دراسات التنمية Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/السياسات-العامة/دراسات-التنمية/ Egypt Mon, 23 Oct 2023 08:24:44 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.3.3 https://i0.wp.com/draya-eg.org/wp-content/uploads/2021/06/cropped-ico.png?fit=32%2C32&ssl=1 دراسات التنمية Archives - المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية https://draya-eg.org/category/السياسات-العامة/دراسات-التنمية/ 32 32 205381278 منظومة المعاشات فى مصر..حقائق ومكتسبات https://draya-eg.org/2023/10/19/%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%88%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d8%a7%d8%b4%d8%a7%d8%aa-%d9%81%d9%89-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%ad%d9%82%d8%a7%d8%a6%d9%82-%d9%88%d9%85%d9%83%d8%aa%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%aa/ Thu, 19 Oct 2023 14:50:50 +0000 https://draya-eg.org/?p=7297 تُعتبر نظم المعاشات أحد الأدوات الرئيسية فى تحقيق الحماية الاجتماعية فى الدول كافة خاصة دول العالم النامي، وتُعد أداة من أدوات السياسة الاقتصادية والاجتماعية التى تتبناها الدول لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية على الفرد والمجتمع، فهي تستهدف ضمان حياة كريمة لعدد كبير من فئات المجتمع وتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومنذ 2014 وحتى الآن، شهدت منظومة …

The post منظومة المعاشات فى مصر..حقائق ومكتسبات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تُعتبر نظم المعاشات أحد الأدوات الرئيسية فى تحقيق الحماية الاجتماعية فى الدول كافة خاصة دول العالم النامي، وتُعد أداة من أدوات السياسة الاقتصادية والاجتماعية التى تتبناها الدول لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية على الفرد والمجتمع، فهي تستهدف ضمان حياة كريمة لعدد كبير من فئات المجتمع وتلبية احتياجاتهم الأساسية.

ومنذ 2014 وحتى الآن، شهدت منظومة المعاشات فى مصر العديد من التطورات جعلتها قادرة على توفير الحماية الاجتماعية للفئات المستحقة لها، حيث زادت قيم المعاشات بشكل متتالي واستثنائي فى ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية وارتفاع تكاليف المعيشة، وذلك فى إطار حرص الدولة على تحقيق الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية بما يمكنهم من أن يحيوا حياة كريمة.

وفي هذا الإطار، يُقدم المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” هذه الورقة البحثية التى اعتمدت على المنهج الاستقرائي فى تناول واقع منظومة المعاشات خلال الـ9 سنوات الماضية، حيث سلطت الضوء على أنظمة المعاشات، والإصلاحات التشريعية الجوهرية والقرارات التنفيذية التي ساهمت فى تحسين أوضاع أصحاب المعاشات، ومنحهم مجموعة من المكتسبات والمزايا التى كان لها تأثير إيجابي ملموس على حياتهم، وذلك من خلال الأربعة محاور التالية:

  • المحور الأول: أنظمة المعاشات في مصر.
  • المحور الثاني: الإصلاحات التشريعية والقرارات التنفيذية لتحسين منظومة المعاشات.
  • المحور الثالث: مكتسبات أصحاب المعاشات من 2014 حتى 2023.
  • المحور الرابع: أثر تلك المكتسبات على المواطنين من أصحاب المعاشات.

هذا وقد توصلت الورقة البحثية لمجموعة من النتائج من أهمها:

  • نجحت الدولة في توفير السيولة المالية اللازمة لخدمة أصحاب المعاشات منذ توقيع اتفاق فض التشابكات المالية بين الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية والخزانة العامة للدولة، والذى بموجبه سيتم تسديد نحو 45 تريليون جنيه للهيئة على مدار 50 عامًا اعتبارًا من 2019.
  • ارتفعت مساهمات الحكومة فى صناديق المعاشات من29.2 مليار جنيه عام 2013-2014، إلى 202 مليار جنيه بموازنة العام الحالي 2023-2024 ، بزيادة بلغت نحو 592%.
  • زادت قيمة المعاشات 10 مرات خلال الفترة من 2014 حتى 2023، وارتفعت قيمة المعاشات المنصرفة من 86.5 مليار جنيه فى 2013/2014 إلى 340 مليار جنيه فى 2022/2023، بنسبة زيادة بلغت 293%.
  • شهد الحد الأدنى والأقصى لقيمة معاش المنتهي خدمته ارتفاعا كبيرا حيث بلغ الحد الأدني  فى 2023 نحو 1.275 جنيها مقابل 450 جنيها فى 2015، والأقصى 10.355 مقابل 2.360 جنيها عام 2015.
  • ارتفعت مخصصات معاش “الضمان الاجتماعي” لتصل إلى 31 مليار جنيه فى موازنة 2023/2024 مقابل 22 مليار جنيه فى موازنة 2022/2023، و19 مليار جنيه فى موزانة 2021/2022.
  • بلغت زيادة معاش تكافل وكرامة خلال عام 2023  إلى 40%، حيث قرر رئيس الجمهورية زيادتها بـ 25% فى مارس، و15% في سبتمبر، ليرتفع  معاش “تكافل” بعد زيادة سبتمبر 2023 ليصل إلى 630 جنيه بدلا من 450 جنيه، وبلغ معاش “كرامة” لكبار السن وذوي الإعاقة 490 جنيه بدلا من 350 جنيه.

المحور الأول: أنظمة المعاشات:

         اتسمت خريطة المعاشات باعتبارها أحد أهم برامج الحماية والأمان الاجتماعي، في السنوات التسع الأخيرة بالتشعب ّوالتنوع، حيث تعددت أنواعها على النحو التالي:  

 أولا: المعاش التأميني

 هو نظام معاش قائم على مساهمات المشتركين، ويوجد منذ أكثر من نصف قرن، وتحديداً من ستينيات القرن  الماضي، وتعرض لكثير من التطورات والتغيرات على مدار العقود الماضية، ولعب دورا مهما في حماية قطاعات واسعة من المصريين خاصة من يعملون في القطاع الرسمي، حيث امتدت مظلته إلى عدد كبير من المواطنين سواء كان ذلك بشكل مباشر ( المؤمن عليه وصاحب المعاش ) أو بشكل غير مباشر ( أفراد الأسرة ).

ويستحق العاملين معاش التأمين الاجتماعي بعد سدادهم اشتراكات تأمينية لفترة معينة يحددها القانون المنظم، وتٌجمع تلك الاشتراكات في صناديق للتأمينات والمعاشات، تقوم فيما بعد بتوفير مبالغ المعاشات المُستحقة، وموارد تلك الصناديق هي الاشتراكات التأمينية والفوائد المستحقة عليه وأية أرباح ناتجة عن استثمار الأموال الموجودة في تلك الصناديق.

وتخصص الحكومة دعما سنويا لتلك الصناديق من الموازنة العامة للدولة لتغطية أى عجز فى الاشتراكات المُحصلة، وتمويل الزيادات المستحقة للمعاشات والتي تصدر بقانون من مجلس النواب، أو بقرار من رئيس الجمهورية حال عدم انعقاد مجلس النواب. وقد أولت الدولة هذا القطاع اهتماماً كبيراً، لاسيما وأنه منذ بداية الألفية الثانية والحديث لم ينقطع عن المشكلات التي تعتري قطاع التأمينات الاجتماعية، والتي كان من بين أهمها مشكلة تدهور الاستدامة المالية، ومشكلات َأخرى تتعلق بالافتقار إلى الكفاءة الاقتصادية والعدالة في توزيع الدخول، وهو ما وضعته الدولة المصرية ضمن أهم أولوياتها خلال السنوات التسع الأخيرة، بدءاً من سن القوانين وتحسين البيئة التشريعية لتحسين المعاشات، مروراً بإصدار مجموعة من حزم الحماية الاجتماعية المتتالية والمتتابعة والتي تصب في مصلحة أصحاب المعاشات كما ستوضح الورقة من خلال المحور الثاني والثالث.

ثانيا: المعاش الاجتماعي

هو معاش الضمان المشروط بالحالة الاجتماعية للمواطن، ولا يستند إلى اشتراكات مالية، أى أنه لا يُمول من خلال استقطاعات الأجور، ويتم منحه للأسر الفقيرة طبقًا للضوابط المنصوص عليها بموجب القانون  والذي لا يجوز الجمع بينه وبين أى نوع آخر من المعاشات، وتحدد قيمته بناء على عدد أعضاء الأسرة المستفيدة.

وينظم قانون الضمان الاجتماعي رقم 137 لسنة 2010 شروط استحقاق هذه النوعية من المساعدات، وقد نص على حق الفرد والأسرة الفقيرة في الحصول على مساعدات الضمان الاجتماعي، وتُحدد حالة الفرد والأسرة من خلال البحث الاجتماعي الميداني المعتِمد على عدد من مؤشرات الاستهداف، والتي تشمل الدخل والتعليم وعدد أفراد الأسرة والعمل وحالة السكن والحالة الصحية (العجزة والعاقة)، والحالة الاجتماعية (اليتيم – الأرملة – المطلقة)، وتمثل خدمات الضمان الاجتماعي مظلة بها عدد من الخدمات ًالتي تتراوح بين الدورية والطارئة. 

وتشمل خدمات نظام الضمان الاجتماعي في مصر:

  • المسـاعدات الشـهرية الضمانيـة والتـي تصـرف للأسر الفقيـرة وفقـاً لدراسـة حالـة الأسرة الاقتصادية والاجتماعية وتختلـف قيمـة هـذه المسـاعدات وفقـا لعـدد أفـراد الأسرة.
  • المسـاعدات الاستثنائية، وهي مسـاعدات تصـرف مـرة واحـدة خـلال العـام للأسر المسـتفيدة مـن قانـون الضمـان الاجتماعي، وهـي مخصصـة لمصروفـات التعليـم، وتختلـف قيمتهـا مـن مرحلـة دراسـية إلـى أخـرى، ومـن ضمـن المسـاعدات الاستثنائية أيضـاً مصروفـات الجنـازة ومصروفـات الوضــع والحالات الطارئــة الملحــة.
  • معــاش الطفــل، وهــو معــاش يصــدر للطفــل حتــى ســن 18سنة وفــي حالات محــددة، وهــم الأطفال الأيتام أو مجهولــو ّ النســب، أطفــال الأم المعيلــة أو المطلقــة إذا تزوجــت أو توفيــت، أطفــال المحتجزيــن قانونــا أو المســجون أو المســجونة لمــدة لا تقــل عــن شــهر.
  • المنحـة الدراسـية الشـهرية التـي تقـدم لأبنـاء المسـتفيدين مـن المسـاعدات الضمانيـة.
  • المشروعات الضمانية للمساعدة على الانخراط في سوق العمل.
  • التعويضـات، وهـي متنوعـة للغايـة، وتتعامـل مـع الكـوارث التـي تلحـق بالمواطنيـن، سـواء فرديـة أو جماعيـة مثـل التصحـر وغيرهــا.

ثالثا: معاش العمالة غير المنتظمة

أدرج قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات 148 لسنة 2019 العمالة غير المنتظمة  من غير ذوي المرتبات المنتظمة  فى التأمين الاجتماعي مقابل دفع 9% من الحد الأدنى للأجور، وعلى من يرغب فى الحصول على معاش بحد أدنى 900 جنيه، أن يسجل نفسه فى مكتب التأمينات المختص، ويدفع شهريا 72 جنيها.

ويستحق العامل التابع لفئة العمالة غير المنتظمة المعاش بعد بلوغ سن الشيخوخة، مع توافر مدة اشتراك في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة لا تقل عن 180 شهرًا (15 سنة)، منها مدة اشتراك لا تقل عن 120 شهرا على الأقل (10 سنوات).

ويجوز حسب قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، أنّ يزيد إجمالي المعاش  للعمالة غير المنتظمة على 80% من الحد الأقصى لأجر الاشتراك في تاريخ الاستحقاق، ولا يقل عن 65% منه، وذلك طبقا لقانون التأمينات والمعاشات الجديد.

ووفقا للقانون، فإن فئات القوى العاملة من العمالة غير المنتظمة، تشمل ما يلي:

-محفظو القرآن الكريم والمقرئون.

-خدم المنازل ومن فى حكمهم.

-عمال التراحيل.

-العاملون المؤقتون في الزراعة سواء في الحقول والبساتين.

-العاملون في مشروعات تربية الماشية أو الحيوانات الصغيرة والدواجن.

-ملاك العقارات المبنية الذين يقل نصيب كل منهم من الدخل السنوي عن فئة الحد الأدنى لأجر الاشتراك.

-ملاك الأراضي الزراعية غير الحائزين لها ممن تقل ملكيتهم عن فدان.

-المرتلون وغيرهم من خدام الكنيسة.

-صغار المشتغلين لحساب أنفسهم كالباعة الجائلين ومنادي السيارات -وموزعي الصحف وماسحي الأحذية المتجولين، وغيرهم من الفئات المماثلة.

-حائزو الأراضي الزراعية الذين تقل مساحة حيازتهم عن فدان، سواء ملاكا أو مستأجرين بالأجرة.

  رابعا: معاش القطاع الخاص

ألزم القانون 148 لسنة 2019 ولائحته التنفيذية صاحب العمل بأداء الاشتراكات المستحقه عن العاملين لديه، وتقديم طلب اشتراك مؤمن عليه خلال أسبوعين من التحاق أي عامل بالعمل لديه ويشمل الحصة التى يلتزم بها والحصة التى يلتزم باقتطاعها من أجر المؤمن عليه  وذلك بهدف حصول العامل على الحماية التأمينية. ​ ونص القانون على أن العامل يبلغ التقاعد عند الستين سنة، كما حدد الحالات التى قد يمتد فيها سن التقاعد لما بعد سن الـ60 عاما، ونص على استحقاق العامل عن مدة عمله بعد سن الستين.

خامسا: المعاش الاستثنائي

يقصد بالمعاشات الاستثنائية الصادر بها القانون رقم 71 لسنة 1964 إما منح معاش استثنائى لشخص ما لم يسبق له الحصول على معاش أو تحسين معاش شخص ما سبق له الحصول على معاش .

 وبالتالي فإن الفئات المستفيدة من قانون المعاشات الاستثنائية تتمثل في

1 – العاملون المدنيون الذين انتهت خدمتهم فى الجهاز الإدارى للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الإقتصادية التابع لها أو لمن يتوفى من أسرهم.

 2- من أدوا خدمات جليلة للبلاد أو أسر من توفوا منهم .

3 – أسر من توفوا في حادث يعتبر من قبيل الكوارث العامة .

سادسا: معاش تكافل وكرامة

صُمم برنامج “تكافل” على أنه برنامج تحويلات نقدية مشروطة، يوفر دخلا لمساندة الأسر الفقيرة التي لديها أطفال أقل من 18 عاماً، وتشمل المساعدات توفير راتب شهري وتوفير الرعاية الصحية للأم الحامل والأطفال قبل سن المدرسة.

أما برنامج “كرامة”، فقد صُمم على أنه برنامج تحويلات نقدية غير مشروطة للفقراء من كبار السن (65 عاما فأكثر)، والمعاقين بنسبة إعاقة تبدأ من 50% تمنعهم من العمل والكسب، ولا يملكون دخلا ثابتاً.

 المحور الثاني: الإصلاحات التشريعية والقرارات التنفيذية لتحسين منظومة المعاشات:

إذا ما تحدثنا عن مجموعة الإصلاحات التشريعية التي اتخذتها الدولة المصرية لتحسين منظومة المعاشات على المستوى الدستوري والقانوني، نجد أن دستور 2014 قد حفل بعدد من المواد التى حفظت حقوق أصحاب المعاشات، فجاءت المادة 17 واضحة في تناولها للتأمين الاجتماعي والضمان الاجتماعي وتوفير معاش للعمالة غير المنتظمة، إذ نصت على أن: ” تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى. ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة. وتعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال الزراعيين والصيادين، والعمالة غير المنتظمة، وفقًا للقانون.وأموال التأمينات والمعاشات أموال خاصة، تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة، وهى وعوائدها حق للمستفيدين منها، وتستثمر استثماراً آمنا، وتديرها هيئة مستقلة، وتضمن الدولة أموال التأمينات والمعاشات”.

وجاءت المادة 27 أيضا لتنص على أن : “يلتزم النظام الاقتصادى اجتماعيًا بضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة، وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر”.

وفيما يتعلق بالقوانين والقرارات التنفيذية:

  • قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 118 لسنة 2014 بشأن إعفاء المنشآت والمؤمن عليهم من المبالغ الإضافية المستحقة عليهم للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.
  • قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 197 لسنة 2014 بزيادة النسبة المقررة للمعاشات عام 2007 بنسبة 5% لتصبح 15% اعتبارا من 1/7/2007 للمعاشات المستحقة قبل هذا التاريخ.
  • قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 120 لسنة 2014 بتعديل قانون التأمين الاجتماعي لإلغاء حرمان أصحاب المعاش المبكر من الزيادة المقررة بالمادة 165 لتحسين المعاشات المنخفضة، وتم التعديل بأثر رجعي من تاريخ 1/7/2013 وصرف الفروق المالية اعتبارا من هذا التاريخ.
  • قرار رئيس الجمهورية رقم 190 لسنة 2014 بزيادة المعاشات بنسبة 10% من إجمالي المعاش المستحق لصاحب المعاش فى 30/6/2014 .
  •  قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 29 لسنة 2015 بزيادة المعاشات اعتبارا من 1/7/2015 بنسبة 10%.
  •  قانون رقم 60 لسنة 2016 بزيادة المعاشات بنسبة 10% اعتبارا من يوليو 2016 المعاشات المستحقة قبل هذا التاريخ.
  •  قرار وزارة التضامن الاجتماعي رقم 374 لسنة 2017 بشأن قواعد صرف زيادة المعاشات المقررة بالقانون رقم 80 لسنه 2017، على أن تكون الزيادة بنسبة 15% من إجمالي العاش المستحق لصاحب المعاش فى 30/6/2017، وأن يكون الحد الادنى للزيادة 150 جنيها والحد الأقصى 550 جنيه .
  •  قانون رقم 99 لسنة 2018 بشأن زيادة المعاشات بنسبة 15% المعاشات المستحقة قبل 1/7/2018.
  •  قانون رقم 148 لسنة 2019  الذى جاء دعما لأصحاب المعاشات، واستجابة لرغبتهم باسترداد أموالهم وإيلاء مسئولية إدارتها واستثمارها إلى أصحاب الحق من المعاشات والتأمينات.  وتأتى أهم السمات التى تميز بها هذا القانون عن القوانين السابقة ذات الصلة على النحو التالي:  
  • فــض التشــابك التاريخــي بيــن وزارة الماليــة وأمــوال التأمينــات الاجتماعية، مــع إعطــاء استقلالية كبيــرة للهيئــة القوميــة للتأميــن الاجتماعي.
  • وضع أجــر موحــد للتأميــن الاجتماعي ومعــاش واحــد لهــذا الأجر، ومــن ثــم انتهــاء مســألة تقســيم الأجر إلــى جزأيــن: أساســي ومتغيــر ومعــاش مســتقل لــكل منهمــا، ويحســب بطــرق مختلفــة.
  • وضع آلية لزيادة المعاشات بنسبة من معدل التضخم يتحملها نظام التأمين الاجتماعي بحد أقصى للزيادة 15%.
  • وجود ممثلين عن أصحاب المعاشات فى مجلــس إدارة الهيئــة القومية للتأمين الاجتماعي.

– توقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وبنك مصر فى 2019 لميكنة المدفوعات النقدية المستحقة للمتعاملين مع الهيئة.   

– قرار رئيس الجمهورية رقم 371 لسنة 2020 بزيادة المعاشات بدءا من 1/7/2020، بنسبة 14% .

-القانون رقم 25 لسنة 2020 والذى أنهى مشكلة العلاوات الخاصة غير المضمومة إلى الأجر الأساسي وذلك بزيادة معاش الأجر المتغير عن العلاوات الخاصة التى تقررت بدءًا من 1/7/2006 ولم تضم إلى الأجر الأساسى فى تاريخ استحقاق المعاش.

-قرار رئيس الهيئة القومية للتأمين الإجتماعي رقم 66 لسنة 2020بشأن الإجراءات المنظمة لضم المدد المسجلة بنظام التغطية على نظام المعلومات بالحاسب الآلي والذى ساهم غى توفير الجهد و الوقت و سرعة ربط المعاش للتيسير على أصحاب المعاشات والمستحقين.

-قرار رئيس الجمهورية رقم 260 لسنة 2021 بزيادة المعاشات اعتبارا من 1/7/2021، بنسبة 13%.

-قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 2022 بزيادة المعاشات بنسبة 13% اعتبار من أول أبريل 2022.

– قرار رئيس الجمهورية رقم 187 لسنة 2023 بزيادة المعاشات اعتبار من الأول من إبريل 2023 بنسبة 15٪؜.

– قرار رئيس الجمهورية بزيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية، لتصبح “600” جنيه، بدلا من “300” جنيه، لكافة العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، والهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام .

-تطبيق قاعدة الشمول المالي لأصحاب المعاشات والمستفيدين، وميكنة تحصيل مستحقات التأمينات من خلال الربط مع مركز التحصيل والدفع الإلكتروني بوزارة المالية مما يوفر الوقت والجهد وسرعة الصرف.

المحور الثالث: مكتسبات أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم  

يمكننا استعراض أهم مكتسبات أصحاب المعاشات القائمة على مساهمات المشتركين منذ عام 2014 حتى عام 2023، وذلك على النحو التالي:

  • زادت قيمة المعاشات 10 مرات خلال الفترة من 2014 حتى 2023 ، ويُوضح الجدول التالي نسب الزيادة التي أقرتها الحكومة وفقا للزيادات السنوية المعلنة:

جدول رقم (1)

قيمة الزيادات السنوية خلال الفترة من 2014 حتى 2023

ونشير هنا إلى رفع الحد الأدنى لأجر الاشتراك التأميني فى يناير 2023 ليكون 1700 جنيه، مقابل 1400 فى 2022، و1200 فى 2021 ، ورفع الحد الأقصى لأجر الاشتراك التأمينى ليكون 10900 جنيه مقابل 9400 فى 2022، و8100 جنيه فى 2021.

  • لأول مرة يتم إقرار منحتين استثنائيتين “علاوة غلاء المعيشة” خلال عام واحد بقرار رئيس الجمهورية، حيث كانت المنحة الأولي بقيمة 300 جنيه يحصل عليها أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم أول نوفمبر 2022، والثانية بقيمة 300 جنيه أول أكتوبر 2023 على أن يتم صرفها بأثر رجعي من شهر أكتوبر في شهر نوفمبر 2023، وبلغ عدد المستفيدين من هذه الزيادة نحو 11.117.382 مواطن، وفقاً لآخر الإحصاءات المنشورة على الموقع الرسمي لوزارة التضامن الاجتماعي.
  • شهدت أعداد المستفيدين من المعاشات زيادة مطردة خلال الفترة من 2014 وحتى 2023، فضلا عن زيادة قيمة المعاشات سنويا، وذلك وفقاً للبيانات الرسمية لوزارة المالية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي والتى يوضحها الشكل التالي:

جدول رقم (2)

الزيادة المطردة لعدد أصحاب المعاشات من المدنيين في الفترة من (2014- 2023) وقيمتها السنوية بالمليار

السنة عدد المستفيدين بالمليون قيمة المعاشات السنوية بالمليار
2013- 2014 8.693 86.5
2014-2015 8.820 103.1
2015-2016 9.164 116.8
2016-2017 9.400 132.8
2017-2018 9.500 153.6
2018-2019 9.600 175.8
2019-2020 9.900 236
2020-2021 10 295
2021-2022 10.717 308
2022-2023 11.093.174 340

  وتجدر الإشارة إلى أن عدد أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم بلغ حتى 1 أكتوبر 2023 نحو 11,117,382 ، وعدد منافذ صرف المعاشات بلغت 9,556 منفذ.

  • شهد الحد الأدنى والأقصى لقيمة معاش المنتهي خدمته ارتفاعا كبيرا حيث تطورت الزيادات منذ 2014 وحتى 2023 على النحو التالي:

-بلغ الحد الأدنى للمعاش 450 جنيها في عام 2014، بينما بلغ الحد الأقصى 2082 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 450 جنيها فى 2015، والأقصى 2360 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 500 جنيها فى 2016، والأقصى 2680 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 500 جنيها فى 2017، والأقصى 3040 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 750 جنيها فى 2018، والأقصى 3448 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 900 جنيها فى 2019، والأقصى 4568 جنيها.

-بلغ الحد الأدنى للمعاش 910 جنيها فى 2020، والأقصى 5600 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 900 جنيها فى 2021، والأقصى 6480 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 910 جنيها فى 2022، والأقصى 7520 جنيها.

– بلغ الحد الأدنى للمعاش 1275 جنيها فى 2023، والأقصى 10355جنيها.

                                                                

  • ارتفعت مخصصات معاش “الضمان الاجتماعي” لتصل إلى 31 مليار جنيه فى موازنة 2023/2024 مقابل 22 مليار جنيه فى موازنة 2022/2023، و19 مليار جنيه فى موزانة 2021/2022، كما يوضح الشكل التالي:

  • بلغت زيادة معاش تكافل وكرامة خلال عام 2023 نحو 40%، حيث قرر رئيس الجمهورية زيادتها بـ 25% فى مارس، و15% في سبتمبر، ليرتفع  معاش “تكافل” بعد زيادة سبتمبر 2023 ليصل إلى 630 جنيه بدلا من 450 جنيه، وبلغ معاش “كرامة” لكبار السن وذوي الإعاقة 490 جنيه بدلا من 350 جنيه .
  • فض التشابكات بين نظام التأمينات الاجتماعية والخزانة وفقًا لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019، بسداد الخزانة العامة مبلغ 160,5 مليار جنيه سنويًا، تزيد بنسبة فائدة 5,9% سنويًا لمدة 50 عامًا لمقابلة التزامات الخزانة في نظام المعاشات وسداد المديونية المستحقة للتأمينات، حيث بلغ إجمالي ما سددته الخزانة العامة للدولة لصالح أصحاب المعاشات بالموازنة العامة للعام المالي الحالي 2023-2024 نحو 202.2 مليار جنيه مقارنة بـ 29.2 مليار جنيه عام 2013/ 2014 بنسبة زيادة 592% ويصل إجمالي ما تتحمله الخزانة العامة لصالح المعاشات نحو2.3 تريليون جنيه حتى منتصف 2029، وفقا للبيان الإعلامي الصادر عن وزارة المالية مطلع أكتوبر 2023.
  • إنهاء مشكلة العلاوات الخمسة الخاصة غير المضمومة إلى الأجر الأساسي بصدور القانون رقم 25 لسنة 2020، بتكلفة إجمالية وصلت لنحو 35 مليار جنيه، وبناءً عليه تم زيادة معاش الأجر المتغير لنحو 2,4 مليون صاحب معاش ومستفيد، بتكلفة سنوية لقيمة العلاوات الخاصة المستحقة نحو 7 مليار جنيه بإجمالي قيمة متجمد مستحق 28 مليار جنيه يتم صرفها على أربع دفعات سنوية.
  •    بلغت قيمة الإعفاءات على المبالغ الإضافيه لتسوية المديونيات لدى المؤسسات والهيئات والأفراد  ما يقارب 3 مليار جنيه لصالح المواطن المصري بموجب قانون 173 لسنة 2020 .
  • وجهت الدولة بضرورة تنفيذ التحول الرقمي للهيئة القومية للتأمين الإجتماعي، حيث تم توقيع برتوكول تعاون مع كبري الشركات العالمية لتنفيذ عملية إحلال نظام الحاسب الآلي الحالي المتقادم بنظام آلي حديث يسمح بتحقيق الربط الآلي مع قواعد بيانات باقي قطاعات الدولة ذات الصلة بمنظومة التأمينات الاجتماعية كمصلحة الأحوال المدنية والإدارة العامة للمرور وغيرها من المصالح، بما يوفر الوقت والجهد للمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم وتقليل الاعتماد على المستندات الورقية.
  • وتيسراً على أصحاب المعاشات والمستفيدين، تم العمل على تحسين خدمة صرف المعاشات بشكل يضمن السرعة والدقة والأمان في صرف استحقاقاتهم التأمينية وكذلك تقديم أفضل خدمة ممكنة للمؤمن عليهم، وتسخير كافة الوسائل التكنولوجية والبرامج الممكنة لخدمتهم، حيث قامت الهيئة بعدة خطوات متعاقبة وسريعة في هذا المجال منها:
  • تطبيق الشمول المالي على أصحاب المعاشات والمستفيدين من خلال استبدال كروت الصرف القديمة “البلاستيكية” ببطاقة ذكية عالية التأمين “ميزه” والتي تمكن صاحب المعاش من القيام بعملية الشراء وسداد كافة المستحقات الحكومية عن طريق تلك البطاقة، كما يمكن لصاحب المعاش الاستفادة من كافة الخدمات المصرفية، وقد تم تحويل ما يقارب من 3.9مليون بطاقة حتى الشهر الجاري مع استمرار الصرف بالبطاقات القديمة بعدد 2.1 مليون مستفيد حتى استبدالها بالبطاقات الجديدة.
  • الاعلان عن بدء العمل بنظام المحافظ الإلكترونية اعتباراً من أول يوليو 2021 حيث يتم إتاحة صرف المعاش وتحويله لمن يرغب على التليفون المحمول من خلال المحافظ الإلكترونية بإجراءات سهلة وميسرة حيث يتوجه المواطن إلى إحدى شركات التليفون المحمول لمرة واحدة فقط بطلب لفتح المحفظة الإلكترونية، وباقي إجراءات التحويل تتم بين الهيئة القومية للتأمين الإجتماعي وشركات المحمول بالتنسيق مع الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.
  • التيسير على أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم فى صرف المستحقات التأمينية حيث تم إلغاء الشيكات الورقية كما يتم صرف المعاشات الشهرية ومتجمدات المستحقات التأمينية من خلال (الحسابات الجارية – كروت ميزة – المحافظ الإلكترونية).
  • ومن القرارات التي أحدثت انفراجه حقيقية لتسوية المعاش قرار الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي الخاص بتنظيم إجراءات ضم المدد للتيسير على أصحاب المعاشات والمستحقين، حيث يتم طلب ضم المدد على الحاسب الآلي من كافة مكاتب الجمهورية التي تقوم بمراجعتها، واعتماد تلك المدد على الحاسب الآلي دون الحاجة لتبادل الملفات الورقية بين المكاتب، الأمر الذي يوفر الجهد والوقت وسرعة ربط المعاش.

المحور الرابع: أثر تلك المكتسبات على أصحاب المعاشات :

في ضوء ما سبق يمكننا استعراض أثر المكتسبات التي حصل عليها أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم،  وذلك على النحو التالي:

  • أسهمت خطة الحماية الاجتماعية التي أقرتها الدولة المصرية منذ 2014 فى تراجع معدلات الفقر في مصر إلى 29.7% عام (2019/2020) مقارنة بـ 32.5% عام (2017/2018) بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، وهو مؤشر لنجاح جهود الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية بالتزامن مع الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها وركزت فيها على البعد الاجتماعي للتنمية.
  • الاهتمام بمنظومة المعاشات والتأمينات الاجتماعية كان له بالغ الأثر على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن المصري ولاسيما أصحاب المعاشات والمستفيدين من برامج الدعم النقدي، حيث ساهم فى تحقيق الحماية الاجتماعية للمواطنين، وتخفيف الأعباء الاقتصادية الصعبة عليهم وعلى أسرهم، ومن ثم تحقيق الأمن والسلم الاجتماعيين.
  • المساعدة في توفير حياة أكثر توازناً للمواطنين على المستوى النفسي والاجتماعي، وتعزيز شعورهم بالانتماء، والقبول والتقبل من المجتمع والبيئة المحيطة، والحرص على الاندماج في المجتمع.
  • أظهر تقييم مستقل للأثر أجراه المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية أن برنامج “تكافل وكرامة” كان له تأثير مبهر على تمكين المرأة والإدماج الاقتصادي، من خلال مجموعة من المؤشرات كان من أهمها:
  • زيادة استهلاك الأسر من المستفيدين من تكافل من 7.3% إلى 8.4%، وذلك مقارنة بالأسر التي لا تشارك في البرنامج. 
  • الحد بنسبة 12 نقطة مئوية من احتمال انزلاق الأسر في برنامج تكافل دون خط الفقر.
  • زيادة كبيرة (من 8.3% إلى 8.9%) في قيمة الاستهلاك الغذائي الشهري للمستفيدين من تكافل.
  • كما زاد برنامج “تكافل” من معدل الانحراف المعياري للوزن قياساً إلى الطول، وهو مقياس الحالة الغذائية قصيرة الأجل للأطفال دون سن الثانية، أي انخفاض بنسبة 3.7 نقطة مئوية في احتمال أن الطفل دون سن الخامسة قد عولج من سوء التغذية، وقد أدى كذلك لانخفاض معدلات التقزم والهزال، وفقا لتقديرات المسح الديموغرافي والصحي الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء عام 2019.
  • كما أدى البرنامج أيضاً إلى زيادة إنفاق على العملية التعليمية لأبنائهم وتوفير اللوازم المدرسية ووسائل الانتقال إلى المدرسة، إذ نجد أوضحت مؤشرات تقييم الأثر أن 100% من أطفال أسر «تكافل» مسجلون بالمدارس بما يشمل 4.5 مليون طفل منهم 50% فى المرحلة الابتدائية، و20% فى المرحلة الإعدادية، و9% فى المرحلة الثانوية، بالإضافة إلى 22% أطفال دون سن التعليم.
  • كما أظهر برنامج “تكافل وكرامة” نواتج إيجابية تتعلق بتمكين المرأة وإحساسها بالكرامة، مع انخفاض الضغوط المالية على الأسرة، إذ نجد ووفقاً لبعض تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي الصحفية أن 75% من حاملي بطاقة تكافل وكرامة من النساء.

المصادر:

  • تقرير بعنوان “الحماية الاجتماعية – نحو عقد اجتماعي أكثر شموًل ً وتمكينا في مصر” منشور بالموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية.
  • تقرير التنمية البشرية في مصر للعام 2021/ 2022.
  • البيانات الختامية للموازنة العامة للدولة الصادرة عن وزارة المالية المصرية عن الأعوام الثلاث السابقة.
  • دراسة بعنوان: “إنفاق متصاعد: الحماية الاجتماعية في مشروع الموازنة الجديدة” للمرصد المصري، منشورة بتاريخ 23 أبريل 2023.
  • الموقع الرسمي لوزارة المالية المصرية.
  • الموقع الرسمي لوزارة التضامن الاجتماعي.
  • الموقع الرسمي للبنك الدولي.
  • الموقع الرسمي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي.

 

 

 

 

 

 

 

 

The post منظومة المعاشات فى مصر..حقائق ومكتسبات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7297
العنف ضد الأطفال عالميا ومحليا ..قراءة تحليلية https://draya-eg.org/2023/09/25/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%86%d9%81-%d8%b6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a7-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d8%aa%d8%ad%d9%84%d9%8a%d9%84%d9%8a%d8%a9/ Mon, 25 Sep 2023 00:45:34 +0000 https://draya-eg.org/?p=7191 يحتفل العالم فى 2 أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للاعنف، وذلك لإعادة التذكير بأهمية مكافحة العنف بأشكاله كافة، خاصة العنف ضد الأطفال فى ظل معاناة الملايين من جميع الأعمار الذين يتعرضون للعنف بشكل يومي فى جميع أنحاء العالم – فى المنازل والمدارس، والمؤسسات التى تستهدف رعايتهم وحمايتهم، وكذا من خلال وسائل الإعلام المختلفة، والدراما، …

The post العنف ضد الأطفال عالميا ومحليا ..قراءة تحليلية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يحتفل العالم فى 2 أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للاعنف، وذلك لإعادة التذكير بأهمية مكافحة العنف بأشكاله كافة، خاصة العنف ضد الأطفال فى ظل معاناة الملايين من جميع الأعمار الذين يتعرضون للعنف بشكل يومي فى جميع أنحاء العالم – فى المنازل والمدارس، والمؤسسات التى تستهدف رعايتهم وحمايتهم، وكذا من خلال وسائل الإعلام المختلفة، والدراما، والأغاني بالاضافة إلى الألعاب الإلكترونية الحديثة.

إن تحرر الأطفال من العنف حق أساسي من حقوق الإنسان المعترف بها فى اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكولاتها الاختيارية، وحمايتهم حيث تعهد المجتمع الدولي رسميا بصونها وأدرجها فى صميم خطة التنمية المستدامة العالمية 2030 حيث شملت الخطة الجديدة للمرة الأولى غاية محددة (هي الغاية 16-2) لإنهاء جميع أشكال العنف ضد الأطفال، وعمِّمت مسألة إنهاء إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم واستغلالهم على نطاق عدة غايات أخرى ذات صلة بالعنف مثل زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث (الغاية 5-3) والقضاء على عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيد الأطفال واستخدامهم (الهدف 8-7).

وفى الواقع لا يزال حجم وتأثير ظاهرةالعنف ضد الأطفال كبيرين ويبعثان على بالغ القلق لاسيما وأن العنف يقترن بتكاليف باهظة تتكبدها الأسر المعيشية والمجتمعات المحلية والاقتصادات الوطنية بسبب ما ينجم عنه من آثار خطيرة وطويلة الأمد على نماء الأطفال وصحتهم وتعليمهم، فيمكن للعنف خلال ساعات أن يقضي على المكاسب الإنمائية التى استغرق تحقيقها سنوات.

وعليه، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” هذه الورقة البحثية التى تُسلط الضوء على حقائق حول ظاهرة العنف ضد الأطفال، وأبرز المؤشرات على الصعيد العالمي والمحلي، إلى جانب الكشف عن تداعياتها الخطيرة على المجتمعات، والتكلفة الاقتصادية المترتبة عليها. كما ترصد الورقة الجهود التى تبذلها الدولة المصرية للتصدى لهذه الظاهرة، وتُقدم بعض المقترحات التى يُمكن من خلالها الحد من معدلات انتشار العنف ضد الأطفال عالميا ومحليا.

تتناول الورقة البحثية ظاهرة العنف ضد الأطفال من خلال عدة محاور تشمل :

أولا : حقائق حول ظاهرة العنف ضد الأطفال (المفهوم – الأنواع – الأسباب)

ثانيا : مؤشرات ممارسة العنف ضد الأطفال عالميا.

ثالثا : تداعيات ظاهرة العنف ضد الأطفال.

رابعا : التكاليف الاقتصادية المترتبة على العنف ضد الأطفال.

خامسا : مؤشرات العنف ضد الأطفال فى مصر.

سادسا : جهود الدولة المصرية للقضاء على العنف ضد الأطفال.

سابعا : مقترحات للحد من ظاهرة العنف ضد الأطفال. 

توصلت الورقة إلى عدد من النتائج يأتى أبرزها على النحو التالي: 

  • يعاني نصف عدد أطفال العالم أى قرابة مليار طفل في المرحلة العمرية 2-17 عاماً من شكل من أشكال العنف سنويا.
  • يعاني ما يقارب 3 من 4 أطفال أو ما يعادل 300 مليون طفل في جميع أنحاء العالم فى المرحلة العمرية 2-4  أعوام من العقاب البدني و/أو العنف النفسي بشكل منتظم على أيدي الوالدين ومقدمى الرعاية.  
  • يعاني ما لا يقل عن 55 مليون طفل في أوروبا سنويا من شكل من أشكال العنف الجسدي والجنسي والعاطفي والنفسي.
  • تُشكل الدول مرتفعة الدخل النسبة الأعلى فى الدول التى لديها خطط عمل وطنية ممولة بشكل كامل لمواجهة العنف ضد الأطفال بينما الدول منخفضة الدخل هى الأقل فى تمويل خطط العمل الوطنية لمواجهة هذه الظاهرة.
  • يُكلف العنف ضد الأطفال الاقتصاد العالمي ما بين 1.49 ترليون و6.9 تريليونات دولار سنويا.
  • يتكبد قطاع الصحة التكلفة الاقتصادية الأكبر حيث يتم إنفاق نحو 581 مليار دولار سنويا على علاج ضحايا ممارسات العنف ضد الأطفال.
  • تتعرض الأطفال الإناث فى مصر للعنف أكثر من الذكور، وترتفع نسبة تعرض الإناث للعنف فى الريف إلى 14% مقابل 8% بين الذكور.
  • ترتفع نسبة الختان بين البنات فى المرحلة العمرية ( 0-17 عاما) فى الريف وتصل إلى 14% عام 2021، مقابل 8% فى الحضر.
  • انخفضت أساليب العقاب الجسدي الشديد من 43.2% عام 2014 إلى 26.2% عام 2021، والعقاب الجسدي من 78% إلى 56.6%، والعقاب النفسي من 91% إلى 78.3% فى نفس الفترة. 

 أولا : حقائق حول ظاهرة العنف ضد الأطفال

1-مفهوم العنف ضد الأطفال:

عرفت منظمة الصحة العالمية العنف ضد الأطفال بأنه “جميع أشكال العنف ضد الأشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، سواء كانت تُرتكَب من الأبوين أو غيرهما من مقدّمي الرعاية أو الأقران أو الشركاء العاطفيين” ، ومن ثم يؤكد تعرف العنف على :

1-عدم التبرير: بحيث أنه “لا يمكــن تبريرأي عنــف ضــد الأطفال، فجميع أنواع العنف ضد الأطفال يمكن منعها”.

2- عدم الاستثناء:واعتبــار “جميــع أشـكال العنـف ضـد الأطفـال مرفوضـة مهمــا كانــت” وعــدم وجــوب تقويــض حــق الطفــل المطلــق فــي الكرامــة والإنســانية والسـلامة البدنيــة والنفســية بــأي شــكل مــن الأشــكال،وبالأخــص عــدم جــواز وصــف أي شــكلمـن أشـكال العنـف علـى أنـه “مقبـولً قانونيــا ً أو اجتماعيــا ً أو ثقافيــا”.

وهنا نشير إلى أن العنف ضد الأطفال لا يعرف حدوداً للثقافة أو للطبقة أو للتعليم، ولم تحظ قضية مواجهته باهتمام دولي سوى منذ عشرينيات القرن الماضى وتحديدا عام 1990  حيث تم عقد مؤتمر القمة العالمى للطفولة ، واتفق المجتمع الدولى وعلى أعلى المستويات السياسية على أهداف دولية انمائية تستهدف تحسين حياة الأطفال..وعلى المستوى الإقليمى قامت الدول الأعضاء فى منظمة الوحدة الإفريقية بإقرار الميثاق الإفريقى لحماية ورفاهية الطفل، وهذه الوثيقة تحدد الحقوق التي ينبغي على الدول الإفريقية ضمانها للأطفال داخل نطاق ولايتها كما أنها وثيقة رئيسية لتعزيز وحماية حقوق الطفل في منظومة حقوق الإنسان الإفريقية، وقد تم إقرار هذه الوثيقة فى يوليو 1990 ودخلت حيز التنفيذ فى نوفمبر 1999.

ب-أشكال العنف ضد الأطفال:

عند الحديث عن العنف الذى يُمارس ضد الأطفال، فإننا بصدد أشكال متعددة من العنف تحدث عادة فى مراحل مختلفة من نمو الطفل، ويمكن إيجازها على النحو التالي:

1- العنف الجسدي: ويقصد به أى عقاب تستخدم فيهالقـوة الجسـدية ويكون الغرض منه إلحاق درجة معينةمن الألم والأذي، مهما قلت شدتهما. ويشملمعظـم أشـكال هـذا العقـاب ضـرب الأطفـال باليـد أو باسـتخدامأداة ما. ويمكـن أن يشـمل هـذا النوع مـن العقابإرغام الأطفالعلـى البقاء في وضع غيـر مريح،أوإجبار الأطفــال علــى تنــاول مواد معينة.

2- العنف الجنسى : يشــمل العنــف الجنســي والاستغلال الجنسـيحمل أو إكـراه الطفل علــى تعاطـي أي نشــاطجنســي غـيـر مشــروع أو ضــار نفســيا، واستغلال الأطفال جنسيا لأغراض تجارية، واسـتغلال الأطفال فــي وضــع تســجيلات ســمعية أوبصريــة لحالات الاعتداء  عليهــم جنسـيا.  

