الاقتصاد العالمي Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/tag/الاقتصاد-العالمي/ Egypt Wed, 31 May 2023 17:04:23 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.5 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 الاقتصاد العالمي Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/tag/الاقتصاد-العالمي/ 32 32 205381278 أزمات الاقتصاد العالمي: التداعيات والسياسات المُقترحة https://draya-eg.org/2023/05/31/%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%aa%d8%b1%d8%ad%d8%a9/ Wed, 31 May 2023 16:42:59 +0000 https://draya-eg.org/?p=6761 تعرض الاقتصاد العالمي مؤخرا لعدة صدمات أضعفت أداءه بشكل فاق التوقعات، فبعد جائحة كورونا، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد الضغوط عليه نتيجة تصاعد أسعار الطاقة والانقطاعات في سلاسل الإمداد وارتفاع التضخم، مما أثر على كثير من الأوضاع على مستوى العالم، وتسبب فى أزمات بشأن توفر السلع الأساسية. تهدف هذه الورقة إلى تحليل أزمات الاقتصاد العالمي …

The post أزمات الاقتصاد العالمي: التداعيات والسياسات المُقترحة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تعرض الاقتصاد العالمي مؤخرا لعدة صدمات أضعفت أداءه بشكل فاق التوقعات، فبعد جائحة كورونا، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد الضغوط عليه نتيجة تصاعد أسعار الطاقة والانقطاعات في سلاسل الإمداد وارتفاع التضخم، مما أثر على كثير من الأوضاع على مستوى العالم، وتسبب فى أزمات بشأن توفر السلع الأساسية.

تهدف هذه الورقة إلى تحليل أزمات الاقتصاد العالمي الحالية وتحديد تداعياتها على الأداء الكلي، والتعرف على الإجراءات التي اتخذتها الحكومات لمواجهة الأزمات، والسبل المقترحة التي من الممكن اتخاذها للحد من تداعياتها.

وقد توصلت الورقة البحثية إلى أهم تداعيات الأزمات الحالية للاقتصاد العالمي على النحو التالي:
1- سجل النمو العالمي تراجعا من 4.4٪ في عام 2022، إلى 3.8٪ في عام 2023.
2- من المتوقع أن يستمر التضخم المرتفع لفترة أطول من المتوقع، مع استمرار الانقطاعات في سلاسل الإمداد وكذلك أسعار الطاقة المرتفعة في عام 2022.
3- انقطاعات سلاسل الإمداد، وتقلب أسعار الطاقة، وتركز ضغوط الأجور في أماكن معينة، كلها تعني ارتفاع عدم اليقين بشأن التضخم ومسارات السياسات.
4- هناك تدهور في توجيه الأرباح من قبل الشركات متعددة الجنسيات في قائمة أفضل 100 شركة تابعة للاونكتاد التي تعتبر نقطة جذب لاتجاهات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم.
5- تشير مؤشرات السوق إلى ضغوط تضخمية موجهة إلى السندات بالعملة المحلية، وفي مواجهة الضغوط السعرية المتصاعدة، واصَلت العديد من البنوك المركزية في الأسواق الصاعدة رفع أسعار الفائدة الأساسية.
6- تشهد الأسواق الصاعدة ارتفاعا ملحوظا في أسعار فائدتها الحقيقية تأثراً بتداعيات العودة إلى تطبيق السياسة النقدية العادية في الاقتصادات المتقدمة.

ويتضح ذلك بمزيد من التفصيل من خلال النقاط التالية:

أولا: الأثر على تطور الأداء الكلي للاقتصاد العالمي
1- الأثر على الناتج المحلي الإجمالي
وفقا لصندوق النقد الدولي سجل النمو العالمي تراجعا من 4.4٪ في عام 2022، إلى 3.8٪ في عام 2023، فقد حدث انكماش في الناتج المحلى الإجمالي بداية من عام 2020 باستخدام أوزان سعر الصرف في السوق وهو الركود العالمي الأعمق منذ عقود، وتبذل الحكومات جهودا لمواجهة الانكماش لدعم السياسات المالية والنقدية على المدى الطويل، مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمار، وتآكل رأس المال البشري من خلال فقدان العمل والتعليم، وتجزئة التجارة العالمية وروابط العرض.

لقد تعرض الاقتصاد العالمي لخسارة أكثر من 2 تريليون دولار، خاصة وأن فيروس كورونا أدى إلى ركود اقتصادي ضغط على تمويل الصحة العامة مما أضعف قدرة العالم على منع أو احتواء تفشي الفيروس بعد ذلك. وأوجدت الاستجابة لهذه الحالة الطارئة أيضاً مخاطر جديدة – مثل الزيادة الهائلة في مستويات الدين العام والخاص في الاقتصاد العالمي.

شكل رقم (1): استجابة الناتج التراكمي المحتملة للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية بعد فترات الركود (%)

Source: World Bank: the Global Economic Outlook during the COVID – 19 Pandemic: a Changed World, June 2022
يتضح من الشكل رقم (1) استجابات دافعة لـ75 سوق ناشيء واقتصادات نامية من نموذج التوقعات المحلية، حيث إن التباطؤ التراكمي في الناتج المحتمل يستمر بعد الركود والأزمات المالية ليبلغ -1.5% في سنة الأزمة، – 6 % بعد الأزمة بـ5 سنوات وذلك في حالة الركود، أما في حالة الأزمات المالية فيبلغ – 2% في سنة الأزمة، – 8% بعد الأزمة بـ5 سنوات.

2- الأثر على أسعار السلع
من المتوقع أن يستمر التضخم مرتفعا لفترة أطول من المتوقع، مع استمرار الانقطاعات في سلاسل الإمداد وكذلك أسعار الطاقة المرتفعة في عام 2022. وبافتراض بقاء توقعات التضخم على مستوى جيد من الثبات حول الركيزة المستهدفة، فمن المتوقع أن ينخفض معدله تدريجيا مع انحسار الاختلالات بين العرض والطلب في عام 2022 واستجابة السياسة النقدية في الاقتصادات الكبرى، حيث يتوقع أن يظل مرتفعا على المدى القريب، بمتوسط 3.9٪ في الاقتصادات المتقدمة و 5.9٪ في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية في عام 2022، قبل أن يتراجع في عام 2023 .

