أوراق بحثيةدراسات اقتصاديةدراسات التنميةرئيسي

تداول العملات الرقمية..فرصة أم مخاطرة؟

 يشهد العالم ثورة رقمية واقتصادية هائلة، لاسيما على صعيد النظام النقدي العالمى، وقد تسارعت هذه التطورات بشكل خاص بعد جائحة كورونا التى فرضت واقعا جديدا على مستوى العالم، يتطلب تقليل الاعتماد على العملات النقدية التقليدية، وتعزيز استخدام طرق إلكترونية، فضلا عن أن تطور التقنيات الحديثة وأنظمة الدفع أدى إلى الاعتماد على النقد السائل (الكاش) فى الحياة اليومية، وتزايد الاعتماد على وسائل إلكترونية متعددة وحديثة، وقد ساعدت هذه البيئة على ظهور العملات الرقمية التى برزت كبديل واعد ومحتمل للنظام المالي الحالي.

ولكن تعد العملات الرقمية من أكثر الموضوعات الاقتصادية التى أثير حولها الجدل خاصة أنها ارتبطت لدى الأشخاص والحكومات بغسيل الأموال وتجارة البشر والمخدرات وتمويل العمليات الإرهابية، إلا أن هناك بعض الآراء ترى أن استخدام العملات الرقمية قادم لا محالة وأنه يجب على المؤسسات المصرفية فى كل دول العالم الاستعداد لهذا التطور والتعامل معه مع وضع الأليات التى تمكن الدول والمؤسسات والأشخاص من التعامل مع العملات الرقمية بكل سهولة وتأمين تعاملاتهم والحفاظ على حقوقهم وملكياتهم من خلال أنظمة صارمة لا يمكن اختراقها .

فعند النظر للواقع الحالي والمسيطر على المشهد المالي ودخول العنصر التكنولوجي، ليس مستغربا  تحول العملات التقليدية (الورقية والمعدنية) إلى عملات رقمية تتناسب مع التطور التكنولوجي، مع الحفاظ على أهدافها الرئيسة الثابتة كوحدة حساب، ومخزن للقيمة، ووسيلة للتبادل، وأن يلقى هذا التحول الثقة والقبول العام، وهو الأمر الأهم في استقرار العملة بغض النظر عن طبيعتها، ورقية كانت أم رقمية.

وفى هذا السياق، تسعى هذه الورقة البحثية إلى تحديد مفهوم العملات الرقمية، وإيجابيات التعامل بها وسلبياتها، إلى جانب استعراض واقع تعامل الدولة المصرية معها واتجاهات الشباب حولها ، مع عرض لأهم التوصيات من أجل تداول آمن للعملات الرقمية. وعليه، تتناول الورقة واقع العملات الرقمية من خلال عدة محاور تشمل ما يلي:

أولا: تعريف العملات الرقمية

ثانيا : ايجابيات وسلبيات العملات الرقمية

ثالثا : المؤشرات العالمية حول تداول العملات الرقمية

رابعا : العملات الرقمية فى مصر

خامسا : خطوات نحو تداول آمن للعملات الرقمية

أولا: مفهوم العملات الرقمية

تناولت العديد من الكتابات الاقتصادية تعريف العملات الرقمية أو الافتراضية أو العملات المشفرة ولكن السلطة المصرفية الأوروبية عرفتها بأنها ” تمثيل رقمى لقيمة لا تصدر عن البنك المركزى ولا عن السلطات العامة وليست بالضرورة متعلقة بالعملة الورقية كالدولار واليورو ويقبل الأشخاص العاديون والأشخاص القانونيون بها كوسيلة للدفع ويمكن تحويلها أو تخزينها أو تداولها إلكترونيا “.

كما توصف العملات الرقمية بأنها عملات وهمية افتراضية تتكون من أكواد رقمية قابلة للتخزين على الأقراص الصلبة أو شبكة الإنترنت وتخضع قيمتها للعرض والطلب كما يصعب تتبع عمليات البيع والشراء التى تتم بها أو حتى معرفة مالكى هذه العملات.

وتتحدد قيمة العملات الرقمية عن طريق قانون العرض والطلب مثل السلع كالذهب والبترول (كلما زاد الطلب عليها، ارتفع سعرها) لكن قيمتها الذاتية معدومة، كما تستمد قيمتها من قبول الأفراد لها كوسيط للتبادل والدفع ، إضافة الى عدم استنادها لأى سلطة مركزية.