3- العنف النفسى : إساءة المعاملة النفسية أو الإساءة العقلية، أو الإساءة اللفظية والإساءةالعاطفية، ويشــملجميـع أشــكال التفاعل مــع الطفـل التي تنطـوي دائما على ضـرر، مثـل إشـعاره بأنه عديـم القيمةأو غيـر محبوب أو مرغوب فيه أو بأه نمعرضللخطـر أو بـأن لا قيمــة له سـوى فــي تلبيةاحتياجات غيره، بالإضافة إلى الترهيب والتهديد والعزل والتجاهل والتحيز والسخرية والإذلال وإهمال الصحة العقلية والاحتياجات الطبية والتعليمية.

4-العنف الإلكتروني: تشمل المخاطر المتعلقةبحماية الطفل فيما يتصل بتكنولوجيا المعلوماتوالاتصالات المجـالات التالية:

-الاعتداء الجنسي علــى الأطفال لإنتاج تسجيلات بصرية وسمعية لذلك الاعتـداء تيسره شبكة الإنترنت وسائر تكنولوجيات المعلومات والاتصالات.

-عمليــة التقـاط صـور فوتوغرافية أو صورفوتوغرافية زائفة، وأشــرطةفيديـو منافيـة للآداب تتعلق بالأطفالوالأشخاص الذين يسخرون من طفـل أو فئة من الأطفال، أوإنتاجها أو السماح بالتقاطها أو توزيعها أو عرضهاأو حيازتهـا أو الإعلان عنها.

-تعـرض الأطفال لمحتويات عدوانية أو عنيفـة أو تحض على الكراهية أو متحيزة أو عنصريـة أو إباحية أو مضللة.

-تعــرض الأطفال فـي ســياق اتصالهـم بغيرهــم مـنخلال تكنولوجياالمعلوماتوالاتصالات للتسلطعليهــم أو التحرش بهـم أو ملاحتقتهم أو إكراههــم أو خداعهــم أو إقناعهــمبلقــاء شــخصي خارج الإنترنت،  واســتدراجهم.

-تورط الأطفال فـي عمليات التسلط على غيرهم أو التحرش بهـم، أو لعـب ألعـاب تؤثر ســلبا في نموهـم النفسي، أو إنتاج وتحميل مواد جنسـية غيـر لائقـة، أو تقديـم معلومـات أو نصائح مضللـة، و/أو تنزيـل محتويات بصـورة غـير قانونية.

وعند توجيه أي نوع من أنواع العنف هذه ضد الفتيات أو الفتيان بسبب نوعهم البيولوجي أو هويتهم الجنسانية، فإنه يمكن أيضاً أن يشكل عنفاً قائماً على نوع الجنس. 

ج-أسباب العنف ضد الأطفال:

أكدت منظمة الصحة العالمية أن العنف ضد الأطفال مشكلة متعددة الجوانب ترجع إلى أسباب متعددة على مستويات الفرد والعلاقات المقرّبة والجماعات المحلية والمجتمع ، وتتمثّل عوامل الخطورة المهمة فيما يلي:

1- مستوى الفرد :

– الجوانب البيولوجية والشخصية مثل نوع الجنس والعمر.

– تدنّي مستويات التعليم.

– انخفاض الدخل.

– الإصابة بإعاقة أو بمشاكل صحية نفسية.

– تناول الكحول والمخدرات على نحو يضرّ بالصحة.

– تاريخ ممتدّ من التعرّض للعنف.

2- مستوى العلاقات المقرّبة :

– انعدام الأواصر العاطفية بين الأطفال والأبوين أو مقدّمي الرعاية.

– سوء الممارسات التربوية. 

– اختلال الوظائف الأُسَريّة والانفصال.

– الاطّلاع على العنف بين الأبوين أو مقدّمي الرعاية.

– الزواج المبكّر أو القسري.

3- مستوى المجتمع

– الفقر وارتفاع الكثافة السكانية.

– تدنّي التماسك الاجتماعي ووجود قيم اجتماعية وجنسانية تهيئ مناخاً يصبح فيه العنف أمراً عادياً.

– غياب أو عدم كفاية الحماية الاجتماعية. 

– الأوضاع اللاحقة للنزاعات أو الكوارث الطبيعية.

– سياقات تتسم بضعف الحوكمة وسوء إنفاذ القانون.

 ثانيا: مؤشرات ممارسة العنف ضد الأطفال عالميا

تعكس مؤشرات ممارسات العنف ضد الأطفال على الصعيد العالمي واقعا صادما حيث لا تزال أعداد لا تحصى من الأطفال من جميع الأعمار تتعرض للعنف بمختلف أشكاله، وتأتى أبرز المؤشرات على النحو التالي استنادا إلى تقديرات أممية صادرة عن منظمة الصحة العالمية “ “WHO ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “UNICEF”، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “UNESCO”:  

1- يعاني طفل واحد من أصل طفلين أو ما مجموعه مليار طفل– أى ما يعادل نصف عدد أطفال العالم –  في المرحلة العمرية 2-17 عاماً من شكل من أشكال العنف سنويا.

2- يعاني ما يقارب 3 من 4 أطفال أو ما يعادل 300 مليون طفل في جميع أنحاء العالم من بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و4 أعوام من العقاب البدني و/أو العنف النفسي بشكل منتظم على أيدي الوالدين ومقدمى الرعاية.

3- يؤثر العنف الوجداني في طفل واحد من أصل ثلاثة أطفال، ويعيش طفل واحد من أصل أربعة أطفال دون سن الخمس سنوات مع أم ضحية لعنف الشريك.

4- تورط طالب واحد من أصل كل 3 طلاب تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاما فى مشاجرات جسدية (45% ذكور – 25% إناث).

5- عانت نحو 120 مليون فتاة دون سن العشرين من شكل من أشكال العلاقات الجنسية القسرية.

6- ما لا يقل عن 55 مليون طفل في أوروبا يعانون سنويا من شكل من أشكال العنف الجسدي والجنسي والعاطفي والنفسي.

7- من بين 204 ملايين طفل دون سن 18 في أوروبا، فإن 9.6% يتعرضون للاستغلال الجنسي، و22.9% للعنف الجسدي و29.1% للضرر العاطفي. وعلاوة على ذلك، فإن 700 طفل يُقتلون كل عام، وذلك وفق مكتب منظمة الأمم المتحدة الإقليمي في أوروبا.

وهنا نشير إلى أنه على الرغم من أن غالبية الدول (83%) لديها بيانات وطنية حول العنف ضد الأطفال، إلا أن نحو 21% فقط من الدول استخدمت هذه البيانات لوضع خطوط أساس وأهداف وطنية للوقاية من العنف ضد الأطفال والتصدي له.

فتُشكل الدول مرتفعة الدخل النسبة الأعلى فى الدول التى لديها خطط عمل وطنية ممولة بشكل كامل لمواجهة العنف ضد الأطفال بينما الدول منخفضة الدخل هى الأقل فى تمويل خطط العمل الوطنية لمواجهة هذه الظاهرة، كما يتضح من الشكل التالي:     

النسب المئوية للدول التى لديها خطط عمل وطنية ممولة تمويلا تاما بحسب نوع العنف ومستوى الدخل للدولة لعام 2018

المصدر: التقرير العالمى عن الوقاية من العنف ضد الأطفال 2020

ثالثا : تداعيات العنف ضد الأطفال

أكدت منظمة الصحة العالمية أن للعنف ضد الأطفال تداعيات وآثار وخيمة تُؤثر بشكل كبير على تمتّع الأطفال والأُسَر والمجتمعات المحلية والدول بالصحة والعافية طيلة العمر،  وأشارت إلى التالي:

  • حدوث 40.150 حالة وفاة سنويا فى صفوف الأطفال المتراوحة أعمارهم بين صفر و17 عاما (28.160 ذكور – 11.990 إناث).
  • الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11و15 عاما ممن يتعرضن للترهيب فى المدرسة أقل نجاحا للتخرج من المدارس بنسبة 13%.
  • البالغون الذين عانوا من 4 أو أكثر من التجارب السلبية فى مرحلة الطفولة (بما يشمل الاعتداء البدني والجنسي والعاطفي) أكثر احتمالا بمقدار 7 مرات كضحية أو مرتكب العنف، وأكثر احتمالا بمقدار 30 مرة للقيام بمحاولة انتحار 30 مرة.
  • الرجال الذين تعرضوا للاعتداء البدني والجنسي فى مرحلة الطفولة أكثر احتمالا بمقدار 14 مرة لارتكاب ممارسات العنف البدني والجنسي فى العلاقات الحميمية، والنساء أكثر احتمالا بمقدار 16 مرة للمعاناة من العنف البدني والجنسي.

ويمكن إجمال هذه التداعيات فى الآتى :

1- الوفاة : قد يؤدى العنف ضد الأطفال إلى الوفاة أوالقتل الخطأ، خاصة فى أشكال العنف التى تنطوى على استخدام أسلحة كالأسلحة البيضاء والأسلحة النارية مثلاً، وهذه السبب يعد من بين أعلى ثلاثة أسباب للوفاة لدى المراهقين، حيث يشكّل الفتيان أكثر من 80% من الضحايا والجُناة.

2- الإصابات الوخيمة : قد يُفضي العنف ضد الأطفال إلى إصابات وخيمة ،ففي كل حالة قتل خطأ، يتعرّض مئات الأطفال من ضحايا عنف الشباب وغالبيتهم من الذكور لإصابات بالغة بسبب المشاحنات والاعتداءات الجسدية.   

3- ضعف النمو العقلى والعصبى : يمكن أن يُضعِف العنف ضد الأطفال النمو العقلي وأن يضرّ بأجزاء أخرى من الجهاز العصبي، فضلاً عن الغدد الصمّاء، والدورة الدموية، والنسيج العضلي الهيكلي، والأجهزة التناسلية والتنفّسية والمناعيّة، مع ما يترتّب على ذلك من عواقب ممتدّة طيلة العمر.

4- ضعف النمو الادراكى والتأثير سلبا على مستوى التحصيل الدراسى والإنجاز المهنى .

5- التكيف السلبى : قد تؤدى ممارسات العنف ضد الأطفال إلى حدوث تكيّف سلبي وسلوكيات تنطوي على مخاطر صحية ولذلكفمن الأرجح كثيراً أن يتّجه الأطفال المعرّضون للعنف والأعمال العدائية الأخرى إلى التدخين، وإساءة استعمال الكحول والمخدرات، والانخراط في سلوك جنسي شديد الخطورة كما ترتفع لديهم معدلات القلق والاكتئاب والمشاكل الصحية النفسية الأخرى والانتحار.

6- قد يؤدى العنف الجنسى ضد الأطفال الى حالات حمل غير مقصودة وعمليات إجهاض مستحثّة، ومشاكل تتعلق بأمراض النساء، وحالات عدوى منقولة جنسياً، بما في ذلك الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري.

7- الإصابة بالأمراض غير السارية : يُسهم العنف ضد الأطفال في الإصابة بطائفة عريضة من الأمراض غير السارية مع تقدّم الأطفال في العمر وتُعزى المخاطر المتزايدة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والداء السكري وغيرها من الأوضاع الصحية بدرجة كبيرة إلى التكيّف السلبي والسلوكيات المنطوية على مخاطر صحية والتي ترتبط بالعنف

8- التسرب من التعليم : يؤثّر العنف ضد الأطفال على الفرص السانحة والأجيال المقبلة ، فمن الأرجح أن يتسرّب الأطفال المعرّضون للعنف والأعمال العدائية الأخرى من المدارس، كما يواجهون صعوبات في إيجاد فرص عمل والحفاظ عليها، ويتعرّضون لمخاطر متصاعدة بالوقوع ضحايا للإيذاء و/أو ارتكاب عنف شخصي وموجّه للذات لاحقاً، وبذلك يمكن أن يؤثّر العنف ضد الأطفال على الجيل التالي.

رابعا : التكاليف الاقتصادية المترتبة على العنف ضد الأطفال

يترتب على العنف ضد الأطفال تكاليف اقتصادية على المدى القصير والمتوسط والطويل، وهي تكاليف يتكبّدها الأفراد والجماعات والمجتمعات. ويمكن إجمالاً تقسيم التكاليف الاقتصادية المترتبة على العنف إلى نوعين:

  • تكاليف مباشرةوتشمل ما يلي:

-تكاليف على نظم الرعاية الصحية التي تُعنى بعلاج الآثار الجسدية القصيرة والطويلة الأجل للإصابات الناجمة عن العنف ضد الأطفال.

-تكاليف تتكبدّها أيضا نظم الرعاية الصحية نتيجةً لعلاج المشاكل النفسية والسلوكية بين الكبار الناجمة عن تعرُّضهم للعنف في سن الطفولة.

-تكاليف تتكبّدها نظم الرعاية الاجتماعية تتعلق برصد العنف ضد الأطفال ومنعه وحمايتهم منه والتصدي له.

-تكاليف تتكبّدها نظم العدالة الجنائية تتعلق بضمان توقيع العقوبة على مرتكبي العنف ضد الأطفال وتوفير الحماية لضحاياه الفعليين أو المحتملين.

-تكاليف غير المباشرة وتشملخسائر في الإنتاجية تترتب على الطريقة التي يعوق بها العنف نماء الطفل، فالكبار الذين يتعرّضون للعنف في طفولتهم لا يحصلون إلا على القليل من فرص التعليم والعمل والأجور والممتلكات، الأمر الذى يتسبب فى ضعف أجور الضحايا مدى حياتهم ويخلِّف أثرا سلبيا على المجتمع برمّته.

هذا ويؤثر العنف ضد الأطفال على أدائهم الدراسي بمجرّد التحاقهم بالتعليم، وينجم عنه تدنِّي فى التحصيل التعليمي، وتباعا يؤثر سلبا على العمالة وما يترتب عليه من فقدان الكسب في مرحلة البلوغ. كما يمكن أن يؤدي التعرُّض للعنف في سن الطفولة إلى مشاكل نفسية وسلوكية في مرحلة لاحقة فتعرقل تعليم الطفل أيضا.

وقد تؤدي أشد أشكال العنف ضد الأطفال إلى وفاتهم، فوفاة الطفل تستتبع فقدان كل استثمار في نمو الطفل حتى لحظة الرحيل، فضلاً عن إيرادات الطفل المقبلة على مدى الحياة.وإجمالاً، فإن هذه الخسائر هي بمثابة تكلفة اقتصادية يتكبّدها المجتمع.

وقد أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن العنف ضد الأطفال يكلف الاقتصاد فى العالم ما بين 1.49 ترليون و6.9 تريليونات دولار سنويا، وأن الكثير من التكاليف الاقتصادية يتكبدها قطاع الصحة حيث يتم إنفاق نحو 581 مليار دولار سنويا على علاج ضحايا ممارسات العنف ضد الأطفال، كما اشارت بعض الدراسات إلى أن التكاليف الاقتصادية الناجمة عن العنف ضد الأطفال قد تصل إلى ما يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي على الصعيد العالمي.

وتعترف جميع الدراسات التي صدرت بشأن التكاليف المترتبة على العنف ضد الأطفال بأن تلك الأرقام يرجّح جدا أن تكون تقديرات تقل عن العدد الحقيقي. ويعود السبب الرئيسي لذلك إلى أن الانتشار الفعلي للعنف ضد الأطفال يظل مجهولا لأن الكثير من العنف ضد الأطفال، كما سبقت الإشارة إليه، يتم التغاضي عنه أو أنَّ نُظُم البيانات الإدارية التي وضعتها الحكومات لا تبلغ عنه ولا تسجّله.

وعلى الرغم من أن تكلفة تحقيق حماية للأطفال من العنف كبيرة إلا أن العائد منها أكبر بكثير حيث خلصت الدراسات المتعلقة بالفوائد مقابل التكاليف لطائفة واسعة من برامج الوقاية، إلى وجود معدلات مرتفعة جدا للعائد من الاستثمارات في برامج منع العنف ضد الأطفال، فأشار الاتحاد الأوروبي إلى أن كل يورو يستثمر فى منع العنف يحقق عائدا اجتماعيا قدره 87 يورو. 

خامسا: مؤشرات ممارسة العنف ضد الأطفال فى مصر

كانت أهم مؤشرات العنف ضد الأطفال طبقا للمسح الصحى الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء 2021 ونُشرت نتائجه فى ديسمبر عام 2022 كالتالى :

  • تتعرض الأطفال الإناث للعنف أكثر من الذكور، وترتفع نسبة تعرض الإناث للعنف فى الريف إلى 14% مقابل 8% بين الذكور.
  • يتعرض نحو 29% من الأطفال الإناث اللاتى لم تتم المرحلة الابتدائية للعنف، مقابل 13 % للذكور فى نفس المرحلة العمرية.
  • بلغت نسبة الختان بين البنات فى عمر ( 0-17 عاما ) نحو 12% عام 2021، مقابل 18% عام 2014.
  • ترتفع نسبة الختان بين البنات فى المرحلة العمرية ( 0-17 عاما) فى الريف وتصل إلى 14% عام 2021، مقابل 8% فى الحضر، كما يوضح الشكل التالي:

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

  • الصراخ أو التحدث بصوت عالى مع الطفل هو أكثر الأساليب العنيفة التى تم اتباعها مع الأطفال بنسبة 75%.
  • ضرب الطفل على يده أو ذراعه كانت من أكثر أساليب العنف الجسدى التى تم استخدامها حيث ذكرت 4 سيدات من كل 10 ضرب الطفل على يديه أو ذراعه أو ساقه كأسلوب لضبط السلوك.
  • ضرب أو صفع الطفل على الوجه أو الرأس أو الأذنين كانت أكثر أساليب العنف الجسدي المتبعة وبنسبة بلغت 25%.

وبشكل عام تُشير نتائج المسح الصحى للأسرة المصرية إلى انخفاض استخدام أساليب التربية العنيفة فى المسح الصحى 2021 مقارنة بما تم رصده فى المسح السكانى الصحى 2014 مع ارتفاع استخدام أساليب ضبط السلوك غير العنيفة .

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

ويوضح الشكل السابق انخفاض نسبة استخدام أى وسيلة عنيفة لضبط سلوك الأطفال فى العمر 1-14 سنة من 93% فى 2014 إلى 81% فى 2021 وارتفعت نسبة استخدام أساليب التربية غير العنيفة من 4% فى 2014 إلى 10% فى 2021.

انخفضت أساليب العقاب الجسدي الشديد من 43.2% عام 2014 إلى 26.2% عام 2021، والعقاب الجسدي من 78% إلى 56.6%، والعقاب النفسي من 91% إلى 78.3% فى نفس الفترة.

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

سادسا: جهود الدولة المصرية للقضاء على العنف ضد الأطفال

بذلت مصر جهودا كبيرة لاعتماد القوانين والتدابير السياسية التى من شأنها أن تضمن للطفل حماية أفضل من العنف بكافة أشكاله، وهو ما ساهم فى تراجع معدلات العنف ضد الأطفال بشكل ملحوظ..وتأتى أبرز الجهود على النحو التالي:  

1- المادة 80 من دستور 2014 :كفل دستور 2014 كافة أوجه الحماية والرعاية للطفل المصرى حيث نص فى المادة 80 بشكل واضح على أنه” يعد طفلا كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق فى اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجبارى مجانى، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة،وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية. وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع. وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى ،ولكل طفل الحق في التعليم المبكر في مركز للطفولة حتي السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الأساسى، كما يحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر، كما تلتزم الدولة بإنشاء نظام قضائى خاص بالأطفال المجنى عليهم، والشهود ، ولا يجوز مساءلة الطفل جنائيا أو احتجازه إلا وفقا للقانون وللمدة المحددة فيه وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه فى أماكن مناسبة ومنفصلة عن أماكن احتجاز البالغين وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل فى كافة الإجراءات التى تتخذ حياله”.

2- تعديل قانون العقوبات لعام 2014 الذى يجرم التحرش الجنسي للمرة الأولى.

3- صدقت مصر على عدد من معاهدات الدولية لحقوق الإنسان التى تضمن حقوق الطفل، مثل اتفاقية حقوق الطفل، والميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهه.

4- التزمت الحكومة بتنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030 التى تتضمن أهداف طموحة لإنهاء العنف كجزء من رؤية أوسع “العالم يستثمر فى أطفاله، عالم ينمو فيه كل طفل بمأمن من العنف والاستغلال”.

5- تشكيل لجان متعددة لحماية الطفل على مستوى المحافظات وعلى مستوى الأحياء (لجان حماية الطفل) والتى تخضع لوزارة التنمية المحلية.

6- وسعت الحكومة المصرية نطاق برامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان لزيادة تغطية الفئات الأكثر ضعفا وعلى رأسهم الأطفال، حيثيعتبر برنامج “تكافل وكرامة“ للدعم النقدي المشروط الذي يستهدف الأسر المنخفضة الدخل التى لديها أطفال من التدابير الجوهرية التى تتخذها وزارة التضامن الاجتماعي للوقاية من العنف حيث بلغ عدد الأسر المستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة” فى عام 2023 نحو 5.2 مليون أسرة بما يشمل أكثر من 20 مليون مواطن، بإجمالي مخصصات بلغت 121 مليار جنيه منذ إطلاق البرنامج فى 2015 وحتى تاريخه.

7- تقدم وزارة التضامن الاجتماعي خدمات داعمة للأسر وذلك من خلال برنامج الزيارات المنزلية للرائدات الريفيات ومكاتب تسجيل الأسر التابعين لها، ومراكز تنمية الطفولة المبكرة، والتى تسهم فى خفض معدلات العنف الممارس ضد الأطفال.

8- قامت وزارة التضامن الإجتماعى والمجلس القومى للأمومة والطفولة بإطلاق عدد من المبادرات التى تستهدف وقف العنف ضد الأطفال وهى ” حملة لا للعنف ، حملة أوقفوا العنف ، حملة مكافحة التنمر ، حملة احميها من الختان ، حملة أولادنا ، حملة ” بالهداوة مش بالقساوة “.

9- قامت وزارة التضامن الإجتماعى باطلاق برنامج ” وعى ” والتى تستهدفمواجهة زواج الأطفال وكافة أشكال العنف ،ويأتي برنامج “وعي” للتنمية المجتمعية ليعمل على تعزيز القيم والسلوكيات الإيجابية للأسرة المصرية ضد المعتقدات والممارسات المجتمعية الخاطئة التى من شانها التأثير سلباً على تنمية الطفل والأسرة.

وقد تصدت الوزارة لقضية زواج الاطفال، حيث قام البرنامج بتنفيذ حملة “زواجها قبل 18 يضيع حقوقها” حول مخاطر وأضرار زواج الأطفال قبل السن القانوني 18 سنة بإجمالي عدد 1.6 مليون اسرة مستفيدة منهم 90% من المناطق الريفية .

10- قام صندوق مكافحة وعلاج الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي والذى يستهدف المراهقين فى الفئة العمرية من 12: 18 سنة ، بتنفيذ العديد من الأنشطة التوعوية عن أضرار تعاطي المخدرات في 4500 مدرسة و276 كلية ومعهد عالي بـ 55 جامعة حكومية وأهلية وخاصة ومعهد عالي على مستوى الجمهورية إلى جانب 893 مركز شباب وذلك فى عام 2022.

11- إنشاء اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث فى 2019 . وفى عام 2021، وافق مجلس الشيوخ على مشروع قانون يعدل أحكام قانون العقوبات لتشديد العقوبة على ختان الإناث، إلى جانب إطلاق المجلس القومي للمرأة حملة لطرق الأبواب، وحملة “احميها من الختان”.

12- إنشاء خط نجدة الطفل المجاني (رقم 16000) المخصص لمساعدة الأطفال فى حالات الخطر والذى يتولاه المجلس القومي للطفولة والأمومة، لتلقي الشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الأطفال ومتابعتها، بالإضافة إلى تخصيص رقم عبر تطبيق الواتساب يتم من خلاله استقبال أى بلاغات عن ممارسة العنف ضد الأطفال برقم ” 01102121600″.

13- قام المجلس القومى للطفولة والأمومة بتشكيل فريق وطنى  “للقضاء على العنف ضد الأطفال في مصر” حيث تم تدريب عدد من الأخصائيين الاجتماعيين على التعامل مع الأطفال والأسر في إطار مجال حماية الطفل، والذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية، والتواصل الفعال المعني بحماية الطفل وفهم حالات سوء المعاملة والإهمال.

14- قام المجلس القومى للطفولة والأمومة بالتعاون مع يونسيف مصر عام 2015 بإصدار دراسة حملت عنوان ” العنف ضد الأطفال فى مصر ” –استطلاع كمى ودراسة كيفية فى القاهرة والأسكندرية وأسيوط ، والتى قدمت معلومات وبيانات هامة حول أسباب وطبيعة العنف ضد الأطفال فى مصر وقدمت أيضا عددا من التوصيات من أجل منع هذه الظاهرة .

15- إطلاق أول حملة قومية في مصر من أجل إنهاء العنف بين الأقران عام 2018 ، وذلك تحت رعاية المجلس القومي للطفولة والأمومة وبالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي.

 سابعا : مقترحات للحد من العنف ضد الأطفال 

على الرغم من أن حماية الأطفال من العنف تحظى باعتراف متزايد فى البرامج الدولية والإقليمية والوطنية، إلا أن التقدم المُحرز بطيء ومتفاوت ومجزأ للغاية بما لا يسمح بتحقيق إنجاز حقيقي فى مجال حماية الأطفال، فلا يزال هناك الكثير يمكن القيام به بشكل حاسم لإتاحة الفرصة لكل فتاة وفتى للتمتع بطفولتهما فى بيئة خالية من العنف.

أ – على المستوى العالمى:

قدمت المنظمات الدولية جهدا كبيرا فيما يتعلق بدراسة ظاهرة العنف ضد الأطفال على المستوى الدولى والإقليمى وقدمت فى هذا الصدد عددا كبيرا من التوصيات كان أبرزها ما يلى :

  • ينبغي لجميع الحكومات أن تضع وتعزز استراتيجية وطنية مرتكزة على الطفل ومتكاملة ومتعددة الاختصاصات ومحددة زمنيا لمنع العنف ضد الأطفال والتصدى له.
  • ينبغي على وجه السرعة فرض حظر قانونى صريح على جميع أشكال العنف ضد لأطفال ودعمه بتدابير مفصلة للتنفيذ والإنفاذ الفعلي.
  • ينبغي أن تقترن المبادرات والتدابير القانونية بمزيد من الجهود للتغلب على القبول الاجتماعي للعنف ضد الأطفال.
  • يتعين إتاحة بيانات ومعلومات عن مدى انتشار العنف ضد الأطفال.
  • تعزيز الأنظمة الوطنية لحماية الاطفال خاصة المعرضين لخطر الاستغلال والعنف كى تشملهم على نحو أفضل لاسيما غير المصحوبين بذويهم.
  • ضمان حصول جميع الأطفال اللاجئين والمهاجرين على التعلم وتزويدهم بامكانية الحصول على الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية.

ب – على المستوى المحلي

بذلت الدولة العديد من الجهود للقضاء على ظاهرة العنف ضد الأطفال،  سواء على نطاق التشريعات التي تكفل حماية الأطفال، أو على النطاق المؤسسي كما أشارت الورقة سابقا. ولكن يمكن بذل المزيد من الجهود للقضاء على هذه الظاهرة من خلال اتخاذ التدابير التالية:  

1-تعزيز وتطوير أطر وآليات المتابعة لضمان إنفاذ القوانين الخاصة بحماية الطفل وتعزيز المسائلة، والتمكين من الملاحقة الأمنية والقضائية لمرتكبى العنف ضد الأطفال.

2-تفعيل دور لجان حماية الطفل التابعة للمجلس القومى للطفولة والأمومة بمختلف محافظات الجمهورية ودعمها بمزيد من الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين

3-إعداد حملة إعلامية وطنية طويلة المدى تستهدف التعريف بالوسائل التربوية التى يمكن استخدامها مع الأطفال بديلا للعنف مع العمل على مواجهة كافة الأعراف والمفاهيم الموروثة التى تضفى الشرعية على استخدام العنف ضد الاطفال باعتباره السبيل الأول لتربية الأبناء وتأديبهم.

4-تضمين المناهج المدرسية ببرامج تواجه وتحارب العنف ضد الأطفال فضلا عن كيفية التعامل مع التنمر والعنف عبر الانترنت.

5-تطوير البرامج الوقائية والتوعوية والحرص على أن تكون تغطيتها متوازنة فى مختلف المحافظات ولمختلف الشرائح السكانية.

6-توفير فرق وخدمات دعم متخصصة للتعامل مع الأطفال الذين تعرضوا للعنف والإيذاء تشمل أطباء ومتخصصين اجتماعيين ونفسيين مع توفير آليات أمنة لتقديم الشكوى والإبلاغ عن أى محاولات للعنف والايذاء قد يتعرض لها الأطفال .

7-تخصيص وحدة أو إدارة داخل وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة تكون معنية بمواجهة العنف ضد الأطفال وبحث أسبابه وسبل العلاج، كما يمكن لهذه الوحدة مشاركة الجهات المعنية فى وضع الخطط اللازمة لمواجهة العنف ضد الأطفال.

8-زيادة عدد الجمعيات الأهلية العاملة فى مجال رعاية الطفولة وتشجيعها بتقديم مزيد من الدعم البشرى والمالى والمادى لها.

9-إشراك المؤسسات الدينية فى إدارة التغيير للمفاهيم المغلوطة فيما يخص تقبل وتبرير العنف ضد الأطفال.

10-العمل على إجراء مزيد من البحوث وجمع البيانات بشكل دورى ومتواصل بما يُمكن الحكومة والجهات المعنية من وضع خطط وسياسات مواجهة العنف ضد الأطفال ومتابعتها وتعديلها بما يتلائم مع المعطيات والتطورات الاجتماعية والتقنية المتلاحقة التى يتعرض لها المجتمع .

المصادر

  • مدحت أبو النصر (2023) ، مشكلة العنف ضد الأطفال فى مصر ، مجلة بحوث فى الخدمة الاجتماعية التنموية، جامعة بنى سويف.
  • خليفة عبد القادر قصى عطيه (2017) ،العنف ضد الأطفال أسبابه وأثاره (دراسة سوسيو- انثروبولجية فى بئر العاتر )، مجلة الباحث فى العلوم الانسانية والإجتماعية، جامعة قاصدي مرباح ورقلة ، الجزائر.
  • منى جمعة البحر (2015) ، العنف وسوء معاملة الأطفال (دراسة ميدانية على عينة من الأطفال المواطنين فى مجتمع الإمارات ) ، مؤسسة دبى لرعاية النساء والأطفال.
  • القضاء على العنف ضد الأطفال فى مصر الإطار الاستراتيجي الوطني (2018)، وزارة الصحة والسكان.
  • المجلس القومى للطفولة والأمومة ويونسيف (2015) ، العنف ضد الأطفال فى مصر، استطلاع كمى ودراسة كيفية فى القاهرة والأسكندرية وأسيوط.
  • التقرير السنوى للممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف ضد الأطفال (2021)، الأمم المتحدة.
  • تقرير الحالة العالمى عن الوقاية من العنف ضد الأطفال لعام 2020 ،منظمة الصحة العالمية ، اليونسيف،اليونسكو ، مكتب الممثل الخاص للأمين المعنى بالعنف ضد الأطفال. https://cdn.who.int/media/docs/default-source/documents/child-maltreatment/global-status-report-on-violence-against-children-2020/9789240007079-ara4f073a66-2c12-48aa-8730-8837fd1cde44.pdf?sfvrsn=48658444_5
  • التقرير السنوى للممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف ضد الأطفال (2014)، الدورة الخامسة والعشرون، مجلس حقوق الإنسان.
  • الدراسة الوطنية حول العنف ضد الأطفال فى الأردن (2019-2020)، المجلس الوطني لشؤون الأسرة.
  • الموقع الرسمى لوزارة التضامن الاجتماعى.
  • الموقع الرسمى للمجلس القومى للطفولة والأمومة.
  • الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية.  

 

The post العنف ضد الأطفال عالميا ومحليا ..قراءة تحليلية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7191
التقزم عند الأطفال..مؤشرات مقلقة وتكلفة اقتصادية كبيرة https://draya-eg.org/2023/09/02/%d8%aa%d9%82%d8%b2%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b7%d9%81%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%85%d9%87%d9%85%d8%a9-%d9%88%d8%aa%d9%83%d9%84%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%87%d8%b8%d8%a9/ Sat, 02 Sep 2023 23:23:36 +0000 https://draya-eg.org/?p=7073 اعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015 أهداف التنمية المستدامة (SDGs)باعتبارها دعوة عالمية للعمل على إنهاء الفقر وحماية الكوكب وضمان تمتع جميع البشر بالسلام والازدهار بحلول عام 2030، وسعت مختلف الحكومات والمؤسسات المعنية لوضع الخطط لتحقيق هذه الأهداف وعلى رأسها الحفاظ على صحة الإنسان ورفاهيته انطلاقا من كونه وسيلة التنمية وغايتها. فجاء …

The post التقزم عند الأطفال..مؤشرات مقلقة وتكلفة اقتصادية كبيرة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
اعتمدت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عام 2015 أهداف التنمية المستدامة (SDGs)باعتبارها دعوة عالمية للعمل على إنهاء الفقر وحماية الكوكب وضمان تمتع جميع البشر بالسلام والازدهار بحلول عام 2030، وسعت مختلف الحكومات والمؤسسات المعنية لوضع الخطط لتحقيق هذه الأهداف وعلى رأسها الحفاظ على صحة الإنسان ورفاهيته انطلاقا من كونه وسيلة التنمية وغايتها.

فجاء الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة لينص على “القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان”، والهدف الثاني ليؤكد ضرورة ” القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة”، كما نص الهدف الثالث على “ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار”. 

وحال تعقب التقدم المُحرز في مؤشرات أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالتغذية على الصعيد العالمي، نجد أنه لايزال غير كاف، فالجهود الرامية للحد من أمراض سوء التغذية – وعلى رأسها التقزم – لاتزال قاصرة عن تحقيق المستهدف، ويبدو أن العالم ليس على المسار الصحيح لاسيما وأن أمراض سوء التغذية تتفاقم، وتهدد حياة الملايين، فنحو  50% من وفيات الأطفال دون سن الخامسة ترتبط بنقص التغذية، ومعظم هذه الوفيات تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية.

ونظرا لما يترتب على الإصابة بالتقزم من تكلفة اقتصادية واجتماعية باهظة تُقوض خطط التنمية ومستقبل الدول،يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية” هذه الورقة البحثية التى تتناول مفهوم التقزم ومؤشراته على الصعيد المحلي والعربي والعالمي، فضلا عن جهود الدولة المصرية فى مواجهة هذا المرض، وعدد من التوصيات التى من شأنها خفض أعداد الأطفال المصابين بالتقزم في مصر، وذلك من خلال عدة محاور على النحو التالي:

أولا: مفهوم التقزم 

ثانيا : مؤشرات الإصابة بالتقزم عربيا وإقليميا ودوليا

ثالثا: التكلفة الاقتصادية لتقزم الأطفال

رابعا: مؤشرات الإصابة بالتقزم فى مصر

خامسا: أسباب الإصابة بمرض التقزم فى مصر  

سادسا: جهود الدولة المصرية فى مواجهة التقزم

سابعا: توصيات لمواجهة مرض التقزم

أولا: مفهوم التقزم 

يُعتبر التقزم Stunting شكلا من أشكال نقص التغذية Undernutrition التي تُعد أكبر أسباب سوء التغذية شيوعا. وينتج نقص التغذية عن قلة تناول الطعام وعدم كفاية الوارد الغذائي لتلبية احتياجات الجسم، ويؤدى إلى سرعة التأثر بالمرض والتعرض للوفاة ولاسيما بالنسبة إلى الأطفال.

وتُشير منظمة الصحة العالمية إلى أن التقزم يعني قصر القامة بالنسبة إلى العمر، وينجم عن نقص التغذية المزمن أو المتكرر، وعادة ما يرتبط بتردي الظروف الاجتماعية الاقتصادية، وتردي صحة الأمهات وتغذيتهن، والاعتلال المتكرر، و/ أو عدم تغذية الرضع وصغار الأطفال ورعايتهم على النحو الملائم في مراحل الحياة المبكرة.

ويتم اعتبار الطفل مصابا بالتقزم عندما يكون غير قادر على بلوغ الطول المتوقع في عمره وفقا لإمكانياته، ويحدث التقزم على مدى أول 1000 يوم من عمر الطفل، ويبلُغ متوسط أطوال الأشخاص البالغين المصابين بالتقزم حوالي 122 سنتيمترًا.

وترتبط الإصابة بالتقزم ارتباطا وثيقا بسوء التغذية للأم والطفل منذ مراحل تكوينه الأولى وهو فى رحم أمه وخلال الشهور الأولى من طفولته، وخطورة الإصابة بهذا المرض تكمن فى أنها تؤثر على حياة الإنسان منذ طفولته المبكرة وتستمر أعراضها معه فى مرحلة الشباب والشيخوخة وتؤثر على إدراكه المعرفى وقدراته الحركية وتعاملاته مع مقدرات الحياة بشكل عام، وهو ما يمكن تداركه وعلاجه قبل سن العامين بشكل أساسي، وبعد العامين يكون العلاج بالغ الصعوبة.

ينقسم مرض التقزم إلى نوعين، هما:

1- التقزم المتناسب: يكون الجسم ضئيلًا بشكل متناسق، وتكون أجزاء الجسم أصغر من المعدل الطبيعي لكنها متناسقة.

2- التقزم غير المتناسب: يكون حجم الجسم غير متناسق حيث يجعل بعض أجزاء الجسم أكبر أو أصغر من المعدل الطبيعي.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن آثار هذا المرض تستمر مدى الحياة، فعادة ما يصاب أغلب الأطفال الذين يعانون من التقزم بأمراض فقر الدم والذى يعنى انخفاض نسبة تركيز الهيموجلوبين فى الدم أو نقص خلايا الدم الحمراء ذات القدرة على نقل الأكسجين بما يكفى لتلبية احتياجات نمو الطفل الفسيولوجية. هذا فضلا عن تدني نمو المهارات الإدراكية والاجتماعية والعاطفية للأطفال المصابة بالتقزم، وفي مراحل لاحقة من حياتهم، سيكونون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض غير المعدية.

وعليه، فإن مرض التقزم لا يُعد مشكلة صحية فحسب ولا يقتصر تأثيره على الفرد أو الأسرة، بل يعد مشكلة اجتماعية واقتصادية تمتد تداعياتها طويلة الأمد لتشمل المجتمع بأسره، الأمر الذى يجعل من هذا المرض عائقا حقيقيا أمام جميع خطط التنمية. 

ثانيا : مؤشرات الإصابة بالتقزم عربيا وإقليميا وعالميا

أكدت منظمة الصحة العالمية أن جميع دول العالم تتضرر من أمراض سوء التغذية بشكل عام ومن التقزم بشكل خاص، في حين ذكرت تقارير البنك الدولي أن أعداد الأشخاص – خاصة الأطفال – المصابين بالتقزم تؤكد أنه مازال يُشكل أخطر التحديات التى تقف عقبة أمام تحقيق الخطط الإنمائية فى مختلف دول العالم.

  • التقزم على الصعيد العربي والإقليمي

فى تقريره حول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الصادر في إبريل 2023 ، حذر البنك الدولي من أن التضخم الناجم عن الصراعات والأزمات العالمية وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، تسبب في ارتفاع انعدام الأمن الغذائي إلى 17.6%، وزيادة مخاطر توسع دائرة التقزم بين الأطفال.

وأشار التقرير إلى أن الزيادة في أسعار الغذاء بين مارس ويونيو من عام 2022 تسببت في إصابة ما بين 200 ألف و285 ألف مولود جديد بالتقزم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما يعني زيادة تلك المخاطر ما بين 17% و24%.

كما أفاد تقرير البنك الدولي بأن ليبيا وسوريا واليمن يعانون من أعلى معدلات التقزم، وأن بلدان مجلس التعاون الخليجي ممثلة في البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية سجلت أدنى معدلات التقزم في المنطقة.

وفى تقرير آخر صادر عن الأمم المتحدة، فإن نسب الإصابة بالتقزم في سوريا تشهد زيادة كبيرة بسبب سوء التغذية، حيث إن واحداً من كل ثلاثة من الأطفال دون سن الخامسة شمال غربي سوريا يعانون من التقزّم، وذلك في ظل معاناة أكثر من 4.6 مليون طفل في جميع أنحاء سوريا من انعدام الأمن الغذائي.

 وبحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة ” الفاو”،بلغ معدل انتشار التقزم بين الأطفال دون سن الخامسة في المنطقة العربية 20.5% في عام 2020، مقارنة بـ 28.7 % في عام 2000.

ووفقاً للتصنيف الفرعي لدول المنطقة من حيث الدخل،تعاني الدول العربية منخفضة الدخل من أعلى معدل لانتشار التقزم، حيث تبلغ نسبته 32.9%، مقارنة بـ 17.3% في الدول متوسطة الدخل من الشريحة الدنيا، و13.5% في الدول متوسطة الدخل من الشريحة العليا، و5.1 % في الدول مرتفعة الدخل.

ويوضح الشكل رقم (1) معدل انتشار التقزم بالنسبة المئوية بين الأطفال دون سن الخامسة حسب التصنيف الفرعي للدول العربية من حيث الدخل:

المصدر: تقديرات مشتركة بين اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي

وبحسب التقديرات المشتركة بين اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، كان التقزم في عام 2020 يُمثل مشكلة صحة عامة خطيرة للغايةبنسبة بلغت أكثر من 30 % في أربع دول عربية: جيبوتي وليبيا والسودان واليمن، وكانت مستويات انتشار التقزم عالية في خمسة دول أخرى وهي جزر القمر وسوريا والصومال وموريتانيا، بينما مثّلَ التقزم في باقي الدول العربية مشكلة صحة عامة متدنية أو متوسطة الخطورة، وسجلت ليبيا أعلى معدل لانتشار التقزم في المنطقة، وبما يصل إلى 43.5 %.

يوضح الشكل رقم (2) انتشار التقزم بين الأطفال دون الخامسة في الدول العربية عام 2020

المصدر: تقديرات مشتركة بين اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي

وبناء على ما سبق، فإنه يتضح أنه على الرغم من وجود تحسن ملحوظ في العقدين الماضيين بشأن عدد الأطفال المصابة بالتقزم، إلا أنه لا يزال معدل الانتشار الحالي للتقزم في المنطقة مرتفعاً استناداً إلى تصنيف منظمة الصحة العالمية لشدة سوء التغذية بوصفها مشكلة صحة عامة، ولكن يظل معدل الانتشار الحالي المقدر للمنطقة العربية أقل من المتوسط العالمي البالغ 22.3 %.

  • التقزم على الصعيد العالمي

تكشف التقديرات المشتركة لسوء تغذية الأطفال (JME) الصادرة عن اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي في عام 2023 ،عن تقدم غير كافٍ للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة حيث إن ثلث الدول فقط هي التي تسير على المسار الصحيح نحو خفض عدد الأطفال المتأثرين بالتقزم إلى النصف بحلول عام 2030، وذلك مع تعذر تقييم التقدم المحرز حتى الآن بالنسبة لحوالي ربع الدول.

وتكشف هذه التقديرات الحديثة عن معدلات الإصابة بالتقزم، وذلك على النحو التالي:

  • يعاني نحو 148 مليون طفل تحت سن الخامسة في جميع أنحاء العالم من التقزم في عام 2022، أي بنسبة بلغت 22.3%.
  • يوجد نحو 52% من الأطفال المصابين بالتقزم تحت سن الخامسة في آسيا، و43% في إفريقيا، كما يوضح الشكل رقم (3):

المصدر: اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي

– انخفض معدل انتشار التقزم للأطفال عند سن الخامسة من نحو 33% عام 2000، إلى 22.3% عام 2022، أي من 204.2 مليون طفل عام 2000، إلى 148 مليون طفل عام 2022.

– انخفضت أعداد الأطفال المصابة بالتقزم خلال العقد الماضي (2012-2022)في كل من:

-آسيا حيث انخفضت الأعداد من 106.8 مليون طفل إلى 76.6 مليون طفل.

-أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي حيث انخفضت الأعداد من 6.8 مليون طفل إلى 5.7 مليون طفل.

-أوروبا حيث انخفضت الأعداد من 2.1 مليون طفل إلى 1.4 مليون طفل.

– بينما ارتفعت أعداد الأطفال المصابين بالتقزم في إفريقيا من 61.3 مليون طفل عام 2012، إلى 63.1 مليون عام 2022، كما يوضح الشكل رقم (4):

المصدر: اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي

– يعيش ثلث الأطفال (64%) المصابين بالتقزم في الدول منخفضة الدخل، بينما يعيش 8% منهم في الدول متوسطة الدخل، و2% في الدول مرتفعة الدخل.

-يعيش ثلاثة أرباع أطفال العالم في دول بعيدة عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 بشأن التقزم، كما يوضح الشكل رقم (5):

المصدر: اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي

-تأتى خريطة توزيع الأطفال دون الخمس سنوات المصابين بالتقزم حسب الدولة وبالنسبة المئوية عام 2022 على النحو المبين في الشكل رقم (6):

المصدر: اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي

ومن المتوقع أن تبلغ نسبة الأطفال المصابين بالتقزم دون الخامسة فى عام 2025 الى 15.4% وفى عام 2030 الى 12.8%. 

ويتبين من الأرقام والنسب السابقة الذكر أن العالم ليس على المسار الصحيح في مواجهة التقزم، فعلى الرغم من انخفاض معدلات التقزم في دول كثيرة،  إلا أن هذا الانخفاض لن يحقق المستهدف في 2025 بشأن تقليل نسب الإصابة بالتقزم بنحو 40%، والمستهدف فى 2030 بشأن خفض معدل الإصابة بنحو 50%.

حيث إن متوسط المعدل السنوي لخفض الإصابة بالتقزم منذ عام 2012 وحتى 2022 بلغ 1.65% فقط في السنة، في حين أنه من أجل الوصول للمستهدف عام 2030 وخفض أعداد الأطفال المصابين بالتقزم إلى 88.9 مليون، يتطلب الأمر أن يكون متوسط المعدل السنوى للخفض من الآن وحتى 2030 حوالي 6%، أي حوالى 4 أضعاف ما تم تحقيقه في العقد الماضي.

ولهذا إذا استمر  معدل الانخفاض كما هو على النحو الحالي، فمن المتوقع أن تصل أعداد المصابين بالتقزم في عام 2030 نحو 128.5مليون طفل أي بزيادة 39.6 مليون طفل معظمهم يعيشون في غرب إفريقيا وإفريقيا الوسطى.

ثالثا: التكلفة الاقتصادية لتقزم الأطفال

تتكبد الدول خسائر فادحة نتيجة إصابة أعداد كبيرة من الأطفال بمرض التقزم، حيث ينخفض نصيب الفرد من الدخل بسبب عدم التصدي لهذا المرض في السنوات الأولى من عمر الطفل، فيتم ترجمة تداعيات انخفاض فترات الدراسة وتدني المهارات الإدراكية  إلى خسائر فى سوق العمل يتوقف حجمها على مدى تفشي التقزم عندما كان عمال اليوم فى مرحلة الطفولة، ومن ثم فإن الفاقد في الدخل بالنسبة للشخص البالغ يعانى منه الطفل المصاب بالتقزم عندما يلتحق بسوق العمل.

وفي تقرير نُشر على موقع البنك الدولي بشأن العلاقة بين معدلات التقزم وخسائر الدخل لدى العامل الذي أصيب بالتقزم في طفولته، بلغ متوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في البلاد أقل بنسبة 7% بالمقارنة به في حالة عدم إصابة أي من عمال البلد الحاليين بالتقزم في الطفولة، وفي إفريقيا وجنوب آسيا، يرتفع متوسط الخسائر في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى ما بين 9-10%.

فيما تبلغ التكاليف السنوية لنقص التغذية لدى الأطفال ومنها التقزم– بحسب بيانات اليونسيف– حوالى 20.3 مليار جنيه أو 1.9 من إجمالى الناتج القومى.

وبحسب دراسة تحت عنوان “التكاليف الاقتصادية لتقزم الأطفال التي يتحملها القطاع الخاص في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل”، يُكلف تقزم الأطفال القطاع الخاص ما لايقل عن 135 مليار دولار من المبيعات سنويا، وتكبدت الشركات من دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ومنطقة شرق آسيا والمحيط الهادي أكبر الخسائر.

كما أشارت الدراسة إلى أن العمال المصابين بالتقزم يفقدون حوالي 20% من دخلهم السنوي، وأن أكثر القطاعات تأثرا بالتقزم تتمثل في الصناعات التحويلية، والملابس وقطاع الغذاء.

وتؤكد التقارير الدولية أن عوائد الاستثمار فى التغذية مرتفعة وتُؤثر على خطط التنمية بشكل مباشر، فعلى سبيل المثال كل دولار أمريكى يتم استثماره فى الحد من التقزم يُولد عائدا اقتصاديا يعادل حوالى 18 دولارا فى الدول  المثقلة بالأعباء. كما أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية أن مجرد تغيير بسيط في نسب إصابة الأطفال بالتقزم يصاحبه تغير كبير في الدخل.

فقد ثبت أنه يُمكن تقليل الخسائر الناجمة عن هذا المرض حال وجود تدخلات تُركز على تحقيق التغذية المُثلى فى فترة الألف يوم الحرجة بداية من حمل المرأة حتى بلوغ طفلها عامه الثاني، وكلما كانت التدخلات فعالة، كلما كان العائد الاقتصادي أكبر. وبحسب بيانات اليونيسف، يُعد الاستثمار فى التغذية للأطفال والشباب استثمارا أساسيا لتحقيق استدامة التنمية ورخاء الشعوب.

رابعا : مؤشرات الإصابة بالتقزم فى مصر

يُشكل مرض التقزم واحدا من أهم التحديات التي تواجهها الدولة المصرية، وعلى الرغم من تحقيقها تقدما ملحوظا في خفض أعداد المصابين بالتقزم، إلا أن التحدي لا يزال كبيرا على صعيد تحقيق المستهدف وفقا لرؤية مصر 2030 فيما يتعلق بأمراض سوء التغذية بشكل عام والتقزم بشكل خاص.

واستنادا لبيانات المسح الصحي للأسرة المصرية 2022 الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء وتصريحات مسئولين فى وزارة الصحة، يمكن إجمال مؤشرات الإصابة بالتقزم فى مصر على النحو التالي:

  • انخفضت نسبة الأطفال دون سن الخامسة المصابين بالتقزم من 21 % في عام 2014 إلى 13% عام 2021، كما يوضح الشكل رقم (7):

المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء

  • يعاني طفل من كل 3 أطفال دون الـ5 سنوات من التقزم.
  • يعاني نحو 4% من الأطفال فى مصر من قصر قامة حاد ، وبمقارنة ما ورد فى السمح السكانى الصحى لعام 2014، نجد حدوث انخفاض ملحوظ فى هذه النسبة والتى كانت قد بلغت حوالى 10% .
  • وفيما يتعلق بالنمط العمرى، نجد أن نسبة التقزم مرتفعة بين الأطفال عند عمر شهر ثم تنخفض بعد ذلك لتعاود الارتفاع مرة أخرى لتصل نسب التقزم إلى أعلى مستوياتها بين الأطفال فى الفئة العمرية (12:17 شهرا) بنسبة تبلغ 19%.

يوضح الشكل رقم (8) نسب التقزم حسب العمر

المصدر: المسح الصحي للأسرة المصرية 2021

  • توجد بعض الاختلافات حسب المناطق الجغرافية المختلفة، حيث ترتفع نسبة قصر القامة بالنسبة للعمر في ريف الوجه القبلي لتصل إلى 16% وتنخفض في حضر الوجه البحري إلى أقل من 10%.
  • سُجلت أعلى نسبة للإصابة بـالتقزم فى الفئة العمرية من 12-17 شهرًا بنسبة 18.5%، وأقلها جاء فى الفئة العمرية من 48- 59 شهرًا بنسبة 7.9%، وعلى مستوى المحافظات، سجلت محافظات: “الشرقية، وبورسعيد، والغربية” أقل نسب بـ 4%، 6.7%، 8%، على التوالي، بينما سجلت محافظات: “جنوب سيناء، وسوهاج، وأسيوط” أعلى نسب بـ 26.8%، 21.9%، 19.9% بالترتيب. 
  • الأطفال الذين أكملت أمهاتهم التعليم الثانوى أو أعلى أقل احتمالا للإصابة بالتقزم من الأطفال الذين أمهاتهم أقل تعليما .
  • وبالنسبة لمؤشر الثروة فالأطفال الذين يعيشون فى مستوى أعلى أقل احتمالا للإصابة بالتقزم من الأطفال الذين يعيشون فى مستوى أدنى .
  • يتعرض الأطفال الناتجين عن الزواج المبكر إلى التقزم حيث بلغت نحو 40% ، منهم 17% يعانون من التقزم الشديد. 

وتجدر الإشارة إلى أن هناك مشكلة فى حصر عدد مصابي التقزم فى مصر بشكل دقيق، وذلك نظرا لإخفاء بعض الأسر وجود طفل يعانى من  هذا المرض بسبب الخجل والخوف من الوصمة المجتمعية.

 خامسا : أسباب الإصابة بالتقزم فى مصر

هناك عدة عوامل تتسبب في إصابة الأطفال بمرض التقزم في مصر، وقام فريق من الباحثين بمنظمة اليونيسف والجامعة الأمريكية بالقاهرة بتسليط الضوء على أبرز هذه العوامل والتي جاءت على النحو التالي: 

1- غياب الوعي الصحي بين الأمهات وممارسات التغذية غير الملائمة: يعد غياب الوعي بين الأمهات بأهمية التغذية السليمة أثناء الحمل سببا رئيسيا للتقزم في مصر، حيث تحدث معظم الأضرار التي لا يمكن علاجها بسبب سوء التغذية في مصر خلال الفترة من الحمل وحتى الأربعة وعشرين شهرا الأولى من العمر ، فضلا عن أن الأمهات يفتقرن إلى المعرفة السليمة حول التغذية المناسبة للطفل خلال الأشهر الـ ۲٤ الأولى وممارسات تغذية الرضع وصغار الأطفال.

۲قلة التنوع الغذائي وعدم كفاية ممارسات التغذية التكميلية:يفتقر نوع الأغذية التكميلية التى يتلقاها الأطفال بعد عمر 6 أشهر إلى التنوع والعناصر المغذية ، ويظهر انعدام التنوع الغذائي بشكل أكثر وضوحا في الوجه القبلي مقارنة بالوجه البحري، “ففي المحافظات الحضرية يعانى 19% من السكان من نقص التنوع الغذائى مقارنة ب 56% فى الوجه القبلى ، وعلى سبيل المثال لا يحصل الأطفال فى سن 6 أشهر فى كل من الوجه القبلى والبحرى على كميات كافية من الأطعمة ، البروتينات الحيوانية المصدر والحبوب والفواكه والخضروات ، بل يستهلك الأطفال فى كثير من الأحيان كميات صغيرة وغير متكررة من الأطعمة الخفيفة التى تحتوى على سعرات حرارية قليلة خلال السنة الأولى من العمر .

۳التأثير السلبي للبيئة المحيطة والأعراف الاجتماعية :تؤثر البيئة المحيطة من التصورات الثقافية والأعراف الاجتماعية على سلوك الوالدين في ممارسات التغذية ،فغالباً ما تواجه الأمهات ضغوطاً من أزواجهن وأفراد أسرهن وأصدقائهن وجيرانهن لاتباع المعايير الاجتماعية المتعلقة بممارسات التغذية ، وللأسف تكون معظم هذه المفاهيم والمعتقدات الثقافية حول التغذية الصحيحة للرضع وصغار الأطفال غير دقيقة.

4– عدم كفاية خدمات الرعاية الصحية: يُعد عدم توافر المغذيات الدقيقة المطلوبة في وحدات صحة الأسرة من المعوقات الهامة أمام تحسين صحة الأم والطفل، فضلا عن أن النقص فى أعداد الإخصائيين المدربين في وحدات صحة الأسرة ونقص المعرفة حول تغذية الرضع وصغار الأطفال هي عوامل أخرى تسهم في زيادة المشكلة.

سادسا: جهود الدولة المصرية فى مواجهة التقزم

أولت الدولة المصرية اهتماما كبيرا بالعناية بصحة المواطنين، ووضعت  أهدافًا واضحة لتعزيز سياسات التغذية الصحية السليمة والآمنة، وسعت لمواجهة والحد من انتشار مرض التقزم،وجاء أبرز ماقامت به الدولة على النحو التالي:

  • أعطت المادة 81 من دستور 2014 للمصابين بالتقزم الكثير من الحقوق وذلك للمرة الأولى وبعد سنوات طويلة من التهميش والإهمال حيث نصت على أن:”تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والأقزام، صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا ورياضيًا وتعليميًا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالاً لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص”.

لقد عانت فئة مصابي التقزم من مشكلات عدة منها: عدم حصولها على نسبة 5 % من الوظائف، وعدم توفير أماكن لها في المواصلات العامة مثلها مثل ذوي الاحتياجات الخاصة، وغيرها الكثير من المشكلات

  • أطلق بنك الطعام المصرى في يناير 2023 برنامج “فرصة أولى” للحد من انتشار التقزم ومعالجة هذا المشكلة بداية من الأمهات الحوامل والأمهات حديثي الولادة وأطفالهم حتى سن سنتين.

يتم تنفيذ البرنامج تحت محور الوقاية، الذي خدم أكثر من 37,000  طفل عبر 10 محافظات، من خلال توفير التغذية الصحية والسليمة، لكل من الأم الحامل، والطفل حديث الولادة، ويحرص البرنامج على أن يكون لدى الأم الغذاء والوعي الكافي لمرحلة دقيقة جدا من عمرها ومن عمر الجنين.

  • دشنت وزارة التربية والتعليم في فبراير 2023 تطبيقا إلكترونيا لمتابعة تسليم وجبات التغذية المدرسية حيث تم تعميم التطبيق على المدارس المستهدفة.
  • أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي برنامج “الألف يوم الأولى في حياة الطفل” كإحدي آليات تحسين الوضع التغذوي للسيدات الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع، بما يعمل على تعزيز النمو الإدراكي والبدني للأطفال وحمايتهم من آثار سوء التغذية والتي تشمل التقزم
    ، خاصة وأن 85% من صحة الإنسان طوال حياته تتكون خلال الـ1000 يوم الذهبية، وأي تقصير في هذه الفترة لا يمكن تعويضه بعد ذلك.

ويشهد البرنامج توسعا كبيرا على مستوى جميع المحافظات لأسر تكافل وكرامة التي لديها أطفال أقل من سنتين بحد أقصى طفلين لكل أسرة أو طفل واحد لأم حامل تماشياً مع سياسات تنظيم الأسرة التي وصل إجمالي عدد المستفيدين من برنامج الألف يوم إلى 87,700 مستفيد بنهاية أغسطس 2022.

وتتلخص المزايا التي يوفرها البرنامج بإتاحة سلة من الأغذية الغنية للسيدات الحوامل والمرضعات لأكثر من 17008 أسرة  تبلغ قيم السلة 80 جنيها من أسر  تكافل وكرامة في محافظات (أسيوط – سوهاج – قنا).

  • أطلقت وزارة الصحة والسكان استراتيجية وطنية للغذاء بالتعاون مع القطاعات والجهات الحكومية المعنية بهذا الملف والجهات الدولية، ويتم تنفيذها وفقًا لمعايير ذات جودة عالمية،بهدف مكافحة سوء التغذية في مصر.
  • إطلاق البرنامج القومى لتزويد السيدات والأطفال بفيتامين أ والحديد وحمض الفوليك لتعزيز الوقاية وعلاج أمراض سوء التغذية وتقوية كفاءة برامج توفير المغذيات الدقيقة.
  • إطلاق المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن أمراض التقزم إلى جانب أمراض الأنيميا والسمنة لدى طلاب المرحلة الابتدائية، حيث تم إطلاقها عام 2019، لإجراء المسح الطبي للطلاب وقياس الطول والوزن ونسبة الهيموجلوبين في الدم، حيث تستهدف المبادرة فحص 15 مليون طالب فى المرحلة الإبتدائيةفى 29444 مدرسة حكومية وخاصة ويشارك فى تنفيذها 2.400 فريق طبى ، كما يتم تحويل الحالات المصابة للمتابعة الدورية من خلال 255 عيادة تأمين صحى على مستوى الجمهورية .وبالفعل تم فحص 10 ملايين و838 الفا و959 طالب فى المرحلة الإبتدائية منذ انطلاق الحملة حتى الآن.

سابعا: توصيات لمواجهة مرض التقزم

على الرغم من انخفاض معدل انتشار التقزم لدى الأطفال أقل من 5 سنوات فى مصر، وبذل الدولة لجهود كبيرة للحد من سوء التغذية، إلا أن المرض لايزال منتشرا ويشكل عائقا أمام تحقيق التنمية، ومن ثم توصي الورقة بما يلي:  

1- وضع استراتيجية وطنية للقضاء على مرض التقزم تتفق وأهداف التنمية المستدامة على أن تتولى أحدى الجهات المعنية مسئولية تنفيذ هذه الخطة وفق جدول زمنى محدد وخطة تنفيذية دقيقة وملزمة .

2- تفعيل المادة الدستورية رقم 81 من دستور 2014 التى تُلزم الدولة بتوظيف مصابي التقزم ومنح سيارات مجهزة طبياً معفاة من الضرائب والجمارك ومعاش تضمان اجتماعي، إلى جانب خدمات عدة فاعتبارهم ضمن فئات الإعاقة التى تتاح لهم نسبة 5% من عدد العاملين فى الدولة.

3- ضرورة زيادة أعداد الإخصائيين المدربين في وحدات صحة الأسرة، وتوافر المغذيات الدقيقة المطلوبة لتحسين صحة الأم والطفل.

4- توفير الشركات والمصانع للاحتياجات اللازمة لمصابي التقزم من أدوات مناسبة وملابس وغيرها من الاحتياجات التى تكفل لهم حياة إنسانية كريمة.

5- إنشاء قاعدة بيانات للسيدات حديثى الزواج والأمهات تتضمن أرقام هواتفهم المحمولة بهدف إرسال رسائل نصية أو عن طريق إحدى تطبيقات المحمول حول أهمية التغذية السليمة للأطفال والرضع وبعض الحقائق الطبية حول مرض التقزم وطرق الوقاية منه.

6- بناء قدرات الرائدات الصحيات في مجالات التوعية المجتمعية ومشورة التغذية في مراكز طب الأسرة المنتشرة في كافة أنحاء مصر لتعزيز قدراتها المجتمعية والعمل على رفع وعي الأمهات حول سوء تغذية الأم والطفل، مع التركيز على المناطق الأشد حرماناً والأكثر ضعفا.

7- ضرورة إسهام منظمات المجتمع المدني فى مساعدة الأقزام على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، والعمل على تأهيلهم، والمساعدة فى رعايتهم صحيا ونفسيا واجتماعيا، ودمجهم فى المجتمع.

8- إعادة تفعيل مبادرة المستشفيات الصديقة للأطفال والتي أطلقتها منظمة الصحة العالمية عام 1991، لدعم البداية المبكرة للرضاعة الطبيعية والرضاعة الطبيعية المطلقة في الشهور الستة الأولي من عمر الطفل، مع الاستمرار في الرضاعة بعد ذلك حتى عمر العامين، وكذلك دعم متابعة نظام بدائل حليب الأم.

9- إطلاق حملة إعلامية قومية تستهدف رفع التوعية حول طبيعة أمراض سوء التغذية ومنها التقزم وكيفية مواجهتها وأهمية حصول الأمهات والأبناء على التغذية السليمة خاصة فى 1000 يوم الأولى من عمر الطفل.

10- قيام وسائل الإعلام المختلفة بتسليط الضوء على مطالب مصابي التقزم، والتوعية بقبول هذه الفئة فى المجتمع دون تنمر وذلك بالتعاون مع المؤسسات الدينية، مع ضرورة إظهار مصابي التقزم فى السينما والدراما كنماذج وفئات يجب احترامهم فى المجتمع.

11- إنتاج مواد درامية تُوجه للأطفال والأسر المصرية تؤكد على أهمية اعتماد الأسرة على الوجبات المنزلية التي تعد آمنة وأكثر فائدة من الناحية الغذائية، حيث سيطرت فى السنوات الأخيرة أفكار تتبناها معظم الأسر، حيث اتجهت معظم العائلات إلى إطعام الأبناء الوجبات السريعة والتى تحتوى على المواد الحافظة بشكل هائل والتي تقلل من امتصاص الجسم للأحماض والفيتامينات والألياف الأساسية التي يحتاجها الجسم خصوصا الأطفال.

المصادر :

  • أمل محمد الأطرونى (2019)، الصحة النفسية فى ضوء بعض المتغيرات الديموجرافية لدى عينة من الأقزام “ذوى الهامات، مجلة البحث العلمى، جامعة عين شمس.
  • معالجة التقزم وفقر الدم فى مصر، ملتقى السياسات العامة، متاح على موقع الجامعة الأمريكية فى القاهرة من خلال الرابط التالي:.  

https://documents.aucegypt.edu/Docs/GAPP/Public%20Policy%20Hub%20Webpage/10-%20Policy%20Brief%20-%20Tackling%20Stunting%20and%20Anemia%20in%20Egypt-Ar.pdf

  • ملخص حالة الأمن الغذائي والتغذية فى العالم 2022 والصادر عن منظمة الأغذية والزراعة ” الفاو”

https://www.fao.org/documents/card/ar/c/cc0639ar

  • المسح السكاني للأسرة المصرية 2022، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
  •   الموقع الرسمى لليونسيف
  • الموقع الرسمى لمنظمة الصحة العالمية
  • الموقع الرسمى لوزارة الصحة والسكان
  • الموقع الرسمى لوزارة التضامن الاجتماعى

 

 

 

 

The post التقزم عند الأطفال..مؤشرات مقلقة وتكلفة اقتصادية كبيرة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
7073
قراءة فى مشكلة الأمية فى مصر..مؤشرات ومقترحات https://draya-eg.org/2023/05/06/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d9%85%d8%b4%d9%83%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d9%85%d9%82%d8%aa%d8%b1%d8%ad%d8%a7%d8%aa/ Sat, 06 May 2023 11:57:16 +0000 https://draya-eg.org/?p=6703 تُعد مشكلة الأمية من أخطر المشكلات التى تعانى منها دول العالم خاصة الدول النامية، والتى لا يمكن تجاهلها نظرا لما يترتب عليها من آثار سلبية على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والبيئي، فهى بمثابة داء يقضى على الاستثمارات والخطط الاقتصادية للمجتمعات، ومن ثم يُعيق تقدمها ويعرقل مسيرة التنمية وبرامج الإصلاح بها. فالأمية مشكلة تحول بين الإنسان …

The post قراءة فى مشكلة الأمية فى مصر..مؤشرات ومقترحات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تُعد مشكلة الأمية من أخطر المشكلات التى تعانى منها دول العالم خاصة الدول النامية، والتى لا يمكن تجاهلها نظرا لما يترتب عليها من آثار سلبية على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والبيئي، فهى بمثابة داء يقضى على الاستثمارات والخطط الاقتصادية للمجتمعات، ومن ثم يُعيق تقدمها ويعرقل مسيرة التنمية وبرامج الإصلاح بها.

فالأمية مشكلة تحول بين الإنسان والحياة، وتجعله جامدا فى تفكيره وسعيه للتغيير والتنمية، حيث يصبح الشخص الأمى قوة معطلة لا يمكنه التعامل مع آليات الإنتاج الحديثة ولا يمكنه تنفيذ خطط التنمية، لاسيما وأن الأمية لديه أصبحت لا تقتصر فقط على جهل أساسيات القراءة والكتابة، بل شملت الأمية الرقمية والتكنولوجية فى ظل تطورات تقنية متلاحقة تعيشها شعوب الأرض كافة، الأمر الذى يتطلب وجود آفاق جديدة لمحو كافة صور الأمية.

وإذا كانت الخطط التنموية ترتكز بشكل أساسى على الاقتصاد والبيئة والمجتمع ، إلا أن الإنسان يظل الركيزة الأساسية لها، وتنميته وتطوير قدراته لا تقل أهمية عن تنميةثروات الدول ومواردها الطبيعية، وإتاحة التعليم ومحو أمية الأفراد هو السبيل لهذه التنمية وممر العبور لتحسين نوعية الحياة والقضاء على الفقر وبناء الإنسان.

ونظرا لزيادة حجم مشكلة الأمية كما وكيفا، وخطورة هذا الأمر على أمن واستقرار المجتمعات، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” تقريرا يرصد مؤشرات الأمية على المستوى الدولي والعربي والمحلي، وأسباب ارتفاع معدلات الأمية فى مصر والآثار المترتبة على ذلك، إلى جانب تسليط الضوء على جهود الدولة المصرية فى التصدى للمشكلة والحد منها، مع عرض لبعض التوصيات التى ربما تسهم فى وضع رؤية أشمل أمام صانع القرار لخفض معدلات الأمية فى مصر والقضاء عليها بشكل كامل فى إطار مخطط زمنى محدد.

يرصد هذا التقرير قضية ” محو الأمية ” من خلال عدة محاور هى :

أولا :مؤشرات الأمية عالميا وعربيا.

ثانيا : مؤشرات الأمية فى مصر.  

ثالثا : أسباب ارتفاع معدلات الأمية فى مصر.

رابعا : الآثار الناجمة عن ارتفاع معدلات الأمية محليا.

خامسا : جهود  الدولة المصرية للقضاء على الأمية .

سادسا : مقترحات لحل مشكلة الأمية.

أولا: مؤشرات الأمية عالميا وعربيا

أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بيانا صحفيا رصد من خلاله مؤشرات الأمية عالميا وعربيا، كما أصدرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألسكو) تقريرا لعام 2021 يوضح وضع مشكلة الأمية فى العالم بوجه عام، وفى الدول العربية بوجه خاص، والتى جاءت على النحو التالي:

1- المؤشرات على الصعيد العالمي:

– شهدت تشاد، وغينيا أعلى نسبة أمية فى العالم ، حيث بلغت نسبة الأمية بهمـا 77.7% و 69.6% على التوالى للأفراد الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاما فأكثر من إجمالى عدد السكان .

– 17% من سكان العالم (15 سنة فأكثر) ما زالوا لا يعرفون القراءة والكتابة ، أى حوالى 781 مليون أمي فى جنوب وغرب آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء من بين جميع الأميين فى العالم، وذلك وفقا لإحصاءات اليونسكو.

– سجلت منطقة جنوب وغرب آسيا أعلى أعداد الأميين المنتمين إلى الفئة العمرية 15 سنة فما فوق بنسبة بلغت 47.5% من إجمالى عدد الأميين بالعالم فى ذات الفئة العمرية، تليها منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26.5%، ثم شرق آسيا والمحيط الهادي 10.6%.

المصدر: تقديرات معهد اليونسكو للإحصاء

– تبلغ نسبة الأمية بين الذكور نحو 36% والإناث 64% على مستوى العالم.

2- المؤشرات على الصعيد العربي:

– 21% نسبة الأمية فى العالم العربى ، حيث يوجد واحد من بين كل خمسة أشخاص (15 سنة فأكثر) يعانون من الأمية.

 – تأتى الصومال وموريتانيا كأعلى الدول العربية فى نسبة الأمية (15 سنة فأكثر) حيث تبلغ نسب الأمية بهما 62.2% و 48% على التوالى.

– تأتي البحرين كأقل دولة عربية من حيث معدل الأمية بين سكانها فى الفئة العمرية 15 عاما فما فوق بنسبة 2.5% وهي ضمن النسب الأدنى على الصعيد العالمي.

– هناك بعض الدول العربية لم تتعدى فيها نسبة الأمية 10% وهى (قطر وفلسطين والأردن والبحرين والكويت).

تستحوذ المنطقة العربية على نسبة 9% من إجمالي من يعانون الأمية على مستوى العالم.

وترجع زيادة أعداد الأميين فى المنطقة العربية إلى معاناة العديد من الدول من الاضطرابات والنزاعات المسلحة وعدم الاستقرار الأمنى والسياسي وتراجع تدهور الوضع الاقتصادي (سوريا، اليمن، العراق، السودان، الصومال، ليبيا)

 ثانيا: مؤشرات الأمية فى مصر

تُعد ظاهرة الأمية من أقدم الظواهر الاجتماعية فى المجتمع المصري، ومن أكثر المشكلات تعقيدا لتعدد وتشابك أبعادها، وأشدها تأثيرا فى تدني نتائج برامج وخطط التنمية بشكل عام. وتأتي أبرز مؤشرات المشكلة على النحو التالي وفقا للإحصاءات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء: 

  • بلغت نسبة الأمية 17.9% (10 سنوات فأكثر) عام 2021، وهي الأقل منذ 45 عاما، وذلك وفقا لبيانات مسح القوى العاملة لعام 2021.
  •  تقع نسبة الأمية الأكبر بين كبار السن حيث سجلت الفئة العمرية (60 سنة فأكثر) أعلى نسبة بين الأميين بنسبة 63.4% وانخفضت نسبة الأمية بين الأفراد الأقل من 45 سنة لتصل إلى 17.2%.
  •  انخفضت نسبة الأمية بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15:35 ) سنة إلى أقل من 16.1% من بين الأميين ، فى حين سجلت الفئات العمرية الصغيرة (أقل من 20 سنه) 6.6% كأدنى نسبة للأميين فى تعداد 2017.
  •  بلغ معدل الأمية للذكور 21.2% مقابل 30.8% للإناث فى عام 2017 ، بنسبة انخفاض قدرها 1.2 % للذكور ،6.5 % للإناث مقارنة بتعداد 2006.
  •  سجلت محافظات الصعيد أعلى معدلات الأمية فى مصر، حيث تصدرت المنيا أعلى معدلات الأمية بنسبة بلغت 37.2% .
  •  سجلت محافظات الحدود أقل معدلات الأمية حيث تعد محافظات البحر الأحمر الأقل فى معدلات الأمية بنسبة بلغت 12% فى تعداد 2017.
  •  تقع مصر فى المرتبة السابعة على مستوى الدول العربية والـ23 إفريقيا والـ32 عالميا فى معدلات الأمية .

وفى أحدث إحصاء أصدرته الهيئة العامة لتعليم الكبار حول نسب الأمية فى محافظات الجمهورية حتى 30/9 عام 2022 مع إضافة نسب التسرب للفئة العمرية من (15 عاما فأكثر) كانت النتائج كالتالى :

– تصدرت المنيا محافظات الجمهورية فى نسبة الأمية بواقع 35.5% ، تليها محافظة أسيوط بواقع 33.9% ، ثم الفيوم بواقع 33.6% ، ثم البحيرة بنسبة 32.8%.

– جاءت المحافظات الحدودية الأقل فى نسب الأمية ، وتصدرت ذلك محافظة جنوب سيناء بواقع 7.9% ، تليها محافظة الوادى الجديد بواقع 9.1% والبحر الأحمر بواقع 9.5% .

– أظهرت النتائج أيضا تفاوتا كبيرا فى نسب الأمية بين الذكور والإناث ، فقد بلغ إجمالى الأميين من الذكور على مستوى كافة المحافظات 19.9% وبلغت نسبة الإناث 29%.

 وتشير هذه النتائج إلى أن محافظات الصعيد هى الأعلى فى معدلات الأمية وربما يعود ذلك إلى زيادة معدلات الفقر فى هذه المحافظات ونقص أعداد المدارس وهو ما يؤدى إلى زياد نسب تسرب الأطفال من التعليم وإلحاقهم مبكرا بسوق العمل حتى يكونوا أحد مصادر الدخل للأسرة.

أما فيما يتعلق بانخفاض معدلات الأمية فى المحافظات الحدودية فيعود ذلك بشكل أساسى إلى انخفاض عدد السكان الإجمالى بهذه المحافظات .

وتجدر الإشارة إلى أن التفاوت فى نسب الأمية بين الذكور والإناث يعود جزء كبير منها إلى العادات والتقاليد القديمة التى تفضل تعليم الذكور على الإناث ، ولجوء الكثير من الأسر خاصة الفقيرة إلى إلحاق الفتيات بسوق العمل خاصة كعاملات فى المنازل أو تزويجهن مبكرا حتى يمكن لهذه الأسر التخلص من الأعباء المادية للفتيات.

ثالثا: أسباب ارتفاع معدلات الأمية فى مصر

تتعدد وتتشابك الأسباب التى تؤدى إلى ارتفاع معدلات الأمية فى مصر والتى يمكن إجمالها فى الآتى :

1- أسباب اقتصادية : يُعد الفقر دائرة مفرغة تؤدى إلى زيادة أعداد الأميين وهى أيضا سببا هاما فى عدم قدرة كثير من الأسر على تعليم أبنائها ، ففقر الأسرة الاقتصادى قد يؤدى إلى عدم قدرتها على سداد المصروفات التعليمية، وتفضيل تشغيل الأطفال فى عمر مبكر حتى يكونوا مصدرا لدخل الأسرة ويتساوى فى ذلك الذكور والإناث خاصة فى صعيد مصر وريفها حيث يتم توجيه الأبناء الذكور للعمل فى الحقول والأراضى الزراعية وتوجيه الفتيات للعمل فى المنازل والمساهمة فى رفع مستوى أسرهم المادى ، فيما يؤدى الإنهاك البدنى للأطفال أيضا إلى عدم قدرتهم على الالتحاق بالمدارس إذا اتيحت لهم الفرصة لذلك.

2- أسباب ثقافية : لازالت هناك بعض العادات والتقاليد البالية منتشرة فى المجتمع المصرى، والتى ترى أن الفتيات بشكل خاص ليست لديهن حاجة للتعليم ولكن الأفضل تزويجهن فى عمر مبكر والتخلص من أعبائهن المادية ، وهو ما أسهم بشكل كبير فى زيادة معدلات الأمية بين الفتيات خاصة فى المجتمعات الريفية، فضلا عن أن جهل الوالدين وانخفاض مستواهم الثقافى أسهم فى عدم إدراكهم لأهمية تعليم الأبناء من ثم عدم إلحاقهم بالمدارس، وهنا قد أشارت بعض الدراسات إلى أن هناك صلة وثيقة بين ظاهرة التسرب من التعليم ووجود عدد كبير من أفراد الأسرة غير متعلمين.   

3- أسباب اجتماعية : قد يؤدى وفاة أحد الوالدين أو كلاهما إلى تحمل الأطفال الأعباء المادية للأسرة ، كما أن مرض الطالب خاصة إذا كان مرضا مستمرا أو معاناته من إعاقة ما سببا فى عدم استكمال مشواره التعليمى ، بل إن رسوب الطالب المستمر قد يؤدى أيضا الى تركه المدرسة والالتحاق بسوق العمل مبكرا .

4- أسباب سكانية : تعد الزيادة الهائلة فى معدلات السكان والإنجاب أحد أهم الأسباب التى أدت إلى عدم قدرة الدولة على توفير المدارس والمرافق التعليمية بما يتوافق مع الزيادة الهائلة للسكان خاصة فيما يتعلق بالمرحلة الابتدائية، فضلا عن قلة الموارد المالية المتاحة للتعليم.

وقد تزامن ذلك مع ضعف دور وسائل الإعلام المختلفة فى توعية المواطنين بخطورة زيادة معدلات الأمية ومزايا إلحاق الأبناء بالتعليم، وتوعية الأميين وحثهم على الالتحاق بفصول محو الأمية والاستفادة التى ستعود عليهم من رفع مستواهم التعليمي والثقافى.

5- أسباب تشريعية وقانونية : يعد عدم تفعيل التشريعات الخاصة بمحو الأمية، وغياب التشريعات الملزمة للأميين بمحو أميتهم.

6- أسباب جغرافية : لا شك فى أن محافظات الصعيد وريف مصر تعانى نقصا كبيرا فى أعداد المدارس والمنشاءات التعليمية مقارنة بالمحافظات الحضرية وهو ما أسهم فى زيادة عدد الأميين خاصة محافظات الوجه القبلى . وهنا نشير إلى أن عدم وجود حصر دقيق لأعداد الأميين وبياناتهم ومحال إقامتهم، يُمثل سببا هاما فى عدم قدرة الدولة على إجراء حصر دقيق لأعداد الأميين وأماكنهم ووضع الخطط الملائمة لهم لمحو أميتهم بما يتلائم مع أوضاعهم البيئية والمعيشية.

7- أسباب تعليمية : لا يزال يوجد قصور فى ربط النظام التعليمى بالاحتياجات الحقيقية للبيئة وسوق العمل، مما أدى إلى عزوف الكثيرين عن مواصلة مشوارهم التعليمى لاعتقادهم بعدم جدوى العملية التعليمية من الأساس. فضلا عن عدم توافر الأعداد الكافية من المؤهلين والمدربين في مجال تعليم الكبار وإدارة صفوف محو الأمية، ونقص المنشآت التعليمية، مما ترتب عليه حدوث تكدس فى الفصول التعليمية المتاحة وانخفاض كبير لمعدلات جودة التعليم.

رابعا: الآثار الناجمة عن مشكلة الأمية فى مصر

يترتب على مشكلة الأمية العديد من الآثار السلبية والمدمرة للفرد والمجتمع، ومن أبرز هذه الآثار ما يلى :

1- ارتفاع معدلات الفقر : تُعد الأمية من أهم أسباب ارتفاع معدلات الفقر فى مصر كونها أحد الأسباب المباشرة لزيادة معدلات البطالة و انخفاض نسبة العمالة الماهرة بين فئات العمالة المتوافرة فى الأسواق.

2- تعطيل خطط التنمية المستدامة : يُشكل الشخص الأمى عائقا كبيرا أمام الدولة فى تحقيق خططها لتنمية المجتمع، إذ لا يمكن لهذا الشخص استغلال موارد الثروة المتاحة، والتعامل مع المستجدات التكنولوجية والاستفادة منها وبالتالى إهدار موارد الدولة المتاحة. ذلك فضلا عن أن انتشار الأمية يؤدي إلى ظواهر من شأنها إعاقة عملية التنمية مثل انتشار عمالة الأطفال، والزواج المبكر.

3- زيادة معدلات الزيادة السكانية : أثبتت كثير من الدراسات وجود علاقة طردية بين زيادة معدلات الأمية والزيادة السكانية وهو ما يمثل عبئا كبيرا على موارد الدولة وإمكانياتها.

4- زيادة معدلات العنف والجريمة: تشير كافة الإحصائيات إلى وجود علاقة وثيقة بين زيادة أعداد الأميين وزيادة أعمال العنف والجرائم فى المجتمع ، فكلما ازداد تعليم وثقافة الأشخاص كلما ازادات قدراتهم على التعامل مع التحديات بشكل أفضل وأكثر وعيا وانخفضت لديهم الميول الإجرامية والعنيفة، بل وتشير البيانات إلى اعتناق الأميين بشكل أكبر من من المتعلمين للأفكار المتطرفة والإرهابية، وهو ما قد يؤدى أيضا إلى زيادة معدلات الإرهاب فى المجتمع.

5- تراجع الترابط الاجتماعى : الشخص الأمى لا يمكنه التعامل مع الآخرين بشكل ملائم، وضعف ثقته فى ذاته يؤدى إلى انعزاله عمن حوله، وتكوينه لأفكار غير متصالحة مع المجتمع ، وهو ما يهدد ترابط وتماسك المجتمع بشكل كبير .

6- تراجع الوعى الصحى : تؤدى زيادة معدلات الأمية إلى عدم قدرة تعامل الأميين مع الإرشادات والأدوات الصحية ولجوءهم الى الوصفات الشعبية وطرق العلاج غير الطبية، والتى قد تؤدى إلى زيادة معدلات الإصابة بالعدوى وبالأمراض الخطيرة ، وهو ما يؤدى أيضا إلى تدهور النظام الصحى فى الدولة وتراجع صحة المواطنين.

7- تأخر ترتيب مصر فى تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

خامسا : جهود الدولة المصرية للقضاء على الأمية

عانت الدولة المصرية لعقود طويلة من ارتفاع معدلات الأمية وما ترتب على ذلك من مخاطر لحقت بالمجتمع ككل ومسيرة تنميته، لذا أولت القيادة السياسية الحالية اهتماما كبيرا بهذه المشكلة، وسعت للحد منها انطلاقا من إيمانها بأنه لا سبيل للتنمية إلا بالتعليم والتعلم، وحرصت خلال السنوات الماضية على إيجاد حلول لمواجهة مشكلة الأميةوالتى تتجاوز مجرد تعليم القراءة والكتابة، لتشمل تنمية الوعي وتعليم المهارات، أى أن الأمر لم يعد قاصرا على محو الأمية الهجائية، بل شمل محو الأمية الرقمية والثقافية والاجتماعية،  حيث قامت باتخاذ إجراءات وإصدار قرارات وأبرزها ما يلي:

1- إدراج قضية محو الأمية ضمن رؤية مصر 2030 .

2- وضعت الدولة المصرية خطة استراتيجية ” لإعلان مصر خالية من الأمية بحلول عام 2030″ وخاصة فى قرى صعيد مصر وريفها والأماكن التى تعانى من الكثافة السكانية الكبيرة.

3-تدشين منصة إلكترونية لتعليم الكبار عن بُعد باستخدام بعض التطبيقات التكنولوجية حتى يتمكن الدارسين من التعامل معها بسهولة.

4- زيادة فصول محو الأمية عبر الانترنت خاصة فى المناطق الريفية ومدن الصعيد.

5- إطلاق مبادرة ” حياة كريمة بلا أمية ” بالتعاون بين وزارة التضامن والهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار فى القرى المستهدفة من خلال المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” البالغ عددها 1409 فى 52 مركزا إداريا فى 20 محافظة، وخلال العام الأول 2020-2021 تم محو أمية 102.191 دارس ناجح، بينما العام الثاني 2021-2022، تم محو أمية 166.572 دارس ناجح، وخلال الربع الأول للعام الحالي 2022-2023، تم محو أمية 82872 دارس ناجح، ليصبح إجمالي ما تم محو أميتهم منذ بدء المبادرة حتى الآن 351.635 دارس ناجح، وفق تصريحات رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبارالدكتور محمد يحى ناصف.

6- إطلاق منصة رقمية لبث مواد تدريبية لمعلمي محو الأمية وتعليم الكبار.

7- إطلاق حملة ” محو أمية مليون مواطن ” وذلك بالتنسيق مع الهيئة العامة لتعليم الكبار والأزهر الشريف تحت مظلة ” حياة كريمة “.

8- إتاحة فرص عمل للشباب من الخريجين فى مشروعات وبرامج محو الأمية بنظام التعاقد الحر.

9- وضعت الهيئة العامة لتعليم الكبار منهجا يلائم ذوى القدرات الخاصة ” نتعلم لنكون ” كما تم فتح فصول خاصة بهم .

10- تدريب 58147 معلما وموجها ومتابعا فنيا بهيئة تعليم الكبار على برامج محو الأمية بهدف زيادة عدد المعلمين المتخصصين فى محو أمية الكبار .

11- قيام الجامعات بتدريب الطلاب على كيفية تعليم الكبار، وإكسابهم المهارات اللازمة للتعامل مع هذه الفئة التى تختلف كذيرا عن فئة الطلاب النظاميين.

12- إنشاء تخصصات جديدة فى كلية التربية تحت مسمى “تعليم الكبار” ، وإلزام طلاب الجامعات بمحو أمية عدد معين من الأميين.

13- أصدر المجلس الأعلى للجامعات قرارًا بإلزام طلاب الكليات النظرية بمحو أمية عدد من الأفراد تحدده كل كلية على حده كشرط أساسي للتخرج.

14- إعداد واعتماد مناهج جديدة في تعليم الكبارمن قبل الهيئة العامة لتعليم الكبار.

15- توقيع بروتوكولات تعاون بين الهيئة العامة لتعليم الكبار ومنظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية التي تقوم بمشروعات تستهدف التمكين الاقتصادى والاجتماعي للأفراد بعد حصولهم على شهادة محو الأمية. وبحسب تصريحات الدكتور محمد يحى ناصف رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار، بلغ عدد المشروعات الصغيرة التي قدمتها إحدى الجمعيات للمتحررات من الأمية 143 مشروعا لعدد 143 سيدة بإجمالي 671 ألفا وذلك في عدد 23 محافظة، خلال مده المبادرة منذ عام 2016 حتى عام 2022، ويتم متابعة هذه السيدات من خلال الجمعية لتقديم العون لهم.

