الدول التي دعمت الصومال سياسيًا وعسكريًا، وخاصةً من خلال توفير الدعم اللوجستي والتدريب العسكري للقوات الصومالية. في العقود الأخيرة، تفاقمت الأزمات الأمنية في الصومال، وخاصةً بعد تفكك الحكومة المركزية في التسعينيات وصعود الحركات الإرهابية مثل “حركة الشباب”. ولذلك، سعت مصر لتعزيز تعاونها العسكري مع الصومال كجزء من استراتيجيتها لتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي، والتصدي للتهديدات الأمنية التي تهدد المنطقة بأسرها.

ومع إعلان تشكيل حكومة مركزية صومالية جديدة عام 2012، أطلقت مصر مرحلة جديدة من التعاون السياسي والعسكري مع الصومال. كان الهدف من هذا التعاون تعزيز قدرات الجيش الصومالي ليتمكن من مواجهة حركة الشباب التي تسيطر على مناطق واسعة في البلاد، وتحد من جهود الاستقرار. وقد تركزت الجهود المصرية على توفير برامج تدريبية مكثفة للضباط الصوماليين، ودعمهم بخبرات استخباراتية وتقنية وتبادل المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب. كما تعمل مصر والصومال على تعزيز الجهود لمكافحة القرصنة في البحر الأحمر والمحيط الهندي، بما في ذلك تنسيق العمليات البحرية وتبادل المعلومات.

ثالثاً: التحركات المصرية في منطقة القرن الأفريقي:

تعاني منطقة القرن الأفريقي من العديد من التحديات الأمنية المعقدة. من أبرز هذه التحديات انتشار الإرهاب، حيث تمثل “حركة الشباب” في الصومال أحد أخطر التهديدات للأمن في المنطقة. هذه الجماعة المتطرفة تسيطر على أجزاء من الصومال وتشكل تهديدًا دائمًا للدولة والمواطنين. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشكلة القرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن تعزز من أهمية التعاون الأمني في المنطقة. هناك أيضًا تحديات متعلقة بالنزاعات الحدودية والنزاعات على الموارد الطبيعية مثل المياه، خاصةً في ظل توترات بشأن سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على تدفق مياه نهر النيل إلى مصر. ولم تكتفِ القاهرة بتقوية العلاقات مع الصومال، بينما عززت التعاون مع الخرطوم وجوبا ونيروبي، وأيضاً إريتريا عبر زيارات متبادلة رفيعة المستوى اختتمت الخميس، بزيارة الرئيس المصري إلى أسمرة، وعقد قمة ثلاثية شملت الصومال، وصفتها وسائل إعلام عربية ودولية بـ”التحالف الجديد” مع إعلان الدول الثلاث تشكيل لجنة ثلاثية لتعزيز التعاون والتنمية.

وجغرافياً تضم منطقة القرن الأفريقي 4 دول هي «الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا»، ومن زوايا سياسية واقتصادية يمكن أن تتسع لتشمل كينيا وأوغندا والسودان وجنوب السودان، وأهميتها ليست وليدة اليوم، فقد كانت محط أنظار القوى والإمبراطوريات المهيمنة، منذ العصور القديمة، كونها المنطقة الأكثر استراتيجية في التجارة البحرية العالمية، وأخيراً باتت نقطة جذب وتركيز واهتمام من لدن أطراف دولية وإقليمية عديدة.

وينشط في منطقة القرن الأفريقي عدد من اللاعبين الخارجيين، منها القوى الدولية الغربية (مثل المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، بالإضافة إلى الإقليمية (مثل تركيا)، والآسيوية(مثل اليابان والصين)، وأيضاً الولايات المتحدة، بخلاف مؤثرين إقليميين من مجموعة شرق أفريقيا، كإثيوبيا، وتضاف لهما مصر بعد استعادة دورها الأفريقي.

وفي هذا السياق، فقد سعت القاهرة إلى توثيق علاقاتها الإستراتيجية في ظل طموحاتها الدائمة بإنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي وبالفعل شهد عام 2021، أول زيارة رسمية لرئيس مصري منذ استقلالها عام 1977، وخلال يوليو2024 زار وزير الخارجية المصري جيبوتي ليعلن عن تدشين خط طيران مباشر بين البلدين.