أما عرض العملات الرقمية فيتحدد من خلال بروتكولات الكترونية ولا يتم تشغيل شبكتها من طرف جهة أو مؤسسة محددة ، فاللامركزية تقتضى عدم التعرف على مشغل النظام وبالمقابل تسمح للمستخدمين بتشغيل المحافظ الرقمية وتوفير أرضيات الكترونية لتحويل وتخزين تداول العملات الرقمية وحتى تبادلها ، ولهذا فالقيمة تنتقل من الطرف إلى الطرف الآخر مباشرة دون اللجوء الى وساطة وهو ما يسمح بتقليل تكاليف المبادلات وتسريعها وتسهيلها ، الأمر الذى يسهل تجاوز الرقابة القانونية عليها .

كذلك تجدر الإشارة إلى أن العملات الرقمية تستخدم فقط عبر الشبكة العنكبوتية ولها خصائص مشتركة مع العملات المادية، فهى تسمح بالمعاملات الفورية ونقل الملكية دون التقيد بالحدود الجغرافية .

وقد عرف قانون البنك المركزى المصرى العملات المُشفرة بأنها”عملات مُخزنة إلكترونيا غير مُقومة بأى من العملات الصادرة عن سلطات إصدار النقد الرسمية، ويتم تداولها عبر شبكة الإنترنت”.

وهى تختلف عن النقود العادية فى كونها تصدر بعيدا عن التنظيم الحكومى؛حيث لاتصدر من بنوك نظامية ولا تستند إلى نقود حقيقية، وليس لها شكل مادى ملموس، وإنما هى مجرد أكواد على شبكة الإنترنت.

كما أنها تختلف عن النقود الإلكترونية التى عرفها قانون البنك المركزى المصرى بأنها “قيمة نقدية مقومة بالجنيه المصرى أو بإحدى العملات المصدرة من سلطات إصدار النقد الرسمية مستحقة على المرخص له بإصدارها، وتكون مخزنة إلكترونيا ومقبولة كوسيلة دفع”.

ثانيا : إيجابيات وسلبيات العملات الرقمية

لقد تباينت الآراء الإقتصادية بشكل كبير حول إيجابيات ومميزات التعامل من خلال العملات الرقمية إلا أنه  يمكن إجمال الإيجابيات والسلبيات فى الأتى :

أ- الإيجايبات :

1- عدم وجود وسطاء أو طرف ثالث فى المعاملات مما يجعل هذه المعاملات سهلة وسريعة.

2- توفر العملات الرقمية مثل البيتكوين بديلا أرخص وأسرع بكثير من المعاملات النقدية خاصة بالنسبة للشركات أو المستهلكين الذين يقومون بنقل الأموال عبر الحدود أو لمتاجر التجزئة التى تقوم بقبول المدفوعات من الزبائن عبر الانترنت .

3- يمكن القيام بالمعاملات بسهولة من قبل أى شخص لديه هاتف جوال أو متصل بالانترنت.

4- رسوم المعاملات من خلال العملات المشفرة منخفضة جدا مقارنة برسوم معاملات بطاقات الإئتمان.

5- يرى بعض الاقتصاديين أن التعامل من خلال العملات المشفرة يقلل من المخاطر المرتبطة بطرق الدفع عبر الانترنت التقليدية التى من المحتمل أن تستعمل ممن قبل ” الهاكرز” لكشف البيانات الشخصية أو تفاصيل الحسابات المصرفية .

6- غير مرتبطة بدولة أو منطقة معينة، فتلك النقود تتسم بالعالمية حيث تصدر من أحد أو فريق من المبرمجين ليتم تداولها على شبكة الإنترنت دون اعتراف بحدود سياسية أو مناطق جغرافية.

7- تتسم بالسرية، والسرية تنبع من كون تلك العملات ترتبط بمحافظ،وإصدارات، ومنصات تداول جميعها تعتمد على الشفرات المعقدة التى تحميها تكنولوجيا فائقة يصعب اختراقها.

8-المساهمة فى الحد من الاقتصاد غير الرسمي، والنهوض بالقطاع التكنولوجي.

ب- السلبيات :

 1- تهديد الأمن الاقتصادى : ترى بعض الدراسات الحديثة أن العملات الرقمية تشكل تهديدا للبنوك المركزية والجهاز المصرفى فى السيطرة على إصدار العملة والنقود الرسمية بسبب ما يتعلق بها من غموض وسرية وعدم شفافية.