16-إدراج شهادة محو الأمية صادرة من الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، كمتطلب لاستخراج رخصة قيادة .

أثمرت هذه الجهود عن محو أمية حوالي5 ملايين شخص وذلك منذ 2014، وفقا لتصريحات رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار. كما حصلت مصر على جائزة اليونسكو 2021 وذلك باعتبارها من أفضل 10 دول طبقت برامج محو الأمية.

سادسا : مقترحات لحل مشكلة الأمية فى مصر

على الرغم من الجهود المبذولة من قبل الدولة، إلا أن عدد الأميين في مصر لا يزال كبيرا، الأمر الذى يتطلب بذل المزيد من الجهود. لذا يُوصى التقرير بما يلي:

1- مراجعة استراتيجيات الدولة لتعليم الكبار والعمل على تحديثها وتطويرها باستمرار بما يتناسب مع التغيرات العالمية المتلاحقة والتطور التكنولوجى والرقمى .

2- استحداث مراكز تعليمية متنقلة يمكنها الوصول لجميع الأميين فى كافة محافظات ومدن الجمهورية خاصة المناطق النائية والحدودية.

3-إتاحة العديد من أشكال الخدمات التربوية التى تستهدف محو الأمية، مثل التعليم المسائى للعمال، أو المعلم المتنقل فى المناطق النائية، أو التطبيقات الرقمية على الهواتف المحمولة.

4- زيادة أعداد المسوح الاجتماعية التى ترصد أعداد ونسب الأميين فى كل محافظات الجمهورية وعلى فترات متقاربة حتى يتسنى للجهات المعنية رصد التقدم المحرز فى هذا الإطار .

5- العمل بشكل جاد وعلمى على إنهاء ظاهرة التسرب من التعليم التى تعد السبب الرئيسي لزيادة معدلات الأمية، وفرض غرامات مالية على أولياء الأمور فى حالة التسرب من التعليم أو عدم إلحاق ـبنائهم بالتعليم.

6- زيادة عدد المدارس المجتمعية فى قرى ريف وصعيد مصر.

7- زيادة الرقابة على العمالة اليومية فى الورش والمحلات التجارية وربط الحصول على العمل والاستمرار فيه بالحصول على شهادة محو الأمية مع العمل على زيادة الخدمات التعليمية فى التجمعات الصناعية التى يوجد بها عمال يعانون من الأمية .

8- التوسع فى إنشاء أقاسم خاصة بتعليم الكبار فى كليات التربية فى كل الجامعات ويتم تكليف خريجى هذه الأقسام بالعمل فى فصول محو الأمية.

9- زيادة ودعم برامج تعليم الإناث فى القرى الأكثر فقرا.

10- ربط الحصول على شهادة الخدمة العامة بتعليم عدد معيين من المتسربين من التعليم وذلك بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى .

11-تحفيز شباب الجامعات ومنحهم مزايا مادية واجتماعية حال مشاركتهم فى برامج محو الأمية.

12- العمل على إشراك مؤسسات المجتمع المدنى فى وضع وتنفيذ خطط محو الأمية فى مصر .

13- إنشاء قاعدة بيانات كبرى وتفصيلية بالتنسيق بين هيئة تعليم الكبار ووزارة التربية والتعليم توضح أعداد ونسب الأميين والمتسربين من التعليم.

14- منح حوافز مادية ومعنوية للأشخاص المراد محو أميتهم مع الاحتفاء بهم على وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام المختلفة.

15- إطلاق حملة إعلامية كبرى على وسائل التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام توضح للأشخاص المراد محو أميتهم كيفية الالتحاق بفصول محو الأمية والمزايا التى سيحصلون عليها حال حصولهم على شهادات محو الأمية.

16- الاستعانة بمتطوعي مبادرة “حياة كريمة”، وبنك التطوع المصري فى تنظيم فصول محو أمية مسائية بالمدارس فى جميع قرى ومراكز محافظات الجمهورية.

المصادر 

1- جمال علي الدهشان (2018)، نحو آفاق جديدة لمحو الأمية المجتمعية فى المجتمعات المعاصرة، المجلة التربوية، كلية التربية، جامعة المنوفية.

2- فوزية حمدان الخالدي، هيفاء فهد المبيريك(2022)، مخاطر الأمية وآثارها السلبية على التنمية وأبعادها الصحية والحضارية والثقافية فى المملكة العربية السعودية، مجلة العلوم التربوية والنفسية، كلية التربية، جامعة الملك سعود، السعودية.

3- مثال عبد الله العزاوى (2013) ، إشكالية العلاقة بين الأمية والتنمية فى المجتمع العراقى: دراسة اجتماعية تحليلية، مجلة آداب الفراهيدي، كلية الآداب، جامعة تكريت.

4- منار حامد محمد المرسى (2022) ، بعض العوامل التى تؤثر على أداء معلمى محو الأمية وتعليم الكبار بمصر، مجلة كلية التربية بالمنصورة،

5- الموقع الرسمى للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ” الألسكو” .

6- الموقع الرسمى لوزارة التربية والتعليم .

7- موقع الجهاز القومى للتعبئة العامة والإحصاء.

8- موقع الهيئة العامة لتعليم الكبار.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

The post قراءة فى مشكلة الأمية فى مصر..مؤشرات ومقترحات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6703
العاصمة الإدارية.. الأهمية الاقتصادية والعوائد المُتوقعة https://draya-eg.org/2023/04/06/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d8%b5%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%87%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%88%d8%a7%d8%a6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8f%d8%aa%d9%88%d9%82%d8%b9%d8%a9/ Thu, 06 Apr 2023 19:19:56 +0000 https://draya-eg.org/?p=6601  الملخص التنفيذي فى ظل معاناة الكثير من مدن ومحافظات مصر من التركز أو التكدس السكاني حيث يقطن نحو 97% من السكان على مساحة لا تتجاوز 7%، وما ترتب على ذلك من تأثير سلبي على البنية التحتية والمرافق والخدمات الموجودة بها، تبنت الدولة المصرية رؤية جديدة تستهدف إعادة هندسة المظهر الجيو-اقتصادي لمصر، وإيجاد مناطق تميز فى …

The post العاصمة الإدارية.. الأهمية الاقتصادية والعوائد المُتوقعة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 الملخص التنفيذي

فى ظل معاناة الكثير من مدن ومحافظات مصر من التركز أو التكدس السكاني حيث يقطن نحو 97% من السكان على مساحة لا تتجاوز 7%، وما ترتب على ذلك من تأثير سلبي على البنية التحتية والمرافق والخدمات الموجودة بها، تبنت الدولة المصرية رؤية جديدة تستهدف إعادة هندسة المظهر الجيو-اقتصادي لمصر، وإيجاد مناطق تميز فى الصحراء المصرية من شأنها خلخلة الكتلة العمرانية القائمة، وجذب الكثافة السكانية من الوادى الضيق إلى مدن جديدة تتوافر بها عوامل جذب أساسية، وتحقق رفاهية سكانها وتفي بمتطلبات معيشتهم وتضمن لهم نوعية حياة مميزة، فضلا عن تحقيق معاير الاستدامة، وتأمين فرص اقتصادية متعددة.

ومن ثم جاءت فكرة إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة لتوسيع دائرة التنمية والعمران، ذلك المشروع الذي يعالج المشاكل الأزلية للعاصمة القديمة التي يتمثل معظمها في سوء التخطيط، وضعف البنية التحتية، وعدم جاهزيتها لتحقيق رؤية مصر 2030 التي تهدف إلى تحويل مصر إلى دولة ذات اقتصاد رقمي قائم على المعرفة، اقتصاد يتوسع في الثورة الصناعية الرابعة وقادر على تقديم خدمات مميزة للمواطنين والمستثمرين.

استُلهمت فكرة إنشاء عاصمة إدارية جديدة من التجارب العالمية الناجحة في إعادة تأسيس عواصمها، فهناك دولا كثيرة أقدمت على خطوة إنشاء عواصم بديلة، لأسباب تتنوع ما بين السياسية والاقتصادية والديمغرافية، فعلى مدار الخمسين عامًا الماضية فقط أقدمت 13 دولة على مثل تلك الخُطوة مثل البرازيل وكازاخستان وماليزيا، وقد أثبتت تلك السياسة نجاحها في إعادة رسم البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للدول، وتحويلها إلى مدن جديدة يمكنها أن تقود العالم.

وفى هذا الإطار، تُسلط هذه الورقة الضوء على الأهمية الاقتصادية للعاصمة الإدارية والعوائد المتوقعة من إنشائها وذلك من خلال المحاور التالية:

أولا: نبذة عن العاصمة الادارية

ثانيا: الأهمية الاقتصادية للعاصمة الإدارية والعوائد المترتبة عليها

ثالثا: أهم الانتقادات المُوجهة للعاصمة الإدارية والرد عليها

وتتمثل أهم نتائج الورقة فيما يلي:-

  • نجح مشروع العاصمة الإدارية في إيجاد قيمة اقتصادية للأرض المقام عليها ورفع قيمتها، وأضاف قيمة اقتصادية للدولة المصرية بنحو تريليوني جنيه.
  • تم اختيار العاصمة الإدارية لتكون العاصمة العربية الرقمية لعام 2021 من مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات؛ لبنيتها التحتية الرقمية والتكنولوجية فائقة التقدم.
  • العاصمة الإدارية هي المدينة التي من المخطط أن تستوعب 6.5 ملايين مواطن سينعمون بالسكن في مدينة صُممت وفقًا لمدرسة التخطيط العمراني لما بعد الحداثة.
  • تعد العاصمة الإدارية الجديدة من أكبر وأهم المشروعات القومية التي لها مزايا مباشرة وغير مباشرة للاقتصاد المصري من خلال توفير العديد من فرص العمل كما يحقق رواجًا في السوق العقاري وشركات الإنشاءات.
  • يساهم القطاع العقاري بحوالي 15.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف عدد 3.4 ملايين عامل (13% من اجمالي المشتغلين في مصر)، ويتمتع القطاع بروابط أمامية وخلفية مع أكثر من 100 صناعة أخرى.
  • يحقق المشروع عوائد كبيرة، نتيجة حصيلة البيع التي تحصل الدولة منه على 20 %، إضافة إلى الأقساط التي تحصل عليها الدولة من مشروعات حق الانتفاع المؤقتة مثل محطات البنزين المتنقلة.
  • استطاعت شركة العاصمة الإدارية أن تحقق سيولة تزيد على 40 مليار جنيه، إلى جانب أكثر من 40 مليار جنيه أخرى مستحقات لدى الغير. فإن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يتم تمويله من خلال بيع أراضٍ صحراوية ظلت لقرون دون قيمة أو استغلال.

أولا: نبذة عن العاصمة الإدارية

تبلغ مساحة المشروع عند اكتماله نحو 700 كيلومتر مربع أي 170 ألف فدان، على أن يتم التنفيذ على 3 مراحل. تبلغ مساحة المرحلة الأولى من المشروع نحو 168 كيلومتراً مربعاً (40 ألف فدان) أي نصف مساحة القاهرة تقريباً، التي تبلغ نحو 90 ألف فدان.

وتم تصميمها لتكون مركز القوة الاقتصادية القومية، والمقر الرئيسي للوزارات وشركات القطاع العام والخاص، في وسط مجموعة من الأحياء العمرانية، وتم العمل على البنية الأساسية لتكون مدينة مستدامة، وذكية تعمل بأحدث التقنيات.

تقع العاصمة في شرق القاهرة، كما أنها محاطة بأهم الطرق الرئيسية وأبرزها: طريق القاهرة/ السويس، طريق القاهرة/ العين السخنة، الطريق الدائري الأوسطي، والطريق الدائري الإقليمي، وتلك الطرق جعلت من مكان العاصمة الإدارية الجديدة قريب من أهم الأماكن الإستراتيجية في مصر. وتنقسم إلى 3 أحياء وهم: الحي السكني، الحي الحكومي، وحي الأعمال.

تُعد العاصمة الإدارية أول مدينة ذكية تكنولوجية يتم تأسيسها ضمن رؤية مصر 2030 تعتمد على وسائل وسبل الاستدامة وتقدم الخدمات بشكل إلكتروني باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية، وتحتوى على أحدث الأنظمة العمرانية فى العالم. وتسعى الحكومة إلى تشجيع السكن بالعاصمة الجديدة، من خلال تيسير طرق تمويل الوحدات السكنية، ووجود بنية تحتية قوية وشبكات مواصلات تربطها بالمواقع المختلفة بالبلاد، كذلك فإن قضية توزيع التركز السكاني ترتبط أكثر بعملية التنمية الاقتصادية لمختلف المحافظات المصرية؛ ما يجعلها محافظات جاذبة لا طاردة، وهو ما يتطلب إعادة النظر مرةً أخرى في طريقة توزيع الموارد والاستثمارات والخدمات.

وتقوم الحكومة بنقل الأجهزة الإدارية إلى مواقع جديدة بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث يتطلب الأمر جهدًا أوسع في تغيير البنية التشريعية لنظام الخدمة المدنية بجانب تغيير الثقافة التنظيمية، ومزيدًا من رفع كفاءة مهارات الموظفين. وحتى لا يتكرر تركز الخدمات الإدارية للدولة في العاصمة الجديدة؛ فمن الأولى الأخذ باللامركزية المالية والإدارية بمصر.

ثانيا: الأهمية الاقتصادية للعاصمة الإدارية والعوائد المترتبة عليها

لا تقتصر أهمية إنشاء عاصمة إدارية جديدة على كونها مقرا بديلا للمصالح الحكومية ومركزا ثقافيا وحضاريا، بل تتعاظم هذه الأهمية فى ظل المستهدف من كونها مدينة اقتصادية جديدة لمصر. وهنا يتبادر إلى أذهان الكثيرين تساؤل مفاده: “كيف تُسهم العاصمة الإدارية في حياة المواطنين بشكل مباشر وغير مباشر وما هو دورها  في دعم رؤية مصر 2030″؟..وبإمكاننا الإجابة عليه من خلال النقاط التالية:

1- تعزيز النمو الاقتصادى المصري

تُعد العاصمة الإدارية خطوة على الطريق الصحيح لبناء دولة حديثة والانتقال إليها إداريًا أو سكنيًا؛ الأمر الذي سيكون له آثار عدة منها إنشاء حيز عمراني جديد ونقل كثافة سكانية إلى نطاق أوسع، إضافة إلى العوائد الاقتصادية المرتقبة خاصة أن هناك شركات كبرى وجامعات ومعاهد خاصة وأن مشروعاتها الخدمية واستثماراتها بلغت 800 مليار جنيه ووفرت آلاف من فرص العمل وساهمت في تحريك النمو الاقتصادي، وتعد أحد آليات التنمية المستدامة لمصر 2030.

إن توسعة شبكة الطرق وإقامة مناطق صناعية وخدمات معاونة يحقق رواجًا استثماريًا ويساعد على التوسع العمراني مما يعود بالنفع على الاقتصاد المصري ككل. كما أن مشروع العاصمة الإدارية نجح في إيجاد قيمة اقتصادية للأرض المقام عليها ورفع قيمتها، وأضاف قيمة اقتصادية للدولة المصرية بنحو تريليوني جنيه. كما ساهم فى إحياء المدن المجاورة منها والقريبة، مثل الشروق وهليوبوليس الجديدة والعاشر من رمضان.

2- إقرار منظومة تشريعية جديدة

شهدت مصر إقرار منظومة إصلاح تشريعية جديدة تتعلق بملف الاقتصاد المصري، فهى من ضمن الإنجازات بجانب مشروعات البنية التحية الضخمة والعاصمة الإدارية و14 مدينة جديدة من الجيل الرابع، وسن قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية وما اشتمل عليه القانون من حوافز استثمارية للشركات الأجنبية والمستثمرين، إضافة إلى التيسيرات فى تأسيس الشركات.

وتُمهد هذه الخطوات الطريق لبناء دولة قوية، كما أن انتقال الخدمات إلى العاصمة الإدارية مع الميكنة سيؤدي إلى جذب المستثمرين والتسهيل في تأسيس الشركات والمشروعات. كما تم إقرار قانون للتراخيص الصناعية ولائحته التنفيذية وكذلك إلغاء حدود السحب والإيداع للعملات الأجنبية للسلع غير الأساسية وهو الأهم في القطاع المصرفي، كل هذا يتواكب مع خطة الدولة للتحول إلى واحدة من أكبر اقتصاديات الشرق الأوسط وذلك لتحقيق رؤية مصر 2030. 

3- زيادة مشروعات البنية التحتية

بلغت قيمة ما تم إنفاقه على مشروعات البنية التحتية فى العاصمة الإدارية الجديدة حوالي 80 مليار جنيه على الأقل حتى الآن، وذلك نظرا لأن المشروعات المتعلقة بالبنية التحتية والأساسية تعتبر الوسائل الأهم في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، والتي توفر مزيد من فرص العمل. وهنا يأتي تأثير هذه المشروعات على المواطن بصورة غير مباشرة وعوائدها الأكبر ستكون خلال السنوات المقبلة.

تم اختيار العاصمة الإدارية لتكون العاصمة العربية الرقمية لعام 2021 من مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات؛ لبنيتها التحتية الرقمية والتكنولوجية فائقة التقدم، ولاحتضانها جهود تحقيق التحول الرقمي وتنمية المهارات والقدرات الرقمية في الدولة، وكذا استضافتها لجامعة مصر المعلوماتية والتي تعتبر الأولى من نوعها في المنطقة.

4- تطوير الخدمات وتقليل الفساد

تعد العاصمة الجديدة من العواصم الذكية التي تم تدشينها على أسس ونمط محدد بحيث تكون عاصمة تكنولوجية لمصر من الدرجة الأولى، وأن العمل بها سيكون بالتكنولوجيا الحديثة فقط بين الهيئات الحكومية والمواطنين لينتهي عصر الورق المعتاد في المصالح الحكومية وهو الأمر الذي يدعو لتدريب الموظفين على التطور التكنولوجي والعمل بدون أوراق.

إن التحول الرقمي سيكون له الدور في تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين وتقليل الفساد بالشكل الذي يُسهم في النهوض بالعمل الحكومي ويحقق قدرًا أكبر من الشفافية والحوكمة الذي يكون مردوده في نهاية الأمر في تحسين الخدمات المقدمة للمواطن.

5- زيادة استثمارات القطاع الخاص

تستحوذ استثمارات القطاع الخاص على تمويل العاصمة الإدارية حيث بلغ حجم استثمارات القطاع الخاص في العاصمة 300 مليار جنيه. ووفقا لما أعلنه مجلس الوزراء يتم تمويل كل مشروعات العاصمة الإدارية الجديدة بشكل مستقل تمامًا عن الإقراض من البنوك، وذلك من خلال الاعتماد على إيرادات شركة العاصمة الإدارية من حصيلة بيع الأراضي للمطورين العقاريين، إلى جانب الاستثمارات في المشروع.

وقد حققت الشركات العاملة فى القطاع الخاص فى مجال التشييد والبناء وشركات الرخام والجرانيت ومواد البناء عامة استفادة كبيرة من خلال توريد احتياجات إنشاء العاصمة، الأمر الذى ساهم فى إحداث حراك كبير في الاقتصاد المصرى.

وتجدر الإشارة همنا إلى أن معدلات الإنجاز في الحي الحكومي وحي المال والأعمال بالعاصمة تجاوزت 98% ، وكذلك منطقة الأعمال المركزية، والتي تضم 20 برجًا منها البرج الأيقوني، حيث تم تنفيذ الأعمال بها بنسبة 60%، إضافةً إلى الانتهاء بنسبة 100% من تنفيذ المدينة الرياضية، فضلا عن استمرار أعمال التنفيذ في مدينة الفنون والثقافة، والأوبرا الجديدة ومدينة المعرفة، ومركز مصر الثقافي الإسلامي، ومستشفى العاصمة الإدارية الجديدة، إضافةً إلى الحدائق المركزية، والمدينة الأولمبية، وكذلك الخدمات التعليمية ومدارس وجامعات العاصمة الإدارية.

6- جذب الاستثمار الأجنبي المباشر

يُسهم إنشاء العاصمة الجديدة بالصحراء ونقل البنية الإدارية إليها  في إقامة العديد من المشروعات الخدمية والتنموية وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي والمحلي مما يدفع عجلة النمو الاقتصادي ويسمح بإقامة مشروعات للسلع الرأسمالية والإنتاجية، وزيادة الاستثمار في المجالات الرائدة خاصة السياحية والصناعية والزراعية وكذلك تصنيع الآلات اللازمة لتصنيع المنتجات محليًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق فائض للاستيراد وجلب العملة الصعبة. مما يؤدي أيضًا إلي توفير فائض في الميزان التجاري وميزان المدفوعات وزيادة الإيرادات.

7- توفير فرص العمل

توفر المشروعات المقامة فى العاصمة الإدارية الجديدة العديد من فرص العمل والتى من المتوقع أن تُسهم في توفير 1.5 مليون فرصة عمل جديدة، الأمر الذى من شأنه أن يسهم فى تحسين مستوى معيشة المواطنين.

8- توفر معايير الاستدامة

فهى المدينة التي من المخطط أن تستوعب 6.5 ملايين مواطن سينعمون بالسكن في مدينة صُممت وفقًا لمدرسة التخطيط العمراني لما بعد الحداثة. إن كل معايير الاستدامة التي عرفتها اللجنة العالمية للبيئة والتنمية تم تطبيقها داخل العاصمة الإدارية الجديدة ، إذ إنها تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون المَساس بحق الأجيال القادمة، وتعزز حقوق المساءلة والإنصاف من خلال توفيرها السكن والخدمات بنفس معايير الجودة، وهي تضمن للمُشاة حقهم من خلال توفير شبكة طرق للمُشاة تربط أنحاء المدينة، ومدينه مُتصلة من خلال شبكة واسعة من الاتصالات والنقل، هذا فضلًا عن كونها مدينة ذكية تقدم الخدمات لجميع قاطنيها بالاعتماد على شبكة المعلومات وتجمع بيانات من خلال أجهزة الاستشعار عن بعد لتضمن تقديم تجربة عيش مميزة لقاطنيها.

9- تعزيز صناعات الطاقة الجديدة والخضراء

أولت الدولة اهتماما كبيرا بزيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة والخضراء فى مشروع العاصمة الإدارية، حيث  إنه من المخطط له أن يتم تغطية نحو 50٪ من أسطح المنازل بالعاصمة الإدارية بالطاقة الشمسية، وتركيب 52 محطة بالحي الحكومي، وذلك ضمن خطة لتعميم الطاقة الشمسية في العاصمة الإدارية بحلول عام 2035. وقد أعلنت  شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية عن فتح باب الاستثمار في شراء الطاقة المنتجة من خلايا الطاقة الشمسية فوق أسطح المباني بالأحياء السكنية بالعاصمة الإدارية الجديدة.

10- رواج القطاع العقارى

يُسهم قطاع العقارات بشكل كبير في النمو الاقتصادى حيث إنه من القطاعات الأسرع في إيجاد فرص العمل كونها توفر مساحات تجارية للشركات والمكاتب، ومن ثم تعزز تأسيس شركات جديدة تساهم في دفع النمو الاقتصادي.

أمر آخر يعزز من مكانة القطاع العقاري هو حجم مساهمته الكبيرة في الاقتصاد، إذ يسهم بحوالي 15.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف عدد 3.4 ملايين عامل (13% من إجمالي المشتغلين في مصر). ويتمتع القطاع بروابط أمامية وخلفية مع أكثر من 100 صناعة أخرى.

ونظرا لأن مصر دولة ذات نمو سكاني مرتفع وتركيبة ديموجرافية يُمثل فيها الشباب معظم سكانها وبمعدل نمو سكاني يقترب من 2%، ، فإن القوة الشرائية في السوق العقارية المصرية كبيرة وتحتاج لمزيد من المشروعات حيث تحتاج ما يقرب من مليون زيجة سنويًا لحوالي مليون وحدة سكنية، ويعتبر حجم العرض بالقطاع أقل من حجم الطلب، وهو ما يعني أن القطاع في حالة عجز دائم تقريبًا.

هذا ولم يقتصر ارتفاع أسعار العقارات فقط على تلك الموجودة فى العاصمة الإدارية، بل ارتفعت أيضا بنسبة كبيرة قد تصل إلى 20% في المناطق والمدن القريبة من العاصمة الإدارية خاصة مدن شرق القاهرة.

11- تخفيف الضغط على القاهرة

جاءت فكرة إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة لتخفيف الضغط على العاصمة القديمة القاهرة الكبرى التي تعد أكثر عواصم العالم ازدحامًا حيث يعيش فيها أكثر من 10 مليون نسمة، ويقصدها يوميًا ملايين آخرين والتي من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها في غضون العقدين القادمين.

 لذلك وضعت الدولة خطة لنقل الوزارات والمصالح الحكومية وتم تنفيذ مرحلتها الأولى بالفعل بهدف اختصار الوقت والجهد والطاقة اللازمة لقضاء المصالح والخدمات مما يخفف الكثير من العناء عن المواطن المصري وينعكس إيجابيًا على الفرد والمجتمع ويقلل الحوادث التي تنجم عن التكدس بالقاهرة. ويؤدي ذلك بدوره إلى التسهيل على المواطن ومن ثم زيادة إنتاجيته وبالتالي زيادة الناتج المحلي الإجمالي ومعدل النمو الاقتصادي.

12- توفير بيئة عمل صحية

إن تخفيف التكدس عن القاهرة من خلال انتقال الكثير من سكانها للعاصمة الجديدة سيساهم في توفير بيئة صحية وتخفيف حدة انتشار الأمراض والأوبئة، وذلك من خلال تحقيق التباعد الاجتماعي مما سيخفف استهلاك الأدوية ويغني عن استيراد كميات كبيرة منها ويخفف الضغط أيضًا على المستشفيات ويقلل من الميزانية المُخصصة للإنفاق على أوجه الرعاية الصحية.

يُعتبر توفير بيئة عمل صحية من أهم العناصر اللازمة لنجاح الأفراد وزيادة قدرتهم على تحمل المسئوليات وتحسين كفاءتهم فى العمل وزيادة الإنتاجية.

ثالثا: أهم الانتقادات المُوجهة للعاصمة الإدارية والرد عليها

ما زال مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يثير موجات متتالية من الجدل والانتقادات في مصر، وتزايدت مؤخراً مع احتدام الأزمة الاقتصادية جراء الحرب الروسية – الأوكرانية وقبلها تداعيات جائحة «كوفيد – 19»، وذلك بدعوى ترشيد أولويات الإنفاق الحكومي، بينما أوضحت الحكومة عدة مرات أن المشروع لا يتم تمويله من موازنة الدولة وأكدت أن شركة العاصمة الإدارية الجديدة هي التي أقامت المدينة من خلال مواردها الذاتية حيث يتم التمويل من خلال الاستثمارات مع الشركات وطرح الأراضي وعبر إيجاد قيمة اقتصادية للأرض المقام عليها المشروع، وتحويلها إلى مصدر للتمويل، حيث يحقق المشروع عوائد كبيرة نتيجة حصيلة البيع التي تحصل الدولة منه على 20 %، إضافة إلى الأقساط التي تحصل عليها الدولة من مشروعات حق الانتفاع المؤقتة مثل محطات البنزين المتنقلة.

واستطاعت شركة العاصمة الإدارية، (وهي الشركة المسئولة عن تنفيذ وإدارة المشروع)، أن تحقق سيولة تزيد على 40 مليار جنيه، إلى جانب أكثر من 40 مليار جنيه أخرى مستحقات لدى الغير. ومن ثم فإن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة يتم تمويله من خلال بيع أراضٍ صحراوية ظلت لقرون دون قيمة أو استغلال.

ويُقدر إجمالي الاستثمارات في المرحلة الأولى لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة بنحو 700 إلى 800 مليار جنيه، لم تكلف الدولة منها شيئا، وفقاً للتصريحات الرسمية لشركة العاصمة الإدارية. ويعد مشروع العاصمة واحداً من المشروعات التي كانت القاهرة في حاجة ماسة إليها، منذ عصر الرئيس الأسبق أنور السادات، الذي خطط لإنشاء عاصمة إدارية تستوعب الزيادة السكانية في مدينة تحمل اسمه على الطريق الصحراوي، لكن المشروع لم يكتب له النجاح، وتكرر الأمر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي وضع مخططاً لنقل مربع الوزارات الحكومية من وسط البلد، لكن لم يتم تنفيذه. إن التخطيط لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وجميع المدن الجديدة يفتح آفاقاً جديدة للتوسعة العمرانية الأفقية، ويمهد الطريق نحو فكرة الخروج من الوادي، فضلاً عن كونه مسعى لاستدامة النمو العمراني الذي يتناسب مع النمو السكاني والاقتصادي.

مما سبق يتضح أن العناصر المحورية‎ ‎فى نجاح العاصمة الجديدة تتمثل فيما يلى : الاختيار الأمثل للموقع والتخطيط الجيد، والتوزيع القائم على دراسات علمية لمواقع المؤسسات الإدارية والاقتصادية والتجارية والترفيهية، وتطبيق مبدأ مركزية التخطيط ولا مركزية الإدارة والتنفيذ، هذا إلى جانب وضع جميع الضوابط القانونية للتحكم في العمران بما يضمن عدم حياد مخطط العاصمة الجديدة عن المسار المحدد له، والعمل على توفير فرص العمل ورفع مستوى الدخول والأجور لمعرفة مدى تأثيرها على جذب السكان إليها، ومدى توافر الخدمات وتلبية احتياجات السكان منها.

وختاما، يُعد حجم الإنجاز بمشروع العاصمة الإدارية غير مسبوق والإشادات تتوالى بأكبر مدينة ذكية على مستوى الشرق الأوسط..ويظل المشروع يحمل أمنيات وتطلعات كثيرة ولكن نجاحه يظل مرهونا بالإرادة والإمكانيات وبمدى الاستفادة من التجارب السابقة فى مواجهة التحديات والترويج لعناصر الجذب الواعدة.

 

 

 

The post العاصمة الإدارية.. الأهمية الاقتصادية والعوائد المُتوقعة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6601
التمكين السياسي للمرأة المصرية ..قراءة فى المؤشرات والتحديات https://draya-eg.org/2023/03/29/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%85%d9%83%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a-%d9%84%d9%84%d9%85%d8%b1%d8%a3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b4%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa/ Wed, 29 Mar 2023 00:04:51 +0000 https://draya-eg.org/?p=6570  الملخص التنفيذي: نالت قضية تمكين المرأة سياسيا اهتماما كبيرا على الصعيدين المحلي والدولي خاصة فى العقد الأخير، وتعالت الأصوات المنادية بضرورة تقليص الفجوة النوعية بين الجنسين والقضاء على التمييز بجميع أشكاله، والدفع بالنساء نحو مراكز صنع واتخاذ القرار، وذلك انطلاقا من العلاقة الوثيقة التى ثبتت بالدليل القاطع بين نجاح برامج التنمية لأى دولة وبين تمكين …

The post التمكين السياسي للمرأة المصرية ..قراءة فى المؤشرات والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
 الملخص التنفيذي:

نالت قضية تمكين المرأة سياسيا اهتماما كبيرا على الصعيدين المحلي والدولي خاصة فى العقد الأخير، وتعالت الأصوات المنادية بضرورة تقليص الفجوة النوعية بين الجنسين والقضاء على التمييز بجميع أشكاله، والدفع بالنساء نحو مراكز صنع واتخاذ القرار، وذلك انطلاقا من العلاقة الوثيقة التى ثبتت بالدليل القاطع بين نجاح برامج التنمية لأى دولة وبين تمكين المرأة والرفع من قدراتها لا سيما وأنها تمثل قرابة نصف المجتمع وتأثيرها كبير على باقى المجتمع.

وبعد أن كانت المرأة تُحرم من ممارسة حقوقها السياسية فى العقود القديمة وكان يتم إقصائها من المشاركة فى كل المجالات، أصبح العالم حاليا يعتمد فى قياس مستوى تقدم أى مجتمع واهتمامه بالتنمية البشرية من خلال معيارين أساسين، هما مشاركة المرأة سياسيا، وتمكينها فى كل المجالات.

وفى هذا الإطار، تؤمن القيادة السياسية الحالية لمصر بضرورة دمج المرأة سياسيا ودفعها نحو الترقي للمناصب الحكومية العليا وذلك تماشيا مع التحول الديمقراطي الذى تشهده الدولة، وحرصا على تحقيق التنمية الشاملة، وردا للجميل لما قدمته من تضحيات على مدار تاريخها الوطنى، ولما أظهرته من مواقف بطولية كانت سببا فى دعم استقرار الدولة المصرية.  

ونظرًا للعوائق التي واجهت مشاركة المرأة سياسيًا على مدار التاريخ، سيتم التركيز على محور التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة 2030، وذلك من خلال 6 محاور كما يلي:

المحور الأول: مفهوم التمكين السياسي للمرأة.

المحور الثاني: أبعاد ومقومات التمكين السياسي للمرأة.

المحور الثالث: مؤشرات التمكين السياسي للمرأة فى مصر.

 المحور الرابع : جهود الدولة لتمكين المرأة المصرية سياسيًا.

المحور الخامس: التحديات التى تواجه تمكين المرأة سياسيا.

المحور السادس: توصيات لتفعيل مشاركة المرأة فى العمل السياسي.

وتأتي أبرز النتائج التي توصلت إليها الورقة كالأتي:

  1. تبلغ نسبة تمثيل المرأة في الحكومة الحالية 18%، مقابل 6% عام 2015، و2.8% عام 2013.
  2. زادت نسبة النساء كنواب وزراء من 17% عام 2017 إلى إلى 22.2% عام 2022 بواقع سيدتين من أصل 9 نواب.

 3- بلغ عدد معاونات الوزراء 41.4% في عام 2019، بينما وصلت نسبة النساء فى منصب نائب محافظ إلى 30.4% فى عام 2019 .

4- بلغت نسبة تولي المرأة في المناصب القيادية فى وزارة التنمية المحلية نحو 34.4%، و33% في هيئة البترول والشركات القابضة، وفي وزارة الكهرباء بلغت حوالي 43%، ونحو 40%” في وزارة الصحة و43% في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

5- بلغت نسبة تمثيل المرأة في الكادر الدبلوماسي المصري عام 2021 نحو 30% من إجمالي عدد الدبلوماسيين.

6- تبلغ نسبة تمثيل المرأة في مجلس النواب 2020 نحو 27%، وهى النسبة الأعلى للمرأة في تاريخ البرلمان المصري مما جعل مصر تحتل المركز الـ16 عالميًا، والأول عربيًا فى تمثيل المرأة فى مجلس النواب.

7- بلغت نسبة النساء في مجلس الشيوخ 14% بواقع 41 مقعدا من إجمالى 300 مقعد، وعُينت إمرأة لأول مرة في منصب وكيل مجلس الشيوخ.

8- تم تعيين 11 قاضية بالنيابة العامة للمرة الأولى، وبلغ عدد القاضيات نحو 66 قاضية فى القضاء العالي، فى حين بلغت نسبة القاضيات بهيئة قضايا الدولة نحو 20% خلال عام 2021، و43% فى النيابة الإدارية بواقع 1988 قاضية من إجمالي 4635 عضو.

9- تقدمت مصر 48 مركزًا بمؤشر التمكين السياسي للمرأة في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين.

10-  لاتزال مشاركة المرأة فى الأحزاب السياسية ضعيفة جدا لا تتخطى 5%، ولم تتول المرأة منصب رئيس حزب سياسي أو متحدث رسمي له حتى الآن.

11- العادات والتقاليد، والثقافة الذكورية، والدور النمطي للمرأة، والخطاب الديني من أبرز التحديات أمام تمكين المرأة على المستوى السياسي.

وقدمت الورقة عددا من التوصيات جاء أبرزها كالتالي:

1- مراجعة وتعديل القوانين المتعلقة بحقوق المرأة خاصة قوانين الأحوال الشخصية، وتلك المتعلقة بزيادة تمثيلها فى المؤسسات المختلفة وتمكينها من تولي المناصب القيادية.

2- ضرورة التنسيق بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام لتبنى حملة موسعة للتوعية بنجاحات المرأة فى العديد من المجالات، وتعزيز ثقة المجتمع في إمكانيات وكفاءة المرأة المصرية وقدرتها على تولي المناصب القيادية.

3- زيادة الدعم المالي المخصص لعملية تأهيل وبناء قدرات الكوادر النسائية فى جميع المجالات وتدريبهن على مهارات القيادة والإدارة وصنع القرار والتخطيط والاتصال والقدرة على التأثير.

4- تربية النشء منذ الصغر على المشاركة الإيجابية ونبذ المفاهيم الذكورية المعادية لمشاركة المرأة فى العمل العام.

5- العمل على التهيئة الدينية المعتدلة، والتأكيد على أن الدين فى جوهره لا يمكن أن يكون ضد المساواة بين الرجل والمرأة، ولا يمكن أن يُشكل عقبة أمام تمكين المرأة.

6- ضرورة قيام الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الأهلية بوضع سياسات وآليات تضمن التمثيل العادل للمرأة والدفع بها فى اتجاه تولى المناصب القيادية بداخلها، وإعدادها وتأهيلها لخوض الانتخابات التشريعية.

أولًا: مفهوم التمكين السياسي للمرأة

يُعد التمكين في معناه هو إزالة كافة العمليات والاتجاهات والسلوكيات النمطية في المجتمع والمؤسسات التي تنمط النساء والفئات المهمشة وتضعهن في مراتب أدنى.

أما التمكين السياسي للمرأة يمكن تعريفه على أنه وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار والمراكز القيادية التى تؤثر فى صنع القرار أو وضع السياسات، أو هو جعل المرأة ممتلكة للقوة والإمكانيات والقدرة لتكون عنصرا فاعلا فى التغيير خاصة التنمية السياسية.  

ويرتبط مفهوم تمكين المرأة سياسيًا بتحقيق ذات المرأة وتعزيز قدراتها في المشاركة بالحياة السياسية، كالتمثيل البرلماني، الوصول إلى مواقع صنع القرار، ورسم السياسات العامة، وذلك من خلال الاعتماد على سياسات وإجراءات وتبني تشريعات دستورية وقانونية تضمن القضاء على كل ممارسات التمييز والإقصاء التي تتعرض لها المرأة.

ثانيا: أبعاد ومقومات التمكين السياسي للمرأة

ينطوى التمكين السياسي للمرأة على بُعدين هما، البعد الذاتي: الذي يظهر من خلال الوعي الفردي للمرأة من حيث شعورها بالظروف المحيطة بها، وقدرتها على الحصول على معارف جديدة فى جميع مجالات الحياة، والبعد الاجتماعي: ويظهر من خلال إيجاد بيئة مواتية لدمج المرأة سياسيًا بالشكل الذي يمنحها القدرة الكاملة على إحداث التغيير داخل المجتمع باعتبارها أحد محركات التنمية بالمجتمع.

هناك مجموعة من المقومات التى من الضرورى توافرها حتى يتحقق التمكين السياسي للمرأة، وأهمها ما يلي:

  • بيئة دستورية وتشريعية تدعم توجه المرأة نحو المشاركة السياسية وتقلدها للمناصب القيادية والسياسية العليا.
  • بيئة مجتمعية تؤمن بدور المرأة كشريك أساسي وفاعل فى مختلف قضايا المجتمع وكرائدات أساسيات للتغيير وتحقيق التنمية.
  • بيئة ثقافية داعمة للمشاركة السياسية للمرأة عبر زيادة الوعي المجتمعي وتغيير الصور النمطية بشأن دور المرأة.
  • التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة باعتبار أن أحد أهم المتغيرات الحاكمة للمشاركة السياسية للمرأة هو وضعها الاقتصادي والاجتماعي فالحقوق متداخلة ومترابطة ولا تتجزأ.
  • تضافر جهود الشركاء المعنيين بتمكين المرأة على المستوى السياسي، من أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والقطاع الخاص.
  • وسائل إعلام تدعم مشاركة المرأة فى الحياة السياسية وتسهم فى تغيير الصورة النمطية السائدة للمرأة خاصة فى ظل وجود أنماط من الخطاب المعادي لفكرة مشاركة المرأة.

مؤشرات الأمم المتحدة لقياس مفهوم التمكين للمرأة:-

 مشاركة النساء في المواقع القيادية، في اللجان والمواقع العامة.

 إتاحة فرص التعليم والتدريب غير التقليدية للمرأة.

 مشاركة النساء في عملية صنع واتخاذ القرار.

 اكتساب النساء مهارات وقدرات تنظيمية لإنشاء مجموعات للمطالبة بالحقوق.

ثالثا: مؤشرات التمكين السياسي للمرأة فى مصر

يمكن أن نستعرض أهم مؤشرات تمكين المرأة المصرية سياسيا على النحو التالي:

  1. المرأة في السلطة التنفيذية:

أ. الوزراء:

حصلت المرأة على 6 حقائب وزارية داخل مجلس الوزراء بنسبة 18% من إجمالي عدد الوزراء بالحكومة الحالية وذلك مقابل 6% عام  2015، و2.8% عام 2013. والوزيرات هم: وزيرة البيئة “ياسمين فؤاد”، وزيرة التعاون الدولي “رانيا المشاط”، وزيرة الثقافة “نيفين الكيلاني”، وزيرة التضامن الاجتماعي “نيفين القباج”، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج “سها جندي”، ووزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية “هالة السعيد”.

ومن الملاحظ هنا أن النساء تقلدن وزارات أقرب إلى الأدوار التقليدية للنساء التى يفرضها المجتمع، عدا استثناءات محدودة تنحصر فى وزارات الاستثمار والتعاون الدولي والتخطيط، بينما كانت ولا تزال المناصب الوزارية السيادية حكرا على الرجال.

ب. الوظائف الإدارية العليا:

تطور وجود المرأة في وظائف الإدارة العليا، حيث زادت نسبة النساء كنواب للوزراء من 17% عام 2017 إلى نحو 22.2% عام 2022 بواقع سيدتين من أصل 9 نواب وهما: نائبة وزير الاتصالات لشئون التطوير المؤسسي “غادة لبيب”، ونائبة وزير السياحة والآثار لشئون السياحة “غادة شلبي”.. وبلغ عدد معاونات الوزراء 41.4% في عام 2019، بينما وصلت نسبة النساء فى منصب نائب محافظ إلى 30.4% فى عام 2019 .

بلغت نسبة تولي المرأة في المناصب القيادية داخل الوزارات وفقًا لتقرير متابعة أنشطة الوزارات 2019-2020 الصادر عن المجلس القومي للمرأة حوالي 34.4% في وزارة التنمية المحلية، و33% في هيئة البترول والشركات القابضة، وفي وزارة الكهرباء بلغت حوالي 43%، ونحو 40% في وزارة الصحة و43% في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

ويُذكر أنه في عام 2020، ارتفعت نسبة النساء بمجالس الإدارة بالبورصة إلى  10.1%، وبالقطاع المصرفي 14.8٪، وبقطاع الأعمال العام 6.1%، وبهيئة التنظيم المالي 11٪، وبلغت نسبة القيادات النسائية في المناصب التنفيذية 7.1 ٪ وهي أعلى من المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذى يقدر بـ 5.4٪، وبلغت نسبة النساء رئيسات تحرير المجلات 18%، ورئيسات تحرير الصحف القومية  18%، وأصبح نصيب المرأة من تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان فى عام 2021 نحو 44%.

ووصلت المرأة إلى مناصب لم تصل إليها من قبل حيث ولأول مرة تم تعيين مستشارة الأمن القومي لرئيس الجمهورية، وتم تعيين أول نائبة لرئيس البنك المركزي المصري، وتم تعيين المرأة ذات الإعاقة والمرأة الريفية في عضوية المجلس القومي للمرأة، وتم تعيين 17 سيدة بمناصب قيادية عليا بوزارة الأوقاف، وأول رئيسة للإدارة المركزية للشئون الفنية بوزارة الأوقاف.

وكانت وزيرة التخطيط “هالة السعيد” أكدت في 2019 أن نسبة النساء في المناصب القيادية في الجهاز الإداري تتراوح بين 27 و28%.