إلا انه من الجدير بالذكر إلى أنه ووفقا للسياسية الجيبوتية –  إمساك العصا من المنتصف، فقد استطاعت أن  تحتضن -في وقت واحد- قاعدة عسكرية أمريكية وأخرى صينية، وبينما تواصل جيبوتي مباحثاتها مع القاهرة، اقترحت مَنح إثيوبيا حق الوصول الحصري إلى أحد موانئها، بحسب تصريح وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف.

وفي 14 أغسطس2024، وقعت مصر والصومال بروتوكولاً للتعاون العسكري المشترك بحضور الرئيسين عبدالفتاح السيسي وحسن شيخ أحمد، خلال زيارة الأخير لمصر، يتضمن السماح لمصر بنشر نحو خمسة آلاف عنصر من جيشها في الأراضي الصومالية. وقد يكون لهذه الخطوة أهميتها نظراً لانتهاء مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومـال “أتيمس” بنهاية عام 2024.

كما تتأتى تلك الخطوة حفاظًا على أمن الصومال وسيادة أراضيه خاصة بعد التحركات الإثيوبية الأخيرة في يناير 2024، بتوقيع رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” ورئيس أرض الصومال “موسى بيهي عبدي”، مذكرة تفاهم تقضي بأن تَمنح أرض الصومال ـ(إقليم انفصالي غير معترف باستقلاله دوليا) إثيوبيا حق الوصول إلى 20 كم من سواحلها وبناء قاعدة بحرية عسكرية عبر استئجار قطعة أرض لمدة 50 عاما، مقابل اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة ذات سيادة، ومنح حكومتها حصة من ملكية الخطوط الجوية الإثيوبية.

وبالفعل، قامت القاهرة بإرسال شحنتي أسلحة إلى الحكومة الصومالية في مقديشو في سبتمبر2024، وهو الأمر الذي قوبل بتصعيد إثيوبي تمثل بإرسال أسلحة من إثيوبيا إلى إقليم بونتلاند الصومالي ذي النزعة الاستقلالية. وكخطوة استباقية لتعطيل وصول أي قوات مصرية، سيطرت القوات الإثيوبية على ثلاثة مطارات في إقليم “غيدو” جنوب الصومال.

وبعد إرسالها صفقة أسلحة لإقليم بونتلاند، وفي ضرلة غير متوقعةـ أعلن رئيس الإقليم سعيد دني عن رغبته في الحوار مع الحكومة الصومالية لتجنب الانفصال، وإجراء مناقشات مفتوحة حول الوضع في الصومال، بطريقة شفافة وحل الخلافات مع الحكومة الفيدرالية/ وتقريب وجهات النظر فيما يتعلق بالعملية السياسة والانتخابات والعشائر محذرا من أن الصومال على وشك التفكك إذا لم تحل تلك الإشكاليات.

وفي 10 أكتوبر2024، وصل الرئيس السيسي إلى العاصمة الإريترية أسمرة حيث عقد قمة ثلاثية مع الرئيس الإريتري إسياس أفورقي والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود. جاء اللقاء، الذي ناقش عدة قضايا من بينها التعاون الأمني في البحر الأحمر، كخطوة لافتة حملت الكثير من الرسائل الدبلوماسية الضمنية لإثيوبيا. بدورها، ردت أديس أبابا في الـ 13 من نفس الشهر بتفعيل اتفاقية الإطار التعاوني لحوض نهر النيل (التي تُعرف أيضاً باتفاقية عنتيبي) من طرف واحد، وهي الاتفاقية التي تسعى من خلالها أثيوبيا إلى مراجعة التوزيع القائم لِحصص مياه نهر النيل وتعارضها دولتي المصب (مصر والسودان).

*مصر وسياسة بناء الأحلاف:

سعت مصر ومن خلال تبني سياسة بناء الأحلاف إلى التحالف مع تركيا والتي كانت لها تحركات استباقية في المنطقة بمزيج من الاستراتيجيات الديبلوماسية والسياسية والعسكرية، ففي شهر فبراير 2024، وقعت تركيا والصومال اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي بين البلدين، وفي الشهر نفسه وقعت ثلاث اتفاقيات عسكرية واقتصادية مع جيبوتي. بالتزامن مع ذلك، حاولت أنقرة التوسط بين الصومال وإثيوبيا لكن الجهود لم تؤت ثمارها.

