المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/ Egypt Sun, 10 Nov 2024 00:26:58 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.5 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/ 32 32 205381278 التحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي….. سبل التعاون ومواجهة التحديات https://draya-eg.org/2024/11/10/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d8%b3%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%88%d9%86-%d9%88%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa/ Sun, 10 Nov 2024 00:07:06 +0000 https://draya-eg.org/?p=8299 مع تصاعد التوترات والخلاف بين القاهرة وأديس أبابا إثر تحركات الأخيرة تجاه مصر والسودان والصومال، بثلاثة ملفات مرتبطة بـ«سد النهضة»، واتفاقية «عنتيبي»، وتوقيع اتفاقية مبدئية مع إقليم صومالي لاند الانفصالي بما يهدد ويمس من سيادة مقديشو. الأمر الذي دفع الدولة المصرية للتحرك بقوة وبشكل أكثر فاعلية في منطقة القرن الإفريقي من خلال دعم الدولة الصومالية …

The post التحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي….. سبل التعاون ومواجهة التحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
مع تصاعد التوترات والخلاف بين القاهرة وأديس أبابا إثر تحركات الأخيرة تجاه مصر والسودان والصومال، بثلاثة ملفات مرتبطة بـ«سد النهضة»، واتفاقية «عنتيبي»، وتوقيع اتفاقية مبدئية مع إقليم صومالي لاند الانفصالي بما يهدد ويمس من سيادة مقديشو. الأمر الذي دفع الدولة المصرية للتحرك بقوة وبشكل أكثر فاعلية في منطقة القرن الإفريقي من خلال دعم الدولة الصومالية ومساعدة الحكومة هناك على بسط سيادتها داخل أراضيها، خاصة فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب من خلال توقيع الجانبين بروتوكول «تعاون عسكري (دفاعي) ، وإعلان القاهرة استعداد المشاركة في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، بداية يناير 2025، فضلاً عن مد مقديشو بصفقة أسلحة، وعقد قمة ثلاثية جمعت بين رؤساء الدول الثلاثة (مصر والصومال وإريتريا).

ولم تقتصر التحركات المصرية على منطقة القرن الإفريقي فحسب وإنما شملت كذلك دول حوض النيل الجنوبي، بإطلاق مبادرات مصرية قوية لإعادة التأكيد على أن مصر تدعم التنمية، والمشروعات المائية لدول حوض النيل، بما في ذلك إقامة السدود طالما أنها توافقية، ولا تسبب الضرر لدولتي المصب مصر والسودان،وسط إصرار إثيوبيا على التخلي عن الاتفاقيات التاريخية لتقسيم مياه النيل، وفرض سياسة الأمر الواقع وعدم احترام حقوق مصر المائية من خلال إتمامها الملء الخامس لسد النهضة بوصول المياه في بحيرة السد إلى أكثر من 62 مليار متر مكعب من المياه، وبدء التشغيل التجاري للسد لتوليد الطاقة الكهرومائية. ، فضلاً عن إعلانها دخول اتفاقية «عنتيبي» حيز التنفيذ منتصف أكتوبر 2024 ما يدفع مصر للوقوف في خط الدفاع عن الاتفاقيات القديمة لتقسيم مياه النيل بين دول الحوض،  ومناهضةالاتفاقية عبر القانون، وكل أشكال الدبلوماسية الممكنة، فضلاً عن اضطرار مصر لدخول حلبة توازنات القوى الإقليمية.

وفي هذا السياق، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تسلط الضوء على: العلاقات المصرية الصومالية ومجالات التعاون بين الجانبين، التحركات المصرية في منطقة القرن الأفريقي، وكيف من شأنه أن يساهم في تعزيز الأمن القومي المصري، إلى جانب التحديات التي تواجه هذا التعاون.

وقد توصلت الورقة لعدد من النتائج الواجب أخذها في الاعتبار لضمان فاعلية واستمرارية الدور المصري أهمها:

• التأكيد على أهمية هذا الشكل المتسلسل المنظم من هذه التحركات والترتيبات الدبلوماسية المصرية خلال الفترة الأخيرة لما فيه من مردود استراتيجي إيجابي مرتقب لصالح استقرار وهدوء إقليم شرق إفريقيا وكذلك القرن الإفريقي والبحر الأحمر.

• أهمية استمرار مصر في بناء القدرات الذاتية للصومال، لضمان أن يتمكن الصومال من الاعتماد على قواته الأمنية في مواجهة التحديات دون الحاجة إلى دعم خارجي

• أهمية نقل الخبرات المصرية وبصفة خاصة في مجال مكافحة الإرهاب للدول التي تعاني من ويلاته في منطقة القرن الإفريقي وغيرها من الأقاليم الافريقية من خلال زيادة برامج التدريب والدعم المصري لهذه المناطق.

• أهمية تعزيز التنسيق الاستخباراتي، وتوسيع برامج التدريب العسكري المقدمة من الدولة المصرية لدول القارة لتتضمن التقنيات الحديثة والمهارات التكنولوجية.

• ضرورة استمرار مصر في  ترسيخ دورها كفاعل رئيسي في القرن الأفريقي، والتأكيد على التزامها بحماية استقرار المنطقة عبر التعاون الإقليمي والدولي.

• أهمية إقامة جسور من التواصل والتعاون مع باقي دول منطقة القرن الإفريقي من خلال تفعيل مجالات وأطر للتعاون المستقبلي.

• أهمية العمل بأجندة شاملة واضحة وفعالة مع دول حوض النيل لضمان التزامها بأمن مصر المائي وبالاتفاقيات القانونية ذات الصلة.

• أهمية استمرار التعاون والتشاور المصري/ التركي في المنطقة بما يضمن تنسيق الجهود وفاعلية التحركات الحالية والمستقبلية.

• أهمية العمل على عقد تحالفات مثيلة للتحالف المصري/ التركي مع القوى الفاعلة في المنطقة لمواجهة أية تحركات من شأنها الإضرار بالمصالح المصرية.

……………………..

أولاً: العلاقات المصرية/ الصومالية:

تتميز العلاقات المصرية الصومالية بتعدد الروافد في إطار من المصالح المشتركة والأمن المتبادل، لتشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعيةـ خاصة التعليمية والصحية والثقافية، والمجال العسكري أيضًا.

وهناك مواقف تاريخية مشرفة سياسية وعسكرية متبادلة لكلا البلدين تجاه الآخر في الأزمات الإقليمية والدولية، وقد شهدت العلاقات بين البلدين ازدهارًا وتناميًا منذ حقبة الستينيات وحتى انهيار نظام سياد برى، غير أن هذا ما لبث أن تراجع مع بدايات الحرب الأهلية والصراعات العشائرية في الصومال، وتبذل مصر جهودًا كبيرة من أجل تعزيز الاستقرار في الصومال والحفاظ على وحدته.

*تاريخ العلاقات بين مصر والصومال:

العلاقات بين مصر والصومال علاقات تاريخية بدأت منذ عهد الفراعنة، حيث أسهم البحر الأحمر في تسهيل التبادل التجاري بين السواحل الصومالية ومصر الفرعونية، مما جعل مصر إحدى بوابات التواصل بين شرق أفريقيا والعالم العربي. وفي العصر الحديث كانت مصر أول الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، وقدمت له دعمًا دبلوماسيًا عبر الأمم المتحدة والمنتديات الإقليمية، بهدف ترسيخ وجوده في الساحة الدولية ولا يزال يُذكر بكل تقدير اسم الشهيد المصري “كمال الدين صلاح”، مندوب الأمم المتحدة لدي الصومال الذي دفع حياته عام 1957 ثمنًا لجهوده من أجل حصول الصومال على استقلاله والحفاظ على وحدته.

في فترة الستينيات والسبعينيات، دعمت مصر تأسيس الجيش الوطني الصومالي، ووفرت تدريبًا عسكريًا واسعًا لضمان قدرته على تأمين البلاد الناشئة، في إطار سياسة مصرية لتعزيز التحالفات مع دول القارة الأفريقية. وعندما انضم الصومال إلى منظمة الوحدة الأفريقية عام 1974، لعبت مصر دورًا رئيسيًا في هذا المسار، انطلاقًا من رؤيتها لتوطيد التكامل الأفريقي ومجابهة النفوذ الأجنبي في المنطقة.

انهيار الدولة الصومالية: بداية تحديات جديدة

مع انهيار الحكومة المركزية في الصومال عام 1991، دخلت البلاد في مرحلة من الفوضى السياسية والأمنية، ما أدى إلى تصاعد نفوذ الميليشيات المحلية والحركات المسلحة. شكّل هذا الانهيار تهديدًا كبيرًا، ليس فقط للصومال، بل للأمن الإقليمي أيضًا، بما في ذلك الممرات المائية الاستراتيجية التي تعتمد عليها التجارة الدولية ومصر بشكل خاص. ونتيجة لذلك، اضطرت مصر إلى إعادة صياغة علاقاتها مع الأطراف الصومالية المختلفة بهدف المساهمة في إعادة بناء المؤسسات الحكومية والتوسط في النزاعات المحلية.

قبيل الحرب الأهلية في الصومال بذلت مصر جهدا كبيراً لمنع وقوع الحرب الأهلية، وشهدت القارة والسفارة المصرية في مقديشو عدة لقاءات واجتماعات بين المسؤولين في نظام” محمد سياد بري”، والجبهات المعارضة للحيلولة دون نشوب صراع مسلح، وإنهاء الصراع السياسي بين الحكومة والمعارضة بالطرق السلمية، وقد تمثل ذلك في المبادرة المصرية الإيطالية عام 1989، لكن نتيجة لتدخلات قوية من قبل بعض دول الجوار، لم تكلل تلك الجهود بالنجاح ودخل الصومال في أتون حرب أهلية راح ضحيتها الآلاف من المواطنين الأبرياء، وبعد اندلاع الحرب في عام 1991 لم تتوقف مصر عن محاولات وقف نزيف الدم وحماية التراب الصومالي، بل كانت حاضرة وبقوة في جميع الجهود الدولية للم شمل الصوماليين، ورفضت تقسيم الصومال أو الاعتراف بانفصال إقليم الشمال” صوماليلاند”، كما نظمت مصر عدداً من مؤتمرات المصالحة لإنهاء الاقتتال الداخلي في مقديشو وإحلال السلام في ربوع الصومال.

مع ظهور حركة الشباب كقوة إرهابية ذات نفوذ في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبح لزامًا على مصر التركيز على تقديم الدعم الأمني واللوجستي للصومال. وقد جاء ذلك في إطار الجهود الإقليمية والدولية لإعادة بناء الدولة الصومالية، حيث شاركت مصر بشكل فعال في المفاوضات الدولية لتشكيل حكومة انتقالية في الصومال خلال عام 2004 هذه المشاركة المصرية عكست إصرارها على مواجهة التهديدات الأمنية التي باتت تمثل خطراً على منطقة القرن الأفريقي وعلى أمن البحر الأحمر.

كما تُعد مصر عضوًا فاعلاً في مجموعة الاقتصاد الدولية المعنية بالمشكلة الصومالية، وتحرص على المشاركة في كافة الاجتماعات التي تعقدها المجموعة، وقد كثفت مصر تحركاتها الدولية خلال السنوات الأخيرة لحشد الدعم للقضية الصومالية وحث القوى الدولية للمساهمة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية نظرًا للأهمية القصوى للصومال في تعزيز الأمن القومي المصري.

كذلك تشترك مصر في عضوية مجموعة الاتصال الدولية المعنية بمكافحة القرصنة قبالة السواحل الصومالية حيث تولت رئاسة مجموعة العمل الرابعة المنبثقة عن مجموعة الاتصال وهي مجموعة تختص بدعم الجهود الدبلوماسية ونشر الوعي بشأن ظاهرة القرصنة.

ثانياً:مجالات التعاون والشراكة بين مصر والصومال:

تتميز مجالات التعاون والشراكة بين مصر والصومال بالتنوع، حيث تغطى مجموعة من الأبعاد الاستراتيجية والتنموية والأمن، فيما يلي نوضح هذه المجالات:

1-التعاون السياسي : تدعم مصر الجهود السياسية في الصومال لتحقيق الاستقرار والمصالحة الوطنية، بما في ذلك دعم المبادرات السلمية والجهود الدبلوماسية في المحافل الدولية.

2– التعاون التنموي: تقدم مصر مساعدات إنسانية للصومال تشمل الغذاء والدواء والمعدات الطبية لمساعدة المتضررين من النزاعات والكوارث الطبيعية، كما تشمل المشاريع التنموية في مجال التعليم والصحة والبنية التحتية، مثل بناء المدارس والمستشفيات وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي.

3-التعاون الاقتصادي: شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والصومال نمواً مطرداً في السنوات الأخيرة؛ مدعومة بوجود إرادة سياسية قوية وسعي جاد لوضع خطط مستقبلیة وفتح أبواب جدیدة للتعاون في مجالات متعددة، فقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع قيمة التبادل التجارى بين مصر والصومال حيث بلغ 59 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2024 مقابل 31 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 88%.

4-التعاون الثقافي والبرامج التعليمية: تقدم مصر منحاً دراسية للطلاب الصوماليين للدراسة في الجامعات المصرية في مختلف التخصصات، مما يعزز التبادل الأكاديمي والثقافي، كما تقدم برامج تدريبية في مجالات متنوعة مثل الإدارة والتكنولوجيا والفنون، كما تهدف إلى تعزيز المهارات والقدرات لدى الشباب الصومالي، كما تعمل على تنظيم الفعاليات الثقافية والفنية مثل المعارض الفنية والمهرجانات التي تتيح للأفراد من كلا البلدين التعرف على الفنون والتراث الثقافي بما يعزز التقدير المتبادل للفنون والتراث الثقافي.

وفي يناير 2024م تم توقيع، مذكرة تفاهم بين “وزارة الثقافة” المصرية، ووزارة “الإعلام والثقافة والسياحة” بحكومة جمهورية الصومال الفيدرالية؛ وذلك لتعزيز التعاون الثقافي المشترك بين البلدين. ووقع مذكرة التفاهم كلا من الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة، وداؤود أويس جامع، وزير “الإعلام والثقافة والسياحة” بجمهورية الصومال الفيدرالية.

وتعمل مصر أيضاً على تنظيم ورش عمل ومحاضرات ثقافية تهدف إلى تبادل المعرفة حول  التراث والتاريح والثقافة في كل من مصر والصومال، كما تعمل على تبادل الكتب والمصادر الثقافية بين المكتبات والجامعات في البلدين لتعزيز الدراسات والأبحاث الثقافية.

5-التعاون في مجال الطاقة:هناك اهتمام بالتعاون في مجالات الطاقة بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة وتحسين البنية التحتية للطاقة في الصومال، حيث تستهدف القاهرة كسر حالة السيطرة التي تمارسها إثيوبيا على دول القرن الإفريقي في مجال الطاقة، وبصورة خاصة مع جيبوتي والصومال، في ظل إقحام أديس أبابا ملف أرض الصومال والتعاون الإيجابي بين القاهرة ومقديشو في المجالات المختلفة، ونظراً للمساعي التركية أيضاً لاختراق المجال الحيوي لمنطقة القرن الإفريقي خاصة الصومال التي تسعى فرض سيطرتها على مصادر الطاقة، مما يؤثر على الأمن القومي لمصر، ويعتبر ملف الطاقة أحد ملفات التعاون المشترك بين الصومال ومصر، ويتمثل في تكثيف التنسيق المشترك بين الجانبين في مجالات مصادر الطاقة وعلى رأسها النفط والغاز، وهو ما أبداه وزير الخارجية الصومالي خلال المقابلة التي أجراها أثناء زيارته إلى القاهرة، خاصة في ظل توجه الصومال إلى مزيد من الاكتشافات النفطية وكذلك المتعلقة بالغاز.

6-التعاون في مجال الأمن المائي: تقع مصر والصومال في مناطق ذات صلة بنهر النيل والموارد المائية الإقليمية الأخرى، يسهم التعاون في هذا المجال في تعزيز الأمن المائي على مستوى الإقليم، كما تساهم مصر في تقديم الدعم الفني والتمويلي للصومال لتنفيذ مشاريع مثل بناء السدود، وتحسين أنظمة الري، وتطوير البنية التحتية للمياه، كما أن التعاون في مجال البحث العلمي والتدريب الفني في إدارة المياه يمكن أن يعزز قدرة الصومال على مواجهة التحديات المتعلقة بالمناخ، ويمكن مصر من توفير البرامج التدريبية والدراسات حول استراتيجيات إدارة المياه.

يُذكر أنه في مطلع نوفمبر 2024 أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، دخول اتفاقية «عنتيبي» حيز التنفيذ، بعد تصديق 6 دول عليها، هي: إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وجنوب السودان.

وتُعارض مصر ومعها السودان الاتفاقية، ويتمسّكان باتفاقات 1902 و1929 و1959 التي ترفض الإضرار بدول المصب، كما تُقرّ 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان، ويرفضان أي مشروع مائي بمجرى النيل يُلحق أضراراً بالأمن المائي.

وسبق أن أكّدت مصر والسودان أن اتفاقية «عنتيبي» غير مُلزِمة لأي منهما؛ لمخالفتها مبادئ القانون الدولي، وجدّدت الدولتان، خلال اجتماع للهيئة الفنية المشتركة لمياه النيل، في 11 أكتوبر 2024، على “ضرورة استعادة مبادرة حوض النيل (التي تأسست عام 1999)، بوصفها الطريقَ الأمثل والأشمل للتوافق والتعاون بين دول النهر”.

وتعتمد مصر على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

7-التعاون العسكري:لا شك أن التعاون العسكري بين مصر والصومال يمثل جزءًا هامًا من تعزيز الأمن الإقليمي وبسط النفوذ المصري في منطقة القرن الأفريقي، حيث تشكل هذه المنطقة نقطة استراتيجية بالغة الأهمية على مستوى الأمن الدولي والإقليمي، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة مثل الإرهاب والقرصنة البحرية والهجرة غير الشرعية. وفي هذا السياق، تسعى مصر من خلال دعم قدرات الجيش الصومالي وتعزيز التنسيق الأمني مع الصومال إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة وضمان المصالح المصرية.

وتعتبر الشراكة العسكرية بين البلدين انعكاسًا لاستراتيجية مصر في دعم الدول الأفريقية وبناء جسور التعاون الأمني، بما يساهم في حماية الممرات البحرية الدولية في خليج عدن والبحر الأحمر. كما يشكل هذا التعاون خطوة نحو تعزيز قدرات الصومال في مواجهة التهديدات الأمنية الداخلية والإقليمية، بما في ذلك الجماعات المسلحة المتطرفة والأنشطة غير القانونية التي تهدد الأمن القومي للدول المجاورة.

منذ استقلال الصومال في الستينيات من القرن العشرين، كانت مصر من أوائل الدول التي دعمت الصومال سياسيًا وعسكريًا، وخاصةً من خلال توفير الدعم اللوجستي والتدريب العسكري للقوات الصومالية. في العقود الأخيرة، تفاقمت الأزمات الأمنية في الصومال، وخاصةً بعد تفكك الحكومة المركزية في التسعينيات وصعود الحركات الإرهابية مثل “حركة الشباب”. ولذلك، سعت مصر لتعزيز تعاونها العسكري مع الصومال كجزء من استراتيجيتها لتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي، والتصدي للتهديدات الأمنية التي تهدد المنطقة بأسرها.

ومع إعلان تشكيل حكومة مركزية صومالية جديدة عام 2012، أطلقت مصر مرحلة جديدة من التعاون السياسي والعسكري مع الصومال. كان الهدف من هذا التعاون تعزيز قدرات الجيش الصومالي ليتمكن من مواجهة حركة الشباب التي تسيطر على مناطق واسعة في البلاد، وتحد من جهود الاستقرار. وقد تركزت الجهود المصرية على توفير برامج تدريبية مكثفة للضباط الصوماليين، ودعمهم بخبرات استخباراتية وتقنية وتبادل المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب. كما تعمل مصر والصومال على تعزيز الجهود لمكافحة القرصنة في البحر الأحمر والمحيط الهندي، بما في ذلك تنسيق العمليات البحرية وتبادل المعلومات.

ثالثاً: التحركات المصرية في منطقة القرن الأفريقي:

تعاني منطقة القرن الأفريقي من العديد من التحديات الأمنية المعقدة. من أبرز هذه التحديات انتشار الإرهاب، حيث تمثل “حركة الشباب” في الصومال أحد أخطر التهديدات للأمن في المنطقة. هذه الجماعة المتطرفة تسيطر على أجزاء من الصومال وتشكل تهديدًا دائمًا للدولة والمواطنين. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشكلة القرصنة في البحر الأحمر وخليج عدن تعزز من أهمية التعاون الأمني في المنطقة. هناك أيضًا تحديات متعلقة بالنزاعات الحدودية والنزاعات على الموارد الطبيعية مثل المياه، خاصةً في ظل توترات بشأن سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على تدفق مياه نهر النيل إلى مصر. ولم تكتفِ القاهرة بتقوية العلاقات مع الصومال، بينما عززت التعاون مع الخرطوم وجوبا ونيروبي، وأيضاً إريتريا عبر زيارات متبادلة رفيعة المستوى اختتمت الخميس، بزيارة الرئيس المصري إلى أسمرة، وعقد قمة ثلاثية شملت الصومال، وصفتها وسائل إعلام عربية ودولية بـ”التحالف الجديد” مع إعلان الدول الثلاث تشكيل لجنة ثلاثية لتعزيز التعاون والتنمية.

وجغرافياً تضم منطقة القرن الأفريقي 4 دول هي «الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا»، ومن زوايا سياسية واقتصادية يمكن أن تتسع لتشمل كينيا وأوغندا والسودان وجنوب السودان، وأهميتها ليست وليدة اليوم، فقد كانت محط أنظار القوى والإمبراطوريات المهيمنة، منذ العصور القديمة، كونها المنطقة الأكثر استراتيجية في التجارة البحرية العالمية، وأخيراً باتت نقطة جذب وتركيز واهتمام من لدن أطراف دولية وإقليمية عديدة.

وينشط في منطقة القرن الأفريقي عدد من اللاعبين الخارجيين، منها القوى الدولية الغربية (مثل المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، بالإضافة إلى الإقليمية (مثل تركيا)، والآسيوية(مثل اليابان والصين)، وأيضاً الولايات المتحدة، بخلاف مؤثرين إقليميين من مجموعة شرق أفريقيا، كإثيوبيا، وتضاف لهما مصر بعد استعادة دورها الأفريقي.

وفي هذا السياق، فقد سعت القاهرة إلى توثيق علاقاتها الإستراتيجية في ظل طموحاتها الدائمة بإنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي وبالفعل شهد عام 2021، أول زيارة رسمية لرئيس مصري منذ استقلالها عام 1977، وخلال يوليو2024 زار وزير الخارجية المصري جيبوتي ليعلن عن تدشين خط طيران مباشر بين البلدين.

إلا انه من الجدير بالذكر إلى أنه ووفقا للسياسية الجيبوتية –  إمساك العصا من المنتصف، فقد استطاعت أن  تحتضن -في وقت واحد- قاعدة عسكرية أمريكية وأخرى صينية، وبينما تواصل جيبوتي مباحثاتها مع القاهرة، اقترحت مَنح إثيوبيا حق الوصول الحصري إلى أحد موانئها، بحسب تصريح وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف.

وفي 14 أغسطس2024، وقعت مصر والصومال بروتوكولاً للتعاون العسكري المشترك بحضور الرئيسين عبدالفتاح السيسي وحسن شيخ أحمد، خلال زيارة الأخير لمصر، يتضمن السماح لمصر بنشر نحو خمسة آلاف عنصر من جيشها في الأراضي الصومالية. وقد يكون لهذه الخطوة أهميتها نظراً لانتهاء مهمة بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومـال “أتيمس” بنهاية عام 2024.

كما تتأتى تلك الخطوة حفاظًا على أمن الصومال وسيادة أراضيه خاصة بعد التحركات الإثيوبية الأخيرة في يناير 2024، بتوقيع رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” ورئيس أرض الصومال “موسى بيهي عبدي”، مذكرة تفاهم تقضي بأن تَمنح أرض الصومال ـ(إقليم انفصالي غير معترف باستقلاله دوليا) إثيوبيا حق الوصول إلى 20 كم من سواحلها وبناء قاعدة بحرية عسكرية عبر استئجار قطعة أرض لمدة 50 عاما، مقابل اعتراف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة ذات سيادة، ومنح حكومتها حصة من ملكية الخطوط الجوية الإثيوبية.

وبالفعل، قامت القاهرة بإرسال شحنتي أسلحة إلى الحكومة الصومالية في مقديشو في سبتمبر2024، وهو الأمر الذي قوبل بتصعيد إثيوبي تمثل بإرسال أسلحة من إثيوبيا إلى إقليم بونتلاند الصومالي ذي النزعة الاستقلالية. وكخطوة استباقية لتعطيل وصول أي قوات مصرية، سيطرت القوات الإثيوبية على ثلاثة مطارات في إقليم “غيدو” جنوب الصومال.

وبعد إرسالها صفقة أسلحة لإقليم بونتلاند، وفي ضرلة غير متوقعةـ أعلن رئيس الإقليم سعيد دني عن رغبته في الحوار مع الحكومة الصومالية لتجنب الانفصال، وإجراء مناقشات مفتوحة حول الوضع في الصومال، بطريقة شفافة وحل الخلافات مع الحكومة الفيدرالية/ وتقريب وجهات النظر فيما يتعلق بالعملية السياسة والانتخابات والعشائر محذرا من أن الصومال على وشك التفكك إذا لم تحل تلك الإشكاليات.

وفي 10 أكتوبر2024، وصل الرئيس السيسي إلى العاصمة الإريترية أسمرة حيث عقد قمة ثلاثية مع الرئيس الإريتري إسياس أفورقي والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود. جاء اللقاء، الذي ناقش عدة قضايا من بينها التعاون الأمني في البحر الأحمر، كخطوة لافتة حملت الكثير من الرسائل الدبلوماسية الضمنية لإثيوبيا. بدورها، ردت أديس أبابا في الـ 13 من نفس الشهر بتفعيل اتفاقية الإطار التعاوني لحوض نهر النيل (التي تُعرف أيضاً باتفاقية عنتيبي) من طرف واحد، وهي الاتفاقية التي تسعى من خلالها أثيوبيا إلى مراجعة التوزيع القائم لِحصص مياه نهر النيل وتعارضها دولتي المصب (مصر والسودان).

*مصر وسياسة بناء الأحلاف:

سعت مصر ومن خلال تبني سياسة بناء الأحلاف إلى التحالف مع تركيا والتي كانت لها تحركات استباقية في المنطقة بمزيج من الاستراتيجيات الديبلوماسية والسياسية والعسكرية، ففي شهر فبراير 2024، وقعت تركيا والصومال اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي بين البلدين، وفي الشهر نفسه وقعت ثلاث اتفاقيات عسكرية واقتصادية مع جيبوتي. بالتزامن مع ذلك، حاولت أنقرة التوسط بين الصومال وإثيوبيا لكن الجهود لم تؤت ثمارها.

الواقع أن وجود حليف قوي في القرن الإفريقي  بجانب مصر من شأنه أن يُعزز جهودها الرامية إلى إنشاء محور يضم اريتريا وجيبوتي والصومال، لاحتواء النفوذ الإثيوبي المتنامي في الإقليم وتعزيز حضور القاهرة الجيوسياسي جنوب البحر الأحمر، بما يحقق غاية القاهرة بحماية أمنها القومي وتطويق أديس أبابا التي تمثل تهديداً مباشراً لمصالح مصر – سواء المتصلة بنهر النيل أو البحر الأحمر.

وبموجب الاتفاق بين تركيا والصومال، ستوفر تركيا التدريب والمعدات للبحرية الصومالية حتى تتمكن من حماية مياهها الإقليمية بشكل أفضل من التهديدات مثل الإرهاب والقرصنة و”التدخل الأجنبي”، فضلًا عن إجراء مناورات وتدريبات عسكرية بحرية وجوية وبرية.

كما تقضي الاتفاقية ببناء تركيا سفنًا عسكرية وبيعها للصومال، وسيكون للقوات البحرية التركية الحق الكامل في استخدام الموانئ البحرية الصومالية الحالية، وإنشاء موانئ وقواعد عسكرية بحرية جديدة، فضلًا عن إنشاء قواعد عسكرية تركية وأخرى مشتركة في مقديشو التي ستتكفل بفتح أجوائها للاستخدام المدني والعسكري التركي.

رابعاً: التحديات المستقبلية للتحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي:

لايزال يشكل الإرهاب والتمرد وعدم الاستقرار الساسي أحد المعوقات الرئيسية في منطقة القرن الإفريقي وهو مايلقي على الدولة المصرية ضرورة التحرك مع تلك الحكومات لتعزيز الاستقرار الأمني والسياسي بما يضمن تحقيق الاستقرار التنموي والاقتصادي.

كما أن مواجهة نفوذ القوى الطامعة لتقويض النفوذ المصري يبقى تحديًا مستقبلياً هاماً خاصة وأن بعضها سيهدد الأمن القومي المصري خاصة بعد وجود أنباء عن احتمالية تأسيس تحالف  بين إسرائيل وأرض الصومال وهو ما كشف عنه موقع “ميدل إيست مونيتور” في الخامس عشر من أكتوبر 2024، بأن هناك نوايا إسرائيلية لإنشاء قاعدة عسكرية في إقليم أرض الصومال، ورداً على التهديد الإيراني للمصالح الإسرائيلية من خلال المواجهات غير المباشرة مع الحوثيين بعد عملية طوفان الأقصى.

ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل تدعم  الصفقةالاثيوبية مع أرض الصومال، وهو ما اتضح من خلال تصريح سفير إثيوبيا لدى إسرائيل يناير 2024، فقد أوضح أن المسئولين الإسرائيليين أظهروا لفتة إيجابية لتطلع إثيوبيا للوصول المباشر إلى البحر الأحمر وخليج عدن، كما أشار السفير الإثيوبي لدى إسرائيل أن الحكومة الإسرائيلية تتوقع حصول إثيوبيا على قاعدة عسكرية كخطوة جيدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة المضطربة ولا تعارض صفقة الميناء التي أبرمتها الأخيرة مع أرض الصومال.

ومما لاشك فيه أنه هذا التقارب من شأنه أن يؤدي إلى تزايد الهجمات الإرهابية من جانب حركة الشباب الإرهابية، التي سترفض الوجود الإسرائيلي، وستعمل على حشد وتعبئة المزيد من المقاتلين لشن هجمات إرهابية من خلال استغلال مشاعر العداء تجاه إثيوبيا. وهناك احتمالية في أن تستفيد حركة الشباب من الاتفاق لحشد وتجنيد المزيد من المقاتلين، لشن “حرب دينية” ضد إسرائيل، وهو ما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة. علاوة على ذلك، هناك توقعات بأن تتحالف حركة الشباب الصومالية مع جماعة الحوثيين، وأن يكون هناك تنسيق في المجالات الأمنية والاستخباراتية، لتهديد المصالح الإسرائيلية في المنطقة، إلى جانب توسيع عملياتهم البحرية ضد خطوط الملاحة الدولية، وهو ما يُشكل تهديدًا للأمن البحري والتجارة الدولية.

 

المراجع

• قمة مصر والصومال وإريتريا تدعم السلم والأمن في إفريقيا. جريدة الدستور.   https://www.dostor.org

• التبادل التجاري بين مصر والصومال ينمو إلى 88% في الربع الأول من عام 2024- المصري اليوم     https://www.almasryalyoum.com

• مصر توسع تعاونها السياسي والعسكري مع الصومال: التركيز على الأمن البحري ومكافحة الإرهاب- العين    https://www.al-ain.com

• زيارة السيسي إلى الصومال وإريتريا تعزز دور مصر في تأمين الطرق البحرية- العين الإخبارية https://www.al-ain.com

• التدخل العسكري المصري في القرن الإفريقي وأثره على  استقرار المنطقة- العربية   https://www.alarabiya.net

• مصر وإريتريا والصومال تحالف ضد الأطماع- العربيةhttps://www.alarabiya.net

• دور مصر في الصومال بعد الصراع…إعادة بناء والتعاون البحري- جريدة الدستور  https://www.dostor.org

• نتائج القمة الثلاثية بين مصر والصومال وإريتريا: تحديات الأمن الإقليمي وتعزيز الأمن البحري- جريدة الدستور  https://www.dostor.org

• المبادرة المصرية لتعزيز اللوجيستيات والتجارة مع الصومال- ودعم الاستثمار بين الجانبين- جريدة  الدستور   https://www.dostor.org

• Al-Sharq Al-Awsat. (2024). كيف يؤثر التعاون المصري – الصومالي – الإريتري في توازن القوى بـ«القرن الأفريقي»؟ جريدة الشرق الأوسط  https://aawsat.com

• تاريخ العلاقات العسكرية الاستراتيجية بين مصر والصومال- منتدى دراية للأبحاث والدرساسات الاستراتيجية    https://www.daraya.net

• Abdel-Wahed, M. (2024). اتفاقية الدفاع المشترك مع الصومال.. تعزيز لنفوذ مصر في القرن الأفريقي لحماية الأمن القومي ومواجهة “الأطماع”. وكالة أنباء العالم العربي.   https://awp.net

• التحركات المصرية في القرن الأفريقي- مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية

 https://sanaacenter.org/ar/the-yemen-review/july-sept-/23638

 

 

The post التحركات المصرية في منطقة القرن الإفريقي….. سبل التعاون ومواجهة التحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8299
انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم https://draya-eg.org/2024/10/08/%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a3%d9%83%d8%aa%d9%88%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%84%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d9%85/ Mon, 07 Oct 2024 22:06:01 +0000 https://draya-eg.org/?p=8272 بقلم/د. صلاح هاشم  على مدار تاريخ مصر الحديث ستظل حرب أكتوبر أيقونة للتفوق بكل معانيه.. فهي ليست معركة عابرة على متن صفحات التاريخ المطوية، وإنما هى انتصار للكرامة الإنسانية، وكسر لغطرسة جيش كان يرى أنه جيش الله المختار. كما يرى أصحابه بأنهم شعب الله وأحباءه وأبناءه .. فانتصار أكتوبر 1973 هو انتصار للحق والفضيلة، ورسالة …

The post انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بقلم/د. صلاح هاشم 

على مدار تاريخ مصر الحديث ستظل حرب أكتوبر أيقونة للتفوق بكل معانيه.. فهي ليست معركة عابرة على متن صفحات التاريخ المطوية، وإنما هى انتصار للكرامة الإنسانية، وكسر لغطرسة جيش كان يرى أنه جيش الله المختار. كما يرى أصحابه بأنهم شعب الله وأحباءه وأبناءه .. فانتصار أكتوبر 1973 هو انتصار للحق والفضيلة، ورسالة قوية لكل من تسول له نفسه المساس بأرض مصر أو هويتها ..
لم تحارب مصر في 6 أكتوبر جيش بني صهيون وحده وإنما كانت تحارب قوة دولية غاشمة؛ تساند جيش الاحتلال بالعدة والعتاد، وتمثل سنداً قوياً وظهراً يحول دون هزيمته أو انكساره، لكن كانت مصر وحدها تحارب وخلفها قوة الحق والإرادة والايمان والصبر ، فانتصر الحق على الباطل ولَّقن جيش مصر الخالد إسرائيل ومن خلفها درساً قوياً لا يمكن بحال تزييفه أو نسيانه ..
وكان وسوف يظل انتصار أكتوبر غصة في صدر إسرائيل يعزز دائماً رغبتها في الانتقام.. إذ عطل انتصار أكتوبر مخطط إسرائيل في التمدد في المنطقة وإعلان دولتها المزعومة من النيل إلى الفرات.. واحد وخمسون عام مضت ولا تزال إسرائيل تحلم بلحظة الانتقام، وفى كل مرة تسعى فيها لتحقيق الحلم تتذكر مرارة الهزيمة وتجد جيش مصر يقظاً واعياً لمخططها ومستعد دائماً للمواجهة .. وكما فعلها الجيش المصري مرة؛ فإنه مستعد وقادر على فعلها ألف مرة .. وأن عقيدته القتالية التي تنطلق من إيمانه الراسخ بأنه جيش غير طامع ولا معتد وأنه لا يقاتل أبداً على باطل ..
ومن ثم فإننا أمام جندي مؤمن بأن الموت دفاعاً عن الوطن حياة خالدة .. كما إننا امام قيادة عسكرية واعيةـ ترى أن إسرائيل جزء من التاريخ ولكن لا وجود لها في الجغرافيا.
لقد خاضت اسرائيل منذ نشأتها عام 1948عديد من المعارك القتالية غير المنظمة التي تتسم بالبلطجة العسكرية وتزييف الحقائق والانتصارات، حتى تزييف أسباب المعركة نفسها والتي هي في مجملها أشبه بحرب العصابات وليس حروب الجيوش الرصينة التي تنطلق من مبادئ عسكرية راسخة .. ورغم انتصار إسرائيل في كل أو معظم معاركها في المنطقة إلا أن حرب أكتوبر تظل هي المعركة الوحيدة التي خسرتها إسرائيل؛ فأفقدتها توازنها في ست ساعات فقط، وألزمت جيشها المغرور ثكناته ..
لقد أدركت إسرائيل من خلال حرب أكتوبر وما بعدها أنها أمام جيش خلفه شعب مؤمن بحقه في القتال. وأن الجيش لن يقاتل بمعزل عن الشعب، وأن كل فرد من أفراد الشعب مسلح بالعقيدة العسكرية والوعي، ولديه الجاهزية الكاملة للانضمام للجيش والقتال في سبيل الوطن، حين يشعر الوطن بالخطر .. وأنه حين يدعوه الوطن إلى التجنيد يعتبر أن تلبية النداء واجب، وأن الموت في سبيل الوطن شرف، شرف يتخطى حدود الزمان والمكان ..
فأكثر ما كان يرعب إسرائيل هو اصطفاف الشعب خلف الجيش وخلف قيادته السياسية .. ورغم محاولات إسرائيل بكافة أجهزتها الاستخبارية أن تزعزع جسور الثقة بين الشعب والجيش، وتصنع لنفسها مساحة بينهما؛ إلا انها فشلت.
فقد جاءت احداث 25 يناير شاهدة على صدق العقيدة ووحدة الصف ..حيث استقبل المتظاهرون نزول الجيش إلى الشارع بالتكبير والتهليل والاصطفاف من أجل استعادة الاستقرار الذى استهدفته إسرائيل وحلفائها وهددته هتافات الثوار في الميادين .. وحافظت عليه عقيدة الجيش الثابتة. فكانت الشعارات في الميادين الساخنة ” الجيش والشعب إيد واحدة ” .
وجاءت ثورة 30. يونيو 2013 لتكون بمثابة معركة جديدة للوعى وللكرامة الإنسانية والانتصار للوطن وللاستقرار والتنمية .. وكانت رسالة قوية لإسرائيل ومن ولاها ..بأنها أمام جيش خلفه مائة مليون مواطن .. وأننا أمام شعب خلفه جيش مؤمن بحقه في الحياة والعيش في سلام .. وأنه حين تلتقي إرادة الجيش مع إرادة الشعب يتحقق النصر ..

