المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/ Egypt Sat, 13 Apr 2024 23:23:27 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.4 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/ 32 32 205381278 مشروع الطاقة النووية بالضبعة: الآثار والتحديات https://draya-eg.org/2024/04/13/%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%88%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%b6%d8%a8%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a2%d8%ab%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa/ Sat, 13 Apr 2024 22:36:34 +0000 https://draya-eg.org/?p=7844 مع التقدم الصناعي المتسارع، يزداد الطلب على الطاقة بشكل ملحوظ، وبات من الواضح أن الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة، مثل البترول والفحم والغاز الطبيعي، لم يعد كافيًا لتلبية احتياجات المجتمعات المتزايدة، فضلا عن المخاطر البيئية الجسيمة التي تُسببها هذه المصادر في مختلف مراحل استخراجها ونقلها وإنتاجها. لذلك، أصبح البحث عن بدائل جديدة للطاقة ضرورة مُلحة. …

The post مشروع الطاقة النووية بالضبعة: الآثار والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
مع التقدم الصناعي المتسارع، يزداد الطلب على الطاقة بشكل ملحوظ، وبات من الواضح أن الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة، مثل البترول والفحم والغاز الطبيعي، لم يعد كافيًا لتلبية احتياجات المجتمعات المتزايدة، فضلا عن المخاطر البيئية الجسيمة التي تُسببها هذه المصادر في مختلف مراحل استخراجها ونقلها وإنتاجها.

لذلك، أصبح البحث عن بدائل جديدة للطاقة ضرورة مُلحة. ومن بين هذه البدائل، تبرز الطاقة النووية كأحد أهم الخيارات الواعدة، فهي ثاني أكبر مصدر للطاقة منخفضة الكربون في العالم بعد الطاقة الكهرومائية، وفقًا للرابطة العالمية للطاقة النووية، فضلا عن كونها تتميز بكفاءة عالية حيث تنتج كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية، والاستثمار فيها يعنى تطوير صناعة ذات تقنية عالية من شأنها توفير فرص وظيفية مميزة على مدى عقود قادمة.    

وقد أولت الدولة المصرية اهتماما خاصا بمشاريع الطاقة النووية في توليد الكهرباء فى ظل استراتيجيتها الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الكهرباء، إلى جانب توطين تكنولوجيات محطات الطاقة النووية المختلفة فى مصر، حيث شرعت فى بناء مشروع الطاقة النووية بالضبعة الذى يستهدف تطوير وإنشاء محطة لتوليد الطاقة النووية لتلبية احتياجات الدولة المتزايدة من الكهرباء. ويتم تنفيذ المشروع بالتعاون مع شركات ومؤسسات دولية متخصصة في مجال الطاقة النووية. يتضمن ذلك تصميم وبناء المفاعل النووي والبنية التحتية اللازمة لتشغيل المحطة. ويتم التركيز على تنفيذ إجراءات السلامة والأمان العالية لضمان عملية تشغيل آمنة وفعالة .

وفى هذا السياق، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تتناول لمحة تاريخية عن مشروع الضبعة منذ نشأته وصولا إلى مراحل التنفيذ الحالية، إلى جانب أهميته والآثار الإيجابية المتوقعة على مختلف الأصعدة، وتحليل دقيق للتحديات المرتبطة بتنفيذ المشروع، وذلك على النحو التالي:

أولا: بداية مشروع الضبعة النووي

بدأ البرنامج النووي المصري مبكراً ومنذ حقبة الستينيات، وكان بالتعاون مع الجانب الروسي الذى ساعد مصر في إقامة أول مفاعل نووي عام 1961، وكان سيتم التوسع فيه بشكل يجعل مصر ضمن قائمة الدول النووية الكبرى، لكن المشروع توقف بسبب الخلافات بين الرئيس الراحل أنور السادات والسوفييت آنذاك والتوجه المصري نحو الغرب، الأمر الذي قضى تماماً على التعاون الروسي في مجال الطاقة النووية.

وبعد ذلك فكرت الدولة المصرية في بناء مفاعل نووي لتوليد الطاقة السلمية وتحلية مياه البحر أثناء عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتم اختيار منطقة “الضبعة” بمحافظة مرسى مطروح مكاناً للمشروع لعدة أسباب أولها أن “الضبعة” مكان ملائم وآمن جداً، وقريب من المياه والتي يمكن استخدامها لتبريد المحطات النووية. كما أنها أرض مستقرة بعيدة عن حزام الزلزال مما يضمن عدم حدوث ترسيب نووي، إضافة إلى أنها تبعد نحو 60 كيلومتراً من التجمعات السكانية، وبالتالي لن تشكل خطورة بيئية أو مجتمعية، وتم إجراء عدة دراسات أثبتت أن موقع الضبعة هو الأنسب لإنشاء محطة نووية.

 لكن الغرب لم يترك مصر تهنأ بإقامة هذا المشروع بل وقف ضد إقامته بكافة الطرق، إلى جانب رفض عدد كبير من رجال الأعمال المصريين إقامة المشروع في منطقة “الضبعة ” بحجة أن هذا المشروع سيؤثر على السياحة في المنطقة، حيث مارسوا الكثير من الضغوط على الحكومة لتأجيله أو اختيار مكان آخر غير “الضبعة”، لكن الحكومة لم تلتفت لهم وقررت المضي قدماً في بناء المحطة مهما كلفها الأمر .

وبعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد قرر أن يعيد إحياء المشروع خاصة أنه سيحل أزمة الطاقة ويوفر ما يعادل 75% من احتياجات مصر الكهربائية، بل إنه سيوفر فائضاً للتصدير إضافة إلى أن المحطة النووية لن تستهلك وقوداً كثيراً مقارنة بمحطات توليد الكهرباء، لكنها ستنتج أضعاف ما تنتجه محطات التوليد من طاقة كهربائية قد تصل إلى 20 ألف ميجاوات للمحطة الواحدة، ولذلك أصر الرئيس السيسي على تنفيذ المشروع مهما كانت الضغوط الغربية والدولية، ومهما كانت العراقيل، فالطاقة قضية أمن قومي لاسيما فى ظل أزمة الطاقة التي يشهدها العالم حاليًا، والتى تؤكد صحة رؤية  الدولة المصرية واستراتيجيتها بشأن الطاقة وتنويع مصادرها.

أسباب اختيار مصر لدولة روسيا لبناء مفاعل “الضبعة”

كان اختيار روسيا مبنياً على عدة أسس أهمها أنها دولة صديقة منذ عقود طويلة وكانت أول دولة تساعد مصر في بناء البرنامج النووي في الستينيات، كما أنها تعد الدولة الوحيدة التي تقوم بتصنيع مكونات المحطة النووية بنسبة 100%، ولا تعتمد على استيراد مكوناتها من أي دول أخرى قد يكون بينها وبين مصر عداوة تعرض المشروع للاحتكار من قبل هذه الدول، إضافة إلى أن روسيا لها تاريخ طويل في دعم مصر فهي من أنشأت مفاعل أنشاص وساهمت في بناء السد العالي كما أنها دولة قوية يصعب اختراق أمنها، فضلاً عن أن روسيا لم تضع أي شروط سياسية على مصر لإقامة المحطة، وستقوم بتوفير الوقود النووي طوال دورة حياة محطة الطاقة النووية.

كما ستنشئ روسيا مركز معلومات للطاقة النووية وتقوم بنشر ثقافة التعامل معها شعبياً، كما أنها وافقت على أن تقوم مصر بسداد قيمة المحطة بعد الانتهاء من إنشائها وتشغيلها، مع وجود فترة سماح علاوة على إنشاء مصانع روسية في مصر لتصنيع مكونات المحطة محلياً وعقد دورات تدريبية للكوادر المصرية على استخدام التكنولوجيا النووية ونقل الخبرات الروسية للمصريين بسهولة”.

هذا بالإضافة إلى أن الجانب الروسي يضمن تحقيق أعلى متطلبات الأمن والأمان النوويين وخصائص السلامة العالمية التي تشملها تصاميم المفاعلات الحديثة من الجيل الثالث المطور، حيث توفر أنظمة الأمان للمفاعلات الروسية “VVER-1200” مستوى غير مسبوق من الحماية ضد العوامل والمؤثرات الداخلية والخارجية.  

وفى فبراير 2015،  وقع الرئيس عبد الفتاح السيسى مع نظيره الروسي  فلادمير بوتين اتفاقية إقامة أول محطتين نوويتين لتوليد الكهرباء بأرض الضبعة كمرحلة أولى والتى تستوعب حتى 8 محطات نووية.

ويعد مشروع الطاقة النووية في الضبعة مشروعًا طموحًا يهدف إلى توليد الكهرباء من خلال الطاقة النووية. ومن المفترض أن يكون لديه احتياجات معينة لتنفيذه بنجاح، وقد تشمل بعض الاحتياجات المحتملة لمشروع الطاقة النووية بالضبعة التالي:

-موقع مناسب: يحتاج المشروع إلى موقع مناسب يتمتع بالأمان اللازم والبنية التحتية اللازمة لتشييد المفاعل النووي ومرافق الدعم المرتبطة به.

-تراخيص وتصاريح: يلزم الحصول على التراخيص والتصاريح اللازمة من الجهات الحكومية المعنية قبل البدء في بناء وتشغيل المفاعل النووي.

-تمويل: يحتاج المشروع إلى تمويل كافٍ لتنفيذه، حيث تكون تكلفة بناء وتشغيل المفاعلات النووية عالية.

-الخبرة والكفاءة: يتطلب المشروع فريقًا مؤهلاً من العلماء والمهندسين ذوي الخبرة في مجال الطاقة النووية لتصميم وبناء وتشغيل المفاعل النووي بأمان وفعالية.

-الأمان: يجب أن تكون عوامل الأمن والأمان هي أحد الأولويات الرئيسية في مشروع الطاقة النووية، ويجب توفير الإجراءات، والتدابير اللازمة للحد من أي خطر نووي محتمل وللتعامل بفاعلية مع أي حادثة تطرأ.

-إدارة النفايات النووية: يجب وضع خطة فعالة لإدارة النفايات النووية المتولدة من المشروع، بما في ذلك تحديد مواقع آمنة للتخزين المؤقت والنهائي للنفايات النووية.

ثانيا: تنفيذ المشروع النووي

وقعت مصر عقد إنشاء محطة الضبعة النووية مع الجانب الروسي في 2015، لتبدأ رحلة التنفيذ وفق العقود الموقعة بين البلدين، تعتبر هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء (NPPA) هي المالك والمشغل للمشروع، وتعتبر مؤسسة روساتوم (ROSATOM) والشركات التابعة لها المقاولين الرئيسيين. حيث تم الاتفاق على إنشاء والدعم في تشغيل محطة الضبعة النووية من خلال عدد من العقود، وهى العقد الرئيسي (EPC)  للهندسة والتوريد والبناء، وعقد توريد الوقود، وعقد دعم التشغيل والصيانة، وكذلك عقد تخزين الوقود النووي المستهلك.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن “روساتوم” شركة روسية شهيرة في مجال الطاقة، تُقدم حلولًا متكاملة للطاقة النظيفة اعتمادًا على الطاقة النووية، بداية من تصميم وإقامة وتشغيل المحطات النووية، وصولًا إلى التنقيب عن اليورانيوم وتحويله وتخصيبه وتوفير الوقود النووي، وإيقاف تشغيل وتفكيك المحطات النووية القديمة، ونقل مخزون الوقود النووي المستنفد والتخلص الآمن من النفايات النووية، وتعدّ “روساتوم” أكبر شركة عالمية متخصصة في إقامة الجيل الثالث من المحطات النووية، ولديها حاليًا أوامر تصدير بقيمة 133 مليار دولار على مدار السنوات الـ 10 المقبلة.

صرحت شركة “روساتوم” رسميًا بعد إتمام التعاقد مع مصر أن المحطة النووية التي ستبنيها في الضبعة تتكلف 21 مليار دولار أمريكي، وتتوقع أن ينتهي العمل فيها عام 2028- 2029. وبحسب بيان “روساتوم”، فإن مشروع محطة الضبعة النووية هو أكبر مشروع مشترك بين موسكو والقاهرة، لأنه يعزز علاقات مصر وروسيا التقليدية ويرفعها إلى مستوى استراتيجي مهم. وشبهت الشركة تنفيذ هذا المشروع بمشروع السد العالي، الذي أنجزته روسيا خلال الحقبة السوفيتية.

تقضي الاتفاقية المُبرمة بين مصر وروسيا بحصول مصر على قرض روسي يصل إلى 25 مليار دولار مخصص لتنفيذ أعمال محطة الضبعة على 13 دفعة سنوية، خلال الفترة من عام 2016 حتى عام 2028، ويغطى القرض 85% من قيمة تنفيذ الأعمال والخدمات والشحنات، على أن تغطى مصر نسبة الـ15% المتبقية، وقدرها 4.5 مليار دولار تقريباً. وتُلزم الاتفاقية مصر بسداد القرض، بفائدة سنوية 3%، على مدى 21 عاماً، بإجمالي 43 قسطاً متساوياً نصف سنوي، في 15 إبريل و15 أكتوبر من كل عام، بداية من أكتوبر 2029 حتى أكتوبر 2050، وتبلغ القيمة الكلية للقرض بفوائده التراكمية حتى حلول أجل السداد طوال فترة سداده 41 مليار دولار. وينص الاتفاق على أن القرض يستخدم على مدار ثلاثة عشر عامًا، يبدأ سداد الفوائد على القرض فورًا مع استلام أول دفعة من القرض، على أن تبلغ التكلفة النهائية المشروع 28.75 مليار دولار.

يهدف مشروع الضبعة للطاقة النووية إلى بناء أربع وحدات من مفاعلات الماء المضغوط PWR من الطراز الروسي VVER-1200 (AES-2006) بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة، أي بقدرة إنتاجية من الكهرباء تصل إلى نحو 4800 ميجاوات، حيث إن مفاعلات الماء المضغوط PWR التي تم اختيارها هي أكثر أنواع المفاعلات شيوعًا في جميع أنحاء العالم.

مراحل التشغيل:

-المرحلة الأولى: وهي المرحلة التحضيرية، وقد بدأت منذ ديسمبر 2017 وتهدف إلى تجهيز وتهيئة الموقع لإنشاء المحطة النووية، ومدتها من عامين ونصف إلى أربعة أعوام.

-المرحلة الثانية: وتبدأ بعد الحصول على إذن بدء الإنشاء وتشمل كافة الأعمال المتعلقة بالبناء والتشييد وتدريب العاملين والاستعداد للبدء في اختبارات ما قبل التشغيل، ومدة المرحلة الثانية 5 أعوام ونصف.

-المرحلة الأخيرة: وتشمل الحصول على إذن إجراء اختبارات ما قبل التشغيل والتي تشمل إجراء اختبارات التشغيل وبدء التشغيل الفعلي وتستمر هذه المرحلة حتى التسليم المبدئي للوحدة النووية وإصدار ترخيص التشغيل، ومدة اختبارات ما قبل التشغيل 11 شهرا.

تستكمل هيئة المحطات النووية حاليا مرافق البنية التحتية واستكمال بناء مجاورات سكنية للمصريين والأجانب العاملين بالمشروع وإنشاء الرصيف البحري، إلى جانب الانتهاء من المرحلة الأولى من أعمال تسويات الموقع ضمن الأعمال التمهيدية للمشروع والبدء في إنشاء القاعدة الأساسية ومباني وهياكل قاعدة أعمال الحفر، ويرتبط تقدم العمل بالمشروع ارتباطا مباشرا باستخراج التراخيص حيث إن استخراجها يهدف للتأكد من استيفاء كافة الوثائق القانونية اللازمة من أجل أمان المحطة. وعليه فإن الهيئة تقوم باستخراج كافة التراخيص والأذونات المطلوبة المتعلقة بالموقع والإنشاء وتجارب بدء التشغيل والتشغيل والتي تصدر من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية. وفيما يلي حصر بالتراخيص المتعلقة بالمشروع النووي بالضبعة وفقا لبيانات هيئة المحطات النووية المصرية  Nuclear Power Plants Authority – NPPA:

تراخيص محطة الضبعة النووية

المصدر: هيئة المحطات النووية المصرية NPPA  

يحدد قانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية الصادر بالقانون رقم 7 لسنة 2010 وتعديلاته بالقانون رقم 211 لسنة 2017 ولائحته التنفيذية متطلبات صارمة للغاية لأمان المنشآت النووية. ويتضمن القانون أيضًا مبدأ أساسي وهو أن الجهة المشغلة للمحطة تتحمل المسئولية كاملة عن الأمان. لذا فإن هيئة المحطات النووية كونها المالك والمشغل المستقبلي لمحطة الضبعة النووية،  هي المسئولة عن ضمان أمان المحطة النووية طوال عمرها التشغيلي، وهيئة الرقابة النووية والإشعاعية هي الجهة الوطنية المنوط بها التحقق من ذلك.

جدير بالذكر أن هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تتولى كافة الأعمال التنظيمية والمهام الرقابية المتعلقة بالأنشطة النووية والإشعاعية في مصر  للاستفادة من الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية وذلك على نحو يضمن أمن وأمان الإنسان والممتلكات والبيئة من أخطار التعرض للإشعاع المؤين، ولها في سبيل تحقيق ذلك كافة الصلاحيات اللازمة لتنظيم تلك الأنشطة.

وقد حصرت هيئة المحطات النووية المصرية NPPA  أعمال الإنشاء على النحو التالي:

أعمال الإنشاء بمحطة الضبعة النووية

المصدر: هيئة المحطات النووية المصرية NPPA  

 ثالثا: أهمية مشروع الضبعة النووية والآثار المترتبة عليه

 يعتبر مشروع محطة الضبعة للطاقة النووية عنصرا هاما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر واستراتيجية رؤية مصر 2030، حيث يحقق المشروع عوائد محلية تطابق مساعي الدولة، فاستراتيجية الطاقة في مصر لعام 2035 تركز على محاور رئيسية ومنها :

-المحور الأول : توفير مصادر التغذية الكهربية عن طريق التكنولوجيا المتطورة الجديدة مثل إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية أو الفحم وأيضا تكنولوجيا الضخ والتخزين، تعظيم دور الطاقات الجديدة والمتجددة، تنويع مصادر الطاقة.

-المحور الثاني: وهو الاستدامة حيث ساهمت الاصلاحات في مجال توفير الطاقة الكهربائية وتوفير الدعم في الاستدامة المالية، مما أثر على تشجيع الاستثمار .

أهمية المشروع:

أ-نمو الناتج المحلي الإجمالي:تسهم مرحلة بناء مشروع الضبعة الجديد في تدفق نحو حوالي 9 مليارات دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي لمصر، مما ينعكس على نمو الناتج المحلي المصري.

ب-توليد  طاقة نظيفة: تعتبر الطاقة النووية هي التكنولوجيا الوحيدة المُجربة والتي يمكن أن توفر كهرباء خالية من الانبعاثات حيث تُساهم المحطة في خفض 14 مليون و 500 الف طن سنوياً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نتيجة الوفر الذى تحققه فى الاعتماد على الغاز والذى يصل إلى 7 مليار متر مكعب سنويا، ومن ثَم، تحافظ على موارد الطاقة من بترول وغاز طبيعي حيث إنها ناضبة وغير متجددة بالإضافة إلى تعظيم القيمة المضافة من خلال استخدام البترول والغاز الطبيعي كمادة خام لا بديل لها في الصناعات البتروكيميائية والأسمدة ، كما أنها تلعب دورا مهما فى مواجهة التغيرات المناخية.

ج-تنويع مصادر الطاقة: تخطو الدولة المصرية خطى متسارعة نحو توفير طاقة نظيفة والتوسع فى الطاقة المتجددة بما يحمي اقتصادها من تقلبات أسعار النفط، فمن المقرر أن يُوفر مشروع الضبعة النووي مصدر مستدام للطاقة، حيث إنه في إطار الاستراتيجية المتكاملة للطاقة تهدف الدولة للاعتماد على الطاقة المتجددة بشكل كبير، وتستهدف إنتاج كهربائي من الطاقة المتجددة يبلغ 42% من إجمالي إنتاج الكهرباء في عام 2035 بالمقارنة ب 20% في عام 2022، على أن تكون نسبة 3% للطاقة النووية من إجمالي الطاقة المتجددة.

د-توفير الآلاف من فرص العمل: من المتوقع أن يسهم المشروع في توفير فرص عمل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال الأنشطة المصاحبة للمشروع فكل وظيفة واحدة في تشييد محطة الطاقة النووية تسهم فى توفير10 وظائف في القطاعات ذات صلة، وتكون الأولوية في هذه الفرص لأبناء المنطقة المحيطة بالموقع في الضبعة، فإنشاء محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء سيعمل على توفير العديد من فرص العمل، حيث سيتطلب ذلك وجود عمالة من مختلف التخصصات خلال فترة إنشاء الوحدات الأربع، فمن المتوقع أن تصل إلى 12 ألف فرصة عمل يوفرها المشروع في مراحل الإنشاء و3 آلاف فرصة عمل متوقعة يوفرها المشروع في مرحلة التشغيل إلى جانب آلاف من فرص العمل غير المباشرة التى يوفرها المشروع فى الصناعات المكملة والمساعدة.

هـ-نمو البحث العلمي: يساهم تطور الطاقة النووية في نمو البحث العلمي والقدرات الفكرية القومية، كما يسهم فى تدريب الكوادر المصرية على تكنولوجيات الطاقة النووية ونقل الخبرات الروسية لتشغيل وصيانة وإدارة المفاعلات.

وعليه، فسوف تسهم الطاقة النووية وتكنولوجياتها فى فتح آفاق التعليم والبحث العلمى حيث سيتم التدريب على المفاعل بشكل عملي، والتكنولوجيات الحديثة للطاقة النووية مما سوف ينعكس على رفع المستوى التعليمى فى مجال الصناعات المتعلقة بتكنولوجيا الطاقة النووية ورفع المستوى العام من المعرفة العلمية وإنشاء مراكز لتدريب الطلاب والعلماء النوويين المستقبليين.

وـ-تطوير الصناعة المصرية: يعد تطوير الصناعة المصرية من أهم أولويات المشروع النووي المصري من خلال برنامج طويل المدى لإنشاء المحطات النووية تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلي في كل وحدة جديدة طبقاً لخطة واضحة وملتزم بها، مما سيحدث نقلة ضخمة في جودة الصناعة المصرية وإمكاناتها ويزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية بسبب المعايير الصارمة للجودة التي تتطلبها صناعة المكونات النووية والتي ستنتقل بالضرورة إلى صناعة المكونات غير النووية التي تنتجها نفس المصانع. وتتصاعد نسب المشاركة المحلية للمشروع بدءا من الوحدة الأولى بنسبة 20% وصولا للوحدة الرابعة بنسبة 35 % مما سينعكس على الاقتصاد المصري وتطوير الصناعة.      

ي-النهوض بالاقتصاد المصري بشكل عام :

يؤكد مشروع المحطة النووية على دور مصر كدولة رائدة في منطقة الشرق الأوسط وقارة إفريقيا ووضعها على خريطة الدول المتقدمة في كل المجالات، وسوف يؤدى المشروع إلى تنمية منطقة الضبعة وحدوث رواج اقتصادي بالمنطقة من خلال فتح أسواق جديدة أثناء عمليات الإنشاء والتشغيل، والاستفادة من بناء العديد من الأسواق التجارية لتوفير احتياجات العاملين بالمشروع ولسكان مدينة الضبعة، والاستفادة من تطوير البنية التحتية من مرافق مياه وكهرباء وطرق واتصالات، والاستفادة من تطوير الخدمات الصحية (مستشفى متطور – خدمات اسعاف …) والتعليمية (مدارس متطورة لمختلف الأعمار السنية)، والاستفادة من وضع المشروع النووي على قائمة المزارات السياحية بمصر.

كما يمكن استخدام الطاقة النووية وتقنياتها في عدة مجالات أخرى مثل الطب والزراعة والغذاء وتحلية المياه وغيرها من المجالات المتعددة التى  تسهم فى النهوض بالاقتصاد القومي. 

رابعا: التحديات التي تواجه مشروع الضبعة

ظهرت تحديات سياسية، ومالية، واقتصادية واجتماعية مرتبطة بتنفيذ المشروع ممثلة فيما يلي:-

-واجه المشروع منذ بدايته نزاع على الأرض التي قام عليها المصنع، حيث عارض مواطنو الضبعة المشروع خاصة بعد أحداث يناير 2011 ،  وفي عام 2013 أبرمت الحكومة اتفاق مع سكان المنطقة لبناء مدينة الضبعة الجديدة السياحية بتكلفة 145 مليون دولار، ومع قبول السكان للصفقة سعوا لضمان عدم وجود آثار ضارة منبعثة من محطة توليد الكهرباء.

-عارض رواد أعمال في مجال المنشآت العقارية قيام مشروع الضبعة لطموحهم في تطوير الأرض التي تقع على الساحل الشمالي وتمثل ثروة سياحية، حيث إن السياحة في مصر تعتبر مصدرا رئيسيا للربح وتحتل نسبة 12% من الناتج المحلي الإجمالي ومصدر للنقد الاجنبي. فهناك مخاوف من أن يتسبب المشروع في تثبيط السياحة لوجود المنتجعات السياحية على طول شاطئ الساحل الشمالي لمصر في الاسكندرية وغربا حتى مدينة مرسى مطروح، وتعتبر المدينة جاذبة للسياح المصريين والأجانب.

-تشكل النفايات النووية المتراكمة مخاطر بارزة لتلوث البيئة. وهناك العديد من سجلات الحوادث التي تم فيها التخلص من النفايات النووية بشكل غير صحيح أو معيب أو تم التخلي عنها ببساطة أو غسلها أو سرقتها من المخازن المؤقتة.  عادةً ما يتم إصدار جزء بسيط من هذا النشاط إلى البيئة، حيث تسمح القوانين المنظمة للأنشطة النووية بإطلاق نسب منخفضة من المواد المشعة إلى البيئة المحيطة، كما تؤكد المبادرة أن محطات الطاقة النووية تستخدم كميات هائلة من المياه للتبريد وتسخينها ثم تفريغها في النظم البيئية القريبة من المياه، ما يؤثر سلبًا على جودة المياه وتنوع النظام البيئي.

وهنا يؤكد خبراء الطاقة النووية على التطور الكبير في أساليب معالجة النفايات النووية، حيث أصبحت تتم بطريقة آمنة وعالية التقنية، وتستخدم تكنولوجيا معروفة وموثوقة علمياً، وتلبي المعايير المُقرة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مما يُؤكد قدرة الدولة المصرية على التعامل مع النفايات النووية بكفاءة وفعالية دون أي مخاطر على البيئة أو الإنسان.

