أنشطة وفاعليات Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/أنشطة-وفاعليات/ Egypt Sat, 07 Jan 2023 12:25:29 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.3 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 أنشطة وفاعليات Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/أنشطة-وفاعليات/ 32 32 205381278 سلسلة أوراق سياسات “دراية” تطور أداء الاقتصاد المصري في ضوء التحديات الدولية. https://draya-eg.org/2023/01/07/%d8%b3%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a9-%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%a7%d9%82-%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%af%d8%b1%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%b7%d9%88%d8%b1-%d8%a3%d8%af%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%b6%d9%88%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9/ Sat, 07 Jan 2023 12:04:33 +0000 https://draya-eg.org/?p=6238 The post سلسلة أوراق سياسات “دراية” تطور أداء الاقتصاد المصري في ضوء التحديات الدولية. appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>

The post سلسلة أوراق سياسات “دراية” تطور أداء الاقتصاد المصري في ضوء التحديات الدولية. appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6238
مجلة “دراية”.. المجلة العلمية للسياسات العامة ودراسات التنمية https://draya-eg.org/2022/12/10/%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%a9-%d8%af%d8%b1%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7/ Sat, 10 Dec 2022 11:44:32 +0000 https://draya-eg.org/?p=5988 The post مجلة “دراية”.. المجلة العلمية للسياسات العامة ودراسات التنمية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>

The post مجلة “دراية”.. المجلة العلمية للسياسات العامة ودراسات التنمية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
5988
ظاهرة الطلاق فى مصر..الأسباب والتداعيات وسُبل المواجهة https://draya-eg.org/2022/10/21/%d8%b8%d8%a7%d9%87%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%84%d8%a7%d9%82-%d9%81%d9%89-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7/ Fri, 21 Oct 2022 20:32:40 +0000 https://draya-eg.org/?p=5463 الملخص التنفيذي يشهد المجتمع المصرى العديد من التحديات والمشكلات التى أفرزتها التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتطور التكنولوجي الهائل، وأخطرها انهيار  الأسرة التى تُشكل اللبنة الأهم فى البناء المجتمعي، وماينتج عن ذلك من تهديد لتماسك واستقرار المجتمع بأسره، وإهدار لموارد الدولة وضياع مؤكد لأى جهود تستهدف تحقيق التنمية المستدامة ورفع جودة حياة المواطن المصرى. وقد شكل التقرير …

The post ظاهرة الطلاق فى مصر..الأسباب والتداعيات وسُبل المواجهة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
الملخص التنفيذي

يشهد المجتمع المصرى العديد من التحديات والمشكلات التى أفرزتها التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتطور التكنولوجي الهائل، وأخطرها انهيار  الأسرة التى تُشكل اللبنة الأهم فى البناء المجتمعي، وماينتج عن ذلك من تهديد لتماسك واستقرار المجتمع بأسره، وإهدار لموارد الدولة وضياع مؤكد لأى جهود تستهدف تحقيق التنمية المستدامة ورفع جودة حياة المواطن المصرى.

وقد شكل التقرير الأخير الذى أصدره الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء حول ارتفاع معدلات الطلاق فى مصر بشكل غير مسبوق، صدمة حقيقية وأمرا بالغ الأهمية يستحق البحث والدراسة للوقوف على حجم هذه الظاهرة السلبية والبحث عن الأسباب والحلول بهدف إعادة الاستقرار للأسرة والمجتمع.

وانطلاقا من تنامي هذه الظاهرة فى مصر بشكل غير مسبوق، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” ورقة بحثية ترصد واقع الزيادة الكبيرة فى معدلات الطلاق، وتسلط الضوء على أسبابها، وتداعياتها، فضلا عن جهود الدولة المصرية لمواجهة هذه الظاهرة، وأخيرا تُقدم بعض التوصيات التى يمكن من خلالها خفض معدلات الطلاق والحفاظ على الأسرة المصرية .

توصلت الورقة إلى أهم النتائج التالية:

  • زادت حالات الطلاق عام 2021 بنسبة بلغت 14.7% مقارنة بعام 2020، حيث بلغ عدد حالات الطلاق خلال عام 2021 نحو 254 ألف و 777 حالة عام 2021 ، مقابل 222 ألف و36 حالة عام 2020 .
  • قفزت أحكام الطلاق النهائية بمقدار 38.4% ووصلت إلى 11 ألف و194 حكماً عام 2021، مقابل 8 آلاف و86 حكماً عام 2020 .
  • ارتفع عدد إشهادات الطلاق بنسبة 13.9%، حيث بلغ 243 ألف و583 إشهاداً عام 2021، مقابل 213 ألف و950 عام 2020 .
  • سجل معدل الطلاق عام 2021 نحو 2.5% بعدما كان 2.2% عام 2020 .
  • ارتفاع معدلات الطلاق فى الحضر عن مثيلاتها فى الريف حيث بلغت فى الحضر 3 لكل ألف من السكان، بينما بلغت فى الريف 1.9 لكل ألف من السكان.
  • وقوع حالة طلاق كل دقيقتين، بينما تقع 29 حالة طلاق كل ساعة فى عام 2021، مقارنة بـ23.7 حالة طلاق عام 2017، بمتوسط ارتفاع 5.4 حالة فى ساعة.
  • وقوع أعلى معدلات الطلاق فى الفئة التى تحمل شهادة تعليم متوسطة، تليها الفئة التى تقرأ وتكتب، بينما أقل معدلات الطلاق تقع فى فئة الحاصلين على درجة جامعية عليا.
  • تصدرت القاهرة محافظات الجمهورية فى ارتفاع معدلات الطلاق لعام 2021، حيث بلغ 5.4 لكل ألف من السكان، تليها محافظة الإسكندرية بمعدل 4.1 لكل ألف من السكان.
  • سجلت محافظة أسيوط أقل معدلات الطلاق حيث بلغ المعدل بها 1.1 لكل ألف من السكان، تليها المنيا بواقع 1.3 لكل ألف من السكان. 

ويتضح ذلك بمزيد من التفصيل من خلال النقاط التالية:-

أولا: مؤشرات الطلاق فى مصر

أفاد التقرير التحليلي للنشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق عام 2021 والصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بأن عدد حالات الطلاق سجل زيادة هائلة مقارنة بعام 2020 ، بلغت نسبتها 14.7%، حيث بلغ عدد حالات الطلاق خلال عام 2021 نحو 254 ألف و 777 حالة عام 2021 ، مقابل 222 ألف و36 حالة عام 2020 .

فيما قفزت أحكام الطلاق النهائية بمقدار 38.4% إذ وصلت إلى 11 ألف و194 حكماً عام 2021، مقابل 8 آلاف و86 حكماً عام  2020 ، وارتفع عدد إشهادات الطلاق بنسبة 13.9%، حيث بلغ 243 ألف و583 إشهاداً عام 2021، مقابل 213 ألف و950 عام 2020. 

شكل رقم (1) يوضح تطور حالات الطلاق خلال الفترة (2017- 2021)

  المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

 وسجل معدل الطلاق عام 2021 نحو 2.5% بعدما كان 2.2% عام 2020، و2.1 عام 2017، كما يتضح من الشكل التالي:

 شكل رقم (2) يوضح معدل الطلاق خلال العام لكل ألف من السكان فى منتصف نفس العام

المصدر :الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

ارتفاع معدلات الطلاق فى الحضرعن مثيلاتها فى الريف

أشار التقرير إلى ارتفاع معدلات الطلاق فى الحضر عن مثيلاتها فى الريف ، فقد أوضحت البيانات خلال الفترة من 2017 وحتى 2021 ارتفاع معدلات الطلاق فى الحضر من 2.7 لكل ألف من السكان عام 2017 ثم وصلت إلى حالة من الثبات خلال الأعوام 2018 ، 2019 ،2020 لتسجل 2.9 لكل ألف من السكان ثم ارتفعت فى عام 2021 لتصل إلى 3.3 لكل ألف من السكان .

كما سجل معدل الطلاق فى الريف حالة من الثبات خلال الأعوام 2017،2018 حيث بلغ 1.6 لكل ألف من السكان ثم ارتفع ليصل إلى 1.8 لكل ألف من السكان عام 2019 ثم انخفض عام 2020 ليصل إلى 1.7 لكل ألف من السكان، ثم ارتفع فى عام 2021 ليصل إلى 1.9 لكل ألف من السكان .

شكل رقم (3) يوضح تطور معلات الطلاق فى الريف والحضر خلال (2017-2021)

المصدر :الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

تجدر الإشارة هنا إلى أن حالة الثبات النسبى فى معدلات الطلاق فى الفترة من 2017:2019 قد تعود إلى حالة الاستقرار الاقتصادى التى شهدتها الدولة المصرية فى تلك الفترة إلى أن حدثت جائحة كورونا وتداعياتها التى أدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق مرة أخرى  2020 ووصولا إلى ذروتها فى 2021 ، بينما قد يعود ارتفاع معدلات الطلاق فى الحضر عن مثيلاتها فى الريف لاختلاف وضع المرأة فى الحضر حيث يمكنها العمل والاعتماد بشكل كلي على دخلها، فضلا عن تمسك المجتمعات الريفية بشكل عام بالعادات والتقاليد والنظرة السلبية للمرأة المطلقة التى تقلل من مكانتها فى المجتمع. 

وبشأن أعداد حالات الطلاق خلال الشهور، نجد أن شهر يناير عام 2021 شهد أكبر عدد حالات طلاق حيث بلغت 24698 بنسبة 9.7%، ثم يليه شهر أغسطس حيث بلغ عدد الحالات نحو 23694 بنسبة 9.3%، بينما سجل شهر إبريل أقل عدد حيث بلغت 16793 بنسبة 6.6% من إجمالي حالات الطلاق.

شكل رقم (4) يوضح التوزيع النسبي لحالات الطلاق طبقا للشهور عام 2021

حالة طلاق واحدة كل دقيقتين..وحديثو الزواج يشكلون النسبة الأكبر لحالات الطلاق

تشير الأرقام والإحصائيات إلى وقوع حالة طلاق كل دقيقتين، بينما تقع 29 حالة طلاق كل ساعة فى عام 2021، مقارنة بـ23.7 حالة طلاق عام 2017، بمتوسط ارتفاع 5.4 حالة فى ساعة.

أوضحت بيانات جهاز الإحصاء أن متوسط سن الطلاق للذكور بين (39 -40) سنة تقريبا، بينما يترواح متوسط سن الطلاق للإناث بين (32-33) سنة تقريبا.

شكل رقم (5) يوضح تطور متوسط سن مطلق ومطلقة خلال الفترة (2017-2021)

ووفقا للتقرير، سُجلت أكبر نسبة طلاق فى الفئة العمرية ما بين (30-35) سنة، بينما سُجلت أقل نسبة طلاق فى الفئة العمرية (65 سنة فأكثر) حيث بلغ عدد الإشهادات 1637 إشهادا بنسبة 0.7% من جملة الإشهادات. وبالنظر إلى هذه البيانات يتضح أن الطلاق عادة ما يحدث فى السنوات الأولى من عمر الزواج حيث مازال الطرفين يفتقدون آليات التواصل والتعامل مع الحياة الزوجية ويفتقدون فى الأغلب إلى مهارات تحمل المسئولية.

شكل رقم (6) يوضح التوزيع النسبي لعدد إشهادات الطلاق طبقا لفئات السن عام 2021

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

أصحاب الشهادات المتوسطة الأعلى فى نسب الطلاق

فيما يخص نسب الطلاق وفقاً للحالة التعليمية، جاءت بيانات جهاز الإحصاء لتكشف عن وقوع أعلى معدلات الطلاق فى الفئة التى تحمل شهادة تعليم متوسطة،  تليها الفئة التى تقرأ وتكتب، بينما أقل معدلات الطلاق تقع فى فئة الحاصلين على درجة جامعية عليا.

وجاءت الإحصائيات كالتالي:

  • سجلت أعلى نسبة طلاق للذكور بين الحاصلين على شهادة متوسطة حيث بلغ عدد إشهادات الطلاق 87.404 اشهادا بنسبة 35.5% بينما سجلت أقل نسبة طلاق بين الحاصلين على درجة جامعية عليا حيث بلغ عدد اشهادات الطلاق 338 إشهادا بنسبة 0.1% من جملة إشهادات الطلاق.
  • سجلت أعلى نسبة طلاق للإناث بين الحاصلين على شهادة متوسطة حيث بلغ عدد الإشهادات 79871 إشهادا بنسبة 32.8% ، بينما سجلت أقل نسبة طلاق بين الحاصلات على درجة جامعية عليا حيث بلغ عدد إشهادات الطلاق 253 إشهادا بنسبة 0.1% من جملة الإشهادات .

شكل رقم (7) يوضح عدد إشهادات الطلاق طبقا للحالة التعليمية عام 2021.

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

تعكس هذه البيانات العلاقة بين ارتفاع المستوى الثقافى والتعليمى وانخفاض معدلات الطلاق، حيث تدرك الفئة الأكثر تعليما وثقافة مسئولية الزواج ولديها القدرة استيعاب متطلبات الحياة الزوجية، وتجاوز أى خلافات قد تؤثر سلبا على الأبناء وتنتهى بتفكك الأسرة. 

القاهرة الأعلى فى معدلات الطلاق.. وأسيوط الأدنى

تصدرت القاهرة محافظات الجمهورية فى ارتفاع معدلات الطلاق لعام 2021، حيث بلغ معدل الطلاق بها 5.4 لكل ألف من السكان، بعدما كانت 4.7 عام 2020، تليها محافظة الإسكندرية بمعدل 4.1 لكل ألف من السكان ثم بورسعيد بواقع 3.8 لكل ألف من السكان .

وسجلت محافظة أسيوط أقل معدلات الطلاق حيث بلغ المعدل بها 1.1 لكل ألف من السكان، تليها المنيا بواقع 1.3 لكل ألف من السكان.

شكل رقم (8) يوضح معدلات الطلاق لمحافظات الجمهورية عام 2021

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

ويعود تصدر القاهرة لمعدلات الطلاق لارتفاع الكثافة السكانية بها مقارنة بباقى محافظات الجمهورية، خاصة ريف مصر وصعيدها التى تنخفض بها نسبة إشهادات الطلاق لانخفاض كثافتها السكانية وكون أغلبها مجتمعات محافظة يغلب عليها التمسك بالعادات والتقاليد التى تقدس الحياة الزوجية وترفض اللجوء الى الطلاق إلا فى أضيق الحدود، إلى جانب تعرض المرأة فى هذه المحافظات للوصم الاجتماعي والأخلاقي حيث يُنظر إليها على أنها في وضع غير سوي.

 الخلع يسجل أعلى نسبة في أحكام الطلاق

جاءت أعلى معدلات الطلاق فى المحاكم عن طريق الخلع، حيث سجل الطلاق بسبب الخلع أعلى نسبة فى أحكام الطلاق النهائى حيث بلغ 9197 حكم طلاق بنسبة 82.2%، يليه الطلاق بسبب الإيذاء، بينما سجل الطلاق بسبب حبس الزوج أقل نسبة فى أحكام الطلاق النهائية حيث بلغ ثلاثة أحكام فقط بنسبة 0.03% من إجمالى أحكام الطلاق النهائية.

شكل رقم (9) يوضح أحكام الطلاق النهائية طبقا لأسباب الطلاق عام 2021

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

 

ثانيا: أسباب ارتفاع معدلات الطلاق

يعيش المجتمع المصرى واقعا جديدا يتسم بتسارع وتيرته فى ظل التطور التكنولوجى والمادى الذى يطغى على النسق القيمى والمبادىء التى نشأت عليها الأجيال السابقة، فوجد الشباب أنفسهم أمام أفكار وتوجهات جديدة  تطغى عليها الوحدة والعزلة وافتقاد الدفء الأسرى والترابط المجتمعى، وهو ما أدى بدوره إلى تنامي معدلات الطلاق بشكل غير مسبوق ينذر بحدوث خلل فى المجتمع ويهدد بتفككه.

والواقع أن أسباب الطلاق شديدة التنوع والتعقيد ولكن يمكن إجمال أبرزها فى الآتى:

1- الضغوط والأعباء الاقتصادية :

يعتبر الاقتصاد من أكبر المؤثرات على العلاقات الاجتماعية فقلة الدخل وزيادة الأعباء المالية وعدم الالتزام بالإنفاق تتسب فى الخلافات الأسرية التى تنتهي بالطلاق. وفى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية نتيجة جائحة كورونا وما نتج عنها من اختلال فى سلاسل الامداد والتوريد، وارتفاع نسب البطالة وارتفاع أسعار السلع، تزايدت الضغوط المالية وارتفعت معها معدلات الطلاق حيث يُنظر إلى النظم الاجتماعية والاقتصادية على أنه حلقات تبادلية يؤثر كل منهما فى الآخر ، فزيادة الأسعار وارتفاع نسب البطالة تؤثر بدروها فى قدرة الأسر على الوفاء باحتياجاتها الضرورية.

2- انتشار وسائل التواصل الاجتماعى: تمثل وسائل التواصل الاجتماعى عاملا فاعلا لا يمكن إغفاله فى تشكيل العلاقات الاجتماعية والزوجية ، فهى الوسيلة الأكثر تأثيرا بشكل قاطع حاليا على حياة الأفراد ، وقد أشارت الكثير من الدراسات الى أن هذه الوسائل كانت السبب الرئيسى فى حوادث الخيانة الزوجية وإحداث حالة من الخرس الزوجى فى المنزل بسبب انشغال كل من الزوج والزوجة بمتابعة هذه المواقع لأوقات طويلة والاستغناء بها عن الحوار مع الطرف الآخر.

أسهمت هذه المواقع أيضا فى رفع التوقعات التى يريدها كل من طرفى العلاقة من الطرف الآخر فالزوج يشاهد على صفحات وسائل التواصل الاجتماعى الزوجة ” النموذج” ويطالب زوجته التى تتحمل الكثير من المسئوليات الاقتداء بهذا النموذج والعكس بالنسبة للسيدات ، فيرى كل من الزوجين أن الطرف الآخر لم يعد الشخص الملائم لاستكمال رحلة الحياة الزوحية معه وتنشأ من هنا الكثير من الخلافات.

3- العنف الأسرى : يعد العنف الأسرى أحد أهم الأسباب التى تؤدى إلى الطلاق وهو لا يرتبط بطبقة أجتماعية بعينها كما أنه يحدث فى مختلف البيئات ، وقد تزايدت هذه الظاهرة مؤخرا وأدت إلى العديد من جرائم قتل الأزواج والزوجات .

وترجع أسباب هذه الظاهرة الى التنشئة المجتمعية للذكور والتى تؤصل لفكرة أن الرجل فى مكانة أفضل من المرأة وعليها واجب الطاعة تجاهه دون أى اعتراض ، خاصة فى قرى وصعيد مصر ، حيث تتراجع مكانة المرأة ويسهم فى ذلك العادات والتقاليد ، كما أن الضغوط المادية تؤدى أيضا الى مزيد من العنف الأسرى بالإضافة إلى سوء الاختيار من البداية .

ولا يؤدى فقط تزايد معدلات العنف الأسرى للطلاق ولكن يمتد تأثيره السلبى الى الأبناء والذين يعانون بعد حدوث الطلاق من حالات الاكتئاب وسوء التركيز واللجوء للوحدة والانعزال وفى بعض الأحيان الإنتحار.

4- الفروق الثقافية والاجتماعية: الاختلافات بين الطرفين مثل تلك المتعلقة بالتنشئة والتفكير والتعليم ينتج عنها عدم القدرة على التفاهم بين الزوجين وتنتهي بالطلاق وتفكك الأسرة.

5- تدخل الأهل فى حياة أبنائهم: وهذا الأمر يعد انتهاكا حقيقيا لخصوصية العلاقة الزوجية وأحد أهم أسباب حدوث الطلاق خاصة الطلاق المبكر الذى يحدث فى سنوات الزواج الأولى.

6– تراجع القدرة على تحمل المسئولية لدى الأجيال الأحدث : تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأجيال الجديدة ليس لديها الاتزان الإنفعالى الملائم أو القدرة على تحمل المسئولية بسبب تلبية أسرهم لجميع طلباتهم دون مناقشة ، بالإضافة إلى الجهل بأحكام الطلاق ومشروعيته وآدابه ودوافعه ، وجميع هذه العوامل تؤدى إلى أن يضع الشباب الطلاق كحل أول لجميع المشاكل الزوجية بهدف الهروب من مسئوليات الزواج والأبناء. 

ثالثا: تداعيات ظاهرة الطلاق على المجتمع المصري

أكدت دراسات عدة أن للطلاق آثار اجتماعية ونفسية خطيرة ناجمة عن تفكك الأسر وانحلال العلاقات الاجتماعية وما يترتب على ذلك من تفشي مشاعر البغض بين الأفراد ، والاضطرابات النفسية قد تصل فى كثير من الأحيان إلى السلوك المنحرف للأفراد، الأمر الذى من شأنه أن ينعكس بشكل مباشر على المجتمع وترابطه ويهدد الأمن والسلم المجتمعي، ويتسبب فى التالي:

1-تزايد معدلات الجرائم: عادة ما يؤدى غياب السلطة الأبوية إلى ارتفاع معدلات العنف لدى الأبناء والميل إلى مخالفة القوانين والعادات الاجتماعية ، وارتكاب السلوك الإجرامي، فالضرر الواقع على الأبناء فى البعد عن إشراف الأب إن كانوا مع الأم وفى البعد عن حنان الأم إن كانوا مع الأب يجعلهم عرضة للانحراف لاسيما مع فقدهم معاني الإحساس بالأمن والاستقرار نتيجة تصارع الطرفين على كسب ودهم حتى لو أدى ذلك إلى تشويه صورة الطرف الآخر.

وهنا نشير إلى الدراسات التى أثبتت وجود علاقة إيجابية طردية بين عدم التكيف العائلي بين أفراد الأسرة وارتكاب الجرائم، وأن جهل الآباء بالآثار الخطيرة للحرمان العاطفي هو السبب الرئيسي للسوك الإجرامي للأبناء  لاسيما وأن الحرمان العاطفي لا يقل أهميةً في إشباعه عن الحرمان من الطعام والشراب، وإن لم يكن أشد أثراً في إهماله.

2- تزايد معدلات التسرب من التعليم: يؤدى قرار الطلاق فى كثير من الأحيان إلى مشكلات اقتصادية ونفسية كبيرة ، قد يترتب عليها تدني مستوى التحصيل الدراسى للأبناء وفى كثير من الأحيان لجوئهم لترك التعليم إما بدافع مادى لعدم توافر نفقات التعليم أو بسبب غياب رقابة ومتابعة الوالدين للأبناء .

3- ارتفاع معدلات الاكتئاب والمشاعر السلبية: يؤدى قرار الطلاق الى ارتفاع معدلات الإصابة بالاكتئاب خاصة بين الأبناء نتيجة تنامى مشاعر الحزن والخوف والغضب لديهم بل وقد يتعدى ذلك إلى اللجوء الى الأفكار الانتحارية.

كذلك قد يتعرض الأبناء عند حدوث الطلاق في سن الرشد إلى مشاكل نفسية خطيرة تصل في بعض الحالات إلى الحاجة للعلاج السريرى .

4- اختلال النسق القيمى للمجتمع :يُسهم الطلاق فى إحداث خلل قيمى فى السلوكيات والقيم التى يعمل المجتمع على ترسيخها فى نفوس أفراده كالرحمة والخير والتسامح والتعاون ، وهذه القيم هى العامل والداعم الأول لبقاء واستقرار المجتمعات ، لكن الطلاق يخلق حالة عامة من مشاعر اليأس والإحباط وإلقاء اللوم على المجتمع الذى لم يستطع منع وقوع هذا الطلاق ، ويسقط الأشخاص غضبهم على القيم التى يدافع عنها هذا المجتمع ويحاول بكل الطرق كسرها والخروج عنها كنوع من التعبير عن مشاعر الغضب وعدم الرضا عن هذه المنظومة الإجتماعية.

5- خفض معدلات العمل والإنتاج : يؤدى استمرار الزيادة فى معدلات الطلاق إلى شيوع مشاعر الاكتئاب والاحباط وتزايد الأعباء المالية على الزوجين المنفصلين وبالتالى تؤثر هذه المشاعر على قدرتهم على العمل وزيادة الانتاج .