ج. الإدارة المحلية:

– وحدات الإدارة المحلية:

تعتبر نسبة تمثيل المرأة في وحدات الإدارة المحلية المختلفة ضعيفة جدا، فلا يوجد سوى عدد محدود يشغلن منصب نائبات محافظ ورؤساء الأحياء والعمد، وللمرة الأولى فى فبراير 2017  تم تعيين المهندسة “نادية عبده” فى منصب محافظ البحيرة، وذلك لاختبار التجربة وتعميمها، إلا أن حركة المحافظين التالية خلال عام 2018 شملت سيدة واحدة فقط، حيث تم تعيين الدكتورة “منال عوض” محافظًا لدمياط، وتم تعيين 5 سيدات في منصب نواب المحافظين، وفي آخر حركة للمحافظين عام 2019 تم تعيين 7 سيدات بمنصب نواب المحافظين من أصل 23 نائبًا وذلك بنسبة 30.4%

– المجالس المحلية:

لأول مرة في الدساتير المصرية نص دستور 2014 على تخصيص ربع المقاعد للنساء في المجالس المحلية، ولكن لم يتم إجراء أي انتخابات حتى الآن، وكانت آخرها فى عام 2008، حيث كانت نسبة تمثيل المرأة 7.4%، وفيما يلي جدول يوضح نسب تمثيل المرأة منذ 1983 وحتى 2008:

جدول رقم (1): نسبة تمثيل المرأة في المجالس المحلية:

المصدر: كتاب المشاركة السياسية للمرأة، مؤسسة فريدريش

د. السلك الدبلوماسي والقنصلي:

بلغت نسبة تمثيل المرأة في الكادر الدبلوماسي المصري عام 2021 نحو 30% من إجمالي عدد الدبلوماسيين، وهو ما يعكس حرص وزارة الخارجية واهتمامها بانضمام المرأة إلى العمل الدبلوماسي، كما تتقلد السيدات مناصب قيادية رفيعة بوزارة الخارجية، حيث تشغل سفيرتان منصب مساعد وزير الخارجية، كما تشغل العديد من الدبلوماسيات مناصب قيادية أخرى، من بينها على سبيل المثال شغل 18 منهن منصب نائب مساعد وزير الخارجية، كما تتولى ما يزيد على عشر سفيرات منصب رئيس بعثة دبلوماسية وقنصل عام بالخارج، وبذلك ترتفع النسبة بـ7.5% عن عام 2012 حيث كان تمثيل النساء في السلك الدبلوماسي والقنصلي يبلغ 22.5%. وعلى الرغم من ذلك لا تزال نسبة النساء ضعيفة مقارنة بالرجال فى شغل هذه الوظائف.

  1. المرأة في السلطة التشريعية:

أ. مجلس النواب:

حصدت المرأة فى انتخابات مجلس النواب عام 2020 نحو 162 مقعدا فى البرلمان (نظام التعيين 14 سيدة، 148 سيدة بنظام الانتخاب) من إجمالي 564 مقعد، بما يمثل قرابة 27% فى مجلس النواب وهى النسبة الأعلى للمرأة في تاريخ البرلمان المصري مما جعل مصر تحتل المركز الـ16 عالميًا، والأول عربيًا فى تمثيل المرأة فى مجلس النواب عام 2020.

شكل رقم (1) يوضح نسب تمثيل المرأة فى مجلس النواب وفق نظام الكوتا

المصدر: مركز دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء

ب. مجلس الشيوخ:

بلغت نسبة النساء في مجلس الشيوخ 14% بواقع 41 مقعدا من إجمالى 300 مقعد، وعُينت إمرأة لأول مرة في منصب وكيل مجلس الشيوخ. ويمكن توضيح أن نسبة تمثيل المرأة في آخر انتخابات لمجلس الشورى “مجلس الشيوخ حاليا” عام 2012، بلغت “2.7%”.   

وتجدر الإشارة هنا إلى أن آلية تخصيص المقاعد “الكوتا” أسهمت فى زيادة أعداد النساء فى البرلمان، إلا أن هذا الإجراء يظل منقوصا طالما لم يسهم فى دمج النساء فى العملية الانتخابية وتعزيز قدراتهن فى كسب ثقة جمهور الناخبين.

3- المرأة في السلطة القضائية:

أ- المحكمة الدستورية: تم تعيين قاضية – الدكتورة “فاطمة محمد أحمد الرزاز” عميدة حقوق حلوان – نائبة للمحكمة الدستورية العليا في عام 2020 وهي ثاني سيدة تُعين بالمحكمة منذ إنشائها في عام 1969 بعد المستشارة الراحلة تهانى الجبالي التى عُينت فى 2003 .

 ب- القضاء العالى: بلغ عدد القاضيات نحو 66 قاضية مقسمين إلى 6 بدرجة رئيس استئناف، و16 نائب رئيس استئناف، و32 رئيس محكمة ، و13 بدرجة قاضى، وذلك بعدما تم تعيين 31 قاضية فى عام 2007، ثم تعيين مجموعة أخرى فى عام 2008، ثم مجموعة ثالثة فى عام 2015 تضم 26 إمرأة عينت كقاضيات محاكم الدرجة الأولى. وحتى الآن يعتبر هذا عدد قليل حيث يوجد ما يزيد عن 16 ألف قاضي.

ج- هيئة قضايا الدولة: بلغت نسبة القاضيات بهيئة قضايا الدولة نحو 20% خلال عام 2021. وتم تعيين 6 سيدات من المستشارات نائبات لرئيس هيئة قضايا الدولة فى 2017، وتعيين امرأتين في المناصب القيادية الأولي الأمين العام مساعد لشئون المرأة والعلاقات الإنسانية كأول مستشارة تتولى هذا المنصب في تاريخ قضايا الدولة والأمين العام مساعد لشئون الموظفين .

د- النيابة الإدارية: تصل نسبة أعضائها من النساء 43%، بواقع 1988 قاضية من إجمالي 4635 عضو، ويوجد 30 مديرات نيابه في سابقة هي الأولي من نوعها حتى أغسطس 2021.، فضلا عن شغل خمس سيدات منصب رئيسة هيئة النيابة الإدارية.  كما باشرت 23 عضوة من عضوات النيابة سلطة الإدعاء أمام المحاكم التأديبية المختلفة حتى مارس 2021، وذلك فى سابقة هي الأولى من نوعها لتقلد المرأة هذا المنصب فى تاريخ عمل النيابة.  

هـ. مجلس الدولة: تم تعيين 98 قاضية بمجلس الدولة فى أكتوبر 2021، وذلك بالنقل من هيئتي النيابة الإدارية وقضايا الدولة. كما أصدر الرئيس “السيسي” في يونيو 2022، قرار رقم 247 لسنة 2022 بتعيين 39 من عضوات هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية بوظيفة مستشار مساعد من الفئة “ب” بمجلس الدولة، ليصبح عدد المعينات بمجلس الدولة 137 قاضية بمجلس الدولة.

وجلست القاضية “رضوى حلمي أحمد علي”، على منصة مجلس الدولة للمرة الأولى للسيدات في مارس 2022، ولأول مرة فى تاريخ مصر يتم فتح الباب للإناث للتقدم لوظيفة مندوب مساعد فى مجلس الدولة عام 2022.

وتجدر الإشارة إلى أن مجلس الدولة لم يشهد منذ إنشائه عام 1946 إعتلاء قاضيات على منصات محاكمه، إذ ارتبط ذلك باتجاه المجلس لرفض تعيين الإناث كقاضيات.

و – النيابة العامة: تم تعيين 11 قاضية بالنيابة العامة وذلك للمرة الأولى بعد موافقة المجلس الأعلى للقضاء بناء على طلب قدمه النائب العام المستشار حمادة الصاوي، لنقل 11 قاضية للعمل بالنيابة العامة بدرجاتهن المقابلة بالقضاء للعمل بالنيابة العامة للعام القضائي 2021/ 2022، ولأول مرة أيضا يتم فتح الباب للإناث للتقدم  لوظيفة معاون نيابة عامة وذلك فى عام 2022.

وعلى الرغم من التقدم الملموس على صعيد تمكين المرأة فى السلك القضائي، إلا أنه من المُلاحظ مما سبق اتساع الفجوة النوعية داخل الهيئات القضائية لصالح الرجال، واختلاف نسبة تمثيل النساء داخل كل هيئة عن الأخرى.

4- المرأة فى الأحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني

لاتزال مشاركة المرأة فى الأحزاب السياسية ضعيفة جدا لا تتخطى 5%، لاسيما وأن معظم الأحزاب لا تنص لوائحها على تخصيص نسبة معينة للنساء. كما أن المرأة لم تتول منصب رئيس حزب سياسي أو متحدث رسمي له أو أمين عام، فيحتل الرجال مثل هذه المناصب وينحصر دور المرأة فى لجان المرأة والأعمال الاجتماعية والخدمية وتنظيم الفعاليات والندوات. 

وعلى مستوى النقابات المهنية البالغ عددها نحو 25 نقابة، نجد أن لوائحها لا تراعى البعد النوعي ولا يتم تمثيل المرأة بها بشكل عادل، فنجد على سبيل المثال إمرأة واحدة عضوة فى مجلس نقابة المحاميين من إجمالى 18 عضوا، فضلا عن أن أغلب النقابات لا توجد بها لجان للمرأة. كما لا تشغل المرأة منصب نقيب عدا نقابة التمريض ونقابة الفنانيين التشكيليين.

وفيما يتعلق بالمنظمات الأهلية، تتضح الفجوة بين تمثيل الرجال والنساء فى مواقع صنع القرار بها لصالح الرجال وذلك على الرغم من مشاركة النساء فى العمل الميداني والإداري إلا أنه يتم استبعادهم من المناصب القيادية، خاصة فى المجتمعات الريفية التى لا تزال تسيطر عليها الثقافة الذكورية.

وبشكل عام، ونتيجة الخطوات الجادة التى اتخذتها الدولة المصرية فى مسار تمكين المرأة على الصعيد السياسي، أحرزت مصر تقدما بنحو 48 مركزًا بمؤشر التمكين السياسي للمرأة في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لتصل لأفضل مستوى له منذ 10 سنوات، إذ شغلت المركز 78 عام 2021 مقارنة بالمركز 126 عام 2011، كما تقدمت 70 مركزًا بمؤشر تمثيل المرأة في البرلمان، إذ شغلت المركز 66 عام 2021 مقارنة بالمركز 136 عام 2020.    

رابعا :جهود الدولة المصرية لدعم التمكين السياسي للمرأة

1- الآليات الدستورية والتشريعية:

أ- المرأة فى النصوص الدستورية:

قدم دستور 2014 فرصا حقيقية للقضاء على التمييز ضد النساء وتحفيز مشاركتهن سياسيا، وذلك بشكل لم تشهده الدساتير المصرية السابقة، وذلك على النحو التالي:

  • نصت المادة 11 على أن “تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقًا لاحكام الدستور، وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلًا مناسبًا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الادارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها، وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، كما تكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل ، وتلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا.”
  • نصت المادة 53 على أن “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي”.
  • أقرت المادة 93 من الدستور على أن “تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقا للأوضاع المقررة”. وهو ما يعنى التأكيد على مكافحة أشكال التمييز ضد النساء.
  • ثم جاءت المادة 180 لتكون المكسب الأعظم للمرأة فى دستور 2014 حيث نصت بشكل واضح على نسبة محددة لها وهى ربع المقاعد فى تشكيل المجالس الشعبية المحلية.
  • وبعد إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة في إبريل 2019 تم تخصيص ربع مقاعد مجلس النواب للمرأة مثلما ورد بالمادة 102 المعدلة.

خلاصة القول، تتوافر فى مصر بنية دستورية بها العديد من النصوص التى تقر بحقوق ومكتسبات للمرأة، والتى تفضى جميعها إلى ضرورة تفعيل مشاركة المرأة السياسية فى البرلمان والسلطة التنفيذية. 

ب- القوانين الداعمة لتمكين المرأة سياسيا:

منـذ عام 2014 ،شهدت الدولة زخمًا قانونيا فيما يتعلق بالقوانين والقرارات المتعلقة بالمرأة، وجاء أبرزها ما يلي:

  • قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 والذي اشترط عدداً من المقاعد للسيدات في نظام القوائم (لا يقل عن 25% من إجمالى عدد المقاعد).
  • قانون رقم 45 لسنة 2014 بإصدار قانون تنظيم المشاركة السياسية.
  • قانون رقم 141 لسنة 2020 من قانون مجلس الشيوخ ينص على تخصيص ليس اقل من 10 %من المقاعد للمرأة، من إجمالي عدد المقاعد.

2- القرارات الداعمة لتمكين المرأة سياسيا:

صدرت قوانين خاصة بتمكين المرآة في وظائف الإدارة العليا، وهي كالتالي:

 عدل البنك المركزي قواعد الحوكمة لتشكيل مجالس إدارة البنوك والنص على وجود سيدتين على الأقل في مجالس إدارة البنوك عام 2021.

– كما صدر  قرار الهيئة العامة للرقابة المالية رقم (48/2022) القاضي بضرورة تمثيل ما لا يقل عن 25٪ أو امرأتين في مجالس إدارات الشركات والكيانات المالية غير المصرفية.

3- الاستراتيجيات والبرامج الداعمة:

أ- الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030:

تأتي الاستراتيجية لتترجم على أرض الواقع دستور 2014، وتتسق مع رؤية مصر 2030 واستراتيجيتها للتنمية المستدامة، وتتكامل مع محاور عملها التي تسعى إلى بناء مجتمع عادل يتميز بالمساواة في الحقوق والفرص، ويحقق أعلى درجات التماسك والتكاتف والإندماج.  

وترتكز رؤية استراتيجية تمكين المرأة 2030 على أنه بحلول عام 2030 تصبح المرأة المصرية فاعلة رئيسية في تحقيق التنمية المستدامة، ويتطلب تحقيق هذه الرؤية العمل من خلال أربعة محاور وهى “التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة، التمكين الاقتصادي، التمكين الاجتماعي، والحماية“.  

وفيما يتعلق بمحور التمكين السياسي، يتمثل الهدف العام فى تحفيز المشاركة السياسية للمرأة بكافة أشكالها، بما في ذلك التمثيل النيابي على المستويين الوطني والمحلي، ومنع التمييز ضد المرأة في تقلد المناصب القيادية في المؤسسات التنفيذية والقضائية، وتهيئة النساء للنجاح في المناصب.

وحددت الاستراتيجية عددا من المؤشرات لقياس الأثر لمحور التمكين السياسى، من بينها نسبة الإناث من إجمالى المشاركين فى الانتخابات وكان 44% في 2014 وتستهدف الاستراتيجية الوصول لـ50% فى 2030، وكانت نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان عام 2016، 15% والمستهدف فى 2030 الوصول لـ35%، ونسبة تمثيل الإناث فى المجالس المحلية عام 2014 كانت 25% وتستهدف الاستراتيجية فى 2030 الوصول لـ35%، وكانت نسبة الإناث فى الهيئات القضائية  0.5% عام 2015 والمستهدف فى 2030 الوصول لـ25%، وكانت نسبة الإناث فى المناصب العامة 5% عام 2015 والمستهدف 17% فى 2030، وكانت نسبة الإناث فى وظائف الإدارة العليا 19% عام 2015 والمستهدف فى 2030 الوصول لـ27%.

وحددت الاستراتيجية عددا من التدخلات للوصول لهذه النسب، وذلك كالتالي:

  • تعزيز دور المرأة كناخبة: وذلك من خلال استكمال إصدار بطاقات الرقم القومي لكافة النساء في كل المحافظات.
  • زيادة تمثيل المرأة في المجالس النيابية المنتخبة وتعزيز أدائها: وذلك بتحديد القيادات من النساء لتدريبهن على الاضطلاع بمهام التمثيل البرلماني، ووضع برامج لمساندة المرشحات لمجلس النواب بصورة تساعدهن على كسب ثقة الناخبين، ومساندة النائبات في ممارسة عملهن البرلماني من خلال تزويدهن بالمعارف والمعلومات والخبرات التي تجعل مشاركتهن في التشريع والمراقبة أكثر فاعلية، وذلك لكسب ثقة الناخبين في النائبات وفتح مجال أكبر لتمثيل المرأة في الدورات القادمة لمجلس النواب.
  • زيادة فرص تولي المرأة لمناصب قيادية في الهيئات القضائية: وذلك عن طريق تشجيع وتعزيز فرص المرأة في تولي المناصب القيادية في كافة الهيئات القضائية؛ ووضع معايير لاختيار المرشحين لتولي المناصب القضائية تتجنب التمييز ضد المرأة وتضع الأولوية للكفاءة، وتدريب القاضيات بصورة مكثفة لمساندتهن في تولي المناصب القضائية العليا.
  • زيادة تقلد المرأة للمناصب القيادية في الأجهزة التنفيذية للدولة: وذلك من خلال وضع برامج متكاملة للقيادات النسائية الشابة لإعدادها لتولي المناصب وتدريبها على القيام بمهامها، وتطوير نظم العمل لضمان تمثيل ومشاركة النساء بشكلٍ عام، والعاملات في الأجهزة التنفيذية للدولة على وجه الخصوص، في عمليات التخطيط ووضع السياسات والموازنات على المستويات الوطنية والمحلية والقطاعية؛ واستكمال وحدات تكافؤ الفرص في الوزارات والهيئات العامة وقطاع الأعمال والمحليات، ودعوة الهيئات القضائية والقطاع الخاص لإنشاء مثل هذه الوحدات.
  •  مواجهة الثقافة المجتمعية الحاكمة والأفكار المناهضة لتولي المرأة المناصب القيادية: وذلك عن طريق وضع مناهج تعليمية تكرس مفهوم المواطنة وعدم التمييز وتشجع على المشاركة السياسية للمرأة، وإنتاج برامج تليفزيونية وأغاني وكتب أطفال ومسرحيات وتوظيف أدوات التواصل الاجتماعي لتدعيم مفاهيم المساواة بين الجنسين وغرس ثقافة عدم التمييز ضد المرأة.

ب- الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (2021-2026): تم إطلاقها عام 2021 وتحتوى على أربعة محاور وبها قسم خاص بـ”حقوق المرأة”.

ج– برنامج “القيادة النسائية التنفيذية” لبناء قدرات موظفات الحكومة.

د- برنامج “سيدات يقدن المستقبل” وهو برنامج توجيهي للشابات لتنمية مهاراتهن القيادية والإدارية وبناء قدراتهن.

4- الإجراءات الداعمة لتمكين المرأة سياسيا

أ-التوسع فى أعداد مدارس التعليم المجتمعي على مستوى الجمهورية، والتى شكلت الفتيات النسبة الأكبر فى الالتحاق بها بواقع 67.31%.

ب- إنشاء وحدات تكافؤ الفرص على مستوى المؤسسات الحكومية وبعض مؤسسات القطاع الخاص والتي تهدف إلى ضمان بيئة عمل آمنة تمنع التمييز، النهوض بأوضاع المرأة المصرية في كافة المجالات.

ج- إنشاء وحدات لمناهضة العنف ضد المرأة في العديد من الجامعات المصرية لتقوم بتوفير بيئة دراسية وبيئة عمل خالية من كافة صور العنف والتحرش والتمييز ضد المرأة.

د-  تطور أرصدة التمويل متناهى الصغر الموجهة للمرأة، وقد أسهم قطاع التمويل متناهي الصغر في دعم المرأة بشكلٍ ملحوظ، حيث استحوذت الإناث على نسبة 62% من عدد المستفيدين.

خامسا: التحديات التى تواجه تمكين المرأة سياسيا

هناك مجموعة من الأسباب التى تقف وراء انخفاض مستوى المشاركة السياسية للمرأة وأبرزها ما يلي:

  • العادات والتقاليد: حيث يغلب على المجتمع النظام الأبوي الذى يقوم على سيطرة الرجال ودورهم الرئيسي وعلى احتكارهم لعملية صنع القرار، مما يُكرس لعلاقات هرمية تُبنى على أساس الجنس.
  • الثقافة الذكورية: حيث لا تزال المرأة المصرية أسيرة ثقافة جامدة تحدد أدوارا للرجل والمرأة وتعمق صور التمييز بينهما، فالمرأة يقتصر عملها على إدارة شئون المنزل وتربية الأولاد، بينما إدارة الشئون العامة حق أصيل للرجل لا يجب المساس به، وأى خروج عن هذه الثقافة يعد ضربا من ضروب الانحراف، فلا يزال المجتمع المصري يفرز أنماطا من الخطاب المعادي لفكرة مشاركة المرأة، وهذا الخطاب له أنصارا فى كل مكان.
  • الدور النمطي للمرأة: حيث يقتصر دورها على الأعمال المنزلية والوظائف التقليدية النسائية بينما يتولى الرجال القيام بكل الوظائف الاجتماعية والسياسية دون استثناء. فعلى سبيل المثال لا حصر نجد دور المرأة فى المناهج الدراسية ينحصر فى الزوجة المطيعة والأم المضحية، ونجد وسائل الإعلام تعكس هذه الصورة النمطية للتأثير على الرأى العام وتوجيهه.
  • الخطاب الديني: يتأثر الوعي الجمعي للمصريين فيما يتعلق بقضايا المرأة والمشاركة السياسية لها، ببعض التفسيرات والآراء الفقهية التى تناهض عمل المرأة وتختلف ما بين رفض مطلق ورفض جزئي، مما يسهم فى الانتقاص من دورها فى الحياة العامة والحياة السياسية بشكل خاص.
  • ارتفاع نسبة الأمية بين النساء: إن عدم امتلاك المرأة لناصية التعليم يجعل فرصتها للمشاركة فى الحياة السياسية أمر بالغ الصعوبة، بل ومستحيل، حيث إن التعليم يعد أحد أهم المرتكزات الأساسية فى تمكين المرأة وامتلاكها القوة والقابلية للتأثير. على سبيل المثال تزيد نسبة الفتيات المتسربات من التعليم بسبب التمييز ضد البنات خاصة فى الصعيد، حيث تفضل الأسر تعليم الأولاد ولا تهتم بتعليم البنات وتقوم بتزويجهن مبكرا. فتعليم المرأة يؤثر في زيادة مشاركتها السياسية حيث إنه كلما زاد تعليم المرأة زادت فرصتها في المشاركة السياسية، وتقلد مناصب سياسية عليا.
  • ضعف دور منظمات المجتمع المدني فى تمكين المرأة سياسيا: مازال المجتمع المدني بعيدا كما وكيفا عن القيام بدعم الدور السياسي للمرأة، والتوعية المجتمعية بفاعلية دورها فى تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع.

 سادسا: توصيات لتفعيل مشاركة المرأة فى العمل السياسي

تبذل الدولة جهودًا حثيثة لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة سياسيًا، ولكن لاتزال عملية التمكين السياسي للمرأة تحتاج لاتخاذ مزيد من الإجراءات والقرارات للتغلب على أى معوقات فى هذا الشأن وإحداث تغيير حقيقي فى السياقات المجتمعية المختلفة التى تغذى التمييز على أساس النوع، وذلك على النحو التالي:

1- العمل على مراجعة وتعديل القوانين التى تتعلق بحقوق المرأة خاصة قوانين الأحوال الشخصية، والقوانين المتعلقة بزيادة نسبة تمثيلها فى مؤسسات الدولة وتعزيز مساهمتها فى تقلد المناصب القيادية فى مجتمعاتها، لاسيما وأن التشريع السليم هو أداة مهمة من أدوات إحداث التغيير فى وضع المرأة وتحقيق التطوير المستهدف.

2- ضرورة التنسيق بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام لتبنى حملة موسعة للتوعية بنجاحات المرأة فى العديد من المجالات، وتعزيز ثقة المجتمع في إمكانيات وكفاءة المرأة المصرية وقدرتها على تولي المناصب المختلفة والمشاركة الفاعلة فى الشأن العام.

3- وضع خطة واضحة من قبل وسائل الإعلام كافة سواء المقروءة أو المكتوبة أو المسموعة للعمل على تعديل الصورة النمطية للمرأة، وإظهار حقيقة قدراتها التى تؤهلها للمشاركة فى الحياة العامة والسياسية على وجه الخصوص.

4- زيادة الدعم المالي المخصص لعملية تأهيل وبناء قدرات الكوادر النسائية فى جميع المجالات وتدريبهن على مهارات القيادة والإدارة وصنع القرار والتخطيط والاتصال والقدرة على التأثير، ورفع كفاءتهن من خلال التعليم وبرامج محو الأمية ولاسيما فى المناطق الريفية.

5-  تمكين المرأة فى المجال الاقتصادي وزيادة مساهمتها فى عملية الإنتاج ضرورة لتمكينها للمشاركة السياسية واحتلالها مكانة بارزة فى صنع القرار السياسي، لاسيما وأن الفقر وعدم الأمان الاقتصادي من أهم العوائق أمام المشاركة السياسية للمرأة، فالمرأة المنخرطة فى النشاط الاقتصادي أكثر قدرة على المشاركة فى اتخاذ القرار.

6- تربية النشء منذ الصغر على المشاركة الإيجابية ونبذ المفاهيم الذكورية المعادية لمشاركة المرأة فى العمل العام، وذلك من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية بدءا من الأسرة والمدارس والجامعات ودور العبادة وحتى وسائل الإعلام.

7- المزيد من العمل فيما يخص الخطاب الديني حيث يأخذ العديد من الناس بالآراء النابعة من القراءة الخاطئة للنصوص الدينية، والتي تمنع وجود المرأة في مواضع أخذ القرار ، لذلك يجب العمل على التهيئة الدينية المعتدلة، وتوضيح الحقائق بالأدلة والبراهين، والتأكيد على أن الدين فى جوهره لا يمكن أن يكون ضد المساواة بين الرجل والمرأة، ولا يمكن أن يُشكل عقبة أمام تمكين المرأة.

8- ضرورة قيام الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الأهلية  بوضع سياسات وآليات تضمن التمثيل العادل للمرأة والدفع بها فى اتجاه تولى المناصب القيادية بداخلها، وإعدادها وتأهيلها لخوض الانتخابات التشريعية.

9-ضرورة توافر الإحصاءات الدقيقة والمعلومات اللازمة عن حجم المشاركة السياسية للمرأة والعمل على تطوير مؤشرات تقيس مدى التقدم فى تمكين المرأة على المستوى الشخصي والمجتمعي والمؤسسي.

10-إجراء مزيد من الدراسات وأوراق السياسات من قبل مراكز البحوث لتقديمها لصانعي القرار على أن يتم فيها الإشارة إلى أهم تجارب الدول  الرائدة على مستوى التمكين السياسي للمرأة، إلى جانب إجراء مزيد من الحوارات مع بيوت الخبرة فى هذا الشأن.

المصادر:

1-هويدا عدلي وآخرون، المشاركة السياسية للمرأة، مؤسسة فريدريش إيبرت، 2017.

2- صابر بلول، التمكين السياسي للمرأة العربية بين القرارات والتوجهات الدولية والواقع، كلية العلوم السياسية، جامعة دمشق، 2009.

3- نيبال عز الدين وآخرون، التمكين السياسي للمرأة المصرية فى ضوء تقلدها للمناصب الحكومية العليا من 2005 حتى 2020، مجلة السياسة والاقتصاد، كلية السياسة والاقتصاد، جامعة السويس، يناير 2020.

4- 7 سنوات من الإنجازات، التنمية البشرية، قطاع تمكين المرأة، مركز دعم واتخاذ القرار، مجلس الوزراء، يناير 2022

5- سمير سعيفان، التمكين الاقتصادي أساس تمكين المرأة، جيرون، نوفمبر 2016، متاح من خلال الرابط https://www.geiroon.net/2016/11/30/التمكين-الاقتصادي-أساس-تمكين-المرأة/

6- الهيئة العامة للاستعلامات، التشريعات والقوانين الداعمة لدور المرأة في المجتمع.

7- الهيئة العامة للاستعلامات، استراتيجية تمكين المرأة 2030.

8- الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، كتاب وضع المرأة والرجل في مصر 2015.

9- المجلس القومي لحقوق المرأة، الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030.

 

The post التمكين السياسي للمرأة المصرية ..قراءة فى المؤشرات والتحديات appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6570
العدالة الاجتماعية بين واقع التحديات وحتمية المواجهة https://draya-eg.org/2023/03/09/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ac%d8%aa%d9%85%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%82%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%ad%d8%aa%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87%d8%a9/ Thu, 09 Mar 2023 23:09:02 +0000 https://draya-eg.org/?p=6518 تحتفل دول العالم فى شهر فبراير من كل عام باليوم العالمى للعدالة الاجتماعية والذى جاء هذا العام تحت شعار ” التغلب على العوائق وإطلاق العنان لفرص العدالة الاجتماعية ” ، وذلك بهدف تعزيز الحوار مع الدول الأعضاء فى منظمة الأمم المتحدة وإتاحة مزيد من التشاور مع مؤسسات المجتمع المدنى والشباب والحكومات وكيانات الأمم المتحدة لدعم …

The post العدالة الاجتماعية بين واقع التحديات وحتمية المواجهة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تحتفل دول العالم فى شهر فبراير من كل عام باليوم العالمى للعدالة الاجتماعية والذى جاء هذا العام تحت شعار ” التغلب على العوائق وإطلاق العنان لفرص العدالة الاجتماعية ” ، وذلك بهدف تعزيز الحوار مع الدول الأعضاء فى منظمة الأمم المتحدة وإتاحة مزيد من التشاور مع مؤسسات المجتمع المدنى والشباب والحكومات وكيانات الأمم المتحدة لدعم العقد الاجتماعى، وبناء تحالف من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية فى المجتمعات المختلفة للحيلولة دون وقوع الفوضى وزيادة التفاوت بين طبقات المجتمع، وتوفير وظائف لائقة خاصة فى مجالات الاقتصاد الرقمى والاقتصاد الأخضر والاقتصاد القائم على خدمات الرعاية بشكل عام.

وفى ظل حالة من عدم اليقين التى تكتنف الاقتصاد العالمي، وما نتج عنها من فجوات اجتماعية واقتصادية آخذة فى الاتساع جراء الآثار الهائلة التى خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية والتى لا يعلم أحد متى ستنتهي، وما سبقها من تداعيات أزمة جائحة كورونا، تزداد أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حياة كريمة لكافة المواطنين على حد سواء لا سيما وأن معدلات الفقر والبطالة شهدت ارتفاعا كبيرا، الأمر الذى أوجب ضرورة تكاتف الشعوب والحكومات ومؤسسات المجتمع المدنى لتوفير آليات الحماية من مخاطر الحياة، ومساندة شرائح المجتمع المهمشة وتحقيق الحماية للفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجا.

وإيمانا بأهمية بناء مجتمع عادل متكاتف وقادر على كفالة حق المواطنين فى حياة كريمة، يُصدر المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية ” دراية ” ورقة سياسات تتناول العدالة الاجتماعية من خلال المحاور التالية:

أولا :مفهوم العدالة الاجتماعية وأهميتها

ثانيا : العدالة الاجتماعية فى الدستور المصري  

ثالثا : جهود الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية  

رابعا : تحديات تحقيق العدالة الاجتماعية

خامسا: مسارات مقترحة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية

أولا : مفهوم العدالة الاجتماعية وأهميتها

تُعد العدالة مطلبا أساسيا للإنسان فى كل زمان ومكان، كما تعتبر الفضيلة الأولى للإنسان وللمجتمعات التى يعيش فيها ..فإذا تحققت العدالة تزدهر الفضائل الأخرى كالسعادة والمساواة والرضا وحب الخير والسلام.

وتجدر الإشارة إلى أن بداية استخدام مصطلح ” العدالة الاجتماعية ” يعود إلى  الثورة الفرنسية ، حيث أكدت باريس على حقوق الأشخاص فى التمتع بهذه العدالة وضرورة تقسيم الثروة مع التخلص من الحكم الإقطاعى ، ثم استمر هذا التعبير مع وضع عدد من التعريفات له اختلفت باختلاف الحقب الزمنية خلال الثورة الصناعية فى أوروبا فى القرن الثامن عشر مع معاناة طبقة العمال من قسوة النظام الرأسمالى.

ومع تطور المجتمعات البشرية، تبلور مفهوم العدالة الاجتماعية، وجاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذى اُعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10 ديسمبر 1948 حيث أرسى المبادىء الإنسانية للعدالة الاجتماعية فى مادته الأولى والثانية، وقامت منظمة العمل الدولية بصياغة دستورها الذى وضعت فى مقدمته أنه ” لا يمكن تحقيق السلام إلا إذا كان قائما على العدالة الاجتماعية “، ثم ظهر هذا المصطلح بعد ذلك فى العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عن الأمم المتحدة فى ديسمبر  1966 ودخل حيز التنفيذ فى عام 1976، لتصبح فكرة العدالة الاجتماعية هى الفكرة التى يتبناها أى مجتمع يسعى لتحقيق التقدم والتنمية وتوفير حياة كريمة لأفراده يسودها الأمن والسلام.

ويؤكد عدد من علماء الاجتماع على أن مفهوم العدالة الاجتماعية يعنى إيجاد منظومة فكرية، ومنهج أخلاقي، وأحكام تشريعية، تضمن لجميع الأشخاص المساواة التامة أمام القانون والحصول على  جميع الحقوق، فيما يرى علماء آخرون أن العدالة الاجتماعية هى استحقاق أساسى للإنسان نابع من كونه له الحق في التمتع بمجموعة من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية باعتبارها حقوقا أساسية من حقوق الإنسان وجزءا لا يتجزأ منها.

كما يرى خبراء الاجتماع أن العدالة الاجتماعية ليس المقصود بها تلطيف آثار الفقر أو الحرمان، بل يقصد بها المواجهة الشاملة للفقر والحرمان بتهيئة الظروف للأفراد كي يغيروا من حياتهم للأفضل بتوفير كافة الخدمات من تعليم وصحة وسكن وغيرها من الخدمات.

وفى هذا الإطار يؤكد خبراء الاجتماع أن العدالة الاجتماعية هى رؤية للحياة تتأسس على مبادىء عامة أهمها: مبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو العرق، ومبدأ إتاحة الفرص والحريات للجميع على قدم المساواة فالعدالة الاجتماعية هي العمود الفقرى للمجتمع المستقر.

ولهذا، يمكن القول بأن العدالة الاجتماعية نظام يهدف إلى إزالة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع، وضمان تعاون الأفراد فى مجتمع متحد يحصل فيه كل فرد على فرص متساوية وفعلية.  

ومن هذا المنطلق أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نوفمبر 2007 أنه اعتبارا من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة، تقرر إعلان الاحتفال سنويا بيوم 20 فبراير بوصفه اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، مؤكدة أن العدالة الاجتماعية تُسهم في تحسين أداء المجتمعات والاقتصادات وتحد من الفقر وأوجه غياب المساواة وتخفف التوترات الاجتماعية كما تضطلع بدور هام في رسم مسارات أكثر شمولا واستدامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وهى قيم أساسية لتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030.

ثانيا :العدالة الاجتماعية فى الدستور المصري

تناولت الدساتير المصرية المتعاقبة موضوع العدالة الاجتماعية ونصت عليها بطريقة أو بأخرى ابتداء من دستور 1923 وحتى دستور 2014، إلا أن الأخير جاءت نصوصه لتُسلط الضوء على مفهوم العدالة الاجتماعية بشكل غير مسبوق، وتفرض الإلزام الصريح على الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، وحقهم فى التعليم والصحة والمساواة فى الحقوق والواجبات وذلك على النحو التالي:

-تنص المادة 8 من الدستور على أنه “يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي ،وتلتزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، علي النحو الذي ينظمه القانون”.

-تنص المادة 9 على أنه ” تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز”، والمادة 11 على أنه ” تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا”.

ينص الدستور فى المادة 13 على أنه “تلتزم الدولة بالحفاظ علي حقوق العمال”. وفى المادة 17 على أنه ” تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى، ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة، وتعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين، والعمال الزراعيين والصيادين، والعمالة غير المنتظمة”.

– فيما يتعلق بتوفير الرعاية الصحية ، ينص الدستور فى المادة 18 على أنه ” لكل مواطن الحق فى الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل” .

كذلك حرص الدستور على ضمان حق كل المصريين فى التعليم فينص فى المادة 19 على أن “التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية”.

– كما نص الدستور فى المادة 29 على أن ” تلتزم الدولة بتنمية الريف ورفع مستوى معيشة سكانه وحمايتهم من المخاطر البيئية، وتعمل على تنمية الإنتاج الزراعي والحيواني، وتشجيع الصناعات التي تقوم عليهما”.

-وينص الدستور فى المادة 30 على أن ” تلتزم الدولة بحماية الثروة السمكية وحماية ودعم الصيادين، وتمكينهم من مزاولة أعمالهم دون إلحاق الضرر بالنظم البيئية”.

-كما قرر الدستور فيما يتعلق بحق السكن فى المادة 78 أن “تكفل الدولة للمواطنين الحق فى المسكن الملائم والأمن الصحي، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية، كما تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات تشمل إعادة التخطيط وتوفير البنية الأساسية والمرافق، وتحسين نوعية الحياة والصحة العامة”.

ثالثا: جهود الدولة فى تحقيق العدالة الاجتماعية

شرعت الجمهورية الجديدة فى بناء نظام اجتماعى قوى يقوم على المساواة وعدم التمييز والتوزيع العادل للثروة والقضاء على الفقر وضمان سيادة القانون فضلا عن تعزيز الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لكل المصريين .

بدأت الدولة المصرية إجراءات تحقيق العدالة الاجتماعية بإطار تشريعى ودستورى غير مسبوق فى تاريخها كما سبق وذكرنا. وأسهم فى تحقيق هذه الغايات وعى القيادة السياسية التى دعمت هذه الإجراءات والاتجاهات وتحملت مسئولياتها بكل شجاعة تجاه الشعب المصرى والعمل على تحقيق تطلعاته.

وفيما يلي أبرز الإجراءات التى اتخذتها الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية وذلك استنادا على ما أعلنته أجهزة الدولة عبر مواقعها الإلكترونية، وما ذكره التقرير الصادر عن المركز الإعلامى التابع لرئاسة الوزراء بعنوان ” أين كنا وكيف أصبحنا “. وجاءت على النحو التالي:  

1- الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية :

نجحت الدولة المصرية فى أن تحقق مركزا متقدما وأن تكون ضمن أكثر الدول إنفاقا على برامج الحماية الاجتماعية كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى والأولى عربيا وإفريقيا، وهى فى ذلك تقع فى نفس المرتبة مع الدول الكبرى كروسيا والولايات المتحدة الأمريكية واستراليا والبرازيل والأرجنتين ومتقدمة على دول كبرى أخرى فى مجال الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية كالصين وكندا والسعودية.

  • حزمة القرارات الرئاسية الجديدة للحماية الاجتماعية:

أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي السبت 2 مارس حزمة من قرارات الحماية الاجتماعية الجديدة، ليصبح إجمالى الحزم الاجتماعية خلال عام نحو 3 حزم، وذلك بهدف التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية  على كاهل المواطنين من محدودى الدخل. ومن المقرر أن يستفيد من الحزمة الثالثة قرابة 37 مليون مواطن بدءا من أول إبريل 2023 على النحو التالي:

  • 4.6 مليون مواطن من العاملين فى الجهاز الإداري للدولة
  • 10 مليون مواطن من أصحاب المعاشات.
  • 5.1 مليون أسرة مستفيدة من برنامج “تكافل وكرامة، أى قرابة 22.7 مليون مواطن.

وجاءت القرارات كالتالي:

  • زيادة الحد الأدنى للأجور للدرجة السادسة وما يعادلها لتكون بقيمة 3500 جنيه شهرياً.
  • زيادة الحد الأدنى للأجور بالنسبة للدرجة الثالثة النوعية وما يعادلها لتكون بقيمة 5000 جنيه شهرياً.
  • زيادة الحد الأدنى للأجور بالنسبة لحاملي درجة الماجستير من العاملين بالدولة لتكون بقيمة 6000 جنيه شهرياً.
  • زيادة الحد الأدنى للأجور بالنسبة لحاملي درجة الدكتوراة من العاملين بالدولة لتكون بقيمة 7000 جنيه شهرياً.
  • زيادة المعاشات بنسبة 15%.
  • رفع حد الإعفاء الضريبي على الدخل السنوي من 24 ألف جنيه ليكون بقيمة 30 ألف جنيه سنوياً.
  • زيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من برامج تكافل وكرامة بنسبة 25% شهرياً.
  • بنود الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية:
  • بلغ إجمالي الإنفاق على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية حوالى 343.4 مليار جنيه عام 2021/2022 مقابل 228.6 مليار جنيه عام 2013/2014 بنسبة زيادة بلغت 50.2% .
  • وفى موازنة العام المالى 2022/2023 تم توفير مخصصات ماليـة كافيـة ومناسـبة لدعم السلع التموينية لضـمان تـوافر كـل مـن رغيـف العـيش والسـلع التموينيـة الأساسية لنحو 71 مليون مواطن بتكلفة مقدارها 90 مليار جنيه.
  • زيادة 4 أضعاف في قيمة الدعم النقدي بعد تنفيذ برنامج تكافل وكرامة، والتي بلغت 20مليار جنيه عام 2021/2022، مقارنة بـ 5 مليارات جنيه عام 2013/2014. وتم تخصيص 22 مليار جنيه بموازنة العام 2022/2023 لضم 450 ألف أسرة جديدة لمنظومة تكافل وكرامة.
  • تضاعفت المخصصات المالية للهئية القومية للتأمين الاجتماعى لـ 6 أضعاف حيث بلغ فى ميزانية 2021/2022 حوالى 180 مليار جنيه، بعدما كان 29.2 مليار جنيه فى ميزانية 2013/2014.
  • ارتفع المخصص للفرد على البطاقات التموينية من 15 جنيها عام 2014 إلى 50 جنيها عام 2022 ، كما تم صرف دعم استثنائى اعتبارا من سبتمبر 2022 حتى يونيو 2023 باضافة 100 جنيه للبطاقة التى تضم أسرة واحدة و200 للبطاقة التى تشمل أسرتين أو ثلاث أسر و300 جنيه لأكثر من 3 أسر.
  • زيادة المخصص لدعم إسكان محدودى الدخل لأكثر من 67 ضعفا حيث بلغت 5.4 مليار جنيه (بيان مقدر) عام 2021/2022، مقابل 0.08مليار جنيه عام 2013/2014.
  • تضاعفت أيضا الزيادة فى الحد الأدنى للمعاش لأكثر من ضعفين ، فقد كان الحد الأدنى للمعاش فى ميزانية عام 2014 حوالى 450 جنيها ووصل فى عام 2022 إلى حوالى 910 جنيها.
  • تضاعف كذلك تكلفة العلاج على نفقة الدولة بالداخل لأكثر من 4 أضعاف بتكلفة إجمالية 12.6 مليار جنيه عام 2022 بعد أن كانت 3 مليار جنيه عام 2013/ 2014.
  • تدبير نحو 67.3 مليار جنيه لتطبيق حزمة اجتماعية إضافية وجه بها الرئيس السيسي فى أكتوبر 2022 للتخفيف من حدة الموجة التضخمية العالمية غير المسبوقة جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وشملت الحزمة ما يلي:-
  • 3 مليار جنيه تكلفة صرف علاوة شهرية استثنائية بقيمة 300 جنيه شهريا للعاملين بالدولة ولأصحاب المعاشات
  • 8 مليارات جنيه سنويا تكلفة زيادة حد الاعفاء الضريبى الشخصى على الدخل لجميع العاملين بالدولة والقطاع الخاص ليصل الى 30 ألف جنيه سنويا بدلا من 24 ألف جنيه بنسبة زيادة 25%.
  • بلغت تكلفة تثبيت رسوم الخدمات بسبب عدم تطبيق خطة زيادة أسعار الكهرباء خلال العام المالى الجارى حوالى 43 مليار جنيه.
  • 3 مليار جنيه تكلفة إضافية تتحملها خزانة الدولة لاستمرار صرف حزمة الحماية الاجتماعية المقررة بالبطاقات التموينية لـ10.5 مليون أسرة حتى 30 يونيو 2023.
  • 9 مليار جنيه تكلفة إضافية لاستمرار قرار تثبيت أسعار الكهرباء للمنازل لمدة 6 أشهر إضافية حتى 30 يونيو 2023.
  • تُكلف الحزمة الجديدة (مارس 2023) الدولة 150 مليار جنيه خلال السنة المالية التى ستبدأ من يوليو، ونظرًا لأنه سيتم تفعيل الحزمة بدءًا من أول أبريل المُقبل، فستتم إضافة مبلغ 3 أشهر إضافية والتى تصل إلى نحو 40 مليارا، ليكون بذلك إجمالى تلك الحزمة 190 مليار جنيه.
  •  المستفيدون من برامج الحماية الاجتماعية  :
  • بلغ عدد المستفيدين من حزمة قرارات الحماية الاجتماعية الأخيرة (مارس 2023) نحو 37 مليون مواطن.
  • بلغ عدد المستفيدين من منظومة الخبز حتى الآن 71 مليون مستفيد و62.8 مليون مستفيد من منظومة التموين .
  • تضاعف عدد الأسر المستفيدة من برامج الدعم النقدى بعد إطلاق تكافل وكرامة أكثر من 3 أضعاف، حيث بلغ عددهم 5.2 مليون أسرة عام 2022، مقابل 1.7 مليون أسرة عام 2014.
  • زاد عدد المواطنين الذين تم علاجهم من خلال المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار ليصلوا إلى نحو 147 ألف حالة في عام 2022، بعدما كان عددهم 78 ألف حالة عام 2014.
  • 6.8 مليون مستفيد من برنامج الرعاية الصحية لغير القادرين من حاملي بطاقات معاش ضمان وتكافل وكرامة.
  • بلغت نسبة زيادة عدد المواطنين الذين تم علاجهم بالداخل على نفقة الدولة 108.3% بإجمالى بلغ 2 مليون مواطن عام 2022 /2021 بعد أن كان 0.96 مليون مواطن عام 2013/2014.
  • إعفاء 5 ملايين طالب من غير القادرين من المصروفات الدراسية سواء من برنامج ” تكافل” أو من برنامج ” تكافؤ الفرص التعليمية”.
  • استفادة قرابة 34 ألفاً من المسنين من خدمات 355 دار ونادي مسنين.
  • 431 ألف من الأيتام من الأسر الطبيعية أو الممتدة يتم توفير دعم نقدي وعيني شهري لـهم بتكلفة قدرها 1.3 مليار جنيه.
  • 1.1 مليون من ذوي الإعاقة يتم توفير دعم نقدي لهم بقيمة 5.2 مليار جنيه سنوياً.
  • 226.8 ألف أسرة يتم تقديم مساعدات لهم عن التضرر من أزمات وكوارث فردية وعامة بإجمالي تكلفة 910.4 مليون جنيه.
  • 22.3 ألف حالة كبار بلا مأوى و19.4 ألف طفل بلا مأوى تعاملت معهم وزارة التضامن.
  • إجراءات وقرارات توفير حياة كريمة للمواطنين:

– زيادة مخصصات الصحة فى موازنة 2022/2023 لتصل لنحو 310 مليار جنيه بزيادة 34.4 مليار جنيه عن موازنة 2021/2022.