– مخاوف من احتمال التعرض لتسريب إشعاعي أو لانصهار نووي ناتج عن الإهمال أو إساءة معالجة مياه التبريد، ولكن خبراء الطاقة النووية يرون أن محطات الجيل الثالث تتمتع بدرجة عالية من الأمان، وذلك بفضل اعتمادها على التكنولوجيا المتطورة التى تضمن تأمين المفاعل في حالة استشعار أي خطر يتعرض له للمفاعل، ولكن يظل الخطر من إهمال العنصر البشري وعدم اتباعه للإجراءات الصارمة التى تضمن سلامة المحطة.

– هناك مخاوف متعدده بخصوص الاستمرار في بناء المحطة، أبرزها انها قد تكون وجهة مستهدفة للجماعات الإرهابية.

وتسعى الدولة المصرية باستمرار خلال مرحلة التنفيذ لمواجهة هذه التحديات والالتزام بالمعايير الدولية في مجال السلامة النووية والأمان لضمان حماية البيئة والسكان المحليين، واستكمال مراحل التنفيذ ، حيث إنه من المقرر أن يشهد عام 2024 مزيدا من أعمال الإنشاءات والتركيبات للأربع وحدات على التوازي، والانتهاء من استكمال البنية التحتية بالموقع سواء طرقا وشبكات، بالإضافة إلى إتمام الصبة الخرسانية الأولى للوحدة النووية الرابعة، وتركيب مصيدة قلب المفاعل core catcher للوحدة النووية الثالثة والرابعة والتى تعد  أول جهاز كبير الحجم يتم تركيبه فى مبنى المفاعل تم تصميمه بهدف رفع درجة أمان وسلامة الوحدة فى حال حدوث أى أمر خارج إطار التصميم، ويتم توفيره لالتقاط المواد الأساسية المنصهرة «الكوريوم» بمفاعل فى حالة الانصهار غير المحتملة، مما يمنعها من الهروب والتسرب من مبنى الاحتواء.

وختاما، يُعد مشروع الطاقة النووية بالضبعة استثمارا استراتيجيا للدولة المصرية حيث سيسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويعزز استقلالية الدولة فى مجال الطاقة عن طريق تنويع مصادر الطاقة وعدم الاعتماد على مصدر واحد، وتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء فى السنوات القادمة.

The post مشروع الطاقة النووية بالضبعة: الآثار والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7844
رئيس “دراية”:عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة نموذج لجريمة “إبادة جماعية” https://draya-eg.org/2024/04/13/%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d8%af%d8%b1%d8%a7%d9%8a%d8%a9%d8%b9%d8%af%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%aa%d9%84%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84%d9%8a-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-%d9%86%d9%85%d9%88%d8%b0%d8%ac-%d9%84%d8%ac%d8%b1%d9%8a%d9%85%d8%a9-%d8%a5%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9/ Sat, 13 Apr 2024 22:25:40 +0000 https://draya-eg.org/?p=7842 أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” تقريرا تفصيلا عن جرائم الإبادة الجماعية وأبرزها فى التاريخ الحديث، حيث يبحث التقرير فى أنواع هذه الجرائم، وجهة المحاكمة، والعقوبات واجبة التطبيق فى هذا الشأن، كما يُسلط الضوء على  جرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني الأعزل عبر عقود من التاريخ، وخاصة تلك …

The post رئيس “دراية”:عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة نموذج لجريمة “إبادة جماعية” appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” تقريرا تفصيلا عن جرائم الإبادة الجماعية وأبرزها فى التاريخ الحديث، حيث يبحث التقرير فى أنواع هذه الجرائم، وجهة المحاكمة، والعقوبات واجبة التطبيق فى هذا الشأن، كما يُسلط الضوء على  جرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني الأعزل عبر عقود من التاريخ، وخاصة تلك المُرتكبة بعد السابع من أكتوبر 2023، وموقف مصر من تلك الممارسات غير الشرعية، وأخيرا يتناول التقرير سبل تعزيز الجهود الرامية للتصدي لجرائم الإبادة الجماعية وبناء مجتمعات خالية من هذه الجرائم الوحشية.

وأوضح تقرير “دراية” الذى جاء تحت عنوان “جريمة الإبادة الجماعية وانتهاك القوانين الدولية..”غزة نموذجا”، أنه على الرغم من حداثة مصطلح ” الإبادة الجماعية ” فى سياق القانون الدولي، إلا أن ظاهرة القتل الممنهج للأفراد والجماعات قائمة منذ القدم، فقد شهد العالم عبر التاريخ العديد من الجرائم والانتهاكات الدولية التى أودت بحياة الملايين، وألحقت خسائر مادية ومعنوية هائلة، وهددت الأمن الدولي والسلم والتعايش المجتمعي، ولاتزال تلك الجرائم  تُشكل تهديدًا خطيرًا للبشرية.

ومن جانبه، أكد الدكتور صلاح هاشم رئيس منتدى “دراية” أن “الإبادة الجماعية”، سواء ارتكبت في زمن السلم أو الحرب، هي جريمة بموجب القانون الدولي، بل هي أشد الجرائم الدولية جسامة على الإطلاق لما تُشكله من تهديد للإنسان في حياته وصحته وكرامته، وانتشار لخطاب الكراهية والتمييز والعنف، حيث تُمثل انتهاكا صارخا للكرامة الإنسانية والقيم الأخلاقية.

وأفاد هاشم أن الأمم المتحدة أقرت اتفاقية تقضي بمنع جرائم الإبادة الجماعية فى عام  1948، والتى دخلت حيز التنفيذ فى عام 1951 ، حيث عرفت المادة الثانية من الاتفاقية “الإبادة الجماعية” على أنها أي فعل “يرتكب بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة على أسس قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية”.، على أن تشمل هذه الأفعال: قتل البشر، وإلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بهم، وتدهور ظروفهم المعيشية إلى حد يهدد حياتهم، ومنع المواليد، والإبعاد القسري للأطفال.

وبعد 76 عاما من اعتماد اتفاقية الإبادة الجماعية، أوضح رئيس منتدى “دراية” أن الجرائم لاتزال تُرتكب دون محاسبة أو عقاب، ودون اعتبار لحرمة الحياة البشرية، وفى مرأى ومسمع من العالم بأسره، وما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني الأعزل يُعد نموذجا مثاليا لجرائم الإبادة الجماعية الممنهجة والممتدة عبر عقود من التاريخ أمام صمت عالمى غير مسبوق، قائلا: ” لقد ارتكبت سلطات الاحتلال مئات المجازر التى أدت إلى قتل أكثر من 132 ألف شهيد فلسطيني منذ نكبة 1948 وحتى عام 2024،  بالإضافة إلى سقوط آلاف الجرحى وتدمير المنازل والبنى التحتية ومصادرة الأموال والأراضي الفلسطينية وطرد وتهجير قسري بحق أصحاب الأرض من الفلسطينيين، واعتقال أكثر من مليون فلسطينى منذ عام 1967″.

وصرح هاشم بأن الكيان الصهيوني تجرأ على فعل ما يشاء بسبب عقود من الإفلات من العقاب، حيث إنه يدرك جيدا أنه لن يواجه أي عقوبات على ما يرتكبه من جرائم بشعة ومذابح لا حصر لها مثل مذبحة قرية “أبو شوشة” فى عام 1948، ومذبحة “صبرا وشتيلا” عام 1982، ومذبحة “المسجد الأقصى” فى 1990، وغيرها الكثير والكثير، مشيرا إلى أنه بعد السابع من أكتوبر 2023 وحتى الآن تواصل دولة الاحتلال عدوانها الغاشم على قطاع غزة، وترتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينين تسببت فى “دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة” عبر شن قصف مدفعي عنيف، وأحزمة نارية فى عدة مناطق من القطاع، فضلا عن تنفيذ جرائم مروعة ضد المدنيين، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.

وذكر هاشم أن الهجمات الإسرائيلية تجاه شعب غزة الأعزل اتسمت بالوحشية الشديدة حيث استهدفت بشكل أساسى النساء والأطفال، ومنعت وصول المساعدات الغذائية والإنسانية للمدنيين، وعمدت إلى تجويع وإذلال الفلسطينيين وحرمانهم من أبسط احتياجاتهم الإنسانية الأساسية، وتدمير جميع مقومات بقائهم فى أرض وطنهم، وارتكاب أبشع المجازر بحقهم في الأحياء السكنية وفي المدارس والمستشفيات، باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا، فى تحدٍ لكل قيم العدالة والقيم الدولية، فلم تكتفِ دولة الاحتلال بإحداث إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بل تخطط أيضا لتصعيد هجماتها بعملية عسكرية في رفح سيكون لها عواقب مروعة على المدنيين.

وفيما يتعلق بموقف مصر من ممارسات إسرائيل المخالفة للشرعية الدولية، أفاد رئيس منتدى “دراية” بأن الدولة المصرية تحركت بشكل عاجل انطلاقا من مساندتها الدائمة ودعمها المستمر للقضية الفلسطينية على كافة المستويات، وحرصها على فضح ممارسات الكيان الصهيوني، وشاركت بمرافعتها في جلسات الاستماع العلنية أمام محكمة العدل الدولية التي تنظر في طلب الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتقديم رأي استشاري في عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ، وقد قدمت مصر مذكرة للمحكمة تؤكد فيها عدم شرعية الاحتلال الاسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الانساني، وكذلك سياسات ضم الأراضي وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، بالمخالفة للقواعد الآمرة للقانون الدولي العام، ومنها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحظر الاستيلاء على الأراضي من خلال استعمال القوة المسلحة، كما تتضمن المذكرة رفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، التي تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان .

وذكر تقرير “دراية” أن جرائم قوات الاحتلال أسفرت عن استشهاد قرابة 33237 فلسطينى فى قطاع غزة، من بينهم أكثر من 14 ألف طفل و 9220 إمرأة و1049 مسن، واستشهاد نحو 453 فلسطيني فى الضفة، و364 شهيد من الطواقم الطبية، و135 من شهداء الصحافة، و246 من شهداء الكوادر التعليمية، و152 شهيد من موظفى الأونوروا، و48 من الدفاع المدني، وبلغ عدد المفقودين نحو 7000 منهم 4700 من الأطفال والنساء، وعدد المصابين نحو 80048 شخصا، بالإضافة إلى نزوح أكثر من 2 مليون شخص واعتقال 11895 شخص وهدم وتضرر 360 ألف وحدة سكنية، بحسب بيانات جهاز الإحصاء الفلسطينى. 

وأخيرا استعرض تقرير “دراية” سبل التصدي لجرائم الإبادة الجماعية وبناء مجتمعات خالية من هذه الجرائم الوحشية، وذلك من خلال التالي:

1-تقييم مدى فعالية القوانين الدولية الحالية في منع جرائم الإبادة الجماعي، وتحديد الثغرات والتناقضات في التشريعات الدولية.

2-اقتراح تعديلات تضمن التطبيق الصارم للقوانين وتُعزز من قدرتها على ردع الجرائم.

3-تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات بين الدول لضمان الكشف المبكر عن بوادر الإبادة الجماعية.

4-تشجيع الدول على سن قوانين وطنية تُجرم الإبادة الجماعية وتضمن محاكمة مرتكبيها.

5-وضع آليات فعالة لضمان حماية المدنيين من مخاطر الإبادة الجماعية.

6-تفعيل دور قوات حفظ السلام الدولية في التدخل لمنع وقوع جرائم الإبادة الجماعية، وتعزيز التعاون الدولي في مجال تسليم المجرمين.

7-التركيز على برامج التوعية والتعليم لمكافحة التعصب والكراهية، وتعزيز ثقافة احترام حقوق الإنسان وحماية الأقليات.

8-دعم جهود حل النزاعات سلميًا لمنع تفاقم الأزمات التي قد تؤدي إلى الإبادة الجماعية.

9- دعم تدخل الأمم المتحدة من قبل لجان تشكلها بدخول المناطق التى تشهد حروبا دولية أو أهلية للتأكد من عدم ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية .

 

 

 

The post رئيس “دراية”:عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة نموذج لجريمة “إبادة جماعية” appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7842
سياسات الحماية الاجتماعية في الجمهورية الجديدة https://draya-eg.org/2024/04/05/%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%85%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%aa%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d9%87%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9/ Fri, 05 Apr 2024 13:00:38 +0000 https://draya-eg.org/?p=7829 أ.د/صلاح هاشم أظهرت الأزمات الاقتصادية العالمية الراهنة عديد من الأزمات المعيشية والاجتماعية والسياسية لكثير من دول العالم ولا سيما الدول النامية، وكان لمصر نصيب كبير منها، خاصة فيما يتعلق بارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار بشكل غير مسبوق، الأمر الذي جعل لبرامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي الجيدة أهمية خاصة في الحد من الفقر وعلاج مواطن …

The post سياسات الحماية الاجتماعية في الجمهورية الجديدة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
أ.د/صلاح هاشم

أظهرت الأزمات الاقتصادية العالمية الراهنة عديد من الأزمات المعيشية والاجتماعية والسياسية لكثير من دول العالم ولا سيما الدول النامية، وكان لمصر نصيب كبير منها، خاصة فيما يتعلق بارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار بشكل غير مسبوق، الأمر الذي جعل لبرامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي الجيدة أهمية خاصة في الحد من الفقر وعلاج مواطن الضعف والخلل في السياسات الاقتصادية والمالية  في كافة دول العالم تقريباً.

 فالبلدان التي لديها برامج فعالة للحماية الاجتماعية تستخدمها في التصدي للأزمات والكوارث، وفي المقابل، فإن البلدان التي ليس لديها مثل هذه البرامج تضطر في العادة إلى الاعتماد على تدابير خاصة أقل فعالية من التي تتبناها الدول الأخرى. غير أن بناء أرضيات للحماية الاجتماعية يستغرق وقتاً أكبر ويتطلب إرادة سياسية أقوى، خاصة أن أوقات الأزمات أو أوضاع ما بعد الكوارث هي الأوقات الأسوأ في بناء شبكات جيدة للأمان الاجتماعي. ومن ثم فمن الضروري أن تتحلى سياسات الحماية الاجتماعية بمعايير عادلة وعالية للإدارة الرشيدة وتحقيق النتائج، وذلك لضمان تقديم مساعدات أكثر فعالية للأسر الأولى بالرعاية.

بناء أرضيات ميسورة التكلفة للحماية الاجتماعية

ويُعد بناء أرضيات مستدامة وميسورة التكلفة للحماية الاجتماعية أحد أهم مكونات استراتيجية الدولة للحماية الاجتماعية خاصة ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة التي تستهدف بالأساس الارتقاء بخصائص الإنسان المصري، وجعله أكثر انتماءً وإحساساً بالحياة الكريمة؛ لما يتمتع به من مستوى معيشي لائق وخدمات صحية وتعليمية عالية الجودة، وبتكلفة أقل، وانحياز واضح لمبادئ العدالة الاجتماعية.

ومن ثم، فإن سياسات الحماية الاجتماعية التي تستهدفها الدولة الفترة القادمة تركز بشكل عميق على الانتقال بالسياسات الاجتماعية بعيدا عن البرامج المفتتة إلى أنظمة ميسورة التكلفة للحماية الاجتماعية من شأنها تمكين المواطنين من إدارة المخاطر وتحسين قدرتهم على الصمود في وجهها من خلال الاستثمار في رأس المال البشري وتحسين قدرة الشباب في الحصول على الوظائف.

ولا يمكننا بحالٍ أن نتحدث عن الحماية الاجتماعية بعيداً عن الحديث عن الفقر، باعتبار أن القضاء عليه والتخفيف من تدعياته هو الهدف الأول والأسمى لسياسات الحماية الاجتماعية .. كما أن تزايد معدلات الفقر وتوحشها يُعد من أهم التحديات التي تُعِيق برامج الحماية الاجتماعية في مصر .. وإذا كان الحديث عن الفقراء وأوضاعهم المعيشية هي الشغل الشاغل للقيادة السياسية في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن، فمن الأهمية بمكان ألا نغض الطرف عن المهددين بالفقر، والذين لا يجب أن تتجاهلهم السياسات والبرامج الجديدة التي تتبناها الدولة للحد من الفقر والانطلاق نحو التنمية بمفهومها الشامل والمستدام.

الفقر والمهددون بالفقر والفقراء الجدد..محاور رئيسية لسياسات الحماية الاجتماعية

وإذا كنا نتحدث عن سياسات جديدة تتناسب مع النقلة النوعية المتوقعة والتي تهل نسائمها على أعتاب الجمهورية الجديدة، فلابد من الحديث عن ثلاثة مفاهيم أساسية هي الفقر والمهددين بالفقر والفقراء الجدد، ومن ثم فإنه من الصعب الحديث عن رؤية واضحة للحماية الاجتماعية دون أن تكون محاورها الرئيسية تدور حول هذه المفاهيم الثلاثة مجتمعة ..وكما أن الهدف الأول للحماية الاجتماعية هو الحد من الفقر المادي وتداعياته الاجتماعية والمعيشية والثقافية، فإن الهدف الآخر والذي لا يقل أهمية في تصوري عن الهدف الأول يتمثل في الحد من الإحساس بالفقر .

وإذا كان الفقراء الجدد هم أبناء الطبقة الوسطى الذين سقطوا بفعل الظروف الاقتصادية القهرية في دائرة الفقر فأصحبوا فقراء بخصائص وثقافة مغايرة، فإن الحديث عن المهددين بالفقر يتضمن الحديث عن  أشخاص يعملون ويكسبون دخلاً لا بأس به يتجاوز حد الفقر، ولكن ظروف عملهم ومعيشتهم من الهشاشة وعدم الاستقرار ما يجعلهم مهددين باستمرار بالوقوع في دائرة الفقر مع أي تغير سلبى غير متوقع، سواء كان ذلك لأسباب شخصية (مثل الإصابة بالمرض أو الفصل من العمل) أو لأسباب قطاعية (مثلما هو حال من يتعرضون لتقلبات التشغيل فى قطاعي البناء والسياحة ) أو لأسباب محلية (حينما يصيب الاقتصاد ركود عام) أو لأسباب دولية أو إقليمية (كما حدث وقت عودة العمال المصريين من ليبيا). أو بفعل سياسات اقتصادية تسببت في ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار بصورة تفوق الدخل المادي للمواطنين، أو بسبب عدم وفرة الإنتاج والصعوبات التي تواجه المواطنين في الحصول على السلع والخدمات.

ولما كانت العدالة الاجتماعية شعاراً براقاً في كل الثورات التي شهدتها الدولة المصرية وكانت ولا تزال مطلباً أساسياً وحيوياً لاستقامة كافة السياسات التي تتبناها الدولة، فلا يمكن رسم سياسات للحماية الاجتماعية دون الاحتكام إلى مبدأ العدالة الاجتماعية الذى يقوم على تكافؤ الفرص بين المواطنين والمساواة في الحقوق والواجبات وتعزيز وترسيخ قيم المسئولية الاجتماعية بين المواطنين والتي تعني من ناحية مسئولية الأفراد وضرورة أدائهم لواجباتهم تجاه المجتمع، وذلك في مقابل ما يتمتعون به من حقوق، وما يقدم إليهم من خدمات .وتعني من ناحية أخرى مسئولية الحكومة عن إشباع احتياجات المواطنين، وذلك في مقابل مشاركة المواطنين في كافة مجالات التنمية والرعاية الاجتماعية وذلك من خلال المبادرات الشعبية والجمعيات الأهلية.

وعموماً فقد تعددت وتنوعت الوسائل والأساليب التي تستخدمها دول العالم من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن في معدلات التنمية سواء بين أقاليم البلد الواحد، أو بين الريف والحضر، أو بين أحياء المدينة ذاتها، ومن الطبيعي أن تختلف هذه الوسائل من دولة لأخرى، وذلك لأن تحقيق العدالة الاجتماعية يعتمد على مصفوفة ضخمة من المتغيرات التي يجب وضعها في الاعتبار عند صياغة الاستراتيجية العامة للتنمية والحماية الاجتماعية، ومن بين هذه المتغيرات طبيعة التناقض بين الريف والحضر، ومستوى التطور الاقتصادي والإنتاجي، وأحجام الأحياء والقرى الصغيرة، بالنظر إلى الأحياء والقرى الكبيرة، ومراكز التركز السكاني، ومناطق الجذب السكاني في المدن، فضلاً عن متغيرات أخرى كثيرة مثل حجم الاستثمارات المخصصة لكل محافظة، وتنمية القرى والمدن في إطار خطة تنموية قومية، وتعتبر هذه المتغيرات بمثابة مؤشرات عامة لتحقيق العدالة الاجتماعية بوجهٍ عام.

سياسات الحماية الاجتماعية..الإجراءات والنتائج

كما أن تحقيق العدالة في سياسات وبرامج الحماية الاجتماعية يتطلب الأخذ في الحسبان التفرقة بين الإجراءات والنتائج، فليس من الضروري أن تؤدى الإجراءات العادلة إلى نتائج عادلة، فقد تؤدى إجراءات تبدو عادلة إلى توزيعات ليست عادلة للسلع والخدمات، وعموماً فإن تحقيق العدالة الاجتماعية، يتطلب أن يحصل الناس على خدمات تتناسب مع ما يستحقونه كمواطنين وما يحتاجون إليه ليعيشوا حياة كريمة وأمنة. بالإضافة إلى السماح بالتمييز الايجابي لصالح الفئات الضعيفة، مع تجنب الانحياز دون تمييز بين من يحتاجون إلى حماية اجتماعية شاملة، مع التركيز على ضرورة تغطية مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية للفرد والعمل على تقوية أواصر العلاقات الاجتماعية بين الناس.

وفى النهاية فإنه إذا أريد أن يكون لسياسات الحماية الاجتماعية مردوداً ايجابياً على الأرض فيما يتعلق بالحد من الفقر والتخفيف من تداعياته مع الحفاظ على حجم وخصائص الطبقة الوسطى وخاصة في تلك الظروف التي تحمل عديد من المتناقضات الاجتماعية والاقتصادية وحتى الأخلاقية، فإنه يجب أن تتضمن برامج الحماية الاجتماعية السياسات التالية:

(1 ) تبنى سياسات لحفز النمو المنحاز للفقراء : ويتطلب ذلك – إيجاد فرص عمل كافية لاستيعاب الراغبين في العمل في أعمال منتجة ومدرة لدخول تفي على الأقل باحتياجاتهم الأساسية، مع العمل على إنتاج سلع وخدمات تضم نسبة كبيرة مما يحتاج إليه الفقراء في إشباع احتياجاتهم الأساسية. بالإضافة إلى التحيز فى توزيع مشروعات التنمية في المناطق الفقيرة، وإعادة توطين بعض المشروعات في هذه المناطق. 

(2) تمكين محدودي الدخل من الحصول على أصول إنتاجية:

شهدت الدولة خلال الثلاثين سنة الماضية تغييرات اجتماعية واقتصادية مهمة تحت اسم الخصخصة التي تستهدف في ظاهرها توسيع قاعدة الملكية، والواقع أنها تنقل ملكية الأصول من مجموع الشعب إلى حفنة ضئيلة منه، وعندما يحدث ذلك؛ فإنها تعمل على تضييق قاعدة الملكية وتزيد بالتالي الهوة بين من يملكون ومن لا يملكون. ومن ثم فإن تمكين الفقراء ومحدودي الدخل  من ملكية مشروعات بعينها، يساعدهم على تطوير وتنمية هذه المشروعات بما يساعد على تنمية وتحسين مستوى معيشتهم.

(3) تنمية القدرات البشرية لمحدودي الدخل وتمكينهم من زيادة مشاركتهم في الإنتاج:

وتتضمن هذه السياسة تمكين الفقراء من الحصول على الخدمات الأساسية وبخاصة التعليم والتغذية والخدمات الصحية والإسكان، كما تتضمن تمكين الفقراء من الارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم الإنتاجية، خلال برامج جادة لإعادة التدريب والإرشاد الإنتاجي .

( 4 ) تطبيق سياسات لرعاية محدودي الدخل وتحقيق الحماية الاجتماعية:

ويندرج تحت هذه السياسات، سياسات الدعم والضمان الاجتماعي والتأمينات والسياسات والبرامج الخاصة بتشغيل الفقراء والنهوض بمناطق تركزها، وتحسين مستوى تغذيتهم، ومد يد العون لهم ولغيرهم في حالة التعرض للأزمات والكوارث، مع ضرورة مشاركتهم في تخطيط وتحسين هذه البرامج والسياسات، وتدبير التمويل الكافي لها من أجل أن يكون لها تأثير محسوس على مستوى حياة الفقراء .

ومن المهم في هذا السياق بذل جهود كبيرة من أجل تعريف الفقراء ومحدودي الدخل بالبرامج والمشروعات الموجهة خصيصاً للنهوض بأحوالهم المعيشية وحمايتهم وتبصيرهم بكيفية  الاستفادة منها، مع العمل على ضمان وصول المساعدات والدعم لهم. إذ يفضل تقديم الخدمات الاجتماعية لمحدودي الدخل حيث يوجدون، بدلاً من انتظار تقدمهم إلى الجهات المعنية طلباً للمساعدة، وكل ذلك لا يمكن أن يتحقق دون تنشيط وتفعيل لدور الجمعيات الأهلية في مساعدة الفقراء وتقديم الخدمات الضرورية لهم.  ولهذا فإنه يمكن القول أن الجمعيات الأهلية أصبحت أداة فعالة في دعم برامج الحماية الاجتماعية . وأعتقد أن دورها الواضح والملموس في مبادرة حياة كريمة كشريك أساسي للحكومة عزز من وجودها على الأرض ووسوف يدفع الدولة إلى منحها مزيد من الحرية والدعم في السنوات القادمة. 

(5) تعزيز دور التحويلات وشبكات الأمان :

 هناك فئتان واسعتان يحتاجان إلى اهتمام خاص هما من يعجزون عن المشاركة في عملية التنمية، ومن يتعرضون للخطر مؤقتاً – المهددون بالفقر – عندما تتخذ الأحداث اتجاهاً غير موات، وتحتاج الفئة الأولى إلى نظام للتحويلات يكفل لها مستوى معيشى مناسب، وتحتاج الفئة الثانية إلى أنواع مختلفة من شبكات الأمان . وفى جميع هذه الحالات يكون العمل على وصول الدعم إلى مستحقيه أمراً لا غنى عنه لتحقيق التوازن بين التكاليف والمنافع . وإذا كانت نسبة الموازين أكثر ارتباطاً بالمناطق الجغرافية الفقيرة سواء في الريف أو الحضر، فإنه ينبغي إيجاد أنظمة للضمان الاجتماعي والعمل توسيع تغطيتها. بالتكامل بين قطاعات الدولة الثلاثة الحكومية والأهلية والخاصة.

(6)– إتاحة الفرصة للفقراء للحصول على الخدمات :

يتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية التزاماً واضحاً بإتاحة الفرص للفقراء للحصول على الخدمات الاجتماعية، وينبغي أن ينعكس ذلك في البنية التحتية، وفى تنظيم القطاعات الاجتماعية، وفى طريقة تمويلها.

