معدلات تجنيد الأطفال فى العالم “مفزعة”..والوضع يزداد سوءا
الكونغو الديمقراطية الأعلى تجنيدا للأطفال..وجرائم الحوثي بحقهم مستمرة
شهد المجتمع الدولي فى السنوات القليلة الماضية تنامي غير مسبوق لظاهرة تجنيد ومشاركة الأطفال في الحروب والنزاعات الدولية وغير الدولية، والتى أخذت منحى خطير جراء تصاعد النزاعات خاصة في الدول التي تعاني من اضطرابات سياسية أو عرقية كما هو الحال فى بعض دول القارة الإفريقية والآسيوية وأمريكا الجنوبية حيث تلجأ الميليشيات المسلحة والقوات شبه العسكرية بل وبعض القوات الحكومية، إلى تجنيد الأطفال وتدريبهم لاستخدامهم في مهمات عسكرية ولوجيستية مختلفة.
وعلى الرغم من المعاهدات والقوانين والقرارات الدولية التى تم اتخاذها لمنع وتجريم مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة، كونها جريمة تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان الأساسية، إلا أنها لم تتمكن من الحد من تفشي الظاهرة التى وصفتها تقارير المنظمات الدولية على أنها “مفزعة”، ليُصبح العالم فى انتظار أجيال من الأطفال والشباب على مستوى من العنف والإرهاب أشد مما يشهده العالم اليوم.
وانطلاقا من خطورة هذه الظاهرة، يسلط هذا التقرير الضوء على جوانبها المختلفة، وما إذا كانت تقتصر على المناطق المنكوبة بالنزاعات أم لا، والأسباب وراء ظهورها وتفاقمها، والطرق التى تتبعها التنظيمات الإرهابية لتجنيد مزيد من الأطفال، فضلا عن أبرز الأرقام المتعلقة بالظاهرة وأكبر الدول تسجيلا لمعدلات التجنيد، وما إذا كانت الأمم المتحدة قد أخفقت فى حماية الأطفال من المشاركة فى الحروب والنزاعات المسلحة.
من هم الجنود الأطفال؟
غالبًا ما يُشار إلى الأطفال الذين يتمّ تجنيدهم واستخدامهم في النزاعات المسلحة في جميع أنحاء العالم على أنهم “الجنود الأطفال”، ولكن المصطلح الأكثر دقّة هو “الأطفال المرتبطون بالقوات المسلحة والجماعات المسلحة”.وتُعرف المفوضية الأوروبية مصطلح “الجنود الأطفال” بأنهم “الأشخاص الذين لم تتجاوز أعمارهم 18 سنة وسبق أن شاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في الصراع العسكري المسلح”.
هل ظاهرة تجنيد الأطفال حديثة؟
إن ظاهرة مشاركة الأطفال وتجنيدهم في النزاعات المسلحة قديمة قدم الإنسان وتعود جذورها إلى فترات ما قبل الميلاد واستمرت على مر العصور في حضارات وثقافات عديدة ضاربة عرض الحائط بأى قوانين تُجرمها ومحاولات جادة للقضاء عليها.
وفى التاريخ الحديث وخلال الحرب العالمية الأولى، تمكّن 250 ألف طفل دون سن الـ 18 من الانضمام إلى الجيش في بريطانيا العظمى، وفي الحرب العالمية الثانية، قاتل الجنود الأطفال في جميع أنحاء أوروبا، خاصة في انتفاضة وارسو عام 1944، وفي حركات المقاومة الشعبية ضد النازيين الذين احتلوا غالبية اوروبا، كما شكل هتلر قوات من الأطفال تحت اسم “شباب هتلر ” والتى شكلت القوة الأساسية فى معركة الدفاع عن برلين عام 1945.
