الرئيس السيسي يعلن إنهاء حالة الطوارئ في مصر

كتبت : هدي عبد الغفار 

فى خطوة تاريخية هامة لطالما انتظرها الشعب المصري طويلا، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي الإثنين إلغاء مد حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد، ليطوي بهذا القرار سنوات طويلة عانت فيها  الدولة المصرية من مؤامرات داخلية وخارجية كانت تسعى للعبث بأمن الوطن، وضرب استقراره وعرقلة تقدمه، ويعلن انتصار الشعب وكافة مؤسسات الدولة في معركة البقاء، ويدشن لمرحلة مهمة فى طريق بناء وتنمية “الجمهورية الجديدة”.

إن قرار السيسي بإلغاء مد حالة الطوارئ يوجه رسالة للعالم بأسره  بأن الدولة المصرية نجحت فى التصدي للتحديات الجسيمة، وتمضي قدما وبخطى ثابتة فى تحقيق خطط التنمية وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وفور صدور هذا القرار، تتبادر إلى الأذهان جملة من التساؤلات المتعلقة بما هو المقصود بحالة الطوارىء، وماذا يعني إعلانها، ماهي الصلاحيات التي نص عليها قانون الطوارئ، وماهو تاريخ فرض حالة الطوارىء فى مصر ، وعدد مرات التجديد والتمديد..والتى يجيب عنها هذا التقرير تباعا.    

ما المقصود بحالة الطوارىء؟

حالة الطوارئ هي حالة استثنائية محددة المكان والزمان تمنح الحكومات صلاحيات لا يُسمح بها في الأوضاع الطبيعية للبلاد،  حيث تُفرض أثناء مواجهة ظروف غير عادية قد تؤثر على أمن واستقرار البلاد، مثل الأزمات، والكوارث الطبيعية ، وحالة الحرب ، وانتشار الأوبئة. 

ماذا يعنى إعلان حالة الطوارئ؟

تتخذ الدول بموجب فرض حالة الطوارىء تدابير من شأنها الحفاظ على الأمن والنظام العام، حيث يُسمح لأجهزة الدولة أن تتخذ الإجراءات المناسبة لمواجهة أخطار الإرهاب، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين. 

ماهي الصلاحيات التي نص عليها قانون الطوارئ؟

• منع التظاهر في الشوارع أو المنظمات السياسية والحقوقية دون إعلان مسبق للشرطة والحصول على تصريح بالتظاهر .
• يعلق حقوق المواطنين في التعبير عن الرأى من خلال وسائل الاعلام أو عبر منصات التواصل الاجتماعي.
• يضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والمرور في أماكن أو أوقات معينة.
• حظر التجول في بعض المناطق ومراقبة الرسائل. 
• منع المنظمات المدنية والحقوقية من الحصول على أى تبرعات مالية دون علم الجهات المعنية داخل الدولة .

حالة الطوارىء فى الدستور

نظمت المادة 154 من الدستور المصرى الصادر سنة 2014، إعلان حالة الطوارئ في البلاد، استناداً إلى قانون الطوارئ رقم (162) الصادر عام 1958، حيث تم إسناد هذا الإعلان إلى رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، مع إلزامه بعرضها لاحقاً، خلال مدة لا تجاوز سبعة أيام، على مجلس النواب وموافقة غالبية أعضاء المجلس لتمريرها.

كما نصت المادة على أن تعلن حال الطوارئ لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وألا تجدد إلا لمدة مماثلة بعد موافقة ثلثي نواب الشعب، وأن رئيس الجمهورية هو من يعلن حالة الطوارئ، وهو من يعلن انتهاءها، كما ينتهي العمل بها إذا رفض البرلمان إقرارها.

متى فُرضت حالة الطوارىء بمصر؟ 

فُرضت حالة الطوارىء لأول مرة فى مصر أثناء حرب يونيو 1967 ، وكان مقرراً إنهاء العمل بها عقب انتهاء حرب السادس من أكتوبر عام 1973، إلا أن الرئيس محمد أنور السادات قرر مد العمل بها حتى عام 1980 . 

وتم إلغاء حالة الطواريء عام 1980 لمدة 18 شهرا، ثم عادت مجددا عقب اغتيال الرئيس السادات في 6 أكتوبر عام 1981 بقرار من الرئيس المؤقت آنذاك د. صوفي أبو طالب ( رئيس مجلس الشعب ) .

واستمرت حالة الطوارىء طوال فترة حكم الرئيس حسني مبارك على مدى 30 عاماً، وحتى تنحيه عن الحكم، ثم قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في أعقاب ثورة يناير 2011 فرض حالة الطوارئ من جديد  بعد اقتحام “محتجين” مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، ومدد العمل بها حتى 31 مايو 2012 حيث أُعلن حينها رسمياً إيقاف العمل بالطوارئ. 

وعاد فرض حالة الطوارئ مع انتشار الجرائم التي ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية، حيث أعلن الرئيس المؤقت وقتها عدلى منصور إعادة العمل بقانون الطوارئ في أغسطس 2013 فى أعقاب فض اعتصامي رابعة والنهضة، واستمر لمدة شهر واحد.

وعقب تصاعد وتيرة أحداث العنف والعمليات الإرهابية التى شهدتها البلاد، فرض الرئيس عبد الفتاح السيسي حالة الطوارئ في سيناء فى نهاية 2014، ثم اتسعت فى أبريل 2017 لتشمل جميع أنحاء الجمهورية، عقب حادث استهداف كنيستين بالإسكندرية وطنطا، ومنذ ذلك الحين يتم تجديدها كل ثلاثة أشهر بموافقة مجلس النواب، حيث تم تمديده وتجديده 18 مرة على مدى السنوات الخمس الأخيرة، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أصدر قرارا فى 25 أكتوبر بإلغاء مد العمل بحالة الطواريء.  

نص قرار الرئيس السيسي

“يسعدني أن نتشارك معاً تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد ، فقد باتت مصر بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة ، ومن هنا فقد قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد”.

وتابع الرئيس: “هذا القرار الذي كان الشعب المصري هو صانعه الحقيقي علي مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء”.

وأضاف:”إنني إذ أعلن هذا القرار، أتذكر بكل إجلال وتقدير شهداءنا الأبطال الذين لولاهم ما كنا نصل إلى الأمن والاستقرار” ، مختتما: “معا نمضي بثبات نحو بناء الجمهورية الجديدة مستعينين بعون الله ودعمه”.

ماذا يعني إلغاء حالة الطوارىء؟

• إلغاء جميع الإجراءات الاستثنائية أمام محاكم أمن الدولة طوراىء
• عودة كافة الضمانات الدستورية المقررة في الدستور والإجراءية المقررة في الإجراءات الجنائية أمام المحاكم العادية
• إلغاء الأحكام التى كانت تخضع للتصديق من مكتب شئون أمن الدولة
• إلغاء المحاكمات الاستثنائية مثل محاكم أمن الدولة العليا طوارىء
• إلغاء نيابة أمن الدولة العليا طوارىء
• رفع القيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال
• رفع القيود عن حرية الإقامة والمرور فى أماكن أو أوقات معينة
• إلغاء الرقابة على الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات
• إلغاء الرقابة على الرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان أو مصادرتها

وختاما، يشيد المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية بقرار الرئيس السيسي إلغاء مد حالة الطوارئ، مؤكدا أنه خطوة فى طريق الديمقراطية وحرية التعبير تتسق مع إطلاق مصر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وتليق بـ”الجمهورية الجديدة”، ومشيرا إلى أنه جاء نتيجة جهود القيادة السياسية واصطفاف الشعب مع مؤسسات الدولة فى تخطى العديد من العقبات والوصول بربوع الوطن إلى أعلى درجات الأمن والأمان.