(7)– الإيفاء بالاحتياجات الأساسية للمواطنين:

حتى تستطيع الحكومات تحقيق الاستقرار في أي مجتمع، يجب عليها أن تهتم بتوفير الاحتياجات الأساسية للسكان من ملبس ومأكل ومسكن ومياه نقية، وكذلك توفير الخدمات الصحية، والتعليم إلى حد كبير، وإذا كان على الحكومة أن تلتزم بتوفير الرعاية الصحية والتعليم، فمن المتوقع أن تتعرض الدولة هنا لقضية العدالة والكفاية؛ ولذلك لجأت الدولة إلى الشراكة مع المؤسسات الأهلية لمساعدتها في الإيفاء بهذه الاحتياجات، حتى تضمن وصول برامج الحماية الاجتماعية للجميع سواسية.

وعموماً فإن نجاح سياسات الحماية الاجتماعية في تحقيق أهدافها في الحد من الفقر وتحقيق الحياة الكريمة للمواطنين مرهون بقدرتها على تبني برامج للحماية الاجتماعية تكون قادرة على تحقيق تكافؤ الفرص بين المواطنين في التعليم والصحة والعمل والسياسة، وفى كافة الحقوق الأساسية. وكذلك قدرتها على الحد من الإحساس بالفقر والحفاظ على الطبقة الوسطى وتذويب الفوارق بين الطبقات: وذلك بتبني سياسات للإصلاح الاجتماعي لا تقل أهمية عن سياسات الإصلاح الاقتصادي والتي تبنتها الدولة في 2016 مع تقليل الاعتماد على القروض في تمويل برامج الحماية الاجتماعية وتوحيد السياسات الائتمانية، ليصبح للمشروعات الصغيرة في مصر “أب شرعي واحد”، فالمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر هي الأمل في تجاوز الأزمات الاقتصادية والخروج من النفق الاقتصادي الضيق إلى النفق الأوسع على أعتاب الجمهورية الجديدة .

 

The post سياسات الحماية الاجتماعية في الجمهورية الجديدة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7829
جريمة الإبادة الجماعية وانتهاك القوانين الدولية..”غزة نموذجا” https://draya-eg.org/2024/04/01/%d8%ac%d8%b1%d9%8a%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%88%d8%a7%d9%86%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-%d9%86%d9%85%d9%88%d8%b0%d8%ac%d8%a7/ Mon, 01 Apr 2024 20:58:53 +0000 https://draya-eg.org/?p=7808 على الرغم من حداثة مصطلح ” الإبادة الجماعية ” فى سياق القانون الدولي وكونه يُمثل خطوة هامة فى تطوير القانون الجنائي الدولي لحماية حقوق الإنسان وكرامته، إلا أن ظاهرة القتل الممنهج للأفراد والجماعات قائمة منذ القدم. فقد شهد العالم عبر التاريخ العديد من الجرائم والانتهاكات الدولية التى أودت بحياة الملايين، وألحقت خسائر مادية ومعنوية هائلة، …

The post جريمة الإبادة الجماعية وانتهاك القوانين الدولية..”غزة نموذجا” appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
على الرغم من حداثة مصطلح ” الإبادة الجماعية ” فى سياق القانون الدولي وكونه يُمثل خطوة هامة فى تطوير القانون الجنائي الدولي لحماية حقوق الإنسان وكرامته، إلا أن ظاهرة القتل الممنهج للأفراد والجماعات قائمة منذ القدم. فقد شهد العالم عبر التاريخ العديد من الجرائم والانتهاكات الدولية التى أودت بحياة الملايين، وألحقت خسائر مادية ومعنوية هائلة، وهددت الأمن الدولي والسلم والتعايش المجتمعي، ولاتزال تلك الجرائم  تُشكل تهديدًا خطيرًا للبشرية.

وللتصدي لجريمة البشعة التي تُخلف تداعيات كارثية، خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة والذى يُحتفل به في التاسع من ديسمبر من كل عام بموجب قرارها رقم  69/323 لعام  2015، حيث يهدف هذا القرار إلى حث جميع الدول الأعضاء والمراقبين وجميع المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وكذلك المنظمات الدولية والأفراد لإحياء هذا اليوم العالمي ورفع الوعي حول اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية التى أقرتها الأمم المتحدة فى  9 ديسمبر 1948، معتبرة “الإبادة الجماعية” بمثابة جريمة دولية تتعهد الدول المُوقعة عليها “بمنعها والمعاقبة عليها”.

وفى هذا السياق، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” تقريرا يتناول لمحة تاريخية عن جرائم الإبادة الجماعية، وأبرز تلك الجرائم المُرتكبة فى التاريخ الحديث، ويبحث بشكل تفصيلى فى أنواعها وجهة المحاكمة والعقوبات واجبة التطبيق فى هذا الشأن. كما يسلط  التقرير الضوء على انتهاكات دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الأعزل الذى يتعرض لأقصى صور الإبادة الجماعية على مر التاريخ، وخاصة بعد  السابع من أكتوبر 2023، وموقف مصر من تلك الممارسات غير الشرعية، وأخيرا سبل تعزيز الجهود الرامية للتصدي لجرائم الإبادة الجماعية وبناء مجتمعات خالية من هذه الجرائم الوحشية، وذلك من خلال عدد من المحاور تشمل :

أولا: لمحة تاريخية عن جرائم الإبادة الجماعية وأبرزها حديثًا.  

ثانيا: أنواع جرائم الإبادة الجماعية وجهة المحاكمة والعقوبات واجبة التطبيق.

ثالثا: الفرق بين الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

رابعا: إسرائيل والإبادة الجماعية.

خامسا: موقف مصر من ممارسات إسرائيل المخالفة للشرعية الدولية.

 سادسا: منع جريمة الإبادة الجماعية مسئولية تتطلب تعزيز الجهود. 

أولا: لمحة تاريخية عن جريمة الإبادة الجماعية وأبرزها حديثًا

تُعتبر جريمة الإبادة الجماعية من الجرائم التى تمتد جذورها عبر التاريخ، غير أن أول ظهور لمصطلح “الإبادة الجماعية” جاء فى عام 1944 على لسان المحامي البولندي “رافائيل ليمكين” لوصف الجرائم التى ارتكبها النازيون ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، حيث أطلق “ليمكين” هذا المصطلح وأخذ عن الاصطلاحيين اليونايين Genos ويعنى الجماعة أو الجنس، و Cide ويعنى القتل، وجمع بينهما فى كلمة واحدة “Genocide” أى “إبادة الجنس” أو “قتل الجماعة” واعتبرها جريمة الجرائم Crime of crime.

ثم أقرت الأمم المتحدة اتفاقية تقضي بمنع جرائم الإبادة الجماعية فى عام  1948، وتناولت المادة الثانية من الاتفاقية تعريف جريمة الإبادة الجماعية على أنها :”أيا من الأفعال التالية المُرتكبة بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين مثل: قتل أعضاء الجماعة، إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بأعضاء الجماعة، إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا أو جزئيا، فرض إجرءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة، نقل أطفال من الجماعة بالإكراه من جماعة إلى أخرى”.

وتؤكد الاتفاقية على أن الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في زمن السلم أو الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهد الأطراف ’’بمنعها والمعاقبة عليها‘‘ (المادة 1)، وتقع المسئولية الأساسية في منع الإبادة الجماعية ووقفها على عاتق الدولة التي تقع فيها هذه الجريمة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن التطور الدولي والقانوني للمصطلح تركز حول فترتين تاريخيتين بارزتين: الفترة الأولى وهي الفترة التي بدأت منذ صياغة المصطلح وحتى قبوله كقانون دولي (1944-1948) بعدما خلفت الحرب العالمية الثانية ملايين الضحايا المشاركين فى الحرب والمدنيين أيضا، وقد أصبحت اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع ومعاقبة الإبادة الجماعية سارية المفعول في 12 يناير 1951، بعد تصديق أكثر من 20 بلدًا حول العالم عليها. والفترة الثانية هي فترة تفعيله في ظل تأسيس المحاكم العسكرية الدولية للبت في جرائم الإبادة الجماعية (1991-1998).

  • أبرز جرائم الإبادة الجماعية فى التاريخ الحديث:

الإبادة الجماعية فى البوسنة والهرسك: وقعت هذه الجريمة فى حقبة التسعينيات حيث شن الرئيس الصربى سلوبودان ميلوسيفيتش هجوما وحشيا على البوسنة اثر إعلانها الاستقلال ، وقد راح ضحية هذه الحرب ما يقرب من 100 ألف شخص غالبيتهم من المسلمين .واتسمت هذه الجريمة بالوحشية الشديدة واللانسانية حيث شهدت هذه المجازر عمليات إعدام جماعية للرجال وإغتصاب جماعى للنساء .

وفي 25 مايو 1993، وبينما كان الصراع لا يزال مستمراً، أنشأت الأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، في لاهاي بهولندا، لمحاكمة مرتكبي الفظائع ، حيث وجهت المحكمة الاتهام لـ161 شخصا من بينهم الصرب والبوشناق والكروات، وأُدين 90 شخصاً، كان أبرزهم رادوفان كاراديتش، رئيس جمهورية “صرب البوسنة” السابق، وسلوبودان ميلوسيفيتش، رئيس صربيا السابق، وراتكو ملاديتش، قائد جيش جمهورية صرب البوسنة السابق.

الإبادة الجماعية فى رواندا: وقعت هذه الحروب فى عام 1994 وذلك عقب مصرع رئيس رواندا جوفينال هابياريمانا والذى ينتمى الى قبيلة الهوتو إذ شنت قبائل التوتسى والهوتو حربا أهلية طاحنة راح ضحيتها ما يزيد عن المليون شخص . وفى أعقاب هذه الحرب قام مجلس الأمن الدولى بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية برواندا والتى يقع قرها الحالى فى أروشا بتنزانيا .

وفى عام 1998 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا أول حكم إدانة بالإبادة الجماعية في العالم يصدر عن محكمة دولية عندما أدانت “جان بول أكاسيو” بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن مجمل الأعمال التى شارك فيها وأشرف عليها كعمدة لبلدة تابا فى رواندا. وبحلول عام 2007 كانت المحكمة قد أصدرت 27 حكما على 33 متهما.

الإبادة الجماعية فى دارفور بالسودان: بدأ هذا النزاع عام 2003 بين متمردى الاقليات العرقية الإفريقية وحكومة الرئيس السودانى السابق عمر البشير وهو النزاع الذى أسفر عن حرب أهلية مريرة راح ضحيتها 300 ألف شخص وتم تشريد ما يزيد عن 2.5 مليون شخص .

وأثناء حرب 2003، استعان البشير لمساندة قواته بمليشيات “الجنجويد” التي شكّلت بعد ذلك نواة قوات الدعم السريع التي أنشئت رسمياً في عام 2013 وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي توقيف بحق البشير وبعض مساعديه لاتهامهم بارتكاب “إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.

الإبادة الجماعية فى قطاع غزة: تعرض قطاع غزة ولايزال يتعرض حاليا لجميع أشكال الإبادة الجماعية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى الآن، حيث قُتل أكثر من 33 ألف فلسطيني، وأُصيب أكثر من 80 ألف فلسطيني، ونزح قرابة 2 مليون فلسطيني (85% من سكان القطاع) من منازلهم قسرا، واُعتقل أكثر من 11 ألف فلسطيني. 

وعلى إثر هذه الانتهاكات والجرائم البشعة بحق الفلسطينين العزل أصحاب الأرض، مثلت إسرائيل فى يناير 2024 أمام محكمة العدل الدولية مُتهمة من قبل جنوب إفريقيا بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، وهو ما سوف نُسلط عليه الضوء لاحقا فى هذا التقرير.

ثانيا: أنواع جرائم الإبادة الجماعية وجهة المحاكمة والعقوبات واجبة التطبيق

  • أنواع الإبادة الجماعية :

تتسم جرائم الإبادة الجماعية بأنها جرائم تتطور بتطور الأسلحة ذات التدمير الشامل، كما أنها جرائم تتوسع بشكل مستمر بسبب انتشار الحروب الأهلية فى العديد من الدول، ويمكن إيجاز أبرز أنواع الإبادة الجماعية فى الآتى :

1- الإبادة الجسدية : وتعنى قتل الجماعات بالغازات السامة أو الإعدام أو دفن الأحياء والقصف بالطائرات أو الصواريخ وغيرها من أسلحة الدمار الشامل .

2- الإبادة البيولوجية : وهى تتمثل فى تعقيم الرجال وإجهاض النساء بوسائل مختلفة والتدخل فى تغيير الخلقة الإنسانية لاهداف سياسية ودينية للقضاء على العنصر البشرى .

3- الإبادة الثقافية : والتى تتمثل فى فرض عدم التحدث باللغة الوطنية والإعتداء على الثقافة القومية ..

  • جهة التقصي والمحاكمة:

أ-محكمة العدل الدولية: وهي ذراع تابع للأمم المتحدة يهدف لحل النزاعات بين الدول (أكبر هيئة قضائية في منظمة الامم المتحدة) ومقرها لاهاي بهولندا وتتألف من 15 قاضيا يتم انتخابهم لولاية مدتها تسع سنوات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن ، ولا يمثل أعضاء المحكمة حكوماتهم بل هم قضاة مستقلون. وتتعامل المحكمة مع النزاعات بين الدول ولا تستطيع النظر فى النزاع إلا عندما يُطلب منها ذلك من قبل دولة واحدة أو أكثر، ويمكنها أن تقرر ما إذا كانت الدول مسئولة عن الإبادة الجماعية، فلا يتقاضى أمام محكمة العدل الدولية إلا دولا ولا تنظر إلا في قضايا التعويضات ولا تحاكم جنائياً الأشخاص.

وتعتبر القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية مُلزمة قانونا ولا يمكن الطعن فيها، لكن المحكمة لا تملك سلطة واسعة لتنفيذ أحكامها، ويمكن اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي في حالة عدم قيام دولة بالالتزام بها.

ب-المحكمة الجنائية الدولية: وهي هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة ومقرها فى هولندا، وتختص بمحاكمة الأفراد -وليس الدول- المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء. ولا تستطيع القيام بدورها القضائي ما لم تبد المحاكم الوطنية رغبتها أو كانت غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القاضيا. وليس للمحكمة قوة شرطة خاصة بها لتعقب واعتقال المشتبه بهم، وتعتمد على خدمات الشرطة الوطنية لإجراء اعتقالات والسعي إلى نقلهم إلى لاهاي. وقامت المحكمة الجنائية بفتح تحقيقات في أربع قضايا رئيسية: أوغندا و‌جمهورية الكونغو الديمقراطية و‌جمهورية أفريقيا الوسطى و‌دارفور. ولدى المحكمة مذكرة توقيف معلقة بحق الرئيس السوداني عمر البشير – وهي الأولى التي صدرت ضد رئيس دولة كان لا يزال في منصبه، حيث وجهت له ثلاث تهم بالإبادة الجماعية وتهمتين بارتكاب جرائم حرب وخمس تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

  • العقوبات: وعن العقوبات الواجبة التطبيق بحق مرتكبي الإبادة الجماعية، فإن المادة 77 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تنص على أنه للمحكمة أن توقع على الشخص المُدان إحدى العقوبات التالية:

أ-السجن لعدد محدد من السنوات لفترة أقصاها 30 سنة.

ب-السجن المؤبد حيثما تكون هذه العقوبة مبررة بالخطورة البالغة للجريمة وبالظروف الخاصة للشخص المُدان.

وبالإضافة إلى السجن، للمحكمة أن تأمر بما يلي:

أ-فرض غرامة بموجب المعايير المنصوص عليها فى القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات.

ب-مصادرة العائدات والممتلكات والأصول الناتجة بصورة مباشرة أو غير مباشرة من تلك الجريمة.

وحسب المادة الرابعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، فإنه “يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة، سواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفين عامين أو أفرادا”.

كما تنص جميع الاتفاقيات المتعلقة بـ”الإبادة الجماعية” على أنها “جرائم لا تخضع للتقادم، ومرتكبوها لا يستفيدون من الحصانة، إذ تتم ملاحقة كل شخص ارتكبها أو أمر بارتكابها دون النظر إلى منصبه، سواء كانوا حكاما أو موظفين عامين أو أفرادا غير مسؤولين، وفق المادة الرابعة والمادة الثالثة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية”.

وهنا لابد من الإشارة إلى ﻣﺒﺪأ ﻋﺎلمية ﺣﻖ اﻟﻌﻘﺎب، بمعنى أن ﻟﻜﻞ دوﻟﺔ الحق في ﻋﻘﺎب ﻣﺮﺗﻜﺒﻬﺎ دون اﻟﻨﻈﺮ إلى ﺟﻨﺴﻴﺘﻪ أو إلى ﻣﻜﺎن ارﺗﻜﺎﺑﻪ ﻟﻠﺠﺮيمة، وﻇﻞ ﻫﺬا اﻻﺧﺘﺼﺎص ممنوحا ﻟﻠﺪول ﺣتى إﻧﺸﺎء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، كما يلازم أيضا جريمة الإبادة الجماعية مبدأ عدم تقادم العقوبات الخاصة بها ، حيث أقرت الأمم المتحدة فى الإتفاقية الخاصة بعدم قابلية جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية للتقادم فى عام 1967 هذا المبدأ فى مادتها الأولى أيا كان تاريخ هذه الجرائم. 

ثالثا: الفرق بين الإبادة الجماعية والتطهير العرقي

عادة ما يتم الخلط بين التطهير العرقي والإبادة الجماعية، إلا أن هناك اختلاف بينهما يتضح كما يلي:

تطلق عبارة “التطهير العرقي” على كل محاولة لإنشاء مناطق جغرافية متجانسة عرقياً من خلال الترحيل أو التهجير القسري للأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعات عرقية معينة، وفي أحيان كثيرة إزالة كافة الآثار المادية للجماعات المستهدفة من خلال تدمير الآثار والمقابر ودور العبادة، بحسب تعريف الأمم المتحدة. ومن ثَم فإن التطهير العرقي يرتبط بمحاولة إزالة مجموعات معينة من أراض معينة فاستخدام عدة أساليب تشمل القتل، التعذيب، الاعتقال التعسفي، الاغتصاب، الترحيل، والهجمات المتعمدة على المناطق المدنية.

وكما ذكرنا سابقا، فإن جريمة الإبادة الجماعية تُعرف على أنها :”أيا من الأفعال التالية المُرتكبة بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين مثل: قتل أعضاء الجماعة، إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بأعضاء الجماعة، إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا أو جزئيا، فرض إجرءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة، نقل أطفال من الجماعة بالإكراه من جماعة إلى أخرى”.

وعليه، فإن الاختلاف بين الجريمتين يكمن فى نية مرتكب الجريمة، حيث إن الهدف الأساس للإبادة الجماعية هو محاولة القضاء على مجموعة معينة بناء على الجنسية أو العرق أو الاثنية أو الدين، فى حين إن الهدف الرئيس من التطهير العرقي هو إنشاء مجتمع عرقي صاف ومن أمثلة التطهير العرقي ما قامت به بورما فى 2017 بحق الأقلية المسلمة “الروهينجا” في أعقاب حملة قمع عسكرية أدت الى نزوح واسع النطاق لأفراد هذه الأقلية ووقوع أعمال قتل واغتصاب وحرق لأفرادها. 

رابعا: إسرائيل والإبادة الجماعية

لقد تجرأ الكيان الصهيوني على فعل ما يشاء بسبب عقود من الإفلات من العقاب، حيث إنه يدرك جيدا أنه لن يواجه أي عقوبات على ما يرتكبه من جرائم بشعة. فالعدوان الإسرائيلى المستمر على فلسطين يُعد نموذجا مثاليا لجرائم الإبادة الجماعية الممنهجة والممتدة عبر عقود من التاريخ أمام صمت عالمى غير مسبوق. فقد ارتكبت سلطات الاحتلال الإسرائيلى مئات المجازر التى أدت إلى قتل أكثر من 132 ألف شهيد فلسطيني منذ نكبة 1948 وحتى عام 2024،  بالإضافة إلى سقوط آلاف الجرحى وتدمير المنازل والبنى التحتية ومصادرة الأموال والأراضي الفلسطينية وطرد وتهجير قسري بحق أصحاب الأرض من الفلسطينيين ، واعتقال أكثر من مليون فلسطينى منذ عام 1967 وفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطينيى. 

وعن عمليات الإبادة الجماعية التى قامت بها قوات الكيان الصهيوني، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر مذبحة “بلدة الشيخ” التى وقعت فى ديسمبر 1947 وقٌتل فيها ما يزيد عن 600 قتيل بينهم نساء وأطفال وتم التمثيل بجثثهم ، ومذبحة “قرية سعسع” فى الجليل التى وقعت فى فبراير 1948 حيث تم نسف 20 منزلا على سكانها الفلسطينيين المحتمين بداخلها ، ومذبحة “دير ياسين” التى وقعت فى إبريل عام 1948 والتى استشهد فيها قرابة 360شهيدا ، ومذبحة قرية “أبو شوشة” فى مايو 1948 والتى شهدت استشهاد 426 فلسطينيا، ومذبحة “صبرا وشاتيلا” والتى وقعت فى ديسمبر عام 1982 والتى استمرت 36 ساعة بقيادة أرئيل شارون واستشهد فيها 3500 فلسطينيا ، ومذبحة “المسجد الأقصى” التى وقعت فى أكتوبر 1990 واستشهد فيها 21 فلسطينيا ، ومذبحة “الحرم الإبراهيمي” فى إبريل والتى استشهد فيها 35 فلسطينيا.

ومنذ السابع من أكتوبر عام 2023 وحتى الأول من إبريل عام 2024، تواصل دولة الاحتلال عدوانها الغاشم على قطاع غزة وارتكابها جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينين حيث تسببت في “دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة” عبر شن قصف مدفعي عنيف، وأحزمة نارية فى عدة مناطق من القطاع، فضلا عن تنفيذ جرائم مروعة ضد المدنيين، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.  

فبحسب بيانات جهاز الإحصاء الفلسطينى، استشهد قرابة 33237 فلسطينى فى قطاع غزة، منهم أكثر من 14 ألف طفل و 9220 إمرأة و1049 مسن، واستشهد نحو 453 فلسطيني فى الضفة، و364 شهيد من الطواقم الطبية، و135 من شهداء الصحافة، و246 من شهداء الكوادر التعليمية، و152 شهيد من موظفى الأونوروا، و48 من الدفاع المدني، وبلغ عدد المفقودين نحو 7000 منهم 4700 من الأطفال والنساء ، وعدد المصابين نحو 80048 شخصا، بالإضافة إلى نزوح أكثر من 2 مليون شخص واعتقال 11895 شخص وهدم وتضرر 360 ألف وحدة سكنية .

المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني

واتسمت الهجمات الإسرائيلية تجاه شعب غزة الأعزل بالوحشية الشديدة حيث استهدفت بشكل أساسى النساء والأطفال، ومنعت وصول المساعدات الغذائية والإنسانية للمدنيين، وعمدت إلى تجويع وإذلال الفلسطينيين  وحرمانهم من أبسط احتياجاتهم الإنسانية الأساسية، وتدمير جميع مقومات بقائهم فى أرض وطنهم، وارتكاب أبشع المجازر بحقهم في الأحياء السكنية وفي المدارس والمستشفيات، باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا، فى تحدٍ لكل قيم العدالة والقيم الدولية، فلم تكتفِ دولة الاحتلال بإحداث إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بل تخطط أيضا لتصعيد هجماتها بعملية عسكرية في رفح سيكون لها عواقب مروعة على المدنيين، وتعمد إلى تعريضهم لخطر الإبادة الجماعية.

وقد أشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى إجماع فقهاء القانون الدولي وخبراء الأمم المتحدة على أن ما يحدث في قطاع غزة يُمثل جريمة “إبادة جماعية” ينبغي أن يكون نقطة فاصلة من أجل محاسبة إسرائيل. وأبرز الأورومتوسطي الرأي القانوني الصادر عن 880 أستاذ قانون دولي حول العالم حيث حذروا فيه من ممارسة إسرائيل “جريمة إبادة جماعية” في قطاع غزة، علمًا بأن هذا الرأي صدر في 15 أكتوبر 2023، أي بعد أسبوع من بدء الحرب حيث كانت حصيلة الضحايا وحجم الدمار كان أقل بكثير من الحصيلة الحالية.

فقد أكد الرأي القانوني على الأدلة الدامغة بشأن ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جماعية ضد المدنيين في قطاع غزة، بما في ذلك القصف العشوائي والهجمات غير المتناسبة بتدمير الأحياء السكنية، وفرض نهج التجويع والتعطيش وقطع الإمدادات الإنسانية بالكامل عن السكان المدنيين ، فيما أشار الأورومتوسطى الى أن حصار إسرائيل المستمر على غزة منذ عام 2006 مثل مقدمة لجريمة الإبادة الجماعية بوتيرة بطيئة، مدعومًا على مدار السنوات الماضية بالتحريض على ارتكاب جرائم بشعة، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولى.

ولفت المرصد إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين منذ بدء الحرب على غزة مثل وصف السكان المدنيين بأنهم “حيوانات بشرية” وأن غزة “لن تعود إلى ما كانت عليه من قبل”، مشيرا إلى أنها تعكس نوايا الكيان الصهيوني المبيتة بارتكاب جرائم إبادة جماعية عبر القتل المتعمد وتقييد الظروف الأساسية للحياة، إذ أنه بالتزامن مع الهجمات المكثفة وإسقاط أكثر من 25 ألف طن على قطاع غزة الذي لا تتجاوز مساحته 365 كيلو مترًا مربعًا، أدلى مسئولون إسرائيليون بتصريحات تؤكد أن قتل المدنيين وتدمير منازلهم وأحيائهم هو “عمل مقصود وبقرار مسبق وليس بسبب اتخاذهم “دروعًا بشرية” كما تزعم الرواية الرسمية.

وقد أكد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن إحدى لجانه المستقلة الخاصة بإجراء تحقيقات تمكنت من جمع “أدلة واضحة” تُثبت ارتكاب جرائم حرب في الصراع الدائر من قبل الطرفين إسرائيل وحماس، وأن الشعب الفلسطيني “معرض لخطر الإبادة الجماعية”. 

ومن جانبها، قالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المستقلة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، إن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة، ودعت الدول إلى ضمان امتثال إسرائيل بالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

جاء ذلك في تقرير قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف قالت فيه إن إسرائيل ارتكبت ثلاثة أعمال إبادة جماعية وهي: التسبب في أذى جسدي أو نفسي خطير لأعضاء مجموعة من البشر، تعمد فرض ظروف معيشية على المجموعة بهدف تدميرها الجسدي كليا أو جزئيا وفرض تدابير تهدف إلى منع الإنجاب داخل المجموعة.