– زيـادة مخصصـات التعلـيم قبـل الجـامعى بــ 61 مليـار جنيـه لتصـل 317 مليـار جنيـه فى العام المال 2022/2023، والتعلـيم العـالى والجامعى بنحو 27.1 مليار جنيه لتصل إلى 159.2 مليار جنيه، والبحث العلمي بنحو 15.2 مليار جنيه لتصل إلى 79.3 مليار جنيه.

– زيــادة مخصصات الأغذية (تتضمن الأغذية المدرسية) بموزانة 2023/2022 لتصل إلى 12.2 مليار جنيه بزيادة ســنوية قــدرها عــن النتائج المتوقعة للعام المالى 2021/2022،

-زيادة مخصصات النقل والانتقالات بموزانة 2023/2022 إلى 4.9 مليار جنيه بزيادة سنوية قدرها 6.8% ، ومخصصات المياه إلى 2.7 مليار جنيه بزيادة سنوية قدرها 11%.

  • المشروع القومي لتطوير الريف (برنامج حياة كريمة)  

بعدما عانت قرى ومدن الريف والصعيد من الإهمال والتهميش لعقود طويلة، أطلقت الدولة مبادرة “حياة كريمة” فى يناير 2019 والتي استهدف في مرحلتها التمهيدية تطوير القرى الأكثر فقراً، وتنفيذ تدخلات بـ 375 قرية في 14 محافظة يستفيد منها 4.5 مليون مواطن ، بحجم إنفاق بلغ 13 مليار جنيه.

ثم تم إطلاق المشروع  القومية لتطوير قرى الريف المصرى فى يوليو 2021 بهدف تطوير 4584 قرية بواقع 172 مركزا فى 22 محافظة ويستفيد منه حوالى 60 مليون مصرى بتكلفة تقديرية حوالى 1 تريليون جنيه .

ومن المقرر أن يتم تنفيذ هذا المشروع على 3 مراحل ، تستهدف المرحلة الأولى 52 مركزا خلال عام 2021/2022 والمرحلة الثانية 60 مركزا خلال عام 2022/2023، بينما تستهدف المرحلة الثالثة 60 مركزا عام 2023/2024.

  • جهود التمكين الاقتصادى:

قدمت الدولة المصرية تمويلا بلغ 43.8 مليار جنيه لتمويل 1.8 مليون مشروع من قبل جهاز تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ، مما وفر نحو 2.8 مليون فرصة عمل حتى نوفمبر 2022.

كما قامت الدولة أيضا بتمويل 26.9 ألف مشروع من صندوق التنمية المحلية بتكلفة 184.8 مليون جنيه ، إلى جانب تمويل أكثر من 200.7 مشروع ببرنامج مشروعك بقيمة 25.6 مليار جنيه، مما وفر قرابة 2 مليون فرصة عمل حتى نهاية نوفمبر 2022.

ذلك فضلا عن تقديم قروض بقيمة 87 مليار جنيه للأنشطة الاجتماعية والاستثمارية الممولة من بنك ناصر الاجتماعى والتى استفاد منها حوالي 20.4 مليون مواطن.

  • توفير سكن آمن وملائم :

أولت الدولة اهتماما كبيرا بملف توفير سكن لائق، ووضعت الدولة عددا من الخطط يتم تنفيذها بشكل متوازى ومنها التخلص من المناطق العشوائية غير الآمنة ورفع كفاءة المناطق غير المخططة ومدها بالبينة التحتية اللازمة، وطرح وحدات سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي وغيرها من الإجراءات .

وفيما يتعلق بالتعامل مع  المناطق العشوائية، فقد استفاد 1.2 مليون مواطن من تطوير 357 منطقة غير آمنة ب25 محافظة بإجمالى 246 ألف وحدة سكنية وبتكلفة بلغت 63 مليار جنيه .

كما قامت الدولة كذلك بتوفير تمويل بلغ 318 مليار جنيه لرفع كفاءة البنية الأساسية للمناطق غير المخططة وتوفير بعض المبانى الخدمية لـ152 ألف فدان هى إجمالى مساحة المناطق غير المخططة بالمحافظات، فضلا عن تطوير 58 منطقة بمساحة اجمالية بلغت 4595 فدانا تخدم حوالى 460 ألف أسرة ، ويجرى حاليا الانتهاء من تطوير 90 منطقة بمساحة 10047 فدانا تخدم مليون أسرة . كما  بلغت تكلفة تطوير نحو 1105 سوقا  عشوائيا حوالى 44 مليار جنيه.

وعلى صعيد توفير وحدات الإسكان الاجتماعى، تم تنفيذ 612.5 ألف وحدة بتكلفة إجمالية 98 مليار جنيه، ويُجرى حاليا تنفيذ 250 ألف وحدة أخرى .

  •  توفير رعاية صحية لائقة :

تم وضع خطة للنهوض بمنظمة التأمين الصحي على يتم تنفيذها من خلال 6 مراحل، والبدء فى المرحلة الأولى كان فى بورسعيد والإسماعيلية والأقصر وجنوب سيناء وأسوان بتكلفة إجمالية بلغت 51.2 مليار جنيه واستفاد منها أكثر من 5 ملايين مواطن.

كما تم توفير أكثر من 17 مليون خدمة طبية وعلاجية تم تقديمها من خلال المنشآت الطبية التابعة للهيئة العامة للرعاية الصحية وتم إجراء أكثر من 270 ألف عملية جراحية تحت مظلة التأمين الصحى الشامل منذ تطبيق المنظومة.

كما أطلقت الدولة 16 مبادرة صحية بإجمالى 152.1 مليون زيارة للمواطنين حتى يونيو ،2022 أبرزها المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار للتدخلات الحرجة والتى تم إطلاقها عام 2018 واستفاد منها 1.5 مليون مواطن تم إجراء عمليات جراحة لهم، إلى جانب إطلاق المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سى والكشف عن الأمراض غير السارية فى عام 2018 واستفاد منها 61.6 مليون مواطن تم فحصهم على مستوى الجمهورية وتقديم العلاج مجانا ل 4 ملايين مواطن.

أطلقت الدولة كذلك المبادرة الرئاسية لمكافحة مسببات ضعف وفقدان الإبصار ” نور حياة ” فى 2019 حيث تم توفير 270 ألف نظارة وإجراء 43 ألف عملية مياه بيضاء فى العيون حتى 2022.

وفى يونيو 2020 أطلقت الدولة المبادرة الرئاسية لمتابعة وعلاج الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوى بتكلفة بلغت حتى الآن 2.5 مليار جنيه ، واستفاد منهم 30 مليون مواطن تم فحصهم وتقديم العلاج اللازم لهم بالمجان.

  • رؤية المؤسسات الدولية للعمل الاجتماعي فى مصر:
  • البنك الدولي: أكد أن برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى اقترن بجهود كبيرة لتوسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية لتشمل شبكات الأمان الاجتماعى وزيادة كميات السلع الغذائية على البطاقات التموينية، مشيدا ببرنامج ”  تكافل وكرامة” للتحويلات النقدية واصفا إياه بأنه أحد أكبر الإستثمارات فى تنمية رأس المال البشرى، وذلك على نحو مغاير لرؤيته السابقة لملف الحماية الاجتماعية حيث كانت توصياته دائما ما تُشير إلى أن الدولة المصرية فى حاجة إلى برنامج كفء لتقديم خدمات الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً، حيث تعاني برامجها من التعقيد والتجزؤ ولا توفر الحماية الكافية للفقراء.
  • الأمم المتحدة :ترى المنظمة الدولية أن القيادة السياسية أطلقت مبادرة ” حياة كريمة” التى ساهمت فى تحسين الظروف المعيشية للمجتمعات الريفية الأكثر فقرا من حيث السكن اللائق وخدمات الصرف الصحى والمياه النظيفة والتعليم والصحة، بينما كانت ترى فى السابق أن هناك حاجة ماسة لأن تحرز مصر مزيدا من التقدم والتنمية بشتى المجالات المتعلقة بالتنمية البشرية حيث تواجه تحديات عدة فيما يخص تحسين مستويات العدالة الاجتماعية والحد من الفقر وخلق فرص عمل .
  • صندوق النقد الدولى: أكد فى تصريحاته الأخيرة أنه يرحب بالاجراءات التى اتخذتها مصر من أجل توسيع النطاق المستهدف للإنفاق على الحماية الاجتماعية خاصة فى ظل الأزمات الدولية لامتصاص الصدمات الخارجية، فى حين أنه كان يرة سابقا أن مصر تحتاج إلى التنفيذ السريع لخطط إصلاح نظام الدعم وتنفيذ التدابير المالية اللازمة لتوفير قاعدة مالية كافية.
  • الايكونوميست : أكدت أن مصر قدمت دروسا للبلدان المختلفة فى كفاحها ضد التهاب الكبد الوبائى وعلاجها لفيروس “سي” عن طريق تنفيذ برنامج فحص وعلاج وطنى لأكبر عدد من السكان خلال فترة وجيزة، وذلك بعد أن كانت ترى سابقا أن نظام الرعاية الصحية فى مصر معقدا للغاية ومنظومة التأمين الصحى لا تغطى أعدادا كبيرة من المواطنين، كما أن المستشفيات الحكومية تواجه عراقيل بسبب الطلب الهائل والإدارة غير الفعالة والفشل فى مواكبة التكاليف المتزايدة وإدارة الموارد.
  • برنامج الأمم المتحدة الإنمائى: أشاد تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤخرا بما بذلته الدولة المصرية من مجهودات تستهدف تعزيز الحق فى السكن اللائق وبدعم القيادة السياسية لهذا الحق وقدرتها على تطوير عدد من المناطق العشوائية وإطلاق برامج طموحة للإسكان الاجتماعى للفئات متوسطة ومنخفضة الدخل.

يأتى هذا على النقيض تماما لما ذكره تقرير التنمية البشرية السابق الذى أشار إلى أن هناك زيادة كبيرة لأعداد قاطنى العشوائيات وهو ما ولد سلوكيات خطيرة نظرا لغياب الحد الأدنى من معايير الأمان والانضباط مما يؤدى لانتشار المخدرات.

رابعا : تحديات تحقيق العدالة الاجتماعية

على الرغم من الجهود غير المسبوقة للدولة المصرية وحجم الإنفاق الهائل على برامج الحماية الإجتماعية إلا أن الدولة مازالت تواجه كثير من التحديات التى تعرقل فاعلية هذه البرامج وفى مقدمتها :

1- الفساد : تراجعت مصر 3 مراكز في مؤشر الشفافية الدولية في مكافحة الفساد لعام 2022، لتحتل المركز 130 من بين 180 دولة، وذلك بعدما كانت في المركز 127 عام 2021. ويقيس هذا المؤشر تقييم الدول من خلال مستويات فساد القطاع العام، بالاعتماد على 13 معيارًا واستقصاءً للخبراء والمديرين التنفيذيين.

وفى الحقيقة تقضي هذه الآفة على كل جهود التنمية وتُعيق وصول الدعم لمستحقيه وتعرقل جدوى برامج الحماية الاجتماعية.

2- انخفاض مستوى دخل الأفراد: يمثل ضعف دخول المصريين تحديا كبيرا يواجه إجراءات وبرامج الحماية الاجتماعية ، إذ أنها لا تتناسب مع ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم التى واصلت الارتفاع في عام 2022 ليسجل معدل التضخم السنوى في أكتوبر 16.2%، الأمر الذى يُسهم فى ارتفاع معدلات الفقر ومن ثم لا تستطيع برامج الحماية الاجتماعية القائمة مواجهة الأضرار التى تلحق بالفئات الأكثر ضعفا واحتياجا.

3- منظومة الدعم : لا شك أن الدولة المصرية خطت خطوة كبيرة بتقديم الدعم النقدى للفئات المستحقة إلا أن منظومة الدعم السلعى والعينى تحتاج إلى رفع كفاءتها وربطها بالاحتياجات الحقيقية للمواطنين.

4- البيانات : يُشكل عدم وجود قاعدة بيانات دقيقة للفئات الأكثر عوزا والمهمشة عائقا كبيرا أمام حصولهم على دعم الدولة والتمتع بمزايا برامج الحماية الاجتماعية .

5- مؤسسات المجتمع المدنى : على الرغم من اهتمام القيادة السياسية بشكل كبير بهذه المؤسسات وإدراكها لدورها الكبير فى تنمية المجتمع وإحداث نقلة كبيرة فى تفعيل دور برامج الحماية الإجتماعية إلا أن التفاعل والتعاون بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع لا يزال يحتاج إلى مزيد من التنسيق ووضع آليات تعزز من  أطر هذا التعاون.

6- ضعف دور وسائل الإعلام فى الترويج لمفهوم وسبل تحقيق العدالة الاجتماعية وترسيخ قيمها لدى المواطنين ، فمسؤولية تحقيق العدالة الاجتماعية فى وسائل الإعلام تكمن فى توعية المجتمع بأبعادها المتعددة.

7- انخفاض مستوى جودة التعليم الحكومي وغياب الكفاءات والخبرات عن العملية التعليمية وهو ما أدى إلى لجوء أغلب أسر الطبقة المتوسطة للتعليم الخاص وبالتالى إنفاق جزء كبير من دخول هذه الأسر على تعليم أبنائها بدلا من التعامل مع المدارس الحكومية ، وهو أمر أدى إلى زيادة عوز هذه الطبقة التى أصبحت هى الأخرى فى حاجة لأن تشملها برامج الحماية الاجتماعية التى تقدمها الدولة …

8– الأمية : تشكل الأمية عائقا كبيرا أمام تحقيق العدالة الاجتماعية فى المجتمع المصرى ، حيث إن زيادة معدلات الأمية يعنى زيادة معدلات البطالة واتساع دائرة الفقر وخفض جودة حياة المواطنين، وهو بالتالى أمر يعوق تحقيق أى تقدم ملموس نحو تحقيق العدالة الاجتماعية.

وبحسب بيانات مسح القوى العاملة لعام 2021 ، فقد بلغت نسبة الأمية فى مصر 17.9% (10 سنوات فأكثر) ، وكان أكثر الأميين من كبار السن، إذ سجلت الفئة العمرية (60 سنة فأكثر) أعلى نسبة بين الأميين بنسبة 63.4% وانخفضت نسبة الأمية بين الأفراد الأقل من 45 سنة لتصل إلى 17.2% ، كما انخفضت نسبة الأمية بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15:35 ) سنة إلى أقل من 16.1% من بين الأميين ، فى حين سجلت الفئات العمرية الصغيرة (أقل من 20 سنه) 6.6% كأدنى نسبة للأميين فى تعداد 2017 ، كذلك بلغ معدل الأمية للذكور 21.2% مقابل 30.8% للإناث فى عام 2017، وهو ما يعكس وجود فجوة نوعية فى الأمية بين الذكور والإناث قد تعيق تحقيق العدالة الاجتماعية.  

إلى جانب ذلك، تجدر الإشارة إلى وجود فجوة أيضا بين المحافظات فى معدل الأمية حيث تتصدر محافظات الصعيد معدلات الأمية فى مصر بنسبة بلغت 37.2% فى المنيا  .

9- تكافؤ الفرص: على الرغم من جهود الدولة ودعم القيادة السياسية لتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، إلا أن المرأة فى مصر تحتاج لمزيد من الدعم والمساندة حتى يمكنها أن تصل للمساواة مع الرجل خاصة فيما يتعلق بالتشغيل وقدرتها على الحصول على نفس الفرص والوظائف التى يحصل عليها الرجل ، فضلا عن تزايد أعداد المرأة المعيلة والتى تقوم بالإنفاق على أفراد الأسرة بشكل كامل .

ووفقا للبيانات الأولية لبحث القوى العاملة عام 2022 ، بلغت مساهمة المرأة في قوة العمل نحو 14.9% من إجمالي قوة العمل (15سنة فأكثر) مقابل69,1 % للذكور، وبلغ معدل التشغيل للإناث المشتغلات (15 سنة فأكثر) 12,2% مقابل 65.7% للذكور. فضلا عن أن معدل البطالة للإناث بلغ 18.4% مقابل 5% للذكور.

وبحسب تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى 2022 ، تحتل مصر المرتبة الـ129 من بين 156 دولة، فعلى الرغم من كل الجهود المبذولة فى مجال تمكين المرأة، إلا أنه لابد من اتخاذ مزيد من الإجراءات لتعزيز فرص المرأة وتمكينها اقتصاديا وسياسيا وصحيا وتعليميا لمزيد من تحقيق العدالة الاجتماعية على النحو المنشود.

والجدير ذكره أن مؤشر الفجوة العالمي يقيس الفجوات القائمة على النوع الاجتماعي في أربعة مجالات رئيسية، هي المشاركة الاقتصادية والفرص، والتحصيل التعليمي، والصحة، والتمكين السياسي. 

خامسا: مسارات مقترحة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية

من أجل تحقيق القدر الأكبر من العدالة الاجتماعية فى المجتمع المصري وذلك فى ضوء رؤية مصر 2030، نوصي بما يلي :

1- وضع مكافحة الفساد فى كل مؤسسات الدولة كهدف قومى تتعاون فيه الدولة مع المواطنين من خلال سياسات وإجراءات يشعر فيها المواطن بأهمية دوره فى ضبط المفسدين ومكافحة الفساد بوجه عام ، ويمكن منح حوافز مادية ومعنوية للمواطنين الذين يقومون بكشف كل أوجه الفساد فى  مؤسسات الدولة.

2- وضع آلية متكاملة لرصد وتقييم الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد من أجل قياس مدى التقدم المحرز فى تنفيذ خطط العمل.

3- إعادة صياغة منظومة الدعم وضمان وصول الدعم لمستحقيه بشكل دقيق .

4- إنشاء قاعدة بيانات دقيقة تشمل بيانات الفئات المهمشة والأشد عوزا ومستحقى عوائد برامج الحماية الإجتماعية.

5- التحول للدعم النقدي المشروط مقابل نظام الدعم العيني “السلعي”  لاسيما وأنه يضمن وصول الدعم لمستحقيه ويسهم فى ضبط هيكل الإنفاق العام ومصروفات الدولة.

6- زيادة المخصص من ميزانية الدولة لقطاعي التعليم والصحة والتوسع فى بناء المستشفيات الحكومية والمدارس وزيادة أعداد المعلمين المؤهلين. كذلك يمكن زيادة أعداد المدارس التجريبية والتجريبية المتميزة والتى قد تكون ملاذا لأبناء الطبقة المتوسطة وبمصروفات تعليمية مناسبة .

7- زيادة التعاون بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدنى وجعلها شريكا أساسيا فى وضع برامج وسياسات الحماية الاجتماعية وشريكا فاعلا أيضا فى تنفيذ هذه السياسات .

8- العمل بشكل جاد ووضع مخطط كبير لزيادة معدلات التصنيع والإنتاج وزيادة الرقعة الزراعية  ،وهو ما سيحقق بدوره خفضا كبيرا فى معدلات البطالة وخفض معدلات التضخم وبالتالى خفض معدلات الفقر .

9- الإسراع فى تنفيذ وتطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل بحيث تشمل كافة محافظات الجمهورية.

10- وضع سياسة إعلامية تتناول معنى وسبل تحقيق العدالة الاجتماعية مع إعطاء الأهمية القصوى لدور المواطن فى تحقيق هذه العدالة وتوضيح جهود الدولة فى هذا الصدد ونشر المعلومات الصحيحة من قبل الأجهزة المعنية حتى لا يقع المواطن فريسة للشائعات والأكاذيب التى يتم إطلاقها بشكل موظف ومدروس لإشاعة الإحباط واليأس فى نفوس المصريين .

المصادر :

  • محمد نويجي (2014)، الحماية الدستورية للعدالة الاجتماعية فى مصر، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة القاهرة.
  • منى الحديدى (2014)، العدالة الاجتماعية والأمن الإنساني، مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، كلية الآداب، جامعة القاهرة.
  • البيان المالي عن مشروع الموازنة العامة للدولة للسنى المالية 2022/2023، وزارة المالية
  • الموقع الرسمى لرئاسة الجمهورية.
  •  الموقع الرسمى لوزارة التضامن الإجتماعى.
  •  الموقع الرسمى لرئاسة الوزراء.
  •  الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.
  •  الموقع الرسمى لمنظمة الشفافية الدولية.
  •  الموقع الرسمى للبنك الدولى.
  •  الموقع الرسمى لمنظمة العمل الدولية

 

 

The post العدالة الاجتماعية بين واقع التحديات وحتمية المواجهة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6518
الذكاء الاصطناعي في مصر وسبل تعزيزه في إطار الاستراتيجية الوطنية https://draya-eg.org/2023/01/27/%d8%a7%d9%84%d8%b0%d9%83%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b5%d8%b7%d9%86%d8%a7%d8%b9%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d9%88%d8%b3%d8%a8%d9%84-%d8%aa%d8%b9%d8%b2%d9%8a%d8%b2%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d8%a5%d8%b7%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%8a%d8%a9/ Fri, 27 Jan 2023 15:45:12 +0000 https://draya-eg.org/?p=6341 تمنح التكنولوجيا الرقمية بلدان العالم فرصة فريدة لتسريع خطى التنمية الاجتماعية الاقتصادية وبناء مستقبل أفضل، حيث تُحدث الابتكارات الرقمية تحولات في جميع قطاعات الاقتصاد تقريباً عن طريق إدخال نماذج عمل جديدة، ومنتجات جديدة، وخدمات جديدة، وطرق جديدة لخلق القيمة وفرص العمل‏‏. وقد بدأت نتائج هذا التحول في الظهور بالفعل حيث تبلغ قيمة الاقتصاد الرقمي العالمي 11.5 …

The post الذكاء الاصطناعي في مصر وسبل تعزيزه في إطار الاستراتيجية الوطنية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
تمنح التكنولوجيا الرقمية بلدان العالم فرصة فريدة لتسريع خطى التنمية الاجتماعية الاقتصادية وبناء مستقبل أفضل، حيث تُحدث الابتكارات الرقمية تحولات في جميع قطاعات الاقتصاد تقريباً عن طريق إدخال نماذج عمل جديدة، ومنتجات جديدة، وخدمات جديدة، وطرق جديدة لخلق القيمة وفرص العمل‏‏. وقد بدأت نتائج هذا التحول في الظهور بالفعل حيث تبلغ قيمة الاقتصاد الرقمي العالمي 11.5 تريليون دولار، أو 15.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

تهدف الورقة البحثية إلى تحديد أهمية الابتكارات الرقمية والذكاء الاصطناعي، وعرض مؤشرات الذكاء الاصطناعي في مصر، بالإضافة إلى تناول الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في مصر، وأخيرا تقديم مجموعة من المقترحات لتعزيز الجهود المصرية في مجال الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية.          

وتمثلت أهم نتائج الدراسة فيما يلي:-

  • جاءت مصر في المرتبة الثانية إفريقيا بعد موريشيوس وفقا لتقرير مؤشر جاهزية حكومات دول العالم لتطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لعام 2022 ، حيث جاءت مصر في المركز 56 بـ2 نقطة. وبمقارنة التقرير لعام 2019 كانت مصر في المركز الثامن على مستوى إفريقيا، وفي المركز 111 من بين 194 دولة.
  • وفقا لتقرير التنمية البشرية لمصر عام 2021، كشف عن تقدّم مصر 55 مركزًا في مؤشر “جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي”.
  • وفقا لتقرير مؤشر المعرفة العالمي فقد تقدمت مصر من الـمركز 72 من بين 138 دولة عام 2020 إلى الـمركز 53 من بين 154 دولة عام 2021.
  • ترتكز الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في مصر على 3 محاور أساسية، بالتعليم والتدريب ثم الاستفادة العملية من حجم البيانات الكثيفة الموجودة في مصر وإتاحة تلك البيانات للقطاع الخاص.
  • يبرز دور الذكاء الاصطناعي في التحول الرقمي كعامل محفز لحل مشاكل البيئة والتحول إلى بيئة نظيفة (Green). وكذلك يتم استخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لبناء المدن الذكية وتحويل المدن الحالية إلى ذكية طبقاً للمعايير الدولية.

أولا: أهمية الابتكارات الرقمية والذكاء الاصطناعي

 للتكنولوجيا أثر عميق على طريقة عمل الحكومات وتفاعلها مع مواطنيها، حيث تفتح الباب لزيادة الشفافية وكفاءة تقديم الخدمات. وهذه الموجة المستمرة من الابتكارات قادرة على إزالة أي عقبات تحول بين الناس والفرص، وخصوصاً الفئات الأشد فقراً والأكثر معاناة وتأثراً.

فبفضل المنصات الرقمية، أصبح بإمكان الأفراد – أينما كانوا – الوصول إلى قدر غير مسبوق من المعلومات، والعمل بوظائف عبر الإنترنت، والالتحاق بدورات إلكترونية، بل والحصول على الرعاية المنقذة للحياة عبر الخدمة الطبية عن بعد. كما توفر الخدمات المالية المقدمة عبر الهاتف المحمول بديلاً سهلاً وآمناً للنظام المصرفي التقليدي، مما أعطى دفعة كبرى لتعميم الخدمات المالية على مستوى العديد من البلدان النامية. وقد أتاحت أنظمة تحديد الهوية الرقمية لملايين المهمشين إثبات هويتهم، وممارسة حقوقهم، والاستفادة من الخدمات الضرورية كالصحة أو التعليم.

يُعرف الذكاء الاصطناعي بأنه علم وهندسة صنع آلات، والذكاء الذي تبديه الآلات والبرامج بما يحاكى القدرات الذهنية البشرية وأنماط عملها، مثل القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع تُبرمج في الآلة، كما أنه يُعنى بكيفية صنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكى.

وتتسابق كبرى شركات التكنولوجيا حول العالم في تطوير الربوت الذكي لمختلف الاستخدامات أو تطوير تقنيات مذهلة تحاكى البشر، وتم عرض الكثير منها في المعارض الدولية مثل جيتكس والمؤتمر العالمي للهواتف الذكية وغيرها.

وللابتكارات الرقمية منافعها الشاملة بعيدة المدى، ففي البلدان المتقدمة والنامية، سرعان ما تؤدي التكنولوجيا إلى إطلاق حلول مبتكرة للتحديات المعقدة التي تواجه مجموعة واسعة من القطاعات من الصحة والتعليم إلى النقل أو إدارة مخاطر الكوارث أو الزراعة.

ومع ذلك لم يستفد الكل بالقدر ذاته، ففي حين تعد الثورة الرقمية ظاهرة عالمية، لا تزال هناك تفاوتات هائلة فيما بين البلدان وداخلها من حيث الانتشار، ويُسر التكلفة، وأداء الخدمات الرقمية. ففي حين تتاح لأكثر من نصف سكان العالم حالياً إمكانية الاتصال بالإنترنت، فإن معدل الانتشار لم يتعد 15% في البلدان الأقل نمواً، أو فرداً واحداً من بين كل 7 أفراد. وذلك نتيجة ارتفاع أسعار خدمات الإنترنت من خلال الهواتف المحمولة أو الخطوط الثابتة عريضة النطاق باهظة التكلفة في بلدان كثيرة، حيث يُشكل نقص البنية التحتية الرقمية والعراقيل التنظيمية عائقاً أمام تطوير خدمات الاتصالات عريضة النطاق، وتبلغ تكلفة خدمات المحمول عريضة النطاق ما يقرب من 17% من متوسط النصيب الشهري للفرد من إجمالي الدخل القومي في البلدان الأقل نمواً، مقارنة بالنسبة العالمية التي لا تتجاوز 5%.

وبالمثل، تتفاوت سرعة الخدمات عريضة النطاق، حيث تعد سرعات الخدمات الثابتة عريضة النطاق البالغة 10 ميجابايت في الثانية أو أكثر شائعة في البلدان المتقدمة؛ في حين لا تزيد نسبة الخدمات الثابتة عريضة النطاق التي تصل سرعتها إلى 10 ميجابايت في الثانية بالبلدان الأقل نمواً على 7%.

وفي عالم تقوده تكنولوجيا المعلومات والاتصالات،  من شأن هذه الفجوة الرقمية المستمرة أن تزيد أوجه انعدام المساواة تفاقماً وتخلق طبقة جديدة من ”الفقر الرقمي“. وتفادياً لهذا السيناريو، تسعى الحكومة المصرية أن تعزز جهودها لضمان الوصول الشامل إلى الخدمات عريضة النطاق ، ومنح الناس المهارات والموارد التي يحتاجون إليها للمشاركة في الاقتصاد الرقمي مشاركة كاملة.

ثانيا: مؤشرات الذكاء الاصطناعي في مصر

احتلت أمريكا المركز الأول خلال العام الحالي 2022 في تقرير مؤشر جاهزية حكومات دول العالم لتطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي AI بواقع 85.5 من 100 نقطة، تلتها بريطانيا بـ81.1 نقطة، ثم فنلندا بـ79.2 نقطة.

وبحسب التقرير الصادر عن مؤسسة Oxford Insights ومركز أبحاث التنمية الدولية الذي شمل نحو 172 دولة، جاءت ألمانيا في المركز الرابع بـ78.9 نقطة، أعقبتها السويد خامسا بـ78.8 نقطة، بينما حصدت سنغافورة المركز السادس بـ78.7 نقطة، وجاءت كوريا في المركز السابع بـ77.7 نقطة.

ووفقا للتقرير فقد تم تطبيق منهجية قياس مدى استعداد الحكومات لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ارتكازا على ثلاثة محاور رئيسية، و33 مؤشرا من بينها وجود استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وقوانين حماية البيانات والخصوصية، واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات الرقمية، وتطور البنية التحتية للاتصالات، وتوافر المهارات الرقمية، وثقافة ريادة الأعمال، ويتم الترتيب بناء على مجموع 100 نقطة.

وحلت الدنمارك في المركز الثامن بـ75.6 نقطة، أعقبتها كلا من النرويج وهولندا في المركزين التاسع والعاشر بـ75.3 و74.4 درجة على التوالي. وجاءت فرنسا في المركز الـ11 بـ73.8 نقطة، ثم استراليا بـ73.6 نقطة، تلتها اليابان في المركز الـ13 بـ73.3 نقطة،أعقبتها كندا في المركز الـ14 بـ73.2 نقطة، ثم لوكسمبورج بـ72.6 نقطة.

وجاءت الإمارات في المركز الـ16 كأول دولة عربية في الترتيب مسجلة 72.4 نقطة مقابل 69.9 نقطة لدولة أستونيا و69.2 نقطة لسويسرا، تلتها الصين في المركز الـ19 بـ69.1 نقطة، وحلت إسرائيل في المركز الـ20 بـ68.8 نقطة. وحلت أيرلندا في المركز 21 بـ68.2 نقطة، أعقبتها النمسا بـ68.2 نقطة، وجاءت نيوزيلندا في المركز 23 بـ68.1 نقطة، تلتها أسبانيا في المركز 24 بـ68.04 نقطة. وحجزت إيطاليا المركز الـ25 بـ65.4 نقطة، ثم ليتوانيا في المركز 26 بـ65.02 نقطة، أعقبتها البرتغال في المركز 27 بـ63.9 نقطة، تلتها كلا من ماليزيا وبلجيكا ومالطا في المراكز 28 و29 و30 بـ63.7 و63.1 و62.4 نقطة على التوالي.

على صعيد منطقة الشرق الأوسط، جاءت قطر في المركز الثاني عربيا والـ37 عالميا على المؤشر بـ56.8 نقطة تلتها السعودية في المركز 38 بـ56.2 نقطة، والبحرين في المركز 43 بـ54.7 نقطة، وعمان في المركز 48 بـ52.1 نقطة. وجاءت مصر في المرتبة الثانية أفريقيَا بعد موريشيوس وجنوب أفريقيا في المرتبة الثالثة، فقد ظهرت موريشيوس كأول دولة ممثلة للقارة الأفريقية في الترتيب إذ جاءت في المركز 45 عالميا ب 53.9 نقطة، تلتها مصر في المركز 56 بـ49.2 نقطة، تلتها جنوب أفريقيا في المركز 59 بـ48.3 نقطة، وتذيلت اليمن الترتيب حيث احتلت المركز 172 على المؤشر بـ19.1 نقطة.

وبمقارنة التقرير لعام 2019 جاءت مصر في المركز الثامن على مستوى إفريقيا في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي المركز 111 من بين 194 دولة، أي أن مصر تقدمت 55 مركزا على المؤشر. ويرجع سبب تحسن ترتيب مصر إلى الجهود المبذولة من قبل الحكومة لتحقيق هذا الانجاز ومنها التوسع في تبنى التكنولوجيات الحديثة لتقديم خدمات مصر الرقمية؛ وتنفيذ مشروع ضخم لتطوير البنية التحتية للاتصالات باستثمارات تصل إلى نحو 1.6 مليار دولار وتنفيذ المرحلة الثانية للمشروع في العام المالي الحالي باستثمارات 300 مليون دولار، بالإضافة إلى تهيئة البيئة التشريعية والقانونية التي تحكم استخدامات الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال إصدار قانون حماية البيانات الشخصية الذي ينظم العلاقة بين مالك البيانات والمستخدمين.

ويرتب التقرير الدول بناء على قدرتها على استخدام الذكاء الاصطناعي في توفير الخدمات العامة، وذلك من خلال تقييم البنية التحتية القائمة، والمهارات البشرية المتاحة، وانتشار معايير الحوكمة، وجودة وإتاحة البيانات، توفر خيارات كبيرة من المواهب داخل البلاد، والتي تتكون من خلال تعليم الذكاء الاصطناعي وتقوية القطاع بشكل عام.

كما أن هناك عددا من شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة المصرية أو المملوكة لمصريين ضمن الأكثر تطورا على مستوى العالم، فهناك شركة تحليل مقاطع الفيديو أفيدبيم، والتي صنفت ضمن أهم 20 مطورا للذكاء الاصطناعي عالميا، وجذبت استثمارات تأسيسية من شركات إيجيبت فينتشرز، وهناك أفيكتيفا التي تدرب الروبوتات على قراءة المشاعر، وجاءت ضمن قائمة فوربس لأبرز 10 ابتكارات تكنولوجية بمجال الذكاء الاصطناعي. وهناك شركة “ذا دي” والتي تأسست في مصر ولديها فرع آخر في بون بألمانيا، وتعمل على توفير الخدمات التقنية والرقمية للشركات، وهناك أيضا إنوفيشن هب، والتي تقدم خدماتها للطلبة في مصر وتونس وبريطانيا.

شكل رقم (1) أكبر 10 شركات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي

ومع التوقعات بنمو نشر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مصر بمعدل 25.5% سنويا من الآن وحتى عام 2030، ومع تطبيق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي خلال ثلاث إلى خمس سنوات، فإن تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي يبدو ضمن أولويات الحكومة.

ولكن ذلك لن يتحقق دون بيئة تمكن الابتكار بقوة. ويوصي التقرير بتطوير سياسات واضحة حول استخدام وإتاحة البيانات، وفتح المزيد من المراكز التكنولوجية لتحفيز البحث العلمي والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، والعمل عن قرب مع الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومطوري المصادر المفتوحة، والمؤسسات التعليمية لمساعدتهم على دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات. 

شكل رقم (2) شركات عالمية تتصدر براءات اختراع الذكاء الاصطناعي

كما أن تقرير التنمية البشرية لمصر 2021، كشف عن تقدّم مصر 47 مركزًا في مؤشر شفافية الموازنة، من المركز 110 عام 2018، إلى المركز 63 عام 2019، وكذا تقدمها 55 مركزًا في مؤشر “جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي”، والذي يَقيس مدى استعداد الحكومة لاستخدام تقنيّات الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات العامة لمواطنيها.

ووفقًا لتقرير مؤشّر المعرفة العالمي الصادر عن برنامج الأمم الـمتحدة الإنمائي (UNDP)، والذي يُدرِج مُؤشرات أخرى مُتعدّدة مثل التعليم والابتكار والبيئة، فقد تقدّمت مصر من الـمركز 72 من بين 138 دولة عام 2020 إلى الـمركز 53 من بين 154 دولة عام 2021.

ثالثا: الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في مصر

يعتبر الذكاء الاصطناعي أيقونة أحدثت نقلة حقيقية، وطفرة علمية في العديد من الدول المتقدمة، ولعل هذا ما دفع مصر إلى اعتماده في إطار الانطلاق نحو مستقبل أفضل، بالتطوير واستغلال التكنولوجيا لتقديم أفضل خدمة لصالح النهوض بالدولة والمجتمع معا. فالذكاء الاصطناعي أصبح اليوم لغة لابد أن يتحدثها الجميع، لذا تم وضع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي لتشمل إقامة كليات للحاسبات والذكاء الاصطناعي في عدد من المحافظات بما يغطى كافة أنحاء الجمهورية بالإضافة إلى إتاحة التدريب والتعليم، وجمع قدر هائل من البيانات لتدشين تطبيقات تهدف إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات.

ترتكز الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في مصر على 3 محاور أساسية، بالتعليم والتدريب ثم الاستفادة العملية من حجم البيانات الكثيفة الموجودة في مصر وإتاحة تلك البيانات للقطاع الخاص كل في موقعه للاستفادة منها وفقا أهميتها لكل قطاع منفصل. وتضم الاستراتيجية خطط لجعل مصر رائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى تطوير منظومة متكاملة توظف الذكاء الاصطناعي في المجالات الحيوية للدولة.

وتتعاون وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إطار الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة من أجل تنفيذ مشروعات في البحوث التطبيقية باستخدام تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات الدولة المختلفة مع نقل المعرفة إلى الشباب المصري؛ أي أنه يتم التعاون مع كبرى المؤسسات التعليمية والجامعات الدولية المرموقة من أجل إعداد كوادر رقمية متخصصة في تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي.

ويأتي اهتمام الدولة ممثلة في الحكومة بالتحول الرقمي في العديد من القرارات والصور التنفيذية وآخرها تطبيق قرار التعامل في كافة الجهات الحكومية من خلال الدفع الإلكتروني، لتستكمل الدولة مسيرتها نحو الرقى بالخدمات المقدمة للمواطنين بالعمل على الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي لتوظيفه في المجالات الحيوية للبلاد.

ومن هنا تعمل الاستراتيجية على تعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل قد يصل إلى 100% بالإضافة إلى الارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئة عمل مبتكرة وخلق سوق جديد واعد في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، واستثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى، فضلا عن استثمار كل الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوافرة بطريقة خلاقة.

فعلى سبيل المثال تستهدف الاستراتيجية في قطاع النقل تقليل الحوادث والتكاليف التشغيلية، وفى قطاع الصحة تقليل نسبة الأمراض المزمنة والخطيرة، وفى قطاع الفضاء إجراء التجارب الدقيقة وتقليل نسب الأخطاء المكلفة بالإضافة إلى قطاع الطاقة المتجددة عبر إدارة المرافق والاستهلاك الذكي، أما قطاع المياه فتستهدف إجراء التحليل والدراسات الدقيقة لتوفير الموارد بالإضافة إلى قطاع التكنولوجيا لرفع نسبة الإنتاج والمساعدة في الصرف العام، وقطاع التعليم من خلال التقليل من التكاليف وزيادة الرغبة في التعلم، وبالنسبة لقطاع البيئة تستهدف زيادة نسبة التشجير وزراعة النباتات المناسبة وتطوير المرور من خلال آليات وقائية كالتنبؤ بالحوادث والازدحام المروري، ووضع سياسات مرورية أكثر فاعلية.

  وذلك في إطار رؤية مصر 2030  التي تسعى إلى جعل الاقتصاد المصري اقتصاد سوق منضبط يتميز باستقرار أوضاع الاقتصاد الكلي، وقادر على تحقيق نمو احتوائي مستدام، ويتميز بالتنافسية والتنوع ويعتمد على المعرفة، ويكون لاعباً فاعلاً في الاقتصاد العالمي، قادراً على التكيف مع المتغيرات العالمية، وتعظيم القيمة المضافة، وتوفير فرص عمل لائق ومنتج، ويصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع.

   وتعد التنمية الاقتصادية أحد أهم محاور البعد الاقتصادي في خطة التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، بجانب محوري الطاقة والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية. ويتضمن المحور الأول “التنمية الاقتصادية” 7 أهداف، يأتي على رأسها استقرار أوضاع الاقتصاد الكلي، ويتضمن الهدف خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وخفض نسبة العجز الكلي إلى الناتج المحلي الإجمالي، والحفاظ على استقرار مستوى الأسعار.

  ويتمثل الهدف الثاني في زيادة التنافسية والتنوع والاعتماد على المعرفة، والذي يتضمن زيادة درجة تنافسية الاقتصاد المصري دوليًا ورفع مساهمة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي، خاصة الخدمات الإنتاجية والتي تشمل على سبيل المثال: خدمات الصيانة للأجهزة والمعدات، والتصميم والاتصالات، والشحن والنقل. بالإضافة إلى الهدف الثالث “تعظيم القيمة المضافة”، والذي يتضمن زيادة المكون المحلي في المحتوى الصناعي وخفض عجز الميزان التجاري.

   أما الهدف الرابع فيتضمن زيادة مساهمة الاقتصاد المصري في الاقتصاد العالمي لتصبح مصر من أكبر 30 دولة في مجال الأسواق العالمية، ومن ضمن أفضل 10 دولة في مجال الإصلاحات الاقتصادية، وضمن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال عشرة أعوام وضمن الدول حديثة التصنيع خلال 5 سنوات.