الواقع أن وجود حليف قوي في القرن الإفريقي  بجانب مصر من شأنه أن يُعزز جهودها الرامية إلى إنشاء محور يضم اريتريا وجيبوتي والصومال، لاحتواء النفوذ الإثيوبي المتنامي في الإقليم وتعزيز حضور القاهرة الجيوسياسي جنوب البحر الأحمر، بما يحقق غاية القاهرة بحماية أمنها القومي وتطويق أديس أبابا التي تمثل تهديداً مباشراً لمصالح مصر – سواء المتصلة بنهر النيل أو البحر الأحمر.

وبموجب الاتفاق بين تركيا والصومال، ستوفر تركيا التدريب والمعدات للبحرية الصومالية حتى تتمكن من حماية مياهها الإقليمية بشكل أفضل من التهديدات مثل الإرهاب والقرصنة و”التدخل الأجنبي”، فضلًا عن إجراء مناورات وتدريبات عسكرية بحرية وجوية وبرية.

كما تقضي الاتفاقية ببناء تركيا سفنًا عسكرية وبيعها للصومال، وسيكون للقوات البحرية التركية الحق الكامل في استخدام الموانئ البحرية الصومالية الحالية، وإنشاء موانئ وقواعد عسكرية بحرية جديدة، فضلًا عن إنشاء قواعد عسكرية تركية وأخرى مشتركة في مقديشو التي ستتكفل بفتح أجوائها للاستخدام المدني والعسكري التركي.

رابعاً: التحديات المستقبلية للتحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي:

لايزال يشكل الإرهاب والتمرد وعدم الاستقرار الساسي أحد المعوقات الرئيسية في منطقة القرن الإفريقي وهو مايلقي على الدولة المصرية ضرورة التحرك مع تلك الحكومات لتعزيز الاستقرار الأمني والسياسي بما يضمن تحقيق الاستقرار التنموي والاقتصادي.

كما أن مواجهة نفوذ القوى الطامعة لتقويض النفوذ المصري يبقى تحديًا مستقبلياً هاماً خاصة وأن بعضها سيهدد الأمن القومي المصري خاصة بعد وجود أنباء عن احتمالية تأسيس تحالف  بين إسرائيل وأرض الصومال وهو ما كشف عنه موقع “ميدل إيست مونيتور” في الخامس عشر من أكتوبر 2024، بأن هناك نوايا إسرائيلية لإنشاء قاعدة عسكرية في إقليم أرض الصومال، ورداً على التهديد الإيراني للمصالح الإسرائيلية من خلال المواجهات غير المباشرة مع الحوثيين بعد عملية طوفان الأقصى.

ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل تدعم  الصفقةالاثيوبية مع أرض الصومال، وهو ما اتضح من خلال تصريح سفير إثيوبيا لدى إسرائيل يناير 2024، فقد أوضح أن المسئولين الإسرائيليين أظهروا لفتة إيجابية لتطلع إثيوبيا للوصول المباشر إلى البحر الأحمر وخليج عدن، كما أشار السفير الإثيوبي لدى إسرائيل أن الحكومة الإسرائيلية تتوقع حصول إثيوبيا على قاعدة عسكرية كخطوة جيدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة المضطربة ولا تعارض صفقة الميناء التي أبرمتها الأخيرة مع أرض الصومال.

ومما لاشك فيه أنه هذا التقارب من شأنه أن يؤدي إلى تزايد الهجمات الإرهابية من جانب حركة الشباب الإرهابية، التي سترفض الوجود الإسرائيلي، وستعمل على حشد وتعبئة المزيد من المقاتلين لشن هجمات إرهابية من خلال استغلال مشاعر العداء تجاه إثيوبيا. وهناك احتمالية في أن تستفيد حركة الشباب من الاتفاق لحشد وتجنيد المزيد من المقاتلين، لشن “حرب دينية” ضد إسرائيل، وهو ما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. علاوة على ذلك، هناك توقعات بأن تتحالف حركة الشباب الصومالية مع جماعة الحوثيين، وأن يكون هناك تنسيق في المجالات الأمنية والاستخباراتية، لتهديد المصالح الإسرائيلية في المنطقة، إلى جانب توسيع عملياتهم البحرية ضد خطوط الملاحة الدولية، وهو ما يُشكل تهديدًا للأمن البحري والتجارة الدولية.