ونظرا لأن الطلاق يؤدى إلى زيادة معدلات التسرب من التعليم، فإن الأبناء قد يواجهون مشكلة عدم القدرة على الالتحاق بالوظائف، ومن ثم يعانون من ضعف الدخل، وتتزايد تباعا معدلات الفقر.

رابعا: جهود الدولة المصرية للحد من تزايد معدلات الطلاق

تدرك القيادة السياسية المصرية والأجهزة المعنية خطورة تزايد معدلات الطلاق على جهود التنمية وتماسك المجتمع وأمنه ، لذلك عمدت إلى القيام ببعض الجهود والمبادرات للحد من انتشار هذه الظاهرة ومنها :

1-المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية: دشنت القيادة السياسية هذا المشروع بهدف الارتقاء بجودة حياة الأسرة المصرية والحفاظ عليها من التفكك ومساعدتها على تحقيق التماسك فيما بينها، وذلك من خلال الاهتمام بالأبعاد الأسرية والمجتمعية والسكانية والثقافية، والتمكين الاقتصادي.

2- مشروع “مودة” : دشنت هذا المشروع وزارة التضامن الاجتماعى بهدف تأهيل الأشخاص المقبلين على الزواج من الجنسين وإعدادهم للبدء فى حياة زوجية ناجحة وذلك من خلال التأهيل النفسى والصحى والاجتماعى والشرعى والتوعية بطرق تحمل مسئوليات الزواج ومفاهيم الصحة الإنجابية والتربية الإيجابية للأبناء.

ويُوجه هذا المشروع أيضا للطلاب الجامعيين ومواطنى قرى ” حياة كريمة ” بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان ، حيث تم تشكيل قيادات شعبية فى محافظات ” حياة كريمة ” لتنفيذ جلسات توعوية حول أهم مبادىء المبادرة وفى مقدمتها كيفية إدارة الخلافات الأسرية.

ويقدم البرنامج تدريبات تفاعلية فى التجمعات الشبابية مثل المعسكرات والجامعات ومراكز الشباب والرياضة ، ومكلفات الخدمة العامة وقد تم الإنتهاء بالفعل من تدريب 17 ألفا من مكلفى الخدمة العامة فى 25 محافظة على كيفية اختيار شريك الحياة وتأهليهم للزواج ومسئوليات الأسرة.

كذلك نجحت المبادرة فى فى عقد اتفاقية مع اتحاد  الصناعات المصرية لتدريب الفتيات العاملات فى المصانع على أهمية اجراء الفحص الطبى قبل الزواج ومفاهيم الصحة الإنجابية.

3- صندوق تأمين الأسرة: الذى أُنشئ بموجب القانون 11 لسنة 2004 تحت إشراف بنك ناصر الاجتماعى، بهدف مساعدة الأسر التى هجرها عائلها بلا مُنفق حيث يضمن سرعة تنفيذ الأحكام الصادرة بتقرير النفقات والأجور وما في حكمها لصالح المستفيدين من الزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين بحد أقصى 500 جنيه شهريا دون انتظار تحصيله من المحكوم ضده أو صرف قيمة الحكم بالكامل حال تحصيله من المنفذ ضده.

4– مشروع “مستورة”: يستهدف المشروع تمويل المرأة المصرية بالتعاون مع صندوق “تحيا مصر”، حيث يتم تمويل المرأة القادرة على العمل لإنشاء مشروعات متناهيه الصغر والتى تتنوع ما بين إنتاج حيواني وتجاري وخدمي وصناعي ومشروعات منزلية.

تترواح قيمه القرض مابين 4 آلاف إلى 30 ألف جنيه، على ألا يقل سن المرأة عن 21 سنة ولا يتجاوز 60 سنه عند المنح.

5-دورات تدريبة للمأذونين: نظمت وزارة العدل بالتعاون مع دار الإفتاء عددا من الدورات التدريبية لنحو ألف مأذون من جميع المحافظات بهدف رفع الوعي لديهم بالآثار الوخيمة للطلاق، والحد من النزاعات القضائية والصراعات الأسرية، مع العمل على إكسابهم المهارات اللازمة للقيام بدور مجتمعي يسهم فى تحقيق استقرار الأسر.

6- إنشاء وحدة ” لم الشمل “: استحدث مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية وحدة “لم الشمل” بهدف حماية الأسرة المصرية من خطر التفكك، وإزالة الخلافات بين الطرفين، والحد من ظاهرة الطلاق، ونشر توعية مجتمعية وتأهيل المقبلين على الزواج.

7- حملة “وعاشروهن بالمعروف“: أطلق الأزهر هذه الحملة الإعلامية والتى تتضمن مجموعة من الفيديوهات القصيرة يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على أهم أسباب الطلاق وطرق العلاج سعيا للحد من هذه الظاهرة. 

خامسا: التوصيات والمقترحات

على الرغم من الجهود المصرية المخلصة للحد من ظاهرة الطلاق، إلا أنه يمكن بذل المزيد من الجهود واعتبار خفض معدلات الطلاق هدفا قوميا تشارك فى تحقيقه كافة مؤسسات الدولة المعنية وذلك من خلال:

1- تضمين المناهج التربوية مواد تهتم بالثقافة الأسرية وحقوق وواجبات كل طرف وذلك بما يتناسب مع كل مرحلة دراسية.

2- التوسع فى تطبيق مبادرة ” مودة ” وجعل الحصول على دورات المبادرة إلزاميا لكافة الأشخاص المقبلين على الزواج.

3- إجراء المزيد من الدراسات المتخصصة حول أسباب وتداعيات الطلاق وطرق خفض معدلاته ودراسة التحولات التى شهدها المجتمع المصرى وما تبع ذلك من تأثيرات على الأفراد والمجتمع بشكل عام، ووضع الحلول التى تحفظ للمجتمع تماسكه واستقراره.

4- الإعداد الجيد والتدريب المستمر للأئمة والخطباء والوعاظ بهدف التوعية الأسرية وبيان أهمية الاستقرار الأسري للمتزوجين حديثًا والمقبلين على الزواج.

5- تفعيل دور منظمات المجتمع المدنى في توعية الأسر بمخاطر الطلاق وآثاره السلبية على الأبناء والمجتمع، وغرس قيم تحمل المسؤولية لدى الأفراد.

6- تنظيم حملة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعى لتوعية الشباب وتثقيف المقبلين على الزواج حول واجبات الزوجين وحقوقهما.

7- التوسع فى إنشاء عيادات نفسية واجتماعية لتقييم المقبلين على الزواج ومتابعتهما خاصة عند حدوث خلافات.

8- إعداد وثيقة للطلاق تحافظ على حقوق المطلقة وأبنائها مع أهمية حضور المطلقة أثناء حدوث الطلاق بشكل رسمى حتى تتعرف على حقوقها وواجباتها بشكل تفصيلى.

 المـــراجــــع

1- الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء / التقرير التحليلي للنشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق عام 2021.

2- الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء / التقرير التحليلي للنشرة السنوية لاحصاءات الزواج والطلاق عام 2020.

3- مسعودة كسال، الآثار المترتبة عن الطلاق في المجتمعات وفي المجتمع الجزائري.

4- البندرى بنت عبد الله بن محمد الجليل، الطلاق فى الممكلة العربية السعودية أسبابه وأثاره، كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية، جامعة الأزهر.

5- عمر عبد الرحيم ربابعة، أسباب الطلاق والحلول المقترحة لمعالجتها من وجهة نظر المطلقين والمطلقات والقضاة الشرعيين في الأردن، مجلة كلية التربية، جامعة الأزهر.

6- مباركة عمامرة ،مباركة: (2011،( الإهمال العائلي و علاقته بالسلوك الإجرامي،مذكرة لنيل شهادة الماجستير
في العلوم القانونية ،جامعة باتنة،الجزائر.

تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعى د.نيفين القباج حول مبادرة “مودة”.

7- الموقع الرسمى لوزارة التضامن الاجتماعي.

8- الموقع الرسمى للأزهر الشريف.

 

The post ظاهرة الطلاق فى مصر..الأسباب والتداعيات وسُبل المواجهة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
5463
بالأرقام والفيديو.. العلاقات الاقتصادية المصرية الأمريكية في ضوء المتغيرات الراهنة https://draya-eg.org/2022/08/29/%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d9%82%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a/ Mon, 29 Aug 2022 11:38:09 +0000 https://draya-eg.org/?p=5064 الملخص التنفيذي بمناسبة مرور 100 عام على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، كانت وستظل العلاقات بين الدولتين تتسم بتوافق كبير فى مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وتستند إلى الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى من البلدين، مع تحقيق مصالحهما المشتركة. وفى ظل تنامي دور مصر إقليميا ودوليا وكونها طرفا مؤثرا يحفظ …

The post بالأرقام والفيديو.. العلاقات الاقتصادية المصرية الأمريكية في ضوء المتغيرات الراهنة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
الملخص التنفيذي

بمناسبة مرور 100 عام على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، كانت وستظل العلاقات بين الدولتين تتسم بتوافق كبير فى مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وتستند إلى الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لأى من البلدين، مع تحقيق مصالحهما المشتركة.

وفى ظل تنامي دور مصر إقليميا ودوليا وكونها طرفا مؤثرا يحفظ استقرار منطقة تموج بالاضطرابات والعواصف السياسية، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز أوج الشراكة الاستراتيجية مع مصر على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والبيئية.

وعلى صعيد العلاقات الاقتصادية، تُعد الولايات المتحدة شريكًا اقتصادياً حيويًا حيث تشترك في علاقات تجارية واقتصادية قوية مع مصر، بجانب التزامها بتقديم المساعدات الاقتصادية السنوية لها. كما تسعى الدولتان إلى توفير الفرص والآليات الحقيقية التي تسمح بزيادة التجارة البينية والاستثمارات وتنمية مهارات الثروة البشرية وزيادة عدد السائحين.

وانطلاقا من أهمية العلاقات المصرية الأمريكية، أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة سياسات ترصد بالأرقام حجم العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وأبرز المحطات فى مسيرة التعاون الاقتصادي المشترك، حيث توصلت الورقة إلى النتائج التالية:

  • بلغ إجمالي قيمة الصادرات المصرية إلى دول العالم43643.5 مليون دولار عام 2021 مقابل 29322.9 مليون دولار عام 2020.
  • بلغت قيمة الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية2536.4 مليون دولار عام 2021 مقابل 1632.3 مليون دولار عام  2020.
  • بلغ إجمالي قيمة الواردات المصرية من دول العالم 83475 مليون دولار عام 2021 مقابل70436.8 مليون دولار عام 2020.
  • بلغت قيمة الواردات المصرية من الولايات المتحدة الأمريكية6144.4 مليون دولار عام 2021 مقابل 4768.8 مليون دولار عام 2020 .
  • تُمثل حجم الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية نسبة 5.8% من إجمالى الصادرات المصرية لدول العالم.
  • وتُمثل الواردات المصرية من الولايات المتحدة 7.4% من إجمالى الواردات المصرية من جميع دول العالم.
  • يصل حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية 8680.8 مليون دولار عام 2021 ، مقارنة 6401.1 مليون دولار، بنسبة ارتفاع تتجاوز 37 %.
  • بلغ صافى الاستثمارات الأمريكية المباشرة فى مصر مليار و625 مليون دولار عام 2020/2021 ، مقابل مليار و412 مليون دولار عام 2019/2020 ، بنسبة ارتفاع 15%.
  • بلغ عدد الشركات الأمريكية العاملة في مصر نحو 1576 شركة.
  • الولايات المتحدة ثالث أكبر مستثمر في مصر عام 2020/2021 بعد الاتحاد الأوروبي، وإيطاليا.
  • مصر أكبر متلقي للاستثمار الأمريكي في إفريقيا والثانية في الشرق الأوسط، حيث إن نسبة استثماراتها في مصر بلغت 7% من إجمالي الاستثمارات الواردة.
  • ارتفاع قيمة تحويلات المصريين العاملين بالولايات المتحدة الأمريكية من 975.2 مليون دولار في العام المالي 2019/2020 لتسجل 1.4 مليار دولار خلال العام المالي 2020 / 2021، محققة زيادة بلغت نسبتها 40.9%.
  • بلغت قيمة تحويلات الأمريكيين العاملين في مصر 42.8 مليون دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 مقابل 49.9 مليون دولار خلال العام المالي السابق له بنسبة انخفاض قدرها 14.1%.
  • قامت وزارة التعاون الدولي عام 2020 بالتوقيع على 7 اتفاقيات ثنائية مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لضخ منح جديدة بقيمة إجمالية 112 مليون دولار في إطار برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية، لدعم قطاعات الصحة، والتعليم الأساسي، والعالي، والعلوم والتكنولوجيا، والزراعة، والحوكمة، والتجارة والاستثمار.

وتتضح أبعاد العلاقات المصرية الأمريكية على المستوى الاقتصادي من خلال المحاور التالية:

1-التبادل التجاري

حققت قيمة الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية زيادة ملحوظة عام 2021 بنسبة قدرها 55.4% حيث بلغت 2536.4  مليون دولار عام 2021   مقابل 1632.3 مليون دولار عام 2020. وذلك فى ضوء زيادة إجمالي قيمة الصادرات المصرية إلى دول العالم بنسبة قدرها 48.8% حيث بلغت 43643.5  مليون دولار عام 2021 مقابل 29322.9 مليون دولار عام 2020 .

كما بلغت قيمة الواردات المصرية من الولايات المتحدة الأمريكية 6144.4 مليون دولار عام 2021  مقابل 4768.8 مليون دولار عام 2020 بنسبة زيادة قدرها  28.8%.  وبلغ إجمالي قيمة الواردات المصرية من دول العالم 83475 مليون دولار عام 2021 مقابل 70436.8  مليون دولار عام  2020 بنسبة زيادة قدرها  18.5%.

وكما يشير الجدول التالي (1)، تُمثل حجم الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية نسبة 5.8% من إجمالى الصادرات المصرية لدول العالم، فى حين تُمثل الواردات المصرية من الولايات المتحدة 7.4% من إجمالى الواردات المصرية من جميع دول العالم.

جدول رقم (1) حجم الصادرات والواردات المصرية للعالم والولايات المتحدة الأمريكية عامي 2020 ، 2021 بالألف دولار 

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، النشرة السنوية للعلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية عام 2021

جاءت الصادرات من الملابس الجاهزة في المرتبة الأولى حيث بلغت 1207.8 مليون دولار عام 2021 مقابل 817.7 مليون دولار عام 2020 بنسبة زيادة قدرها  47.7%.

وجاءت الصادرات من السجاد وأغطية الأرضيات والحديد فى المرتبة الثانية بقيمة 206 مليون دولار وبنسبة 8.1% من إجمالى الصادرات المصرية للولايات المتحدة الأمريكية، تليها اللدائن ومصنوعاتها بقيمة 167.5 مليون دولار، وبنسبة 6.6%، ثم الزجاج ومصنوعاته  بقيمة 90.3 مليون دولار، وبنسبة 3.6% من إجمالى الصادرات.

شكل رقم (2) : التوزيع النسبي لأهم الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية عامي 2020 و 2021

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، النشرة السنوية للعلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية عام 2021

وعلى صعيد الواردات، جاءت  الحبوب والأثمار الزيتية والنباتات الطبية والعلف في المرتبة الأولى حيث بلغت  1645.6  مليون دولار عام 2021 مقابل 1539.9 مليون دولار عام 2020 بنسبه زيادة قدرها 6.9 %.

وجاء الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها فى المرتبة الثانية بقيمة مليار دولار، وبنسبة 16.6%، تليها منتجات الصيدلة بقيمة 447.8 مليون دولار، وبنسبة 7.3%، والطائرات ومستلزماتها بقيمة 418 مليون دولار، وبنسبة 6.8% من إجمالي الواردات المصرية من الولايات المتحدة الأمريكية.

شكل رقم (3) : التوزيع النسبي لأهم الواردات المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية عامي 2020 و 2021

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، النشرة السنوية للعلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية عام 2021

وإجمالا، يصل حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية 8680.8 مليون دولار عام 2021 ، مقارنة 6401.1 مليون دولار، بنسبة ارتفاع تتجاوز 37 %، وهو ما يعكس النمو الإيجابي (اتجاه تصاعدي) فى التبادل التجادي بين الدولتين.

شكل رقم (4) الميزان التجاري بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء

تتمتع مصر بحق الاستفادة من النظام المعمم للمزايا الأمريكي (GSP)، الذي يسمح بتصدير بعض المنتجات المصرية إلى السوق الأمريكي وإعفائها من الجمارك.

2 –الاستثمارات المشتركة

بلغ صافى الاستثمارات الأمريكية المباشرة فى مصر مليار و625 مليون دولار عام 2020/2021 ، مقابل مليار و412 مليون دولار عام 2019/2020 ، بنسبة ارتفاع 15% ..وتجدر الإشارة إلى أن صافى الاستثمارات الأمريكية بمصر خلال النصف الأول مـن العام المالي 2018/2019 بلغ نحو مليار و70 مليون و600 ألف دولار، مقابل مليار و18 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2017/2018 بنسبة ارتفاع بلغت نحو 5.2%.

ووفقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى إصدار “مصر فى أرقام ..الاقتصاد 2022″، تُعد الولايات المتحدة ثالث أكبر مستثمر في مصر عام 2020/2021 بعد الاتحاد الأوروبي، وإيطاليا، بينما تعد مصر أكبر متلقي للاستثمار الأمريكي في إفريقيا والثانية في الشرق الأوسط، حيث إن نسبة استثماراتها في مصر بلغت 17.7% من إجمالي الاستثمارات الواردة.

شكل رقم (5) صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر طبقا للدول (20/19-20/2021)

فى حين بلغ إجمالي رأس المال الأمريكي في مصر في القطاعات غير النفطية 2.6 مليار دولار، موزعة على 1268 شركة. وبلغ إجمالي الاتفاقيات الثنائية الموقعة في إطار برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية 600 مليون دولار منذ عام 2014 وحتى الآن. تم تخصيص 200 مليون دولار لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال من خلال صندوق الأعمال المصري ــ الأمريكي منذ عام 2014 وحتى الآن.

أوضحت بيانات البنك المركزي المصري ارتفاع الاستثمارات الأمريكية خلال الربع الثاني من عام 2020/ 2021، حيث بلغ عدد الشركات الأمريكية العاملة في مصر نحو 1576 شركة، ومن أهم القطاعات التي تركزت الاستثمارات الأمريكية بها قطاع الخدمات وقطاع الإنشاءات، تليهم قطاعات المالية والسياحة والزراعة وغيرها.

شكل رقم (6) تطور حجم الاستثمارات الأمريكية في مصر (بالمليون دولار)

المصدر: البنك المركزي المصري

يبين الشكل السابق اتجاه حجم الاستثمارات الأمريكية في مصر نحو الصعود من 4 مليار و261 مليون دولار في الربع الأول من عام 2019/ 2020، لتصل إلى 4 مليار و899 مليون دولار في الربع الثاني من نفس العام، وكان من الطبيعي أن يتراجع حجم الاستثمار الأجنبي في مصر بشكل عام مع تداعيات أزمة كورونا، وبالتالي تراجع حجم الاستثمارات الأمريكية لتصل إلى قرابة 3 مليار دولار في الربع الأخير من عام 2019/ 2020، إلا فإنه مع التحسن في مؤشرات الاقتصاد في مصر ارتفع حجم الاستثمارات الأمريكية من 3 مليار و497 مليون دولار في الربع الأول من العام 2020/ 2021، ومنه إلى 3 مليار و568 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2020/ 2021.

هذا وقد كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع قيمة تحويلات المصريين العاملين بالولايات المتحدة الأمريكية من 975.2 مليون دولار في العام المالي 2019/2020 لتسجل 1.4 مليار دولار خلال العام المالي 2020 / 2021، محققة زيادة بلغت نسبتها 40.9%.

فى حين بلغت قيمة تحويلات الأمريكيين العاملين في مصر 42.8 مليون دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 مقابل 49.9 مليون دولار خلال العام المالي السابق له بنسبة انخفاض قدرها 14.1%.

تتضمن أبرز الشركات الأمريكية العاملة في مصر مارس، وكوكاكولا، وبيبسيكو، وفيزا، وماستر كارد، وجنرال إليكتريك، وجنرال موتورز، ومايكروسوفت، وآي بي إم، وجوجل، وأوبر، وأمازون، وشيفرون، وشلمبرجر، وإيكسون موبيل، وماريوت، وبكتل، وكارجيل.

يعد السوق المصري هو أكبر وأهم سوق في إفريقيا للصادرات الأمريكية، ورابع أكبر سوق للمنتجات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن كون الولايات المتحدة أحد أهم المستثمرين في مصر، لتحتل مصر المرتبة رقم 56 كشريك تجاري للولايات المتحدة الأمريكية.

تتركز معظم الاستثمارات الأمريكية في مصر في قطاعات الطاقة والبتروكيماويات والصناعات التحويلية، وتسعى المؤسسات الأمريكية حاليا  للتوسع استثماريا في مصر في قطاعات أخرى كالقطاع العقاري والاتصالات والتصنيع والسياحة والزراعة والخدمات المالية. وهنا نشير إلى أن ما يزيد على 1400 شركة مصرية في خارج قطاعي النفط والغاز تعمل بالتعاون مع مستثمرين من الولايات المتحدة وتوفر فرص عمل لعشرات الآلاف من المصريين .

3- السياحة

سجلت السياحة الأمريكية تطورا كبيرا بين عامي 2018 و2019، حيث بلغ إجمالي عدد السائحين القادمين من الولايات المتحدة الأمريكية نحو 349.6 ألف سائح عام 2019، مقابل 287.8 ألف سائح عام 2018، بنسبة زيادة بلغت نحو 21.5%. وأن عدد الليالي السياحية التي قضاها الأمريكيين بلغت نحو 5.1 مليون ليلة سياحية عام 2019، مقابل 4.6 مليون ليلة سياحية عام 2018، بنسبة زيادة قدرها 11.1%.

4- التعاون الفني

خلال عام 2020، قامت وزارة التعاون الدولي بالتوقيع على 7 اتفاقيات ثنائية مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لضخ منح جديدة بقيمة إجمالية 112 مليون دولار في إطار برنامج المساعدات الاقتصادية الأمريكية، لدعم قطاعات الصحة، والتعليم الأساسي، والعالي، والعلوم والتكنولوجيا، والزراعة، والحوكمة، والتجارة والاستثمار.

تتضمن هذه الاتفاقيات قرار رئيس الجمهورية رقم 477 بالموافقة على التعديل الخامس في اتفاقية المساعدة الموقع مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الأعمال الزراعية للتنمية الريفية وزيادة الدخول (أراضي)، بمبلغ 4 ملايين و426 ألف دولار أمريكي، وقرار رئيس الجمهورية رقم 474 لسنة 2020 بشأن الموافقة على التعديل الرابع لاتفاقية بشأن التعليم الأساسي مرحلة ثانية بين مصر والولايات المتحدة، بمبلغ 15 مليون دولار أمريكي.

كما تتضمن قرار رئيس الجمهورية رقم 484 بشأن الموافقة على التعديل الخامس على اتفاقية منحة المساعدة مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا، بمبلغ 4 ملايين دولار أمريكي، وقرار رئيس الجمهورية رقم 473 لسنة 2020 بالموافقة على التعديل الثالث لاتفاقية منحة المساعدة بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية لتحسين النتائج الصحية للمجموعات المستهدفة، بمبلغ 10 ملايين دولار أمريكي.

وتوفر الاتفاقية الأولى 4.4 ملايين دولار للتنمية الزراعية والريفية، لزيادة الدخول وفرص العمل للقائمين على الأعمال الزراعية في صعيد مصر والقاهرة الكبرى ودلتا النيل، وتستهدف الاتفاقية الثانية ضخ 15 مليون دولار في قطاع التعليم الأساسي، لتحسين المهارات الرئيسية للطلاب، وتدريب المعلمين، كما سيتم توفير 4 ملايين دولار من خلال الاتفاقية الثالثة في مجال العلوم والتكنولوجيا، لتوسيع نطاق العلاقة بين المجتمعات العلمية والتكنولوجية بين البلدين، وتعزيز التعاون للأغراض السلمية، فيما سيتم ضخ 10 ملايين دولار ضمن الاتفاقية الرابعة لتحسين النتائج للقطاع الصحي من خلال تعزيز برنامج مصر لتنظيم الأسرة والصحة الإنجابية وزيادة فعاليته واستدامته.

