دراسات حقوقية Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/السياسات-العامة/دراسات-حقوقية/ Egypt Sat, 24 Feb 2024 23:31:09 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.3 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 دراسات حقوقية Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/السياسات-العامة/دراسات-حقوقية/ 32 32 205381278 مؤشرات العنف ضد المرأة عالميا ومحليا..وذوات الإعاقة الأكثر معاناة https://draya-eg.org/2024/02/24/%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%81-%d8%b6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%a3%d8%a9-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%b0%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%83%d8%ab%d8%b1-%d8%b9%d8%b1%d8%b6%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%81/ Sat, 24 Feb 2024 22:44:12 +0000 https://draya-eg.org/?p=7665 يعتبر العنف ضد المرأة من أكثر أشكال العنف تمييزا وقسوة وانتشارا على مستوى العالم ، حيث يُعد العنف المُمارس على أساس الجنس شكلا من أشكال الانتهاكات التى تحرم المرأة من حقوقها الإنسانية الأساسية، مثل الحق فى الحياة والحق فى عدم التعرض للتعذيب أو لعقوبات قاسية أو لإهانات غير إنسانية، مما جعل السلامة الجسمانية والنفسية للمرأة …

The post مؤشرات العنف ضد المرأة عالميا ومحليا..وذوات الإعاقة الأكثر معاناة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يعتبر العنف ضد المرأة من أكثر أشكال العنف تمييزا وقسوة وانتشارا على مستوى العالم ، حيث يُعد العنف المُمارس على أساس الجنس شكلا من أشكال الانتهاكات التى تحرم المرأة من حقوقها الإنسانية الأساسية، مثل الحق فى الحياة والحق فى عدم التعرض للتعذيب أو لعقوبات قاسية أو لإهانات غير إنسانية، مما جعل السلامة الجسمانية والنفسية للمرأة على المحك.

إن ممارسات العنف ضد المرأة تُشكل عائقا رئيسيا أمام تحقيق أية خطط للتنمية المستدامة والسلام والعدل والمساواة، لما لها من عواقب وتداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة قصيرة وطويلة المدى. وهنا نشير إلى أن ممارسات العنف ضد المرأة تتعارض مع الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة الذى يسعى لتحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز مكانة المرأة.

ونظرا لأهمية هذه القضية وتأثيرها المباشر على تعثر خطط التنمية وتهديدها لحق المرأة فى الحياة ، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” هذا التقرير الذى يتناول تفصيلا واقع ممارسات العنف ضد المرأة وأسبابها وتداعياتها، بالإضافة إلى جهود الدولة المصرية فى التصدي لها، وعرض لأهم التوصيات التى تستهدف القضاء على هذا النوع من العنف، وذلك من خلال عدة محاور وهى :

أولا : مفهوم العنف ضد المرأة وأنواعه.

ثانيا : أسباب ممارسة العنف ضد المرأة.

ثالثا : تداعيات ممارسة العنف ضد المرأة.

رابعا : مؤشرات العنف ضد المرأة عالميا ومحليا.

خامسا : جهود الدولة المصرية للتصدى للعنف ضد المرأة.

سادسا: مقترحات للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة.

أولا : مفهوم العنف ضد المرأة وأنواعه

عرّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة “العنف ضد النساء” على أنه “أي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس، والذي يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة”.

كما نوهه الإعلان العالمي لمناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة الصادر عام 1993 بأن “هذا العنف قد يرتكبه مهاجمون من كلا الجنسين أو أعضاء في الأسرة أو العائلة أو حتى الدولة ذاتها.” وتؤثر العواقب السلبية المترتبة عن العنف ضد المرأة والفتاة على صحة النساء النفسية والجنسية والإنجابية في جميع مراحل حياتهن.

وقد حددت الأمم المتحدة أنواع العنف ضد المرأة على النحو التالي:

1- العنف المنزلي أو عنف العشير: وهو يعنى أى سلوكيات ينتهجها عشير أو شريك سابق تتسبب في أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أم الجنسية أم النفسية، بما في ذلك الاعتداء البدني والإكراه الجنسي والإيذاء النفسي وسلوكيات السيطرة – بحسب تعريف منظمة الصحة العالمية  – ويشمل (الضرب، الإساءة النفسية، الاغتصاب الزوجي، قتل النساء). ويعتبر أحد أكثر أشكال العنف التي تتعرض لها النساء شيوعًا على مستوى العالم.

2- العنف الجنسي: وهو يعنى أي فعل جنسي يُرتكب ضد إرادة شخص آخر أى بالإكراه، ويشمل (الاغتصاب، الأفعال الجنسية القسرية، التحرش الجنسي غير المرغوب فيه، الاعتداء الجنسي على الأطفال، الزواج القسري، التحرش في الشوارع، الملاحقة، المضايقة الإلكترونية)

3- الاتجار بالبشر: وهو تملك واستغلال الناس بوسائل مثل القوة أو الاحتيال أو الإكراه أو الخداع. ويعانى منها ملايين النساء والفتيات فى جميع أنحاء العالم، وكثير منهن يتعرضن للاستغلال الجنسي.

4- تشويه الأعضاء التناسلية للإناث: حيث يشمل الإجراءات التي تعمد إلى تغيير أو التسبب في إصابة الأعضاء التناسلية الأنثوية لأسباب غير طبية، وعادة ما تكون مدفوعة بالمعتقدات حول الجنس وعلاقته بالتعبير الجنسي المناسب.

5- زواج الأطفال: وهو يُشير إلى أي زواج يكون فيه أحد الزوجين أو كلاهما أقل من 18 عامًا.  

6– العنف عبر الإنترنت أو العنف الرقمي: وهو يُشير إلى أي عمل من أعمال العنف التي يتم ارتكابها أو المساعدة عليها أو تفاقمها باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (الهواتف المحمولة والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الحاسوب والرسائل النصية والبريد الإلكتروني وما إلى ذلك) ضد امرأة لأنها إمرأة. ويشمل التنمر الإلكتروني والرسائل الجنسية غير الرضائية والإفصاح عن المعلومات الشخصية.

وقد أشارت الأمم المتحدة الى أن بعض النساء والفتيات من فئات معينة معرضات للعنف بشكل خاص مثل المهاجرات واللاجئات، ونساء الشعوب الأصلية والأقليات العرقية أو النساء والفتيات المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية والإعاقات، والمتأثرات بالأزمات الإنسانية.

ثانيا: أسباب العنف ضد المرأة

ساهمت العديد من العوامل فى وجود بيئة مواتية لارتكاب ممارسات العنف ضد المرأة، وأبرزها ما يلي وفقا لمنظمة الصحة العالمية والدراسات العلمية المتخصصة فى هذا الشأن:  

1- تدني مستويات التعليم وما يترتب على ذلك من فهم خاطىء للقيم والمبادىء الأخلاقية التى تحرم العنف، والتأثر بالصور النمطية السلبية عن العنف.

2- التعرض للعنف سابقا، ومشاهدة العنف الأسري وانتشار الممارسات العُرفية المسيئة فى المجتمع والمعتقدات المتعلقة بشرف الأسرة والعفاف، مما يُوجد بيئة خصبة لترسيخ ثقافة العنف ضد المرأة. 

3- سيطرة الذكور على صنع القرار الاجتماعي والاقتصادي واحتكارهم له فى ظل وجود معايير مجتمعية تمنح الرجل امتيازات أو ترفع من قدره وتحط من قدر المرأة.

 4- تدني فرص العمل المدفوع الأجر المتاحة للمرأة ، وعدم إتاحة الفرص لمشاركة المرأة فى المجتمع وشعورهن بالتهميش وعدم مراعاة احتياجاتهن.

5- ضعف العقوبات القانونية المفروضة على مرتكبي العنف الجنسي.

6-ثقافة الصمت: حيث يُؤدي شعور النساء والفتيات بالتهميش واللامساواة إلى خوفهن من التحدث عن تعرضهن للعنف، مما يُؤدي إلى تفاقم المشكلة.

7-وجود عوامل اقتصادية مثل البطالة والفقر، والتى تسهم فى وجود بيئة خصبة لانتشار العنف ضد المرأة.

ثالثا : تداعيات ممارسة العنف ضد المرأة

تؤثر ممارسة العنف ضد المرأة على صحة المرأة وعافيتها على المدى القصير والبعيد فضلا عن تداعياتها النفسية والاجتماعية وتكلفتها الاقتصادية على الأسرة والمجتمع بشكل عام ، كما يتأثر الأطفال بشكل كبير من تداعيات هذه الممارسات .

وتُخلف ممارسات العنف ضد المرأة آثاراً واسعة النطاق على مختلف الأصعدة، وقد صنفت منظمة الصحة العالمية هذه الآثار وفقاً لما يلي:

1- عواقب مميتة مثل القتل أو الانتحار

2- إصابات محتملة : حيث تبلّغ نسبة 42% من النساء اللواتي يتعرضن لعنف العشير عن تعرضهن لإصابات من جراء هذا العنف .

3- حالات حمل غير مرغوب فيها، وحالات إجهاض متعمدة، ومشاكل صحية نسائية، وعدوى أمراض منقولة جنسياً، ومنها عدوى فيروس العوز المناعي البشري.

 وقد ذكرت دراسة أجرتها المنظمة في عام 2013 بشأن العبء الصحي الناجم عن العنف ضد المرأة، أن النساء اللاتي اعتُدي عليهن بدنياً أو جنسياً تعرّضن للإصابة بعدوى مرض منقول جنسياً، وبفيروس العوز المناعي البشري في بعض الأقاليم، بمقدار 1.5 مرة أكثر من النساء اللواتي لم يتعرضن لعنف العشير، كما يُرجح أن يتعرضن للإجهاض بواقع مرتين أكثر من سواهن .

4- ارتباط عنف العشير أثناء الحمل بزيادة احتمال التعرض للإجهاض تلقائياً  والوضع قبل الأوان وانخفاض وزن الطفل عند الولادة.

وقد أظهرت نفس الدراسة التي أجرتها منظمة الصحة العالمية أن النساء اللواتي تعرضن لعنف العشير كنّ أكثر عرضة بنسبة 16% للإجهاض التلقائي وبنسبة41% للولادة قبل الأوان.

5- الاصابة بالإكتئاب : فقد تصاب السيدات اللاتى تعرضن للعنف بحالات الإكتئاب واضطرابات الإجهاد اللاحقة للصدمة والاضطرابات الأخرى المسببة للقلق، والمعاناة من صعوبات في النوم، واضطرابات في عادات الأكل، ومحاولات الانتحار.

6- الإصابة بالصداع ومتلازمات الألم (آلام الظهر والبطن وآلام الحوض المزمنة) واضطرابات المعدة والأمعاء ومحدودية الحركة واعتلال الصحة بشكل عام.

7- العنف الجنسي خاصةً أثناء الطفولة قد يؤدى إلى زيادة احتمال ممارسة التدخين وتعاطي مواد الإدمان والكحول وانتهاج سلوكيات جنسية خطرة كما يرتبط أيضاً بارتكاب العنف (بالنسبة للذكور) والوقوع ضحية للعنف (بالنسبة للإناث)

8- أثر العنف على الأطفال : قد يعاني الأطفال الذين ينشئون في كنف أسر تشهد ممارسة العنف من اضطرابات سلوكية وعاطفية متعددة ويمكن أن تتسبب هذه أيضاً في ارتكاب العنف أو التعرض له في وقت لاحق من العمر.

9- يتسبب عنف العشير أيضاً في ارتفاع معدلات الوفيات والإصابة بالأمراض بين صفوف الرضّع والأطفال (مثل ارتباطه مثلاً بأمراض الإسهال أو سوء التغذية وتدني معدلات المناعة).

10 – التكاليف الاجتماعية والاقتصادية : تترتب على عنف العشير والعنف الجنسي تكاليف اجتماعية واقتصادية باهظة تتردد آثارها في المجتمع ككل وقد تعاني النساء من العزلة وعدم القدرة على العمل وخسران الدخل وقصور المشاركة في الأنشطة بانتظام ومحدودية القدرة على الاعتناء بأنفسهن وأطفالهن.

رابعا: مؤشرات العنف ضد المرأة عالميا ومحليا

لا شك فى أن وضع مؤشرات دقيقة لممارسات العنف ضد المرأة  وتقييم حجمه ونطاقه فى مجتمع معين يُعد أمرا غاية فى الصعوبة وتحديا كبيرا، بسبب ما يحيط بهذه الممارسات من تمييز وصمت ووصم الضحايا بالعار فضلا عن سهولة إفلات الجانى من العقاب ، إلا أن المؤسسات الأممية المعنية وضعت عددا من الإحصائيات والمؤشرات التى يمكن الاسترشاد بها علما بأن هذه المؤشرات تتغير باستمرار نظرا للتطورات الاجتماعية والثقافية والقانونية التى تحدث فى المجتمعات.

أ-المؤشرات عالميا:

تأتي أبرز المؤشرات على المستوى العالمي وفقا لبيانات الأمم المتحدة على النحو التالي:

– ثلث النساء في العالم (27% تقريبا) يتعرضن للعنف مرة واحدة على الأقل في حياتهن.

– تتعرض واحدة من كل 3 نساء للعنف الجنسي أو الجسدي مرة واحدة على الأقل في حياتها.

– تُقتل 5 نساء أو فتيات في كل ساعة على يد أحد أفراد أسرهن.

– تصل نسبة جرائم قتل النساء التي يرتكبها عشراؤهن إلى 38% من مجموع هذه الجرائم.

– تبلّغ نسبة 6% من نساء العالم عن تعرضهن للاعتداء الجنسي على يد شخص آخر غير الشريك.

-تعيش 86% من النساء والفتيات في بلدان لا توجد بها أنظمة حماية قانونية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

– 45% من النساء أبلغن عن أنهن تعرضن لصورة من صور العنف ضد المرأة.

– عبرت 7 من بين كل 10 نساء عن اعتقادهن أن التعنيف اللفظي أو الجسدي من قبل العشير غدا أكثر شيوعا.

 – تشعر 6 من بين كل 10 نساء باستفحال التحرش الجنسي في الأماكن العامة.

– تتراوح تقديرات منظمة الصحة العالمية المتعلقة بمعدلات انتشار عنف العشير ضد المرأة خلال حياتها بين 20٪ في غرب المحيط الهادئ، و22٪ في البلدان المرتفعة الدخل وأوروبا و25٪ في إقليم المنظمة للأمريكتين و33٪ في إقليم المنظمة لأفريقيا، و31٪ في إقليم المنظمة لشرق المتوسط، و33٪ في إقليم المنظمة لجنوب شرق آسيا.

ب- المؤشرات محليا:

أجرى المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS) دراسة حول التكلفة الاقتصادية للعنف ضد المرأة والتى أجريت فى عام 2015، حيث قدرت أن 7.9 مليون إمرأة مصرية تعرضن لشكل من أشكال العنف بتكلفة بنحو 2.17 مليار جنيه على الأقل سنويا، منهم مليون إمرأة تترك منزل الزوجية سنويا نتيجة العنف على يد الزوج.

كما أوضحت نتائج المسح الصحى الذى قام به الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء للأسرة المصرية عام 2021 والذى نشرت نتائجه فى نهاية عام 2022 عددا من المؤشرات جاءت كالتالى :

ختان الإناث

– بلغت نسب الختان بين السيدات اللاتى سبق لهن الزواج 85.6% مقابل 92% فى عام 2014 ، وترتفع نسبة الختان فى الريف عن الحضر، وفي محافظات الوجه القبلي عن محافظات الوجه البحري، حيث بلغت فى الوجه القبلي 91.5% مقابل 84.1% فى الوجه البحري، و62% فى محافظات الحدود.

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

– ترتبط أيضا نسبة الختان بالحالة التعليمية للسيدات حيث تشير النتائج إلى انخفاض نسب الختان مع ارتفاع المستوى التعليمى لتصل النسبة إلى 82.4% بين السيدات اللاتى أتممن المرحلة الثانوية أو أعلى، مقابل 85.9% بين السيدات اللاتى أتممن المرحلة الإبتدائية، و89.8% اللاتى لم تتم المرحلة الإبتدائية، و94.9% اللاتى لم يسبق لهن الذهاب للمدرسة.

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء

– تشير النتائج إلى انخفاض نسب الختان بين البنات 0- 19 عنها بين السيدات، حيث وصلت نسبة الختان بين البنات من 0-14 إلى 14 % حوالي 8 نقاط أقل من المستوى المسجل في 2014 ، كما انخفضت نسبة الأمهات اللاتى لديهن نية ختان بناتهن في المستقبل إلى 13 % فقط مقارنة بحوالي 35 % في عام  2014 ، وتشير البيانات إلى أن النسبة المتوقعة لختان البنات سوف تصل الى 27% فقط كما يوضح الشكل التالي:

-تظهر النتائج أن ختان البنات 0- 19 يتم في الغالب على يد طبيب، حيث نجد أن حوالى 74% من حالات الختان تمت على يد طبيب بالإضافة الى حوالى 10 % تمت على يد ممرضة ، ويسود هذا النمط فى جميع المناطق الجغرافية.

العنف من قبل الزوج:  

-تشير النتائج إلى أن حوالي 31% أى ثلث السيدات اللاتى سبق لهن الزواج في العمر 15-49 قد تعرضن لصورة من صور العنف من قبل الزوج (أى شكل من أشكال العنف سواء النفسى أو الجسدى أو الجنسى).

-ربع السيدات تقريبا أى 25.5% من السيدات اللاتى سبق لهن الزواج في العمر 15-49 تعرضن للعنف الجسدي، و22.3% للعنف النفسي، و 5.6%  للعنف الجنسي.

-وبالنظر إلى نسب التعرض للعنف حسب نوع العنف المرتكب، يتبين أن السيدات يتعرضن للعنف الجسدي أكثر من أي نوع آخر من أنواع العنف كما يوضح الشكل التالي:

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

العنف ضد النساء ذوات الإعاقة:

قام المجلس القومى للمرأة بالشراكة مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء وبدعم من منظمات الأمم المتحدة بإجراء مسح العنف ضد المراة ذات الإعاقة لعام 2020 – حيث شملت عينة المسح 5616 إمرأة من ذوى الإعاقة –  والتى جاءت أبرز نتائجه كالتالى :

– 61 % من السيدات ذوات الإعاقة تعرضن لشكل من أشكال العنف من قبل أزواجهن فى أى مرحلة من مراحل حياتهن.

-تعرضت 54% من النساء السابق لهن الزواج لعنف نفسى من قبل الزوج ، و43% تعرضن لعنف جسدى من قبل الزوج ، و34% تعرضن لعنف مرتبط بالإعاقة من قبل الزوج.

– 20% من النساء ذوات الإعاقة تعرضن للعنف الجنسى و14% تعرضن لكل من العنف النفسى والجسدى والجنسى والعنف المرتبط بالإعاقة من قبل الزوج فى أى فترة من حياتهن.

-النساء ذوات الإعاقة السمعية الأكثر تعرضا للعنف حيث إن نسبة 50% من النساء السابق لهن الزواج ولديهن إعاقة سمعية شديدة تعرضن للعنف من قبل الزوج، تليهن النساء اللاتى لديهن صعوبات شديدة فى الإعتناء بأنفسهن بواقع 33% ، و32% من النساء تعرضن لعنف جسدى أو جنسى وحدثت لهم إصابات نتيجة هذا العنف، و29% من النساء ممن لديهن صعوبات شديدة فى المشي، و13% من النساء السابق لهن الحمل تعرضن للعنف من قبل الزوج أثناء الحمل وأغلب هذا العنف حدث أكثر من مرة.

العائلة والبيئة المحيطة أبرز أسباب تعرض الفتيات ذوات الإعاقة للعنف

-أوضحت الدراسة أن 35% من المبحوثات تعرضن منذ العمر 15 سنة لعنف نفسى من قبل أفراد العائلة أو البيئة المحيطة ، و28% تعرضن لعنف مرتبط بالإعاقة و25% تعرضن لعنف جسدى وحوالى 10% تعرضن لأى شكل من أشكال العنف الجنسى ، و8% تعرضن للتحرش الجنسى .

النساء ذوات الإعاقة صغيرات السن والقاطنات فى المحافظات الحضرية أكثر تعرضا للعنف

– النساء ذوات الإعاقة صغيرات السن والقاطنات فى المحافظات الحضرية أكثر تعرضا للعنف فى الأماكن العامة من النساء الأكبر سنا أو القاطنات فى الوجه البحرى أو القبلى.

-66% من النساء اللاتى تعرضن للعنف فى الأماكن العامة لم يتخذن أى اجراء لمجابهة هذا العنف .

-النساء اللاتى لديهن إعاقة بصرية أكثر عرضة للتعرض للعنف فى الأماكن العامة عن النساء اللاتى لديهن إعاقات أخرى

– 7% من النساء ذوات الإعاقات المتعددة كان ممارسة العنف ضدهن هو السبب فى حدوث هذه الإعاقات.

– أفاد نحو 5% من النساء ذوات الإعاقة السمعية بأن إعاقتهن حدثت نتيجة تعرضهن للعنف وارتفعت هذه النسبة إلى 6% بين النساء ذوات الاعاقة الحركية وإلى 7% بين النساء ذوات الإعاقات المتعددة .

– 80%من المشاركات فى مسح العنف ضد المرأة ذات الإعاقة تعرضن للختان

– معظم النساء السابق لهن الزواج وافقن بكامل حريتهن ومع ذلك أجبر نحو 14% على الزيجة الحالية أو الزيجة الأخيرة، ونحو 18% تزوجن قبل بلوغهن سن الـ18 سنة .

النساء ذوات الإعاقة البصرية الأعلى فى معدلات الزواج المبكر

-بلغ معدل الزواج المبكر بين النساء ذوات الإعاقة البصرية ما يقرب من ضعف النسبة بين النساء ذوات الإعاقات المتعددة ونحو 9 أضعاف النسبة بين النساء ذوات الإعاقة السمعية (46% مقابل 24% و5% على التوالى).

-شكلت النساء ذوات الإعاقات البصرية النسب الأعلى فى النساء اللاتى أجبرن على الزواج بواقع 18.3% ، تليها النساء ذوات الإعاقات المتعددة بواقع 14.3% ثم ذوات الإعاقات الحركية بواقع 13% ثم الإعاقات السمعية بنسبة 9.3%.

خامسا: جهود الدولة المصرية للقضاء على العنف ضد المرأة

حظيت المرأة خلال العقد الأخير باهتمام غير مسبوق على كافة المستويات مدعوما برغبة قوية من قبل القيادة السياسية على تفعيل كل السبل لتمكين المرأة وحمايتها، وقد وضعت الدولة لتحقيق هذا الغرض إطارا دستوريا وتشريعيا وخطة تنفيذية يتم التعامل من خلالها مع السيدات والفتيات على كل المستويات وفى مختلف المناطق والمحافظات .

وفى إطار سعيها لوقف جميع أنواع العنف ضد المرأة، اتخذت الدولة العديد من الإجراءات الهامة، جاء أبرزها على النحو التالي:  

ألزم دستور 2014 الدولة المصرية فى كل من المادتين 11 و53 بكفالة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وحمايتها من كل أشكال العنف وتوفير الرعاية والحماية للطفولة والأمومة .

فتنص المادة 11 على أنه ” تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور،وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا فى المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل ، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا”.

وفى الماد 53 ينص الدستور على أن ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر.التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض”.

وفيما يتعلق بحماية المرأة ذات الإعاقة ينص الدستور فى الماد 81 على ” تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا ورياضيًا وتعليميًا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص ” .

أصدرت الدولة القانون رقم 10 لعام 2021 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات (مواد جريمة ختان الإناث) ، وتضمنت التعديلات حذف أى اشارة الى استخدام المبرر الطبى وفى المادة 61 تم تغليظ العقوبات برفع الحد الأدنى والأقصى للعقوبة واستحداث عقوبات مستقلة للأطباء ومزاولى مهنة التمريض ، كما استحدث القانون ووسع نطاق التأثيم ليشمل صور جديدة لتجريم كل أشكال التحريض أو التشجيع أو الدعوى لإرتكاب الجريمة.

وفيما يتعلق بحماية المرأة ذات الإعاقة، فقد تضمن القانون أحكاما بشأن حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة وحقهم فى بيئة آمنة وحماية قانونية من خلال القانون رقم 10 لعام 2018 والذى صدق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى ، فينص هذا القانون فى الفقرة 14 من المادة 4 على: “توفير البيئة الآمنة للأشخاص ذوي الإعاقة وعدم تعريضهم للاستغلال الاقتصادي أو السياسي أو التجاري أو العنف أو الاعتداء أو التعذيب أو الايذاء أو الإهمال أو التقصير أو المعاملة المهينة أو التأثير على أي حق من حقوقهم، والتحقيق فيما يتعرضون له من إساءة، وتلتزم الدولة بتوفير الأمن والحماية اللازمة التي تتناسب مع قدراتهم.”

– تضمنت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (2021-2026) بنودا تنص على ” التنفيذ الفعال لسياسات مكافحة العنف ضد المرأة من خلال زيادة الوعى ” والاستفادة من برامج مناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة وتطوير السياسات التى من شأنها خلق بيئة داعمة للمرأة المعنفة فى الإبلاغ عن مرتكبى العنف للاستفادة من خدمات الحماية .

قام المجلس القومى للمرأة فى عام 2022 بإطلاق نتائج بحث ” العنف ضد المرأة ذات الإعاقة ” والتى أعدها بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة التضامن الاجتماعى وهى الدراسة الأولى من نوعها فى المنطقة العربية.

– نفذ المجلس القومى للمرأة بالشراكة مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وبددعم من اليونسيف أول مسح قومى عن ” التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعى فى مصر ” عام 2015 .

– إطلاق المجلس القومى للمرأة الاستراتيجية الوطنية للقضاء على العنف ضد المرأة 2015-2020 ، وتدشين وحدة خاصة لمتابعة وتنفيذ هذه الاستراتيجية، وذلك بالتنسيق والتعاون مع مختلف أجهزة الدولة المعنية .

– إطلاق المجلس لـ”الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030″ فى إطار أهداف التنمية المستدامة، وبما يتماشى مع رؤية مصر 2030، حيث تُقر الإستراتيجية بأهمية التصدي للعنف ضد المرأة وحماية المرأة من جميع أشكال العنف.

– إنشاء مكتب شكاوى المجلس القومي للمرأة الذي يضم شبكة داعمين قانونيين، ويقدم خدمات دعم نفسي واجتماعي وإحالة للجهات المعنية.

– إطلاق المجلس القومي للمرأة حملة الـ”16 يوما ” لمناهضة العنف ضد المرأة، وذلك تحت شعار ” كونى” ، إلى جانب إطلاق حملة ” احميها من الختان” والتى تتضمن أنشطة توعوية متنوعة تستهدف منع هذه الجريمة

– إطلاق حملة ” لم الشمل” بالتعاون مع الأزهر الشريف والتى تستهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى الفتيات والشباب حول العنف الأسرى .

– إصدار رئيس الوزراء قرارا بإنشاء ” الوحدة المجمعة لحماية المرأة من العنف” تضم القطاعات والجهات المعنية، وتهدف إلى تلقي الشكاوى والبلاغات المتعلقة بقضايا العنف ضد المرأة، وذلك عن طريق ممثلي الوزارات والجهات المعنية بالوحدة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لفحصها والتصرف فيها، وفقا للقواعد القانونية المقررة، والتواصل والتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية بشأنها، حتى البت فيها، لتمكين الضحايا من تقديم شكاواهن وبلاغاتهن ومتابعتها عن طريق مكان واحد تيسيرا للإجراءات، وبما يضمن حماية حقوقهن والحفاظ عليها.

– إنشاء اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث بالتزامن مع فعاليات اليوم العالمى والوطنى لمناهضة ختان الإناث، وذلك فى مايو 2019.

-أطلقت اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث الخطة الوطنية للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية (2022- 2026) بهدف القضاء بشكل كامل على ختان الإناث ورفع وعى المصريين للقضاء على هذه الجريمة

-التوسع فى إنشاء وحدات مناهضة العنف ضد المرأة بالجامعات لتصل إلى 27 وحدة على مستوى الجمهورية تقوم بجانب تلقى الشكاوى بعدد من الأنشطة التى تستهدف رفع التوعية الحقوقية للسيدات، كما تم إعداد دليل اجرائى لدعم أنشطة وحدات مناهضة العنف ضد المراة بالجامعات المصرية.

-إنشاء حدات استجابة طبية داخل المستشفيات الجامعية، ووحدة لمناهضة العنف ضد المرأة بوزارة العدل ووحدات بمديريات وزارة الداخلية و27 مكتب رقمي لمكاتب الأسرة بالنيابة العامة .

– استحدثت وزارة الداخلية إدارة خاصة لمواجهة العنف ضد المرأة وتضم هذه الوحدة ضباطا من الرجال والنساء  تم تدريبهم على التعامل مع هذا النوع من العنف ورصده ، مع تخصيص خطوطا ساخنة لتلقى البلاغات بشكل سرى .

– قامت وزارة العدل بموجب بروتكول التعاون مع المجلس القومى للمرأة بانشاء لجن لحماية المرأة من العنف مهمتها مراجعة التشريعات المعنية بالعنف فضلا عن التقدم بالمقترحات التشريعية اللازمة.

– قامت الدولة بإنشاء وحدات للرعاية الأولية وتجهيز مراكز خدمة المرأة العاملة ومشروعات للحماية الاجتماعية للمرأة المعنفة.

– أطلقت وزارة التضامن الاجتماعى حملة ” متخافيش…اتكلمى”بهدف توعية الفتيات بأشكال الإبتزاز الالكترونى وطرق الوقاية منه وكيفية التصدى له والتعريف بالآليات القانونية للإبلاغ عنه فى مكاتب الشكاوى ومراحل التقاضى وسريته وكيفية حماية المعلومات الشخصية على الهاتف المحمول ووسائل التواصل الاجتماعى

 – قامت وزارة التضامن الاجتماعى بانشاء بيوتا آمنة للنساء لايواء ضحايا العنف من خلال مراكز لاستضافة السيدات والفتيات المعنفات ومساعدتهن على حل المشكلات الخاصة بهن مع توفير الرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية والقانونية من خلال 9 مراكز منتشرة على مستوى محافظات الجمهورية.