 

المراجع

• قمة مصر والصومال وإريتريا تدعم السلم والأمن في إفريقيا. جريدة الدستور.   https://www.dostor.org

• التبادل التجاري بين مصر والصومال ينمو إلى 88% في الربع الأول من عام 2024- المصري اليوم     https://www.almasryalyoum.com

• مصر توسع تعاونها السياسي والعسكري مع الصومال: التركيز على الأمن البحري ومكافحة الإرهاب- العين    https://www.al-ain.com

• زيارة السيسي إلى الصومال وإريتريا تعزز دور مصر في تأمين الطرق البحرية- العين الإخبارية https://www.al-ain.com

• التدخل العسكري المصري في القرن الإفريقي وأثره على  استقرار المنطقة- العربية   https://www.alarabiya.net

• مصر وإريتريا والصومال تحالف ضد الأطماع- العربيةhttps://www.alarabiya.net

• دور مصر في الصومال بعد الصراع…إعادة بناء والتعاون البحري- جريدة الدستور  https://www.dostor.org

• نتائج القمة الثلاثية بين مصر والصومال وإريتريا: تحديات الأمن الإقليمي وتعزيز الأمن البحري- جريدة الدستور  https://www.dostor.org

• المبادرة المصرية لتعزيز اللوجيستيات والتجارة مع الصومال- ودعم الاستثمار بين الجانبين- جريدة  الدستور   https://www.dostor.org

• Al-Sharq Al-Awsat. (2024). كيف يؤثر التعاون المصري – الصومالي – الإريتري في توازن القوى بـ«القرن الأفريقي»؟ جريدة الشرق الأوسط  https://aawsat.com

• تاريخ العلاقات العسكرية الاستراتيجية بين مصر والصومال- منتدى دراية للأبحاث والدرساسات الاستراتيجية    https://www.daraya.net

• Abdel-Wahed, M. (2024). اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال.. تعزيز لنفوذ مصر في القرن الأفريقي لحماية الأمن القومي ومواجهة “الأطماع”. وكالة أنباء العالم العربي.   https://awp.net

• التحركات المصرية في القرن الأفريقي- مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية

 https://sanaacenter.org/ar/the-yemen-review/july-sept-/23638

 

 

The post التحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي….. سبل التعاون ومواجهة التحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8299
انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم https://draya-eg.org/2024/10/08/%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a3%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d9%85/ Mon, 07 Oct 2024 22:06:01 +0000 https://draya-eg.org/?p=8272 بقلم/د. صلاح هاشم  على مدار تاريخ مصر الحديث ستظل حرب أكتوبر أيقونة للتفوق بكل معانيه.. فهي ليست معركة عابرة على متن صفحات التاريخ المطوية، وإنما هى انتصار للكرامة الإنسانية، وكسر لغطرسة جيش كان يرى أنه جيش الله المختار. كما يرى أصحابه بأنهم شعب الله وأحباءه وأبناءه .. فانتصار أكتوبر 1973 هو انتصار للحق والفضيلة، ورسالة …