وبافتراض بقاء توقعات التضخم على مستوى جيد من الثبات حول الركيزة المستهدفة في المدى المتوسط، وتراجع شدة الجائحة، يُتوقع أن ينحسر التضخم المرتفع عام 2023 مع انخفاض الانقطاعات في سلاسل الإمداد، وتشديد السياسة النقدية، وعودة الطلب المتوازن بعيدا عن الاستهلاك الكثيف للسلع وفي اتجاه الخدمات.

شكل رقم (2) معدل التضخم خلال الفترة (يناير 2021 – يناير 2022)

المصدر: صندوق النقد الدولي: مستجدات افاق الاقتصاد العالمي، (واشنطن: صندوق النقد الدولي، يناير 2022)

وفقا للشكل رقم (2) تميل الاحتمالات المتوقعة في السيناريو الأساسي إلى جانب التطورات المعاكسة. وتُشير انقطاعات سلاسل الإمداد، وتقلب أسعار الطاقة، وتركز ضغوط الأجور في أماكن معينة، إلى ارتفاع عدم اليقين بشأن التضخم ومسارات السياسات. ومع رفع الاقتصادات المتقدمة لأسعار الفائدة الرسمية، قد تظهر مخاطر على الاستقرار المالي وتدفقات رأس المال إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، والعملات، ومراكز المالية العامة، وخاصة مع الزيادة الكبيرة في مستويات الديون خلال العامين الماضيين. وقد تتحقق مخاطر عالمية أخرى في ظل استمرار التوترات الجغرافية-السياسية، كما أن التغيرات المناخية الراهنة تعني أن احتمالات حدوث الكوارث الطبيعية الكبرى لا تزال مرتفعة.

3- الأثر على الاستثمار الأجنبي المباشر
توقع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) انخفاضا عالميا في تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 30 – 40 % خلال الفترة (2020 – 2021). وأصبحت أكثر القطاعات الرابحة: الصيدلة والمعقمات، والتجارة الالكترونية، والعمل عن بعد، والخدمات اللوجيستية، وتطبيقات التواصل والتعليم عن بعد. وأصبحت أكثر القطاعات الخاسرة: الطيران، والسفر والسياحة، والفندقة والضيافة، والمؤتمرات والمعارض والمهرجانات، والتجارة والخدمات، وبورصات النفط والسلع الأساسية.

شكل رقم (3): تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم
خلال الفترة (2015 – 2022) تريليون دولار

Source: UNCTAD: World Investment Report, International Production beyond the Pandemic (New York: United Nations, April 2022)

يتضح من الشكل رقم (3) تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم خلال الفترة (2015 – 2022)، حيث حققت 2 تريليون دولار عام 2015 واستمرت في الانخفاض منذ ذلك الحين حتى بلغت 1.5 تريليون دولار عام 2019 ونتيجة تداعيات كورونا انخفضت عام 2020 لتقترب من التريليون دولار ثم ارتفعت إلى 1.2 تريليون دولار عام 2022.

وهناك تدهور سريع في توجيه الأرباح من قبل الشركات متعددة الجنسيات في قائمة أفضل 100 شركة تابعة للاونكتاد التي تعتبر نقطة جذب لاتجاهات الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث إن هناك 61% من الشركات متعددة الجنسيات في قائمة أفضل 100 شركة تابعة للاونكتاد.

وتم تعديل توقعات هبوط أرباح الشركات متعددة الجنسيات في البلدان المتقدمة لتصل إلى 35% مقارنة بـ20% في الاقتصادات النامية، ويعد متوسط تقديرات الهبوط قويا بشكل خاص في الولايات المتحدة الأمريكية (حيث انخفض مستوى الأرباح إلى النصف؛ بسبب وزن الشركات في قطاع الطاقة فيما تجاوزت توقعات الهبوط في أوروبا تلك الموجودة في اسيا.

هذا بالإضافة إلى تعطل الانتاج وسلسلة التوريد بين الشركات ذات الروابط القوية بسلسلة التوريد إلى الصين، فهناك 57% من الشركات متعددة الجنسيات في قائمة أفضل 100 شركة تابعة للاونكتاد، لديها تحذيرات بشأن تأثير صدمة الطلب العالمي على المبيعات.

لقد شهدت أكبر 5000 شركة متعددة الجنسية – والتي تشكل حصة كبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي – هبوطا في المتوسط لتقديرات أرباح عام 2020 بنسبة 30%، ومن المتوقع أن يستمر الهبوط، كما بلغ متوسط اعتماد الاستثمار الأجنبي المباشر على الأرباح المعاد استثمارها أقل من 50%. إن التأثيرات المتتالية الناتجة عن توقف الانتاج وتعطيل سلاسل التوريد في شرق اسيا وجهود التخفيف والاغلاق حول العالم كان لها آثار مدمرة على جميع الاقتصادات، بغض النظر عن الروابط بشبكات الإمداد العالمية.

شكل رقم (4) مؤشرات الأوضاع المالية في الأقاليم المختلفة خلال الفترة (2016 – 2022)

المصدر: صندوق النقد الدولي: مستجدات افاق الاقتصاد العالمي، (واشنطن: صندوق النقد الدولي، يناير 2022)

فوفقا للشكل رقم (4) اتخذت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة خطوات في اتجاه العودة إلى السياسة النقدية العادية، بينما واصل صناع السياسات في العديد من الأسواق الصاعدة تشديد السياسة النقدية. فقد استمرت الضغوط على أصول الأسواق الصاعدة نتيجة للمخاوف المتعلقة بالتضخم، وآفاق السياسات، وتشديد السياسة النقدية المتوقع من جانب الاحتياطي الفيدرالي. فقد اتسعت فروق العائد على السندات المقومة بالعملات الأجنبية، وخاصة بالنسبة للاقتصادات الواعدة. ووقعت تدفقات رأس المال الداخلة إلى الأسواق الصاعدة تحت ضغوط أيضا، مع تراجع إصدار السندات بالعملات الأجنبية واستمرار ضعف التدفقات.