ويذكرنا التاريخ كل يوم أن مصر حاضرة ولا تزال وسوف تظل شامخة رغم أنف التاريخ نفسه ورغم أنف الحاقدين والمتآمرين، وأن حب أبنائها لها وانتمائهم لها ليس شعاراً براقاً وإنما عقيدة راسخة، تناقلتها الجينات المصرية الأصيلة عبر التاريخ.. فمنذ بداية التاريخ كانت مصر عبارة عن جيش خلق الله له شعب .. دربته الأحداث والمطامع على القتال بنزاهة وشرف، وعلمته الحياة لعسكرية شرف الدفاع عن الوطن والموت في سبيله
لم يأت عشقنا العميق لهذا الوطن وجيشه الباسل من فراغ، وإنما من محصلة البطولات التي خاضها ذلك الجيش الباسل بشجاعة وحقق النصر على أعدائه باقتدار وحافظ على مقدرات وأمن واستقرار بلاده، وكان درعاً قوياً حافظ على أمانة الوطن عبر التاريخ المليء بالمكائد والأطماع وغدر الحلفاء وخيانة الأصدقاء..
تذكرني انتصارات أكتوبر دائماً بأن مصر بلد حي في عالم ميت ،ماتت فيه كل قيم النبل والوفاء والإنسانية، وسادت فيه قيم العدوان والبطش والوضاعة باقتدار .. وقدمت حرب أكتوبر للعالم نموذجاً للفارس المقاتل النبيل الذي يواجه أعداءه بكل حسم دون الاقتراب من الأطفال والنساء والشيوخ، ودون استهداف لحياة المدنيين وسبل معيشتهم، فاستهدافه دائماً كان لمنشآت العدو العسكرية كي تهزم قدرته على الاستمرار في القتال والمقاومة وتفل عزيمته في مواصلة عمليات الاحتلال ..
فلم يذكر التاريخ الدولي أن الجيش المصري ارتكب جريمة إنسانية واحدة بحق المدنيين في إسرائيل أثناء حرب أكتوبر، بعكس جيش الاحتلال الذى ارتكب مجازر إنسانية عديدة، كان أهمها مجزرة مدرسة بحر البقر الابتدائية شمال محافظة الشرقية عام 1970والتي راح ضحيتها أكثر من 19طفل، كان لا يزال يتلمس الخطوات الأولى للحياة. وأصيب قي المجزرة أكثر من 50 طفل أخرين.
لقد كانت حرب أكتوبر بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل، حسب وصف قادة جيش الاحتلال للمعركة . حيث أكدوا: ” أن ما حدث في 6 أكتوبر 73 قد أزال الغبار عن العيون وأظهر ما لم نكن نراه من قبل. وأدى ذلك إلى تغيير عاصف في عقلية قيادات الجيش الإسرائيلي. وأن حرب أكتوبر فجأتنا على نحو لم نكن نتوقعه، ولم تحذرنا أي حكومة أجنبية بوجود خطط محددة لأي هجوم عربي”.
لقد ألهمت انتصارات أكتوبر روح الفداء والتضحية لكل المصريين، وساهمت بشكل منقطع النظير في تشكيل الوجدان الوطني لجموع الشباب المصري ..فظلت أيام أكتوبر الحاسمة خالدة في الذاكرة ، تنبئنا كل يوم بأن هناك في الجبهة جنود لا تنام عن حماية الوطن ولا تكف عن تتبع أهداف العدو الاستعمارية النتنة .. جنود يحملون أعناقهم على أكفهم من أجل أن ينام شعبهم الخالد في سلام .. فلم يعد الجيش المصري مخصص فقط لحماية مصر وحدها ، فقد اثبتت الأيام السوداء التي تشهدها المنطقة العربية بفعل العدوان الإسرائيلي الغاشم في هذه الآونة، و التي جعلتنا نشعر بأننا نعيش حروب بلا نهاية وسلام بلا هدنة، أن الجيش المصري أصبح مسئولاً عن حماية اقليم بأكمله. وأن الهوية في عقيدته كالأرض والعرض لا يمكن المساس بها . وأن المسافة بينه وبين أي بلد عربي في خطر ” مسافة السكة ” .
لقد علمنا درس أكتوبر أن الجيش الذي خلفه شعب يدعمه لا يُقهر أبداً ، وأن الوطن الذي خلفه جيش مؤمن بقضيته لا يموت. فمصر هي أرض الثورة التي لا تهدأ، والنيل الذي لا يجف، هي سفينة نوح للعروبة، على أرضها مشى موسى مع الخضر، وفي قلبها كانت رحلة العائلة المقدسة .. وبيدها مفتاح الحياة ..
فتحية لهذا الجيش الباسل في ذكرى انتصاراته الخالدة، تحية وفاء وتقدير واحترام ..وتحية للشعب المصري الواعي المدرك دائماً لخطورة الحدث وأهمية الحفاظ على جيشه والاصطفاف خلف قيادته السياسية من أجل وطن يستحق الحياة كما يستحق التنمية ويستحق أن يعيش أهله في سلام ..

The post انتصارات أكتوبر الملهمة والطريق إلى دولة القيم appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8272
الاقتصاد المصري: الأزمة وسياسات الإصلاح https://draya-eg.org/2024/10/06/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad/ Sat, 05 Oct 2024 22:58:46 +0000 https://draya-eg.org/?p=8254 مقدمة: تتميز مصر بتنوع مواردها الاقتصادية؛ إلا أن تلك الموارد تحتاج للإدارة الصحيحة حتى يشعر المواطن بأية تحسنات في المؤشرات الاقتصادية للبلاد. وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة للعديد من الاجراءات لإدخال تعديلات هيكلية على الاقتصاد منذ الثمانينيات، إلا أن البرنامج الراهن والذي أطلقته الحكومة منذ العام 2016 قد واجه عديد من التحديات بدأت بتفشي جائحة …

The post الاقتصاد المصري: الأزمة وسياسات الإصلاح appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
مقدمة:

تتميز مصر بتنوع مواردها الاقتصادية؛ إلا أن تلك الموارد تحتاج للإدارة الصحيحة حتى يشعر المواطن بأية تحسنات في المؤشرات الاقتصادية للبلاد. وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة للعديد من الاجراءات لإدخال تعديلات هيكلية على الاقتصاد منذ الثمانينيات، إلا أن البرنامج الراهن والذي أطلقته الحكومة منذ العام 2016 قد واجه عديد من التحديات بدأت بتفشي جائحة كورونا وأعقبها الحرب الروسية الأوكرانية والحرب على غزة وعدم الاستقرار في المنطقة، لتنعكس كلها على الوضع الحالي للاقتصاد المصري.

إلا أنه من الجدير بالذكر القول بأن الخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية منذ العام 2016 قد ساهمت في تخفيف نتائج تلك الصدمات؛ وتمثلت  تلك الخطوات بشكل أساسي في تعزيز آليات السوق المبنية على قوى العرض والطلب، ومعالجة المشكلات والاختلالات الهيكلية المزمنة، فضلاً عن معالجة السوق الموازية لسعر الصرف وإتاحة سعر صرف مرن وماصاحب ذلك من اصلاحات في السياسة المالية والنقدية، ناهيك عن إصلاح المنظومة الضريبية ومنظومة الدعم، والحد من مشاركة الدولة في الأنشطة التجارية.

وفي هذا السياق؛ يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تتناول بالتحليل الوضع الراهن للاقتصاد المصري وأثر الأزمات المتعاقبة عليه، مع عرض بعض التطورات الايجابية والخطوات المستقبلية المزمع تنفيذها من قبل الحكومة المصرية.

وخرجت الورقة بمجموعة من التوصيات التي يمكن وضعها أمام صانع القرار لتصحيح المسار ومعالجة الإخفاقات الداخلية أهمها:

  • أهمية الاستمرار في تعزيز التنويع الاقتصادي بعيدًا عن القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز نحو القطاعات ذات إمكانات النمو الأعلى، بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة المتجددة، ومن شأن هذه الاستراتيجية تقليل التعرض للصدمات الخارجية وإنشاء مسارات نمو أكثر استدامة.
  • استمرار البنك المركزي المصري في تنفيذ سياساته النقدية الاستباقية لإدارة التضخم بشكل فعال، بجانب تكثيف إصلاحات القطاع المالي لتعزيز مرونة القطاع المصرفي وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية للشركات والأفراد.
  • أهمية التواصل الفعال من البنك المركزي المصري والهيئات الحكومية الأخرى لإدارة التوقعات العامة وثقة الأعمال خلال هذه الفترة الانتقالية.
  • دراسة الأثر التطبيقي لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الهادف لدمج الاقتصاد غير الرسمي، وبما يسهم في زيادة الإيرادات الضريبية.
  • مواصلة الجهود لترشيد الإنفاق الحكومي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتنفيذ آليات أكثر فعالية لتحصيل الضرائب.

أولاً – ماهية برامج الاصلاح الاقتصادي:

عادة مايشير مصطلح الاصلاح الاقتصادي إلى إلغاء القيود التنظيمية أو تقليل التواجد الحكومي في الاقتصاد بهدف محاولة معالجة التشوهات الناجمة عن ذلك، بدلاً من الاستمرار في فرض قيود تنظيمية جديدة أو صياغة برامج حكومية، وعليه فالإصلاح الاقتصادي يتضمن عدد من السياسات الهادفة إلى تحسين الكفاءة الاقتصادية سواءً تلك الموجودة في القطاعات الفردية أو حتى القطاع العام المملوك للدولة. ومن أمثلة تلك البرامج :البرامج الخاصة الصادرة عن المؤسسات المالية، والخصخصة، والتسويق، والتوطين، والتأميم، وإلغاء القيود التنظيمية.

ومن أشهر أنواع برامج الاصلاح الاقتصادي:

استراتيجية التمكين الاقتصادي والتنمية الوطنية: من خلال تعبئة المواد المالية للدولة والعمل على تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي وتأسيس حكم ديمقراطي والعمل على تحقيق التقدم الاجتماعي والاقتصادي.

برنامج الاصلاح الهيكلي: وهو  عبارة عن سياسات اقتصادية تصوغها المؤسسات الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي للدول النامية من خلال تقديم قروض مشروطة لتبني هذه السياسات وهو نظام متبع منذ أوائل الثمانينيات.

* برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري(عرض عام):

الواقع أن الدولة المصرية قد أطلقت عديد من المراحل لبرنامج الاصلاح الاقتصادي والتي بدأت في السبعينيات ولكنها لم تستمر، إلا أن البدء الفعلي في اتخاذ خطوات ملموسة بدأت خلال الفترة من 1986-1988 حيث هدفت إلى تهيئة المجتمع المصري لتقبل سياسة الاصلاح  الاقتصادي؛ وذلك لما لها من آثار إيجابية وأخرى سلبية؛ نظرا لأنها سوف تواجه كثير من العقبات والمشاكل وهو ما أوضحته تجارب بعض الدول، حيث مثلت تلك المرحلة إعداد البنية الأساسية اللازمة للنهوض الاقتصادي، وتوفير المناخ الملائم لتقبل المرحلتين التاليتين وتحقيق المصداقية الدولية.

المرحلة الثانية بدأت في الفترة من 1989-1993 كمرحلة للاستقرار والتثبيت الاقتصادي وتضمنت اتخاذ مجموعة من السياسات النقدية والمالية التي ترسم طريق الإصلاح الاقتصادي لجانب الطلب، كما تشمل القليل من الإصلاحات الهيكلية، كما تضمنت تحرير سعر الفائدة، وتحرير سعر الصرف، ومعالجة عجز الموازنة العامة، وإلغاء الدعم على السلع غير الأساسية، وغيرها من السياسات؛ وكان الهدف من هذه المرحلة هو تكميش الطلب،ً وبالتالي تعتبر تمهيداً للمرحلة الثالثة.

المرحلةالثالثة : مرحلة التصحيح الهيكلي الشامل من 1993 ولم تنتهي حتى اليوم: وتعتبر أطول أمداً من المرحلة الثانية ويشتمل الجزء الأكبر منها علىإصلاحات هيكلية متعلقة بجانب العرض من كما تضمنت عدداً من الإصلاحات المالية والنقدية وتهدف إلى زيادة العرض. كما أن الهدف الأساسي من استخدام مجموعة الأدوات والسياسات النقدية فى برنامج الإصلاح، هو جعل قوى السوق هي المتحكم الأساسي فى توزيع القروض وتعبئة المدخرات وإدارة السياسة النقدية.

وعادةً ماتكون السياسات النقدية المتخذة في البرنامج الاصلاحي انكماشية حيث يحاول البنك المركزي ضبط السيولة المحلية من خلال:( تحرير سعر الفائدة، فرض سقوف إئتمانية،إصدار أذون خزانة، توحيد وتحرير سعر الصرف،الحفاظ على النسبة الآمنة للاحتياطي النقدي والسيولة،الإصلاح المصرفي).

في حين يهدف الاصلاح المالي إلى زيادة الإيرادات العامة وترشيد الإنفاق العام للسيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة وأهم تلك الإجراءات:(الضريبة العامة على المبيعات، ترشيد الدعم، الضريبة الموحدة، تعديل التعريفة الجمركية).

في حين تتضمن الاصلاحات الهيكلية( تحرير الأسعار، تحرير القطاع العام).

برنامج الإصلاح الاقتصادي ورؤية مصر 2030:

منذ العام 2016 أطلقت الحكومة المصرية برنامجاً طموحاً للإصلاح الاقتصادي الهيكلي بتمويل من صندوق النقد الدولي قدرة 12 مليار دولار حصلت على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 2.75 مليار دولار، فى شهر نوفمبر 2016، وتلقت الشريحة الثانية بقيمة 1.25 مليار دولار فى شهر يوليو 2017، وحصلت على الشريحة الـ3 بقيمة 2 مليار دولار فى شهر ديسمبر 2017، وتلقت الشريحة الـ4 بقيمة 2 مليار دولار فى يونيو 2018، وحصلت على الشريحة الـ5 فى شهر فبراير 2019، ومن المتوقع أن تحصل على الشريحة الـ6 والأخيرة في شهر يوليو 2019، وبذلك يكتمل الـ12 مليار دولار قيمة التمويل لمصر حصلت عليه خلال 3 سنوات. يُذكر أن أول قسط من قرض صندوق النقد الدولى بقيمة 2.75 مليار دولار، للمؤسسة الدولية سوف يبدأ سداده خلال شهر يونيو 2021 وعلى أن يسدد على أقساط متساوية لمدة 5 سنوات ونصف، و تمتد فترة السماح للسداد إلى 4 سنوات ونصف، يعقبها سداد قيمة الشريحة على دفعات نصف سنوية وعلى مدار 5 سنوات ونصف تنتهى فى شهر نوفمبر 2026. ومن المقرر سداد الشريحة الأخيرة بقيمة 2 مليار دولار، التي حصلت عليها مصر في شهر يوليو 2019، في شهر ديسمبر 2023، ويتم السداد على دفعات نصف سنوية قيمة كل دفعة نحو 182 مليون دولار وبالتالي من المقرر أن تنتهي مصر من سداد قيمة الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي بحلول شهر يوليو 2029.

وقد تضمن برنامج الاصلاح الاقتصادي الهيكلي إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق معدلات نمو متسارعة ومستدامة، وتحقيق التنمية الشاملة لمصر حيث وضع هذا البرنامج حلولاً جذرية لمشكلات اقتصادية هيكلية كان يعاني منها الاقتصاد المصري لسنوات طويلة. ويأتي تنفيذ محاور هذا البرنامج في إطار رؤية مصر 2030 والتي تعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة لتحقيق مبادئ​ وأهداف التنمية المستدامة في كل المجالات، وتوطينها بأجهزة الدولة المصرية المختلفة، والتي تهدف إلى الارتقاء بجودة وحياة المواطن المصري وتحسين مستوى المعيشة، وترسيخ مبادئ العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة في الحياة السياسة والاجتماعية بجانب تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز الاستثمار في البشر والعمل على بناء قدراتهم الابداعية من خلال المعرفة والابتكار والبحث العلمي في كافة المجالات؛ فضلاً عن تعزيز مفهوم الحوكمة داخل المؤسسات المصرية من خلال نظام الاصلاح الاداري وترسيخ الشفافية ودعم نظم المتابعة والتقييم وتمكين الادارات المحلية؛ وتأتي كل هذه الأهداف في إطار ضمان السلام والأمن المصري وتعزيز الريادة المصري إقليماً ودولياً.

ويقوم البرنامج على مرحلتين:الأولى من العام 2016 حتى إبريل من العام 2021 بحيث تتضمن هذه المرحلة إجراء إصلاحات مالية ونقدية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في مؤشرات الاقتصاد الكلي  من خلال: ( تحرير سعر الصرف بهدف القضاء على السوق السوداء وإنهاء حالة الاضطراب في سوق العملة ، إصلاح منظومة العمل من أجل الوصول بمعدلات التضخم لمستويات منخفضة ومستقرة).

ويستهدف الثاني الخاص تنفيذ الاصلاحات الهيكلية في بيئة الاستثمار فيتم ذلك من خلال:( تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي وتهيئة المناخ العام للاستثمار ، تكوين قاعدة إنتاجية كبيرة، زيادة القدرة للقطاعات الصناعية بهدف المنافسة والتصدير، العمل على خفض الواردات وزيادة الصادرات، إصدار القوانين الداعمة لمناخ الاستثمار، إنشاء جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر).

ويستهدف  الهدف الثالث تبني برامج اجتماعية تتميز بالكفاءة لحماية الفقراء ومحدودي الدخل فيتم ذلك عبر           ( تخفيف الأعباء الضريبية على الفئات الأقل دخلاً، توفير فرص  العمل في القطاع الخاص بهدف تحقيق النمو الاحتوائي، زيادة قيمة الدعم النقدي على السلع الغذائية بأكثر من الضعف، التوسع في معاشات التضامنالاجتماعي ورفع المزايا التقاعدية، ، تطبيق برامج موجهة إلى الشباب بالتحديد تشمل إتاحة المزيد من فرص التدريب المهني).

وقد أطلقت الدولة المصرية المرحلة الثانية من برنامج الاصلاح الاقتصادي التي تخص الاصلاحات الهيكلية في إبريل 2021 وتمتد على مدار 3 سنوات كمرحلة لاحقة للمرحلة الأولى التي استهدفت معالجة الاختلالات النقدية والمالية؛ وتهدف الحكومة المصرية خلال المرحلة الثانية إلى تحقيق:( زيادة مرونة الاقتصاد المصري بالاعتماد على القطاعات المختلفة، زيادة قدرة الاقتصاد المصري لامتصاص الصدمات الداخلية والخارجية، تحويل مسار الاقتصاد المصري الى اقتصاد إنتاجي يتمتع بمزايا تنافسية).

شروط صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي :

تتمثل شروط صندوق النقد الدولي فى العناصر التالية:

  • إتباع سياسة مالية تعمل على تخفيض العجز في الموازنة من خلال ضغط الإنفاق العام مع زيادة كفاءته وإلغاء الدعم مع العمل على زيادة الإيرادات عن طريق رفع أسعار منتجات شركات قطاع الأعمال العام والخدمات الحكومية والطاقة وكذلك العمل على زيادة الحصيلة الضريبية.
  • تخفيض سعر صرف العملة المحلية لتكون أكثر واقعية بهدف تشجيع زيادة الصادرات والحد من الواردات.
  • وضع سقوف ائتمانية بهدف التحكم فى المعروض النقدي والحد من الطلب الكلي وكذلك زيادة معدلات الفائدة المحلية لامتصاص السيولة لدى الأفراد.
  • تحرير التجارة الخارجية من القيود الكمية.
  • تحرير الأسعار المحلية حتى يتم تخصيص الموارد على أساس التكلفة الحقيقية لعناصر الإنتاج.
  • تشجيع الاستثمارات الأجنبية من خلال التوسع في الحوافز الضريبية والحماية من المصادرة أو التأميم والسماح بتحويل أرباح الاستثمارات الأجنبية للخارج.
  • صياغة سياسات لسوق العمل لتقييد الأجور الحقيقية وزيادة مرونة الأجور وأسواق العمل.

 

ثانيا-الوضع الراهن للاقتصاد المصري:الأزمات– الفرص – التحديات

الواقع أن الاقتصاد المصري يواجه منذ اندلاع ثورات الربيع العربي عام 2011 أزمات متتالية أثرت على النمو الاقتصادي وعجلة التنمية والاستثمار، ورغم محاولات الحكومة المستمرة للخروج من هذه الأزمات وعبر التعاون مع المؤسسات الاقتصادية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين فضلاً عن الشركاء الدوليين؛ إلا أن التطورات الجيوسياسية المستمرة لازالت تقف عائقاً كبيراً أمام مسيرة الإصلاح الاقتصادي وأهداف التنمية المستدامة 2030.  تلك الأزمات التي زادت وتيرتها مع توقف للأنشطة الاقتصادية ليس فقط على مستوى الدولة المصرية بل أضرت بالعالم بأسره نتيجة قيود الإغلاق للتقليل من آثار جائحة كورونا التي عصفت بالعالم عام 2019 ، متسببة في تراجع النمو العالمي وتوقف سلاسل الإمداد والتوريد فضلاً عن انخفاض الإنتاج الصناعي، ومع البدء في التعافي الاقتصادي مع انتهاء الجائحة أو السيطرة عليها عام 2022، لم يلبث العالم إلا أن استيقظ على الحرب الروسية/ الأوكرانية وماصاحبها من معدلات مرتفعة للتضخم وارتفاع في فاتورة الاستيراد منذ العام 2022 حتى اليوم؛ ليغدو العالم أمام أزمة أخرى بعد السابع من أكتوبر 2023 والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والمستمر حتى اليوم؛ بل والممتد للعديد من دول المنطقة وذلك في أعقاب العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية .

هذه التحديات الجيوسياسية والاقتصادي العالمية أثرت بدورها على الاقتصاد المصري وانعكست في مؤشراته كما يلي:

* تسببت جائحة كورونا في التوقف شبه التام للسياحة الوافدة للبلاد وهو ماأضر بالعملة الصعبة المولدة من هذا القطاع حيث تبلغ نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الاجمالي 12% ويدر مايزيد عن 10 مليار دولار من العملة الصعبة ويقدر عدد العاملين به نحو 10% من إجمالي العمالة لمصرية.

  • تسببت الجائحة في هروب رؤوس أموال قدرت بنحو 15 مليار دولار .
  • تأثرت العديد من القطاعات بالإجراءات الاحترازية وبالاغلاق الجزئي التي فرضت على التجمعات في الأماكن العامة .
  • الواقع أن اتخاذ الحكومة العديد من الخطوات والاجراءات الاستباقية ساهم في احتواء الأزمة والتخفيف من آثارها حيث قدمت الدولة الدعم للقطاعات المتضررة والعاملين بها، وأجلت دفع المستحقات الضريبية فضلاً عن قيام البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة الأساسية وتسهيل شروط الحصول على الائتمان وتأجيل دفعات الأقساط وغيرها من الاجراءات التي ساهمت في احتواء الأزمة.
  • من الجدير بالذكر أنه خلال الأزمة ارتفعت نسب تحويلات العاملين في الخارج مما ساهم في التقليل من شدة الازمة وتعويض جزء من النقص الذي لحق بالنقد الأجنبي.

 

* تسببت الحرب الروسية /الأوكرانية في الوقف التام لأهم الإمدادات الغذائية من البلدين وتحديداً القمح والزيوت النباتية التي تمثل الواردات منهما نحو 50 و95% من جملة الواردات من السلعتين لتلبية الاحتياجات المحلية على التوالي، حيث تمثل روسيا وأواكرانيا نحو 85% من إجمالي الواردات المصرية من القمح و 73% من الزيوت النباتية ، مما دفع مصر للبحث عن أسواق بديلة وسط ارتفاع أسعار السلعتين عالمياً لنحو 44% للقمح و32% للزيوت النباتية؛  ماأدى لارتفاع فاتورة الدعم الحكومي للسلع الأساسية واضطرت الحكومة إلى تمويل مشترياتها من القمح من خلال الاقتراض الخارجي. وفي ذات الوقت ووسط حالة من عدم اليقين ضربت العالم سحبت من البنوك المصرية مايقارب 20 مليار دولار مما أثر على الاحتياطي الاستراتيجي من العملة الصعبة وأصبح يكفي فقط 3 شهور من الاستيراد مقارنة بنحو 6.8 شهور خلال العام 2022، مما دفع الدول الخليجية لإيداع نحو 13 مليار دولار في البنك المركزي المصري لمواجهة الضغوط على العملة الصعبة ودعم استقرار الجنيه.

* فيما تسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في تراجع إيرادات مصر الناجمة عن إعادة تصدير الغاز الإسرائيلي ، فضلا عن اتجاه الحكومة إلى تخفيض الاستهلاك المحلي للغاز نتيجة وقف اسرائيل الانتاج من حقل تمار، كما تراجعت السياحة الوافدة إلى سيناء، وسط خسائر كبير في عوائد قناة السويس نتيجة لاضطرابات الملاحة في مضيق باب المندب مما تسبب في خسارة القناة نحو 40% من إيراداتها خلال يناير 2024 وهو ماتسبب في المزيد من الاختلالات في الميزان الجاري وميزان المدفوعات.

ومع ذلك فالإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية مكنتها من الصمود أمام هذه التحديات بل وتحقيق معدلات نمو مرتفعة حيث كانت مصر من بين أعلى 25 دولة في العالم تحقيقاً للنمو الاقتصادي بمتوسط بلغ نحو 4.4 % في الوقت الذي حققت فيه دول المنطقة معدلات نمو تراوحت مابين 2.3 و3% كما أن مصر تمكنت من الحفاظ على معدلات نمو ايجابية رغم الانكماش الاقتصادي الذي عصف بدول العالم.

إلا أنه لايمكن النظر لمعدلات النمو المرتفعة على أنه لاتوجد مشكلة، خاصة وأن تلك المعدلات الايجابية لم تنعكس على معيشة المواطن المصري بل بالعكس ورغم كل المشاريع الضخمة والتنموية التي تقوم بها الدولة إلا أن الاقتصاد يعاني من أزمة خانقة تمثلت بالأساس في نقص النقد الأجنبي الأمر الذي أثر بدوره على جوانب الحياة المختلفة للمواطن المصري.

تراجع المعروض من النقد الأجنبي و ارتفاع الدين الخارجي:

الواقع أن أزمة نقص النقد الأجنبي كانت دافعاً لتعرض بعض المشاريع الإنشائية الكبرى للانتقادات؛ فرغم ماشهدته الدولة من نمو قطاع الانشاءات والبنية التحتية اللازمة لجذب الاستثمارات ولدفع عجلة التنمية الاقتصادية إلا أن بعضها كمشروع العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة قد تعرضت لكثير من الانتقادات المتعلقة بمدى جدواها والعائد المرجو منها اقتصادياً واجتماعياً، فضلاً عن التكاليف المالية التي تحملتها خزانة الدولة لإنشائها  خاصة وأن الخلافات الفنية والمالية العديدة بين الحكومة المصرية والصناديق الاستثمارية الإقليمية والعالمية حالت إلى إيلاء المشروع لشركة العاصمة الإدارية الجديدة للتنمية الحضارية لتنفيذ هذه المهمة بملكية 51% للجيش  و 49.5% لوزارة الاسكان،  وبالفعل عمدت الحكومة إلى تلبية الاحتياجات التمويلية الضخمة للمشروع إما من خلال تخصيصات مباشرة من الموازنة العامة وبيع أراضي تملكها الدولة وتقديم ضمانات حكومية مقابل الحصول على القروض التمويلية، لتصل التكلفة التمويلية بداية العام 2021 للعاصمة و20 مدينة أخرى أطلق عليها “المدن الذكية” نحو 44.8 مليار دولار. مع الاشارة إلى أن هذه المشاريع لاتدر عوائد اقتصادية واجتماعية ملموسة بعد انتهاء مرحلة التنفيذ (التي تعتمد على عمالة منخفضة المهارة ذات أجور منخفضة) . وعليه فهناك فئة كبيرة من الخبراء والمحللين يرون أن تلك المشروعات ليست ذات أولوية تنموية وهناك شكوك تتعلق بقدرتها على احتواء الاكتظاظ السكاني وسط ارتفاع أسعار العقارات بها، ويخشى أن تتحول في نهاية المطاف لعاصمة معاصرة للأثرياء وتكون العاصمة القديمة التاريخية للفقراء، وهو مايعني بعد اجتماعي آخر ومشكلة أخرى تكمن في الشعور بعدم المساواة بين أفراد المجتمع .

والواقع أن المشكلة لن تقتصر على مدى الجدوى الاقتصادية لبعض المشاريع بل إن الأزمة أعمق من ذلك بكثير، وهو مايفضي لأهمية تناول أساس الأزمة الاقتصادية الراهنة والمرتبطة بالأساس بعلاقات مصر الاقتصادية والمالية بالعالم الخارجي والتي تعمقت مع حاجة الحكومة المصرية لأدوات تمويل جديدة للمشاريع التنموية العملاقة؛ والتي تسببت في تزايد الانفاق العام الذي لم يقتصر فقط على الانفاق الرأسمالي، وإنما تزامن مع ضخامة الانفاق على مجالات أخرى أهمها التسليح العسكري الذي ارتفع تلبيةً للتهديدات المحيطة بالدولة المصرية في الفترة من 2016-2020 إلى 137% لتكون مصر ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم .

هذا التوسع في الانفاق الحكومي تسبب في تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة وارتفاع في معدلات الدين الداخلي والخارجي فخلال السنوات المالية من 2014-2021 ارتفعت نسبة عجز الموازنة العامة للدولة لتسجل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي وارتفعت المديونية العامة للدولة لتصل في عام 2022 نحو 6.5 تريليون جنيه مصري أي مايزيد بأربعة أضعاف عن العام 2014 والذي سجل نحو 1.6  تريليون جنيه في حين ارتفعت المديونية الخارجية لتسجل 165 مليار دولار عام 2022 أي بما يزيد بخمسة أضعاف عن العام 2012 والذي بلغ نحو34 مليار دولار.

والملفت هو قيام الدولة بالاعتماد على التمويل الخارجي وأدوات الدين قصيرة ومتوسطة الأجل لتمويل عجز الموارنة ، فارتفعت قيمة الأولى لتسجل 30.2 مليار دولار عام 2022 بينما ارتفعت القروض المتوسطة لنحو 21.8 مليار دولار عام 2022 .

وهذا يرتبط بوجود أزمة ثقة لدى المستثمرين عن مدى قدرة الحكومة المصرية عن الوفاء بالتزاماتها على المدى الطويل ، فضلاً عن الحاجة العاجلة والملحة للحصول عل العملة الصعبة مما دفع الحكومة للقبول بشروط المقترضين سواءً فيما يتعلق بقصر مدة القروض أو ارتفاع الفائدة عليها. هذه المخاوف لدى المستثمرين انعكست كذلك على أدوات الدين المحلي التي أصبحت تصدر بشكل أكبر أدوات قصيرة الأجل وسط تزايد معدلات التضخم وتدهورسعر الصرف لتستحوذ تلك الأدوات على مانسبته 85% من إجمالي إصدارات الدين المحلي.

الواقع أن أزمة الدين العام تمثل عائقاً لايمكن التغافل عنه للدولة المصرية ولخططها الطموحة في التنمية بل إن تزايد تلك المعدلات تتسبب في تعميق الأزمة الاقتصادية الراهنة نتيجة لاستحواذها على نسبة كبيرة من الايرادات العامة للدولة؛ ففي السنة المالية 2023 خصصت 43% من الايرادات العامة لخدمة الدين العام ومن المقرر أن تصل إلى 70% خلال العام 2024 كما أن مصر كانت أمام استحقاقات عاجلة للمقرضين الخارجيين خلال العام 2023 بلغت 31 مليار دولار كخدمة للدين الخارجي.

الواقع أن إقبال مصر الكبير على الاقتراض وبصفة خاصة من الخارج وبالعملة الصعبة هو لتلبية توسع الانفاق الحكومي الاستهلاكي والاستثماري، خاصة وسط ارتفاع فاتورة الاستيراد مما مثًل ضغطًا كبيرًا على الحساب التجاري وميزان المدفوعات، خاصة وأن ميزان الخدمات والمشتمل على تحويلات المصريين العاملين في الخارج وتدفق الاستثمارات الخارجية والسياحة لم تتمكن في التخفيف من عبء تلك الضغوطات، وهو مادفع الحكومة للتوسع في الاقتراض الخارجي أملاً في تحقيق الاستقرار للاحتياطي من النقد الأجنبي.

ارتفاع معدل التضخم:

أدت الأزمات الجيوسياسية والسياسات الحكومية المتخذة لتحرير سعر الصرف لتداعيات غير مواتية على المواطنين الذين يعيش ثلثهم تحت خط الفقر بينما يقترب الثلث الآخر منه، فشهدت الدولة موجات تضخم كبيرة أضرت بمعيشة المواطنين ، فخلال العشر سنوات الماضية بلغ التضخم ذروته عامي 2017 و2023، وهما العامان الذين تم خلالهما تحرير سعر الصرف وخفض قيمة الجنيه حيث سجلا 29.5% و33.9% على التوالي.

والواقع أنه يمكن تفسير هذه الارتفاعات نتيجة لاختلالات سعر صرف الجنيه مما تسبب في عجز مزمن في الحساب الجاري والالتزامات تجاه الديون الخارجية وبخاصة ذات الأجل القصير مما أثر في أسعار السلع المستوردة والتي تمثل نحو 45% من الحاجات الاستهلاكية للمواطنين، فضلاً عن تأثيرها كذلك على السلع المحلية خاصة وأن الصناعة المصرية تعتمد على نحو 75% من مدخلاتها من الأسواق الخارجية.

هذه الارتفاعات كانت سبباً في تحرك الحكومة لإحتواء الأزمة عبر إقرار حزمة ضخمة من المساعدات الاقتصادية بلغت نحو 180 مليار جنيه تضمنت زيادة رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص بنسبة 50% ليصل الحد الأدنى للأجور لنحو 6000 جنيهاً شهرياً، وزيادة الحد الأدنى للدخل الخاضع للضريبة لنحو 60ألف جنيهاً.

التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري :

الواقع أنه ورغم مايعانيه الاقتصاد المصري من أزمات سبق ذكرها إلا أن تنفيذ الحكومة للعديد من الاصلاحات الهيكلية كانت دافعًا للعديد من مؤسسات التصنيف الدولية لتعديل نظرتها للاقتصاد المصري؛  فقد عدلت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لمصر من «مستقرة» إلى «إيجابية». وأكدت تصنيف مصر عند «-B»، مشيرة إلى انخفاض مخاطر التمويل الخارجي وقوة الاستثمار الأجنبي المباشر.

وعدلت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لمصر إلى «إيجابية» في أوائل مارس، في حين أبقت تصنيفها دون تغيير بسبب ارتفاع نسبة الدين الحكومي وضعف القدرة على تحمل الديون مقارنة بنظيراتها.

-وتأكيداً على ثقة المؤسسات والشركاء الدوليين في الاقتصاد المصري؛وافق صندوق النقد الدولي في مارس 2024، على دعم مالي موسع لمصر بقيمة ثمانية مليارات دولار.

كما  وقع الاتحاد الأوروبي في مارس 2024 اتفاقات مع مصر تبلغ قيمتها 7.4 مليارات يورو على مدى أربعة أعوام في مجالات مختلفة تشمل قروضا ومساعدات واستثمارات في إطار “شراكة استراتيجية شاملة” بين الجانبين.

وفي فبراير 2024 وقّعت مصر عقد تطوير مشروع «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، واستثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تتضمن ضخّ نحو 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للخزانة المصرية خلال شهرين.وبموجب الاتفاق، ضخّ الجانب الإماراتي استثماراً أجنبياً مباشراً لمصر بقيمة 35 مليار دولار خلال شهرين، تم سدادهم على دفعتين؛ الأولى خلال أسبوع، بواقع 15 مليار دولار (تشمل 10 مليارات دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 5 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري).

بينما تتضمن الدفعة الثانية التي تم سدادها بعد شهرين 20 مليار دولار (تشمل 14 مليار دولار سيولة من الخارج، بالإضافة إلى التنازل عن 6 مليارات دولار من الودائع الخاصة بالإمارات لدى البنك المركزي المصري).

هذا وعلى صعيد المؤشرات الاقتصادية، فقد سجلت مصرزيادة معدلات النمو الإقتصادي إلى نحو 6.6% خلال العام المالي 2021/2022 ونحو 5% عام 2022/2023، وزيادة الإستثمارات المحلية والأجنبية حيث بلغ صافي الاستثمارات الأجنبية المتدفقة منذ العام المالي 2016/2017 حتى العام المالي 2021/2022 نحو 45.5 مليار دولار؛وزيادة نسب التشغيل، وتراجع معدلات البطالة حيث انخفضت لنحو 7.4% خلال الربع الثالث من العام 2022 ، وارتفاع صافي الاحتياطي من النقد الأجنبي لنحو 34.2 مليار دولار بنهاية يناير 2023 كما بلغ العجز الكلي في الموازنة العامة للدولة نحو6.1% عام 2021/2022، كما نجحت الدولة في القضاء على السوق الموازية لسعر الصرف مما حد من مشكلة نقص النقد الأجنبي حيث يتحدد سعر الصرف الحالي بناءً على قوى العرض والطلب. كما ساهم تنفيذ محاور هذا البرنامج في تعزيز قدرة الإقتصاد المصري.