ولكن هذه الظاهرة تحولت إلى كارثة مع تنامي ظهور الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة العنيفة التي يتقدمها تنظيم “داعش” فى العراق وسوريا و”القاعدة” فى أفغانستان واليمن، و”حركة الشباب” فى الصومال، و”بوكو حرام” فى نيجيريا وبعض دول غرب إفريقيا، وغيرها الكثير من الجماعات الإرهابية التى تُتقن تجنيد الأطفال من خلال برامج مثل “أشبال التنظيم” و”الأطفال المفخخة” لضمان استمرارية أفكارهم المتطرفة لأجيال متعاقبة، والاعتماد عليهم في تنفيذ هجماتهم، في ظل تزايد الضربات الأمنية ضدهم والهزائم المتتالية التى أدت إلى تناقص أعداد المسلحين خلال السنوات الأخيرة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن تجنيد الأطفال لا يقتصر على المناطق المنكوبة بالنزاعات، فهناك أعداد متزايدة من الأطفال يرحلون من دولة إقامتهم إلى المناطق التى تسيطر عليها الجماعات الإرهابية والجماعات المتطرفة العنيفة بُغية الانضمام إليها، وقد يرحل هؤلاء مع أسرهم أو بمفردهم، وغالبا ما يكون من الصعب الحصول على بيانات شاملة عن مشاركتهم فى الأعمال العدائية.
دوافع اللجوء لتجنيد الأطفال
يتم تجنيد الأطفال للمشاركة في النزاعات المسلحة لأسباب تختلف باختلاف ساحة المعركة وطبيعة التنظيم، ويمكن تقسيمها كالتالي:
1- أسباب اجتماعية : مثل التفكك الأسري وفقدان التوجيه، والتعثر الدراسي ، وانتشار الجهل والأمية، إلى جانب الانتماء العشائري والقبلي وتقديم الولاء للقبيلة على الانتماء للوطن والإحساس بالفوارق الاجتماعية والإيمان ببعض الأفكار المتطرفة.
2- أسباب اقتصادية: يتم تجنيد الأطفال لكونهم أقل تكلفة من تجنيد الكبار، كما أن انتشار الفقر يجبر الأسر على تجنيد أطفالهم لكسب المال، إلى جانب أن التفاوت في الثروات بين القبائل وهيمنة عناصر قبلية على مفاتيح اقتصادية مؤثرة، يجعلها ذات تأثير كبير على باقي القبائل والأطفال لديها.
3- أسباب سياسية وأمنية : استخدام الأطفال كدروع بشرية يحقق للتنظيمات الإرهابية مكاسب سياسية، فضلا عن الدعاية لكسب تعاطف العامة، فالأطفال تُعد المخزون الاستراتيجي للتنظيمات الذى يضمن لها البقاء فترات أطول. كما أنه يتم استخدامهم كوسيلة لخداع الأجهزة الأمنية، فمن خلال تجنيد الأطفال تستطيع الجماعات الإرهابية أن تُخفي عناصرها لصعوبة تتبع الأمن للأطفال فهم أقل إثارة للشبهات، فضلا عن أن الضربات الأمنية المتتالية للتنظيمات أفقدتها عناصر كثيرة يحل الأطفال المسلحون محلها.
كما أن فقدان الحكومات للسيطرة على بعض المناطق داخل الدول يجعلها بيئة خصبة لسيطرة التنظيمات الإرهابية، فضلا عن تراجع نفوذ الدول وعدم قدرتها على إدارة الصراعات الناجمة بين مجموعات عرقية والتى تنجح الجماعات الإرهابية فى توظيفها لفرض سيطرتها وتجنيد مزيد من الأطفال.
4 – أسباب تتعلق بطبيعة الأطفال أنفسهم: سهولة التأثير عليهم واستقطابهم، فنظرا لصغر سنهم وقلة إدراكهم، يسهل التغرير بهم، كما يسهل تخويفهم والسيطرة عليهم أكثر من البالغين، وإجبارهم على أن يصبحوا أذرعا للتنظيمات والجماعات الإرهابية، لاسيما مع ظهور أسلحة خفيفة الوزن وسهلة الاستعمال، وهو ما جعل تسليحهم وتدريبهم أسهل مما كان عليه في أي وقت مضى.