شكل رقم (5) تدفقات صناديق الأسهم للأسواق الصاعدة خلال الفترة (يناير 2021 –يناير 2022)

المصدر: صندوق النقد الدولي: مستجدات افاق الاقتصاد العالمي، (واشنطن: صندوق النقد الدولي، يناير 2022)

وبناء على الشكل رقم (5) تشير مؤشرات السوق إلى ضغوط تضخمية موجهة إلى السندات بالعملة المحلية، ما عدا في الصين، وإن كان بتفاوت كبير فيما بين المناطق. وفي مواجهة الضغوط السعرية المتصاعدة، واصلت العديد من البنوك المركزية في الأسواق الصاعدة رفع أسعار الفائدة الأساسية، حتى تجاوزت مستويات ما قبل الأزمة في عدة بلدان.

شكل رقم (6) أسعار الفائدة في مختلف الدول والأقاليم خلال الفترة
(يناير 2019 – يناير 2022)

المصدر: صندوق النقد الدولي: مستجدات افاق الاقتصاد العالمي، (واشنطن: صندوق النقد الدولي، يناير 2022)

ويشير الشكل رقم (6) إلى الأسواق الصاعدة حيث تشهد ارتفاعا ملحوظا في أسعار فائدتها الحقيقية تأثراً بتداعيات العودة إلى تطبيق السياسة النقدية العادية في الاقتصادات المتقدمة. وهذا التشديد الإضافي للأوضاع المالية المحلية في وقت يتسم بارتفاع عجز المالية العامة واحتياجات التمويل الخارجي من شأنه فرض ضغوط كبيرة قد تعرض تعافي النمو للخطر.

ثانيا: سياسات اتخذتها الحكومات لمواجهة أزمات الاقتصاد العالمي

تختلف مجموعة السياسات التي وقع عليها الاختيار لمواجهة آثار الأزمة على المدى القصير اختلافاً كبيراً من بلد إلى آخر، حسب توافر الموارد والطبيعة المحددة للمخاطر التي تواجهها البلدان. وبالإضافة إلى برامج الدعم المباشر للدخل، استعانت الحكومات والبنوك المركزية على نحو غير مسبوق بسياسات تهدف إلى تخفيف عبء الديون بصفة مؤقتة، بما في ذلك تأجيل سداد الديون للقطاع العائلي وقطاع الشركات. وعلى الرغم من أن هذه البرامج خففت من حدة مشكلات نقص السيولة قصيرة الأجل التي يواجهها القطاع العائلي وقطاع الشركات، فقد أحدثت أيضاً نتيجة غير مقصودة تمثلت في إخفاء الأوضاع المالية الحقيقية للمقترضين، ومن ثم، أدت إلى خلق مشكلة جديدة هي نقص الشفافية بشأن المدى الحقيقي لمخاطر الائتمان التي يتعرض لها الاقتصاد.

شكل رقم (7) تقلبات سعر الفائدة خلال الفترة (يناير 2020 – يناير 2022)

المصدر: صندوق النقد الدولي: مستجدات افاق الاقتصاد العالمي، (واشنطن: صندوق النقد الدولي، يناير 2022)

وفقا للشكل رقم (7) شهدت أسعار الفائدة العالمية طويلة الأجل ارتفاعا حادا منذ بداية عام 2022 حتى بلغت مستويات قياسية مرتفعة بالنسبة لحقبة الجائحة، مما يعكس في جانب منه التصور السائد بأن الاحتياطي الفيدرالي سيعجل باستعادة الأوضاع النقدية العادية، ومن ثم يضع نهاية للانخفاض المشاهد في ديسمبر من جراء المخاوف المتعلقة بتأثير أوميكرون.

قامت عدد من الحكومات باتخاذ إجراءات جوهرية موجهة على مستوى المالية العامة والسياسة النقدية والأسواق المالية، لدعم الأسر والأعمال المتضررة. وقد كانت استجابة المالية العامة سريعة وكبيرة في كثير من الاقتصادات المتقدمة (كأستراليا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة). وفي كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية أيضا (كالصين وإندونيسيا وجنوب إفريقيا)، وبدأ تقديم دعم كبير من المالية العامة للقطاعات والعمالة الأشد تضررا.

ومن الإجراءات المهمة التي اتخذتها البنوك المركزية لعدد من الدول توفير تسهيلات للتحفيز النقدي وإتاحة السيولة من أجل تخفيف الضغط النظامي. وتقوم أجهزة الرقابة بتشجيع البنوك على إعادة التفاوض بشأن القروض المقدمة للأسر والشركات التي تمر بضائقة في الوقت الراهن مع الحفاظ على تقييم شفاف لمخاطر الائتمان.

قدم صندوق النقد الدولي عددا من المساعدات للدول في مواجهتها لآثار الأزمة، ودعم الجهود المبذولة على مستوى السياسات الوطنية للحد من الأضرار الاقتصادية، من خلال تسهيلات الصندوق الموجهة للإقراض، حيث قدم الصندوق حزماً مالية طبقاً لبرنامج أداة التمويل السريع، وبرنامج اتفاق الاستعداد الائتماني، واللذان من شأنهما تعزيز قدرة الدول على مواجهة أية صعوبات اقتصادية، ومرة أخرى تُبادر الدول الأعضاء في الصندوق بزيادة موارده من جديد في سياق على ما يبدو أنه أزمة أكبر مما حدث خلال الأزمة المالية العالمية.

ثالثا: سياسات يمكن اتخاذها للحد من تداعيات أزمات الاقتصاد العالمي
يُشكل التعاون الوثيق متعدد الأطراف مطلبا ضروريا للتغلب على آثار الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد العالمي، بما في ذلك مساعدة الدول التي تفتقر إلى الموارد المالية.