سادسا: مقترحات للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة

على الرغم من الجهود الكبيرة وغير المسبوقة التى قامت بها الدولة المصرية للقضاء على كافة ممارسات العنف ضد المرأة ، إلا أنه يمكن بذل المزيد من الجهود التى يمكن إجمالها فى الآتى :

1- إدارج ممارسات العنف ضد المرأة فى المسوح الديموجرافية والصحية التى ترصد وتضع المعلومات الدقيقة حول الخصائص السكانية.

2- إنشاء قاعدة بيانات عن حجم وخصائص ممارسات العنف ضد المرأة وطبيعتها.

3- توثيق ممارسات العنف ضد المرأة وتقدير معدلاته وعواقبه من أجل وضع الخطط الكفيلة بمنع هذه الممارسات.

4- التوسع فى إجراء البحوث والدراسات حول أسباب وتداعيات العنف الممارس ضد المرأة مع تحديد الاجراءات الفعالة اللازمة لمنع هذه الممارسات مستقبلا

5- التوسع فى إشراك مؤسسات المجتمع المدنى وقادة الشباب والقطاع الخاص فى دراسة مسببات العنف ضد الفتيات والسيدات مع توفير التمويل اللازم لذلك

6- تزويد الناجيات من العنف بالدعم النفسى والاجتماعى وبرامج التمكين الاقتصادى والاجتماعى .

7- وضع برنامج قومى للعمل مع الأزواج وتزويدهم ببرامج تستهدف تحسين مهارات التواصل وإقامة علاقات زوجية سليمة.

8- وضع برنامج ثقافى قومى يستهدف زيادة وعى المجتمع وتغيير كافة المعايير التى تروج لعدم المساواة بين الجنسين.

9- تزويد المناهج الدراسية ببرامج تعزز قيم المساواة بين الجنسين.

10- تشجيع الفتيات والسيدات على الابلاغ الفورى عن أى محاولات لممارسة العنف ضدهن وابلاغ الجهات المعنية فور وقوع هذه الجرائم.

11- تفنيد بعض المعتقدات الذكورية والتفسيرات الدينية الخاطئة – من خلال وسائل الاعلام التقليدية والجديدة – التى تحط من قدر المرأة وتعتبر ممارسة العنف ضدها أمرا عاديا ، ويمكن استخدام الأعمال الدرامية بشكل فاعل فى هذا الصدد.

المراجع..

1-دراسة العنف ضد المرأة ذات الإعاقة، المجلس القومى للمرأة بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وصندوق الأمم المتحدة للسكان .

2- دراسة محددات العنف الزوجى ضد المرأة فى مصر، الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء بدعم من اليونسيف.

3-تقرير الجهود الوطنية لحماية حقوق المرأة بمناسبة اليوم الدولي للمرأة 8 مارس 2022 ، المجلس القومى للمرأة.

4- المسح الصحى للأسرة المصرية 2021، الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

5- الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية.

6- الموقع الرسمى للمجلس القومى للمرأة.

 

 

The post مؤشرات العنف ضد المرأة عالميا ومحليا..وذوات الإعاقة الأكثر معاناة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7665
“دراية” ترصد “جرائم حرب” قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني فى غزة https://draya-eg.org/2023/11/08/%d8%af%d8%b1%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d8%b5%d8%af-%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%85-%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%aa%d9%84%d8%a7%d9%84-%d8%a8%d8%ad%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%b3%d8%b7%d9%8a%d9%86%d9%8a-%d9%81%d9%89-%d8%ba%d8%b2%d8%a9/ Wed, 08 Nov 2023 11:42:15 +0000 https://draya-eg.org/?p=7387 لم يشهد التاريخ الإنساني منذ الحرب العالمية الثانية أبشع من الجرائم التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي المحتل ضد الشعب الفلسطيني، فمنذ بداية احتلال إسرائيل لأرض فلسطين فى 1948، ارتكبت كافة أشكال الجرائم والانتهاكات التي لن تمحى من ذاكرة الانسانية مهما طال الزمن، فالمذابح الجماعية التي ارتكبتها دولة الاحتلال فى دير ياسين والتشريد والتهجير فى 1948، ومجزرة …

The post “دراية” ترصد “جرائم حرب” قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني فى غزة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لم يشهد التاريخ الإنساني منذ الحرب العالمية الثانية أبشع من الجرائم التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي المحتل ضد الشعب الفلسطيني، فمنذ بداية احتلال إسرائيل لأرض فلسطين فى 1948، ارتكبت كافة أشكال الجرائم والانتهاكات التي لن تمحى من ذاكرة الانسانية مهما طال الزمن، فالمذابح الجماعية التي ارتكبتها دولة الاحتلال فى دير ياسين والتشريد والتهجير فى 1948، ومجزرة صبرا وشتيلا فى 1982، والجرائم البشعة خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987، ومحرقة غزة فى 2008.. ليست إلا نقطة فى بحر سجل إجرامي لا يمكن حصره فى ظل تواطئ دولي واضح وسافر شكل دافعاً لدولة الاحتلال أن تزيد من قسوة ووحشية عدوانها على شعب أعزل يدافع عن أرضه وحقه في الحياة.    

وعلى الرغم من كون عملية “طوفان الأقصى” التي انطلقت فى السابع من أكتوبر 2023، نتيجة منطقية للاستفزازات والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وسياساته التي انطوت على تمييز مجحف وممنهج، واغتصاب للأراضي بدون حق، وتهجير قسري لأصحاب الأرض، وزحفٍ استيطاني متنامي، إلا أن قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي أعطت لنفسها الحق وبمباركة دولية لمعاقبة الشعب الفلسطيني على رغبته فى تحرير أرضه، وقامت بالهجوم الوحشي على سكان قطاع غزة الذى وُصف بالأعنف فى سلسلة الإعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وذلك باستخدام كافه أنواع الأسلحة المحرمة دولياً ليسجل التاريخ أشد أنواع التنكيل والجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال  بحق سكان القطاع البالغ عددهم حوالي 2.23 مليون نسمة، ترتقي غالبيتها لأن تكون جرائم حرب بحسب القوانين الدولية، حيث تم انتهاك أكثر من 12 اتفاقية وقرارًا ونصًا قانونيًا صادرًا عن أعلى هيئات أممية عالمية ووقعت عليه أكثر من 170 دولة.

وفي هذا الصدد، يرصد المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” من خلال هذا التقرير التوثيقي انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأفعاله الإجرامية التي يمارسها ضد الفلسطينيين وحقِّهم في أرضهم ومقدساتهم في فلسطين المحتلة، في انتهاك صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية الإنسانية.

بداية وجدنا أنه بالأهمية بمكان توضيح ماهية جرائم الحرب في القانون الدولي حيث:

 تُعرّف “جرائم الحرب” بمفهومها المطلق بأنها: “انتهاكات جسيمة للقانون الدولي تُرتكب ضد مدنيين أو مقاتلين أثناء نزاع مسلح، وتؤدي إلى تحميل مرتكبيها مسئولية جنائية فردية، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان”، وتنطبق هذه الجرائم على كافة الانتهاكات التي تطال اتفاقيات جنيف التي أٌقرت في 1949 في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وقد أدرج هذا التعريف في المادة الثامنة من “نظام روما” وهي المعاهدة المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية التي تم اعتمادها في يونيو 1998، إذ تعرف المادة رقم (8) من “نظام روما” الأساسي جرائم الحرب على أنها: الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب وأعرافها المطبقة في النزاعات المسلحة الدولية”، استناداً بصفة أساسية إلى إعلان لاهاي لعام 1899 ولائحة عام 1907 المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة، وبروتوكول جنيف لعام 1925، واتفاقية لاهاي عام 1954 وبروتوكوليها، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقية عام 1994 بشأن سلامة موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة.

ويشير البعض الآخر لمفهوم جرائم الحرب بأنه: “الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب وأعرافها المطبقة في النزاعات المسلحة غير الدولية”، استناداً في المقام الأول إلى المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الثاني لعام 1977، والبروتوكول الاختياري لعام 1999 الملحق باتفاقية لاهاي لعام 1954، واتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقية عام 1994 المتعلقة بسلامة موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها، والنظام الأساسي للمحكمتين الجنائيتين الدوليتين لرواندا ويوغوسلافيا السابقة، والنظام الأساسي للمحكمة الخاصة لسيراليون”.

ووفق “نظام روما” فإن تلك الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية تشمل نواحي متعددة منها:

  • القتل العمد، والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية، وإجراء تجارب بيولوجية، أو إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها، دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عبثة.
  • كذلك الهجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية، أو تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية.
  • وتشمل تلك الانتهاكات أيضاً تعمُّد توجيه هجمات ضدّ المباني المخصصة للأغراض الصحية والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى وأماكن الأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية، وغيرها من الأهداف التي لا تعتبر عسكرية.
  • كما تتضمن أيضاً شن هجمات ضد موظفين أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة.
  • وكذلك إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولية معادية، تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية، والإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع،
  • كما حددت أيضاً مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية، بأية وسيلة كانت، وقيام دولة الاحتلال، على نحو مباشر أو غير مباشر، بنقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأرض التي تحتلها، أو إبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.
  • وتشمل جرائم الحرب أيضاً استخدام الغاز أو الأسلحة المحظورة بشكل عام التي يمكن أن تسبب “معاناة لا داعي لها” أو “القصف العشوائي”، مثل الأسلحة العنقودية أو الكيماوية أو النووية…وغيرها

وفي الإطار نفسه يجدر التأكيد على أن:

القانون الدولي الإنساني والجنائي يحظرا أيضاً إقامة الحصارات وتعمد تجويع المدنيين باعتباره أسلوبًا من أساليب الحرب، كما تحظى الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين بحماية خاصة، وتشمل هذه الأعيان والمواد: المواد الغذائية، والمناطق الزراعية التي تنتجها، والمحاصيل، والماشية، ومرافق مياه الشرب وشبكاتها، وأشغال الري، فيحظر مهاجمتها أو تدميرها أو نقلها أو تعطيلها بأي شكل آخر.

وبالمثل، ومن شأن احترام قواعد القانون الدولي وقت الحروب والنزاعات أن يسهم بدور مهم في الحيلولة دون انعدام الأمن الغذائي، مثل القواعد المتعلقة بحماية البيئة والقيود المفروضة على الحصار ووصول مواد الإغاثة الإنسانية.

وتختص المحكمة الجنائية الدولية بالقضاء والفصل في جرائم الحرب، وهذه الهيئة القضائية الدولية التي تتخذ في “لاهاي” بهولندا مقراً لها أنشئت في 2002 لتحاكم بالتحديد مرتكبي هذا النوع من الجرائم وكذلك الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، وفي عام 2017 أضافت الدول الـ 123 الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية (وليس بينها الولايات المتحدة وروسيا) جريمة العدوان إلى اختصاص القضاء الدولي، والتي تعني الاعتراف بالاعتداء على سيادة دولة من قبل دولة أخرى والسماح بمحاكمة قادتها، أي أن «جريمة العدوان» واردة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لكنها لم تدخل حيز التنفيذ بسبب طبيعتها السياسية.

رصد جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بقطاع غزة:

منذ السابع من أكتوبر 2023، وجيش الاحتلال الإسرائيلي يرتكب جميع أشكال جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني من سكان قطاع غزة، والتي يمكن حصرها على النحو التالي:  

  • أولاً: جرائم الإبادة الجماعية

توعد رئيس وزراء دولة الاحتلال الاسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بتحويل غزة إلى “أنقاض”، وصرح وزير الدفاع بدولة الاحتلال “يواف غالانت” قائلاً: “نحن نفرض حصاراً كاملاً على “قطاع غزة” فلا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود وكل شيء مغلق، فإننا نحارب حيوانات بشرية –على حد تعبيره-، ونتصرف وفقا لذلك”، متوعداً أهل غزة العزل بأنهم سيرون جهنم.

وتُشكل هذه التصريحات وما تلاها من تصرفات وانتهاكات على مدار الأسابيع الماضية تحريضاً مباشراً على ارتكاب جريمة “الإبادة الجماعية” المحرمة بموجب مواد القانون الدولي، فقد حددت المادة السادسة من “نظام روما” الأساسي بشأن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية سنة 2002 جرائم الإبادة الجماعية، وقد عرفتها اتفاقية الأمم المتحدة بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية، المعاقب عليها فى المادة الثانية، حيث تضمنت أنه: يُراد بجريمة الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التي ترتكب بقصد التدمير الكلى أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، وذلك بقصد قتل أعضاء من الجماعة أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة أو إخضاع الجماعة، عمداً ، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، أو فرض تدابير تستهدف الحيلولة دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة أو نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.

ويمثل ما سبق بعض صور جرائم الإبادة الجماعية التي شاهدناها فى الأسابيع الماضية، والتي تثبت يقيناً أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت في حربها الغاشمة بقطاع غزة كافة الجرائم سالفة الذكر، وهي بالطبع جرائم حرب وعقاب وإبادة جماعية طبقاً لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وطبقاً لاتفاقيات جنيف الأربع وقانون المحكمة الجنائية الدولية، وذلك لعلم الجناة يقيناً بجرائم الإبادة الجماعية وسوابقهم الجنائية المتعددة فى هذا الشأن والتي شهد بها العالم أجمع.

  • ثانياً: فرض الحصار ومنع دخول الإغاثات الإنسانية

وفقًا للقانون الدولي الإنساني، وطبقاً لتصريحات مسئولي المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فإن فرض الحصار الذي من شأنه تهديد حياة المدنيين بحرمانهم من السلع والخدمات الأساسية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة هو أمر مخالف للقانون الدولي الإنساني، وما لم يكن هناك ضرورة عسكرية تبرره، فإنه يُصنف كأحد مظاهر العقاب الجماعي الذي تُجرمه اتفاقية جنيف للقانون الدولي في البروتوكول الثالث في المادة 87 والبروتوكول الرابع في المادة 33 وملحقها في المادة 50، والقاعدة رقم 103 من القانون الدولي الإنساني العرفي.

كما أن فرض قيود على حركة الأفراد والبضائع الذي من شأنه تهديد حياة المدنيين هو أمر محظور بموجب القانون الدولي، وبناء عليه، يعتبر فرض “الحصار الكامل” على قطاع غزة وحظر دخول الغذاء والوقود والمساعدات الطبية جريمة حرب كاملة الأركان، وهو ما صرح به المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية “كريم خان” أثناء زيارته لمعبر رفح الحدودي فى 29 أكتوبر 2023، حيث قال أن: “عرقلة إمدادات الإغاثة لسكان غزة تشكل جريمة بموجب اختصاص المحكمة”.

  • ثالثاً: اتباع سياسة التجويع

تُستتبع جريمة الحصار بجريمة أخرى وهي التجويع، حيث اتهمت منظمة “أوكسفام” OXFAM، في أحدث بياناتها إسرائيل باستخدام التجويع سلاح حرب ضد المدنيين في غزة، مؤكدة في هذا السياق أن نحو 2% فقط من المواد الغذائية اللازمة سُمح بدخولها لغزة، أي أن المدنيين في غزة لا يتوافر لديهم أبسط مقومات الحياة من الغذاء والماء، ولا يجدون ما يسدوا بهم جوع أطفالهم الأبرياء، ويُعد هذا انتهاكاً صارخاً لأبسط حقوق الانسان، وهو ما يخالف كافة القوانين والأعراف الإنسانية والاتفاقيات الدولية.

  • رابعاً: التهجير القسري

يُعرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية، وقد عرف أيضاً القضاء الجنائي الدولي التهجير القسري بأنه جريمة ضد الإنسانية ترتكب لإبعاد مجموعة من الأشخاص عن موطنهم الأصلي إلى مكان آخر لأغراض سياسية أو عرقية أو دينية أو أغراض أخري.

ويعد التهجير القسري انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان، ومخالفة صريحة لأحكام القانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، ولاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والمتعلقة بحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة الدولية، والبروتوكولين الإضافيين اللذين أصدرتهما الأمم المتحدة سنة 1977 والمتعلقين بحماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة الداخلية والدولية، كما يعتبر مخالفاً لاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 47/133 المؤرخ 18 ديسمبر 1992، والتي تنص في مادتها الأولي أنه: 

  • لا يجوز تعريض أي شخص للاختفاء القسري.
  • لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأية حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري. 

ويعد ما سبق توصيفاً دقيقاً لممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته الصارخة التي يرتكبها ضد الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، حيث يُشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) في آخر تحديث لبياناته أن ما يقرب من مليون و400 ألف فلسطيني، بقطاع غزة قد أجبروا على ترك منازلهم، بعد أن تم تدميرها بالكامل إثر القصف الجوي لقوات الاحتلال، نصفهم يتواجد في مراكز الإيواء خاصة بمدراس وكالة الغوث الدولية.

كما ألقى الطيران الإسرائيلي منشورات فوق مناطق شمال غزة تأمر سكانها بالتحرك صوب الجنوب، وتم إرسال تحذيرات عبر الهواتف المحمولة في أنحاء قطاع غزة.

ومن ثم، تُعد هذه الانتهاكات جريمة إسرائيلية جديدة ضد الإنسانية تستهدف تهجير سكان غزة من المدنيين قسراً، وإجبارهم على ترك منازلهم دون مبررات يسمح بها القانون الدولي.

  • خامساً: قتل الأطفال والنساء واستهداف المدنيين

ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين المدنيين وبخاصة الأطفال والنساء وكبار السن، إذ وصل عدد المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين بقطاع غزة إلى أكثر من 1031 مجزرة، أدت إلى استشهاد أكثر من 10165 فلسطينياً، من بينهم أكثر من 4104 طفلاً، ونحو 2500 سيدة، بالإضافة لأكثر من 27000 مصاباً، بخلاف نحو 163 شهيداً بالضفة الغربية، و2250 جريحاً في الضفة الغربية، وفقاً لأحدث بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، ولازالت الانتهاكات مستمرة وعدد الضحايا والمصابين في زيادة ساعة بعد ساعة،  كما أدى القصف إلى شطب أكثر من 100 عائلة فلسطينية كاملة من سجلات الحالة المدنية عقب استشهاد أفرادها.

فما أقدمت عليه قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي من قصف عشوائي للمدنيين والبنيات التحتية، يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية التي تستوجب المحاسبة وفق المادة الثالثة من اتفاقية جنيف، كما يتعارض مع ما جاء في البروتوكولين المكملين خاصة المادة 51، فاستعمال جيش الاحتلال الاسرائيلي للقوة المفرطة والمميتة في حق سكان غزة بشكل لم يسبق له مثيل يتعارض مع مبدأي “التمييز” و”التناسب”، إذ ينبغي وقت الحروب والنزاعات التمييز          – وفق القانون الدولي الإنساني – بين العسكريين وبين المدنيين، والرد بشكل متناسب في القوة دون المساس بالمدنيين والبنيات المدنية خاصة المستشفيات، وهو ما يدفعنا للانتقال لجريمة حرب أخرى يعاقب عليها القانون الدولي.

  • سادساً: هدم المنازل والمنشآت المدنية كالمستشفيات والمدارس

تقوم الطائرات الحربية لجيش الاحتلال الإسرائيلي بهدم المنازل والمنشآت المدنية فوق رؤوس سكانها دون سابق إنذار، متبعة في ذلك سياسة الأرض المحروقة، إذ قامت بتدمير قرابة 32 آلف مبنى بشكل كامل ونحو 200 ألف وحدة سكنية أخرى حدث بها أضراراً بالغة ولم تعد صالحة، ولا يزال أكثر من 2500 شخص مفقودين تحت ركام منازلهم.

كما قامت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء يوم الثلاثين من أكتوبر 2023 بتدمير حياً سكنياً كاملاً وسط مخيم “جباليا” شمالي غزة، أسفرت هذه المجزرة عن سقوط نحو 400 شهيد غالبيتهم من الأطفال والنساء وخلفت مئات من الجرحى والمصابين من المدنيين العزل.

وعلى مستوى الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي تجاه المستشفيات والمراكز الطبية بالقطاع، يُمثل قصف مستشفى المعمداني فى 17 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن استشهاد نحو 500 مدنياً فلسطينياً غالبيتهم من الأطفال، مجزرة جديدة وجريمة حرب أخرى مكتملة الأركان تضاف إلى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل على مرأى ومسمع ومشهد من العالم أجمع، والتي تعد انتهاكاً جسيماً لكافة أعراف القانون الجنائي الدولي وبنود كافة الاتفاقيات الدولية، فحماية المدنيين هي أساس اتفاقية جنيف الدولية، والتي تم توقيعها في 12 أغسطس 1949.

ويعد ذلك أيضاً مخالفة صريحة لقواعد القانون الدولي الإنساني وبخاصة القاعدة 55 منه، التي تعتبر المدارس والمستشفيات خطوطاً حمراء محمية بموجب القانون الدولي.

هذا وقد ذكرت وزارة “الصحة الفلسطينية” خلال مؤتمر صحفي في الرابع من نوفمبر 2023 أنه تم استشهاد 150 من الطواقم الطبية وتدمير 57 سيارة إسعاف، كما تعمدت قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي استهداف 105 من المؤسسات الصحية وأخرج 16 مستشفى عن الخدمة.

كما أن قوات الاحتلال استهدفت محيط مستشفى القدس بغزة أكثر من مرة، وغيره من المستشفيات الأخرى التي أمرت بإخلائها كمستشفى الشفاء والمستشفى الإندونيسي شمالي القطاع.

كما قامت قوات جيش الاحتلال بارتكاب مجزرة وجريمة إنسانية أخرى مساء الثالث من فبراير 2023، عندما استهدفت قافلة سيارات إسعاف أثناء تحركها لنقل مصابين وجرحى إلى جنوب قطاع غزة، فضلًا عن القصف الذي طال مدخل مجمع الشفاء الطبي، وأسفر عن مقتل عدد من المواطنين وإصابة المئات بجروح، كما قامت قوات جيش الاحتلال وفي اليوم نفسه بقصف مداخل مستشفى القدس بجانب المستشفى الإندونيسي.

وفق آخر تصريحات الدكتور أشرف القدرة، الناطق الرسمي باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، تم استهداف نحو 57 مؤسسة صحية بالقطاع، من أصل 72 مركزا صحياً، مما أدى لانهيار المنظومة الصحية في القطاع في ظل وجود آلاف الجرحى والمرضى ونقص الوقود والأعداد الكبيرة للإصابات التي تفوق قدرة المستشفيات الاستيعابية، إذ بلغت نسبة الإشغال السريري داخل ما تبقى من مستشفيات 170 %.

ولم تنجو الطواقم الطبية وطواقم الإسعاف من قصف طائرات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتواصل بقطاع غزة حيث تم استشهاد 150 من الطواقم الطبية، كما تعرضت نحو 45 مهمة إسعاف لاستهداف من طائرات حربية إسرائيلية، وتم تدمير نحو 60 سيارة إسعاف، مما أدى لمقتل أكثر من 20 طواقم الإسعاف وإصابة العشرات من المسعفين والطواقم الطبية، وهي من الفئات المحمية وفقاً للقانون الدولي الإنساني.

وفي خضم العدوان المستعمر على قطاع غزة والذي دخل شهره الثاني، بات استهداف المستشفيات هو العنوان الأبرز للمجازر الإسرائيلية، إذ يعد هذا الاستهداف المتعمد لما تبقى من المستشفيات، والمراكز الصحية، وسيارات الإسعاف، والطواقم الطبية والإسعافية العاملة في قطاع غزة، تعميق للإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال في قطاع غزة، وحرمان المواطنين والمرضى من حقهم في أبسط أشكال العلاج الطبي، وبخاصة بعد توقف الكثير من تلك المستشفيات عن العمل وتقديم خدماتها الطبية للمرضى والجرحى والمصابين نتيجة لنفاذ الوقود والمستلزمات الطبية والأدوية.

وبحسب بيانات رسمية فقد قامت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير نحو 85 مقراً حكومياُ بشكل كامل، كما تعرضت 203 مدرسة لأضرار متنوعة، خرج منها نحو 50 مدرسة من الخدمة تماماً، كما دمر الاحتلال نحو 47 مسجداً كانت تستخدم لإيواء النازحين من سكان غزة، كما دُمرت 3 كنائس بشكل كامل ولم تعد صالحة هي الأخرى لاستقبال النازحين، ومن حين لآخر يتم التهديد بقصف مركز ثقافي أرثوذكسي ومدرسة فيهما أكثر من 1500 نازحاً.

الأمر الذي يعد جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وكل الاتفاقيات الدولية، وفق تصريحات اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تؤكد في هذا السياق على عدم قانونية استهداف مواقع قد تخلف خسائر عرضية في أرواح المدنيين أو إلحاق الضرر بأهداف مدنية بشكل مبالغ فيه، بغض النظر عن أي مكاسب عسكرية مباشرة وملموسة يُتوقع تحقيقها، كما أن مبدأ الحيطة، بموجب القانون الدولي الإنساني، فيلزم أطراف النزاع بتجنب أو تقليل الضرر الذي يلحق بالسكان المدنيين وبكافة المنشآت المدنية كالمستشفيات والمدراس ومخيمات اللاجئين، والتي تعد خطوط حمراء وقت الحروب والنزاعات المسلحة.

  • سابعاً: استهداف منظمات الإغاثة الدولية وموظفيها

فقد فقدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” التابعة للأمم المتحدة وحدها نحو 88 من موظفيها في قطاع غزة؛ وهو العدد الأكبر من القتلى الذي تسجله الأمم المتحدة في صراع واحد على الإطلاق، بعدما قُتل العديد منهم أثناء وجودهم داخل منازلهم مع عائلاتهم، وفقاً لتصريحات “فيليب لازاريني”، المفوض العام للوكالة والذي أكد أن نحو 40 مبنى للأونروا قد تعرض للقصف، مما أدى لتدميره بشكل كامل، منها مدارس ومستودعات، وتعرض العديد من المباني الإغاثية الأخرى للأضرار البالغة بسبب الغارات الإسرائيلية، كان آخرها مدرسة “الفاخورة” التي كانت تأوي آلاف اللاجئين شمال قطاع غزة.

كما أعلنت كافة المنظمات الدولية الإنسانية العاملة في مناطق قطاع غزة كمنظمات “الصحة العالمية” و”الصليب الأحمر” و”اليونيسف” … وغيرها انقطاع الاتصال بطواقمها في غزة، وأنذرت المجتمع الدولي خلال الأيام السابقة أنها تعمل في ظل ظروف صعبة للغاية وسط انقطاع الانترنت والاتصالات الهاتفية والخلوية، فضلاً عن النقص الهائل في الموارد التي تضمن لها الاستمرار في تقديم خدماتها للمتضررين في القطاع.

  • ثامناً: قتل الصحفيين وقمع الآراء المعارضة للتصعيد الإسرائيلي

أعلنت منظمة “مراسلون بلا حدود” وهي منظمة غير حكومية في أول نوفمبر 2023 أنها رفعت دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بشأن ارتكاب “جرائم حرب” بحق صحفيين خلال الأحداث الأخيرة التي يشهدها قطاع غزة، وجاء في بيان إعلامي للمنظمة أنها تقدمت بشكوى تتعلق بجرائم حرب إلى مكتب المدعي العام للمحمة الجنائية الدولية في 31 أكتوبر 2023، تتضمن تفاصيل حالات أكثر من 10 صحفيين قتلوا من السابع من أكتوبر واثنين آخرين أصيبا أثناء ممارسة عملهم، من أصل نحو 36 صحفياً آخر قتلوا خلال معركة “طوفان الأقصى”، وتعد هذه الحصيلة هي الأكبر التي تقع بين صفوف الصحفيين الذين يغطون النزاع منذ تأسيسها عام 1992.

وهو نفس العدد الذي ذكره المكتب الإعلامي الحكومي بغزة في بيانه الصادر في الرابع من نوفمبر 2024، حيث أكد البيان أن نحو 46 صحفياً قتلوا منذ اندلاع الأحداث الأخيرة جراء القصف الإسرائيلي المتوحش، ومن جهتها أفادت لجنة حماية الصحفيين أن الحرب التي تقودها قوات جيش الاحتلال على غزة هي الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين الذين يغطون الصراعات في المناطق الساخنة منذ أكثر من 30 عاماً.

وأثناء التغطيات الإعلامية للأحداث نجد أن قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي تمارس انتهاكات صارخة تحاول من خلالها التعتيم على الأصوات الداعمة للفلسطينيين وقمع الآراء المعاضة من خلال حملات اعتقال واسعة داخل القطاع وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية وصفها المراقبون بأنها الأوسع والأعلى منذ سنوات، فبحسب صحيفة “هارتس” الاسرائيلية وفي تقرير إخباري منشور عبر موقعها الإلكتروني بتاريخ 20 أكتوبر 2023، تقول إنه تم طرد وسجن المئات من عرب إسرائيل والفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية المحتلة من العمل والجامعة بسب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي يتضامنون فيها مع قطاع غزة.

بالإضافة إلى تدمير حوالي 50 مركزاً ومقراً لمؤسسات إعلامية نتيجة القصف العشوائي العنيف منها وفقاً لتقرير حديث صادر عن لجنة الحريات التابعة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، يأتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر: شبكة الأقصى الإعلامية، وكالة معاً الإخبارية، وكالة سوا، وكالة شهاب، صحيفة القدس، إذاعة بلدنا، إذاعة زمن، وكالة الوطنية، وكالة خبر، صحيفة الأيام، شركة ايفنت للخدمات الإعلامية، مؤسسة فضل شناعة، إذاعة القرآن الكريم، وكالة شمس نيوز، وكالة APA، مكتب شبكة الجزيرة الإخبارية، تلفزيون فلسطين، مكتب وكالة الأنباء الفرنسة… وغيرها.

فضلاً عن الاستهداف المباشر المقصود بحق الصحفيين والمراسلين والذي يشكل من وجهة نظر الحقوقيين قتلاً للحقيقة ويمثل جريمة حرب بموجب نظام المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسي لسنة 1998، إذ أن الاعتداء على الصحفيين لا يؤخذ بسياق أحادي لمجرد اعتباره جريمة، بل يدخل في إطار تصنيف أشد انتهاكاً بموجب القواعد والاتفاقات المشار إليها مسبقاً.

كما أن الصحفيين ووفقاً للمادة الرابعة من اتفاقية جيف الثالثة، والمادة 79 من اتفاقية جيف الرابعة لعام 1949، وما أعقبها من بروتوكولات ملحقة عام 1977، يتمتعون بالحماية العامة الممنوحة للمدنيين بصورة أساسية، إذ تمثل هذه الاتفاقيات أفضل وسيلة عمومية لحماية الصحفيين الذين يعملون في مناطق الخطر والحروب، وبناءًا عليه وجبت لهم الحماية القانونية ضد أي اعتداء أو انتهاكات أو تهديدات قد يتعرضون لها.