أشكال تجنيد الأطفال:
يأخذ تجنيد واستخدام الأطفال من قبل القوات والجماعات المسلحة شكلين مختلفين الأول: المشاركة بالأعمال القتالية بشكل مباشر، واستغلالهم فى زرع المتفجرات وتنفيذ الهجمات الانتحارية، والثاني: المشاركة بأدوار مساندة مثل العمل كحمالين أو حراس أو جواسيس أو لأغراض جنسية أو كممرضين للاعتناء بالجنود المرضى وعلاجهم
كيف يتم تجنيد الأطفال؟
تبدأ السمات الاجتماعية لدى الأطفال فى المرحلة العمرية ما بين 7 أعوام و12 عاماً فى التشكل حيث يكتسبوا كثيرا من المفاهيم والاتجاهات والقيم والتى تنعكس على سلوكهم، ولهذا يصبح الأطفال صيدا سهلا للجماعات الإرهابية لتوجيههم وإكسابهم اتجاهات متطرفة وزرع قيم وعادات من خلال طرق وحشية، والتلاعب فى عقولهم ورسم صورة وكأنهم أبطال لاسيما وأنهم يتمتعون بخيال واسع وغير منطقي فى كثير من الأحيان.
فمن خلال مواقع التواصل الاجتماعي يسهل تجنيد الأطفال وتدريبهم، وعن طريق استخدام بعض الألعاب الإلكترونية التى تزخر بأعمال العنف والقتل والإحراق، يتم إكسابهم ميول نحو العنف بأنواعه المتعددة على اعتبار أنه وسيلة مضمونة لتحقيق مطالبهم، والخطورة هنا تكمن فى صعوبة إعادة تصحيح ما لديهم من مفاهيم واتجاهات تتسم بالعنف والتطرف.
وقد تلجأ بعض التنظيمات إلى اختطاف الأطفال وإجبارها على الانضمام لصفوفها حيث بلغت على سبيل المثال لا الحصر حالات اختطاف الأطفال الموثّقة أعلى معدل لها في الصومال، يتبعها جمهورية الكونغو الديمقراطية والبلدان الواقعة في حوض بحيرة تشاد (تشاد ونيجريا والكاميرون والنيجر)، وذلك وفقا لبيانات صادرة عن اليونيسف.
كما يتم إخضاع الأطفال لنظام تعليمي ديني ليتبنوا بموجبه الفكر الجهادي التكفيري ويزداد روسخا فى عقولهم كلما تقدم بهم العمر، وخير دليل على ذلك سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا على مئات المدارس وتغيير المناهج لتتناسب مع عقيدة التنظيم الإرهابي وتحث على الكراهية والتطرف، وهو ما يعني أن الأجيال الجديدة من الأطفال السوريين، يفقدون هويتهم الوطنية وينشئون على أفكار تُشجع على العنف ويصبحون فى المستقبل أنصار التكفير والتفجير.
أرقام صادمة
كشف تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” عام 2019 بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الموثوقة، عن أن حوالى 350 ألف طفل تتراوح أعمارهم من 10 إلى 18 عاماً يشاركون في النزاعات والحروب، معظمهم في دول اليمن، ليبيا، نيجيريا، سوريا، العراق، الصومال، بإجمالي 270 ألف طفل تقريباً، ويتوزع الباقون – 80 ألفاً – في دول أمريكا الجنوبية، والعمق الإفريقي ودول آسيوية.
بينما رصدت منظمة الصليب الأحمر خلال العمل في اليمن وليبيا والعراق وسوريا أكثر من 200 ألف طفل تم استغلالهم من طرف تنظيمات القاعدة وداعش، والميليشيات الأخرى مثل الإخوان والحوثيين.
ووفقا لدراسة تطور ولاية “الأطفال والنزاع المسلح” بين عامي 1996-2021، فإن أكثر من ثلث جميع الانتهاكات الجسيمة التي حدثت منذ 2005 تضمنت تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل أطراف النزاع. وبحسب آخر تقرير سنوي للأمين العام عن “الأطفال والنزاع المسلح: في عام 2020″، جنّدت القوات المسلحة أكثر من 8,500 طفل، من بين هؤلاء الأطفال كان 85 % من الأولاد في الخطوط الأمامية. واستُخدمت الفتيات بشكل أساسي في أدوار داعمة، بما في ذلك التنظيف أو الاستعباد الجنسي أو زواج الأطفال.
وأوضحت بيانات وإحصائيات اليونيسف لعام 2020 أنه بين عامي 2005 و2020، تم التحقق من أكثر من 266,000 انتهاك جسيم ضد الأطفال، ارتكبتها أطراف النزاع في أكثر من 30 حالة نزاع في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية.