*كما شهدت بعض القطاعات تطوراً وانتعاشاً واهتماما كبيراً من جانب الدولة المصرية في إطار خطط برنامج الاصلاح الاقتصادي وماينطوي عليه من استراتيجيات تستهدف تعزيز وتطوير البنية التحتية وتعزيز الموارد المتاحة واكتشاف ماتتمتع به مصر من موارد لم تستغل بعد ومن ذلك:

-انتعاش السياحة بشكل كبير في ضوء ماقامت به الدولة من استثمارات بكثافة في تطوير وتعزيز البنية التحتية للسياحة، وضمان سلامة وأمن السياح، والترويج لمصر كوجهة سفر رئيسية.كما عززت الاكتشافات الأثرية الأخيرة وافتتاح المتحف المصري الكبير جاذبية مصر على خريطة السياحة العالمية.

– حققت مصر تقدماً كبيرًا في مجال الطاقة، وخاصة في تطوير الطاقة المتجددة. حيث تهدف مصر إلى توليد 42 % من كهربائها من مصادر متجددة بحلول عام 2035، مما يقلل من اعتمادها على الوقود الأحفوري ويضع نفسها كقائدة في سوق الطاقة المتجددة. وعلاوة على ذلك، عزز اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط ​​آفاق الطاقة في مصر. وتضمن هذه الاحتياطيات أمن الطاقة وتوفر فرص التصدير.

-كما أدركت الحكومة المصرية الدور الحاسم للتحول الرقمي والابتكار في دفع النمو الاقتصادي،ومن هنا عمدت إلى إطلاق المبادرات مثل: إنشاء الحدائق التكنولوجية والاستثمار في البنية التحتية الرقمية ودعم الشركات الناشئة على تعزيز نظام بيئي تكنولوجي نابض بالحياة. ومن المتوقع أن يؤدي هذا الدفع الرقمي إلى خلق وظائف عالية القيمة وتعزيز الإنتاجية وجذب المستثمرين العاملين في مجال التكنولوجيا.

خطوات الحكومةالمستقبلية:

*يُذكر أن الدولة المصرية تستهدف مستقبلاً وفقاً لتصريحات المسؤولين في الموازنة الجديدة للعام المالي المقبل 2024/ 2025 تسجيل فائض أولي بنسبة 3.5 % وخفض معدل الدين إلى 88.2 % من الناتج المحلي الإجمالي، في ظل وجود سقف ملزم للدين العام، وصولاً لأقل من 80 % من الناتج المحلي بحلول يونيو 2027.

*كما تخطط الحكومة العمل على تحسين إدارة الدين وتقليل المخاطر المتعلقة بإعادة التمويل من خلال خفض عجز الموازنة، عبر تنمية موارد الدولة مع ترشيد الإنفاق والحفاظ على تحقيق فائض أولي متزايد، وتسجيل معدلات نمو مرتفعة وتوجيه نصف إيرادات برنامج الطروحات، لبدء خفض مديونية الحكومة وأعباء خدمتها، بشكل مباشر، والنزول بمعدلات زيادة مدفوعات الفوائد من خلال اتباع سياسة تنويع مصادر التمويل بين الأدوات والأسواق الداخلية والخارجية.

*خفض الاحتياجات التمويلية التي تتكون من العجز، وإطالة عمر الدين بعد تحسن أسعار الفائدة، ووضع سقف للضمانات التي تصدرها وزارة المالية، ومراقبة حجم الضمانات السيادية الصادرة، والضمانات المطلوبة، لما تشكله من التزامات محتملة على الموازنة العامة للدولة، وكذلك العمل على مراجعة كافة الضمانات المطلوبة والتفاوض على شروطها وخفض رصيد الضمانات السيادية للناتج المحلي الإجمالي ابتداءً من العام المالي المقبل؛ على نحو يسهم في تحقيق المستهدفات التنموية.

* تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، فوفقاً لوثيقة ملكية الدولة فمن المقرر أن تتخارج الدولة من 79 نشاطاً على مدار 3 سنوات في إطار خططها لتعزيز دور القطاع الخاص في اقتصاد البلاد عبر عدد من البدائل لتنفيذ سياسية ملكية الدولة المصرية للأصول العامة وتشجيع القطاع الخاص بما يشمل:

-طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة المصرية لتوسيع قاعدة الملكية بشكل كلي أو جزئي.

-عقود الشراكة مع القطاع الخاص من خلال انواع مختلفة :

  • عقود الامتيازات
  • عقود التصميم والبناء والتشغيل.
  • مشروعات البناء والتشغيل والتحويل.
  • مشروعات البناء والتمويل والتشغيل والتحويل.
  • عقود البناء والتملك والتشغيل ونقل الملكية.
  • عقود البناء والتشغيل والتملك.
  • عقود الأداء.
  • عقود الإدارة.
  • إعادة هيكلة المؤسسات العامة وخصخصتها

 

أهم التوصيات التي خرجت بها ورقة السياسات :

وخرجت الورقة بمجموعة من التوصيات التي يمكن وضعها أمام صانع القرار لتصحيح المسار ومعالجة الإخفاقات الداخلية أهمها:

  • أهمية الاستمرار في تعزيز التنويع الاقتصادي بعيدًا عن القطاعات التقليدية مثل النفط والغاز نحو القطاعات ذات إمكانات النمو الأعلى، بما في ذلك التكنولوجيا والطاقة المتجددة، ومن شأن هذه الاستراتيجية تقليل التعرض للصدمات الخارجية وإنشاء مسارات نمو أكثر استدامة.
  • استمرار البنك المركزي المصري في تنفيذ سياساته النقدية الاستباقية لإدارة التضخم بشكل فعال،بجانب تكثيف إصلاحات القطاع المالي لتعزيز مرونة القطاع المصرفي وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية للشركات والأفراد.
  • أهمية التواصل الفعال من البنك المركزي المصري والهيئات الحكومية الأخرى لإدارة التوقعات العامة وثقة الأعمال خلال هذه الفترة الانتقالية.
  • دراسة الأثر التطبيقي لقانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، الهادف لدمج الاقتصاد غير الرسمي، وبما يسهم في زيادة الإيرادات الضريبية.
  • مواصلة الجهود لترشيد الإنفاق الحكومي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتنفيذ آليات أكثر فعالية لتحصيل الضرائب.
  • فض التشابكات المالية بين الوزارات، والتي تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى تريليون جنيه (وهو ضعف العجز الكلي).
  • مراجعة موقف الهيئات الاقتصادية(59 هيئة)، حيث تحصل تلك الهيئات على دعم من الخزانة العامة للدولةبقيمة 355 مليار جنيه، وتؤول منها إلى خزانة الدولة 185 مليار جنيه تقريباً (وفق الموازنة الأخيرة)، وبالتالي من الضروري معرفة أسباب خسائر تلك الهيئات (هل هي أسباب تمويلية أو فنية أو أسباب مرتبطة بنظم الإدارة والهياكل التنظيمية؟).
  • تسريع تنفيذ الخطط الخاصة بوثيقة ملكية الدولة لإدارة تلك الأصول وخصخصة الشركات لتقليل تدخل الدولة في الاقتصاد. مما يساعد على تكافؤ الفرص أمام كيانات القطاع الخاص، بل قد يؤدي أيضًا إلى زيادة الكفاءة والابتكار في هذه القطاعات.
  • أهمية وجود السوق الفاعلة والدور الحيوي للقطاع الخاص مع الرقابة الجيدة والفعالة من جانب أجهزة ومؤسسات الدولة والتي تحقق قدرًا من التوازن بين حرية السوق وقدرة القطاع الخاص على العمل والإنتاج.
  • أهمية الاعتماد على التمويل عن طريق الاستثمار وليس القروض، من خلال العمل على سد العجز في النظام الضريبي والموارد السيادية بما يسمح بتغطية نفقات الدولة ومن ثم تجنب الاقتراض المحلي وما له من أثر تضخمي، وعدم اللجوء للاقتراض الخارجي.
  • ضرورة تعزيز شفافية العمليات والصحة المالية للمؤسسات المملوكة للدولة من خلال إنشاء أطر تنظيمية صارمة تضمن عدم تفضيل الشركات الحكومية على الشركات الخاصة.
  • أهمية إنشاء إطار تنظيمي يدعم العمليات التجارية، ويقلل من العقبات البيروقراطية، ويعزز المنافسة العادلة.
  • تعزيز الأطر القانونية والمؤسسية من خلال تطوير إطار قانوني قوي يحمي الاستثمارات وينفذ العقود. وينطوي ذلك أيضًا على تعزيز قدرة النظام القضائي على التعامل مع النزاعات التجارية بسرعة وشفافية.
  • إجراءإصلاحات تنظيمية من خلال مراجعة اللوائح الخاصة بكل قطاع لإزالة العوائق التي تحول دون دخول الشركات الخاصة وتشغيلها، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية مثل الاتصالات والطاقة والنقل.
  • تطوير القطاع المالي عبر تعزيز قدرة القطاع المالي على دعم الشركات من خلال تعزيز الوصول إلى الائتمان والمنتجات المالية المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
  • الاستثمار في التعليم والتدريب لضمان تلبية القوى العاملة للاحتياجات المتطورة للاقتصاد الحديث. ولا يتضمن ذلك تحسين جودة التعليم فحسب، بل يشمل أيضًا مواءمته بشكل أوثق مع متطلبات السوق.
  • الاستمرار في الاستثمار في البنية التحتية الحيوية التي تدعم العمليات التجارية، مثل شبكات النقل والبنية التحتية الرقمية والمرافق، مما يضمن سهولة الوصول إليها وبأسعار معقولة لجميع الشركات.
  • يجب إنشاء آليات قوية لرصد آثار التغييرات الناجمة عن الاصلاحات المالية والنقدية والتأكد من أن التحول يعزز الاستقرار الاقتصادي دون تفاقم الفقر أو عدم المساواة.

 

 

المراجع:

ECONOMIC REFORM PROGRAMMES

https://fctemis.org/notes/15912_ECONOMIC%20REFORM%20PROGRAMMES.pdf

الهئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، لماذا مصر؟

https://www.investinegypt.gov.eg/Arabic/Pages/whyegypt.aspx#26 +++

الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي

Arab Republic of Egypt and the IMF

 

الإصلاحات الاقتصادية في مصر : نظرة متعمقة على تقرير صندوق النقد الدولي الاخير عن مصر

https://encc-eg.org/pressroom/press.aspx?id=225

الأزمة الاقتصادية في مصر: أزمة الحلقة المفرغة

https://www.dohainstitute.org/ar/Lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/economic-crisis-in-egypt-a-vicious-cycle.pdf

الاقتصاد المصري بدأ استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية

https://aawsat.com/A9

 

وثيقة سياسة ملكية الدولة- جمهورية مصر العربية- رئاسة مجلس الوزراء

https://www.cabinet.gov.eg/conference/pdf/property-policy-document.pdf

مصر تُعلن تفاصيل «صفقة رأس الحكمة» متطلعة لأثر سياسي واقتصادي مستدام

https://aawsat.com/%D8%8A

 

فرص وتحديات.. كيف يخرج الاقتصاد المصري من “عنق الزجاجة”؟

https://www.skynewsarabia.com/business/1618921-

محمود محيي الدين: مصر لديها مقومات الخروج من الأزمة الاقتصادية رغم التحديات الإقليمية والدولية

https://almalnews.com/%1/

Invest in Egypt’s Future: Economic Growth and Strategic Opportunities Await, Hassan Abu Taleb, Sunday 28 Jul 2024

https://english.ahram.org.eg/NewsContentP/4/528010/Opinion/Invest-in-Egypt%E2%80%99s-Future-Economic-Growth-and-Strat.aspx

 

 

 

 

 

 

 

 

The post الاقتصاد المصري: الأزمة وسياسات الإصلاح appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8254
المخدرات … السلاح الأقوى ضد الشباب والمستقبل https://draya-eg.org/2024/09/22/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ae%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d9%88%d9%89-%d8%b6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84/ Sun, 22 Sep 2024 14:40:52 +0000 https://draya-eg.org/?p=8213   لطالما شكلت قضية إدمان المخدرات الشاغل الأكبر للحكومات والمجتمعات والمؤسسات الدولية المعنية؛ لما لها من تأثير خطير على حاضر الأمم ومستقبلها. وتتفاقم خطورة المخدرات كونها تستهدف فئة الشباب بشكل كبير، وهم يمثلون الغد ومستقبل الدول والمجتمعات . والحقيقة أن تعاطي المخدرات مشكلة تعاني منها كافة المجتمعات والدول، سواء كانت دولاً فقيرة أو غنية، وتستهدف …

The post المخدرات … السلاح الأقوى ضد الشباب والمستقبل appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>

 

لطالما شكلت قضية إدمان المخدرات الشاغل الأكبر للحكومات والمجتمعات والمؤسسات الدولية المعنية؛ لما لها من تأثير خطير على حاضر الأمم ومستقبلها. وتتفاقم خطورة المخدرات كونها تستهدف فئة الشباب بشكل كبير، وهم يمثلون الغد ومستقبل الدول والمجتمعات .
والحقيقة أن تعاطي المخدرات مشكلة تعاني منها كافة المجتمعات والدول، سواء كانت دولاً فقيرة أو غنية، وتستهدف الشباب في المدارس والجامعات وأماكن العمل؛ بل وفي أماكن الترفيه وغيرها، وهي تؤدي إلى تنامي جرائم العنف في كل المجتمعات لارتباط المخدرات الوثيق بالعنف؛ فكلاهما يؤدي إلى الآخر في حلقة مفرغة لا تنتهي، كما أنها تشكل التهديد الأقوى لكل خطط التنمية المستدامة .
وتتنامى الحاجة إلى مواجهة خطر المخدرات مع انتشار العولمة والتكنولوجيا المتقدمة، والتي سهلت بدورها تداول المخدرات ووصولها بشكل سهل وسلس إلى الشباب الذي يرى في هذه التجربة مجالاً كبيرًا للمغامرة وحب الاستطلاع، وفي أحيان أخرى تمثل للبعض تعبيرًا عن الرجولة والإقدام .
وتمثل المخدرات أيضًا أحد الأساليب الهامة في حروب الجيل الرابع والخامس، والتي تستهدف إحداث خلخلة في المجتمعات تمهيدًا لمخططات القضاء عليها من الداخل وتدميرها بشكل ذاتي، خاصة مع انتشار مركبات المخدرات الصناعية، والتي تتميز بسهولة التداول وانخفاض التكلفة وصعوبة اكتشافها من قبل الأجهزة المعنية .
لقد أدركت دول العالم خطورة تعاطي المخدرات، وخاصة بين الشباب، منذ أكثر من نصف قرن؛ فعمِد المجتمع الدولي إلى اعتماد اتفاقية المخدرات عام 1961، بصيغتها المعدلة لاحقًا ببروتكول عام 1972، فضلاً عن تشكيل لجان معنية في الهيئات الدولية، تقوم برصد الأوضاع الحالية ودراستها وتقديم التوصيات العلمية، والتي يمكن تنفيذها من قِبل الدول الأعضاء، وبما يتناسب مع واقع الدول والمجتمعات.
واتساقًا مع ما تقدم، يقدم المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية(دراية) هذا التقرير الذي يتناول بشكل مفصل تعريف المخدرات وأسباب تعاطيها، والمؤشرات العالمية والمحلية، وجهود الدولة المصرية لمكافحة تناول المخدرات.
هذا وقد توصل التقرير إلى عدد من التوصيات التي يمكن من خلالها تعزيز الجهود المخلصة التي قدمتها الدولة المصرية لمواجهة خطر الإدمان على المصريين والشباب بشكل خاص؛ والتي يمكن إجمالها في الآتي :
1- العمل على إجراء المزيد من البحوث والدراسات حول أنواع وأشكال المخدرات التي يتعاطاها الشباب، إذ أن أشكالها والمواد المستخدمة فيها تتطور بشكل دائم، كما يبتكر المروجون وتجار المخدرات أشكالاً غير نمطية في محاولة منهم للتهرب من العدالة وبشكل يسهل معه الوصول إلى الشباب بكل الطرق الممكنة .
2- إحكام الرقابة على منصات الانترنت التي تروج للمخدرات وتصل بكل سهولة إلى الشباب والقبض على المروجين والإعلان عن ذلك بشكل دائم، حتى يكون ذلك رادعًا لكل من يريد أن يسلك هذا الطريق .
3- إجراء دورات تدريبية لقطاع المخدرات بجهاز الشرطة بحيث تتوافر لديهم الخبرة في معرفة ورصد التغيرات التي تطرأ على أسواق المخدرات وطرق الترويج من خلال متابعة طرق المروجين المبتكرة وأشكال المخدرات التي تتطور بشكل دائم .
4- إحكام الرقابة على الصيدليات والمؤسسات الصحية التي تقوم بصرف المسكنات الأفيونية للمرضى وبما يضمن عدم وصولها إلى الأشخاص الأصحاء، وإنما فقط يتم صرفها من خلال الوصفات الطبية .
5- التوسع بشكل أكبر في إنشاء عيادات الأطفال والشباب والمراهقين المتخصصة في علاج الإدمان من المخدرات.
6- العمل على وضع منهج علمي عن مخاطر التدخين والمخدرات داخل المناهج التعليمية.
7- وضع قواعد صارمة لصرف الوصفات الطبية الخاصة بالعقاقير المخدرة والمؤثرات العقلية مع الحرص على قصر فترة صلاحية الوصفات الطبية وحظر تجديدها التلقائي.
8- العمل على تدريب الأطباء بشكل مستمر وإمدادهم بالمعلومات المحدثة بشأن عقاقير تسكين الألم بما فى ذلك الاستخدام الرشيد للمخدرات الموصوفة طبيًا، وأهمية الحد من إساءة إستخدامها.
9- تدريب أطقم التمريض على الاستعمال المناسب للمواد الطبية ذات الطبيعة الأفيونية، حيث يستطيع الممرضون وغيرهم من العاملين فى مجال الصحة المدربون بشكل جيد أن يقوموا بدور هام في مساعدة المرضى وأسرهم، وتعليمهم كيفية الإدارة الآمنة للمسكنات الأفيونية التي وصفها الأطباء وكيفية إعطاء الجرعات الصحيحة التي يحتاجها المرضى .
10- العمل على إشراك مؤسسات المجتمع المدني بشكل أكبر في رفع الوعي المجتمعي بمخاطر الإدمان وعواقبه الوخيمة على الفرد والمجتمع.
11- إطلاق حملة إعلامية قومية لرفع الوعي الجماهيري بخطورة إدمان المخدرات تستهدف تفنيد المفاهيم المغلوطة حول المخدرات مع الحرص على تنوع محتوى الحملة والمشاركين فيها، مع العمل على تعريف الأسر بآليات الاكتشاف المبكر للتعاطي وكيفية العلاج من الإدمان .
12- إحكام الرقابة فى المدارس الثانوية والجامعات والقبض على مروجي المخدرات داخل هذه المنشآت التعليمية وضبط المتعاطين ومساعدتهم على العلاج والتعافي.
13- التوسع في إقامة الندوات في المدارس والجامعات حول تأثير المخدرات وخطورتها على الفرد والمجتمع .

أولاً: تعريف المخدرات …
في الواقع هناك العديد من التعريفات الخاصة بالمخدرات، إلا أنه إجمالاً يمكن تعريفها على أنها كل ما يشوّش العقل أو يثبطه أو يغير من تفكير وشخصية الفرد .
فيما تجدر الإشارة إلى أن هناك فرقًا واضحًا بين التعوّد والإدمان؛ فالتعود مرحلة تؤدي إلى الإدمان، وهي حالة تشوق لتعاطي مخدر معين، ومن خصائصه وجود رغبة قهرية لدى المتعود بالتمادي والاعتياد، والتعود هو أول خطوة نحو الإدمان، أما الإدمان فهو الاعتماد على المادة المخدرة اعتمادًا كاملاً جسديًا ونفسيًا؛ بحيث يصبح الاحتياج إليها حاجة ملحة قهرية، بل تفوق أهمية المأكل والمشرب.
وتعرّف منظمة الصحة العالمية المخدرات، على أنها كل المواد التي تستخدم في غير الأغراض الطبية، ويكون من شأن تعاطيها تغيير وظائف الجسم والعقل، ويؤدي الإفراط في تناولها إلى حالة من التعود والإدمان، بالإضافة إلى الآثار الجسمية والنفسية والإجتماعية .
كذلك تجدر الإشارة إلى أن مفهوم التعاطي يعني التناول المتكرر للمخدر؛ بحيث يصبح دم الفرد متعطشًا إليه بأي ثمنٍ وفي أي وقت، كما يمكن تعريفه بأنه تناول أي من المواد المخدرة والتي تؤدي إلى الاعتياد أو الإدمان، إما بشكل دائم أو متقطع، أو أنه استهلاك كل مادة خام أو محضرة تحتوي على مواد منبهة أو مسكنة من شأنها، إذا استخدمت في الأغراض الطبية أو الصناعية؛ أن تؤدي إلى التعود أو الإدمان عليها؛ مما يضر الفرد جسميًا ونفسيًا وكذا تضر بالمجتمع .
وتعرّف منظمة الصحة العالمية “المواد الأفيونية” بأنها المركبات المستخرجة من نبتة الخشخاش (بابافير سومنيفيرا)، وكذلك المركبات الاصطناعية وشبه الاصطناعية ذات الخصائص المماثلة التي يمكن أن تتفاعل مع مستقبلات المواد الأفيونية في الدماغ.
وللمواد الأفيونية آثار مسكنة ومهدئة وتُستعمل هذه الأدوية، مثل المورفين، والكوديين، والفنتانيل، في العادة للتخفيف من الألم، كما تُستعمل أدوية الميثادون والبوبرينورفين الأفيونية في علاج المقلعين عن تعاطي المواد الأفيونية.
ويمكن أن يسبب تناول المواد الأفيونية في الشعور بالنشوة، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي تقف وراء أخذها لأغراض غير طبية.
وتشمل المواد الأفيونية؛ الهيروين والمورفين والكوديين والفنتانيل والميثادون والترامادول وغيرها من المواد المماثلة ، وبالنظر إلى المفعول الذي تحدثه هذه المواد، فإن بمقدورها أن تسبب صعوبات في التنفس، وقد تؤدي الجرعات الزائدة منها إلى الوفاة.
ويمكن أن تؤدي المواظبة على استعمال هذه المواد لأغراض غير طبية ولفترات طويلة وإساءة استعمالها، وكذلك استعمالها من دون إشراف طبي إلى إدمانها وإلى مشاكل صحية أخرى.
وإدمان المواد الأفيونية هو اضطراب في تنظيم استعمال تلك المواد ينجم عن استعمالها المتكرر أو المستمر ، ومن سماته المميزة؛ الشعور برغبة جامحة في تعاطي تلك المواد، تتجلى في ضعف القدرة على التحكم في تعاطيها، وإعطاء أولوية متزايدة لتعاطيها بدلاً من أنشطة أخرى، والتمادي في تعاطيها رغم أضرارها أو عواقبها السلبية.
وقد تظهر أيضًا سمات فسيولوجية للإدمان؛ منها زيادة تحمل آثار المواد الأفيونية، وأعراض الامتناع اللاحقة للإقلاع عن تعاطي تلك المواد أو الحدّ من تعاطيها، أو تكرار تعاطيها أو تعاطي غيرها من المواد المماثلة لها من حيث التركيبة الصيدلانية؛ للوقاية من أعراض الامتناع أو تخفيفها.
ووفقًا للتقارير الدولية، فإن أسواق المخدرات غير المشروعة تشهد تحولاً سريعًا، ويكون هذا التحول جذريًا في بعض المناطق مع تزايد هيمنة المخدرات الاصطناعية، والذي يتسم تصنيعها بأنه غير مكلف وسهل وسريع، وبما أن المخدرات الاصطناعية لا ترتبط بمحاصيل محددة جغرافيًا؛ فيمكن نقلها بسهولة إلى أسواق الاستهلاك، ويمكن استبدال المنتجات المضبوطة بسرعة، وهو ما يقوض جهود إنفاذ قوانين ضبط المخدرات .
ومن أهم المواد المخدرة الاصطناعية، والتي انتشرت في السنوات السابقة بشكل كبير؛ الميثامفيتامين والفنتانيل، وهو مادة أفيونية اصطناعية شديدة الفعالية تستخدم كمسكن للألم ومخدر، وتفوق فعالية الفينتانيل فعالية المورفين بنحو 50 إلى 100 ضعف.
وقد سهّل استخدام منصات الاتصال عبر الإنترنت، من الحواجز التي تحول دون القبض على المجرمين، وبشكل يجعل صنع المخدرات بصورة غير مشروعة أكثر مرونة، كما أن المعلومات المتاحة عبر الإنترنت عن طرق صنع المخدرات الاصطناعية، أصبح متوافرًا بمنتهى السهولة؛ مما يتيح إمكانية تصنيعها على نطاق أوسع .
وعلى صعيد متصل، يؤدي إنتاج وزراعة المخدرات والإتجار بها، إلى زيادة في حجم الاقتصادات الإجرامية في بعض المناطق في العالم، كما هو الحال في حوض الأمازون وأفغانستان وأوكرانيا حاليًا؛ حيث تشير أحدث البيانات إلى مستويات شبه قياسية من زراعة الكوكا والأفيون بصورة غير مشروعة، ولكن حظر المخدرات في أفغانستان كان له تأثير كبير على محصول الأفيون لعام 2023 في هذا البلد، وهو ما أكد على الحاجة إلى جهود التنمية البديلة .
وتشير التقارير الدولية إلى أنه لا يزال الشباب هم الفئة الأكثر عرضة لتعاطي المخدرات، فعلى الصعيد العالمي في عام 2021 كان معدل الانتشار السنوي لتعاطي القنب “الماريجوانا والحشيش” لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15:16 عامًا، يبلغ 5.34% مقارنة بنسبة 4.3% بالنسبة للبالغين .
ثانيًا: أسباب تعاطي المخدرات ..
هناك مجموعة متنوعة من العوامل المرتبطة بتعاطي المخدرات والتي تدفع الشباب إلى الإدمان يمكن إجمالها في التالي :
أ- أسباب فردية :
1- مرافقة أصحاب السوء: عامل الفضول وإلحاح الأصدقاء من أهم أسباب تجربة تعاطي المخدرات
2- الاكتئاب والتوتر والضغوطات النفسية: الاكتئاب من أهم أسباب اللجوء إلى المخدرات؛ فالضغوطات النفسية والحياة السريعة والمكلفة والمليئة بالتوتر تدفع الشخص الضعيف إلى اللجوء إلى أي طريقة للشعور بالراحة والسعادة والتحرر من الحزن والضغوطات حتى لو لفترة مؤقتة وقصيرة .
3- المشاكل الصحية: يهرب بعض المرضى من أصحاب الأمراض الصعبة إلى عالم المخدرات هربًا من الألم والمعاناة الجسدية والنفسية وحالة اليأس التي يعيشونها بسبب الضعف البدني أو محدودية قدراتهم الجسدية أو فقدان الأمل بالشفاء.
4- الكوارث الشخصية: يمر بعض الأشخاص بمشاكل كبيرة تصنف ككوارث شخصية يعجزون عن احتمالها أو تقبلها أو التعامل معها فيلجأون إلى تعاطي المخدرات لإيقاف عقولهم عن التفكير والهرب من مشاعر الحزن والألم والغضب .
5- الاعتقاد بزيادة القدرة الجنسية: يعتقد متعاطو المخدرات أن هناك علاقة بين تعاطي المخدرات وزيادة القدرة الجنسية؛ إلا أن الحقيقة مغايرة لذلك .
6- الفراغ: الشعور بالفراغ العاطفي والفكري والبطالة، مع توفر المال قد يدفع بعض الشباب إلى تعاطي المخدرات من باب الفضول ولملء الفراغ .
7-انخفاض المستوى التعليمي: لا تعتبر الأمية سببًا مباشرًا لتعاطي المخدرات؛ ولكنها من الأسباب غير المباشرة التي تمنع الشخص من التعامل مع التحديات والعقبات والمغريات بطريقة صحيحة وثقافة وفكر مستنير .
ب – أسباب أسرية :
1- القدوة السيئة: يعد كل من الأب والأم المرجع الأول والقدوة الأولى في كافة التصرفات، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى تعاطي المخدرات، فإذا ظهر الوالدان بصورة مخجلة، وهو في حالة سكر وخمول من تعاطي المخدرات، سيؤثر ذلك سلبًا على الأبناء، وسيكون رد فعلهم من خلال تعاطي المخدرات والإدمان عليها .
2- انشغال الوالدين عن الأبناء: انشغال الوالدين عن تربية أبنائهم بالسفر أو العمل أو الحياة الاجتماعية وعدم مراقبتهم ومتابعتهم يجعلهم عرضة للضياع والانصياع لتيار تعاطي المخدرات .
3- القسوة الزائدة على الأبناء: تعد القسوة الزائدة على الأبناء وخاصة في فترة المراهقة من أكثر العوامل التي تجعل الشباب يلجأ إلى تعاطي المخدرات خاصة إذا وصلت القسوة إلى مرحلة العنف الأسرى.
4- الدلال الزائد: أحيانًا الإفراط في دلال الأبناء يشعرهم أنهم في استطاعتهم فعل أي شيء والحصول على كل ما يريدونه وتجربة كل ما يرغبون به دون عقاب، ومن هذه الأشياء تجربة المخدرات .
5- التفكك الأسري: الخلافات الأسرية والمشاكل المستمرة تُشعر الأبناء بعدم الأمان، وتضع عليهم ضغطًا نفسيًا هائلاً يدفعهم إلى الهروب من المنزل واللجوء إلى طرق تساعدهم على النسيان والشعور بالسلام، ومن أبرز هذه الطرق تعاطي المخدرات .
6- ضغط الأسرة على الأبناء من أجل التفوق: يعمل ضغط الأسرة على الأبناء، من أجل التفوق على لجوء بعض الأبناء، إلى تناول العقاقير المنشطة بهدف مضاعفة القدرة على السهر والمذاكرة؛ مما يؤدي في النهاية إلى إدمان العقاقير المخدرة .
ج- أسباب مجتمعية :
1- توافر المواد المخدرة عن طريق المروجين والمهربين: احتواء المجتمع على عدد من الأشخاص الفاسدين الذين يروجون المخدرات بين الشباب، يجعل تعاطي المخدرات والإدمان عليها سهلاً وفي متناول الجميع .
2- توافر أماكن تسهل عملية تعاطي المخدرات: توفر بعض المجتمعات أماكن خاصة بتسهيل عملية المخدرات والمواد السامة والمخدرة بهدف جمع المال.
3- الانفتاح الاقتصادي: يستغل بعض ضعاف النفوس مفهوم الانفتاح الاقتصادي في بعض المجتمعات لاستيراد المخدرات وتسهيل ترويجها في بعض الدول .
4- ضعف دور الاعلام: يتوجب على المؤسسات الإعلامية المختلفة العمل على توعية الشباب بمخاطر تعاطي المخدرات والإدمان والتعريف بطرق انتشارها والتحذير منها .
5- ضعف الرقابة في المدارس: تعاني بعض المدارس من رقابة ضعيفة فيسهل على الطلاب الهرب من المدارس والتعامل مع المجرمين من مهربي ومروجي المخدرات .

ثالثًا: مؤشرات تعاطي وانتشار المخدرات عالميًا ومحليًا :
أ- عالميًا: أورد تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في تقرير المخدرات العالمي الصادر في 2023، عددًا من المؤشرات يمكن إجمالها فيما يلي :
1- في عام 2021، تعاطى واحد من كل 17 شخصًا – تتباين أعمارهم ما بين 15:64 عامًا – في جميع أنحاء العالم مخدرًا بزيادة قدرها 23% عن العام الأسبق.

2- ارتفع العدد التقديري للمتعاطين للمخدرات من 240 مليون متعاطٍ في 2011 إلى 296 مليون متعاط في عام 2021 بنسبة 5.8% من سكان العالم الذين تتراوح أعمارهم بين 15:64 عامًا، بزيادة بنسبة 23% تعزى جزئيًا إلى النمو السكاني .
3- يظل القنب (الحشيش والماريجوانا) أعلى المخدرات تعاطيًا، إذ قدر عدد متعاطيه في عام 2021 بنحو 219 مليون متعاطٍ بنسبة قدرها 4.3% من سكان العالم البالغين .
4- معظم متعاطي القنب على الصعيد العالمي هم من الرجال بنسبة تبلغ نحو 70%، ولكن الفجوة بين الجنسين آخذة في التقلص، وتمثل النساء 42% من متعاطي القنب في أمريكا الشمالية .
5- في عام 2021 كان هناك 36 مليون شخصًا تعاطوا الأمفيتامينات و22 مليون شخصًا تعاطوا الكوكايين و20 مليون شخص تعاطوا مواد من نوع الإكستاسى في العام السابق، وكانت نسبة المتعاطين الإناث فى حالة المنشطات الأمفيتامينة تمثل 45% من إجمالي عدد المتعاطين، في حين يمثل الرجال النسبة الأعلى بين متعاطيّ الأفيونيات 75% والكوكايين 73%.
6- تعد المؤثرات الأفيونية هي مجموعة المواد الأكثر مساهمة في الأضرار الشديدة المرتبطة بالمخدرات، بما في ذلك الجرعات المفرطة المميتة. وفي عام 2021 تعاطى ما يقدر بنحو 60 مليون شخص، مؤثرات أفيونية لأغراض غير طبية، من بينهم 31.5 مليون شخص تعاطوا الأفيونيات (الهيروين بصفة أساسية)
7- في عام 2021 كان ما نسبته 5.3% من الذين تتراوح أعمارهم بين 15:16 عامًا في جميع أنحاء العالم (13.5 مليون فرد) قد تعاطوا القنب في العام السابق، ولما كان دماغ المراهقين لا يزال في طور النمو فيمكن أن يترتب على تعاطي المخدرات، آثار سلبية طويلة المدى وتدهور في الحالة الصحية بصورة أسرع مقارنة بالبالغين وإلى مشاكل أخرى في البلوغ.
8- يتباين تعاطي القنب في أوساط ممن تتراوح أعمارهم بين 15:16 عامًا حسب المنطقة من أقل من 3% في آسيا إلى أكثر من 17% في أوقيانوسيا.
9- في عام 2021 كان هناك أكثر من 80000 حالة وفاة بجرعات مفرطة من المواد الأفيونية في الولايات المتحدة وسبب معظم هذه الوفيات وعددها 70000 حالة وفاة تعود إلى تعاطي مؤثرات أفيونية صيدلانية تحتوي على مؤثرات أفيونية اصطناعية، وشكلت النساء حوالي 30 % من جميع وفيات الجرعات المفرطة.
10 – تشهد كندا أيضًا اتجاهًا متزايدًا في وفيات الجرعات المفرطة من المخدرات المرتبطة بانتشار المؤثرات الافيونية الاصطناعية وخاصة الفنتانيل، وفي عام 2021 كان هناك ما يقرب من 8000 حالة وفاة في كندا نسبت إلى المؤثرات الأفيونية.

ب- محليًا: أظهر المسح الشامل لتعاطي المواد المؤثرة في الحالة النفسية، والذي أجراه صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع الجهات المعنية عددًا من المؤشرات يمكن إجمالها في التالي :
1- تبلغ نسبة المدخنين حوالي 27.9% بينما تبلغ نسبة تعاطي المخدرات 5.9%، ونسبة الإدمان2.3%.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

2- تأتي المنيا في مقدمة المحافظات التي يوجد بها أعلى نسبة للمدخنين بواقع 51.8% والأقل في الأقصر بواقع 28%، وفيما يتعلق بتناول الكحوليات تأتي محافظة البحر الأحمر في المقدمة بواقع 5.4%، والمنيا الأقل بواقع 2.4%، بينما تعاطي المواد المخدرة فتأتي سوهاج بالنسبة الأعلى بواقع 12.2% والإسكندرية الأقل بواقع 5.2%.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

3- انخفض حجم تعاطي المخدرات في مصر من 10% عام 2015 إلى 5.9% عام 2020، كما انخفض معدل الإدمان كذلك من 3.3% عام 2015 إلى 2.4% عام 2020.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

4- أغلب متعاطيّ ومدمني المخدرات من الذكور، فوفقًا لبيانات طالبي الخدمات العلاجية، أقل من 18 عامًا من الخط الساخن 16023 خلال عام 2021 بلغت نسبة الذكور 91% والإناث 9%.

 

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

5- أغلب متعاطيّ ومدمني المخدرات يمتهنون وظائف أو حرفة ما بواقع 54% بينما 46% من المتعاطين لا يعملون .

6- يأتي الحشيش في المرتبة الأولى بين المواد المخدرة الأكثر تداولاً بواقع 91%، يليه البودر بواقع 31%، ثم الاستروكس أو الفودو بواقع 20%، والهيروين بواقع 20% أيضًا .

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى

7- وفي دراسة أجراها الصندوق لدراسة حجم التدخين والتعاطى بين الشباب من طلاب المدارس الثانوية، جاءت النتائج أن حجم التدخين بين طلاب هذه المدارس، بلغ 12.8% بواقع 20.8% بين الذكور و3.4% من الإناث .

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

8- من إجمالي حجم الطلاب المدخنين بلغ عدد مدخني السجائر 28%، ومدخني الشيشة 21%، ومدخني السجائر والشيشة 34%، و73.3% من الطلاب المدخنين يقومون بشراء السجائر بأنفسهم .

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

10- وفيما يتعلق بتناول الكحوليات فتأتى البيرة فى مقدمة التي يتم تعاطيها بواقع 55%، يليها الـ ID بواقع 40% والكحوليات الأخرى بواقع 5%.
بينما كانت أسباب التعاطي لأول مرة في مقدمتها مناسبة اجتماعية سعيدة بواقع 53%، ثم جلسة مع الأصدقاء بواقع 33% وسهرة أسبوعية بواقع 16%، وحب الاستطلاع بواقع 14%، ثم الرغبة في الشعور بالسعادة بواقع 13%.


المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

11- بلغ عدد الطلاب المتعاطين للمواد المخدرة 7.7% تبلغ نسبة الذكور بينهم 11.1% والإناث 3.7%.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

12- كان الحشيش في مقدمة المواد التي يتعاطاها الطلاب بواقع 59%، يليه البانجو بواقع 28%، ثم الترامادول بواقع 23%، ثم الاستروكس والفودو بواقع 16% .

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

13- كانت وسائل الإعلام هى المصدر الأول للمعلومات عن المخدرات لدى المبحوثين بواقع 72%، يليها الزملاء والأصدقاء بواقع 18%، ثم الأقارب بواقع 12%.

المصدر: صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي

رابعًا: جهود الدولة المصرية في مواجهة إدمان وتعاطي المخدرات …
لقد أولت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بالشباب وجعلتهم شريكًا أساسيًا في صنع وصياغة القرار، ولما كانت المخدرات تستهدف الشباب بشكل أساسي؛ فقد عمدت الدولة المصرية إلى مواجهة هذا الخطر بكل الطرق والسبل الممكنة، وقد جاءت أبرز جهود الدولة المصرية في هذا الصدد كالتالي :

1- فــــي إطــــار اهتمــــام الدولــــة المصــــرية بالتصــــدي للإدمان وإعادة تأهيـل المـدمنين؛ فقـد تنبهـت مبكــــرًا لخطورتهــــا فأصــــدرت واحــــدًا مــــن أقــــدم التشــــريعات لتجــــريم تعــــاطي الحشــــيش عــــام 1800.
2- وفي 26 مـارس 1879 صدر القرار بمنـع زراعـة واســــــــتيراد الحشــــــــيش، وإنشــــــــاء أول جهــــــــاز متخصــص لمكافحــة هــذه الظــاهرة عــام 1929، وقد تطوَّر عمل هذا الجهاز وصـولًا إلـى تأسـيس الإدارة العامـــــــة لمكافحـــــــة المخـــــــدرات بـــــــوزارة الداخلية.
3-إطلاق الخطة القومية لمكافحة المخدرات في مايو 2015 والتي تهدف إلى خفض الطلب على تعاطي المخدرات بشكل شامل ومتوازن مع مجهودات خفض العرض بما يضمن الاســــتمرارية والفاعليــــة فــــي مواجهــــة مشــــكلة تعاطي وإدمان المواد المخدرة.
4- قامت الدولة بتبنى عددًا من البرامج والآليـــات؛ بهـــدف وقايـــة الشـــباب مـــن الوقــوع ضــحية فــي بــراثن المخــدرات وحمــايتهم، ومــد يـــد العــون لمـــن يقــع مـــنهم فــي الإدمـــان؛ للعــودة بــه ســليمًا معافًــا ومشــاركًا فــي تنميــة المجتمع.
5- عملت الدولة على رفع وعي نحــو 2 مليــون شــاب، وفتــاة فــي 9 آلاف مؤسســة تعليميــة وشـــبابية، إضـــافة إلـــى تكـــوين روابـــط تطوعيـــة تضم 26 ألف متطوع في كل المحافظات.
6- تم إطلاق الحملـة الأضـخم فـي مصر لمكافحة الإدمان تحت مسمى “أنت أقوى من المخـدرات”، وذلـك فـي عـام 2015 وتـم تنفيـذ مراحل عدة من تلـك الحملـة حتـى الوقـت الحـالي، وأصـــــبحت الأكثـــــر تـــــأثيرًا لـــــدى الشـــــباب.
هـــــذا وتتضــــمن آليــــات تنفيــــذ الحملــــة عــــدة محــــاور، منها؛ الوقايـة الأوليـة، الاكتشـاف المبكـر، العـلاج وإعــــادة التأهيــــل، والتوعيــــة، وتمــــت الاســــتعانة بشخصيات فنية ورياضـية مـؤثرة للمشـاركة فـي الحملة.

ومن أبرز نتائج المبـادرة، أن وصـل عـدد المشـاهدين إلـــى مـــا يقـــارب 162 مشـــاهدًا للمراحـــل الســـبع للحملــة عبــر منصــات التواصــل الاجتمــاعي، كمــا ازداد عــدد متــابعي الصــفحة الرســمية لصــندوق مكافحــة وعــلاج الإدمــان والتعاطي ليصل إلى مليون متابع .
أيضًا تمت ترجمة الحملة للغـات الإنجليزيــة، والبرتغاليــة، والفرنســية، والإســبانية، والصينية.

حققـت الحملـة تفاعلًـا كبيـرًا بمراحلهـا المختلفـة سـواء علـى المسـتوى المحلـي أو الـدولي، فعلـى المســتوى المحلــي تفاعــل مــع المرحلــة الأخيــرة خــلال عــام 2020 فقــط مــا يقــرب مــن 35 مليــون شخص على وسائل التواصل الاجتماعى.

وعلى المســتوى الــدولي اعتبرتهــا العديــد مــن المنظمات الدوليـة نموذجًـا لحمـلات مكافحـة المخـــدرات؛ حيـــث وصـــفتها وزارة الأمـــن العـــام بالصين بأنها إحدى الحملات الملهمـة لمكافحـة الإدمان وترجمت إلى اللغة الصينية.

كذلك، أشــــــادت وســــــائل الإعــــــلام العالميــــــة وخصصــوا فقــرات لإلقــاء الضــوء عليهــا ، وفيمــا يتعلـــــق بمــــــردود الخدمــــــة علــــــى أرض الواقــــــع، ارتفعـــت أعـــداد المتصـــلين بـــالخط الســـاخن لعــــــــلاج الإدمــــــــان بنســــــــبة تخطــــــــت 400% وساعدت الحملة العديد من مرضى الإدمـان فـي التقدم في العلاج.

7- وصل عدد المستفيدين من برنامج “اختر حياتك ” – لرفع وعي الشباب بخطورة الإدمان ولبناء المهارات الحياتية للنشء والشباب – إلى 9 آلاف طالب بالمدارس و 1.065 مركز شباب و 65 معسكرًا .
8- وفـي إطـار حـرص الدولـة علـى التوسـع باسـتمرار فــي إنشــاء مراكــز عــلاج الإدمــان؛ فقــد بلــغ عــدد المراكـــز 27 مركـــزًا متخصصًـــا فـــي 17 محافظـــة حتى الآن، بعدما كانت لا تتعدى 12 مركـزًا علاجيًـا فـــي 7 محافظـــات فقـــط خـــلال عـــام 2014، وقـــد أكـدت الدولـة أنهـا سـتعمل علـى تعمـيم المراكـز العلاجية لمرضى الإدمان بكـل المحافظـات علـى مستوى الجمهورية بحلول عام 2025
9- وباعتباره الآلية الوطنية لتنفيذ برامج الوقاية من المخــــدرات وتــــوفير خــــدمات العــــلاج والتأهيــــل المجــاني للمــدمنين، حــرص “صــندوق مكافحــة وعــلاج الإدمــان والتعــاطي” علــى تقــديم بــرامج ومبادرات لتحقيق الـدمج المجتمعـي للمتعـافين من مرض الإدمان، وذلك عن طريق تـوفير فـرص عمل تساعد على إعادة دمجهم كقوة فعَّالة في المجتمـــع، وتقلـــل مـــن فـــرص انتكاســـتهم مـــرة أخرى.
هذا وتتمثل أبرز البرامج والمبـادرات المنفـذة فـي السياق في الآتي :
– إطـــلاق مبـــادرة “بدايــــة جديـــدة” عــــام 2019، بهــــــــدف تمويــــــــل المشــــــــروعات الإنتاجيــــــــة والمبتكــــرة للمتعــــافين مــــن مــــرض تعــــاطي وإدمــان المــواد المخــدرة، مدعومــة مــن بنــك ناصــر الاجتمـــاعي؛ وذلــك لإقامـــة مشـــروعات صــغيرة تســاعدهم علــى العــودة إلــى العمــل والإنتاج مرة أخرى
– تم تقـديم الـدعم لمشـروعات المتعـافين بإجمـالي مبلــغ 5.2 ملايــين جنيـه، كمــا تــم تنظــيم معــــــــارض وملتقيــــــــات للتوظيــــــــف وتســــــــويق المنتجــــات الخاصــــة بالمتــــدربين بالتعــــاون مــــع العديـــد مـــن المؤسســـات الحكوميـــة والخاصـــة والجمعيات الأهلية.
– برنامج إعداد الشباب: يهتم البرنامج بإعـداد النشء والشـباب وتمكيـنهم مـن نشـر الـوعي بأخطار مشكلة التدخين، والتعاطي، والإدمان بــــــــين أقــــــــرانهم فــــــــي جميــــــــع التجمعــــــــات الشبابيـــــــة
10- قامت الدولة بإطلاق حمـــلات الكشـــف المبكـــر المكثفــة علــى ســائقي الحــافلات المدرسية، والتي أدت إلى انخفاض نسبة تعاطى المخدرات بينهم إلى 1.5% بعدما كانت 12% عام 2017.
كمــا أســفرت تلك الجهود عن خفـض نسـبة الحـالات الإيجابيـة للتعــاطي مــن إجمــالي المُوقَّــع علــيهم الكشــف مــــن العــــاملين فــــي القطــــاع الخــــاص والجهــــاز الإداري للدولة.
11- بلغ عدد مراكز علاج الإدمان حوالي 229 مركزًا في 18 محافظة مقارنة بـ12 مركزًا عام 2014 ، كمـــا تســـعى الدولـــة إلى الإعداد لافتتاح عدد 2 مركز في محافظتي الجيزة وقنا.

وقـــد جـــاء أبـــرز هـــذه المراكـــز فـــي المحافظـــات المختلفة كالآتي:

– المركز التأهيلي لمرضى الإدمان بمحافظــة بورسـعيد: يُعـدُّ أول مركـز متخصـص فـي تأهيـل مرضى الإدمان بمحافظة بورسعيد، ومن المقرر لــه أن يخــدم محافظــات القنــاة وشــمال ســيناء، وقــد تــم إنشــاؤه عــام 2020، بتكلفــة بلغــت نحــو 19.5 مليون جنيه.
– المركـــز النمـــوذجي لعـــلاج الإدمـــان بكليــــة الطــــــب، جامعــــــة جنــــــوب الــــــوادي: وذلــــــك بالتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمـان والتعـاطي، وقـد تـم الانتهـاء مـن إنشـائه عـام 2021، وتأتي أهمية إنشـاء تلـك المراكـز فـي أن الصــــعيد يفتقــــر بشــــدّة إلــــى مراكــــز مرضــــى الإدمــــان، والــــذي تزيــــد أعــــداد ضــــحاياه بــــين الشـــباب والمـــراهقين، وقـــد جـــاءت التكلفـــة الإجمالية لهذا المركز بنحو 14 مليون جنيه.

– المركز التأهيلي لمرضى الإدمان بمحافظة مطـــــروح: يُعـــــدُّ أول مركـــــز يقـــــدم الخـــــدمات التأهيلية لمرضي الإدمان بمحافظتي مطروح والإسـكندرية، وقـد أُقـيم المركـز علـى مسـاحة تبلغ 8 آلاف متر مربع عام ،2019 وتبلغ طاقته الاســــــــــــتيعابية (135 ســــــــــــريرًا، وعيــــــــــــادتين خارجيتين)، ويستهدف 12 ألف مريض سـنويًا وبلغت تكلفته نحو 10.5 ملايين جنيه.

– مركــــــز عــــــلاج الإدمــــــان بمدينــــــة الغردقــــــة بمحافظـة البحـر الأحمـر: يُعـدُّ أول مركـز تـم إنشاؤه عام 2020 يقدم خدمات علاج الإدمان بمحافظـــة البحـــر الأحمـــر، وقـــد تـــم تجهيــــزه وتأثيثه ليخـدم محافظـات البحـر الأحمـر، وقنـا، والأقصر، بتكلفة بلغت نحو 13 مليون جنيه.
– المركز التأهيلي لمرضى الإدمان بمحافظة المنيــا: تــم الانتهاء من إنشاء المركز عام 2019 بتكلفة إجماليــــة بلغــــت 24.9 مليــــون جنيه، يهدف المركز إلـى تـوفير خـدمات العـلاج والتأهيـل للفئـات الأكثـر احتياجًـا، وفقًـا لمعيـار التغطيــــــة الجغرافيــــــة عبــــــر إنشــــــاء مراكــــــز نموذجية لعلاج مرضى الإدمان.
– المركـز النمـوذجي لعـلاج الإدمـان بـالفيوم : يأتي افتتاح مركز علاج الإدمان بالفيوم كأول مركز حكومي بالمحافظة يُقدّم خـدمات عـلاج الإدمـــان بالمجـــان، ووفقًـــا للمعـــايير الدوليـــة، وبمـــا يتســـق مـــع توجهـــات الدولـــة بتحقيـــق التنميــة الشــاملة لمحافظــات الصــعيد، وقــد تم افتتاحه عـام 2020 بتكلفـة بلغـت 650 ألـف جنيه.
12-أطلق صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي التابع لوزارة التضامن الاجتماعي الخط الساخن 16023؛ بهدف تقديم المشورة العاجلة سواء تمثلت هذه المواجهة في شكل معلومة عن المخدرات وتعاطيها أو تقديم مشورة تستدعيها ملابسات حدوث أزمة فردية أو أسرية متصلة بالإدمان، أو توجيه لأماكن الخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية المتخصصة فى الإدمان التابعة للخط الساخن، ويقدم الخط الساخن الخدمات العلاجية بالمجان وفي سرية تامة.
-13 أنشأ صندوق مكافحة وعلاج الإدمان داخل الجامعات المصرية مقرًا دائمًا تحت مسمى (بيت التطوع) ليصبح منارة علمية تثقيفية وتوعوية مباشرة للشباب الجامعى عن كافة أنواع المخدرات وتأثيراتها على الفرد والمجتمع مستخدماً فى ذلك العديد من الأنشطة والفعاليات المستمرة لجذب الشباب وتقديم المعلومة الصحيحة عن المشكلة بطرق مبتكرة وتتناسب مع قدرات الشباب المتجددة.
كما يسعى (بيت التطوع) إلى جذب العديد من الشباب للتطوع لدى الصندوق حيث يتم إجراء مقابلات فردية معهم وتدريبهم وفقاً لأحدث الأدلة التدريبية، ومن ثم الاستفادة من طاقاتهم وإبداعاتهم وقدرتهم على نشر التوعية لدى الفئات الأخرى.

المراجع …
1- الموقع الرسمي للأمم المتحدة.
2- الموقع الإلكتروني الرسمي لمنظمة الصحة العالمية .
3- الموقع الرسمي لصندوق مكافحة الإدمان والتعاطي.

http://drugcontrol.org.eg/ResearchStudies/Details/3
4- الموقع الرسمي لوزارة التضامن الاجتماعي
https://www.moss.gov.eg/ar-eg/Pages/default.aspx
5- دراسة الشباب والإدمان على المخدرات وطرق وقايتهم منها / دراسة ميدانية على الشباب الجامعي / د.حمود بن عابد العنزي / 2019
https://journals.ekb.eg/article_202686.html
6- دراسة العوامل المرتبطة بتعاطي المخدرات لدى الشباب الجامعى والتخطيط لمواجهتها / د.سارة عبد الفتاح خالد أبو زيد / دكتوراه الفلسفة فى الخدمة الاجتماعية / 2023
https://egjsw.journals.ekb.eg/article_296164_bbb45dc14ea1b3d726f750baf9e1a22c.pdf
7- تقرير المخدرات العالمي 2023 والصادر عن الأمم المتحدة
https://www.unodc.org/res/WDR-2023/2311908A.pdf
8- تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات / تقرير 2022
https://unis.unvienna.org/unis/uploads/documents/2023-INCB/INCB_annual_report-Arabic.pdf
9- تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء / 7 سنوات من الإنجازات / التنمية المجتمعية / قطاع التضامن الاجتماعي
http://library.idsc.gov.eg/cgi-bin/koha/opac-detail.pl?biblionumber=72177

 

 

 

The post المخدرات … السلاح الأقوى ضد الشباب والمستقبل appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8213
العمل عن بعد .. المفهوم ..المتطلبات..التوصيات https://draya-eg.org/2024/09/09/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d9%84-%d8%b9%d9%86-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%81%d9%87%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%b7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88%d8%b5%d9%8a%d8%a7%d8%aa/ Mon, 09 Sep 2024 00:19:18 +0000 https://draya-eg.org/?p=8168 أحدثت جائحة كورونا تغيرات دولية جذرية في قيم المجتمعات وأفكارها، وتوجهات الحكومات والشركات؛ والتي كان من أبرزها ظهور العمل عن بُعد أو “العمل من المنزل” كبديل جديد لفكرة العمل التقليدي من مقرات المكاتب والشركات والهيئات الحكومية. لقد فرضت جائحة كورونا واقعًا جديدًا على العالم تغيرت معه الرؤى حول طرق وأساليب العمل، ورغم أن فكرة العمل …

The post العمل عن بعد .. المفهوم ..المتطلبات..التوصيات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
أحدثت جائحة كورونا تغيرات دولية جذرية في قيم المجتمعات وأفكارها، وتوجهات الحكومات والشركات؛ والتي كان من أبرزها ظهور العمل عن بُعد أو “العمل من المنزل” كبديل جديد لفكرة العمل التقليدي من مقرات المكاتب والشركات والهيئات الحكومية.

لقد فرضت جائحة كورونا واقعًا جديدًا على العالم تغيرت معه الرؤى حول طرق وأساليب العمل، ورغم أن فكرة العمل عن بُعد لم تكن جديدة وعرفتها الدول بشكلٍ محدود منذ سبعينيات القرن الماضي؛ إلا أنها أصبحت وقت انتشار جائحة كورونا الخيار المثالي في مواجهة الانهيار الاقتصادي المتوقع، نتيجة الإغلاق العام والكُلي الذي شهدته كافة دول العالم .

والحقيقة، أنه منذ انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتَغْيّر طبيعة النشاط الاقتصادي وإحلال الأجهزة وبعض التطبيقات الالكترونية كبديل لكثير من الوظائف التقليدية؛ أصبحت صورة العمل التقليدي محل نقاش، خاصة من خلال نتائج الأبحاث والتقديرات التي أشارت إلى ارتفاع إنتاجية الموظفين الذين يمارسون عملهم من المنزل، مقابل أقرانهم ممن يمارسون العمل المكتبي التقليدي. وبرز العمل عن بُعد كخيار هام يعيد التوازن إلى حياة الموظف الشخصية ويجعله أكثر احتكاكًا بأفراد أسرته.

أما على صعيد البُعد الإنساني والاجتماع؛ فقد كانت المرأة أبرز المستفيدين من خيار العمل عن بُعد وقت الجائحة، والتي حصلت على وقت أكبر لقضائها مع أسرتها ومراعاة احتياجات الأبناء مع الحصول على نفس مخرجات العمل – إن لم يكن أفضل – في حال ذهابها إلى العمل المكتبي يوميًا.

وانطلاقًا من أهمية مناقشة فكرة العمل عن بُعد كونها تمثل جزءًا كبيرًا من مستقبل العمل في العالم؛ يصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنميةدراية ، هذه الورقة البحثية التي تتناول بشكل تفصيلي مفهوم العمل عن بُعد، ومزاياه وسلبياته ومجالاته وشروطه ومتطلباته وواقعه في مصر والعالم.  

هذا ويمكن استخلاص عدد من التوصيات التي يمكن من خلالها بذل المزيد من الجهود من أجل التوسع في استخدام تقنيات العمل عن بُعد، والتي يمكن إجمالها في الآتي :

 

1- العمل على إعادة صياغة التخصصات المطلوبة التي يمكن من خلالها نقل أعداد الكثيرين من خريجي التخصصات -التي لا وظائف لها- إلى أعضاء فاعلة في تطبيقات العمل عن بُعد .

2- ضرورة إعداد دورات تأهيلية وتدريبية قبل وبعد الالتحاق بالعمل عن بُعد، حتى تتوافق العمالة الجيدة والمهارات التي تستطيع استخدام تقنيات العمل عن بُعد، وتطويعها للقيام بعملها من المنزل أو من أي مكان آخر.

3- مساعدة الدول كافة على زيادة التعبئة المالية اللازمة لإعداد البنية الأساسية والتحتية التي تضم شبكات المعلومات والإنترنت، والتي تمكّن العاملين عن بُعد من ممارسة عملهم بسهولة ويسر .

4- العمل من خلال الوزارة والهيئات المعنية على تحويل الهيكل التنظيمي البيروقراطي إلى هيكل أكثر مرونة يساعد على تمكين العاملين وإعطائهم حرية اتخاذ القرارات بشكل سريع وفاعل.

5- التوسع في تدريب وتأهيل القوى العاملة على تقنيات العمل عن بُعد، من خلال دورات قصيرة وطويلة الأمد تمكّنهم من التعامل مع أحدث المستجدات والتقنيات المتطورة في هذا المجال.

6- العمل على رفع الوعي لدى شباب الخريجين بأهمية العمل عن بُعد ودوره في خفض معدلات البطالة، خاصة من خلال وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي.

7- العمل على وضع تشريعات منظمة لخيارات العمل عن بُعد ومساواة العاملين عن بُعد بأقرانهم الذين يؤدون العمل في مواقع العمل التقليدية، مع ضرورة طرح صيغ لعقود العمل عن بُعد تساوي في المزايا عقود العمل النظامي.

8- زيادة التعاون بين الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني فيما يتعلق بتبني سياسات تُحفّز العمل عن بُعد، سواءً على مستوى الأفراد أو جهات العمل أو المدراء أو المجتمع ككل.

9- زيادة برامج التدريب للعاملين عن بُعد المعنية بالمهارات الشخصية والجوانب السلوكية اللازمة لتبني أسلوب العمل عن بُعد، مثل اليقظة وكيفية إدارة الوقت ووضع الحدود بين العمل والحياة الشخصية .

10- توفير كافة الضمانات الاجتماعية والقانونية واستخدام العقود المكتوبة في حالة العمل عن بُعد، مع زيادة توعية العاملين من المنزل بحقوقهم.

11- التوسع في إنشاء رابطات العمال في المنزل، وأصحاب العمل وكذلك النقابات العمالية للعاملين عن بُعد ومنظمات أصحاب العمل الخاصة بهم.

……………………………………………………………..

المحور الأول: مفهوم العمل عن بُعد وشروطه:

تُعَرّف اتفاقية منظمة العمل الدولية، العمل من المنزل، على أنه “العمل الذي يؤديه شخص في منزله أو منزلها أو في أماكن أخرى يختارها أو تختارها، خلاف مكان صاحب العمل، مقابل أجر، ويؤدي إلى ناتج أو خدمة وفقًا لصاحب العمل بصرف النظر عن الجهة التي توفر المعدات أو المواد أو المدخلات الأخرى المستخدمة“،  (الاتفاقية رقم 177 / المادة 1) ولا يشمل هذا التعريف الأشخاص الذين يتمتعون “بالدرجة اللازمة للاستقلالية والاستقلال الاقتصادي لاعتبارهم عمالاً مستقلين بمقتضى القوانين أو اللوائح الوطنية أو أحكام المحاكم”. علاوة على ذلك، فإن أولئك الذين يؤدون عملهم عرضيًا -كعمال في المنزل بدلاً عن أدائه في أماكن عملهم المعتادة- لا يُعتبرون عمالاً في المنزل في مفهوم هذه الاتفاقية.

والحقيقة أن الاهتمام بالعمل عن بُعد بدأ منذ سبعينيات القرن العشرين، عندما استخدم للإشارة إلى العمل من مسافات بعيدة عن المكتب أو مقر العمل. ويعد Niles 1975 هو أول من استخدم مصطلح العمل عن بُعد ” Tele communicating “، ليشير إلى العمل بعيدًا عن المكتب والتواصل مع العاملين فيه عبر الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو عن طريق الحاسب الشخصي.

فيما اختلفت الأدبيات حول مُسمّيات العمل عن بُعد من ناحية، وتعريفاته من ناحية أخرى؛ فالبعض يسميه العملTeleworking  أو العمل من خلال شبكات الاتصالات، كذلك Networking أو العمل من مسافات بعيدة ، وWorking – a- distance or Remoting working or Work at home or Home working or Flexible working، وجميعها مصطلحات تشير إلى العمل عن بُعد ولكن بشكل تبادلي.

والحقيقة أنه من الصعب حصر المجالات والأنشطة التي يمكن القيام بها عن بُعد، لكن هناك صفات تميز الأعمال التي يمكن تنفيذها عن بُعد وهي:

– يمكن تنفيذها عبر أجهزة المعلومات والاتصالات.

– يغلب عليها الطابع الفكري وخاصة معالجة النصوص والمعلومات.

– أعمال محددة ومعروفة وأمكن تنفيذها من قبل.

– يمكن قياس الإنتاجية بسهولة.

– لا تحتاج في الغالب إلى إشراف متواصل.

 

 

المحور الثاني: مزايا وسلبيات العمل عن بُعد:

أ- المزايا: يمكن النظر إلى مزايا وسلبيات العمل عن بُعد، من خلال ثلاثة أبعاد: (الأول؛ يتعلق بالأفراد أو الموظفون، والثاني يتعلق بالمنشآت وجهات العمل، والثالث يتعلق بالمجتمع ككل).

أولاً: مزايا العمل عن بُعد للموظفين :

التحكم في الوقت والمرونة وجدولة الأنشطة، وحرية إدارة الوقت ما بين احتياجات الموظف والعائلة.

– تجنب الروتين اليومي وضغوط العمل الناجمة عن صعوبات الانتقال من وإلى العمل أو تكاليف السفر لمقر العمل.

– العمل دون إملاءات أو أوامر من المدراء مع الابتعاد عن البنية الهرمية في العمل التقليدي.

– تخفيض المصروفات التي يتطلبها العمل التقليدي عادة كملابس العمل وتوفير مربية للأبناء.

– تجنب الإرهاق الذي تسببه ساعات العمل الطويلة والساعات المنقضية في التنقل.

– التوازن الأفضل بين العمل والحياة والوقت؛ فعدم التزام الموظف بدوام محدد يعطي الكثير من المرونة للموظف في التوفيق بين جوانب حياته المختلفة.

– زيادة ثقة الموظف بنفسه لعدم وجود مراقبة مباشرة ومستمرة على الموظف، كما أن اتخاذه بعض القرارات وحده تزيد من ثقته بنفسه.

– عدم احتكاك الموظف بشكل مستمر مع زملاء العمل يساعد على تقليل المشاكل التي تحدث في الوظائف التقليدية (الصراع التنظيمي).

– الاستقلالية التي تُوَلّد الإبداع والابتكار من ناحية، والاستقلالية في إدارة العمل وتنظيمه من ناحية أخرى.

– الترابط الأسري؛ حيث يزيد العمل من المنزل الوقت المخصص للأسرة.

– تأسيس معرض خاص بالعامل، حيث يتيح العمل عن بُعد للعاملين إنشاء معرض خاص للأعمال التي قاموا بأدائها من قبل؛ مما يسهم في الحصول على سيرة ذاتية مميزة تسهم في إيجاد وظيفة دائمة في المستقبل.

– يتمتع العاملون عن بُعد بحرية أكثر في اختيار الأعمال التي يقومون بتنفيذها، واختيار الأشخاص الذين يعملون معهم بدون التقيّد بأشخاص محددين .

– الحرية في الاختيار وعدم التقيد بطرف واحد؛ ففي العمل التقليدي يتقيّد الموظف بشركة معينة، لكن في حالة العمل عن بُعد يمكن أن يتعاقد العامل مع أكثر من شركة .

المصدر : بلومبرج (استطلاع رأي أُجري في مايو وشمل 1378 مواطنًا أمريكيًا)

وتجدر الإشارة إلى أنه وفقًا لايجابيات العمل عن بُعد بالنسبة للأفراد؛ فقد أبدى الكثيرون استعدادهم لاستقطاع جزءًا من رواتبهم مقابل البقاء في وظائفهم التي يمكن ممارستها من المنزل .

 

المصدر: بول فيتش

وكان الموظفون الأصغر سنًا، هم الأكثر ميلاً للعمل من المنزل مقارنة بأقرانهم من الموظفين الأكبر سنًا ..

 

 

 

المصدر : مسح ترتيبات واتجاهات العمل / العمل من المنزل

ثانيًا: مزايا العمل عن بُعد لجهات العمل:  

انخفاض الجهود والمصاريف الناجمة عن متابعة الموظفين لحضورهم وغيابهم.

– انخفاض الوقت الضائع في المكاتب التقليدية بين الاجتماعات والزيارات غير المثمرة، وتقديم التقارير عن العمل إلى المكتب المركزي.

– ارتفاع مستوى الجودة؛ لأن أغلب هذه الأعمال التي تُنَفّذ عن بُعد تتم من خلال وسائل تقنية يمكن مراجعتها وتحسينها ورفضها والتعديل عليها بأسهل وأقل التكاليف.

– الاستفادة من خبرات عديدة ومن قوة عمل جديدة ذات مهارات مرتفعة ومن مناطق مختلفة، سواء قريبة أو بعيدة بأقل التكاليف؛ حيث يتم تقديم الخدمة بدون الحضور والتواجد الجسدي، بالإضافة إلى الاستفادة من العمالة الأقل أجرًا أو الأكثر استعدادًا للعمل.

– تقليل نسبة الغياب والانقطاع عن العمل وما يترتب عليها من تأثيرات سلبية على حجم الإنتاج .

– يعد العمل عن بُعد خيارًا اقتصاديًا جيدًا؛ إذ يخفض استهلاك البنى التحتية، كتخفيض النفقات العامة للمنشأة؛ الناتجة عن انخفاض تكلفة استئجار المكاتب وتجهيزها ومصاريف الكهرباء وعقود الإيجار وغيرها .

– زيادة الإنتاجية وتحسينها نظرًا لتمتع العاملين عن بُعد بالحرية في اختيار الوقت والاستقلالية والمرونة.

– التقليل من دوران العمل والحفاظ على استمرارية الموظفين في العمل.

– تواجد الموظفين في مواقع قريبة من الفئات المستهدفة؛ أي في أماكن تواجد العملاء، وكذلك توفير خدمات للعملاء في غير أوقات العمل الرسمية .

ثالثًا: مزايا العمل عن بُعد للمجتمع ككل:

– تنمية الاقتصاد وزيادة فرص الاستثمار ومواجهة البطالة والحد من الفقر، وبالتالي منع حدوث اضطرابات العمال والاحتجاجات التي تَشِلّ الحركة الاقتصادية في بعض الدول بشكل كامل .

– تنشيط الأعمال الحرة المستقلة والصغيرة.

– إيجاد مجالات للعمل في المناطق المهمشة والمعزولة كالمناطق الريفية.

– حماية البيئة حيث يساعد التوجه نحو العمل عن بُعد في انخفاض التلوث البيئي وتوفير الطاقة.

– يساهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والإقليمية للمناطق الريفية؛ مما يحد من الهجرة للمدن الرئيسية.

– يرسخ العمل عن بُعد لمفهوم التقييم وفقًا للإنتاجية؛ فحجم الإنتاجية وجودتها هو المعيار الذي سيحتكم إليه في تقييم الموظف وضمان بقائه في الوظيفة.

– يقدم فرصًا كبيرة للدول النامية لتدعيم موقفها التنافسي في الاقتصاد العالمي؛ حيث يسهم العمل عن بُعد في توليد فرص عمل جديدة.

– يساعد في خفض معدلات الهجرة من الريف إلى المدن .

– يتيح المزيد من اللامركزية في أداء الأنشطة والمهام.

– إشراك فئات المجتمع التي لا تتاح لهم فرص المشاركة الاقتصادية بشكل عادل، ويواجهون صعوبة في الانخراط في بيئة العمل التقليدية؛ نظرًا لظروفهم الصحية أو الاقتصادية أو الجغرافية مثل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والسيدات.

ب- سلبيات العمل عن بُعد:

1-سلبيات العمل عن بُعد للأفراد:

صعوبة عمل إجراءات السفر لخارج البلاد، أو فتح حساب بنكي خاص؛ بسبب عدم الانتساب إلى جهة عمل رسمية، وخصوصًا العمال عن بُعد في المنزل لحسابهم الخاص .

-القلق تجاه العائد المادي، والاستقرار الوظيفي؛ أي عدم ثبات العمل وبالتالي عدم ثبات الدخل.

– غياب سبل الحماية الاجتماعية، سواء تخص العائد أو إمكانية التسريح أو الطرد، أو تعويضات البطالة والتأمينات الاجتماعية.

– زيادة حجم التكاليف للفرد العامل عن بُعد؛ فضلاً عن خسارة المساندة التي كان يحصل عليها في العمل بالمقر الرئيس للشركة .

– إمكانية التعرض للمماطلة والتأخر في الحصول على المستحقات والأجور وعوائد العمل، وضعف تراكم رأس المال والعائد وثباته؛ وفي بعض الأحيان قد تمنح المرأة أجور ضعيفة تحت المستوى؛ خاصة للإناث العاملات من المنزل عن بُعد.

– العزلة الاجتماعية للعاملين عن بُعد، خصوصًا من هم في المراحل العمرية من (30:20) عامًا؛ حيث يكون العمل وسيلة مهمة لديهم للتواصل الاجتماعي.

– غياب الروح التنافسية بسبب عدم وجود تفاعل بشري؛ حيث يساعد العمل في المؤسسة على الحفاظ على الروح التنافسية أو تعزيز الإنتاجية.

– إهدار حقوق العمال عن بُعد، وذلك لغياب النقابات العمالية المدافعة عن حقوقهم.

– محدودية فرص التطوير الوظيفي للفرد العامل عن بُعد.

2- سلبيات العمل عن بُعد بالنسبة للشركات وجهات العمل:

– زيادة تكاليف وتبني وتنفيذ العمل عن بُعد واللازمة لإدارة هذا النظام وتشغيله، بالإضافة إلى تكاليف برامج تدريب العاملين عليه وصيانة المعدات وإحلالها.

– صعوبة الرقابة والتحكم والتوجيه الإداري للعامل عن بُعد.

-يؤثر نظام العمل عن بُعد على أمن وسرية وسلامة البيانات والمعلومات في تلك الشركات؛ نتيجة تداولها بين العاملين عن بُعد خارج مقار ومكاتب هذه الشركات.

– تقليل التفاعل الفوري العاجل للعاملين في مكان العمل عن بُعد، ومن ثم تفقد الشركات روح العمل الجماعي وروح الفريق؛ أي ظهور مشاكل في الإشراف والرقابة والتحكم والتوجيه الإداري للعاملين عن بُعد.

 

3- سلبيات العمل عن بُعد بالنسبة للمجتمع ككل :

– فتح المنافسة للعمالة الخارجية أمام العمالة المحلية؛ مما يزيد من صعوبة الحصول على وظائف أمام المواطنين المحليين .

– النظرة المجتمعية الدونية للعمل عن بُعد؛ حيث ينظر له البعض على أنه عمل إضافي مؤقت لا يمكن الاعتماد عليه في منح الاستقرار المالي والوظيفي.

– صعوبة معاملة المؤسسات التي تتبع أسلوب العمل عن بُعد ضريبيًا.

– يخفض العمل عن بُعد من الخدمات المباشرة للعميل.

– يمثل تحديًا لنقابات العمال؛ حيث يضعف العمل عن بُعد من نظم حماية التشغيل القائمة، ويعمل على إيجاد أشكال زائفة من الاستخدام الذاتي، كما يقلل من فرص الاتصال بين أعضاء الاتحاد والنقابة كما كان داخل جهات العمل التقليدية .

المحور الثالث: العمل عن بُعد وجائحة كورونا:

فرضت جائحة كورونا على العالم تغيرًا سريعًا وتحولاً إلى نظام العمل عن بُعد في أغلب مجالات الحياة، وبشكل خاص الأنظمة الإدارية والتعليمية، وقد تم تطبيق آلية العمل عن بُعد بنجاح كبير في 3 مجالات أساسية هي:

1- المجال الإداري: حيث أمكن تطبيق العمل عن بُعد في عقد اللقاءات وإجراء المشاورات بين الموظفين والمدراء في أغلب الشركات والجهات الحكومية،  تم كذلك عقد اللجان من خلال تقنية الاجتماعات – زووم وغيرها من التطبيقات – بأقل تكلفة من حيث الوقت والجهد والمال .

2- المجال التعليمي: وهو النجاح الأكبر، حيث وفرت منصات التعليم الالكتروني في كل دول العالم، فرصًا تعليمية تكاد تكون متساوية مع سبل التعليم التقليدية، والتي تتطلب الحضور إلى المؤسسات التعليمية، كما أتاحت هذه التقنية مجالاً للاستفادة من الخبرات والكوادر الأكاديمية المتميزة في الجامعات الكبرى للتدريس ببعض المحافظات والمناطق النائية. كما مكنت تقنيات ومنصات التعليم الالكتروني الجامعات من عقد برامجها ودوراتها التعليمية والتدريبية عن بُعد بحضور أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب حسب طبيعة كل برنامج .

المصدر: المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية

المجال المالي: يسهم العمل عن بُعد في توفير نفقات التشغيل والاستغناء عن العاملين في بعض الوظائف التي يمكن شغلها عن بُعد بتكلفة أقل؛ مما يعني توفير النفقات المالية وتوجيهها إلى مجالات أخرى.

وعلى الرغم من ذلك، فقد كان للجائحة تأثيرات سلبية كبيرة على سوق العمل؛ فوفقًا لتقرير مجلس الوزراء “اتجاهات وآفاق التشغيل محليًا وعالميًا”، فقد دفعت الجائحة 81 مليون شخص لترك العمل في جميع أنحاء العالم خلال عام 2020. كما أدت الجائحة أيضًا إلى تراجع متوسط ساعات العمل للعاملين بأجر بنحو 8.8% في عام 2020 مقارنة بالربع الرابع من عام 2019، أي ما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل، وهذا المعدل يعد أعلى بمقدار أربعة أمثال ما كان عليه الوضع خلال الأزمة المالية العالمية في عام  2009.

