كشف الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاح عدد من المشروعات السكنية بمدينة بدر، عن تفاصيل تحركات الحكومة لتعديل منظومة دعم الخبز.
وأضاف، أن منظومة رغيف الخبز لابد من تعديلها، متابعًا: «الرغيف عندما كان يباع بقرشين كانت تكلفته 18 قرشا.. وهو الآن يباع بخمسة قروش بينما تكلفته 65 قرشا؛ ما يؤكد أن تكلفة صناعته ارتفعت، وعدد المستفيدين منه ازداد؛ بينما ظل السعر ثابتاً ” وأعلن الرئيس عن تكليف وزير التموين بدراسة منظومة رغيف الخبز الجديدة. وقد اثارة تلك التصريحات حالة من الجدل في المجتمع المصري باعتبار ان قضية الخبز من القضايا شديدة الحساسية بالنسبة للمواطن البسيط
ويذكر أن مصر قد قلصت وزن رغيف الخبز المدعوم 20 جراما في عام 2020 مما يسمح للمخابز بزيادة عدد أرغفة الخبز المدعوم التي تنتجها من جوال الدقيق الذي يزن 100 كيلوجرام. كما خصصت 87.8 مليار جنيه (5.59 مليار دولار) في ميزانية عام 2021/2022، لدعم السلع ودعم المزارعين.
دراسة حديثة للمنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية حول الخبز المدعم
تستقصي الدراسة مسألة رغيف الخبز من خلال استطلاع آراء المواطنين — من مختلف الفئات الاجتماعية اقتصاديًّا، ومهنيًّا، وجغرافيًّا — في الاتجاه نحو رفع سعر رغيف الخبز، والتداعيات المختلفة التي من الممكن أن تترتب على هذا القرار، والبدائل المقترحة، وقد جرى الاستطلاع بشكل مباشر من خلال بطاقة استبيان موحدة توضح المستوى المعيشي والمستوى المهني لفرد العينة، مع الأخذ بمجموعة من الأدوات الأخرى مثل تتبع الآراء عبر وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي.
حجم عينة الدراسة:
تمثل حجم عينة الدراسة 3000 فرد جرى توزيعها على الأقاليم الجغرافية المصرية كما يلي:
- القاهرة الكبرى: 750
- الإسكندرية والوجه البحري: 1100
- إقليم القناة: 400
- الوجه القبلي: 750
مدى اعتماد المواطن بشكل فعلي على رغيف الخبر المدعوم.
وكشفت الدراسة إن 53.3% من حجم العينة لا يستخدمون رغيف الخبز المدعوم نهائيًّا، ولديهم بدائل أخرى ففي المدن يتم الاعتماد على الخبز السياحي بينما في القرى والأرياف يتم الاعتماد على الخبز المصنع في المنازل
الخبز «السياحي» (في صدارة البدائل في المدن)
وأشارت الدراسة أيضا ان سبة 19.7% يستخدمونه كثيرًا وان 20% من العينة يستخدمونه دائمًا، ونسبته 7 % يستخدمون الرغيف المدعوم أحيانًا،
توجهات الرأي حول توقيت الإعلان
أشارت الدراسة إلى أن نسبة 40% قالوا من غير المناسب فتح الملف في ظل الظروف المعيشية والتي فاقمتها أزمة انتشار فيروس كورونا؛ بينما قالت نسبة 26.6% إن فتحه غير مناسب، وكان بالإمكان التأجيل، فيما قالت نسبة 6.8% إنه يمكن أن يوضع في قائمة الملفات الملحة؛ مما يعني تأجيله، ولو مرحليًّا مع عدم إهماله.
وكان من بين المبررات أن الملفات التي تمثل أعباء على الأسرة المصرية باتت متعددة وفي مقدمتها البطالة خاصة داخل الأرياف بحيث صار الأمر “لا مال ولا وظيفة ولا طعام”
في المقابل، قالت نسبة 26.6% إن فتح الملف ضروري للغاية؛ لوقف إهدار المال العام
بدائل تمويل منظومة التغذية المدرسية
تناولت كذلك الدراسة التي اجراها المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية البدائل المطروحة لتمويل قضية التغذية المدرسية التي بسببها تم طرح قضية رفع سعر رغيف الخبز المدعم وذكرت الدراسة ان 46.6% قالوا ان البدائل كثيرة، فيما قالت نسبة 20% إن البدائل موجودة إلى حد كبير ويمكن ان تتمثل في
ترشيد الانفاق الحكومي / فتح ملفات الفساد (التهرب الضريبي – بيع أراضي الدولة بأسعار منخفضة دون قيمتها الحقيقية – الميزانيات المبالغ فيها للمنتخب الوطني لكرة القدم دون تحقيق مردود مادي أو معنوي مناسب) بما يوفر التمويل المطلوب / إعادة توجيه التمويل المخصص لبعض المشروعات الكبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة لمعالجة ملفات أكثر إلحاحًا في مقدمتها الحالة المعيشية للمواطنين / زيادة الضرائب على الشركات الخاصة الكبرى.