ومما لا شك فيه أن العدد الفعلي أعلى بكثير لأن القيود المفروضة على هؤلاء الأطفال، فضلا عن العار والألم والخوف الذي يعاني منه الناجون غالبا ما يعوق الإبلاغ عن هذه الانتهاكات وتوثيقها والتحقق منها.
الكونغو الديمقراطية الأعلى تجنيدا للأطفال
وميليشا الحوثى تواصل جرائمها بحقهم
كشفت منظمة اليونيسف فى تقرير لها عام 2021 أن غرب ووسط إفريقيا أكثر مناطق العالم تجنيدا للأطفال، مع أكبر عدد من القصر الذين عانوا من العنف الجنسي فى العالم، حيث يفيد التقرير إلى أن أكثر من 21 ألف طفل تم تجنيده من قبل الجماعات المسلحة غير الحكومية في منطقة بوركينا فاسو، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وذلك طيلة السنوات الخمس الماضية، بينما تعرض أكثر من 2200 طفل للعنف الجنسي. كما أشار التقرير إلى أن الفتيات يُمثلن نحو 40% من عدد من تم تجنيدهم أو اختطافهم من قبل الجماعات المسلحة.
ومن جانبها، أوضحت المديرة الإقليمية لليونيسف لغرب ووسط إفريقيا، ماري بيير بويرير، أن جمهورية الكونغو الديمقراطية سجلت أعلى معدلات تجنيد الأطفال فى العالم، مؤكدة أن هذه الظاهرة فى تسارع مستمر فى مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، وأن “الوضع من سيء لأسوأ”.
ووفقا لتقرير اليونيسف فإن المختطفون من بين الأطفال فى منطقة غرب ووسط إفريقيا يُقدرون بأكثر من 3,500 طفل وهو ما يجعلها ثاني أكبر منطقة فى العالم من حيث عدد عمليات الاختطاف.
فى حين ذكر تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء أن أربع دول وهي :سوريا واليمن والصومال والكونغو الديمقراطية، تضم أكبر عدد من الأطفال المجندين فى العالم. وكان تقرير لمكتب حقوق الإنسان بصنعاء قد كشف عن أن ميليشيا الحوثي جندت 9 آلاف و500 طفل منذ بدء الحرب التي أشعلتها عام 2014، واستخدمتهم وقودا في معاركها القتالية، مستغلة المدارس والمراكز الصيفية ونفوذها في المؤسسات التعليمية في جريمة تجنيد الأطفال.
وذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة حول اليمن فى يناير 2022، أن معلومات الخبراء الأمميين أكدت أن حوالي 2000 طفل يمني جندهم الحوثيون، لقوا حتفهم في ساحة القتال بين يناير 2020 ومايو 2021.
تركيا متورطة فى تجنيد الأطفال
تشمل قائمة الدول المصنفة بدعم تجنيد الأطفال 15 دولة، تضم 5 دول عربية وهي العراق، وليبيا، والصومال، وسوريا واليمن، و 4 دول إفريقية وهي جنوب السودان وجمهورية الكونغو ونيجيريا ومالي و4 دول في آسيا وهي أفغانستان وإيران وباكستان وميانمار، وفنزويلا من أمريكا اللاتينية، ولأول مرة يتم إدراج تركيا ضمن قائمة الدول المصنفة بدعم تجنيد الأطفال، وذلك وفق التقريرالسنوى لوزارة الخارجية الأمريكية “الاتجار بالبشر 2021″، والذى يغطى الفترة ما بين 1 أبريل 2020 و31 مارس 2021.
ووفقا للبيان، تم إدارج تركيا ضمن القائمة نظرا لدعمها ” لفرقة السلطان مراد”، وهي جماعة مسلحة غير تابعة للدولة تقوم بتجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود.
المواثيق الدولية في مواجهة تجنيد الأطفال
– حظر تجنيد الأطفال في ضوء بروتوكولي جنيف ( لسنة 1977) حيث نص البروتوكولان على حظر تجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة وإشراكهم في الأعمال العدائية.
– اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 والتى تضمنت سن الخامسة عشرة كحد أدنى للاشتراك فى الأعمال العدائية.
– تم اعتماد مبادئ كيب تاون في عام 1997 التي تنص على منع تجنيد الأطفال وتسريح المجندين منهم، والمساعدة في إعادة إدماجهم في المجتمع.