يمكن تقديم عدداً من المقترحات من أجل إدارة الأزمة وتخفيف وطأتها، وتوفير الحوافز وتسريع التعافي، وذلك على النحو التالي:-
1- على مستوى السياسات العامة
ينبغي على الحكومات اتخاذ استجابات على مستوى السياسات الكلية، من خلال ما يلي:-
أ‌- أن تحسن المصارف المركزية من توفير السيولة، وأن تخفف من الضغوط المالية الكبرى التي تضعف الاقتصادات، لتحسين فرص حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة على التمويل، وتشجيع الإقراض والاستثمار.
ب‌- النهوض بنُظم الحماية الاجتماعية، من خلال توسيع نطاق تغطية برامج التحويلات النقدية والمعونة الغذائية واستحقاقات البطالة وغيرها من البرامج.
ت‌- تمديد آجال سداد القروض الفردية والرهون العقارية، ووقف سداد الرسوم الحكومية مؤقتاً، وإعفاء المحتاجين من الضرائب.
ث‌- تقديم دعم ائتماني وقروض معفاة من الفائدة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وللعاملين لحسابهم الخاص.
ج‌- حفز الطلب وخلق فرص العمل، من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على المشتريات والمشاريع القائمة على كثافة الأيدي العاملة، وإيجاد حلول مبتكرة لتقديم مساعدات مالية محدّدة الأهداف.

2- على المستوى القطاعي
أ‌- ضمان استمرار الإنتاج الزراعي وزيادته لسدّ النقص المحتمل في الغذاء، عن طريق تحسين القدرة على الحصول على القروض، وتعزيز مدخلات الإنتاج، وزيادة مساحات الأراضي العامة المستأجرة، وإزالة الحواجز أمام التجارة.
ب‌- دعم صغار منتجي الأغذية، وتزويدهم بالأصول العينية ومدخلات الإنتاج مثل البذور والسماد العضوي ونظم الري.
ت‌- تخفيض تعريفات ورسوم الاتصالات لفائدة الأسر المعيشية والأفراد؛ وتحسين سرعة الإنترنت العريضة النطاق؛ والعمل عن بعد، والتعلُّم عن بعد، والتواصل الاجتماعي.
ث‌- دعوة الشركات المتعددة الجنسيات لعدم تغيير مستويات الدخل الأساسي، للحيلولة دون إحداث مزيد من أوجه الضعف في ميزان المدفوعات والحسابات المالية.
ج‌- أن تتخذ الحكومات إجراءات منسّقة لإزالة جميع القيود المفروضة على الواردات والصادرات، لا سيما لقطاعات الأغذية والمنتجات الطبية والمدخلات اللازمة للصناعات المنتِجة للسلع الأساسية.

3- على المستوى الإقليمي
ينبغي تنفيذ استجابة إقليمية تدعم الجهود الوطنية المبذولة، وتؤدي إلى تعبئة الموارد والخبرات، وينبغي للاستجابات التي تنفذها المؤسسات الإنمائية والمالية الإقليمية، وكذلك المنظمات الحكومية الدولية ووكالات الأمم المتحدة، أن تجسّد مبدأ عدم إهمال أحد، من خلال بذل أقصى الجهود للوصول إلى أكثر الفئات تهميشاً، عن طريق ما يلي:

أ‌- تُدعى الحكومات إلى إنشاء صندوق إقليمي للتضامن الاجتماعي من أجل دعم البلدان المعرّضة للخطر، بما فيها البلدان الأقل نمواً. وتخصيص هذا الصندوق لخدمة الفقراء والفئات الضعيفة، وضمان التعجيل في الاستجابة، وتوفير الإغاثة في أوقات نقص المواد الغذائية أو حالات الطوارئ الصحية.
ب‌- أن تقوم المؤسسات المالية الإنمائية الإقليمية، وكذلك المؤسسات المالية المتعددة الأطراف، بالنظر في وضع آليات لتأجيل سداد الدين وخفضه، بهدف تعزيز الحيز المالي المتاح للبلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل على مستوى العالم. بالإضافة إلى زيادة ما تقدمه المنظمات متعددة الأطراف والمؤسسات المالية الدولية من مِنح ودعم فني للبلدان المعرّضة للخطر تحت ضغوط مالية، بما في ذلك البلدان الأقل نمواً.
ت‌- يُدعى الدائنون الرسميون إلى الإعلان عن وقفٍ مؤقّت لخدمة الديون السيادية في هذه الأوقات الطارئة، لتحرير احتياطيات العملات الأجنبية التي تُحرَم الدول النامية منها نتيجةً لاستخدامها في خدمة الدين، بالإضافة إلى دعوة الدائنين الرسميين إلى النظر في مقايضة الديون، لتعزيز الاستثمارات الاجتماعية.
ث‌- أن تقوم الصناديق الإقليمية بتوجيه الاستثمارات نحو قطاع الصحة والشركات الصغيرة والمتوسطة، ويمكنها دعم القروض المُيسرة للحكومات، لتمويل النفقات الإضافية في قطاع الصحة في كل دولة. وعلى هذه الصناديق أيضاً دعم الدول الأعضاء فيها لبناء مخزوناتها الإستراتيجية من الأغذية والأدوية.
ج‌- أن تقوم الصناديق الإقليمية المتخصصة بتقديم الدعم المالي العاجل في إطار مبادرات المعونة من أجل التجارة، وذلك عن طريق تصميم وتمويل برامج مناسبة لدعم المصدرين والمستوردين.
ح‌- تُدعى الجهات الفاعلة في مجال المساعدات الإنسانية والجهات المانحة إلى إعادة النظر في الطرق المعتمَدة في تقديم المعونة الغذائية، وذلك لمواكبة المستجدات في الديناميات السوقية واللوجيستية.
خ‌- يُطلَب من منظمة التجارة العالمية التعجيل بإصدار قرار وزاري يتيح الاستيراد المتوازي للأدوية واللقاحات.

وختاما، يمكن أن يؤدي تقديم تسهيلات واسعة النطاق على المستوى العالمي للتحفيز وتوفير السيولة بهدف الحد من الضغوط في النظام المالي إلى رفع مستوى الثقة والحيلولة دون حدوث انكماش أعمق في الطلب، وذلك عن طريق الحد من توسع الصدمة في النظام المالي، وتعزيز توقعات التعافي الاقتصادي في نهاية المطاف.