وفي عام 2017، وقعت 8 اتفاقيات للتعاون الاقتصادي بين البلدين، بقيمة 121.6 مليون دولار، وذلك بقطاعات الاستثمار والتعليم والصحة والزراعة والمياه.

وفي عام 2014 بدأ تنفيذ اتفاقية تحفيز التجارة والاستثمار في مصر (تايب)، بقيمة 39 مليون دولار، وتم توقيع 5 تعديلات في أعوام 2015 و2018 و2019 و2020 و2021، ليصل إجمالي المنحة التنموية التي تم توفيرها في إطار الاتفاقية نحو 155 مليون دولار، ساهمت في تعزيز وتنفيذ العديد من الأنشطة التنموية.

وفي عام 2000 بدأت خطوات المفاوضات التمهيدية مع الجانب الأمريكي لتحويل اتفاق الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق منطقة تجارة حرة، الأمر الذي من شأنه نفاذ جميع الصادرات المصرية إلى أسواق جديدة بالولايات المتحدة بدون جمارك، وتم توقيع اتفاقية إطار تجارة حرة تمهيداً لتوقيع اتفاقية تجارة حرة شاملة مع الجانب الأمريكي.

في عام 1999 تم توقيع اتفاقية للتجارة والاستثمار (تيفا TEFA) بين البلدين، بهدف تشجيع وزيادة حجم التبادل التجاري والتمهيد للدخول في اتفاقية لإقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين. وفي عام 2004 وقعت مصر، بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة QIZ مع الولايات المتحدة وإسرائيل، يستهدف فتح أبواب جديدة للصادرات المصرية من المنسوجات والملابس الجاهزة إلى السوق الأمريكية ، التي تستوعب 40% من حجم الاستهلاك العالمي ـ دون جمارك أو حصص محددة شريطة ألا يتجاوز المكون الإسرائيلي فيها 11.7%، وهو ما يساهم في زيادة معدلات النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل وتشجيع الصادرات، وكذلك يساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية للاستفادة من الاتفاقيات التفضيلية التي تتمتع بها مصر سواء مع الاتحاد الأوروبي أو المنطقة العربية أو دول الكوميسا. إضافة إلى أن البروتوكول يُعد خطوة أولى نحو إقامة منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة على غرار اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية.

كما تم توقيع العديد من اتفاقيات التعاون العلمي والثقافي بين الجامعات المصرية ونظيراتها في الولايات المتحدة وكذلك هناك العديد من برامج التبادل الأكاديمي والمهني والبرامج التي تمولها الحكومة الأمريكية للتبادلات الأكاديمية بين مصر والولايات المتحدة كل عام، ومنها برنامج فولبرايت للعلماء، ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI)، وبرنامج قادة الغد، ومبادرة كلية المجتمع، وبرنامج المنح الدراسية، وبرنامج القيادة في التربية والتعليم، وبرنامج التنميو (LEAD)، ونموذج الكونجرس الأمريكي، ومركز البحوث الأمريكي في مصر، وبرنامج الباحث العلمي والإقامة، وبرنامج التربية المدنية، وزمالة القيادة، وبرنامج باحث المعاهد (سوسي)، وبرنامج التربية المدنية، وزمالة القيادة، وبرنامج الكاتب الدولية (ايوا).

ومن برامج التبادل الأكاديمي والمهني أيضا بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، برنامج التميز والإنجاز في التدريس (TEA)، وزمالة الديمقراطية، وبرنامج بورلوغ، الذي يهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي عن طريق زيادة المعرفة العلمية والبحوث التعاونية لتحسين الإنتاجية الزراعية، وبرنامج زمالة كوكران، الذي يوفر التدريب عالي الجودة لمساعدة البلدان المتوسطة الدخل والأسواق الناشئة والديمقراطيات الناشئة، لتحسين النظم الزراعية وتقوية وتعزيز الروابط التجارية مع الولايات المتحدة.

وختاما فقد دعت هذه التطورات وغيرها من السياسات والممارسات المصرية إلى قيام مؤسسات التخطيط الاستراتيجي والأمني الأمريكي بإعادة تقييم دور مصر في المنطقة، ووصلت إلى نتيجة أنها أصبحت عنصراً فاعلًا على الأصعدة العربية والمتوسطية والأفريقية لا يُمكن تجاهله..ومن ثم تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز أوجه التعاون المشترك مع الجانب المصري، فمن المتوقع أن تشهد العلاقات المصرية الأمريكية تنسيقا متناميا على الأصعدة كافة خلال الفترة القادمة.

 

The post بالأرقام والفيديو.. العلاقات الاقتصادية المصرية الأمريكية في ضوء المتغيرات الراهنة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
5064
دوافع رفع أسعار المحروقات فى مصر..ومتطلبات ضرورية لتخفيف الآثار التضخمية https://draya-eg.org/2022/08/12/%d8%af%d9%88%d8%a7%d9%81%d8%b9-%d9%88%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%b1%d9%81%d8%b9-%d8%a3%d8%b3%d8%b9%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ad%d8%b1%d9%88%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7/ Fri, 12 Aug 2022 11:00:52 +0000 https://draya-eg.org/?p=3783 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2764 لسنة 2018 بشأن تشكيل لجنة فنية لمتابعة آلية التسعير التلقائى للمواد البترولية، وقد انعقدت نحو 12 مرة منذ تشكيلها، تضم ممثلين من كل من وزارة البترول والثروة المعدنية وممثلين من وزارة المالية والهيئة المصرية العامة للبترول، يتم ترشيحهم من قبل الوزير المختص. تختص اللجنة بمتابعة المعادلة السعرية بصورة …

The post دوافع رفع أسعار المحروقات فى مصر..ومتطلبات ضرورية لتخفيف الآثار التضخمية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2764 لسنة 2018 بشأن تشكيل لجنة فنية لمتابعة آلية التسعير التلقائى للمواد البترولية، وقد انعقدت نحو 12 مرة منذ تشكيلها، تضم ممثلين من كل من وزارة البترول والثروة المعدنية وممثلين من وزارة المالية والهيئة المصرية العامة للبترول، يتم ترشيحهم من قبل الوزير المختص.

تختص اللجنة بمتابعة المعادلة السعرية بصورة ربع سنوية بحيث يتم ربط سعر بيع المواد البترولية بالسوق المحلى بالأسعار العالمية لبترول برنت وبسعر الصرف، مع مراعاة التكاليف الأخرى التى يمكن تعديلها بشكل غير دورى، بالإضافة لمتابعة تنفيذ الآلية وتقديم التوصيات والمقترحات اللازمة لضمان التنفيذ الجيد لها ومعالجة أية مشاكل أو قصور قد يطرأ وقت التطبيق الفعلى، وتنعقد بصورة دورية كل ثلاثة شهور لمتابعة المتغيرات المحلية والدولية التى من شأنها التأثير على أسعار المحروقات ووفق اجتماعاتها السابقة قررت خفض أسعار المحروقات مرتين وتثبيته 4 مرات ورفع نحو 6 مرات. وللجنة صلاحيات تحريك الأسعار فى حدود رفع أو خفض أسعار البنزين والسولار والمنتجات البترولية بنسبة 10% من السعر المتداول في السوق. 

وفى ضوء هذا القرار يُسلط التقرير الضوء على أهم دوافع رفع أسعار الوقود وتداعيات ذلك على التضخم من جهة والأدوات المالية من جهة أخرى وذلك على النحو التالى:

أولاً: دوافع تغيير أسعار الطاقة خلال اجتماع يوليو 2022

ثانيا: تداعيات التغيير على التضخم والصناعة والمالية العامة

ثالثا: متطلبات ضرورية لتخفيف حدة الآثار التضخمية

 أولاً: دوافع تغيير أسعار الطاقة خلال اجتماع يوليو 2022:

وفق القرار الأخير للجنة تسعير البنزين والسولار في يوليو 2022 فإن أسعار البنزين الحالية هى 8.00  جنيهات للتر البنزين 80 و 9.25 جنيه للتر البنزين 92 و 10.75 جنيه للتر البنزين 95، كما زاد سعر السولار والكيروسين ليصبح 7.25 جنيه للتر، وسعر طن المازوت المُورد لباقي الصناعات 400 جنيه للطن ليصبح سعر الطن 5000 جنيه، إلى جانب تثبيت أسعار المازوت المُورد للصناعات الغذائيه والكهرباء، وقد يرجع هذا التحرك لمجموعة من الأسباب يمكن تناولها على النحو التالى:

  • أسباب عالمية:

ارتفعت أسعار الطاقة عالمياً لتصل إلى أرقام قياسية تخطت حاجز 120 دولار للبرميل، الأمر الذي دفع العديد من الحكومات حول العالم بتحريك أسعار المحروقات بالأسواق المحلية لديها، ففى الدول المتقدمة يأتى تسعير الطاقة والمحروقات وفق الأسعار الجارية فى الأسواق الدولية.

وعلى الرغم من جاهزية الأسواق بالدول المتقدمة لاستعاب التحركات الدولية فى أسعار الطاقة، إلا أن الأثر جاء بشكل بالغ خاصة وأن ارتفاع أسعار الطاقة تزامن مع ارتفاع أسعار الحبوب من جهة وتأمين وتكلفة الشحن واللوجستيات من جهة أخرى، ويتناول الشكل التالى رقم (1) تطور أسعار الطاقة منذ بداية العام.

شكل رقم(1) تطور أسعار النفط عالميا

 بالإضافة لارتفاع أسعار الطاقة والحبوب عالمياً، شهدت الأسواق العالمية خاصة الأوروبية والأمريكية اضطرابا حادا نتيجة لتغاير السياسات النقدية للولايات المتحدة الأمريكية، إذ رفع الفدرالي الأمريكي أسعار الفائدة لتصل إلى نحو 1.75%. ويُذكر أن الفدرالي قد رفع الفائدة للمرة الخامسة وسط توقعات بمزيد من الارتفاع خلال الاجتماع القادم، ويوضح الشكل رقم (2) تطور أسعار الفائدة فى الفدرالي الأمريكي:

شكل رقم(2) أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة الأمريكية خلال 2022

 

يرتبط ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً (الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو) بمستويات التضخم بهذه الدول من جهة وحجم التدفقات من رؤوس الأموال التى تستهدف الاستثمار فى أدوات الدين العام (الأموال الساخنة) فى دول العالم خاصة الأسواق الناشئة والاقتصادات الصاعدة من جهة أخرى، الأمر الذى يؤثر سلباً على حجم الاحتياطيات الدولية من العملة الصعبة لديها، ونظرا لاختلال الميزان التجارى لهذه الدول بالعجز خاصة فى ميزان تجارة الطاقة، فإن قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه الواردات عند أسعار مدعومة تتضاءل، ومن ثم تلجأ إلى تحمل جزء من صدمة الأسعار الناتجة عن الأسعار العالمية وتصريف جزء من هذا الأثر للأسواق المحلية لديها.

  • أسباب محلية:

عادة ما تجتمع اللجنة المعنية بتسعير الوقود والطاقة كل ثلاثة شهور لتقييم أسعار الوقود إما التخفيض أو الزيادة أو بالتثبيت، ووفق للمتغيرات المحلية والتى يمكن تناولها على النحو التالى فقد جاءت الزيادة كما ورد سابقا فى التقرير للأسباب التالية:

  • زيادة التضخم بمعدل متناقص خلال الفترة مارس/ مايو

تباطأ المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر، للمرة الأولى بعد ارتفاع دام ستة أشهر، ليسجل 13.2% في يونيو 2022 وذلك بعد أن وصل لأعلى معدل له منذ مايو 2019 مسجلا 13.5% في مايو 2022 ، وتأثر المعدل السنوي للتضخم في يونيو 2022 بالانخفاض القوي في أسعار الخضروات والفاكهة الطازجة، والتي تُعزى للارتفاع الكبير في درجات الحرارة الذي شهدته البلاد مؤخراً، وبالتالي أدى لزيادة المعروض للعديد من المحاصيل الزراعية.

ويأتي ذلك في سياق تسجيل التضخم العام معدلاً شهرياً بلغ 0.1% فى يونيو 2022، مقارنة بمعدل بلغ 0.2% في يونيو 2021 ، ويوضح الشكل رقم (3) تطور التضخم العام والأساسي فى مصر وفق بيانات البنك المركزى والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

شكل رقم(3) تطور التضخم فى مصر

 

  • ارتفاع سعر الصرف للدولار الأمريكى مقابل الجنيه:

دفعت الارتفاعات فى أسعار الفائدة فى الدول المتقدمة فى تسارع خروج النقد الأجنبي فى الاقتصادات الصاعدة ومنها مصر ليصل إلى نحو 20 مليار دولار منذ بدء الحرب  الروسية الأوكرانية، ونتيجة للتذبذ الحاد فى الاحتياطات الدولية، حيث انخفض من 43 مليار دولار لتصل إلى 33.3756 مليار دولار أمريكي في نهاية يونيو 2022 بصفة مبدئية، وهو ما يضع الحكومة المصرية أمام احتياجات مالية تقدر بنحو 41 مليار دولار فى الأجل المتوسط، ونحو 15 مليار دولار بصورة عاجلة لتلبية احتياجاتها من الواردات وكذلك الوفاء بالتزاماتها تجاه التمويل الدولي الممنوح لها خلال الأعوام الماضية.

وقد ارتفع سعر الصرف بصورة قياسية من 15.5 جنيه للدولار الواحد فى المتوسط خلال شهر مارس خلال العام الجارى إلى نحو يتجاوز 18 جنيه للدولار الواحد فى المتوسط خلال الشهر الجارى، الأمر الذى دفع بمزيد من تحريك سعرى الفائدة والصرف الأجنبى خلال الربع الأخير من العام المالى 2021/2022، ويوضح الشكل رقم(4) تطور سعر الصرف خلال العام الجاري.

شكل رقم(4) يوضح التطور فى أسعار الصرف(دولار مقابل جنيه مصري)

ثانيا: تداعيات تحريك أسعار الطاقة (على التضخم /الناتج/ المالية العامة):

تتراوح الآثار الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات على العديد من الخدمات ما بين 10% إلى 35%، بينما تتضاءل على القطاعات المتبقية والثابت لديها سعر المحورقات لمدخل أساسي للعملية الانتاجية، وفى هذا السياق يمكن الإشارة إلى ما يلى:

  • الناتج المحلى الإجمالى:

عادة ما يرتبط التشغيل بحجم الناتج الفعلى والمستهدف ومعدل النمو الحالى والمستهدف، حيث بلغ  الناتج المحلى الإجمالي نحو 4.1281 تريليون جنیه خلال السنة المالیة 2020 /2021 بالأسعار الثابتة لعام 2016، وبلغ نحو 3.9952 تريليون جنيه للعام المالى السابق بمعدل نمو قدر بنسبة 3.3%، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجاریة نحو 6.341 تريليون  جنيه مقابل 5.855 تريليون ملیار جنيه بمعدل نمو 8.3%.

من المستهدف أن يتراوح معدل النمو الحقيقي فى الناتج المحلى الإجمالى مابين 4.5: 5% خلال العام الجارى2022/2023، ويؤثر التضخم الحالى والمتوقع فى الناتج المستهدف وفق متغيرات السياسة المالية متمثلا من ما تستهدف الحكومة من دعم القطاعات الأكبر مساهمة فى الناتج مثل الصناعة والاستثمارات، وكذلك متغيرات السياسة النقدية ولعل أهمها التمويل الممنوح للقطاع الخاص وتحركات أسعار الفائدة على الإقراض، ويوضح الشكل السابق رقم (5) تطور معدل النمو السنوى فى الناتج المحلي الإجمالي.

  • الموازنة العامة:

تستهدف الحكومة خفض معدل الدين إلى 84% من الناتج المحلي مقارنة بنسبة1.3% فى نهاية يونيو 2016، وتقليل نسبة خدمة الدين إلى 7.6% من الناتج المحلى، 33.3% من مصروفات الموازنة، بالتوازى مع تنويع مصادر التمويل لخفض تكلفة التنمية، بما يحقق إطالة عمر الدين، لإرساء دعائم بيئة ملائمة للتعافي الاقتصادى السريع من الأزمة العالمية الراهنة، ويوضح الرسم التالى رقم(6) إجمالي دين أجهزة الموازنة.

أما بالنسبة لأهم التحديات،  فمن المتوقع أن تتأثر حجم الموازنة العامة بنحو مليار جنيه فى فاتورة الاستيراد نتيجة لارتفاع سعر البرميل بنحو دولار واحد، ونحو 20 مليار جنيه لتحريك سعر الصرف بنحو جنيه واحد لكل دولار، كما أن ارتفاع اسعار الفائدة بمقدار 100نقطة أساس أى بنسبة 1% تسهم فى زيادة عجز الموازنة العامة بنحو 28  مليار جنيه، كما أن انخفاض نمو التجارة العالمية بنسبة 1% يؤثر على الموازنة العامة سلباً بنحو 2 مليار جنيه, وتجدر الإشارة هنا إلى أن نمو التجارة العالمية تراجع ومن المتوقع أن يصل إلى نحو 4.9% خلال عام 2023 مقارنة بالعام الجاري المقدر بنسبة 6.7%.

  • التضخم خلال الفترة المقبلة:

ترتبط الارتفاعات المستقبلية فى المستوى العام للأسعار بالقيم الحالية للتضخم والمتغيرات التى من شأنها زيادة احتمالية حدوثه، ومن ثم فإن ارتفاع أسعار المحروقات كمدخل أساس لكافة الخدمات المساهمة فى إحداث الناتج ككل، ومن المتوقع ارتفاع المستوى العام للأسعار بنسب تتراوح ما بين (5-10% )، وقد يسهم ارتفاع أسعار مدخلات عناصر الإنتاج المستوردة بنسب تتراوح ما بين (20-50%) لبعض المنتجات، ليصل15% بالنسبة للتضخم الأساسي، ويوضح الشكل التالى رقم (7) تطور للمستوى العام للأسعار فى يونيو 2022.

ثالثا: متطلبات ضرورية لتخفيف حدة الآثار التضخمية

تؤدى الصدمات الخارجية إلى إحداث اضطراب فى السواق المحلية مما يؤدى إلى خفض قيمة الدخول الحقيقة لدى الأفراد والقطاع الخاص على حد سواء، الأمر الذى يتطلب إجراء تدخلات سريعة من خلال برامج الحماية الاجتماعية  وكذلك برامج محفزة للقطاع الخاص لاستيعاب الجزء الأكبر من صدمة ارتفاعات الأسعار عالميًا، بما يسهم من تخفيف حدة الاضطراب فى الأسوق ولعل أهم ما تم خلال الفترة الخيرة ما يلى:

  • الحماية الاجتماعية:

وجهت القيادة السياسية بزيادة 11 مليار جنيه إضافية لتخفيف الأعباء الاقتصادية الصعبة عن المواطنين، حيث وجه الرئيس بالتوسع في إجراءات الحماية الاجتماعية من خلال تطبيق ما يلي:

  • زيادة عدد الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة” بضم مليون أسرة إضافية للبرنامج، ليصبح حجم المستفيدين من المواطنين أكثر من 20 مليون مواطن على مستوى الجمهورية.
  • صرف مساعدات استثنائية لعدد 9 مليون أسرة لمدة 6 شهور قادمة، بتكلفة إجمالية حوالي مليار جنيه شهرياً للأسر الأكثر احتياجاً ومن أصحاب المعاشات الذين يحصلون على معاش شهري أقل من 2500 جنيه، وأيضاً من العاملين بالجهاز الإداري للدولة الذين يحصلون على راتب اقل من 2700 جنيه شهرياً.
  • اعتماد نحو 400 مليار جنيه للأجور و90 مليارًا للسلع التموينية و191 مليارًا لصناديق المعاشات، 22 مليار جنيه لزيادة المستفيدين من تكافل وكرامة» و«الضمان الاجتماعى».
  • حفز القطاعات الإنتاجية:

تتطلب المرحلة الحالية والتى تتسم بخصوصية المسار التنموى الذي انتهجته مصر منذ عام 2016 من جهة وما يشهده الاقتصاد العالمي من أوضاع حرجة من جهة أخرى، المزيد من الأدوات المحفزة للقطاع الإنتاجى للخروج من وطأة الاعتماد المتزايد على الواردات، وكذا الاعتماد على التمويل الخارجى فى إحداث معدلات نمو مرجُوة، ولعل أهم ما يتطلبه القطاع زيادة مخصصات ما قامت به الحكومة ويمكن تناوله على النحو التالى:

  • ضرورة العمل على استيفاء الاستحقاقات الدستورية للصحة والتعليم والبحث العلمى ، لتتخطى 310 مليارات جنيه للصحة و476.3 مليار للتعليم الجامعى وقبل الجامعى و79.3 مليار للبحث العلمى، والتى جاءت فى الاعتمادات المالية للموازنة العامة للعام المالى الجارى 2022/2023.
  • توسعة المشاركة فى صياغة وثيقة ملكية الدولة النهائية بما يسهم فى تمكين القطاع الخاص الوطني ويعزز من القدرات المالية للموازنة العامة.
  • زيادة حد الإعفاءات الضريبية فى حدود 15 مليار جنيه بدلاً من 7 مليارات لرفع حد الإعفاء الضريبي الشخصي بنسب تتناسب مع الزيادات الحالية والمتوقعة فى التضخم والتى تقتضي زيادة حد الإعفاء الضريبي.
  • رفع حجم الاستثمارات بنسب تتخطى الأعباء المتوقعة من 9.6% بإجمالى 376 مليار جنيه للاستثمارات العامة إلى نحو 20% كنمو سنوى، لتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وخلق المزيد من فرص العمل خاصة للشباب.
  • زيادة الدعم المخصص للغاز الطبيعى من 3.5 مليار جنيه، إلى 5 مليارت لتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل و10 مليار جنيه لتمويل مبادرات الإسكان الاجتماعى.
  • التعجيل فى التوسع بمشروع التأمين الصحى الشامل ليتجاوز حجم التغطية الصحية نحو 5 مليار جنيه للأدوية والمستلزمات الطبية و10.9 مليار لعلاج غير القادرين على نفقة الدولة.
  • تعظيم جهود دمج الاقتصاد غير الرسمى لتوسيع القاعدة الضريبية وزيادة الإيرادات بنحو 40% لتغطية كافة الاستحقاق الخدمية وزيادة الناتج المحلى الإجمالى الرسمى مقارنة بالناتج غير الرسمى المُقدر فى بعض التقديرات بنحو 55% من النشاط الاقتصادى فى مصر.
  • إصلاحات هيكلية لتحفيز الاستثمار وزيادة مساهمات القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادي، من خلال تنويع أنماط الإنتاج وتوطين الصناعة لرفع معدل النمو وتوفير فرص العمل وتعظيم الصادرات.
  • رد أعباء المصدرين والمقدرة بنحو 6 مليارات جنيه للاستمرار فى تمويل برنامج دعم المصدرين والالتزام بتوفير المخصصات المالية المطلوبة لذلك.
  • إرجاء تطبيق الضريبة العقارية على القطاعات الصناعية المستهدفة، مع تحمل الموازنة العامة هذه الأعباء خلال فترة الأزمة الراهنة.

 

The post دوافع رفع أسعار المحروقات فى مصر..ومتطلبات ضرورية لتخفيف الآثار التضخمية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3783
قراءة فى زيارة الرئيس لصربيا ..دلالات التوقيت وآفاق العلاقات https://draya-eg.org/2022/08/08/%d8%b2%d9%8a%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%b3%d9%8a-%d9%84%d8%b5%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a7-%d8%af%d9%84%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa/ Mon, 08 Aug 2022 14:52:25 +0000 https://draya-eg.org/?p=3771 فرضت الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على مختلف المستويات واقعا دوليا جديدا ومغايرا لما شهده العالم لعقود مضت، والذى سيطرت عليه الهيمنة الأمريكية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ووسط غياب كلي لأقطاب دولية أخرى تُحدث توازنا بين القوى الكبرى فى العالم، إلا أن الأمر قد تغير مع ظهور قوى جديدة منافسة كالصين وروسيا تطمح فى أداء دور …

The post قراءة فى زيارة الرئيس لصربيا ..دلالات التوقيت وآفاق العلاقات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
فرضت الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على مختلف المستويات واقعا دوليا جديدا ومغايرا لما شهده العالم لعقود مضت، والذى سيطرت عليه الهيمنة الأمريكية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، ووسط غياب كلي لأقطاب دولية أخرى تُحدث توازنا بين القوى الكبرى فى العالم، إلا أن الأمر قد تغير مع ظهور قوى جديدة منافسة كالصين وروسيا تطمح فى أداء دور محوري ومؤثر في الخارطة الدولية.