وقد نص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2222 على ضرورة حماية الصحفيين والإعلاميين والأفراد المرتبطين بهم والذين يغطون حالات النزاع والحروب كمدنيين، ويشير القرار أيضاً إلى المعدات والمكاتب والاستديوهات الإعلامية، وهي أصول مدنية وليست ممتلكات عسكرية وبالتالي يجب ألا تكون هدفاً لهجمات أو اعمال انتقامية، وهو الأمر الذي انتهكته قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاً جسيماً أمام مرأي ومسمع من الجميع، مما يضع مسئوليها تحت طائلة القانون الدولي.

  • تاسعاً: استخدام أسلحة محرمة دولياً

منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى كتابة هذه السطور، تعسفت إسرائيل في استخدامها لكم هائل من المتفجرات تم إلقائه على قطاع غزة، حيث أسقطت أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات -أي يصل نصيب الفرد قرابة  12 كيلو جرام من المتفجرات- بما يعادل قنبلتين نوويتين، وذلك وفقا لما ذكره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان‏، هو منظمة دولية مستقلة تعنى بقضايا حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا ومقره جنيف.

وذكر المرصد الأورومتوسطي في تقرير له أن حجم المتفجرات التي استخدمها جيش الاحتلال تجاوز وزن القنبلة النووية التي أسقطتها الولايات المتحدة الأمريكية على “هيروشيما” و “ناجازاكي” في اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 ، والتي تُقدر بنحو 15 ألف طن من المتفجرات. هذا فضلا عن أن التطور الذي طرأ على زيادة وفاعلية القنابل مع ثبات كمية المتفجرات قد يجعل الكمية التي أسقطت على غزة ضعفي قنبلة نووية، علما بأن إسرائيل تعمدت استخدام خليط يعرف بـ”آر دي إكس” (RDX) الذي يطلق عليه اسم “علم المتفجرات الكامل”، وتعادل قوته 1.34 قوة “تي إن تي”، بحسب ما جاء في تقرير المرصد.

كما أشار تقرير المرصد إلى أن مساحة المدينة اليابانية كانت تقدر بنحو 900 كيلومتر مربع، بينما مساحة قطاع غزة لا تزيد على 360 كيلومترا، مما يعنى أن القوة التدميرية للمتفجرات التي ألقيت على غزة منذ اندلاع العدوان الغاشم تزيد عن تلك التي ألقيت على هيروشيما.

هذا وقد صرح الجيش الإسرائيلي بأن طائراته استهدفت أكثر من 12 ألف هدف داخل قطاع غزة فقط، وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي “يوآف غالانت” بإسقاط أكثر من 10 آلاف قنبلة على مدينة غزوة، علما بأن وزن القنبلة قد يصل إلى 1000 كيلوجرام.

فضلا عن ذلك، تم توثيق استخدام إسرائيل أسلحة محرمة دولياً في هجماتها على قطاع غزة، وهي جريمة حرب مكتملة الأركان. والحقيقة هذا ليس بجديد على الكيان المحتل، فجيش الاحتلال الاسرائيلي له سجل حافل مسبق من استخدامه لتلك الأسلحة دون تجريم أو محاسبة دولية، ويمكننا ومن خلال هذه السطور رصد أبرز الأسلحة التي تستخدمها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الغاشم على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ومدى خطورتها، والتي يأتي من بينها:

  • سلاح الفسفور الأبيض:

تم تداول العديد من مقاطع الفيديو بكافة وسائل الإعلام تُظهر قصفًا جويًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة واستهدافهم باستخدام سلاح الفسفور الأبيض المحرم دوليًا، وتمثل قنابل الفوسفور الأبيض أحد أنواع الأسلحة المميتة، التي ينتج عن انفجارها حرارة شديدة وأعمدة من الدخان الأبيض الحارق، تؤدي إلى إذابة جلد الإنسان وفصله عن العظام، كما أن الجزيئات الحارقة يمكن أن تبقى داخل الجسم حتى بعد انتهاء القصف لتسبب أضرارا قاتلة.

وقد أشارت وزارة الصحة في قطاع غزة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم في اعتدائها الغاشم على قطاع غزة قذائف من النوع المحرم دوليا، حيث إن الشظايا تخترق الجسم وتحدث انفجارات بداخله، وحروقًا فظيعة تؤدي لإذابة جلود المصابين بها وفي بعض الأحيان إلى الموت.

كما توصّلت “هيومن رايتس ووتش”، استنادًا إلى فيديوهات تمّ التحقق من صحّتها وروايات شهود، إلى أنّ قوات الاحتلال تستخدمها فعلًا في عدوانها على غزة كسلاح قادر على التسبب بحروق شديدة، غالبًا ما تصل إلى العظام، ويكون شفاؤها بطيئًا، وقد تتطوّر إلى التهابات وفي بعض الأحيان تكون قاتلة، إذ يعد هذا السلاح من بين أهم الأسلحة المحرمة استخدامها دولياً، وفق ما أقرته اتفاقية جنيف للأسلحة المعنية والتي نصت المادة الثالثة على تحريم استخدام سلاح الفسفور الأبيض ضد المدنيين أو العسكريين المتواجدين قرب المناطق المدنية، وفقا لمنظمة العفو الدولية، كما أشارت المادة نفسها بالاتفاقية إلى أن التحريم يشمل جميع استخدامات ذلك السلاح بقصف المدفعي أو بالطيران.

  • القنابل الغبية غير الموجهة:

وهي قنابل غير موجهة لذلك سميت بـ«القنابل الغبية»، وتعرف أيضاً بقنابل السقوط الحر، وقنابل الجاذبية، والقنابل الحديدية، وتلقى من طائرات “إف 16 ” من طراز “إم -117” الأمريكية، وتأثيرها يكون في إحداثها دمار كامل للمباني ومسحها من على وجه الأرض، وقد تم استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية، واستمرت في تشكيل الغالبية العظمى للقنابل التي تلقيها الطائرات حتى نهاية الثمانينيات، إلى أن تم استبدالها بشكل كبير الآن بالذخيرة الموجهة بدقة، التي يتم توجيهها لأهداف محددة تجنبا لإصابة مدنيين أو هدم المباني غير المستهدفة.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، شنت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عشوائية كثيرة باستخدام القنابل الغبية، مما أدى لاستشهاد مئات المدنيين الفلسطينيين، والقضاء على عائلات بأكملها، حيث تتسبب في تدمير واسع المدى وقتل المدنيين بشكل عشوائي.

 كما تم استهداف البنية التحتية المدنية في قطاع غزة، بما في ذلك تدمير أبراج غزة الشاهقة المليئة بالمنازل والشركات رغم عدم وجود أهداف عسكرية واضحة في تلك المناطق.

  •  القنابل العنقودية:

استخدمت قوات الاحتلال القنابل العنقودية المُحرم استخدامها دوليا، حيث قامت بتوزيع أعداد كبيرة منها بصواريخ تقليدية أو متطورة أو قذائف مدفعية ضد المدنيين بزعم مهاجمة قوات المقاومة البرية المختبئة في الخنادق أو النقاط الحصينة.

ويحظر القانون الدولي وكافة الاتفاقيات الدولية استخدام أو تخزين هذه الأسلحة بسبب تأثيرها العشوائي على السكان المدنيين ولاسيما الأطفال، إذ أنها تشبه لعبة الأطفال لذا يُعد الأطفال أكثر عرضة للإصابة، حيث يعثر عليها الطفل في منطقة سكنية أو زراعية وغالبا ما ينجذب إليها الأطفال ويمسكونها بدافع الفضول.

ووصفت جماعات حقوق إنسان هذه القنابل بأنها “بشعة”، وتتمادى قوات الاحتلال الإسرائيلي في استخدامها ضد المدنيين بقطاع غزة، إلى حد يمكن وصفه بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان.

  • القنابل الفراغية، وقنابل “هالبر” الانتقامية:

تعد القنابل الفراغية واحدة من أخطر القنابل المثيرة للجدل والتي تستخدمها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بقطاع غزة؛ لأنها أكثر تدميرًا من المتفجرات التقليدية ذات الحجم المشابه، ولها تأثير رهيب على أي شخص يقع في دائرة تفجيرها وما تحدثه من أضرار جسيمة، وهي الأشد تدميرًا للمباني والبنية التحتية، أما قنابل “هالبر الانتقامية” فتعد من القنابل المحرمة دولياً الحارقة والخارقة للحصون، والتي تستخدمها قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها على القطاع.

هذا وتتحدث بعض التقارير الإعلامية الدولية عن توسع قوات الاحتلال فى استخدام أدوات الحرب الكيميائية أثناء هجومها البري على القطاع، وتخطط لاستخدام غاز الأعصاب مثل غاز VX وغاز السارين وغاز السومان وغاز التابون، حيث تستهدف هذه الغازات السامة خلايا الدم وتمنع امتصاص الأكسجين، مما يؤدي إلى الاختناق.   

وتجدر الإشارة هنا إلى أن القانون الدولي الإنساني تضمن مبادئَ وقواعد أساسية تحكم اختيار الأسلحة وتحظر استعمال أسلحة معينة أو تقيّدها، كما حدد قواعد سلوك المقاتلين وقواعد اختيار وسائل الحرب وأساليبها بما فيها الأسلحة، كما أنه ووفقاً للاتفاقيات الدولية التي أبرمت لوضع ضوابط للنزاعات المسلحة والتي تمثلت باتفاقيات جنيف الأربعة واتفاقيات لاهاي 1907، مع الملحقات الخاصة بها، تم تجريم استخدام تلك الأسلحة في الحروب وخاصة تجاه المدنيين الذين يعتبرون العرضة للانتهاكات والاستهداف من قبل القوات العسكرية المهاجمة، إذ شرّعت المادة الثالثة من اتفاقية جنيف، التي تتعلق بأسلحة تقليدية معينة، في حظر استخدام الأسلحة الحارقة ضد الأهداف المدنية، كما أمرت المادة نفسها بالحد من استخدام تلك الأنواع ضد الأهداف العسكرية المتاخمة لمواقع تركز المدنيين، وينطبق ذلك على القنابل التي تسقطها الطائرات والمقذوفة التي تطلقها المدافع على حد سواء.

وختاماً يُمكن القول إنه:

وفي ضوء ما سبق رصده من جرائم حرب جسيمة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، يوصي المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” بضرورة تشكيل لجنة أممية من الحقوقيين والمتخصصين في المجال العسكري لتوثيق جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وملاحقة مسئوليها السياسيين والعسكريين بما يشمل من أصدر الأوامر وخطط ونفذ، وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهم كـــ “مجرمي حرب”، إلى جانب طلب تعويضات للفلسطينيين أسوة بتلك التي حصلت عليها إسرائيل من الحكومة الألمانية كتعويضات لضحايا “الهولوكوست”، والتي بلغت أكثر من 90 مليار دولار على مدار 70 عاما، وفق ما أعلنته منظمة “مؤتمر المطالبات اليهودية المادية ضد ألمانيا” عام 2021.

 

The post “دراية” ترصد “جرائم حرب” قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني فى غزة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7387
قراءة في مشكلة الأمية في مصر.. مؤشرات ومقترحات https://draya-eg.org/2023/08/16/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%b4%d9%83%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d9%85%d9%82%d8%aa%d8%b1%d8%ad%d8%a7%d8%aa/ Wed, 16 Aug 2023 13:57:25 +0000 https://draya-eg.org/?p=7032 The post قراءة في مشكلة الأمية في مصر.. مؤشرات ومقترحات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>

The post قراءة في مشكلة الأمية في مصر.. مؤشرات ومقترحات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7032
“الإسلاموفوبيا” وعنصرية الغرب..قراءة فى المؤشرات والأسباب https://draya-eg.org/2023/07/31/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85%d9%88%d9%81%d9%88%d8%a8%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%b9%d9%86%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%b3%d8%a8%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9/ Mon, 31 Jul 2023 20:40:45 +0000 https://draya-eg.org/?p=6988 دائما ما ترفع الدول الغربية شعارات احترام حقوق الإنسان والحرية وتبني صورتها فى العالم على أنها دول ديمقراطية تُفسح المجال للجميع لإبداء الآراء وتحترم التعددية الفكرية والدينية، ولكن يتبين يوما بعد يوم أنها شعارات رنانة مزيفة، فاللغة تختلف حين يتعلق الأمر بالمصالح وحقوق الأقليات بتلك الدول التى تنتشر بها جرائم التمييز والعنصرية والكراهية ضد المسلمين …

The post “الإسلاموفوبيا” وعنصرية الغرب..قراءة فى المؤشرات والأسباب appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
دائما ما ترفع الدول الغربية شعارات احترام حقوق الإنسان والحرية وتبني صورتها فى العالم على أنها دول ديمقراطية تُفسح المجال للجميع لإبداء الآراء وتحترم التعددية الفكرية والدينية، ولكن يتبين يوما بعد يوم أنها شعارات رنانة مزيفة، فاللغة تختلف حين يتعلق الأمر بالمصالح وحقوق الأقليات بتلك الدول التى تنتشر بها جرائم التمييز والعنصرية والكراهية ضد المسلمين ومقدساتهم، فبات الاعتداء على المسلمين وممتلكاتهم وحرق المصاحف وتخريب المساجد أمرا معتادا ومتواترا يتم تحت حماية الشرطة وبزعم حرية التعبير، وفى ظل تجاهل تام لمشاعر ملياري مسلم حول العالم.

فأصبح من غير المقبول استمرار التعالي الغربي الذى يتاجر بحقوق الإنسان بينما يمرر خطاب الكراهية تجاه الإسلام والمسلمين من خلال نافذة حرية التعبير، فعندما يتعلق الأمر بأمنهم يضربون بالقانون عرض الحائط، ولكن عندما يتعلق الأمر بمقدسات المسلمين فإنهم يدَّعون حماية حرية التعبير التى تُعد مقيدة وأُقر ذلك بشكل واضح في الفقرة الثانية من المادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي نصت “تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف”.

إن ما حدث فى الدنمارك مؤخرا وقبلها السويد وغيرها العديد من الدول الأوروبية التى شهدت حرقا للمصحف الشريف، يعكس ليس فقط تنامي لظاهرة “الإسلاموفوبيا” بها، بل وإضفاء الشرعية عليها فى ظل سماح السلطات بمثل هذه الأعمال، وتعمد تشويه صورة المسلمين وترهيب المجتمع الغربي من وجودهم، وذلك على نحو يهدد السلام الاجتماعي وينتهك الحقوق والحريات. 

وعليه، قامت الخارجية المصرية باستدعاء القائم بأعمال سفارة السويد فى القاهرة يوم 25 يوليو الجاري، وسفيرة الدنمارك بالقاهرة، يوم 27 يوليو الجاري، لإبلاغهما بإدانة مصر الشديدة ورفضها الكامل حكومة وشعبا – للحوادث المؤسفة والمتكررة لحرق والإساءة لنسخ من المصحف الشريف بالسويد والدنمارك، والتأكيد على أن استمرار تكرار تلك الأحداث، التي لا تمت لحرية التعبير بصلة، يُمثل انتهاكا صريحا لحرية الاعتقاد والممارسات الدينية على اختلافها، ويتناقض مع المواثيق الدولية لدعمه لخطابات التطرف والكراهية وظاهرة “الاسلاموفوبيا” وازدراء الأديان.  

وانطلاقا من ضرورة التصدي لظاهرة ” الإسلاموفوبيا ” التى تُشكل خطرا داهما على التعايش العالمي، واستنادا لحقيقة أن المسلمين يمثلون قرابة 10% من إجمالي سكان أوروبا ويشكلون مصدر ثراء فكري وعلمي وحضاري لأوروبا، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” ورقة بحثية ترصد وتحلل واقع ظاهرة الإسلاموفوبيا فى الدول الأوروبية من خلال المحاور الـ7 التالية:  

أولا : مفهوم ونشأة “الإسلاموفوبيا”.  

ثانيا “الإسلاموفوبيا” مظهر من مظاهر العنصرية. 

ثالثا: مؤشرات تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

رابعا:  أسباب ارتفاع وتيرة ظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

خامسا: التحديات أمام التصدي لظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

سادسا: جهود الدولة المصرية فى مواجهة “الإسلاموفوبيا”.

سابعا: : مقترحات للقضاء على ظاهرة “الإسلاموفوبيا”.

 وجاء أبرز ما توصلت إليه الورقة البحثية على النحو التالي:  

  • تُعَد ظاهرة “الإسلاموفوبيا” شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز، وتؤثر على جميع جوانب حياة المسلمين، بدءا من التعليم والعمل، وصولا إلى الحصول على الجنسية، وحقوق المواطنة والمشاركة الكاملة في المجتمع.
  • توجد فجوة كبيرة بين التقارير الرسمية وواقع انتشار ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، فنحو 12٪ فقط من المسلمين الذين يتعرضون للتمييز فى دول الاتحاد الأروربي هم من يبلغون عن حالاتهم إلى السلطات.
  • أصبحت ظاهرة “الإسلاموفوبيا” تأخذ طابعا مؤسسيا، وفرنسا والنمسا والدنمارك هى أكثر الدول التى تتفاقم بها الظاهرة فى أوروبا.
  • سيطرت السلطات الفرنسية على 1727 مؤسسة إسلامية ، وأغلقت نحو 118 وصادرت نحو 10 ملايين يورو بين يناير وأغسطس 2022.
  • سجلت جرائم الكراهية الدينية زيادة أكبر فى بريطانيا عام 2022 بنسبة 37% مقارنة بعام 2021، حيث بلغ عدد الضحايا المسلمين 3459 من أصل 8730 ما يشكل 42% من إجمالى ضحايا جرائم الكراهية.
  • تعرض نحو 42% من المساجد البالغ عددها 1800 فى بريطانيا لاعتداءات وأعمال تخريب وسطو.
  • تم تسجيل أكثر من 1000 جريمة كراهية ضد المسلمين فى النمسا عام 2022، و67% من الاعتداءات المتعلقة بالمعتقد ارتكبت ضد المسلمين فى هولندا.
  • قامت بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة فى أوروبا على التصدي لـ”الأسلمة” فى أوروبا، وسعت لتشويه الإسلام وإلصاق تهم “الإرهاب” لكل مسلم مقيم في بلدانهم.
  • ترفض الحكومات الأوروبية الاعتراف بمشكلة “الإسلاموفوبيا” ووضع تعريف محدد للمصطلح.

 كما تقترح الورقة البحثية ما يلي:

1– اعتبار السلوكيات العدائية ضد الإسلام والمسلمين جريمة يُعاقب عليها القانون الدولى.    

2- سن تشريعات وقوانين تستهدف الجماعات المتطرفة والعنصرية التي تمارس مظاهر عدائية ضد المسلمين على الأرض وافتراضيا، وتضمن معاقبتهم على الجرائم العنصرية المُرتكبة.

3- وضع تعريف محدد تتفق عليه دول العالم فيما يتعلق بمصطلح الإسلاموفوبيا حتى يسمح للمسلمين بالإبلاغ عن أى جرائم يتعرضون لها.

4- تفعيل الأدوار السياسية والاجتماعية للجاليات المسلمة باعتبارهم جزء من نسيج المجتمع وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية.

5- تعزيز الحملات الإعلامية الرامية إلى زيادة الوعى بخطر الإسلاموفبيا وتعزيز الصورة الإيجابية للإسلام، وتقديم أعمال درامية تعكس الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين.

ويتضح ذلك بمزيد من التفصيل من خلال المحاور التالية :

أولا : مفهوم ونشأة الإسلاموفوبيا

يُعد مصطلح الإسلاموفوبيا (Islamophobia) من المصطلحات حديثة التداول نسبياً، وينظر إليه على أنه مصطلح مركب يتكون من كلمتين، كلمة عربية “إسلام” وأخرى يونانية “فوبيا” التى تعنى خوف لا شعوري وغير مبرر من مواقف أو أشخاص أو نشاطات، وعليه يُعتبر المصطلح دخيلا وليس عربيا ويُترجم إلى الخوف والرهاب من كل ما هو إسلامي.

كما يمكن اعتبار الإسلاموفوبيا أبلغ تعبير عن وضعية الإسلام في الغرب، فهي كلمة دخلت قاموس السياسة الأوروبية وتحولت إلى مفردة لها معان محدودة، إذ تشير إلى ظاهرة تخوف المجتمع الغربي من الإسلام ونظرتهم إليه كدين غير قابل للتعايش مع الحضارة المادية الحديثة، ودين يبرر استخدام العنف لتحقيق أهدافه على حد اعتقادهم.

وعرفت منظمة الأمم المتحدة ” الإسلاموفوبيا ” بأنه مصطلح يعنى كراهية الإسلام والخوف من المسلمين والتحيز ضدهم والتحامل عليهم بما يؤدي إلى الاستفزاز والعداء والتعصب بالتهديد وبالمضايقة وبالإساءة وبالتحريض وبالترهيب للمسلمين ولغير المسلمين، سواء في أرض الواقع أو على الإنترنت وتستهدف تلك الكراهية —بدافع من العداء المؤسسي والأيديولوجي والسياسي والديني الذي يتجاوز تلك الأطر إلى عنصرية بنيوية وثقافية— الرموز والعلامات الدالة على أن الفرد المستهدف مسلما.

بينما عرفت منظمة التعاون الإسلامى ظاهرة ” الإسلاموفوبيا” بأنها تعنى الخوف المفرط من الإسلام والمسلمين، أو أي شيء مرتبط بدين الإسلام، مثل المساجد والمراكز الإسلامية والقرآن الكريم والحجاب، إلخ.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنه يجب التمييز في التعامل مع مفهوم “الإسلاموفوبيا” بين مرحلتين أساسيتين تقف أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 حدا فاصلا بينهما:

المرحلة الأولى: مرحلة ما قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001م والتي تتميز بندرة استخدام المفهوم، وذلك على الرغم من أن ظاهرة الإسلاموفوبيا ومضامينها الفكرية هي ظاهرة قديمة قدم الإسلام تسعى لتشويه صورة الدين والمنتمين إليه.

المرحلة الثانية: بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما أعقبها من عمليات إرهابية مروعة (تفجيرات مدريد عام 2004، وتفجيرات موسكو 2010، وغيرها) يُزعم أنها تم تنفيذها باسم الإسلام، تصاعدت الشكوك تجاه المسلمين وتم الترويج للصورة الذهنية للمسلمين على أنهم يقتلون الأبرياء، وزاد استخدام المفهوم بصفة ملفتة وأصبح هذا المصطلح دارجا على لسان الكثيرين في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وانتشرت مظاهر العداء والتمييز ضد الإسلام والمسلمين.

ثانيا: “الإسلاموفوبيا” مظهر من مظاهر العنصرية

تُعَد ظاهرة الإسلاموفوبيا شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز نظرا لأنها تستهدف المسلمين بناءً على دينهم. وتتجلى العنصرية في “الإسلاموفوبيا” في الاتجاه السلبي، والخوف غير المبرر، والانتقادات الحادة، والتحيز الذي يتم توجيهه ضد المسلمين، فضلا عن تهديد أمنهم في الشوارع، ووسائل النقل، وكافة الأنشطة الحياتية، وارتكاب جرائم قتل وأعمال عنف بحقهم كالاعتداءات الجسدية، وتخريب الممتلكات، وإساءة معاملة النساء خاصة ممن يرتدين الحجاب، وحرق المساجد وتشويه رموز الإسلام المقدسة.

وبالإضافة إلى ما سبق يمكن التأكيد على أن ظاهرة “الإسلاموفوبيا” أضحت تؤثر على جميع جوانب حياة المسلمين، بدءا من التعليم والعمل، وصولا إلى الحصول على الجنسية، وحقوق المواطنة والمشاركة الكاملة في المجتمع، الأمر الذى يتنافى مع قيم العدل والمساواة وحقوق الإنسان، التى تكفلها المادة 18 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان حيث نصت على أن “لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة”.

وقد حذر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين أو المعتقد من الانتهاكات بحق المسلمين، حيث قال أمام مجلس حقوق الإنسان فى عام 2021: “لقد بلغ الشك المؤسسي في المسلمين ومن يعتقد أنهم مسلمون أبعاد وبائية..وفي مثل هذه المناخات التي يسودها الإقصاء والخوف وانعدام الثقة، يفيد المسلمون بأنهم غالبا ما يشعرون بالوصم والعار والشعور بأنهم ’مجتمعات مشبوهة‘ تُجبر على تحمل المسؤولية الجماعية عن أفعال أقلية صغيرة”.

وفى تقريره الصادر فى مارس 2021، قال مقرر الأمم المتحدة إنه غالبا ما يتعرض المسلمون للتمييز في الحصول على السلع والخدمات ، وفي العثور على عمل وفي التعليم وفي بعض الدول ، يُحرمون من الجنسية أو من وضع الهجرة القانوني بسبب تصورات معادية للأجانب بأن المسلمين يمثلون تهديدات للأمن القومي والإرهاب فيما يتم استهداف النساء المسلمات بشكل خاص في جرائم كراهية الإسلام.

وفي السياق ذاته، أشارت وكالة الحقوق الأساسية التابعة للاتحاد الأوروبي، في تقريرها الصادر أواخر عام 2021 بعنوان: «المسلمون في الاتحاد الأوروبي: تمييز وإسلاموفوبيا»، إلى أن المسلمين عرضة للتمييز، وأن هناك الكثير مما يجب القيام به حتى يستفيدوا من الحقوق نفسها، ومن المساواة في المعاملة ونوعيتها كما هو الحال مع الأوروبيين، وعددّ التقرير أشكالاً مختلفة من التمييز الذي يتعرض له المسلمون في مجالات مثل: العمل، والإقامة، والتعليم، والسكن… إلخ.

ثالثا: مؤشرات تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا”:

تُشير غالبية التقارير والدراسات إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا آخذة فى التصاعد فى المجتمعات الأوروبية، ومن أبرزها التقرير الأوروبي الأخير للإسلاموفوبيا عن عام 2022 الذى أشار إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا أصبحت تأخذ طابعا مؤسسيا، وأن فرنسا والنمسا والدنمارك هى أكثر الدول التى تتفاقم بها ظاهرة الإسلاموفوبيا فى أوروبا بشكل ملحوظ.

هذا وقد كشف تقرير صادر عن مرصد الإسلاموفوبيا التابع لمنظمة التعاون الإسلامي  أن قارة أوروبا قد استحوذت على المرتبة الأولى فى حجم انتشار ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، وتليها آسيا ثم أمريكا الشمالية، بينما أوضح المرصد أن كلا من فرنسا وبريطانيا شملتا النشاط الأبرز المتعلق بالإسلاموفوبيا.  

وتجدر الإشارة هنا إلى وجود فجوة كبيرة بين التقارير الرسمية وواقع انتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا بأبعادها المختلفة، خاصة وأن الغالبية العظمى من الدول الأوروبية لا تسجل حوادث الإسلاموفوبيا كفئة منفصلة من جرائم الكراهية، مما يحد من آليات الكشف عن المدى الحقيقي لتنامي هذه الظاهرة، فضلا عن قيام نحو 12٪ فقط من المسلمين الذين يتعرضون للتمييز فى دول الاتحاد الأوروبي بإبلاغ السلطات عن حالاتهم.  

وترصد هذه الورقة التحليلية أبرز مؤشرات تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا” فى معظم الدول الأوروبية، وذلك استنادا إلى عدة مصادر وتقارير دولية أبرزها تقرير “الإسلاموفوبيا فى أوروبا 2022”، وذلك على النحو التالي: 

أ-جرائم الكراهية والاعتداء على المسلمين ومؤسساتهم الدينية:

فرنسا: سجلت تنسيقية محاربة الإسلاموفوبيا فى أوروبا CCIE فى تقريرها نحو 501 شكوى فى فرنسا خلال عام 2022، وذلك كما ورد فى تقرير الإسلاموفوبيا فى أوروبا فى العام ذاته، والذى أكد أن  سياسة “العرقلة” التى تنتهجها فرنسا أدت إلى السيطرة على 1727 مؤسسة إسلامية ، وإغلاق نحو 118 ومصادرة 10 ملايين يورو بين يناير وأغسطس 2022.

بريطانيا: سجلت جرائم الكراهية الدينية زيادة أكبر فى بريطانيا عام 2022 بنسبة 37% مقارنة بعام 2021، حيث بلغ عدد الضحايا المسلمين 3459 من أصل 8730 ما يشكل 42% من إجمالى ضحايا جرائم الكراهية.

هذا إلى جانب تعرض نحو 42% من المساجد البالغ عددها 1800 فى بريطانيا لاعتداءات، حيث شكلت أعمال التخريب  من تدمير وتشويه للممتلكات وكتابات عنصرية.. وخلافه، النصيب الأكبر من تلك الاعتداءات التى بلغت نحو 51%، تليها عمليات السطو التى بلغت نحو 34%، فضلا عن تعرض 17% من المسلمين للإيذاء الجسدي داخل المساجد.   

ألمانيا: تم تسجيل 364 جريمة ناجمة عن الإسلاموفوبيا فى جميع أنحاء ألمانيا، من بينها 26 استهدفت المساجد، علما بأن الجرائم تتجاوز هذه الأعداد، لاسيما وأن الإحصائيات الرسمية الأخيرة لم تصدر عن الهيئات السياسية فى ألمانيا بعد.

إسبانيا: زادت جرائم الكراهية فى 2021 بنحو 401 جريمة مقارنة بإجمالي عدد جرائم الكراهية عام 2020، وذلك وفقا للتقرير السنوى لعام 2021 الصادر عن وزارة الداخلية الإسبانية فى أكتوبر 2022.

النمسا: تم تسجيل أكثر من 1000 جريمة كراهية ضد المسلمين فى عام 2022 ،وذلك وفقا لتقرير “الإسلاموفوبيا فى أوروبا 2022”. بينما ذكر مركز “التوثيق والإرشاد من أجل مسلمي النمسا” فى تقريره الصادر مطلع 2022 أن النمسا شهدت 1324 هجومًا عنصريا ضد المسلمين، أغلبها كان على مواقع الإنترنت والمنصات الرقمية في هذا البلد الذي يشهد حملات تحريض وخطاب كراهية، وأن 15% من الذين تعرضوا للعنصرية والاعتداءات اللفظية والجسدية هم من الرجال، بينما أكثر من ضعف ذلك نحو 40% من الاعتداءات استهدفت النساء.