في المقابل، قالت نسبة 23.3% إن البدائل قليلة، بينما ذكرت نسبة 10.1% أن البدائل غير موجودة
القرار بين التأييد والرفض
وقد اثار هذه الاتجاه اتجاه رفع سعر رغيف الخبز المدعم حالة من الجدل حيث سجلت نسبة 46.6% رفض تام، اما 13.4% من العينه فرفضت مع تفهم؛ لان الرغيف المدعوم هو الملاذَ الأخير أمام المواطنين الأكثر فقرًا، أو الأقل دخلًا للحصول على الحد الأدنى من المواد الغذائية الضرورية للجسم.
في المقابل ايد 30% تأييد تام، و 10% تأييد مشروط؛ لأن الدولة تدعم رغيف الخبز؛ بحيث يباع بـ 8% فقط من سعره، ولكن هذا الدعم لا يذهب لمستحقيه؛ حيث يجري استخدام الرغيف كعلف للحيوانات، وغذاء الدواجن؛ بما يجعل المبلغ المقدم لدعمه هدرًا للمال العام، لا يتفق مع ضرورات الإصلاح الاقتصادي، ويعد تحسين جودة الرغيف ونوعيته من بين الأمور المتوقعة بعد الرفع المحتمل لسعر الرغيف؛ حيث سيترافق رفع السعر بالضرورة مع تحسين جودة رغيف الخبز.
إمكانيات الدولة للتعامل مع التحديات المحتملة للقرار
وأكدت الدراسة أيضا ان نسبة 40% من حجم العينة ترى أن الحكومة لن تكون قادرة إلى حد كبير على التعامل مع التحديات الناتجة على القرار، بينما أشارت 24% إلى أن الحكومة لن تكون قادرة تمامًا، ويرجع ذلك ان القرار له تداعيات معيشية ليس لدي الحكومة مخرجا لها بشكل فوري.
في المقابل قالت نسبة 16% إن الحكومة سوف تكون قادرة تمامًا على التصدي لأية تحديات، بينما ذكر 20% إن الحكومة سوف تكون قادرة إلى حد كبير على التصدي للتداعيات. ويرجع ذلك إلى أن الدولة تطبق سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تسير بوتيرة إيجابية متسارعة، لاقت الإشادة الدولية؛ مما يعني نجاحها في التصدي لتبعات تلك السياسات، وما تفرضه من تحديات مجتمعية واقتصادية هائلة؛ الأمر الذي يعني ضمنًا أن الدولة سوف تتمكن من التصدي لتبعات القرار المتوقع برفع سعر رغيف الخبز المدعوم بالنظر إلى أن ذلك يمثل – في أصله – أحد قرارات سياسات الإصلاح الاقتصادي
التداعيات المتوقعة في حالة رفع سعر رغيف الخبز المدعوم
هذا وقد احتلت التداعيات الاجتماعية لاتجاه رفع سعر رغيف الخبز المدعم المرتبة الأولي بنسبة (40%) نظرًا إلى أن القرار المحتمل يؤشر لدى بعض شرائح العينة إلى وجود حالة من التمييز لدى الدولة بين الفئات الفقيرة والفئات الثرية لمصلحة الأخيرة في تمويل فاتورة الإصلاح الاقتصادي.
بينما حلت التداعيات الصحية في المرتبة الثانية بنسبة (25%)؛ لما يعنيه ذلك من خصم جزء كبير من صنف غذائي، يراه الكثيرون يحوي مواد غذائية مفيدة بما يجعله بديلاً عن بعض أصناف غذائية أخرى ارتفعت أسعارها.
وجاءت التداعيات الاقتصادية العامة والمعيشية العامة المرتبة الثالثة بنسبة (20%)؛ (10%) على التوالي؛ لأنها تعني ارتفاع أسعار بعض السلع الأخرى من بينها الشطائر الشعبية التي تقدمها بعض المطاعم الشعبية باستخدام الرغيف المدعوم المتسرب إليها.
وكانت التداعيات الأمنية الأقل احتمالًا بين التداعيات الممكنة للقرار المحتمل بنسبة (5% )؛ ما يؤشر إلى إحساس المواطن بأن الدولة تسيطر تمامًا على الشارع المصري أمنيًّا؛ بما يمنعه من الانفلات
حجم الاهتمام بالموضوع على شبكات التواصل المختلفة
ونظرا لان وسائل التواصل الاجتماعي باتت أحد اهم وسائل قياس رد فعل الشارع المصري تجاه أي قضية جماهيره فقد انصب التركيز على ردود الفعل في وسائل الإعلام على الحسابات الموثقة لشخصيات معروفة، وحسابات يتجاوز متابعيها 50 ألف متابع. وكان التركيز على مواقع “توتير”، و”فيس بوك”، و”إنستجرام”. وجرى رصد 200 تغريده وتعليق على المواقع الثلاثة، وكان موقع “فيس بوك” من أكثر المواقع التي تفاعل عليها رواد مواقع التواصل.