الهوامش

1- International Monetary Fund: Global Financial Stability Report, Markets in the Time of COVID-19, (Washington DC, IMF, April 2023)

2-  International Monetary Fund: Global Financial Stability Report, Markets in the Time of COVID-19, (Washington DC, IMF, April 2021)

3- صندوق النقد الدولي: مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي، (واشنطن: صندوق النقد الدولي، يناير 2022).

4- The World Bank: Emerging Risks to the Recovery, (Washington DC, World Bank, 2022).

5- صندوق النقد الدولي: مستجدات افاق الاقتصاد العالمي، مرجع سبق ذكره.

6- UNCTAD: World Investment Report, International Production beyond the Pandemic (New York: United Nations, April 2022)

7- UNCTAD Impact of the COVID-19 Pandemic on Global FDI and GVCs (New York: United Nations, 2022)

8- Ibid

9- The World Bank: Emerging Risks to the Recovery, Cit.

10- صندوق النقد الدولي: مستجدات افاق الاقتصاد العالمي، مرجع سبق ذكره.

11- Ibid

12- International Monetary Fund: Regulatory and Supervisory Response to Deal with Coronavirus Impact, (Washington DC, IMF, 2022)

13- UNCTAD: The Need to Protect Funded during and after the COVID-19 Crisis, (New York: United Nations, April 2022)

The post أزمات الاقتصاد العالمي: التداعيات والسياسات المُقترحة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6761
الصناديق السيادية..الخصائص والأهمية والأهداف https://draya-eg.org/2022/12/13/%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%86%d8%a7%d8%af%d9%8a%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%b5%d8%a7%d8%a6%d8%b5-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%87%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%88/ Tue, 13 Dec 2022 14:22:49 +0000 https://draya-eg.org/?p=5996 تشهد الصناديق السيادية حول العالم تناميا ملحوظا يستهدف تنويع المحفظة الاستثمارية من جهة وتوزيع المخاطر من جهة أخرى، فقد ظهرت الصناديق الاستثمارية فى ضوء تحقيق وفورات مالية لدى الدول ذات الدخول المرتفعة، ثم انتشرت فى دول عدة، فتعددت مهامها لتشتمل على إيجاد فرص تمويلية أفضل من حيث المخاطر المتوقعة وتكلفة استخدام التمويل. وتعد الصناديق فى …

The post الصناديق السيادية..الخصائص والأهمية والأهداف appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تشهد الصناديق السيادية حول العالم تناميا ملحوظا يستهدف تنويع المحفظة الاستثمارية من جهة وتوزيع المخاطر من جهة أخرى، فقد ظهرت الصناديق الاستثمارية فى ضوء تحقيق وفورات مالية لدى الدول ذات الدخول المرتفعة، ثم انتشرت فى دول عدة، فتعددت مهامها لتشتمل على إيجاد فرص تمويلية أفضل من حيث المخاطر المتوقعة وتكلفة استخدام التمويل.

وتعد الصناديق فى صورتها الحالية أحد أهم الأدوات التى تعزز الاستفادة من فترات الرخاء لتغطية فترات الركود فى مسعى للحفاظ على حقوق الأجيال القادمة من خلال تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما يضعها أمام أهداف ومبررات إنشاء متعددة كُلًا على حسب وضع وهيكل اقتصاد الدولة المنشأة لهذه الصناديق.

وعلى الرغم من تنوع الأهداف ودوافع ومبررات الإنشاء، إلا أن ما يميز الاستثمار فى الصناديق السيادية كونها أدوات تمويل غير نمطية تعمل على تقليل المخاطر قدر المُستطاع بالإضافة لاستغلال الأصول غير المستغلة فى الاقتصادات المختلفة.

وفى ضوء الأهمية المتنوعة لطبيعة عمل ومبررات إنشاء الصناديق السيادية عالميا وإقليميا ومحليا، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية هذه الورقة البحثية بهدف تعزيز الوعي المجتمعي تجاه مفهوم وطبيعة عمل وأهداف ودوافع الحكومات من إنشاء تلك الصناديق وذلك من خلال المحاور التالية:

أولاً: دلالة إنشاء الصناديق السيادية:

  • المفهوم
  • المبررات والدوافع

ثانيا: أهمية وخصائص الصناديق السيادية:

  • الأهداف 
  • والخصائص

ثالثاً: ملامح الصناديق السيادية فى مصر والعالم:

  • أهم الصناديق العربية
  • أهم الصناديق العالمية
  • صندوق مصر السيادي

أولاً: دلالة إنشاء الصناديق السيادية:

  • المفهوم:

رُغم تباين المفاهيم الدالة على الصناديق السيادية والاستثمارية، إلا أنها تتفق فى الغرض والغاية من الإنشاء، إذ تُشير الصناديق السيادية إلى أدوات تمويلية مبتكرة ذات غرض خاص تملكها حكومات الدول وتقوم بإنشائها من أجل تحقيق أهداف اقتصادية كلية، وذلك من خلال الاحتفاظ بهذه الأصول لتوظيفها بغرض تحقيق فوائض مالية تُسهم فى تحقيق التوازن المالي للموازنات العامة أو لاستثمار الفوائض المالية المتحققة ذاتها من أثر العوائد النفطية والطاقة بشكل عام، وقد تتضمن رؤوس أموال هذه الصناديق أصول مالية محلية أو أجنبية.

  • المبررات والدوافع:

تتعدد وتختلف المبررات والدوافع من إنشاء تلك الصناديق حسب طبيعة كل اقتصاد من حيث النظام الاقتصادى القائم ودرجة تحرره وارتباطه بالعالم، ومدى قدرة هذا الاقتصاد على الاستجابة وتحمل الصدمات المحلية والخارجية، وبطبيعة الحال لتغيرات الدورات الاقتصادية من جهة وتفاوت واختلاف هيكل الاقتصادات حول العالم ما بين الصناعى المتقدم والنامي والناشئ منها.