هولندا: أشار تقرير “الإسلاموفوبيا فى أوروبا عام 2022 ” إلى أن نحو67% من الاعتداءات التى ارتكبت ضد المسلمين كانت متعلقة بالمعتقد.

الدنمارك: أكد التقرير أن قرابة 49% من جرائم الكراهية التى حدثت بين عامي 2017 و2021 والبالغ عددها 792 ، ارتكبت ضد المسلمين.

وفى ظل غياب الإدانة الحكومية وعدم عقاب المتورطين فى جرائم الكرهية، تزداد حوادث العنصرية وتتفاقم المشكلة.

ب- قرارات وقوانين تمييزية ضد المسلمين:

من أبرز مؤشرات تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا” تلك القرارات التى تتخذها الحكومات والأحزاب السياسية، وما يصاحبها من تشريعات تستهدف المسلمين بشكل مباشر وتحد من ممارساتهم الدينية، ويتم معاملتهم وفقا لها بشكل مختلف عن باقى الطوائف الدينية، الأمر الذى وصل إلى إغلاق المؤسسات والمنظمات غير الحكومية الإسلامية دون أي دعوى قضائية أو دليل على تطرفها كما يزعمون.

وتُطبق الدول الغربية أنواعا مختلفة من القوانين مثل حظر الأذان والمساجد والحجاب، ففى بلجيكا على سبيل المثال، لايزال الذبح الشعائري محظورا فى بعض المناطق، وفى السويد والدنمارك تم إغلاق العديد من المدارس الإسلامية بزعم “أن الأطفال بها معرضون لخطر التطرف”.

كما أطلق وزير التعليم الفرنسي فى 2022 حملة تستهدف الطلاب والمدرسين المسلمين، ذلك بدعوى انتشار الرموز الدينية فى المدارس الفرنسية.

وفى هولندا، قرر وزير التربية والتعليم أن يضع التعليم غير الرسمي فى المساجد ومدارس نهاية الإسبوع الإسلامية قيد التفتيش والمراقبة كنوع من التضييق والحد من حرية التعليم، كما أيدت محكمة العدل الأوروبية قوانين تمنع ارتداء الحجاب للمرأة داخل المؤسسات الخاصة لمنع إبراز أي رمز إسلامي بحجة الحفاظ على حيادية تلك المؤسسات.

ج- الخطابات السياسية المعادية للإسلام والمسلمين:

تُعد الخطابات والحملات السياسية المنظمة والموجهة ضد الإسلام كدين وضد معتنقيه من أبرز أشكال ومظاهر تنامي ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، والأمثلة على ذلك كثيرة نرصد بعضها على سبيل المثال لا الحصر، كتعهد الرئيس الفرنسي إيمانول ماكرون بمواصلة نشر الكاريكاتير المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، قائلا: “لن نتخلى عن الرسومات والكاريكاتيرات وإن تقهقر البعض”.، زاعما أنها بمثابة “حرية تعبير”.

ووصفت مارين لوبان خلال حملتها الرئاسية فى 2022 الحجاب بـأنه  “الزي الإسلامي” وأوضحت أنها تريد حظره في جميع الأماكن العامة وتضع من يرتديه تحت طائلة الغرامة المالية، بينما صرح المرشح الفرنسي للرئاسة “إريك زمور” خلال حملته بأن: “على المسلمين أخذ مسافة من النص القرآني الذي يدفع إلى قتال اليهود والنصارى، وإلى تقييد حرية النساء، وإلى القمع الشرس للمثليين، وأن الاندماج هو الاحتمال الوحيد لقبول المسلمين على الأراضي الفرنسية”.

ومن جانبه، قال الرئيس التشيكي “ميلوش زيمان”: “نحن نحترم الدول الإسلامية، ومعتقدها، ما دام سكانها لا يأتون إلى أوروبا. لأنه بمجرد وصولهم إلى أوروبا تصطدم الحضارتان ببعضهما البعض”، داعيا مواطني بلده إلى أحذ الحيطة والحذر حيال من وصفهم بـ “الإرهابيين الإسلاميين”، فى حين اعتبر وزير الداخلية الفرنسي “جيرالد دارمانان” أن الإرهاب الإسلامي السُّنّي هو أبرز تهديد لبلاده وأوروبا.

كما اقترح حزب الحرية الهولندي (اليميني) خلال برنامجه الانتخابي تطبيق سياسة هجرة تقييدية وحظر كامل على المهاجرين من الدول الإسلامية، وقد نشر السياسي اليميني  “خيرت فيلدرز” زعيم حزب الحرية مقطع فيديو على حسابه على”تويتر”  تحت عنوان  “لا للإسلام لا لرمضان..حرية ، لا للإسلام “.

د- تزايد شعبية تيار اليمين المتطرف:

عملت الأحزاب اليمينية المتطرفة فى أوروبا على تكريس الخوف من الإسلام والمسلمين وسعت من خلال حملاتها الممنهجة إلى تشويه الإسلام وإلصاق تهم “الإرهاب” لكل مسلم مقيم في بلدانهم، مستغلة هذا الأمر لتحقيق غايات انتخابية ومكاسب سياسية تتمثل في زيادة عدد الأصوات التي تحصدها عبرصناديق الانتخاب، والوصول إلى السلطة، فظهرت شعارات منها “أسلمة أوروبا” و”التهديد الإسلامي الخفي”، وغير ذلك من الشعارات التي وفرت لليمين المتطرف ً خطابا ً مسموعا لدى قطاع كبير من المجتمعات الأوروبية. 

وبالفعل نجحت الأحزاب اليمينية المتطرفة فى الحصول على مزيد من المقاعد بعدة برلمانات على مستوى القارة العجوز، واتخذت الحكومات الأوروبية وأحزابها السياسية خطوات ضد الجاليات المسلمة بغية ضمان بقائها فى السلطة، الأمر الذى يعنى أن الجاليات المسلمة فى أوروبا أضحت في مرمى الأحزاب اليمينية المتطرفة، وتحاول إلصاق صفات العنف والتشدد على مجموعات بأكملها، لأهداف سياسية أو إيديولوجية بعينها.

كما قامت بعض الأحزاب اليمينية بإنشاء منظمات تهدف للتصدى لـ”الأسلمة” في أوروبا، ودشن أنصار اليمين المتطرف في ألمانيا عام 2014، حركة “وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب” المسماة “بيجيدا”  PEGIDA.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك عدة أحزاب بارزة لليمين المتطرف، تنتشر في دول أوروبا وتجهر بعدائها للمسلمين، ومن أبرزها حزب الحرية الهولندي، وحزب الجبهة الوطنية الفرنسية، والحزب النمساوي اليميني الشعبي، والحزب اليميني الشعبي الدنماركي، وحزب الوطنيين الدنماركيين، وحزب البديل من أجل ألمانيا الألماني.. وغيرها الكثير.

هـ – تعمد عدم استخدام مصطلح “الإسلاموفوبيا”:

ترفض الحكومات الأوروبية الاعتراف بمشكلة “الإسلاموفوبيا” وترفض استخدام المصطلح في خطاباتها، فهناك إصرار سياسي لعدم الاعتراف بوجود مشكلة عنصرية ضد المسلمين بهدف شرعنة ودعم الممارسات العنصرية بشكل واسع.

وخير دليل على ذلك هو رفض الحكومة البريطانية تبنى تعريف لمصطلح «الإسلاموفوبيا»، والذى كان قد اقترحه عدد من نواب بعض الأحزاب، وذلك بعد تحذير من خبراء ومختصين بأن هذه الخطوة قد تعرقل مكافحة الإرهاب وقد تُقوض حق أفراد شرطة المطارات والموانئ الجوية في توقيف المشتبه بهم وتفتيشهم، دون الحصول على إذن مُسبق.

د- الازدواجية فى التعامل مع اللاجئين:

مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية، تجلت الازدواجية فى التعامل مع اللاجئين من قبل الدول الأوروبية المختلفة حيث تم الترحيب باللاجئين من أوكرانيا بسبب ديانتهم، وبدعوى أنهم “أكثر تحضراً مقارنة باللاجئين السوريين”، بينما أغلقت أوروبا الحدود وأقامت الجدران لمنع اللاجئين القادمين من مناطق أخرى وعلى رأسهم المسلمين.

وقد صرح العديد من المسئوليين الأوروبيين بأن اللاجئين المسلمين يشكلون “تهديدا للطابع الديمجرافي والهوية المسيحية في أوروبا”، ويحذرون من تحول المسلمين إلى أكثرية السكان بأوروبا إذا استمر استقبال اللاجئين المسلمين، ويؤكدون على أن: “استقبال لاجئين أوروبيين يعني توفير تربة خصبة لتنفيذ هجمات إرهابية محتملة” على حد تعبيرهم.

وعلى سبيل المثال لا الحصر للمواقف التي قد تدلل على وجود ازدواجية في التعامل الأوروبي مع اللاجئين، نجد أنه بمجرد وصول اللاجئ الأوكراني إلى ألمانيا، فإن الدولة تمنحه مباشرة الحق في العمل، ولأطفاله الحق في التعليم، كما منحت الحكومة البريطانية اللاجئين الأوكران تسهيلات كبيرة، وحثت المواطنين على استقبالهم في منازلهم مقابل دعمهم بمبالغ مالية شهرية، بينما يتعرض اللاجئين المسلمين للفصل عن ذويهم والإقامة فى مخيمات والتعامل بطريقة مهينة وقد وصل الأمر إلى الاعتداءات عليهم من قبل أفراد الشرطة المنتشرين على الحدود.

و- عنصرية التوظيف:

تشهد الدول الأوروبية مظاهر تمييز عنصري واضحة ضد المسلمين في سوق العمل، حيث يتعرض العديد منهم للحرمان من مختلف فرص العمل على الرغم من توافر المؤهلات اللازمة، والخبرة الكافية، الأمر الذى يمثل انتهاكا لحقوقهم وعدم تحقيق للعدالة وضمان تكافؤ الفرص.

وقد نشر موقع تابع لجامعة أوكسفورد بحثا فى يوليو 2022 توصل إلى أن 65% من المسلمات اللاتي يرفقن صورهن بالحجاب مع السيرة الذاتية عند التقديم على وظيفة فى هولندا وإسبانيا يتم رفضهن دون الدعوة لإجراء مقابلة.

وهناك بعض التقارير التى تفيد بأن المسلم فى بعض الدول الأوروبية عند بحثه عن عن وظيفة، قد يواجه التمييز خمس مرات أكثر من غير المسلم.

رابعا: أسباب ارتفاع وتيرة ظاهرة “الإسلاموفوبيا”

هناك أسباب عديدة لارتفاع وتيرة ظاهرة “الإسلاموفوبيا”، يمكن أن نستعرض أهمها على النحو التالي:

1- الجهل بالدين الإسلامي: هناك جهل واضح بحقيقة الإسلام في العالم الغربي الذي يستقي معلوماته عنه من مصادر تفتقر إلى الإحاطة الكافية بحقيقة الإسلام وجوهره السمح، وإلى الموضوعية والنزاهة، وبسب هذا الجهل، وُصم الإسلام بالإرهاب والتعصب واحتقار المرأة والافتقار إلى التسامح مع غير المسلمين ورفض الديمقراطية والسعي إلى ثقافة الانتقام.

كما أنه، وفى أعقاب الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 وغيرها من أفعال الإرهاب المروعة الأخرى التي يُزعم أنها نُفِّذت باسم الإسلام، تزايد الارتياب المؤسسي في المسلمين وفي من يُعتقد أنهم مسلمون إلى درجات وبائية فعديد من الدول —إلى جانب هيئات إقليمية ودولية— ردت على التهديدات الأمنية باعتماد تدابير تستهدف المسلمين أكثر من غيرهم وتعرف المسلمين بأنهم في الوقت نفسه أناس يشكلون خطرا كبيرا وأناس معرضون لخطر التطرف.

2- وسائل الإعلام الغربية: حيث لعب الإعلام الغربى دورا كبيرا فى انتشار تيار “الإسلاموفوبيا”، كما تمكن بتقنياته الهائلة وتأثيره الواسع من نحت صورة نمطية غاية في السلبية عن الإسلام والمسلمين، وعمل بشكل مستمر على شيطنة صورة العرب والمسلمين باعتبارهم يشكلون خطرا على القيم الحضارية الغربية وغير قادرين على الإندماج فى هذه المجتمعات ويميلون لاعتناق الأفكار الإرهابية المتطرفة.

 كما قام الإعلام الغربي بدور كبير في زيادة مساحة الفوبيا من الإسلام بتضخيم الأحداث والتركيز على الهجمات الإرهابية التى يقوم بها المتطرفون من المسلمين بشكل أكبر من تغطية الهجمات التى يقوم بها اليمين المتطرف أو أصحاب الأفكار المتشددة من الديانات والاتجاهات الأخرى .

3- أجندات اليمين المتطرف: التى دائما ما توجه سهامها للمسلمين وتحملهم مسئولية مشاكل الدول التى يقيمون بها، ومن ثم يتعاملون مع المسلمين كـ”كبش فداء” لأى إخفاقات سياسية أو اقتصادية، مما يُكرس لخطاب الكراهية ويزيد من أعمال العنصرية ضد المسلمين التى انعكست فى سلوكيات كحرق القرآن الكريم وكتابة العبارات التحريضية على الجدران والاعتداء جسديًا ولفظيًا على المهاجرين العرب أو غير العرب من المسلمين، وغيرها من السلوكيات العنصرية. 

فى الحقيقة يرى اليمين المتطرف الهجرة واللجوء تهديدا خطيرا لهوية الأوروبيين، وتهديدا لقيم أوروبا التقليدية (العلمانية والليبرالية)، ومن ثم يستند الإطار الفكري الرئيسي لهذه الأحزاب إلى العنصرية.

4- أزمة المهاجرين واللاجئين: تسببت أزمة المهاجرين واللاجئين بوصول ما يقرب من اثنين مليون لاجئ معظمهم سوريين إلى أوروبا منذ مطلع العام 2015، فى إحداث حالة من الخوف والقلق بين أوساط  الطبقة العاملة والمتوسطة في أوروبا بسبب فرص التوظيف والرعاية الصحية والاجتماعية، وكيفية استيعاب تلك الأعداد الهائلة من اللاجئين داخل دولهم، وما نجم عن هذه الأزمة من تردى الأوضاع الاقتصادية التى تفاقمت مع جائحة كورونا وبعد الحرب الروسية الأوكرانية.

خامسا: التحديات أمام التصدي لظاهرة “الإسلاموفوبيا”

فى ظل تنامي موجة العداء ضد الإسلام والمسلمين فى العالم بوجه عام وأوروبا بوجه خاص، وبروز الحاجة الملحة للتصدى للإسلاموفوبيا، تظهر العديد من التحديات التى يجب وضعها فى الاعتبار عند محاولة القضاء على هذه الظاهرة، وأبرزها يأتى على النحو:

1- تعتبر قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بمواجهة ” الإسلاموفوبيا ” غير مُلزمة للدول الأعضاء وفى مقدمته القرار الذى ينص على ” تكثيف الجهود الدولية لتقوية الحوار العالمى بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات على أساس احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات “.

2- استهداف اليمين المتطرف فى أوروبا للإسلام والمسلمين بشكل غير مسبوق والعمل بكل الطرق على تقديم المسلمين للعالم وكأنهم متطرفون ودعاة للقتل والترويع والإرهاب ولا يمكنهم التعايش مع المجتمعات الغربية.

3- اعتبار الإساءة إلى الرموز والمقدسات الدينية الاسلامية نوعا من حرية الرأى والتعبير، الأمر الذى يُمثل تهديدا لحرية الإنسان فيما يؤمن وما يعتقد وهو أيضا أمر يثير مشاعر المسلمين وغضبهم.

4-إفلات مرتكبي جرائم الكراهية ضد المسلمين من العقاب.

5-يعد تنامى ظاهرة ” الاسلاموفوبيا ” مؤشرا لتصاعد هجمات إرهابية جديدة قد تهدد تماسك الدول والمجتمعات خاصة الأوروبية ، فتنامى مظاهر العنف هى دائرة مفرغة تؤدى لمزيد من الكراهية والعنف.

6-تقييد مشاركة المسلمين فى تقديم الخطاب الإعلامى الذى يعبر عن قيم الإسلام السمحة وعدم مشاركتهم فى وضع الخطط اللازمة لتصحيح الصورة التى تم إلصاقها للإسلام وهى بعيدة كل البعد عن الحقيقة.8

7- ربط وسائل الإعلام الغربية الإسلام بالعرب وتقديم صورة لهم على أنهم المتحكمون فى أسواق النفط والبترول وينفقون الأموال بشكل غير مسئول ، وأنهم أبناء وشعوب أنظمة غير ديمقراطية مع إغفال حقيقة أن الإسلام دين عالمى يدين به ملايين من الأوروبيين والأمريكيين وشعوب القارة الأسيوية ولا يرتبط بجنسية أو عرق أو منطقة جغرافية بعينها

8- الصورة السلبية التى تقدم عن الإسلام والمسلمين والتى أثرت على الشباب المسلم خاصة الذى يعيش فى المجتمعات الغربية من أبناء الجيل الثانى والثالث وهو ما جعلهم يتخلون عن هويتهم الإسلامية واعتناق أديان أخرى أو حتى لجؤهم إلى التيار الإلحادى تأثرا بهذه الأفكار المغلوطة.

9- قيام بعض التنظيمات الإرهابية المتطرفة بتأويل وتفسير النصوص الإسلامية وفقا لأهدافها وأجندتها الخاصة وبما يمكنها من وضع تبريرات لأفعالها وجرائمها المعادية للإنسانية.

10- ظهور حركات مناهضة لتواجد المسلمين فى أوروبا، مثل حركة “بيجيدا ” المعادية للمسلمين والتى نجحت فى حشد مظاهرات وصلت أعدادها إلى ما يتعدى 20 ألف متظاهر ينددون بوجود المسلمين فى بلادهم وفى أوروبا .

11- فوضى استخدام الأخبار المغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعى وهو ما أدى الى زيادة الأخبار التى تستهدف الإسلام والمسلمين مع صعوبة التثبت من حقيقتها وصحتها .

12- انتشار العلمانية فى المجتمع الأوروبي وتنامي خطابات ومناقشات تؤيد الحداثة وترفض الدين بشكل عام.

13- ندرة الدراسات والاستبيانات التى تقيس حجم وتداعيات ظاهرة ” الاسلاموفوبيا ” على المسلمين وتأثيرها عليهم ، فأغلب الدراسات والإحصائيات التى تمت فى هذا الشأن قامت بها هيئات ومؤسسات أوروبية ونادرا ما توجد دراسة أو إحصائية قامت بها جهة إسلامية معنية تقيس حجم الظاهرة وآثارها.

 سادسا: جهود الدولة المصرية فى مواجهة “الإسلاموفوبيا”

تُحذر الدولة المصرية من التداعيات الخطيرة والسلبية لمظاهر ازدراء كافة الأديان والإساءة لمعتنقيها وتدنيس مقدساتهم،  وما تؤدى إليه من تنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا وإثارة خطاب الكراهية والتطرف وتشجيع المساعي والأفكار الهدامة الساعية لهدم روابط التواصل الحضاري بين شعوب ومجتمعات العالم.

وتؤكد فى البيانات الصادرة عن وزارة الخارجية ضرورة اتخاذ سلطات الدول الإجراءات الكفيلة بمنع تكرار حوادث الاعتداء على المسلمين ومقدساتهم، ومحاسبة مرتكبيها، وذلك سعياً للحفاظ على ثقافة التسامح ومبادئ التعايش السلمي والحوار وقبول الآخر.

وتجدر الإشارة إلى أن مصر تمتلك أكبر مؤسسة دينية فى العالم على الإطلاق وهى الأزهر الشريف الذى يمتاز بمنهجه القويم المعتدل، والذى يحرص دائما على الحفاظ على وسطية الإسلام ومقاومة ادعاءات الغرب ومحاولاتهم النيل منها، والتصدى لنشر ثقافة التخويف من الإسلام “الإسلاموفوبيا” من خلال الفكر والمناقشة واتخاذ عدد من الإجراءات التنفيذية كان فى مقدمتها ما يلى :

1- إنشاء “مرصد الأزهر العالمي لمكافحة التطرف” باثنتي عشرة لغة.

2- إنشاء “مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية” باللغة العربية وعدد آخر من اللغات منها: الإنجليزية والفرنسية والألمانية للقضاء على فوضى الفتاوى، والرد الواعي والفوري على الفتاوى الشَّاذة والمُتطرفة.

3- إنشاء “مركز الأزهر للترجمة” ليكون معنيا بترجمة الكتب التي من شأنها توضيح صورة الإسلام الحقيقية بإحدى عشرة لغة، وإرسالها إلى سفارات الدول الأجنبية والمنظمات الدولية في مصر وخارجها.

4- إنشاء “مركز حوار الأديان بالأزهر الشريف” ليكون بمثابة انطلاقة جديدة تعتمد الحوار الفكري والديني والحضاري مع أتباع الأديان والحضارات الأخرى سبيلًا للتوافق والتعايش، وللتأكيد على أنه لا سبيل للتعارف والسلام إلا بالجلوس على مائدة الحوار، وفتح قنوات اتصال بين مركز الحوار بالأزهر والمراكز المُهتمة بالحوار في مختلف دول العالم.

5- إنشاء “وحدة بيان” التابعة لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية لدحض الأفكار المشوِّهة لتعاليم الإسلام، ومجابهة للفكر اللاديني.

6- إيفاد “قوافل السلام الدولية” إلى العديد من دول العالم بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين لتعزيز السِّلم، ونشر ثقافة التسامح والعيش المشترك.

7- إرسال “البعثات الأزهرية” لأكثر من 80 دولة، لنشر العلم الإسلامي الوسطي المُستنير.

8- إطلاق “مشروع حوار الشَّرق والغرب”، ليكون النَّواة الأساسية لمفهوم التَّعددية والتَّكامل بين الشَّرق والغرب، وكان من أهم فعالياته “الملتقى الأول للشباب المسلم والمسيحي” الذي شارك فيه خمسون شابًّا من مختلف دول العالم.

9- إنشاء “أكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والوعاظ والمُفتيين المصريين والوافدين”؛ لتعزيز وسطية الإسلام ونشرها -من خلال هؤلاء السفراء الأزاهرة الوسطيين- في ربوع العالم أجمع.

كما قامت أيضا دار الإفتاء المصرية بإنشاء مرصد ” الإسلاموفوبيا ” الذى يقوم بدروه برصد حالات العنصرية والتمييز التى تمارس ضد المسلمين فى كل دول العالم وتقديم المعلومات الصحيحة حول تعاليم الدين الإسلامى والرد على الإدعاءات والشبهات التى قد يطلقها البعض للتشكيك فى صحيح الدين وتبرير محاولات التمييز ضد المسلمين . 

سابعا: مقترحات للقضاء على ظاهرة “الإسلاموفوبيا”

نظرا لخطورة الظاهرة، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا حددت فيه يوم 15 مارس من كل عام بوصفه اليوم الدولى لمكافحة كراهية الإسلام حيث يتزامن هذا اليوم مع ذكرى الجريمة الارهابية التى وقعت فى نيوزيلندا عندما اقتحم يمينى متطرف مسجدين فى مدينة كرايست تشيرش وأطلق النار على المصلين، ما أدى إلى مقتل 51 شخصا وجرح آخرين.

كما أن تداعيات ظاهرة ” الإسلاموفوبيا” لم تعد تؤثر على الجاليات المسلمة فى الغرب فحسب، بل امتدت إلى علاقات الدول بعضها ببعض، ومن ثم بات من الضروري بذل المزيد من الجهود لمواجهة هذه الظاهرة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال مجموعة الآليات والمقترحات التالية:

1- اعتبار السلوكيات العدائية ضد الإسلام والمسلمين “الإسلاموفوبيا” جريمة  يُعاقب عليها القانون الدولى.  

2- سن تشريعات محلية داخل الدول وإبرام اتفاقيات دولية تستهدف معاقبة الجماعات المتطرفة والعنصرية التي تمارس مظاهر عدائية ضد المسلمين على الأرض وافتراضيا، وتضمن معاقبتهم على الجرائم العنصرية المُرتكبة.

3- وضع تعريف محدد تتفق عليه دول العالم فيما يتعلق بمصطلح الإسلاموفوبيا حتى يسمح للمسلمين بالإبلاغ عن أى جرائم يتعرضون لها، فعدم وجود تعريف محدد ساهم في انتشار الظاهرة على نحو كارثي.

4- مضاعفة الجهود لتعريف الآخرين بالدين الإسلامي الحنيف، إذ نرى أن أفضل السبل لمواجهة ظاهرة الخوف من الإسلام بعث الحياة في الجوانب الحضارية لذلك الدين، عبر إبراز أبعاده المشرقة وتجليتها للعالم.

5- إلزام المجتمع الدولى باعتماد سياسات أو خطة عمل دولية من أجل التصدى للتمييز والتحامل على أساس الدين خاصة الدين الاسلامى.

6- فتح قنوات اتصال بالمجتمع المدنى فى الدول الغربية والمهتمة بمكافحة التمييز العنصري والكراهية والإساءة للأديان، بهدف التعريف بقيم الإسلام ، وتشجيع إقامة حوار عالمي بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات.

7- تفعيل الأدوار السياسية والاجتماعية للجاليات المسلمة باعتبارهم جزء من نسيج المجتمع وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية.

8- تقديم المؤسسات الدينية الكبرى والمعنية تفسيرا واضحا ومتفق عليه لبعض النصوص الإسلامية التى تستغلها الجماعات الارهابية كستار لأعمالها الاجرامية .

9- ضرورة مكافحة المعلومات المضللة والمعادية للإسلام، وإلزام شبكات التواصل الاجتماعى بإزالة كل محتوى يحمل تمييزا ضد الاسلام والمسلمين أو يحض على كراهيتهم أو إيذائهم.

10- تعزيز الحملات الإعلامية الرامية إلى زيادة الوعى بخطر الإسلاموفبيا وتعزيز الصورة الإيجابية للإسلام، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتقديم أعمال درامية تعكس الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين.

11- ترجمة الفتاوى والكتب المرجعية التى ترد على أنصار الإسلاموفوبيا إلى لغات مختلفة.

12- التوسع فى إجراء الدراسات والبحوث الميدانية والمسوحات الخاصة بحجم تعرض المسلمين للتمييز وخطاب الكراهية والاعتداءات النفسية والجسدية، على أن يتم نشرها بشكل دوري.  

المصادر

1- رابح زغوني (2014)، الإسلاموفوبيا وصعود اليمين المتطرف فى أوروبا: مقاربة سوسيوثقافية، بحث نشر في مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان.

2- حسناء عبد الله صالح(2020)، ظاهرة الإسلاموفوبيا (المفهوم، النشأة، أبرز الجهات المساهمة فى إذكاء الظاهرة)، مجلة الذخيرة للبحوث والدراسات الإسلامية، جامعة أم درمان الإسلامية، السودان.

3-وسام مسعد حجازي (2016)، الإسلاموفوبيا وأبعادها فى النظام الدولي، دار النشر للجامعات.  

4-تقرير المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد (2021)، “مكافحة كره الإسلام/الكراهية تجاه المسلمين لأجل القضاء على التمييز والتعصب القائمين على أساس الدين أو المعتقد”، مجلس حقوق الإنسان.

5- الإسلاموفوبيا فى أوروبا، تقرير 2022، متاح على الرابط التالي: https://islamophobiareport.com/en/

6- الموقع الرسمى للأمم المتحدة.

7- الموقع الرسمى لمفوضية حقوق الإنسان.

8- موقع منظمة التعاون الاسلامى.

9- الموقع الرسمى لمشيخة الأزهر.

10- الموقع الرسمى لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف.

11- الموقع الرسمى لدار الإفتاء المصرية.

 

 

 

 

The post “الإسلاموفوبيا” وعنصرية الغرب..قراءة فى المؤشرات والأسباب appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6988
العنف الرقمي ضد المرأة .. مؤشرات ومقترحات https://draya-eg.org/2023/02/18/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%82%d9%85%d9%8a-%d8%b6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%a3%d8%a9-%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d9%85%d9%82%d8%aa%d8%b1%d8%ad%d8%a7-2/ Sat, 18 Feb 2023 11:55:24 +0000 https://draya-eg.org/?p=6461 The post العنف الرقمي ضد المرأة .. مؤشرات ومقترحات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>

The post العنف الرقمي ضد المرأة .. مؤشرات ومقترحات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6461
العنف الرقمي ضد المرأة: مؤشرات ومقترحات https://draya-eg.org/2023/01/06/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%82%d9%85%d9%89-%d8%b6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%a3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d9%85%d9%82%d8%aa%d8%b1%d8%ad%d8%a7%d8%aa-%d9%84%d9%84%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9/ Fri, 06 Jan 2023 22:56:11 +0000 https://draya-eg.org/?p=6221 يُعتبر العنف الموجه ضد النساء من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا على مستوى العالم ، وينتج عنه أذى أو معاناة جسدية أوجنسية أو عقلية للمرأة، وتتنوع وسائله وأدواته مع مرور الزمن وتنامي الثورة المعلوماتية والتكنولوجية التى يشهدها العالم. ومن أخطر أنواع العنف التى باتت تواجه النساء مؤخرا مع تزايد نطاق الإنترنت، “العنف الرقمي” أو ما …

The post العنف الرقمي ضد المرأة: مؤشرات ومقترحات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يُعتبر العنف الموجه ضد النساء من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا على مستوى العالم ، وينتج عنه أذى أو معاناة جسدية أوجنسية أو عقلية للمرأة، وتتنوع وسائله وأدواته مع مرور الزمن وتنامي الثورة المعلوماتية والتكنولوجية التى يشهدها العالم.

ومن أخطر أنواع العنف التى باتت تواجه النساء مؤخرا مع تزايد نطاق الإنترنت، “العنف الرقمي” أو ما يُطلق عليه ” العنف الإلكتروني” والذى تقع ضحيته النساء المستخدمات بشكل خاص لمواقع التواصل الاجتماعى حيث تتقاطع الحياة الافتراضية مع الواقعية وتنكسر القيود وتتلاشى الخصوصية، ما قد يمثل تهديدا للاستقرار المجتمعي بشكل عام.

ونظرا لتنامي هذا الشكل من العنف وتداعياته الخطيرة على المجتمعات، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” هذا التقرير الذى يتناول بشكل مُفصل تعريف مفهوم ” العنف الرقمى ” وأنواعه وتداعياته ومؤشراته على المستوى العربي والمحلي، فضلا عن جهود الدولة المصرية فى مواجهة هذه الظاهرة، وتقديم بعض المقترحات التى قد تُسهم فى الحد منها. 