   ويتضمن الهدف الخامس خفض معدل البطالة ومضاعفة معدلات الإنتاجية، ويحدد الهدف السادس أن يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع من خلال تحسين مستوى معيشة المواطنين. أما الهدف السابع فيتضمن العمل على دمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد وخفض حجم المعاملات غير الرسمية، من خلال تطوير آليات دمج هذا القطاع وتوفير الحوافز والقضاء على المعوقات.

رابعا: سبل تعزيز الجهود المصرية في مجال الذكاء الاصطناعي والابتكارات الرقمية         

شهدت مصر خطوات متسارعة للنهوض والتنمية والتحديث على جميع الأصعدة وفى كل شبر من أرجائها مثل شبكة الطرق التي أنشأتها الدولة لرفع كفاءة النقل والمواصلات مما سيكون له آثار اقتصادية كبيرة على التجارة والصناعة وحركة السكان داخل البلاد، وفى خطوة مهمة للنهوض بالبلاد واللحاق بركب الدول المتقدمة تم إنشاء العاصمة الإدارية لتكون أول عاصمة ذكية في العالم تحديث العمل في الهيئات والمصالح الحكومية التي ستنتقل للعاصمة الإدارية، للانتقال إلى عصر التحول الرقمي والشمول المالي والدفع الإلكتروني والذكاء الاصطناعي.

وتحتاج مصر إلى بنية تحتية تكنولوجية قادرة على تلبية التوسع في مجال التحول الرقمي، كخطوة مهمة وضرورية لنجاح الخطط والمشروعات الطموحة التي بدأت الدولة تنفيذها في كل المجالات ومن بينها مشروعات التعليم والصحة، بعد أن بدأت وزارة التربية والتعليم تطبيق نظام التعليم الإلكتروني من خلال التابلت، كما تتجه الجامعات الحكومية إلى تطبيق التعليم الإلكتروني بعد أن سبقها في ذلك عدد من الجامعات الخاصة والأجنبية، أما وزارة الصحة فإنها تحتاج إلى بنية تحتية تكنولوجية جيدة مع بدء نظام التأمين الصحي الجديد.

سيؤدى التحول الرقمي إلى الحد من الفساد والرشوة وميكنة جهات الدولة وربطها إلكترونياً سيؤدى إلى تسهيل إجراءات المعاملات وسرعة صدور الأحكام في حالات التقاضي لتحقيق العدالة وكلها عوامل محفزة لجذب الاستثمار. وأيضاً سيساهم التحول الرقمي في حصر السيطرة على ممتلكات الدولة وإعادة توجيه استخدامها لخدمة التحول للحياة الرقمية.

وأيضاً يبرز دور الذكاء الاصطناعي في التحول الرقمي كعامل محفز على سبيل المثال لحل مشاكل البيئة والتحول إلى بيئة نظيفة (Green). وكذلك يتم استخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي لبناء المدن الذكية وتحويل المدن الحالية إلى ذكية طبقاً للمعايير الدولية.

وقد يكون من المناسب أن يكون هناك وزارة متخصصة للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي لتتولى مسئولية هذا الملف وتكون مسئولة عن التنسيق بين الوزارات والهيئات المختلفة، وتكون هذه الوزارة مسئولة عن تنفيذ المشروعات القومية للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، حتى تتوحد الجهود الرامية للإسراع في تنفيذ المشروعات والخطط التي تسعى الدولة للإسراع في تنفيذها، واللحاق بركب الدول التي سبقتنا في هذا المجال، مثلا رواندا أطلقت قمراً صناعياً يوفر الإنترنت المجاني لمواطنيها. إن إنشاء وزارة للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي أصبح أمرا مهما لتقود قاطرة التحول الرقمي.

وأخيراً ضرورة رفع كفاءة أداء الشركة المصرية للاتصالات وتمكينها من إنشاء بنية تحتية رقمية تُلبى احتياجات الدولة والمجتمع في التحول الرقمي والمشروعات القومية الكبرى مثل مشروع تطوير التعليم قبل الجامعي، إضافة إلى أهمية الإسراع في التشريعات التي تكون بمثابة الأطر المطلوبة لمرحلة التحول الرقمي.

 

The post الذكاء الاصطناعي في مصر وسبل تعزيزه في إطار الاستراتيجية الوطنية appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6341
تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميا ومحليا https://draya-eg.org/2023/01/21/%d8%aa%d8%a3%d8%ab%d9%8a%d8%b1-%d8%ac%d8%a7%d8%a6%d8%ad%d8%a9-%d9%83%d9%88%d8%b1%d9%88%d9%86%d8%a7-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%b9%d8%af%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%82%d8%b1-%d8%b9%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d9%85%d8%ad%d9%84%d9%8a%d8%a7/ Sat, 21 Jan 2023 11:05:26 +0000 https://draya-eg.org/?p=6290 الملخص التنفيذي: تسبب فيروس كورونا فى دخول العالم فى أزمة لم يسبق لها مثيل من قبل في العقود الأخيرة من حيث آثارها الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث تجاوزت آثارها حجم الآثار التي وثقها المختصون الاقتصاديون تحديدًا في الأزمات العالمية الأخيرة، التي تتضمن الأزمة المالية الآسيوية عام 1997، والركود الكبير عام 2008، وتفشي فيروس إيبولا في عام 2014. …

The post تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميا ومحليا appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
الملخص التنفيذي:

تسبب فيروس كورونا فى دخول العالم فى أزمة لم يسبق لها مثيل من قبل في العقود الأخيرة من حيث آثارها الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث تجاوزت آثارها حجم الآثار التي وثقها المختصون الاقتصاديون تحديدًا في الأزمات العالمية الأخيرة، التي تتضمن الأزمة المالية الآسيوية عام 1997، والركود الكبير عام 2008، وتفشي فيروس إيبولا في عام 2014.

ويمكن تتبع هذه الآثار الخطيرة من خلال رصد أوضاع الفقر فى العالم، فعلى إثر الجائحة ازداد معدل الفقر المدقع عالميا إلى ما يقدر بنحو 9.3% فى عام 2020 ، وذلك بعدما كان 8.4% فى عام 2019، كما أنه من المتوقع أن يعيش ما بين 667 و685 مليون شخص عام 2022 في فقر مدقع، وهو ما يعنى أن الأعداد التى أشارت إليها التنبؤات قبل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، تزداد ما بين 70.5 و 88.8 مليون شخص أكثر مما كان متوقعًا قبل الجائحة، وهو ما يعنى أن عام 2022 قد يكون أسوأ عام فى جهود الحد من الفقر فى العقدين الماضيين (بعد عام 2020)، وذلك الأمر من شأنه أن يُقوض المكاسب التي تحققت في2021 للحد من الفقر، مما يُنذر بعدم القدرة على تحقيق هدف التنمية المستدامة الأول بالقضاء على الفقر المدقع وتخفيض نسبة الأشخاص الذين يعانون الفقر.

وفي ضوء ما سبق، يُصدر المنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة ودراسات التنمية “دارية” ورقة بحثية ترصد وتُقيم آثار جائحة كورونا على أوضاع الفقر فى العالم، فضلا عن آثارها على الأسر المصرية ومعدل الفقر على الصعيد المحلي، وذلك من خلال المحاور التالية:

أولا: مفهوم الفقر وطرق قياسه.   

ثانيًا: تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميًا.

  1. معدلات الفقر في العالم قبل وبعد الجائحة.
  2. أسباب ارتفاع معدلات الفقر نتيجة الجائحة.

ثالثا: الجهود الدولية لتخفيف أزمة كورونا على الفقراء.

رابعا: تأثير الجائحة على معدلات الفقر في مصر.

  1. معدلات الفقر في مصر.
  2. تأثير كورونا على معدلات الفقر في مصر.

خامسا: جهود الدولة المصرية لحماية الفقراء أثناء الجائحة.

تأتي أبرز النتائج التي توصلت إليها الورقة كالتالي:

ارتفع معدل الفقر المدقع عالميا إلى ما يقدر بنحو 9.3% فى عام 2020، وذلك بعدما كان 8.4% فى عام 2019.

  • تسببت جائحة كورونا فى سقوط أكثر من 70 مليون شخص آخرين فى براثن الفقر المدقع فى عام 2020، مقارنة بعام 2019.
  • ارتفع الإجمالي العالمي من الأشخاص الذين يعيشون فى فقر عام 2020 إلى ما يزيد على 700 مليون شخص.
  • انخفض الفقر عام 2021، ولكن وتيرة التعافي من الفقر لم تكن قوية بما يكفي لعكس مسار الزيادة في عام 2020، ولا يزال 42.2 مليون شخص آخرين فقراء في عام 2021 مقارنة بعام 2019.
  • من المتوقع إضافة ما بين 70.5 و 88.8 مليون شخص لأعداد الذين يعانون من الفقر المدقع فى عام 2022.
  • يبلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون فى فقر متعدد الأبعاد نحو 1.2 مليار شخص، 92% منهم يعيشون في الدول النامية.
  • شهد عام 2020 خسارة ما يقدر بنحو 8.8% من إجمالي ساعات العمل في العالم، بما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل.
  • من المتوقع حدوث عجز عالمي في ساعات العمل بما يعادل 52 مليون وظيفة بدوام كامل.
  • وصل عدد العاطلين عن العمل إلى 207 مليون شخص مقابل 186 مليونا في 2019، ومن المتوقع أن تظل الأعداد فى ازدياد عام 2023 .
  • تراجعت نسبة المشاركة في القوى العاملة حول العالم في 2020 بواقع 2.2%.
  • تراجع مستوى الدخل في العالم عام 2020 بحوالي 3.7 تريليون دولار، وهو ما يمثل حوالي 4.4% من إجمالي الناتج العالمي.
  • من المتوقع أن يصل عدد الشباب العاطلين عن العمل فى العالم إلى 73 مليون فى 2022.
  • من المتوقع ارتفاع معدلات التضخم العالمية من 4.5% إلى 8.8% في 2022.
  • تراجعت معدلات الفقر في مصر إلى 29.7% خلال العام المالي 2019-2020، مقارنة بـ32.5% عام 2017-2018، بنسبة انخفاض قدرها 2.8%.
  • ارتفع معدل البطالة في الربع الثاني عام 2020 ووصل إلى 9.6% مقارنة بنسبة 7.5% في الربع الثاني من عام 2019، واستقر عند مستوى 7.2%، 7.4% خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2022 على التوالى.
  • انخفض معدل التضخم السنوي عام 2020 إلى 5.1% مقارنة بـ8.5% عام 2019، إلا أن المعدل عاد للارتفاع عام 2021 ليصبح 5.9% وواصل الارتفاع في عام 2022 ليسجل في أكتوبر 16.2%.
  • ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 3.83 ألف دولار في العام المالي 2021، وهي زيادة بنسبة 6.8%، حيث كان 3.58 ألف دولار عام 2020.

أولا: مفهوم الفقر وطرق قياسه  

يُعرف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الفقر بأنه المجاعة،  والافتقار إلى اللباس والغطاء الضروريين، وإلى الخدمات الصحية الأساسية، والتعليم الأساسي، والمسكن المناسب، والمياه الصالحة للشرب، والعمل المناسب. ووضعت هذه الوكالات المالية الدولية معايير أساسية لقياس الفقر، وكان أهم تلك المعايير هو مستوى الدخل أو مستوى الاستهلاك، ولقد وُضع معيار لذلك سمي خط الفقر، وخط الفقر هو مستوى الدخل اللازم لإشباع الحاجات الأساسية للإنسان.

يستخدم البنك الدولي معدلات تعادل القوة الشرائية – وهي أسعار الصرف التي تعكس فروق الأسعار النسبية بين البلدان – لاستنباط خط الفقر الدولي وتقدير معدل الفقر في العالم، ويتحدد خط الفقر الدولي على أساس خط الفقر الوطني النمطي في أفقر بلدان العالم، وتستخدم معدلات تعادل القوة الشرائية في تحويل خطوط الفقر الوطنية وكذلك قيمة دخل الأسر واستهلاكهًا – وهما أساس قياس الفقر في العالم – إلى عملة موحدة فيما بين البلدان وهي الدولار.

وقام البنك الدولي بتعديل خط الفقر الدولي أكثر من مرة ليتماشى مع تطور الفروق فى مستويات الأسعار عبر دول العالم، وأصبح فى 2022 خط الفقر العالمي الجديد مُحدد بمبلغ 2.15 دولار للفرد في اليوم باستخدام أسعار 2017. وهذا يعني أن أي شخص يعيش على أقل من 2.15 دولار في اليوم يُعد شخصاً في حالة فقر مدقع.

كما تم تعديل الخط الخاص بالشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل من 3.20 دولارات للفرد يوميًا إلى 3.65 دولارات، وأيضًا تم تعديل الخط الخاص بالشريحة العليا في البلدان متوسطة الدخل من 5.50 دولار يوميًا للفرد إلى 6.85 دولارات، ويمكن توضيح أن تأثير كورونا لم يقتصر على خط الفقر 2.15 دولار فقط وإنما كان هناك تأثير عند الخطوط الأخرى، ولكن سيتم التركيز على خط الفقر المدقع 2.15 دولار.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يُمكن قياس الفقر بطرق مختلفة من قبل الحكومات والمنظمات الدولية وصانعي السياسات باعتبار الفقر ظاهرة متعددة الأبعاد، وتشمل عوامل اجتماعية وطبيعية واقتصادية . وعليه توجد طريقتين لقياسه: الأولى تتمثل فى  القياس المطلق للفقر absolute poverty measure والذى يعتمد على تحديد حد أدنى يحتاج إليه الفرد للوفاء باحتياجاته الأساسية ومن يقل دخله عن هذا الحد يعد فقيرا، علما بأنه يتم احتساب الحد الأدنى وفقا لأسعار السلع والخدمات الأساسية التى تلزم الفرد بصورة شهرية. وهذه الطريقة تستند إليها المنظمات الدولية من خلال تحديد حد أدنى يومى بالدولار الأمريكى لدخل الفرد كما ذكرنا سابقا، وتتبعه مصر أيضا.

والطريقة الثانية تتمثل فى القياس النسبى للفقر relative poverty measure الذى يعتمد على السياق الاجتماعي وأنماط الاستهلاك السائدة فى المجتمع، ومن ثم يتم قياس الفقر عن طريق تحديد نسبة مئوية من متوسط دخول الفرد بالدولة ومن يقل دخله الشهرى عن هذه النسبة يعتبر فقيرا.

وتوجد مؤشرات متعددة يتم قياس الفقر من خلالها، وأحدثها مؤشر الأمم المتحدة العالمي للفقر متعدد الأبعاد Multidimensional; Poverty Index “MPI” الذى يأخذ فى الحسبان التعليم والصحة والخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، ومن ثم يرصد وضع الفقر بشكل كامل ولا يقتصر على قياس حجم الدخل فقط، كما هو مُوضح بالشكل رقم (1):

شكل رقم (1) يوضح أبعاد مؤشر الأمم المتحدة العالمي للفقر متعدد الأبعاد

ثانيا: تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميا

  1. معدلات الفقر في العالم قبل وبعد الجائحة:

أصدر البنك الدولي تقريرا بعنوان “الفقر والرخاء المشترك لعام 2022” يرصد فيه أوضاع الفقر فى العالم فى أعقاب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية. وتشير التقديرات الواردة فى التقرير إلى أن الجائحة دفعت نحو 70 مليون شخص للسقوط في براثن الفقر المدقع في عام 2020، وهي أكبر زيادة في عام واحد منذ أن بدأ رصد أوضاع الفقر في العالم في 1990.

الشكل (2) التبؤات الآنية للفقر المدقع على الصعيد العالمي وفقًا لخط الفقر الدولي الجديد (2.15 دولار):

يتضح من الشكل (2) أن معدلات الفقر كانت آخذه في الانخفاض حتى عام 2019 وكانت التوقعات لعام 2020 قبل الجائحة باستمرار الانخفاض من 648.1 مليون عام 2019 إلى 628 مليون عام 2020 ولكن أصبحت بعد الجائحة 718.8 مليون أي أن هناك 70 مليون شخص آخر عاشوا في فقر مدقع في عام 2020 مقارنة بعام 2019- بزيادة قدرها 12٪ حيث أشارت التقديرات إلى انخفاض دخول أفقر 40% من سكان العالم بنسبة 4% فى 2020.

وأفاد التقرير أنه لولا الجائحة، كان من المتوقع خروج ما يقرب من 20 مليون شخص من براثن الفقر المدقع في عام 2020. ولهذا كان الأثر الصافي للجائحة هو أن 90 مليون شخص آخر عاشوا في فقر مدقع في عام 2020.

ويعكس شكل رقم (2) انخفاض معدل الفقر عام 2021، مما أتاح تحقيق بعض التعافي، لكن وتيرة الحد من الفقر لم تكن قوية بما يكفي لعكس مسار الزيادة في عام 2020؛ ولا يزال 42.2 مليون شخص آخرين فقراء في عام 2021 مقارنة بعام 2019.

وبالإضافة إلى استمرار تبعات الجائحة، هناك حدثان عالميان لا يزالان يتطوران ويحتمل أن تكون لهما آثار سلبية على أوضاع الفقر، وهما الضغوط التضخمية الواسعة النطاق والحرب الدائرة في أوكرانيا فضلًا عن آثار التغيرات المناخية. ولهذا عرض تقرير البنك الدولي توقعات تتعلق بزيادة معدلات الفقر فى عام 2022، حيث أفاد أنه من المتوقع أن يعيش 667 مليون شخص في فقر مدقع، ويزيد هذا العدد بما يعادل 70.5 مليونًا عما كان متوقعا لعام 2022 قبل الجائحة، ولكن بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد يصل إلى 685 مليون شخص يعيشون في فقر، وهذا ما يعادل 88.8 مليون فقير أكثر مما كان متوقع قبل الجائحة، وهو تقريبًا نفس العدد الذي أضيف عام 2020، مما يعني أنه من المتوقع أن يؤدي تباطؤ النمو وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى القضاء على أي مكاسب تحققت في2021.

هذا وقد كشف مؤشر الفقر متعدد الأبعاد 2022 الصادر عن  برنامج الأمم المتحدة الإنمائي  بالتعاون مع مبادرة “أكسفورد للفقر والتنمية البشرية” في جامعة أكسفورد”MPI” ، عن أن نحو 1.2 مليار شخص في 111 دولة حول العالم يعيشون في فقر متعدد الأبعاد، أي في فقر لا يتوقف عند حدود تدني مستوى الدخل أو المعيشة فقط. يعيش 92 % من هؤلاء في الدول النامية ، وقرابة نصفهم أو نحو 593 مليون شخص أطفال دون سن الـ 18 سنة.

  1. أسباب ارتفاع معدلات الفقر نتيجة الجائحة:

بعد الإطلاع على وضع الفقر قبل وبعد الجائحة، يمكن توضيح كيف أثرت كورونا في معدلات الفقر من خلال معرفة وضع سوق العمل بعد كورونا، فذلك يؤثر على الدخل وبالتبعية يؤثر على الإنفاق على السلع مما يدفع مزيدا من الأشخاص إلى الفقر المدقع فضلًا عن التأثير على الفقر بصفة عامة نظرا للتأثير على قدرة الأفراد على توفير الاحتياجات الأساسية بشكل عام، كما يمكن التطرق إلى وضع الصحة والتعليم فهما ذات أهمية بالنظر إلى الفقر على أنه ظاهرة متعددة الأبعاد. ويتضح ذلك من خلال الآتي:  

أ. فقد الوظائف وتراجع مستويات الدخل: أثرت كورونا على مستوى المعيشة بشكل مباشر حيث فقد العديد من العاملين وظائفهم بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول، وما ترتب عليها من توقف العديد من المنشآت عن العمل بشكل كامل، كما أن هناك منشآت قللت عدد العاملين، وبالتالي يمكن تتبع التغيرات التي حدثت في سوق العمل والدخل كما يلي:  

التأثير على سوق العمل: أكدت منظمة العمل الدولية في تقريرها السابع المخصص لآثار الوباء على عالم الأعمال، أن عام 2020 شهد خسارة ما يقدر بنحو 8.8% من ساعات العمل في العالم (مقارنة مع الفصل الرابع عام )2019، وبما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل، وهذا يعادل تقريباً أربعة أضعاف الخسارة المسجلة في الأزمة المالية العالمية لعام 2009.

وسبب هذه الخسائر هو إما تخفيض ساعات عمل الذين مازالوا يعملون أو الارتفاع “غير المسبوق” في عدد الذين فقدوا وظائفهم، ويصل إلى 114 مليون شخص، وذلك بحسب تقرير منظمة العمل الدولية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن نحو 5% من النساء خسروا وظائفهن فى عام 2020 مقابل 3.9 % للرجال. كما خسر 8.7 % من الشباب (15-24 سنة) وظائفهم، مقابل 3.7 % للراشدين. ووفقًا لتقرير منظمة العمل الدولية بعنوان “اتجاهات التوظيف العالمية للشباب 2022: الاستثمار في تحويل مستقبل الشباب”، فمن المتوقع أن يصل عدد الشباب العاطلين عن العمل في العالم في 2022 إلى 73 مليون، وهو تحسن طفيف عن عام 2021 حيث كان العدد 75 مليون، ولكن لا يزال أعلى بنحو ستة ملايين فوق مستوى ما قبل الجائحة لعام 2019.

وبعد أكثر من عامين على بداية الجائحة وتوزيع اللقاحات كان هناك توقعات بانتعاش سوق العمل بدرجة كبيرة ولكن منظمة العمل الدولية في تقريرها “الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: اتجاهات 2022″، خفضت توقعاتها لانتعاش سوق العمل في عام 2022، وتوقعت عجزًا في ساعات العمل عالميًا يعادل 52 مليون وظيفة بدوام كامل مقارنة بالربع الرابع من عام 2019، وكان التوقع السنوي السابق والذي أصدر في مايو 2021 قد توقع عجزًا قدره 26 مليون وظيفة بدوام كامل خلال عام، وفي حين أن التقدير الأخير يمثل تحسنًا مقارنة بالوضع في عام 2021، إلا أنه لا يزال أقل بنسبة 2% تقريبًا من عدد ساعات العمل العالمية قبل الجائحة.

ارتفاع معدلات البطالة: بعد فقدان الوظائف وزيادة أعداد العاطلين ارتفعت نسبة البطالة بعد الجائحة، ولا تزال إلى الآن أعلى مما كانت عليه قبل الجائحة، حيث وصل عدد العاطلين عن العمل إلى 207 مليون شخص، مقابل 186 مليون عاطل عن العمل في 2019، ومن المتوقع أن تبقى مرتفعة حتى عام 2023 على الأقل، وبصفة عامة، تراجعت نسبة المشاركة في القوى العاملة حول العالم في 2020 بواقع 2.2% وفقًا لمنظمة العفو الدولية. 

– التأثير على الدخل: من الطبيعي أن ينعكس التقليص في ساعات العمل أو فقدان الوظائف على الدخل، كما أن توقف هجرة الأيدى العاملة تسببت في تراجع كبير في التحويلات المالية التى أدت إلى تراجع مستوى الدخل في العديد من الأسر خاصة منخفضة الدخل، التي تعتمد بشكل كبير على التحويلات المالية من الخارج. وفي أبريل 2020، قدر خبراء البنك الدولي أن المهاجرين سيرسلون 129 مليار دولار أقل إلى أوطانهم في العام الأول للجائحة، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 20%.

قدرت منظمة العمل الدولية الخسائر في الدخل على مستوى العالم في 2020 بحوالي 3.7 تريليون دولار، وهو ما يمثل حوالي 4.4% من إجمالي الناتج العالمي، حيث انخفض دخل العمل العالمي بنسبة 8.3 % (قبل إدراج تدابير الدعم).

 ب. ارتفاع الأسعار وتحديدًا السلع الغذائية: يصاحب الأزمات في الأغلب ارتفاعًا في أسعار السلع الأولية وأيضًا السلع الغذائية نتيجة إما نقص في المعروض من هذه السلع أو زيادة في الطلب بسبب رغبة الناس في تأمين احتياجاتهم الأساسية، أو كليهما. فتسبب جائحة كورونا إلى جانب تداعيات مشكلة التغير المناخي فى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتزيد الأمور سوءا.

ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بنسبة 14% عام 2020، كما أظهر مؤشر أسعار الغذاء الذي يصدره البنك الدولي. وأوضحت الدراسات المسحية التي أجرها البنك الدولي أن نسبة كبيرة من الناس نفدت منها المواد الغذائية أو خفضت من استهلاكها.

ج. نقص السلع الغذائية: يرتبط نقص الغذاء ارتباطًا وثيقًا بالفقر، والدول الأكثر فقرًا تعاني في الغالب من نقص الأغذية، وإذا كان الفقر أحد الأسباب الرئيسية للحرمان من الحصول على الكميات الكافية والمناسبة من السلع الغذائية، فإن نقص الغذاء أيضًا قد يكون سببًا للفقر، وذلك من خلال أثره على الحالة الصحية للأفراد نتيجة نقص المناعة والإصابة بالأمراض الناتجة عن سوء التغذية وخاصة الأطفال ومن ثم يؤثر على تحصيلهم العلمي، كما أنه له تأثير على العمل والإنتاج واكتساب المهارات المطلوبة.

وأشار تقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة اليونيسف الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لعام 2021 حول الأمن الغذائي والتغذية، إلى أن أكثر من 375 مليون شخص عانوا من الجوع في تلك المنطقة خلال عام 2020، وهو ارتفاع من حوالي 321 مليونا في عام 2019 بسبب الجائحة، فضلا عن أن أكثر من مليار شخص لم يتمكنوا من الحصول على الغذاء الكافي في عام 2020 .

د- ارتفاع معدلات التضخم:  

أثرت الجائحة على الطلب الكلي وأدت إلى انخفاض معدل الإنفاق الاستهلاكي وخاصة السلع غير الضرورية، ولذلك انخفض معدل التضخم على مستوي العالم ليسجل 3% عام 2020، مقابل 3.6% عام 2019، ولكن مع التعافي وعودة الارتفاع على الطلب فضلًا عن الأزمات المتزايدة كتلك الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية واستمرار تبعات الجائحة، من المتوقع أن تشهد هذه المعدلات ارتفاعا من 4.7% في 2021 إلى 8.8% في 2022 ليتراجع لاحقًا إلى 6.5% في 2023 و4.1% في 2024، وتعتبر هذا المعدلات حتى مع الانخفاض المتوقع في 2023 و2024 مرتفعة مقارنة بعام  2019.

ه. تعطل خدمات الرعاية الصحية والتعليم:

– تعطل الرعاية الصحية:

أسفرت جائحة كورونا عن تعطيل واسع النطاق في تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتسببت فى دفع أكثر من نصف مليار شخص إلى براثن الفقر المدقع بسبب اضطرارهم إلى دفع تكاليف الخدمات الصحية من مالهم الخاص.

أظهر مسح أجرته منظمة الصحة العالمية على 155 دولة في الفترة من مايو إلى يوليو 2020، أن خدمات الوقاية من الأمراض غير السارية وعلاجها تعطلت بقدر كبير منذ أن بدأت جائحة كورونا. وتتمثل النتائج الرئيسية للمسح في أن الخدمات الصحية تعطلت تعطلًا جزئيًا أو كليًا في العديد من البلدان؛ حيث تعطلت الخدمات الخاصة بعلاج فرط ضغط الدم في أكثر من نصف البلدان (53٪) المشمولة بالمسح، والخدمات الخاصة بعلاج داء السكري ومضاعفاته في (49%) منها، وخدمات علاج السرطان في (42%) منها، والخدمات الخاصة بطوارئ أمراض القلب والأوعية في (31%) منها تعطلًا كليًا أو جزئيًا.

وتعطلت خدمات التأهيل في ثلثي البلدان تقريبًا (63٪)، على الرغم من أن التأهيل يُعد أساسيًا للتعافي الصحي بعد المرض الوخيم الناجم عن كورونا.

– تعطل التعليم:

تأثر 1.6 مليار طفل في العالم بجائحة كورونا، وذلك بسبب إغلاق المدارس لفترات طويلة وضعف نواتج التعلم، ووفقًا لتقرير نشرته 8 مؤسسات دولية: البنك الدولي واليونسكو واليونيسيف ووزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس بعنوان “حالة فقر التعلم في العالم: تحديث عام 2022”. كشف التقرير عن ارتفاع معدل فقر التعلم بمقدار الثلث في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث يعجز 70% من الأطفال في سن العاشرة عن فهم نص بسيط مكتوب، وكانت هذه النسبة 57% قبل جائحة كورونا.

وأوضح التقرير أن هذا الجيل من الطلاب أصبح معرضًا لخطر فقد 21 تريليون دولار من دخولهم المحتملة طيلة حياتهم بالقيمة الحالية، وكان هذا التهديد يقدر بـ17 تريليون في عام 2021، وهو ما يعادل انخفاضًا بنسبة 10% في دخلهم مدى الحياة عن كل سنة من سنوات الدراسة المفقودة.

كما أفاد أن إغلاق المدارس وانخفاض مستويات دخول الأسر نتيجة فقد الوظائف كان لها أكبر الأثر على فقر التعلم في مناطق عدة على مستوى العالم، خاصة فى منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، حيث تشير التنبؤات إلى أن 80% من الأطفال في  نهاية المرحلة الابتدائية يعجزون الآن عن فهم نص مكتوب بسيط، مقارنة بنحو 50% قبل تفشِّي كورونا. وجاء بعدها منطقة جنوب آسيا حيث تشير التنبؤات إلى أن 78% من الأطفال يفتقرون إلى الحد الأدنى من مهارات القراءة والكتابة مقارنة بنحو 60% قبل كورونا.

ثالثا: الجهود الدولية لتخفيف أزمة كورونا على الفقراء

في ضوء هذا التأثير كانت هناك جهود مبذولة جعلت الآثار أقل تفاقمًا، حيث تمكنت الاستجابات المالية العامة التي عبَأتها البلدان في شتى أنحاء العالم، في شكل برامج للتحويلات النقدية، وإعانات دعم للأجور، وإعانات البطالة، وتدابير أخرى، من تقليل تأثير جائحة كورونا على أوضاع الفقر فلولا هذه الاستجابات لكان الوضع أسوأ بكثير، وبلغت استجابة المالية العامة للتصدي للجائحة حتى سبتمبر 2021 أكثر من 17 تريليون دولار أو 20% من إجمالي الناتج المحلي العالمي في 2020

ومنذ بدء الجائحة حتى يونيو 2022، استثمرت مجموعة البنك الدولي أكثر من 157 مليار دولار لمكافحة الآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة، وهي أسرع وأكبر استجابة لأي أزمة في تاريخها. ويساعد هذا التمويل أكثر من 100 بلد على تدعيم التأهب لمواجهة الجائحة، وحماية الفقراء والوظائف، وإعطاء دفعة لتحقيق تعاف غير ضار بالمناخ. كما يساند البنك أكثر من 50 بلدًا من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، أكثر من نصفها في إفريقيا، بشراء لقاحات كورونا ونشرها، ويتيح موارد تمويلية لهذا العرض بقيمة 20 مليار دولار حتى نهاية عام 2022.

وعلى الرغم من الجهود المبذولة، تسببت جائحة كورونا فى تقويض الجهود الرامية لمكافحة الفقر فى العالم وأحدثت انتكاسة كبيرة لم يتم التعافي منها بالكامل فى كثير من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، لاسيما بعدما شهدت أسعار الغذاء والطاقة زيادة كبيرة بعد الحرب الروسية الأوكرانية مما جعل العودة إلى تحقيق تقدم فى جهود الحد من الفقر أكثر صعوبة حيث انحرف العالم أكثر عن مساره نحو القضاء على الفقر المدقع بحلول 2030.

رابعا: تأثير الجائحة على معدلات الفقر في مصر

يحدد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نسبة الفقراء بناءً على تعريفه للفقر المادي بأنه “عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للفرد أو الأسرة، والاحتياجات الأساسية هي الطعام والمسكن والملابس وخدمات التعليم والصحة والمواصلات”. ويُعرف الفقر المدقع على أنه عدم القدرة على الإنفاق للحصول على الغذاء فقط (تكلفة البقاس على قيد الحياة).

وبحسب تقديرات جهاز التعبئة العامة والإحصاء، بلغت قيمة خط الفقر القومي للفرد عام 2019-2020 نحو 10279 جنيهًا في السنة  أي 857 جنيهًا في الشهر، وبلغت قيمة خط الفقر المدقع للفرد 6604 جنيهًا، أي 550 جنيهًا للفرد في الشهر.   

  1. معدلات الفقر في مصر:

تتوفر آخر بيانات رسمية عن الفقر في بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء في ديسمبر 2020، ويوضح الشكل التالي معدلات الفقر في مصر:

الشكل (3) تطور نسبة (السكان تحت خط الفقر الوطني) لإجمالي الجمهورية خلال الفترة من 1999/2000 حتى 2019/2020

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء

يتضح من الرسم البياني أن معدلات الفقر تراجعت إلى 29.7% خلال العام المالي 2019-2020 مقارنة بـ 32.5% عام 2017-2018، بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، كما تراجعت معدلات الفقر المدقع إلى 4.5% عام 2019- 2020 مقارنة بـ 6.2% عام 2017 – 2018، كما يوضح الشكل رقم (3):

الشكل (4) تطور نسبة الفقراء (السكان تحت خط الفقر المدقع) خلال الفترة من 1999/2000 حتى 2019/2020:

المصدر: الجهار المركزي للتعبئة والإحصاء

وأشار جهاز الإحصاء إلى أن نسبة الفقراء تزداد مع زيادة حجم الأسرة، حيث إن نحو 80.6% من الأفراد الذين يعيشون في أسر بها 10 أفراد أو أكثر هم من الفقراء، و48.1% للأفراد الذين يقيمون في أسر بها 6-7 أفراد فقراء مقارنة بـ 7.5% بالأسر التي بها أقل من 4 أفراد.

كما أن مستوى التعليم يُعد من أكثر العوامل ارتباطًا بمخاطر الفقر، حيث تتناقص مؤشرات الفقر كلما ارتفع مستوى التعليم، فبلغ نسبة الفقراء بين الأميين نحو 35.6% مقابل 9.4% لمن حصل على شهادة جامعية في 2019- 2020، و15.2% نسبة الفقراء بين حاملي الشهادات فوق المتوسط، 17.4% نسبة من حصلوا على شهادة ثانوية، و33.1% الحاصلين على شهادة تعليم أساسي في 2019-2020.

هذا ولا توجد أى بيانات رسمية بشأن وضع الفقراء في مصر بعد جائحة كورونا حيث إن آخرها كان في ديسمبر 2020 ، ومن ثم لا تعكس هذه الأرقام وضع الفقر فى مصر فى أعقاب الجائحة،  لذلك يمكن النظر في وضع البطالة وقوة العمل وعدد المتعطلين ونسب التضخم ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الآن لمحاولة الاستدلال على وضع الفقر.

 2-تأثير كورونا على معدلات الفقر في مصر:

أوضح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن أكثر من نصف الأفراد المشتغلين بنحو 55.7% أصبحوا يعملون أيام عمل أقل أو ساعات عمل أقل من المعتاد لهم، و26.2% من الأفراد تعطلوا، و18.1% أصبحوا يعملون عملاً متقطعاً.

وأشار الجهاز في تقرير حديث، إلى أن نحو ربع الأفراد لديهم ثبات الدخل منذ ظهور الفيروس، أما أغلبية الأفراد بنحو 73.5% أفادوا بأن الدخل قد انخفض، وأقل من 1% أفادوا بارتفاع الدخل.ويمكن إيضاح تأثير كورونا على معدلات الفقر من خلال التالي:

أ. سوق العمل:

– البطالة:

ارتفع معدل البطالة في الربع الثاني عام 2020 ووصل إلى 9.6% مقارنة بنسبة 7.5% في الربع الثاني من عام 2019، ولكن بدأت المعدلات في الانخفاض بعد ذلك، فسجل معدل البطالة عام 2021 نحو 7.4%، واستقر عند مستوى 7.2%، 7.4% خلال الربعين الثاني والثالث من عام 2022 على التوالى، أي أن الوضع أصبح أفضل من قبل الجائحة.

– قوة العمل:

بلغت قوة العمل في مصر عام 2019 ما يقدر بـ 28.1 مليون فرد، وعلى أثر الجائحة انخفضت قوة العمل في الربع الثاني من عام 2020 إلى 26.689 مليون فرد مقارنة بـ29.008 مليون فرد في الربع الأول من عام 2020، ثم ارتفعت لينتهي العام بقوة عمل حجمها 28.458 مليون فرد، واستمر الارتفاع لتسجل 29.358 مليون فرد عام 2021، أي بزيادة قدرها 900 ألف فرد.

وبلغت قوة العمل فى مصر خلال الربع الثالث من عام 2022 نحو 30.264 مليون فرد بزيادة بنسبة 0.9% عن الربع السابق من نفس العام.

ويتضح مما سبق أن الاضرار التي لحقت بقوة العمل تم تداركها بعد ذلك، ولكن لولا الجائحة كان من المتوقع أن يكون الوضع أفضل.  

– عدد المشتغلين:

بلغ تقدير المشتغلين 26.199 مليون مشتغل عام 2020، 22.271 مليون مشتغل ذكور و 3.928 مليون مشتغل اناث، مقابل 26.123 مليون مشتغل عام 2019، 22.1133 مليون مشتغل ذكور و3.990 مليون مشتغل اناث.

وبلغ عدد المشتغلين 27.188 مليون مشتغل عام 2021، 22.937 مليون مشتغل ذكور و4.251 مليون مشتغل إناث، وذلك بنسبة زيادة 3.7% على عام 2020.

وبلغ إجمالى المشتغلون على مستوى الجمهورية نحو 28.014 مليون مشتغل فى الربع الثالث من عام 2022 مقارنة بنحو 27.188 مليون عامل فى الربع الثانى من عام 2022.

يتتضح من الأرقام السابقة أن عدد المشتغلين لم يتأثر بشكل سلبي جراء الجائحة وإن كان تطور أعداد المشتغلين بين عامي 2019 و2020 ليس بجيد.

– عدد المتعطلين:

بلغ  عدد المتعطلين 2.259 مليون  متعطل عام 2020 (1.413 مليون متعطل ذكور و 846 ألف متعطل إناث)، مقابل 2.225 مليون متعطل عام 2019 بارتفاع  قدره 34 ألف متعطل بنسبة 1.5%، وبلغت نسبة المتعطلين الذين سبق لهم العمل 58.3% من إجمالي المتعطلين، بينما كانت 31.3% فى عام 2019.

وبلغ عدد المتعطلين 2.170 مليون متعطل عام 2021، 1.359 مليون متعطل ذكور و811 ألف متعطل إناث، وبذلك انخفض عدد المتعطلين عن عام 2020 بقدر 89 ألف متعطل أي بنسبة 3.9%، وبلغت نسبة المتعطلين الذين سبق لهم العمل 52.5٪ من إجمالي المتعطلين، بينما كانت 58.3٪ فى عام 2020.

كما  بلغ عدد العاطلين نحو 2.15 مليون في الفترة من إبريل إلى يونيو 2022، مقابل 2.14 مليون في الربع الأول من العام، مسجلًا زيادة طفيفة بلغت 0.3 % على أساس فصلي، وعلى أساس سنوي، زاد عدد العاطلين 36 ألفا عن الربع المماثل من العام السابق بنسبة زيادة 1.7%.

ويتضح مما سبق أن الوضع أصبح أفضل مما كان عليه أثناء الجائحة وأيضًا قبل الجائحة، ولكن عام 2022 سجل أرقام منخفضة عن عام 2021 وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية جراء الحرب الروسية الأوكرانية.

ب. التضخم:

على الرغم من عدم الاستقرار في الأسعار والاضطراب في سلاسل التوريد إثر الجائحة إلا أن معدل التضخم السنوي انخفض عام 2020 إلى 5.1% مقارنة بـ8.5% عام 2019، إلا أن المعدل عاد للارتفاع عام 2021 ليصبح 5.9% وواصل الارتفاع في عام 2022 ليسجل في أكتوبر 16.2%، ويرجع ذلك إلى تأثير استمرار تأثير تداعيات الجائحة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري.

الشكل (5) يوضح معدلات التضخم في آخر شهرين من عام 2021 و المعدلات من يناير حتى أكتوبر 2022:

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء

ج. نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي:

ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 3.83 ألف دولار في العام المالي 2021، وهي زيادة بنسبة 6.8% مقابل 3.58 ألف دولار عام 2020، و3.01 ألف دولار في عام 2019، كما يوضح الشكل رقم (7):

شكل (6) يوضح نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي

المصدر: البنك الدولي، صندوق النقد الدولي

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يتسارع نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.9% في عام 2022، ولكنه سيتباطأ إلى 2.0% في عام 2023.

ويتضح مما سبق أن نصيب الفرد ارتفع حتى في أثناء أزمة كورونا، ولكن تزامنا مع ارتفاع معدلات التضخم، من المتوقع أن لا يؤثر بالشكل الإيجابي الكبير على معدلات الفقر.

خامسا : جهود الدولة لحماية الفقراء أثناء الجائحة

اتخذت الدولة المصرية عددا من القرارات أثناء جائحة كورونا لحماية الفقراء، وكان التحرك يخدم الفقر بأبعاده المختلفة، وذلك على النحو التالي:

  1. صرف منح للعمالة غير المنتظمة المتضررة من جائحة كورونا بقيمة 500 جنيه شهريًا للفرد.
  2. توسعت الدولة فى أعداد المستفيدين من برامج الدعم النقدي بإضافة ما يقرب من 160 ألف أسرة جديدة خلال الجائحة لبرنامج تكافل وكرامة، إضافة إلى زيادة أعداد المستفيدين من القروض الميسرة وذات الفائدة البسيطة لعمل مشروعات متناهية الصغر لتحسين مستوى معيشة الأسر.
  3. دعم القطاع الصحي وتحسين أوضاع العاملين بالقطاع والأطباء وأطقم التمريض وتجهيز مستشفيات للعزل بكل محافظة بحيث تكون مجهزة فنيًا وإداريًا، من حيث توافر الأجهزة الطبية، والتعقيم، وطاقم الأطباء، والتمريض والمستلزمات الطبية، كما تم تخصيص قسم في كل مستشفي بغرف استقبال وطوارئ للحالات القادمة للكشف أو الاشتباه فيها قبل ترحيل الإيجابي منها لمستشفي العزل الرئيسي لكل محافظة.

4- منح الموظفة الحامل أو التي ترعى طفلًا يقل عمره عن اثني عشرة سنة ميلادية أو التى ترعى أحد أبنائها من ذوى الاحتياجات الخاصة إجازة استثنائية.

5- تـقـديــــم الخـدمــــات التطعيمية ضد فيروس كورونا في مراكز التطعيم المنتشرة بالمحافظات، وقد بدأ التطعيم بالفئات الأكثر خطورة والأكثر عرضة للإصابة.

6-  تدشين حملات توعية للمواطنين للإرشاد وتوفير المعلومات اللازمة حول فيروس كورونا وذلك من خلال وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي.

ويتضح من كل ما سبق أن مصر نجحت فى مواجهة أزمة فيروس كورونا بفضل الوضع الاقتصادي الجيد الذى كانت تتمتع به والذى مكنها من السيطرة على الجائحة بشكل كبير والحد من تداعياتها خاصة على الفقراء، ولكن مازالت تبعات الأزمة مستمرة فضلًا عن الأزمة الاقتصادية وأزمة التغير المناخي.