– البروتوكول الملحق باتفاقية حقوق الطفل، بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة لسنة 2000 حيث رفع سن التجنيد الإجباري إلى الثامنة عشرة ودعا الدول إلى رفع الحد الأدنى للتجنيد الطوعي إلى ما يزيد على 15 سنة. وشدد على أن الجماعات المسلحة لا ينبغي لها أن تستخدم الأطفال دون سن الثامنة عشرة في أي حال من الأحوال ودعا الدول إلى معاقبة هذه الممارسات جنائياً.
تجنيد الأطفال من جرائم الحرب
حظي الأطفال بحماية خاصة من قبل المحكمة الجنائية الدولية التي اعتبرت أن تجنيدهم إجباريا أو طواعية من جرائم الحرب في حالة النزاع المسلح الدولي وغير الدولي.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من الاتفاقيات الدولية التي نصت على حظر استغلال الأطفال منها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 لسنة 1973 التي تمنع تشغيل الأطفال قبل نهاية مرحلة التعليم الأساسي، وأيضا اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 لسنة 1999 التي تحرم تشغيل الأطفال في ظروف صعبة، والاتفاقية الإفريقية لحقوق الإنسان في المادة 22 منها والتى تمنع تجنيد الأطفال في كل من النزاعات والأزمات.
وعلى الرغم من تلك المعاهدات والقرارات الدولية التى تحظر مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة، إلا أنها لم تتمكن من الحد من تفشي ظاهرة تجنيد الأطفال فى ظل تسجيل المنظمات الدولية لارتفاع “مُفزع” للظاهرة خاصة فى الآونة الأخيرة.
هل أخفقت الأمم المتحدة فى حماية الأطفال من المشاركة فى الحروب والنزاعات المسلحة؟
هناك إخفاق واضح داخل منظومة الأمم المتحدة فيما يتعلق بحماية الأطفال من المشاركة فى النزاعات المسلحة حيث كان تركيز المجتمع الدولي على رد الفعل للحالات التي يُستخدم فيها الأطفال كجنود وعلى نزع السلاح والتسريح والتأهيل وإعادة الدمج، وليس على القضاء على جريمة استخدام الجنود الأطفال وكأنه يحاول إصلاح ضرر المتضريين بدلا من الحماية من وقوع الضرر.
والدليل على قصور الجهود الحالية لمنظومة الأمم المتحدة في معالجة استخدام الجنود الأطفال هو نقص الاهتمام الموجه لحماية الأطفال، ومنع تجنيد واستخدام الأطفال في النزاع المسلح في اتفاقات السلام ، فمنذ اعتماد اتفاقية حقوق الطفل في عام 1989، تم التوقيع على 180 اتفاقا للسلام بين الأطراف المتحاربة ومن هذه الاتفاقات، احتوت 10 اتفاقات فقط على أحكام بشأن المحاربين الأطفال.
وختاما، وأمام هذه الحقائق والأرقام الصادمة، يدق ناقوس الخطر جرّاء تعرض آلاف الأطفال لانتهاكات جسدية ونفسية من خلال عمليات التجنيد، فى ظل تراخي المجتمع الدولي وعدم وجود استجابات جادة لمنع هذه الظاهرة التي تشكل انتهاكاً للقوانين الدولية.
ولهذا ينبغي للمجتمع الدولي أن يتخذ الإجراءات اللازمة لدعم ومساندة الدول في حربها ضد الإرهاب بهدف قطع الطريق على محاولات التنظيمات الإرهابية تجنيد الأطفال، وتشريع قوانين أكثر صرامة لمساءلة المسئولين عن عمليات التجنيد، مع اتخاذ تدابير ملموسة وفعالة نحو إعادة تأهيل ودمج الأطفال الجنود الذين اشتركوا في العمليات العسكرية في المجتمعات المختلفة، إلى جانب النهوض بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية التي تدفع بهؤلاء الأطفال للمشاركة في النزاعات المسلحة، وضرورة تكاتف جهود الأجهزة الأمنية والمؤسسات التربوية وأجهزة الإعلام لتحجيم سقوط الأطفال في يد المتطرفين والإرهابيين.