وذكرت المقررة الخاصة أن إسرائيل دمرت غزة خلال خمسة أشهر من العمليات العسكرية. وقالت: “إن العدد المروع من الوفيات، والضرر الذي يتعذر جبره اللاحق بالناجين، والتدمير المنهجي لكل جانب ضروري لاستمرار الحياة في غزة – من المستشفيات إلى المدارس، ومن المنازل إلى الأراضي الصالحة للزراعة – والضرر الخاص الذي يلحق بمئات الآلاف من الأطفال والأمهات الحوامل والفتيات – لا يمكن تفسيره إلا على أنه يشكل دليلا ظاهريا على نية التدمير المنهجي للفلسطينيين كمجموعة”.

كما أكدت أن الدعوات إلى الإبادة العنيفة الصادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين من ذوي السلطة القيادية والموجهة للجنود المناوبين على الأرض هي بمثابة دليل دامغ على التشجيع الصريح والعلني لارتكاب الإبادة الجماعية.

دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل فى محكمة العدل الدولية:

وفى تحرك دولي وللمرة الأولى التى تخضع فيها دولة الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية، قامت دولة جنوب إفريقيا برفع دعوى أمام المحكمة في 29 ديسمبر 2023 ضد إسرائيل المتعلقة بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، متهمة إسرائيل بأن “أفعالها وأوجه تقصيرها تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب” لتدمير الفلسطينيين فى غزة  كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية”. كما تشير الدعوى إلى أن “سلوك إسرائيل من خلال أجهزة الدولة ووكلاءها وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها ونفوذها، يشكل انتهاكاً لالتزاماتها تجاه الفلسطينيين في غزة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية”.

وعلى الرغم من أن محكمة العدل الدولية لم تقض بوقف  فوري لإطلاق النار في غزة، إلا أنها طالبت إسرائيل باتخاذ إجراءات فورية لمنع حدوث إبادة جماعية، ويتضمن الحكم: “اتخاذ جميع التدابير لمنع أي أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية، وضمان عدم قيام الجيش الإسرائيلي بأي أعمال إبادة، ومنع ومعاقبة أي تصريحات أو تعليقات عامة يمكن أن تحرض على ارتكاب إبادة جماعية في غزة، اتخاذ جميع الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية، عدم التخلص من أي دليل يمكن أن يستخدم في القضية المرفوعة ضدها، تقديم تقرير للمحكمة خلال شهر بمدى تطبيقها لهذه التدابير والأحكام”.

وقالت المحكمة فى بيان لها إن “الوضع الخطير فى رفح يتطلب التنفيذ الفوري والفعال للتدابير المؤقتة التي أمرت بها المحكمة بتاريخ 26 يناير 2024، التي تنطبق على جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك رفح” ، لكن “الوضع لا يتطلب الإشارة إلى تدابير مؤقتة إضافية” بشأن رفح”.

خامسا: موقف مصر من ممارسات إسرائيل المخالفة للشرعية الدولية

وفى تحرك عاجل من قبل الدولة المصرية انطلاقا من مساندتها الدائمة ودعمها المستمر للقضية الفلسطينية على كافة المستويات، وحرصها على فضح ممارسات الكيان الصهيوني، شاركت بمرافعتها في جلسات الاستماع العلنية أمام محكمة العدل الدولية التي تنظر في طلب الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتقديم رأي استشاري في عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 وقد قدمت مصر مذكرة للمحكمة، كما قدمت مرافعة شفهية أمام المحكمة فى 21 فبراير 2024 .

تضمنت المرافعة الشفهية تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بنظر الرأي الاستشاري، باعتبار الجمعية العامة للأمم المتحدة أحد الأجهزة المخولة وفقا لميثاق المنظمة بطلب رأي استشاري من المحكمة، ونظرا لأن الأمر يتناول الأبعاد القانونية للمستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، المخالفة لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية .

وفيما يتعلق بموضوع الرأي الاستشاري، تشمل المذكرة المصرية تأكيد عدم شرعية الاحتلال الاسرائيلي الذي دام أكثر من 75 عاما بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الانساني، وكذلك سياسات ضم الأراضي وهدم المنازل وطرد وترحيل وتهجير الفلسطينيين، بالمخالفة للقواعد الآمرة للقانون الدولي العام، ومنها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وحظر الاستيلاء على الأراضي من خلال استعمال القوة المسلحة كما تتضمن المذكرة رفض سياسات الاضطهاد والتمييز العنصري وغيرها من الممارسات الإسرائيلية، التي تنتهك بشكل صارخ مبادئ القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان .

وطالبت المذكرة والمرافعة المصرية المحكمة بتأكيد مسئولية إسرائيل عن كافة تلك الأفعال غير المشروعة دوليا، بما يحتم انسحاب إسرائيل بشكل فوري من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك مدينة القدس، وتعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار التي لحقت به نتيجة لتلك السياسات والممارسات غير المشروعة دوليا، فضلا عن مطالبة كافة دول العالم والمجتمع الدولي بعدم الاعتراف بأي أثر قانوني للإجراءات الإسرائيلية والكف عن توفير الدعم لاسرائيل، واضطلاع المنظمات الدولية والامم المتحدة بمسئولياتها في هذا الصدد .  

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن الآراء الاستشارية ليست قرارات ملزمة قانونيًا، إلا أنها تستطيع أن تُمكن الأمم المتحدة من اتخاذ إجراءات ضد الدولة المرتكبة للانتهاكات إذا أثبت الرأي انتهاك القانون الدولي.

سادسا: منع جريمة الإبادة الجماعية مسئولية تتطلب تعزيز الجهود

يواجه العالم تحديًا هامًا يتمثل في ضمان فعالية القوانين والإجراءات الدولية الرامية إلى منع جرائم الإبادة الجماعية بشكل نهائي. يتطلب ذلك الأمر مراجعة شاملة تأخذ بعين الاعتبار حماية البشر وكرامتهم، دون الاكتفاء بالتركيز على المصالح المشتركة بين الدول. وعلى دول العالم أن تبذل المزيد من الجهود لبناء مجتمعات قادرة على مقاومة الإبادة الجماعية وخالية من هذه الجرائم الوحشية من خلال التالي:

1-تقييم مدى فعالية القوانين الدولية الحالية في منع جرائم الإبادة الجماعي، وتحديد الثغرات والتناقضات في التشريعات الدولية.

2-اقتراح تعديلات تضمن التطبيق الصارم للقوانين وتُعزز من قدرتها على ردع الجرائم.

3-تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات بين الدول لضمان الكشف المبكر عن بوادر الإبادة الجماعية.

4-تشجيع الدول على سن قوانين وطنية تُجرم الإبادة الجماعية وتضمن محاكمة مرتكبيها.

5-وضع آليات فعالة لضمان حماية المدنيين من مخاطر الإبادة الجماعية.

6-تفعيل دور قوات حفظ السلام الدولية في التدخل لمنع وقوع جرائم الإبادة الجماعية، وتعزيز التعاون الدولي في مجال تسليم المجرمين.

7-التركيز على برامج التوعية والتعليم لمكافحة التعصب والكراهية، وتعزيز ثقافة احترام حقوق الإنسان وحماية الأقليات.

8-دعم جهود حل النزاعات سلميًا لمنع تفاقم الأزمات التي قد تؤدي إلى الإبادة الجماعية.

9- دعم تدخل الأمم المتحدة من قبل لجان تشكلها بدخول المناطق التى تشهد حروبا دولية أو أهلية للتأكد من عدم ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية .

المصادر

1- اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، موقع الأمم المتحدة، صكوك حقوق الإنسان

https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/convention-prevention-and-punishment-crime-genocide

2-محكمة العدل الدولية تبت في التدابير التي طلبتها جنوب أفريقيا بشأن ممارسات إسرائيل في غزة، موقع الأمم المتحدة https://news.un.org/ar/story/2024/01/1127962

3- لوسيا شولتن،“ ما فحوى دعوى “الإبادة الجماعية” ضد إسرائيل في العدل الدولية؟”، متاح على

 https://shorturl.at/fmDHP

4- زياد ربيع، جرائم الإبادة الجماعية، مجلة الدراسات الدولية

https://jcis.uobaghdad.edu.iq/index.php/politics/article/view/323

5- الوثيقة الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية : صحيفة الوقائع 3 / الملاحقة القضائية لمرتكبى جرائم الإبادة الجماعية / أغسطس عام 2000

https://www.amnesty.org/en/wp-content/uploads/sites/9/2021/06/ior400042000ar.pdf

6- الموقع الرسمى للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني https://www.pcbs.gov.ps/

7- الموقع الرسمى للمرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان

https://euromedmonitor.org/ar

 

 

The post جريمة الإبادة الجماعية وانتهاك القوانين الدولية..”غزة نموذجا” appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7808
الاستثمار العقاري في مصر: المميزات والفرص https://draya-eg.org/2024/03/25/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%ab%d9%85%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%85%d9%8a%d8%b2%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d8%b5/ Mon, 25 Mar 2024 00:26:03 +0000 https://draya-eg.org/?p=7798 يُعد الاستثمار العقاري واحدًا من أهم أنواع الاستثمار في العالم، ومصدرًا موثوقًا لتحقيق عوائد مجزية ومستمرة على المدى البعيد، لاسيما وأنه يتميز بالاستقرار، حيث يُعتبر العقار أحد الأصول الثابتة التي لا تتأثر بتقلبات السوق بنفس الطريقة التي تتأثر بها الأسهم والسندات، مما يجعلها ملاذًا آمنًا لحماية الأموال من مخاطر السوق. ويُعتبر السوق العقاري المصري وجهة …

The post الاستثمار العقاري في مصر: المميزات والفرص appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يُعد الاستثمار العقاري واحدًا من أهم أنواع الاستثمار في العالم، ومصدرًا موثوقًا لتحقيق عوائد مجزية ومستمرة على المدى البعيد، لاسيما وأنه يتميز بالاستقرار، حيث يُعتبر العقار أحد الأصول الثابتة التي لا تتأثر بتقلبات السوق بنفس الطريقة التي تتأثر بها الأسهم والسندات، مما يجعلها ملاذًا آمنًا لحماية الأموال من مخاطر السوق.

ويُعتبر السوق العقاري المصري وجهة استثمارية جاذبة فى منطقة الشرق الأوسط مدعومة بالموقع الجغرافي المتميز لمصر، وازدياد الطلب على العقارات، والحوافز والمزايا الجذابة للمستثمرين. ويُعد قطاع العقارات أحد أهم القطاعات المساهمة في النمو الاقتصادي حيث يتسم بكثافة العمالة التى بلغت حوالي 14% من قوة العمل عام 2022، ويُسهم بنحو 19% من إجمالي الناتج المحلي عام 2021-2022 .

 وتشهد السوق العقاري في مصر تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة مع ظهور مشاريع جديدة ومتنوعة تُلبي احتياجات مختلف المستثمرين. وتتزايد الاهتمامات بأفضل فرص الاستثمار العقاري في مصر، وذلك بسبب النمو الاقتصادي الذي تشهده البلاد والتوجهات الحكومية الرامية إلى تعزيز الاستثمار العقاري والتطوير العمراني، حيث بلغ إجمالى عدد الوحدات السكنية المنفذة 239.9ألف وحدة  عام 2022/2023 باستثمارات قدرهــا 262.1مليار جنيه مقابـل 246.1  ألف وحدة  عام 2021/2022 باستثمارات قدرهـا 143.5 مليار جنيه وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وفى هذا السياق، تهدف هذه الورقة البحثية إلى تحليل الاستثمار العقاري في مصر والذي شهد نموًا سريعًا، بالإضافة إلى توضيح التوجهات الحكومية الرامية إلى تعزيز هذا النوع من الاستثمار. كما تتعرض الورقة إلى الفرص الاستثمارية الواعدة والمختلفة فى المجال العقاري بمصر. وتأتي محاور الورقة على النحو التالي:

أولًا: أنواع الاستثمار العقاري في مصر والفرص المتاحة

ثانيًا: الخطوات التي يجب اتباعها للبدء في الاستثمار العقاري في مصر

ثالثًا: مميزات الاستثمار العقاري في مصر

رابعًا: الجهود الحكومية لتحقيق النمو المتزايد للقطاع العقاري المصري

خامسًا: التحديات التي تواجه الاستثمار العقاري في مصر وسبل مواجهتها

أولا: أنواع الاستثمار العقاري في مصر والفرص المتاحة

تتميز فرص الاستثمار العقاري في مصر بأنها متنوعة ومتعددة الخيارات، وتتوفر فيها فرص للمستثمرين بمختلف الميزانيات. ومع توجهات الحكومة الحالية لتعزيز الاستثمار العقاري في البلاد، يُمكن توقع مزيد من النمو والازدهار في هذه الصناعة في الأعوام القادمة.

ويعد الاستثمار العقاري من المجالات المفتوحة التي يسهل الاستثمار فيها، وتأتى أنواعه على النحو التالي:

  • العقارات السكنية: تعتبر العقارات السكنية في مصر واحدة من أفضل فرص الاستثمار العقاري، خاصة في مناطق تشهد نموًا سكانيًا كبيرًا مثل القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة. ويمكن الحصول على عوائد مرتفعة من تأجير العقارات السكنية من شقق وفيلات في هذه المناطق، كما يمكن الاستثمار في شراء عقارات جاهزة وبيعها لاحقًا بأسعار أعلى.

فرص الاستثمار في العقارات السكنية : 

  •  القاهرة الجديدة: تعتبر القاهرة الجديدة من أسرع المناطق السكنية الناشئة في مصر التى تشهد زيادة في الطلب على العقارات السكنية، وتعد وجهة استثمارية واعدة للمستثمرين الراغبين في شراء العقارات السكنية وتأجيرها للأفراد أو بيعها بأسعار أعلى.
  •  العاصمة الإدارية الجديدة: تُعد العاصمة الإدارية الجديدة مشروعاً عملاقاً يُمثل نقلة حضارية نوعية لمصر حيث يهدف إلى توفير بيئة حياة متميزة للمواطنين وتعزيز النمو الاقتصادي في مصر. ومن ثَم تُعد إحدى الوجهات المميزة للاستثمار العقاري التى يُقبل عليها رجال الأعمال والمستثمرين، حيث تشهد العاصمة الإدارية الجديدة ارتفاعًا في قيمة العقارات السكنية.
  • التجمعات السكنية الجديدة: تشهد التجمعات السكنية الناشئة في مصر نمواً كبيراً، وتعتبر فرصة استثمارية مميزة للمستثمرين. ويمكن الاستثمار في شراء العقارات السكنية في هذه التجمعات وتأجيرها للأفراد أو بيعها بأسعار أعلى.
  • العقارات التجارية: يُمثل العقار التجاري ثاني أكبر نسبة استثمار عقاري بعد العقارات السكنية. ويشمل الاستثمار العقاري التجاري مختلف العقارات التجارية من أسواق تجارية، ومراكز تجارية، ومولات، ومستودعات، ومخازن، ومواقف السيارات.

وتشهد العقارات التجارية في مصر نمواً كبيراً، وخاصة في الأحياء التجارية الرئيسية مثل وسط القاهرة والمناطق السياحية. يمكن الحصول على عوائد مرتفعة من استئجار العقارات التجارية، كما يمكن الاستثمار في شراء العقارات التجارية وتأجيرها للشركات والمؤسسات، ويكون العائد على الاستثمار أعلى مقارنة بالعقارات السكنية.

فرص الاستثمار في العقارات التجارية

  • المكاتب: تعتبر المكاتب من أكثر أنواع العقارات التجارية طلباً في مصر، حيث تتزايد الحاجة إلى مساحات المكاتب من قِبل الشركات والمؤسسات. ويمكن الاستثمار في شراء مبنى أو طابق كامل في برج تجاري وتأجيره للشركات والمؤسسات.
  • المحلات التجارية: تعتبر المحلات التجارية من العقارات التجارية الأكثر شيوعاً في مصر، حيث يعتبر القطاع التجاري واحداً من أكثر القطاعات نمواً في الاقتصاد المصري. ويمكن الاستثمار في شراء محلات تجارية في المناطق الحيوية وتأجيرها للمتاجر والمحلات التجارية.
  •  المستودعات والمخازن من العقارات التجارية الأكثر جدوى، حيث توفر عوائد مرتفعة على المستثمرين. ويمكن الاستثمار في شراء مستودعات ومخازن في المناطق الصناعية وتأجيرها للشركات المحلية والعالمية.

وتجدر الإشارة إلى أن الاستثمار في العقارات التجارية يتطلب تحليلاً دقيقاً للسوق العقاري ودراسة المنطقة المستهدفة، كما يتطلب اختيار العقار المناسب والتعامل مع وكالات عقارية موثوقة ومحترفة. كما يجب على المستثمرين الاهتمام بالصيانة الدورية للعقارات وتوفير الخدمات الأساسية للمستأجرين أو العملاء، والتأكد من تحقيق العائد المناسب على الاستثمار. كما ينبغي على المستثمرين اتباع الممارسات الأخلاقية والقوانين واللوائح المحلية والدولية المتعلقة بالاستثمار العقاري.

  • العقارات الصناعية: تعتبر العقارات الصناعية في مصر فرصة استثمارية مميزة بسبب التوسع فى القطاع الصناعي، خاصة في المناطق الصناعية الرئيسية مثل العاشر من رمضان وبدر والعبور. ويمكن الاستثمار في شراء العقارات الصناعية وتأجيرها للشركات والمصانع. والاستثمار فى العقارات الصناعية يشمل تكاليف إنشائية وتشغيلية أقل نسبياً من العقارات الأخرى حيث لا يوجد اشتراطات تصميمية مكلفة إلا معايير السلامة.
  • العقارات الفندقية: تعتبر العقارات الفندقية في مصر فرصة استثمارية مميزة للمستثمرين الذين يبحثون عن عوائد مالية مضمونة فى ظل التطور الذى يشهده القطاع السياحي فى مصر ونمو الإقبال على السوق السياحي المصري. ويتيح هذا النوع من الاستثمار فرصة لشراء العقارات الفندقية وتشغيلها كفنادق، أو الاستثمار في امتلاك حصص في الفنادق القائمة والتي تعتبر فرصة استثمارية آمنة ومربحة، كما يمكن للمستثمرين الاستثمار في تطوير منتجعات سياحية ومجتمعات سكنية فاخرة على السواحل المصرية للاستفادة من الطلب المتزايد على السياحة الشاطئية حيث تُعتبر مصر وجهة سياحية رئيسية، وتشهد العديد من المناطق الساحلية ازدهارًا في قطاع السياحة والعقارات السياحية، مما يُوفر عوائد مالية كبيرة ويُسهم فى تعزيز الاقتصاد المصري.

ومن المتوقع أن يشهد عام 2024 توسع المطورين العقاريين فى الاستثمار بالقطاع الفندقي فى ظل خطة الدولة لزيادة عدد الغرف الفندقية إلى 500 ألف غرفة بحلول 2030 بدلاً من 230 ألف غرفة حاليا، حيث يشهد الاستثمار الفندقي زخما كبيرًا نظرًا إلى أهميته وموارده الدولارية المضمونة والتى سوف تساعد فى نمو إيرادات الشركات العقارية.

أنواع الاستثمار العقاري من حيث المدة:

الاستثمار العقاري طويل الأجل: يعتبر خيارا مثاليا لرجال الأعمال وكبار المستثمرين لأنه يتطلب رأس مال كبير، وتمتد مدة الاستثمار فيه من سنتين إلى 10 سنوات، مما يتطلب صبرا وتخطيطا جيدا من قبلهم. ويتميز هذا النوع بأنه يحقق عوائد مرتفعة للمستثمرين، خاصة إذا تم اختيار الموقع المناسب والنوع المناسب من العقارات.

الاستثمار العقاري قصير الأجل: يناسب صغار المستثمرين وذلك لعدة أسباب منها صغر حجم المال المطلوب في بداية الاستثمار مما يجعله مناسبا للراغبين فى بدء الاستثمار بميزانية محددة، وتتراوح مدة الاستثمار فيه من شهور إلى سنة واحدة، مما يتيح للمستمثؤ تحقيق أرباح سريعة، ويعتبر أفضل مثال لها هو شراء وحدة وبيعها عند ارتفاع سعرها.

ثانيا: الخطوات التي يجب اتباعها للبدء في الاستثمار العقاري في مصر

يمكن تلخيص الخطوات التي يجب اتباعها للبدء في الاستثمار العقاري في النقاط التالية:

  • تحديد الأهداف الاستثمارية المراد تحقيقها من الاستثمار العقاري، وما إذا كان الهدف هو تحقيق الدخل السنوي أو الاستثمار للحصول على عوائد رأس المال أو الاستثمار للحصول على الأرباح الكبيرة عند البيع.
  • إجراء البحوث والتحليلات المتعلقة بالسوق العقاري والمنطقة المراد الاستثمار فيها، والتعرف على العوائد المحتملة والمخاطر المرتبطة بالاستثمار، ومعرفة أفضل الفرص الاستثمارية المتاحة.
  • تحديد الميزانية المتاحة للاستثمار العقاري، وتحديد القدرة على القيام بالاستثمار بشكل مستمر وتحمل المخاطر المترتبة على الاستثمار.
  • الحصول على تمويل، وإذا كان المبلغ المتاح غير كافٍ للشراء، يجب البحث عن خيارات التمويل المتاحة، مثل القروض العقارية والتمويل الخاص، والتأكد من قدرة الاستثمار على تحمل تكاليف الفائدة والأقساط.
  • بعد تحديد الميزانية والحصول على التمويل إذا لزم الأمر، يجب اختيار العقارات المناسبة والمتوافقة مع الأهداف الاستثمارية، والتحقق من الحالة الفعلية للعقارات والتأكد من أنها تُلبي المعايير الأخلاقية.
  • الحصول على الرخص والتصاريح اللازمة قبل الشراء، مثل تصاريح البناء والتصاريح الحكومية الأخرى المتعلقة بالاستثمار العقاري.
  • إدارة العقارات بشكل فعال وتحديث الصيانة والإصلاحات اللازمة عند الحاجة، والتأكد من أن العقار يستمر في تحقيق العوائد المرجوة.
  • التحلي بالصبر وعدم الاستعجال في الاستثمار العقاري، والتأكد من أن الاستثمار يتوافق مع الأهداف الاستثمارية ويمكن تحمل المخاطر المرتبطة به.

وبعد تنفيذ هذه الخطوات، يمكن للمستثمر العقاري البدء في الاستثمار والعمل على تحقيق العوائد المرجوة. ويجب العلم أن هذه الخطوات تمثل جزءًا من العملية الشاملة للاستثمار العقاري، ويجب على المستثمر العقاري الاستمرار في العمل على تحديث المعرفة والمهارات والتعلم من الخبراء والخبرات السابقة لتحقيق النجاح في الاستثمار العقاري.

ويُعد الاستثمار العقاري واحدًا من أفضل الاستثمارات المتاحة في مصر نظرًا للاستقرار النسبي الذي يتمتع به السوق العقاري والتوقعات الإيجابية لنمو القطاع في المستقبل القريب، وتنوع الخيارات العقارية المتاحة. كما أن الاستثمار العقاري يوفر فرصًا لتحقيق عوائد مالية مرتفعة ومستدامة على المدى الطويل، خاصة في حالة اختيار العقارات المناسبة وإدارتها بشكل فعال. ومع ذلك، يجب أن يتم الاستثمار العقاري بحكمة وتخطيط جيد من خلال اتباع الخطواب سابقة الذكر. 

ثالثا: مميزات الاستثمار العقاري في مصر

يُعد الاستثمار العقاري فرصة ممتازة لتحقيق النجاح والاستقرار المالي، وذلك بفضل التوقعات الإيجابية لنمو القطاع في المستقبل القريب. لذلك، يجب الاستفادة من هذه الفرصة واتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في الاستثمار العقاري بطريقة مدروسة وفعالة. ويعتبر الاستثمار العقاري أحد أهم أسباب سير العجلة الاقتصادية، وطريقة تمتاز بنسب نجاحها العالية في الادخار والحفاظ على قيمة المال، وتتمثل مميزات الاستثمار العقاري فيما يلي:-

1- الاحتفاظ بقيمة المال في أصول ثابتة

يُعتبر الاستثمار العقاري طريقة ناجحة للاحتفاظ بقيمة رأس المال بعيدًا عن تقلبات تغيير أسعار العملات وارتفاع الأسعار، وكل هذه المخاطر التي تواجه سبل الادخار المتمثل في السيولة المالية، فالعقارات هى أصول ثابتة، قيمة مالية مُجمدة لا تُمثل خسارة أبدًا حتى في أوقات الركود التي يمر بها السوق العقاري.

بالإضافة لذلك فهناك أنواع للعقارات التي يُمكن الاستثمار فيها فالأمر لا يقتصر على شراء شقق فقط، بل يشمل شراء الوحدات التِجارية ومقرات المكاتب والأراضي وكل منهم يُمثل قيمة مختلفة وطريقة مُميزة للادخار مع مرور الوقت، فأسعار الأراضي مثلًا تزداد من وقت لآخر، وكذلك الوحدات التِجارية يزداد سعرها حسب موقعها ومساحتها وهكذا. 

2- الاستثمار العقاري مصدر للدخل الثابت بدون مجهود

       يُعتبر وسيلة ناجحة لما يُعرف بالدخل السلبي وهو الدخل الذي يحصل عليه الشخص بدون القيام بمجهود يُذكر. لذلك ادخار الأموال في شراء عقارات مختلفة أو حتى عقار واحد مهما كان نوعه، ثُم تأجيره والاستفادة منه يُعتبر طريقة للحصول على دخل شهري ثابت بدون القيام بعمل مُعين أو مجهود. وتُعتبر هذه الطريقة هى الأفضل لمن يرغبون في استثمار أموالهم التي ادخروها على مدار السنين في شيء يوفر لهم دخل بعد سن المعاش أو التعاقد بدون الحاجة للعمل، خاصةً وأن سوق العقارات من الأسواق المستقرة إلى حد كبير، وزيادة الأسعار تعني زيادة قيمة العقار وبالتالي زيادة الدخل الشهري الذي يُمكن الاستفادة به منه.

3- الحماية من التضخم

التضخم هو ارتفاع ملحوظ في السلع والخدمات وانخفاض القوة الشرائية للعملة التي يتعامل بها الناس، وفي موجات التضخم هذه التي يُمكن أن يمر بها أي مجتمع، يكون الاستثمار العقاري هو حماية من هذا التضخم. ومن مميزات الاستثمار العقاري ليس فقط حماية من التضخم، ولكنه الاحتفاظ بأصل مادي له قيمة في أي وقت، بل إذا حسبنا نسب زيادة أسعار العقارات في العموم فستزيد عن نسب معدلات التضخم، وهذا يعني أن مُلاك العقارات يستثمرون في الحاضر والمستقبل ولا يخشون تقلبات السوق المالي وتغير قيمة العملة. في الكثير من الأحيان يُعتبر الاستثمار في العقارات أفضل من الاستثمار في مجالات قد تكون نسب المجازفة فيها عالية مثل البورصة، بل وتُعتبر العقارات أكثر ربحًا وأقل خطورة.