The post انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم/د. صلاح هاشم 

على مدار تاريخ مصر الحديث ستظل حرب أكتوبر أيقونة للتفوق بكل معانيه.. فهي ليست معركة عابرة على متن صفحات التاريخ المطوية، وإنما هى انتصار للكرامة الإنسانية، وكسر لغطرسة جيش كان يرى أنه جيش الله المختار. كما يرى أصحابه بأنهم شعب الله وأحباءه وأبناءه .. فانتصار أكتوبر 1973 هو انتصار للحق والفضيلة، ورسالة قوية لكل من تسول له نفسه المساس بأرض مصر أو هويتها ..
لم تحارب مصر في 6 أكتوبر جيش بني صهيون وحده وإنما كانت تحارب قوة دولية غاشمة؛ تساند جيش الاحتلال بالعدة والعتاد، وتمثل سنداً قوياً وظهراً يحول دون هزيمته أو انكساره، لكن كانت مصر وحدها تحارب وخلفها قوة الحق والإرادة والايمان والصبر ، فانتصر الحق على الباطل ولَّقن جيش مصر الخالد إسرائيل ومن خلفها درساً قوياً لا يمكن بحال تزييفه أو نسيانه ..
وكان وسوف يظل انتصار أكتوبر غصة في صدر إسرائيل يعزز دائماً رغبتها في الانتقام.. إذ عطل انتصار أكتوبر مخطط إسرائيل في التمدد في المنطقة وإعلان دولتها المزعومة من النيل إلى الفرات.. واحد وخمسون عام مضت ولا تزال إسرائيل تحلم بلحظة الانتقام، وفى كل مرة تسعى فيها لتحقيق الحلم تتذكر مرارة الهزيمة وتجد جيش مصر يقظاً واعياً لمخططها ومستعد دائماً للمواجهة .. وكما فعلها الجيش المصري مرة؛ فإنه مستعد وقادر على فعلها ألف مرة .. وأن عقيدته القتالية التي تنطلق من إيمانه الراسخ بأنه جيش غير طامع ولا معتد وأنه لا يقاتل أبداً على باطل ..
ومن ثم فإننا أمام جندي مؤمن بأن الموت دفاعاً عن الوطن حياة خالدة .. كما إننا امام قيادة عسكرية واعيةـ ترى أن إسرائيل جزء من التاريخ ولكن لا وجود لها في الجغرافيا.
لقد خاضت اسرائيل منذ نشأتها عام 1948عديد من المعارك القتالية غير المنظمة التي تتسم بالبلطجة العسكرية وتزييف الحقائق والانتصارات، حتى تزييف أسباب المعركة نفسها والتي هي في مجملها أشبه بحرب العصابات وليس حروب الجيوش الرصينة التي تنطلق من مبادئ عسكرية راسخة .. ورغم انتصار إسرائيل في كل أو معظم معاركها في المنطقة إلا أن حرب أكتوبر تظل هي المعركة الوحيدة التي خسرتها إسرائيل؛ فأفقدتها توازنها في ست ساعات فقط، وألزمت جيشها المغرور ثكناته ..
لقد أدركت إسرائيل من خلال حرب أكتوبر وما بعدها أنها أمام جيش خلفه شعب مؤمن بحقه في القتال. وأن الجيش لن يقاتل بمعزل عن الشعب، وأن كل فرد من أفراد الشعب مسلح بالعقيدة العسكرية والوعي، ولديه الجاهزية الكاملة للانضمام للجيش والقتال في سبيل الوطن، حين يشعر الوطن بالخطر .. وأنه حين يدعوه الوطن إلى التجنيد يعتبر أن تلبية النداء واجب، وأن الموت في سبيل الوطن شرف، شرف يتخطى حدود الزمان والمكان ..
فأكثر ما كان يرعب إسرائيل هو اصطفاف الشعب خلف الجيش وخلف قيادته السياسية .. ورغم محاولات إسرائيل بكافة أجهزتها الاستخبارية أن تزعزع جسور الثقة بين الشعب والجيش، وتصنع لنفسها مساحة بينهما؛ إلا انها فشلت.
فقد جاءت احداث 25 يناير شاهدة على صدق العقيدة ووحدة الصف ..حيث استقبل المتظاهرون نزول الجيش إلى الشارع بالتكبير والتهليل والاصطفاف من أجل استعادة الاستقرار الذى استهدفته إسرائيل وحلفائها وهددته هتافات الثوار في الميادين .. وحافظت عليه عقيدة الجيش الثابتة. فكانت الشعارات في الميادين الساخنة ” الجيش والشعب إيد واحدة ” .
وجاءت ثورة 30. يونيو 2013 لتكون بمثابة معركة جديدة للوعى وللكرامة الإنسانية والانتصار للوطن وللاستقرار والتنمية .. وكانت رسالة قوية لإسرائيل ومن ولاها ..بأنها أمام جيش خلفه مائة مليون مواطن .. وأننا أمام شعب خلفه جيش مؤمن بحقه في الحياة والعيش في سلام .. وأنه حين تلتقي إرادة الجيش مع إرادة الشعب يتحقق النصر ..