وفى ظل هذا النظام الجديد المتعدد الأقطاب، وما فرضه من تداعيات سياسية واقتصادية على الدول كافة، واتساقا مع النهج المصري متعدد الأطراف فى العلاقات الدولية، حرصت القيادة السياسية على تنويع الشراكات بما يعزز المصالح المصرية، ويدعم استقلالية القرار السياسي، ويُؤمن احتياجات الدولة من الغذاء والسلاح وغيرها لتصبح فى مأمن من الأزمة الاقتصادية العالمية جراء الحرب الروسية الأوكرانية وما سبقها من تداعيات جائحة كورونا، وما قد ينجم من عواقب وخيمة جراء تغير المناخ.

ولهذا شهدت السياسة الخارجية المصرية نشاطا متناميا خلال الآونة الأخيرة اتضح من خلال تحركات الدولة على الصعيدين العربي والدولي، والتى كان آخرها عَقد قمة مصرية فرنسية والمشاركة فى قمة بطرسبرج لحوار المناخ بألمانيا، وسبقها قمة جدة للأمن والتنمية التي عُقدت في المملكة العربية السعودية الشهر الماضي.

وجاءت زيارة الرئيس لصربيا فى يوليو 2022، والتى تُعد أول زيارة لرئيس مصري بعد 35 عاما، لتُثير عدة تساؤلات تتعلق بدلالات الزيارة وتوقيتها وأسبابها فضلا عن نتائجها المرجوة، وهو ما يجيب عنه هذا التقرير من خلال 4 محاور: تاريخ العلاقات الثنائية، ملامح العلاقات على الأصعدة المختلفة فى ضوء المتغيرات الدولية، دلالات الزيارة الرئاسية الأخيرة وتوقيتها، إلى جانب آفاق التعاون بين الدولتين وسبل تعزيزها. 

أولا: تاريخ العلاقات المصرية الصربية

تمتد جذور العلاقات التاريخية بين مصر وصربيا إلى ما يتجاوز الـ 100 عام والتى بدأت بالعلاقات الدبلوماسية بين الخديوية المصرية ومملكة صربيا فى 20 يناير عام 1908. وشهدت حقبة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي فترة ازدهار حقيقية بين الدولتين وذلك عقب تأسيس حركة عدم الانحياز التى تضم الدول التى كانت تسعى لحماية مصالحها فى أجواء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى آنذاك.

وكان الرئيس جمال عبد الناصر ورئيس الوزراء الهندي “جواهر لال نهرو”، والرئيس اليوغوسلافي “جوزيف تيتو” يمثلون الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز والتى شارك في تأسيسها 29 دولة.. إلا أن تفكك يوغوسلافيا السابقة وما شهدته المنطقة من حروب في عقد التسعينيات من نفس القرن انعكس على مستوى العلاقات التي تم تخفيضها إلى دون مستوى السفير لمرتين في تلك الفترة.

وجاءت المرحلة الراهنة لتُعيد زخم العلاقات بين الدولتين من جديد على كافة المستويات وتدفع بقوة علاقات الصداقة والتعاون الثنائي.

ثانيا: ملامح العلاقات الثنائية

1-العلاقات السياسية والدبلوماسية

شهدت السنوات الماضية لقاءات ثنائية بين رئيسي الدولتين على هامش مؤتمرات دولية، إلى جانب زيارات رفيعة المستوى بين مسئولى الدولتين وصلت إلى مستوى رئيس الدولة، والتى كان آخرها زيارة الرئيس السيسي لبلجراد بدعوة من الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، حيث تم خلال الزيارة عقد لقاءات مكثفة بين الرئيسيين والتقى السيسى برئيس البرلمان الصربى بهدف وضع آليات لتعزيز التعاون السياسى والاقتصادى بين الجانبين ، فضلا عن مناقشة الأوضاع والقضايا  الدولية والإقليمية ، فيما منح الرئيس الصربى ألكسندر فوتشيتش السيسي وسام الجمهورية الصربية ومنحه الدكتوراة الفخرية أيضا من جامعة بلجراد .

 تأتي أبرز الزيارات واللقاءات كالتالي:

1- اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الصربي توميسلاف نيكوليتش عام 2014 وعام 2015 وعام 2017 بمقر منظمة الأمم المتحدة في نيويورك وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

2- زيارة وزير الخارجية سامح شكرى لبلجراد عام 2018 بمناسبة الاحتفال بالذكرى 110 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث استقبله خلالها الرئيس الصربى ألكسندر فوتشيتش.

3-زيارة رئيس مجلس النواب السابق الدكتور علي عبد العال لصربيا فى عام 2018 ولقائه برئيسة الجمعية الوطنية الصربية (البرلمان) والتى تعتبر أول زيارة لرئيس برلمان مصرى لصربيا.

4- زيارة رئيسة الجمعية الوطنية الصربية  لمصر عام 2019 للتوقيع على مذكرة تفاهم للتعاون البرلمانى بين البلدين، وتفعيل عمل مجموعة الصداقة البرلمانية مع مصر بالإضافة الى تدشين مجموعة صداقة برلمانية  مع صربيا.

5- زيارة رئيس مجلس النواب السابق علي عبد العال لصربيا فى عام 2019 للمشاركة فى أعمال الدورة ال 282 للجنة التنفيذية والدورة ال141 لجمعية الاتحاد البرلمانى الدولى .

6- زيارة وزير الخارجية الصربى نيكولا سيلاكوفيتش لمصر فى عام 2021 لحضور الاحتفال بذكرى مرور 60 عاما على استضافة بلجراد للاجتماع الأول لحركة عدم الانحياز.

 القاهرة وبلجراد..توافق فى المواقف والرؤى السياسية

تتسم العلاقات بين الدولتين بأنها “استراتيجية” حيث يوجد توافق في الرؤى والخطط المستقبلية التى تنطلق من قراءة جيدة للتحديات والمصالح المشتركة، وتؤكد على الحل السلمي والدبلوماسي للأزمات واحترام السيادة الوطنية للدول..ويتضح ذلك من خلال التالي:

  • صوتت كلا من مصر وصربيا لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدين روسيا ويطالبها بإنهاء القتال في أوكرانيا وسحب قواتها.
  • رفضت مصر وصربيا توقيع عقوبات على روسيا انطلاقا من رفضهما منهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي المتعدد الأطراف، حيث صرح الرئيس الصربي قائلا: “نحن نفعل ذلك احتراما لأنفسنا وبلدنا وللقانون الدولي. نحن نعرف ما هي العقوبات وكيف أنها غير نزيهة وغير ضرورية”.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن صربيا هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي لم توقع عقوبات على روسيا، وتركت مجالها الجوي مفتوحًا للروس.

  • امتنعت مصر عن التصويت على قرار تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان حيث صرح مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير أسامة عبد الخالق قائلا: ” تعتبر مصر أن ما نحن بصدده اليوم -اتصالاً بطرح مشروع القرار- يمثل منعطفاً خطيراً في مسار منظمة الأمم المتحدة على مدى عمرها”، غير أن صربيا صوتت لصالح القرار بعد ذلك بسبب “الضغوط ” من قبل الغرب على حد قول الرئيس الصربي ​ألكسندر فوتشيتش.

هذا ونشير إلى أن صربيا تمثل أكبر دول غرب البلقان ، وكانت من الدول المرشحة بقوة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى ولكن الخلافات مع كوسوفو عرقل هذا الانضمام.

2- العلاقات الاقتصادية

بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وصربيا نحو  80 مليون دولار في عام 2021 مقابل 104 ملايين دولار في عام 2020، فيما بلغت الصادرات المصرية إلى صربيا 42.39 مليون دولار عام 2021 مقابل 65.90 مليون دولار عام 2020. فى حين بلغت صادرات صربيا إلى مصر 37.35 مليون دولار عام 2021 مقابل 38.10 مليون دولار عام 2020.

وتشمل الصادرات المصرية إلى صربيا: الفاصوليا اليابسة بأشكالها المختلفة، الألواح والصفائح وأغشية الأفلام،البرتقال الطازج، خيوط القطن، والنباتات وأجزاؤها، بينما تضم أهم الواردات المصرية من صربيا: ذرة صفراء لغير البذار، التبغ المفروم، الورق والورق المقوي، المواد البروتينية، الإطارات الخارجية الهوائية، الخشب الزان، الجرارات.

هذا وقد أبدى رجال أعمال صربيين رغبتهم فى التعاون مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى إنشاء صوامع تخزين للقمح الصربى داخل المنطقة لما تتمتع به من مزايا وإعفاءات تجعلها المنافس الأكبر ضمن المناطق الاقتصادية فى العالم .

هذا ويبذل الطرفان جهودا لعقد اتفاقية تجارة حرة بين البلدين بحلول نهاية العام، فضلا عن إعادة فتح شركة طيران مباشر مع القاهرة لتسهيل عملية الاستثمار والتبادل التجاري .

وتجدر الإشارة هنا إلى أن معدل التبادل التجاري بين البلدين يُعد متواضعًا مقارنة بحجم التبادل التجارى بين مصر ودول أخرى، ويؤكد الخبراء أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية لاسيما وأن صربيا تتمتع بنفوذ قوى فى منطقة البلقان، ومن ثم تشكل بوابة للصادارات المصرية للمنطقة، وفى المقابل تمثل مصر لصربيا بوابة للترويج للصادرات الصربية فى قارة إفريقيا.

ومن المتوقع أن تشهد العلاقات الاقتصادية بين الدولتين دفعة قوية خلال الفترة القادمة جراء توافد الاستثمارات الصربية لمصر من خلال مجلس الأعمال المصري الصربي الذي توليه القيادة السياسية اهتماما كبيرا لضمان تحقيق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، بهدف تخطى تداعيات أزمة أسعار الطاقة ومدخلات الإنتاج والغذاء التى تجتاح العالم حاليا.

ثالثا: دلالات الزيارة والتوقيت

تحمل زيارة الرئيس السيسي الأخيرة إلى صربيا دلالات عديدة حيث إنها تعكس أهمية الارتقاء بعلاقات البلدين فى ظل وجود تحديات كبيرة تواجه دول العالم جراء الحرب الروسية الأوكرانية وما سبقها من تداعيات لجائحة كورونا، والتى نتج عنها تباطؤ في وتيرة الاقتصاد العالمي واحتمالات دخوله فى ركود تضخمي.

فالمرحلة الراهنة تتطلب إبرام شراكات وصياغة أطر تعاونية بُغية تقليل حدة الآثار الاقتصادية الناجمة عن التوترات الجيوسياسية من جهة ، وتداعيات التغيرات المناخية من جهة أخرى، الأمر الذى قد يعصف بعدد من الاقتصادات الناشئة.

وعليه، تُؤكد الدولة المصرية على جاهزية مناخ الاستثمار لديها، وتسعى جاهدة للترويج للاستثمار الإقليمى والدولى بها خاصة بعد جاهزيتها لاستقبال المزيد من تدفقات رؤوس الأموال بعد إصلاح هيكلي دام قرابة الست سنوات متواصلة بالتزامن من إحلال وتدشين للبنية التحية بصورة حضارية وفق معايير عالمية.

هذا وقد تستهدف الدولة المصرية وضع دولة صربيا على قائمة موردي القمح وذلك فى ضوء اتجاه الدولة لتنويع موردي القمح لديها بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، لاسيما وأن صربيا تُعتبر ضمن أول 15 دولة في العالم في تصدير القمح، فى حين تعتبر مصر من أكبر مستوردى القمح على مستوى العالم ويمثل هذا المحصول أهم السلع الاستراتيجية للشعب المصرى.

كما أن الدولة الصربية تسعى للاستفادة من خبرات مصر فى مجال الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية وطاقةالرياح وذلك فى إطار مساعيها لتنويع مصادرها من الطاقة جغرافياً ونوعياً.

كما أن الزيارة تحمل دلالات هامة حيث إنها قد تُمهد لمشهد سياسي مشابه لأجواء الحرب الباردة التى كانت تتصف بها حقبة الثمانينيات من القرن المنصرم بين المعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي، تلك الأجواء التى دفعت دولا كمصر وصربيا إلى تأسيس حركة عدم الانحياز والتأكيد من خلالها على الابتعاد عن التكتلات والصراعات بين الدول الكبري، وعدم الانتماء للأحلاف العسكرية المتعددة الأطراف.

وقد تتجاوز الزيارة بعدها الثنائي، ويمتد صداها لبعض الدول فى العالم العربي وإفريقيا، وهو ما انعكس فى توافد عدد من القيادات السياسية للقاهرة عقب هذه الزيارة مثل وزير الخارجية الروسي واجتماعه بالمندوبين الدائمين بالجامعة العربية وتأكيده على دور مصر الفاعل، وتلاها زيارة الرئيس الصومالى للقاهرة للتباحث حول أهم القضايا التى تهم القرن الإفريقي نظرا للدور الذى تلعبه مصر مع أطراف دولية متعددة لصياغة إطار تعاون مشترك للخروج من وطأة التأثير السلبي لتراجع سلاسل الإمداد والطاقة فى العالم والتى لها بالغ الأثر على دول عديدة فى مقدمتها الدول الإفريقية.

رابعا: آفاق التعاون المستقبلية وسبل تعزيزها

خلال الزيارة الرئاسية الأخيرة فى يوليو 2022 ، تم التوقيع على الإعلان المشترك بشأن إقامة شراكة استراتيجية بين صربيا ومصر، فضلا عن  12 اتفاقية تعاون أخرى فى مجالات مختلفة كالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتعليم والمعلومات، والزراعة والثقافة والإعلام والفن والبيئة، إلى جانب التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن الإلغاء المتبادل للتأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والرسمية والخاصة.

وعلى الرغم من تاريخية وزخم العلاقات بين مصر وصربيا ، إلا أنه يمكن تعظيم الاستفادة من هذه العلاقات  فى ظل توافق الإرادة السياسية فى البلدين حول أغلب القضايا السياسية والاقتصادية بما يحقق مصالح الشعبين وذلك من خلال:

1- تعظيم معدلات التبادل التجارى بين البلدين بما يتوافق مع حجم التفاهمات السياسية بينهما .

2- اعتبار مصر مركزا استراتيجيا لوجيستيا لدخول البضائع الصربية إلى إفريقيا.

3- تصدير الغاز المصري خاصة فى ظل سعى بلجراد لإيجاد لتنويع مصادر وإمدادات الطاقة لديها.

4- سرعة الانتهاء من تفعيل اتفاقية عدم الازدواج الضريبى والتى ستسهم فى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين.

5- تعظيم الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة حاليا فى مصر خاصة فى قطاعات السياحة والصناعات الدوائية والاتصالات والإسكان.

6- صياغة اتفاقات تتعلق بتحقيق الأمن الغذائى لمصر وصربيا مع تعزيز التعاون التجارى فى المنتجات الزراعية.

7- تكثيف جهود إقامة اتحاد اقتصادى صربي مصري يضم رجال الأعمال من البلدين وبحث سبل تبادل المنتجات والبضائع والمواد الخام بين مصر وصربيا.

8- زيادة التعاون السياحى بين القاهرة وبلجراد لاسيما وأن مصر تمثل وجهة سياحية هائلة للسائحين من صربيا خاصة منطقة البحر الأحمر.

9- إقامة منطقة تجارة حرة بين القاهرة وصربيا بهدف تعزيز التعاون التجارى والاستثمارى بين البلدين ووضع أسس لشراكة جادة خاصة فى المنطقة الاقتصادية بمحور قناة السويس وما تحمله من فرص استثمارية واعدة وما تشمله من مناطق صناعية ولوجيستية.

The post قراءة فى زيارة الرئيس لصربيا ..دلالات التوقيت وآفاق العلاقات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3771
منظومة التحول الرقمي في مصر في ضوء رؤية 2030 https://draya-eg.org/2022/06/11/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%82%d9%85%d9%8a/ Sat, 11 Jun 2022 22:15:38 +0000 https://draya-eg.org/?p=3536 الملخص التنفيذي تعتبر التنمية الاقتصادية المُحرك الرئيسي لتحقيق التنمية المستدامة حيث يؤدي النمو الاقتصادي المستدام إلى توفير فرص عمل وتوليد وزيادة الدخل، مما يعزز من قدرة الدولة على تطوير البنية الأساسية اللازمة لجذب الاستثمار المحلي والأجنبي ورفع مستوى الخدمات التعليمية والصحية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإتاحة ورفع مستوى الخدمات اللازمة لحياة المواطنين لتحسين مستوى معيشتهم وتمكينهم …

The post منظومة التحول الرقمي في مصر في ضوء رؤية 2030 appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
الملخص التنفيذي

تعتبر التنمية الاقتصادية المُحرك الرئيسي لتحقيق التنمية المستدامة حيث يؤدي النمو الاقتصادي المستدام إلى توفير فرص عمل وتوليد وزيادة الدخل، مما يعزز من قدرة الدولة على تطوير البنية الأساسية اللازمة لجذب الاستثمار المحلي والأجنبي ورفع مستوى الخدمات التعليمية والصحية وتحقيق العدالة الاجتماعية وإتاحة ورفع مستوى الخدمات اللازمة لحياة المواطنين لتحسين مستوى معيشتهم وتمكينهم من الاستمرار في دعم عملية التنمية الاقتصادية، وتوفير حياة تتسم بالرخاء والاستدامة للجميع.

تتناول الورقة البحثية مؤشرات التحول الرقمي والتوجه الاستراتيجي للحكومة المصرية في مجال التحول الرقمي لإيضاح الدور البالغ الأهمية الذي تقوم به لبناء مصر الرقمية، كما تُسلط الورقة الضوء على سياسات وفرص تعزيز التحول الرقمي في مصر.

 توصلت الورقة لعدة نتائج مهمة على النحو التالي:-

  • بلغ إجمالي عدد مشتركي الهاتف المحمول والهاتف الثابت نحو 46 مليون مشترك بنهاية عام 2021.
  • ارتفع إجمالي عدد مشتركي الإنترنت فائق السرعة ADSL إلى 10.07 مليون مشترك بنهاية 2021. كما زادت نسبة مستخدمي الإنترنت من السكان لتصبح  71.4% عام 2020/2021.
  • بلغ عدد شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي تم تأسيسها خلال الفترة )أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١) ٦٦١ شركة.
  • بلغت نسبة منشآت القطاع الخاص التي تتعامل مع الحكومة الإلكترونية نحو 21.7%.
  • زادت المبالغ المخصصة لمشروعات التحول الرقمي بنسبة 62.8% لتصبح 12.7 مليار جنيه في 2020/2021.
  • تقدمت مصر 55 مركزاً في مؤشر “جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، لتحتل المركز 56 عام 2020 مقارنة بالمركز 111 عام 2019.
  • تقدمت مصر 8 مراكز بمؤشر جاهزية الشبكة العالمي، لتحتل المركز 84 عام 2020 مقارنةً بالمركز 92 عام 2019.

 تقترح الورقة عددا من التوصيات، أبرزها ما يلي:-

  • الـتأكيد على تحويل الحكومة إلى حكومة مترابطة رقميًا وتمكين الدولة من الحكومة الإلكترونية من خلال ربط الأنظمة الرقمية الحكومية.
  • تقديم خدمات إلكترونية متعددة من خلال كافة المنافذ الرقمية وغير الرقمية لتحسين العمل داخل الجهاز الإداري للدولة ليعمل بكفاءة وفاعلية.
  • تعزيز قيم الشفافية والمحاسبة والمراقبة لكافة الأعمال من خلال التفاعل والتشارك بين عناصر المجتمع المختلفة، بما في ذلك الجامعات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
  • إنشاء وزارة متخصصة للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي لتتولى مسئولية هذا الملف وتضطلع بمسئولية التنسيق بين الوزارات والهيئات المختلفة.
  • رفع كفاءة أداء الشركة المصرية للاتصالات وتمكينها من إنشاء بنية تحتية رقمية تلبى احتياجات الدولة والمجتمع في التحول الرقمي والمشروعات القومية الكبرى.
  • تفعيل دور الذكاء الاصطناعي في التحول الرقمي كعامل محفز واستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لبناء المدن الذكية وتحويل المدن الحالية إلى ذكية طبقاً للمعايير الدولية.

 أولا: مؤشرات التحول الرقمي في مصر

تُوضح استراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030” أنه بحلول عام 2030 سيكون الاقتصاد المصري اقتصاد سوق منضبط يتميز باستقرار أوضاع الاقتصاد الكلي، وقادر على تحقيق نمو احتوائي مستدام، ويتميز بالتنافسية والتنوع ويعتمد على المعرفة، ويكون لاعباً فاعلاً في الاقتصاد العالمي، قادراً على التكيف مع المتغيرات العالمية، وتعظيم القيمة المضافة، وتوفر فرص عمل لائق ومنتج، ويصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع.

وتعد التنمية الاقتصادية أحد أهم محاور البعد الاقتصادي في خطة التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، بجانب محوري الطاقة والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية.

شكل رقم (1) إجمالي مشتركي الهاتف الثابت والهاتف المحمول

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نشرة مؤشرات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ديسمبر 2021

بلغ إجمالي عدد مشتركي الهاتف المحمول والهاتف الثابت نحو 114.46 مليون مشترك بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ مقارنة بنحو 105.21 مليون مشترك بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢٠. وبلغ إجمالي أعداد مشتركي الهاتف المحمول 103.45 مليون مشترك بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ مقارنة بنحو 95.357 مليون مشترك بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢٠ . ويسجل عدد مشتركي الهاتف المحمول ما نسبته نحو ٩٠ % من إجمالي مشتركي الخدمة التليفونية في أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ .

شكل رقم (2) معدل انتشار الهاتف الثابت والهاتف المحمول

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نشرة مؤشرات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ديسمبر 2021

بلغ معدل انتشار الهاتف المحمول  % 99.78 بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ مقارنة بنحو %93.65 بنهاية أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢٠، ومن ناحية أخرى بلغ معدل انتشار الهاتف الثابت نحو % 10.60 بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ .

شكل رقم (3) الخطوط التليفونية المستخدمة وإجمالي سعة السنترالات

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نشرة مؤشرات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ديسمبر 2021

بلغ إجمالي عدد خطوط الهاتف الثابت نحو 11.01 مليون خط بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ مقارنة بنحو  9.85 مليون خط بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢٠ .وبلغت السعة الحالية للهاتف الثابت إلى 24.13 مليون خط بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ مقارنة بنحو 24.82 مليون خط بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢٠.

شكل رقم (4) مشتركو الانترنت فائق السرعة ADSL

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التقرير السنوي، 2021

ارتفع إجمالي عدد مشتركي الإنترنت فائق السرعة ADSL إلى 10.07 مليون مشترك بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ مقارنة بنحو 8.81 مليون مشترك بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢٠.

شكل رقم (5) مستخدمو الانترنت عن طريق المحمول و USB Modem

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التقرير السنوي، 2021

بلغ عدد مستخدمي الإنترنت عن طريق الهاتف المحمول  63.44 مليون مستخدم بنهاية الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ وذلك مقارنةً بنحو 52.40 مليون مستخدم خلال نفس الفترة من العام السابق. في المقابل بلغ عدد مشتركي USB Modem  حوالي 2.07 مليون مستخدم خلال الفترة أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١ و ذلك مقارنة بنحو 4.04 مليون مشترك خلال نفس الفترة من العام السابق.