4- الاستثمار العقاري في قيمة تزداد بمرور الوقت

لا يُمكن أن يخسر العقار أبدًا، ففي أضعف الأحوال سيستطيع المستمثمر الحصول على المبلغ الذي دفعه إن لم يكن بهامش ربح بسيط على الأقل. وتزداد قيمة العقارات باستمرار لعدة أسباب منها زيادة الطلب من قِبل المستثمرين على الاستثمار العقاري، وزيادة الطلب في سوق الإيجار بسبب ارتفاع تكاليف البناء والتمليك مما يجعل الإيجار حل أسرع وأفضل. وتزداد قيمة العقار بمرور الوقت بالمعنى الذي قد يجعل الاستثمار فيها بمثابة “صفقة لا تُعوض”، فيدفع المشتري مبلغ من المال بقيمة السوق الحالية، وبعد مرور سنوات قد يتغير الحال وترتفع قيمة هذا العقار وفقا لحالة السوق آنذاك. كما أن أسعار الإيجار ترتفع أيضًا بمرور الوقت وتُعادل زيادة الأسعار في العموم، مما يوفر للفرد ثبات في الدخل الذي يحصل عليه من العقار الذى يملكه.  

5-  تحقيق ربح سريع

قد لا يضطر المستثمر إلى الانتظار لسنوات لبيع العقار أو تأجيره لأن سوق العقارات فى مصر نشط ويتميز بحركة مستمرة، سواء في حالة البيع والشراء أو التأجير الذي يزداد عليه الطلب باستمرار فى ظل تنامي أعداد السكان. كما يُمكن جعل الاستثمار في العقارات يُدر عائدا سهلا ومُربحا وذلك من خلال شراء عقارات بمختلف أنواعها وتحديدًا الشقق، ثُم إصلاحها أو عمل تجديدات فيها وبيعها وتحقيق ربح ملحوظ في وقت قصير. 

رابعا: الجهود الحكومية لتحقيق النمو المتزايد للقطاع العقاري المصري

يعتبر القطاع العقاري المصري من أهم القطاعات الاقتصادية في مصر التى تسهم بشكل كبير فى الناتج المحلي الإجمالي وتوفر فرص عمل هائلة، ويشهد هذا القطاع نموا كبيرا خاصة فى الآونة الأخيرة نظرا لعدة عوامل، بما في ذلك الإصلاحات الاقتصادية والتشريعات الحكومية الداعمة، والاهتمام المتزايد بتنمية البنية التحتية والاستثمارات العقارية.

فمنذ عام 2016، شهد القطاع العقاري المصري تسارعًا في وتيرة النمو، حيث تم تنفيذ عدة مشروعات ضخمة في مختلف المدن المصرية. تركزت هذه المشروعات على تطوير المجمعات السكنية والتجارية، والمناطق الصناعية والتجارية، والمشاريع السياحية والبنية التحتية للنقل. وقد عززت الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الحكومة المصرية، مثل تحسين مناخ الاستثمار وتسهيلات القروض العقارية، من جاذبية السوق العقارية في البلاد. كما تم تبسيط وتحسين إجراءات تراخيص البناء وتسهيل الاستثمار العقاري للمستثمرين المحليين والأجانب، مما أدى إلى زيادة الثقة وتعزيز تدفقات رؤوس الأموال.

بالإضافة إلى ذلك، تركزت جهود الحكومة المصرية على تطوير البنية التحتية، مثل الطرق والجسور والمرافق العامة، وتوفير الخدمات الأساسية للمناطق الجديدة. هذا الاهتمام بتنمية البنية التحتية ساهم في جذب المستثمرين وتعزيز النمو العقاري في مصر. ومن الجوانب الأخرى التي ساهمت في النمو المتزايد للقطاع العقاري المصري، هو الطلب المرتفع على العقارات من قبل السكان نظرًا للزيادة السكانية والاحتياج المتزايد للمساكن والمرافق التجارية والخدمية.

يُعَد النمو المتزايد للقطاع العقاري المصري مؤشرًا قويًا على تحسن الاقتصاد المصري واستقراره. ويتوقع أن يستمر هذا النمو في المستقبل، مع استمرار الحكومة في تنفيذ إصلاحاتها وتحسين بيئة الاستثمار. وبالتالي، فإن القطاع العقاري في مصر يوفر فرصًا استثمارية وقدرات تنموية واعدة للمستثمرين المحليين والأجانب.

هناك عدة عوامل أسهمت في النمو المتزايد للقطاع العقاري المصري، ومن بين هذه العوامل:

  •  الإصلاحات الاقتصادية: قامت الحكومة المصرية بتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز القطاع الخاص. تشمل هذه الإصلاحات تبسيط إجراءات الأعمال وتحسين بيئة الاستثمار وتعزيز الاستقرار المالي وتحسين التشريعات العقارية.
  • الإستثمارات العقارية الضخمة: شهدت مصر تنفيذ العديد من المشروعات العقارية الضخمة والمجمعات السكنية والتجارية والسياحية. هذه المشروعات تعززت بفضل استثمارات محلية وأجنبية تهدف إلى تطوير المدن وتحسين البنية التحتية.
  •  الاهتمام بتنمية البنية التحتية: تركزت جهود الحكومة المصرية على تحسين البنية التحتية وتطوير الطرق والجسور والمرافق العامة. تعزيز البنية التحتية يسهم في جذب المستثمرين وتعزيز النمو العقاري.
  • الاهتمام بالسوق العقارية المحلية: يوجد طلب قوي على العقارات من قبل السكان المصريين، نظرًا للزيادة السكانية والاحتياج المتزايد للمساكن والمرافق التجارية والخدمية. هذا الطلب يعزز النمو المستدام للقطاع العقاري.
  • تسهيلات التمويل العقاري: قدمت الحكومة المصرية تسهيلات وحوافز لتمويل العقارات، مثل توفير القروض العقارية بشروط ميسرة وتنقية إجراءات الاقتراض. هذه التسهيلات تشجع المشترين والمستثمرين على الاستثمار في العقارات.
  •  الاستقرار السياسي: تشهد  الدولة المصرية استقرار سياسيا ساهم فى تعزيز ثقة المستثمرين وتحفيزهم على الاستثمار في القطاع العقاري.

تلك العوامل ساهمت في تعزيز النمو المتزايد للقطاع العقاري المصري وجعله واحدًا من أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد. ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو في المستقبل، مع استمرار الحكومة في تنفيذ إصلاحاتها وجذب المزيد من الاستثمارات العقارية.

نماذج المشروعات العقارية الضخمة في مصر

تم تنفيذ العديد من المشروعات العقارية الضخمة في مصر خلال السنوات الأخيرة، ومن بين هذه المشروعات:

  •  مدينة العلمين الجديدة: تعتبر مدينة العلمين الجديدة واحدة من أبرز المشروعات العقارية في مصر. تم تطويرها على ساحل البحر المتوسط وتشمل مجموعة متنوعة من المشروعات السكنية والتجارية والترفيهية، بما في ذلك المنتجعات السياحية الفاخرة والمدن الرياضية والثقافية.
  • مدينة العاصمة الإدارية الجديدة: تعد مدينة العاصمة الإدارية الجديدة أحد أبرز المشروعات العقارية في مصر. تم تصميمها لتكون العاصمة الجديدة لمصر، وتشمل مرافق حكومية وإدارية وتجارية وسكنية وثقافية وترفيهية. تعتبر هذه المدينة مثالًا للتنمية الحضرية المستدامة وتوفير فرص العمل والإسكان.
  • مشروعات الإسكان الاجتماعي: تم تنفيذ العديد من مشروعات الإسكان الاجتماعي في مصر لتوفير الإسكان الميسر والمناسب للفئات الأقل دخلاً. تشمل هذه المشروعات إنشاء مجمعات سكنية متكاملة تتضمن شقق سكنية ومرافق تجارية وخدمات اجتماعية.
  • مشروعات السياحة والتطوير العقاري: تم تنفيذ العديد من المشروعات السياحية والتطوير العقاري في مصر، مثل مشروعات تطوير منتجعات البحر الأحمر ومنطقة شرم الشيخ والغردقة. تهدف هذه المشروعات إلى جذب السياح وتعزيز قطاع السياحة وتوفير فرص الاستثمار في هذا المجال.
  •  مشروعات البنية التحتية: تم تنفيذ مشروعات البنية التحتية الضخمة في مصر، بما في ذلك توسعة الطرق والجسور وتحسين شبكات المواصلات والمرافق العامة. تهدف هذه المشروعات إلى تحسين البنية التحتية للمدن وتسهيل الحركة وتحسين جودة الحياة.

خامسا: التحديات التي تواجه الاستثمار العقاري في مصر وسبل مواجهتها

ينطوي الاستثمار العقاري فى مصر على بعض التحديات، من أهمها ما يلي:

1- مشكلات تأجير العقارات

لا يوجد سوق أو مكان للاستثمار خالي من المخاطر والمجازفة، حتى في سوق العقارات بالرغم من مُميزاته المتعددة. فمن المُمكن أن يواجه المستثمر صعوبة فى تأجير العقار الخاص به، أو يتعرض لبعض التحديات الناجمة عن تقلبات السوق ، أو تغير الظروف الاقتصادية، أو حتى مواجهة بعض المشاكل في بيع العقار وهكذا.

2- الركود في سوق العقارات

على الرغم من أن سوق العقارات يُعتبر من أكثر الأسواق استقرارًا إلا أن هذا لا يعنى أنه مُحصن ضد التقلبات والركود. فمن حين لآخر، قد يواجه السوق بعض التحديات التى تؤدي إلى قلة حركة البيع والشراء ومنها  عروض شراء العقارات بالتقسيط التي تُقدمها الشركات الكبيرة والتى تُشكل ضغطا على الأسعار، وتفاوت أسعار الوحدات السكنية وطول الإجراءات المتبعة لشراء عقار مما يعوق حركة الشراء، وغيرها من التحديات.  لذلك يجب على المستثمر في العقارات أن يكون على دراية بحركة السوق ولديه مرونة في التعامل مع مثل هذه الظروف.

 3- التكاليف ونفقات العقار

تتطلب عملية الشراء بعض التكاليف التى قد تؤثر بشكل كبير على عائد الاستثمار، فالتكاليف لا تتوقف عند حدود الشراء، بل تشمل تكلفة المحامي والسمسار، ومصاريف الإجراءات القانونية لإتمام عملية الشراء، والتأمين على العقار أومصاريف الصيانة والنظافة، وغيرها من المصاريف الدورية التى تشكل عبئا على المستثمر. وقد تظهر أيضا مصاريف غير مُخطط لها، مثل إصلاح أي تلف في العقار من دهانات أو أرضيات وغير ذلك، خاصة إذا تسبب المستأجر في إتلافها. 

4- الوقوع في مشاكل تخص ملكية العقار

من أسوأ عيوب الاستثمار العقاري أيضًا هو الوقوع ضحية لعمليات النصب والاحتيال العقاري، حيث إن إجراءات شراء عقار طويلة وبها الكثير من الأوراق والخطوات القانونية، وإذا لم يكن المستثمر على علم بالقوانين واللوائح المنظمة لعمليات شراء العقارات، فمن الممكن أن تتسبب ثغرة قانونية واحدة في ضياع حقوق ملكية العقار، كما قد يؤثر شراء عقار به عيب خطير على عملية إعادة بيعه أو تأجيره. فمن المهم جدًا التأكد من وجود كل أوراق إثبات ملكية العقار للمالك، وإثبات صحة ترخيص العقار ووجود كافة المرافق، كما يجب التأكد من عدم وجود أي عيوب بالعقار، والاستعانة بمحامي للتأكد من صحة كافة الأوراق والإجراءات. 

5- خطر الاستثمار في مجال واحد

الاستثمار في العقارات حقًا أمر مُربح ومستقر إلى حد كبير، ولكن قد يذهب البعض لاستثمار كل أموالهم في المجال العقاري، وبالرغم من مُميزات الحصول على عائد مادي مُجزي من هذا الاستثمار، إلا أنه يعتبر في نفس المجال، فإذا تعرض السوق العقاري لأي مشكلة أصبح المستثمر في خطر، ولكن بشكل عام يُمكننا القول أو سوق العقارات لا يخسر وإنما قد يتعرض لبعض المشكلات من حين لآخر.

ونصيحة للمستثمرين عامةً هى ضرورة تنويع المحفظة الاستثمارية، الأمر الذى يعد أحد أهم المبادىء الأساسية للاستثمار الناجح، حيث يساعد على تقليل المخاطر وتحقيق عوائد مستقرة على المدى الطويل، وذلك من خلال الاستثمار في مجالات مختلفة مثل الأسهم والسندات وشراء الذهب، واختيارِ الأصولِ التي لا ترتبطُ ببعضها البعضِ، فتراجع أحدها لا يُؤثر على الآخر.  

ولمواجهة هذه التحديات ينصح دائمًا بإجراء دراسة شاملة والتشاور مع خبراء محليين لتحديد الفرص الأكثر من الفرص الاستثمارية في السوق العقاري المصري والتى قد تشمل:

  • التطوير العقاري: يمكن للمستثمرين شراء الأراضي وتطويرها لإنشاء مشروعات سكنية أو تجارية. يمكن أيضًا شراء المشروعات العقارية التي تحتاج إلى ترميم أو تحديث وإعادة بيعها بأسعار أعلى.
  • الإيجارات: يوجد طلب كبير على العقارات للإيجار في مصر، سواء كانت سكنية أو تجارية. يمكن للمستثمرين شراء العقارات وتأجيرها للمستأجرين، مما يوفر دخلاً استثماريًا منتظمًا.
  • العقارات السياحية: توجد العديد من الفرص الاستثمارية في تطوير العقارات السياحية مثل الفنادق، المنتجعات الساحلية، والشقق الفندقية. يمكن للمستثمرين الاستفادة من الطلب المتزايد على السياحة في مصر وتحقيق عوائد مجزية.
  •  العقارات التجارية: يمكن للمستثمرين الاستثمار في العقارات التجارية مثل المراكز التجارية والمحلات التجارية والمكاتب. يوجد طلب مستمر على هذه العقارات، خاصة في المناطق الحضرية المزدهرة.
  •  العقارات الصناعية: يمكن للمستثمرين النظر في تطوير العقارات الصناعية مثل المصانع والمستودعات والمناطق الصناعية حيث يشهد قطاع الصناعة في مصر نموًا مستدامًا، وتوجد حاجة مستمرة للمساحات الصناعية المناسبة.
  •  العقارات الفاخرة: يوجد طلب مستمر على العقارات الفاخرة والفيلات في مصر، وخاصة في المناطق الراقية والمدن الجديدة. ويمكن للمستثمرين تطوير مشروعات سكنية فاخرة تستهدف العملاء ذوي الدخول العالية.

The post الاستثمار العقاري في مصر: المميزات والفرص appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7798
بالإنفوجراف..تعرف على أبرز مؤشرات المسنين فى مصر عام 2023 https://draya-eg.org/2024/03/21/%d8%a8%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d9%81%d9%88%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d9%81-%d8%aa%d8%b9%d8%b1%d9%81-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a3%d8%a8%d8%b1%d8%b2-%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%86%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%89-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%b9%d8%a7%d9%85-2023/ Thu, 21 Mar 2024 20:36:39 +0000 https://draya-eg.org/?p=7788 The post بالإنفوجراف..تعرف على أبرز مؤشرات المسنين فى مصر عام 2023 appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>

The post بالإنفوجراف..تعرف على أبرز مؤشرات المسنين فى مصر عام 2023 appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7788
رئيس “دراية”: مشروع قانون “حقوق المسنين” يعكس التزام الدولة بتوفير حياة كريمة لكبار السن https://draya-eg.org/2024/03/19/%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d8%af%d8%b1%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d9%82%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%ad%d9%82%d9%88%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%86%d9%8a%d9%86-%d9%8a%d8%b9%d9%83%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b2%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a8%d8%aa%d9%88%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%ad%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d9%83%d8%b1%d9%8a%d9%85%d8%a9-%d9%84%d9%83%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%86/ Tue, 19 Mar 2024 12:20:48 +0000 https://draya-eg.org/?p=7774 أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية بعنوان “شيخوخة السكان..قراءة في المؤشرات والتداعيات الاقتصادية” تتناول واقع شيخوخة المجتمعات من خلال رصد أبرز المؤشرات المتعلقة بأعداد المسنين عالميا وعربيا ومحليا، إلى جانب توضيح التداعيات الاقتصادية لشيخوخة السكان، وجهود الدولة المصرية لرعاية كبار السن، فضلا عن تقديم مقترحات لدعم احتياجات هذه الفئة الهامة فى …

The post رئيس “دراية”: مشروع قانون “حقوق المسنين” يعكس التزام الدولة بتوفير حياة كريمة لكبار السن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
أصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية بعنوان “شيخوخة السكان..قراءة في المؤشرات والتداعيات الاقتصادية” تتناول واقع شيخوخة المجتمعات من خلال رصد أبرز المؤشرات المتعلقة بأعداد المسنين عالميا وعربيا ومحليا، إلى جانب توضيح التداعيات الاقتصادية لشيخوخة السكان، وجهود الدولة المصرية لرعاية كبار السن، فضلا عن تقديم مقترحات لدعم احتياجات هذه الفئة الهامة فى المجتمع المصري، وذلك إيماناً بأهميتها وتقديراً لإسهاماتها في عمليات التنمية وبناء المجتمعات.

أوضحت الورقة أن معدلات الشيخوخة تتزايد بشكل أسرع مما كانت عليه فى الماضي خاصة فى الدول النامية، فمن هم فى سن الـ60 عاما فما فوق يُشكلون نحو 12.3% من سكان العالم، وبحلول عام 2050 ستزيد هذه النسبة إلى 22%، وترتفع نسبة من تبلغ أعمارهم 80 عاما فأكثر بمقدار أربعة أضعاف لتصل إلى ما يقرب من 5% من إجمالي سكان العالم، فباتت كل دول العالم تشهد نموا فى أعداد كبار السن بين سكانها فى حين تنخفض معدلات الخصوبة من واقع 2.7 فى عام 2000 إلى 2.3 فى عام 2023 ، ويتوقع أن تصل إلى 2.1 بحلول 2050 وفقا للبيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي.

رئيس “دراية” يُحذر من التحديات الاجتماعية والاقتصادية لظاهرة شيخوخة السكان على مختلف المجتمعات

هذا وقد أوضح الدكتور صلاح هاشم رئيس منتدى “دراية” أن تزايد معدلات الشيخوخة وأعداد كبار السن يُشكل تحديات اقتصادية واجتماعية للمجتمعات كافة، انطلاقا من تأثيرها في جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك سوق العمل والأسواق المالية، والطلب على السلع والخدمات، مثل السكن والنقل والحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أن وضع سياسات ملائمة للتعامل مع هذه الفئة، وإدماج قضاياهم فى برامج التخطيط واستراتيجيات الحد من الفقر كفيل بتمكين الأفراد والأسر والمجتمعات من مواجهة تلك التحديات بل وحصد مزاياها .

وقال هاشم إنه بحلول عام 2030، ستتجاوز أعمار سدس سكان العالم سن الـ60 عاما، وبحلول 2050، سيتضاعف من تبلغ أعمارهم 60 عاما فما فوق وتصل أعداهم 2 مليار مقابل مليار فى عام 2020، موضحا أن آسيا وأوروبا من أكثر المناطق تأثرا بظاهرة شيخوخة السكان نظرا لانخفاض معدلات المواليد بشكل كبير وتراجع معدلات الخصوبة.

وقد أشار رئيس منتدى “دراية” إلى أن هيكل أعمار السكان تغير بشكل جذري على مر السنين حيث ارتفع متوسط العمر المتوقع عالميا ارتفاعا حادا من 66 عاما في عام 2000 إلى 72 عاما في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من 77 عاما بحلول 2050. وفي الوقت ذاته، انخفضت معدلات الخصوبة من واقع 2.7 فى عام 2000 إلى 2.3 فى عام 2023 ، ويتوقع أن تصل إلى 2.1 بحلول 2050.

وفيما يتعلق بالتداعيات الاقتصادية لارتفاع معدلات الشيوخة، أوضح هاشم أنها تتسب فى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي مع انخفاض القوة العاملة والنمو السكاني، مما ينتج عنه عواقب وخيمة تشمل انخفاض الإنتاجية، وارتفاع تكاليف العمالة، وتأخر توسع الأعمال التجارية، إلى جانب  ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وزيادة معدل الإعالة مع تحول جانب كبير من السكان من منتجين إلى مستهلكين.

وعن أعداد كبار السن فى مصر، قال هاشم إن عدد المسنين بلغ 9 ملايين مسن، بنسبة 8.6% من إجمالي السكان عام 2023 ، وبلغ عدد المسنين المشتغلين نحو 1.2 مليون مسن بنسب 13.4% من إجمالى المسنين، 48.7 % منهم يعملون فى مجال الزراعة وصيد الأسماك ،و نحو 18.6% يعملون فى نشاط تجارة الجملة والتجزئة.

كما أكد هاشم أن السنوات العشرة الأخيرة شهدت اهتماماً غير مسبوقا من قبل الدولة المصرية فى الاهتمام بالفئات الأولى بالرعاية وفى مقدمتها كبار السن، إذ ألزمت الدولة الحكومة دستورياً وتشريعياً بحماية كبار السن، وخصصت برامج ومبادرات لدعمهم، مشيدا بموافقة مجلس النواب فى فبراير 2024 على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن “رعاية حقوق المسنين” الذى يهدف إلى توفير رعاية كاملة لحقوق المسنين صحياً، واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وترفيهياً، وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حيـاة مناسبة و المشـاركة فـي الحيـاة العامـة، وإدراج حقوقهم واحتياجاتهم فى برامج وسياسات مكافحة الفقر والحد منه، وبرامج التنمية المستدامة.

وفى هذا الصدد، أوضح هاشم أن منظومة المعاشات منذ 2014 وحتى مارس 2024 -عقب الحزمة الاجتماعية الأخيرة التي وجه بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 8 فبراير 2024- شهدت تطورا كبيرا ، حيث شهدت 11 زيادة متتالية، مما يعكس الاهتمام غير المسبوق من القيادة السياسية لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكبار السن من أصحاب المعاشات.

وأشار هاشم إلى جهود وزارة التضامن فى دعم ورعاية كبار السن، حيث وفرت برنامج “حماية كبار بلا مأوى ” للتعامل مع عدد كبير من حالات كبار السن، وأطلقت مبادرة “بينا” لرفع جودة الخدمات المقدمة لكبار السن بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وأصدرت مبادرة “البطاقة الذهبية” الجديدة التى تقدم مميزات وتسهيلات لكبار السن، فضلا عن توفير خدمة “رفيق المسن” التى تضمن رعاية منزلية للمسن داخل منزل، وتوفير البديل عن الرعاية المؤسسية.

وقد ذكرت الورقة البحثية المنشورة على الموقع الإلكتروني www.draya-eg.org عدة مقترحات لدعم احتياجات كبار السن وتعزيز الخدمات المقدمة إليهم، وجاء أبرزها كما يلي:

  • إنشاء مجلس قومي لرعاية المسنين يتبنى وضع خطط وبرامج وأنشطة تتفق مع الاحتياجات الفعلية للمسنين في ضوء سياسة عامة لرعاية المسنين بمشاركة كافة الأجهزة والقوى المجتمعية.
  • العمل على تعزيز مشاركة كبار السن فى مختلف المجالات وتشجيع أصحاب العمل على توظيفهم، لاسيما وأن العديد من الدراسات قد أشارت إلى أن هذه الفئة لديها قدرة كبيرة على الإنتاجية حال توفير فرص عمل تتناسب مع خبراتهم ومهاراتهم وأعمارهم.
  • تهيئة بيئة تمكينية لكبار السن لممارسة العمل التطوعي بمنظمات المجتمع المدني بما يضمن تمكينهم ومكافحة الاستبعاد الاجتماعي.
  • توفير قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة وكافية عن المسنين وأعدادهم وأعداد المؤسسات التي تخدمهم – وتوزيعها الجغرافي – بشكل يسهم فى وضع خطط دقيقة لخدمات وبرامج وأنشطة رعاية كبار السن.
  • العمل على تدريب مقدمي الخدمة لكبار السن بشكل مستمر وزيادة وعيهم بأمراض المسنين والشيخوخة والخرف من أجل تقديم خدمة أفضل وتتسم بالحرفية والمهارة.
  • إطلاق حملة إعلامية على وسائل الإعلام كافة بهدف رفع الوعي بحقوق كبار السن وحمياتهم وتمكينهم وكيفية الاستفادة من خبراتهم فى تنمية المجتمع، ومن ثم تغيير الصورة النمطية السلبية عن كبار السن في سوق العمل.

 

 

 

 

 

The post رئيس “دراية”: مشروع قانون “حقوق المسنين” يعكس التزام الدولة بتوفير حياة كريمة لكبار السن appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7774
شيخوخة السكان.. قراءة في المؤشرات والتداعيات الاقتصادية https://draya-eg.org/2024/03/16/%d8%b4%d9%8a%d8%ae%d9%88%d8%ae%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%83%d8%a7%d9%86-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9/ Sat, 16 Mar 2024 22:21:59 +0000 https://draya-eg.org/?p=7734 تتزايد معدلات شيخوخة السكان فى العالم بشكل أسرع مما كانت عليه فى الماضي خاصة فى الدول النامية، فمن هم فى سن الـ60 عاما فما فوق يُشكلون نحو 12.3% من سكان العالم، وبحلول عام 2050 ستزيد النسبة إلى 22%، وذلك بحسب بيانات صادرة عن صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA . فباتت كل دول العالم تشهد نموا …

The post شيخوخة السكان.. قراءة في المؤشرات والتداعيات الاقتصادية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تتزايد معدلات شيخوخة السكان فى العالم بشكل أسرع مما كانت عليه فى الماضي خاصة فى الدول النامية، فمن هم فى سن الـ60 عاما فما فوق يُشكلون نحو 12.3% من سكان العالم، وبحلول عام 2050 ستزيد النسبة إلى 22%، وذلك بحسب بيانات صادرة عن صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA . فباتت كل دول العالم تشهد نموا فى أعداد كبار السن بين سكانها بفضل الارتقاء بالتغذية والنظافة الصحية والرعاية الصحية والتعليم والرفاه الاقتصادي.