ونستعرض فيما يلي ما حققته الدولة على صعيد أهداف التنمية المستدامة وأثره على الفقر بشكل مباشر، وذلك على النحو التالي:  

  1. الهدف الأول: القضاء على الفقر بجميع أشكاله: وجهت الدولة 750 مليار جنيه (من الموازنة العامة للدولة) خلال الفترة (18/19 – 20/21) لبرامج الحماية الإجتماعية بمعدل نمو بلغ 50% بين عامي (15/16 -20/21)، وقد نتج عن ذلك تحقيق العديد من الإنجازات منها في مجال الحماية الاجتماعية، حيث استفادت 3.8 مليون أسرة ( 14.1 مليون مواطن ) من برامج الدعم النقدي، واستفاد 1.1 مليون مواطن من أصحاب الهمم من برامج الدعم النقدي بنسبة 8% من جملة عدد المستفيدين، كما شملت المرحلة التمهيدية من مبادرة ” حياة كريمة ” توجيه حوالي 15 مليار جنيه لتطوير أكثر 375 قرية احتياجًا في مصر.
  2. الهدف الثاني: القضاء على الجوع: تم توجيه 150 مليار جنيه لدعم الخبز (في 3 سنوات) بمعدل نمو بلغ 50% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، ليبلغ عدد المستفيدين 72 مليون مواطن إلى جانب توجيه 252 مليار جنيه لدعم السلع التموينية (في 3 سنوات) بمعدل نمو بلغ 47% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، ليبلغ عدد المستفيدين 64 مليون مواطن.

وقد نتج عن جهود الدولة لتحقيق هذا الهدف تحسن العديد من المؤشرات التنموية حيث بلغت نسبة الأسر الأكثر احتياجًا المستفيدة من دعم السلع التموينية حوالي 91%، كما بلغت نسبة الأسر التي تم تغطيتها ببطاقات التموين حوالي 84%، وترتفع هذه النسبه في الريف لتصل إلى 91.1% مقابل 74.9% في الحضر.

  1. الهدف الثالث: الصحة الجيدة والرفاه: وجهت الدولة 270 مليار جنيه (من الموازنة العامة للدولة) خلال الفترة (18/19 ـ 20/21) للبرامج الصحية بمعدل نمو بلغ 70% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، منها إنشاء وتطوير 113 مستشفى، إضافة 5937 سرير بالمستشفيات الحكومية، إنشاء وتطوير 143 نقطة إسعاف. وفي مجال التأمين الصحي الشامل فقد تم تطوير ۱۷۱ مستشفى ومركز طب أسرة، تجهيز 203 منشأة طبية طبقًا لمعايير الجودة.

 وفي مجال القضاء على فيروس سي فقد تم فحص 50 مليون مواطن، إلى جانب علاج 1.2 مليون مواطن مصاب. وفي مجال صحة المرأة والأم والجنين فقد تم فحص 1.1 مليون سيدة، وفي مجال القضاء على قوائم الانتظار فقد تم الانتهاء بالكامل من علاج حالات المرحلة الأولى، وفي مجال الكشف عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي تم فحص ٢٥ مليون مواطن، وفي مجال العلاج على نفقة الدولة : استفادة 14.3 مليون مواطن، وتم الكشف على 1.8 مليون مستفيد من برنامج ” تكافل وكرامة”.

  1. الهدف الرابع: التعليم الجيد: وجهت الدولة 440 مليار جنيه (من الموازنة العامة للدولة) خلال الفترة (18/19 ـ 20/21) لبرامج التعليم بمعدل نمو بلغ 42% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، يُذكر منها توفير توفير حوالي 2 مليون جهاز لوحي ” تابلت “، مشاركة 3.9 مليون طالب في مسابقة المشروع القومي للقراءة، إنشاء وتطوير حوالي 37 ألف فصل، إنشاء وتطوير 148 معهد أزهري، إنشاء 21 مدرسة للتكنولوجيا التطبيقية، إنشاء 8 مدراس للتعليم الفني الصناعي.
  2. الهدف الخامس: المساواة بين الجنسين ويتعلق هذا الهدف بالفقر حيث دائما ما يقع على المرأة الضرر الأكبر فمحاولات التمكين تساعدها على المواجهة. ففي مجال التمكين الاقتصادي للمرأة تم توفير قروض بقيمة 2.4 مليار جنيه، واستفاد منها 360 ألف سيدة، كما بلغت نسبة استفادة المرأة من قروض جهاز تنمية المشروعات 43%، إلى جانب تدريب 2065 سيدة على مهنة الخياطة والتطريز والطباعة على الملابس، كما بلغت قيمة مبيعات معارض الأسر المنتجة 51 مليون جنيه، استفادة 148,3 ألف سيدة من برامج محو الأمية المالية والمصرفية ( الشمول المالي ).

وفي مجال التمكين الاجتماعي للمرأة، تم استخراج بطاقات رقم قومي لنحو 8 آلاف سيدة من غير القادرات، إلى جانب منح 53 ألف شهادة ” أمان ” للنساء في المناطق الأكثر احتياجًا، عقد 6279 فعالية ثقافية خاصة بالمرأة. وفي مجال تعزيز دور المرأة في نشر قيم التسامح تم تأهيل وتدريب 49 واعظة.

  1. الهدف السادس: المياه النظيفة والنظافة الصحية: بلغت الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع مياه الشرب والصرف الصحي حوالي 93 مليار جنيه خلال الفترة (18/19 ـ 20/21) بمعدل نمو بلغ 93 ٪ مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، يُذكر منها تنفيذ 121 مشروع مياه شرب بطاقة 2230 ألف م 3/ يـوم، إضافة 1540 كم لشبكات مياه الشرب، تنفيذ 140 مشروع للصرف الصحى بالمدن، إلى جانب تنفيذ 365 مشروع صرف صحي بالقرى، كما بلغت طاقة المحطات المضافة 2015 ألف م 3 / يوم.
  2. الهدف السابع: طاقة نظيفة وبأسعار معقولة ويتعلق أيضًا بتحسين حياة الفقراء حيث بلغت الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع الطاقة حوالي 336 مليار جنيه خلال الفترة (18/19 ـ 20/21)، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، يُذكر منها تركيب حوالي 5.5 مليون عداد ذكي ومسبق الدفع، تلبية احتياجات السوق المحلي من المنتجات البترولية بحوالي 85.4 مليون طن، كما تم تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وتم توصيل الغاز الطبيعي لنحو 3.5 مليون وحدة سكنية، و 229 منطقة جديدة و 155 مصنع و 5327 وحدة تجارية، كما بلغ حجم صادرات الغاز الطبيعي نحو 664 مليار قدم 3 بقيمة 3.2 مليار دولار، وقد نتج ذلك تقدم مصر 44 مركز في مؤشـر ” جودة التغذية الكهربائية ” من المركز 121 عام 2014 إلى المركز 77 عام 2019 .
  3. الهدف الثامن: العمل اللائق ونمو الاقتصاد: وجهت الدولة 270 مليار جنيه ( من الموازنة العامة للدولة ) خلال الفترة (18/19 ـ 20/21) للبرامج الداعمة للتنمية الاقتصادية بمعدل نمو بلغ 82% مقارنة بالثلاث سنوات السابقة، وقد نتج عن ذلك تحقق العديد من الإنجازات، يذكر منها دمج 724.3 ألف شركة ومؤسسة في القطاع الرسمي، توفير 368 ألف فرصة عمـل بالداخل (من خلال نشرات التوظيف)، إلى جانب توفير 194 ألف فرصة عمل من خلال المكاتب العمالية بالخارج.
  4. الهدف العاشر: الحد من أوجه عدم المساواة ولذلك دور في حماية الفئات الأضعف الذي يقع عليها ضرر أكبر ومعرضين للوقوع في براثن الفقر بشكل كبير: تم تطوير 236 مؤسسة رعاية وتأهيل لأصحاب الهمم، إصدار 845 ألف بطاقة خدمات متكاملة لأصحاب الهمم، توفير 480 ألف طرف صناعي وجهاز تعويضي لأصحاب الهمم، تدريب 344 رائدة على الاكتشاف المبكر للإعاقة، تعيين 10782 من أصحاب الهمم، تنفيذ 48 برنامج وتنظيم 62 بطولة رياضية.

ختامًا، تُظهر الورقة أن تأثير الجائحة بعيد المدى ويطال كل مجال ممكن من مجالات التنمية، ومع تحمل الفئات الفقيرة والأشد احتياجًا لوطأة الجائحة، تواجه جهود الحد من الفقر انتكاسات كبيرة ومتواصلة، الأمر الذى ينذر بانحراف العالم عن مساره نحو تحقيق هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول 2030. وعلى الرغم من الجهود المبذولة فى مصر للحد من الفقر، إلا أن استمرار تبعات الجائحة والأزمات الأخرى يجعل الأمر ليس بالسهل للوصول للمأمول في أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالفقر.

المصادر:

  1. البنك الدولي، تقرير الفقر والرخاء المشترك 2022، https://openknowledge.worldbank.org/bitstream/handle/10986/37739/9781464818936.pdf?sequence=65&isAllowed=y.
  2. مؤشر الفقر متعدد الأبعاد، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع مبادرة اكسفورد للفقر والتنمية البشرية، فض حزم الحرمان للتقليل من الفقر متعدد الأبعاد، https://news.un.org/ar/story/2022/10/1114077
  3. منصة البنك الدولي عن الفقر وعدم المساواة، https://pip.worldbank.org/.
  4. منظمة العمل الدولية، الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: اتجاهات 2022، https://www.ilo.org/global/about-the-ilo/newsroom/news/WCMS_834495/lang–ar/index.htm.
  5. منظمة العمل الدولية، اتجاهات التوظيف العالمية للشباب 2022: الاستثمار في تحويل مستقبل، https://news.un.org/ar/story/2022/08/1108842.
  6. البنك الدولي، اليونيسيف، اليونسكو، حالة فقر التعلم في العالم: تحديث 2022، https://thedocs.worldbank.org/en/doc/e52f55322528903b27f1b7e61238e416-0200022022/original/Learning-poverty-report-2022-06-21-final-V7-0-conferenceEdition.pdf.
  7. منظمة الصحة العالمية، البنك الدولي، تتبع مسار التغطية الصحية الشاملة، التقرير العالمي للرصد لعام 2021، https://apps.who.int/iris/bitstream/handle/10665/357609/9789240045521-ara.pdf?sequence=1&isAllowed=y.
  8. تقرير الآفاق الأقتصادية العالمية في يونيو 2022، https://www.albankaldawli.org/ar/news/press-release/2022/06/07/stagflation-risk-rises-amid-sharp-slowdown-in-growth-energy-markets.
  9. آفاق الاقتصاد العالمي، صندوق النقد الدولي، مواجهة تكلفة المعيشة، https://www.imf.org/ar/Publications/WEO.
  10. صندوق النقد الدولي، مصر تتغلب على صدمة كوفيد وتواصل النمو، https://www.imf.org/ar/News/Articles/2021/07/14/na070621-egypt-overcoming-the-covid-shock-and-maintaining-growth
  11. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، معدلات البطالة، https://www.capmas.gov.eg/Pages/IndicatorsPage.aspx
  12. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، بحث القوى العاملة أغسطس 2022، https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5106&Year=23487
  13. تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميا ومحليا

 

The post تأثير جائحة كورونا على معدلات الفقر عالميا ومحليا appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
6290
التسرب من التعليم.. الأسباب والتداعيات وسبل المواجهة https://draya-eg.org/2022/12/08/%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b3%d8%b1%d8%a8-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%85-%d9%81%d9%8a-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%af/ Thu, 08 Dec 2022 17:07:24 +0000 https://draya-eg.org/?p=5931 يعانى المجتمع المصرى من العديد من المشكلات التى تراكمت على مدار عقود طويلة، وفى مقدمتها مشكلات التعليم التى تتشابك مع قضايا اقتصادية واجتماعية وثقافية، وتتطلب ميزانيات ضخمة وخططا استراتيجية حازمة لإحداث نقلة نوعية فى جودة التعليم فى ظل عصر فائق السرعة فى تطوره وتعدد مجرياته.   وتعد مشكلة “التسرب من التعليم” من أخطر المشكلات التي …

The post التسرب من التعليم.. الأسباب والتداعيات وسبل المواجهة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
يعانى المجتمع المصرى من العديد من المشكلات التى تراكمت على مدار عقود طويلة، وفى مقدمتها مشكلات التعليم التى تتشابك مع قضايا اقتصادية واجتماعية وثقافية، وتتطلب ميزانيات ضخمة وخططا استراتيجية حازمة لإحداث نقلة نوعية فى جودة التعليم فى ظل عصر فائق السرعة فى تطوره وتعدد مجرياته.  

وتعد مشكلة “التسرب من التعليم” من أخطر المشكلات التي تواجه العملية التعليمية فى مصر وتؤثر سلبا على بنية المجتمع وتقف عائقا أمام تقدمه نظرا لما يترتب عليها من استمرار للجهل وزيادة معدلات البطالة والفقر، وتعميق الممارسات الاجتماعية الخاطئة، وهدر لطاقات المجتمع المستقبلية والقضاء على أى عائد متوقع من خطط التنمية المستدامة.

وتطرح مشكلة التسرب من التعليم الكثير من التساؤلات التى يجيب عليها هذا التقرير التحليلى من خلال عدة محاور تتناول بشكل تفصيلي مفهوم التسرب من التعليم، وأبرز المؤشرات المتعلقة بالمشكلة فى مصر، وأسبابها وتداعياتها، إلى جانب جهود الدولة المصرية فى المواجهة، فضلا عن بعض المقترحات لحل مشكلة التسرب من التعليم.  

المحور الأول : مفهوم التسرب من التعليم وأنواعه

عرفت اليونسيف التسرب من التعليم على أنه:  “عدم التحاق الأطفال الذين هم بعمر التعليم بالمدرسة أو تركها دون إكمال المرحلة التعليمية التي يدرس بها بنجاح، سواء كان ذلك برغبتهم أو نتيجة لعوامل أخرى، وكذلك عدم المواظبة على الدوام لعام أو أكثر”.

ويعرف المُتسرب بحسب منظمة اليونسكو بأنه كل شخص لا يكمل دراسته ويترك مقاعد التعليم قبل إنهاء سنوات الدراسة.

أما المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم فعرفت التسرب بأنه “صورة من صور الفقر التربوي في المجال التعليمي , وترك التلميذ الدارسة في إحدى مراحلها المختلفة”.

وتتخذ المشكلة إحدى هاتين الصورتين :

1- عدم إلتحاق الطفل بالمدرسة منذ البداية واستمرار عزوفه عن الإلتحاق بها ، وكذلك عزوفه عن الرغبة فى التعليم خلال مراحل حياته المختلفة.

2- انقطاع الطفل عن الحضور للمدرسة بصفة دائمة (سنة على الأقل ) بعد أن التحق بها ، وهذا يختلف عن مفهوم التغيب أو عدم الإنتظام .

وقد وضعت العديد من الدراسات سمات عامة للطلاب المتسربين من التعليم يمكن إجمالها فى الآتى :

1- الأطفال ذوو القدرات العقلية المحدودة.

2- الطلاب أصحاب الظروف الاقتصادية الصعبة.

3- الأطفال الذين يعيشون فى أسر تعانى من التفكك الاجتماعى.

4- الأطفال ذوو الكفاءة ولكن لديهم مشكلات مع مدرسيهم أو زملائهم.

5- الأطفال ذوو السلوك الخاص نتيجة ظروف اجتماعية واقتصادية تدفعهم إلى العدوانية تجاه مدرسيهم وزملائهم.

المحور الثانى : مؤشرات متعلقة بمشكلة التسرب من التعليم فى مصر

بحسب البيانات والإحصاءات الأخيرة الصادرة عن وزارة التربية والتعليم والواردة فى كتاب الإحصاء السنوى 2021/2022، فإن هناك عددا من المؤشرات يمكن وضعها فى الاعتبار عند دراسة هذه الظاهرة والبحث عن أسبابها وتداعياتها يمكن إجمالها فى الآتى :

1- نسب المتسربين من التعليم:

بلغت نسبة المتسربين من التعليم في المرحلة الإبتدائية في الفترة من 2019/2020 و 2020 / 2021 حوالي 0.2% منهم 0.17% بنات و 0.23 % بنين، مقارنة بـ 0.25% منهم 0.20% للبنات، و0.29% للبنين فى الفترة من 2018/2019 و2019/2020 . 

وبلغت نسبة المتسربين من التعليم في المرحلة الإعدادية في الفترة من 2019/2020 و 2020 / 2021 حوالى 0.87% منهم 1.10 % بنات و 0.66 % بنين، مقارنة بـ1.73% منهم 2.07% بنات، و1.40% بنين فى الفترة من 2018/2019 و2019/2020.

وهكذا يتضح تراجع معدلات التسرب من التعليم فى المرحلتين الإبتدائية والإعدادية. كما أن الأرقام تشير إلى أن البنين الأعلى تسربا من التعليم فى المرحلة الإبتدائية، بينما الفتيات الأعلى تسربا من التعليم فى المرحلة الإعدادية، الأمر الذى يعكس أوضاعا اجتماعية غاية فى الصعوبة ، إذا أنه فى مراحل سنوات الشهادة الإبتدائية تلجأ كثير من الأسر تحت ضغط العوز والحاجة الاقتصادية إلى تشغيل الأبناء من الذكور وترك التعليم حتى يتحول هؤلاء الأطفال إلى مصدر دخل للأسرة ، أما فى المرحلة الإعدادية فتلجأ أيضا كثير من الأسر الفقيرة إلى تزويج الفتيات مبكرا للتخلص من أعبائها الاقتصادية .

وعلى صعيد نسب التسرب من التعليم فى المحافظات، سجلت محافظة مطروح الأعلى فى نسب التسرب بالمرحلة الإبتدائية بين عامي 2020/2019 – 2020/2021 بواقع 0.39% ، تليها أسيوط بنسبة 0.36%، بينما كانت محافظة الوادى الجديد هى الأقل بواقع 0.02% ، تليها محافظة جنوب سيناء بواقع 0.05%.

وتؤكد هذه النسب ضرورة قيام الجهات المعنية بدراسة أسباب تسرب الطلاب من التعليم فى محافظة مرسى مطروح والتدخل بشكل فاعل للحد منها.  وربما يعود انخفاض عدد الطلاب المتسربين من التعليم فى محافظتى الوادى الجديد وجنوب سيناء إلى انخفاض عدد السكان إجمالا فى هاتين المحافظتين.                   

بينما سجلت محافظة أسيوط الأعلى فى معدلات تسرب الطلاب من التعليم فى المرحلة الإعدادية بين عامي 2020/2019 – 2020/2021 بواقع 1.93%، تليها مطروح بنسبة 1.55%، بينما سجلت محافظة البحر الأحمر النسبة الأقل بواقع 0.16% .  

2- كثافة الفصول :                

سجلت فصول المرحلة الإبتدائية أعلى متوسط لكثافة الطلاب فى عام 2021/2022 تليها فصول المرحلة الإعدادية، وذلك على الرغم من أن متوسط كثافة الفصول شهدت انخفاضا فى عام 2021/2022 مقارنة بعام 2020/2021، حيث سجلت كثافة الفصول فى مرحلة ماقبل الإبتدائي  29.77 طالب، مقارنة بـ32.02 طالب عام 2020/2021، وكثافة الفصول فى المرحلة الإبتدائية بلغت 51.56 طالب مقارنة بـ51.92 طالب فى عام 2020/2021، وفى المرحلة الإعدادية بلغت 47.53 طالب، مقارنة بـ48.01 طالب فى عام 2020/2021، كما يوضح الشكل التالي:

وعلى صعيد المحافظات، فإن الإسكندرية الأعلى كثافة فى مرحلة رياض الأطفال بواقع 38.35 طالبا، والقليوبية فى مرحلة الإبتدائية بواقع 57.18 طالبا، تليها الجيزة بواقع 56.63 طالبا، ومرسى مطروح الأعلى فى مرحلة التعليم المجتمعي بواقع 59.15، والجيزة فى مرحلة التعليم الإعدادي بواقع 54.71 طالبا. 

وتعكس هذه الأرقام نسب الكثافة المرتفعة بالفصول وهو ما يؤثر سلبا على التوافق المدرسي للمتعلم، ويؤدى به إلى التسرب من المدرسة، مما يستلزم ضرورة التوسع بشكل عاجل فى إنشاء المزيد من المدارس وفصول المراحل الابتدائية والإعدادية لإحداث خلخلة فى عدد الطلاب فى الفصول وتمكين المدرسين من إيصال رسالتهم العلمية بشكل أفضل، الأمر الذى يقلل تباعا من نسب التسرب من التعليم.

3- نسب القيد الصافى والإجمالي:       

سجلت نسب القيد الصافي والإجمالي فى مرحلتي التعليم الإبتدائي والإعدادي لعام 2021/2022 زيادة مقارنة بالنسبة ذاتها عام 2020/2021، بينما تراجعت نسب القيد الإجمالي والصافي فى مرحلة ما قبل الإبتدائي.

بلغت نسبة القيد الإجمالى فى المرحلة الإبتدائية عام 2021/2022 نحو 107.3% مقابل 105.3% عام 2020/2021، وبلغت نسبة القيد الصافى عام 2021/2022 نحو 104.9% ، مقابل 103% عام 2020/2021 .

بلغت نسبة القيد الإجمالى فى المرحلة الإعدادية عام 2021/2022 حوالي 104.1%، مقابل 99.4% عام 2020/2021، فى حين بلغت نسب القيد الصافي عام 2021/2022 نحو 94.9% ، مقابل 90.7% عام 2020/2021 .

وتراجعت نسب القيد فى مرحلة ما قبل الإبتدائي حيث بلغت نسب القيد الإجمالى عام 2021/2022 نحو 22.4%، مقابل 24.2% عام 2020/2021، ونسب القيد الصافي 18.7% مقابل 20.6% عام 2020/2021.

4- نصيب المدرس من التلاميذ:

كان نصيب المدرس من التلاميذ فى المرحلة الإبتدائية الأعلى لعام 2021/2022 فى المرحلة الإبتدائية، حيث بلغ نحو 31.55 تلميذ لكل مدرس، تليها المرحلة الإعدادية حيث بلغ نحو 23.65 تلميذ لكل مدرس، بينما بلغ نصيب المدرس من التلاميذ فى مرحلة ما قبل الإبتدائي نحو 19.67 تلميذ لكل مدرس، كما هو موضح بالشكل التالي:

ومقارنة بنصيب المدرس من التلاميذ عام 2020/2021، شهد انخفاضا فى مرحلة ما قبل الإبتدائى حيث كان 21.18 تلميذ لكل مدرس، بينما شهد ارتفاعا فى مرحلة الإبتدائي حيث بلغ 30.23 تلميذ لكل مدرس، وفى مرحلة الإعدادي بلغ 21.97 تلميذ لكل مدرس.

5- نسبة الممارسين للتدريس لغير الممارسين :

بحسب البيانات الأخيرة الصادرة عن وزارة التربية والتعليم بلغت أعلى نسبة للمدرسين غير الممارسين للتدريس فى مرحلة التعليم ما قبل الإبتدائى بواقع 4.02%، وذلك على الرغم من أن هذه النسبة شهدت انخفاضا طفيفا مقارنة بعام 2020/2021 حيث كانت 4.11% .

فى حين زادت نسبة المدرسين غير الممارسين للتدريس فى مرحلة الإبتدائي عام 2021/2022 وبلغت 1.85% بعدما كانت 1.83% عام 2020/2021، وفى المرحلة الإعدادية حيث بلغت 1.73% بينما سجلت 1.71% فى عام 2020/2021.

نسبة الممارسين للتدريس لغير الممارسين بمراحل التعليم 2021/2022  

وتعكس هذه البيانات مؤشرا خطيرا وهو زيادة الاستعانة بنسب المدرسين غير الممارسين للتدريس خاصة فى مرحلة ما قبل الإبتدائي والتى تتطلب التعامل مع الأطفال من قبل متخصصين ، فهذه المرحلة يتم فيها بناء شخصية الطفل وتحديد اتجاهاته نحو التعليم ، وتعامل غير المتخصصين مع الأطفال فى هذا السن قد ينعكس سلبا على الأطفال ويفقدهم كل رغبة فى استكمال تعليمهم . يأتى ذلك بالتزامن مع وجود مدرسين غير مؤهلين للتواصل مع الطلاب وأولياء أمورهم، وهو ما قد يشعر الطالب بغربة وبعدم التفاهم مع أساتذتهم.

المحور الثالث : أسباب تفاقم ظاهرة التسرب من التعليم

تتشابك وتتعدد الأسباب التى تؤدى إلى تفاقم ظاهرة التسرب من التعليم إلا أنه يمكن إجمالها كما يلي:  

1– العوامل الاقتصادية : يُعد العامل الاقتصادى المسئول الأول عن زيادة أعداد المتسربين من التعليم ، فقصور الإمكانيات الاقتصادية عن الوفاء بمتطلبات الحياة يدفع بأولياء الأمور إلى عدم استكمال مشوار الأبناء التعليمي، والاستفادة منهم اقتصاديا عن طريق تشغيلهم واستغلالهم كمصدر دخل. كما قد تلجأ بعض الأسر إلى تزويج فتياتها مبكرا من أجل التخلص من أعبائها المعيشية أو تشغيل هذه الفتيات فى المنازل من أجل زيادة دخل الأسرة ، وفى كل الأحوال كلما زادت معدلات الفقر تزداد معها فرص تسرب الأطفال من التعليم.

2- العوامل الاجتماعية :يُقصد بها الظروف والأحوال التى تتصل بأسرة التلميذ وبيئته المحلية، والقيم التى تسود المجتمع وتؤدى إلى عدم مواصلة التلميذ للتعليم وأهمها:

  • التفكك الأسرى وانفصال الوالدين حيث يؤدى ذلك فى كثير من الأحيان إلى زيادة معدل تسرب الأبناء من التعليم فى ظل مواجهة الأبناء لظروف نفسية واجتماعية صعبة قد يستحيل معها الانتظام فى التعليم .
  • العادات الاجتماعية القديمة قد تُسهم فى زيادة نسب التسرب من التعليم كتفضيل تعليم الذكور عن الإناث ، أو زواج الفتيات مبكرا ، أو إجبار الفتيات على ترك التعليم خوفا عليهن من التعامل مع الآخرين وغير ذلك من العادات والتقاليد التى تنتشر بشكل خاص فى قرى ومحافظات الريف والصعيد.
  • مستوى تعليم الوالدين ومهنتهما: من الأسباب الهامة التي تؤدي إلى الإهدار والتسرب من المدارس، فإدراك الوالدين لقيمة التعليم وأهميته يعتمد على مستواهم الثقافي والتربوي. كما تلعب مهنة الوالدين دورا هاما في تسرب أبنائهم، حيث أشارت الدراسات إلى أن أبناء العاملين بالزراعة والحرف لا يكملون تعليمهم كما هو الحال في أبناء العاملين في التجارة والوظائف والمهن العليا.

3- عوامل تربوية: منها ما يتعلق بالنظام التعليمي فقلة إمكانياته المادية والبشرية تتسبب فى عدم قدرته على تحقيق أهدافه المطلوبة، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع نسبة التسرب في التعليم. ومنها ما يتعلق بالمناهج الدراسية التى لا تراعي ميول واهتمامات الطلاب ويصعب على الأطفال خاصة محدودى الذكاء والقدرات العقلية التعامل معها، ومن ثم شعورهم بعدم التكافؤ مع أقرانهم مما يجعلهم لا يقبلون على التعلم ويميلون للتسرب منه.

هذا فضلا عن أن الكثافة العالية للفصول تؤثر سلبا على العملية التعليمية فلا تعطى للمتعلم فرصة الحصول على تعليم جيد وممارسة الأنشطة المدرسية التى دائما ما تجعل الطلاب يقدمون على الدراسة ولا تسمح للمعلم بالاهتمام وتدريس كل التلاميذ واحتواء ميولهم. كما أن قلة الاهتمام ببرامج الرعاية النفسية والاجتماعية للتلاميذ مع ارتفاع أعداد الطلاب قد يدفع الكثير منهم إلى الغياب وعدم الرغبة من استكمال التعليم.

ومع نقص أعداد  المعلمين، أصبحت وزارة التربية والتعليم تلجأ إلى تعيين المدرسين غير الممارسين لمهنة التعليم، مما قد يعكس عدم قدرتهم على استيعاب احتياجات الطلاب، وهو ما انعكس سلبا على الحالة النفسية لكثير من الطلاب وأدى الى تركهم للتعليم بشكل عام .   

أدى أيضا النقص الشديد فى أعداد المدارس والفصول إلى لجوء وزارة التربية والتعليم إلى أن يكون اليوم الدراسى مقسما إلى فترتين أو أكثر ، وبالطبع الفترة المسائية يتم خلالها تقليص اليوم الدراسى ويضعف المستوى التعليمى مع غياب كامل للأنشطة الدراسية .

بلغت نسبة توزيع الفصول للعام الدراسى الحالى فى الفترة المسائية 6.02% ، والفصول التى تعمل لفترتين 7.01% أما الفصول التى تعمل ليوم كامل فبلغت نسبتها 39.48% والفصول التى تعمل فقط للفترات الصباحية 47.48%، كما هو موضح فى الشكل التالي:

نسبة توزيع الفصول حسب الفترات الدراسية 2021 / 2022

نسبة توزيع المدارس حسب الفترات الدراسية 2021/2022

وتؤكد هذه النسب على أهمية زيادة عدد المدارس والفصول التعليمية ووضع ذلك فى مقدمة أولويات وزارة التربية والتعليم.

المحور الرابع : تداعيات ظاهرة التسرب من التعليم

تُعد ظاهرة التسرب من التعليم واتجاه أعداد من التلاميذ والطلاب إلى الشارع أو مجالات العمل المختلفة، من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التى لايقتصر تأثيرها على الطالب وحسب، بل يمتد إلى المجتمع بأسره وتعرقل كل جهود الإصلاح والتنمية، ومن ثم تتعدد تداعيات هذه الظاهرة لتشمل عدة جوانب يمكن إجمالها فى الآتى :

  • تداعيات اقتصادية : يتمثل هذا التأثير فى الهدر الاقتصادى للدولة والذى تنفقه على تعليم المتسربين دون تساوى المخرجات مع الإنفاق ، وقد تقوم الدولة بإعادة تعليمهم مرة أخرة من خلال برامج محو الأمية وهو ما يُشكل هدرا اقتصاديا وتربويا كبيرا.

 كما أن المتسربين من التعليم يمكن اعتبارهم قوة اقتصادية معطلة غير قادرة على التعامل مع وسائل الإنتاج الحديثة وجزء كبير منهم يعانى من البطالة وهو أيضا هدر اقتصادى من نوع آخر.

  • تداعيات تربوية :

يعوق التسرب من التعليم الأهداف التى يرمى إليها النظام التعليمي من إصلاح وتغيير اجتماعي مرغوب فيه لدى الأفراد، فوظيفة التربية لا تقتصر على نقل التراث الثقافي بل تتعداه إلى إحداث تغيرات واتجاهات مقصودة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وفكريا.

وعادة ما يعانى المتسربين من التعليم من الأمية لسنوات طويلة وهو ما يؤثر سلبا على شخصياتهم ويسبب عدم نضوجها أو اكتمال جوانبها ، ويؤدى أيضا إلى عدم إدراكهم لأهمية تعليم أبنائهم وهو ما يجعلنا أمام دائرة مفرغة من الأمية ، خاصة فيما يتعلق بتعليم الفتيات وهن المسئولات عن الأجيال المستقبلية، فقد أشارت نتائج كثير من الأبحاث إلى أن الأمهات غير المتعلمات تكون احتمالية أمية أبنائهن  أكبر من نظيراتهن من الأمهات المتعلمات.

  • تداعيات اجتماعية :

تتسبب ظاهرة التسرب من التعليم فى انتشار سلوكيات اجتماعية خطيرة كالانحراف والسرقة والاعتداء على الممتلكات وارتكاب الجرائم وأعمال العنف. هذا إلى جانب عدم اكتسابهم للحد الأدنى للمواطنة والقيم والأخلاق والاتجاهات التى لا غنى عنها فى ضبط السلوك، فضلا عن تعرضهم لمشاكل صحية بدنية ونفسية أكبر من أقرانهم من المتعلمين تعوق قدرتهم على التكيف الاجتماعي بشكل عام.

يؤثر أيضا عدم استكمال التعليم على شخصية الأفراد ويجعلها هشة يسهُل استقطابها وإقناعها بأى اتجاهات مغرضة سواء اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية .

كما يؤدي التسرب من التعليم إلى استمرار انتشار الجهل وسيطرة العادات والتقاليد والأفكار المغلوطة التى تحد من تطور المجتمع وتحقيق النمو المنشود. 

المحور الخامس : جهود الدولة المصرية فى مواجهة ظاهرة التسرب من التعليم

إيمانا من أن بناء الإنسان هو أساس بناء دولة قوية عنوانها التقدم والتطور، تسعى الدولة المصرية جاهدة لتطوير العملية التعليمية ومواجهة معوقاتها، والتى من أبرزها ظاهرة التسرب المدرسي التى تُشكل أكبر عائق للتخلص من الأمية، وتتضح جهود الدولة التشريعية والتنفيذية فى هذا الملف كما يلي:  

1- دستور 2014 : تُوسع المادة 19 في دستور 2014 من الحق في التعليم المجاني المذكور في الدساتير السابقة، حيث تنص على أن التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وغرس قيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة “بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها”.

كما حرص الدستور كذلك على رعاية حقوق المعلمين وتطوير مهاراتهم ، فقد نص فى المادة 22 على أن : ” المعلمون، وأعضاء هيئة التدريس ومعاونوهم، الركيزة الأساسية للتعليم، تكفل الدولة تنمية كفاءاتهم العلمية، ومهاراتهم المهنية، ورعاية حقوقهم المادية والأدبية، بما يضمن جودة التعليم وتحقيق أهدافه”.

2- استراتيجية التنمية المستدامة 2030 (محور التعليم) : وضعت استراتيجية التنمية المستدامة محورا كاملا لتطوير التعليم يرتكز هدفه الرئيسى على أن “يكون التعليم بجودة عالية متاحا للجميع دون تمييز كفء وعادل ، يساهم فى بناء شخصية متكاملة لمواطن يعتز بذاته ومستنير ومبدع ومسئول ويحترم الإختلاف وفخور بوطنه وقادر على التعامل التنافسى مع الكيانات اقليميا وعالميا “.

وقد وضعت هذه الاستراتيجية عددا من الأهداف الفرعية التفصيلية الكفيلة بتحقيق الهدف الرئيسى.

3- وضع خطة استراتيجية لإعلان مصر خالية من الأمية بحلول عام 2030 . حيث كثفت الدولة جهودها في المناطق التي بها نسبة كثافة سكانية عالية ضمن مبادرة “حياة كريمة”.

4- وضع استراتيجية لمعالجة مشكلات التسرب من التعليم من قبل الهيئة العامة لتعليم الكبار وتعتمد فى تنفيذها على 6 محاور ، يتضمن المحور الأول استراتيجية الثواب والعقاب وتيسير انتقال الطلاب من مرحلة إلى أخرى ووضع التشريعات التعليمية لخفض معدلات التسرب، واستخدام مؤشرات الإنذار المبكر للتسرب من التعليم، والمحور الثاني هو الاستراتيجيات الشخصية أو الوجدانية، ويشمل تقديم البرامج الإرشادية الفردية والمشاركة الوالدية واستراتيجية تشكيل فريق لرد ظاهرة التسرب، ومساعدة الطلاب.

ويشمل المحور الثالث الخاص بالاستراتيجيات المرتبطة بالبرامج المستهدفة، استراتيجية إنشاء مراكز إعادة التواصل مع الطلاب المتسربين، واستراتيجية الحد من هروب الطلاب من المدرسة، أما الثلاث محاور الأخيرة فهي استراتيجية المدارس البديلة وتشمل ضمنها استراتيجية المدارس الاختيارية والمدارس الرقمية والافتراضية، والمحور الخامس هو استراتيجية المشاركة المجتمعية، وتشمل استراتيجية تعميق مفهوم المشاركة المجتمعية واستراتيجية تكامل الجهود بين وزارات الدولة، والمحور السادس خاص بالاستراتيجيات المرتبطة بالممارسات التعليمية والمرونة في أساليب التعلم.

5- منصة إلكترونية لتعليم الكبار عن بُعد أنشأتها الهيئة العامة لتعليم الكبار خلال جائحة كورونا، باستخدام بعض التطبيقات التكنولوجية المختلفة وأتاحتها للدارسين، بالإضافة إلى تنظيم محو الأمية عبر الإنترنت للمناطق الريفية بمحافظات الجمهورية.

6- التوسع في بناء المدارس الحكومية بهدف خفض كثافة الفصول حيث وصلت فى مرحلة الإبتدائي إلى نحو 17.078 فى عام 2021/2022، بينما كانت 16.350 فى عام 2017/2018. كما زاد عددها فى المرحلة الإعدادية وبلغ نحو 11.127 فى عام 2021/2022 مقابل 10.160 فى عام 2017/2018، كما هو موضح فى الشكل التالي وفقا لبيانات وزارة التربية والتعليم:

7- التوسع فى أعداد مدارس التعليم المجتمعى على مستوى الجمهورية، حيث بلغ عدد مدارس التعليم المجتمعى فى مصر عام 2021/2022 نحو 4.912 مدرسة ، وتضاعت أعداد التلاميذ الملتحقين بها عام 2021/2022 حيث بلغ نحو 140.224، مقابل 136.272 عام 2020/2021، و106.781 عام 2014/2015، كما يوضح الشكلين الآتيين: 

           

شكلت الفتيات النسبة الأكبر فى الالتحاق بمدارس التعليم المجتمعى بواقع 67.31% تليها نسبتهم فى مدارس الثانوى التجارى بواقع 57.70% ثم الثانوى العام بواقع 55.18% كما يوضح الشكل التالي:

 كانت نسبة الفتيات الملتحقات بمدارس التعليم المجتمعى فى الريف هى الأعلى بواقع 69.65% أما فى الحضر فبلغت نسبة الفتيات 56.5%، كما هو موضح فى الشكل التالي: 

 وتعد مدارس التعليم المجتمعى هى طوق النجاة للطلاب المتسربين من التعليم خاصة فى المناطق الأكثر عوزا والنائية وفى ريف وقرى الصعيد، والتوسع فى إنشائها يعكس اهتمام الدولة وإدراكها لعواقب قضية التسرب من التعليم والعمل بشكل حاد على إيجاد حلول لها قابلة للتنفيذ كما أنها تعكس المسئولية الإجتماعية لمؤسسات المجتمع المدنى والتى تقوم بإنشاء عدد كبير من هذه المدارس.

المحور السادس : مقترحات لمواجهة مشكلة التسرب من التعليم

لا شك فى أن الدولة المصرية بذلت جهودا حقيقية ومخلصة فى سبيل تطوير المنظومة التعليمية وعلاج مشكلة التسرب من التعليم بشكل خاص ، ولكن يُمكن بذل المزيد من الجهود لمواجهة هذه الظاهرة من خلال اتخاذ الإجراءات التالية:

1-تقديم كافة أشكال الدعم المادى والعينى لمساعدة الأسر الفقيرة وغير القادرة فى تعليم أبنائهم، وإلغاء قرار ربط تحصيل المصروفات الدراسية باستلام الكتب المدرسية ، فقد أسهم هذا القرار فى زيادة نسب التسرب من التعليم السنوات الماضية .

2- السماح للطلبة المتسربين من التعليم بالالتحاق بالدراسة بغض النظر عن سنهم.

3- دعم مشاركة منظمات المجتمع المدنى والقطاع الخاص فى المنظومة التعليمية خاصة فيما يتعلق بزيادة عدد الفصول والمدارس، ومساعدة الأسر الأكثر احتياجا فى تحمل أعباء وتكاليف تعليم الأبناء.

4- وضع القوانين والتدابير الممكنة التى تسهم فى إعفاء القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى من الضرائب أو جزء منها على الأموال التى تقدمها لدعم نظم التعليم فى مصر .

5- الاهتمام بشكل كبير بالأنشطة التعليمية ، فهى أحد أهم العوامل التى تزيد من شعورالطلاب بالانتماء للمدرسة، كما أنها تعمل على تنمية مهاراتهم وقدراتهم على الإبتكار والتفكير والإبداع .

6- التأهيل التربوى للمعلمين للتعامـل مـع الطلاب والاضطرابات التعليمية ومعالجـة القضايـا السـلوكية فــي المــدارس، وذلك عن طرق الاهتمام ببرامـج تأهيل المعلمين فــي الكليات والجامعات.

7- إعادة تكليف الطلاب خريجى كليات التربية للعمل فى وزارة التربية والتعليم فور تخرجهم بهدف زيادة أعداد المدرسين المؤهلين.

8- زيادة نسبة دعم التعليم من الميزانية العامة للدولة بما يساعد فى زيادة عدد المدارس والفصول وتحسين الأوضاع المادية للمدرسين.  

9- إصدار التشريعات والقوانين التى يمكن أن تحفز الأسر على إلحاق الأبناء بالتعليم – خاصة الفتيات – حتى انتهاء مراحل التعليم الأساسية ، ويمكن فى هذا الإطار منح هذه الأسر دعما استثنائيا حتى انتهاء مراحل تعليم الأبناء.

10- تشكيل لجنة من الجهات المعنية بالتعليم فى مصر بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم تهدف الى متابعة الطلاب المتسربين من التعليم والبحث عن أسباب هذا التسرب والعمل على علاجه.

11- زيادة الحوافز والتسهيلات المقدمة من الدولة لمؤسسات المجتمع المدنى من أجل إقامة المزيد من المدارس المجتمعية ومدارس الفصل الواحد لمواجهة الأعداد المتسربة من التعليم .

12- تدشين إدارة خاصة فى كل مؤسسة تعليمية تكون مهمتها متابعة انتظام الطلاب وتقديم تقرير أسبوعى وشهرى للوزارة للكشف مبكرا عن الطلبة المتسربين من التعليم مع التواصل الدائم مع أولياء الأمور ومعالجة المشكلات التى تواجه هؤلاء الطلاب وأسرهم.

13- زيادة أعداد الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين بالمدارس بهدف التعرف على مشكلات الطلاب وعلاجها خاصة تلك التى تؤدى إلى تسرب الأطفال من التعليم والعمل على علاجها.

14- إعادة تفعيل دور مجالس الأباء والأمناء فى المدارس مع العمل على ابتكار أساليب متنوعة لتقديم كافة أوجه المساعدة والدعم المالى للأسر الأكثر احتياجا والتى قد تلجأ فى المستقبل الى تشغيل الأبناء وترك الدراسة.

15- إنشاء صندوق تكافل من خلال أجهزة وزارة التربية والتعليم على أن يتم تمويله من تبرعات رجال الأعمال والبنوك ومؤسسات العمل الخيرى والمجتمع المدنى المعنية بهدف تقديم الدعم المالى للأسر محدودة الدخل خاصة تلك التى عجزت عن تحمل تكاليف تعليم أبنائهم.

16- إنشاء ” المركز القومى لعلاج التسرب من التعليم ” بهدف وضع كافة الحلول والخطط التى تمنع تفاقم هذه الظاهرة.

17 – وضع خطة إعلامية قومية للتوعية بأهمية التعليم ومحاربة التسرب منه وتداعيات ذلك على الفرد والأسرة والمجتمع.

 

المــصــادر :

  • يحي حجازي، التسرب المدرسي: ملامحه وطرق مواجهته.
  • رابح بن عيسى (2016)، عمالة الأطفال وعلاقتها بالتسرب المدرسي: دراسة ميدانية لعينة من الأطفال العاملين المتسربين بمدينة زربية الوادى، كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة محمد خيضر، الجزائر.
  • هدى سعيد البكر الدوسري، وآخرون (2014)، الكفاءة الإنتاجية للتعليم،  كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود، السعودية.
  • سويلم جودة سعيد (2016)، الهدر الإقتصادى الناتج عن تسرب الفتيات من التعليم فى مصر وسبل مواجهته: رؤية استشرافية، المجلة العربية لدراسات و بحوث العلوم التربوية و الإنسانية.
  • عمرو فاخر محمد عباس، مشكلات التسرب الدراسى الناتجة عن صعوبات التعلم، مجلة كلية الخدمة الإجتماعية للدراسات والبحوث الاجتماعية، جامعة الفيوم.
  • تقرير ” مصر فى أرقام ” الصادر عن رئاسة الوزراء https://www.idsc.gov.eg/
  • الموقع الرسمى لوزارة التربية والتعليم .
  •  الموقع الرسمى لجهاز التعبئة العامة والإحصاء

The post التسرب من التعليم.. الأسباب والتداعيات وسبل المواجهة appeared first on المنتدي الاستراتيجي للسياسات العامة و دراسات التنمية.

]]>
5931