بالإضافة إلى ذلك، فقد ارتفع معدل البطالة العالمي عام 2020 ليصل إلى 6.5%، مرتفعًا بنحو 1.1 نقطة مئوية مقارنة بعام 2019، وسجَّلت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأوروبا وأمريكا الشمالية زيادات في معدّل البطالة بما لا يقل عن نقطتين مئويتين؛ وعليه فقد كان للجائحة تأثير كبير على سوق العمل العالمية؛ حيث أدت إلى تغيرات في اتجاهات وأنماط العمل.

أشار تقرير مجلس الوزراء إلى أنه وفقًا لمسح أجرته شركة جارتنر المتخصصة في إجراء الدراسات والاستطلاعات لمساعدة أصحاب الأعمال لإيجاد أفضل البدائل والحلول، فقد وجد أن:

–  48% من الموظفين يرغبون في العمل من المنزل على الأقل جزءًا من الوقت بعد انتهاء الجائحة، مقارنة بنحو 30% قبل حدوث الجائحة، بينما 32% من المنظمات تنوي تغيير العمل بدوام كامل إلى عمل مؤقت أو لمهمة محددة؛ توفيرًا للنفقات.

– 16% من المديرين وأصحاب العمل يعتمدون بشكل أكبر على الوسائل التكنولوجية في متابعة الموظفين.

لقد أعادت جائحة كورونا النظر، كذلك لأغلب العاملين حول العالم، حول كيفية الموازنة بين حياتهم الشخصية والمهنية وهو ما يتحقق بشكل كبير في العمل عن بُعد .

 

 

المصدر: تقرير القمة العالمية للحكومات 2023

ووفقًا لمسح أجرته منظمة العمل الدولية شمل 118 دولة تمثل 86% من إجمالي القوى العاملة في العالم؛ فإن 7.9% من القوى العاملة في العالم تعمل من المنزل بشكل دائم عقب انتهاء الجائحة.

على صعيد متصل، فقد أوضح تقرير مجلس الوزراء أنه على صعيد اتجاهات التشغيل، فهناك تسعة اتجاهات سادت خلال عام 2023 بحسب شركة جارتنر وهي:

  • تزايُد التوجهات نحو تبني نظام العمل الهجين (المكتبي – عن بُعد).
  • تزايُد الضغوط على المديرين بسبب الضغوط المزدوجة للعمل عن بُعد وتطور احتياجات الموظفين.
  • تزايُد أعداد الأشخاص الذين يتقدمون لوظائف خارج مجال خبرتهم.
  •  تزايُد الاهتمام بالصحة النفسية للعاملين.
  • تزايُد اهتمام المؤسسات بتحقيق المساواة والتنوع والشمول في أماكن العمل.
  • المخاوف المرتبطة بخصوصية البيانات في ظل التوسع في استخدام التكنولوجيا.
  • استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في عمليات التوظيف يواجه تحديات تنظيمية.
  • تآكل المهارات الاجتماعية لدى الجيل (Z) كشف الفجوة في المهارات بين الأجيال.
  • إيجاد طرق جديدة عبر التوظيف الهادئ لاقتناص المواهب المطلوبة.


المحور الرابع: المرأة والعمل عن بُعد:

تؤكد منظمة العمل الدولية أنه بالنسبة للعمال الذين يؤدون عملهم في منازلهم، فقد كان معظمهم من النساء ووفقًا لتقديرات المنظمة؛ عمل 147 مليون امرأة و113 مليون رجل من المنزل في عام 2019، وتمثل النساء 56 % من جميع العمال الذين يؤدون عملهم في منازلهم .

وتشير المنظمة الدولية إلى أن ميل النساء إلى العمل من المنزل نسبته 11.5% ، وهو أعلى بكثير من ميل الرجال ونسبته 5.6%؛ ولذلك ليس من المفاجئ أن يكون شكلاً من أشكال الإنتاج شديد التمييز بين الجنسين. ولأن النساء في جميع أنحاء العالم لازلن يتحمّلن عبء عمل الرعاية غير مدفوع الأجر؛ يلجأ البعض إلى العمل من المنزل كطريقة للجمع بين مسؤوليات الرعاية وفرص الدخل مدفوعة الأجر، حتى لو أن ذلك غالبًا ما يؤدي إلى إطالة يوم العمل.

ومع ذلك، فإن فرصة العمل من المنزل مرحب بها من قِبل النساء والرجال الذين يسعون إلى المرونة، وكذلك من قِبل العمال ذوي الإعاقة الذين قد يكون لديهم فرص أقل للعمل مدفوع الأجر .

المصدر: منظمة العمل الدولية

وتشير منظمة العمل الدولية إلى أن التقارير الواردة من العديد من البلدان التي كانت لديها إجراءات إغلاق بأمر من الحكومة لكبح انتشار فيروس كورونا؛ إلى أن حدوث العنف المنزلي قد تصاعد بشكل كبير. وبالنسبة للعديد من الناجيات من العنف المنزلي، يوفر العمل  فترة راحة من عدم القدرة على التنبؤ بسوء المعاملة، ويمكن أن يكون هناك خطر مباشر داخل المنزل أكثر من خارجه، وهو ما تطلب إذكاء الوعي وتقديم الدعم والمساعدة للضحايا المحتملين، بالإضافة إلى تمكين جميع العمال من الاهتمام ببعضهم البعض ،واكتشاف علامات الإنذار المبكر بأن شيئًا ما قد يشير إلى حدوث إساءة أو عنف في منزل أحد زملائهم في العمل.

كما ينبغي للمؤسسات أن تتبادل المعلومات مع العمال حول مكان الإبلاغ وطلب المساعدة لمكافحة العنف المنزلي، بما في ذلك الخطوط الساخنة الوطنية والمحلية وخدمات المستجيبين المدربين، باستخدام كلمات رمزية خاصة يمكن للضحايا استخدامها للإشارة إلى الإساءة؛ وبالتالي إطلاق استجابات من قِبل السلطات المختصة .

ويمثل الحصول على الأجر المُجزي والمرونة في عدد ساعات وظروف العمل، أحد أهم دوافع النساء عند البحث عن عمل، وعادة ما تكون هذه المرونة متوافرة في الأعمال التي يمكن أداؤها عن بُعد، وهو ما أشارت إليه إحدى الدراسات التي أجريت في دول مجلس التعاون الخليجي .

المصدر: تقرير القمة العالمية للحكومات 2023

 

المحور الخامس: العمل عن بُعد في مصر:

لقد بذلت الدولة المصرية جهودًا كبيرةً لتحسين البنية التحتية التعليمية ورفع معدلات التشغيل في مصر بشكل عام والعمل على خفض معدلات البطالة؛ حيث تشير مؤشرات سوق العمل المحلية، إلى أنه على الرغم من تداعيات جائحة كورونا، فإن معدل البطالة في مصر استمر في الانخفاض ليصل إلى 7.4% عام 2021 مقارنة بـ 13.0% عام 2014، كما استمر عدد المشتغلين في الارتفاع ليصل إلى 27 مليونًا و200 ألف مشتغل عام 2021، مقارنة بـ 24 مليونًا و300 ألف مشتغل عام 2014.

كذلك جاءت مصر في المرتبة 58 من بين 141 دولة على مستوى العالم في المؤشر الفرعي الخاص بالإنتاجية والأجور بتقرير التنافسية العالمية لعام 2019؛ حيث حصلت مصر على 52.6 نقطة من أصل 100 نقطة.
كما بلغ معدل البطالة لدى الإناث 16% في عام 2021 مقارنة بـ 23.6% عام 2016؛ مما يعكس حرص الدولة المصرية على تعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة.

والحقيقة، أن دعم القطاع التعليمي لاسيما الجامعي يُعد أبرز جهود الدولة المصرية، فقد ألزمت المادة 21 من الدستور المصري الدولة على أن تلتزم بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم الجامعي لا تقل عن 2% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًّا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. ولذلك، فقد شهد حجم الإنفاق العام على التعليم خلال السنوات الخمس الماضية قفزة؛ حيث ارتفع من 109.2 مليارات جنيه في العام المالي 2017/2018 ليصل إلى 192.7 مليار جنيه في موازنة العام المالي 2022/2023.

كما شهدت عدد من الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية في مصر، قفزة هائلة من 43 جامعة في العام الدراسي 2013/2014 إلى 68 جامعة في العام الدراسي 2021/2022، كما تم التوسع في إنشاء كليات الذكاء الاصطناعي لتصل إلى 10 كليات خلال العام الدراسي 2022/2023، و29 مدرسة تكنولوجية، بالإضافة إلى 8 مجمعات تكنولوجية تم إنشاؤها بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إطار استراتيجية الدولة لتوطين ونشر ثقافة الإبداع والابتكار على مستوى الجمهورية.

وفي خضم هذه الجهود غير المسبوقة من قِبل الدولة المصرية لخفض معدلات البطالة ودعم الخريجين بالمهارات اللازمة لسوق العمل، يظهر العمل عن بُعد كخيار استراتيجي يمكنه أن يحقق العديد من المزايا للدولة والتي يمكن إجمالها في الآتي :

  • خفض معدلات البطالة: تشير كافة البيانات الواردة عن خصائص ومعدلات البطالة فى مصر إلى ارتفاع البطالة بين الإناث عن الذكور بشكل لافت، وكذلك ارتفاعها بين فئة الشباب الحاصلين على مؤهلات عليا، فضلاً عن ارتفاعها فى الحضر مقارنة بالريف. وهنا يصبح العمل عن بُعد مدخلاً لاستيعاب بطالة الشباب والمتعلمين والريفيين وإيجاد مجالات عمل للفئات الضعيفة والمهمشة مثل كبار السن والمعاقين وسكان المناطق النائية والمناطق الريفية وخاصة في قرى صعيد مصر وريفها .
  • دعم الموقف التنافسي الاقتصادي العالمي للدولة؛ حيث يسهم العمل عن بعد في توليد فرص عمل جديدة.
  • خفض معدلات الهجرة من الريف إلى الحضر؛ حيث يوفر العمل عن بُعد إمكانية توليد الدخل محليًا عبر القنوات الإلكترونية، فضلاً عن خفض الازدحام المروري في المدن الحضرية خاصة القاهرة .

وهنا تجدر الإشارة إلى نتائج الدراسات التي أُجريت عن تجربة العمل عن بُعد في مصر، خاصة في وقت الجائحة، إلى أن العمل عن بُعد يمثل توجهًا مستقبليًا بصرف النظر عن ضغوط كورونا، وإنه يمكن الاستفادة من هذا العمل مستقبلا .

جهود الدولة المصرية في تأسيس قاعدة للعمل عن بُعد قبل وبعد جائحة كورونا:

لقد قدمت الدولة المصرية العديد من المبادرات لدعم وبناء قاعدة للعمل عن بُعد، قبل وبعد جائحة كورونا، كان أبرزها ما يلي :

  • إطلاق مبادرة “حاسب لكل منزل” من خلال وزارة الاتصالات والمعلومات في نوفمبر عام 2002.
  • إطلاق مبادرة شبكة المدارس الذكية، والتي بدأت عام 2003 بهدف إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النظام التعليمي؛ لرفع جودة العملية التعليمية وتشجيع الطلبة والطالبات على الإبداع، وإكسابهم المهارات الحديثة التي يتطلبها سوق العمل.
  • مشروعات القرى الذكية في 6 أكتوبر، ومشروعات وادي التكنولوجيا، وافتتاح مركز الحكومة الإلكترونية لتأهيل متخصصين في تقنية المعلومات والاتصالات، والعمل ببرنامج محو أمية الحاسوب والانترنت بالتعاون مع المجتمع المدني .
  • إنشاء أول سوق إلكترونية للصناعة المصرية، وتأسيس أول شركة عربية للتجارة الإلكترونية من خلال الانترنت ومقرها مدينة القاهرة .
  • طُرحت العديد من المنصات قيد التشغيل حالياً في مصر؛ حيث تسمح للباحثين عن عمل التواصل مع أصحاب العمل الراغبين في توظيف عمال عن بُعد، وكان في مقدمتها منصة com والتي من خلالها زادت عدد الوظائف الشاغرة للعمل عن بُعد بنسبة 124%.
  • وضعت وزارة التربية والتعليم خطة عاجلة للتحول إلى التعليم عن بُعد ومتابعة تطبيقها؛ حيث طبقت الخطة في الفصل الدراسي الثاني للعام الجامعي 2019-2020 ، فشكلت لجانًا مركزية لوضع خطط لإدارة العمل عن بُعد، وهيأت المنصات التعليمية، كما شرعت في تدريب وتأهيل المدرسين وأعضاء هيئة التدريس للتحول للعمل عن بُعد، كما عقدت المجالس الجامعية في الكليات والأقسام عن بعد بالاعتماد على التطبيقات التقنية .
  • اقترحت رؤية مصر 2030 بعض البرامج والمشاريع المتعلقة بالتكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مثل المشروع القومي للإنترنت عالي السرعة، وتحويل مصر إلى مركز رقمي عالمي .
  • في 30 مايو 2020 وخلال جائحة كورونا، أعلنت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ايتيدا) بدعم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مبادرة تدريب فريدة عبر الإنترنت لتوسيع نطاق التكنولوجيا لدى الشباب المصري، والتدريب عبارة عن منحة دراسية مدتها 18 شهرًا متاحة مجانًا لـ 100000 مصري، وذلك لمساعدتهم على إتقان إحدى المهارات التكنولوجية الأساسية للعمل عن بُعد والتفوق في المستقبل الرقمي.

 

……………………………………………………….

المراجع:

1- بحث “العمل عن بعد ومنظومة العمل : ملامح التغير …رؤية اجتماعية” / د.نشوى توفيق أحمد ثابت

مدرس علم الاجتماع – كلية الآداب – جامعة عين شمس .

2- تقرير منظمة العمل الدولية “العمل عن بعد خلال جائحة كوفيد -19 وما بعدها ” تقرير عملي 2020.

3- تقرير القمة العالمية للحكومات 2023 “مستقبل العمل : إلقاء الضوء على مجلس التعاون الخليجي “.

4-منظمة العمل الدولية / تقرير “العمل من المنزل من الخفاء إلى العمل اللائق ” / ملخص تنفيذي .

5- الموقع الرسمي لمنظمة العمل الدولية .

6- الموقع الرسمي للأمم المتحدة.

7- تقرير “اتجاهات وآفاق التشغيل محليًا وعالميًا” الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء / مركز دعم واتخاذ القرار.

8- الموقع الرسمي لمؤسسة بلومبرج.

The post العمل عن بعد .. المفهوم ..المتطلبات..التوصيات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8168
الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول https://draya-eg.org/2024/08/31/%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%ac%d8%b1%d8%a9-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%a8%d8%b9%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84%d9%88%d9%84/ Sat, 31 Aug 2024 17:53:02 +0000 https://draya-eg.org/?p=8152 لا شك في أن تحويلات المصريين في الخارج تشكل جزءاً هاماً في اقتصاد الدولة المصرية ومصدراً داعماً للعملات الأجنبية، حيث تشير البيانات إلى أن مصـر تعد مـن أكبـر الـدول المسـتقبلة للتحويـلات علـى مسـتوى العالـم “المركـز الخامــس عالميــاً” بقيمــة 28.92 مليــار دولار عــام 2018، وبلغــت نســبة تحويلات المصريين بالخارج من إجمالي مصادر النقد الأجنبي بمصر خلال …

The post الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لا شك في أن تحويلات المصريين في الخارج تشكل جزءاً هاماً في اقتصاد الدولة المصرية ومصدراً داعماً للعملات الأجنبية، حيث تشير البيانات إلى أن مصـر تعد مـن أكبـر الـدول المسـتقبلة للتحويـلات علـى مسـتوى العالـم “المركـز الخامــس عالميــاً” بقيمــة 28.92 مليــار دولار عــام 2018، وبلغــت نســبة تحويلات المصريين بالخارج من إجمالي مصادر النقد الأجنبي بمصر خلال عام 2022 / 2023 حوالي 23.5%، لتكون بذلك المصدر الثاني  للنقد الأجنبي، الأمر الذي يساهم بدوره في دعم قدرة الدولة على توفير احتياجاتها الأساسية وزيادة قدرتها على استيراد السلع وتلبية احتياجات المواطنين.

ولذلك تعد الهجرة النظامية أو “الهجرة الشرعية” جزءاً أصيلاً من قوة الاقتصاد الوطني لأي دولة ومصدراً هاماً للدخل القومي، كما تساهم بدورها في تحقيق أهداف التنمية. ولكن التحدي الحقيقي الذى يواجه الحكومات هو”الهجرة غير النظامية ” أو ما يعرف بـ “الهجرة غير الشرعية ” والتي يشكل البحث عن عمل لائق أهم دوافعها الأساسية، حيث يخاطر الشباب بحياتهم وأسرهم بحثاً عن فرص عمل لائقة وحياة أفضل – كما يعتقد– في دول أخرى، متغافلين عن العواقب الوخيمة المترتبة على ذلك .

وإتساقا مع ما تقدم،  يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على “الفرق بين الهجرة النظامية وغير النظامية من حيث المفهوم؛ مع رصد لبعض الاحصائيات عن حجم الهجرة النظامية وغير النظامية في مصر، أبعاد مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر وأسبابها، وأخيراً جهود الدولة المصرية في الحد والتعامل مع هذه الظاهرة”.

وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة والتي يمكن وضعها أمام صانع القرار لعلها تقدم حلولاً تتكامل مع رؤية الدولة وخططها في هذا الصدد مايلي:

1- دراسة الطبيعة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لحالات الشباب الذي أقدم على الهجرة غير النظامية  بشكل علمي ومفصل لمعرفة دوافعهم، وتقديم الدعم والحلول المناسبة لها عبر مؤسسات الدولة.

2- وضع استراتيجية وقائية وعلاجية لظاهرة الهجرة غير النظامية ترتكز على توفير فرص العمل، وتسهيل الهجرات الشرعية، وتوفير فرص للتدريب لرفع مستوى الكفاءة والأداء المهني للشباب مما يمكنهم من إيجاد فرص للعمل بدول أخرى.

3- العمل على خفض معدلات الفقر والبطالة واعتبار ذلك أولوية قصوى للدولة المصرية، على اعتبار أنها أهم العوامل التي تؤدى لتفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية.

4- زيادة دعم الدولة للأسر والمجتمعات الفقيرة والمهمًشة، خاصة أنهم المصدر الأهم لضحايا الهجرة غير النظامية.

5- وضع خطة إعلامية كبرى للتوعية بمخاطر الهجرة غير النظامية تشارك فيها المؤسسات الدينية بشكل فعًال.

6- زيادة حجم التدابير والمواجهات السياسية والأمنية لشبكات التهريب، وذلك في إطار الجهود الداخلية والإقليمية والدولية لمكافحة جرائم تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.

7- زيادة التعاون والتنسيق الدولي فى مجال مواجهة الهجرة غير النظامية، وذلك من خلال إبرام المزيد من الاتفاقيات المعنية والعمل على تفعيلها، فضلاً عن تبادل الدراسات والبيانات عن ظاهرة الهجرة غير النظامية.

8- العمل على عقد المزيد من الاتفاقيات بين الدول المصدٍرة للعمالة، وتلك التي تحتاج لعمالة موسمية بما يحقق أقصى استفادة من ظاهرة الهجرة لكل من الطرفين.

9- زيادة منافذ الهجرة النظامية، والتنسيق بين الجهات الحكومية المعنية للترويج لفرص العمل المتاحة للشباب في الدول التي يرغبون في الهجرة اليها.

10- التوسع في إجراء المزيد من المسوح والدراسات حول احتياجات ومتطلبات أسواق العمل الخارجية، والتركيز على توفير فرص هجرة للراغبين فى ذلك، مع أهمية تسليط الضوء على القوانين الحاكمة لأنظمة الهجرة في الدول الأخرى.

 

أولاً: الفرق بين الهجرة النظامية وغير النظامية ، من حيث المفهوم …

عرًفت اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر “الهجرة الآمنة” أو “الهجرة النظامية” على أنها:(انتقال شخص من مكان إقامته المعتاد إلى مكان إقامة جديد، بما يتماشى مع القوانين واللوائح التي تحكم خروج بلد المنشأ والسفر والعبور والدخول إلى الوجهة أو البلد المضيف).

بينما أشارت اللجنة إلى أن تعريف ” الهجرة غير النظامية ” أو “الهجرة غير الشرعية”:(هو الهجرة خارج المعايير التنظيمية للدولة المرسِلة أو دولة العبور أو الدولة المستقبِلة للمهاجرين. ومن وجهة نظر الدولة المستقبلة، فإنها تتضمن الدخول أو الإقامة أو العمل بصورة غير قانونية في البلاد. أما من وجهة نظر الدولة المرسِلة، فهي تنطوي على مخالفة اللوائح والقوانين في حالات مثل: قيام الشخص بعبور الحدود الدولية دون جواز سفر صالح أو وثائق سفر أو غير مستوفي الشروط الإدارية لمغادرة البلاد. إلا أن المصطلح يرتبط أكثر بحالات تهريب المهاجرين بطريقة غير شرعية/ قانونية).

كذلك تجدر الإشارة الى أنه هناك فروق جوهرية وتشابهات أيضاً بين مصطلح “الهجرة غير الشرعية”                أو” تهريب المهاجرين “و”الإتجار بالبشر”؛ فكلاهما تجارة مربحة تشمل البشر وتقوم بها الجماعات المنظمة، ولكن ثمة اختلافات بينهما:

  • يمكن الإتجار بالأشخاص داخل البلد (الإتجار الداخلي) أو عبر الحدود (الإتجار الدولي)، في حين أن تهريب المهاجرين يحدث فقط عبر الحدود.
  • الإتجار بالأشخاص هو جريمة ضد الإنسانية، في حين أن تهريب المهاجرين هو جريمة ضد الدولة.
  • استمرار الاستغلال: العلاقة بين المهاجر المُهرَّب والمهرِّب تنتهي بعد عملية عبور الحدود الدولية. أما في حالة الاتجار بالبشر؛ فإن العلاقة لاتنتهي بين التاجر والشخص الذي يتم الإتجار به ويتم إجبار الضحايا أو خداعهم، حيث تنصب نية التاجر على استغلالهم.
  • ونادرًا ما ينطوي الإتجار في الأشخاص على الدفع المسبق، في حين يعد الدفع المسبق أمرًا ضروريًّا في حالة تهريب المهاجرين.
  • وعلى الرغم من التمييز الواضح، فمن الممكن أن تتحول قضية تهريب المهاجرين إلى قضية إتجار بالبشر؛ وقد يصبح المهاجرون المهرَّبون الذين يتم استغلالهم في أية مرحلة من مراحل العملية ضحايا للإتجار بالبشر.

ثانياً: إحصائيات وأرقام عن حجم الهجرة النظامية وغير النظامية في مصر:

فيما يتعلق بحجم الهجرة غير النظامية في مصر في إطار المستوى الإقليمي الراهن، فقد أصدرت شبكة “البارومتر العربي” تقريراً حول نوايا ودوافع الهجرة في البلدان العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ أوضحت نتائج المسح المنشورة على موقع الشبكة البحثية إلى أن “ما يقرب من نصف من تم استجوابهم (48%) يريدون مغادرة المملكة المملكة الأردنية الهاشمية في حين جاءت مصر في المرتبة الأدنى من تلك الناحية حيث عبر 13% فقط عن رغبتهم في الهجرة . وأشار المسح أيضاً إلى أنه مثلت الصعوبات الاقتصادية الدافع الأكبر للهجرة في مصر بنسبة 97% ، لكنها لم تمثل ذات النسبة في الأردن فبلغت نحو 93% ، وانخفضت في ليبيا إلى 53%.

كما تحتل مصر المرتبــة الثانيــة مــن حيــث أعــداد المهاجريـن غيـر النظامييـن عبـر الطريـق البحـري مـن البحـر المتوسـط والبـري إلـى أوروبـا، والـذي بلـغ مـا يقـرب مـن 7938 مهاجـراً منـذ ينايـر 2021 وحتـى ديسـمبر من العام نفسه،  تتوجـه الغالبيـة العظمـى منهـم إلـى اليونان ومالطا وإيطاليا.

وفيما يتعلق بالهجرة النظامية، فقد شـهدت مصـر خـلال العقديـن الماضييـن ارتفاعـًا ملحوظًـا فـي أعـداد المهاجريـن النظاميين، وتحديـداً منـذ عـام 2005، حيـث زاد إجمالـي أعـداد المهاجريـن مـن 1.3 مليـون فـي 1990 إلـى 1.8 مليـون فـي 2005 ثـم قفـزت إلـى 3.6 ملاييـن فـي 2020 ، أي مـا يمثـل حوالـي 3.5% مـن إجمالـي السـكان. وتعتبـر مصـر مـن أكبـر بلـدان المنشـأ للمهاجريـن، حيـث احتلـت الترتيـب 19 عالميـاً والترتيـب الثانـي عربيـاً (بعـد سـوريا) فـي عـام 2019.

وفيمـا يتعلـق بالـدول المسـتقبلة للعمالـة المصريـة، تشـير إحصـائيات مسـح سـوق العمـل المصـري لعـام 2018 إلـى أن الـدول العربيـة تعتبـر الوجهـة الأولـى للعمالـة المصريـة المهاجـرة، خاصـة فـي كل مـن السـعودية والكويـت والأردن والإمـارات العربيـة المتحــدة، حيــث بلغــت نســبة المهاجريــن المصرييــن إلــى هــذه الــدول لإجمالــي أعــداد المهاجريــن 41.3% و28.7% و10.5% و5.3% علــى الترتيــب. وقد بلغت نسبة تصاريح العمل بالخارج لهذه الدول حوالي 97% من إجمالي تصاريح العمل بالخارج.

تأتـي فـي المرتبـة التاليـة للـدول العربيـة بعـض دول منظمـة التعـاون الإقتصـادي والتنميـة بنسـبة 2.9% ودول الإتحـاد الأوروبـي بنســبة %1.6 مــن إجمالــي العمالــة. وتتركــز الهجــرة إلــى الــدول الأجنبيــة بشــكل رئيســي فــي إيطاليــا بنســبة 37.1% تليهــا الولايـات المتحـدة الأمريكيـة بنسـبة 35.4% ، ثـم كنـدا بنسـبة 19.4% وأخيـراً أسـتراليا بنسـبة  2.9% مـن إجمالـي المهاجريـن الدائميــن للــدول الأجنبيــة.

وتعتبــر الهجــرة لهــذه الــدول هجــرة دائمــة بغــرض الإرتقــاء بالأحــوال المعيشــية والحصــول علــى حقـوق المواطـن الأصلـي بهـذه البلاد، علـى عكـس الهجـرة للـدول العربيـة التـي تأخـذ شـكلاً مؤقتًـا بغـرض الحصـول علـى دخـل مرتفـع، إلا أن المكـوث بهـا لا يضيـف حقوقـاً للمسـافر.

وبوجـهٍ عـام، يتجـه المهاجـرون الأفضـل فـي مسـتوى التعليـم إلـى الـدول الغربيـة بينمـا يذهـب أصحـاب المسـتويات التعليميـة الأقـل إلـى الـدول العربيـة ويمثلـون المصـدر الأكبـر مـن تحويـلات العامليـن بالخـارج.

ويعتبـر البحـث عـن فرصـة عمـل مناسـبة الهـدف  المحـوري الـذي يسـعى إليـه جميـع المهاجريـن، سـواء بشـكل نظامي أو خـلاف ذلــك، ففــي ظــل عــدم قــدرة الاقتصــاد علــى خلــق طلــب كاف لإســتيعاب قــوة العمــل مــن ناحيــة، وانخفــاض المهــارات وجــودة التعليـم مـن ناحيـة أخـرى، يلجـأ العديـد مـن الشـباب إلـى مسـارات الهجـرة غيـر النظاميـة بحثـاً عـن فـرص عمـل لائقـة.

ثالثاً: أبعاد مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر:

*نشأة المشكلة : بدأت مشكلة الهجرة غير النظامية في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي؛ حيث تدفقت العمالة المصرية إلى دول الخليج بهدف المشاركة في المشروعات الإنشائية الضخمة التي شرعت في بنائها هذه الدول من عوائد النفط ، خاصةً لكون العمالة المصرية منخفضة الأجور في ذلك الوقت مقارنة بمثيلاتها من دول العالم الأخرى، ولكن الأمر تغير مع بداية فترة التسعينيات وانتهاء حرب الخليج الأولى واتجاه دول الخليج إلى استبدال العمالة المصرية بالآسيوية التي أصبحت أفضل في المهارات وأكثر انخفاضاً في الأجور، فضلاً عن اتجاه هذه الدول إلى إحلال العمالة من أبناء الدول نفسها بديلاً عن العمالة الوافدة من الدول الأخرى في الوقت الذي قامت فيه دول الإتحاد الأوروبي بتوقيـع اتفـاق شـنغن عـام 1990 ثـم معاهـدة ماسـتريخت عـام 1992 لضمـان حريـة الانتقال لمواطنـي الإتحـاد الأوروبـي داخـل حـدود أعضائه دون قيـود، وقـد ترتـب علـى ذلـك فـرض قيـود شـديدة علـى انتقـال العمالـة الأجنبيـة إلى داخل الإتحـاد الأوروبـي، وبالتالى ازداد اتجاه الراغبين في الهجرة إلى اللجوء إلى الطرق غير الشرعية وغير القانونية بهدف الإنتقال إلى هذه الدول.

*أكثر المحافظات المصرية المصدرة للمهاجرين غير النظاميين :

أوضحت دراسة بحثية حديثة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بين الشباب المصري الذي يرغب في الهجرة بصورة غير نظامية إلى وجود إحدى عشرة محافظة مصدٍرة للمهاجرين غير النظاميين: الشرقية، الدقهلية، القليوبية، المنوفية، الغربية، البحيرة، كفر الشيخ، الفيوم، أسيوط، الأقصر والمنيا.

*خصائص القرى والمحافظات المصدٍرة للمهاجرين غير النظاميين:

1تشتهر هذه القرى بالزراعــة والصيــد وصناعــة الســفن فــي الوجــه البحــري، والزراعـة والرعـي والسـياحة والتجـارة المتعلقـة بهـا بالوجـه القبلـي.

2- نقـص دور خدمـات الرعايـة الصحيـة، خاصـة فـي الوجـه البحـري، ونقــص الإمكانــات الماديــة والبشــرية، إلــى جانــب نقــص فــي المــدارس الإعداديــة ونقــص شــديد فــي المــدارس الثانويــة.

3- الطـرق أغلبهـا ترابيـة وشـديدة السـوء فـي الوجـه البحـري، ولكنهـا أفضـل فـي الوجـه القبلـي نتيجـة للأنشـطة السـياحية.

4 – توافــر شــبكة مــن العلاقــات مــن معارف/ أهــل/ أقــارب فــي دولــة المقصــد أو خبــرات ســابقة لهــم فيهــا، بحيــث يتــم الحصــول علــى المعلومـات المتعلقـة بتوافـر فـرص العمـل ومسـتوى الأجـور وظـروف المعيشــة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن إيطاليـا تعتبر مـن أهـم بلـدان المقصـد لقربهـا مـن مصـر وتعتمـد أغلــب مســارات الهجــرة علــى البحــر فــي الوجــه البحــري والطــرق البريـة مـن خـلال ليبيـا فـي الوجـه القبلـي.

5- وجــود سماســرة ووكلاء ســفر ومترجميــن ومكاتــب التشــغيل ومصرفييــن أغلبهــم لهــم تجــارب ســابقة فــي الهجــرة.

6- وجود أقران فـي القريـة قامـوا بالهجـرة وظهـرت علامـات الثـراء عليهـم بعـد العـودة، بالإضافـة إلـى وجـود تشـجيع مـن جانـب الأسـر.

*خصائص المهاجرين الديموغرافية :

1- أغلبهم إما أطفال غير مصحوبين بذويهم وأعمارهم تتراوح ما ين 18:9 عاماً أو شباب من 35:18 عاماً وجميعهم من الذكور، أغلبهم متأخر في الزواج ومتسرب من التعليم، كما يعيش أغلبهم في أسر كبيرة العدد.

2- غالبيتهم من العاملين في وظائف غير رسمية أو عاطلين (محبطين /غير راضيين عن فرص العمل المحلية).

3- يتمتع ما يقرب من ثلث الشباب بمهارات منها الكمبيوتر واللغات.

4- تتوافر البنية الأساسية بنسب مختلفة كما أن لديهم سلع معمرة ولكن لا يمتلكون أراض أو عقارات.

*أكثر دول المقصد الأكثر جذباً:

على الرغم من أن الإحصاءات تشير إلى أن بعض المهاجرين المصريين غير النظاميين يتجهون إلى اليونان ومالطا، تظل إيطاليا هي الوجهة المفضلة لمعظم المهاجرين؛ حيـث تـم ترحيـل مـا يقـرب مـن 649 شـاباً فـي 2001، ثـم ازدادوا إلـى 5102 شـاباً فـي 2007، مـن هـذه الـدول عنـد الوصـول.

ويرجع السبب في تفضيل المهاجرين لإيطاليا إلى:

  • الوضع الاقتصادي الجيد بإيطاليا بالمقارنة بمالطا واليونان.
  • اجتذاب القطاع غير الرسمي الكبير بإيطاليا للعديد من العمال المهاجرين المهرة وغير المهرة الباحثين عن العمل، حيث لا يستلزم الأمر إقامتهم وعملهم بشكل قانوني.
  • تشجيع الجاليات المصرية في مدن مثل ميلانو لأفراد عائلاتهم أو أصدقائهم أو معارفهم من نفس القرى، ممن يبحثون عن فرص عمل والمعيشة في إيطاليا، على الهجرة غير الشرعية.

المخاطر المحيطة بالهجرة غير النظامية في إيطاليا:

تعتبر مخاطر الهجرة غير النظامية هي نفسها لكل من البالغين والأطفال وتتمثل في صعوبة الرحلة من بلد منشأهم. ومع ذلك، فإنه غالبًا ما يكون لها أثر سلبي أكثر شدة على الأطفال لأنهم أكثر عرضة للخطر، حيث يكون الأطفال المهاجرون غير المصحوبين عرضة للاستغلال بمجرد وصولهم من مصر لعدد من الأسباب لاسيما إذا كان هربًا من مراكز المهاجرين ومن أبرز هذه المخاطر:

– يكون هؤلاء الأطفال، في كثير من الأحيان، جاهلين بحقوقهم أو بنص القانون الإيطالي على حمايتهم؛ حيث يستقون معلوماتهم من معارفهم فقط وغالبًا ما يضطروا لدفع المال للراشدين من أجل مرافقتهم إلى مواعيد الخدمات الاجتماعية أو ومراكز الشرطة أو المحكمة وقد يحتاجوا أيضا إلى القيام بذلك من أجل الحصول على وصي معين. وفي بعض الأحيان، يتعرض الشباب للاستغلال من قِبل وليّ الأمر الذي يختارونه.

– يعد الأطفال المهاجرون غير المصحوبين هم أيضا عرضة بشكل خاص للاستغلال بسبب تكلفة رحلة الهجرة؛ وهذا يعني أنه من الممكن استغلالهم في ظروف عمل سيئة أو غير إنسانية لتسديد الدين للمهربين.

– يمكن أيضاً أن يتم إجبار هؤلاء الأطفال على أنشطة الإتجار بالبشر الأخرى، بما في ذلك الدعارة وتجارة المخدرات و العمل بالسخرة أو نزع أعضاؤهم قسرًا.

رابعاً: أسباب الهجرة غير النظامية في مصر:

تتعدد وتتشابك أسباب الهجرة غير النظامية في مصر، إلا أنه يمكن إيجازها في النقاط التالية:

أ- أسباب اقتصادية:

-الفقر ونقص الاحتياجات الأساسية.

-الرغبة في تحسين مستوى المعيشة.

-ارتفاع مستوى البطالة أو العمل في ظروف غير مستقرة (القطاع غير الرسمي) وعدم الرضاء عن فرص العمل المحلية المتاحة.

ب- أسباب ثقافية:

-التشجيع من جانب الأسرة والمجتمع في القرى على الهجرة غير النظامية، والنظر إليها على أنها شكل من أشكال الكفاح.

-الموروث الثقافي المتعلق بإنجاب عدد كبير من الأطفال، وما يترتب عليه من نمو في تعداد السكان وحجم قوة العمل مع نقص في المعروض من الوظائف.

ج- أسباب اجتماعية:

-عدم القدرة على تحمل تكاليف الزواج.

– المقارنة بالأقران في القرية ممن استطاعوا الهجرة وظهرت عليهم علامات الثراء بعد العودة.

د- أسباب أخرى:

– ارتفاع تكاليف الهجرة الشرعية/النظامية والقيود عليها في الخارج.

– وجود ظروف محفزة في القرى المصدرة للهجرة ( كشبكة العلاقات والسماسرة، وتوافر معلومات عن دول المقصد، وتجارب سابقة).

خامساً: جهود الدولة المصرية للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية :

قامت الدولة المصرية ببذل جهود كبيرة ومخلصة فى سبيل الحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية على المستوى المحلي والدولي والتي كان من أبرزها:

أ- على المستوى المحلي:

1– إنشـاء اللجنـة الوطنيـة التنسـيقية لمكافحـة الهجـرة غيـر الشـرعية عـام 2014 بموجـب قـرار رئيـس مجلـس الـوزراء رقـم  380 لعام 2014.

2-  إنشـاء “اللجنـة الوطنيـة التنسـيقية لمكافحـة ومنـع الهجـرة غير الشـرعية والإتجـار بالبشـر”  كإعـادة هيكلـة للجنـة السـابقة، وتتكـون عضويـة اللجنـة مـن 30 وزارة وهيئـة ومركـزاً قوميًـا، مـن بينهـم وزارة الدفـاع ووزارة القـوى العاملـة ووزارة الهجـرة وشـؤون المصرييـن بالخـارج ووزارة الداخليـة والخارجيـة والمركـز القومـي لحقـوق الإنسـان والمركـز القومـي للأمومـة والطفولـة المنـوط بـه التمثيـل القانونـي للأطفـال المهاجريـن غيـر المصحوبيـن والذيـن لـم يُستـدل علـى أسـرهم.