ومن ثَم، يتوقع أن تكون الشيخوخة واحدة من أبرز التحولات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، بل التحدي الديمغرافي العالمي الأكبر، انطلاقا من تأثيرها في جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك سوق العمل والأسواق المالية، والطلب على السلع والخدمات، مثل السكن والنقل والحماية الاجتماعية، فضلا عن البُنى الأسرية والروابط بين الأجيال.

وعلى الرغم من أن تزايد معدلات الشيخوخة فى العالم يُشكل تحديات اقتصادية واجتماعية للمجتمعات كافة، إلا أن وضع سياسات ملائمة للتعامل مع هذه الفئة، وإدماج قضاياهم فى برامج التخطيط واستراتيجيات الحد من الفقر كفيل بتمكين الأفراد والأسر والمجتمعات من مواجهة تلك التحديات بل وحصد مزاياها .

وإيماناً بأهمية فئة كبار السن وتقديراً لجهودهم وإسهاماتهم في عمليات التنمية وبناء المجتمعات، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تتناول واقع شيخوخة المجتمعات، من خلال رصد أبرز المؤشرات المتعلقة بأعداد المسنين عالميا وعربيا ومحليا، إلى جانب توضيح التداعيات الاقتصادية لشيخوخة السكان، وجهود الدولة المصرية لرعاية كبار السن، فضلا عن تقديم مقترحات لدعم احتياجات هذه الفئة الهامة فى المجتمع المصري، وذلك من خلال عدد من المحاور، تأتي على النحو التالي:

  • أولاً: مفهوم الشيخوخة وتقسيماتها العمرية.
  • ثانياً: أطر الوعي المجتمعي المتعلقة بحقوق كبار السن.
  • ثالثاً: مؤشرات وأعداد المسنين عالمياً وعربياً.
  • رابعاً: التداعيات الاقتصادية لشيخوخة السكان.
  • خامساً: مؤشرات الشيخوخة فى مصر.
  • سادساً: جهود الدولة المصرية لرعاية كبار السن.
  • سابعاً: مقترحات لدعم احتياجات كبار السن.

وقد توصلت الورقة إلى عدد من النتائج جاء أبرزها على النحو التالي:

  • في عام 2020، تجاوز عدد الأشخاص البالغين من العمر 60 سنة فأكثر عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات
  • بين عامي 2020 و2030، ستزداد أعداد سكان العالم الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما بنسبة 34%، فبحلول عام 2030، سيصل سدس سكان العالم إلى 60 عاما فما فوق.
  • من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 سنة فأكثر ثلاثة أضعاف بين عامي 2020 و2050 ليصل إلى 426 مليون نسمة.
  • من المتوقع أن يصل عدد السكان في الفئة العمرية 65 سنة فأكثر في المنطقة العربية إلى 71.5 مليونًا بحلول عام 2050.
  • يتوقع أن ترتفع التكلفة الاقتصادية لمرض الخرف إلى 1,7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، أو 2,8 تريليون دولار أمريكي باحتساب الزيادات في تكاليف الرعاية. 
  • بلغ عدد المسنين فى مصر 9 ملايين مسن، بنسبة 8.6% من إجمالي السكان عام 2023.
  • بلغ عدد المسنين المشتغلين نحو 1.2 مليون مسن بنسب 13.4% من إجمالى المسنين.

 أولاً: مفهوم الشيخوخة وتقسيماتها العمرية

يتباين تعريف الشيخوخة من مجتمع لآخر، فتعنى كافة التغيرات البيولوجية والفيزيولوجية التي تصاحب التقدم فى العمر، وتتضمن انحدار القدرات الوظيفية للجسم، وهي حقيقة بيولوجية تحدث خارج نطاق التحكم البشري، وعلى الرغم من أن مفهوم الشيخوخة مفهوم نسبي، إلا أن معظم المجتمعات تعتبر التقدم في العمر وبلوغ سن التقاعد مؤشرًا على الشيخوخة.

ويُستخدم التقويم العمري لمعرفة متى تبدأ الشيخوخة، ويتم تقدير ذلك اعتمادًا على عدة مؤشرات علمية واجتماعية وبيولوجية، يمكن إجمالها على النحو الآتي:

  • العمر الزمني: وتحدده بعض المجتمعات بـ 60 عاماً فأكثر، وبعض المجتمعات الأخرى تحدده بـ 65 فأكثر.
  • العمر البيولوجي: وهي مجموعة التغييرات التي تحدث في الجسد بتقدم السن.
  • العمر المهني: ويأتي بحسب مرحلة وظيفية معينة مثل الوصول إلى منصب كبير أو التقاعد.
  • العمر الوظيفي أو الفيزيولوجي: ويمثل عمر وظائف الجسم وحيوية أجهزته كالقلب والرئة.. وغيرها.
  • العمر العقلي: وهو النمو والضمور العقلي المناسب لفئة المسن العمرية.
  • العمر النفسي: ويتضمن مفهوم الشخص الذاتي عن فئته العمرية.
  • العمر الاجتماعي: وهو ماذا يمثل المسن في مجتمعه وبين أفراده.

هذا وتختلف المصطلحات المستخدمة لوصف كبار السن اختلافاً كبيراً، حتى في الوثائق الدولية، فتشمل: “كبار السن”، و”المسنين”، “والأكبر سنا”، و”فئة العمر الثالثة”، و”الشيخوخة”، فعادة ما يعرف” كبار السن“، من منظور ديمغرافي، ّ بالأشخاص الذين ينتمون إلى فئات عمرية تنطلق ّ من سن الستين، ولدى البعض من سن الخمس ّ والستين، وكثيراً ما يقع الربط بين كبار السن والعمر القانوني للتقاعد، وذلك برغم الاختلاف بين الدول في السن القانونية للتقاعد التي تتراوح بالنسبة الى أغلب العاملين في القطاعين العام والخاص بين الستين والخمس والستين عاما.

كذلك يمكن تعريف المسن بأنه:  “كل إنسان أصبح عاجزاً عن رعاية نفسه وخدمتها، إثر تقدمه في العمر نتيجة مجموعة من التغيرات الجسمية والنفسية، كالضعف العام في الصحة، ونقص القوة العضلية، وضعف القوة الجسمانية والحواس وليس بسبب إعاقة عادية”، ويعرفه آخرون بأنه الشخص الضعيف الذي يحتاج إلى رعاية غيره بسبب امتداد عمره ومرافقة صفات الشيخوخة له من وهن أو ضعف أو عجز.

وفي ظلّ هذه الاجتهادات ّ المتعددة، اخترنا أن نعرف من هو فى سن الشيخوخة، أو كبير السن في إطار هذه الورقة البحثية بأنّه كلّ شخص بلغ ستين سنة فما فوق كما تعتمده منظّمة الصحة العالمية وغيرها من المنظّمات المعنية الأخرى. 

ثانياً: أطر الوعي المجتمعي المتعلقة بحقوق كبار السن

يعانى من هم فى سن الشيخوخة أو كبار السن جملة من المشاكل والصعوبات على كافة المستويات الاجتماعية والصحية والنفسية تجعل من السهل تعرضهم للاعتداء وانتهاك الحقوق والإهمال حال تعرضهم للمرض ، وهو ما استدعى المؤسسات الدولية المعنية إلى اتخاذ عدد من الإجراءات والمواثيق التى تضمن حماية هذه الفئة من الفقر ودمجهم فى تحقيق خطط  تنمية المجتمعات وضمان تمتعهم بالحماية الصحية والاجتماعية.

وتبرز أهم ملامح نضح الوعي المجتمعي على المستوى الدولي بمجال حقوق كبار السن من خلال مجموعة من التوصيات والمؤتمرات الدولية، يأتي من بين أهمها:

  • توصية منظمة العمل الدولية رقم 162 لسنة 1980 بشأن العمال من كبار السن: حيث أكدت هذه التوصية على مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة بين العمال مهما كان سنهم ومنع التمييز في الاستخدام والمهنة مع تحسين ظروف وبيئة العمل بهدف تمكين كبار السن من العمال من الاستمرار في العمل بشروط مقبولة والإعداد للتقاعد وكيفية تيسيره بطريقة اختيارية للعامل.
  • خطة عمل فيينا الدولية للشيخوخة 1982: وقد قامت هذه الخطة على مبادئ أساسية أهمها رفاة السكان جميعاً، مع ضرورة الإنصاف بين كل الفئات العمرية والعمل من أجل مجتمع تتكامل فيه الأجيال من دون الاستغناء عن أي فئة عمرية مع ضرورة الاهتمام بقضايا التزايد السكاني ووضع الخطط والسياسات لمواجهتها.
  • توصية المؤتمر الدولي الذي انعقد في مكسيكو ستي عام 1984: حيث قدم المؤتمر توصية بضرورة قيام الدول بالاهتمام بالمسنين لا باعتبارهم فئة تبعية تلقي بثقلها على المجتمع، بل باعتبارهم مجموعات قدمت معونات كبرى إلى الحياة الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والثقافية لعوائلها وما زالت تستطيع أن تقدم ذلك.
  • إعلان مبادئ الأمم المتحدة حول كبار السن عام 1991: حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 91/46 المؤرخ في 1991/12/16 ثمانية ّ عشر استحقاقاً حيوياً لفائدة كبار السن، تتعلق بالاستقلالية والمشاركة والرعاية وتحقيق الذات والكرامة، ومن ضمن المبادئ ما يلي:
  • أن تتاح لكبار السن فرصة عمل أو فرص أخرى مدرة للدخل، وتمكينهم من المشاركة في تحديد وقت الخروج من القوى العاملة، وكذلك إمكانية الاستفادة من برامج التعليم والتدريب الملائمة.
  • أن يظل كبار السن مندمجين في المجتمع، وأن يشاركوا بنشاط في صياغة وتنفيذ السياسات التي تؤثر مباشرة في رفاههم.
  • أن يستفيد كبار السن من رعاية وحماية الأسرة والمجتمع المحلى، وأن تتاح لهم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية لمساعدتهم على حفظ أو استعادة المستوى الأمثل من السلامة الذهنية والجسمانية ووقايتهم من الأمراض أو تأخير إصابتهم بها.
  • تمكين كبار السن من استغلال إمكاناتهم، وتمكينهم من العيش بكرامة وأمن ودون الخضوع لأي استغلال أو سوء معاملة جسديًا أو ذهنيًا.
  • برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية – القاهرة 1994: فقد مثل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية نقلة نوعية وعالمة فارقة في الفكر السكاني التنموي، وأرسى طرقاً واضحة في التعامل مع القضايا السكانية بشكل جعل من الإنسان الغاية القصوى لكل فعل تنموي، واعتبر أن كل فرد من أفراد المجتمع عضواً مهماً، وشدد على الالتزام الجماعي والفردي باحترام حقوق الإنسان في بعدها الكوني، ونبذ كل أشكال التمييز والتهميش والإقصاء، وعلى الرغم من أن مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية 1994 لم يخصص برنامج عمل خاصاً بكبار السن والشيخوخة، إلا أنه تناول هذه ّ الفئة من منظور ديمغرافي ومن خلال تحول الهيكلة السكانية للمجتمعات وما تفرضه من تحديات، كما استعرض في أحد فصوله دور الأسرة في رعاية مسنّيها، وحمايتهم من كل أشكال العوز والاحتياج، وتأمين حقوقهم في الرعاية الصحية والاجتماعية ّ والنفسية.
  • خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة 2002: حيث تعتبر خطة عمل مدريد المرجع الأبرز للدول في ّ التعامل مع قضايا كبار السن من منظور يتجاوز بعدي التكفل والرعاية إلى البعد الحقوقي. كما أوضحت هذه الخطة الترابط بين قضايا كبار السن من جهة والتنمية الشاملة من جهة ثانية، وشددت خطة مدريد على ضرورة التمكين الاجتماعي والاقتصادي والمجتمعي لكبار السن، وحمايتهم من الفقر والعوز، وعلى تعزيز مشاركتهم في الشأن العام وتفعيل مواطنتهم بالكامل، ووضعت في الاعتبار الاختلافات التي تميزهم من بلد إلى آخر وفي كل بلد.

وتمثلت الأهداف التي دعت خطة مدريد للشيخوخة إلى تحقيقها بمقاربة شمولية في:

  • تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالمياً لكبار السن، والقضاء على كل أشكال العنف والتمييز ضدهم.
  • القضاء على الفقر بين كبار السن.
  • تمكين كبار السن من المشاركة الفعالة في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
  • إتاحة فرص للتنمية الفردية وتحقيق الذات والرفاه مدى الحياة.
  • تحقيق المساواة بين الجنسين من كبار السن وإلغاء كل أشكال التمييز.
  • تأكيد أهمية دور الأسرة، والحفاظ على الترابط والتضامن الوثيق بين الأجيال لتعزيز التنمية الاجتماعية.
  • توفير الوقاية والرعاية الصحية الجيدة والدعم والحماية الاجتماعية لكبار السن.
  • بناء شراكات فيما بين الجهات الحكومية على كل المستويات، وكذلك مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص وكبار السن أنفسهم لتنفيذ البرامج وخطط العمل.
  • إعداد البحوث والدراسات العلمية لتعزيز المعرفة بآثار الشيخوخة على الفرد والمجتمع.
  • توصية منظمة العمل الدولية رقم 202 لسنة 2012: فوفقاً لهذه التوصية فإن أرضيات الحماية الاجتماعية هي عبارة عن مجموعة من الضمانات الأساسية من الضمان الاجتماعي، والتي تكفل الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم لجميع المحتاجين مدى الحياة، وذلك في إطار توفير خدمات محددة على المستويات الوطنية لكافة الأفراد وعلى الرأس منهم بلا أدنى شك كبار السن.
  • توصية منظمة الصحة العالمية 2021: حيث أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن عقد للنهوض بالصحة في مرحلة الشيخوخة خلال الفترة (2021- 2030) وقد تولت منظمة الصحة العالمية قيادة عملية التنفيذ، وهو يعد تعاونًا عالميًّا لمدة 10 سنوات لتعزيز حياة أطول وأوفر صحة، ويستند هذا العقد إلى استراتيجية وخطة عمل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، بجانب خطة عمل مدريد الدولية للشيخوخة التي وضعتها الأمم المتحدة، وكذلك يدعم تنفيذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030.

 وبجانب ما سبق من توصيات في مجال حقوق كبار السن على المستوى الدولي ينبغي الإشارة إلى الاستراتيجية العربية لكبار السن التي أقرتها القمة العربية في تونس عام 2019، والتي تهدف إلى أنه بحلول عام 2029 يجب أن يعيش كبار السن من الجنسين برفاه في محيط دامج ويتمتعون بحقوقهم في خدمات جيدة بالمجالين الاجتماعي والصحي، وأقرت الوثيقة حق كبار السن في المشاركة المجتمعية الكاملة من دون أي شكل من أشكال الإقصاء أو التمييز.

ثالثاً: مؤشرات الشيخوخة عالمياً وعربياً

تُشير الإحصاءات الواردة في تقرير الأمم المتحدة لعام 2022، والتقديرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، والبيانات الواردة في تنقيح 2019 من تقرير التوقعات السكانية في العالم، إلى عدد من المؤشرات الحالية والمستقبلية لأعداد كبار السن يمكن إجمالها فيما يلي:

  • في عام 2020، تجاوز عدد الأشخاص البالغين من العمر 60 سنة فأكثر عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات.
  • بين عامي 2020 و2030، ستزداد أعداد سكان العالم الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاما بنسبة 34%.
  • بحلول 2030، ستتجاوز أعمار سدس سكان العالم سن 60 سنة.
  • بحلول 2050، سيتضاعف عدد سكان العالم البالغ أعمارهم 60 عاما فما فوق من مليار فى عام 2020 إلى 2 مليار عام 2050.
  • مع حلول عام 2050 سيكون 16% من عدد سكان العالم (واحدا من كل ستة أفراد في العالم) أكبر من سن 65 سنة، أي بزيادة 7% (واحداً من كل 11 فرداً) عن عام 2019.
  • من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 سنة فأكثر ثلاثة أضعاف بين عامي 2020 و2050 ليصل إلى 426 مليون نسمة.
  • من المتوقع في أوروبا وأمريكا الشمالية، أن يكون ربع سكانها فوق سن 65 سنة.
  • من المتوقع أن يرتفع عدد الأفراد المصنفين على أنهم في سن العمل الأكبر سناً (55 إلى 64 عاما) من 723 مليوناً في عام 2021 إلى 1075 مليونا في عام 2050، وفي نهاية المطاف إلى 1218 مليوناً بحلول عام 2100.

 وهنا تجدر الإشارة إلى أن آسيا وأوروبا من أكثر المناطق تأثرا بظاهرة شيخوخة السكان، علما بأن القارة الأوروبية تعاني من شيخوخة سكانية أكثر حدة مقارنة بباقي دول العالم نظرا لانخفاض معدلات المواليد بشكل كبير وتراجع معدلات الخصوبة بشكل ملحوظ، ومن ثم فهى الأكثر عرضة لاختلالات في هرمها السكاني.

وفى تقرير لصندوق النقد الدولي صادر فى يونيو 2023، أوضح أن هيكل أعمار السكان قد شهد تغيرا بشكل جذري على مر السنين، كما هو موضح في الشكل رقم (1) حيث ارتفع متوسط العمر المتوقع عالميا ارتفاعا حادا من 66 عاما في عام 2000 إلى 72 عاما في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من 77 عاما بحلول 2050. وفي الوقت ذاته، انخفضت معدلات الخصوبة من واقع 2.7 فى عام 2000 إلى 2.3 فى عام 2023 ، ويتوقع أن تصل إلى 2.1 بحلول 2050. ومن المتوقع أيضا أن ترتفع نسبة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 عاما فأكثر بمقدار أربعة أضعاف لتصل بحلول 2050 إلى ما يقرب من 5% من إجمالي سكان العالم.

شكل (1) معدل الخصوبة الكلي ومتوسط العمر المتوقع عند الولادة على مستوى العالم

المصدر: صندوق النقد الدولي

وفى هذا السياق، نستعرض الدول العشر الأولى في معدلات الشيخوخة حول العالم، حيث:

  • احتلت اليابان المرتبة الأولى عالميا من حيث نسبة عدد المسنين التي بلغت 29.1% من إجمالي السكان.
  • تأتي إيطاليا في المرتبة الثانية في العالم والأولى بأوروبا في عدد المسنين، بنسبة بلغت 24.5% من عدد السكان البالغ نحو 60 مليون نسمة، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأوروبي “يورو ستات”.
  • جاءت فنلندا في المرتبة الثالثة عالميا والثانية أوروبيا في عدد المسنين بنسبة بلغت 23.6% من عدد السكان البالغ 5.5 ملايين نسمة.
  • ثم تأتى البرتغال فى المرتبة الرابعة عالميا حيث بلغت نسبة المسنين نحو 22% من عدد السكان البالغ أكثر من 10 ملايين نسمة.
  • وتأتى ألمانيا فى المرتبة الخامسة عالميا حيث بلغت نسبة كبار السن نحو 21% من عدد السكان البالغ أكثر من 83 مليون نسمة.
  • ثم تأتى بلغاريا فى المركز السادس وبنسبة 21% من عدد السكان البالغ 6.8 ملايين نسمة.
  • تأتى جورجيا فى المركز السابع حيث بلغت نسبة كبار السن نحو 20% من عدد السكان البالغ نحو 3.8 ملايين نسمة.
  • ثم السويد فى المركز الثامن حيث بلغت نسبة عدد المسنين نحو 20% من بين أكثر من 10 ملايين ساكن.
  • وتأتى لاتفيا فى المركز التاسع بنسبة عدد مسنين بلغت 20% من عدد السكان البالغ 1.8 مليون نسمة.
  • وجاءت كرواتيا فى المرتبة العاشرة بنسبة عدد مسنين نحو 20% من عدد السكان البالغ نحو 4 ملايين نسمة.

وعلى الصعيد العربي، تشهد دول المنطقة نموا سكانيا كبيرا يصنف من بين أسرع معدلات النمو السكاني على مستوى العالم، ويصاحب ذلك ارتفاعا ملحوظا فى أعدد المسنين، إذ تشير بعض التقارير إلى أن معظم الدول العربية إما في طور الشيخوخة أو أتموا مرحلة الشيخوخة، وفي هذا السياق تؤكد بيانات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الإسكوا” ارتفاع عدد السكان في الفئة العمرية 65 سنة فأكثر في المنطقة العربية، بمقدار 16 مليون شخص في السنوات الخمسين الماضية، كما أنه من المتوقع أن يرتفع بأكثر من 50 مليون شخص في العقود الثلاثة المقبلة، ليصل إلى 71.5 مليونًا بحلول عام 2050.

ويوضح الشكل رقم (2) أن الشيخوخة قادمة في الدول العربية خلال العقود القادمة، ففي عام 1970 بلغت نسبة كبار السن (65 سنة فأكثر) نحو 4% من إجمالي السكان في الدول العربية، وارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 5% عام 2020، ومع ذلك فمن المتوقع أن تتضاعف هذه النسبة لتصل إلى 11% عام 2050.

شكل (2) توزيع السكان وفقا للفئات العمرية فى الدول العربية خلال الأعوام (1970 و 2020و و2050)

 رابعاً: التداعيات الاقتصادية لشيخوخة السكان

تتصدر مشكلة شيخوخة السكان اهتمامات العديد من الاقتصادات الكبرى نظرًا للآثار السلبية التي من المحتمل أن تحدثها هذه الظاهرة والتى وصفها صندوق النقد الدولي على أنها “التحدي الديمغرافي العالمي الأكبر”، وحذر من تأثيراتها السلبية على النمو الاقتصادي للدول.

وتأتي أهم التداعيات الاقتصادية لارتفاع معدلات الشيخوخة على النحو التالي:

  • تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي: حيث أوضح صندوق النقد الدولي أن نمو الناتج المحلي الإجمالي يتباطأ، مع انخفاض القوة العاملة والنمو السكاني؛ الأمر الذي يثير بعض القلق في العديد من دول العالم ومنها اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
  • انخفاض عدد السكان في سن العمل، مما يؤدي إلى نقص أعداد الموظفين المؤهلين، وينتج عن ذلك عواقب وخيمة تشمل انخفاض الإنتاجية، وارتفاع تكاليف العمالة، وتأخر توسع الأعمال التجارية، وانخفاض القدرة التنافسية الدولية.
  • ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، فسوف تحتاج الدول التي تشهد هذه الظاهرة لتخصيص المزيد من الأموال والموارد على نظم الرعاية الصحية، وفي حين يمثل الإنفاق على قطاع الرعاية الصحية جزءاً من الناتج المحلي الإجمالي في معظم الاقتصادات المتقدمة، فمن الصعب زيادة الإنفاق على هذا القطاع مع ضمان عدم تأثر وتدهور باقي القطاعات، إضافة إلى معاناة قطاع الرعاية الصحية من نقص العمالة والمهارات، ومع زيادة الأمراض المزمنة صار من الصعب تلبية الأعداد المتزايدة من السكان.
  • زيادة معدل الإعالة، حيث سوف تعتمد الدول ذات الكثافة السكانية المتقدمة في العمر على أعداد صغيرة من العاملين لتحصيل الضرائب منهم وإنفاقها على الرعاية الصحية ذات التكلفة المرتفعة والمعاشات التقاعدية، ويشكل ذلك مصدر قلق كبير بالنسبة للدول الصناعية المتقدمة.
  • حدوث تغيرات في الاقتصاد، فالاقتصادات التي لديها نسبة كبيرة من كبار السن تختلف في اتجاهاتها عن تلك التي لديها نسبة أعلى في المواليد وفي السكان في سن العمل، فالأولى تؤدي إلى زيادة الطلب على الرعاية الصحية ودور المسنين، وسوف تواجه الاقتصادات تحديات الانتقال إلى أسواق تسيطر عليها السلع والخدمات المرتبطة بكبار السن.
  • تقلص نسبة الأموال المتاحة للاستثمار بسبب ارتفاع نسبة الأموال المقدمة للمعاشات.
  • تحول جانب كبير من السكان من منتجين إلى مستهلكين، مما يؤثر بشكل كبير على قدرات المجتمع الادخارية.

وشكل رقم (3) يوضح الأنماط العمرية للاستهلاك والكسب، حيث إن من تتراوح أعمارهم بين 25 و59 يكسبون أكثر مما يستهلكون، فى حين يستهلك كبار السن أكثر مما يكسبون، وذلك كما ورد فى دراسة بعنوان ” شيخوخة السكان” أعدها كل من رونالد لي، أستاذ بكلية الدراسات العليا فى جامعة كاليفورنيا، وأندرو ميسون، أستاذ الاقتصاد بجامعة هاواي.

شكل (3) الأنماط العمرية للاستهلاك والكسب

 وهنا تجدر الإشارة إلى أن مرض الخرف – وهو واحد من أخطر الأمراض التى تُصيب كبار السن وتؤثر على حياتهم وقدرتهم على أداء المهام المختلفة – له تداعيات سلبية على اقتصاد الدول، حيث كلف انتشار هذا المرض بين المسنين الاقتصادات على مستوى العالم فى عام 2019 نحو 1,3 تريليون دولار أمريكي، حيث يرجع نحو 50٪ من هذه التكاليف إلى الرعاية التي يوفرها مقدمو الرعاية غير الرسميين (مثل أفراد الأسرة والأصدقاء المقربين)، الذين يقدمون الرعاية والإشراف لمدة 5 ساعات في المتوسط يوميًا، ويتوقع أن ترتفع التكلفة إلى 1,7 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030، أو 2,8 تريليون دولار أمريكي باحتساب الزيادات في تكاليف الرعاية. 

كما أوضحت منظمة الصحة العالمية في أحدث تقاريرها أن التكلفة السنوية لرعاية مرضى الخرف تقدر في العالم بنحو 818 مليار دولار أمريكي، ويتعلق حوالي 85% من هذه التكلفة برعاية الأسر والرعاية الاجتماعية وليس بالرعاية الطبية، ومن المتوقع أن ترتفع التكاليف السنوية لرعاية الأشخاص المصابين بالخرف إلى ملياريْ دولار أمريكي بحلول عام 2030.

 وبحسب تعريف منظمة الصحة العالمية، فإن مرض الخرف هو متلازمة يمكن أن يسببها عدد من الأمراض التي تتلف بمرور الوقت الخلايا العصبية وتتلف الدماغ، مما يؤدي في العادة إلى تدهور الوظيفة الإدراكية (أي القدرة على التفكير) على نحو يتجاوز ما يمكن توقعه من النتائج المعتادة للشيخوخة البيولوجية.