2- عدم وجود لوائح تنظيمية حيث إن عدد كبير من الدول لم تقم بتنظيم سوق العملات الرقمية، فإذا تم الاحتيال أو النصب على المستثمر فى هذا السوق فمن الممكن جدا ألا يتم محاسبة المتسبب فى ذلك فلا يوجد قانون دولى يقر بالعملات الرقمية .

3- التعرض للسرقة والاختراق : يشهد سوق العملات الرقمية تكرار عمليات السرقة والاختراق وهو عامل متكرر من مخاطر هذه العملات فالقرصنة فى هذا المجال تظل تهديدا دائما للمستثمرين خاصة مع التقدم التكنولوجى الهائل والنمو السريع فى وسائل الاتصال أصبح من السهل القيام بعمليات القرصنة بمختلف أشكالها خاصة فى سوق العملات الرقمية والتى تكون فيها جميع المدخلات مشفرة وجميع المتعاملين بغير هويتهم الحقيقية مما يصعب معه اكتشاف هوية من قام الاحتيال أو مكانه.

4- صعوبة الخروج من سوق العملات الرقمية: ففى حالة رغبة المستثمر فى الخروج من سوق العملات الرقمية فإنه يواجه بعض المشاكل، فأغلب منصات تبادل العملات الرقمية لا تسمح إلا بعمليات سحب بالدولار الأمريكى ويوجد جزء قليل منها يسمح لعمليات السحب بالدولار الأوروبى أو الجنيه الإسترلينى أو غيرها من العملات وهو الأمر الذى لا يسمح بتحويل العملات الرقمية إلى تقليدية بسهولة  ، كما يوجد قيد آخر فى بيع العملات الرقمية وهو قبول بيع العملات البارزة فقط فى السوق مثل البيتكوين الأمر الذى يزيد من عبء الخروج من سوق العملات الرقمية.

5- الاستخدام التجارى المحدود للعملات الرقمية.

6- مخاطر استقرار نظام الدفع : والتى يتمثل أبرزها فى عدم إتاحة استعمال المدخرات فى المحفظة الرقمية  فى أى لحظة وهذا فى حالة وجود خلل تقنى يؤدى إلى تعطل منظومة الدفع أو فى حالة القرصنة أو الهجمات الالكترونية على منصات التداول أو فقدان رقم التشفير الشخصى.

7- خطر السيولة : والذى يظهر فى عدم قدرة منظمة العملات الرقمية على توفير لسيولة الكافية لمتطلبات المتعاملين ، لأنها منظمة تعمل بشكل مستقل عن الدائرة الاقتصادية مما يطرح مشكلة عدم تناسب معدلات السيولة فى الدائرة النقدية ومتطلبات الاقتصاديين فى دائرة الاقتصاد الحقيقى .

8- بيئة مثالية لتسهيل عمليات الفساد، وغسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ حيث إنه بمجرد شراء تلك النقود يُمكن لأصحابها تحويلها لأى مكان بالعالم دون رصد أو متابعة ليُعاد تحويلها إلى نقود عادية فى الدول التى تسمح بذلك، ما يسهل وصول الأموال إلى الإرهابيين، ويسهل خروج الأموال الناتجة عن فساد إلى دول الملاذات الآمنة.

9- تُفقد الحكومات قدرتها على إدارة الاقتصاد أو تطبيق أدوات السياسات النقدية والمالية اللازمة لتحقيق النمو واستقرار الاقتصاد والمُعاملات المالية، كما أن منظومة تلك العملات الإلكترونية تحول عن تحصيل موارد الدولة، وتحد من قدرتها على ضبط الأسواق، حيث لا يوجد أى إشراف، أو رقابة حكومية، أو مُراجعة من مؤسسات دولية على آليات إصدار وتداول تلك العملات المُشفرة.

10- عدم وجود جهة يمكن الرجوع إليها حال إضرارها بالأمن والسلم الدوليين، ففى عالم يصدر به نحو 50 عملة رقمية جديدة يوميا أصبحت متابعة نشاط تلك السوق من الصعوبة أن يتم رصد تحركاتها الأمر الذى يجعلها مجالا خصبا لكل الأفعال التى يمكن أن تهدد الأمن والسلم الدوليين سواء من أشخاص، أو تنظيمات إجرامية.