يتناول التقرير هذه القضية من خلال المحاور التالية:

أولا : مفهوم العنف الرقمى

ثانيا : سمات العنف الرقمي وأنواعه

ثالثا: تداعيات العنف الرقمي على النساء

رابعـا: مؤشرات انتشار العنف الرقمي ضد المرأة عربيا ومحليا

خامسا: جهود الدولة المصرية فى مواجهة العنف ضد النساء

سادسا: مقترحات لمواجهة العنف الرقمي ضد النساء

أولا: مفهوم العنف الرقمى ضد النساء

عرفت الأمم المتحدة العنف ضد النساء بشكل عام على أنه ” أي فعل من أفعال العنف القائم على النوع الاجتماعي يؤدي أو من شأنه أن يؤدي إلى أذى أو معاناة جسدية أو جنسية أو عقلية للنساء والفتيات، بما في ذلك التهديد بمثل هذه الأفعال أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء في الحيز العام أو الخاص. يشمل العنف ضد النساء والفتيات، على سبيل المثال لا الحصر، العنف الجسدي والجنسي والنفسي الذي يحدث في الأسرة أو داخل المجتمع العام، والذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه”.

وانطلاقا من حقيقة أن العنف الرقمي المُمارس ضد المرأة يعد امتدادا وتكريسا للعنف الموجهه ضدها فى العالم الواقعى، يُمكن تعريف العنف الرقمي على أنه ” السلوك المُتعمد الذى يقوم به فرد أو مجموعة أفراد عبر أحد تقنيات مواقع التواصـل الاجتمـاعى الإلكترونى وأدواتها المختلفة بهدف الإيذاء المـادى أو المعنوى للآخرين”.

كما يمكن تعريفه على أنه أى عمل من أعمال العنف ضد المرأة يتم ارتكابها باستخدام الهواتف المحمولة، أو الإنترنت، أو الرسائل النصية، أو البريد الإلكتروني، أو وسائل التواصل الاجتماعي .

ثانيا: سمات العنف الرقمي وأنواعه

لقد فرضت التطورات التكنولوجية المتلاحقة عددا من السمات للعنف الرقمى أو الإلكترونى جعلته أشد تأثيرا على الضحايا من النساء من الأشكال الأخرى للعنف ، يمكن إيجازها فى الصفات التالية :

1- أشد قسوة فى تداعياته من أساليب العنف التقليدى : يتمتع الجناة فى هذا النوع من الجرائم بإمكانية إخفاء أسمائهم وهوياتهم الحقيقية ، ولا يُعرف حجم تأثير جرائمه على الضحية والتى قد تؤدى فى بعض الأحيان الى الانتحار خوفا من الوصم والتمييز أو التشهير التى قد تتعرض له الأنثى أو أسرتها.

2- عالمى وعابر للحدود : هذا النوع من العنف المُوجه ضد المرأة لا تمنعه حدود المكان أو الزمان، كما يستخدم التقــدم التكنولوجى فى تنويع شكل ومضمون الممارسات العنيفة والعدوانية وغير المشروعة فى أى وقـت ، متجاوزة الحدود الجغرافية والزمنية بدون أى قيود .

3- دائم التطور والاستمرار: يتطور العنف الإلكترونى بشكل مستمر مع تطور الأساليب التكنولوجية الحديثة التى تساعد على بقاء أثر هذا العنف لوقت طويل، كمـا أنهـا سلوكيات مستمرة فى معظم أحوالها كما فى حالات السب والقذف والتشهير مالم يتم ضـبط الفاعـل والتدخل الفنى لإنهاء هذه الجرائم.

4- سهولة حدوثه وسرعة انتشاره: وذلك بسبب سرعة انتـشار المعلومـات الخبيثـة والكاذبة والــشائعات وســهولة الوصــول إليها  وغالباً مـاتكون غيـر قابلة للاسترجاع، فبمجرد نشرها على الإنترنت لا يـستطيع الجـانى إيقافهـا.

5- غياب التفاعل الجسدى: لا يوجـد تفاعـل جسدى بين الأطراف المتواصلة (الجانى- المجنى عليه)، ولا تتطلب طاقـة كبيـرة فـى مواجهة الضحايا مثل العنف التقليدى، كما تعتمـد على المهارة والكفاءة الذهنيـة والعقليـة وليـست الجسدية.

6- سهولة الوصول الى الضحية وصعوبة دفاعها عن نفسها : مكنت وسائل التواصل الاجتماعى الجناة من الوصول إلى الضحية فى أى وقت وفى أى مكان ، وفى نفس الوقت جعلت دفاع الضحية عن نفسها أو تجنبها لهذا النوع من العنف أمرا غاية فى الصعوبة .

هذا وقد حددت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أنواع العنف الرقمي المُوجه ضد النساء فى 6 أشكال كالتالي:

1- الاختراق : حيث يتم استخدام التكنولوجيا للوصول بصورة غير قانونية أو غير مصرح بها إلى الأنظمة أو الحسابات الخاصة بالمرأة لغرض الحصول على المعلومات الشخصية أو تغيير أو تعديل المعلومات الخاصة بها، أو الافتراء وتشويه سمعة الضحية المستهدفة.

2- الانتحال : حيث يتم استخدام التكنولوجيا لحمل هوية الضحية أو شخص آخر من أجل الوصول إلى معلومات خاصة أو إحراج الضحية أو إلحاق العار بها، أو التواصل معها أو إنشاء وثائق هوية مزورة .

3- التتبع : حيث يتم استخدام التكنولوجيا لمطاردة ورصد أنشطة الضحية وسلوكياتها، إما فى وقت حدوثها أو التى وقعت فى وقتٍ سابق. 

4- التحرش: حيث يتم استخدام التكنولوجيا للاتصال المستمر والإزعاج والتهديد أو تخويف الضحية، على أن يكون هذا السلوك متكررًا ومستمرًا وليس حادثًا واحدًا، وذلك عن طريق المكالمات المستمرة أو الرسائل النصية أو البريد الصوتى أو الإلكترونى.

5- التوظيف: حيث يتم استخدام التكنولوجيا لجذب الضحايا المحتملين فى حالات العنف، على سبيل المثال وظائف احتيالية وإعلانات سواء على مواقع التواصل أو مواقع فرص العمل.

6- توزيع مواد مزعجة:استخدام التكنولوجيا لمعالجة وتوزيع مواد تشهيرية وغير قانونية متعلقة بالضحية.

ثالثا: تداعيات العنف الرقمي على النساء

عادة ما تؤدى تداعيات العنف الرقمى على النساء إلى نتائج تفوق فى تأثيراتها السلبية أنواع العنف التقليدية..ويأتى فى مقدمتها :

1- التداعيات النفسية : عادة ما تعنى النساء اللاتى تعرضن لنوع أو أكثر من أشكال العنف الالكترونى من الاكتئاب والانعزال والشعور بالوصم والخزى وفى بعض الأحيان قد يلجأن إلى الانتحار .

2-التداعيات الاجتماعية : عادة ما تفضل أسر الضحايا عدم الإفصاح عن الجرائم الإلكترونية التى تتعرض لها فتياتها خوفا من نظرة المجتمع والمحيطين وتنامى الشكوك حول سلوكيات هذا الفتيات ، فيلجأون إلى الصمت مع الإحساس بالقهر الاجتماعى وعدم القدرة على معاقبة الجناة الذين أساءوا لنسائهم ، وهو الأمر الذى يعمق مشاعر الغضب داخل هذه المجتماعات لاسيما المجتمعات العربية المُحافظة .

3- التداعيات الاقتصادية : قد يؤدى العنف الرقمى والتشهير بالضحية إلى فقدانها للعمل وتقليص فرصتها فى الإلتحاق بعمل آخر ، ويزداد الأمر قتامة إذا كانت الضحية سيدة تعول الأسرة ،فتعرضها لهذا النوع من الجرائم وعدم قدرتها على الدفاع على نفسها يجعل وضع الأسرة الاقتصادى غاية فى الصعوبة ويؤثر بشكل مباشر على الأبناء . 

رابعا: مؤشرات انتشار ظاهرة العنف الرقمي ضد المرأة عربيا ومحليا

أوضح صندوق السكان التابع للأمم المتحدة فى إحصاءه الأخير أن  معدل الانتشار العالمي للعنف الرقمي ضد النساء والفتيات يبلغ 85٪، ويشمل ذلك النساء اللواتي عانين منه شخصيًا أو شهدنه ضد نساء أخريات.

1-العنف الرقمي ضد النساء على الصعيد العربي:

أوضحت نتائج دراسة استقصائية أجراها المكتب الإقليمى التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فى الدول العربية فى مايو 2020 عبر الإنترنت فى 9 دول (المغرب وليبيا وتونس والأردن وفلسطين ولبنان والعراق واليمن) لإلقاء الضوء على تزايد حالات العنف أثناء جائحة كورونا والمواقف المتخذة إزاء العنف، أوضحت أن العنف على الإنترنت كان أكثر أشكال العنف التى تم الإبلاغ عنها خلال الأشهر الأولى من الجائحة، وجاءت على النحو التالي:  

  • 49 % من مستخدمات الإنترنت في الدول العربية أبلغن عن عدم شعورهن بالأمان بسبب التحرش عبر الإنترنت.
  • 16 % من النساء في الدول العربية أبلغن عن تعرضهن للعنف على الإنترنت على الأقل مرة واحدة في حياتهن.
  • 60 % من النساء اللاتي تعرضن للعنف على الإنترنت في المطلق، تعرضن له خلال جائحة كورونا.
  •  نساء العراق الأعلى فى معدلات التعرض للعنف الرقمى بنسبة 70.4%، تليها نساء اليمن بواقع 62.3% ثم نساء الأردن بواقع 60.4% كما يوضح الشكل التالي:

شكل رقم (1) نسبة النساء اللاتي سبق لهن التعرض لعنف عبر الإنترنت

  • 44 % من النساء اللاتي تعرضن للعنف عبر الإنترنت تعرضن له أكثر من مرة.
  • أكثر أشكال العنف الرقمي شيوعا هو تلقي صور أو رموز غير مرغوب فيها ذات محتوى جنسي بنسبة وصلت لـ43%، تليها مكالمات هاتفية مضايقة أو اتصالات غير لائقة بنسبة 38%، و تلقي رسائل مهينة بنسبة 35%، والابتزاز الجنسي المباشر بنسبة 22%.
  • الفيس بوك المنصة الأولى التى تتعرض فيها النساء للعنف بواقع 43% يليها الإنستجرام بواقع 16% ثم الواتساب بواقع 11% كما يوضح الشكل التالي:

شكل رقم (2) المنصات التي تتعرض فيها النساء في الدول العربية للعنف على الإنترنت             

  • 12 % من النساء اللاتي تعرضن للعنف على الإنترنت أبلغن بتعرضهن للعنف البدنى بعد إبلاغ الأسرة بالواقعة.
  • 35 % من النساء اللاتي تعرضن للعنف على الإنترنت أبلغن عن شعورهن بالحزن والاكتئاب، من بينهم نحو 35 % أبلغن بأنهن فقدن الثقة في الأشخاص من حولهن، فيما أبلغت 12 % من النساء أنه قد راودتهن أفكار انتحارية نتيجة واقعة عنف على الإنترنت.
  • فى أعقاب التعرض للعنف الرقمي، طُلب من 36 % من النساء اللاتي تعرضن للعنف على الإنترنت تجاهل الأمر، وأُلقي اللوم على 23 % منهن، وطُلب من 21 % منهن حذف حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعرض نحو 12% للعنف البدني من قبل العائلة، كما يوضح الشكل التالي:

شكل رقم (3) آثار العنف الرقمي على حياة النساء

  • 51 % من النساء يؤكدن أن الهجوم عليهم عبر الإنترنت كان “بلا سبب محدد”، فيما اعتقد نحو 23% منهن أن السبب هو مظهرهن الخارجي، ونحو 16% أن السبب يكمن وراء مناصرة حقوق المرأة.

2- العنف الرقمي ضد المرأة فى مصر                  

شهد المجتمع المصري تطورات تكنولوجية كبيرة ومتلاحقة فى السنوات الأخيرة وأصبح التحول الرقمي أولوية لدى أجهزة الدولة المصرية، الأمر الذى أتاح لغالبية الأفراد استخداما متزايدا للإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعى حيث أصبحوا يقضون عليها معظم أوقاتهم ويتشاركون حياتهم الخاصة عبرها، مما تزامن معه زيادة فى معدلات تعرض النساء للعنف الإلكترونى.   

وبحسب بيانات وزارة الاتصالات، بلغت نسبة النساء اللاتى يستخدمن الإنترنت فى الاتصال بالآخرين من خلال الشبكات الاجتماعية مثل “فيسبوك” و”تويتر” نحو 91.2%، مقابل 94.87% للذكور.

كما كشف أحدث تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت عن طريق التليفون المحمول بنسبة زيادة 12.5% خلال أول 10 شهور من 2022 ، حيث بلغ عدد مستخدمي الإنترنت خلال أول 10 أشهر من 2022 نحو 69.5 مليون مستخدم مقابل 61.8 مليون مستخدم خلال نفس الفترة من عام 2021.

وتشير هذه النسب الكبيرة لاستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي إلى تزايد احتمالية تعرض النساء فى المجتمع المصري  للعنف الرقمي. وهو ما أكده استطلاع رأي أجرته هيئة بلان الدولية والذى نشرته وزارة التضامن الاجتماعي عبر موقعها الإلكتروني، حيث أشار إلى ارتفاع نسب الفتيات فى مصر اللاتى تعرضن للتحرش الإلكتروني وهو شكل من أشكال العنف الرقمي.

كشف الاستطلاع عن أن نحو 50 % من الفتيات أفدن بتعرضهن للتحرش الإلكتروني (شكل من أشكال العنف الرقمي) بكثافة أعلى من التحرش بالشارع، وأشار إلى أن التحرش الإلكتروني للفتيات يبدأ من سن 8 سنوات وتتعرض غالبية الفتيات للمضايقات الإلكترونية بين سن 14-16 عاما.

كما أفاد أن نحو 58 % من الإناث في مصر تعرضن للتحرش الإلكتروني، وحوالي 24 % من الفتيات اللاتي تعرضن للمضايقات الإلكترونية يشعرن بعدم الأمان الجسدي، ونحو 42 % منهن يعانين من آثار نفسية وعاطفية، و42 % يفقدن احترام الذات أو الثقة بالنفس، و18 % منهن لديهن مشاكل في المدرسة.

خامسا: جهود الدولة فى مواجهة العنف الرقمي ضد النساء

تحظى قضية مناهضة والقضاء على العنف ضد المرأة بجميع أشكاله باهتمام كبير من الدولة حيث تعمل أجهزة الدولة كافة على الحفاظ على حقوق المرأة وعدم النيل منها بأى صورة من الصور،  وذلك على النحو المنصوص عليه في دستور 2014 والذى تضمن العديد من المواد التى تكفل تمكين المرأة وحماية حقوقها. وتأتي أبرز الجهود كالتالي:

1- عكف المُشرع المصري على إصدار قانون خاص بالتحرش الإلكتروني وقد وصف المشرع التحرش بأنه كل تعرُض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية، أو أية وسيلة تقنية أخرى.

 ووضع له عقوبات تحقيقا للردع الخاص والعام وقد تدرج فى عقوبة الحبس ما بين السنتين والأربع سنوات كما تدرج فى الغرامة ما بين 100 ألف جنيه إلى 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وقد شدد المشرع العقوبة فى حالة تكرار الفعل إلى الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه، ولا تزيد على ثلاثمائة آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

2- يعمل حاليا المشرع المصري على تعديل القانون رقم 175 لعام 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات ليجعله متواكبا مع التطور التكنولوجي فى العصر الحالي للتصدى لجرائم الابتزاز الشخصي التى يعاني منها أفراد المجتمع وخاصة الفتيات فى ظل المنظومة الاجتماعية فى الوطن العربي حيث تخضع الفتيات للكثير من القيود والضوابط التى تجعلن عرضة للضغوط مما يسهل ابتزازهن والضغط عليهن.

ولهذا، فكر المُشرع فى تعديل المادة (25)التى تتعلق بحرمة الحياة الخاصة والاعتداء عليها من خلال التصوير أو التسجيل أو التصنت دون علم أو موافقة الشخص أو فى غير الحالات المُصرح بها قانونا أو القيام بنشر معلومات أو أخبار أو صور تنتهك خصوصية الغير دون رضاه سواء أكانت تلك المعلومات صحيحة أو غير صحيحة.

وكذا المادة (26 ) التى تتعلق باستخدام البرامج والتقنيات المعلوماتية الحديثة وإمكانية تغيير الواقع الذى من شأنه المساس باعتبار وشرف وشخص الإنسان مما يعرضه للابتزاز والتهديد.

3- إطلاق الاستراتیجیة الوطنیة لمكافحة العنف ضد النساء 2015-2020 تلبية لاحتياجات المجتمع في مواجهة العنف ضد المرأة بكافة أشكاله وصوره، وذلك من خلال أربعة محاور رئيسية: الوقایة، والحمایة، والتدخلات والملاحقة القانونیة.

4- عملت وزارة الداخلية على التصدي بحزم لممارسات العنف ضد المرأة بشكل عام والرقمي بشكل خاص، وذلك من عدة أوجه :

  • تخصيص وحدات خاصة بأقسام الشرطة لمواجهة العنف ضد النساء، حيث تم تعيين ضابطات شرطة لفحص الوقائع المتعلقة بهن .
  • زيادة عدد الدوريات المخصصة للتدخل السريع استجابة لأى اتصالات طارئة تتعلق بالعنف ضد النساء.
  • تنظيم دورات بأكاديمية الشرطة فى مجال مكافحة جرائم العنف ضد النساء مع استعراض لأفضل الممارسات الدولية حول آليات المواجهة والتعاون والدعم للحد من تلك الجرائم.
  • تخصيص غرفة عمليات لتلقى شكاوى التحرش – ومن بينها التحرش الالكترونى – من خلال الخطوط الساخنة المخصصة لهذا الغرض.

5- قيام المجلس القومى للمرأة بإنشاء وحدات مناهضة للعنف ضد الفتيات بالجامعات المصرية بالتعاون مع وزارة التعليم العالى وصندوق الأمم المتحدة للسكان بهدف دعم المفاهيم الأساسية للمساواة وتكافؤ الفرص لتحقيق التمكين والدعم النفسى والاجتماعى للمرأة حيث تم بالفعل إنشاء ودعم 23 وحدة على مستوى الجامعات الحكومية و3 وحدات بالجامعات الخاصة.

6- إنشاء مرصد المرأة المصرية بهدف متابعة تنفيذ المستهدفات الخاصة بوضع المرأة في الفترة من 2015 إلى 2030 من خلال:

-إعداد مجموعة من التقارير الدورية حول وضع المرأة المصرية وفجوة النوع الاجتماعي

– حصر وعرض القوانين المتعلقة بالمرأة.

– قياس التقدم المحرز فى كافة المجالات المتعلقة بتمكين وحماية المرأة من خلال متابعة قيم مؤشرات متابعة الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 ومؤشرات التنمية المستدامة المتعلقة بالمرأة.

7- إطلاق عدد من الحملات التى يمكن من خلالها التصدي للعنف وخاصة الرقمي وأبرزها:

– حملة ” ما تسكتيش ” بالطرق السريعة وتصميم وإذاعة الإعلانات المسموعة والمرئية للتشجيع على الإبلاغ عن حالات التحرش.

– حملة ” اتكلمى..احم نفسك وغيرك ” لزيادة الوعى بالمخاطر الإلكترونية وسبل الإبلاغ عن العنف الرقمى.

– إطلاق حملة ” السكة أمان” بمحطات السكك الحديدية للتوعية بأشكال العنف ضد المرأة .

8- لعب الإعلام دورا بارزا فى ذلك الشأن حيث أنشأ منصات للتواصل الاجتماعي بهدف محو الأمية الرقمية ونشر التوعية بخطورة الجرائم الإلكترونية والعنف الرقمى الذى قد تتعرض له النساء وكيفية حماية الأجهزة الرقمية من الاختراق وسرقة المعلومات الشخصية.

سادسا: مقترحات لمواجهة العنف الرقمي ضد النساء

بذلت الدولة المصرية جهودا مضنية خاصة فى ظل القيادة السياسية الحالية لتمكين المرأة والحفاظ عليها من أى عنف قد تتعرض له. وقد كانت توجيهات القيادة السياسة دافعا لكافة أجهزة الدولة لإسراع الخطى فى هذا الشأن، إلا أن هناك مقترحات يمكن أن تسهم فى الحفاظ على المرأة ضد العنف الرقمي :  

1-مخاطبة نواب الشعب وذلك لإصدار قوانين لمجابهة التطور التكنولوجى وما يمثله من خطورة فى ابتزاز وممارسة العنف ضد النساء، مع مطالبات بضرورة تصنيف العنف الأسرى والرقمى كجريمة مخلة بالشرف وينبغى تسجيلها فى صحيفة الحالة الجنائية فى حالة التكرار.

2-قيام المؤسسات الدينية، الأزهر والكنيسة، بتصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة حول طبيعة المرأة وكيفية التعامل معها بما يحفظ لها كرامتها ودون النيل منها، والتأكيد على منع تعرض النساء للعنف بكافة صوره وأشكاله بما يتفق مع مقاصد الدين والعرف فى المجتمع.

3-ضرورة قيام وسائل الإعلام بإعداد برامج تثقيفية سواء للنساء لمعرفة حقوقهن وكيفية الحصول عليها، أو للشباب والرجال لمعرفة كيفية التعامل الصحيح مع النساء دون الإضرار بهن وتعرضهن للأذى النفسي والمادي . فضلا عن الدور التوعي الهام بشأن القوانين المتعلقة بظاهرة العنف الإلكتروني حتى لا يعتقد البعض أنه عند ممارسته لهذا النوع من العنف سيكون بعيدا عن طائلة القانون والمحاسبة.

4-تشديد الرقابة على المحتوى الإعلامى والدرامي، وحذف أى  مظاهر تروج للعنف بكافة صوره وأشكاله، مع إبراز الجانب الإيجابي للعلاقات الإنسانية.

5-تأسيس وحدة لرصد العنف ضد النساء فى الإعلام، ويمكن أن تسهم التحليلات التى تصدرها هذه الوحدة فى صياغة رسائل تتناول قضايا العنف ضد النساء وتساعد على التخطيط لحملة إعلامية وطنية تستهدف النهوض بالوعى العام حول التداعيات السلبية للعنف ضد النساء على الأسرة والمجتمع.

6-على الجهات المختصة بالشئون الاجتماعية والبحثية القيام بإجراء تحليلات ودراسات بشأن هذه الظاهرة، مع ضرورة توفير معلومات إحصائية دقيقة حول أشكال العنف الممارس ضد المرأة وعمليات التدخل اللازمة مع التحديث المستمر لنتائج المسوح الديموجرافية والصحية والبيانات المتعلقة بالجرائم الالكترونية بشكل خاص من أجل رصد الاتجاهات وتقييم التقدم فى مجال مناهضة العنف الرقمى ضد النساء .

المصادر 

1- العنف ضد المرأة فى الفضاء الرقمي: رؤى من دراسة متعددة الأقطار فى الدول العربية، هيئة الأمم المتحدة للمرأة

2- هيئة الأمم المتحدة للمرأة / تقرير العنف ضد المرأة فى الفضاء الرقمى / رؤى من دراسة متعددة الأقطار فى الدول العربية ، متاح على الرابط التالى :

https://arabstates.unwomen.org/sites/default/files/2022-02/Summary_Keyfindings_Arabic_Final_2022.pdf

3- موقع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء / دراسة محددات العنف الزوجى ضد المرأة فى مصر ، متاحة على الرابط التالى :

https://www.unicef.org/egypt/media/5391/file/Determinants%20of%20violence%20against%20women%20.pdf

4- الموقع الرسمى لليونسيف

5- تقرير الإستراتيجية الوطنية للقضاء على العنف ضد المرأة.

6- الموقع الرسمى لوزارة التضامن

7- الموقع الرسمى للمجلس القومى للمرأة

8- – الموقع الرسمى للأمم المتحدة

9- الموقع الرسمى لمجلس الوزراء ( مركز المعلومات ودعم واتخاذ القرار ) .

10- الموقع الرسمى لوزارة الاتصالات

 

 

The post العنف الرقمي ضد المرأة: مؤشرات ومقترحات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6221
دراسة مقارنة لسياسات الإسكان قبل وبعد 2014..ما لها وما عليها https://draya-eg.org/2022/07/19/%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d9%85%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%86%d8%a9-%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d9%83%d8%a7%d9%86-%d9%82%d8%a8%d9%84-%d9%88%d8%a8%d8%b9%d8%af-20/ Tue, 19 Jul 2022 20:04:51 +0000 https://draya-eg.org/?p=3665 على مدار عقود طويلة شكلت قضايا الإسكان تحديا حقيقيا للحكومات المتعاقبة فى مصر ..وقد أسفرت جميع السياسات والإجراءات التنفيذية عن قصور كبير فى معالجة هذا الملف الذى يمس حياة كل المصريين ، والذى كان من أبرز تداعياته ارتفاع عدد الوحدات السكنية المغلقة وتفضيل التمليك وإهمال الثروة العقارية وعدم التناسب بين العرض والطلب من الوحدات السكنية، …

The post دراسة مقارنة لسياسات الإسكان قبل وبعد 2014..ما لها وما عليها appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
على مدار عقود طويلة شكلت قضايا الإسكان تحديا حقيقيا للحكومات المتعاقبة فى مصر ..وقد أسفرت جميع السياسات والإجراءات التنفيذية عن قصور كبير فى معالجة هذا الملف الذى يمس حياة كل المصريين ، والذى كان من أبرز تداعياته ارتفاع عدد الوحدات السكنية المغلقة وتفضيل التمليك وإهمال الثروة العقارية وعدم التناسب بين العرض والطلب من الوحدات السكنية، وظهور المناطق العشوائية التى شكلت خطورة على سلامة قاطنيها بل والمجتمع المصرى بشكل عام فى ظل غياب التخطيط وشيوع الفقر والجهل والبطالة والأفكار المتطرفة والجرائم المختلفة.

وعلى الرغم من إنفاق الحكومات المتعاقبة للمليارات على دعم مشروعات الإسكان لفئة “محدودي الدخل” و”الأكثر فقرا” أو “الأولى بالرعاية”، والتى حملت أسماء متعددة على مدار سنوات طويلة ما بين إسكان شعبي، وإسكان شباب، وإسكان اقتصادي، وأخيرا إسكان اجتماعي..يظل التساؤل الأبرز: كيف ساهمت سياسات الإسكان الحالية فى حل أزمة السكن خاصة لفئات محدودي الدخل؟

ولهذا تقوم هذه الدراسة بتسليط الضوء على أهم ملامح سياسة الإسكان فى مصر على مدى العقود الماضية، وتحليل السياسة المُتبعة قبل 2014 وبعدها لتحديد موقع سياسات الإسكان على قائمة أولويات الحكومات المتعاقبة، ومدى مراعاة السياسة الحالية لسلبيات السياسة السابقة، وذلك للوقوف على مدى نجاحها فى تلبية احتياجات محدودي الدخل والأكثر فقرا من الوحدات السكنية، وعدالة التوزيع مع توافر البنية الأساسية والمرافق والتوصل إلى إيجابياتها وسلبياتها، ومن ثم الإجابة عن تلك  التساؤل، على أن تنتهى الدراسة ببعض التوصيات لوضع سياسة أكثر شمولية فى توفير المسكن الملائم ولتفعيل برامج ومشروعات إسكان فئات الدخل المحدود ، وذلك بناء على ما تم رصده من سلبيات فى سياسة الإسكان الراهنة، وانطلاقا من اهتمام الدولة بحل مشكلة الإسكان وإعادة رسم الخريطة السكانية وزيادة مساحة المعمور.

أولا: المقصود بالسياسة الإسكانية

تُعتبر سياسة الإسكان جزءا من السياسة العامة للدولة ويُقصد بها كل الخطط والبرامج والقوانين واللوائح التى يتم إقرارها من قبل الحكومة داخل الدولة، بغرض إنشاء مشاريع أو وحدات سكنية، أو إعادة تقنين أوضاع سكنية موجودة، مما ينعكس بالإيجاب أو السلب على المجتمع وبالطبع على عملية التنمية.

وسياسات الإسكان تتضمن مجموعة كبيرة من البرامج قد تتعارض أو تتكامل مع بعضها البعض، حيث لا توجد صيغة موحدة تحكم سياسات الإسكان وتطبق فى أى زمان أو مكان..وإنما هناك أطر عريضة يمكن التحرك بداخلها، ويمكن الاستفادة من التجارب الواقعية السابقة والدراسات التى تبرز مزايا وعيوب البرامج المتضمنة فى تلك السياسات ومحاولة تطويع تلك التجارب لظروف كل مجتمع على حده وفقا للاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية السائدة فيه.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن نجاح سياسات الإسكان لا يعتمد على عدد الوحدات السكنية المُنفذة فقط، ولكن يعتمد على عدد من المعايير الكمية والكيفة والاقتصادية الأخرى كما ستوضح الدراسة لاحقا. 

ثانيا: أسباب مشكلة الإسكان ..أبرزها تناقص نصيب الفرد من المعمور

تتسم مشكلة الإسكان فى مصر بالتعقيد وتشعب الأسباب، ويُمكن إجمال هذه الأسباب كما يلي:

1- الزيادة السكانية: تُعيق الزيادة السكانية الكبيرة كافة خطط التنمية فى مصر، فالزيادة المضطردة فى السكان لا يقابلها – مهما بلغت جهود الدولة – إنشاء عدد ملائم من وحدات المسكن المناسب ، وهو ما تسبب فى لجوء الكثيرين للاعتماد على جهودهم الذاتية فى إيجاد المساكن الخاصة بهم وانتشار نمط البناء غير الرسمى والمعروف بالعشوائيات.

وطبقا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تجاوز عدد السكان حاليا حاجز 103 مليون نسمة، بواقع يتجاوز 2.5 مليون نسمة سنويا، وفى حال استمرار معدلات الزيادة السكانية على نفس الوتيرة فمن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى قرابة 120 مليون نسمة في عام 2030، وإلى 190 مليون نسمة في عام 2052.

2- الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن: حيث شكلت ضغطا هائلا على هذه المدن، فلم يكن حجم وأعداد المنازل فى هذه المدن مؤهلا لاستيعاب هذا العدد الهائل من السكان وبالتالى تفاقمت أزمة إيجاد السكان الملائم فى المدن الكبرى .

3- التناقص المستمر فى مساحات الأراضي الصالحة للبناء نتيجة لتوطين السكان على مساحة لا تتجاوز 7% من المساحة الكلية للدولة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضى والوحدات تباعا والزحف على الأراضي الزراعية بمعدل 65 ألف فدان سنويا، وتناقص نصيب الفرد من الأرض الزراعية حيث أصبح نصيبه أقل من 2 قيراط بعدما كان أكثر من فدان سابقا أى بمعدل يتجاوز الـ90%، فضلا عن انخفاض نصيب الفرد من المعمور حيث بلغ 75 م2 فى حين كان فى السابق 2000 م2 .

4- انخفاض الدخل: حيث أدى إلى عدم قدرة الأفراد على شراء وتملك الوحدات السكنية وتفضيلهم نظام الإيجار الذى أصبح مع مرور الوقت محدودا – خاصة نظام الإيجار القديم – وفى أحيان أخرى نتيجة صدور قوانين الإيجار الجديدة بما يفوق قدرتهم المادية ومحدودية دخولهم.

5إحجام القطاع الخاص عن الاستثمار في الإسكان الاقتصادي نظرا لانخفاض العائد الاستثماري في مجال الإسكان بصفة عامة والإسكان الاقتصادي والمتوسط منه بصفة خاصة، مقارنة بعائد الاستثمار بالأنشطة الاقتصادية الأخرى.

6عدم وجود سياسة واضحة للتخطيط العمرانى وإدارة الأراضي فى ظل تعدد ولايات إدارة الأراضي وعدم التنسيق بينها مما أدى إلى سوء تنمية الأراضي وظهور عشوائيات التعامل معها وحدوث تشوه كبير فى توزيع السكان داخل محافظات ومدن الجمهورية المختلفة.

7- عدم الرضا عن المسكن، فأزمة الإسكان لا تقتصر على العجز الكمي فى عدد الوحدات السكنية، بل تمتد الأزمة كيفيا إلى عدم ملائمة المسكن من حيث المساحة ومواصفات البناء والموقع واكتمال المرافق.

 ثالثا: تطور سياسات الإسكان فى مصر

وضعت حكومات مصر المتعاقبة سياسات لمواجهة تزايد الطلب على الإسكان والتى تنطوى على التخطيط والتوجيه والتشريع والتمويل والتنفيذ وتتناولها الدراسة الحالية من خلال محورين تاريخين وهما سياسات الإسكان  قبل عام 2014 ، وسياسات الإسكان بعد 2014.

الجزء الأول من الدراسة

أولا : سياسات الإسكان قبل عام 2014

  • سياسات الإسكان فى مرحلة الخمسينيات والستينيات:

شهدت هذه الفترة استقرارا فى الإسكان إلى حد كبير حيث قامت الدولة بإصدار العديد من القوانين المعنية بتنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين وأبرزها القانون الذى يمنع المالك من طرد المستأجر بنهاية عقد الإيجار، وكذا تخفيض الإيجارات بنسبة 15% على العقارات المنشأة عام 1952، بينما تم تخفيض 20 ٪على العقارات المنشأة من عام 1952 إلى 1958 ، كذلك حرصت الدولة على بناء المساكن ذات التكلفة المنخفضة والتوسع فى الإسكان الحكومى المتوسط وإنشاء الأحياء السكنية للعمال والموظفين بجوار المراكز الصناعية الجديدة .

  • سياسات الإسكان فى مرحلة السبعينيات والثمانينيات :

فى ظل انتهاج الدولة المصرية فى هذه المرحلة لسياسات الانفتاح الاقتصادى، اتجهت إلى بناء المجتمعات العمرانية وحرصت الدولة على إشراك القطاع الخاص فى الاستثمار بقطاع الإسكان، ﻭﺗم بناء  ﺃﻧﻣﺎﻁ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻟﻠﺗﺟﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ آنذاك (ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﻣﺳﺗﻘﻠﺔ- ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﺗﺎﺑﻌﺔ- ﺍﻟﻣﺩﻥ ﺍﻟﺗﻭأﻡ- ﺍﻟﺗﺟﻣﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻣﺭﺍﻧﻳﺔ ﺍﻟﻌﺷﺭ ﺣﻭﻝ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﻛﺑﺭﻯ).

ترتب على تلك السياسات تراجع الإسكان الشعبى وتوقف بناء المساكن منخفضة التكاليف واختفاء نظام الإيجار وظهور وحدات التمليك بشكل كبير، كما شهدت هذه الفترة بداية ظهور الإسكان العشوائى غير الرسمى ليكون بديلا عن الإسكان الشعبى الذى كانت تتولى مسئوليته الدولة، مما عكس عدم قدرة الدولة على توفير مسكن لكل فئات المجتمع، حيث لم يحقق ﻗﻁﺎﻉ ﺍﻹﺳﻛﺎﻥ ﻣﺎ ﻫﻭ ﻣﺧﻁﻁ ﻟﻪ من حيث تلبية احتياجات الملايين من المواطنين من  فئة محدودي الدخل.

  • سياسات الإسكان فى مرحلة التسعينيات وحتى 25 يناير 2011:

حاولت الدولة المصرية فى هذه الفترة أن تُظهر اهتماما كبيرا بفئة محدودى الدخل – وأعلنت الحكومة عن إنشاء الإسكان الاقتصادي ومنخفض الدخل، بينما الإسكان المتوسط والممتاز سيكون مسئولية القطاع الخاص.

وقامت الحكومة بإنشاء عدد من مشاريع الإسكان الخاصة بمحدودى الدخل والشباب، منها مشروع مبارك لإسكان الشباب عام ١٩٩٦، ومشروع إسكان المستقبل ١٩٩٨ ،والمشروع القومى للإسكان (٢٠٠٥-٢٠١١( الذى أُعلن بمقتضاه بناء 500 ألف وحدة سكنية بدعم يصل 7.5 مليار جنيه، وتم التخطيط للمشروع على أن تتولى الهيئات الحكومية قرابة ثلثي الوحدات في البرنامج بينما يتولى القطاع الخاص من الأفراد والشركات بناء الثلث الآخر.

أنماط المشروع القومي للإسكان:  

1- بيت العائلة: يشمل نحو 0.6% من إجمالي وحدات المشروع حيث تضمن طرح وحدات بمساحة 63 مترا و70 مترا، واتسم المشروع بالتمييز الشديد حيث طرحت وحداته على الذكور العاملين فى الهيئات والنقابات والجهات الحكومية دون الجمهور العادي واشترطت حصول الزوجة على مؤهل عال والتحاقها بعمل، وألا يزيد عدد الأطفال عن اثنين.

2ابنى بيتك: يستحوذ على 17.8% من إجمالي وحدات الإسكان القومي وتم إسناده للقطاع  الخاص، وهو يتيح لمحدودى الدخل قطعة أرض يتم بناؤها خلال مدة زمنية محددة مع دعم نقدي بلغ 15 ألف جنيه، غير أن تكلفة إنشاء وحدة قابلة للسكن فى تلك الفترة كانت تصل لـ 71 ألف جنيه في المتوسط، وهو ما أدى الى استدانة ملاك الوحدات وتعثر البعض الآخر، فضلا عن وجود مشكلات فى دخول المرافق.

3- المستثمرون: تمثل 20% من إجمالي وحدات المشروع ويقوم ببنائه القطاع الخاص، وتعد هذه الوحدات هى الأكثر تميزا، وتصل فيها أسعار الوحدات التى تسدد كامل قيمتها نقدا 95 ألف جنيه وهو ما يعادل ضعف ثمن وحدات التمليك التابع للقطاع العام، مما يصعب معه تملكها من قبل محدودي الدخل.

4- قرى الظهير الصحراوي: تشمل 1.6% من إجمالي وحدات المشروع ويتم تخصيصها بالتمليك.

5- محاور التخصيص بالإيجار (الإيجار والأولى بالرعاية) والتى تمثل 20% من إجمالي الوحدات. 

 يُمكن القول إن سياسات الإسكان فى تلك الفترة تتسم بالتالي:

  • خدمة أغراض سياسية تتعلق بالدعاية الإنتخابية فى المقام الأول.
  • التغاضى عن احتكار بعض السلع الأساسية المستخدمة فى عمليات البناء مثل حديد التسليح (حديد عز).
  • اتباع أسلوب المزادات فى عملية بيع الأراضى التى يتم تخصيصها من قبل الدولة (ممثلة فى وزارة الإسكان) الأمر الذى ترتب عليه ارتفاع شديد فى أسعارها، ومن ثم ارتفاع كل أسعار العقارات بالتبعية.
  • اتسمت عمليات تخصيص الوحدات بغياب الشفافية وخضوعها للمحسوبية وغياب الرقابة القانونية.
  • جاءت أنماط الحيازة بنسبة 90% للتمليك و10% للإيجار، ومن ثم لم تحقق تطلعات الفئات المستهدفة من محدودى الدخل والفقراء والأكثر فقرا والتى لا تستطيع دفع مقدم لتملك الوحدة وتعجز أيضا عن دفع الأقساط الشهرية المرتفعة.
  • معدلات الأقساط أو الإيجار لبرنامج الإسكان القومي كانت تتجاوز 30% من دخل الأسر الفقيرة والأكثر فقرا، فى حين أن الدراسات المختلفة أوضحت أن أكبر قدر يُمكن للأسرة أن تنفقه من دخلها على جميع النفقات ذات الصلة بالسكن (مثل الإيجار أو الأقساط أو فواتير المرافق أو رسوم الصيانة والضرائب) يتراوح بين 20 إلى 30% فقط، وعليه فإن الفئات المستهدفة لم تستطع الوفاء بالشروط المالية المحددة للتأهل للحصول على وحدات سكنية.
  • عجز محدودى الدخل أيضا عن الوفاء بالشروط والالتزامات المادية اللازمة لتملك وحدات الإسكان القومى حيث إنه يُشترط للحصول على قرض من أجل تملك وحدة سكنية العمل فى وظيفة رسمية، الأمر الذى جعل إمكانية تملك الوحدات مستحيلا لقرابة 64 % من القوى العاملة والذين يعملون في وظائف بلا عقود رسمية.
  • التشوه الجغرافي في تخصيص الوحدات بما لا يتلائم مع واقع أعداد السكان فى محافظات مصر المختلفة ، ففى حين حظيت القاهرة الـكبرى (القاهرة والجيزة والقليوبية) بنصيب كبير من وحدات الإسكان الشعبي قد يتجاوز 40% على الرغم من أن عدد سكانها يتجاوز 20% فقط من إجمالي عدد سكان مصر آنذلك، بينما حظيت محافظات الصعيد على نصيب متدني من الوحدات على الرغم من توافر أرض بها مخصصة لهيئة المجتمعات العمرانية وتصلح لبناء مدن جديدة ولها ظهير صحراوى.
  • عدم ملائمة الوحدات للسكن: قدم برنامج الإسكان القومى نموذجين من الوحدات ، الأول بإجمالى مساحة 42 مترا (صافى مساحة 37 مترا) ، والثانى بمساحة 63 مترا (صافى مساحة 54 مترا) وجميعها مساحات متدنية للغاية لا تلبي احتياجات المواطنين، لاسيما وأن الفئة المستهدفة من محدودي الدخل تتسم أسرها بزيادة عدد أفرادها.
  •  عدم رضا الأفراد عن المسكن ومواصفاته الهندسية والإنشائية ، فتشير البيانات إلى تعرض وحدات كثيرة للهبوط والميل والتصدعات مثلما حدث فى مشروع “هرم سيتي” أحد مشاريع محور ”المستثمرين“ الذي نفذه القطاع الخاص.
  •  عدم توافر الخدمات والمرافق فظلت عشرات الآلاف من الوحدات السكنية بدون مرافق وخدمات توفر احتياجات قاطنيها، ولعل مشروع ” ابنى بيتك ” خير دليل على ذلك.
  •  بناء أكثر من 50% من وحدات المشروع القومى للإسكان فى مناطق صحراوية وفى المدن الجديدة البعيدة عن العمران دون توفير الخدمات الضرورية من وسائل مواصلات ومدارس ومستشفيات وأسواق ونقاط شرطة وغيرها.
  • سياسات الإسكان منذ أحداث 2011 وحتى ثورة 30 يونيو 2013

اتسمت هذه الفترة الزمنية بحالة من الانفلات الأمن والفوضى والاضطراب التى أثرت على كل مناحى الحياة فى المجتمع المصري، ومن بينها المجال العمراني حيث انتشرت عمليات البناء العشوائي وشكلت خطرا داهما على المجتمع بأسره وعائقا حقيقيا أمام خطط تحقيق التنمية.

وعلى الرغم من ظهور الحق فى السكن لأول مرة فى دستور 2012 فى المادة 68 التى نصت على ” حق المواطنين فى المسكن الملائم والماء النظيف والغذاء الصحى باعتبارها حقوقا مكفولة، وأن تتبنى الدولة خطة وطنية للإسكان تقوم على العدالة الاجتماعية وتشجيع المبادرات الذاتية والتعاونيات الإسكانية وتنظيم استخدام أراضى الدولة لأغراض العمران بما يحقق الصالح العام ويحافظ على حقوق الأجيال القادمة” ..إلا أن المادة لم تُوضح من المسئول عن تنفيذ تلك الخطة، ومن ثم تلبية الحق فى المسكن، هل هى الدولة أم أطراف أخرى؟ كما لا تُلزم هذه المادة الدولة بتوفير السكن للمواطنين الذين لا يستطيعون تحمله تكلفته المالية، ولا تحدد آليات أكثر وضوحاً لتنفيذ ما يسمى بـ”خطة وطنية للإسكان”.

كما أن المادة 68 لم تُقدم تعريفاً محدداً وواضحاً لمفهوم المسكن الملائم، ولا تربط تعريف المسكن الملائم في الدستور المصري بالمواثيق والمعاهدات الدولية المنظمة لهذا المجال كمرجعية لتعريف معايير الحق في المسكن الملائم.

كانت السياسات المتبعة لحل أزمة الإسكان فى هذه الفترة يشوبها أوجه قصور كثيرة حالت دون وضع حلول جذرية لمشكلة الإسكان ولم تضمن حصول فئات الدخل المحدود على وحدات سكنية، الأمر الذى أدى إلى تنامي أعداد المناطق العشوائية فى جميع أنحاء الجمهورية..ولعل أبرز سلبيات سياسة الإسكان آنذاك ما يلي:

  • غياب البعد الاجتماعي عن المشروعات والاهتمام بالجانب العمراني فقط على حساب باقى الجوانب التنموية.
  • ضعف مشاركة الأهالي والمؤسسات الأهلية فى التخطيط والتنفيذ للمشروعات.
  • قصور فى التنسيق بين مهام الجهات المشاركة من حيث ضعف الاتصال وتداخل المسئوليات.
  • عدم تحقيق المشروعات للاحتياجات الفعلية والأولويات وذلك بسبب عدم وجود رؤية تنمية شاملة لكافة أبعاد المشكلة.
  • عدم استناد السياسات العامة لمشروعات الإسكان للدراسات العلمية، واتسامها بالمركزية.
  • اقتصار تمويل إسكان محدودي الدخل على الحكومة في ظل ضعف إمكانياتها ومواردها، ومحدودية مساهمة القطاع الخاص.
  • لم تحقق السياسة الإسكانية خلخلة فى توزيع السكان حيث أخفقت فى توطين السكان على مساحة تتجاوز الـ7% من المساحة الكلية للدولة.

المراجع

-نجلاء المصيلحى (2017)، الأبعاد الاجتماعية لسياسات الإسكان فى مصر، المجلة الاجتماعية القومية، المجلد الرابع والخمسون، العدد الثالث، ص51

-مروة سيبوية حامد (2018)، رؤية نحو سياسة فعالة لإسكان محدودي الدخل فى مصر: تقييم برنامج الإسكان الاجتماعي بالمدن الجديدة، كلية التخطيط الإقليمي والعمراني، جامعة القاهرة.

-شيماء الشرقاوي (2014)، تقييم سياسات الإسكان فى مصر، منتدى البدائل العربي للدراسات.

– وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، إنجازات الإسكان القومي 2009.

-وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، المشروع القومي للإسكان 2012.

– تصريحات صحفية للمدير التنفيذي لصندوق تحيا مصر تامر عبد الفتاح.

-تصريحات لوزير الإسكان د. عصام الجزار فى ديسمبر 2021.

-الموقع الرسمي لصندوق التنمية الحضرية http://www.isdf.gov.eg

–  نشرة الإسكان فى مصر 2020/2021 الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى يونيو 2022.

– الموقع الرسمي لمركز المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء https://www.idsc.gov.eg/

 

 

The post دراسة مقارنة لسياسات الإسكان قبل وبعد 2014..ما لها وما عليها appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3665
الأقليات الأوروبية خارج الإطار الديموقراطي https://draya-eg.org/2022/07/06/%d8%b9%d9%86%d8%af%d9%85%d8%a7-%d8%aa%d8%aa%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a8%d8%a7%d8%af%d9%89%d8%a1-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%b4%d8%b9%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d9%84/ Wed, 06 Jul 2022 14:34:27 +0000 https://draya-eg.org/?p=3626 لا تخلو أي دولة في القارة الأوروبية العجوز من أقلية دينية أو عرقية أو لغوية والذين يًقدر تعدادهم بأكثر من 50 مليون شخص (أكثر من 10 % من السكان)، ويرجع وجودهم إلى حركة الهجرة المستمرة إلى أوروبا والتغيير في حدود الدول على مدار التاريخ نتيجة الحروب والصراعات والظروف الاقتصادية، وبقاء الجماعات في نفس مناطقهم رغم …

The post الأقليات الأوروبية خارج الإطار الديموقراطي appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
لا تخلو أي دولة في القارة الأوروبية العجوز من أقلية دينية أو عرقية أو لغوية والذين يًقدر تعدادهم بأكثر من 50 مليون شخص (أكثر من 10 % من السكان)، ويرجع وجودهم إلى حركة الهجرة المستمرة إلى أوروبا والتغيير في حدود الدول على مدار التاريخ نتيجة الحروب والصراعات والظروف الاقتصادية، وبقاء الجماعات في نفس مناطقهم رغم تغير القوى المهيمنة تاريخياً عليها.

وعلى الرغم من تسجيل التاريخ لإسهامات الأقليات في تنمية أوطانهم وإثراء القيم والثقافة فى كل دول العالم بلا استثناء، وتبني الاتحاد الأوروبي قوانين مكافحة التمييز وإقرار الدساتير الأوروبية بالمساواة في المواطنة، إلا أن هناك على أرض الواقع ثمة خروقات حقوقية في حق بعض الأقليات الأوروبية وكأنهم يعيشون خارج القارة التى ولدت بها الديمواقراطية ويبدو أنها تحتضر وسط تصاعد أفكار عنصرية متشددة بل ومتطرفة يخفت معها بريق الديمقراطية المزعوم، وتبزع نزعات الثأر والفصل العنصري والاستياء القومي.

وانطلاقا من استمرار معاناة بعض الأقليات الأوروبية من الاضطهاد والتهميش والتمييز العنصري، تأتي أهمية هذا التقرير الذى يستعرض  واقع الأقليات فى القارة العجوز، وتأتي محاوره كالتالي: 

أولا: حقوق الأقليات

يُشير إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات والصادر عام 1993 ، إلى أربع فئات من الأقليات هي: الأقليات القومية والإثنية والدينية واللغوية. وفى ظل عدم وجود تعريف مُتفق عليه دوليا حول الأقليات، تتعدد وتختلف تعريفات الأقليات، ومنها تعريف مشروع بروتوكول الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1993 الذى نص فى مادته الأولى أن عبارة “أقلية” تعنى مجموعة أشخاص فى دولة يكون عددهم أصغر من باقي سكان هذه الدولة، ويقيمون فيها وهم من مواطنيها ولديهم روابط قديمة ومتينة ومستمرة مع هذه الدولة ويظهرون خصوصيات عرقية أو ثقافية أو دينية أو لغوية مميزة.

وينص إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات على المعايير الأساسية و المبادىء التوجيهية التى على الدول اعتمادها بالتشريعات المناسبة وغيرها من التدابير الرامية إلى ضمان حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات والعمل على ضمان المشاركة والإدماج بشكل فعال، ومن تلك التدابير:

-الحث على المعرفة العامة بتاريخ الأقليات الموجودة داخل أراضي تلك الدول والتعرف بتقاليدها ولغاتها وثقافاتها.

-تمكين الأشخاص المنتمين إلى أقليات من المشاركة الكاملة في التقدم الاقتصادي والتنموي لبلدانهم.

كما تُقر جميع المعاهدات التسع الأساسية لحقوق الإنسان بوضع الأقليات على قدم المساواة بكافة حقوق الإنسان الراسخة، حيث تم  ذكر حماية حقوق الأقليات في المادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 30 من اتفاقية حقوق الطفل، فضلا عن أن العناصر الأساسية لأطر الأمم المتحدة تضم حقوق الأقليات فيما يخص حماية وجودهم كأقليات، وعدم التمييز، وتمتعها بثقافتها ودينها ولغتها الخاصة؛ والمشاركة الفعالة في الحياة الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والعامة، والمشاركة الفعالة في صنع القرار، والحفاظ على تجمعاتها الخاصة، والحفاظ على اتصالاتها وعلاقاتها عبر الحدود .

وعلى الرغم من إقرار المجتمع الدولي بتلك الحقوق، إلا أن واقع الدول يُشير إلى استمرار تعرض الأقليات للعديد من أشكال التمييز، والتي تولد الشعور بالتهميش أو الاضطهاد وقد تدفع تلك المجتمعات إلى العنف.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن حماية الحقوق اللغوية للأقليات ظهرت على جدول الأعمال السياسي الأوروبي عندما ظهرت دول جديدة (مثل تشيكوسلوفاكيا أو يوغوسلافيا أو رومانيا الكبرى) على أساس مبدأ تقرير المصير، ولتعويض هذه الأقليات ، تم النص على حماية حقوق الأقليات المختلفة في معاهدات الأقليات المختلفة بين الدول الأوروبية، بما في ذلك مبدأ عدم التمييز، والحق في التعليم بلغات الأقليات، وما إلى ذلك.

وتكمن المشكلة الرئيسية في نظام معاهدات الأقليات فى أن التزامات الدول تختلف اختلافًا كبيرًا وأن عددًا قليلاً فقط من الدول الأوروبية امتثلت لالتزاماتها بموجب هذه المعاهدات.

وفي عام 2019 اعتمد البرلمان الأوروبي بشأن الحقوق الأساسية للسكان المنحدرين من أصل إفريقي والذي تضمن الاعتراف بحقهم في العمل والسكن ، فى حين أنه لم يُصدر قرارًا مماثلاً بشأن الأقليات القومية.

ثانيا: واقع الأقليات الأوروبية

سجل الواقع الأوروبي تفاوتا كبيرا فى التعامل مع مختلف الأقليات، فلم تحصل الأقليات القومية في فرنسا أو اليونان على مجرد حق الاعتراف وبالتالي المشاركة في الحياة العامة، في حين دول مثل سويسرا وفنلندا وبلجيكا وإيطاليا وأسبانيا تتمتع داخلها بعض الأقليات بدرجة عالية من الاستقلالية والحكم الذاتي.

وبشكل عام فمنظور الأقلية (العرقية – اللغوية – الدينية) لا يزال غير مرئي تقريبًا في سياسات الاتحاد الأوروبي ، حيث نادرًا ما يتم إشراكهم في الحوارات والمؤتمرات الأوروبية، بينما المنظور الأوروبي للتنوع يقتصر على العمر والنوع، وغالبًا ما تطالب الدول المواطنين بالتوافق مع هوية مجتمع الأغلبية، حتى لو كان ينتمي إلى أقلية قومية، أو تميل الحكومات للحفاظ على المسافة الاجتماعية من أولئك الذين تم تصنيفهم بشكل مختلف وفي وضع عدم الاعتراف بحقوقهم المشروعة كأقليات.

وقد يُشعل ذلك الأمر توترات خطيرة في المجتمعات الأوروبية مما يهدد السلام والاستقرار بها، وبتفنيد أسباب معظم النزاعات العنيفة نجدها مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان للأقليات والضعف المتصور لوضعهم ومكانتهم ، وعادة تختلف العلاقة بين التحيز والعداء ضد الأقليات الأوروبية في شدتها وفقًا للطوارئ الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بدءًا من مرحلة الارتباط المنخفض إلى مرحلة التحيز  وفي بعض الحالات تصل إلى العداء الصريح ، في تدرج من العنف الرمزي إلى العنف الجسدي ، ومن الصراع الجزئي الرمزي إلى التعبئة السياسية المنظمة.

ثالثا: مشكلات الأقليات الأوروبية

1- عدم الاعتراف بوجودهم: تعاني بعض الأقليات من عدم اعتراف الحكومات بوجودهم والذي يتنافي مع المواثيق الدولية والمعاهدات الحقوقية كأقلية “الروما” (الغجر) وهي أكبر مجموعة سكانية مهمشة يتراوح بين 10 و12 مليون نسمة يعيش نحو 6 ملايين منهم في دول الاتحاد الأوروبي مما يجعلهم أكبر أقلية عرقية في أوروبا.

تتفشى الممارسات التمييزية ضد “الروما” في شتى مجالات الحياة  في دول الاتحاد الأوروبي حيث يُستبعد غجر الروما من مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية ، بما في ذلك التوظيف والإسكان والتعليم . وتشير بعض التقديرات إلى أن نسبة بطالة عجر الروما تبلغ 80 % (رأي اللجنة الاستشارية المعنية بالاتفاقية الإطارية بشأن سلوفينيا) كما يواجهون مشكلة في الحصول على سكن مناسب فغالبًا مايسكنون في مستوطنات غير الرسمية وكذلك الحصول على التعليم.

وفقا لآخر تقرير نشرته المفوضية الأوروبية عن وضع غجر أوروبا فإن نحو 78 ٪ يعيشون في منازل مزدحمة، و50 ٪ لا يوجد لديهم مراحيض أو مغاسل، و68 ٪ من الأطفال يتركون التعليم في وقت مبكر، و57 ٪ لا يعملون بأجر.

وفي عام 2020، انتقد مقرر الأمم المتحدة المعني بقضايا الأقليات “فيرناند دي فارينيس ” استمرار كراهية الروما واستبعادهم وتشويه سمعتهم في بقاع عدة من العالم، وطالب الأمم المتحدة  بالعمل مع المجتمع المدني للروما وغيره للتحدث علنا ضد معاداة الغجر والدفاع عن إدماج الروما وحقوق الإنسان. وفي أغسطس 2020 دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الدول الأعضاء إلى التزام إنهاء التمييز ضد غجر الروما.

وقد تحسن وضع عجر الروما قليلا في الآونة الأخيرة حيث حدد 2 أغسطس “اليوم الأوروبي لإحياء ذكرى محرقة غجر الروما ، بينما حدد يوم 8 من أبريل يوم دولي للروما، والذي يعتبر اعترافًا دوليًا بهم. وأثناء الحرب الروسية الأوكرانية طالب الأمين العام للأمم المتحدة الدول المستضيفة للاجئين الأوكرانين والتى من ضمنهم  جماعة الروما – الكثير منهم غير موّثقين- بتقديم نفس التضامن الذي يتمتع به اللاجئون الآخرون، وتوفير الحماية والأمان ووصول جهود الإغاثة بشكل متساوٍ بصرف النظر عن وضعهم القانوني.

وكذلك الوضع بأقلية الصرب في سلوفانيا، فلا يزالون بدون أوراق إقامة، وبالتالي لا يمكنهم الوصول إلى الخدمات الأساسية والمشاركة في الشؤون العامة واستخدام اللغة وتعليم اللغة والثقافة الأم. كما أن هناك بعض الدول التى لاتعترف بالأساس بوجود أقليات دينية، كدولة سلوفينيا التى لا تعترف بالبوشناق والمسلمين والكروات كأقلية فبعضهم لا يزالون بدون أوراق إقامة ، وبالتالي لا يمكنهم الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية، وكذلك حقهم في تعلم واستخدام لغتهم الأم ، وحرمانهم من المشاركة في الشئون العامة. كما أنهم يواجهون الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي ، كما أن مرافق ممارسة شعائر الإسلام غير كافية .

2- خطاب الكراهية : تعرضت بعض الأقليات في أوروبا لخطاب الإقصاء والكراهية والسخرية من المعتقدات ، رغم مناداة القوانين الأوروبية بحرية التعبير واحترام المعتقدات، فخلال الآونة الأخير شهدت العديد من الدول الأوروبية مظاهر الرهاب الأوروبي تجاه المسلمين أو مايسمى “بالإسلاموفوبيا” والذي تشكل بفعل مزيج من ثلاثة تحيزات قوية ، الأول: تجاه الأجنبي (المهاجر)، الثاني: العنف من قبل بعض من المنتميين للدين الإسلامي خاصة بعد تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية في أوروبا، الثالث: الإحساس الأوروبي بالتفوق الفكري والعلمي واعتبار باقي العالم في منزلة أدنى ثقافيًا ومن بينهم المسلمين.

فالرأي العام الأوروبي ينظر إلى المهاجرين على أنهم غزاة يريدون أسلمة أوروبا التقدمية والهيمنة عليها، مما شكل مخاوف أمنية خاصة مع تزايد عدد المسلمين الأوروبيين ، والذي بدوره دعم ظهور أحزاب سياسية جديدة في أوروبا أدرجت صراحة في برامجها النضال ضد ما يسميه أسلمة أوروبا وتطور معه الخطاب المعادي للإسلام باستخدام الآلة الإعلامية الكبيرة التابعة لليمين المتطرف التى تدعو السياسيين لاتخاذ مواقف يمينية شعبوية لكسب أصوات الناخبين.

وتُعد الساحة الفرنسية أكثر الساحات الأوروبية التى سقطت بها أقنعة التسامح والتعددية الدينية والثقافية، حيث شهدت تراجعا كبيرا في احترام العقائد وحرية التدين، وهو ما شاهدناه خلال الممارسات العنصرية من مجلة “شارلي إبدو” التى نشرت رسومات كاريكاتورية مسيئة للمسلمين تحت مرأى ومسمع السلطات الرسمية دون إبداء أي اعتراض، الأمر الذي يمكن تفسيره على محمل تورط الساسة في تغذية خطاب الكراهية ضد المسلمين ،كما أن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بتاريخ 11 يوليو 2017 بحظر النقاب في بلجيكا وفرنسا والنمسا وهولندا والغريب، يتناقض مع العقيدة الأساسية بحماية الحريات الفردية المطبقة لعقود في أوروبا ، تبدو فيها المحكمة أنها تخضع للرأي العام والأغلبية بدلاً من الحفاظ على حقوق الحرية الدينية وحرية الاختيار.