 وإجمالاً يمكن سرد الحقائق حول مرض الخرف، حيث:

  • يعاني حاليًا أكثر من 55 مليون شخص في العالم من الخرف، ويتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى نحو 78 مليون بحلول عام 2030، كما يمكن أن يصل لنحو 139 مليون بحلول عام 2050، والجديد بالذكر أن أكثر من 60٪ من المصابين بمرض الخرف يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وكل عام، وبشكل دوري يُسجَّل سنوياً ما يقرب من 10 ملايين حالة جديدة حول العالم.
  • ينتج الخرف عن مجموعة متنوعة من الأمراض والإصابات التي تؤثر في الدماغ فمرض الزهايمر هو أكثر أنواع الخرف شيوعًا وقد يؤثر على نحو من 60-70٪ من الحالات.
  • يعد الخرف في الوقت الراهن السبب الرئيسي السابع للوفاة وأحد الأسباب الرئيسية للإعاقة والاعتماد على الآخرين بين كبار السن على مستوى العالم.
  • تتأثر النساء بالخرف بشكل غير متناسب مع من سواهم، إذ تعاني النساء من ارتفاع عدد سنوات العمر المعدلة باحتساب مدد العجز، والوفاة بسبب الخرف، ولكنهن في الوقت ذاته يغطين 70٪ من ساعات الرعاية المقدمة للأشخاص المصابين بالخرف.

 خامساً: مؤشرات الشيخوخة فى مصر

      كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير حديث عن  أرقام مهمة حول المؤشرات الخاصة بأعداد وسمات كبار السن فى مصر حتى شهر يوليو 2023 يمكن إجمالها فيما يلي:

– بلغ عدد المسنين فى مصر 9 ملايين مسن، بنسبة 8.6% من إجمالي السكان عام 2023.

– بلغ عدد المسنين الذكور 4.5 مليون نسمة بنسبة 8.3% من إجمالى السكان الذكور بينما بلغ عدد المسنات الإناث 4.5 مليون نسمة بنسبة 8.9% من إجمالى السكان الإناث.

– توقع البقاء على قيد الحياة 68.7 سنة للذكور و73.7 سن للإناث عام 2023.

– بلغ عدد المسنين المشتغلين 1.2 مليون مسن بنسب 13.4% من إجمالى المسنين.

– 48.7 % من المسنين المشتغلين يعملون فى مجال الزراعة وصيد الأسماك ، 18.6% يعملون فى نشاط تجارة الجملة والتجزئة.

– بلغت نسبة الأمية بين المسنين 53.2% عام 2022 (39.6% من اجمالى ذكور المسنين ، 67.9% من إجمالى إناث المسنات) ،بينما كانت نسبة الحاصلين على مؤهل جامعى فأعلى بين المسنين 10.7 % عام 2022 (14.5 % من اجمالى ذكور المسنين ، 6.5 % من اجمالى اناث المسنات).

– بلغت نسب عقود الزواج بين المسنين 2.2% من إجمالى العقود.

– بلغت نسبة اشهادات الطلاق للمسنين 10.4% من إجمالى اشهادات الطلاق.

 سادسا: جهود الدولة المصرية لرعاية كبار السن

شهدت السنوات العشرة الأخيرة اهتماماً غير مسبوقا من قبل الدولة المصرية فى الاهتمام بالفئات الأولى بالرعاية وفى مقدمتها كبار السن، إذ ألزمت الدولة الحكومة دستورياً وتشريعياً بحماية كبار السن، وتمكينهم مع وضع خطة تنفيذية تضمن تحقيق هذا الالتزام، ويمكن عرض أبرز هذه الجهود على النحو التالي:

  • دستور 2014: تنص المادة 83 من دستور عام 2014 على أن “الدولة تلتزم بضمان حقوق المسنين صحيًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، وترفيهيًا وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة. وتراعي الدولة في تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين، كما تشجع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون”.
  • وافق مجلس النواب فى فبراير 2024 على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن “رعاية حقوق المسنين” والذى جاء تفعيلا لنص المادة 83 من الدستور، والذى يهدف إلى حماية ورعاية حقوق المسنين وضمان تمتعهم بجميع الحقوق الاجتماعية والسياسية والصحية والاقتصادية والثقافية والترفيهية وغيرها، وتيسير تعاملات المسنين مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، وإدراج حقوق واحتياجات المسنين فى برامج وسياسات مكافحة الفقر والحد منه، وبرامج التنمية المستدامة، فضلا عن توفير الرعاية الوقائية والعلاجية الجيدة وفقًا لقوانين وقواعد التأمين الصحى، وإنشاء “صندوق رعاية المسنين” بهدف تعزيز حقوق وحريات المسنين وتنميتها وحمايتها وترسيخ قيم المساواة وتكافؤ الفرص، وتقديم الدعم لهم فى كافة المجالات.
  • تضمنت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021 بنوداً خاصة بحقوق كبار السن والتي تستهدف توسيع برامج الحماية الاجتماعية الممنوحة للمسنين وزياد المخصصات المالية المتاحة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية الحكومية وتعزيز التفتيش عليها وتعزيز حصول كبار السن على الرعاية الصحية المناسبة وتشجيع منظمات المجتمع المدني على المشاركة فى صياغة السياسات الخاصة بهم وغيرها من البنود التي تضمن حماية كبار السن وتمكينهم على كافة المستويات.
  • قامت الدولة بتنفيذ خطة شاملة لإحلال وتجديد مراكز خدمات التأهيل الخاص بالمسنين فى فترة ما بعد الرعاية الطبية وقبل الرعاية المنزلية، فضلاً عن تقديم خدمات الرعاية الطبية للمسنين فى التخصصات المختلفة بالعيادات ومتابعة الأمراض الشائعة وتوفير الأدوية المختلفة وتقديم التوعية الصحية وتوفير أليات التعامل مع الحالات الطارئة.
  • الانتهاء من الإصلاح التشريعي لنظام التأمينات الاجتماعية والمعاشات بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية رقم 48 لسنة 2019، والذي أعطى كبار السن وأصحاب المعاشات العديد من المزايا والمكتسبات المالية والمعنوية.
  • منحت الدولة معاشاً ضمانياً لكبار السن ممن لا يتقاضون معاشا تأمينيا وليس لهم دخل، كما استحدثت الحكومة برنامج ” كرامة ” عام 2015 والذي يهدف إلى مد مظلة الحماية الاجتماعية ليشمل كبار السن بتوفير حياة كريمة لغير القادرين منهم على العمل، إذ يمنح البرنامج معاشا للمسنين بداية من عمر الـ 65 أو لمن يعانون عجزاً.
  • إنشاء دور رعاية لكبار السن البالغين من العمر 60 عاما ولا يجدون الرعاية داخل أسرهم الطبيعية بسبب أو لأخر أيا كان مستواهم المادي أو الصحي
  • افتتاح أندية رعاية صحية نهارية للمسنين يتم من خلالها تقديم خدمات مختلفة لكبار السن، فضلاً عن مكاتب خدمة المسنين بالمنازل ووحدات للعلاج الطبيعي مخصصة لكبار السن.
  • افتتاح مكاتب خدمة المسنين بالمنازل، وافتتاح وحدات للعلاج الطبيعي لكبار السن.

هذا بالإضافة إلى جهود وزارة التضامن الاجتماعي الأخرى حيث:

  • أنشأت الوزارة في عام 2017 لجنة عليا لرعاية المسنين (بموجب القرار رقم 432) برئاسة وزير التضامن الاجتماعي، وتهدف تلك اللجنة إلى: وضع خطة متكاملة لرعاية كبار السن، وتنظيم وتنسيق برامج الرعاية طويلة الأجل التي تطلقها الوزارات والوكالات الأخرى، وتسهيل المشاركة الاجتماعية بين كبار السن، وقد قامت اللجنة العليا لكبار السن بطرح رؤية حول قضايا المسنين تضمنت عدة محاور للعمل؛ من بينها توفير رعاية صحية شاملة للمقيمين بدور رعاية المسنين، وخلق مجتمع واعٍ بقضايا المسنين، وكذلك إتاحة فرص ترفيهية وثقافية وفنية لكبار السن، وإقامة دور مسنين لائقة، ومهيأة لهم، إضافة إلى تقديم خدمة عالية الجودة داخل تلك الدور وإعداد مسنين متطوعين ومشاركين في المجتمع.
  • خدمة “رفيق المسن” والتي أعلنت عنها وزارة التضامن الاجتماعي 2019 بمقابل مادي؛ لرعاية المسنين داخل منازلهم في المحافظات المستهدفة للمشروع وهي: (القاهرة- الجيزة- القليوبية- الإسكندرية)، ويهدف المشروع إلى الحفاظ على الترابط الأسري من خلال توفير الرعاية المنزلية للمسن داخل منزله ومع أسرته، وتوفير البديل عن الرعاية المؤسسية للمسن، وقد تم تدريب المرافقين بواسطة متخصصين في مجالات العلاج الطبيعي والرياضة للمسنين، وقياس العلامات الحيوية للمسن والإسعافات الأولية، وديناميكية تحريك المسن، وأجهزة الجسم والأمراض الشائعة، والصحة وتغذية المسن، والرعاية النفسية والاجتماعية للمسن.
  • كما أصدرت الوزارة مبادرة “البطاقة الذهبية” الجديدة، وتُمثل ميزة مجانية تعفي جميع كبار السن (الذين يتجاوز عمرهم 70 عامًا) من تكاليف النقل العام وذلك في عام 2021.
  • مبادرة “بينا”: والتي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي؛ لرفــع جـودة الخــدمـات الـمـقـدمـة بمـؤسـســات الـرعــايـة الاجتماعـيـة؛ مثل، دور الأيتام، والمسنين، مـن خـلال تشـجيـع الـمــواطنـيـن علـى التـطـوع وتفـعـيـل دور المراقبـة المجـتـمعـيـة وتـطـويـر مـؤســسـات الـرعـايـة الاجـتمـاعـيـة، وتتمثل أهدافها الاستراتيجية في رفع جودة خدمات الرعاية الاجتماعية، وتشجيع المواطنين على التطوع، ودعم مفهوم الرقابة المجتمعية.
  • كما وفرت وزارة التضامن الاجتماعي برنامج “حماية كبار بلا مأوى “، للتعامل مع عدد كبير من حالات كبار السن سواء كان الشخص بلا مأوى، متسول، مريض نفسي أو عقلي، وفى سياق هذا البرنامج تم دمج عدد من المسنين مع أسرهم أو مع مؤسسات رعاية وتقديم خدمات للمشردين من كبار السن تشمل خدمات صحية وتعليمية ووجبات وبطاطين ودعم نفسي واجتماعي من خلال 17 وحدة متنقلة و19 مؤسسة تم تطويرها خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
  • وفي عام 2019 وتزامناً بالاحتفال باليوم العالمي للمسنين، أصدر بنك ناصر الاجتماعي شهادة ” رد الجميل ” المخصصة لكبار السن، وهي شهادة من فئة 1000 جنيه ومضاعفاتها بحد أقصى مليوني جنيه للشخص الواحد ويستحق منها عائد سنوي يقدر بــــــ 10.75% أو عائد شهري 10.25% ويتم احتساب العائد على الشهاد من اليوم التالي للإيداع كما يحق للعميل استرداد قيمة الوديعة بعد 6 شهور بدون خصم.
  • كما أعلن بنك ناصر الاجتماعي مطلع أكتوبر 2023 طرح أوعية ادخارية ذات عائد تنافسي مميز، مثل شهادة «رد الجميل» للعملاء فوق 60 عاماً، إلى جانب طرح شهادة بأعلى عائد في السوق المصرفي، يبلغ 66%، لمدة 3 سنوات، يصرف في نهاية المدة، بحسب الموقع الرسمي لبنك ناصر.

 سابعا: مقترحات لدعم احتياجات كبار السن

على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية لرعاية كبار السن، إلا أنه يمكن بذل المزيد من الجهود ووضع المزيد من الخطط لرعاية هذه الفئة الهامة من المجتمع المصري. وتوصى هذه الورقة بما يلي:  

  • إنشاء مجلس قومي لرعاية المسنين يتبنى وضع خطط وبرامج وأنشطة تتفق مع الاحتياجات الفعلية للمسنين في ضوء سياسة عامة لرعاية المسنين بمشاركة كافة الأجهزة والقوى المجتمعية.
  • العمل على تعزيز مشاركة كبار السن فى مختلف المجالات وتشجيع أصحاب العمل على توظيفهم، لاسيما وأن العديد من الدراسات قد أشارت إلى أن هذه الفئة لديها قدرة كبيرة على الإنتاجية حال توفير فرص عمل تتناسب مع خبراتهم ومهاراتهم وأعمارهم.
  • إطلاق حملة إعلامية على وسائل الإعلام كافة بهدف رفع الوعي بحقوق كبار السن وحمياتهم وتمكينهم وكيفية الاستفادة من خبراتهم فى تنمية المجتمع، ومن ثم تغيير الصورة النمطية السلبية عن كبار السن في سوق العمل.
  • تهيئة بيئة تمكينية لكبار السن لممارسة العمل التطوعي بمنظمات المجتمع المدني بما يضمن تمكينهم ومكافحة الاستبعاد الاجتماعي.
  • العمل على توسيع مشاركة مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية لتقديم خدمات أفضل لكبار السن.
  • زيادة المخصص المالي فى ميزانية الدولة ووزارة التضامن الاجتماعي لرعاية كبار السن حتى يمكن تأدية الخدمات والبرامج والأنشطة بشكل أفضل واستيعاب الأعداد المتزايدة من كبار السن.
  • توفير قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة وكافية عن المسنين وأعدادهم وأعداد المؤسسات التي تخدمهم – وتوزيعها الجغرافي – بشكل يسهم فى وضع خطط دقيقة لخدمات وبرامج وأنشطة رعاية كبار السن.
  • تخصيص خط ساخن تكون مسئولة عنه وزارة الداخلية والتضامن للإبلاغ الفوري عن أي حالات تهدد أمن وسلامة كبار السن والتعامل معها فورا.
  • العمل على تدريب مقدمي الخدمة لكبار السن بشكل مستمر وزيادة وعيهم بأمراض المسنين والشيخوخة والخرف من أجل تقديم خدمة أفضل وتتسم بالحرفية والمهارة.
  • رفع المعاشات التقاعدية لكبار السن بصورة تتناسب مع احتياجاتهم ومتطلبات الحياة.

المصادر:

  • عبير محمد رفاعي (2022)، الادماج الاجتماعي لكبار السن كمدخل لتفعيل الشيخوخة النشطة، كلية الآداب، جامعة بورسعيد، ع 20
  • سماء محمد عمارة (2022)، حقوق المسنين بين الواقع والمأمول، كلية الحقوق، جامعة طنطا.
  • عبد الخالق عفيفي (2010)، مقدمة فى الرعاية الاجتماعية المعاصر، مكتبة 6 أكتوبر للطبع والنشر.
  • سامية كرليفة (2022)، الجهود الدولية لحماية حقوق المسنين من خلال المنظمات الدولية، المؤتمر العلمي الدولي السابع، كلية الحقوق، جامعة طنطا.
  • “الشيخوخة في ضوء التغيرات الديموغرافية العالمية”، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، سبتمبر 2022.
  • “الاستراتيجية العربية لكبار السن”، موقع صندوق الأمم المتحدة للسكان.
  • المسح الصحي للأسرة المصرية 2021، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
  • الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية.
  • الموقع الرسمى للبنك الدولي.
  • الموقع الرسمى لوزارة التضامن الاجتماعي.
  • الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

The post شيخوخة السكان.. قراءة في المؤشرات والتداعيات الاقتصادية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7734
الرمال السوداء فى مصر..الأهمية الاقتصادية وجهود التعزيز https://draya-eg.org/2024/03/08/7713/ Fri, 08 Mar 2024 23:10:09 +0000 https://draya-eg.org/?p=7713 تمتلك مصر ثروة طبيعية ضخمة، منها الرمال السوداء التي ظلت مهملة لعقود من الزمن، وسط محاولات عديدة لاستغلالها باءت بالفشل، حيث كانت تُصدر كمواد خام بعقود زهيدة، وكانت تتعرض للسرقة والتهريب إلى الخارج، إلى أن تنبهت الدولة لأهميتها البالغة، حيث يتم استخراج العديد من المعادن الثمينة منها، والتي تُستخدم في العديد من الصناعات الاستراتيجية التي …

The post الرمال السوداء فى مصر..الأهمية الاقتصادية وجهود التعزيز appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تمتلك مصر ثروة طبيعية ضخمة، منها الرمال السوداء التي ظلت مهملة لعقود من الزمن، وسط محاولات عديدة لاستغلالها باءت بالفشل، حيث كانت تُصدر كمواد خام بعقود زهيدة، وكانت تتعرض للسرقة والتهريب إلى الخارج، إلى أن تنبهت الدولة لأهميتها البالغة، حيث يتم استخراج العديد من المعادن الثمينة منها، والتي تُستخدم في العديد من الصناعات الاستراتيجية التي تدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاستثمارية بالدولة. 

   وفى ضوء الاهتمام المتزايد بالثروات الطبيعية المصرية، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية ورقة بحثية تُسلط الضوء على الرمال السوداء، وذلك من خلال عدة محاور تتناول المفهوم ولمحة تاريخية عن اكتشافها، فضلا عن الأهمية الاقتصادية لها وأبرز المشروعات التى أقيمت للاستفادة من هذه الثروة الطبيعية التى تحظى بها الدولة المصرية.

تمثلت أهم النتائج التي توصلت إليها الورقة فيما يلي:-

  • يصل الاحتياطي الجيولوجي من الرمال السوداء فى مصر على مستوى السواحل المصرية إلى حوالي 1.3 مليار متر مكعب.
  • يتم استخراج 41 عنصرا معدنيا من الرمال السوداء، تدخل فى 41 صناعة مختلفة.
  • تملك منطقة رشيد أكبر احتياطى من الرمال السوداء، حيث يوجد بها 600 مليون متر مكعب، وتمتلك منطقة دمياط 300 مليون متر مكعب، تليها منطقة بلطيم باحتياطى 200 مليون متر مكعب، ومنطقة شمال سيناء 200 مليون متر مكعب.
  • تعد محافظة دمياط ثاني أكبر محافظة بعد كفر الشيخ من حيث تركيز المعادن في الرمال السوداء.
  • هناك موقعان للرمال السوداء بمحافظة كفر الشيخ الأول شرق البرلس بملاحة “منيسى” التابعة لقرية الشهابية على مساحة 80 فداناً، والثانى بشمال الطريق الدولى غرب محطة توليد الكهرباء العملاقة بالبرلس على مساحة 35 فداناً

أولا: مفهوم “الرمال السوداء” ومكوناتها

الرمال السوداء هي عبارة عن رواسب شاطئية سوداء ثقيلة تأتى من منابع النيل وتتراكم على بعض الشواطئ فى شكل رواسب أو كثبان رملية نتيجة اصطدام مياه النيل الحاملة لها بمياه البحر المتوسط، وتنتشر بفعل التيارات البحرية والأمواج، وتُسمى بهذا الاسم لأنها يغلب عليها اللون الداكن لاحتوائها على الكثير من المعادن الثقيلة مثل: الروتيل، الألمنيت، الزركون، الماجنتيت، والمونازيت، وهي معادن كثيفة تبلغ كثافتها النوعية نحو حوالي 2.8 بالمقارنة مع معدن الكوارتز الذي تبلغ كثافته النوعية نحو حوالي 2.6.

وتتكون الرمال السوداء من مجموعة من الطبقات داخل التربة بالدلتا، الأمر الذى يعنى اختلاف حجامها ونسب تواجدها من منطقة لأخرى، بحسب انخفاض المنطقة أو ارتفاعها، بالإضافة إلى تأثير الميل والرياح، وتعد الهند والبرازيل ومصر من أبرز الدول الغنية بالرمال السوداء باعتبارها دول بها مصبات للأنهار في البحار.

وهناك نوعان من الرمال السوداء التى يطلق عليها “الذهب الأسود”، وذلك بحسب تركيز المعادن الثقيلة، وهما:

  • النوع الأول: نوعية داكنة اللون غنية بالمعادن الثقيلة 70-90%.
  • النوع الثاني: نوعية رمادية تحتوي على نسبة أقل من المعادن الثقيلة 40%.

وقد أوضحت الدراسات أن أغلب المكونات المعدنية الاقتصادية فى رواسب الرمال السوداء المصرية تتركز فى الحجم الحبيبى 0.125 ملم ومعظمها بين 0.124 و 0.076 ملم، وهذا يعنى سهولة فصلها ميكانيكيا.

ثانيا: تاريخ اكتشاف الرمال السوداء فى مصر وجهود الدولة للاهتمام بها

يعود تاريخ استغلال ثروة الرمال السوداء في مصر إلى أواخر الثلاثينيات عندما اكتشفها مجموعة من الأشخاص اليونانيين وبدأوا في استغلالها بطرق بدائية، فكانوا ينقلون الرمال السوداء من رشيد عبر ترعة المحمودية إلى حجر النواتية في محافظة الإسكندرية، إلى أن انتبه المسئولون المصريون إلى أهمية تلك المورد، وتم إنشاء أول شركة لاستغلال الرمال السوداء بمحافظة الإسكندرية، واستمر استغلال الرمال السوداء في مصر في فترة الأربعينيات بواسطة شركة الرمال السوداء المصرية حتى تم تأميمها في عام 1961، ولكن ظل إنتاجها يتدهور عاما بعد عام إلى أن توقفت خطوط الإنتاج، وتمت تصفيتها عام 1969.  

وفي عام 1984، كلفت الحكومة المصرية شركة أسترالية إنجليزية بإجراء دراسات فنية واقتصادية وذلك لبحث كيفية استغلال الرمال السوداء في مصر مع تحديد أفضل الأماكن لإنشاء هذا المشروع وقد بلغ إجمالي تكاليف الدراسة حوالي نصف مليون جنيه دون أن يقام المشروع.

وفى عام 1995، تبنت وزارة الكهرباء والطاقة المصرية موضوع إنشاء مصنع لاستغلال الرمال السوداء في محافظة كفر الشيخ، والتي تمتلك أكبر تركيز للمعادن الاقتصادية في هذه الرمال، يصل إلى حوالي 80% في منطقة البرلس، ووضع حجر الأساس لهذا المصنع على ساحل البحر الغربي بالمحافظة ، حيث تزامن ذلك مع صدور قرار وزير الصناعة والثروة المعدنية في ذلك التوقيت تحت رقم 20 لسنة 1995 بإجراء تخطيط شامل للساحل الشمالي وتحديد مركز الرمال السوداء بطول الساحل، وقد تكلف إنشاء هذا المصنع وقتها أكثر من حوالي 20 مليون جنيه، وكان من المخطط له أن يتم الانتهاء من عمليات الإنشاء والتجهيز للتشغيل بحلول عام 1997، إلا أن هذه الخطوة حُكم عليها بالفشل مرة أخرى لعدم وجود إرادة سياسية حقيقية لاستغلال هذه الرمال.

وفى عام 2008، كلفت الحكومة المصرية شركة (داونر مايننج) الأسترالية بإجراء دراسة شاملة عن الرمال السوداء في مصر وتحديد الجدوى الاقتصادية منها، حيث أكدت الدراسة أهمية المشروع ولذلك طرح العديد من البنوك المصرية في ذلك الوقت فكرة إمكانية تمويلها للمشروع بالكامل، ولكنه لم يكتمل وفى عام 2010 قامت هيئة المواد النووية بطرح مزايدة علنية لاستغلال الرمال السوداء في منطقة البرلس بمحافظة كفر الشيخ علي ساحل البحر الأبيض المتوسط بطول حوالي 19 كم، ولم يتقدم لهذه المزايدة سوى شركة واحدة فقط هي “كريستال” السعودية وهي شركة متخصصة في إنتاج وتوزيع ثاني أكسيد التيتانيوم، مما حول الموضوع من مزايدة علنية طرحتها الهيئة إلى قرار بالأمر المباشر لإسناد المشروع لهذه الشركة، مما تسبب في تعطيل المشروع مجددًا، خصوصًا بعد اندلاع أحداث 25 يناير وما لحقها من أحداث وتداعيات على مصر .

وفى إبريل من عام 2016، تم تأسيس أول شركة مصرية لتعدين الرمال السوداء، وهي الشركة الوطنية للرمال السوداء بالبرلس بمدينة كفر الشيخ، وقدرت تكلفة المشروع بحوالي 2 مليار جنيه، وتسهم القوات المسلحة كشريك أساسي بنسبة حوالي 61% منه وأحد البنوك بنسبة حوالي 14% وهيئة المواد النووية بنسبة حوالي 15%.

وفى 2018، تم وضع حجر الأساس لمصنع فصل الرمال السوداء بالبرلس على مساحة 80 فدانا بكفر الشيخ بحجم استثمارات تتجاوز المليار جنيه.

في عام ٢٠١۹ صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم ۸ لسنة ٢٠١۹ بالترخيص لوزير الكهرباء والطاقة المتجددة في التعاقد مع هيئة المواد النووية والشركة المصرية للرمال السوداء، بشأن البحث عن استكشاف وتعدين وتركيز المعادن الاقتصادية والمنتجات الثانوية من ركاز الرمال السوداء واستغلالها على مستوى الجمهورية.

وفى أغسطس 2021، وصلت الكراكة “تحيا مصر” هولندية الصنع للبدء فى تكريك الرمال السوداء فى كفر الشيخ، وقد صممت خصيصا لشركة الرمال السوداء.  

وفى ديسمبر 2021، وجه الرئيس بالتدقيق في كافة تفاصيل الدراسات الخاصة بمشروع تعظيم القيمة المضافة للمعادن الاقتصادية المستخلصة من الرمال السوداء، وحوكمة كافة جوانبه، سعياً نحو تحقيق الهدف الأساسي من اكتشاف الفرص الكامنة في موارد الدولة الطبيعية، مع حسن إدارتها وتحقيق أكبر فائدة اقتصادية واستثمارية منها.

وفى أكتوبر 2022، تم افتتاح مصنع الرمال السوداء بكفر الشيخ، الذى يعد الأحدث من نوعه على مستوى العالم باستخدام تكنولوجيا التعدين المتطورة.

ثالثا: الأهمية الاقتصادية للرمال السوداء

تنتشر الرمال السوداء فى مصر بطول الساحل شرقا بداية من مدينة رشيد حتى رفح بطول 400 كم وتمتلك مصر 11 موقعا لتلك الرمال، وتضم احتياطات ضخمة من المعادن الثقيلة. فوفقا للدراسات والأبحاث التي تمت، يصل الاحتياطي الجيولوجي من تلك الرمال على مستوى السواحل المصرية إلى حوالي 1.3 مليار متر مكعب موزع على المناطق التالية:

-تملك منطقة رشيد أكبر احتياطى من الرمال السوداء، إذ يوجد بها 600 مليون متر مكعب

-تمتلك منطقة دمياط 300 مليون متر مكعب.

-تمتلك منطقة بلطيم احتياطى يقدر بنحو 200 مليون متر مكعب.

-تمتلك منطقة شمال سيناء 200 مليون متر مكعب.