11- لم تصل إلى مرحلة النضج مايجعلها غير آمنة وعرضة للسطو الإلكتروني، فمنظومة إصدار وتداول العملات المُشفرة لا تزال تخضع للتطوير والتغيير السريع، ولا أحد يعلم على وجه اليقين الشكل الذى ستستقر عليه، الأمر الذى يجعلها بمنزلة نقود غير آمنة يمكن أن تنقرض بعضها فى ساعات ويخسر مالكها كل شىء، كما يمكن أن يتعرض للسطو الإلكترونى دون أن يجد من يرجع عليه بما أصابه من أضرار.

12- مجال خصب للمضاربة وخلق فقاعات تجارية، فالمضاربة هى أساس صعود القيمة السوقية لتلك النقود فلا تزال المتاجر الإلكترونية التى تقبل التداول من خلال بعض تلك العملات محدودا جدا ومُتغيرا بصورة تجعل الطلب الحقيقى على تلك العملات أساسه المضاربة وليس التداول والشراء من المتاجر.

 ثالثا : المؤشرات العالمية حول تداول العملات الرقمية

أصدر البنك الدولى وعدد من الدراسات الاقتصادية عددا من المؤشرات حول انتشار العملات الرقمية فى العالم يمكن إجمال أبرزها فى الآتى :

 1- زيادة انتشار العملات الرقمية :

شهدت السنوات الأخيرة زيادة كبيرة فى أنشطة البحث والتطوير الخاصة بالعملات الرقمية للبنوك المركزية حيث تجرى تجربة 15 عملة منها على مستوى العالم بينما وصلت 15 عملة أخرى إلى مرحلة بحثية متقدمة .

المصدر : البنك الدولى

2- تطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية : تمر البنوك المركزية بمراحل مختلفة من التطوير لتقييم مزايا ومخاطر العملات الرقمية التى تصدرها ودراسة أفضل السبل لاستخدامها.

وفي يوليو 2022، كان هناك ما يقرب من 100 عملة رقمية صادرة عن بنوك مركزية تمر بمرحلة البحث أو التطوير، واثنتان صدرتا بشكل كامل، وهما eNaira في نيجيريا، التي أُصدِرت في أكتوبر 2021، والدولار الرملي في جزر البهاما، الذي ظهر لأول مرة في أكتوبر 2020، كما يوضح الشكل التالي:

المصدر : البنك الدولى

3- تدشين جامايكا أول عملة رقمية للبنك المركزي في العالم : أطلقت جامايكا فى يوليو 2022 ،JAM-DEX باعتبارها أول عملة رقمية للبنك المركزي في العالم يتم التصديق عليها رسمياً عملة قانونية، بهدف استخدامها في تسديد المدفوعات الحكومية للعمال الموسميين في منطقتين بالجزيرة الكاريبية، كما تم الاستفادة منها في المدفوعات التي تجرى من خلال برنامج توليد فرص العمل، وهو أول برنامج من بين البرامج الحكومية يستخدم Jam-Dex وسيلة دفع رقمية آمنة ومريحة؛ وذلك لإدراج شرائح السكان التي لم تكن لتمثل في النظام المالى.

4-تطور استخدام العملات الرقمية :

 يتصدر البيتكوين العملات الرقمية يليه البينانز كوين ثم الايثريوم ثم الريبل وذلك على نحو متصاعد سنويا على مستوى دول العالم .

المصدر : موقع Statista 

 5- رأس مال بورصة العملات الرقمية : بلغت القيمة السوقية للبيتكوين – أشهر العملات الرقمية – ذروتها بين عامى 2017 : 2018 إلا أنها تعدت ذلك المقدار فى عام 2020 .

رأس المال فى البورصات العالمية للعملات الرقمية بالمليار دولار أمريكى حتى يوليو (2018)

المصدر : موقع Statista  

6 تطبيق الإمارات استراتيجية “الدرهم الرقمي” : في الثالث من مارس 2023، أعلن مصرف الإمارات المركزي عن بدء تطبيق استراتيجية الدرهم الرقمي، وهي الخطوة التي استُهدف من خلالها تعزيز البنية التحتية للمدفوعات في الدولة عبر توفير قنوات إضافية، وتعزيز الشمول المالي، ومعالجة “نقاط الضعف” المتعلقة بالمدفوعات المحلية والعابرة للحدود، والتحرك نحو مجتمع غير نقدي.