جاءت منصتا “فيس بوك” وتوتير” من أعلى منصات التواصل الاجتماعي اهتمامًا بالحدث
النقاط التي ركز عليها الاتجاه المؤيد بشبكات التواصل الاجتماعي
ورصدت الدراسة رأى المؤيدون والمعارضون وقال المؤيدون ان الدولة المصرية في حاجة إلى مثل هذا القرار في هذا التوقيت؛ لأن بند دعم الغذاء كان تاريخياً يمثل نحو 20 إلى 25% من إجمالي فاتورة الدعم. وهو رقم كبير ومرهق للموازنة العامة للدولة وبرهنوا على ذلك بان ثقافة المصريين مرهونة برغيف العيش؛ وهو ينبغي ان يتغير لمصلحة المواطنين ومصلحة الدولة؛ فالقرار تأخر كثيرًا؛ خاصة مع ارتفاع أسعار أغلب السلع خلال السنوات الماضية ، ايضا رأى المؤيدون ان أغلب الشعب المصري لا يأكل الخبز المدعوم بسبب تدني جودته؛ فينتهي به الحال طعامًا للطيور المنزلية في الريف المصري؛ بما يجعل تحسين الجودة مع زيادة سعره بشكل معقول في مصلحة المواطن، أيضاً رأى المؤيدون كذلك ما يتم توفيره من فاتورة دعم الخبز سيذهب الجزء إلى تحسين الوجبة المدرسية المقدمة لتلاميذ المدارس،
النقاط التي ركز عليها الاتجاه المعارض بشبكات التواصل الاجتماعي
وفى المقابل انتقد المعارضون توجيه الكثير من موارد الدولة للإنفاق على المشروعات الضخمة خاصة مع تردي منظومتي الصحة والتعليم، في الوقت الذي تنفق فيه الدولة مبالغ بالمليارات على بناء عاصمة جديدة وشبكة للقطارات السريعة وقطار كهربائي ستنفذه شركة سيمنز الألمانية وسيتكلف نحو 360 مليار جنيه مصري أي ما يعادل 23 مليار دولار.
وانه لا داعي للاقتراب من رغيف الخبز الذى يعيش علية البسطاء والمعدمون وإن الجزء الأكبر من الدعم كان يذهب للوقود، وقد تم رفعه تماما واصبح الوقود الان يباع وفقا للسوق العالمي وإن القرار في حال تطبيقه عبث بحياة المصريين ولن يتأثر به سوى الطبقات المطحونة.
توصيات الدراسة
وفى نهاية الدراسة تم وضع مجموعة من التوصيات لصانع القرار والجهات التنفيذية قبل اتخاذ أي قرار تجاه رفع سعر رغيف الخبز المدعم وجاءت اهم تلك التوصيات كالتالي: –
- ضرورة رسم سياسات تضمن توافر رغيف الخبز للأفراد الأقل دخلًا، أو الأكثر فقرًا في المجتمع لضمان حصولهم على الحد الأدنى من المكونات الغذائية اللازمة لعيشهم حياة كريمة، ولضمان عدم حدوث انفجار اجتماعي، ولو بشكل جزئي أو محدود.
- العمل على تحسين جودة رغيف الخبز بعد رفع سعره؛ ليشعر المواطن أن رفع السعر قد ترافق مع تحسين المنتج.
- توفير الوجبات الغذائية المدرسية بالمواصفات التي أعلن عنها الرئيس المصري؛ لأن عدم توفيرها بالشكل الملائم سوف يؤثر سلبًا على مصداقية المبررات التي ساقتها الدولة لرفع سعر رغيف الخبز المدعوم.
- تكثيف مراقبة منافذ بيع الخبز المدعوم منعًا لتسرب الدقيق المدعوم؛ حيث يعتبر ذلك من أبرز عوامل هدر الدعم المقدم لرغيف الخبز.
- إجراء حوار مجتمعي حول القرارات المحورية التي تمس حياة المواطنين؛ وفي مقدمتها سعر رغيف الخبز المدعوم، والعملية التعليمية، منعًا لأي انفجار مباغت غير متوقع خاصة من جانب الطبقة الوسطى؛ فعلى الرغم مما تظهره النتائج من أن المجتمع – حسب الدراسة – يستبعد التداعيات الأمنية، فإن الطبقة الوسطى لها تاريخ من التحركات الفجائية الحادة.