كتب : عادل بدر
قدر العمل التطوعي (القوى العاملة في التطوع الرسمي وغير الرسمي) على مستوى العالم في عام 2018، ما يكافئ 109 مليون عامل بدوام كامل. ويحدث 70 %من النشاط التطوعي على مستوى العالم في القطاع غير الرسمي، بينما يحدث 30 % من العمل التطوعي في القطاع الرسمي بالتطوع لدى المنظمات أو الجمعيات المختلفة غير الهادفة للربح.
وتقوم النساء بنصيب أكبر من العمل التطوعي غير الرسمي، حيث يمثلن حوالي 60 % في جميع أنحاء العالم، وتسلط هذه النتائج الضوء على الطرق التي يعزز بها التطوع الحد من عدم الإنصاف وعدم المساواة التي تواجهها النساء من الناحية الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية.
يشارك 140 مليون فرد في النشاط التطوعي في 36 دولة من الدول الغربية ودول أوروبا الشرقية بنسبة 12% من تعداد السكان البالغين في هذه الدول، ووصل عدد المتطوعين في الاتحاد الأوروبي إلى 100مليون مواطن يسهمون في النشاط التطوعي، وساهم أكثر من 13.3 مليون شخص وهو ما يمثل 47 % من الكنديين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 وأكثر بـ 2.7 مليار ساعة من العمل التطوعي.
التطوع في مصر
هناك نقص في البحوث والبيانات حول التطوع في مصر، حيث لا يتوفر تقرير عن أعداد المتطوعين في مصر والقطاعات التي يتطوعون بها، ويشكل ذلك تحديا كبيراً لاستمرار مشاريع ومباد ارت العمل التطوعي وتوسيعها. ففي الوقت الذى تؤكد الدكتورة أماني قنديل أن عدد المتطوعين في مصر يقدر بحوالي ثلاثة ملايين متطوع، و تشير أيضاً إلى أن مشاركة الذكور في العمل التطوعي ضعف مشاركة الإناث، وهو عكس ما أظهره تقرير حالة التطوع في العالم الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للمتطوعين بعنون “الرابط الذي يجمعنا “عام 2018، الذى يحدد عدد المتطوعين في مصر (1,729,734) متطوع من إجمالي السكان فوق 15 سنة عام 2018، و عدد المتطوعين من الاناث (956,247) في حين بلغ عدد الذكور (773,487) ، كما تشير بيانات التقرير إلي انخفاض مستوى التطوع في القطاع الرسمي ( 17,335) منهم من الذكور (6.175) و الاناث ( 11.161) ، بينما يتحسن مستوى التطوع قليلا في القطاع غير الرسمي (1.712,398) منهم من الذكور (767.312) و الاناث ( 945.086). وبين تلك الأرقام والنسب المتضاربة، تغيب الحقائق عن النسبة الحقيقية للعمل التطوعي في مصر، إلا أن الحقيقة الواضحة هي أن مستويات العمل التطوعي في مصر، تظل دون المطلوب بحجم دول مثل مصر.
وعن توزيع نسبة المشاركة في الاعمال التطوعية في مصر نجد أن شباب الريف أكثر إقبالا على الأعمال التطوعية بنسبة (57%) من شباب الحضر بنسبة (44%). و14% فقط من الشباب المتطوعين يحملون الشهادة الجامعية فأعلى، وما يقرب من نصف المتطوعين هم من خارج قوة العمل، و44% منهم يعملون، ونحو 8.6% منهم عاطلون، ولا يوجد اختلاف بين المستويات الاقتصادية المختلفة للمتطوعين.
دوافع العمل التطوعي
تشير دراسة محددات وآفاق وتحديات العمل التطوعي، وهي من أوائل الدراسات التي اجريت في مجال التطوع، لرصد دوافع ومكتسبات العمل التطوعي إلى أن الدافع الرئيسي للعمل التطوعي هو المساهمة في حلول للمشكلات الاجتماعية بنسبة 71%إلى جانب هذا الدافع الأساسي توجد عديد من الدوافع منها على سبيل المثال:
- اكتساب خبرات ميدانية وإدارية في العمل التنموي بنسبة 65%. اكتساب خبرات ميدانية وإدارية في العمل التنموي بنسبة 65%.
- الشعور بالقيمة واستثمار وقت الفراغ 47.2%
- تنمية الروح الإيجابية لدى الشباب نحو مجتمعهم بنسبه 41.3%.
- دعم التكافل بين أفراد المجتمع بنسبة 33.9%.
مكتسبات العمل التطوعي
- تعزيز الانتماء الوطني.
- تنمية الشخصية الاجتماعية.
- الحصول على وظيفة في المستقبل.
- شغل وقت الفراغ بأمور مفيدة زيادة الخبرات العملية المساهمة في خدمة المجتمع.
أسباب ضعف نسب التطوع في مصر
- غياب اًليات التنسيق في مجال العمل التطوعي.
- غياب هيئات مسؤولة عن العمل التطوعي.
- غياب الاختصاص في العمل التطوعي.
- ضعف نسب التطوع في مصر.
التطوع والدخل القومي
يعتبر العمل التطوعي ثروة عامة والتحدي يكمن في توظيف رأس المال الاجتماعي (المتطوعين) من خلال تطوير كفاءات وسلوك المتطوعين لتنفيذ السياسات والمشاريع التي تخدم المجتمعات. ولم ينل العائد الاقتصادي من العمل التطوعي وتأثيره على الاقتصاد المصري المكانة المطلوبة في الأدبيات الاقتصادية.
ولم يشر إلى أثر النشاط التطوعي في حسابات الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد المصري، لكن الدراسات العالمية تؤكد على الارتباط الوثيق بين التطوع والدخل الوطني، حيث تشير إلى أن معدل ساعات التطوع المبذول في الولايات المتحدة الأمريكية توازي عمل تسعة ملايين موظف، ويقدر مجموع الوقت الذي تم التطوع به ما قيمته 176مليار دولار، وهو ما يعادل تقريبا الناتج المحلي الإجمالي لمصر (GDP). وبلغت موارد منظمة المتطوعين الأمريكيين 532 مليون دولار أمريكي. وإسهام المتطوعين في الاقتصاديات الغربية بنحو 400 مليار دولار، كما يشارك مليون شخص بالتطوع وبشكل رسمي كل عام في بريطانيا، بما يعدل 90 مليون ساعة عمل، بقيمة اقتصادية بلغت 40 مليار جنيه استرليني سنويا.
التطوع وقانون تنظيم العمل الأهلي
يؤكد الدستور المصري لعام 2014 من خلال المادة (82) على أن الدولة تعمل على تشجيع الشباب على العمل الجماعي والتطوعي وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة، واعمالا للمبادئ الدستورية صدر القانون رقم (194) بشأن تنظيم ممارسة العمل الأهلي عام 2019 ليمثل خارطة طريق لمسار العمل التطوعي في مصر، وخطوة کبيرة في الاتجاه الصحيح لتفعيل العمل التطوعي في مصر.
وعرف قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي، العمل التطوعي بأنه ” كل عمل أو نشاط يمارسه المتطوع بإرادته الحرة لتحقيق النفع العام والمساهمة في العمل الأهلي دون أن يهدف إلى تحقيق الربح. ونصت المادة (76) على إنشاء وحدة ذات طابع خاص تسمي “الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي، وأن يکون لها فروع في کل محافظات، ومن اختصاصاتها طبقا للمادة (77) الآتية:
- المساهمة في وضع استراتيجية مصر للعمل التطوعي وسياسات تنظيمه وخططه والإشراف على تنفيذها؛
- تيسير الربط بين جهات التطوع المختلفة والمتطوعين بكافة الأساليب الممكنة؛
- إتاحة المعلومات عن فرص التطوع لأفراد المجتمع؛
- تشجيع مؤسسات المجتمع الأهلي والجهات الحكومية على توفير فرص التطوع؛
- الإشراف على إعداد البرامج التدريبية للمتطوعين واعتماد الأدلة اللازمة لتنفيذ هذه البرامج؛
- اعداد الإحصاءات والأبحاث اللازمة عن الأعمال التطوعية وإنشاء قاعدة بيانات بالمتطوعين وجهات التطوع والأعمال التطوعية المنفذة بجمهورية مصر العربية؛
- صياغة نموذج اتفاق العمل التطوعي بين المتطوعين وجهات التطوع وإجراء التعديلات اللازمة عليه وفقا لمقتضيات الصالح العام؛
- العمل على توفير الحوافز اللازمة لتشجيع أفراد المجتمع على الانضمام للعمل التطوعي؛
- بحث شكاوى المتطوعين والمستفيدين من خدمات التطوع واتخاذ الإجراءات المناسبة في شأنها؛
ويعتبر هذا القانون أكثر تطورا في تعامله مع قضية العمل التطوعي، حيث أنه يضع الأسس للعديد من المحددات الرئيسية للعمل التطوعي من خلال الإشارة الي وضع استراتيجية وطنية للعمل التطوعي وإنشاء قاعدة بيانات بالمتطوعين وإعداد الإحصاءات والأبحاث اللازمة عن الأعمال التطوعية، بالإضافة لتشجيع الجهات الحكومية على توفير فرص التطوع، وهي الأمور التي يفتقر إليها العمل التطوعي في مصر.
مقترحات تطوير منظومة التطوع في مصر
- إصدار قانون خاص لتنظيم العمل التطوعي، الأمر الذي يساهم في إعطاء نظرة شمولية للعمل التطوعي ويساعد في تطوير التطوع الرسمي.
- إنشاء هيئة رسمية لإدارة العمل التطوعي، هيئة وطنية مستقلة تتبع لرئيس الجمهورية أو لرئيس الوزراء،
- ربط العمل التطوعي بشكل نظامي داخل المنظومة التعليمية.
- تفعيل “اتحاد الخدمة العامة التطوعية” المنصوص عليه في قانون تنظيم الهيئات الشبابية، لعام 1975.
- سرعة تدشين قاعدة بيانات المتطوعين.
- التوسع في افتتاح مقرات جديدة لــمبادرة “بيت التطوع” التابعة لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان في کل الجامعات المصرية.
- العمل على ربط منصب “مسؤول التطوع” في الجامعات المصرية مع إدارات رعاية الشباب ومع إدارة خدمة المجتمع بکل جامعة.
- تفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة في تثقيف أفراد المجتمع بأهمية العمل التطوعي.
- إصدار نشرات دورية تعنى بالأعمال التطوعية ونقل الخبرات والقيام بالأبحاث والدراسات الميدانية لإبراز المردود الاجتماعي والاقتصادي للتطوع.