3- إصدار القانـون رقـم 82 لسـنة 2016 وهو أول قانـون يناقـش مكافحـة الهجـرة غيـر النظاميـة، حيـث جـرم القانـون المسـاعدة بـأي شـكل مـن الأشـكال علـى الهجـرة غيـر النظاميـة وتهريـب المهاجريـن ، ووضـع عقوبـة تتمثـل فـي الحبـس أو دفـع غرامـة لا تقـل عـن خمسـين ألـف جنيـه ولا تزيـد عـن خمسـمائة ألـف جنيـه مصـري حسـب شـدة الجـرم. ولـم يحمـل القانـون المهاجريـن غيـر النظامييـن أو ذويهـم أيـة مسـؤولية مدنيـة أو جنائيـة، حيـث اعتبرهـم ضحايـا لجريمـة التهريـب. كمـا تضمـن القانـون إنشـاء “صنـدوق مكافحـة الهجـرة غيـر الشـرعية وحمايـة المهاجريـن والشـهود”، وتكـون لـه شـخصية اعتباريـة عامـة وموازنـة خاصـة بـه لتقديـم الدعـم المالـي لضحايـا الهجـرة غيـر الشـرعية.

5- إطلاق المبــادرة الرئاســية “مراكــب النجــاة” فــي اختتــام منتــدى الشــباب فــي ديســمبر 2019 للتصــدي للهجــرة غيــر النظاميــة، والتــي تــم اعتبارهــا مبــادرة قوميــة وتــم ربطهــا باستراتيجية مصــر 2030 حيــث خصصــت وزارة التخطيـط مبلـغ 250 مليـون جنيـهاً مصـرياً لتفعيـل المبـادرة فـي 70 قريـة فـي المحافظـات الأكثـر تصديـراً للهجـرة غيـر النظاميـة.

ب- على المستوى الدولي:

1- تـم إطـلاق مبـادرة “مـن أجـل إفريقيـا” عـام 2016 بالتعـاون بيـن الإتحـاد الأوروبـي والمنظمـة الدوليـة للهجـرة لتسـهيل الهجـرة الآمنـة والمنظمـة وحمايـة المهاجريـن وتحقيـق إعـادة الإندمـاج لهـم عنـد العـودة، والتـي بـدأت فـي منطقـة السـاحل وحـوض بحيـرة التشـاد فـي منطقـة القـرن الإفريقـي، ثـم شـملت شـمال إفريقيـا، وشـملت المبـادرة مصـر، وليبيـا، والجزائـر، وتونـس، والمغــرب وتهــدف إلــى التعــرف علــى احتياجــات مجتمعــات المهاجريــن المســتضعفين مــن هــذه الــدول وتحســين ظروفهــم وحمايتهـم وضمـان إعادتهـم طوعـاً إلـى بلدانهـم ومسـاعدتهم علـى إعـادة الإندمـاج بهـا.

2- تدشين مشـروع “الهجـرة للتنميـة” والمنفـَذ مـن قبـل الوكالـة الألمانيـة للتعـاون الدولـي نيابـةً عـن وزارة التعـاون الإقتصـادي والتنميـة الألمانيـة بالتعـاون مـع وزارة الهجـرة المصريـة؛ و يهـدف المشـروع إلـى تحسـين ظـروف المعيشـة للعائديـن مـن الهجـرة فـي عـدد مـن الدول ومنهـا مصـر إلـى جانـب العـراق وتونـس والمغـرب وعـدد آخـر مـن الـدول، فضلاً عن تشجيع هجـرة العمالـة المتخصصـة فـي بعـض المجـلات والمهـن التـي يقـع عليهـا الطلـب فـي ألمانيـا. وقـد ترتـب علـى هـذه المبـادرة إنشـاء المركـز المصـري الألمانـي للوظائـف والهجـرة وإعـادة الإدماج.

3- توقيـع بروتوكـول تعـاون بين المنظمـة الدوليـة للهجـرة فـي مصـر ووزارة الدولـة للهجـرة وشـؤون المصرييـن بالخـارج ووكالـة تنميـة المشـروعات متناهيـة الصغـر والصغيـرة والمتوسـطة؛ حيث اسـتهدفت المرحلـة الأولـى مـن المشـروع الحـد من الهجـرة غيـر النظاميـة مـن خلال تبنـي مشـاريع للتنميـة المحليـة وتوفيـر فـرص عمـل، واسـتهدفت المرحلـة الثانيـة منـه تعزيـز مشـاركة المصرييـن بالخـارج فـي التنميـة وتعزيـز التواصـل والإتصـال معهـم، ويتـم أيضـًا التعـاون بيـن مصـر وإيطاليـا علـى وجـهٍ خـاص لعقـد برامـج تدريبيـة للعمالـة المصريـة المهاجـرة إلـى إيطاليـا، وذلـك بهـدف تأهيلهـم للالتحـاق بالمجتمع الايطالى .

……………………………………………….

 

 

المراجع ..

1- الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة.

2- الموقع الرسمي للجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر

https://www.nccpimandtip.gov.eg/ar/Home

3- الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات

https://www.sis.gov.eg/?lang=ar

4- تقرير ” نحو تعزيز فرص العمل اللائق فى مصر للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية ” والصادر عن مجلس الوزراء / مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

https://idsc.gov.eg/Upload/Competition/Attachment_A/ .pdf

5- بحث ” الهجرة غير الشرعية للشباب في المجتمع المصري ” والصادر عن المجلس القومي لحقوق الانسان والمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية / الإشراف العام : أ.د نسرين البغدادي / الاشراف التنفيذي: أ.د سميحة نصر

https://www.nccpimandtip.gov.eg/uploads/files/1558866215- .pdf

 6- الموقع الرسمي لوزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج

https://www.emigration.gov.eg/DefaultAr/Pages/default.aspx

The post الهجرة غير النظامية الأبعاد ..المؤشرات ..الحلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8152
ظاهرة الإلحاد الأسباب..الدوافع ..المؤشرات https://draya-eg.org/2024/08/25/%d8%b8%d8%a7%d9%87%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%84%d8%ad%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d8%a7%d9%81%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa/ Sat, 24 Aug 2024 21:44:14 +0000 https://draya-eg.org/?p=8133 لا شك أن عالمنا المعاصر يعاني من مشكلات وظواهر اجتماعية تتفاقم في حدّتها وتأثيرها يومًا بعد يوم، ولعل التطور التقني والتكنولوجي يلعب دورًا هامًا في تعاظم تأثيرات بعض الظواهر الاجتماعية التي عرفت على مدار التاريخ وفي مقدمتها ظاهرة الإلحاد.. والإلحاد ظاهرة قديمة، بدأت قبل ظهور الأديان السماوية؛ فمع الميل الفطري للإنسان بوجود إله يلجأ إليه، …

The post ظاهرة الإلحاد الأسباب..الدوافع ..المؤشرات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لا شك أن عالمنا المعاصر يعاني من مشكلات وظواهر اجتماعية تتفاقم في حدّتها وتأثيرها يومًا بعد يوم، ولعل التطور التقني والتكنولوجي يلعب دورًا هامًا في تعاظم تأثيرات بعض الظواهر الاجتماعية التي عرفت على مدار التاريخ وفي مقدمتها ظاهرة الإلحاد..

والإلحاد ظاهرة قديمة، بدأت قبل ظهور الأديان السماوية؛ فمع الميل الفطري للإنسان بوجود إله يلجأ إليه، كان الإنكار في المقابل بوجود الإله وزعم أن الكون بدأ بشكل تلقائي أو من خلية واحدة، وغير ذلك من التفسيرات العلمية والفلسفية لنشأة الكون والإنسان.

ولكن؛ تتعاظم أهمية مناقشة هذه الظاهرة في وقتنا الحالي بسبب التطور التقني والتكنولوجي غير المسبوق والذي تعاصره البشرية حاليًا، والذي كان سببًا مباشرًا في انتشار هذه الظاهرة وتعدُّد تأثيراتها على المجتمعات، فضلاً عن وصول هذه الظاهرة إلى المجتمعات العربية والشرق الأوسط بشكل عام، والتي كانت – إلى حد كبير- بمنأى عن اتّباع أفكار الإلحاد والملحدين لعقود طويلة .

وإيمانًا من المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية بأهمية مناقشة هذه الظاهرة وتتبُّع دوافعها ومؤشراتها وأسبابها؛ يصدر المنتدى هذا التقرير الذي يقدم بشكل علمي “معنى الإلحاد وتاريخه ودوافعه ومؤشراته، فضلاً عن عرضٍ لجهود الدولة المصرية ومؤسساتها الدينية من أجل التصدى لهذه الظاهرة .

وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة للحد من انتشار ظاهرة الإلحاد في التالي:

1- تفعيل دور خطبة الجمعة للرد على الشبهات والمفاهيم التي تروج لها مواقع الإلحاد وتجد لها مردود كبير بين الشباب.

2- استغلال الدراما بشكل موظف وعلمي لشرح صحيح الدين وإلقاء الضوء على القيم الإنسانية ومفاهيم الرحمة والعدل في الإسلام.

3- وضع خطة إعلامية كبرى تشارك فيها وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الإجتماعي لمواجهة انتشار الإلحاد في مختلف المجتمعات.

4- التزام المؤسسات الدينية المعنية بالخطاب الدينى المعتدل ونبذ الآراء الغريبة والشاذة، والتي كانت ملائمة لعصور مضت وانتهت.

5- تشكيل هيئة عالمية من المتخصصين في العلوم الدينية والعلمية والإنسانية على أن تكون لها منصات بمختلف اللغات للرد على شبهات الإلحاد ومحاورة الملحدين بالعقل والمنطق.

6- التوسع في إجراء الأبحاث العلمية المتخصصة على الملحدين بشكل دقيق بهدف التعرف على حجم الظاهرة وأهدافها ودوافعها وكيفية مواجهتها على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي وذلك من قبل الجامعات ومؤسسات البحث العلمي المعنية.

7- زيادة قدرات الشيوخ وشباب المفتين وتدريبهم على التعامل مع الملحدين والتحاور معهم بشكل علمي ومنطقي.

8- عقد لقاءات حوارية مفتوحة في الجامعات والمساجد والكنائس وبالتعاون مع المؤسسات الإفتائية للرد على شبهات الملحدين ومناقشة أفكارهم ومحاورتهم من خلال الأدلة والبراهين، ومن قبل المتخصصين في كافة المجالات.

9- العمل مع المؤسسات الدينية والفكرية المحلية والعالمية من أجل وضع إحصاء دقيق لأعداد الملحدين خاصة في مصر والعالم العربي بهدف دراسة الظاهرة بشكل أكثر شمولية وبأسلوب علمى دقيق.

أولاً: مفهوم الإلحاد…

يعرف الإلحاد في اللغة العربية على أنه ميل عن الاستقامة، والملتَحد يعني الملجأ، وقد سمى بذلك لأن اللاجئ يميل إليه. وعليه؛ فإن الإلحاد يعني ” العدول عن الاستقامة والانحراف عنها “.

أما مفهوم الإلحاد كفكرة وأيدلوجية، فإنه يعني التشكيك أو نفي كل شيء بما في ذلك الأديان، العقائد، الإله، الكتب المقدسة، والنبوات.

وهنا، يجب التفرقة بين مفهوم الإلحاد واللادينية، والتي تعني عدم الإيمان بالأديان، والإلحاد واللاأدرية؛ إذ أن الإلحاد هو عدم الإيمان بوجود إله، أما اللاأدرية فتعني عدم الجزم بوجود الإله، أو عدم وجوده لعدم كفاية الأدلة على ذلك.

بينما تُعرف الربوبية بأنها الإيمان بوجود مُسبّب أول أو إله أو قوة ما، أوجدت أو ساعدت على وجود وتطور الكون والحياة أو كلاهما، فيما تُعرف اللاكتراثية بأنها عدم الاكتراث تجاه وجود أو عدم وجود الإله.

وبناءً على ما سبق، فإن مفهوم اللادينية يضم عددًا من المفاهيم الفرعية؛ وهي الإلحاد واللاأدرية والربوبية واللاكتراثية.

ثانيًا: تاريخ الإلحاد…

يظن البعض أن ظهور الإلحاد بدأ مع الحضارة اليونانية، ومع أفكار فلاسِفتها ومعتقداتهم حول ماهية الأشياء وطبيعة الكون؛ إلا أن هناك بعض المؤشرات التاريخية التي سجلت أولى حركات الإلحاد في العام 1000 ق.م، والتي وقعت في الهند، وكانت تتضمن الشك في أحد المخطوطات المقدسة للديانات الهندية القديمة، والتي تساءلت عن آلية نشأة الكون وحقيقة وجود الإله وتحكمه في الكون، وبعد ذلك بنحو 500 عام، ظهرت “البوذية” التي لم تقدم تصورًا واضحًا عن وجود إله وخالق للكون؛ ولكنها عنيت أكثر بمعاناة البشر ورغباتهم وطريقة التخلص من هذه المعاناة، من خلال الوصول إلى “النرفانا” أو اللاتعلق، ويحدث ذلك من خلال توحد الإنسان مع الكون دون تدخل أو ذكر للإله، في أي مرحلة من مراحل تخلص الإنسان من معاناته.

أعقب هذه الحضارات؛ بزوغ نجم الحضارة اليونانية التي وضعت الأساس لفكرة الإلحاد في عصورها المختلفة، والتي تعتمد على فكرة “أزلية المادة”، وهذه النظرية تؤكد على أزلية عنصر مادي معين كالهواء أو الماء أو النار، ومن هذا العنصر تتفرع جميع المخلوقات والموجودات، وقد أطلق هذه الأفكار الفلاسفة في عصور ما قبل السقراطية والتي شملت المدرسة الملطية ” طاليس، انكسيمندريس ،أنكسيمانس”، وتبلورت الفكرة على يد الفيلسوف “ديموقريطس” (460:370 ق.م) والذي لم يعترف بوجود آلهة على الإطلاق؛ وإنما على الإنسان أن يتعامل في عالم مادي بحت، معتقدًا بأن الوحدات متناهية الصغر في الكون، والتي لا تقبل القسمة؛ هي في حقيقتها أزلية لا بداية لها ولا نهاية، وتحركت بشكل عشوائي وتكونت منها جميع المخلوقات.

شهدت هذه الحقبة رواجًا أيضًا لأفكار الفيلسوف “أبيقور”، والذي كان يؤكد على أن العالم قديمًا أزليًا، وسيظل كما هو إلى الأبد، كما أن الإله الذي يدعى بوجوده البعض، غير قادر على منع الشر؛ ولذلك تَبنى فيما بعد فكرة وجود إلهين؛ أحدهما للخير والآخر للشر، مع عدم الإيمان بوجود حياة بعد الموت، ولكن “أرسطو” قدّم برهانًا عقليًا على وجود “الإله”؛ ولكنه لم ينفِ في الوقت ذاته أزلية العالم وقدم المادة، وهو ما أطلق عليه “الهيولى”.

ولكن الأفكار والفلسفات اليونانية سرعان ما تلاشت مع سقوط أثينا في الحكم الروماني وإعلان المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية؛ وبالتالي راجت فكرة “خلق الله الكون من العدم”.

ومع بداية القرن السابع عشر، وتزامناً مع تداعيات الثورة الفرنسية التي اتخذت من العلمانية إطارًا فكريًا وهاجمت أفكار الكنيسة وسيطرتها على حياة البشر؛ عادت الأفكار التي ترى في العلم التجريبي حل لجميع الإشكاليات التي يواجهها البشر، وأن العالم ليس في حاجة إلى إله يدبر أموره، طالما أن العلم قادر على ذلك، مع العودة مرة أخرى إلى فكرة أزلية وقِدم المادة.

شهد القرن الثامن عشر تحولاً كبيرًا بظهور نظرية العالم نيوتن للجاذبية؛ وبالتالي وضع إطارًا لعمل المجموعة الشمسية، ولكنه على الرغم من ذلك؛ كان يؤمن بمبادئ “الربوبية”، والتي تؤكد على أن الكون ليس بحاجة إلى ربٍ ليدبر أموره، ولكنه خلقه وتركه ليعمل بشكل آلي، وهي ذاتها الأفكار التي اعتنقها المفكرون في عصر التنوير مثل جان جاك روسو وجون لوك، وجميعها كانت مقدمات لظهور تيار الإلحاد، ولكن بشكل جديد؛ إذ أن علماء هذه الحقبة كانوا يؤمنون بوجود إله، وأنهم يقدمون تفسيرات علمية للظواهر الكونية ودراسة أعمال الله؛ وبالتالي فهُم يقدمون خدمة للدين والكنيسة.

حمل القرن التاسع عشر وظهور الماركسية بماديتها القاطعة وإنكار وجود الله بشكل كلي، تطورًا كبيرًا فيما يتعلق بنمو التيار الإلحادي خاصة مع ظهور نظرية داروِن للانتقاء الطبيعي وظهور كتابه (أصل الأنواع) عام 1859، والذي لاقى قبولاً غير مسبوق من فلاسفة الماركسية وعلماء أوروبا الذين اعتنقوا الإلحاد بشكل ظاهر واتخذوه تيارًا فكريًا.

ولكن نظرية أزلية المادة انهارت مع اكتشافات العلماء في القرن العشرين؛ خاصة نظرية أينشتاين للنسبية، وألكسندر فريدمان والتي تشير إلى تمدد الكون بشكل متواصل ووجود نقطة بدء للكون؛ وهو ما يعني وجود قوّة مُهيمنة مُتسببة في الخلق. وكان اعتماد نظرية “الإنفجار العظيم” للعالمين أرنو بنزياس وروبرت ويلسون، سببًا رئيسيًا في انتهاء أسطورة أزلية المادة التي اعتمدت عليها جميع الأفكار الإلحادية.

ولكن هذه الاكتشافات؛ لم تمهّد لانتهاء التيار الإلحادي الذي عاد للانتشار مرة أخرى في عصرنا الحالي، ولكن دعّمته التكنولوجيا الحديثة ومستجدات العصر بشكل كبير، ومنحته أدوات أكثر قوة وانتشارًا؛ ولكن اختلفت الدوافع والأسباب وتعاظمت الآثار والتحديات.

الإلحاد المعاصر: تعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هي المحرك الأول لموجة الإلحاد المعاصر، والتي انتشرت بشكل كبير في أوروبا، ثم انتقلت إلى دول الشرق الأوسط؛ إذ أن اتّهام طالبان بأنها المُنفذ لهذه التفجيرات، فجّر لدى الآلاف الشعور بأن الدين والتدين هما السبب الأول في انتشار التطرف وعدم قبول الآخر وتهديده، بل وقتله وتهديد البشرية بشكل عام، وظهرت التيارات التي تنادي بجعل الإلحاد بديلاً للتدين؛ لإنقاذ البشر والحفاظ على التطور العلمي والإنساني لسكان الكرة الأرضية .

وظهر أيضًا أقطاب ومدافعون جُدد عن التيار الإلحادي، وفي مقدمتهم “سام هارس” صاحب أول كتاب في سلسلة الإصدارات الإلحادية المتتالية، والتي حملت عنوان “نهاية الإيمان، الدين، الإرهاب، ومستقبل العقل”، وكذا “ريتشارد دوكنز” داعية الإلحاد الأشهر، والذي يرى أن انتشار الأديان يعني أن تسود العالم تيارات العنف والإرهاب.

واتسمت تيارات الإلحاد المعاصرة بالعداء الشديد للأديان والمتدينين -خاصة الإسلام- وفي بعض الأحوال تُبنى فكرة أن الدين كان وسيظل منبعًا للشرور والكوارث.

كذلك، اتسم رجال الإلحاد الجدد بالقبول والكاريزما؛ مما جعل الإلحاد تيارًا له جاذبيته؛ خاصة لدى الشباب الذي رأى في الإلحاد أسلوب حياة عصري خال من أي قيود أو قواعد، وأصبح زعماء الإلحاد في العالم نجومًا لهم أتباع ومريدون، خاصة أقطاب الإلحاد الأربعة: “ريتشارد دوكنز – وسام هارس – كريستوفر هيتشنز – دانيا دينيت”.

يرى تيار الإلحاد المعاصر في اتباع الديانات السماوية مقابلاً للاقتناع بالعلوم التجريبية، فإما أن يؤمن الإنسان بالعلم ويعتبره المحرك الأول لكل الأفعال في الكون، وأما يتّبع الدين الذي يمثل لهم الجهل والخرافة.

ثالثًا: أسباب الإلحاد

تتعدد وتتشابك أسباب انتشار التيار الإلحادي؛ إلا أنه يمكن إجمال هذه الأسباب في الآتي :

1- أسباب نفسية: كشفت دراسة حملت عنوان “النمط النفسى للملحد” وشملت 320 شخصًا من الذكور في أمريكا، أن ما يتعدى نصف عدد المبحوثين، كانوا قد تعرضوا لفقد أحد والديهم قبل بلوغهم سن العشرين، وأن هؤلاء الأشخاص قد عانوا من مشاكل نفسية واجتماعية في حياتهم المبكرة؛ وهو ما انعكس ليس فقط على رفضهم لقواعد الأسرة والمجتمع؛ بل وعلى رفض وجود إله أيضًا، والاحتفاء بذلك هو ما جعل الدراسة توصي بضرورة دراسة الواقع النفسي للملحدين بشكل عام .

2- التبعية للغرب: كان من تداعيات الثورة الفرنسية تبني الغرب لفصل الدين عن السياسة والتخلي عن سيطرة الكنيسة لكل نواحي الحياة، وأعقب هذا الإتجاه حدوث التقدم الغربي والحضاري الذي جعل بعضًا من شعوب العالم تعتقد ويستقر لديها أن التخلي عن الدين هو السبب الأساسي في تحقيق الرُّقي والتقدم؛ وبالتالي لابد من اتباع نفس المنهج الفكري للوصول إلى تحقيق هذا الإنجاز الحضاري.

ولكن على صعيد آخر، يتم التعتيم على الجرائم التي ارتكبها الملحدون في حق البشرية باسم الحرية والتنوير؛ فقد مثّلت الدول الشيوعية، أقسى نموذج يتبنى الإلحاد، وأصبحت مذهبًا عامًا للبلاد، وارتكبت بسببها جرائم هائلة  في حق البشر، في روسيا والصين وكمبوديا وغيرها، والتي وثقها كتاب “الكتاب الأسود للشيوعية: الجرائم والإرهاب والقمع”، والذي صدر عام 1997م، فيما يعتبر كثير من المؤرخين مذبحة “فيندى” التي حدثت عام 1793 بفرنسا، أول إبادة جماعية في العصر الحديث، والتي بدأت عقب الثورة الفرنسية بأن شرعت في استخدام بعض فئات الشعب الفرنسي في التمرد ضد الحكومة العلمانية الجديدة، فما كان من الحكومة؛ إلا أن قابلت هذه التمردات بالقمع الغاشم والفوري.

وفي عام 1793م، بدأ بعض الفلاحين بمنطقة فيندي في التظاهر ضد الوضع الاقتصادي الطاحن، وتحالف معهم المتدينين الكاثوليك؛ فطبقت عليهم حكومة “التنوير” سياسات شديدة الوحشية، تم على إثرها إعدام أكثر من 6,000 أسير أكثرهم نساء وأطفال وشيوخ، وإغراق أكثر من 3000 امرأة في المياه، كما تم دهس الأطفال الرضع تحت أقدام الخيول، بالإضافة إلى حرق المساكن والبيوت والمزارع بشكل شديد الوحشية والهمجية.

بحلول عام 1796م، وصل إجمالي عدد القتلى طبقًا لبعض الإحصائيات، إلى حوالي 500,000 إنسان تم حصد رؤوسهم حرقًا، غرقًا، ذبحًا، أو دهسًا تحت أقدام العربات والخيول، ورغم عدم شهرة هذا الحدث؛ إلا أن أستاذ التاريخ البريطاني ألان فورست يقول إنه “حتى الآن يتذكر الغرب هذه المذابح كصراع بين الفلاحين والكاثوليك على جهة وبين الجمهوريين والملاحدة على الجهة الأخرى”. وبالتأكيد لم يكن قتل هؤلاء الأبرياء باسم الإلحاد؛ وإنما كان باسم التنوير والحرية والعقلانية.

3- التعرض للشبهات دون تحصيل أدنى حد من المناعة الفكرية: وذلك من خلال الدخول في نقاشات غير متكافئة مع الملاحدة ومنتقدي الأديان، مع الاستهانة بقدرات الخصم على التشكيك والهدم، مع تبني الشباب بشكل خاص أفكار الملاحدة باعتبارها سبيلاً لتحقيق الانطلاق والتحرر والتقدم ورفض الوصاية من العلماء وأهل الخبرة.

4– جمود الخطاب الديني وعدم قدرته على التماشي مع متطلبات العصر ومستجداته المتسارعة، وعدم قدرة عدد كبير من الوعاظ على الرد على شبهات ومزاعم الملاحدة، بشكل عقلي يقبله الشباب ويقتنع به، في الوقت الذي يستخدم فيه الملاحدة الأدلة العقلية بشكل شديد الجاذبية .

كذلك تجدر الإشارة إلى أن قراءة كتب الفلاسفة والملحدين التي وضعوا فيها الشبهات بشكل مُنمق وجذاب، كان من أهم أسباب انتشار الإلحاد المعاصر، خاصة للشباب ضعفاء الإيمان والعلم.

5القصور في نظام الوعظ والدعوة: فضلاً عن عجز التيار المتدين عن الاحتضان الروحي العملي للشباب، والاكتفاء في أغلب الأحيان بدروس علمية جافة ومواعظ ينقصها التجديد والإبداع، بدلاً من ممارسة التأطير الروحي والتربوي للأفراد.

6- الرغبة في الاستمتاع بالحياة دون قيود، وذلك تزامنًا مع التطور الحضاري الهائل الذي فتح أمام النفس البشرية ألوانًا شتى من المغريات والمُتع، والتي كان يقف أمامها الدين؛ ليضع حدودًا للحرام والحلال، ويُدرب النفس البشرية على الاعتدال؛ وهو ما أدى إلى تخلي البعض عن فكرة الأديان ووجود إله يضع حدودًا لمغريات الحياة والنفس البشرية.

7- ظهور الجماعات الإرهابية والتي وصفت نفسها بـالإسلاميةوارتكابها مجازر وأفعال همجية باسم الدين، جعل الكثيرون ينفرون من المنظومة الدينية بأكملها، واختيار الإلحاد كمقابل للإيمان والتدين على اعتباره المنقذ من وحشية سلوكيات هذه الجماعات ومعتقداتهم، فضلاً عن ظهور جماعات الإسلام السياسي، والتي اتخذت الدين ستارًا للوصول إلى الحكم؛ وعليه قامت بالعديد من الأفعال الإجرامية حدثت بهتانًا باسم الدين وخلطت ما بين المفاهيم الدينية والسياسية.

كذلك، فإن ثورات الربيع العربي وما أعقبها من ظهور خطاب ديني متطرف؛ أدى إلى كراهية الشباب ونفورهم من الدين، بل وإعلان عدد كبير منهم للإلحاد.

8-انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق واستخدامها كمنابر لنشر التيار الإلحادي، سهلت التواصل بين الملحدين بشكل كبير وزيادة أعدادهم بشكل هائل؛ بل وخلقت لهم مجتمعات كبيرة يمكنهم من خلالها استقطاب  أعضاء جُدد خاصة في المجتمعات العربية، فعلى سبيل المثال: منتدى اللادينيين العرب، يضم 7000 عضو، وكان عدد زواره يتجاوز 4000 زائر في اليوم الواحد؛ وعلى (اليوتيوب) نجد عدة قنوات بعضها تجاوز حاجز المليون مشاهدة، بالإضافة إلى مئات الحسابات التي تضم عضوية قليلة بالمئات أو بالعشرات؛ وموقع الحوار المتمدن يدخله 70 ألف زائر يومياً، وعدد كتاب المقالات 18 ألف كاتب؛ وموقع إلحاد الذي يدخله 10 آلاف زائر يوميًا، ويضم 14 ألف عضو.

بل إنه ثمّة مؤسسات عالمية ترعى الإلحاد وترعى الملحدين منها مثلاً “التحالف الدولي للملاحدة”  ATHEIST ALLIANCE.

وفيما يتعلق بالعالم العربي؛ فقد أجرى قسم المتابعة الإعلامية لشبكة بي بي سي، بحثاً على شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، عن كلمة “ملحد” باللغة العربية والإنجليزية، وتبين أن مئات من صفحات فيسبوك وحسابات تويتر التابعة لـ “ملحدين” من العالم العربي؛ جذبت آلاف المتابعين لها.

ويحتوى فيسبوك على العديد من الصفحات التي تدعو الملحدين العرب إلى الانضمام إليها، ومن هذه الصفحات: “الملحدين التونسيين”، التي تضم أكثر من 10 آلاف متابع، و”الملحدين السودانيين” التي تضم أكثر من 3000 متابع، وأيضًا “شبكة الملحدين السوريين” التي تضم أكثر من 4000 متابع.

وعلى تويتر أو “منصة إكس”، يتراوح عدد متابعي الحسابات التي يعلن أصحابها عن إلحادهم بين المئات والآلاف، فمثلاً يتجاوز عدد متابعي حساب “أراب أثيست” الثمانية آلاف متابع.

رابعًا: مؤشرات الإلحاد محليًا وعالميًا

لا شك في أنه يصعب وضع أرقام ومؤشرات دقيقة لأعداد الملحدين في العالم وخاصة في الدول العربية بل والإسلامية على وجه التحديد؛ إذ أن كثير من الملحدين يقومون بإخفاء هوياتهم خوفًا من النبذ المجتمعي والتعرض للإيذاء لهم ولأسرهم؛ إلا أنه يمكن وضع بعض المؤشرات في الاعتبار لتوضيح حجم انتشار هذه الظاهرة عالميًا ومحليًا:

1- ذكر موقع العربية أنه وفقًا للحملة التي قام بها “منتدى بيو فورم للدين والحياة العامة” -وهو مركز دراسات وأبحاث أمريكي متخصص بالأديان والمعتقدات- أن أكثر من 84% من سكان العالم هم من أتباع الأديان السماوية، أو من المؤمنين باعتقاد أو بشيء ما، أما الباقي فلا يؤمنون بشيء على الإطلاق، كما صنفوا هم أنفسهم في حملة قامت بأكثر من 2500 إحصاء في 230 دولة ومنطقة جغرافية بالعالم طوال عام 2010.

2- كان من نتائج هذه الحملة أن الإلحاد أصبح “الديانة” الثالثة بالعدد في العالم بعد المسيحية والإسلام، وأن الإسلام هو الأكثر قابلية للانتشار، وموزع بين 87 و90% من المذهب السني، والباقي من الشيعة، فيما اليهودية هي أضعف الأديان، وأقل بقليل من نصف أتباعها يقيمون في إسرائيل.

3- نشرت العربية خريطة أيضًا توضح أعداد الملحدين حول العالم كالتالي:

 

(خارطة بعدد الملحدين طبقًا لكل قارة)

توضح الخريطة أن أعداد الملحدين في أوروبا بلغ 134.820.000، بينما بلغت في أمريكا الشمالية 59.040.000 ، وفي أمريكا اللاتينية 45.390.000 وفي آسيا 858.580.000، وفي أفريقيا 26.580.000، أما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيبلغ عدد الملحدين 2.100.000.

وتُظهر الخريطة -التي توضح التوزيع الجغرافي لمن صنفوا أنفسهم لادينيين؛ لا يؤمنون بأي معتقد، أي “عدميين” بلا أي ارتباط مع الماورائيات- أن أقل نسبة منهم نجدها في الشرق الأوسط، حيث لا يزيدون عن 0.2% من المليار و100 مليون “ملحد” وعددهم كما تبينه الخارطة مليونين و100 ألف فقط.

يأتي بعدهم ملحدو القارة السمراء، باستثناء مصر والسودان ودول شمال أفريقيا، ونسبتهم 2.4% من المجموع العام، يليهم 4% بأمريكا اللاتينية والكاريبي، وبعدهم 5.2% في الولايات المتحدة وكندا، ثم 12% في أوروبا، والباقي في آسيا، ونسبتهم 76.2% يمثلون أكثر من 858 مليونًا، منهم 62.2% في الصين وحدها، أي تقريبًا 586 مليونًا ملحد.

4- وبحسب موقع العربية فإن الإحصاءات تظهر وجود 58 مليون نسمة، أي أقل من 1% من سكان العالم، ممن يمكن اعتبارهم “حيارى” في أي دين ينتمون، ومنهم البهائيين والسيخ والزرادشت المجوس و”الويكا” وهي ديانة تأسست في بريطانيا بخمسينات القرن الماضي، كما منهم “الجاينيين” المنتشرة معتقداتهم في الهند بشكل خاص، وكذلك أتباع “الطاوية” المنتشرين في الصين وما جاورها، وأيضًا أشباههم من اتباع معتقد “التنريكيو”.

5-وفي يناير عام 2014م؛ أصدرت دار الإفتاء المصرية تقريرًا حول أعداد الملحدين في الوطن العربي، حيث قالت إن عددهم في مصر هو 866 ملحدًا، وفي المغرب 325، وفي تونس 320، وفي العراق 242، وفي السعودية 178، بينما كان عددهم 170 في الأردن، 70 في السودان، 56 في سوريا، 34 في ليبيا، و32 في اليمن.. وهو ما يساوي 2293 ملحدًا بين سكان الوطن العربي البالغ عددهم وقتها قرابة 400 مليون نسمة. ولكن هذا الإحصاء وصفه بعض العلماء بأنه غير دقيق، مؤكدين أن أعداد الملحدين في الوطن العربي تتجاوز أعدادهم الملايين، إذ أنه في عام 2012، قامت مؤسسة “وين جالوب” بإجراء استطلاعًا للرأي أثبتت من خلاله أن خمسة بالمائة من المواطنين السعوديين – أي أكثر من مليون شخص وقتها بحسب تعدادهم – يعتبرون أنفسهم “ملحدين مقتنعين”، وهي نفس النسبة في الولايات المتحدة بالمناسبة، بينما يعتبر 19 بالمائة من السعوديين – حوالي ستة ملايين نسمة – أنفسهم “غير متدينيين”.

6- وقد أوضحت موسوعة ويكيبيديا أن عالم الاجتماع فيل زوكرمان، أشار إلى أن تقديرات أعداد الأشخاص الذين لا يؤمنون بوجود إله؛ تتراوح ما بين 500:750 مليون شخص، بينما تشير تقديرات أخرى إلى أن هناك ما بين 200 و240 مليون شخص يعرّفون أنفسهم بأنهم ملحدون حول العالم، مع وجود أغلبهم في الصين وروسيا.

7- رصد موقع “بي بي سي” تحولاً كبيرًا في علاقة الشباب دون الـ30 عامًا بالدين وممارسة الشعائر الدينية في العالم العربي؛ إذ يتزايد عدد من يقبلون على التدين قياسًا بعددهم في عام 2018، وذلك بحسب استطلاع جديد أجرته شبكة “البارومتر العربي” لصالح بي بي سي.

وكانت الشبكة قد أجرت استطلاعًا مماثلاً في أواخر عام 2018 وربيع عام 2019، شمل الفئة نفسها من المبحوثين، ووجهت إليهم نفس الأسئلة، لكن الإجابات كانت مختلفة للغاية؛ فقبل أقل من 4 سنوات خلص الاستطلاع، إلى أن عددًا متزايدًا من العرب تركوا تدينهم وأداء الشعائر الدينية.

ورصد الاستطلاع وقتها أن ثلث التونسيين وربع الليبيين وصفوا أنفسهم بغير المتدينين، أما في مصر فقد أشارت نتائج استطلاع عام 2018 إلى تضاعف عدد غير المتدينين، بينما تضاعف حجمهم أربع مرات في المغرب.وما كان لافتًا في ذلك الوقت هو أن الزيادة الكبرى في أعداد غير المتدينين كانت بين الشباب ممن هم دون الثلاثين عامًا، إذ ارتفعت نسبتهم بـ 18 % .

 

 

لكن بحسب استطلاع الرأي الأخير، شهدت تونس وليبيا والمغرب والسودان ومصر والأردن والأراضي الفلسطينية، تراجعًا في عدد من وصفوا أنفسهم بغير المتدينين من كل الفئات العمرية. فيما كشف الاستطلاع أن مزيدًا من مواطني هذه البلدان باتوا يصفون أنفسهم بالمتدينين.

وبحسب استطلاع 2022، شهد المغرب انخفاضاً بـ7 % في عدد من وصفوا أنفسهم بأنهم غير متدينين بين كل الفئات العمرية، تليه مصر بانخفاض بنحو 6%، ثم تونس وفلسطين والأردن والسودان بانخفاض بنسبة 4%.

أما في فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن الـ 30 عامًا، فشهدت تونس التراجع الأكبر في عدد الشباب الذين وصفوا أنفسهم بأنهم غير متدينين.

فاليوم، يصف نحو ثلثي الشباب التونسي المشارك في الاستطلاع أنفسهم بالمتدينين؛ وهو تراجع كبير مقارنة باستطلاع عام 2018، الذي وصف فيه نحو نصف الشباب التونسيين المشاركين في الاستطلاع أنفسهم بأنهم غير متدينين.

وشهد المغرب ومصر ثاني أكبر معدل انخفاض في عدد الشباب الذين وصفوا أنفسهم بأنهم غير متدينين؛ إذ يقول 10 في المئة من الشباب المغاربة و6 في المئة من الشباب المصريين المستطلعة آراؤهم إنهم ليسوا متدينين.

8- وبحسب بيانات المؤشر العالمي للأديان والإلحاد بمركز “ريد سي”؛ فإن 32.4% من ملحدي مصر في الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة و36% في الفئة العمرية (25- 34 سنة)، كما أن 73.8% من الملحدين ذكور و26.2% نساء.

9- ذكر الموقع الإلكتروني لجريدة “الوفد” المصرية؛ أن استطلاعًا أجرته جامعة “إيسترن ميتشيجان” الأمريكية، كشف أن عدد الملحدين في مصر وصل عقب ثورة 25 يناير 2011، إلى 3% من عدد السكان، أي أكثر من مليوني ملحد منهم 8 ملايين بالخارج بحسب تعداد السكان آنذاك.

