جرائم خطف الأطفال… الدوافع والأسباب وسبل المواجهة
أثبتت الإحصائيات ان جرائم خطف الاطفال تنتشر في الريف بنسبة 70 %، مقابل 30 % في الأماكن الحضرية
كتب :محمد رزق
حبس المصريون أنفاسهم منذ عدة أيام بعدما شاهدوا مقطع فيديوت تم بثه على وسائل التواصل الاجتماعي لينتشر كالنار في الهشيم لواقعة خطف طفل من أمام منزلة في مدينة المحلة بالغربية بعد أن تشبثت به أمه محاولة إنقاذه من أيدي خاطفيه لكنهم سحلوها ولأزوا بالفرار المشهد الذي لم يستغرق سوى دقائق معدودة وسجلته إحدى كاميرات المراقبة الموجودة بالمكان كان كفيلا بنشر حالة من القلق والخوف والذعر بين ملايين الأسر خوفا على أبنائهم من هؤلاء المجرمين وغيرهم وعلى الرغم من سرعة تفاعل الاجهزة الامنية مع الواقعة وتمكنهم من انقاذ الطفل سالما وضبط الجناة بعد اقل من 48 ساعة من الواقعه الا ان الاسئلة باتت تتكر وعلامات الاستفهام باتت ترتسم حول اسباب ودوافع تلك الجرائم التى تهز مشاعر ملايين الاسر وما اذا كانت تستحق ان نطلق عليها ظاهرة يعانى منها المجتمع ام هى مجرد جرائم فردية تحدث هنا او هناك على فترات متباعدة احيانا ولا يربط بينها رابط سوى الرغبة فى الحصول على الفدية او الانتقام من اهل الطفل لخلافات اسرية او مادية او للاتجار فى البشر وهل تلك الجرائم تنتشر فى مجتمعات الريف اكثر من الحضر وكيف تتعامل التشريعات والقوانين مع تلك النوعية من الجرائم فى طرحنا البحثى هذا يقدم المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية تقريرا تحليليا حول قضية خطف الاطفال فى مصر اسبابها ودوافعها وحجم انتشارها والمناطق التى تكثر فيها تلك الوقائع وانعكاس هذه النوعية من الجرائم على السلام الاجتماعى والامن والاستقرار المجتمعى وسبل مواجهتها.
وقائع خطف الأطفال في أرقام
رغم عدم وجود إحصاءات رسمية دورية تضع توصيفا دقيقا للحالة في مصر من حيث متوسط عدد الجرائم المماثلة، إلا أن التصريحات الرسمية تحمل تأكيدا على أنه منذ ما بعد العام 2010 تزايدت البلاغات الخاصة بجرائم خطف الأطفال. وتزايد البلاغات بشكل لافت بعد 2010 تظهره بيانات المجلس القومي للطفولة والأمومة. وتكشف آخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن خط نجدة الطفل أن مصر تشهد ما يصل إلى حالتي خطف يوميا في المتوسط.
وطبقا لإحصاءات سابقة لمركز البحوث الجنائية، فقد تم تسجيل 856 حالة خطف (بهدف طلب فدية) في عام 2012، ثم زاد العدد إلى 1860 في عام 2013.
وفي عام 2016، بلغ متوسط عدد بلاغات خطف الأطفال حوالي 30 طفلا شهريا، طبقاً لتصريحات سابقة آنذاك لمسؤول خط نجدة الطفل بالمجلس القومي للأمومة والطفولة وذلك بما يشكل 1.5 بالمئة من عدد الأطفال.
وفي العامين 2018 و2019 تكشف إحصاءات خط نجدة الطفل عن تلقي ما يزيد عم 2264 بلاغاً بحالة خطف.