يُمكن تناول أهم المبررات والدوافع من إنشاء الصناديق السيادية على النحو التالى:

  • وجود فوائض مالية:

تتباين الاقتصادات حول العالم ما بين دول ريعية بطبيعتها وتعتمد موازناتها على العوائد المُحققة من بيع المواد الخام أو الطاقة خاصة النفط والغاز. وبفضل ارتفاعات الأسعار عالميا، فإن تلك الاقتصادات تحقق فوائض مالية كبيرة، وهو ما يضعها أمام حتمية استثمار هذه الأموال بصور وبصيغ استثمارية غير نمطية، وهو ما يدفعها لإنشاء صناديق استثمارية ذات طبيعة خاصة لاستثمار هذه الأموال بالداخل أو الخارج أو الدخول فى مشاركات استثمارية متعددة الجنسيات وعابرة للحدود.

  • وجود فجوات تمويلية:

بينما تُوجد اقتصادات ريعية تحقق فوائض مالية تستهدف استثمارها، تُوجد اقتصادات أخرى حول العالم بخاصة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية تحتاج تغطية مستهدفاتها التنموية عن طريق التمويل، وهو ما يؤهلها لاستقبال بعض الاستثمارات الدولية من خلال إنشاء صناديق سيادية لديها ذات طابع خاص يعمل على استغلال مواردها غير المستغلة بصورة غير نمطية واعتيادية عبر الدخول فى شراكات دولية بهدف الوصول لصيغ وأدوات تمويل منخفضة التكلفة وذات مخاطر محسوبة ومتحوطة.

وتزداد الحاجة لدى الدول التى لديها فجوات تمويلية لإنشاء مثل هذه الصناديق نظرا لما لها من طبيعة عمل مختلفة وغير نمطية لا تحتاج إلى نمط إدارة عامة (public administration) وتعمل وفق (public management ) بما يمكنها من إدارة الأصول غير المستغلة للوصول لفوائض مالية تسهم فى تغطية العجز الكلي لدى الموازنة العامة.

  • وجود اختلالات هيكلية:

تتسم الدول النامية بوجود اختلالات هيكلية كبيرة من شأنها إحداث اتساع فى فجوة التمويل إلى جانب زيادة العجز التجارى، الأمر الذي يدفعها بصورة متتالية لتخفيض العملة المحلية من خلال صياغة برامج اقتصادية تصحيحية قاسية تهدف لدعم الوضع الاقتصادى الذي ينتابه التعطل من حين لآخر فى مدى زمنى يتراوح ما بين 5 سنوات إلى الـ 10 سنوات، مما يدفع الحكومات لصياغة أطر تمويلية منخفضة التكلفة مثل إنشاء صناديق سيادية تُمكنها من العمل خارج الإطار المالي التقليدى للحكومة بما يسهم فى تجنب اللجوء للاقتراض الدولي المتتالي أو الاعتماد على الأموال الساخنة وما له من تبعات وخيمة على الصعيد المالي والنقدى.

  • اضطراب حركة الاستثمار دولياً:

أفرزت الأوضاع العالمية الحالية اضطرابا حادا فى الاسواق المتقدمة ليشمل هذا الاضطراب شقي السياسات الاقتصادية المالية والنقدية، ليجعل من الاستثمار فى الصناديق السيادية مسارا آمن نحو تجنب آثار التضخم من جهة والعمل على استدامة التنمية من خلال الاستثمار الأخضر من جهة أخرى.

وقد عززت التوترات الجيوسياسية الحالية تنويع الاستثمارات الدولية التقليدية وغير التقليدية للحيلولة من تعطل  سلاسل الإمداد بالنسبة للاستثمارات التقليدية والطاقة من جهة، والاستثمارات الخضراء غير التقليدية من جهة أخرى. 

ثانيا: أهمية وخصائص الصناديق السيادية:

     تتمثل الأهمية الاقتصادية للصناديق السيادية فى توفير أدوات مالية مبتكرة غير مولدة لتكلفة أو أعباء مالية بما يعزز كفاءة إدارة الأصول لدى الحكومات، وهو ما يمكن تناوله على نحو يحقق الأهداف التالية:

  • الأهداف :
  • تمويل البرامج التنموية للدولة دون الإسهام فى زيادة الأعباء المالية للموازنة العامة.
  • تخفيف الضغط على السياسات النقدية خاصة فيما يتعلق بجذب رؤوس الأموال الأجنبية كاستثمارات طويلة الأجل بدلاً من الأموال الساخنة ذات الأثر السلبي البالغ حال خروجها من الأسواق.
  • مساندة السياسات المالية والنقدية للتكيف مع الصدمات الخارجية والداخلية خاصة ما يتعلق بالتضخم المستورد ومرونة الأجهزة الإنتاجية.
  • العمل فى إطار استدامة الموارد وحماية حقوق الأجيال القادمة فيها.
  • إيجاد بدائل تنموية تتماشي من التحول الأخضر لمواجهة التغيرات المناخية مثل الاستثمار فى محطات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر.
  • خصائص وطبيعة عمل الصناديق السيادية:

تعمل الصناديق الاستثمارية (السيادية) فى إطار عمل ذات طابع خاص وفق الهدف والغاية من إنشائها، فمنها ما يعمل ليحقق فوائض مالية للحكومة بما يعزز من كفاءة الإدارة المالية للقطاع الحكومى، ومنها ما يعمل بهدف استثمار ما تحقق من فوائض مالية للحكومة فى فترات معينة (الرواج)، بهدف استغلالها فى الفترات المستقبلية ذات الفوائض الأقل (الركود).