3- تفضيل الحكم الذاتي : قد تفضل بعض الأقليات الاستقلال التام أو الحصول على الحكم الذاتي وعدم الاستمرار تحت حكم الدول مما يشكل وقود للتوترات الداخلية، فعلى سبيل المثال ، الحالة الكاتالونية، على الرغم من مساحة الاستقالية التى يتمتع بها الإقليم وإقرار الدستور أن لسكان إقليم كاتالونيا جنسيتهم الكاتالونية وليست الإسبانية، ومنح الإقليم الحكم الذاتي عام 1932، إلا أن الاستفتاء الذي جرى عام 2017 كان لغرض الانفصال التام عن أسبانيا وقد حصل مؤيدو الانفصال على نسبة 92% من الأصوات. وبالفعل قام البرلمان الكاتالوني بإعلان استقلال كاتالونيا وانفصالها عن إسبانيا يوم 27 أكتوبر 2017 ، وكذلك الحال بالنسبة كورسيكا، أعلن وزير الداخلية الفرنسي مؤخرًا أن الحكومة ستبدأ محادثات مع ممثلي كورسيكا بهدف الاتفاق على الحكم الذاتي لكورسيكا.

4- اختلاط الولاءات: قد تُوضع بعض الأقليات في موضع اختيار صعب بين الولاء العرقي والولاء للدولة التى يحمل جنسيتها، الحالة الأوكرانية، نجد الأقلية الروسية في هذا الاختبار، فمنذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام2014، وبدأ التضييق على الأوكرانيين من متحدثي اللغة الروسية التى أصبحت محل للنزاعات السياسية ونموذج لكفاح أوكرانيا ضد الهيمنة الروسية ، واتخذت كييف قرارات ضد اللغة الروسية بإقرار اللغة الأوكرانية وهي لغة الدولة الوحيدة فيها.

ووجهت موسكو انتقادات حادة عقب تلك القرارات والقوانين التمييزية التى استثنت استخدام لغات بعض الأقليات (لغة التتار وهي إحدى اللغات التركية)، والإنجليزية، ولغات الاتحاد الأوروبي الرسمية، ومنعت اللغة الروسية، وهو ما كان محل انتقاد كثير من منظمات حقوق الإنسان لتأثيره على الأقلية الناطقة باللغة الروسية (40% متحدثين بالروسية) معتبرة هذه القرارات والقوانين مسيسة.

وخلال الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة رحاها حاليا، من المتوقع أن تزداد معاناة الأقلية الروسية بأوكرانيا بسبب الولاءات المتضاربة، حيث إنهم فى حال عدم تعاونهم مع  موسكو سيتم اعتبارهم كخونة للأمة الروسية ، وفى حال تعاونهم سينظر لهم الأوكرانيون لا سيما القوميون على أنهم خونة للدولة الأوكرانية.

5- تأجيج النزاعات والصراعات الدولية: ثمة أقليات خاصة دينية أو عرقية تحظى بدعم دول كبرى كانت تنتمي إليها تاريخيًا، وتحمل تلك الدول مسئولية حماية حقوقهم، وقد يكون ذلك سببًا في اندلاع حرب دولية، وينطبق هذا الوضع على الأقلية الروسية في أوكرانيا ، حيث مثلت حماية ذوي الأصول الروسية والأوكرانيون الناطقون بالروسية من التمييز من قبل القوميين الأوكرانيين أحد دوافع الدولة الروسية فى شنها للحرب على أوكرانيا، معلنة نصرتها للأقلية الروسية في أوكرانيا التى ترى أنها تتعرض للإبادة جماعية. 

رابعا: حقوق الأقليات.. آليات منع النزاعات

يؤكد المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” ضرورة دمج قضايا الأقليات في جهود منع نشوب النزاعات في الأمم المتحدة، انطلاقا من حقيقة أن الأقليات لها دور مهم في اندلاع الصراعات والحروب كجماعات متضررة ترغب فى الانفصال وهو الأمر الذى من شأنه تهديد أمن وسلامة الدول، ويتطلب الاهتمام بقضايا حقوق الأقليات منعا لاستغلال مظالم الأقليات من قبل أطراف الخارجية تسعى للتدخل فى شئون الدول الداخلية وزعزعة الاستقرار بها.

لذا يُطالب منتدى “دراية” بضرورة العمل على إدماج الأقليات وتمكينهم من المشاركة الكاملة فى مسيرة التنمية، وضمان المساواة فى الوصول إلى الفرص الاقتصادية والاجتماعية وإقرار حقوقهم فى ممارسة لغتهم وطقوسهم الدينية والثقافية، وأن تحتل قضاياهم مكانة بارزة في المبادرات الدولية والإقليمية والوطنية، مع تعزيز الاحترام للأقليات بين عامة الشعوب، والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للإقصاء والظلم، مع ضرورة تبني الدول لسياسات تستهدف استيعاب التنوع داخل المجتمعات، وتضمن مشاركتهم فى الحياة السياسية.

 خامسا: التوصيات

تُعد حقوق الأقليات في صميم حقوق الإنسان القائم على المساواة وعدم التمييز ولا يمكن ضمانها ومنحها إلا في ظل نظام يقوم على حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، لذا يجب أن يعكس كل إجراء من إجراءات الاتحاد الأوروبي الهوية والقيم التى قام عليها كاتحاد للقيم الديمقراطية الليبرالية خاصة وأن التعددية أصبحت الحالة المهيمنة في أوروبا ، ومن ثم يلزم على الاتحاد الأوروبي اتخاذ الإجراءات التالية:

  • البدء باستخدام كل ما لدى الاتحاد من أدوات للتصدي للأوجه المتعددة للتمييز والعنصرية، وغيرهما من انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك المحاسبة الصارمة للدول الأعضاء في الاتحاد على ما ترتكبه من خروقات لقانون مكافحة التمييز الأوروبي ، والقيام بحماية الأقليات القومية على أساس الحق في الهوية – المعترف به في المعاهدات الدولية- بالتعاون مع ممثلي الأقليات القومية ونخب الأقليات والمدافعين عن حقوق الأقليات.
  • الحاجة إلى رفع مستوى الوعي وزيادة الحساسية للأقليات القومية ومن ثم العمل على صياغة رؤية أفضل للأقليات القومية في سياسات الاتحاد الأوروبي، لاسيما وأن سياسة “دمج الأقليات” غير موجود في سياسات الاتحاد الأوروبي وهو ما أظهرته مبادرة حماية حقوق الأقليات الأوروبية ” Minority Safe Pack” والتى أشارت إلى عدم استعداد الاتحاد الأوروبي لمعالجة قضايا الأقليات بطريقة شاملة حيث تظل حماية الأقليات القومية هو الاختصاص السيادي للدول الأعضاء.
  • يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقدم مزيدًا من الدعم لتعدد اللغات وجعل اللغات الأوروبية الصغيرة أكثر وضوحًا للشعوب الأوروبية من خلال البرامج الثقافية مما يحافظ على التنوع الثقافي والبعد عن سياسة الفصل الثقافي واعتبار الأقليات بمثابة جسور ثقافية وعامل مهم في السياسة الإقليمية.

 

 

The post الأقليات الأوروبية خارج الإطار الديموقراطي appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3626
عمالة الأطفال تتزايد عالميا..التغير المناخي وكورونا يفاقمان الظاهرة https://draya-eg.org/2022/06/29/%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84-%d9%81%d9%89-%d8%aa%d8%b2%d8%a7%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%ae%d9%8a/ Wed, 29 Jun 2022 22:04:01 +0000 https://draya-eg.org/?p=3598 يحتفل العالم فى الثانى عشر من شهر يونيو من كل عام باليوم العالمى لمكافحة عمالة الأطفال والذى جاء هذا العام تحت شعار ” الحماية الاجتماعية الشاملة لإنهاء عمل الأطفال” بهدف زيادة الاستثمار فى أنظمة وخطط الحماية الاجتماعية وإنشاء أرضيات حماية متينة تُسهم فى محاربة فقر وضعف الأسر ومن ثم منع الأسر من اللجوء إلى عمالة …

The post عمالة الأطفال تتزايد عالميا..التغير المناخي وكورونا يفاقمان الظاهرة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يحتفل العالم فى الثانى عشر من شهر يونيو من كل عام باليوم العالمى لمكافحة عمالة الأطفال والذى جاء هذا العام تحت شعار ” الحماية الاجتماعية الشاملة لإنهاء عمل الأطفال” بهدف زيادة الاستثمار فى أنظمة وخطط الحماية الاجتماعية وإنشاء أرضيات حماية متينة تُسهم فى محاربة فقر وضعف الأسر ومن ثم منع الأسر من اللجوء إلى عمالة الأطفال فى أوقات الأزمات.

وقد جاء تدشين منظمة العمل الدولية لليوم العالمى لمكافحة عمل الأطفال فى عام 2002 بهدف تركيز الاهتمام على حجم انتشار هذه الظاهرة وتعزيز الجهود اللازمة للقضاء عليها. كما أن الهدف الـ7 و8 من أهداف التنمية المستدامة التى أقرها قادة العالم فى عام 2015 تدعو إلى  ” اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة وإنهاء الرق المعاصر والاتجار بالبشر لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025.

وانطلاقا من تزايد أعداد عمالة الأطفال عالميا وتفاقم الظاهرة التى نتج عنها أبعادا خطيرة في الوقت الراهن، يُسلط هذا التقرير التحليلى الضوء على هذه الظاهرة ويرصد كافة أبعادها على النحو التالي:

 أولاً: ما المقصود بعمالة الأطفال؟

وفقا للأمم المتحدة، فإن عمالة الأطفال يُقصد بها “الأعمال التى تضع عبئا ثقيلا على الأطفال وتُعرض حياتهم للخطر، وهو ما يمثل انتهاكا للقانون الدولي والتشريعات الوطنية، فهي إما تحرم الأطفال من التعليم أو تتطلب منهم تحمل العبء المزدوج المتمثل في الدراسة والعمل، وينقسم عمل الأطفال إلى فئات ثلاث:

  • العمل الذي يؤديه طفل دون الحد الأدنى للسن المُخول لهذا النوع من العمل، والذي من شأنه إعاقة تعليم الطفل ونموه التام.
  • الاستعباد والاتجار بالبشر: وهي من أسوء أشكال عمالة الأطفال المطلقة وسائر أشكال العمل الجبري لاستخدامهم في النزاعات المسلحة والأعمال الإباحية والأنشطة غير المشروعة.
  • العمل الذي يُهدد الصحة الجسدية والفكرية والمعنوية للطفل سواء بسبب طبيعته أو بسبب الظروف التي ينفذ فيها، أي ما يعرف بمصطلح ’’ العمل الخطر‘‘.

 ثانيا: انتشار عمالة الأطفال عالميا ..حقائق وأرقام صادمة

حمل التقرير الأخير الذى صدر بالتعاون بين منظمة اليونيسف ومنظمة العمل الدولية تحت عنوان عمالة الأطفال:التقديرات العالمية لعام 2020، الاتجاهات والطريق إلى  الأمام” الذي صدر عشية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال في 12 يونيو 2021 ، مؤشرات وأرقام صادمة حول حجم تفشي ظاهرة عمالة الأطفال عالميا، حيث أشار التقرير إلى أنه للمرة الأول منذ عام 2000 تزداد معدلات عمالة الأطفال حول العالم بسبب التغيّر المناخي وانعدام الأمن الغذائي والحروب وجائحة كورونا، وهذا ما يوضحه الشكل البيانى التالي:

شكل رقم (1) التطور العالمي فى مكافحة الأطفال

(نسب وأعداد الأطفال فى عمر 5-17 عاما)

المصدر: تقرير اليونيسف ومنظمة العمل الدولية 2020

جاءت أبرز الأرقام والمؤشرات الواردة فى تقرير اليونيسف ومنظمة العمل الدولية 2020 كالتالى:

  • ارتفع عدد الأطفال العاملين في العالم إلى نحو 160 مليون طفل – 97 مليون فتى و63 مليون فتاة – بزيادة 8.4 مليون في السنوات الأربع ما بين 2016 و2020.
  • شارك طفل واحد من بين كل 10 أطفال بعمر 5 سنوات فأكثر في عمالة الأطفال في جميع أنحاء العالم.
  • تنتشر عمالة الأطفال بين الفتيان أكثر من الفتيات في جميع الأعمار، حيث يعمل نحو 11.2% من الفتيان من إجمالي عددهم عالميا مقابل 7.8 % للفتيات. ويفوق عدد الفتيان العاملون عدد الفتيات العاملات بنحو 34 مليون.
  • تمثل الفئة العمرية من 5 إلى 11 عاما نحو نصف عدد الأطفال العاملين في العالم، وارتفع عدد أطفال هذه الفئة ممن يزاولون أعمالاً خطرة — أي أعمالاً يحتمل أن تضر بصحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم — بمقدار 6.5 مليون منذ عام 2016 ليصل إلى 79 مليوناً.

شكل رقم (2) إجمالى عدد الأطفال فى سوق العمل والمنخرطين فى أعمال خطرة (بالمليون)

المصدر: تقرير اليونيسف ومنظمة العمل الدولية 2020

  • تنتشر عمالة الأطفال في المناطق الريفية حيث يعمل نحو 122.7 مليون طفل ريفي ما يمثل نسبة13.9 % مقابل 37.3 مليون طفل فى المناطق الحضرية ما يمثل نسبة 4.7% ، (أعلى بثلاث مرات).
  • 70 % من جميع الأطفال العاملين، أى نحو 112 مليون طفل، يعملون فى مجال الزراعة، و19.7 % في الخدمات (31.4 مليون طفل)،و 10.3% في الصناعة (16.5 مليون طفل) كما يوضح الشكل البيانى التالي:

شكل رقم (3) قطاعات عمل الأطفال عالميا بالنسبة المئوية

المصدر: تقرير اليونيسف ومنظمة العمل الدولية 2020

  • 28 % من الأطفال العاملين فى الفئة العمرية 5–11 سنة و35% فى الفئة العمرية 12–14 سنة هم خارج المدرسة.
  • قرابة 9 ملايين طفل إضافي في العالم معرّضون لخطر الاضطرار إلى العمل بحلول نهاية عام 2022 بسبب ارتفاع معدلات الفقر الناجمة عن جائحة كورونا.
  • قد يرتفع عدد الأطفال العاملين إلى  46 مليونًا بنهاية 2022 ليتجاوز إجمالى أعداد الأطفال العاملين عالميا حاجز 206 مليون طفل، إذا لم تتوفّر لهم إمكانية الحصول على الحماية الاجتماعية الضرورية، كما يوضح الشكل البياني التالي:

شكل رقم (4) ارتفاع أعداد الأطفال العاملين بنهاية 2022

المصدر: : تقرير اليونيسف ومنظمة العمل الدولية 2020

  • يتلقى 26.4٪ فقط من الأطفال في جميع أنحاء العالم مزايا نقدية للحماية الاجتماعية.
  • يبلغ الإنفاق الوطني عالميا على الحماية الاجتماعية للأطفال 1.1٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي. في أفريقيا ، المنطقة التي بها أكبر نسبة من الأطفال بين السكان ، وأعلى معدل لانتشار عمالة الأطفال والحاجة الأكبر للحماية الاجتماعية ، يتم إنفاق ما يعادل 0.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الحماية الاجتماعية للأطفال.
  • زيادة الفقر بنسبة 1% في بلد ما تؤدي إلى زيادة بنسبة 0.7 % على الأقل في معدلات عمالة الأطفال، وفق تقدرات منظمة العمل الدولية.
  • يعمل أكثر من طفل واحد من بين كل أربعة أطفال في البلدان منخفضة الدخل.
  • تضم منطقة إفريقيا جنوب الصحراء أكبر عدد من الأطفال الملتحقين بسوق العمل حيث يبلغ عددهم 86.6 مليون طفل بنسبة 23.9% من إجمالى عدد الأطفال العاملين عالميا.
  • وتحتل منطقة وسط وجنوب آسيا المرتبة الثانية حيث يصل العدد إلى 26.3 مليون طفل عامل، وتليها منطقة شرق وجنوب غرب آسيا بواقع 24.3 مليون طفل ، ثم منطقة شمال إفريقيا وغرب آسيا بواقع 10 مليون طفل، ثم أمريكا اللاتينية والكاريبي 8.2 مليون طفل، وأخيرا أوروبا وشمال أمريكا 3.8 مليون طفل عامل.

ثالثا: أسباب انتشار ظاهرة عمالة الأطفال

يعود انتشار ظاهرة عمالة الأطفال إلى عدة عوامل قد تحدث مجتمعة أو منفردة ويمكن إجمالها فى الآتى :

  • عوامل اقتصادية : يُعد العامل الاقتصادي من أهم العوامل الأساسية التي تدفع بالأطفال للعمل، وتتمثل المشاكل الاقتصادية الدافعة للظاهرة في البطالة لقلة فرص العمل وتدني نسبة التنمية الأساسية والفقر .

والحقيقة أن الفقر وانتشار عمالة الأطفال يمثلان دائرة مفرغة حيث يسبب كل منهما الآخر ، فانتشار عمالة الأطفال يؤدى إلى حرمانهم من التعليم وبالتالى يُقلص من فرصهم فى الارتقاء الاجتماعى والحصول على عمل ملائم والنهوض بدولهم وبالتالى تزداد مرة أخرى معدلات الفقر.

كذلك فإن انتشار تشغيل الأطفال يزيد أيضا من معدلات البطالة بين البالغين ، إذ أن ارباب العمل يحصلون على عمالة من الأطفال عادة بمرتبات أقل من البالغين كما أن العمال من الأطفال لا يدركون حقوقهم ، فتكاد تكون مطالبهم معدومة ويمكن أن يمارسوا العمل بنفس عدد ساعات عمل الكبار وربما أكثر، وجميع هذه الأسباب تدفع بدورها إلى  تزايد معدلات البطالة بين البالغين وبالتالى تتزايد أيضا معدلات الفقر.

  • عوامل اجتماعية: يعتبرالتفكك الأسري والجهل والأمية، والثقافة السائدة في المجتمعات، أبرز الأسباب وراء تفشي ظاهرة عمالة الأطفال، كما أن ارتفاع عدد الأطفال بالأسرة له عالقة طردية بتشغيل الأطفال، حيث إن 74% من الأطفال العاملين ينتمون لأسر يزيد عدد أفرادها عن المعدل العام لحجم الأسرة.

كما أن الطلاق يساهم في تشرد الأطفال وتنصل كل من الوالدين لمسئوليتهم تجاه الأطفال، مما يجعل الطفل يتحمل مسئوليته صغيرا وذلك بالاعتماد على نفسه في كسب قوته .

فضلا عن أن تدنى المستوى الثقافى لدى بعض الأسر يجعلهم لا يدركون أهمية التعليم ويفضلون تعليم الأطفال حرفة يتكسبون منها ويساهمون فى تحمل أعباء أسرهم خاصة فى حالة زيادة عدد الأطفال فى الأسرة الواحدة.

  • عوامل تعليمية : قد يعانى بعض الأطفال فى المدارس من مشاكل تتعلق بسوء التكيف الاجتماعى مع أقرانهم أو تعرضهم للعقاب المستمر – خاصة البدنى -أو سوء المعاملة من المدرسين ، بالإضافة إلى سوء المناهج التعليمية التى تفتقر إلى الجانب الإبداعى والمهارى ، ولذلك يلجأ هؤلاء الأطفال إلى  ترك التعليم أو ما يعرف بـ” التسرب من التعليم ” وتعلم حرفة أو مهارة ما خارج أسوار مدارسهم.

كذلك وجود بعض المدارس فى أماكن بعيدة عن منازل الطلاب خاصة بالنسب للفتيات يجعلهن يتركون الدراسة ويحاولن العمل فى أماكن قريبة من منازلهن خاصة فى مجالات الخدمة المنزلية .

  • عوامل قانونية : وتتمثل فى الثغرات القانونية وضعف المسائلة الجنائية سواء على أصحاب العمل أو أولياء الأمور الذين يجبرون أبناءهم على الالتحاق بسوق العمل مبكرا وترك الدراسة ، وكذا ضعف إحكام المراقبة على أصحاب الأعمال الذين يقومون بتشغيل الأطفال كعمالة رخيصة لتدنى أجورهم ، فأغلب النصوص القانونية لم تضع الضمانات الكافية لحماية الأطفال ولم تنص على إيقاع عقوبات رادعة بالمخالفين لأحكامها. 

رابعا: تداعيات عمالة الأطفال

تؤثر مشكلة عمل الأطفال على جميع الجونب المتعلقة بالطفل الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية وفى بعض الأحيان يكون تأثيرها سلبي ومدمر للطفل وبالتالي على أسرته ومجتمعه. والجوانب التى يتأثر بها الطفل تأتي كالتالي:

-التطور والنمو الجسدي: تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة، والبصر والسمع وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية، والوقوع من أماكن مرتفعة، والخنق من الغازات السامة، وصعوبة التنفس، والتعرض للنزف وغيرها مع غياب تقديم الرعاية الصحية لهؤلاء الأطفال، وقد أوضحت العديد من الأبحاث أن وجود الوالدين بجوار الطفل فى سنوات عمره الأولى أمرا غاية فى الأهمية لاستكمال نموه الجسدى والنفسى والعقلى .

-التطور العاطفي : يفقد الطفل العامل احترامه لذاته وارتباطه الأسرى وتقبله للآخرين، وذلك جراء بُعده عن الأسرة ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه ، كما أن تعرض الطفل للإرهاق الذي يُصيبه نتيجة العمل وما يصادفه من مشاكل في الخارج يؤدى إلى تأخر وتأثر نموه العاطفى بشكل كبير .

-التطور المعرفي: يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه للعمل، فقدراته وتطوره العلمي يتأثر ويؤدى إلى  انخفاض قدراته على القراءة، والكتابة ، والتعليم بشكل عام ، كما أن هذا العمل يؤثر سلبيا على قدرات الطفل الإبداعية ويخفض من مستوى الفرص المتاحة له مستقبلا فى تحسين تطوره المعرفى .

-التطور الاجتماعي والأخلاقي : يتأثر التطور الاجتماعي والأخلاقي للطفل الذي يعمل بما في ذلك الشعور بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين، مع ضعف القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، فينشأ الطفل وليس لديه أى انتماء للمجتمع الذى نشأ به ، ويكتسب العديد من الأخلاقيات السيئة فى عمر مبكر .

-تعرض الطفل للمخاطر: فى بعض الدول يواجه الأطفال الذين يلتحقون بسوق العمل فى عمر مبكر لمخاطر هائلة منها التقلبات المناخية والتعامل مع الآلات الحادة والأحمال الثقيلة، وفى بعض المجتمعات التى يعمل بها الأطفال خاصة فى الزراعة قد يتعرضون لأذى الحشرات والزواحف وبعض الحيوانات الأخرى التى لا يجيدون التعامل معها لحداثة أعمارهم ، كما أن الكثير منهم يعانون من أمراض الاكتئاب والشيخوخة المبكرة والانطواء. 

خامسا: المساعى الدولية للقضاء على الظاهرة

عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وتعرض دول العالم بأسره إلى أزمة اقتصادية طاحنة ولجوء ملايين الأطفال إلى العمل ، أدركت المؤسسات الدولية والأممية أهمية العمل بشكل جاد من أجل القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال، نظرا لكونها لا تمس الأطفال فى الوقت الحاضر فقط ولكنها تقضى أيضا على خطط التنمية المستقبلية وترفع معدلات الفقر.

وقد حرصت منظمة العمل الدولية منذ نشأتها على وضع معايير العمل المرتبطة بعمل الأطفال والمتعارف عليها دوليا من خلال إنشاء البرنامج الدولى للقضاء على عمل الأطفال عام1992 ، وقد أحرز هذا البرنامج تقدما ملحوظا فى علاج هذه المشكلة ، كما أنه يستخدم معايير العمل الدولية ومشاريع  التعاون التقنى من أجل تحقيق هدفه الساعى إلى  إنهاء عمل الأطفال.

وإيمانا من منظمة الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية بخطورة انتشار ظاهرة عمالة الأطفال ، فقد عقدت الكثير من الاتفاقيات بهدف القضاء على هذه الظاهرة وكان أبرزها التالي:

  • اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عام1989: أصدرت هذه الاتفاقية هيئة الأمم المتحدة والتى عرفت من خلالها الطفل بأنه كل “إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره” ، كما أكدت على ضرورة السعي لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطرا أو يمثل إعاقة لتعليمه أو ضررا بصحته أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي، وأوجبت على الدول الأطراف فيها اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل هذه الحماية، وبشكل خاص وضع حد أدنى لسن الالتحاق بالعمل ونظام ملائم لساعات العمل وظروفه وفرض عقوبات مناسبة لضمان فعالية تطبيق هذه النصوص.
  • الإعلان العالمي لحقوق الطفل : نص هذا الاعلان على “وجوب كفالة وقاية الطفل من ضروب الإهمال والقسوة والاستغلال، وألا يتعرض للاتجار به بأي وسيلة من الوسائل، وأن لا يتم استخدامه قبل بلوغ سن مناسب، وأن لا يسمح له بتولي حرفة أو عمل يضر بصحته أو يعرقل تعليمه أو يضر بنموه البدني أو العقلي أو الأخلاقي.
  • اتفاقية العمل الدولية رقم 138 : تهدف إلى القضاء الكامل على عمل الأطفال، حيث وضعت حداً أدنى لسن العمل هو سن إتمام التعليم الإلزامي والذي اعتبرت أنه لا يجوز أن يقل عن الخامسة عشرة، كما منعت تشغيل الأطفال حتى سن الثامنة عشرة في الأعمال التي يحتمل أن تعرض للخطر صحة أو سلامة أو أخلاق الأحداث بسبب طبيعتها أو الظروف التي تؤدى فيها. وأوجبت على الدول المصادقة أن تتعهد باتباع سياسة وطنية ترمي للقضاء فعليا على عمل الأطفال.
  • اتفاقية العمل الدولية رقم 182 : وتعد هذه الاتفاقية مكملة للاتفاقية رقم 138 ، وهى تستهدف القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال تمهيدا للقضاء التام على كل أشكال عمل الأطفال، وقد أكدت هذه الاتفاقية على أهمية التعليم الأساسي المجاني وإعادة تأهيل الأطفال العاملين ودمجهم اجتماعيا مع العناية بحاجات أسرهم .

وتأتى أهمية هذه الإتفاقية إلى  أنه للمرة الأولى تصادق جميع الدول الأعضاء فى منظمة العمل الدولية على أحد معايير العمل الدولي،فقد حققت الاتفاقية رقم 182 بشأن أسوأ أشكال عمل الأطفال  إجماعاً في المصادقة عليها وهو ما يعنى أن جميع الأطفال فى العالم يتمتعون بحماية قانونية من أسوأ أشكال عمل الأطفال- بحسب تصريحات غاى رايدر المدير العام لمنظمة العمل الدولية.

سادسا: عمالة الأطفال فى مصر

أظهر المسح الأخير الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عام 2010 حول ظاهرة تشغيل الأطفال، عددا من النتائج وأبرزها أنه يوجد حوالى 1.6 مليون طفل عامل فى مصر بما يعادل 9.3% من إجمالى عدد الأطفال، أى أن طفلا يعمل من بين كل عشرة أطفال، يتعرض 82.2% منهم للعمل فى ظروف سيئة وغير آمنة، وترتفع نسبة هؤلاء الأطفال فى الفئة العمرية من 15- 17 سنة لتصل إلى  89% للذكور و93% من الإناث.

وأظهر المسح كذلك أن قطاع الزراعة هو أعلى القطاعات استقطابا لعمالة الأطفال بنسبة 63% ، ويشمل قطاع التعدين والتشييد والصناعات التحويلية حوالى 18.9 % من إجمالى عمالة الأطفال ، فضلا عن قطاع الخدمات الذى يضم 17.6%.

ووفقا لمسح آخر قامت به منظمة العمل الدولية عام 2017 أوضح أنه يوجد فى مصر حوالى 2.8 مليون طفل فى الفئة العمرية من 12:17 يعملون فى مختلف المجالات.

ولهذا نجد تفاوت كبير فى التقديرات حول حجم وانتشار الظاهرة بين الأطفال في مصر، الأمر الذى يتطلب من الدولة إجراء مسوح إحصائية حديثة حول عمالة الأطفال للوقوف على حجم المشكلة والتصدى لها.

سابعا: جهود الدولة فى القضاء على عمالة الأطفال

نظرا للتداعيات السلبية لعمالة الأطفال على المجتمع ومستقبله وإعاقتها لكافة جهود التنمية، حرصت القيادة السياسية على اتخاذ عدد من الإجراءات لمكافحة هذه الظاهرة من خلال نصوص القانون والدستور وعدد من الإجراءات التنفيذية يمكن إجمالها فى التالى :

-تعد مصر من أولى الدول التى صدقت على كافة الاتفاقيات الدولية التى تمنع عمل الأطفال.

حرص دستور 2014 فى عدد من المواد على حماية الطفل من خطر العمل والتشغيل فى عمر مبكر ، حيث جاءت المواد “17- 19- 20 – 80- 101″، لتؤكد على حق الطفل فى الرعاية والحماية من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى، وتحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الاساسى، كما يحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر.

– أصدرت الدولة العديد من القوانين التى تمنع عمل الأطفال وتضع ضوابط حاكمة ضد أصحاب الأعمال والمنشآت التى تقوم بتشغيل الأطفال ومنها قانون الطفل المصري الصادر بالقانون رقم 12 لسنة1996 وقانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003.

–  انتهت وزارة القوى العاملة من تعديل القرار الخاص بقائمة الأعمال والمهن الخطرة المحظور تشغيل وتدريب الأطفال بها حتى سن 18 سنة، حيث تضمن القرار تحديد نظام تشغيل وتدريب الأطفال والظروف والأحوال التى يتم فيها التشغيل وكذلك الأعمال والمهن والصناعات التى يحظر تشغيلهم فيها وفقا لمراحل السن المختلفة.