ويذكرنا التاريخ كل يوم أن مصر حاضرة ولا تزال وسوف تظل شامخة رغم أنف التاريخ نفسه ورغم أنف الحاقدين والمتآمرين، وأن حب أبنائها لها وانتمائهم لها ليس شعاراً براقاً وإنما عقيدة راسخة، تناقلتها الجينات المصرية الأصيلة عبر التاريخ.. فمنذ بداية التاريخ كانت مصر عبارة عن جيش خلق الله له شعب .. دربته الأحداث والمطامع على القتال بنزاهة وشرف، وعلمته الحياة لعسكرية شرف الدفاع عن الوطن والموت في سبيله
لم يأت عشقنا العميق لهذا الوطن وجيشه الباسل من فراغ، وإنما من محصلة البطولات التي خاضها ذلك الجيش الباسل بشجاعة وحقق النصر على أعدائه باقتدار وحافظ على مقدرات وأمن واستقرار بلاده، وكان درعاً قوياً حافظ على أمانة الوطن عبر التاريخ المليء بالمكائد والأطماع وغدر الحلفاء وخيانة الأصدقاء..
تذكرني انتصارات أكتوبر دائماً بأن مصر بلد حي في عالم ميت ،ماتت فيه كل قيم النبل والوفاء والإنسانية، وسادت فيه قيم العدوان والبطش والوضاعة باقتدار .. وقدمت حرب أكتوبر للعالم نموذجاً للفارس المقاتل النبيل الذي يواجه أعداءه بكل حسم دون الاقتراب من الأطفال والنساء والشيوخ، ودون استهداف لحياة المدنيين وسبل معيشتهم، فاستهدافه دائماً كان لمنشآت العدو العسكرية كي تهزم قدرته على الاستمرار في القتال والمقاومة وتفل عزيمته في مواصلة عمليات الاحتلال ..
فلم يذكر التاريخ الدولي أن الجيش المصري ارتكب جريمة إنسانية واحدة بحق المدنيين في إسرائيل أثناء حرب أكتوبر، بعكس جيش الاحتلال الذى ارتكب مجازر إنسانية عديدة، كان أهمها مجزرة مدرسة بحر البقر الابتدائية شمال محافظة الشرقية عام 1970والتي راح ضحيتها أكثر من 19طفل، كان لا يزال يتلمس الخطوات الأولى للحياة. وأصيب قي المجزرة أكثر من 50 طفل أخرين.
لقد كانت حرب أكتوبر بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل، حسب وصف قادة جيش الاحتلال للمعركة . حيث أكدوا: ” أن ما حدث في 6 أكتوبر 73 قد أزال الغبار عن العيون وأظهر ما لم نكن نراه من قبل. وأدى ذلك إلى تغيير عاصف في عقلية قيادات الجيش الإسرائيلي. وأن حرب أكتوبر فجأتنا على نحو لم نكن نتوقعه، ولم تحذرنا أي حكومة أجنبية بوجود خطط محددة لأي هجوم عربي”.
لقد ألهمت انتصارات أكتوبر روح الفداء والتضحية لكل المصريين، وساهمت بشكل منقطع النظير في تشكيل الوجدان الوطني لجموع الشباب المصري ..فظلت أيام أكتوبر الحاسمة خالدة في الذاكرة ، تنبئنا كل يوم بأن هناك في الجبهة جنود لا تنام عن حماية الوطن ولا تكف عن تتبع أهداف العدو الاستعمارية النتنة .. جنود يحملون أعناقهم على أكفهم من أجل أن ينام شعبهم الخالد في سلام .. فلم يعد الجيش المصري مخصص فقط لحماية مصر وحدها ، فقد اثبتت الأيام السوداء التي تشهدها المنطقة العربية بفعل العدوان الإسرائيلي الغاشم في هذه الآونة، و التي جعلتنا نشعر بأننا نعيش حروب بلا نهاية وسلام بلا هدنة، أن الجيش المصري أصبح مسئولاً عن حماية اقليم بأكمله. وأن الهوية في عقيدته كالأرض والعرض لا يمكن المساس بها . وأن المسافة بينه وبين أي بلد عربي في خطر ” مسافة السكة ” .
لقد علمنا درس أكتوبر أن الجيش الذي خلفه شعب يدعمه لا يُقهر أبداً ، وأن الوطن الذي خلفه جيش مؤمن بقضيته لا يموت. فمصر هي أرض الثورة التي لا تهدأ، والنيل الذي لا يجف، هي سفينة نوح للعروبة، على أرضها مشى موسى مع الخضر، وفي قلبها كانت رحلة العائلة المقدسة .. وبيدها مفتاح الحياة ..
فتحية لهذا الجيش الباسل في ذكرى انتصاراته الخالدة، تحية وفاء وتقدير واحترام ..وتحية للشعب المصري الواعي المدرك دائماً لخطورة الحدث وأهمية الحفاظ على جيشه والاصطفاف خلف قيادته السياسية من أجل وطن يستحق الحياة كما يستحق التنمية ويستحق أن يعيش أهله في سلام ..

The post انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8272