ويمكن عرض طبيعة عمل هذه الصناديق وفق هدف إنشائها الرئيس أو مصدر التمويل على النحو المبين فى الشكل التالى:

ثالثاً: ملامح الصناديق السيادية فى مصر والعالم:

ترجع نشأة الصناديق الاستثمارية إلى منتصف القرن الماضى مع تنامى الفكر الاقتصادى الكينزى (نسبة إلى جون منيارد كينز) وزير المالية البريطانى إبان الكساد الكبير، والذى أسهم بنظرياته فى ضرورة تواجد الحكومة فى الاقتصاد بهدف تصحيح مساراته وتقليص فرص الكساد وإطالة أمد الرواج، وتنوعت الصناديق الاستثمارية وفق أهداف إنشائها ومبرراتها وخصائصها، ومن الأهمية تناول أهم الصناديق السيادية على المستوى الدولى والإقليمى والمحلى على النحو التالى:

1- أهم الصناديق العالمية:

بلغ حجم  الاستثمار فى الصناديق السيادية عالمياً نحو 10.5 تريليونات دولار أمريكي في عام 2021 وفق تقرير مؤسسة Global Sovereign Wealth Fund (SWF) لعام 2022 ، مقارنة بنحو 9.9 تريليون دولار فى عام 2020، مع توقعات بمعدلات نمو تصل إلى 17.7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، بإجمالى عدد 172 صندوقًا موزعة على 87 دولة، وذلك حتى عام 2022، وتستحوذ الولايات المتحدة الأمريكية على أكبر عدد بإجمالى بنحو 23 صندوقًا، ثم الإمارات العربية المتحدة بنحو 10 صناديق سيادية، والصين بعدد 6 صناديق سيادية، وتمتلك مصر صندوق سيادى واحد بقيمة استثمارية تتجاوز 11 مليار دولار.

الصناديق السيادية حول العالم

تتركز رؤوس الأموال الأكبر على الإطلاق فى الدول صاحبة العملات الدولية الرئيسية الخمس ومنهم (الصين- الولايات المتحدة- الدول الأوروبية) ،  وهو ما قد يرجع بالأساس إلى عاملين أساسيين: الأول يتمثل فى اعتماد بعض هذه الدول على أنماط تمويل تضخمية ونظرا لكون عملاتها عملات قوية فإنها تُصدر ما تحدثه من تضخم للعالم كله، وهو ما يُفسر موجات التضخم المتتالية التى تضرب الاقتصاد العالمى، أما العامل الثانى فيتمثل فى الفائض التجاري الذى تحققه الدول الصناعية الكبري وهو ما يدفع بأهمية استثمار تلك الفوائض بأدوات غير عادية بهدف تدنية المخاطر قدر الإمكان.

2- أهم الصناديق العربية:

جاء جهاز أبو ظبي للاستثمار في المركز الأول بين الصناديق السيادية العربية بحجم استثمارات بلغ نحو 829 مليار دولار في عام 2021، تليه الهيئة العامة للاستثمارات الكويتية بحجم استثمارات بلغ نحو 693 مليار دولار في عام 2021، ثم صندوق الاستثمارات العامة السعودي بحجم استثمارات بلغ نحو 480 مليار دولار، وجاء صندوق مصر السيادي في المركز الرابع عشر عربيًّا بحجم استثمارات بلغ نحو 11.8 مليار دولار.

أهم الصناديق السيادية العربية

تعتمد الصناديق السيادية للدول العربية خاصة المُصدرة للنفط بالأساس على إنشاء هذه الصناديق للتحوط من مغبة انخفاض أسعار النفط فى الأجل القصير والتحول نحو تنويع اقتصاداتها فى الأجل المتوسط للخروج من وطأة الاقتصاد الريعي فى الأجل الطويل، الأمر الذي يشير إلى أن نمط ظهور الصناديق المُنشأة لغرض التمويل منخفض التكلفة هى أنماط جديدة وذات اتساع محدود حول العالم وهو ما يشير لاستهدافها بالأساس إلى استغلال الموارد والأصول غير المستغلة ما يجعلها محل نمو متسارع رهين تحقيق إصلاحات فى الأُطر التنظيمية لأصول هذه الدول.

وقد ساهمت التغيرات الجيوسياسة الحالية فى تغير نمط الاستثمار ووجهته حيث اتجهت الاستثمارات نحو التركز فى بعض القطاعات الإنتاجية مثل قطاع إنتاج التكنولوجيا الذى حظي بالنصيب الأكبر من الاستثمارات التي تم توجيهها من قِبل الصناديق السيادية، وذلك بنحو 22% في عام 2021، مقارنة بنحو 10% في عام 2016، يليه قطاع العقارات بنحو 18% في عام 2021، مقابل نحو 27% في عام 2016، ثم قطاع البنية التحتية بنحو 15% في عام 2021، مقابل نحو 24% في عام 2016.

يرصد الشكل التالى أهم القطاعات التى استهدفتها استثمارات هذه الصناديق نتيجة لما يشهده العالم من تبعات كورونا والتغيرات الجيوسياسة على النحو التالى:

ويرجع هذا التغير النوعى فى تلك الاستثمارات إلى تغير وجهات الاستثمارات حول العالم، ونظرا لتوقف سلاسل الإمداد نتيجة الإغلاق الاقتصادى الذي شهده العالم إثر انتشار جائحة كورونا بنهاية عام 2019 من جهة، وزيادة أهمية القطاعات التكنولوجية من جهة أخرى لتغير أنماط الأعمال حول العالم للتحول نحو الرقمنة بشكل أساسي من جهة أخرى، ولعل ما يوضحه الرسم التالى من اتجاهات الاستثمارات حول أقاليم العالم على النحو التالى:

ويتضح تغير وجهة نظر المستثمرين للاستثمار في الصناديق السيادية الروسية جراء ما خلفته الحرب الروسية الأوكرانية،  وهو ما ألقى بظلاله على الأسواق الناشئة التى تعرضت لارتفاع مضاعف لمعدلات التضخم جراء اعتمادها الكبير على واردات الغذاء والطاقة مما دفع بخروج تلك الاستثمارات لترتفع في أسوق أمريكا اللاتينية وبعض دول الشرق الأوسط التى لديها جاهزية لفرص استثمارية كبيرة.

أما فيما يتعلق بالصين، فإنه نتيجة للتدخلات الحكومية في قطاعات مثل التكنولوجيا – والتي من المتوقع أن تؤثر على أسعار الأصول- فإن الصين أصبحت مكانًا أكثر صعوبة للاستثمار فى الأجل القصير بناء على استقصاء عدد من المستثمرين وفق ما أجراه أحد بيوت الخبرة العالمية www.invesco.com

3- صندوق مصر السيادي:

  • الإطار العام:

تم تأسيس صندوق مصر السيادى بموجب القانون رقم 177 لسنة 2018، وتم إصدار نظامه الأساسي فى فبراير 2019 بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 555 لسنة 2019، ويبلغ رأس مال الصندوق المرخص به 200 مليار جنيه مع توقع بأن يصل إلى نحو تريليون جنيه بحلول 2024، ويعد الصندوق شخصية اعتبارية مستقلة مالياً وإدارياً ومملوكاً للدولة بصورة كاملة.

وتجدر الإشار إلى أن إنشاء صندوق مصر السيادي كان بغرض توفير ثروات للأجيال القادمة من خلال تعظيم العائد من الأصول غير المستغلة للدولة من خلال جذب المستثمرين من الداخل والخارج، بالإضافة إلى الاستثمار في القطاعات الهامة مثل توطين وتعميق الصناعة والتحول الرقمي وخلق كيانات رائدة في شتى المجالات .

  • تطور الصندوق وأهم القطاعات المستهدفة :

يستتهدف صندوق مصر السيادى الاستثمار في الأصول المملوكة للدولة من خلال تحويلها إلى منتجات استثمارية جديدة وغير نمطية مثل الأصول القابلة للاستثمار من مختلف أجهزة الدولة لترويجها والاستثمار المشترك بها مع مستثمرين محليين وأجانب متخصصين وشركاء ماليين لخلق القيمة، وزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، بما يحقق الفوائص المالية اللازمة لتجنب أثر الصدمات الاقتصادية المتتالية، ويوضح الشكل التالى التطور الذى لحق باجراءات الصندوق حتى عام 2021 على النحو التالى:

يشتمل صندوق مصر السيادى على عدد صناديق فرعية تفى بتطوير قطاعات إنتاجية خمسة، يمكن تناولها على النحو التالى:

  • صندوق مصر الفرعى للسياحة والاستثمار العقاري وتطوير الآثار
  • صندوق مصر الفرعي للمرافق والبنية الأساسية.
  • صندوق مصر الفرعى للخدمات الصحية والصناعات الدوائية.
  • صندوق مصر الفرعي للخدمات المالية والتحول الرقمى .
  • صندوق مصر الفرعي لإدارة إعادة هيكلة الأصول ذات الاصدارات المتعددة.

  • حجم الاستثمار فى عام 2021:

فيما يتعلق بأداء الصندوق فى عام 2021 ، فقد عمل على  تنفيذ 10 مشروعات باستثمارات بلغت نحو 25.5 مليار جنيه، وقد بلغت حصة الصندوق منها نحو 3.9 مليارات جنيه، وحصة القطاع الخاص المحلي نحو 6.1 مليارات جنيه، وحصة القطاع الخاص الأجنبي نحو 15.4 مليار جنيه.

كما تكمن أهمية الصندوق السيادى المصري فى ارتفاع معجل الاستثمار لديه ليبلغ نحو 5.4 مرة، أى أن كل زيادة مليار جنيه كاستثمارات جديدة بالصندوق تسهم في جذب استثمارات للاقتصاد المصري بقيمة تبلغ نحو 5.4 مليارات جنيه.

ومن المتوقع أن يستمر الصندوق في تحقيق المزيد من النجاحات في ظل تعدد المشروعات الجاري دراستها خلال السنوات الخمس المقبلة، حيث يوجد لديه 40 مشروعا جارى دراستهم في سبعة قطاعات مختلقة بإجمالي استثمارات تبلغ نحو 140 مليار جنيه، وتبلغ حصة الصندوق المستهدفة من هذه المشروعات نحو 31.8 مليار جنيه.

كما يدعم صندوق مصر السيادي خطة الدولة المصرية للتحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال تعاونه مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة والهيئة العامة لقناة السويس وبعض الشركات العالمية المتخصصة، لتنفيذ مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر بإجمالى استثمارات تتخطى 13 مليار دولار وذلك بمشاركة عدة جهات رسمية وأهمها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وهو ما يجعل من مصر مركزا إقليميا للطاقة الخضراء.

حاصل القول:

رغم تنامى الصناديق السيادية حول العالم إلا أنها لا تزال متواضعة فى الدول النامية. وقد دفع ارتفاع تكلفة التمويل الدولى الحكومة المصرية للدخول فى شراكات استثمارية دولية تطلبت إنشاء صندوق مصر السيادي.

تتميز الصناديق السيادية بتوفير أدوات استثمارية وتمويلة مبتكرة منخفضة التكلفة ذات مخاطر مُوزعة، ما يجعلها أحد المقاصد الرئيسية للاستثمار الدولى حال حدوث اضطرابات مالية أو نقدية فى الاقتصاد العالمى والناتجة عن عن التوترات الجيوسياسية أو تعطب سلاسل الإمداد.

وعلى الرغم من تميز الصناديق السيادية  نظرا لكونها أنماط جديدة ومبتكرة للتمويل التنموى، إلا أن التمويل التضخمى للدول المُصدرة للعملات الرئيسية فى العالم (الولايات المتحدة- الصين – دول أوروبا- اليابان- بريطانيا)، يعد أحد مصادر الخطر الحقيقية والتى تدفع بصورة أو بأخرى لزيادة الاقتصاد النقدي على الاقتصاد الحقيقي، وهو ما يستلزم الوقوف على حقيقة التمويل الممنوح لهذه الصناديق خاصة فى الدول الكبري ما يضع النظام النقدى أمام حالة من الفقاعات التى قد تنذر بعدة صدمات مستقبلية حال الإفراط فى إصدار رؤوس أموال لهذه الصناديق تستحوذ على أصول حقيقية خاصة فى الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة.

المصادر:

The post الصناديق السيادية..الخصائص والأهمية والأهداف appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
5996