وأوضح تقرير أعدته المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة أن أعداد الأطفال المختطفين في مصر عام 2016 إلى 148 طفلا تم تداول قضاياهم إعلاميا، مضيفا أن من أسباب اختطاف الأطفال في مصر خلال عام 2016 «الفدية المالية» التي تحتل النسبة الأكبر من أسباب اختطاف الأطفال في مصر وتبلغ 52 % تليها اختطاف الأطفال في ظروف غامضة وتمثل 24 % وغيرها من الأسباب كالمشاكل في الإنجاب أو استغلال الأطفال في تشكيلات عصابية للتسول أو للسرقة.
وذكر التقرير أن ذلك يأتي وفقا للتصنيف العمري للفئات الأكثر عرضة لاختطاف الأطفال خلال عام 2016 حيث كانت فئتي الأطفال بين سن 5:1 سنوات وكذلك الفئة العمرية بين 10:6 سنوات، أما التصنيف النوعي للأطفال المختطفين فكان على النحو التالي 61 % ذكورا و30 % إناثا و9 % أطفالا لم يتم ذكر نوعهم
الداخلية تؤكد على ضبط 99 % جرائم خطف الأطفال
وأمام انتشار تلك الحالات يظهر رجال وزارة الداخلية قدرة غير عادية في التصدي لتلك الظاهرة وضبط الجناة وإعادة الأطفال إلى ذويهم وتشير الأرقام والإحصائيات في هذا الصدد إلى أن ما نسبته 99 % من حالات خطف الأطفال يتم ضبطها من خلال تحديد العناصر والبؤر الإجرامية والأشخاص المسجلين الذين يشتهر عنهم هذا المجال، فضلًا عن المراقبة الكاملة للمستشفيات وأماكن الولادة والملاجئ لذلك ترى وزارة الداخلية أن هذه الحالات لا يمكن أن نطلق عليها تكون ظاهرة بل هي مجرد حالات ووقائع متفرقة ومختلف الأهداف والدوافع.
خطف الأطفال الأسباب والدوافع
وبالبحث عن الأسباب المؤدية إلى تزايد نسب خطف الأطفال في المجتمع المصري نجدها متعددة نحاول توضيحها وفقا لما توصلنا إليه من معلومات عن تلك الوقائع فترجع النسبة الأكبر من اختطاف الأطفال إلى تكوين تشكيلات عصابية لخطف الأطفال لطلب فدية من ذوي الأطفال المخطوفين وتردي الأوضاع الأمنية في البلاد منذ بدء الثورة وفي المرتبة الثانية تأتى الخلافات الشخصية بين ذوي الأطفال والخاطفين وغالبا ما تكون بسبب الانتقام وتفشى ظاهرة العنف في المجتمع المصري التي ما غالبا تنصب على الفئات الأضعف في المجتمع ألا وهي الأطفال تليها خطف الأطفال في ظروف غامضة ثم الخطف نتيجة مشاكل في الإنجاب ثم الخطف بهدف سرقة المصوغات الذهبية والاتجار بالبشر وهناك العديد من حالات الاختطاف التي تتم دون وجود أي أسباب ومع تزايد حالات اختفاء وخطف الأطفال في مصر؛ لجأت العديد من الأسر إلى مواقع التواصل الاجتماعي لنشر صور أبنائها المختفين، والإعلان عن مبالغ مالية لمن يدلي بمعلومات عنهم. وأخشى أن تصل الظاهرة لبلادنا لا سيما أن ظاهرة التسول باستخدام الأطفال صارت تتوسع وتستشري، وتعدت نقاط إشارات المرور حتى وصلت لشوارع الأحياء! وبات من غير المستغرب أن تجد امرأة تجلس على ناصية الشارع حولها أطفال تستدر عطف المارّة والعابرين!