كما كشف استطلاع الجامعة الأمريكية، أن أكبر محافظات مصر من حيث عدد الملحدين هي القاهرة، تليها الإسكندرية (شمال)، إضافة إلى تواجد ملحدين في الإسماعيلية (شمال شرق) والشرقية (بدلتا النيل، شمال)، فيما خلت محافظات الصعيد تمامًا من الملحدين، بحسب التقرير ذاته.

خامسًا: جهود الدولة المصرية لمواجهة انتشار الإلحاد..

بلا شك لا يعد انتشار الإلحاد في المجتمعات الغربية والآسيوية مشكلة بأي شكل من الأشكال؛ بل على العكس، فيُنظر إلى الإلحاد على أنه حق من حقوق الإنسان في أن يعتقد ما يريد، ولكن المشكلة الحقيقية في المجتمعات الإسلامية، والتي يتسم تاريخها بالتدين والمحافظة، وفي مقدمتها مصر، والتي يعد فيها انتشار الإلحاد مشكلة خطيرة لأنه يتعلق بتهديد النسق القيمي للمجتمع وكذا يهدد بانتشار الفوضى والجريمة، فعدم الاعتقاد بوجود الله كفيل بأن يجعل المجتمع غابة تُباح فيها كل الشرور.

والمشكلة في مصر تكمن في الزيادة الرهيبة في أعداد الملحدين برغم عدم وجود مؤشرات وأعداد حقيقية للملحدين في مصر، إلا أن البيانات المتاحة تشير إلى تصدر كل من مصر والسعودية لأعداد الملحدين في الوطن العربي، خاصة في السنوات الأخيرة التى أعقبت حكم جماعة الإخوان الارهابية وما تضمنه هذا الحكم من أعمال إرهابية منافية للأعراف الإنسانية جعلت الشباب بشكل خاص ينفرون ويرتدون عن الدين. فقد أكد الأستاذ أسامة الحديدى المدير التنفيذى لوحدة “بيان” التابعة للأزهر الشريف والمعنية بالرد على الأسئلة الخاصة بالشبهات الإلحادية، أن الفئة العمرية الأكثر تعرضًا للتأثر بهذه الشبهات تبدأ من عمر 40:14 عامًا، مشيرًا إلى تزايد أعداد السائلين مؤخرًا فقد استقبلت الوحدة منذ عام 2018 حتى يونيو 2021 ما يقرب من مائتى ألف وثلاثمائة وخمسين (200350) حالة.

والحقيقة أن الإلحاد ليس مشكلة يمكن علاجها بالقوانين والتشريعات فقط، وإنما هو مشكلة فكرية في المقام الأول، وقد أولت السياسية لهذا الأمر اهتمامًا كبيرًا ؛ ولذلك أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى في أكثر من مناسبة ضرورة تغيير الخطاب الدينى الجامد بما يتناسب مع متطلبات العصر ويمكنه التعامل مع الشباب الذي تتطور أفكاره بسرعة هائلة مع ضرورة تقديم إجابات منطقية للشبهات والمسائل الدينية الملتبسة لدى الكثيرين.

ومن هنا، قامت المؤسسات الدينية المعنية وفي مقدمته الأزهر ودار الإفتاء ببذل جهود كبيرة للحد من انتشار الإلحاد في مصر كان أبرزها ما يلي:

1- أطلقت وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة حملة قومية لمواجهة انتشار الإلحاد بين الشباب مع الاستعانة بعدد من علماء النفس والاجتماع والسياسة والأطباء النفسيين.

2- أطلق مركز الأزهر العالمي للرصد والفتاوى الإلكترونية، وحدة “بيان”  عام  2018، بهدف تصحيح المفاهيم ومواجهة موجات التطرف والانحرافات أيًا كان نوعها، خاصة الإلحاد والفكر اللاديني، والتصدي للحملات الممنهجة للتشكيك في مفهوم الدين عمومًا والإسلام بشكل خاص؛ حيث يعتمد رد الوحدة دائمًا على الأدلة والبراهين العقلية وكذلك الأدلة العلمية الموثقة فضلاً عن الأدلة النقلية.

3- خصصت وحدة “بيان” الخط الساخن “19906” والتابع لمركز الأزهر العالمي للفتاوى الإلكترونية، للرد على التساؤلات الفكرية والمتعلقة بصحيح الدين وتتم الإجابة مباشرة من قبل المتخصصين عبر الهاتف وتسجيلها، وقد يستدعى الأمر الإتصال مباشرة مع المتصل فيتم التنسيق معه وتحديد موعد مناسب للمقابلة.

4- أطلق مركز الأزهر العالمى للفتاوى الالكترونية، عددًا من المنصات على مواقع التواصل الإجتماعى تقوم بالرد على أسئلة الزائرين خاصة تلك التي تتعلق بالأفكار الالحادية مع توضيح حقيقة عدد من المفاهيم التي يستخدمها الملحدون لجذب أعضاء جدد.

5- خصصت وحدة “بيان” من خلال قسم “الفكر والأديان” رقم الهاتف ( 0020225973500 ) للرد على أسئلة الشبهات الإلحادية من المتصلين من داخل وخارج مصر.

6- قام الأزهر الشريف بإنشاء قسم للمتابعة الإلكترونية، يرصد الأفكار الشاذة وتحليلها ورسم الخطط المنهجية لمعالجتها وتصحيحها وتحصين المجتمع منها.

7 – حرص الأزهر على إعداد قسم البحوث والنشر لعدد من البحوث والأوراق العلمية لتفنيد المبادئ الإلحادية والشبهات التي تروج لها

8- تدريب المفتين والمختصين في مجال الإلحاد الفقهي وتأهيلهم للرد على الشبهات الإلحادية ومناظرة المدعين لها بالحجج والبراهين العقلية المقنعة.

9- على صعيد آخر أكدت الكنيسة المصرية تواصلها مع الأزهر الشريف بهدف وضع برنامج شامل من أجل التعامل مع ظاهرة الإلحاد خاصة بين الشباب.

 

 

 

 

المراجع

1- الإلحاد أسباب هذه الظاهرة وطرق علاجها، عبد الرحمن عبد الخالق، طبع ونشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، الرياض، الطبعة الثانية ، 1404 هجرية.

2- الإلحاد المعاصر (سماته وآثاره وأسبابه وعلاجها)، سوزان بنت رفيق بن ابراهيم المشهراوى “محاضر متعاون بكلية الدعوة وأصول الدين ” ،1439 هجريا : 1440 هجريًا.

3- بحث عقيدة الإلحاد المعاصر “أسبابه، أقسامه، وسائله، علاجه”، مريم مجيد عبد الله، 2021.

4- الموقع الرسمي للأزهر الشريف.

5- الموقع الرسمى لدار الإفتاء المصرية.

6- موقع البي بي سي.

7- الموقع الرسمي لقناة العربية.

8- اللقاء التليفزيوني للدكتورة آمنة نصير المفكرة وأستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة ومتاح على الرابط التالي:

https://youtu.be/j2_sYeBFcwM

9- الموقع الرسمي لمنظمة التعاون الإسلامي.

The post ظاهرة الإلحاد الأسباب..الدوافع ..المؤشرات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8133
العمالة غير المنتظمة…… مفاهيم..مؤشرات..حلول https://draya-eg.org/2024/08/18/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%aa%d8%b8%d9%85%d8%a9-%d9%85%d9%81%d8%a7%d9%87%d9%8a%d9%85-%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%ad%d9%84%d9%88%d9%84/ Sat, 17 Aug 2024 22:47:21 +0000 https://draya-eg.org/?p=8125 مقدمة: تتوالى الأزمات ويعقبها تبعات تؤثر على حياة الشعوب اقتصادياً واجتماعياً؛ مايلقي على عاتق الدول ضرورة صياغة استراتيجيات للتعامل معها، إلا أن مانتج من تبعات عصفت بالعالم بالتزامن مع جائحة كورونا والتي ألقت بظلالها على جميع القطاعات الاقتصادية، كانت الأولى من نوعها منذ قرن، إذ دفعت العديد من الحكومات لصياغة استراتيجيات للتعامل مع تبعاتها، وكانت …

The post العمالة غير المنتظمة…… مفاهيم..مؤشرات..حلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
مقدمة:

تتوالى الأزمات ويعقبها تبعات تؤثر على حياة الشعوب اقتصادياً واجتماعياً؛ مايلقي على عاتق الدول ضرورة صياغة استراتيجيات للتعامل معها، إلا أن مانتج من تبعات عصفت بالعالم بالتزامن مع جائحة كورونا والتي ألقت بظلالها على جميع القطاعات الاقتصادية، كانت الأولى من نوعها منذ قرن، إذ دفعت العديد من الحكومات لصياغة استراتيجيات للتعامل مع تبعاتها، وكانت أحد أبرز تلك التبعات التي حذًرت منها المنظمات الدولية وتحركت لحلها معظم دول العالم هي ارتفاع معدلات البطالة العالمية، فوفقاً لتقديرات البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية، بلغ عدد العاطلين نحو 200 مليون عاطل عام 2022، أما حالات فقدان الدخل نتيجة لفقدان الوظائف فكانت أكبر بين الشباب والنساء وأصحاب المهن الحرة والعمالة الموسمية ذوي المستويات التعليمية الأقل.

وقد تأثرت النساء، على وجه الخصوص، بفقدان الدخل والعمل؛ لأنهن كن على الأرجح يعملن في قطاعات تضررت بقدر أكبر من جراء تدابير الإغلاق العام والتباعد الاجتماعي.

هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة أثرت بدورها على العمالة غير المنتظمة وتسببت في ازدياد أعدادهم،  فضلاً عن معاناة بعضهم نتيجة تضرر القطاعات التي يعملون بها، وبصفة خاصة قطاعي السياحة والآثار، إضافة لما يعانون منه في الأساس من غياب التعاقد الرسمي والتأمين الاجتماعي، وكذا الافتقار إلى الشعور بالأمان وتدني الدخول وعدم توافر الحماية الكاملة في حال التعرض للأمراض أو المشاكل المرتبطة بالعمل في ظروف غير آمنة، وارتفاع مستوى الخطورة من فقدان الدخل نظراً لعدم استدامة مصدر الرزق، بالإضافة لعدم تمتعهم بأيٍ من الحقوق المرتبطة بالحصول على إجازات مدفوعة الأجر أو التأمين الاجتماعي أو الاجازات المرضية، فضلاً عن غياب أي نقابات تجمعهم .

في السياق عاليه، وإدراكاً لأهمية هذه القضية، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على مفهوم العمالة غير المنتظمة وأسباب هذه الظاهرة، ومفهوم الحماية الاجتماعية، والإحصائيات والأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية لأعدادهم التقديرية في مصر والعالم العربي، وأخيراً تناول جهود الحكومة المصرية في التعامل مع هذه الظاهرة).

وقد تمثلت أهم التوصيات التي توصلت إليها الورقة لمواجهة هذه الظاهرة والتعامل معها مايلي:

* أهمية وضع تعريف ومعايير محددة وموحدة بين الدول لتحديد الفئة المقصودة بالعمالة غير المنتظمة وتصنيفها لإعداد إحصائية واقعية وفق منظومة بيانات مدققة ومتكاملة.

* على جميع الدول العمل على توفير البيانات والإحصاءات بشكل أكثر شفافية ودقة حتى يمكن تشخيص الوضع بشكل أكثر دقة، فضلاً عن إمكانية الحصول على دعم الشركاء الدوليين في إيجاد حلول ناجحة وفعالة.

* ضرورة الاستمرار في برامج الحماية المجتمعية التي أطلقتها العديد من الحكومات للعمالة غير المشمولين ببرامج الحماية الاجتماعية القائمة، وخاصة في أعقاب انتشار جائحة كورونا.

 

* إجراء تقييم لبرامج الحماية الاجتماعية الحالية لتحديد الفجوات بها واستكمال منظومة الحماية لهم.

* تنظيم العمالة غير المنتظمة من خلال نقابات عمالية أو مهنية، ووضع خارطة طريق للتوسع في مظلة الحماية والتمكين لتلك الفئة.

*الاستمرار في العمل على خلق مناخ للاقتصاد أكثر جاذبية للمستثمرين، بما يضمن خلق فرص عمل أفضل.

*تحسين الوصول إلى التعليم والارتقاء بجودته وتعزيز المساواة في الوصول إليه، وضمان بقاء الطلاب في المدرسة حتى الحصول على التعليم الثانوي، وتوفير فرص للتدريب الفني والمهني.

* العمل على إدخال تعديلات وإصلاحات مستمرة في النظام الضريبي، كلما تطلب الأمر ذلك وبما يتلاءم مع دخول العمالة غير المنتظمة وأحوالهم وظروفهم المعيشة والأنشطة التي يمارسونها، وزيادة الحوافز وخفض ضرائب الرواتب وإتباع أنظمة الحماية الاجتماعية الداعمة كالضرائب التصاعدية على الدخل.

* الاستمرار في السياسات الرامية لتعزيز الشمول المالي من خلال تعزيز وصول أكبر شرائح إلى الخدمات المالية الرسمية، خاصةً وأن التطبيقات الخاصة بالتحويل المالي عبر الهواتف المحمولة ساهم في النمو الشامل من خلال توفير الحسابات المالية لغير المتعاملين مع البنوك، وتمكين النساء مالياً، ومساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم على النمو داخل القطاع الرسمي.

* تقليل المستندات والأوراق المطلوبة لإقامة المشروعات الصغيرة ذات الإمكانات المحدودة.

*بذل المزيد من الجهود نحو رقمنة الاقتصادEconomic Digitalization ، أي التحول بالاقتصاد من اقتصاد يعتمد على المستندات والأرشفة الورقية، إلى اقتصاد يعتمد على قواعد البيانات وتخزينها وتداولها على المنصات الإلكترونية.

*من الممكن تجنب مسألة الطابع الرسمي للعاملين من خلال توفير التأمين الصحي والمعاشات للعاملين غير المنتظمين عبر وسائل أخرى، كالعضوية في النقابات العمالية، أو المنظمات غير الحكومية، أو من خلال الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص؛ وهذا الأمر من الممكن أن ينطوي على ميزة إضافية وهي التشجيع على ريادة المشاريع.

*رفع الوعي لدى العاملين بأهمية حصولهم على حقوقهم من خلال التأمين عليهم وإدراجهم بسجل العاملين لدى الجهات الرسمية للدولة لضمان حقوقهم.

…………………………………………………………….

أولاً: العمالة غير المنتظمة:

  • المفهوم:

اعتمدت منظمة العمل الدولية التعريف المشترك للعمل غير النظامي وهو: يصنف العاملون لحسابهم الخاص (من غير الأجراء (الذين يديرون مؤسسات غير نظامية على أنهم يعملون في القطاع غير النظامي). وبالمثل، يصنف أرباب العمل (الذين لديهم أجراء(والذين يديرون مؤسسات غير نظامية على أنهم من ضمن القطاع غير النظامي). ويتم تصنيف أفراد الأسرة كافة الذين يساهمون في العمل في المؤسسة على أنهم أصحاب عمل غير نظامي؛ بصرف النظر عما إذا كانوا يعملون في مؤسسات تابعة للقطاع النظامي أو غير النظامي.

 وفي حالة العاملين، يعرف العمل غير النظامي على أساس علاقة العمل التي لا ينبغي أن تكون، في القانون أو الممارسة العملية، خاضعة لتشريعات العمل الوطنية، أو لضريبة الدخل، أو الحماية الاجتماعية، أو الحق في استحقاقات عمل معينة (كإشعار مسبق بالفصل من الخدمة، وتعويض نهاية الخدمة، والإجازة السنوية أو المرضية المدفوعة الأجر، وغيرها).

وفي الممارسة العملية، تتحدد الطبيعة النظامية أو غير النظامية لوظيفة ما يشغلها الموظف على أساس معايير تشغيلية مثل: اشتراكات الضمان الاجتماعي التي يدفعها صاحب العمل باسم العامل، والحق في إجازة مرضية مدفوعة الأجر وإجازة سنوية مدفوعة الأجر.  ويربط عدد كبير من الباحثين العمل غير النظامي بالافتقار إلى الإدارة الاقتصادية والمؤسسية.

وخلاصة القول، بأن العمالة غير المنتظمة؛ هم مجموعة الأفراد الغير مدرجين ضمن نظام عمل ودوام جزئي أو كلي، كما يضم العمالة المؤقتين أو الموسميين والذين يتم توظيفهم دون تحديد ساعات عمل أو جدول زمني لهم، ويفتقر هذا النوع من الوظائف لأية مزايا أو مؤهلات، كما أنه يفتقر للاستمرارية، فضلًا عن عدم وجود أية حقوق للعمالة كالإجازات أو المكافآت أو ما شابه بالإضافة إلى انخفاض الأجور.

  • أسباب ظاهرة العمالة غير المنتظمة:

 ينجم العمل غير النظامي أساساً كمزيج من ضعف الخدمات العامة، ونظام تنظيمي تقييدي، وضعف قدرة  على الرصد والتنفيذ، كما هو الحال في الجزائر ومصر والأردن ولبنان مثلاً. كما تغذي بعض الظروف السائدة في المنطقة العربية العمل غير النظامي بشكل أكبر من ذلك، وهي تشمل ما يلي:

– التغير الديمغرافي الذي يمثل تحدياً رئيسياً لبلدان مثل مصر والأردن ولبنان و فلسطين وسوريا.

– انتشار الصراعات وعدم الاستقرار السياسي، لاسيما في العراق وليبيا وفلسطين وسوريا واليمن الذي يؤثر على الاستقرار السياسي في سبعة بلدان أخرى هي مصر والأردن ولبنان والسعودية والسودان وتونس والإمارات.

-انخفاض مستوى الاستقرار المالي والنقدي بسبب انخفاض أسعار النفط التي تؤثر على دول مجلس التعاون الخليجي؛ والنمو الاقتصادي المنخفض، ونمو البطالة في الدول غير المنتجة للنفط. ونتيجة لذلك، دفع عدد كبير من المواطنين العرب إلى القطاع غير النظامي لأنه الخيار الوحيد لكسب العيش.

– علاوة على ذلك، فإن ضعف الإطار التنظيمي يحد من تنمية القطاع الخاص والنمو العام. ففي أعقاب  ثورات الربيع العربي، تدهورت الجودة التنظيمية في بلدان عديدة مما أثر على قواعد المنافسة والاستثمار، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر، والإعانات، والتنظيمات البيئية، والتجارة، والمناخ العام للأعمال التجارية.

 -تدني جودة التعليم، والذي يحد من قدرة الناس على التحول من الوظائف غير النظامية إلى الوظائف النظامية كما يحد من جودة الابتكارات في مجال البحث والتطوير.

 -تؤدي أنظمة الحوكمة غير الكفء في بعض بلدان المنطقة إلى التهرب الضريبي، مما يزيد من الحافز للعمل في القطاع غير النظامي. وقد شهدت بعض البلدان،  مثل قطر والإمارات، تحسناً السنوات الماضية؛ رغم أن للمنطقة العربية واحدة من أدنى نسب الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء العالم.

  • ثانياً: العمالة غير المنتظمة ومفهوم الحماية الاجتماعية:

يمكن تعريف الحماية الاجتماعية بأنها مجموعة الخدمات الاجتماعية والصحية والاقتصادية والتعليمية والثقافية التي تهدف إلى رفع مستوى معيشة العمالة غير المنتظمة من خلال تنمية قدراتهم الاقتصادية والتعليمية والصحية.

وتهدف برامج الحماية الاجتماعية إلى:

– حماية الفئات الفقيرة من العمالة غير المنتظمة من الصدمات والتقلبات التي يتعرض لها الاقتصاد.

– تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توفير الخدمات وفرص العمل بشكل متكافئ ومتوازن.

– تكاتف الجهود الأهلية والحكومية لتحقيق الحماية الاجتماعية لهذه الفئة من خلال الخطط والبرامج والمشروعات المنصوص عليها في الدستور والقانون لتحقيق العدالة الاجتماعية.

*وهناك مفاهيم مرتبطة بالحماية الاجتماعية منها:

شبكة الحماية الاجتماعية: وهي إحدى آليات الحماية الاجتماعية التي تعمل على التخفيف من حدة أية آثار ترتبط بوجود حروب أو كوارث طبيعية أو تطبيق سياسات إصلاحية على الفئات المهمشة والفقيرة والأكثر فقراً من أجل تلبية احتياجاتها والعمل على إشباعها.

مفهوم أرضية الحماية الاجتماعية: وهو المفهوم الذي أطلقته الأمم المتحدة عام 2009 ويعرف “بأنه منهج وأداة يمكن من خلالها مواجهة الأزمات التي تعاني منها الدول نتيجة لوجود عجز في برامج الحماية الاجتماعية، ويمكن من خلالها توفير الحماية الاجتماعية الملائمة للجميع، والتي يمكن من خلالها تقديم الدعم المالي للنهوض بقطاع الصحة، ومنح الدخل الآمن للأطفال الذي يوفر لهم الرعاية الصحة والمادية والتعليم، ويوفر حياة كريمة لكبار السن وذوي الهمم”.

  • ثالثاً: إحصائيات وأرقام عن العمالة غير المنتظمة في مصر والعالم العربي:

تعاني الدول العربية بتسجيل واحد من أعلى معدلات البطالة بين الشباب في العالم (26%) وتشهد تدهوراً في جودة الوظائف، وبالتالي فإن القطاع غير النظامي آخذ في التوسع. كما أن هذا القطاع شهد نموًا كبيرًا بالتزامن مع انتشار جائحة كورونا، فضلًا عن معاناة المنطقة من الصراعات وعدم الاستقرار والتي أثرت على النمو الاقتصادي ممًا دفع العمال بالبحث عن فرص للعمل في القطاعات غير النظامية.   

عند النظر إلى كل دولة في المنطقة العربية على حدة، نجد أن البلدان ذات أدنى مستوى من الناتج المحلي الإجمالي للفرد تميل إلى أن يكون لديها أعلى مستويات من العمل غير النظامي. وتشير التقديرات إلى أن ثلث الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة يتم إنتاجه من خلال العمل غير النظامي.

وإحصائياً ، فإن عدم قيام الدول العربية بمواكبة التطورات الخاصة بالعمالة غير المنتظمة، والتي تمثلت في قيام منظمة العمل الدولية؛ بتطوير الدليل الاحصائي حول القطاع غير الرسمي والعمال غير المنتظمة بهدف تطوير المفاهيم والتعريفات الاحصائية ذات الصلة بعناصر القياس وأساليب التقدير والمنهجيات المختلفة، وبالتالي لم تتمكن المنظمة من إنشاء قاعدة بيانات فرعية عن سوق العمل سوى لدولتين عربيتين فقط هما مصر وفلسطين،  أما باقي الدول العربية فلم تواكب هذه التطورات؛ وبالتالي فإن كافة البيانات المقدمة هي بيانات تقديرية بالتعاون مع عدد من الخبراء والمنظمات الدولية المهتمة بهذا القطاع.

فمثلاً تقدر منظمة WEIGO الخاصة برصد العمالة الغير منتظمة وبصفة خاصة من النساء حول العالم ، إلى أن العمالة غير المنتظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشكل 45% من العمالة الزراعية، مقارنة                   بـ 82% في جنوب آسيا، و66% في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و65% في شرق وجنوب شرق آسيا (بدون الصين)، و51% في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

كما أن نسبة العمالة غير المنتظمة في القطاعات غير الزراعية المختلفة تبلغ 52.3% من إجمالي العمالة غير الزراعية في فلسطين و51.2% في مصر، وتشمل هذه النسب نحو 54.5% للرجال في فلسطين و56.3% في مصر، أما بالنسبة للنساء فإنها تنخفض إلى 40% في فلسطين و23.1% فقط في مصر.

أما من حيث التوزيع القطاعي، فتكون نسبة العمالة غير المنتظمة مرتفعة جدًا في قطاع الإنشاءات سواء في مصر أو في فلسطين. وتبلغ نسبة العمالة غير المنتظمة 96.9% من إجمالي العمالة في فلسطين و92.1% في مصر.

في حين تشهد قطاعات الخدمات الأخرى  (باستثناء التجارة والنقل) أدنى نسب العمالة غير المنتظمة، والتي لا تتجاوز 20% من إجمالي العمالة في كلا البلدين.

أما قطاع البناء، ففي حين يجتذب 14.8% من إجمالي العمالة في فلسطين، فإنه يجتذب 1% فقط من العمالة الرسمية مقارنة بـ 27.4% من العمالة غير المنتظمة.

وفي مصر يشكل قطاع البناء 27.3% من العمالة غير المنتظمة، ولا يجتذب سوى 15.2% من إجمالي العمالة. ومن ناحية أخرى، يجتذب قطاع الخدمات الأخرى (باستثناء التجارة والنقل) 69.5% من إجمالي العمالة الرسمية (الرجال) وحوالي 90% من إجمالي العمالة الرسمية (النساء). وهذا يوضح أيضاً أن النساء غائبات تماماً تقريباً عن العمالة غير المنتظمة في مجال النقل (0.7%).

وتمثل النساء حوالي خمس إجمالي العمالة في مصر وأقل في فلسطين (16.9%)، وترتفع هذه النسبة إلى 30% من العمالة الزراعية في كلا البلدين. وتمثل النساء الفلسطينيات 38.8% من العمالة الزراعية المستقلة، في حين أنهن لا يمثلن سوى 4.5% من العمالة الزراعية المستقلة الرسمية.

وقد يكون ارتفاع نسبة العمالة غير المنتظمة خارج القطاع غير الرسمي في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا راجعاً إلى حقيقة مفادها أن بعض المؤسسات في القطاع الرسمي توظف أشخاصاً دون احترام لوائح وقواعد العمل، بالإضافة إلى انتشار الشركات العائلية.

وفيما يتعلق بتغطية التأمين الاجتماعي، تبلغ نسبة التغطية المرتبطة بأنظمة التقاعد لإجمالي العاملين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 32.3%، مقارنة بـ 88.3% في الدول المتقدمة، و47.5% في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، و9.1% فقط في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. أما بالنسبة للعاملين، فإن التغطية لا تتجاوز 42.9% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي النسبة الأدنى مقارنة بدول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.

أما بالنسبة للعاملين لحسابهم الخاص، فإنها بالكاد تصل إلى 5% مقارنة بـ 64.4% في أوروبا والاتحاد الأوروبي، و18.8% في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي. وعلاوة على ذلك، فإن 1.8% فقط من أفراد الأسرة المساهمين يستفيدون من التغطية الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع العلم أن هذه الفئة لا تزال ضعيفة من حيث التغطية، حتى في الدول المتقدمة، حيث تظل التغطية أقل من 18%.

كما ينعكس الضعف أيضًا في ضعف نسبة التغطية الاجتماعية لمن يعملون بدون عقد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتي لا تتجاوز 9% مقارنة بـ 43.7% للعاملين الموسميين و85.1% للموظفين الحكوميين على التوالي.

-الواقع أن هناك ارتباطاً في حالة دول مجلس التعاون الخليجي، بين ارتفاع الدخول والافتقار للحماية المجتمعية، فرغم الدخول المرتفعة إلا أننا نجد فئات العمالة المهاجرة والعمالة المنزلية تفتقر لأنظمة حماية مجتمعية تسمح لهم بالاستفادة من أنظمة التقاعد.

أما في باقي الدول فنجد أن:

– اليمن والسودان وفلسطين وموريتانيا وسوريا لديها نصيب منخفض للفرد من الناتج المحلي الإجمالي للفرد بالتوازي مع نسب عالية من عدم التغطية الاجتماعية؛

– المغرب والأردن والعراق والجزائر وتونس لديها نصيب مرتفع نسبيًا  للفرد من  إجمالي الناتج المحلي الإجمالي ونسب منخفضة من عدم التغطية الاجتماعية، وخاصة الجزائر وتونس، وذلك بسبب تطورها النسبي من حيث تغطية أنظمة التقاعد للفئات النشطة؛

– أما بالنسبة للحالات المختلفة  التي لاتنطبق عليها القاعدة، فهي تظهر في ليبيا حيث توجد نسبة عالية من عدم التغطية الاجتماعية على الرغم من ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والذي يمكن تفسيره بأهمية العمالة المهاجرة التي لا تغطيها أنظمة التقاعد؛ 

– وفي مصر فنجد ارتفاع نسب الحماية الاجتماعية رغم تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وقد يعود ذلك لأهمية التوظيف في القطاع العام، والذي يوفر نسبة عالية من التغطية الاجتماعية.

كما يلاحظ انخفاض نسب العمالة غير المنتظمة في الدول النفطية، وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، وبدرجة أقل في الجزائر وليبيا، نظراً للمساهمة المهمة لعائدات النفط في الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول. إلا أنها تفتقر بشدة إلى وجود غطاء حماية اجتماعية قوية نظرا لاعتمادها بنسب كبيرة على العمالة المهاجرة في قطاع البناء والعاملات المنزلية.

في حين تستفيد العمالة غير المنتظمة في دول كمصر والجزائر وتونس وليبيا بجزء من أنظمة الحماية الاجتماعية، بينما اليمن وسوريا من الدول التي تفتقر بصورة عالية لوجود غطاء اجتماعي، إلا أن ذلك يعني أن جزءاً كبيراً من العاملين في القطاع الرسمي يفتقرون لوجود نظام حماية اجتماعية في حين تكون نسبة العمالة غير المنتظمة ضعيفة بالأساس في المغرب والأردن.

*كذلك يرتبط وجود العمالة غير المنتظمة بالتطورات والتركيبة الديموجرافية للبلدان العربية ، فمثلاً الارتفاع في نسبة مكون الشباب يعني المزيد من الضغوط على أسواق العمل العربية حال وصولهم لسن سوق العمل مما يعني مزيداً من القطاعات والعمالة غير المنتظمة، فضلاً عن أن ارتفاع نسب المناطق الريفية وخاصة لبلدان ذات الثقل الديموجرافي المهم في المنطقة، مثل مصر (56.9٪)، والسودان (66.4٪)، واليمن (66٪)، فإن هذا يعني مستويات عالية مستمرة من العمالة غير المنتظمة، نظرًا لأهمية العمالة الزراعية في المناطق الريفية، والتي هي بالفعل غير منتظمة في البلدان النامية. هذا فضلاً عن ارتفاع نسب الهجرة من الريف إلى الحضر مما يشكل تحدياً على مدى قدرة السوق الرسمي على استيعاب تلك التغيرات. وضغطاً كبيراً على أسواق العمل الرسمية في المدن يجعلهاغير قادرة على مواجهة الطلب الإضافي من العمالة الناتجة عن هذه الحركة، وينتج عن ذلك أيضًا عشوائية العمل والمزيد من اللارسمية.

*كما أن ارتفاع نسب البطالة ترتبط بشكل طردي بانتشار سوق العمل غير المنتظم وخاصة بين فئات الشباب، أو النساء، أو الأشخاص ذوي الإعاقة، باعتبارها الفئات التي تواجه المزيد من صعوبات التوظيف، وبالتالي فهي أكثر تعرضًا للعمل غير المنتظم ونقص الحقوق الأساسية في العمل. وهنا تقسم الدول العربية لمجموعتين:                      موريتانيا وليبيا والسودان وتونس والجزائر ومصر، حيث مستويات الاقتصاد الخفي والبطالة مرتفعة؛

جميع دول مجلس التعاون الخليجي، أي الإمارات العربية المتحدة وعمان والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت وقطر، حيث مستويات البطالة والعمالة غير المنتظمة منخفضة.

*كما يُمكن الاعتماد على مؤشر عدم وجود حساب جار بالبنوك كدليل على وجود العمالة غير المنتظمة وهو مايلقي الضوء على أهمية الشمول المالي، فضلاً عن أهمية تقديم حزم وبرامج لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة مالياً بما يُساهم في تراجع العمالة غير المنتظمة.

 

رابعاً:جهود الدولة المصرية للتعامل مع ظاهرة العمالة غير المنتظمة:

  • نظرة عامة على الوضع الراهن:

– وفقاً لبحث القوى العاملة المصرية للربع الأول من عام 2024 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد ارتفعت قوة العمل خلال الربع الأول لعام 2024 بنسبة 1% لتصل إلى 31.1 مليون عامل وهذا انعكس في زيادة عدد المشتغلين ليصل عددهم إلى نحو 29.2 مليون فرد، بينهم 18.7 مليون عامل يعملوا في القطاع غير المنتظم أي ما يقارب 60% من القوى العاملة في مصر، وتتركز معظم تلك العمالة غير المنتظمة في قطاعات الزراعة والصيد، والتشييد والبناء والمحاجر، والنقل.

ووفقاً للاحصاءات فإن العمالة غير المنتظمة  في مصر تتركز في 12 مهنة أساسية :(عمال المقاولات العامة، عمالة الخدمات، الزراعة، المناجم، المحاجر، الملاحات ، الآثار، البحر، الصيد، الموانئ، العمل بمنشآت موسمية، ميادين “مهن الباعة الجائلين”).

 – أن معظم العمالة غير المنتظمة ليست مشتركة في نظام التأمين الاجتماعي حيث لا تتعدى نسبة 18% من إجمالي المؤمن عليهم، ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها: عدم انتظام الدخل، أو عدم رغبة صاحب العمل أو العامل في تحمل عبء الاشتراك التأميني، أو ضعف القدرة الاقتصادية لتلك العمالة وبالتالي رغبتها في الاحتفاظ بعائدها الشهري كاملاً بدلا من استقطاع جزء منه لتتمتع بمزاياه عند الوصول إلى سن الشيخوخة، بالإضافة إلى عدم الوعي بأهمية الانضمام لمنظومة الحماية.

– وفقاً لتقرير البنك الدولي  حوالي 68% من العمال غير المنتظمين في عام 2012 يعملون في القطاع غير الرسمي حتى عام 2018، بينما أصبح 19% عاطلين عن العمل أو تركوا قوة العمل، وفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي. وأشار تقرير آخر للبنك إلى أن حوالي 16% من العمال غير المنتظمين أصبحوا عمالًا رسميين، و24% من العمال الرسميين أصبحوا عمالًا غير منتظمين في مصر، بين عامي 2012 و2018. فضلا عن أن نصف العمال غير المنتظمين في مصر فقدوا وظائفهم بين فبراير 2020 وفبراير 2021 بسبب جائحة كوفيد-19، في حين دفع تأثير الحرب الأوكرانية المزيد من الناس إلى الفقر.

كما تُظهر بيانات البنك الدولي أن 31 % من العمال غير المنتظمين في مصر حاصلون على شهادات جامعية، ويشير المصريون العاطلون عن العمل إلى استعدادهم للعمل برواتب أقل بنسبة 20% مقابل الحصول على وظيفة بالقطاع الخاص الرسمي.

  • جهود الحكومة المصرية للتعامل مع هذه الظاهرة:
  • مع تسجيل التضخم لمعدلات مرتفعة اقتربت من 32% ومانتج عنه من ارتفاع مستوى الفقر وبالتالي زيادة في المشاريع غير الرسمية تنفذ الحكومة المصرية برامج مساعدات تفيد 25% من أفقر الأسر في مصر وتغطي سجلات الضمان الاجتماعي في البلاد أكثر من 50 % من السكان. وزادت ميزانية الحكومة المخصصة للدعم وشبكات الضمان الاجتماعي من 358.4 مليار جنيه مصري في السنة المالية 2022/2023 إلى 529.7 مليار جنيه مصري (حوالي 17.1 مليار دولار) في السنة المالية 2023/2024. وتنفق مصر 10.9% من ناتجها المحلي الإجمالي على الضمان الاجتماعي، وفقًا للبنك الدولي.
  • جهود البنك المركزي المصري لتحقيق الشمول المالي بما يساهم في دمج العمالة غير المنتظمة في القنوات المصرفية الرسمية أو شبه المصرفية، فلقد نما الشمول المالي في مصر مؤخرًا بنسبة 147 %، وأصبح لدى أكثر من 42 مليون مصري في العام 2023/2024 حسابات مصرفية. وهو يعكس التطور عن العام 2021 فوفقاً لبيانات الشمول المالي للبنك الدولي لعام 2021، افتقر 61 % من المصريين إلى الحسابات المصرفية بسبب عدم كفاية الأموال. وفي الوقت نفسه، قام 20%فقط من المصريين بإجراء أو استلام أي مدفوعات رقمية في عام 2021.
  • اتخذت الحكومة بالفعل عدة قرارات لدعم العمالة غير المنتظمة، ومنها حصر أعداد العمالة وتسجيل بياناتهم، وحسب تصريح وزارة القوى العاملة فإن هذه الخطوة “تستهدف بناء قاعدة بيانات حقيقية من أرض الواقع ترتكز على استهداف قطاعات وفئات العمالة غير المنتظمة التي تعمل داخل القطاعين الرسمي وغير الرسمي على عدة مراحل، حيث إن عدد المستهدفين في المرحلة الأولى يبلغ 2.5 مليون عامل”. 
  • أطلقت الدولة أول منظومة للتأمين الاجتماعي والصحي للعمالة غير المنتظمة في مصر، في الأول من يوليو 2021، في إطار سعي الدولة إلى توفير الحماية التأمينية للعمالة غير المنتظمة.
  • تم تشكيل لجنة مركزية لمتابعة تشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة، وتختص هذه اللجنة برسم سياسات الدولة لتشغيل ورعاية العمالة غير المنتظمة ومتابعة تنفيذها، وبحث مشكلاتهم، ووضع اقتراحات الحلول المناسبة.
  • أطلقت الدولة المصرية شهادة “أمان” عام 2018 للتأمين على حياة العمال المؤقتين والموسميين. وتدمج الشهادة بين شهادة الادّخار ووثيقة التأمين، فيحصل المشتري على شهادة بفائدة 16% لمدة 3 سنوات، قابلة للتجديد 3 مرات، أي أن الحد الأقصى للشهادة 9 سنوات، وفي نفس الوقت، تحصّل شركة التأمين جزءًا من الفائدة، لتٌتيح لأصحاب الشهادات تأمينًا في حالة الوفاة الطبيعية، أو بسبب حادث، حده الأدنى 10 آلاف جنيهاً، وحده أقصى 250 ألف جنيهاً. غير أن خبراء شددوا على ألا يجب أن تكون الشهادة بديلاً عن وضع نظام تأمين اجتماعي شامل للعمالة غير المنتظمة، ورأوا أنها بالأساس أداة تجارية في إطار سعي الدولة نحو توسيع قاعدة المواطنين المتعاملين مع النظام البنكي (الشمول المالي) وتنشيط الحركة المصرفية.
  • سلمت وزارة القوى العاملة في الفترة من يناير 2021 حتى 28 مارس 2021، نحو 184.7 ألف وثيقة للتأمين التكافلي ضد الحوادت الشخصية.
  • وفي سياق متصل، نفذت الدولة عدة مبادرات لتحسين أوضاع العمالة غير المنتظمة، ومن أهمها: المبادرة الرئاسية «بر أمان» لحماية ودعم صغار الصيادين، ومبادرة «تتلف في حرير» التي تستهدف تقديم الدعم الفني لتطوير التصميمات المستخدمة في صناعة السجاد اليدوي ومبادرة «طريقك أمان» لحماية العاملين في مجال خدمات التوصيل.
  • كما أطلقت الدولة مبادرة التمكين الاقتصادي للعمالة غير المنتظمة، والتي تستهدف توفير فرص عمل الإجمالي 30 ألف مستفيد في 16 محافظة الأكثر عددًا في العمالة غير المنتظمة، وفي إطار مشروع التدريب المهني «برنامج طفرة» فقد تم تدريب عدد 3000 عامل وعاملة في المحافظات، كمرحلة أولى.
  • مشروع قانون العمل الجديد، والذي نص ولأول مرة، على “إنشاء صندوق للعمالة غير المنتظمة تكون له الشخصية الاعتبارية العامة ويتبع الوزير المختص، ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل مجلس إدارة الصندوق برئاسة الوزير المختص ويحدد اختصاصاته، والرسوم المقررة ونظام تحصيلها من صاحب العمل الذي يستخدم العمالة غير المنتظمة بما لا يقل عن 1% ولا يزيد على 3% مما تمثله الأجور من الأعمال المنفًذة”.  كما حدد القانون الفئات المستفيدة من امتيازات العمالة غير المنتظمة منها: العمالة المؤقتة بالزراعة وملاك الأراضي الزراعية غير الحائزين لها ممن تقل ملكيتهم عن فدان، وعمالة الشوارع وصغار المشتغلين لحساب أنفسهم كالباعة الجائلين وغيرهم، وعمالة المنازل و قراء القرآن الكريم وخدًام الكنيسة.
  • واستجابة مع تداعيات جائحة كورونا تم تشكيل لجنة وزارية تعني بدعم العمالة المتضررة ، حيث صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2183 لسنة 2020، بتشكيل لجنة وزارية تعنى بدعم العمالة المتضررة من تداعيات «كوفيد- 19»، والعمل على إعداد استراتيجية وطنية لحماية ورعاية العمالة غير المنتظمة .وفي سبيل تحديد المستفيدين من هذا الدعم، تم تأسيس قاعدة بيانات موحدة للمتضررين المتقدمين للحصول على منحة “كوفيد-19”. وخصصت وزارة المالية أكثر من 5.3 مليارات جنيهاً لصرف المنحة الاستثنائية للعمالة غير المنتظمة، وجرى صرف منحة قدرها 1500 جنيه على 3 أشهر بواقع 500 جنيه لكل شهر منذ بداية الجائحة، حتى فبراير 2021.