-كما أطلقت وزارة القوى العاملة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية “الخطة الوطنية لمكافحة أسوأ أشكال عمل الأطفال فى مصر ودعم الأسرة 2018 – 2025 ” والتى تعد بدورها جزءا أصيلا من رؤية الدولة المصرية 2030 حيث تستهدف القضاء على عمل الأطفال بكافة أشكاله بحلول عام 2025 ، ووضعت استراتيجية عملية لتحقيق هذا الهدف تستند على عدة نقاط أبرزها إنشاء قاعدة بيانات موثقة ومستدامة عن عمل الأطفال وأسوأ أشكاله وإنشاء أجهزة تنسيق وطنية وإقليمية لمكافحة عمل الأطفال، وتحديث قائمة المهن الخطرة.

– قامت وزارة القوى العاملة بإطلاق عدد من الحملات التفتيشية وندوات التوعية على مستوى محافظات الجمهورية للكشف عن المنشآت التى تقوم بتشغيل الأطفال وقد تم تحرير العديد من المحاضر لأصحاب الأعمال المخالفة لأحكام القوانين المنظمة لذلك العمل.

-أنشأت وزارة التضامن الاجتماعى عددا من مراكز “الطفل العامل” والتى تستهدف تنمية مهارات الأطفال الملتحقين بسوق العمل وضمان استمرارهم فى التعليم ، مع تمكين أسرهم اقتصاديا ، وقد بلغ عدد هذه المراكز17 مركزا فى 14 محافظة، وهي: البحيرة، المنوفية، كفر الشيخ، بورسعيد، القاهرة، الفيوم، الدقهلية، الأقصر، الإسماعيلية، المنيا، الغربية، البحر الأحمر، والقلوبية.

-كما أطلقت وزارة التضامن برنامج الدعم النقدي المشروط “تكافل” – والذي أدى إلى  خفض التسرب نسبياً من المدارس – حيث إن 41% من مستفيدي “تكافل وكرامة” هم أطفال تحت سن 18 سنة جميعهم ملتحقين بالمدارس في المراحل المختلفة.

-حرصت الدولة على زيادة المخصص من الموازنة العامة فى العام المالى 2022 / 2023 لبرنامج تكافل وكرامة الذى يستهدف مساندة الأسر التى تعانى من الفقر الشديد والتى تضطر إلى تشغيل أطفالها فى الفئة العمرية تحت سن 18 سنة، وذلك  على النحو التالي:

  • يقدم برنامج تكافل مساعدة شهرية بقيمة 425 جنيه للأسرة بالإضافة إلى منحة لكل تلميذ فى مراحل التعليم الإبتدائي والإعدادى والثانوى وتتراوح من 60-80-100 جنيه شهرية بحد أقصى ثلاثة تلاميذ للأسرة الواحدة بالإضافة إلى زيادة شهرية بحد أقصي 100 جنيه.
  • يقدم برنامج كرامة مساعدة شهرية بقيمة 450 جنيه للفرد الواحد بحد أقصي 3 أفراد للأسرة الواحدة ، وتستهدف الحكومة ضم 450 ألف أسرة جديدة لهذه المنظومة خلال العام المالي المقبل 2022/2023.

-حرصت وزارة التضامن الاجتماعى بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم والجمعيات الأهلية على دعم المدارس المجتمعية، والاكتشاف المبكر لصعوبات التعلم، وتعزيز التربية الإيجابية للأطفال، إلى  جانب تحسين مراكز التكوين المهني التي تقوم على منهجية التدريب الآمن للأطفال والنشء من سن 13-18 سنة مع صرف مقابل مادي بسيط للمتدرب وبذل الجهود لربطه بسوق عمل آمن في مهن آمنة.

وأخيرًا، تعكس كل هذه الجهود وجود إرادة سياسية قوية لمواجهة ظاهرة عمالة الأطفال لما لها من آثار وتداعيات سلبية تطال المجتمع بأسره، ولكن هناك تحديات كثيرة تتطلب اتخاذ مزيد من الإجراءات وذلك على النحو التالي:

– توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لضمان إلحاق الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل أبنائهم بالمؤسسات التعليمية، وعدم اللجوء لتشغيلهم.

– إشراك مؤسسات المجتمع المدني بشكل كبير فى التصدي لظاهرة عمالة الأطفال.

– توفير مراكز تعليمية وتدريبية للأطفال الذين تسربوا من العملية التعليمية.

– توفير فرص عمل لائقة للبالغين وأرباب الأسر حتى لا تضطر الأسر إلى تشغيل أطفالها للمساعدة في تحسين دخل الأسرة.

– إجراء مسوحات بشكل سنوى للوقوف على أحدث البيانات المتعلقة بعمالة الأطفال بُغية دراسة الظاهرة بشكل واقعى ووضع حلول تُسهم من القضاء عليها.

-تأهيل الكوادر البشرية العاملة فى مجال حماية الأطفال وتوفير الإمكانيات المادية اللازمة للقيام بعملهم.

-ضرورة تطبيق النصوص القانونية المتعلقة بإجبارية التعليم، والعمل على معاقبة كل من يمنع أو يحرم الطفل من الذهاب إلى المدرسة، وكذلك أرباب العمل ممن يشغلون الأطفال.

 

The post عمالة الأطفال تتزايد عالميا..التغير المناخي وكورونا يفاقمان الظاهرة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3598
جهود مصر فى “حقوق الإنسان” تكشف أكاذيب الإعلام الغربي والمنظمات الحقوقية المُغرضة https://draya-eg.org/2022/06/16/%d8%ac%d9%87%d9%88%d8%af-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d9%81%d9%89-%d8%ad%d9%82%d9%88%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%b3%d8%a7%d9%86-%d8%aa%d9%83%d8%b4%d9%81-%d8%a3%d9%83%d8%a7%d8%b0%d9%8a%d8%a8-%d8%a7/ Thu, 16 Jun 2022 19:10:28 +0000 https://draya-eg.org/?p=3575 تتعرض الدولة المصرية من وقت لآخر إلى حملة انتقادات وتشويه من قبل وسائل إعلام غربية ومنظمات حقوقية تتعمد تجاهل مساعي الدولة لإحراز تقدم في شتى المجالات وعلى رأسها مجال حقوق الإنسان بل وتُصدر تقارير كاذبة تستهدف النيل من أمن الوطن والتشكيك فى أى إنجاز تحققه الدولة..إلا أن الدولة ماضية فى طريقها نحو البناء والتنمية مستمدة …

The post جهود مصر فى “حقوق الإنسان” تكشف أكاذيب الإعلام الغربي والمنظمات الحقوقية المُغرضة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تتعرض الدولة المصرية من وقت لآخر إلى حملة انتقادات وتشويه من قبل وسائل إعلام غربية ومنظمات حقوقية تتعمد تجاهل مساعي الدولة لإحراز تقدم في شتى المجالات وعلى رأسها مجال حقوق الإنسان بل وتُصدر تقارير كاذبة تستهدف النيل من أمن الوطن والتشكيك فى أى إنجاز تحققه الدولة..إلا أن الدولة ماضية فى طريقها نحو البناء والتنمية مستمدة قوتها من تماسك شعبها ووقوفه صفًا واحدًا خلف قيادته السياسية الواعية.

والمُطلع على مثل تلك التقارير التى تفتقد لأبسط قواعد المهنية والموضوعية، يكتشف زيف ما جاء بها من معلومات وبيانات وأرقام لا تمت للحقيقة بصلة..  فليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى يتم فيها توجيه انتقادات لملف حقوق الإنسان فى مصر بُغية تشويه سمعتها أمام المجتمع الدولي..وعلى الرغم من أن ملف حقوق الإنسان يُعد شأنا داخليا لا يتأثر بأى ضغط خارجي إلا أنه من الضروري تفنيد تلك الادعاءات ورصد كافة الجهود المبذولة من قبل الدولة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، بما يليق بمكانة مصر وطموحات شعبها الذى قام بثورتين فى 2011 و2013 لإعلاء قيم الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية والاجتماعية.

ومن بين الادعاءات الواردة فى تقارير بعض وسائل الإعلام الغربية والمنظمات الحقوقية المُغرضة، اللجوء واسع النطاق لعقوبة الإعدام، وتزايد حالات الاختفاء القسري، فضلا عن سوء معاملة السجناء واعتبار الافراج عن المسجونين مؤخرا عمليات “استثنائية” وأن أعدادا كبيرة من “السجناء السياسيين” مازلوا وراء القضبان. 

أولا: بخصوص ما يتعلق بعقوبة الإعدام

إن المُشرع المصرى قرر عقوبة الإعدام لعدد من الجرائم التى رأى أنها تنطوى على قدر بالغ من الخطورة والجسامة، وقد استخدم المشرع هذه العقوبة فى أربعة قوانين فى مصر وهى: قانون العقوبات ،  قانون مكافحة المخدرات، قانون الأحكام العسكرية، قانون الأسلحة والذخائر.

وقرر المشرع المصرى فى قانون العقوبات عقوبة الإعدام لطائفة من الجرائم، ومن هذه الجرائم ما يقع ماساً بأمن الدولة من جهة الخارج (المواد 77 وما بعدها من قانون العقوبات)، ومنها ما يقع ماساً بأمن الدولة من جهة الداخل (المواد 86 وما بعدها عقوبات) ومنها ما يقع ماساً بالأفراد.

كما أوجب القانون المصرى عدة ضمانات للحكم بعقوبة الإعدام قد تتلاشى معها أى احتمالات الخطأ، وهى: وجوب صدور حكم الإعدام بإجماع آراء المحكمة (وليس بأغلبية أراء أعضاء المحكمة)، وجوب أخذ رأى مفتى الجمهورية (يبطل الحكم إذا أصدرته المحكمة دون أخذ رأى المفتى )، وجوب عرض القضية على محكمة النقض لإعمال رقابتها على عناصر الحكم كافة سواء كانت موضوعية أو شكلية، حيث يتم فحص أوراق الدعوى منذ بدايتها ومراجعة محاضر جلسات محكمة الجنايات وما بها من تقاريرطبية ومعاينات وأقوال الشهود وفحص الأدلة وجميع ما حوته الأوراق، وتقضى من تلقاء نفسها بنقض الحكم فى آية حالة من حالات الخطأ فى القانون أو البطلان، وإذا ما قضت محكمة النقض بنقض الحكم وإعادة المحاكمة من جديد ورأت محكمة الإعادة الحكم بالإعدام للمرة الثانية فعليها أيضا أن تتبع تلك الإجراءات مرة أخرى وهى أخذ رأى المفتى وإصدار الحكم بإجماع الآراء.

وتجدر الإشارة إلى وجود ضمانات أخرى قررها المشرع لأحكام الإعدام وهي ما نصت عليه المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن بالنقض 57 لسنة 59 والتى تضمنت أنه إذا كان الحكم صادرا حضوريا بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة ان تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة برأيها فى الحكم وذلك فى الميعاد المقرر قانونا “ستون يوما”..وهنا يرى المُشرع وجوب عرض الأحكام الصادرة حضوريا بالإعدام على محكمة النقض دون أن يتوقف ذلك على الطعن فيها من قبل أطراف الدعوى الجنائية ، وذلك لجسامة عقوبة الاعدام والحرص على أن يكون الحكم مطابقا للقانون والواقع، بل تقوم النيابة بعرض الحكم على النقض حتى لو كان الحكم فى نظرها لايطعن عليه.

هذا فضلا عن ضمانة أخرى وهى ضرورة تصديق رئيس الجمهورية على أى حكم إعدام صادر من محكمة سواء عسكرية أو مدنية متى صار الحكم باتا ونهائيا واستنفد كل طرق الطعن (تم تأييده من قبل محكمة النقض)، حيث يرفعها وزير العدل لرئيس الجهمورية للتصديق، وينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو كليا عن العقوبة أو إبدال العقوبة فى ظرف 14 يوما.

وأخيرا وبعد كل هذه الضمانات والضوابط التى قررها المشرع نظرا لجسامة عقوبة الإعدام، تزعم وسائل إعلام ومنظمات حقوقية مغرضة أن أحكام الإعدام تُنفذ على نطاق واسع، متناسية التزام السلطات القضائية الكامل بسيادة القانون، وتوفير الضمانات الكاملة لأي متهم لممارسة حقه في الدفاع عن نفسه، وغيرها من الإجراءات واجبة الاتباع.

وعليه، فإن مثل هذه المنابر الإعلامية قد حادت عن معايير الموضوعية والمهنية عند إطلاقها لهذه الادعاءات التى تُعد تجاوزا غير مقبول في حق النظام القضائي المصري والقائمين عليه.

ثانيا: تزايد حالات الاختفاء القسري

وبشأن ما يُثار حول تزايد حالات الاختفاء القسري في مصر، وجب  الإشارة إلى أنه خلال أحداث يناير 2011 حدثت حالات اختفاء لعدد محدود من الأفراد وتنامت تلك الأعداد خلال الاضطرابات التى شهدتها البلاد فى عامي 2012 و2013 ، غير أن التقارير والبلاغات التى قُدمت منذ عام 2014 حتى الآن تتسم بنقص كبير فى المعلومات بدءا من أسماء المدعى اختفائهم أو ظروف الاختفاء أو توقيته بدقة أو الجهات التى يزعم ارتكابها هذا الجرم.

وعلى الرغم من عدم جدية الشكوك فى  صحة العديد من هذه الادعاءات فقد حرص المجلس القومى لحقوق الإنسان على التحقق من جميع الشكاوى التى وردت إليه حول الاختفاء القسري، مؤكدا أن أغلب الحالات أما عرضت على النيابة العامة ومودعه بالسجن أو هاجروا خارج البلاد والتحقوا بالتنظيمات الإرهابية.

هذا وقد نفت وزارة الداخلية مرارا وجود حالات اختفاء قسري وأكدت أنه لا يوجد قيد الاحتجاز طرفها سوى السجناء أو المحبوسين بقرارا من النيابة العامة على ذمة قضايا تمهيدا لتقديمهم إلى المحاكمة أو الإفراج عنهم، وأنه ربما يكون من بين المُدعى باختفائهم قسريا عناصر غادرت البلاد للانضمام للمنظمات الإرهابية العاملة فى عدة بلدان عربية وأجنبية أو عناصر هاربة مطلوب القبض عليها تنفيذا لقرار النيابة العامة.

وبشأن مزاعم الاختفاء القسري للباحث “أيمن هدهود” قبل وفاته، نفت كافة الجهات المسئولة هذا الادعاء، ومنها المجلس القومي لحقوق الإنسان الذى أكد فى بيان رسمي أن لجنة الشكاوى والرصد بالمجلس لم تتلق أي شكاوى من قبل أحد من ذويه تُفيد بتعرضه للاختفاء القسري. 

ثالثا: سوء معاملة السجناء   

تعمد الإعلام الغربي وبعض المنظمات الحقوقية فى تقاريرها المُسيسة الترويج لوجود انتهاكات لحقوق الإنسان داخل السجون المصرية، معتبرة  الإفراج عن المسجونين مؤخرا عمليات “استثنائية” وأن أعدادا كبيرة من “السجناء السياسيين” مازلوا وراء القضبان، وهو أمر تخطى المعقول وبه تجاوز في حق وسيادة مصر على أرضها، فتلك التقارير وغيرها لم تُقدم أدلة منطقية تؤكد صحة ما يتم نشره على المواقع الإلكترونية، ولم تُشر إلى حجم الجهود والإنجازات المبذولة على أرض الواقع بهدف تهيئة حياة ومعاملة كريمة لجميع المصريين، وعلى رأسهم “السجناء”. 

جهود الدولة المصرية في حماية حقوق السجناء

أغفلت تلك التقارير أن مصر تُعد من بين الدول الأعـلى في التصديق على الاتفاقيات الدولية الـ18 الخاصة بحقوق الإنسان بتصديقها على 10 منها، متفوقة على الولايات المتحدة الأمريكية التى صدقت فقط على 5 اتفاقيات، فضلا عن أن مصر شاركت فى إعداد وصياغة الميثاق العالمي لحقوق الإنسان فى 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

هذا إلى جانب مشاركة مصر الفاعلة منذ نشأة الأمم المتحدة في جميع الهيئات التابعة لها في مجال حقوق الإنسان سواء تلك القائمة على ميثاق الأمم المتحدة أو القائمة على المعاهدات الدولية العشر الأساسية لحقوق الإنسان، إلى جانب مشاركة مصر فى آلية المراجعة الدورية الشاملة (The Universal Periodic Review (UPR منذ أن أسسها مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عام 2006 .

كما خصص دستور 2014 والذى يُعد الأكثر تقدمًا في تاريخ الدساتير المصرية في مجال حقوق الإنسان والحريات، أكثر من 125 مادة يتم ترجمتها إلى نصوص قانونية تُطبق من خلال السياسات التى تتبنها الدولة لتأكيد على الحقوق الأساسية للإنسان في مجالات الحريات الخاصة والعامة والسياسة والاجتماع والاقتصاد وتجريم إهدار الكرامة الإنسانية وانتهاك الحياة الخاصة والتعذيب والتمييز، والتأكيد على كافة حريات التعبير والنشر والإبداع والاعتقاد والتنقل والملكية والعمل والإضراب وسيادة القانون.

 الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان تُنظم معاملة السجناء والمحتجزين

وضعت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي فى سبتمبر 2021، ضوابط وخطط للتعامل مع السجناء وغيرهم من المحتجزين – والتى لا يتم تسليط الضوء عليها فى مثل تلك التقارير المغرضة – وجاءت على النحو التالي:

-أوصت أعضاء النيابة العامة بالإشراف والتفتيش على السجون وأماكن الاحتجاز ودور الملاحظة والرعاية، بجانب قبول شكاوى السجناء، وفحص كافة أوراق وسجلات السجن.

-أكدت على الاستمرار فى تطوير وتحديث منشآت السجون وإنشاء سجون جديدة لتقليل الكثافة في السجون في إطار التحسين المستمر في مستوى إعاشة السجناء ورعايتهم صحيا.

– طالبت بالتوسع في إنشاء فصول محو الأمية والتوسع في إقامة ندوات دينية وثقافية لنزلاء السجون بالتنسيق مع وزارة الأوقاف والهيئة العامة لقصور الثقافة لتنمية الجانب الديني والثقافي لدى النزلاء.

-أكدت على أهمية إشراك منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والجهات الحكومية في إعادة إدماج المفرج عنهم بالمجتمع وتقديم الدعم اللازم لهم ولأسرهم.

– وأتاحت الزيارات من قبل المجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني وفق الضوابط القانونية ذات الصلة.

تعديل قانون تنظيم السجون

لم تتطرق التقارير المُسيسة والانتقائية إلى موافقة مجلس النواب فى مارس 2022 على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون، وذلك في إطار خطة الدولة لتطـوير المؤسسات العقابية من حيث مسمياتها، وأبنيتها، وإدارتها على نحو يهدف إلى ترسيخ قيم ومبادئ حقوق النزلاء بها، لتوفير الحماية المجتمعية لهم، وإصلاحهم وإدماجهم بالمجتمع، والاستفادة من تأهيلهم في برامج وخطط التنمية عن طريق دعم حقوق النزلاء التعليمية باستكمال دراستهم لمن لديهم الرغبة وأداء الامتحانات المقررة عليهم داخل مراكز الإصلاح والتأهيل العمومية، وتشجيعهم على الاطلاع .

يهدف هذا التعديل إلى إعادة تحديث الهياكل التنظيمية للقطاعات والإدارات الرئيسية بوزارة الداخلية ومسايرة التطورات الحديثة من خلال تغيير مسمى السجون الوارد في القانون إلى مراكز إصلاح وتأهيل عمومية أو مراكز إصلاح جغرافية أو مراكز إصلاح وتأهيل خاصة، وكذلك تغيير اسم السجناء إلى نزلاء، ومأموري السجون إلى مديري مراكز تأهيل، مع إعطاء حقوق جديدة للنزلاء مثل تسليمهم المذكرات والمكاتبات شخصيا. 

ويأتي تعديل قانون تنظيم السجون في إطار تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان التى ترسخ لها دولة 30 يونيو التى أدمجت حقوق الإنسان في مسيرة التنمية، حيث يعكس هذا التشريع تبنى المؤسسات العقابية لفلسفة جديدة قائمة على تحويل أماكن الاحتجاز التقليدية إلى أماكن نموذجية لإعادة تأهيل السجناء من منطلق أحقية المحكوم عليهم بألا يعاقبوا عن جرمهم مرتين، وبذلك تستهدف تحويل فترة العقوبة للسجناء إلى فتره للاستثمار في البشر.

و جاء افتتاح مركزى الإصلاح والتأهيل فى وادي النطرون ومدينة بدر  ليؤكد جدية الدولة فى حماية حقوق السجناء وحرصها على إصلاح المنظومة العقابية، حيث أصبحت مراكز التأهيل والإصلاح تضم أماكن لائقة للاحتجاز وتوفر مشروعات وحرف يدوية وتتيح تعليم وتثقيف ومحو أمية للنزلاء، وقد تم تشييد المركزين وفقًا لأرقى النظم المعمارية والاستعانة بمفردات التكنولوجيا الحديثة، وتم تزويدهما بكافة الأجهزة الطبية الحديثة التى تتواكب مع العصر لتقديم رعاية اجتماعية وصحية لكافة النزلاء. 

ويؤكد مجلس حقوق الإنسان  بمصر على أن تلك المراكز الإصلاحية تأتي في إطار عملية متدرجة لإغلاق السجون القديمة وبناء مراكز إصلاح وتأهيل حديثة تتوافق مع المعايير الدولية  وأن افتتاح هذين المركزين يشكلان المرحلة الأولي في عملية التغيير الشامل لمفهوم المؤسسات العقابية في مصر.

كما حرصت وزارة الداخلية على إرسال القوافل الطبية إلى المؤسسات العقابية بكافة أنحاء الجمهورية بهدف إجراء الكشف الدورى على النزلاء واكتشاف الأمراض المزمنة وعلاجها وصرف الأدوية اللازمة مجانا ، مع متابعة حالات المرضى بشكل دورى مستمر.

هذا ويولي قطاع الحماية الاجتماعية بالوزارة اهتماما خاصا بتمكين وحماية المرأة النزيلة من خلال العديد من البرامج التأهيلية وأوجه الرعاية المختلفة التى تمتد إلى رعايتها اللصيقة لرضيعها حتى بلوغ سن العامين وتوفير المناخ والأماكن الملائمة لاستقبال أطفالها خلال الزيارات لتفادي إى تأثير سلبي على هؤلاء الأطفال من الناحية النفسية، بالإضافة إلى التعاون والشراكات مع منظمات المجتمع المدنى لتدريب النزيلات على الحرف والمهارات المختلفة.

كما يحظى ذوي الهمم من نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل بأوجه رعاية كبيرة من خلال استحداث عنابر جديدة لهم وتجهيزها على النحو الذي يلائم حالتهم، إلى جانب توفير وسائل الإتاحة بمرافق المراكز ورسم خطط للمعاملة والعلاج والتوجيه بما يتناسب مع حالتهم الصحية والبدنية.

هذا إلى جانب تدريب الدراسين بأكاديمية الشرطة على احترام حقوق الإنسان من خلال محاكاة بعض المواقف (الاستيقاف- ‏القبض -التفتيش-الترحيل- معاملة المساجين)، فضلا عن التدريب على الوسائل الحديثة في التحريات، وآليات تأمين المظاهرات السلمية والتعامل مع الشغب ‏والاعتصام وتعطيل المرافق العامة أو التعدي عليها.

وتجدر الإشارة كذلك إلى أن هناك زيارات مستمرة يقوم بها وفود حقوقية وممثلي وكالات أجنبية وصحف عالمية إلى السجون المصرية بالتنسيق مع قطاع الحماية المجتمعية للوقوف على أحوال السجناء وتفقد أوجه الرعاية التي تقدم إليهم. وتأتي هذه الزيارات في محاولة من وزارة الداخلية للرد على الإدعاءات وحملات التشكيك التي تصدر من بعض الأبواق الإعلامية الغربية ضد وضع السجناء في مصر.

تفعيل لجنة العفو الرئاسي

أوصت القيادة السياسية خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فى 26 إبريل 2022، بإعادة تفعيل “لجنة العفو الرئاسي” التي تم تشكيلها كأحد توصيات «المؤتمر الوطني للشباب» عام 2016 ، والتى بدأت بالفعل عملها ، وأطلقت منصة إلكترونية لتسجيل طلبات العفو عن الشباب المحبوسين على ذمة قضايا، ولم تصدر بحقهم أى أحكام قضائية.

وتواصلت اللجنة مع مختلف الأحزاب والقوى السياسية وأعدت قائمة عاجلة من السجناء المقترح الإفراج عنهم،  مُعلنة عدم استبعاد أي أحد غير مَن تلوثت أيديهم بدماء المصريين، أو المتهمين في قضايا الفساد والتخريب والعنف ضد أبناء مصر وشعبها، على أن توسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المختصة ومنظمات المجتمع المدنى المعنية.

وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية قد أعلنت عن الإفراج عن 46 ألف سجين بمقتضي عفو رئاسي خلال الفترة من 2014 إلى 2018 ، كما تم الإفراج الشرطي عن 54 ألف خلال نفس الفترة ، ويصل عدد السجناء الذي تم الإفراج عنهم سواء بالعفو الرئاسي أو الشرطي في عام 2019إلى 34ألف و490 سجينًا.

كما شهد عامى 2020 و2021 الإفراج عن أكثر من 45 ألف سجين في المناسبات والأعياد المختلفة وحتى إبريل 2022، تم منح عفو رئاسي عن 3273 سجينا.

 المبادرة الرئاسية “مصر بلا غارمين وغارمات”

أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي مبادرة “سجون بلا غارمين وغارمات”  فى 2018 بهدف الحفاظ على كيان الأسرة المصرية، والتى أولاها صندوق تحيا مصر اهتماما خاصا حيث رصد لها 42 مليون جنيه ليصل عدد المُفرج عنهم نحو 6400 حتى 2019. ثم أطلق الرئيس فى يونيو 2020 مبادرة أخرى تحت اسم “مصر بلا غارمين وغارمات” ليعلن انتهاء عصر الغارمات.

وتم مؤخرا حصر الأحكام النهائية الصادرة ضد الغارمات بجميع المحافظات خلال أعوام (2019-2020-2021)، حيث بلغ عددهن 729 غارمة صادر ضدهن أحكام نهائية بإجمالي عدد 1222 قضية في مختلف محافظات الجمهورية، على أن يساهم البنك المركزي بنحو 61 مليون جنيه لسداد ديون الغارمات في القضايا المذكورة.

وفي 17 إبريل 2022 وجه رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بحصر الغارمين في السجون وتوفير قواعد بيانات كاملة عنهم تتضمن توزيعهم الجغرافي وأسباب الغُرم لتحديد المستحقين وتوفير آليات أمنة للاستدانة، الأمر الذى يعكس عزم الدولة على إيجاد حل جذري لهذه الظاهرة.

وتجدر الإشارة إلى تشكيل اللجنة الوطنية لرعاية الغارمين والغارمات بتكليف من الرئيس حيث عقدت أول اجتماعاتها في يوليو 2020 بهدف وضع استراتيجية قومية لمعالجة هذا الملف بشكل نهائى وبما يحقق رؤية مصر بأن تكون سجونها بلا غارمين أو غارمات.

مشروعات ومبادرات دعم وحماية أسر السجناء 

من جانبها، تُولي وزارة التضامن الاجتماعي أهمية خاصة لرعاية أسر نزلاء السجون والمفرج عنهم بقصد معاونتهم على مواجهة مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن الرعاية اللاحقة للمُفرج عنهم بهدف مساعدتهم مادياً ومعنويا على استعادة مكانتهم والاندماج في إطار المجتمع، فضلا عن الحد من أى خطورة إجرامية قد يشكلونها على المجتمع المحيط بهم.

وفى هذا الإطار، تُنفذ وزارة التضامن الاجتماعي مشروع دعم وحماية الأسر المعرضة للخطر “سند”  الذي يهدف إلى الدعم النفسي والتأهيل الاجتماعي والتمكين الاقتصادي لأسر السجناء والمُفرج عنهم بعفو رئاسي من خلال تمويل المشروعات الصغيرة أو متناهية الصغر بتسهيلات ائتمانية كبيرة.

هذا ويُوفر مشروع “سند” لأسر السجناء الخدمات الصحية، بالإضافة إلى إعفاء الأبناء من المصروفات الدراسية وإعطائهم الأولوية فى الحصول على الدعم النقدي من برنامج “تكافل وكرامة” الذى تنفذه وزارة التضامن منذ 2015.

ذلك فضلا عن إطلاق العديد من المبادرات التى تمكّن الأسرة من إيجاد دخل مناسب لها يحميها من الوقوع فى الدين، مثل مبادرة “دكان الفرحة”  لتجهيز الفتيات الأولى بالرعاية، ورفع العبء عن كاهل أمهاتهن، وبرنامج “مستورة” للسيدات المعيلات وللفتيات من سن 21 حتى 60 عاما، حيث يتم تقديم برامج تمويلية للمرأة من خلال بنك ناصر الاجتماعي لإنشاء مشروعات صغيرة تسهم فى تحويلها من متلقية للدعم، إلى عنصر فعال وطاقة منتجة.

تُعد كل هذه الجهود والإجراءات التى اتخذتها الدولة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية بهدف إعلاء حقوق الإنسان وتوفير حياة كريمة لمواطنيها بمثابة أبلغ رد على مزاعم وأكاذيب الوسائل الإعلامية المغرضة والمؤسسات الحقوقية المشبوهة.

وختاما، ويُوصى المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” بإصدار قانون للعقوبات البديلة يعكس فلسفة جديدة تنطوى على الحد من العقوبات السالبة للحرية وتتسق مع الاتجاه العقابي الجديد في العالم، حيث يتم وضع عقوبات بديلة لعقوبة الحبس فى الجنح بناءً على تقرير للحالة الاجتماعية، وبإشراف وزارة العدل، وتشمل هذه البدائل، الخدمة المجتمعية، ومراقبة ضمن برنامج تأهيل سلوكي، إضافة إلى المراقبة الإلكترونية، وحظر ارتياد أماكن محددة، الأمر الذى يساعد فى رفع تصنيف مصر فى التصنيف الدولي لحقوق الإنسان، كما يرد وبقوة على كل محاولات التشكيك والتدخل السافر فى ملف حقوق الإنسان..حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه.

The post جهود مصر فى “حقوق الإنسان” تكشف أكاذيب الإعلام الغربي والمنظمات الحقوقية المُغرضة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
3575