هل إهمال بعض الأسر لأطفالهم يفاقم من الأزمة؟
يرى عدد من خبراء علم الاجتماع والعلاقات الأسرية أن الإهمال والتفسخ الأسرى مع انتشار الفقر والبطالة ومعه ارتفاع نسب الطلاق أضاف متغيرا جديدا على مدى تماسك بعض الآباء والأمهات باطفاهم وذلك بإهمالهم وتركهم للهوا واللاعب أمام منازلهم وفي الشوارع دون رقابة أو عناية أو اهتمام ومن ثم يكونوا عرضة لعصابات الخطف التي تستخدمه في عمليات التسول أو لبيع اعضائهم ضمن تجارة الاعضاء التى تتفاقم بشكل كبير فى العديد من الدول وتقف ورائها جماعات وعصابات منظمة عابرة للحدود تجند عملاء ووكلاء لها فى مختلف المناطق لذا يؤكد الجميع على اهمية دور الاسرة فى الحفاظ على اطفالها من خلال العناية والرقابة الدائمة والاهتمام وعدم تركهم فريسة لتلك العناصر الاجرامية الخطرة.
هل تنتشر جرائم خطف الأطفال في منطق دون أخرى؟
وقد أثبتت الدراسات والإحصائيات التي أجريت حول وقائع الاختطاف وخريطة انتشارها على أن تلك الجرائم تنتشر في الريف بنسبة 70 %، مقابل 30 % في الأماكن الحضرية، وأرجع ذلك إلى ارتفاع مستوى الفقر في الريف، وتدني الخدمات به مقارنة بالحضر. كما أثبتت الأبحاث الميدانية التي أجريت على أن عمليات الخطف زادت بعد حالات الانفلات الأمني التي واكبت ثورة يناير وانتشار الأسلحة وتوافر الجرأة لدى الجناة.
لكن حالات الانفلات الأمني هذه لم تم طويلا وتمت السيطرة عليها وعودة الأمن إلى الشارع المصري وبالتالي تراجعت عمليات الخطف خلال الآونة الأخيرة لكن برزت هناك دوافع أخرى أهمها انتشار الفقر والبطالة والتفسخ الأسرى وغيرها من التشوهات التي طرأت على البنية الاجتماعية والأسرية للمجتمع المصري.
التشريعات ودورها فى مواجهة جرائم خطف الاطفال
وقد تصدى قانون العقوبات لجرائم خف الاطفال وحديثى الولادة وتعريض حياتهم للخطر من خلال الباب الخامس من القانون وحدد القانون العقوبة المقررة لكل فعل.
ونصت المادة 283 على: يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات كل من خطف طفلاً حديث العهد بالولادة أو أخفاه أو أبدله بآخر أو عزاه زورًا إلى غير أي من والديه.
مادة 284: يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه كل من كان متكفلا بطفل وطلبه منه من له حق في طلبه ولم يسلمه إليه.
مادة 285: كل من عرض للخطر طفلا لم يبلغ سنة سبع سنين كاملة وتركه في محل خال من الآدميين أو حمل غيره في ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين.
مادة 286: إذا نشأ عن تعريض الطفل للخطر وتركه في المحل الخالى كالمبين في المادة السابقة انفصال عضو من أعضائه أو فقد منفعته فيعاقب الفاعل بالعقوبات المقررة للجرح عمدا فإن تسبب عن ذلك موت الطفل يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمدا.
مادة 287: كل من عرض للخطر طفلا لم يبلغ سنة سبع سنين كاملة وتركه في محل معمور بالآدميين سواء كان بنفسه أو بواسطة غيره يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور أو بغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه.
مادة 289: كل من خطف من غير تحيل ولا إكراه طفلاً يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات.
فإذا كان الخطف مصحوبًا بطلب فدية فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة.
ويُحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه.
مادة 290: كل من خطف بالتحيل أو الإكراه شخصًا يُعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنين.
فإذا كان الخطف مصحوبًا بطلب فدية تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة ولا تزيد على عشرين سنة.
أما إذا كان المخطوف طفلاً أو أنثى فتكون العقوبة السجن المؤبد.
ويُحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام إذا اقترنت بها جناية مواقعة المخطوف أو هتك عرضه.
مادة 291: يحظر كل مساس بحق الطفل في الحماية من الاتجار به أو الاستغلال الجنسى أو التجارى أو الاقتصادى، أو استخدامه في الأبحاث والتجارب العلمية ويكون للطفل الحق في توعيته وتمكينه من مجابهة هذه المخاطر.
حتمية البحث عن سائل مبتكرة لمواجهة جرائم خطف الاطفال
وبالاضافة الى تشديد العقوبات التى تجرم وتضاعف عقوبة خطف الاطفال ومطالبة البعض بان تصل الى عقوبة الاعدام طالب عدد من الخبراء من وزارتي الداخلية والصحة، بسرعة البدء في تطبيق استخدام البصمة الإلكترونية للأقدام بالنسبة للأطفال حديثي الولادة، أو ما تسمى بـ«الباركود»، وتعميمها في المستشفيات العامة والخاصة، وعلى جميع الوحدات الصحية، وأماكن استخراج شهادات الميلاد لضمان حماية الطفل من حوادث الخطف، ومنع خاطفي الأطفال من إمكانية استخراج جوازات سفر لهم لاتجار بهم وتسفيرهم خارج البلاد، موضحًا أن شهادة الميلاد المميكنة عبارة عن «بار كود»، يحمل بصمة قدم الطفل ورقمه القومي والرقم القومي للأب والأم، مع تأمين تلك الوثيقة بعلامات مؤمنة خشية العبث بها وتأمينها.
لكن وفى المقابل اثبتت التجربة العملية فى موضوع بصمة الطفل ان هناك صعوبة رفع بصمة الطفل في هذا السن لأن الطفل في هذا الوقت يكون في مرحلة التكوين، فتشكيل الطفل في هذه السن لم يكتمل بعد، إذن البصمة عندما تم أخذها من طفل حديث الولادة وتم عمل تجربة عليها ثبت عدم وضوحها، وتم أخذ عينة من مجموعة كبيرة من الأطفال لكن النتيجة كانت أن البصمة غير واضحة أيضًا، لأن ملمس الطفل وجسمه في إطار التكوين، لهذا لم يتم العمل بهذه التجربة ليس نتيجة قصور من الوزارة لكن أن الأطفال في هذا السن تكون بصمتهم غير مكتملة حتى تقوم الوزارة بالاحتفاظ بها على السيستم لترجع لها للاستدلال على هذا الطفل فيما بعد في حالة لا قدر الله عُثر عليه ملقيا في مكان ما، أو مقتولا، أو غير ذلك
توصيات البحث
يؤكد المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية على حتمية التصدى لوقائع خطف الاطفال وترويع الاسر امنيا وقانونيا ومجتمعيا وتفعيل كافة القوانين التى تتصل بحقوق الطفل وامنه واستقراره وسلامته انطلاقا من التشريعات التى اقرها المشرع المصرى والقوانين والاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة من خلال مايأتى :-
- تفعيل الباب الخامس من قانون العقوبات المصرى والمواد المتصلة بحماية الطفل وحقوقه
- العمل على تعزيز وحدة المجتمع المصرى والحفاظ على البنية الاساسية للاسرة المصرية من التفكك
- تفعيل اداء المجلس القومى للطفولة والامومة والقيام بدور توعى ورسم سياسات تحفظ حقوق الاطفال
- مكافحة كافة اشكال التسول واستغلال الاطفال والقصر من قبل عصابات ومافيا وجماعات اجرامية
- الضرب بيد من حديد على عمليات الاتجار بالبشر ومناهضة تلك الجرائم
- تفعيل اتفاقية حقوق الطفل رقم 260 لسنة 1990إ والتى تشير إلى أن الأمم المتحدة قد أعلنت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن للطفولة الحق في رعاية ومساعدة خاصتين.
واقتناعاً منها بأن الأسرة, باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع والبيئة الطبيعية لنمو ورفاهية جميع أفرادها وبخاصة الأطفال, ينبغي أن تولي الحماية والمساعدة اللازمتين لتتمكن من الاضطلاع الكامل بمسئولياتها داخل المجتمع.
اهم المراجع