 

…………………………………………………..

 

المراجع

*منظمة العمل الدولية

-الحوار الاجتماعي   https://solifem.ilo.org/ar     

-التوصية رقم 204/ بشأن الانتقال من الاقتصاد غير المنظم إلى الاقتصاد المنظم

https://www.ilo.org/sites/default/files/wcmsp5/groups/public/@ed_norm/@normes/documents/normativeinstrument/wcms_386775.pdf  

* الحماية الاجتماعية والعمالة غير المنتظمة- فاطمة أحمد بكر

https://aial.journals.ekb.eg/article_244865_88d4da5ab405603d547141d7a9881665.pdf      

* نحو مسار منتج وشامل استحداث فرص العمل في المنطقة العربية

https://www.unescwa.org/sites/default/files/pubs/pdf/productive-inclusive-path-job-creation-arab-region-arabic.pdf  

*تقرير شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية:

    INFORMAL LABOR IN THE ARAB COUNTRIES THROUGH INTERNATIONAL STATISTICAL INDICATORS AND DATA, Dr. Azzam Mahjoub University Professor and International Expert Mohamed Mondher Belghith, https://www.annd.org/uploads/summernote/71614356401.pdf   

  Informal middle-class workers: the missing middle Working paper  series on the middle class, ESCWA-UN,

file:///C:/Users/user/Downloads/middle-class-arab-countries-    working-paper-4.pdf

 EGYPT World Bank Issues Brief – No. 2 1.  – Informal is new Normal , https://www.worldbank.org/content/dam/Worldbank/Feature%20Story/mena/Egypt/Egypt-Doc/egy-jobs-issue-brief-2-ENG-ARA.pdf

 *العمالة غير المنتظمة في مصر: مبادرات عديدة وحصاد محدود 2 مايو 2023   – حلول للسياسات البديلة

https://aps.aucegypt.edu/ar/articles/993/irregular-employment-in-egypt-multiple-initiatives-meager-results  

 

The post العمالة غير المنتظمة…… مفاهيم..مؤشرات..حلول appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8125
ضمنهم 54 شخصية مصرية، 747 شخصية أكاديمية وحقوقية وثقافية تطالب الأمم المتحدة بإصدار قرار يعتبر الصهيونية حركة عنصرية https://draya-eg.org/2024/07/30/%d8%b6%d9%85%d9%86%d9%87%d9%85-54-%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9%d8%8c-747-%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d9%8a%d8%a9-%d8%a3%d9%83%d8%a7%d8%af%d9%8a%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d9%82%d9%88%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%b7%d8%a7%d9%84%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%aa%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a8%d8%a5%d8%b5%d8%af%d8%a7%d8%b1-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d9%8a%d8%b9%d8%aa%d8%a8%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%87%d9%8a%d9%88%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%ad%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%b9%d9%86%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9/ Tue, 30 Jul 2024 13:01:47 +0000 https://draya-eg.org/?p=8088 بتاريخ 29 يوليو 2024، أرسلت 747 شخصية نخبويًة من الحقوقيين والمثقفين والأكاديميين في العالم العربي مذكرة إلى الأمين العام ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب فيها الأمم المتحدة إصدار قرار جديد يعتبر الصهيونية شكل من أشكال العنصرية في ضوء جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتهجير القسري التي ترتكبها إسرائيل في غزة منذ أكثر من تسعة شهور. …

The post ضمنهم 54 شخصية مصرية، 747 شخصية أكاديمية وحقوقية وثقافية تطالب الأمم المتحدة بإصدار قرار يعتبر الصهيونية حركة عنصرية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
بتاريخ 29 يوليو 2024، أرسلت 747 شخصية نخبويًة من الحقوقيين والمثقفين والأكاديميين في العالم العربي مذكرة إلى الأمين العام ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تطالب فيها الأمم المتحدة إصدار قرار جديد يعتبر الصهيونية شكل من أشكال العنصرية في ضوء جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتهجير القسري التي ترتكبها إسرائيل في غزة منذ أكثر من تسعة شهور.

ونوًهت المذكرة أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت القرار رقم 3379 في 10 نوفمبر 1975، القاضي باعتبار “الصهيونية شكلًا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”، في ظرف حظي به نضال الشعب العربي الفلسطيني من أجل حقه في تقرير مصيره باحترام كبير، لاسيّما بعد تحرُر العديد من شعوب وبلدان آسيا وإفريقيا من ربقة الاستعمار، إثر صدور القرار رقم 1514 من الجمعية العامة للأمم المتحدة، القاضي بإنهاء الكولونيالية في العام 1960، وأصبحت قضية فلسطين، باعتراف أوساط دولية حكومية وغير حكومية، قضية تحرّر وطني لشعب عانى من الاحتلال. لكن الأمم المتحدة؛ في سابقة خطيرة، ألغت هذا القرار في 16 ديسمبر  من العام 1991، مخالفة بذلك المعطيات التي استندت إليها حين اتّخذت هذا القرار التاريخي.

وأرجعت المذكرة السبب في التراجع عن توصيف طبيعة الصهيونية العنصرية، إلى اختلال موازين القوى على المستوى العالمي، وانحلال الكتلة الاشتراكية، وهيمنة الولايات المتحدة على العلاقات الدولية، وتفرّدها بالقرار الدولي، الأمر الذي ترك تأثيرًا سلبيًا مضاعفًا على الشعب العربي الفلسطيني، ضحية السياسات التمييزيّة العنصرية من جهة، وعلى قضية السلم والأمن الدوليين من جهة أخرى.

وأوضحت المذكرة إلى أن التطوّر الخطير في الوضع الدولي حينذاك وعشية إلغاء القرار 3379، لم يمنع الحركة الحقوقية العالمية وأنصار السلام والتحرر من مواصلة نضالهم لدعم الشعب العربي الفلسطيني، وإظهار حقيقة الممارسات العنصرية الاستعلائية، وذلك بوعي وإدراك أن تلك الخطوة غير المسبوقة، التي اتّخذتها الأمم المتحدة، تمّت في ظرف ملتبس، حيث ناقضت الأمم المتحدة نفسها، في الوقت الذي كان العالم فيه يشهد على نهج إسرائيل العنصري، وارتفاع وتيرة عمليات الاستيطان والترحيل وقضم الأراضي وإجلاء السكان بصورة ممنهجة لإلغاء الوجود الفلسطيني بالضدّ من الشرعية الدولية وقراراتها، بما فيها قراري مجلس الأمن 242 لعام 1967 و338 لعام 1973، اللذان يعلنان صراحة “ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، حيث لا يجيز القانون الدولي المعاصر ضمّ الأراضي بالقوّة“، إضافة إلى أن مجلس الأمن اعتبر قراري الكنيست في  ضم القدس والجولان باطلين ولاغيين، كما أن محكمة العدل الدولية قررت في العام 2004 أن بناء “جدار العزل” (جدار الفصل العنصري)، باطلًا، وأمرت بتفكيكه وتعويض المتضررين من بنائه.

وبيًنت المذكرة أن إسرائيل ما تزال تتنكّر لقرارات الأمم المتحدة، ولاسيّما القرار 181 لعام 1947 وقرار حق العودة 194 لعام 1948، إضافة إلى حزمة أخرى من القرارات التي تدين ممارساتها العنصرية وإنكارها لحقوق الشعب العربي الفلسطيني، وهو الأمر الذي واجهته إسرائيل والقوى التي تقف خلفها في “مؤتمر ديربن الدولي” (جنوب إفريقيا) بخصوص العنصرية في العام 2001 ، حيث أدانت فيه نحو 3000 منظمة دولية حقوقية وإنسانية ممارسات إسرائيل العنصرية.

وبيًنت المذكرة أن ما يدعونا لتوجيه هذه الرسالة إلى هيئة الأمم المتحدة ، هو أن إسرائيل تعلن صباح مساء، أن عقيدتها السياسية هي الصهيونية، وأنها استنادًا إلى هذه العقيدة تقوم بممارسة العدوان اليوم على غزة منذ 9 أشهر، وهو ما شهد الأمين العام على وحشيته وأبدى تعاطفه مع الضحايا إنسانيًا، حيث سقط  ما يزيد عن 170 ألف إنسان ما بين قتيل وجريح، إضافة إلى تدمير المرافق الحيوية والبنية التحتية والمدارس والمستشفيات والجوامع والكنائس ودور العبادة، واستهداف الطواقم الطبية وفرق الإغاثة، فضلًا عن قطع الماء والغذاء والدواء والكهرباء والوقود وأبسط مقومات الحياة الإنسانية.

وشدًدت المذكرة على ما يتعرّض له أكثر من مليوني إنسان فلسطيني من كارثة بشرية غير مسبوقة في حرب إبادة جماعية وحشية ارتُكبت فيها أبشع أنواع الجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحروب، خلافًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، ولاسيّما اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وملحقيها بروتوكولي جنيف لعام 1977، الأول الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلّحة؛ والثاني الذي يتعلّق بحماية ضحايا المنازعات المسلّحة غير الدولية.

وأكدت المذكرة أن هذه الممارسات الجديدة القديمة، تجعل من إسرائيل دولة مارقة وخارجة عن القانون الدولي، بل إنها تقف على نحو سافر بالضدّ من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يقرّ بحق الشعوب بتقرير مصيرها، فضلًا عن احترام حقوق الإنسان، وهو موضوع لا يمكن المرور عليه مرور الكرام، لأنه يتعلّق بصلب العقيدة السياسية لإسرائيل، الأمر الذي يضعها في قفص الاتهام، فضلًا عن قياداتها السياسية والعسكرية، حسب قرارات محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.

وأشارت المذكرة إلى حقيقة أن العالم أخذ يتلمّس على نحو كبير، بما فيه بعض يهود أمريكا وأوروبا والعديد من الأوساط الغربية، ولاسيّما الحركات الطلابية والشبابية، خطورة الصهيونية على العالم المتحضّر، بل أصبح الاعتقاد يتّسع وفقًا للمعيار القانوني، بأن الصهيونية شكل جديد من أشكال العنصرية ونظام الأبرتايد، الذي لم يعد له وجود كنظام سياسي في العالم بعد انتهاء نظام جنوب إفريقيا العنصري، سوى في إسرائيل، مبينة  انعكاس ذلك على ارتفاع رصيد دولة فلسطين، التي صوّت لها مؤخرًا 143 دولة بالاعتراف بأحقيتها في أن تكون عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة، وهو ما أدّى إلى اتّساع نطاق الاعتراف الدولي بها، كما حدث حين اعترفت إسبانيا وإيرلندا والنرويج، وكأنه ردّ فعل على الممارسات العنصرية الصهيونية.

وأوضحت المذكرة إننا كمثقفين وحقوقيين وأكاديميين  ودعاة سلام قائم على العدل في العالم العربي، ننطلق من القيم الإنسانية والحقوقية التي نؤمن بها، ويشاطرنا فيها مثقفون وحقوقيون ودعاة سلام من مختلف أنحاء العالم، نخاطبكم، بحكم مسؤولياتكم، لمراجعة قرارات الجمعية العامة السابقة، بما فيها العدول عن إلغاء القرار 3379، الذي يعتبر الصهيونية شكلًا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، واصدار قرار جديد يؤكد هذا المضمون، وما ارتكبته وترتكبه دولة إسرائيل كنظام استعماري كولونيالي من جرائم حرب وعدوان وابادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية، لا بد وأن يلاحق مرتكبوها ولا يفلتوا من العقاب.

ونوًهت المذكرة إلى أن حرب الإبادة الجماعية التي تمارسها السلطات الإسرائيلية بدم بارد ودون أي اعتبار قانوني، أو أخلاقي، أو ديني أو إنساني، تؤكّد على ضرورة، بل ومشروعية مثل هذا المطلب الإنساني الذي يؤكد حقيقة الممارسات العنصرية والعقيدة السياسية التي تبرّرها.

ودعت المذكرة إلى ضرورة أن تعمل كل المنظمات والقوى والمجموعات الثقافية والدول والحكومات، وكل من يعتقد أن الصهيونية وجه جديد للعنصرية المتجسّدة في الممارسات الإسرائيلية التي قامت عليها منذ العام 1948 وإلى اليوم، على تحقيق المزيد من التضامن مع الشعب العربي الفلسطيني، ليتمكّن من تقرير مصيره بنفسه، وإقامة دولته الوطنية المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللّاجئين، وتعويضه عمّا لحقه من غُبن وأضرار، وما أصابه من دمار وخراب طيلة ما يزيد عن ثلاثة أرباع القرن، وتلك هي مسؤولية دولية عظمى تقع على عاتق الأمم المتحدة وجميع القوى صاحبة النفوذ.

 

The post ضمنهم 54 شخصية مصرية، 747 شخصية أكاديمية وحقوقية وثقافية تطالب الأمم المتحدة بإصدار قرار يعتبر الصهيونية حركة عنصرية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8088
الوضع الصحي للمرأة المصرية…مبادرات وإنجازات https://draya-eg.org/2024/07/29/%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b6%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d9%8a-%d9%84%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%a3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a5%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%b2%d8%a7%d8%aa/ Mon, 29 Jul 2024 09:43:58 +0000 https://draya-eg.org/?p=8071 في عام 2016 أطلقت الدولة المصرية خطتها الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة “رؤية مصر2030” والتي أصبحت البوصلة التي تحدد أولويات العمل الوطني، وخارطة الطريق نحو مستقبل أفضل يضع الإستثمار في البشر كأولوية قصوى. وتنطلق الرؤية المصرية في محورها الأول على أن “الإنسان محور التنمية ” فتؤكد على أهمية تحسين مستوى المعيشة لجميع الفئات الاجتماعية من خلال …

The post الوضع الصحي للمرأة المصرية…مبادرات وإنجازات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
في عام 2016 أطلقت الدولة المصرية خطتها الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة “رؤية مصر2030” والتي أصبحت البوصلة التي تحدد أولويات العمل الوطني، وخارطة الطريق نحو مستقبل أفضل يضع الإستثمار في البشر كأولوية قصوى.

وتنطلق الرؤية المصرية في محورها الأول على أن “الإنسان محور التنمية ” فتؤكد على أهمية تحسين مستوى المعيشة لجميع الفئات الاجتماعية من خلال توفير التعليم المناسب وإتاحة نظام صحي ملائم، إذ أنه لامعنى لكل خطط التنمية دون الإهتمام بالإنسان أولاً وأخيراً وتحسين جودة حياته حتى يمكنه تنفيذ هذه الخطط وجني ثمارها.

ولمًا كانت المرأة المصرية تمثل نصف المجتمع وتؤثر عليه ككل فقد كان الإهتمام بصحتها أمراً على قدرٍ كبير من الأهمية حيث أنه يتماشى الهدف الأول من رؤية مصر 2030، كما أن صحة المرأة خاصة السيدات في سن الإنجاب تؤثر على الحالة الصحية للأبناء وعلى مستقبلهم وأحوالهم المعيشية .

وإيماناً من القيادة السياسية بأهمية دور المرأة المصرية في صنع الحاضر ورسم خطوط المستقبل فقد دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال احتفالية تكريم المرأة المصرية في 2019 إلى إطلاق مبادرة للحفاظ على صحة المرأة، تضمنت إجراء حملة مسح طبي شامل للكشف على سرطان الثدي رافعةً شعار “الست المصرية هي صحة مصر”.

في هذا السياق يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على تفاصيل المبادرة الرئاسية لدعم صحة المرأة المصرية وما تحقق من إنجازات في هذا الصدد،  فضلاً عن جهود الدولة المصرية لدعم صحة المرأة.

وقد تمثلت أهم النتائج والتوصيات التي توصلت إليها الورقة والتي يمكن من خلالها دعم وتطوير جهود الدولة الحالية في مجال تحسين الوضع الصحي للمرأة المصرية مايلي:

  • تدشين حملة إعلامية قومية تساهم فيها وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي حول أهمية صحة المرأة وتأثير ذلك على أسرتها، وكيفية الاستفادة من الحملات الرئاسية خاصة تلك المعنية بالكشف عن الأورام السرطانية والأمراض السارية والمزمنة وما يتعلق بصحة الأم والطفل.
  • تأسيس قاعدة بيانات قومية قوية ومفصلة حول الأمراض الشائعة بين النساء ومدى انتشارها في محافظات مصر المختلفة والفئات العمرية الأكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض.
  • العمل على تكثيف الزيارات المنزلية للسيدات خاصة في المناطق الريفية والنائية ورفع الوعي لديهن لاكتشاف الإصابة ببعض الأمراض خاصة سرطان الثدي من خلال الفحص الذاتي.
  • تخصيص الاحتفال في شهر أكتوبر تحت شعار”أكتوبر الوردي” لرفع الوعي لدى السيدات بطرق مقاومة الإصابة بأمراض السرطان خاصة سرطان الثدي ونشر المزيد من ثقافة طرق الوقاية والتوعية بأهمية الكشف المبكر وطرق التأهيل النفسي للمصابات خلال فترة العلاج.
  • زيادة أعداد وحدات صحة المرأة المتنقلة خاصة في المناطق النائية وقرى صعيد مصر وريفها.
  • متابعة السيدات اللاتي لهن تاريخ وراثي لمرض السرطان في العائلة والحرص على إجراء الفحوص الدورية لهن.
  • تكثيف حملات التوعية وتنظيم المزيد من الندوات للسيدات بهدف نشر الوعي حول مرض السرطان خاصة في المحافظات الحدودية والمناطق النائية.
  • نشر وحدات الكشف المتنقلة في مقرات الجهاز الإدارى للدولة والمولات الكبرى وأندية الشرطة والقوات المسلحة بحيث يمكنها الوصول لأكبر عدد ممكن من السيدات.
  • التوسع في إنشاء وتجهيز الوحدات الصحية التي تقدم خدمة أشعة الماموجرام والسونار بحيث تشمل كل محافظات الجمهورية وكافة القرى والنجوع والمناطق الحدودية والنائية.
  • تفعيل وزيادة إرسال رسائل نصية لتذكير السيدات بمواعيد زيارتهن الدورية للوحدات الصحية واستطلاع آرائهن.
  • زيادة حجم تدريب الفرق الطبية بكل محافظات الجمهورية بحيث يشمل ذلك أطباء الكشف الأولي بالوحدات الصحية وأطباء الفحص المتقدم بالمستشفيات وفنيين الأشعة والرائدات الصحيات وفرق التمريض.
  • وضع برنامج متكامل للدعم النفسى والتغذية والتثقيف وخدمات العلاج الطبيعى لمريضات الأورام السرطانية مع تأهيل أسرهن خلال مراحل العلاج المختلفة وحتى بعد اتمام عملية الشفاء.

……………………………………………

المحور الأول: المبادرة الرئاسية لدعم صحة المرأة المصرية

فى عام 2019 أطلقت مصر مبادرة  السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للكشف المبكر عن أورام الثدي بجميع محافظات الجمهورية مجانًا، وتستهدف العلاج والتوعية الكاملة بمسببات المرض وآليات الفحص الذاتي للمنتفعات، فضلاً عن الكشف عن الأمراض غير السارية (السكري، ضغط الدم، قياس الوزن والطول وتحديد مؤشر كتلة الجسم، ومستوى الإصابة بالسمنة أو زيادة الوزن)، والاهتمام بالصحة الإنجابية للسيدات، حيث تشمل الفحص وتقديم التوعية للسيدات من سن 18 بالمجان، ويبلغ إجمالي تكلفة المبادرة 278 مليون جنيهاً.

*تضم المرحلة الأولى للمبادرة محافظات (الإسكندرية – بورسعيد – البحيرة– الفيوم – أسيوط – القليوبية – مطروح – جنوب سيناء – دمياط).

* تضم المرحلة الثانية محافظات (شمال سيناء – البحر الأحمر – القاهرة – الإسماعيلية – السويس – كفر الشيخ – المنوفية – بني سويف – سوهاج – الأقصر – أسوان).

*تضم المرحلة الثالثة محافظات (الوادي الجديد – الجيزة – الغربية – الدقهلية – الشرقية – المنيا – قنـــا).

وفي إطار المبادرة تم تنفيذ مايلي:

– إعداد قائمة بالسيدات المستهدفات بالحي والمحافظة وإتباع نظام الكشف الدوري الممنهج حسب تاريخ المرض في الأسرة والأعمار والعوامل الوراثية، ووضع الخطة اللازمة لتطبيق الحملة، كما تم توفير خدمات الفحص للسيدات بالمبادرة من خلال 3 آلاف و538 وحدة صحية على مستوى محافظات الجمهورية، فضلًا عن 114 مستشفى لتقديم الخدمة الطبية للسيدات اللاتي تتطلب حالتهم إجراء فحص متقدم.

  • إتاحة معرفة أماكن الفحص من خلال الموقع الرسمي للمبادرة http://www.100millionseha.eg.
  • تلقي الاستفسارات الخاصة بالمبادرة من خلال الخط الساخن لمبادرة 100 مليون صحة 15335، على مدار 24 ساعة باللغتين العربية والإنجليزية، حيث تم استقبال 117 ألف و486 اتصالًا.
  • إرسال حوالي مليون و500 ألف رسالة نصية على الهواتف المحمولة للسيدات لحثهن على الاستمرار في متابعة حالتهن الصحية ضمن المبادرة دوريًا.
  • استحداث وسائل تواصل مباشرة بين المواطن والوزارة مثل صفحات الفيس بوك وخاصية الرد الآلي على تطبيق «الواتساب» والموقع الإلكتروني الخاص بالوزارة وتطبيق صحة مصر.
  • توفير أحدث بروتوكولات العلاج العالمية المتبعة لعلاج سرطان الثدي بالمجان ضمن المبادرة، وذلك ضمن رؤية القيادة السياسية للاهتمام بالصحة العامة للمواطنين والمرأة المصرية.
  • تطوير البنية التحتية بالوحدات الصحية والمستشفيات للعمل ضمن المبادرة، من خلال زيادة عدد الأجهزة المستخدمة في التشخيص، والتي تشمل أجهزة السونار والماموجرام، ومعامل الباثولوجي.
  • تدريب كافة الفرق الطبية التي تعمل ضمن المبادرة والتي بلغت 20 ألف و89 فريق طبي يضم كل فريق منهم (أطباء، تمريض، فنيين أشعة)، فضلًا عن تدريب مدخلي البيانات والإداريين، لضمان تقديم أفضل مستوى من الخدمة الطبية.
  • إدراج خدمات المبادرة ضمن قرارات العلاج على نفقة الدولة والخاضعين للتأمين الصحي القديم ومنظومة التأمين الصحي الشامل الجديد.

الإنجازات :

نجحت المبادرة في تحقيق إنجازات غير مسبوقة في الكشف على السيدات وعلاجهن بالمجان وعلى نفقة الدولة، وقد شملت هذه الإنجازات ما يلي:

  • في 17 يونيو 2023 أعلنت وزارة الصحة والسكان، استقبال 36 مليونًا و464 ألف زيارة من السيدات، لتلقي خدمات الفحص والتوعية، ضمن مبادرة رئيس الجمهورية المستدامة لدعم صحة المرأة المصرية، منذ إطلاقها في يوليو عام 2019 .
  • تٌقسًم الزيارات إلى 19 مليونا و658 ألفا و448 زيارة لأول مرة، و9 ملايين و247 و592 زيارة دورية، و7 ملايين، و557 ألفا و967 زيارة عارضة .
  • تردُد  548 ألفًا و126 سيدة على المستشفيات لإجراء الفحوصات المتقدمة ضمن المبادرة.
  • تقدم  المبادرة خدماتها المجانية لفحص السيدات من خلال 3538 وحدة صحية على مستوى محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى مشاركة 102 مستشفى، لتقديم الخدمة الطبية للسيدات اللاتي تتطلب حالتهن إجراء فحص متقدم، كما يمكن  تلقي الاستفسارات من خلال الخط الساخن لمبادرة «100 مليون صحة» على الرقم 15335.
  • تم عرض ومناقشة 29 ألف و331 حالة من خلال لجنة الـ (MDT) متعددة التخصصات في مجال الأورام، ضمن المبادرة، وذلك لاتخاذ قرار العلاج الموحد، حيث أن المبادرة تتبع أحدث البروتوكولات العالمية لعلاج سرطان الثدي، من خلال 14 مركزًا تابعًا لوزارة الصحة والسكان، بالإضافة إلى تفعيل تلك البروتوكولات في 14 مركزًا تابعًا للمجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية وبالمجان، كما أنه جار تجهيز تلك المراكز للبحوث التطبيقية بهدف الوصول لمراكز بحثية متقدمة في علاج الأورام، ضمن رؤية القيادة السياسية للاهتمام بالصحة العامة للمواطنين.
  • تم اكتشاف إصابة 19 ألفًا و674 حالة بسرطان الثدي، وإجراء 298 ألفًا و854 أشعة ماموجرام، منذ إطلاق المبادرة، إلى جانب سحب 29 ألفًا و764 عينة أورام لتحليلها، وتقديم العلاج مجاناً، للحالات التي تأكدت إصابتها .
  • جاري متابعة علاج السيدات المصابات سواء الخاضعات للتأمين الصحي، أو منظومة العلاج على نفقة الدولة. وفي إطار الحرص على رفع كفاءة مقدمي الخدمة تم تقديم 24 ألفًا و208 من البرامج التدريبية للفرق الطبية شملت (الأطباء والتمريض وفنيي الأشعة)، بالإضافة إلى توفير البرامج التدريبية لمدخلي البيانات والإداريين وإعادة تلك البرامج التدريبية لضمان تقديم أفضل مستوى من الخدمة الطبية.
  • تقدم مبادرة رئيس الجمهورية لدعم صحة المرأة في المراكز والوحدات الصحية التي تقدم الخدمات الطبية لمتابعة وعلاج الأمراض المزمنة والاكتشاف المبكر للاعتلال الكلوي، وذلك للتسهيل على المواطنين من خلال دمج الخدمات الطبية المقدمة بالمبادرات الصحية، حيث يتم ربط كافة المبادرات إلكترونيًا، وتوحيد قاعدة بيانات المواطنين، بما يضمن استفادة جميع أفراد الأسرة من الخدمات الطبية المقدمة بكافة المبادرات، في إطار الحرص على التوعية والاهتمام بالصحة العامة.

– تم التوسع في المراكز التي تقدم خدمات أشعة الماموجرام والسونار ليبلغ عددها 71 مركزاً، مقارنة بـ 13 مركزاً عام 2019، فضلاً عن 60 معملاً في تخصصات دقيقة، بالإضافة إلى معمل الباثولوجي الخاص بمركز أورام دار السلام (هرمل) الذي تم اعتماده من كلية الباثولوجيين الأمريكية.

– وفقاً لتصريحات السيد وزير الصحة/ د. خالد عبد الغفار فإن المبادرة ترتكز على مجموعة من الركائز الأساسية، أهمها: (الكشف المبكر، وإدارة البيانات، والتدريب للفرق الطبية، والبحوث العلمية الحديثة)، موضحًا أن أعمال الكشف والتشخيص المبكر، تتم من خلال 70 مختبرًا عالي التجهيز و71 مركزًا للأشعة ، مشدداً على أهمية الحملات الإعلانية وأنشطة التوعية والتثقيف الصحي، من خلال التواصل مع السيدات في أماكن إقامتهن وعملهن، مشيرًا إلى أنه تم إجراء أكثر من 36 مليون زيارة، وتقديم التوعية الصحية لأكثر من 20 مليون سيدة من سن 18 عامًا.  كما أوضح أن المبادرة نجحت فى تحقيق المستهدف منها بالكشف المبكر عن الأورام وفقًا لخطوط علاجية مبتكرة وفعالة بما يتماشى مع التحديثات العالمية، معلنًا الوصول إلى نسب مرتفعة لاكتشاف المرض بمرحلتيه الأولى والثانية.

– ارتفعت نسبة الجراحات التحفظية حتى 34.25% بنهاية عام 2022، مقارنة بـ 31.5% بنهاية عام 2021، وارتفاع نسبة جراحات الاستئصال التحفظي إلى 60%، لافتاً إلى تفعيل بروتوكولات العلاج بالجراحة لأورام الثدي، وتفعيل بروتوكول موحد للعلاج الكيماوي وفقاً للدلائل الاسترشادية العالمية في هذا الشأن.

– تضمنت خدمات المبادرة في عام 2022 إرسال 9 ملايين رسالة نصية لتذكير السيدات بمواعيد زياراتهن الدورية واستطلاع آرائهن.

– تضاعفت نسبة حدوث الجراحات التحفظية لسرطان الثدي فبعد أن كانت 29% فقط، وصلت حالياً إلى 64%، ومن خلال الدعم الكبير بالمعدات الحديثة يمكن القيام بمزيد من الجراحات التحفظية للحفاظ على صحة المرأة وحالتها النفسية ، كما تم لأول مرة الإعلان عن السيدات الايجابية للهرمون واللاتى لديهن مستقبلات إيجابية للهرمون وبالتالي يمكنها تناول أقراص هرمونية لعلاج سرطان الثدي، فيما تجدر الاشارة إلى أن معدلات الاصابة بسرطان الثدي في مصر بلغ  45 مصابة لكل 100 ألف سيدة.

المحور الثاني: جهود الدولة المصرية لدعم صحة المرأة ..

قدمت الدولة المصرية جهودا هائلة وغير مسبوقة من أجل الحفاظ على صحة المرأة ودعمها وتوفير كافة الخدمات الصحية لها وكان من أبرز هذه الجهود ما يلي:

1- المبادرة الرئاسية ” الست المصرية – هي صحة مصر ” التي استهدفت (210.920)، و تضمنت محاور الحملة: الكشف المبكر عن الأورام «سرطان الثدي»، بالإضافة إلى الكشف عن الأمراض غير السارية (السكر والضغط والسمنة)، وأمراض القلب وهشاشة العظام حيث تم وضع خطة تنسيقية بين المستشفيات الحكومية والجامعية والخاصة بمختلف المحافظات.

2- أطلقت الدولة المبادرة الرئاسية لدعم صحة المرأة المصرية والتي نجحت في فحص 33.8 مليون سيدة حتى الآن، بينما تم فحص 1.8 مليون سيدة من خلال مبادرة العناية بصحة الأم والجنين حتى الآن، فضلاً عن 2 مليون سيدة مستفيدة من منظومة التأمين الصحي الشامل منذ إطلاقها، بنسبة 49.3% من إجمالي المستفيدين، فيما تم مد 70 ألف سيدة حامل للمرة الأولى أو لديها طفل واحد بمواد غذائية أو توعيتها صحياً شهرياً بإجمالي تكلفة تقترب من 200 مليون جنيهاً، علاوة على تنفيذ 9.3 ملايين زيارة طرق أبواب للتوعية الأسرية بأهمية تنظيم الأسرة من خلال برنامج “2 كفاية” حتى الآن.

3- تطوير مستشفى الجلاء التعليمي: من خلال التعاون بين وزارة الصحة والسكان والمجلس  القومي للمرأة ، من أجل خلق نموذج يقدم الرعاية الصحية للمرأة بمفهوم شامل في مراحل عمرها المختلفة وتقديم المستشفى كنموذج لمستشفيات المرأة التي تقدم الخدمة الصحية ذات الجودة العالية والذي يمكن تعميمه فيما بعد على باقي مستشفيات الجمهورية من خلال تبني نظام الإدارة البيئية والتحكم في كافة مصادر التلوث البيئي داخل وخارج المستشفى.

4- مبادرة بهيًة: تبنى المجلس القومي للمرأة إطلاق “مبادرة بهية” لحث السيدات لجمع التبرعات المادية لعلاج مريضات سرطان الثدي وحملات الكشف المبكر بالمجان، كما يقوم المجلس بزيارات ميدانية للمستشفى الدعم المعنوي للمرضى من السيدات، وفي هذا السياق قام المجلس بالعديد من الأنشطة على النحو الآتي:

  • بلغ عدد المستفيدات من مبادرة بهية وحملة التبرعات التي قادها المجلس {134,000} مستفيدة من كشف مبكر وعلاج بالمجان وفحوصات قبل العلاج.
  • تجهيز غرفة باسم المجلس القومي للمرأة بالمستشفى.
  • إجراء (5) زيارات ميدانية لمستشفى بهية، وتكريم (120) من المحاربات المتعافيات من المرض في احتفالية أقامتها المستشفى.
  • إطلاق مبادرة “سيدات مصر” للتخفيف من قوائم الانتظار والمشاركة في تقديم الدعم المادي والعيني للمستشفى، ومبادرة “احمي عيلتك احمي مصر… بهية في ضهرك ” لتيسير وصول العلاج الهرموني للمريضات مع تفشي وباء كورونا.

– المشاركة في مراسم وضع حجر الأساس بمستشفى بهية فرع الشيخ زايد.

– تحفيز الجهود الحكومية والأهلية والمجتمع المدني للتوعية بأهمية “الكشف المبكر عن سرطان الثدي  للمرأة المصرية ” وأيضا قام المجلس بالتنسيق بين الجهات المختلفة لتتكامل الأدوار المنفردة.

– أطلق المجلس برنامج “رحلة أمل مع سرطان الثدي“، في إطار مبادرة «100 مليون صحة»، وهي حملة مجانية للتوعية والفحص المبكر عن سرطان الثدي، باستخدام جهاز التصوير الإشعاعي للثدي «الماموجرام»، لتوعية السيدات بطريقة الكشف الذاتي، تم بثه مباشرة على الصفحة الرسمية للمجلس على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بمشاركة مجموعة من الأطباء المتخصصين للتوعية بأهمية الكشف المبكر، بلغ [17 ألف متابع وأكثر من 1500 متفاعل] وتم نشر ملصقات وفيديوهات توعية عن المرض على مواقع التواصل الاجتماعي ، كماشاركت فروع المجلس بعقد (10) ندوات للتوعية في المجال ذو الصلة، استفادت منها 725 سيدة.

5- إطلاق المبادرة الرئاسية لدعم صحة الأم والجنين، في مارس 2020، بتكلفة 55.5 مليون جنيه، وقد تم فحص1.48 مليون سيدة من أصل 1.5 مليون سيدة مستهدفة.

 

 

 

المراجع

1- الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.

2- الموقع الرسمي لوزارة الصحة والسكان.

3- الموقع الرسمي للهيئة العامة للإستعلامات.

4- الموقع الرسمي للمجلس القومي للمرأة.

5- رؤية مصر 2030 ..الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة المحدثة 2022 ، وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية

 https://mped.gov.eg/files/egypt2030.pdf

6- مجلة البحوث الإعلامية، مجلة علمية محكمة تصدرها كلية الإعلام بجامعة الأزهر

https://jsb.journals.ekb.eg

7- تقرير اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان ” الأمانة الفنية “/ الجهود الوطنية لتعزيز وحماية حقوق المرأة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 2022.

8- الموقع الرسمي لرئاسة الوزراء، مركز المعلومات ودعم واتخاذ القرار.

 

 

 

 

The post الوضع الصحي للمرأة المصرية…مبادرات وإنجازات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
8071