شكل رقم (6) شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي تم تأسيسها

المصدر : وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تقرير عن تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، 2022

بلغ عدد شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي تم تأسيسها خلال الفترة  )أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١) ٦٦١ شركة مقارنًة ب ٥٥٣ شركة تم تأسيسها خلال الفترة (أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢٠ (في حين بلغت رؤوس الأموال لهذه الشركات  286.16 مليون خلال الفترة (أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢١) مقارنًة ب 976.55 مليون جنية خلال الفترة (أكتوبر – ديسمبر ٢٠٢٠ )

شكل رقم (7) تطور قيمة مؤشر قطاع الاتصالات بالبورصة المصرية

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نشرة مؤشرات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ديسمبر 2021

بلغت قيمة مؤشر قطاع الاتصالات بالبورصة المصرية 1549 نقطة خلال الفترة (أكتوبر –  ديسمبر 2021) مقارنة بنحو 1406 نقطة خلال الفترة (أكتوبر – ديسمبر 2021).

 أما عن مؤشرات دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في التنمية بمصر فتتمثل فيما يلي:-

شكل رقم (8) البنية الأساسية لاستخدامات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في القطاع الخاص

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التقرير السنوي، 2021

بلغت نسبة منشآت القطاع الخاص التي لديها هاتف ثابت ٧٤ %، بينما بلغت نسبة منشآت القطاع الخاص التي لديها حاسب إلى ٨٢% ، في حين بلغت نسبة منشآت التي تستخدم الانترنت ٦٥ %، وكانت نسبة منشآت القطاع الخاص التي لديها محمول ٦١ %.

شكل رقم (9) استخدام الشبكات في القطاع الخاص

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، 2021

بلغت نسبة منشآت القطاع الخاص التي لديها شبكة محلية LAN  حوالي 58.5 %، في حين بلغت نسبة المنشآت التي لديها INTRANET حوالي 41.2 %، في حين بلغت نسبة المنشآت التي لديها  EXTRANET حوالي 10.4 %.

شكل رقم (10) مجالات التعامل مع الحكومة الالكترونية

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التقرير السنوي، 2021

جاء دفع فاتورة التلفون في المرتبة الأولى من مجالات تعامل منشآت القطاع الخاص مع الحكومة الإلكترونية بنسبة ١٩ %، بينما وصلت خدمات المرور نحو ١١ %، في حين كانت خدمات حجز التذاكر ٧%، وجاءت بوابة مشتريات الحكومة بأقل نسبة حيث وصلت إلى ٢ %.

شكل رقم (11) منشآت القطاع الخاص التي تتعامل مع الحكومة الالكترونية والتجارة الالكترونية

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، 2021

بلغت نسبة منشآت القطاع الخاص التي تتعامل مع الحكومة الالكترونية نحو 21.7%،  بينما بلغت نسبة منشآت القطاع الخاص التي تتعامل مع التجارة الالكترونية بيعا نحو 7% وشراء 6%.

شكل رقم (12) التعامل مع التجارة الالكترونية وفقا لحجم العمالة بالقطاع

المصدر: وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التقرير السنوي، 2021

بلغت نسبة المنشآت التي تتعامل في البيع عبر الانترنت 5.3 % للمنشآت ذات حجم العمالة ) ١٠ – ٤٩ ( مقارنة ب12.1 % للمنشآت ذات حجم العمالة ) ٥٠ – ٢٤٩ ( و 26.8 % للمنشآت ذات حجم العمالة ) ٢٥٠ فأكثر(، بينما نسبة المنشأت التي تقوم بالشراء عبر الانترنت ذات حجم عمالة ) ١٠ – ٤٩ ( كانت 4.6 % مقارنة ب 10.3 % للمنشآت ذات حجم العمالة ) ٥٠ – ٢٤٩ ( أما المنشآت ذات حجم عمالة ) ٢٥٠ فأكثر(  وصلت النسبة إلى 23.7 %.

 ثانيا: التوجه الاستراتيجي للحكومة المصرية في مجال التحول الرقمي

تسعى الحكومة إلى بناء مصر الرقمية والوصول إلى مجتمع مصري يتعامل رقميًا في كافة مناحي الحياة. ولذا تعمل على تعزيز البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتحسين الخدمات الرقمية في الجهات الحكومية، وذلك لتحسين أداء الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى، ورفع جودة الخدمات وكفاءتها من خلال تحسين بيئة العمل، وتوفير الدعم لعملية صناعة القرار وإيجاد حلول للقضايا التي تهم المجتمع.

تستهدف منظومة رقمنة الدفع والتحصيل الإلكتروني توفير25% من تكلفة إصدار العملة، وتحسين ترتيب مصر في المؤشرات الدولية خاصة المعنية بقياس تنافسية الدول في مجالي سهولة أداء الأعمال والشفافية. وفيما يتعلق بجهود تطوير البنية التحتية للتحول الرقمي، زادت المبالغ المخصصة لمشروعات التحول الرقمي بنسبة 62.8% لتصبح 12.7 مليار جنيه في 2020/2021 مقارنةً بـ 7.8 مليار جنيه في 2019/2020.

هذا بالإضافة لمشروع ربط كافة المباني الحكومية على مستوى الجمهورية بشبكة كابلات الألياف الضوئية، والذي تقدر تكلفته التنفيذية بنحو  6 مليارات جنيه، حيث تم الانتهاء من ربط 18 ألف مبنى حكومي بالشبكة من إجمالي 33 ألف مبنى حكومي مستهدف. وتم الانتهاء من ربط أكثر من 75 قاعدة بيانات حكومية يبعضها بالتعاون مع هيئة الرقابة الإدارية، بهدف تعزيز الرؤية الشاملة للتخطيط ومعالجة الازدواجية في قواعد البيانات، حيث يعد الركيزة الأساسية التي قامت عليها تطبيقات مصر الرقمية.

إن تحسن البنية التحتية التكنولوجية دفع لحدوث طفرة في مؤشرات التحول الرقمي والشمول المالي، حيث زادت نسبة مستخدمي الإنترنت من السكان بمقدار 49.4 % لتصبح  71.4% من اجمالي السكان عام 2020/2021 مقارنة بـ 22% عام 2013/2014. فقد زاد عدد مكاتب البريد المميكنة بنسبة 152.2%، ليصل عددها إلى 4000 مكتب في أغسطس 2021 مقابل 1586 مكتباً في يونيو 2014، في حين زاد عدد ماكينات الصراف الآلي بنسبة 146.4%، لتصل إلى 17 ألف ماكينة في يونيو 2021 مقارنة بـ 6.9 ألف ماكينة في يونيو 2014. كما زاد عدد نقاط البيع بنسبة 237.4%، وهي عبارة عن جهاز يتم من خلاله تمرير بطاقة الدفع البنكية (الائتمان، الخصم، المدفوعة مقدماً) لتقوم بخصم قيمة مشتريات السلع  والخدمات المختلفة ليصل إلى 173.4 ألف نقطة في يونيو 2021 مقارنةً بـ 51.4 ألف نقطة في يونيو 2014، بالإضافة إلى 508.1 ألف نقطة بيع تتبع الشركات التي تقدم خدمات عمليات الدفع الإلكتروني.

نماذج لأبرز المنصات والتطبيقات الذكية التي تقدم خدمات للمواطنين:

1- منصة مصر الرقمية: والتي تقدم خدمات خاصة بقطاعات (التموين، والمرور، والمحاكم، والصحة، والتوثيق، والإسكان الاجتماعي، وخدمات عامة أخرى). تم إطلاق 94 خدمة حكومية رقمية من خلال منصة مصر الرقمية، وذلك في إطار خطة تستهدف الوصول إلى أكثر من 300 خدمة بنهاية 2022، فيما سجل 3.8 مليون مواطن على المنصة، وقاموا بإجراء 11.6 مليون معاملة عليها حتى أكتوبر 2021.

2- المنظومة الإلكترونية الموحدة للتراخيص بالمدن الجديدة: تم إطلاق موقع إلكتروني لـ 21 مدينة جديدة بهدف النهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين بها، في حين يتم تقديم 40 خدمة من خلال الموقع كمرحلة أولى، تشمل خدمات عقارية وتراخيص مباني وخدمات ترخيص تشغيل ومرافق وغيرها.

3- التطبيق الرسمي لوزارة الداخلية، والذي يتيح للمواطنين إمكانية الاستفادة من مختلف الخدمات إلكترونياً، وذلك للتسهيل والتيسير عليهم، وأبرزها الخدمات المرورية، والأحوال المدنية، والأدلة الجنائية والجوازات، وتصاريح العمل، والمفقودين.

مشروعات التحول الرقمي:

  • مشروع حصر وإدارة الثروة العقارية، والذي يقوم على بناء قاعدة بيانات موحدة بالرقم القومي للعقارات تمكن من حصر وإدارة الثروة العقارية،  في كل من  بورسعيد والإسكندرية والعاشر من رمضان والشيخ زايد من خلال إطلاق متتابع بدأ بمحافظة بورسعيد، وذلك خلال الفترة من يوليو 2021  حتى يونيو 2022.
  • مشروع تطوير المراكز التكنولوجية، حيث تم تطوير 272 مركزاً تكنولوجياً من إجمالي 307 مراكز بعدد 148 خدمة، بالإضافة إلى تطوير 21 مركزاً تكنولوجياً بالمدن الجديدة من إجمالي 43 مركزاً بعدد 144 خدمة، وكذلك تم تجهيز وتوفير 82 مركزاً تكنولوجياً متنقلاً يعمل لخدمات المحليات والعدل والأحوال المدنية.
  • منظومة الفاتورة الإلكترونية: تعد مصر من أوائل الدول الرائدة في الشرق الأوسط وإفريقيا التي نجحت في تطبيق هذه المنظومة، حيث انضمت لها أكثر من 5000 شركة رفعت أكثر من 70 مليون وثيقة إلكترونية حتى الآن، خاصة وأن المنظومة تحقق العديد من المزايا للممولين، منها تسهيل إجراءات الفحص الضريبي للشركات في أقل زمن ممكن، وتبسيط إجراءات التسوية بين الشركات.
  • ميكنة منظومة التأمين الصحي الشامل: بهدف الربط بين جميع المنشآت الحكومية التابعة للمنظومة بشبكة الألياف الضوئية فائقة السرعة مع مراكز البيانات، حيث تم نشر المنظومة بـ 106 مواقع وهي 41 موقعاً ببورسعيد، و42 موقعاً في الأقصر، و23 موقعاً في الإسماعيلية.

     أما على مستوى المؤشرات الدولية، فإن تقدم مصر في المؤشرات الدولية يعكس جهود الدولة في التوسع في تبني التكنولوجيات الحديثة لتقديم خدمات مصر الرقمية، حيث احتلت مصر المركز الأول أفريقياً وإقليمياً والخامس عشر عالمياً في مؤشر كيرني لمواقع الخدمات العالمية عام 2021.

كما تقدمت مصر 55 مركزاً في مؤشر “جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي” والذي يقيس مدى استعداد الحكومة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات العامة لمواطنيها، لتحتل المركز 56 عام 2020 مقارنة بالمركز 111 عام 2019.

يأتي هذا في حين، تقدمت مصر 3 مراكز في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية، والذي يقيس مدى استعداد وقدرة المؤسسات الوطنية على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتقديم الخدمات العامة، لتحتل بذلك المركز 111 عام 2020 مقارنة بالمركز 114 عام 2018.

كما تقدمت مصر مركزين في تحسن الأداء في الشمول الرقمي، والذي يقيس مدى تحقيق الشمول الرقمي من خلال تمكين الأفراد والمجتمعات من الاستخدام الفعال لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولتعزيز قدرتهم على المساهمة في المجتمعات والاقتصادات الرقمية، لتحتل بذلك المركز الـ 50 عام 2020 مقارنة بالمركز الـ 52 عام 2017، وأكد المؤشر أن مصر ضمن أسرع 10 دول نمواً في الشمول الرقمي خلال عام 2020.

تقدمت مصر 8 مراكز بمؤشر جاهزية الشبكة العالمي، والذي يقيس مدى قدرة الدول على الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في الاستعداد للمستقبل، لتحتل المركز 84 عام 2020 مقارنةً بالمركز 92 عام 2019، هذا وقد تقدمت مصر 44 مركزاً في مؤشر القواعد التنظيمية للمحافظ الإلكترونية للهاتف المحمول، والذي يقيس مدى فاعلية الضوابط والقواعد المطبقة على هذه المحافظ التي يتم فتحها على الهاتف المحمول، لتحتل المركز 35 في 2020 مقارنة بالمركز 79 في 2019، وأيضاً تقدمت 54 مركزاً في مؤشر أداء منظمي الاتصالات الذي يقيس التغيرات في البنية التنظيمية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتحتل المركز 41 في 2020 مقارنة بالمركز 95 في 2019.

 ثالثا: سياسات وفرص تعزيز التحول الرقمي في مصر

شهدت مصر خطوات متسارعة للنهوض والتنمية والتحديث على جميع الأصعدة مثل شبكة الطرق التي أنشأتها الدولة لرفع كفاءة النقل والمواصلات مما سيكون له آثار اقتصادية كبيرة على التجارة والصناعة وحركة السكان داخل البلاد، وفى خطوة مهمة للنهوض بالبلاد واللحاق بركب الدول المتقدمة تم إنشاء العاصمة الإدارية لتكون أول عاصمة ذكية في العالم بالإضافة إلى تحديث العمل في الهيئات والمصالح الحكومية التي ستنتقل للعاصمة الإدارية، وذلك للانتقال إلى عصر التحول الرقمي والشمول المالي والدفع الإلكتروني والذكاء الاصطناعي.

وتحتاج مصر إلى بنية تحتية تكنولوجية قادرة على تلبية التوسع في مجال التحول الرقمي، كخطوة مهمة وضرورية لنجاح الخطط والمشروعات الطموحة التي بدأت الدولة تنفيذها في كل المجالات ومن بينها مشروعات التعليم والصحة، بعد أن بدأت وزارة التربية والتعليم تطبيق نظام التعليم الإلكتروني من خلال التابلت، كما تتجه الجامعات الحكومية إلى تطبيق التعليم الإلكتروني بعد أن سبقها في ذلك عدد من الجامعات الخاصة والأجنبية، أما وزارة الصحة فإنها تحتاج إلى بنية تحتية تكنولوجية جيدة مع بدء نظام التأمين الصحي الجديد.

إن التحول الرقمي سيؤدى إلى الحد من الفساد والرشوة وميكنة جهات الدولة وربطها إلكترونياً سيؤدى إلى تسهيل إجراءات المعاملات وسرعة صدور الأحكام في حالات التقاضي لتحقيق العدالة وكلها عوامل محفزة لجذب الاستثمار. وأيضاً سيساهم التحول الرقمي في حصر السيطرة على ممتلكات الدولة وإعادة توجيه استخدامها لخدمة التحول للحياة الرقمية.

وأيضاً يبرز دور الذكاء الاصطناعي في التحول الرقمي كعامل محفز على سبيل المثال لحل مشاكل البيئة والتحول إلى بيئة نظيفة (Green). وكذلك يتم استخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لبناء المدن الذكية وتحويل المدن الحالية إلى ذكية طبقاً للمعايير الدولية.

وأخيرا تقترح الورقة البحثية عددا من التوصيات، كما يلي:

  • الـتأكيد على تحويل الحكومة إلى حكومة مترابطة رقميًا وتمكين الدولة من الحكومة الإلكترونية من خلال ربط الأنظمة الرقمية الحكومية.
  • تقديم خدمات إلكترونية متعددة من خلال كافة المنافذ الرقمية وغير الرقمية لتحسين العمل داخل الجهاز الإداري للدولة ليعمل بكفاءة وفاعلية.
  • تعزيز قيم الشفافية والمحاسبة والمراقبة لكافة الأعمال من خلال التفاعل والتشارك بين عناصر المجتمع المختلفة، بما في ذلك الجامعات والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
  • إنشاء وزارة متخصصة للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي تضطلع بمسئولية التنسيق بين الوزارات والهيئات المختلفة، على أن تكون مسئولة عن تنفيذ المشروعات القومية للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، حتى تتوحد الجهود الرامية للإسراع في تنفيذ المشروعات والخطط التي تسعى الدولة للإسراع في تنفيذها، واللحاق بركب الدول التي سبقتنا في هذا المجال، مثل رواندا التى أطلقت قمراً صناعياً يوفر الإنترنت المجاني لمواطنيها. لذا فإن إنشاء وزارة للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي أصبح أمراً مهماً لتقود قاطرة التحول الرقمي من خلال إنشاء بنية تحتية قوية.
  • رفع كفاءة أداء الشركة المصرية للاتصالات وتمكينها من إنشاء بنية تحتية رقمية تلبى احتياجات الدولة والمجتمع في التحول الرقمي والمشروعات القومية الكبرى، مثل مشروع تطوير التعليم قبل الجامعي.
  • الإسراع في التشريعات التي تكون بمثابة الأطر المطلوبة لمرحلة التحول الرقمي.
  • تفعيل دور الذكاء الاصطناعي في التحول الرقمي كعامل محفز واستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لبناء المدن الذكية وتحويل المدن الحالية إلى ذكية طبقاً للمعايير الدولية.

 

The post منظومة التحول الرقمي في مصر في ضوء رؤية 2030 appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3536
الشراكة الصناعية بين مصر والإمارات والأردن ..دوافع الاتفاق وآفاق التعاون https://draya-eg.org/2022/06/02/%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d9%83%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%86%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7/ Thu, 02 Jun 2022 23:54:16 +0000 https://draya-eg.org/?p=3499 فى ظل حالة الاضطراب غير المسبوق التى يشهدها الاقتصاد العالمي حاليا، ومع تنامى التحديات أمام النظام المالي والنقدي العالميين على إثر تحولات لموازين القوى وأدوار الفاعلين الدوليين فى نظام عالمي لم تستقر بعد قواعده وأنماط العلاقات بين أطرافه، بات وجود تكامل عربي لتحقيق تنمية مستدامة تضمن توفير الاحتياجات الأساسية للشعوب وجعلها فى مأمن من هذه …

The post الشراكة الصناعية بين مصر والإمارات والأردن ..دوافع الاتفاق وآفاق التعاون appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
فى ظل حالة الاضطراب غير المسبوق التى يشهدها الاقتصاد العالمي حاليا، ومع تنامى التحديات أمام النظام المالي والنقدي العالميين على إثر تحولات لموازين القوى وأدوار الفاعلين الدوليين فى نظام عالمي لم تستقر بعد قواعده وأنماط العلاقات بين أطرافه، بات وجود تكامل عربي لتحقيق تنمية مستدامة تضمن توفير الاحتياجات الأساسية للشعوب وجعلها فى مأمن من هذه الأزمة، ضرورة حتمية تفرضها الظروف الراهنة.

وتأتي اتفاقية “الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة” بين مصر والإمارات والأردن، والتى أُطلقت فى 29 مايو  الماضي بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، لتدشن لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك بين الدول الثلاث التى عقدت العزم على توحيد طاقاتها واستثمار قدراتها المختلفة لتصبح نقطة ارتكاز إقليمية مؤثرة فى الاقتصاد العالمي، ولاعب أساسي فى مختلف الأحداث لاسيما فى منطقة الشرق الأوسط.

ويستهدف الاتفاق الإطاري للتعاون بين الدول الثلاث مصر والإمارات والأردن الانطلاق من المجال الصناعي ومن قوة الإمكانيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في خمسة مجالات واعدة تشمل الزراعة والأغذية والأسمدة، والأدوية، والمنسوجات، والمعادن، والبتروكيماويات، وهي مجالات ذات أهمية بالغة فى تعزيز بنيان مجتمعات الدول الثلاث خاصة وأنها مجالات تتعلق مباشرة بمتطلبات الحياة اليومية لشعوبها.

ونظرا للأهمية البالغة لاتفاق الشراكة الصناعية بين الدول الثلاث، يسلط هذا التقرير الضوء على أبرز ملامح هذا الاتفاق وأهدافه، والدوافع التى تقف وراءه، ودلالة توقيت إطلاق هذه الشراكة، وكيف تُؤسس لمرحلة تكامل تتجاوز الجانب الاقتصادي لتشمل جوانب اجتماعية ومعرفية، فضلا عن آفاق التعاون الممكنة التى من المقرر أن تُشكل قيمة مضافة للدول الثلاث.

أولا: ملامح وأهداف الاتفاق

تم الاتفاق بين الدول الثلاثة على تدشين صندوق استثماري جديد تُديره الشركة القابضة المملوكة لحكومة أبوظبي  ADQ  بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن هذه الشراكة في القطاعات المُتفق عليها وهي الزراعة والأغذية والأسمدة، والأدوية، والمنسوجات، والمعادن، والبتروكيماويات.

وتجدر الإشارة إلى أن شركة (ADQ) القابضة تأسست في عام 2018 وهي واحدة من أكبر الشركات القابضة على مستوى المنطقة العربية، حيث تمتلك استثمارات مباشرة وغير مباشرة محلياً ودولياً،  وتغطي المحفظة الواسعة من المشاريع الكبرى التابعة لها قطاعات رئيسية ضمن الاقتصاد المتنوع، بما في ذلك الطاقة والمرافق والأغذية والزراعة والصحة والدواء والنقل والخدمات اللوجستية وغيرها.

وتتمثل الشراكة في 5 أهداف استراتيجية مشتركة، وهي السعي لتحقيق نمو قائم على الاستدامة، وتحقيق سلاسل توريد مضمونة ومرنة، وتطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة، وتعزيز نمو وتكامل سلاسل القيمة والتجارة بين البلدان الثلاثة.

هذا وتمتلك الدول الثلاث مجموعة من الموارد والمزايا التنافسية الفريدة التي تشمل توفر المواد الأولية والخام، مثل موارد الطاقة في دولة الإمارات، والأراضي الزراعية الخصبة في مصر، والمعادن في كل من مصر والأردن ..كما تتمتع هذه الدول بقدرات قوية في مجال الصناعات الدوائية وإمكانية تنميتها وتوسعتها وزيادة طاقتها الإنتاجية، وقدرات تصنيعية مهمة في مجالات الحديد والألمنيوم والبتروكيماويات والمشتقات، فضلا عن العمالة الماهرة والبنية التحتية المتقدمة التى تتمتع بها الدول الثلاث من مطارات وموانئ وممرات نقل استراتيجي.

ثانيا: دوافع الاتفاق

  • تغيرات جيوسياسة:

في ضوء زيادة حدة التوترات السياسية بالمنطقة وتزايد حالة عدم القين التى يشهدها الاقتصاد العالمى جراء الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات الغربية وتزعزع استقرار السلم والأمن الدوليين، اتجهت عدة دول عربية إلى تدشين صناديق استثمارية سيادية تستهدف تمويل المشروعات الهامة لنمو الاقتصاد لديها وتعزيز قدراتها التصنيعية من خلال استغلال الأصول المتاحة غير المستغلة وتتولى إدارة هذه الأصول الصناديق السيادية من خلال الشراكات مع صناديق سيادية أخرى دولية.

وفى ظل منطقة محفوفة بالاضطرابات والحروب الأهلية  والتحالفات الجيوسياسية المتغيّرة والتنافس بين التحالفات المتخاصمة التي تسعى إلى توسيع دوائر نفوذها وتحديد المصائر في الدول الضعيفة والمتجزّئة في المنطقة، اكتسبت هذه الأطر التعاونية أهمية استراتيجية قوية.

  • تباطؤ تدفقات رؤوس الأموال للأسواق الناشئة:

لعل أهم ما دفع الدول الثلاثة لتعزيز التعاون الاقتصادي فيما بينها هى تخارج رؤوس الأموال من بعضها، الأمر الذى أدى إلى تراجع الاحتياطات الأجنبية لديها فضلا عن تذبذب الأسعار نتيجة لموجه التضخم العالمية. وعليه، سعت الحكومات الثلاثة إلى جذب استثمارت منخفضة التكلفة ومرتفعة العوائد من خلال عقد اتفاقات شراكة بين الدول الثلاثة بهدف استغلال الفوائض المالية لدى الدول النفطية والناتجة عن أسعار النفط المرتفعة خلال الفترة الحالية والفترات المستقبلية، خاصة وأن عوائد الاستثمار فى الدول المتقدمة أخذت فى التراجع خلال الفترة الحالية ومتوقع أن تنخفض مع تزايد حدة الركود التضخمى فى الدول الكبرى.