7إطلاق “اليوان الرقمي” في الصين :

 على خلفية تكثيف الاهتمام بالعملات الرقمية للبنوك المركزية، أطلقت الصين في عام 2022 اليوان الرقمي المعروف أيضاً باسم  E-CNY؛ وذلك بعد دخول الحكومة الصينية، من خلال بنكها المركزي (بنك الشعب الصيني)، في شراكة مع البنوك التجارية الكبرى وشركات التكنولوجيا مثل “علي بابا” و”تينسنت” من أجل تطوير واختبار اليوان الرقمى.

8- تدشين الولايات المتحدة مشروع الدولار الرقمي : أطلقت الإدارة الأمريكية في عام 2022 مشروع الدولار الرقمي عملة رقمية مركزية للدولار الأمريكي، وهي العملة التي تعتزم الولايات المتحدة إصدارها؛ وذلك بغية المساعدة في حماية العملة الأمريكية مستقبلاً، والسماح للأفراد والمؤسسات العالمية بتسديد المدفوعات بالدولار بغض النظر عن المكان والزمان، وكذلك تحفيز العملة الأمريكية الرقمية التي من شأنها أن تتعايش مع التزامات الاحتياطي الفيدرالي الأخرى؛ ما يجعلها بمنزلة وسيلة تسوية لتلبية متطلبات العالم الرقمي الجديد وخلق نظام مالي عالمي أرخص وأسرع وأكثر شمولاً.

9 – توزيع حصص رأس المال السوقية للعملات الرقمية الرئيسية فى العالم من 2019 الى   2020 حيث زادت حصص القيمة السوقية لعملة ” بيتكوين ” فى شهر يناير 2019 ويناير 2020 حيث كانت 56.04% فى يناير 2019 وأصبحت 69.85 فى يناير 2020 مقارنة بالعملات الرقمية الأخرى ، كذلك زاد عدد مستخدمى محافظ البيتكوين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة حيث وصل الى أكثر من 46 مليون مستخدم خلال الربع الأخير من عام 2020، كما يوضح الشكل التالي:

10- القيمة السوقية الإجمالية لأكبر 10 عملات افتراضية فى نوفمبر 2020

يلاحظ من الشكل السابق أن البيتكوين سيطر على سوق العملات الرقمية بأكثر من 254.75 مليار دولار أمريكى مقابل 43.3 مليار أمريكي لأثرويوم. .

رابعا : العملات الرقمية فى مصر

لقد شكلت العملات الرقمية جزءا كبيرا من اهتمام الشباب المصرى فى السنوات القليلة السابقة حيث اعتبرها الشباب طريقا سهلا لتحقيق الثراء السريع ، ولجأ إلى تعدين البيتكوين – العملة الرقمية الأشهر –  عدد كبير من الشباب الذين قاموا بالمضاربة فى سوق هذه العملات ومع الأسف أغلبهم حقق خسائر فادحة وهو الأمر الذى تنبهت له الدولة المصرية فقامت بتجريم التعامل بالعملات الرقمية وإتخذت فى طريق ذلك كل السبل والطرق الممكنة والتى كان من أبرزها ما يلى :

1- أصدر البنك المركزى القانون رقم 194 لعام 2020 والذى يفرض عقوبات صارمة بشأن إصدار العملات المشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها دون الحصول على ترخيص.

وأكد البنك حظر تلك العملات حيث قررت المادة (206) من قانون 194 والصادر عام 2020 على أنه “يحظر إصدار العملات المُشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشائها أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المُتعلقة بها بدون الحصول على ترخيص من مجلس الإدارة طبقا للإجراءات التى يحددها القانون”، وقد قررت المادة رقم (225) عقوبة لمن يخالف هذا الحظر تتمثل فى “الحبس والغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه، ولا تجاوز عشرة مليون جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العود يحكم بالعقوبتين معا”.

2- دار الإفتاء تحرم تداول العملات المشفرة : أصدرت دار الإفتاء بيانا أوضحت فيه أن “تداول هذه العملات والتعامل من خلالها بالبيعِ والشراءِ والإجارةِ وغيرها حرامٌ شرعًا؛ لآثارها السلبية على الاقتصاد، وإخلالها باتزان السوق ومفهوم العمل، وفقدان المتعامل فيها للحماية القانونية والرقابة المالية المطلوبة، ولما فيها من الافتيات على وُلاة الأمور، وسلب بعض اختصاصاتهم في هذا المجال، ولِمَا تشتمل عليه من الضررِ الناشئ عن الغررِ والجهالةِ والغشِّ في مَصْرِفها ومِعْيارها وقِيمتها، وذلك يدخلُ في عموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». فضلًا عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطرَ عاليةٍ على الأفراد والدول، والقاعدة الشرعية تقرر أنه “لا ضرر ولا ضرار”.