شكل رقم (1) التوزيع الجغرافي لاحتياطي مصر من الرمال السوداء

وترجع الأهمية الاقتصادية للرمال السوداء إلى احتوائها على نسب من المعادن التى تُمثل عصب العديد من الصناعات خاصة التكنولوجية والإلكترونية المتقدمة، حيث يتم استخراج 41 عنصرا معدنيا من الرمال السوداء، تدخل فى 41 صناعة مختلفة.

وتحتوى الرمال على معادن اقتصادية من أبرزها معدن الروتيل والألمنيت ويستخدم فى صناعة البويات ومعدن الزركون ويستخدم فى صناعة السيراميك والعوازل والخزف والأسنان التعويضية.

كما يُستخرج من معدن الزركون عنصر الزركونيوم الذى يستخدم فى صناعة أغلفة الوقود النووى وفى العديد من الصناعات النووية والاستراتيجية الأخرى، ومادة الجرانيت تستخدم فى صناعة فلاتر المياة والصنفرة، والمنجنيت الذى يستخدم فى صناعة الحديد الاسفنجى وتغليف أنابيب البترول، بالإضافة إلى معدن المونازيت المشع ويدخل فى صناعة المفاعلات النووية.

وتحتوي أيضا على الكثير من المعادن الثقيلة الأخرى التى تدخل في العديد من الصناعات مثل:  قوالب الطائرات ، هياكل السيارات والطائرات ، العربات المصفحة والعربات الحربية ، قضبان السكك الحديدية والكثير من الصناعات الثقيلة، فضلا عن صناعات السيراميك والبلاط والمنظفات ،وصناعة المواد الحرارية والمطاطات ،ومواد الصنفرة خاصة صنفرة الحوائط ، الأرضيات عالية التقنية ،وصناعة الزجاج والكريستال ،والمعدات الرياضية ، صناعة أدوات التجميل ، والخزف، وأواني الطهي ، وغيرها الكثير.

هذا وقد أفاد مركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء بأن العائد الاقتصادي المتوقع لمصر من موقع واحد من المواقع الـ11 موقعا التى تزخر بالرمال السوداء، يتجاوز 255 مليون جنيه سنويا، وذلك استنادا لدراسات قامت بها شركة استرالية.

وتتمثل أفضل طرق استغلال هذه الرمال وتحويلها إلى منتجات اقتصادية فى استخدام أجهزة تعمل على فصل رواسب هذه الرمال الثقيلة فى أماكنها وإعادة الرمال الباقية إلى أماكنها مرة أخرى حتى لا تكون هناك تغيرات بيئية أو فى المناسيب، وتتم هذه العملية باستخدام ماكينة جرافة وشفاطة فى نفس الوقت، وتوضع فى بركة خاصة بعمق 5 أمتار وتقوم بتقليب الرمال التى أمامها عند قاع البركة.

رابعا: مشروعات الرمال السوداء في كفر الشيخ ودمياط

أ-محافظة كفر الشيخ

شهدت محافظة كفر الشيخ مشاريع قومية جديدة، منها ما تم الانتهاء منه، مثل مزرعة غليون السمكية، وشركة كهرباء البرلس العملاقة، ومنها ما تم افتتاحه، و لكن أهمها مصنعى استخلاص العناصر المشعة من الرمال السوداء بالبرلس.

-تم إنشاء الشركة المصرية للرمال السوداء لتعظيم الاستفادة الاقتصادية من مشروع استغلال المعادن الاقتصادية من الرمال السوداء، مع الالتزام بمعايير السلامة البيئية، والصحية المتبعة عالمياً، وتحقيق القيمة المضافة للمعادن المستخلصة، لتوفير استثمارات جديدة تعمل على تنمية وتطوير الاقتصاد المصرى وتقدمه.

-هناك موقعان للرمال السوداء بمحافظة كفر الشيخ الأول شرق البرلس بملاحة “منيسى” التابعة لقرية الشهابية على مساحة 80 فداناً، والثانى بشمال الطريق الدولى غرب محطة توليد الكهرباء العملاقة بالبرلس على مساحة 35 فداناً ويشارك فى المشروع محافظة كفر الشيخ وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة وهيئة المواد النووية وبنك الاستثمار والمصنعين الأول بخبرة مصرية استرالية بشرق البرلس، والثانى بخبرة صينية بشمال البرلس والاستثمارات لمصنع الرمال بشمال البرلس قدرها 24 مليون دولار.

-مشروع مصنع الرمال السوداء بكفر الشيخ مقام على مساحة 35 فدانا، ويضم مجمعا من ستة مصانع متجاورة، كل منها مختص باستخلاص معدن معين من الرمال السوداء، بالإضافة إلى عوامة جرى تصنيعها خصيصًا لنقل الرمال من الشاطئ إلى المصانع لإنتاج الـ 6 معادن التي تستخدم في العديد من الصناعات الدقيقة والنادرة، وبعضها مواد نووية وتتعامل معها هيئة الطاقة النووية.

يُنفذ المشروع على ثلاث مراحل رئيسية، الأولى هي مرحلة استخلاص المعادن الثقيلة من الرمال السوداء، والثانية فصل المعادن الثقيلة عن بعضها البعض، والثالثة هي مرحلة إضافة قيمة مضافة للمعادن المنتجة، وذلك من خلال تصنيعها وتحويلها إلى منتجات ذات قيمة أعلى، بحيث لا يتم بيعها على الصورة الخام المنتجة بها، بل في صورة مصنعة، مما يساهم فى دفع عجلة الاقتصاد المصري.

يوفر المشروع بوضعه الحالي نحو 5 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة لأهالي المحافظة، بنسبة تزيد على 85% من نسبة العمالة التي يجري تشغيلها، ما يوفر عملا لخريجي جامعة كفر الشيخ من المهندسين، بالإضافة إلى خريجي التعليم الفني، حيث أنشئ قسم تعدين لتشغيل خريجيه.

وتجدر الإشارة إلى أن مجمع مصانع الرمال السوداء يستخرج المواد الدقيقة التي تٌستخدم في الصناعات الحيوية، ويستوطن صناعات إلكترونية كثيرة في مصر، والكراكة التي افتتحها الرئيس السيسي، وجرى تصنيعها خصيصًا في هولندا من أجل المشروع تنقل للمصنع 6 خامات لـ6 مصانع، تستخدم فى صناعة دقيقة وإلكترونية كثيرة، وتُعد أول كراكة صديقة للبيئة في العالم تعمل بالكهرباء.

ويستهدف المشروع تشجيع التصنيع المحلي، فتبلغ نسبة المكون المحلى أكثر من حوالي 60% من إجمالى المشروع، كما يندرج المشروع ضمن الصناعات الخضراء نظرا لأنه يتميز بانعدام الانبعاثات الكربونية.

ب-محافظة دمياط

تعد محافظة دمياط ثاني أكبر محافظة بعد كفر الشيخ من حيث تركيز المعادن في الرمال السوداء، فكان لأهلها ثاني أكبر نصيب من فرص العمل بالشركة المصرية للرمال السوداء التي تقع بالقرب من هيئة الميناء، حيث تم تعيين 20 شابًا بالمشروع كمرحلة أولية تليها تعيين أعداد أخرى من أبناء المحافظة طبقا للخطة الزمنية.

وختاما، تُعد الرمال السوداء ثروة اقتصادية ضخمة تمتلكها مصر، وقد أولتها الدولة اهتماما كبيرا فى السنوات الأخيرة، وسعت لاستثمارها واستغلالها بشكل يحقق زخما اقتصاديا يدفع عجلة الاقتصاد المصري، ويضع مصر على خارطة التعدين العالمية، ويراهن الخبراء على أن استمرار العمل على هذا المشروع سيحدث تحولا اقتصاديا فى مصر.

 

 

The post الرمال السوداء فى مصر..الأهمية الاقتصادية وجهود التعزيز appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7713
الآثار الاقتصادية والاجتماعية لمشروع “بنبان” للطاقة الشمسية https://draya-eg.org/2024/03/01/%d8%a7%d9%84%d8%a2%d8%ab%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%aa%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%a8%d9%86%d8%a8%d8%a7%d9%86-%d9%84%d9%84%d8%b7%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%a9/ Fri, 01 Mar 2024 23:16:23 +0000 https://draya-eg.org/?p=7707 تقع مصر في قلب الحزام الشمسي العالمي، حيث تقع جغرافيًا بين خطي عرض 22 و31.5 شمالًا، وبالتالي فهي من أغنى دول العالم في الطاقة الشمسية. وفي قرية بنبان بأسوان تم إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث سيتم توليد ما يعادل 90% من الطاقة المنتجة من السد العالي، وذلك في إطار الإستراتيجية …

The post الآثار الاقتصادية والاجتماعية لمشروع “بنبان” للطاقة الشمسية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تقع مصر في قلب الحزام الشمسي العالمي، حيث تقع جغرافيًا بين خطي عرض 22 و31.5 شمالًا، وبالتالي فهي من أغنى دول العالم في الطاقة الشمسية. وفي قرية بنبان بأسوان تم إنشاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث سيتم توليد ما يعادل 90% من الطاقة المنتجة من السد العالي، وذلك في إطار الإستراتيجية التي وضعتها هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والتي تستهدف زيادة إمدادات الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة إلى 42% بحلول عام 2035.

ويُعد مشروع الطاقة الشمسية في بنبان من أكبر مشروعات الطاقة النظيفة على مستوى العالم، والتى استهدفت مواجهة العجز في الطاقة الكهربائية بعد أحداث يناير 2011، حيث تم العمل فيه منذ عام 2014 للتصدي لأزمة الطاقة آنذاك ودعم الشبكة القومية للكهرباء.

وفى هذا الإطار، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ورقة بحثية تُسلط الضوء على مشروع  بنبان للطاقة الشمسية والآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليه، إلى جانب توضيح جهات التمويل والقائمين على المشروع، وكيفية مساهمة المشروع فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.

تمثلت أهم النتائج التي توصلت إليها الورقة فيما يلي:-

  • تتألف المحطة من 32 محطة فردية، تنتج كل منها 20-50 ميجاوات، وأربع محطات فرعية، وتولد ما يقرب من 1.5 جيجاوات من الطاقة، لدعم هدف مصر المتمثل في تلبية أكثر من ثلث احتياجاتها من الطاقة بحلول عام 2035 من خلال الطاقات المتجددة.
  • زيادة حصة مصر من مصادر الطاقة المتجددة لتصل إلى 20% من الكهرباء المنتجة فى عام 2022 و 42% بحلول 2035.
  • مشروع بنبان مكن مصر من جذب استثمارات بقيمة ١٤٦ مليون دولار امريكي لدعم هذا المشروع فقط.
  • تمكنت مصر من جذب استثمارات بقيمة ٦٥٣ مليون دولار لدعم و تطوير مشروعات الطاقة النظيفة.
  • شهدت محافظة أسوان تحالف 40 شركة دولية لإنشاء أكبر مجمع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، مما يسهم في تعزيز الاستدامة وتوليد طاقة نظيفة. وحصل المشروع على تمويل بنسبة 85% من البنك البافاري للولايات المتحدة.

أولا: نبذة عن محطة بنبان وأسباب اختيار موقعها

تعد محطة بنبان للطاقة الشمسية رابع أكبر محطة طاقة شمسية في العالم، وتم تنفيذها بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والهيئة الدولية للتمويل الفعّال. وتحتوي على 32 محطة لتوليد الطاقة مقامة علی مساحة ٨٨٤٣,٣ فدانًا على الطريق الصحراوي “أسوان – القاهرة” أمام قرية “بنبان”، وتصل قدرتها إلى 1465 ميجاوات.  

تم البدء في تنفيذه عام 2015 وفقًا للقرار الجمهوري رقم ٢٧٤ لسنة ٢٠١٤ ، كجزء من استراتيجية الطاقة المستدامة 2035 للحكومة المصرية. وتم اختيار موقع المشروع بمنطقة “بنبان” بمحافظة أسوان بناءً على دراسات وتقارير وكالة ناسا الفضائية وبعض المؤسسات العلمية العالمية التي أكدت أن موقع المشروع يعد من أكثر المناطق سطوعًا للشمس في العالم.

وتم تطوير مجمع بنبان للطاقة الشمسية حيث قُسمت المنطقة إلى 41 قطعة أرض بأحجام مختلفة، وتم تخصيص قطع الأرض لحوالي 30 مطورًا قاموا بتركيب الألواح الشمسية والمحولات وغيرها من الأجهزة، وقامت الشركة القابضة لكهرباء مصر المملوكة للدولة ببناء الطرق والبنية التحتية، بما في ذلك التوصيلات بشبكة الكهرباء.  وتم إنشاء المحطات من النوع المعزول عزلًا كاملًا بالغاز GIS لأول مرة في مصر، والانتهاء من إنشاء محطة بنبان للطاقة الشمسية في عام 2019 .

وقد اختارت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة ٣٩ شركة متخصصة في إنتاج الطاقة طبقًا للمواصفات العالمية، منها ٩ شركات عالمية وعربية و٣٠ شركة مصرية من إجمالي ٢٠٠ شركة تقدمت لتنفيذ هذا المشروع الضخم.

وتجدر الإشارة إلى أن كل محطة من الـ 32 محطة فردية تُنتج  20-50 ميجاوات، وأربع محطات فرعية، وتولد ما يقرب من 1.5 جيجاوات من الطاقة، بهدف دعم رؤية مصر المتمثلة في تلبية أكثر من ثلث احتياجاتها من الطاقة بحلول عام 2035 من خلال الطاقات المتجددة.

أسباب اختيار محافظة أسوان:

-توافر الطاقة الشمسية: تتمتع أسوان بإشعاع شمسي مرتفع، مما يعني أنها تتلقى كمية كبيرة من ضوء الشمس على مدار العام، وهذا يجعلها موقعًا مثاليًا لمحطة الطاقة الشمسية.

-توافر الأراضي: قدمت الحكومة المصرية مساحة كبيرة من الأراضي (37.2 كيلومتر مربع) في بنبان، مما يسمح بتطوير حديقة شمسية واسعة النطاق. إن توفر هذه الأراضي الشاسعة أمر ضروري لاستيعاب العديد من محطات الطاقة الشمسية والبنية التحتية.

-الدعم الحكومي: تدعم الحكومة المصرية تطوير مشروعات الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية. ويشمل هذا الدعم توفير الأراضي وتسهيل التصاريح وتقديم الحوافز لجذب الاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة.

-الموقع الاستراتيجي: موقع أسوان في صعيد مصر يجعلها في موقع استراتيجي لمشاريع الطاقة الشمسية التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في شبكة الطاقة الوطنية، فهو يسمح بتوليد الطاقة النظيفة التي يمكن توزيعها بكفاءة في جميع أنحاء البلاد. وتعتبر أسوان مستقبل الجنوب وفقا لدراسات تنمية جنوب مصر.

ثانيا: الآثار الاقتصادية والاجتماعية لمحطة الطاقة الشمسية

  • الآثار الاقتصادية
  • تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة:

يؤدي توليد الطاقة الشمسية للكهرباء دون إطلاق غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان أو غيرها من الملوثات الجوية، إلى تقليل الأثر الكربوني الكلي وحماية البيئة للأجيال القادمة، مما يجعلها خيارًا مثاليًا لمستقبل مستدام.

  • مصدر للطاقة المتجددة وتعزيز الطاقة الخضراء:

مشروع بنبان يعتبر مثالًا هامًا لتطوير الطاقة الخضراء، حيث يستفيد من قوة الشمس كمصدر مستدام ومتجدد، دون استنزاف احتياطيات الوقود الأحفوري المحدودة. وهذا يتماشى مع التحول العالمي نحو مصادر الطاقة النظيفة والأكثر استدامة.

  • استهلاك أقل للمياه:

على عكس بعض المحطات الكهربائية التقليدية التي تعتمد على المياه للتبريد، تتطلب أنظمة الطاقة الشمسية الفوتوفولتية (PV) استهلاكًا أقل للمياه، مما يسهم في الحفاظ على المياه.

  • تقليل التلوث الجوي والمائي:

إن إنتاج الطاقة الشمسية لا يولد تلوثًا جويًا أو مائيًا خلال التشغيل، مما يسهم في تحسين جودة الهواء والمياه

  • تعزيز الأمان الطاقي

يعزز الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة مثل مشروع بنبان الأمان الطاقي من خلال تنويع مصادر الطاقة، وتوفير مصادر الطاقة الخضراء، مثل الطاقة الشمسية، والتى تُوفر إمدادًا طاقيًا موثوقًا وموزعًا، مما يقلل من الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري. فقد زادت حصة مصر من مصادر الطاقة المتجددة لتصل إلى 20% من الكهرباء المنتجة عام 2022 ومُتوقع وصولها إلى  42% بحلول 2035.

  • جذب الاستثمار:

يؤدي تطوير مشروعات الطاقة المتجددة بحجم مشروع بنبان إلى جذب استثمارات داخلية ودولية.

  • استفاد المشروع من قانون الاستثمار الذي صدر في 2017 لزيادة الاستثمار الأجنبي ودعم الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
  • انخفاض أسعار الطاقة الشمسية يساعد في تخفيف تأثير سياسة تقليل الدعم الحكومي لقطاع الطاقة.
  • مشروع بنبان مكن مصر من جذب استثمارات بقيمة ١٤٦ مليون دولار أمريكي لدعم هذا المشروع فقط.
  • تمكنت مصر من جذب استثمارات بقيمة ٦٥٣ مليون دولار لدعم و تطوير مشروعات الطاقة النظيفة.

 

  • توفير فرص العمل:

وفر مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية فرص عمل، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث إنه خلال مرحلة البناء تم توظيف عدد كبير من العمال، مما ساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي، بالإضافة إلى ذلك، تواصل أنشطة الصيانة والتشغيل توفير فرص العمل. ومن المتوقع أن يؤدي المشروع إلى تعزيز ارتباطات الأعمال المحلية من خلال توريد موردي الطعام والمقاولين الآخرين والسائقين.

  • خلال مرحلة البناء تم توفير فرص عمل مؤقتة لعدة آلاف من العمال، وتوظيف القوى العاملة المحلية فيما بعد.
  • ساهم المشروع فى إيجاد 11,720 وظيفة مباشرة و 23,440 وظيفة غير مباشرة خلال فترة التنفيذ، و6,000 وظيفة بعد بدء التشغيل.
  • يُتوقع أن يكون للمشروع تأثير إيجابي على استقطاب الأعمال من مناطق أخرى، مما يعزز التنمية المحلية بشكل شامل، وقد تستفيد المشاريع الصغيرة والمتوسطة من حركة الأفراد إلى المنطقة، مما يعزز التنوع الاقتصادي ويدعم الأعمال المحلية.
  • تأثير الهجرة إلى منطقة المشروع يعزز استفادة الأعمال المحلية من الطلب المتزايد على الموارد والخدمات.
  • الآثار الاجتماعية
  • تحسين مستوى المعيشة:

يمكن أن يؤدي التوسع في فرص العمل والتنمية الاقتصادية المرتبطة بمشروع بنبان إلى تحسين مستوى المعيشة في المجتمعات المحلية، حيث تؤدي زيادة فرص العمل إلى زيادة مستويات الدخل والوصول إلى وسائل الراحة الأساسية، مما له بالغ الأثر فى تحسين جودة حياة المواطنين.

  • تنمية المجتمع:

يمكن أن يسهم المشروع في التنمية الشاملة للمجتمعات المحلية المحيطة بمحطة بنبان الشمسية، فغالبا ما يتم تنفيذ تحسينات في البنية التحتية ومبادرات تعليمية وبرامج اجتماعية كجزء من جهود المسئولية الاجتماعية للشركات المرتبطة بمثل هذه المشاريع.

  • فوائد بيئية:

في حين أن التأثير يكون في المقام الأول اقتصاديًا ومتعلقًا بالطاقة، فإن التحول إلى الطاقة المتجددة، كما يسهم فيه مشروع بنبان، يحمل آثارًا إيجابية على البيئة، حيث يؤدي التقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى تقليل التلوث الهوائي والمائي، مما يسهم في مكافحة تغير المناخ، وتعزيز صحة ورفاهية الجمهور بشكل عام.

  • تطوير المهارات:

يشمل تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة غالبًا برامج تدريب للسكان المحليين، مما يساعد ذلك في تطوير المهارات وتوفير خبرات العمل للقوى العاملة في مجال الطاقة المتجددة المتنامي، ويعزز الاستدامة على المدى الطويل.

ثالثا: التمويل والشراكات والقائمين على المشروع

تأسس المشروع بالشراكة مع القطاع الخاص والخبرات الدولية المتخصصة، بإجمالي تكلفة حوالي 4 مليارات دولار، لم تتحمل خزينة الدولة أي مبالغ منها، وفق وزارة الكهرباء.

شهدت محافظة أسوان تحالف 40 شركة دولية لإنشاء أكبر مجمع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، مما يسهم في تعزيز الاستدامة وتوليد طاقة نظيفة.

حصل المشروع حصل على تمويل بنسبة 85% من البنك البافاري للولايات المتحدة للمشروع ويظهر الدعم المالي القوي من جهات مالية دولية.

-قدم البنك البافاري للولايات المتحدة نسبة كبيرة من الديون، بينما قدم البنك العربي الأفريقي الدولي نسبة 15% من الديون المتبقية، مما يوفر تنوعًا في مصادر التمويل.

قادت مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي تحالفا مكونا من بنك التنمية الأفريقي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك البحرين العربي، ومجموعة سي دي سي، والبنك العربي الأوروبي، وصندوق جرين فور جروث، وفين فاند، والبنك الصناعي والتجاري الصيني وبنك التنمية النمساوي من خلال التعهد بتقديم مبلغ 653 مليون دولار أمريكي لتمويل البناء وتشغيل 13 محطة من قبل ست مجموعات من شركات الطاقة الخاصة.

كما قامت وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف مؤخرا، والتى تعد من أعضاء مجموعة البنك الدولي، بالموافقة على تقديم 210 مليون دولار أمريكي فى صورة تأمين ضد المخاطر السياسية لـ13 مشروعا داخل بنبان.

كما يشارك البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بتمويل 16 مشروعًا بقدرة إجمالية 750 ميجاوات، بموجب اتفاقية بقيمة 500 مليون دولار لتمويل الطاقة المتجددة في مصر.

ويشمل التحالف أيضًا صندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة (GCF)، والبنك الهولندي للتنمية، ومؤسسة FMO، والبنك الإسلامي للتنمية (IsDB)، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص (ICD).

هذا بالإضافة إلى أن مشروع الطاقة الشمسية قد تلقى دعماً مالياً من البنك الأفريقي للتنمية بقيمة 55 مليون دولار أمريكي.

رابعا: دور المحطة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030

-التنمية الاقتصادية: يساهم مجمع بنبان للطاقة الشمسية في التنمية الاقتصادية في المنطقة من خلال توفير فرص العمل وجذب الاستثمارات، فغالبًا ما يكون لمشروعات الطاقة المتجددة واسعة النطاق آثار اقتصادية إيجابية على المجتمعات المحلية، حيث إنه من المتوقع أن تحقق أعلى معدل نمو اقتصادي في الجنوب وأن تمثل النصيب الأكبر من الجذب السكاني في خطة تنمية جنوب مصر كمورد تنموي.

-الهدف السابع: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة

تتوافق محطة بنبان للطاقة الشمسية بشكل مباشر مع الهدف 7 الذي يهدف إلى ضمان الوصول إلى طاقة حديثة وموثوقة ومستدامة وحديثة للجميع. ومن خلال تسخير الطاقة الشمسية، تساهم المحطة في توليد الطاقة النظيفة والمتجددة، مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي، حيث ارتفع إجمالي قدرة الطاقة الشمسية بأكثر من 9 مرات بين عامي 2018 و2019، من 172 ميجاوات في بداية عام 2018 إلى 1597 ميجاوات بنهاية عام 2019.

-الهدف الثامن: العمل اللائق والنمو الاقتصادي

إن تطوير وتشغيل مجمع بنبان للطاقة الشمسية يُسهم فى توفير فرص عمل وتعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة. غالبًا ما تتطلب مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق قوة عاملة للبناء والصيانة والتشغيل، مما يوفر فرص العمل ويدعم التنمية الاقتصادية، حيث وفر المشروع نحو 20 ألف فرصة عمل خلال فترة الإنشاء البالغة أربع سنوات، و6000 فرصة عمل دائمة ضرورية لتشغيل المحطة. هذا وقد ساعد هذا المشروع في بناء خبرات الطاقة الشمسية داخل المجتمعات المحلية التي ستتمكن من الاستفادة من هذه التجربة في المشاريع القادمة في كوم أمبو، التي تقع على مقربة إلى بنبان.

-الهدف الثالث عشر: العمل المناخي

تلعب محطة بنبان للطاقة الشمسية دورًا حاسمًا في التخفيف من تغير المناخ عن طريق تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث تعد الطاقة الشمسية بديلاً نظيفًا ومستدامًا لمصادر الطاقة التقليدية، مما يساهم في دعم الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ،  حيث ساهمت  محطة طاقة بنبان فى زيادة انخفاض انبعاثات الغازات الدفيئة من  11.4 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عام 2019 إلى 8.4 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون – ومن ثم تم  تجنب 2 مليون طن من الانبعاثات بفضل مشروع بنبان.

هذا إلى جانب أن هذا المشروع يسهم فى تقليص استخدام مصر للوقود الأحفوري ومن ثم يجنبها التلوث الناجم عنه.

-الهدف السابع عشر: عقد الشراكات لتحقيق الأهداف

يعد مجمع بنبان للطاقة الشمسية ثمرة للتعاون بين مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك الحكومة المصرية والمؤسسات المالية الدولية وكيانات القطاع الخاص. فمشروع بنبان هو شراكة بين الحكومة المصرية و البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير (EBRD)، مؤسسة التمويل الدولية ( IFC)  التي قادت تحالف بين بنك التنمية الأفريقي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك البحرين العربي، ومجموعة CDC، والبنك العربي الأوروبي، وصندوق Green for Growth Fund، وFinnFund، وICBC، و OeEB في النمسا. وتعتبر مثل هذه الشراكات خاصة بين القطاعين العام والخاص ضرورية للتنفيذ الناجح لمشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق.

وختاما، تُشكل محطة بنبان الشمسية خطوة هامة في استخدام مصر للطاقة الشمسية، حيث يُعد من أهم المشاريع القومية في مصر التى تُمثل علامة فارقة في مسيرة الدولة نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة، ونموذجا يُحتذى به في مجال الطاقة المتجددة يُؤكد التزام مصر بالتحول نحو مستقبل أكثر استدامة.. ونتوقع أن يُحقق المشروع المزيد من الفوائد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية للدولة المصرية على المدى القريب.

The post الآثار الاقتصادية والاجتماعية لمشروع “بنبان” للطاقة الشمسية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7707