  • تأصيل التعاون المشترك متعدد الأطراف:

تسعى العديد من الدول العربية لعقد اتفاقات شراكة من خلال دمج الاقتصاد لديها بمزيد من الشراكات الاستراتيجية طويلة الأجل من جهة وتخفيف الأعباء الحالية الناتجة عن صدمة أسعار الطاقة والغذاء من جهة أخرى، وتأتى الدول العربية تونس والجزائر وليبيا والسودان فى مقدمة الدول المرشحة لعقد اتفاقات مع مصر والإمارات والسعودية والكويت والبحرين وقطر لتبادل المزيد من الميزات النسبية لكل من الاقتصادات المشاركة.

يُذكر أن الصناديق الاستثمارية السيادية تلعب دورا مهما فى تحركات رؤوس الأموال خلال الفترة الحالية والمقبلة وسط تخبط شديد فى السياسات المالية والنقدية فى العالم نتيجة العقوبات المفروضة من قبل الغرب على روسيا وعلى عدد من الدول مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية فضلا عن تخارج الولايات المتحدة من العديد من الاتفاقات التجارية مثل (نافتا، الأطلسي).

ثالثا: آفاق التعاون

تطوير القطاع الصناعي في الدول المشاركة سيؤدي إلى تمكين التنمية الصناعية في الدول الثلاث، وتنويع الاقتصاد وزيادة إسهام الصناعة في الناتج المحلي، كما أن هذه الشراكة تعكس قدرة دول المنطقة على تعزيز علاقاتها وإطلاق مشاريع وصناعات جديدة في إطار منظومة صناعية تكاملية توفر المزيد من الفرص فى واقع مليىء بالتحديات، وفي ضوء ذلك تكمن آفاق التعاون فيما يلى:

  • تعزيز النمو الاقتصادي:

تستهدف الدول الثلاثة زيادة الناتج المحلى الإجمالى، بما ينعكس على متوسط نصيب الفرد، وتعتمد الدول الثلاثة على تغيير نمط النمو الاقتصادي لديها من خلال تعزيز القدرات الكامنة لدى اقتصادها من خلال استقطاب رؤوس أموال جديدة منخفضة التكلفة وطويلة الأمد ومباشرة تستهدف الشراكة فى المشروعات القائمة والمستقبلية للخروج من الأزمات الحالية سواء كانت نقدية أو مالية أو هيكلية.

حيث تسعى الإمارات لتنويع هيكلها الاستثماري  للخروج من عباءة ريعية الاقتصاد من جهة واستغلال الفوائض المالية لديها للاستثمار خارج أراضيها من جهة أخرى، فيما تستهدف الحكومة المصرية جذب المزيد من الاستثمارات لمعالجة القصور النقدي لديها فى الأجل القصير ومشاركة القطاع الخاص ودمج الصندوق السيادي المصري فى شراكات دولية استثمارية منخفضة التكلفة ومرتفعة العوائد، فيما يسعى الاقتصاد الأردنى للتعافى من الأزمات المالية واستلهام التجربة المصرية فى الإصلاح المالى والنقدى بما يعزز من قدراته الإنتاجية خلال المرحلة المقبلة التى تتسم بضبابية المشهد إقليما ودولياً.

وكما هو موضح بالشكل البياني السابق، فإن الناتج المحلي الإجمالي المصري بلغ 363 مليار دولار عام 2021، بينما بلغ الناتج المحلي الإماراتى نحو 421 مليار دولار، والأردني نحو 43 مليار دولار عن نفس العام.

  • تعزيز التبادل التجاري:

من المتوقع أن ترتفع معدلات التبادل التجاري بين البلدان الثلاثة بحلول العام المقبل فور دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، إذ تعتزم الحكومة الأردنية تغطية ما لديها من عجز فى ميزانها التجارى من مصر والإمارات وتتركز المنتجات الزراعية والصناعية من مصر مقابل السلع التكنولوجية والرقمية من الإمارات.

كما أنه من المتوقع أن تدخل السلع الزراعية المصرية الأسواق الإماراتية بشكل مكثف خاصة لما شهدته المنتجات الزراعية المصرية من تحسن فى مستويات الجودة وانخفاض المترسبات واتفاقها بشكل شبه كامل مع المعايير الأوروبية لسلامة الغذاء، وهو ما تسعى مصر إليه من تقليص العجز التجاري لديها من خلال زيادة صادراتها للدول العربية.

يوضح الشكل البيانى التالى حجم التبادل التجاري للدول الثلاثة مع العالم 2021.

  • الاستغلال الأمثل للقدرات الكامنة فى الاقتصادات المشاركة:

تحظى القطاعات الصناعية والصناعات التكاملية بالاهتمام البالغ لدى الدول الثلاث، إذ دشنت مصر بنية تحتية كبيرة تستوعب النمو المتسارع فى قطاعات صناعية متوقعة ولعل أهمها الصناعات التحويلية والصناعات التكميلية والهندسية.

وتسعى مصر من خلال الاتفاق إلى استقطاب رؤوس الأموال عن طريق دخول صندوق مصر السيادى بالشراكات مع الدول العربية وضخ الأموال المتولدة عن هذه المشروعات فى استكمال المشروعات القائمة بهدف تعزيز قدرات الاقتصاد المصري لزيادة مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج المحلى الإجمالى.

وهنا نشير إلى أن النشاط الصناعى بلغ نحو 1.5 تريليون جنيه خلال العام المالى 2020/2021، مقابل نحو 1.4 تريليون فى قطاع الزراعة، ونحو 53634 مليون في قطاع النقل واللوجستيات، فيما بلغ القطاع التعديني نحو 66180 مليون جنيه، وقد دعم هذا النمو تراكم الرأسمال الحكومى بنحو 162 مليار جنيه.

وبشأن الاقتصاد الإماراتى فقد بلغ التكوين الرأسمالى نحو 286074 مليون درهم إماراتى، ويتركز نمو الاقتصاد الإماراتى على التحول من الاقتصاد الريعى المعتمد على النفط إلى اقتصاد مستدام معتمد على تنوع مصادر النمو وهو ما دفعه بالشراكة مع اقتصادات عدة لتنويع مصادر نموه من جهة واستثمار الفوائض المالية من جهة أخرى فى قطاعات واقتصادات أعلى ربحية من الدول المتقدمة جراء ما يشهده العالم المتقدم من حالة ركود تضخمية.

بينما يتنوع الاقتصاد الأردنى وتمثل الصناعة نحو 1404 مليون دينار من حجم ناتج محلى يقدر بنحو 43.7 مليار دينار، ونحو 488 مليون فى قطاع الزراعة ونحو 183 مليون دينار بقطاع التعدين ونحو 681مليون بقطاع النقل، وفى ضوء ارتفاع التكوين الرأسمالى للحكومة إلى نحو 3.5 مليار دولار فإن الحكومة الأردنية تتجه بشدة نحو التحول لاقتصاد رأسمالى يعتمد فى أساسه على مشاركة القطاع الخاص وجذب المزيد من الخبرات الدولية المتمثلة فى الشركات التكنولوجية خاصة المتركزة فى الإمارات العربية أو صناعية تكاملية متركزة فى مصر فضلاً عن تغطية احتياجاتها من الكهرباء عبر شبكات الربط الممتدة التى تمتلكها مصر.

خلاصة القول:

يعبر الاتفاق الإطاري عن مرحلة جديدة للتعاون بين الدول الثلاث مصر والإمارات والأردن تستهدف تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في خمسة مجالات صناعية ..ووفق  هذا الاتفاق ستستثمر الإمارات 10 مليارات دولار أمريكي ضمن صندوق استثماري يشمل دول مجاورة لم يُعلن عنها بعد، ويستهدف مشروعات في مصر والأردن من خلال تطوير صناعات تنافسية ذات مستوى عالمي، وتعزيز قطاعات التصنيع ذات القيمة المضافة، إلى جانب توفير سلاسل توريد مضمونة ومرنة وتعزيز نمو سلاسل القيمة والتجارة وتكاملها بين الدول الثلاث.

 

The post الشراكة الصناعية بين مصر والإمارات والأردن ..دوافع الاتفاق وآفاق التعاون appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3499
كيف يُسهم التنوع البيولوجى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ https://draya-eg.org/2022/05/24/%d9%85%d8%a7-%d9%87%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%88%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%8a%d9%88%d9%84%d9%88%d8%ac%d9%8a-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%86%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa/ Tue, 24 May 2022 22:24:48 +0000 https://draya-eg.org/?p=3444 يُعد التنوع البيولوجى من القضايا التى تُشكل أهمية قصوى لبقاء الإنسان والكائنات الحية، فهو الأساس الذي يدعم جميع أشكال الحياة على الأرض وتحت سطح الماء، كما أنه من الركائز الأساسية لاستمرار عمليات التنمية المستدامة، حيث إنه يرتبط بتأمين احتياجات البشر من الأمن الغذائى، والهواء النقي والمياه، والدواء. وانطلاقا من حقيقة أن التنوع البيولوجى آخذ فى …

The post كيف يُسهم التنوع البيولوجى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يُعد التنوع البيولوجى من القضايا التى تُشكل أهمية قصوى لبقاء الإنسان والكائنات الحية، فهو الأساس الذي يدعم جميع أشكال الحياة على الأرض وتحت سطح الماء، كما أنه من الركائز الأساسية لاستمرار عمليات التنمية المستدامة، حيث إنه يرتبط بتأمين احتياجات البشر من الأمن الغذائى، والهواء النقي والمياه، والدواء. وانطلاقا من حقيقة أن التنوع البيولوجى آخذ فى التدهور فى كل منطقة من مناطق العالم بسرعة غير مسبوقة بسبب الأنشطة البشرية، فإن وقف هذا التدهور هو الطريقة الوحيدة لاستعادة واستدامة كوكب سليم.

وإيمانا بأهمية قضية التنوع البيولوجى وتأثيره على حياة البشر والأجيال المقبلة وارتباطه الوثيق بقضايا المناخ والصحة والأمن الغذائي والمائي، وضرورة رفع الوعى والتثقيف الجماهيرى بهذه القضية، أعلنت الأمم المتحدة أن يوم 22 مايو من كل عام يوما عالميا للتنوع البيولوجي، وذلك إحياء لذكرى اعتماد نص اتفاقية التنوع البيولوجي في 22 مايو 1992.

وبمناسبة الاحتفال هذا العام باليوم العالمي للتنوع البيولوجي تحت شعار ” بناء مستقبل مشترك لجميع أشكال الحياة على الأرض”، يُصدر منتدى “دراية” دراسة تحليلية تُسلط الضوء على التنوع البيولوجى، وأنماطه وأهميته والأخطار والمشكلات الناجمة عن فقدان التنوع البيولوجي، وأبرز الحقائق والأرقام المتعلقة بهذه القضية، إلى جانب مساهمات التنوع البيولوجى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وجهود إنجازات الدولة المصرية فى الحفاظ على التنوع البيولوجي، وأبرز التحديات التى تواجه هذا الملف وسبل مواجهتها.

أولا: مفهوم التنوع البيولوجى

تعرّف المادة 2 من اتفاقية التنوع البيولوجي (1992) مصطلح “التنوع البيولوجي” (biodiversity) بأنه “تباين الكائنات العضوية الحية المستمدة من كافة المصادر بما فيها، ضمن أمور أخرى، النظم االبيئية الأرضية والبحرية والأحياء المائية والمركبات التي تعد جزءاً منها، وذلك يتضمن التنوع داخل الأنواع وبين الأنواع والنظم البيئية”.

كما عرفت عديد من الدراسات العلمية التنوع البيولوجي على أنه إجمالي الكائنات الحية المختلفة، بما في ذلك الجينات التي تحتويها، والنظم البيئية التي تُشكلها. ولهذا يشير المصطلح إلى تنوع الحياة على الأرض والأنماط الطبيعية التي تُشَكِّلها ، فالتنوع البيولوجي الذي نراه حاليا هو نتاج مليارات الأعوام من التطور، والذي تشكل نتيجة للعمليات الطبيعية، والتأثير الحادث بفعل البشر.

وتجدر الإشارة إلى أن النظام البيئي هو وصف لكل ما يتعلق بالكائنات الحية والمكونات غير الحية من تفاعلات وتبادلات فى حيز محدود من الطبيعة.

ثانيا: أنماط التنوع البيولوجي

1- تنوع الأنواع (Species Diversity)

يحتوي كل نظامٍ بيئي على مجموعة فريدة من الأنواع والتي تتفاعل مع بعضها البعض، وقد تتميز بعض الأنظمة البيئية بغناها بالأنواع مقارنةً مع غيرها، في حين قد تمتاز نُظم أخرى بنمو نوعٍ واحد بشكل كبير حتى يهيمن على مجتمعه الطبيعي.

فإذا أجرينا مقارنةً على أساس التنوع البيولوجي بين النُظم البيئية، فإن النظام البيئي الذي يحتوي على عددٍ أكبر من الأنواع، دون وجود نوع مهيمن على البقية، سيعتبر أكثر تنوعًا ويمكن لعدد كبير من الأنواع مساعدة النظام البيئي على التعافي من التهديدات البيئية، حتى لو انقرضت بعض الأنواع.

2- التنوع الجيني (Genetic Diversity)

يعني درجة التنوع الوراثى داخل نوع معين، والتنوع ضمن النوع في حد ذاته ضروري لحفظ التنوع بين الأنواع بشكل عام والعكس بالعكس، ويساعد التنوع الوراثى العالي للأنواع على التكيف مع البيئات المتغيرة.

3- تنوع الأنظمة البيئية (Ecosystem Diversity)

قد تتنوع النظم البيئية في منطقة ما، وقد يسود فيها نظام بيئي واحد، ويُعد التنوع في الأنظمة البيئية مهمًا للوجود البشري وينتج عن قلته نتائج سلبية كثيرة.

4- التنوع الوظيفي (Functional Diversity)

هو الطريقة التي تتصرف بها الأنواع وتحصل على الغذاء وتستخدم الموارد الطبيعية في نظامٍ بيئيٍّ ما، يُفترض أن يكون النظام البيئي الغني بالأنواع ذا تنوعٍ وظيفيٍّ مرتفعٍ، مع وجود العديد من الأنواع ذات السلوكيات المختلفة.

ثالثا: أهمية التنوع البيولوجي

  • يلعب دورا أساسيا فى كل مناحى الحياة إذ يوفر للبشرية الموارد الأساسية ووظائف وخدمات الأنظمة البيئية.
  • يسهم فى التخفيف من حدة الفقر أو القضاء عليه، لاسيما وأن أكثر من 70 % من الأشخاص الذين يعيشون فى فقر يعتمدون – جزئياً على الأقل – على الموارد الطبيعية لكسب معيشتهم، سواء من خلال الزراعة أو صيد الأسماك أو الغابات أو الأنشطة الأخرى القائمة على الطبيعة.
  • يعتمد أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي أي ما يعادل 44 تريليون دولار أمريكي تقريباً بشكل كبير أو متوسط على الطبيعة.
  • يسهم فى الحفاظ على الاستقرار البيئي حيث إن جميع الكائنات الحية تؤدي دورها الطبيعي في البيئة، وتسير العمليات الحيوية وغيرها بطريقة سليمة وطبيعية.
  • يعزز الصناعة حيث تدخل النباتات والحيوانات ، والأوراق، والعطور، والزيوت، والأخشاب، في الصناعات الغذائية والملابس وغيرها. وتعد كثير من الأعشاب والنباتات مصدرًا لبعض الأدوية التي تعتمد على الكائنات الحية الدقيقة في معظم مركباتها مثل المضادات الحيوية.
  • يُسهم فى تنوع المحاصيل الزراعية والنباتات، كما يسهم في الحصول على موارد هامة للزراعة كالسماد الطبيعي.
  • يدعم الاقتصاد لما له من تأثير إيجابي على النشاطات الزراعية والصناعية، فضلا عن السياحة نظرا لوجود تنوع نباتي يُوفر الحدائق الطبيعية، وتنوع حيواني يسهم في وجود حدائق الحيوان والمحميات الطبيعية.
  • يخفف من تأثير الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والعواصف والانهيارات الثلجية والأرضية والجفاف.
  • يحمي من انتشار المرض فكلما كان التنوع البيولوجي المحلي مرتفعاً، كلما قلت معدلات الإصابة بالأمراض الحيوانية.

 رابعا: الأخطار التي تهدد التنوع البيولوجي

1- تغير المناخ:

أثرت التغيرات المناخية الكبيرة التى شهدتها الكرة الأرضية بشكل كبير على التنوع البيولوجي، إذ تتعرض أنواع كاملة من الكائنات الحية، خاصًة تلك التي تتسم بالندرة، والمتواجدة في المحميات الطبيعية للانقراض نتيجة لتلك التغيرات، فضلا عن تغييرات فى توزيع الأنواع وتغيرات فى توقيت التكاثر وفى طول فصل النمو مما يؤثر بشكل كبير على الحياة البيولوجية ويتسبب فى فقدان الموائل وتجزئتها، وتتعرض معها الكثير من المحاصيل الزراعية لانخفاض الإنتاجية، وتتأثر الحيوانات المدرة للألبان، وينخفض إنتاج اللحوم في حيوانات التسمين، ويهلك جزء كبير من الثروة السمكية.

لم يُتح التغير المناخى السريع والمتلاحق الناتج عن الأنشطة البشرية الوقت الكافي للأنظمة البيئية والأنواع للتّكيُّف، فارتفاع درجات الحرارة وتغير خريطة هطول الأمطار وتحمض المحيطات وارتفاع مستوى سطح البحر  تسبب بالفعل في اضمحلال التنوع البيولوجي، فعلى سبيل المثال، الشعاب المرجانية والتي تُعرف بـ “غابات البحر المطيرة”، باتت تموت نتيجة ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات وتحّمضها.

وهنا نشير إلى وجود روابط متبادلة بين التنوع البيولوجي وتغير المناخ ففي حين أن التنوع البيولوجي مُهدد جراء تغير المناخ، إلا أنه يمكن أن يُخفض من تأثيرات تغير المناخ حيث يمكن تحقيق 30 % من أهدافنا للتخفيف من آثار تغير المناخ من خلال الحلول القائمة على الطبيعة، مثل الحفاظ على النظم البيئية المحلية واسترجاعها، و حماية خدمات النظام البيئى وتعزيزه، وإدارة موائل الأنواع المهددة، وإنشاء ملاجئ ومناطق حماية، وإنشاء شبكات المناطق المحمية على اليابسة وفي مسطحات المياه العذبة وفي البحار، ومراعاة التغيرات المتوقعة في المناخ.

2- إزالة الغابات وفقدان الموائل الطبيعية: تُعد سببًا مباشرًا لانقراض الأنواع وفقدان التنوع البيولوجي، حيث يُفقد ما يُقدَّر بـ 18 مليون فدان من الغابات سنويا بسبب قطع الأشجار وغيرها من الممارسات البشرية مما يؤدي إلى تدمير النظم البيئية وفقدان الموائل الطبيعية التي تعتمد عليها العديد من الأنواع.

وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من 50% من الأنواع الموجودة في العالم، تعيش في الغابات الاستوائية المطيرة، والتي تمتاز بأعلى تنوع بيولوجي على الأرض، ولكن خلال الأربعين عامًا الماضية، تمت إزالة حوالي 20 % من غابات الأمازون لأغراض الزراعة وتربية الماشية وغيرها، ويقدّر العلماء أن حوالي 20% من الأشجار، سيتم قطعها خلال العشرين عامًا القادمة.

3- الاستغلال المفرط: ساهم الصيد الجائر والإفراط في الحصاد إلى حد كبير في فقدان التنوع البيولوجي، مما تسبب في قتل العديد من الأنواع خلال السنوات الماضية.

ويؤكد الصندوق العالمي للحياة البرية على أن الاستغلال المفرط هو ثاني أكبر خطرٍ يهدد الكثير من الأنواع بعد فقدان العوائل، وإذا استمر الصيد الجائر بمعدله الحالي، فسوف ينفد العالم من المأكولات البحرية بحلول عام 2048.

4-  التلوث: يُعد من أكثر الأسباب المؤدية إلى تدهور التنوع البيولوجي، حيث يؤدى تلوث الهواء والماء والتربة إلى فقدان العديد من الكائنات الحيّة مثل الطيور من خلال استنشاق الغازات أو الجسيمات الصغيرة الضارة، والنباتات من خلال مياه الري الملوثة بالكيماويات، والأسماك من خلال إلقاء النفط والمخلفات الصناعية ومياه الصرف الصحي في المجاري المائية.

خامسا: لماذا يُعد فقدان التنوع البيولوجي أمرا خطيرا؟

يهدد تدهور التنوع البيولوجي الإسهامات الحيوية التي تقدمها الطبيعة للبشرية، ويمس الاقتصادات وسبل العيش والأمن الغذائي والتنوع الثقافي وجودة الحياة، ومن ثم يُمثل تهديداً كبيراً للسلم والأمن العالميين. ولذلك يتسبب فقدان التنوع البيولوجي فى المشكلات التالية:

  • مشكلة مناخية: لأن تدمير وإتلاف النظم البيئية والموائل أو المواطن يُسرع من ظاهرة الاحتباس الحرارى.
  • مشكلة صحية: لأن الطبيعة تعمل على تحسين جودة الهواء والماء والتربة، وتقليل التعرض للملوثات وتبريد المدن التى نعيش بها، كما أن فقدان التنوع البيولوجي يزيد أعداد الحيوانات الحاملة للأمراض في المجموعات المحلية.
  • مشكلة اقتصادية: لأن رأس المال الطبيعي يوفر موارد أساسية للصناعة والتجارة، كما أن فقدان التنوع البيولوجي يُجبَر الإنسان على القيام بوظائف الطبيعة، مثل التّلقيح والري واستصلاح التربة والمهام الأخرى التي لم تعد الطبيعة قادرة على القيام بها، وهذا يتطلب تكلفة اقتصادية كبيرة.
  • مشكلة أمن غذائي: لأن الملقحات والتربة والكائنات البحرية تلعب دورا حيويا فى نظامنا الغذائي.
  • مشكلة أمنية: لأن فقدان الموارد الطبيعية يمكن أن يؤدى إلى صراعات.
  • مشكلة أخلاقية: لأن فقدان التنوع البيولوجي يضر أشد الناس فقرا، مما يجعل جوانب عدم المساواة أسوأ مما هو عليه.
  • مشكلة مشتركة بين الأجيال لأننا نسلب الأجيال القادمة الأساس المطلوب لحياة كاملة المتطلبات.

 سادسا: خسائر فقدان التنوع البيولوجي فى أرقام

  • خسائر تدهور التنوع البيولوجى فى أوروبا وحدها تخفض قيمة إجمالى الناتج القومى العالمى بما يقارب نسبته 3% سنويا، بحسب وكالة البيئة الأوروبية .
  • يهدد خطر الانقراض أكثر من 26 ألف نوع من الثدييات وبنسبة13% من الطيور وقرابة نصف البرمائيات ، وفقا لبيانات الاتحاد الدولى لصون الطبيعة.
  • انخفضت أعداد الحيوانات الفقارية بما يزيد عن النصف خلال الـ40 عاما الماضية.
  • انخفضت أعداد الأنواع الحيوانية والنباتية البرية خلال العقد الماضى بنسبة 42%.
  • تغيرت ثلاثة أرباع البيئة البرية ونحو 66% من البيئة البحرية بشكل كبير بسبب الأنشطة البشرية.
  • تأوي الغابات ما يزيد على 80% من أنواع الحيوانات والنباتات والحشرات الأرضية، فى حين أن مساحة الغابات في العالم الآن تغطي نحو 68% فقط من المساحة التي كانت مغطاة في حقبة ما قبل الصناعة.
  • أكثر من نحو 150 مليون طن من مخلفات البلاستيك متراكمة في محيطات العالم، حيث يتسرب سنويا إلى المحيطات نحو 13 مليون من مخلفات البلاستيك مما يتسبب في قتل 100 ألف من الكائنات البحرية سنوياً.

سابعا: الاتفاقيات المتعلقة بالتنوع البيولوجي

نظرا لأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجى والتصدى للتهديدات غير المسبوقة، عقدت الكثير من دول العالم والمنظمات الدولية العديد من الإتفاقيات التى تستهدف الحفاظ على التنوع البيولوجى ومنها :

  • الاتفاقية الدولية لتنظيم صيد الحيتان لعام 1946 والمعدلة عام 1956.
  • الاتفاقية الإفريقية لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية الموقعة عام 1968.
  • اتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة الموقعة عام 1979.
  • الاتفاقية الإقليمية لحماية بيئة البحر الأحمر وخليج عدن الموقعة عام 1982.
  • اتفاقية التنوع البيولوجي الموقعة عام 1992على هامش قمة الأرض بريو دي جاينيرو بالبرازيل.

وبموجب اتفاقية التنوع البيولوجي، تم إقرار “الخطة الاستراتيجية للتنوع البيولوجي 2011-2020 “، وأهداف “أيشي للتنوع البيولوجى”. كما تم وضع “إطار عالمى للتنوع البيولوجى لما بعد عام 2020” والذى تمت صياغة أهدافه فى الاجتماع الخامس عشر لمؤتمر الأطراف فى اتفاقية التنوع البيولوجى الذى عقد فى 17 مايو 2021 بالصين.

ثامنا: كيف يُسهم التنوع البيولوجى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟

يحتل التنوع البيولوجي مكانة بارزة فى العديد من أهداف التنمية المستدامة والغايات المرتبطة بها وذلك على النحو التالي:

  • القضاء على الفقر: يوفر التنوع البيولوجي الموارد التي تدعم بشكل مباشر مجموعة من الأنشطة الاقتصادية مثل الزراعة، وصيد الأسماك والسياحة، وهى أنشطة توفر سبل عيش لكثير من فقراء الريف في العالم. وتشير التقديرات إلى أن خدمات النظم البيئية تُشكل ما بين 50 و90% من المصدر الكلي لسبل العيش بين الأسر الريفية الفقيرة. ومن شأن حفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام، بما في ذلك من خلال الزراعة المستدامة والخدمات التى توفرها النظم البيئية، أن يساعد على منع وقوع الأسر في براثن الفقر عن طريق زيادة دخلهم والحد من ضعفهم أمام الصدمات الاقتصادية الخارجية أو الكوارث البيئية.
  • القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي: إن التنوع البيولوجي عامل أساسي لتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية. وتعتمد جميع النظم الغذائية على التنوع البيولوجي ومجموعة واسعة من خدمات النظم البيئية التي تدعم الإنتاجية الزراعية، وخصوبة التربة، ونوعية المياه وإمداداتها، فضلا عن أن ثلث المحاصيل الزراعية في العالم تعتمد على الأقل على الملقحات. ويُعد التنوع الوراثى في الزراعة عنصرا رئيسيا من عناصر الأمن الغذائي، فهو يساعد على ضمان تطور الأنواع التي يمكن أن تتكيف مع الظروف البيئية المتغيرة، وكذلك مقاومة أمراض وآفات وطفيليات معينة. وتعتبر المنتجات التي تتيحها الطبيعة مصدرا هاما للتغذية، وبالتالي تساهم في الأمن الغذائي للأسر المعيشية.
  • الصحة الجيدة والرفاه: يعتبر كثير من الآفات والأمراض من النتائج المترتبة على اضطراب النظم البيئية. وتساعد النظم البيئية الصحية على التخفيف من انتشار وتأثير التلوث عن طريق عزل أنواع معينة من تلوث الهواء والمياه والتربة والقضاء عليه. وتنظم الغابات تدفق المياه وتحسن نوعيتها. كما أن العديد من الأدوية اشتقت من المنتجات البيولوجية وتعتمد نسبة كبيرة من سكان العالم على الأدوية التقليدية المشتقة من التنوع البيولوجي لتلبية احتياجاتهم من الرعاية الصحية.
  • التعليم الجيد: يمثل زيادة الوعي والمعرفة بالتنوع البيولوجي عنصرا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة وأنماط الحياة المستدامة، ولهذا يعتبر رفع الوعي بأهمية التنوع البيولوجي من خلال نظم التعليم أساسيا لتحقيق هذا الهدف وأهداف التنمية المستدامة الأخرى.
  • المياه النظيفة والنظافة الصحية: تدعم النظم البيئية الصحية إيصال إمدادات المياه، ونوعية المياه، وتوفر الحماية من المخاطر والكوارث المتعلقة بالمياه، كما يوفر الغطاء النباتي، مثل المراعي والغابات، مصدرا حيويا لحماية مستجمعات المياه في المناطق المرتفعة. فهي توفر الغطاء النباتي الذي يساعد على إبطاء معدل الجريان السطحي، والحماية من التآكل، حتى عند وصول تدفقات المياه إلى أعلى وأدنى مستوياتها، وتقليل أحمال الطمي والرواسب المنقولة إلى المصب.
  • العمل اللائق ونمو الاقتصاد: يدعم التنوع البيولوجي توفير خدمات النظم البيئية التي تعتبر أساسية للأنشطة الاقتصادية التى توفر فرص عمل مثل الزارعة وصيد الأسماك والسياحة والطاقة والنقل والتجارة. ويمكن أن يؤدي حفظ التنوع البيولوجي واستعادته إلى زيادة الإنتاجية واستخدام أكفأ للموارد.
  • الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية: يمكن أن يوفر التنوع البيولوجي والنظم البيئية الصحية بنية تحتية طبيعية موثوقة وفعالة من حيث التكلفة. وعلى سبيل المثال، تقوم الشعاب المرجانية وغابات المانجروف بحماية السواحل من الفيضانات المتوقع أن تزيد مع تغير المناخ. ويمكن أن تمتص الأحزمة الخضراء الحضرية والنباتات المياه السطحية الجارية وتدعم القدرة على الصمود أمام العواصف وعوامل التعرية.
  • مدن ومجتمعات محلية مستدامة: يدعم التنوع البيولوجي العمل اليومي للمدن والمستوطنات البشرية من خلال تقديم الخدمات الأساسية وتوفير الظروف الأساسية التي تُمكن وتدعم وتحمي الإنتاج والاستهلاك البشري والموائل. ويمكن أن توفر النظم البيئية الصحية الحماية من الظواهر الجوية المتطرفة والكوارث والقدرة على الصمود أمامها.

ولن يعود التخطيط الحضري الذي يدمج اعتبارات التنوع البيولوجي بفائدة على التنوع البيولوجي فحسب، ولكنه سيسهم أيضا في وجود مستوطنات بشرية أكثر استدامة. وعلى سبيل المثال  يمكن أن تسهم الأشجار المزروعة بشكل صحيح حول المباني إلى خفض الاحتياجات من تكييف الهواء بنسبة 30% وتوفير الطاقة المستخدمة لأغراض التدفئة بنسبة 20-50%.

  • الاستهلاك والإنتاج المسؤولان: تُقوض أنماط الاستهلاك والإنتاج غير المستدامة الحالية قدرة النظم البيئية على تقديم الخدمات للصناعات والمجتمعات التي تعتمد عليها. ويمكن أن يؤدي استخدام النهج الأكثر كفاءة في استخدام الموارد التي الاستهلاك وآثار النفايات والملوثات إلى إتاحة فرص اقتصادية وتحقيق حياة أفضل للمستهلكين والمنتجين على حد سواء، وأن يؤدي في الوقت نفسه بفائدة للتنوع البيولوجي.
  • العمل المناخي: من المرجح أن يُصبح تغير المناخ أحد أهم دوافع فقدان التنوع البيولوجي بحلول نهاية القرن. ويؤثر الاحترار العالمي الحالي بالفعل على الأنواع والنظم البيئية حول العالم.

كما أن التنوع البيولوجي عامل هام لزيادة القدرة على الصمود والحد من المخاطر والأضرار المرتبطة بالآثار السلبية لتغير المناخ، حيث يمكن أن يعمل كحاجز طبيعي ضد الظواهر المناخية والجوية القاسية مثل تغير أنماط هطول الأمطار، والجفاف، والعواصف، وغيرها من الكوارث. وتوفر نظم الإنتاج المتنوعة والمتكاملة خيارات أكثر للتكيف مع المناخ المتغير، وتقلل نظم الإنتاج القائمة على النظم البيئية من انبعاثات غازات الدفيئة.

  • الحياة تحت الماء: يدعم التنوع البيولوجي جميع أنشطة الصيد وتربية الأحياء المائية، فضلا عن الأنواع الأخرى التي يتم صيدها للأغذية والأدوية. ويعتبر حفظ التنوع البيولوجي البحري والساحلي واستخدامه المستدام، بما في ذلك استخدام المناطق البحرية المحمية البحرية، أمرا ضروريا لضمان أن تظل المحيطات والبحار والموارد البحرية في العالم متمتعة بحيويتها للأجيال الحالية والقادمة.
  • الحياة فى البر: اتباع النظم البيئية للزراعة والرعي التي تحفز التنوع البيولوجي للكائنات المجهرية في التربة والحيوانات الصغيرة والبالغة الصغر في التربة، تعزز الصحة المادية والبيئية وتحافظ عليها، وبالتالي تمنع تآكلها، وتحافظ على خصوبة التربة وترميمها.
  • السلام والعدل والمؤسسات القوية: قد يتسبب فقدان التنوع البيولوجي فى إحداث صراعات على الموارد الطبيعية خاصة فى الدول الفقيرة حيث تعتمد الأسر بشكل كبير على الموارد كمصدر للعيش ، ومن ثم يؤدى إلى انعدام الأمن الاجتماعي والعنف.

ولهذا ، لابد من اتخاذ إجراءات عاجلة وهامة لوقف فقدان التنوع البيولوجي، وذلك بالحفاظ على الموائل الطبيعية، وحماية الأنواع المهدَّدة ومنع انقراضها وتعزيز التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الوراثية، وتعزيز سبل الوصول إلى تلك الموارد على النحو المتفق عليه دوليا، إلى جانب وقف الصيد غير المشروع للأنواع المحمية من النباتات والحيوانات والاتجار فيها، والتوعية بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي وإدماجها في استراتيجيات الدول والعمليات الإنمائية.

تاسعا: التنوع البيولوجى وفيروس كورونا

أكد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن جائحة كورونا أظهرت أنه عندما يدمر الإنسان التنوع البيولوجى فإنه يدمر النظام الذى يدعم حياته حيث إن فقدان التنوع البيولوجي يوفر فرصا لمسببات الأمراض للانتقال بين الحيوانات والبشر. ولهذا أكدت الأمينة التنفيذية لاتفاقية التنوع البيولوجي، إليزابيث ماروما مريما، أن “أزمة كوفيد-19 كانت بمثابة جرس الإنذار لإصلاح علاقتنا المتدهورة مع الطبيعة”.

فهناك أدلة متزايدة تربط الاستغلال غير المستدام للطبيعة أي إزالة الغابات واستهلاك الحياة البرية بزيادة مخاطر انتشار الأمراض المعدية. فقطع الغابات وتدمير النظم البيئية، تدفع البشر والحياة البرية إلى الاحتكاك بشكل متزايد، مما يؤدى إلى تدمير الحواجز الطبيعية التي تحمي الإنسان عادة من مسببات الأمراض.

لقد أدى استمرار سوء إدارة العالم الطبيعي من خلال إزالة الغابات، واستخراج الموارد، والتحضر، والزراعة الصناعية، وتجارة الحياة البرية، إلى خلق الظروف التي سمحت للوباء الحالي بالظهور. كما أن سوء الإدارة هذا هو السبب وراء تفشي الأمراض الجديدة مؤخرا مثل الإيبولا، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والسارس، وإنفلونزا الطيور، ويمكن أن تتسبب في أوبئة أكثر فتكا في المستقبل.

فقدان التنوع البيولوجي يُقوض التمتع الكامل بحقوق الإنسان

إن تدهور التنوع البيولوجى له تأثير بالغ الأهمية على حقوق الإنسان الأساسية، وهو الأمر الذى أشارت إليه ميشيل باشيليت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان فى بيان صادر عنها فى 5 سبتمبر 2021، موضحة أن “تدهور التنوع البيولوجى له آثار مدمرة محتملة على حقوق الإنسان، بما فى ذلك حقه فى بيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، وفي الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء، وفي السكن اللائق، وفي الصحة، والتنمية، والحياة نفسها”.

وطالبت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بأن تُتَرجَم حقوق الإنسان بشكل مجدٍ في كافة جوانب “الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020″، بحيث يتجاوز الإطار نطاق نظرية التغيير والظروف التمكينية، فيدمج حقوق الإنسان في رؤيته ورسالته وأهدافه وغاياته.

عاشرا: جهود الدولة المصرية فى الحفاظ على التنوع البيولوجي

أولت القيادة السياسية المصرية قضايا البيئة خاصة التنوع البيولوجى اهتماما كبيرا وبذلت جهودا غير مسبوقة فى هذا الملف، وكان أبرزها رئاسة مصر لمؤتمر الأطراف المشاركة فى اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى الرابع عشر فى الفترة من نوفمبر 2018 إلى أكتوبر 2021  فى شرم الشيخ، لتصبح مصر بذلك أول دولة إفريقية وعربية تترأس المؤتمر منذ توقيع اتفاقية التنوع البيولوجي في عام 1992 .

وقامت الدولة بالعمل على 3 محاور أساسية (المحور السياسي – المحور الإعلامي – محور توفير التمويل) وذلك من خلال تطبيق عدد من البرامج الوطنية التى شملت تطوير المحميات وتحسين البنية التحتية وخدمات الزوار، بالإضافة إلى رفع الوعى بأهمية التنوع البيولوجى وقيمته الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية ودوره في التنمية المستدامة وضرورة المشاركة المجتمعية فى حمايته، علاوة على الاتجاه نحو الاستثمار فى المحميات الطبيعية و الترويج للسياحة البيئية.

صاحبت الجهود المصرية العديد من الإنجازات فى مجال صون وحماية التنوع البيولوجى والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة فى ثروات مصر الطبيعية، وأبرزها التالي:

  • دمج معايير الاستدامة البيئية فى خطط الاستثمار وزيادة حجم الاستثمارات فى المشروعات الخضراء خلال خطة العام المالي 2022/2023 في العديد من القطاعات مثل النقل، والكهرباء، والري، والإسكان لتبلغ نسبة الاستثمارات العامة الخضراء 40%، من جُملة الاستثمارات العامة، مع استهداف الوصول لنسبة 50% بنهاية عام 24-2025.
  • إطلاق المبادرة الرئاسية لربط مسار اتفاقيات ريو الثلاث (تغير المناخ – التنوع البيولوجى – التصحر) لتوحيد الجهود ومصادر التمويل للخروج بنتائج سريعة وتحقيق التنمية المستدامة.
  • انضمام مصر إلى ميثاق “ميتز” للتنوع البيولوجي فى عام 2019، والذي تتبناه الدول الصناعية السبع الكبرى “كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية” والذى يهدف الى رفع التزامات الدول الموقعة عليه فيما يخص بذل أقصى جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي ودعم توفير التمويل اللازم لهذا الملف.
  • إصدار سندات خضراء لتمويل المشروعات المناخية والبيئية، لتصبح مصر أولى الدول فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط فى هذا الصدد.
  • وضع استراتيجية جديدة ومتطورة لنظم إدارة استخدامات الموارد الطبيعية بالمحميات الطبيعية تستهدف تحقيق الاستدامة لمواردها والحفاظ على ثرواتها الطبيعية وتنوعها البيولوجي وذلك من خلال تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية والخدمات المقدمة للزوار بعدد (13) محمية طبيعية على مستوى الدولة.
  • إعداد برتوكول تنظيم الصيد بالبحر الأحمر وخليجى السويس والعقبة لتوحيد الروئ لإتخاذ الإجراءات المطلوبة للحفاظ على الموروث الطبيعي فى تلك المناطق.
  • برامج دمج صون الطيور الحوامة المهاجرة بالقطاعات التنموية وخصوصا قطاعات الطاقة والسياحة مما ساهم في حماية الطيور الحوامة وتقليل الفقد في الكهرباء.
  • إحكام الرصد والرقابة على الأنشطة البحرية بتطوير منظومة العمل بالمحميات البحرية وتجهيز مواقع الغوص للحفاظ على الشعاب المرجانية وتنظيم الأنشطة البحرية السياحية.
  • إطلاق علامة “جرين فينز” للمعايير البيئية المستدامة وإدماجها رسميا في قطاع الغوص والأنشطة البحرية، وذلك بهدف تنظيم وتعديل بعض السلوكيات الخاطئة لممارسي الأنشطة البحرية والحفاظ على البيئة البحرية وحماية الشعاب المرجانية والحياة البحرية، لتصبح مصر الأولى في المنطقة، والـ 11 على مستوى العالم لتطبيق مُبادرة “جرين فينز”.
  • إنشاء أول مركز تجريبى لإنقاذ الطيور فى شمال سيناء لتوفير الرعاية البيطرية للطيور فى رحلة هجرتها، وإنشاء مركز التميز البيئي بجبل الزيت، لتدريب الشباب على رصد ومراقبة الطيور بمحطات طاقة الرياح.
  • مكافحة التجارة غير المشروعة في الحياة البرية من خلال التفتيش على الأسواق والمزارع والقرى السياحية والمشروعات المرخص لها بإكثار الحيوانات البرية.
  • طرح الاستثمار للقطاع الخاص فى عدد من المحميات لإقامة مشروعات متوافقة مع طبيعة المحمية وخارج مناطق الحساسية البيئية لتوفير مصادر للدخل للمساهمة فى تطوير المحميات.
  • تنفيذ العديد من المبادرات و الحملات ومن بينها إطلاق حملة Egypt Eco كأول حملة للترويج للسياحة البيئية بمصر ورفع الوعى البيئى لدى المواطنين بأهمية المحميات الطبيعية وثرواتها، ضمن فعاليات المبادرة الرئاسية” اتحضر للأخضر “.
  • التعاون مع منظمات المجتمع المدني وناشطي حقوق الحيوان والمتطوعين في عملية إعادة إطلاق الحيوانات والطيور إلى بيئتها مرة أخرى.

جهود مصر فى صون التنوع البيولوجي تحظى بمردود عالمي

  • فازت مصر ولأول مرة فى عام 2018 بجائزة الصون الدولية لاتفاقية صون الطيور المائية الأفريقية الأورو أسيوية المهاجرة والمعروفة بـ”الأيوا”.
  • حصول موقع وادى الحيتان بمحمية وادى الريان على تقييم أفضل موقع فى العالم يتميز بأعلي درجات الحماية واستخدام آليات الحوكمة الرشيدة من خلال تقرير تقييم الآداء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) لمواقع التراث الطبيعي العالمي لعام 2020 .
  • فوز مشروع صون الطيور الحوامة المهاجرة فى 2020 بجائزة الطاقة العالمية كمثل للمشروعات الرائدة والمستدامة والتى تحقق أهداف ملموسة لحماية الطيور المهاجرة، ودمج أهدافها بمشروعات الطاقة المتجددة فى مصر.

مظاهر التنوع البيولوجى فى مصر:

تتمتع مصر بثراء بيئي فريد وتحظى بنطاقات بيئية متباينة وتعد موطنا للتنوع فى الموائل البرية، والحياة النباتية والحيوانية، ولأنظمة شعاب مرجانية تم إدراجها بين أغنى الأنظمة البيئية بالعالم. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يُعتبر التنوع البيولوجي البحري والساحلي أعلى تنوع بيولوجي في مصر (حوالي 5000 نوع) نظراً للمساحة الكبيرة التي يقطنها عبر حوالي 3 آلاف كيلو متر من السواحل التي تضم بيئات كثيرة ومتنوعة.

وتضم النظم البيئية الساحلية والبحرية 17 نوع من الثدييات البحرية، وحوالي 300 نوع من الطيور و4 أنواع من السلاحف وأكثر من 1500 نوع من الأسماك البحرية في كل من البحرين الأحمر والمتوسط، وأكثر من 800 نوع من الطحالب والحشائش البحرية، 209 نوع من الشعاب المرجانية، وأكثر من 800 نوع من الرخويات (المصراعيات والقواقع)، 600 نوع من القشريات (الجمبري والسرطانات)، 350 نوع من الجلد شوكيات، ومئات من الأنواع النباتية، والآلاف من الهائمات النباتية والحيوانية التي لم تسجل بعد، وذلك طبقا للموقع الرسمي لوزارة البيئة.

كما أن أشجار المانجروف فى البحر الأحمر تعد ملاذ للكثير من الكائنات البحرية والبرمائية حيث يعيش داخل تلك البيئات حوالى 36 نوعاً من الطحالب، 40 نوعاً من الحشرات، 82 نوعاً من القشريات، 65 نوعاً من الرخويات و17 نوعاً من الجلد شوكيات هذا بالإضافة إلى 22 نوعاً من الأسماك معظمها أسماك اقتصادية (تعمل الأشجار كحاضنة لصغار الأسماك التي ترعى فى بيئتها نظراً لوفرة غذائها).

التحديات وسبل المواجهة

على الرغم من التفرد البيئى لمصر، إلا أنها تواجه العديد من التحديات التى أدت بدورها إلى تدهور وتراجع التنوع البيولوجى ومن أبرزها، النمو السكاني المتزايد، و الصيد الجائر للكائنات الحية، وإزالة الكثير من النباتات وخاصة النباتات الطبية، وقطع الأشجار فى الكثير من البيئات الهامة، وتدهور البيئات نتيجة التلوث من استخدامات الأنشطة الزراعية والصناعية،  فضلا عن التجارة غير القانونية فى النباتات والحيوانات والفطريات والكائنات الحية الدقيقة والمنتجات المشتقة منها، وتفتت البيئات نتيجة المشروعات الصناعية العملاقة.

 ولهذا تقترح هذه الدراسة عدة توصيات لمواجهة التحديات التى تعوق الحفاظ على التنوع البيولوجي، وهي كالتالي:

  • زيادة عدد المحميات الطبيعية والحفاظ عليها مع الالتزام بالإشتراطات الدولية لبقائها وحماية الكائنات الحية بداخلها.
  • تشديد الرقابة وفرض الغرامات فيما يتعلق بإلقاء المخلفات فى البحار وفى نهر النيل.
  •  القضاء على الصيد غير المشروع ومنع الاتجار فى الكائنات البرية ووضع التشريعات التى تغلظ عقوبة هذا النوع من التجارة.
  • اتباع ممارسات زراعية صديقة للتنوع البيولوجي وانتهاج نظم الزراعة المستدامة من خلال الحد من استخدام مبيدات الآفات والأسمدة، وزيادة نسبة الزراعة العضوية.
  • وضع حد أقصى سنوى للصيد لضمان الحفاظ على المخزون السمكي عند مستوى مستدام.
  • اتخاذ إجراءات ملموسة لاستعادة النظم البيئية المتدهورة.
  • زيادة حجم التمويل اللازم للاستثمار فى مشروعات الحفاظ على التنوع البيولوجى.
  • إتاحة فرصة أكبر لمشاركة منظمات المجتمع المدني فى وضع خطط  وإطلاق مبادرات تسهم فى الحد من تدهور التنوع البيولوجي.
  • وضع قوانين وسياسات تستهدف الحد من انتهاك الأنظمة البيئية والحفاظ على الأراضى الزراعية.
  • التوسع فى استخدام الطاقة المتجددة وتسريع وتيرة مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
  • إجراء مزيد من الأبحاث والدراسات العلمية التى ترتكز على كيفية حماية وصون التنوع البيولوجى.
  • التحول المستدام للأنظمة الغذائية من خلال التركيز بشكل أكبر على مجموعة متنوعة من الأطعمة واستهلاك أكثر اعتدالاً للحوم والأسماك.
  • رفع الوعى الجماهيرى بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجى وذلك من خلال إطلاق حملات إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعى تُشجع على المشاركة الشعبية فى الحفاظ التنوع البيولوجى.

وختاما، يُعد التنوع البيولوجي ثروة عالمية ذات قيمة هائلة للأجيال الحالية والمستقبلية، فهو رأس المال الطبيعي الداعم للنمو الاقتصادي وهو مفتاح بناء مستقبل مستدام للجميع..لهذا لابد من العودة للتناغم مع الطبيعة فلم تعد حماية التنوع البيولوجي رفاهية بل لابد أن تكون جزءا أساسيا فى حياتنا اليومية لحل كافة القضايا كالمناخ والصحة والأمن الغذائي والمائي، حتى نصل إلى الاستدامة في شتى نواحي الحياة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

The post كيف يُسهم التنوع البيولوجى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟ appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3444
خيارات الطاقة الأوروبية وفرص مصر على الخريطة الجديدة https://draya-eg.org/2022/05/16/%d8%ae%d9%8a%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b1%d9%88%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d9%81%d8%b1%d8%b5-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7/ Mon, 16 May 2022 16:32:52 +0000 https://draya-eg.org/?p=3405 تشهد أسواق الطاقة العالمية والأوروبية على وجه الخصوص حالة من الاضطراب عقب فرض الدول الغربية عقوبات قاسية على روسيا على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية ، وفي المقابل استخدمت روسيا سلاح الطاقة ضدها، مستغلة اعتمادها بشكل أساسي على الغاز والنفط الروسي لتأمين احتياجاتها من الطاقة. تسخدم روسيا هذا السلاح بتدرج وحذر شديد ،حيث اشترطت دفع الغاز …

The post خيارات الطاقة الأوروبية وفرص مصر على الخريطة الجديدة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تشهد أسواق الطاقة العالمية والأوروبية على وجه الخصوص حالة من الاضطراب عقب فرض الدول الغربية عقوبات قاسية على روسيا على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية ، وفي المقابل استخدمت روسيا سلاح الطاقة ضدها، مستغلة اعتمادها بشكل أساسي على الغاز والنفط الروسي لتأمين احتياجاتها من الطاقة.

تسخدم روسيا هذا السلاح بتدرج وحذر شديد ،حيث اشترطت دفع الغاز “بالروبل” ، بدءًا من 1 إبريل من قبل المشترين من الدول غير الصديقة فقط بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، والتي تُشكل أكثر من 70 % من الجهات المستوردة للطاقة الروسية من حيث الإيرادات، الأمر الذي جعل البعض يعتقد أنه تهديدًا بقطع الإمدادات، وإن كان كثير من المحللين يرون أن تلك الخطوة بعيدة التنفيذ ،حفاظًا على المصالح الروسية قبل الأوروبية .

أزمة الطاقة الأوروبية تصل إلى منعطف حرج

تستشعر الكثير من الدول الأوروبية بحاجتها إلى تنويع مصادر واردتها من الطاقة وذلك حفاظًا على استقلالية القرار السياسي الأوروبي ، لذا باتت ” معضلة الطاقة ” محل نقاش الدوائر السياسية والبحثية في أوروبا لبحث سبل سد أي فجوة في إمدادات الطاقة، لاسيما وأن أوروبا تعتمد بنسبة تصل إلى نحو 40% على الغاز الروسي (160 مليار متر مكعب من الغاز سنويا).

ويمكن القول أن فريقًا يؤيد العودة  مرة أخرى إلى مصادر تم الاستغناء عنها لأسباب بيئية كالفحم أو البترول ، بينما يتجه فريقًا آخر نحو الطاقة المتجددة  بالتحول إلى تشارك الكهرباء عبر الموصلات البينية من الدول المجاورة أو من خلال تعزيز توليد الطاقة  من مصادر الطاقة المتجددة، ولكن جميعها لايمكن التحول إليها بين ليلة وضحاها ، مما يؤكد أن الدول الأوروبية حقًا في “معضلة طاقوية” إذا ما أقدمت روسيا على قطع إمدادات الغاز.

أولاً: وضع قطاع الطاقة الأوروبي

يعتمد قطاع الطاقة الأوروبي على مزيج من مصادر الطاقة المتجددة وغير المتجددة وإن كانت لاتزال تعتمد إلى حد كبير على مصادر الطاقة غير المتجددة كالوقود الأحفوري مثل الفحم، والنفط، والغاز الطبيعي، أو الوقود النووي ذات الانبعاثات الكربونية المحدودة التى قد تقترب انبعاثاتها إلى حجم الانبعاثات التى تنتجها المصادر المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية .

مزيج الطاقة في أوروبا  2020

فاعتبارًا من عام 2020 ، شكلت مصادر الطاقة المتجددة ما يقرب من 20 % من إجمالي استهلاك الطاقة في أوروبا، ويخطط الاتحاد الأوروبي تأمين الحصول على 40 % من إجمالي استهلاكها من مصادر الطاقة المتجددة وتقليل حصة النفط والفحم في مزيج الطاقة لديها وذلك بحلول عام 2030. وعلى الرغم من أن هذا هدف طموح ، إلا أن الوقود الأحفوري سيظل يمثل نصف استهلاك الطاقة في الاتحاد الأوروبي بعد عقد من الآن، بحسب تأكيدات بعض المحللين.

وفيما يتعلق بالطاقة الشمسية ، تُولد سبع دول من الاتحاد الأوروبي حتى الآن أكثر من عُشر طاقتها الكهربائية من الألواح الشمسية ، هولندا (17 %) وألمانيا (17 %) وإسبانيا (16 %) واليونان (13 %) وإيطاليا (13 %) يقودون الطريق ، وفقًا لمركز أبحاث الطاقة” Ember “   

وإن كانت أزمة الطاقة المتجددة ترتبط بطبيعة مصادر هذه الطاقة من حيث صعوبة التنبؤ بكميتها وتأثرها بالتغيرات المناخية ، إلا أن مصادر الطاقة غير المتجددة تتأثر  دائمًا بالعوامل السياسية وظروف العرض والطلب والتى يمكن سردها فيما يلي:

أ- أسباب تتعلق بالمعروض من واردات الطاقة : خلال عام التعافي الاقتصادي من أزمة وباء كورونا، شهد العالم أجمع ارتفاعا في أسعار النفط والغاز والفحم نتيجة عدم التوازن بين الطلب والعرض العالمي، حيث ضعفت الاستثمارات في مجالات الاستكشاف والإنتاج لمصادر الطاقة التقليدية من نفط وغاز وفحم خاصة بعد إعلان شركة الطاقة النرويجية ،أكبر منتج ومورد للغاز للسوق الأوروبية، أنها لن تستطيع تلبية أكثر من 60 % من الزيادة في الطلب على الطاقة في دول أوروبا ، في وقت التى تحتاج فيه أوروبا إلى تأمين استهلاكها فضلًا عن الحاجة إلى إعادة ملء مخزونات الغاز التي تُستخدم وقت الأزمات.

ب-  أسباب آخرى تتعلق بـ “خط الأنابيب”نورد ستريم 2” : أدى عدم تشغيل خط الأنابيب”نورد ستريم 2″  إلى انخفاض الغاز الروسي المتدفق إلى أوروبا بنسبة 25 % على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2021، بعد أن كان يُفترض أن يضاعف كميات الغاز الروسي إلى الدول الأوروبية، بخاصة ألمانيا والنمسا، اللتين تعتمدان عليه لتلبية أكثر من نصف احتياجاتهما من الطاقة .

ويرجع توقف هذا الخط لأسباب قانونية وإجرائية تتعلق بالحصول على التصاريح الألمانية والأوروبية اللازمة لبدء تشغيله ، كضمان أمن الإمدادات ، والتى تدهورت إلى حد بعيد عقب نشوب الحرب الروسية الأوكرانية ، لذا فإنه من المستبعد أن يحصل هذا الخط على أي تصاريح للتشغيل مادامت هناك حرب وهناك احتمالية تكرارها في المستقبل.

والجدير ذكره خضوع الشركة المشغلة لخط الأنابيب”نورد ستريم 2″  للعقوبات الأمريكية والغربية، وباتت الشركات الأخرى التي أسهمت في تمويل المشروع مضطرة إلى الانسحاب من أي أعمال لها علاقة بروسيا  تجنبًا للعقوبات. لذا فمن غير المرجح أن يكون لهذا المشروع جزءًا من قطاع الموردين للطاقة الأوروبية.

ج- توقف الخط البري الآخر “يامال- يوروبا الذي يمر عبر بيلاروس وبولندا إلى ألمانيا والذي يمثل 15% من إمدادات روسيا المتجهة غربًا إلى أوروبا وتركيا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار عقود الغاز الطبيعي في البورصة الهولندية بنحو 11 %، وهي المعيار القياسي لأسعاره في أوروبا.

ج- احتمالية حظر الغاز الروسي: لاتزال إمدادات الغاز الروسي تتدفق إلى أوروبا حتى الآن ، ولكن في حالة حظر الغاز الروسي، ستجد أوروبا نفسها أمام مأزق كبير وذلك لعدة أسباب:

أولا : استمرار انخفاض مخزونات الغاز في دول أوروبا لتصل إلى 10 % من سعتها بحسب وكالة “رويترز”. فعلى الرغم من اتفاق الولايات المتحدة على إمداد أوروبا بنحو 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال هذا العام، وكذلك الاتفاق مع مصر وقطر والجزائر على زيادة شحناتهم من الغاز، إلا أن ذلك لن يكون كافيًا لتعويض الغاز الروسي لتلبية الاحتياجات الأوروبية، ناهيك على أن الغاز الطبيعي المسال أكثر تكلفة  إذا ما قورن بالغاز الروسي  والذي ارتفعت أسعاره مؤخرًا مع زيادة الطلب عليه بنسبة 500 %.

ثانيا: تأثر أسعار الغاز الطبيعي بارتفاع أسعار النفط منذ بدء الحرب في أوكرانيا.

ثالثًا : قلة كمية الغاز الطبيعي في السوق العالمية المتاحة للبيع الفوري.

رابعًا: ستحتاج شركة “غازبروم”  الروسية إلى دعوة المشترين للموافقة على تغيير شروط الدفع في العقود مما يعني إعادة التفاوض، والذي من شأنه أن يُحدث بعض الاضطرابات في إمدادات الغاز العالمية ويُفاقم من أزمة الطاقة في أوروبا.

د- تقادم المحطات النووية : يتراجع توافر الطاقة النووية في بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا حيث تقادمت المحطات أو يتم إيقاف تشغيلها أو التخلص التدريجي منها ، خاصة وأن العمر التشغيلي للمحطة حوالي 40 عامًا فقط.

فقد أغلقت ألمانيا ثلاثة من محطاتها النووية الست المتبقية في نهاية عام 2021 ، ومن المقرر إغلاق المحطات الأخرى في نهاية عام 2022، أما عن فرنسا التي تعتمد على الطاقة النووية بحوالي 70٪ من طاقتها ، فقد توقفت أكثر من أربع مفاعلات لديها ، مما اضطرت إلى استيراد الكهرباء من جيرانها.

 يكاد يجمع معظم المحللين في سوق الطاقة على تضاؤل احتمال وقف صادرات الطاقة الروسية إلى أوروبا بسبب حاجة روسيا لعائدات بيع الغاز الطبيعي لأوروبا كمصدر حيوي للعملات الصعبة والذي يُعد بمثابة خنفًا اقتصاديًا لها، خاصة في ظل فرض الحظر على الاحتياطيات الأجنبية لروسيا في الخارج”.

وفى ظل صعوبة وجود بديل فوري عن الغاز الروسي  وهو ما أشار إليه تقرير حديث للمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، وهو ماتدركه روسيا أيضًا، حيث صرح نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك أن أوروبا لن يكون لديها أي بديل خلال السنوات الخمس المقبلة، هناك ثمة تيار آخر متمثل في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية التى ترى ضرورة تحييد سلاح الطاقة الروسي.

وعليه تتجه تلك الدول لوضع خطط طوارئ في حالة توقف إمدادات الغاز الروسي  والبحث  في نفس الوقت عن  مصادر طاقة بديلة، حيث أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يخطط لخفض واردات الغاز الروسي بمقدار الثلثين ردًا على الحرب في أوكرانيا بحلول عام 2023  ولكن هذا الأمر يُمثل تحديًا لوجيستيًا ضخمًا، وذلك قبل قدوم فصل الشتاء القادم، ويصطدم مع عدة عقبات وهي:

  • تستغرق عملية الاستبدال للمصادر البديلة سنوات حيث يتطلب إنشاء خطوط الأنابيب الجديدة ومنشآت تسييل الغاز.
  • تغيير طرق التجارة يمكن أن يشكل ضغطاً على سوق الشحن.
  • من أجل تلبية الطلب الفوري، سيتعين على العملاء الحاليين لدى المورد الموافقة على تأجيل طلباتهم والذي يتطلب عملًا دبلوماسيًا من قبل الولايات المتحدة وأوروبا.

ثانيًا: مستقبل الطاقة التقليدية في أوروبا

  • مستقبل إمدادات الغاز والنفط

يستشرف المجلس الأطلنطي خطورة الوضع الطاقوي في أوروبا خلال عقد من الزمان ، خاصة بعد  استنفاد احتياطياتها المؤكدة من النفط في غضون 10.4 سنة والغاز 14.5 سنة ، مما يجعل القارة أكثر اعتمادًا على واردات الطاقة. ولا تستطيع الولايات المتحدة تقديم الكثير من المساعدة في هذا الصدد لأن نسب reserve – to –production ratio RP ( حجم نسبة الاحتياطيات إلى الإنتاج ) للنفط والغاز الطبيعي لديها تشبه إلى حد بعيد تلك الموجودة في أوروبا.

ويبدو أن الأمر أفضل بالنسبة لكندا فيما يتعلق بمخزونها النفطي بينما ليس كذلك بالنسبة لمخزونها من الغاز الطبيعي، فإذا ما استعانت أوروبا بالنفط الكندي، فذلك يتطلب من كندا مضاعفة إنتاجها ثلاث مرات في العقد المقبل ،الأمر الذي يؤدي إلى استنفاد احتياطياتها في أقل من 30 عامًا ، مما يشير إلى إمكانية أن تلبي كندا جزءًا من الطلب الأوروبي على النفط فقط وليس طلبها على الغاز الطبيعي في المستقبل المنظور.

كما يمكن لجنوب أوروبا استقبال الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب عبر البحر الأدرياتيكي إلى إيطاليا وخط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول (TANAP) عبر تركيا.

  • عودة التنقيب عن النفط

صرحت الحكومة  البريطانية بإعادة التنقيب عن النفط وذلك تحت ضغط  شركات الطاقة وهيئات الأعمال لتخفيف عبء ارتفاع أسعار الطاقة للمنازل الذي يهدد ملايين الأسر البريطانية. وكانت صحيفة “اندبندنت” قد أفادت بأن هناك خططاً ترمي إلى الموافقة على ستة مواقع جديدة للتنقيب عن البترول في بحر الشمال.

كما قال وزير المالية الألماني، كريستيان ليندنر، إن على بلاده إعادة النظر في الحظر المفروض على عمليات الحفر الجديدة للتنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال.

  • عودة الاعتماد على الفحم :

من المتوقع أن تلجأ بعض الدول الأوروبية إلى إعادة تنشيط محطات الفحم القديمة التي تم إيقاف تشغيلها لتعويض النقص في قدرات شبكات الكهرباء نتيجة توقف توربينات توليد الطاقة من الرياح من ناحية، والارتفاع الهائل في أسعار الغاز الطبيعي من ناحية أخرى.

ومن بين تلك الدول بريطانيا التى بدأت منذ شهر مارس الماضي بتشغيل محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم، حيث إنها  تجد تشغيل محطات الفحم أقل كلفة من شراء الكهرباء للشبكة من أوروبا، أو استخدام محطات تعمل بالغاز الطبيعي، في الوقت الذى ازداد فيه الطلب على الكهرباء مما شكل ضغطًا على الشبكات في بريطانيا وأوروبا، وجعل إمكانية تعويض النقص في شبكة أي بلد عن طريق الشراء من بلد آخر أمراً صعباً وأعلى كلفة .

وعلى ذات الشاكلة، أعادت ألمانيا تشغيل محطات توليد الكهرباء بالفحم التي تقرر تفكيكها بسبب انبعاثات الكربون العالية منها، وهو ما سينتج عنه تبعات كارثية على الأوضاع المناخية.

ثالثًا : مستقبل الطاقة المتجددة

وجد بعض القادة الأوربيين في الضغط الروسي باستخدام سلاح الطاقة دافعًا قويًا للانتقال إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة، فها هو تصريح فرانس تيمرمانز ، نائب رئيس المفوضية الأوروبية : ” علينا الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة”.

وتطمح المفوضية الأوروبية فى تركيب أكثر من 300 جيجاوات من الألواح الضوئية بحلول منتصف هذا العقد – أي ضعف المستوى الذي شهده عام 2020 – وأكثر من 500 جيجاوات بحلول عام 2030، وفقاً لمسودة استراتيجيتها للطاقة الشمسية التي اطّلعت عليها وكالة “بلومبرج”.

وتتضمن الخطة “نشراً سريعاً وكثيفاً” للألواح الشمسية على أسطح المنازل، بدءاً من المباني ذات الاستهلاك الأعلى للطاقة، وسيتم نشر هذه الألواح جنباً إلى جنب مع سن تشريعات جديدة لتسريع إصدار التصاريح.

والجدير بالذكر أن استخدامات الطاقة الشمسية تجاوزت نظيرتها من  طاقة الفحم للمرة الأولى بالمجر في صيف 2021 ، وهو هدف توصلت إليه بالفعل اليونان والبرتغال في عام 2020.  وقد نمت الاستثمارات فى مجال الطاقة الشمسية بنسبة 34٪ فى عام 2021 على أساس سنوي لتضيف حوالي 26 جيجاواط من قدرة التوليد ، لتبلغ إلى طاقة شمسية تراكمية في الاتحاد الأوروبي حوالي 165 جيجاوات.

وتأتى طاقة الرياح  ضمن المصادر التى تعتمد عليها بعض الدول الأوروبية كالدنمارك والسويد ، ولكن يعيب على هذا المصدر أنه أكثر مصادر الكهرباء تغيرًا ، ومن الصعب التنبؤ بمخرجاته ، الأمر الذي يحتم التوسع فى تنفيذ الترابط الشبكي مع الدول المجاورة لأنها سمحت على سبيل المثال للدنمارك بإرسال الطاقة الزائدة إلى الخارج في أيام الرياح واستيراد الطاقة في أوقات انخفاض الرياح ، من خلال سوق الطاقة الإقليمي في الدول الاسكندنافية.

كما باتت دول مثل بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تعتمد بشكل كبير على الطاقة النووية لتوفير احتياجاتها من الطاقة ودول أخرى مثل بولندا ورومانيا تسير قدمًا في خطط لبناء طاقة نووية جديدة.

ومن المحتمل أيضًا أن تلعب واردات الوقود المعتمد على الهيدروجين النظيف دورًا كبيرًا في مزيج الطاقة الأوروبية. فبحسب تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في 15 يناير 2022، فإن الاعتماد الدولي على الهيدروجين سيغطي ما يصل إلى 12% من استخدامات الطاقة العالمية بحلول عام 2050.

ولكن ثمة معوقات تقف أمام تسريع الاتجاه الأوروبي نحو الطاقة المتجددة وهي التوافق حول سياسة الطاقة، ففي أوروبا الغربية على سبيل المثال ، تميل الحكومات الجديدة ، ولا سيما الحكومات المحافظة ، إلى تقويض أي سياسات قوية للطاقة المتجددة التى أقرتها الحكومات السابقة، مما يجعل مسيرة التحول لاتبرح مكانها بسبب تذبذب السياسات الطاقوية.

رابع: وضع الشمال الإفريقي وفرص مصر على خريطة الطاقة

فى إطار مبادرة “استبدال مصدر طاقة الاتحاد الأوروبي” التى تستهدف البحث عن بدائل لواردات النفط والغاز من روسيا،  توجهت أنظار الدول الأوروبية إلى القارة الإفريقية لامتلاك بعض دولها لاحتياطات كبيرة من الغاز ومصادر متعددة للطاقة المتجددة.

وفى هذا الصدد، تتطلع ألمانيا إلى استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر وشراء الغاز من دول أوروبية أخرى، كما تدرس إيطاليا زيادة إمدادات الغاز من الجزائر التى لديها خطوط أنابيب إلى إسبانيا وإيطاليا ومحطة كبيرة للغاز الطبيعي المسال في سكيكدة.

وتُعد مصر والمغرب والجزائر رواد منطقة شمال إفريقيا في صناعة الطاقة المتجددة، ومن المرشح أن يتصاعد دورهم في عملية الربط الطاقوي مع القارة الأوروبية، لاسيما فى ظل تنافس أوروبي صيني ياباني فى هذا المجال بالمنطقة.

تعتبر منطقة شمال إفريقيا منطقة مثالية في إنتاج الهيدروجين الأخضر المنتج باستخدام الطاقة الشمسية،  وبإعادة تشكيل شبكة خطوط أنابيب النفط والغاز الحالية يمكن نقل الهيدروجين المتولد في شمال إفريقيا إلى أوروبا والذي سيلعب بدوره في إحداث تحول جذري بخريطة الطاقة الأوروبية خاصة فى ظل تزايد كهربة صناعة النقل وزيادة استخدام الهيدروجين في النقل الثقيل ، والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة ، وجميع الصناعات التحويلية تقريبًا.

ثمة حضور ألماني قوي في هذه المنطقة لتوطيد التعاون مع الدول الثلاث السابق ذكرهم، فقد أبرمت ألمانيا والمغرب اتفاقًا  في 16 من يونيو 2020 لتطوير قطاع إنتاج الهيدروجين الأخضر، وإنشاء مشاريع بحثية واستثمارية، وبموجبه دعمت الحكومة الألمانية بناء محطة لإنتاج الهيدروجين، والذي يقدر إنتاجه  سنويًا بحوالي عشرة آلاف طن من الهيدروجين اعتباراً من عام 2025.

وكذلك تتفاوض الجزائر مع ألمانيا لبناء مصنع هيدروجين أخضر، تصل إنتاجيته إلى 20 ميجاواط، مع توقعات بدء تشغيل هذا المشروع بحلول عام 2024.

الفرص المصرية فى أزمة الطاقة الأوروبية

من المتوقع أن يكون لمصر نصيب كبير فى مبادرة “استبدال مصدر طاقة الاتحاد الأوروبي” سواء على المدى القصير، بإمدادها بالغاز الطبيعي المسال خاصة مع تنامي حجم الصادرات المصرية من الغاز، وذلك بإعادة تصديره إلى اليونان ومنها إلى أوروبا من محطات الغاز الطبيعي المسال على ساحل البحر المتوسط، أو على المدى الطويل، من خلال المساهمة في بناء مرفق لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، وذلك في ضوء تمتعها بعوامل تساعدها على أن تكون مركزاً لإنتاجه، بالإضافة إلى موقعها الجغرافي المتميز بما يساعد في سهولة نقله إلى أوروبا خاصة إذا ما أبقت الدول الأوروبية على التزماتها تجاه تقليل الانبعاثات الكربونية.

وهنا نشير إلى أن إجمالى صادرات الغاز الطبيعي المسال من كلا من مجمع الإسـالة في دمياط ومجمع “إدكو” خلال عام 2021 بلغ نحو 6.5 مليون طن مقابل 1.5 مليون طن عام 2020، بنسبة نمو سنوية بلغت نحو 385%، وهي نسبة النمو الأعلى عالميًا خلال 2021. وبحسب القدرات التصميمية لمحطتى الإسالة المصرية، يتضح أنه من الإمكان استيعاب مزيد من الغاز الخام وإسالته وإعادة تصديره إلى أوروبا.

وعلى صعيد الطاقة المتجددة، تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، وآخرها اتفاقية التطوير المشترك لمشروع إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميجاوات في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إضافة إلى توقيع اتفاقية الشروط الرئيسية لعقد شراء الهيدروجين بالمشروع بين شركات سكاتك النرويجية وفرتيجلوب التّابعة لـ “أدنوك” و”أو سي آي”، وأوراسكوم كونستراكشون وصندوق مصر السيادي، كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم مع شركة ميرسك الدنماركية لإقامة مشروع لإنتاج الوقود الأخضر لإمدادات تموين السفن.

يذكر أن لمصر مخططا طموحا لتكون محورًا عالميًا للطاقة لدول أوروبا وأفريقيا ودول الخليج من خلال مشروعات الربط الكهربائى بحلول عام 2030،  والتى بدأت الشركة المصرية لنقل الكهرباء بدراسة الربط مع اليونان ثم باقى أوروبا.

ختامًا:

يبدو أن الاتجاه نحو الطاقة المتجددة هو المستقبل الأفضل ليس لأوروبا فقط وإنما للعالم أجمع والذي يتسق مع الالتزام بتصفير الانبعاثات الكربونية ،الأمر الذي يتطلب التشجيع على الاستثمار فيه ودعم نموه لكي يكون بمثابة تحوّط ضد التقلبات المستقبلية في أسعار الطاقة العالمية وضد استخدام مصادر الطاقة كـ”سلاح جيوسياسي” إبان الأزمات الدولية أو النزاعات الإقليمية.

The post خيارات الطاقة الأوروبية وفرص مصر على الخريطة الجديدة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3405