ولكن على الرغم من الحظر الذى قررته المادة (206) من قانون 194 لعام 2020 لأنشطة النقود المُشفرة، والإلكترونية، فإن المادة فتحت الباب لدخول مصر هذا المجال فى المستقبل عندما ربط النص ممارسة ذلك النشاط بالحصول على تصريح من البنك المركزى، وقد أُعلن فى الآونة الأخيرة العزم على السماح للبنوك بطرح الجنيه الإلكترونى شريطة أن يحتفظ البنك لديه بإيداعات نقدية لا تقل قيمتها عن الوحدات المُصدرة إلكترونيا، ما سيفتح الأفق المستقبلى للتفاعل الناضج مع فكرة إصدار أو التعامل بالعملات المُشفرة ارتباطاً بنضجها المنتظر، والممارسات الدولية التجريبية بشأنها، بحيث يتم ضمان مُقتضيات الأمن القومى بكل أبعاده قبل التفاعل مع تلك النقود.

خامسا : خطوات نحو تداول آمن للعملات الرقمية

 لا يزال سوق العملات الرقمية ناشئا على مستوى العالم، ما يعنى أنه إلى حد كبير فى طور التجربة وإن كانت الدول الكبرى والمؤسسات الإقتصادية الدولية ترى أن سوق العملات المشفرة قادم لا محالة, ولذلك يمكن وضع توصيات لجعل تداول هذ العملات أكثر استقرارا وحماية للأأمن القومى والمصرفى، والتى يمكن إيجازها فى الآتى :

  • تعزيز التنسيق والتعاون الدولي على المستوى التشريعي، حيث يجب على الدول العمل معا لوضع الأطر القانونية الكفيلة بحماية المتعاملين بالعملات الرقمية، وصياغة قوانين تنظم وتضبط إصدار هذه العملات وآليات تداولها.
  • وضع ضوابط صارمة على تداول العملات الرقمية ومنع استخدامها في تمويل الأنشطة غير القانونية، وتمويل العمليات الإرهابية وغسيل الأموال والمخدرات وغيرها
  • التحديث المستمر للأنظمة الالكترونية لحماية منصات ووسائل التعامل مع العملات الرقمية للقضاء على عمليات السرقة والقرصنة.
  • العمل على توعية الشباب بمخاطر استخدام العملات المشفرة وكيفية تداولها بشكل مسئول.
  • إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات التى تتناول مزايا ومخاطر استخدام العملات الرقمية، ومدى تأثيرها على الاقتصاد والمجتمع.
  • يجب على المستثمرين المحتملين فى مجال تداول العملات الرقمية إجراء أبحاثهم الخاصة قبل استثمار أي أموال في هذه العملات
  • استخدام وسائل التواصل الاجتماعى والمناهج الدراسية خاصة فى كليات التجارة وادارة الأعمال واضافة محتوى خاص بطبيعة العملات الرقمية وكيفية استخدامها حتى يكون الخريج على دراية واسعة بها وبأنظمتها عند التعامل مع سوق العمل.
  • تصميم برامج ومواقع محاكاة الكترونية للبورصات الالكترونية والعملات الرقمية لتدريب المتعاملين على التعامل مع هذه العملات بعيدا عن المخاطر المالية وقبل البدء فى بيع أو شراء هذه العملات.

المصادر

  • ايمان عادل عبد المنعم (2023)، اتجاهات الشباب المصرى نحو العملات الرقمية “: دراسة حالة على عملة البيتكوين ، المجلة المصرية لبحوث الرأي العام.
  • وسيم صافي (2022)، العملات الرقمية للبنوك المركزية: المفهوم ودوافع الإصدار، سلطة النقد الفلسطينية، دائرة الأبحاث والسياسية النقدية.
  • أحمد يحيى محمد (2021)، العملات الرقمية نشأتها وتطورها ومخاطر التعامل فيها، المجلة العلمية لكلية التجارة، أسيوط.
  • دراسة مستقبل العملات الافتراضية ” الفرص والتحديات ” ، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.
  • وليد عبد الرحيم جاب الله، العملات الرقمية وتحديات الأمن والإقتصاد القومى، مجلة السياسة الدولية.
  • موقع البنك الدولى
  • موقع بلومبيرج الاقتصادى
  • موقع سى ان ان الاقتصادية

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى